Professional Documents
Culture Documents
Introduction Sur Le Transport Aerien
Introduction Sur Le Transport Aerien
أصبح النق ل في عص رنا الح ديث ش ريان الحي اة ،للتط ور الحاص ل في ش بكات الط رق الحديث ة.
وحين ظهر النقل الجوي تصاعدت أهميته لما يتسم به من حركة نشطة وكفاءة عالية ،وغدا مسلمًا أن
المقياس الحقيقي لرقي وتقدم الشعوب اليقاس على ما لديها من شبكات طرق فحسب ،بل وبتقدم وتطور
النقل الجوي الدولي فيها وإ نتشار خطوطه المنتظمة على ربوع المعمورة) .وتكمن مبررات هذه األهمية
للنقل الجوي فيما يتميز به هذا األخير ومنذ ظهوره في بداية هذا القرنمن خصوصية ،بإعتباره الوسيلة
المثلى للرب ط بين ال دول والحض ارات التنافس ه في ذل ك أي ة وس يلة من وس ائل النق ل التقليدي ة األخ رى.
وذلك لعوامل متعددة منها:
طبيعة الطرق التي تسلكها الطائرات فهي تختلف إختالفًا جذريًا عن الطرق التي تسلكها وسائل -1
النقل األخرى أال وهي الجو .لذلك فإن الطائرة تعبر الجبال والسهول والصحاري والبحار اليعيقها مانع
طبيعي أو إصطناعي.
الس رعة الفائق ة ال تي تتم يز به ا الط ائرات عن وس ائل النق ل األخ رى ،بحيث أص بحت الك رة -2
األرضية عبارة عن مدينة صغيرة تجوبها الطائرات خالل ساعات
دولي ة النق ل الج وي بطبيعت ه ومن ذ نش أته ،وذل ك لق درة الط ائرة على إجتي از الح دود السياس ية -3
للدولة التي أنطلقت منها ،ودخولها في أجواء دولة أخرى خالل ساعة أو ساعات من وقت إقالعها من
مط ار القي ام في تل ك الدول ة ،وذل ك لس رعة الط ائرة الفائق ة ال تي التظاهيه ا فيه ا أي ة وس يلة أخ رى ،من
وسائل النقل والمواصالت).
والى ج انب عنص ر الس رعة ،هناك م يزة أخ رى ،حيث أص بح النقل الج وي أكثر أمن ًا وس المة -4
من طرق النقل األخرى في العصر الحاضر ،وذلك بسبب تقدم تكنولوجيا فن الطيران ووسائل األمان
في ه .ل ذلك فق د أجتمعت في الط يران الم دني م يزتي الس رعة واألم ان وهم ا ص فتان التجتمع ان في أي ة
وسيلة أخرى من وسائل النقل والمواصالت .إال أن هذا اليعني إنعدام الخطر تمام ًا في هذا النوع من
النقل ،ألنه يباشر في بيئة مغايرة تمامًا للبيئة التي يباشر فيها النقل البري او البحري او النهـري ،فحين
تجتاز وسائط النقل الجوي هـذا الطريق تتعرض ألخطار التيارات الهوائية العنيفة ،والعواصف الثلجية
القوية،
والمنخفظ ات الجوي ة المفاجئ ة ،والض باب المتك اثف ب القرب من س طح األرض ،وال ذي يحجب الرؤي ة
مما قد يؤدي الى وقوع كوارث مروعة).
والواقع أنه رغم التطور الكبير في صناعة وسائل السالمة واألمان وماترتب عليه من تضاؤل
أخطار الطيران ،فإن األخطار الجوية التزال لصيقة بالنقل الجوي ،وتعد من السمات المميزة له).
ويؤك د الواق ع العملي أن من أهم س مات التط ور في ص ناعة الط ائرات الزي ادة الهائل ة في
الس رعة ،وإ ن ه ذه الزي ادة المتالحق ة في الس رعة س تنجم عنه ا ومن دون ش ك زي ادة المخ اطر الخاص ة
بالطيران هذا من ناحية ،ومن ناحية اخرى ،فإن الحوادث الجوية تزداد أثناء عمليتي اإلقالع والهبوط
رغم التطور التقني الواضح في هذه الصناعةلذلك فإن أخطار الطيران -كانت والتزال -لصيقة بهذا
الن وع من النق ل ،واليمكن أن تتالش ى بص ورة كامل ة إال بمزي د من التق دم والتط ور في ص ناعة وس ائل
الس المة واألم ان ال ذي يحت اج الى إمكان ات هائل ة ،وجه د متواص ل ،ووقت طوي ل .وم ادام األمرك ذلك
سيبقى النقل الجوي يعاني من الحوادث الجوية أو كما يطلق عليها الكوارث الجوية ،والتي تتميز بأنها
فاتكة ،وذات نتائج فادحة .وذلك لآلثار التي تلحق األشخاص أو البضائع واألمتعة ،أو الطائرة ذاتها،
فض ًال ،عن األض رار ال تي تلح ق الغ ير على س طح األرض من ج راء س قوط الط ائرة( .)3()3ل ذلك ف إن
مس ؤولية الناق ل الج وي ال دولي تع د من أهم موض وعات الق انون الج وي ،وأكثره ا إث ارًة للمش اكل
واألختالف ات فقه ًا وقضاءًا .ولما كانت مسؤولية الناقل الجوي أهم موضوعات القانون الجوي ،فإن
تحدي د ه ذه المس ؤولية يعت بر حج ر الزاوي ة فيه ا .وألهمي ة ه ذا الموض وع لم تكت ف ال دول بمعالج ة
مسؤولية الناقل الجوي الدولي بما فيه تحديد هذه المسؤولية ،في قوانينها الداخلية ،بل ان هذه األهمية
فرضت على المجتمع الدولي اللجوء الى تنظيم هذه المسؤولية وتحديدها على المستوى الدولي منذ بداية
ظهور النقل الجوي ،وذلك من خالل إبرام إتفاقية وارشو لسنة ،1929حين كان النقل الجوي اليزال
في طور النشأة .وقد حددت هذه اإلتفاقية مسؤولية الناقل الجوي الدولي في مواجهة المضرورين بحدود
قصوى معينة ،سواء في نقل الركاب او األشياء.
وإ ذا كانت الحدود التي قررتها اإلتفاقية في بداية عصر الطيران مالئمة للنقل الجوي في ظل
الظروف التي كانت سائدة في العقد الثاني من هذا القرن .فإنه لم تمض فترة طويلة حتى تغيرت هذه
الظ روف ،مم ا ت رتب علي ه عج ز ح دود المس ؤولية المق ررة في اإلتفاقي ة ،وع دم كفايته ا للوف اء بقيم ة
األض رار ال تي تلح ق المض رورين ،خاص ة في نق ل الرك اب ه ذا من ناحي ة ،ومن ناحي ة اخ رى ،ع دم
مالئمة هذه الحدود لمستوى المعيشة المرتفعة لدى كثير من الشعوب .لذا ،لم يكن امام المجتمع الدولي
من خيار سوى إعادة النظر في حدود المسؤولية المقررة في اإلتفاقية ،خاصة في نقل الركاب .وهذا ما
تحقق بالفعل في بروتوكول الهاي لسنة 1955المعدل لبعض أحكام إتفاقية وارشو .وقد تم رفع الحد
األقص ى للمس ؤولية في نق ل الرك اب بم وجب ه ذا ال بروتوكول الى الض عف .وبقيت الح دود القص وى
للمسؤولية في نقل األشياء كما هي في اإلتفاقية األصلية .إال أن الواليات المتحدة األمريكية لم تقنع بالحد
الذي قرره بروتوكول الهاي لسنة .1955لذا ،رفضت التصديق على هذا البروتوكول رغم أنها كانت
من المشاركين في أعماله .ولم يتوقف األمر عند هذا الحال ،بل اعلنت هذه الدولة إنسحابها من إتفاقية
وارشو ،مالم يتم إعادة النظر في حد المسؤولية في نقل الركاب المقرر في بروتوكول الهاي ،ورفعه
()3 ()3
أستاذنا الدكتور باسم محمد صالح مقاله السابق ص.240
الى الح د ال ذي ترض ى عن ه ،كش رط للع دول عن ق رار اإلنس حاب قب ل ان ينتج اث ره .وهك ذا ،اص بحت
الواليات المتحدة عنصرًا معرقًال الي إتفاق بالرغم من التنازالت التي قدمها المجتمع الدولي على مدى
العق ود الس ابقة على نح و م ا س نراه في ص فحات ه ذا البحث .وألج ل معالج ة الموق ف وتض ييق دائ رة
-بم وجب بروتوك ول جواتيماالس يتي -الى اث ني الخالف ،تم رف ع ح د المس ؤولية في نق ل الرك اب
عشر ضعفًا عما حددته اإلتفاقية في عام .1929كما تم رفع حد المسؤولية في نقل األمتعة الى ضعفي
ما حددته اإلتفاقية المذكورة.
الى ج انب ذل ك ،أث يرت خالف ات كب يرة ح ول األس اس الق انوني لتحدي د مس ؤولية الناق ل الج وي
ال دول ،.حيث أن بعض اإلتفاقي ات أخ ذت باألس اس الخط ئي ،والبعض األخ رى أخ ذت باألس اس
الموضوعي القائم على فكرة الخطر او تحمل التبعة.
كما ُأثيرت خالفات كبيرة في القضاء والفقه حول نوع العملة التي ينبغي األخذ بها في تحديد
المسؤولية ،وكيفية تحويلها الى العمالت الوطنية خاصة وإ ن بعض اإلتفاقيات أخذت بالفرنك البوانكاريه
،وأخذت البعض األخرى بالدوالر األمريكي ،واخيرًا تم األخذ بوحدات حقوق السحب الخاصة.
ونتيجة لعدم دخول البروتوكوالت الحديثة المعدلة لإلتفاقية األصلية او المعدلة ببروتوكول الهاي حيز
التنفيذ ،بقيت حدود المسؤولية -خاصة في نقل الركاب -ضئيلة جدًا لدرجة عدم تناسبها مع اإلرتفاع
الهائ ل في مس توى المعيش ة ل دى كث ير من الش عوب ،وال م ع التط ور الكب ير في ص ناعة النق ل الج وي
ال دولي الذي وص ل الى مرحل ة إقتراب ه من درج ة الكم ال ،بغ ير حاج ة للحماي ة التي ك ان يحتاجه ا عند
بداي ة ظه وره في العق د الث اني من ه ذا الق رن ،فض ًال عن اس تهانته بقيم ة اإلنس ان من حيث مب الغ
التع ويض .ونتيج ة ل ذلك أعلنت بعض ش ركات الط يران مب ادرات جدي دة لغ رض إنه اء نظ ام تحدي د
مس ؤولية الناق ل الج وي ال دولي ،وأخ ذت بعض ال دول بأنظم ة تكميلي ة ،وُأص درت في دول اخ رى
تشريعات وطنية رفعت بموجبها الحد األقصى للمسؤولية في نقل الركاب الى مبالغ تتناسب -من وجه ة
نظرها -مع المستجدات والمتغيرات اإلقتصادية واإلجتماعية.وعقدت أخيرًا بعض شركات النقل الجوي
ال دولي األعض اء في اإلتح اد ال دولي للنق ل الج وي (األيات ا) -تحت ض غط بعض ال دول -م ؤتمرات
وإ جتماع ات مكثف ة ،في منتص ف ه ذا العق د ،نتج عنه ا الخ روج بإتفاقي ة جدي دة ،تن ازلت بموجبه ا بعض
شركات النقل الجوي األطراف فيها عن حدود المسؤولية المقررة في اإلتفاقية األصلية وتعديالتها .كما
تن ازلت عن التمس ك بوس يلة اإلعف اء من المس ؤولية المق ررة في الم ادة ( )20من اإلتفاقي ة إلى ح دود
معين ة .ومن ج انب آخ ر ،ف إن منظم ة الط يران الم دني الدولي ة عاكف ة حالي ًا على إع داد مش روع إتفاقي ة
جديدة بخصوص حدود مسؤولية الناقل الجوي الدولي.
وهكذا ،فإن نظام تحديد مسؤولية الناقل الجوي الدولي أصبح في حالة ال يحسد عليه لدرجة أن قيمة
اإلنس ان –من حيث مب الغ التع ويض– أص بحت تختل ف من دول ة ألخ رى ،وبحس ب م ا إذا ك انت ه ذه
الدولة من الدول األطراف في اإلتفاقية األصلية ،أو المعدلة ببروتوكول الهاي ،أو إتفاق مونتلاير لسنة
،1966أو بروتوكول جواتيماالسيتي لسنة ،1971أو بروتوكوالت مونتلاير األربعة لسنة ،)1975أو
من الدول التي أصدرت تشريعات داخلية رفعت فيها الحد األقصى للمسؤولية ،أو من الدول التي تأخذ
باألنظمة التكميلية ،أو أخيرًا من الدول التي صّد قت شركات الطيران فيها على اإلتفاقيات المتأخرة ال تي
تم التنازل بموجبها عن حدود المسؤولية في نقل الركاب إلى حدود معينة ،أو بصورة مطلقة .كما أن
تحديد المسؤولية ليست قاعدة مطلقة في جميع الحاالت ،فهناك حاالت أستثنتها اإلتفاقية وتعديالتها من
تحديد المسؤولية ،بحيث تكون المسؤولية فيها غير محدودة.
وهكذا ،تظهر أهمية البحث الذي أخترناه ليكون موضوع أطروحتنا هذه .والذي سنحاول أن نضع فيه
النق اط على الح روف بقص د تط وير ه ذا النظ ام بم ا يخ دم البش رية .خاص ة وأن األخ ذ بنظ ام تحدي د
المسؤولية ال يخالف أحكام شريعتنا اإلسالمية السمحاءعلمًا أن هذا الموضوع يعاني من قلة الدراسات
العربي ة في ه ،خاص ة بع د المس تجدات ال تي ط رأت على الموض وع مح ل البحث في عق دي الثمانين ات
والتس عينات من ه ذا الق رن .ل ذا ،رأين ا أن نتناول ه ب البحث عس ى أن نس هم في إض افة م ا ه و مفي د إلى
تراثن ا الق انوني المعاص ر .نس أل اهلل تع الى أن تك ون حص يلة ه ذا الجه د المتواض ع ثم رة يانع ة نرف د ب ه
المكتبة العربية الزاهرة.
إال أن بحث موض وع تحدي د مس ؤولية الناق ل الج وي ال دولي يقتض ى أال نقص ره على بي ان م دى تحدي د
المس ؤولية فحس ب ،ذل ك ألن مب دأ تحدي د المس ؤولية يعم ل داخ ل إط ار معين يتح دد بش روط وض وابط
معينة سواء كانت منصوص عليها في اإلتفاقية وتعديالتها أو من الثوابت القانونية في القواعد العامة.
ل ذلك س وف نبحث ه من خالل ثالث ة فص ول نخص ص األول لمب دأ تحدي د المس ؤولية ،ونط اق تطبيق ه،
ونخص ص الث اني للنظ ام الق انوني لمس ؤولية الناق ل الج وي ال دولي ،ونخص ص الث الث لم دى تحدي د
المسؤولية ،وكل ذلك في ضوء إتفاقية وارشو لسنة 1929وتعديالتها الالحقة نظرًا لما تختص به هذه
اإلتفاقيات من أهمية قصوى في موضوع دراستنا .وبهذه المحاور الثالث سنحاول الهيمنة على كامل
تفصيالت الموضوع بإذن اهلل تعالى.
أما بالنسبة لحاالت اإلعفاء من المسؤولية فنرى أنها تخرج عن نطاق بحثنا هذا ،وذلك ألنه من المنطق
أال ُيقض ى بتحدي د المس ؤولية إال إذا ك انت المس ؤولية قائم ة وفق ًا ألحك ام اإلتفاقي ة وتع ديالتها ،أم ا إذا
ت وافرت حال ة من ح االت اإلعف اء من المس ؤولية فُيعفى الناق ل من المس ؤولية س واء ك انت مح دودة أو
مطلقة.