Professional Documents
Culture Documents
دليل إعداد أوراق تحليل السياسات
دليل إعداد أوراق تحليل السياسات
تقديم
أوراق السياسات هي مقاالت تحليلية تسعى إلى وصف وتحليل القضايا والمشاكل المترتبة عن السياسات العمومية ورصد نتائج هذه السياسات على المجتمع
والدولة .وتقدم أوراق تحليل السياسات المعلومات األساسية ،والخيارات والبدائل المتاحة ،من أجل التعاطي مع هذه المشاكل .كما تقوم بنقد هذه السياسات وتقدم
توصيات وبدائل لصانعي القرار والمتدخلين المباشرين وغير المباشرين في صياغة القرارات العامة (مؤسسة الحكومة ،البرلمان ،األحزاب السياسية والرأي
العام) .تساعد التحليالت المقدمة في أوراق السياسات على تنوير الجمهور الواسع (المتخصص وغير المتخصص) وأيضا صناع القرار بطبيعة المشكلة
واستيعاب أبعادها ،وفهم أهم الخيارات المتاحة للتعاطي معها ،سواء من خالل تقديم توصيات مباشرة أو من خالل الحجج واألدلة التي تفسر نطاق وطبيعة
المشكل المطروح .تأسيسا على ذلك وضع المعهد المغربي لتحليل السياسات منهجية خاصة على مستوى نشر وتسويق األوراق البحثية التي ينتجها .ويتضمن
هذا الدليل مجموعة من المعايير والشروط في الكتابة والتحرير ،التي تتطلب من كل الباحثين المشاركين في إعداد األوراق بالمعهد ،االلتزام بها واعتمادها
كمحددات ونماذج إرشادية في كتابة األوراق.
أوال :األهداف
قبل كتابة ورقة تحليل السياسات على الباحث (ة) طرح أربع أسئلة أساسية:
– لماذا أكتب في هذا الموضوع؟
– ما هو الجمهور المستهدف من خالله؟
– ما هي الرسالة/القضية األساسية للمقالة؟
– ما هو األثر الذي يمكن أن يحدثه هذا الموضوع؟
قبل بدأ عملية تحرير ورقة السياسات ،من الضروري أن يكون الباحث مدركا لطبيعة المشكل الذي يستهدف معالجته .ال سيما األمور التالية:
أوال :أن يكتسي المشكل المراد معالجته راهنيته في الزمان والمكان ،لما يشكله من تحديات طارئة على السياسات العامة ،أو إشكاليات ناشئة ذات صلة بهذه
السياسات.
ثانيا :أن يكون محددا ودقيقا ،وأن ال يكون نطاق المشكلة المراد معالجتها متسعا جدا ،حتى تتسم التوصيات والبدائل المطروحة بالقابلية للفهم والتطبيق.
ثالثا :أن يتسم موضوع الورقة باألصالة ،بمعنى أن ال يكون موضوعا مستهلكا ،وسبق معالجته في أواسط ومنابر أخرى.
.2تحديد الجمهور
كلما كان نطاق الموضوع مراد معالجته محددا ودقيقا ،كلما سهل تحديد الجمهور المستهدف من الموضوع ،وكلما سهل تقديم حلول وبدائل قابلة للتنفيذ.
وتقوم منهجية تحديد الجمهور على العناصر التالية:
أوال :أصحاب المصلحة من البدائل المراد طرحها لحل مشكل متعلق بسياسة عمومية معينة ،أي صناع القرار ،وجميع المتدخلين في صناعة القرار السياسي
من جهة ،والمستفيدين/المتضررين أيضا من هذه السياسة من جهة ثانية.
ثانيا :يجب األخذ بعين االعتبار أن الجمهور المستهدف ليس كله من ذوي التخصص ،لهذا على الباحث أن يعمد إلى حد كبير على تبسيط المشكل المطروح ،بما
يتناسب
ومستويات اإلدراك التي يتمتع بها الجمهور المستهدف.
.3الرسالة/األحجية
من المهم أن تكون للمقالة قضية أساسية واحدة أو أحجية تسعى لتفكيكها ،عبر إبراز حدودها السياسية واالقتصادية واالجتماعية ،واالتجاهات المختلفة
المطروحة لمعالجة هذه المشكلة ،وعلى الباحث إيضاح مدى جدية ووجاهة اختيار المشكلة محل البحث .لهذا يفترض في األحجية مراعاة مجموعة من
الشكليات:
أوال :أن تعالج قضية تندرج ضمن السياسات العمومية للبالد ،وتستأثر باهتمام صناع القرار.
ثانيا :أن تبرز مدى جدية وراهنية الموضوع المراد معالجته بالورقة.
ثالثا :يجب التأكد على أن نطاق األحجية دقيق ومحدود ،فكلما كان نطاق المشكلة المراد معالجتها محدودا كلما سهل تقييمها وتأطير مجاالت تحليلها.
باإلضافة إلى ضرورة تحديد ما تهدف له الورقة ،والتدقيق في الجمهور الموجهة له ،على الباحث أن يكون حريصا على إدراك األثر الذي قد يترتب من إنجاز
ورقته .فإعداد ورقة سياسات بدون أن يكون الباحث واضعا بعين االعتبار المسار الذي قد تأخذه البدائل والتوصيات المقدمة ،يجعل الورقة بدون جدوى وال
فائدة.
لهذا تفترض ورقة تحليل السياسات أن يقوم الباحث بقياس احتياجات واهتمامات صانع القرار بالقضية التي يريد معالجتها ،حتى يتمكن من ضبط توجهات
ورقته والمعلومات األساسية التي يجب أن تتضمنها.
األمر الذي يستوجب معه ،أن يكون الباحث مدركا بأن حجم المشكلة المطروحة للتحليل ،يمكن حلها من خالل إقرار تغييرات على مستوى السياسات العمومية.
فإذا كانت المشكلة المطروحة غير قابلة للحل من خالل تدخل المؤسسات المنتجة للسياسات العمومية ،فلن تكون الورقة قادرة على تزويد صناع القرار ببدائل
وحلول قابلة للتنفيذ.
تستلزم مرحلة الكتابة بدورها بمجموعة من الشروط والنواظم الضرورية وهي على التوالي:
ـ اإلقدام على عصف ذهني الستخراج أكبر قدر ممكن من األفكار على الموضوع.
ـ تجميع األدلة والبيانات والحجج لتدعيم تحليل الموضوع.
ـ ثم أخيرا تصنيف األدلة المطروحة وصياغة الورقة.
المراد من عملية العصف الذهني في إعداد أوراق تحليل السياسات ،هو توليد أكبر قدر ممكن من األفكار حول المشكل المراد تحليله ،من خالل مجموعة من
القراءات السابقة للباحث أو تجربته المهنية والميدانية أو من خالل تتبعه الدقيق ألحداث الشأن العام .تساعد هذه العملية على توليد أفكار غير تقليدية وعلى
إحداث مسالك متعددة لمقاربة الموضوع المطروح.
تستلزم عملية العصف الذهني إعتماد التفكير النقدي وعدم تقييد التفكير بأي إطار نظري أو منهجي محدد سلفا ،والترحيب بجميع األفكار المقدمة مهما تنوعت.
ال يستلزم في هذه المستوى من إعداد الورقة أي تصنيف نهائي للمعطيات ،وال بناء معيار لجودتها أو دقتها ،بل المطلوب هو توليد أكبر عدد من األفكار حول
الموضوع المراد معالجته .كما يمكن للباحث أيضا االستفادة من نتائج أبحاث سابقة بغرض تطويرها.
.2تجميع األدلة
تدخل عملية تجميع األدلة والبيانات ،ضمن اإلجراءات الجوهرية إلعداد أوراق السياسات ،فمن خاللها يتم تحديد األفكار الرئيسية وانتقاء األحكام والمواقف
المراد توظيفها في عملية التحليل .ونظرا لما تلعبه البيانات واألدلة من دور مركزي في صياغة التوصيات واقتراح بدائل السياسات ،تستلزم مجموعة من
المعايير المنهجية في عملية التجميع.
أوال :قبل عملية اختيار األدلة الستخدامها في عملية التحليل ،على الباحث أن يدقق إذا ما كانت المعلومات المذكورة في الورقة ضرورية وأساسية في تطوير
أحجية الموضوع .فالورقة يجب أن تحقق توازن بين المواقف التي تقترحها ،وبين الحجج والبيانات التي تسند عليها لتعزيز حجيتها.
ثانيا :على الباحث أن يكون متيقنا من المعطيات والمعلومات من مصادرها األصلية ،وإن تم االعتماد على وسائط في ذلك ،فيجب أن تتوفر في هاته الوساط
المصداقية الالزمة حتى تحقق الورقة هدفها في اقتراح بدائل السياسات من جهة ولكي تتفادى عدم االنحراف إلى توقيع أحكام قيمة بعيدة عن الموضوعية قريبة
من اإليديولوجيا.
ثالثا :من المصادر التي يمكن أن يعتمد عليها الباحث من أجل تجميع معطياته:
-المقابالت مع الفاعلين المعنيين
ـ المواقف الرسمية للمؤسسات الحكومية ،وصناع القرار.
ـ التقارير والبيانات الرسمية.
ـ تقارير منظمات غير حكومية (المحلية والدولية) ذات مصداقية.
ـ األبحاث والدراسات األكاديمية.
ـ استطالعات الرأي ،والتقارير الصحفية.
ثالثا :أسلوب التحليل والتحرير
أول ما تتطلبه عملية تحرير وصياغة أوراق السياسات ،هو التسمك بصياغة متماسكة وسهلة الفهم والقراءة .وتجنب األلفاظ والعبارات الفضفاضة التي تؤدي
إلى أكثر من داللة ،هذا إلى جانب االعتماد على بناء متوازن بين عناصر الورقة ،المتمثلة باألساس في العنوان والعرض والخالصات.
كما يجب مراعاة حجم الورقة الذي ال يجب أن يتجاوز 2500 – 2000كلمة.
.1العنوان
العناوين التي يتم اعتمادها في أوراق تحليل السياسات تتطلب احترام مجموعة من الضوابط:
ـ يجب أن يكون العنوان مختصرا وجذابا للجمهور المعني بالورقة ،بحيث يحس القارئ بأنه متشوق لقراءة الورقة.
ـ اعتماد عبارات قصيرة وغير مركبة {عشر كلمات كحد أقصى}.
ـ يشترط الوضوح ،وأن يعرف الموضوع واألحجية التي يعتمدها الباحث في الورقة ،بشكل مبسط ومركز في نفس الوقت.
ـ في عملية اختيار العنوان يجب تجنب العبارات الغامضة ،واإليحاءات المعقدة ،وعالمات الترقيم.
.2الملخص التنفيذي
يشترط في ورقة تحليل السياسات أن تتوفر على ملخص تنفيذي ال يتجاوز مائة كلمة ،ويحوز هذا الملخص على أحجية الورقة ،واستنتاجاتها الرئيسية ،بشكل
مركز وبسيط.
يتم اعتماد الملخص التنفيذي في عملية النشر ،حيث يمثل بوابة القارئ للمقال ،لهذا يفترض فيه أن يكون جذابا حتى يساعد القارئ على تبيان مكنون الورقة
واالستمرار في قراءتها.
.3المقدمة :بناء األحجية
تعتبر عملية صياغة المقدمة أهم عنصر في صياغة أوراق تحليل السياسات .فهي التي تعرف القارئ على جدية الموضوع المراد معالجته ،ومدى حجية
أفكاره ،وصدقية استنتاجاته ،وكذا درجة االستفادة من خالصاته.
لهذا على الباحث أن يعرض أهم األفكار في المقدمة ،من خالل فقرتين دقيقتين ومركزتين على األكثر .وأن يتجنب العموميات ،والسرديات والحشو المبالغ فيه
في المعلومات التاريخية .فيتجه رأسا نحو تضمين المقالة بطبيعة المشكل المثار في الورقة ،وإبراز الحقائق واالستنتاجات التي تم التوصل إليها .يساعد هذا
األسلوب على الحفاظ على انتباه القارئ وتمكينه من فهم شامل وجامع بالورقة.
وتفترض المقدمة الجواب على سؤال رئيسي :متى وكيف ولماذا يحدث هذا المشكل/األمر اآلن؟ وكيف يمكن فهمه؟
اإلجابة عن هذا السؤال تقتضي العناصر التحليلية التالية:
ـ تقديم األحجية واإلشكالية التي تعالجها الورقة.
ـ تعريف الفاعلين الرئيسيين.
ـ تزويد القارئ بالمعلومات األساسية حول الموضوع.
ـ تجنب الخوض في التفاصيل.
ـ تجنب العبارات المألوفة في الدراسات األكاديمية من قبيل ” تحاول هذه الورقة معالجة…”.
.4التحليل :فك األحجية
يشكل النص الرئيسي محور الورقة وصلب هيكلها .ويتطلب ذلك صياغة وترتيب األدلة ،وصياغة الحجج بما يتوافق مع التوصيات المقترحة.
ومن ثمة على الباحث أن يتوخى مجموعة من الشروط الشكلية :الواقعية ،والوضوح ،والسالسة في سرد األفكار والمعطيات ،حتى ال يفقد التحليل االتصال مع
المتلقي ،وحتى ال يتوه في استنتاجات مغلوطة.
باإلضافة إلى ذلك ،تركز ورقة السياسات على الفاعلين .أي أنها ال تهتم كثيرا بالجوانب القانونية أو التاريخية للظاهرة ولكن بالفاعلين الرئيسيين المتدخلين في
صنع والتأثير في السياسات الموضوعة تحت الدراسة .ومن ثمة من المهم على الباحث عرض مواقف وسلوكات الفاعلين الرئيسيين ورهاناتهم وأيضا
التفاعالت الحاصلة بين الفاعلين أصحاب المواقف المختلفة.
هذا إلى جانب تفادي التكرار ،والعبارات الفضفاضة ،التي تحمل أكثر من معنى .إلى جانب اعتماد العناوين الفرعية مع االحتفاظ بوحدة الموضوع ،وحسن
التخلص ما بين فقرة وفقرة .وهنا يجب االنتباه إلى أهمية اعتماد الجمل القصيرة ،ألنها تساعد على إيصال المفيد من األفكار بشكل وجيز وفعال.
يجب أن تكون الحجة للتدليل على االستنتاجات واألفكار المؤطرة للورقة ،واضحة بما فيه الكفاية لشرحها بسرعة لغير المتخصصين في الشأن .وإذا بدا الوضع
غير ذلك ،يجب على الباحث أن يعيد تقييم المنطق الخاص بحجته.
.5الخاتمة والخالصات
بشكل عام تنظر الخاتمة نحو المستقبل .فهي إما تنتهي على شكل سؤال أو استشراف للمستقبل أو تتضمن توصيات يرى الباحث أنها تشكل المخرج من المشكل
الذي تتخبط فيه هذه السياسة العمومية المراد تحليلها .ومن بين ما تشترطه عملية صياغة التوصيات ،أن تكون منسجمة مع الحجج والبراهين التي استند عليها
الباحث في تحليله .وأن تكون واقعية وقابلة للتنفيذ ،حتى يستطيع صانع القرار االستفادة منها ،وحتى تحقق الورقة غايتها.
[]vc_column_text][vc_empty_space][/vc_column][vc_column width=”1/6″][/vc_column][/vc_row/
المعهد مؤسسة غير ربحية تعنى بالسياسات العامة وتتخذ من الرباط ،المغرب ،مقرًا لها .يرمي المعهد إلى إجراء أبحاث معمقة حول مختلف اإلشكاالت
المتعلقة بالسياسات العامة من خالل طرح أفكار جديدة لحل المشاكل التي تواجه المجتمع على صعيد الديموقراطية والتنمية.
شركاؤنا
القائمة البريدية
للتوصل بآخر منشورات المعهد من مقاالت وأبحاث وتقارير ،والدعوات للفعاليات التي ينظمها المعهد ،المرجو التسجيل في القائمة البريدية.
إشترك
تواصل معنا
جميع الحقوق محفوظة © 2020
المعهد
الباحثون
األبحاث
فعاليات