Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 14

‫البرنامج الجليل الفاخر المقترح للعشر األواخر‬

‫نبدأ هنا بخالصة البرنامج‪ ،‬ويأتي بعده بيان فضل ذلك بالتفصيل‪ ،‬والخالصة كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬يحرص المسلم على أن يكون من أفضل الناس عند هللا في الليلة المقبلة عليه‬
‫من ليالي العشر‪ ،‬وذلك وارد في السنة بما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن يأتي بأذكار المساء بعد العصر وقبل المغرب‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬قول (ال إله إال هللا‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله الحمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير) مائة مرة‪.‬‬
‫‪ – 2‬قول‪( :‬سبحان هللا العظيم وبحمده) مائة مرة‪.‬‬
‫‪ - 3‬الحرص على تفطير الصائمين؛ ولو بتمر‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬يحسن استغالل كل ثانية في تلك الليالي‪ ،‬ويحرص على كل سنة وعبادة ابتداء‬
‫من المغرب‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن يفطر على السنة‪ ،‬ويأتي بأدعية اإلفطار والحمد عقب أكل التمرات‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن يردد أذان المغرب بقلب حاضر خاشع‪ ،‬ويسأل الوسيلة للنبي صلى هللا عليه‬
‫وآله وسلم عقبه‪ ،‬ثم يدعو بما تيسر‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الحرص على حضور القلب والخشوع في جميع الصلوات‪ ،‬وأهم ما يستحضـر‬
‫فيه أمر الخشوع‪ ،‬والحضور مع هللا تعالى هو الفرائض ابتداء من المغرب‪ ،‬ثم يلي‬
‫ذلك النوافل‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬صالة التسابيح‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬أعمال يكتب لمن يعمل بها قيام ليلة القدر سبع مرات‪ ،‬وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬صالة العشاء والفجر في جماعة‪ ،‬وصالة أربع ركعات بعد العشاء‪.‬‬
‫‪ - 2‬صالة التراويح مع اإلمام حتى ينصرف‪.‬‬
‫‪ – 3‬قراءة {آمن الرسول} إلى آخر اآليتين‪.‬‬
‫‪ – 4‬قراءة مائة آية يعدل قيام ليلة‪.‬‬
‫‪ - 5‬االعتكاف في المسجد إلى صالة الفجر‪.‬‬
‫‪ - 6‬تفكر ساعة خير من قيام ليلة‪.‬‬
‫‪ – 7‬الحرص على إحياء الليلة كلها أو أغلبها‪ .‬فإذا قام أغلب الليل‪ ،‬وصلى التهجد‪،‬‬
‫فإنه يُكتب له قيام الليلة السابعة‪ ،‬بإذن هللا‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬أكثر من اثني عشر ألف مرة بين السماء واألرض حسنات!!‬
‫سابعاً‪ :‬قراءة السور ذات الفضل الكبير‪.‬‬
‫ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ – 1‬قراءة سورة (تبارك)‪ ،‬فمن قرأها فقد أكثر من العمل الصالح والخير‪ ،‬وأطاب‪.‬‬
‫‪ - 2‬قراءة المسبحات‪ ،‬ففيها آية بألف آية‪.‬‬
‫‪ - 3‬قراءة سورة (يس) كل ليلة‪.‬‬
‫‪ – 4‬قراءة سورة اإلخالص‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬الحرص على األذكار ذات المضاعفة الكبيرة‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ - 1‬الذكر األفضل واألكثر من ذكر ليلتي قدر متتاليتين‪.‬‬
‫‪ - 2‬يحرص على أن يجعل له وردا ً من الباقيات الصالحات‪ ،‬ومن الصالة على النبي‬
‫صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬خاصة إذا كانت ليلة جمعة‪ ،‬ومن قول (سبحان هللا‬
‫وبحمده)‪ ،‬و(سبحان هللا العظيم)‪ ،‬و(ال إله إال هللا)‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫تاسعاً‪ :‬الدعاء‪ .‬فيدعو المسلم بكل ما يهمه في أمر دنياه وآخرته‪ ،‬ويضيف ما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬سؤال هللا تعالى العفو والعافية‪.‬‬
‫ثوان‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫‪ – 2‬يستغفر للمؤمنين والمؤمنات ليتحصل على مليارات الحسنات في‬
‫عاشراً‪ :‬الحرص على سائر النوايا واألعمال الصالحة‪.‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وعلى اله وصحبه ومن وااله‪ ..‬أما بعد‪.‬‬
‫ففي هذه الوريقات سنذكر برنامجا ً عمليا ً رائعا ً متميزاً وفريداً فيما يخص العشـر‬
‫األواخر‪ ،‬وكيف يستغلها اإلنسان استغالالً كامالً شامالً‪ ،‬إن شاء هللا تعالى‪.‬‬
‫وهذا البرنامج مختار مما ورد في السنة من األعمال اليسيرة ذات األجور العظيمة‬
‫في األيام العادية‪ ،‬فكيف إذا وافقت ليلة القدر التي يضاعف فيها األعمال مضاعفة‬
‫كبيرة‪.‬‬
‫فكم نحن في حاجة لهذه الليلة التي نعوض فيها تقصيرنا‪ ،‬فنسد بها خلل أعمالنا‪،‬‬
‫وتقصيرنا طوال العام‪ ،‬ونضاعف بها رصيدنا!‪ .‬وكم نحن في حاجة لها ليغفر هللا‬
‫تعالى فيها وبها ذنوبنا‪ ،‬ويعفو عنا!‪.‬‬
‫ومن كان منا غير مقصر أو سابق بالخيرات‪ :‬فليس هو بأحسن من رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وآله وسلم الذي كان يشد المئزر في هذه العشـر األواخر التماسا ً لليلة القدر‪،‬‬
‫ويحيى فيها ليله‪ ..‬وكان قد اعتكف في العشـر األول يبحث عنها‪ ،‬ثم في األواسط‪ ،‬ثم‬
‫في العشر األواخر‪ ،‬واستمر على االعتكاف في العشر األواخر لما أوحي إليه أنها‬
‫استقرت فيها‪.‬‬
‫هذه الليلة التي عظمها هللا عز وجل تعظيما ً فريداً في كتابه‪ ،‬فأنزل سورة كاملة في‬
‫قدرها وفضلها‪ ،‬وقال عنها سبحانه وتعالى تعظيما ً لقدرها‪ ،‬وتفخيما ً لشأنها‪{ :‬وما‬
‫أدراك ما ليلة القدر}‪ ،‬وهذا من أساليب التعظيم والتفخيم‪.‬‬
‫ومن عظمتها‪ :‬أن هللا عز وجل اختارها لنزول القرآن‪.‬‬
‫ومن عظمتها‪ :‬أنها الليلة التي يُقدر هللا عز وجل فيها أعمال السنة كلها‪ ،‬فما يُقدر في‬
‫العام على اإلنسان إنما يُقدر فيها‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬فيها يفرق كل أمر حكيم}‪.‬‬
‫ومن عظيم فضلها‪ :‬أن األعمال تضاعف فيها مضاعفة هائلة حتى أن العمل فيها خير‬
‫من العمل في ألف شهر‪ ،‬فمن عمل فيها ‪-‬وهي في هذه الليالي حوالي ‪ 10‬ساعات‪،-‬‬
‫من عمل في هذه العشر الساعات‪ ،‬فكأنما حاز عمراً آخر بجانب عمره‪ ،‬فعشر‬
‫ساعات من العمل الصالح في مقابل أكثر من ‪ 83‬سنة كلها مملوءة باألعمال‬
‫الصالحة‪ ،‬كلها محسوبة صافية بال نوم‪ ،‬وبال شيء آخر‪ ،‬عمر مستقل‪.‬‬
‫فكيف إذا أتينا فيها بأعمال مضاعفة األجر‪ ،‬وأعمال تضاعف ليلة القدر‪ ،‬أعمال تجعل‬
‫ليلة القدر مضاعفة أضعافا ً كثيرة؟!‬
‫وهذا هو موضوعنا هنا في هذا البرنامج الذي سنسـرده تاليا ً إن شاء هللا تعالى‪.‬‬
‫تفصيل البرنامج المقترح للعشر‬
‫أوالً‪ :‬يحرص المسلم على أن يكون من أفضل الناس عند هللا في ذلك المساء والليلة‬
‫المقبلة عليه من ليالي العشر‪ ،‬ومن األعمال تجعل المسلم أفضل الناس عند هللا تعالى‬
‫في تلك الليلة ما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬يأتي بأذكار المساء بعد العصر وقبل المغرب‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬قول (ال إله إال هللا‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله الحمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير) مائة مرة‪ .‬فإنه‬
‫يكون بذلك من أفضل الناس عند هللا تعالى في تلك الليلة‪ ،‬إال من عمل أفضل من‬
‫عمله(‪.)1‬‬
‫‪ - 2‬قول (سبحان هللا العظيم وبحمده) مائة مرة‪ ،‬ففي حديث أبي هريرة أن رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وآله وسلم قال‪« :‬من قال حين يصبح‪( :‬سبحان هللا العظيم وبحمده)‬
‫مائة مرة‪ ،‬وإذا أمسى كذلك‪ ،‬لم يواف أحد من الخالئق بمثل ما وافى»(‪ ،)2‬وهي أحب‬
‫الكالم إلى هللا(‪.)3‬‬
‫‪ – 3‬الحرص على تفطير الصائمين؛ ولو بتمر‪ ،‬فإن من فطر صائما ً كان له مثل‬
‫أجره غير أنه ال ينقص من أجر الصائم شيء(‪ ،)4‬فيدخل في الليل بهذا الفضل الذي‬
‫إذا وافق ليلة القدر فكيف ستكون مضاعفته!!‪ .‬فكيف بمن فطر خمسين‪ ،‬أو مائة صائم‬
‫في هذه األيام؟‬

‫(‪ )1‬عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬من قال في يوم مائتي مرة‬
‫[مائة إذا أصبح‪ ،‬ومائة إذا أمسى]‪ :‬ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله الحمد‪ ،‬وهو على كل شيء‬
‫قدير؛ لم يسبقه أحد كان قبله‪ ،‬وال يدركه أحد كان بعده إال من عمل أفضل من عمله» رواه النسائي في الكبرى‬
‫برقم‪ ،)10412( :‬وصححه األلباني في السلسلة الصحيحة (‪)620/6‬‬
‫‪ -‬وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬من قال‪ :‬سبحان هللا مائة‬
‫مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة بدنة‪ .‬ومن قال‪ :‬الحمد هلل مائة مرة قبل طلوع الشمس‬
‫وقبل غروبها كان أفضل من مائة فرس يحمل عليها في سبيل هللا‪ .‬ومن قال‪ :‬هللا أكبر مائة مرة قبل طلوع الشمس‬
‫وقبل غروبها كان أفضل من عتق مائة رقبة‪ .‬ومن قال‪ :‬ال إله إال هللا وحده ال شريك له له الملك وله الحمد وهو‬
‫على كل شيء قدير مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها‪ ،‬لم يجيء يوم القيامة أحد بعمل أفضل من عمله إال‬
‫من قال مثل قوله أو زاد عليه» رواه النسائي في الكبرى رقم‪ )10657( :‬وغيره‪ ،‬وحسنه األلباني في صحيح‬
‫الترغيب والترهيب برقم‪.)658( :‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ابن حبان (‪ ،)142/3‬وصححه األرنؤوط‪ ،‬واأللباني في سنن أبي داود برقم‪.)5091( :‬‬
‫(‪ )3‬فقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬من ضن بالمال أن ينفقه‪ ،‬وبالليل أن يكابده؛ فعليه بـ "سبحان هللا‬
‫وبحمده"‪ ،‬فإنها أحب إلى هللا من جبل ذهب ينفقه في سبيل هللا تعالى»‪ ،‬وروى مسلم أن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم سئل‪ :‬أي الكالم أفضل؟ قال‪« :‬ما اصطفى هللا لمالئكته‪ ،‬أو لعباده‪ :‬سبحان هللا وبحمده»‪.‬‬
‫قال المناوي‪(" :‬من ضن بالمال أن ينفقه) في وجوه البر (وبالليل أن يكابده) في قيامه للتهجد (فعليه بسبحان هللا‬
‫وبحمده) أي‪ :‬فليلزم قول ذلك بقلب حاضر‪ ،‬وفؤاد يقظان‪ ،‬فإنه يقوم له مقام اإلنفاق والصالة"‬
‫(‪ )4‬ففي حديث زيد بن خالد الجهني رضي هللا عنه عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬من فطر صائما‬
‫كان له مثل أجره غير أنه ال ينقص من أجر الصائم شيء»‪ ،‬وفي لفظ‪« :‬من جهز غازياً‪ ،‬أو جهز حاجاً‪ ،‬أو خلفه‬
‫في أهله‪ ،‬أو فطر صائما ً كان له مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء» ينظر‪ :‬حديث رقم‪)6415( :‬‬
‫في صحيح الجامع‪ ،‬وصحيح الترغيب والترهيب (‪.)260/1‬‬
‫ثانياً‪ :‬يحسن استغالل كل ثانية في تلك الليالي‪ ،‬فيحرص على كل سنة وعبادة ابتداء‬
‫من المغرب‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن يفطر على السنة‪ ،‬ويأتي بأدعية اإلفطار والحمد عقب أكل التمرات‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن يردد أذان المغرب وال يشغله الفطور عن ذلك‪ ،‬فلترديد األذان فضل عظيم‬
‫وأجر كبير في األيام والليالي العادية‪ ،‬فكيف إذا صادف ذلك ليلة القدر؟!‬
‫فيحرص على ترديد األذان بقلب حاضر خاشع‪ ،‬فإن من ردده بخشوع ويقين وجبت‬
‫له الجنة(‪.)5‬‬
‫ومن سأل الوسيلة للنبي صلى هللا عليه وآله وسلم عقبه‪ :‬حلت له شفاعته‪ ،‬ثم يدعو بما‬
‫تيسر؛ ألن الدعاء مستجاب بين األذان واإلقامة في الليالي واأليام العادية كيف إذا‬
‫صادف الدعاء ليلة القدر التي تتنزل فيها الرحمات والبركات‪ ،‬وتستجاب فيها‬
‫الدعوات؟!‬
‫وأيضا ً في الحديث في مسلم أنه من سمع المؤذن‪ ،‬فقال‪" :‬وأنا أشهد أن ال إله إال هللا‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬وأن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬رضيت باهلل ربا‪ ،‬وباإلسالم دينا‪،‬‬
‫وبمحمد صلى هللا عليه وسلم رسوال؛ غفر هللا له ذنوبه" رواه مسلم‪ ،‬وفي رواية‪:‬‬
‫«غفر له ما تقدم من ذنبه»(‪.)6‬‬
‫إال أن رواية ابن خزيمة بينت متى يقال هذا الذكر‪ ،‬وأنه يقال عند الشهادتين(‪.)7‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الحرص على حضور القلب والخشوع في جميع الصلوات‪.‬‬
‫فيقوم لصاله المغرب‪ ،‬ويستحضـر أمر الخشوع‪ ،‬والحضور مع هللا تعالى من صالة‬
‫المغرب‪ ،‬ومن الناس من يظن أن الخشوع مهم في صاله الليل والتراويح والتهجد‬
‫(‪ )5‬فقد أخرج مسلم (‪ )385‬عن عمر بن الخطاب ا قال‪ :‬قال رسول هللا ص‪« :‬إذا قال المؤذن‪ :‬هللا أكبر هللا أكبر‪،‬‬
‫فقال أحدكم‪ :‬هللا أكبر هللا أكبر‪ ،‬ثم قال‪ :‬أشهد أن ال إله إال هللا‪ ،‬قال‪ :‬أشهد أن ال إله إال هللا‪ ،‬ثم قال‪ :‬أشهد أن محمدا‬
‫رسول هللا‪ ،‬قال‪ :‬أشهد أن محمدا رسول هللا‪ ،‬ثم قال‪ :‬حي على الصالة‪ ،‬قال‪ :‬ال حول وال قوة إال باهلل‪ ،‬ثم قال‪ :‬حي‬
‫على الفالح‪ ،‬قال‪ :‬ال حول وال قوة إال باهلل‪ ،‬ثم قال‪ :‬هللا أكبر هللا أكبر‪ ،‬قال‪ :‬هللا أكبر هللا أكبر‪ ،‬ثم قال‪ :‬ال إله إال هللا‪،‬‬
‫قال‪ :‬ال إله إال هللا من قلبه دخل الجنة» ‪.‬‬
‫ويفهم من تقييد الحديث بقوله ص «من قلبه»‪ ،‬أنه ال بد لمن يردد األذان أن يستشعر ما يقول‪ ،‬ويؤمن به‪،‬‬
‫ويخلص في ذلك كله؛ ليكون من أهل الجنة بهذا العمل اليسير‪ ،‬وقد جاء اشتراط اليقين في رواية أخرى‪ ،‬حيث‬
‫قال ص‪" :‬من قال مثل ما قال هذا يقينا دخل الجنة" أخرجه أحمد (‪ ،352/2‬رقم ‪ ،)8609‬وصححه ابن حبان‬
‫(‪ ،)553/4‬والحاكم (‪ ،)321/1‬واأللباني في صحيح الترغيب والترهيب (‪.)246‬‬
‫(‪ )6‬رواه مسلم (‪ ،)386‬وفي بيانه يقول المباركفوري‪" :‬قوله‪( :‬رضيت باهلل ربا ً) أي بربوبيته‪ ،‬وبجميع قضائه‬
‫وقدره‪ ،‬فإن الرضا بالقضاء؛ باب هللا األعظم (وبمحمد رسوالً) أي‪ :‬بجميع ما أرسل به وبلغه إلينا من األمور‬
‫االعتقادية وغيرها‪( ،‬وباإلسالم) أي‪ :‬بجميع أحكام اإلسالم من األوامر والنواهي‪( ،‬دينا ً) أي‪ :‬اعتقاداً‪ ،‬أو انقياداً‪،‬‬
‫قاله القاري‪( .‬غفر هللا له ذنوبه) أي‪ :‬من الصغائر"‪.‬‬
‫(‪ )7‬فهذا الذكر يُقال بعد نطق المؤذن بالشهادتين؛ لما جاء عند ابن خزيمة‪« :‬من سمع المؤذن يتشهد فالتفت في‬
‫وجهه‪ ،‬فقال‪ :‬أشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأن محمدا ً رسول هللا‪ ،‬رضيت باهلل رباً‪ ،‬وباإلسالم ديناً‪،‬‬
‫غفر له ما تقدم من ذنبه» صحيح ابن خزيمة (‪ ،)422‬وقال األعظمي‪( :‬إسناده جيد)‪ ،‬وقد اختلفوا في أي‬
‫الشهادتين تقال؛ فاختار بعضهم‪ :‬أن محلها بعد التهليل الذي في آخر األذان؛ وذلك لئال ينشغل بهذا الذكر عن‬
‫ترديد بقية األذان‪ .‬لكن ظاهر الحديث؛ أنها تقال عند الشهادتين بعد متابعة اإلمام فيهما‪ ،‬فإذا قال المؤذن‪( :‬أشهد‬
‫أن محمدا رسول هللا) الثانية؛ قال الذكر الوارد في الحديث‪ ،‬كما ذكر جماعة من العلماء‪ ،‬وهللا تعالى أعلم‪.‬‬
‫فقط‪ ،‬فال يحاول مجاهدة نفسه على الخشوع في المغرب والعشاء‪ ،‬وهذا خطأ‪،‬‬
‫فالخشوع في الفرائض أهم‪ ،‬وأعظم‪ ،‬فاهلل عز وجل يقول في الحديث القدسي‪( :‬ما‬
‫تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه)‪.‬‬
‫فينبغي الحرص على الخشوع أوال في الفرائض‪ ،‬ثم يستحضـر الخشوع في سائر‬
‫الصلوات في تلك الليالي‪ ،‬وإال كان قيامه مجرد تعب ونصب‪ ،‬فاألجر في الصالة إنما‬
‫يكتب على قدر الخشوع فيها‪ ،‬وقد أجمع العلماء على أنه ليس لإلنسان من صالته إال‬
‫ما عقل منها‪ ،‬وحضر قلبه فيها‪.‬‬
‫ولنعلم أن حضور القلب مع هللا تعالى مع االفتقار إليه هو غاية المعرفة والعبادة‪،‬‬
‫واستحضار مراقبة هللا تعالى من أفضل اإليمان‪ ،‬فعن عبادة بن الصامت قال‪ :‬قال‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬إن من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن هللا معه حيث‬
‫كان»(‪.)8‬‬
‫رابعاً‪ :‬صالة التسابيح‪.‬‬
‫ثم بعد صالة المغرب يصلي السنة‪ ،‬ثم بعدها إما يتعشى ثم يصلي صالة التسابيح(‪،)9‬‬
‫أو يصليها قبل العشاء‪ ،‬وهذا الوقت وقت غفلة غالباً‪ ،‬أي‪ :‬بعد العشاء وقبل صاله‬
‫العشاء‪ ،‬ونحن متفقون أن نستغل ثواني هذه الليلة العظيمة‪ ،‬وصالة التسابيح صالة‬
‫فضلها عظيم جداً في الليالي واأليام العادية‪ ،‬فكيف إذا صالها المسلم في ليلة القدر!!‬
‫وقد ثبتت في أحاديث صحيحة(‪ ،)10‬وقال بها جمهور العلماء‪.‬‬

‫(‪ )8‬رواه البيهقي في شعب اإليمان (‪.)477 /1‬‬


‫(‪ )9‬فعن ابن عباس رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬يا عباس! يا عماه! أال أعطيك؟ أال‬
‫أمنحك أال أحبوك؟ أال أفعل بك؟ عشر خصال‪ :‬إذا أنت فعلت ذلك؛ غفر هللا ذنبك؛ أوله وآخره‪ ،‬قديمه وحديثه‪،‬‬
‫خطأه وعمده‪ ،‬صغيره وكبيره‪ ،‬سره وعالنيته؟ عشر خصال‪ :‬أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة‬
‫الكتاب وسورة‪ ،‬فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت‪ :‬سبحان هللا‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬وال إله إال هللا‪ ،‬وهللا‬
‫أكبر ‪-‬خمس عشرة مرة‪ -‬ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشراً‪ ،‬ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً‪ ،‬ثم تهوي‬
‫ساجدا فتقولها وأنت ساجد عشراً‪ ،‬ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا ً ثم تسجد فتقولها عشراً‪ ،‬ثم ترفع‬
‫رأسك فتقولها عشراً‪ ،‬فذلك خمس وسبعون في كل ركعة‪ ،‬تفعل ذلك في أربع ركعات فلو كانت ذنوبك مثل زبد‬
‫البحر أو رمل عالج غفرها هللا لك‪ ،‬إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل‪ ،‬فإن لم تفعل ففي كل جمعة‬
‫مرة‪ ،‬فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة‪ ،‬فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة‪ ،‬فإن لم تفعل ففي عمرك مرة»‪.‬‬
‫(‪ )10‬قال المنذري في الترغيب والترهيب (‪" :)268/1‬قال الحافظ‪ :‬وقد صححه جماعة منهم الحافظ أبو بكر‬
‫اآلجري‪ ،‬وشيخنا أبو محمد عبد الرحيم المصري‪ ،‬وشيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي ‪ -‬رحمهم هللا تعالى ‪،-‬‬
‫وقال أبو بكر بن أبي داود سمعت أبي يقول‪ :‬ليس في صالة التسبيح حديث صحيح غير هذا‪ ،‬وقال مسلم بن‬
‫الحجاج‪ :‬ال يروى في هذا الحديث إسناد أحسن من هذا؛ يعني إسناد حديث عكرمة عن ابن عباس‪ ،‬وقال الحاكم قد‬
‫صحت الرواية عن ابن عمر‪ ..‬هذا إسناد صحيح ال غبار عليه‪ ،".‬وقال محمد العظيم آبادي في عون المعبود‬
‫(‪" :)124/4‬وممن صحح هذا الحديث أو حسنه غير من تقدم ابن مندة‪ ،‬وألف في تصحيحه كتاباً‪ ،‬واآلجري‪،‬‬
‫والخطيب‪ ،‬وأبو سعد السمعاني‪ ،‬وأبو موسى المديني‪ ،‬وأبو الحسن بن المفضل‪ ،‬والمنذري‪ ،‬وابن الصالح‪،‬‬
‫والنووي في (تهذيب األسماء)‪ ،‬وآخرون‪ .‬وقال الديلمي في (مسند الفردوس)‪ :‬صالة التسبيح أشهر الصلوات‬
‫وأصحها إسنادا ً‪ .‬وروى البيهقي وغيره عن أبي حامد الشرقي ‪ :‬قال كنت عند مسلم بن الحجاج ومعنا هذا الحديث‬
‫فسمعت مسلما يقول‪ :‬ال يروى فيها إسناد أحسن من هذا‪ .‬وقال الترمذي‪ :‬قد رأى ابن المبارك‪ ،‬وغيره من أهل‬
‫العلم صالة التسبيح وذكروا الفضل فيها‪ .‬وقال البيهقي ‪ :‬كان عبد هللا بن المبارك يصليها‪ ،‬وتداولها الصالحون‬
‫بعضهم عن بعض‪ ،‬وفيه تقوية للحديث المرفوع"‪ ،‬وفي كتاب تنزيه الشريعة (‪ )109/2‬البن عراق‪ :‬نقل التصحيح‬
‫عن البلقيني‪ ،‬والعالئي‪ ،‬والزركشي‪ ،‬وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة (ص‪" :)38‬وممن صححه هذا الحديث‬
‫خامساً‪ :‬أعمال يكتب لمن يعمل بها قيام ليلة القدر سبع مرات!‬
‫من فضل هللا تعالى على هذه األمة أن شرع لها أعماالً ذات فضل وعوائد عظيمة‪،‬‬
‫ومن تلك األعمال أعمال تعدل قيام الليل كله‪ ،‬فكيف إذا وافق ذلك ليلة القدر!! وهنا‬
‫نذكر طرقا ً ليُكتب للمسلم قيام سبع ليا ٍل‪ ،‬وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬صالة العشاء والفجر في جماعة‪.‬‬
‫وهذه من البديهيات‪ ،‬والحرص على صالة العشاء والفجر في جماعة ال يكاد ينفك‬
‫عنه مؤمن‪ ،‬وقد جاء عن اإلمام الشافعي رحمه هللا أنه قال‪( :‬من شهد العشاء والصبح‬
‫ليلة القدر؛ فقد أخذ بحظه منها) (‪ ،)11‬وذلك ألن صالة العشاء والفجر في جماعة تعدل‬
‫قيام ليلة‪ ،‬أو قيام ليلة ونصف‪ ،‬ففي الصحيحين عن عثمان بن عفان قال‪ :‬سمعت‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪" :‬من صلى العشاء في جماعة‪ :‬فكأنما قام نصف‬
‫الليل‪ ،‬ومن صلى الصبح في جماعة‪ :‬فكأنما صلى الليل كله"‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬عن ابن عمر عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬من صلى العشاء اآلخرة‬
‫في جماعة‪ ،‬وصلى أربع ركعات قبل أن يخرج من المسجد؛ كان كعدل ليلة‬
‫القدر»(‪ ،)12‬وفي رواية‪« :‬عدلن مثلهن من ليلة القدر»‪ ،‬وفي رواية عن البراء‪« :‬كن‬
‫كمثلهن من ليلة القدر»(‪ ،)13‬والحديث قد صح موقوفا ً عن جمع من الصحابة‬
‫والتابعين‪ ،‬وله حكم المرفوع؛ ألن تحديد مثل ذلك الفضل المذكور ال يمكن أن يقوله‬
‫الصحابي بالرأي(‪ .)14‬قال العراقي‪( :‬وهذا ُمقتضاه تحصيل فضيلة ليلة القدر؛ وإن لم‬
‫يكن ذلك في ليلة القدر‪ ،‬فما الظن بما إذا كان ذلك فيها؟)(‪.)15‬‬
‫‪ - 2‬صالة التراويح مع اإلمام حتى ينصرف‪.‬‬
‫فمن صلى مع اإلمام حتى ينصرف ُكتب له قيام ليلة‪ ،‬ففي حديث أبي ذر رضي هللا‬
‫عنه قال‪( :‬صمنا مع النبي هللا صلى هللا عليه وسلم رمضان‪ ،‬فلم يقم بنا في السادسة‪،‬‬

‫أو حسنه‪ :‬ابن مندة‪ ،‬واآلجري‪ ،‬والخطيب‪ ،‬وأبو سعد السمعاني‪ ،‬وأبو موسى المديني‪ ،‬وأبو الحسن ابن المفضل‪،‬‬
‫والمنذري‪ ،‬وابن الصالح‪ ،‬والنووي‪ ،‬والسبكي‪ ،‬وآخرون"‪ ،‬وصححه كذلك األلباني وغيره‪.‬‬
‫(‪ )11‬لطائف المعارف ص (‪.)207‬‬
‫(‪ )12‬أخرجه الطبراني في األوسط (‪ 254/5‬رقم ‪ ،)5239‬وقال الهيثمي (‪" :)40/2‬في إسناده ضعيف غير متهم‬
‫بالكذب"‪ ،‬يريد‪ :‬أن المرفوع من الممكن أن ينجبر بغيره‪ ،‬ويقبل التحسين‪ ،‬وهذا ما وجدناه فعالً بعد بحث في طرق‬
‫الحديث‪ ،‬ولوال طول المبحث ألوردناه هنا‪.‬‬
‫(‪ )13‬أخرجه الطبراني في األوسط (‪ ،254/6‬رقم ‪ ،)6332‬وفي الباب عن ابن عباس‪ ،‬وأنس أيضا ً‪.‬‬
‫(‪ )14‬فقد قال األلباني بعد أن ضعف الحديث مرفوعا ً‪" :‬لكن الحديث قد صح موقوفا ً عن جمع من الصحابة؛ دون‬
‫قوله‪( :‬قبل أن يخرج من المسجد) ؛ فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"‪ ،‬وابن نصر أيضا ً عن عبد هللا بن عمرو‬
‫قال‪( :‬من صلى بعد العشاء اآلخرة أربع ركعات؛ كن كعدلهن من ليلة القدر) قلت‪ :‬وإسناده صحيح‪ .‬ثم أخرج ابن‬
‫أبي شيبة مثله عن عائشة‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وكعب بن ماتع‪ ،‬ومجاهد‪ ،‬وعبد الرحمن بن األسود موقوفا ً عليهم‪ .‬واألسانيد‬
‫إليهم كلهم صحيحة باستثناء "كعب"‪ .‬وهي وإن كانت موقوفة ؛ فلها حكم الرفع ؛ ألنها ال تقال بالرأي؛ كما هو‬
‫ظاهر‪ ".‬سلسلة األحاديث الضعيفة (‪.)101/ 11‬‬
‫(‪ )15‬طرح التثريب (‪.)150/5‬‬
‫وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬لو نفلتنا بقية ليلتنا‬
‫هذه‪ ،‬فقال‪" :‬إنه من قام مع اإلمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة")‪.‬‬
‫‪ – 3‬قراءة {آمن الرسول} إلى آخر اآليتين‪.‬‬
‫فإن من قرأهما في ليلة كفتاه عن قيام الليل إن شاء هللا‪ ،‬ففي الصحيحين عن أبي‬
‫مسعود األنصاري قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬اآليتان من آخر سورة‬
‫البقرة‪ :‬من قرأهما في ليلة كفتاه"‪.‬‬
‫وفي معنى (كفتاه) أقوال‪ ،‬أقواها‪ :‬أنهما اغنتاه عن قيام تلك الليلة بالقرآن‪ ،‬وأجزأتا‬
‫عنه من ذلك(‪ ،)16‬ويؤيده‪ :‬ما ورد صريحا ً من طريق عاصم عن علقمة عن أبي‬
‫مسعود رفعه‪" :‬من قرأ خاتمة البقرة أجزأت عنه قيام ليلة"‪ ،‬قاله ابن حجر رحمه‬
‫هللا(‪.)17‬‬
‫‪ – 4‬قراءة مائة آية يعدل قيام ليلة‪.‬‬
‫فعن تميم الداري رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬من قرأ‬
‫بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة"(‪ ،)18‬ويغني عن هذا ما سيأتي من قراءة ألف آية‪.‬‬
‫‪ - 5‬االعتكاف في المسجد إلى صالة الفجر‪.‬‬
‫وذلك أن منتظر الصالة يكون في صالة ما انتظر الصالة‪ ،‬فالذي يعتكف في المسجد‬
‫من المغرب‪ ،‬أو من العشاء إلى صالة الفجر يكتب له أنه يصلي طوال هذه الساعات‬
‫ولو كان جالساً‪ ،‬أو منشغال بشيء ما‪ ،‬وهذا من فضل هللا تعالى‪.‬‬
‫‪ - 6‬تفكر ساعة خير من قيام ليلة‪.‬‬
‫أي التفكر الموصل لليقين باهلل تعالى‪ ،‬وعظمته‪ ،‬ويسهل هذا اليوم مع كثرة‬
‫الفيديوهات المتيسرة في هذا الشأن‪ ،‬فعن أبي الدرداء رضي هللا عنه قال‪( :‬من الناس‬
‫مفاتيح للخير مغاليق للشر؛ ولهم بذلك أجر‪ ،‬ومن الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير؛‬
‫وعليهم بذلك إصر‪ ،‬وتفكر ساعة خير من قيام ليلة)(‪ ،)19‬وهذا موقوف له حكم‬
‫الرفع(‪.)20‬‬

‫(‪ )16‬شرح النووي على مسلم (‪.)91 / 6‬‬


‫(‪ )17‬فتح الباري (‪.)56 / 9‬‬
‫(‪ )18‬أخرجه أحمد (‪ ،)103 / 4‬وصححه المناوي في التيسير (‪ ،)843 / 2‬وقال األرنؤوط في تحقيق مسند أحمد‬
‫(‪( :)103 / 4‬حديث حسن بشواهده)‪ ،‬وينظر‪ :‬حديث رقم‪ )6468( :‬في صحيح الجامع‪.‬‬
‫(‪ )19‬رواه ابن المبارك في الزهد برقم (‪ ،)949‬وفيه‪ :‬وقال الحافظ يحي بن صاعد‪ :‬تفرد به ابن المبارك؛ غريب‬
‫اإلسناد صحيح‪ - ،‬موقوفا ً وله حكم الرفع ‪ ،-‬وحسنه محقق الترغيب لألصفهاني‪ .‬وروى موضع الشاهد منه‬
‫البيهقي في شعب اإليمان (‪ ،)117‬وابن أبي شيبة (‪.)35728‬‬
‫(‪ )20‬وهذا الحديث وإن كان له محتمال‪ ،‬إال أن من احتماالته أن من تفكر ساعة يُكتب له أجر قيام ليلة وأكثر إن‬
‫شاء هللا تعالى‪.‬‬
‫‪ – 7‬الحرص على إحياء الليلة كلها أو أغلبها‪.‬‬
‫فمن فعل ذلك كتب له أنه قام تلك الليلة حقاً‪ ،‬فمن صلى التسابيح‪ ،‬والتراويح‪ ،‬والقيام‪،‬‬
‫وقام بألف آية‪ ،‬وأكثر من الذكر‪ ،‬وتالوة القرآن‪ ،‬والدعاء في هذه الليلة‪ ،‬فإنه يكون قد‬
‫قامها حقا ً‪ ،‬فإذا قام المسلم أغلب الليل‪ ،‬وصلى التهجد‪ ،‬فإنه يُكتب له قيام الليلة‬
‫السابعة‪ ،‬بإذن هللا‪.‬‬
‫خالصة ما سبق‪ :‬أن من طبق ما سبق من تلك األعمال اليسيرة؛ فإنه ي ُكتب له قيام‬
‫خمس ليال‪ ،‬وإذا فعل ذلك في ليلة القدر‪ :‬فإنه يُكتب له قيام خمس ليالي قدر بإذن هللا‪،‬‬
‫فإذا قام بألف آية كما سيأتي معنا‪ ،‬وصلى التهجد‪ُ ،‬كتب له قيام الليلة السادس بإذن‬
‫هللا؛ كونه قد قام أغلب الليل‪ ،‬فما أعظمه من فضل‪ ،‬وما أكبره من أجر! نسأل هللا‬
‫تعالى أال يحرمنا منه بفضله وكرمه‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬أكثر من اثني عشر ألف مرة بين السماء واألرض حسنات!!‬
‫من قام بألف آية في الصالة في ليلة عادية يكتب من المقنطرين األغنياء باألجور‬
‫الكبيرة يوم القيامة‪ ،‬فكيف إذا قرأها المسلم في ليلة القدر التي تتضاعف فيها األعمال‬
‫مضاعفة هائلة!!‬
‫فعن عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬من‬
‫قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين‪ ،‬ومن قام بمائة آية كتب من القانتين‪ ،‬ومن قام‬
‫بألف آية كتب من المقنطرين»(‪ ،)21‬قال السندي‪ :‬المقنطرين‪ :‬المالكين ماالً كثيراً‪،‬‬
‫والمراد‪ :‬كثرة األجر‪ ،‬وقيل‪ :‬أي‪ :‬ممن أعطى من األجر أجراً عظيما ً(‪.)22‬‬
‫وإذا أردنا أن نعرف شيئا ً عن هذا األجر‪ ،‬فلنتأمل هذا الحديث الذي جاء عن أبي‬
‫هريرة عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪« :‬القنطار اثنا عشر ألف أوقية‪،‬‬
‫وكل أوقية خير مما بين السماء واألرض»(‪ ،)23‬وهو يُكتب له قناطير ال قنطار واحد‪.‬‬
‫قال ابن المنذر‪( :‬من الملك إلى آخر القرآن ألف آية)‪ ،‬أي جزئي تبارك وعم‪ ،‬ولكن‬
‫عند الرجوع إلى ذلك نجد اآليات تنقص عن األلف شيئا ً قليالً‪ ،‬فيزيد عليهما شيئا ً‬
‫يسيراً‪ .‬ويقول ابن حجر‪" :‬أي يقرأها في ركعتين أو أكثر‪ ،‬وظاهر السياق أن المراد‬
‫غير الفاتحة"(‪.)24‬‬

‫(‪ )21‬أخرجه أبو داود (‪ ،)1398‬والبيهقى في شعب اإليمان (‪ ،)400/2‬وابن خزيمة (‪ ،)181/2‬وابن حبان (‪/6‬‬
‫‪ ،)310‬وقال األرنؤوط‪ :‬إسناده حسن‪ ،‬وصححه األلباني برقم‪ )6439( :‬في صحيح الجامع‪.‬‬
‫(‪ )22‬عون المعبود (‪.)192/4‬‬
‫(‪ )23‬رواه أحمد (‪ )363/2‬وحسنه األرنؤوط‪ ،‬وابن ماجة (‪ ,)3660‬والدارمي (‪ ،)3464‬وحسنه محققه‪ ،‬وابن‬
‫حبان (‪ )311/6‬وصححه المقدسي في السنن (‪ ،)130/2‬والبوصيري في مصباح الزجاجة (‪ ،)98/4‬ورجح وقفه‬
‫الدارقطني العلل (‪ ،)169/8‬واأللباني في الضعيفة برقم‪ ،)4076( :‬والموقوفة هي رواية الدارمي‪.‬‬
‫(‪ )24‬مرعاة المفاتيح (‪.)187/4‬‬
‫سابعاً‪ :‬قراءة السور ذات الفضل الكبير‪ .‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ – 1‬قراءة سورة (تبارك)‪ ،‬فمن قرأها فقد أكثر من العمل الصالح والخير‪ ،‬وأطاب‪.‬‬
‫فمن قرأها في ليلة فقد أكثر من العمل الصالح والخير‪ ،‬وأطاب‪ ،‬فتسن قراءة سورة‬
‫تبارك كل ليلة مع سورة السجدة‪ ،‬أو اإلسراء‪ ،‬فقد كان النبي صلى هللا عليه وسلم ال‬
‫ينام حتى يقرأ‪ :‬السجدة‪ ،‬و{تبارك}(‪ ،)25‬فعن ابن مسعود رضي هللا عنه قال‪« :‬من قرأ‬
‫تبارك الذي بيده الملك كل ليلة منعه هللا تعالى بها من عذاب القبر‪ ،‬وكنا في عهد‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم نسميها المانعة‪ ،‬من قرأ بها في ليلة فقد أكثر‬
‫وأطاب»(‪ ،)26‬فإذا قرأها في ليلة القدر؛ فقد أكثر وأطاب العمل في ليلة القدر‪ ،‬نسأل‬
‫هللا العظيم من فضله‪.‬‬
‫‪ - 2‬قراءة المسبحات‪ ،‬ففيها آية بألف آية‪:‬‬
‫عن العرباض بن سارية رضي هللا عنه‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يقرأ‬
‫المسبحات قبل أن يرقد‪ ،‬ويقول‪" :‬إن فيهن آية خير من ألف آية"(‪ ،)27‬والمسبحات هن‬
‫السور التي ابتدأت بالتسبيح‪ ،‬وهي‪ :‬اإلسراء‪ ،‬والحديد‪ ،‬والحشر‪ ،‬والصف‪ ،‬والجمعة‪،‬‬
‫والتغابن‪ ،‬واألعلى‪ ،‬وقيل‪ :‬إنها‪ :‬الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن‪ ،‬وهو قول‬
‫عامة المفسرين‪.‬‬
‫ويرى ابن كثير ‪-‬رحمه هللا‪ -‬أن تلك اآلية هي قوله تعالى‪{ :‬هُو األو ُل واآلخ ُر‬
‫والظاه ُر والباطنُ وهُو ب ُكل شيءٍ عليم}(‪ ،)28‬وقيل إنها اآليات من آخر سورة‬
‫الحشر(‪ ،)29‬وقال الطيبي‪ :‬أُخفيت اآلية في المسبحات‪ ،‬كما أُخفيت ليلة القدر في‬
‫الليالي‪ ،‬وأُخفيت ساعة اإلجابة في يوم الجمعة‪ ،‬محافظةً على قراءة الكل؛ لئال تشذ‬
‫تلك اآلية(‪.)30‬‬

‫(‪ )25‬أخرجه أحمد (‪ ،)340/3‬وقال األرنؤوط‪( :‬حديث صحيح)‪ ،‬وأخرجه الطبراني في الدعاء (‪ ،)266‬وحسنه‬
‫محققه‪ ،‬وانظر حديث رقم ‪ 4873 :‬في صحيح الجامع‪.‬‬
‫(‪ )26‬قال في (السلسلة الصحيحة) (‪" :)131/3‬أخرجه الحاكم ( ‪ ) 498/2‬موقوفاً‪ ،‬وهو في حكم المرفوع وقال‪:‬‬
‫(صحيح اإلسناد)‪ ،‬ووافقه الذهبي"‪ ،‬وأخرجه الترمذي (‪ )146/2‬وقال الترمذي‪" :‬حديث حسن غريب"‪ ،‬وقال‬
‫الهيثمي في مجمع الزوائد برقم‪" :)11431( :‬رواه الطبراني في الكبير واألوسط ورجاله ثقات"‪.‬‬
‫(‪ )27‬أخرجه أبو داود (‪ ،)5057‬والترمذي (‪ ،)3406‬وقال‪( :‬حسن غريب)‪ ،‬وحسنه الحافظ ابن حجر في نتائج‬
‫األفكار (‪ ،)٦٣ /٣‬والمنذري في الترغيب (‪ ،)283/1‬واأللباني في صحيح سنن الترمذي (‪ ،)3406‬وفيه بقية بن‬
‫الوليد‪ ،‬وهو كثير التدليس‪ ،‬وقد روى هذا الحديث بالعنعنة‪ ،‬ولكن له شاهد مرسل صحيح عن خالد بن معدان عن‬
‫النبي عليه الصالة والسالم أنه كان يقرأ المسبحات عند النوم ويقول‪( :‬إن فيهن آية تعدل ألف آية) رواه الدارمي‬
‫(‪ ،)550 / 2‬وقال محققه‪( :‬إسناده صحيح)‪ ،‬ولعله ألجل هذا الشاهد حسن العلماء السابق ذكرهم الحديث‪.‬‬
‫(‪ )28‬تفسير ابن كثير (‪.)364 / 4‬‬
‫(‪ )29‬ال يصح في فضل أواخر سورة الحشر حديث مرفوع‪ ،‬ولكن لها شواهد‪ ،‬ومنها ما رواه الدارمي عن الحسن‬
‫البصري أنه قال‪( :‬من قرأ ثالث آيات من آخر سورة الحشر إذا أصبح فمات من يومه ذلك؛ طبع بطابع الشهداء‪،‬‬
‫وإن قرأ إذا أمسى فمات في ليلته؛ طبع بطابع الشهداء) أخرجه الدارمي في سننه (‪ ،)550 / 2‬وقال حسين سليم‬
‫أسد‪( :‬إسناده صحيح إلى الحسن‪ ،‬وهو موقوف عليه)‪.‬‬
‫(‪ )30‬تحفة األحوذي (‪.)192 / 8‬‬
‫‪ - 3‬قراءة سورة (يس) كل يوم وليلة‪:‬‬
‫أغلب األحاديث في فضل سورة (يس) ضعيفة بحسب ما اطلعنا عليه‪ ،‬ولكن جاء عن‬
‫أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم‪" :‬من قرأ (يس) في ليلة‬
‫ابتغاء وجه هللا غفر له" صححه ابن كثير وغيره(‪.)31‬‬
‫وروى الدارمي بإسناد حسن عن ابن عباس رضي هللا عنه قال‪( :‬من قرأ "يس" حين‬
‫يصبح؛ أعطي يسر يومه حتى يمسي‪ ،‬ومن قرأها في صدر ليلة؛ أعطي يسر ليلته‬
‫حتى يصبح)(‪.)32‬‬
‫‪ – 4‬سورة اإلخالص‪.‬‬
‫عن أبي الدرداء عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة‬
‫ثلث القرآن؟"‪ ،‬قالوا‪ :‬وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال‪{" :‬قل هو هللا أحد} تعدل ثلث‬
‫القرآن"‪.‬‬
‫قيل‪ :‬إن قراءتها ثالث مرات تعدل قراءة القرآن مرة واحدة‪ ،‬ولكن بدون تضعيف‪،‬‬
‫فال يكون الحرف بعشر حسنات‪ ،‬كما هو الحال في القراءة العادية(‪.)33‬‬
‫فمن قرأها ثالث مرات كان كمن قرأ القرآن كامالً [دون أن يكون الحرف بعشر‬
‫حسنات]‪ ،‬ومن قرأها ثالثين مرة؛ كان كمن قرأ القرآن عشر مرات إن شاء هللا‪،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬وهللا ذو الفضل العظيم‪.‬‬
‫فإن وافقت إحدى ليالي العشر ليلة جمعة‪ :‬فإنه تسن أيضا ً قراءة سورة الكهف‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬الحرص على األذكار المضاعفة‪.‬‬
‫األذكار تتضاعف مضاعفة كبيرة جدا ً في ليلة القدر‪ ،‬فينبغي الحرص على ما أمكننا‬
‫منها‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬

‫(‪ )31‬وقد قال الحافظ ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (‪( :)679 /3‬إسناده جيد)‪ ،‬وقال السيوطي في النكت على‬
‫الموضوعات ص (‪( :)58‬له طرق كثيرة عن أبي هريرة بعضها على شرط الصحيح)‪ ،‬وقال األرنؤوط في‬
‫تحقيق صحيح ابن حبان (‪( :)312 / 6‬رجاله ثقات‪ ،‬لكن فيه عنعنة الحسن)‪ ،‬وهناك خالف في سماع الحسن من‬
‫أبي هريرة‪ ،‬وفي ترجيح القول بسماعه منه يقول العالمة أحمد شاكر في شرحه للمسند (‪( :)109/12‬قد جاءت‬
‫روايات صحيحة فيها تصريح الحسن بالسماع من أبي هريرة‪ ،‬مجموعها ال يدع ارتيابا ً في صحة ذلك ‪ .‬وإن‬
‫فرقها العلماء في مواضع‪ ،‬وحاول بعضهم أن يتأول ما وقع إليه منها ‪ ،‬بما وقر في نفوسهم من النفي المطلق‪،‬‬
‫حتي جعلوه جرحا ً لبعض الرواة‪ ،‬ولكن الحافظ ابن حجر لم يستطع أمام بعض الروايات الثابتة إال أن ينقض هذا‬
‫النفي المطلق‪ ،‬بحديث واحد لم يجد منه مناصا ً‪ .‬فقال في التهذيب (‪ )269 /2‬بعد ذكره ذاك الحديث‪" :‬وهذا إسناد‬
‫ال مطعن في أحد من رواته‪ ،‬وهو يؤيد أنه سمع من أبي هريرة في الجملة")‪.‬‬
‫(‪ )32‬أخرجه الدارمي في سننه (‪ ،)549 / 2‬وقال محققه‪( :‬إسناده حسن‪ ،‬وهو موقوف على ابن عباس)‪ ،‬وقال‬
‫ابن كثير في تفسيره (‪( :)679/3‬ولهذا قال بعض العلماء‪ :‬من خصائص هذه السورة أنها ال تقرأ عند أمر عسير‬
‫إال يسره هللا تعالى‪ ،‬وكأن قراءتها عند الميت لتنزل الرحمة والبركة‪ ،‬وليسهل عليه خروج الروح)‪.‬‬
‫(‪ )33‬جاء في شرح النووي على مسلم (‪ :)95 - 94 / 6‬قيل‪ :‬معناه أن ثواب قراءتها يضاعف بقدر ثواب قراءة‬
‫ثلث القرآن بغير تضعيف‪ .‬وقيل‪ :‬معناه أن القرآن على ثالثة أنحاء‪ :‬قصص‪ ،‬وأحكام‪ ،‬وصفات هلل تعالى‪ ،‬و{قل‬
‫هو هللا أحد} متمحضة للصفات‪ ،‬فهي ثلث‪ ،‬وجزء من ثالثة أجزاء‪.‬‬
‫‪ - 1‬ذكر واحد أفضل وأكثر من ذكر ليلتي قدر متتاليتين‪.‬‬
‫فإذا قاله المسلم مرة واحدة في ليلة القدر‪ ،‬فيكون كأنه ذكر هللا تعالى أكثر من ليلتي‬
‫قدر!! فكيف إذا قاله عشر مرات أو أكثر؟! فعن أبي أمامة الباهلي رضي هللا عنه أن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم مر به وهو يحرك شفتيه فقال‪ " :‬ماذا تقول يا أبا أمامة؟ "‬
‫قال‪ :‬أذكر ربي عز وجل‪ ،‬قال‪« :‬أال أدلك على شيء هو أكثر من ذكرك الليل مع‬
‫النهار‪ ،‬والنهار مع الليل؟ قال‪ :‬تقول‪ :‬الحمد هلل عدد ما خلق‪ ،‬الحمد هلل ملء ما خلق‪،‬‬
‫الحمد هلل عدد ما في السموات وما في األرض‪ ،‬الحمد هلل عدد ما أحصى كتابه‪،‬‬
‫والحمد هلل على ما أحصى كتابه‪ ،‬والحمد هلل عدد كل شيء‪ ،‬والحمد هلل ملء كل شيء‪،‬‬
‫وتسبح هللا مثلهن‪ ،‬تعلمهن وعلمهن عقبك من بعدك» وفي رواية‪« :‬أال أخبرك بأفضل‬
‫أو أكثر من ذكرك الليل مع النهار‪ ،‬والنهار مع الليل؟» وفي رواية «أفال أخبرك‬
‫(‪)34‬‬
‫بشيء إذا قلته ثم دأبت الليل والنهار لم تبلغه؟» وفي آخره «وتكبر مثل ذلك» ‪،‬‬
‫فيقول (سبحان هللا عدد ما خلق ‪ ،)...‬وكذلك (هللا أكبر)‪ ،‬و(ال إله إال هللا)‪ ،‬و(ال حول‬
‫وال قوة إال باهلل)‪.‬‬
‫‪ - 2‬يحرص على أن يجعل له ورداً من الباقيات الصالحات‪ ،‬ومن الصالة على النبي‬
‫صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬خاصة إذا كانت ليلة جمعة‪ ،‬ومن قول (سبحان هللا‬
‫وبحمده)‪ ،‬و(سبحان هللا العظيم)‪ ،‬و(ال إله إال هللا) فقد قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم ألم هانئ بنت أبي طالب رضي هللا عنها‪« :‬وهللي هللا مئة تهليلة‪[ ،‬تمأل ما بين‬
‫السماء واألرض]‪ ،‬ال تذر ذنباً‪ ،‬وال يسبقها عمل»‪ .‬والتهليل هو قول (ال إله إال هللا)‪،‬‬
‫وهو (أفضل الذكر)‪ ،‬و(أحسن الحسنات)‪ ،‬كما قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫وكذلك ما جاء عن ابن عمرو رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪« :‬ما على األرض رجل يقول‪ :‬ال إله إال هللا وهللا أكبر وسبحان هللا‪ ،‬والحمد هلل‬
‫وال حول وال قوة إال باهلل العلى العظيم إال كفرت عنه ذنوبه؛ ولو كانت أكثر من زبد‬
‫البحر»(‪.)35‬‬
‫وكل هذه األعمال تتضاعف في ليلة القدر‪ ،‬ولهذا ينبغي الحرص على كل ثانية في‬
‫ليلة القدر‪.‬‬
‫تاسعاً‪ :‬الدعاء‪.‬‬
‫في ليلة القدر تفتح أبواب السماء‪ ،‬وهو من أرجى األوقات إلجابة الدعوات‪ ،‬فال ينبغي‬
‫أن يخلو سجود لساجد من دعوات بقلب حاضر‪ ،‬ويقين بفضل هللا تعالى‪ ،‬وعظيم‬

‫(‪ )34‬أخرجه النسائي (‪ ،)9994‬والحاكم (‪ )513/1‬وقال‪ :‬صحيح على شرط الشيخين‪ ،‬وأخرجه ابن حبان‬
‫(‪ )111/3‬وقال األرنؤوط‪ :‬إسناده حسن‪ ،‬وابن خزيمة (‪ )371/1‬وقال األعظمي‪ :‬إسناده حسن‪ .‬وحسنه المنذري‬
‫في الترغيب ( ‪ ،) 253/2‬وابن حجر في نتائج األفكار (‪ ،)81/1‬وينظر حديث‪ )2615( :‬في صحيح الجامع‪.‬‬
‫(‪ )35‬أخرجه أحمد (‪ ،211/2‬رقم ‪ )6973‬وقال األرنؤوط‪ :‬إسناده حسن‪ ،‬إال أن األصح وقفه‪ .‬والحاكم (‪،682/1‬‬
‫رقم ‪ ،)1853‬والترمذي (‪ )3460‬وقال‪ :‬حسن غريب‪ .‬وانظر حديث رقم‪ )5636( :‬في صحيح الجامع‪.‬‬
‫كرمه وجوده‪ ،‬فهي ليلة العطاء والقبول واإلجابة وتقدير أحوال العام‪ ،‬فيدعو المسلم‬
‫بكل ما يهمه في أمر دنياه وآخرته‪ ،‬ومما ننبه عليه هنا إضافة لما سبق‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬سؤال هللا تعالى العفو والعافية‪.‬‬
‫فمن أهم الدعوات في ليلة القدر‪ :‬هو ما أوصى به النبي صلى هللا عليه وآله وسلم‬
‫عائشة رضي هللا عنها‪ ،‬فعنها رضي هللا عنها قالت‪( :‬قلت‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬أرأيت أن‬
‫اعف‬
‫وافقت ليلة القدر‪ ،‬ما أقول فيها؟ قال‪" :‬قولي‪ :‬اللهم إنك عفو تحب العفو ف ُ‬
‫عني")‪.‬‬
‫ثوان‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫‪ - 2‬مليارات الحسنات في‬
‫فعن عبادة رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬من استغفر للمؤمنين‬
‫والمؤمنات‪ :‬كتب هللا له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة»(‪ ،)36‬أي‪ :‬طلب المغفرة لهم بأي‬
‫صيغة كانت‪ ،‬ولو دعاء بدعاء األنبياء فأضاف الوالدين؛ فهو أفضل‪ ،‬فعن إبراهيم‬
‫عليه الصالة والسالم‪{ :‬رب اغفر ولوالدي وللمؤمنين}‪ ،‬وقال نوح عليه الصالة‬
‫والسالم‪{ :‬رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا ً وللمؤمنين والمؤمنات}‪.‬‬
‫وحبذا لو يكون هذا الذكر وغير من االستغفار في السحر‪ ،‬حيث وقت االستغفار(‪.)37‬‬
‫عاشراً‪ :‬الحرص على سائر النوايا واألعمال الصالحة‪.‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬بر الوالدين‪ ،‬وصلة األرحام؛ ولو بالهدية أو التلفون‪ ،‬وحسن الخلق‪،‬‬
‫والصدقة‪ ،‬وهي من أهم وأعظم األمور فضالً وعائداً‪ ،‬فمن أحسن أحسن هللا تعالى‬
‫إليه‪ ،‬و{رحمت هللا قريب من المحسنين}‪.‬‬
‫وينوي عمل جميع األعمال الصالحة‪ ،‬والخير؛ ففي الحديث‪" :‬إذا تحدث عبدي بأن‬
‫يعمل حسنة‪ :‬فأنا أكتبها له حسنة"(‪ ،)38‬وقد دل جمع من األحاديث‪ :‬الحث على نية‬
‫الخير مطلقاً‪ ،‬وأنه يثاب على النية‪ ،‬كما قال اإلمام النووي رحمه هللا(‪.)39‬‬

‫(‪ )36‬رواه الطبراني في المعجم الكبير (‪ ،)909/19‬وقال الهيثمي في المجمع (‪" :)210/10‬رواه الطبراني‪،‬‬
‫وإسناده جيد"‪ ،‬وحسنه األلباني في صحيح الجامع برقم (‪.)6026‬‬
‫(‪ )37‬فائدة‪ :‬جاء عن عبد هللا بن جعفر قال‪ :‬قال علي رضي هللا عنه‪( :‬أال أعلمك كلمتين لم أعلمهما الحسن‬
‫والحسين رضي هللا عنهما!! إذا طلبت حاجة فأحببت أن تنجح فقل‪ :‬ال إله إال هللا وحده ال شريك له العلي العظيم‪،‬‬
‫ال إله إال هللا وحده ال شريك له الحليم الكريم‪ ،‬ثم سل حاجتك) مصنف ابن أبي شيبة (‪ ،254/10‬برقم‪،)29931 :‬‬
‫والطبراني في الدعاء (‪ ،)1014‬وصححه الشيخ محمد سعيد البخاري في تحقيقه له‪.‬‬
‫(‪ )38‬ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن محمد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬قال هللا عز وجل‪ :‬إذا‬
‫تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ًما لم يعمل‪ ،‬فإذا عملها فأنا أكتبها بعشر أمثالها"‪.‬‬
‫(‪ )39‬ففي شرح النووي على مسلم (‪ )8 / 13‬تعليقا ً على حديث ابن عباس قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم يوم فتح مكة‪" :‬ال هجرة‪ ،‬ولكن جهاد ونية"‪ ،‬قال‪ :‬معناه‪ :‬أن تحصيل الخير بسبب الهجرة قد انقطع بفتح‬
‫مكة‪ ،‬ولكن حصلوه بالجهاد‪ ،‬والنية الصالحة‪ ،‬وفى هذا الحث على نية الخير مطلقاً‪ ،‬وأنه يثاب على النية‪.‬‬
‫وقال في شرحه على مسلم (‪ )55 / 13‬تعليقا ً على قوله صلى هللا عليه وسلم‪" :‬من طلب الشهادة صادقا ً‪ :‬أُعطيها‬
‫ولو لم تصبه"‪ ،‬وفى الرواية األخرى‪" :‬من سأل هللا الشهادة بصدق بلغه هللا منازل الشهداء؛ وإن مات على‬
‫وأخيراً‪ :‬فإن من نشر مثل هذه الفضائل‪ ،‬فإنه يكتب له مثل أجر كل من عمل بما‬
‫أرشده إليه‪ ،‬والدال على الخير كفاعله‪ ،‬وهللا الموفق‪.‬‬

‫فراشه"‪ ،‬قال رحمه هللا‪( :‬ومعناهما جميعا ً‪ :‬أنه اذا سأل الشهادة بصدق‪ :‬أُعطى من ثواب الشهداء؛ وإن كان على‬
‫فراشه‪ ،‬وفيه‪ :‬استحباب سؤال الشهادة‪ ،‬واستحباب نية الخير)‪ .‬ويُنظر‪ :‬شرح النووي على مسلم (‪.)123 / 9‬‬

You might also like