Professional Documents
Culture Documents
الفصل الثاني
الفصل الثاني
الفصل الثاني
وردت عدة مفاهيم لمصطلح "المكان" في المعاجم اللغوية حيث يقول "ابن منظور" في
معجمه لسان العرب (( المكان هو الموضع ،و الجمع أمكنة ،و أما جمع الجمع ...
فالمكان و المكانة واحد ،ألنه الموضع لكينونة الشيء فالعرب تقول" :كن مكانك و قم
-مكانك " فقد دل هذا على أنه مصدر))01 -
كما وردفي معجم "المجند" ((المكان هو الموضع ،وهو مصدر لفعل الكينونة وهو( مفعل
من كون) فتقول مكان الجريمة أو مكان اللقاء (..وهو العلم بمكان) أي له فيه مقدرة أو
منزلة( ...وهذا مكان هذا) أي بدله و نجد لحفظ المكان في القرآن الكريم في عدة
مواضيع منها قوله تعالى ":فحملته فانتبذت به مكانا قصيا" سورة مريم اآلية22
ونجدأن مصطلح المكان من خالل هذه المفاهيم ذو دالالت متشابهة ترمي إلى معنى
".واحدد وهو " الموضع المشغول
أما اصطالحا فنجد المكان يتخذ مفهوما أوسع إذا قمنا بربطه بالكائنات الحية سواء إنسان
أو حيوان ،وفي هذا يقول "فاروق أحمد سليم"":نحصل على لفظ يدل على داللة عميقة على
صيرورة الحياة اإلنسانية فالمكان هو الموضع الذي يولد فيه اإلنسان وهو الموضع الذي
فالمكان ذو أهميته بارزة في تشكل الحياة ،فهو الموضع الذي ينشأ فيه الكائن الحي و
يتطور فيه ،ومن ثم "فإن المكان ال يكون ذا جدوى ،ما لم ترتبط به الحياة ،سواء كانت
هذه الحياة حياة بشر أم حيوان ،فأي كوكب من الكواكب و أي مكان لم يكتشف بعد ولم
تخترقه الحياة ليس بمكان فالمكان هو الموضع الذي تزخر فيه الحياة ،كتوفره على
-العناصر األساسية للحياة من ماء و وهواء و تراب 02- .
من خالل هذا نجد أن إطالق مصطلح المكان على موضع معين مرتبط بشرط أساسي
.وهو "الحياة" التي تمتاز بدورها بثالث خاصيات أساسية هي الماء و الهواء و التراب
صادف النقاد الغربيين مجموعة من المصطلحات والتي يمكن اعتبارها أنها تصب جميعا
-في المكان مثل :الفضاء ،المجال ،الحيز وكذا الموقع 03-
وقد سجل المكان في الساحة الغربية حضورا بارزا في العملية النقدية الحديثة ،فقد
بدا االهتمام بداللة ،مع "غاستون باشالر" ،كأول محاولة ،لتحديد المفهوم و وظيفته في
النص األدبي ،عند الغرب حيث يقول ":إن المكان الذي ينجذب نحوه الخيال ال يمكن أن
فاروق أحمد سليم ،اإلنتماء في الشعر الجاهلي ،منشورات إتحاد الكتاب العرب ،دمشق _ سوريا ،وط 1998ص -01-
197
.باديس فوغالي ،الزمان و المكان في الشعر الجاهلي ،ربد عالم الكتب -02-
غالب هالس ،المكان في الرواية العربية ،دارين هاني ،دمشق-ط 1989 ،1ص-03-09
يبقى مكانا ال مباليا ذا أبعاد هندسية فحسب ،فهو مكان عاش فيه بشر ليس بشكل
موضوعي فقط ،بل بكل ما في الخيال من تحيز ألننا ننجذب نحوه ألنه يكشف الوجود
في حدود تتسم بالحماية ،في مجال الصور ،ال تكون العالقات متبادلة في الخارج و
-األلفة متوازنة " 01-
أما جوليان غريماس فله نظرة أخرى حول المكان إذ يطلق عليه مصطلح الحين
فيقول" :هو الشيء المبني المحتوي على عناصر متقطعة انطالقا من االمتداد المتصور
على أنه بعد كامل ممتلئ دون أن يكون حل االستمرارية و يمكن أن يدرس هذا الشيء
-من وجهة نظر هندسية خالصة " 02-
وهذا التعريف يعطي االمتداد في التصور و االعتماد على الخيال معتبرا إياه بنية
.هندسية له حدود خاصة
وهو ما ذهب إليه "جم أرجنت" في مقالة له بعنوان "الحيز و اللغة" ويقول فيها" :لقد وجد
حيز معاصر ،إن هذه األطروحة تتضمن فعال اقترابا اثنين أو ثالثة ،األول هو اللغة
والثاني هو الفكر والثالث هو الفن المعاصر فهذه القيم الثالثة جميعها محيزة أي قائمة
-على توظيف الحيز" 03-
كما نجد من النقاد الذين اهتموا بدراسة المكان الباحث السيميائي "يوري لوتمان" لقوله":
هو مجموعة من األشياء المتجانسة (من الظواهر ،أو الحاالت أو الوظائف ،أو األشكال
المتغيرة ..إلخ) .تقومبينهما عالقة شبيهة بالعالقات المكانية المألوفة العادية (مثل:
-اإلتصال ،المسافة..إلخ) 04-
غاستون باشالر ،جماليات المكان ،تر ،غالب هلسا المؤسسة الجامعية للدراسة و النشر و التوزيع بيروت ،ط-01- ،02
،1984ص31
عبد المالك مرتاض في نظرية الرواية بحث في تقنيات السرد سلسة عالم المعرفة ،المجلس الوطني للثقافة و الفنون و -02-
.األدب ،وط 1998ص 122
عبد المالك مرتاض ،نظرية النص األدبي ،دار هومة ،الجزائر ،ط2010 ،2م ص -03- 325، 324
محمد بو عزة ،تحليل النص السردي (تقنيات و مفاهيم) دار األمان ،الجزائر ،ط2010 ،1م ص -04- 99
:النقاد العرب 2.2
لقد عرف حسن لجراوي ،المكان بوصفه شبكة من العالقات و الرؤيات و وجهات
النظر التي تتضامن مع بعضها لتشيد الفضاء الروائي الذي ستجري فيه األحداث فالمكان
يكون منظما بنفس الدقة التي نظمن بها العناصر األخرى في الرواية لذلك فهو يؤثر فيها
و يقوي من نفوذها كما يعبر عن مقاصد المؤلف وتغيير األمكنة الروائية سيؤدي إلى نقطة
تحول حاسمة في الحبكة و بالتالي في تركيب السرد و المنحى الدرامي الذي يتخذه - .
01-
وقد عرف باديس فوغاي في كتابة " دراسته في القصة و الرواية" بقوله " :لم يعد
المكان مجرد أداة لوظيفة إشارية لمعنى من المعاني الثابتة ،أو ديكورا هامشيا لمشهد من
المشاهد ،إنما صار عنصرا مكانيا هاما قائما بذات بنفسه ،و طرفا أساسيا من أطراف
-العمل القصصي أو الروائي 02- .
باإلضافة إلى الناقد الجزائري عبد المالك مرتاض ،الذي أعطى عناية كبرى في
مختلف دراساته ،و أعماله الروائية ،إذ يعرف في كتابه "تحليل الخطاب السردي" بقوله :
هو كل ما عنى حيزا جغرافيا حقيقيا ،من حيث نطاق الحيز في حد ذاته ،على كل فضاء
خرافي أو أسطوري أو كل ما يند على المكان المحسوس ،كالخطوط واألبعاد و
األحجام ،والثقال و األشياء المجسمة ،مثل :األشجار و األنهار و ما يجسد هذه المظاهر
-الحيزية من حركة أو تغيير 03- .
حسن بحراوي :بنية الشكل الروائي ،الفضاء الزمن ،الشخصية المركز الثقافي العربي ،بيروت ،ط1990 ، 1م ص -01-
32.
.باديس فوغالي دراسته في القصة و الرواية ،علم الكتب الحديث األردن ،وط 2014م ،ص -02- 159
حميد الحميداني ،بنية النص السردي من منظور النقد األدبي ،المركز الثقافي العربي ،بيروت ،لبنان ،ط-03- ، 3
2000م،ص04
:المكان في رواية بحر الصمت3-
:األمكنة المفتوحة1.3
يقصد بالمكان المفتوح أي المكان المنفتح الدالالت فهو " يوحي باإلتساع و التحرير وال
يخلو األمر من مشاعر الضيق و الخوف ويرتبط المكان المفتوح بالمكان المغلق إلى
المفتوح ،توافقا مع طبيعته الراغبة دائما في اإلنطالق و التحرر وهذا ال يتوفر إال في
-المكان المفتوح"01-
فالفضاءات المفتوحة تتسم بالحرية ،وهي متواجدة في الرواية بأشكال عديدة جاءت
مشحنة بالدالالت ،تعددت األماكن و تنوعت في رواية بحر الصمت ،ومن األماكن
المفتوحة في هذه الرواية برناس وطي القرية التي عاش فيها بطل الرواية فترة من الزمن
تقع على بعد 35كلم من مدينة وهران ( عاصمة الغرب الجزائري ) "كانت األشياء تبدو
جاهزة سلفا والقدر يسطر األحداث بإتقان ممل ،رغم الفقر و الجهل والحرمان تجد الناس
سعداء جدا ،فرحين بالالشيء الذي يصنع عالمهم الغريب ...كانوا يستقبلون نهاراتهم
بفرح ساذج ،فيخضعون عندئذ للتفاصيل التافهة التي كانت تربطهم إلى بعضهم ،بحيث
-ال أحد ينظر إلى أبعد من رجليه " 02-
تعتبر هذه القرية من القرى الفالحية أي يعتمد سكانها على النشاط الفالحي لكسب
لقمة العيش ،وتعكس البساطة التي تعرفها القرى الجزائرية في تلك الفترة ،كما كان
النظام اإلقطاعي طاغيا وهو ثقافة أوروبية جاءت مع اإلستعمار الفرنسي و غرست في
الثقافة الشعبية الجزائرية ،وقد كان سائدا في تلك المرحلة التاريخية ،كانت تحظى بعض
العائالت بالثراء على حساب عائالت أخرى تمثل أغلبة سكان القرية ،فمن بين العائالت
اإلقطاعية
من تقاليد قرية براناس أن يتزعم القرية عمدة يدير شؤونها ويعتبر المسؤول األول
عن أهلها فيحظى بإحترام وجهاء القرية ثم بسطاتها وهو ما كان شائعا في مختلف القرى
.و المداشر و األرياض
-كان من تقاليد القرية أن يكون منها عمدة يحضى باحترام الوجهاء "01- "...
كما أن القرية مكان مفتوح على قرى أخرى مجاورة لها من خالل " كانت الحرب
-وقتها تشتعل في قرى أخرى قريبة من قرية براناس " 03-
كما يحضر الريف بفضاء مفتوح تحضر المدينة أيضا بفضاء مفتوح ،إال أنه يحمل
دالالت مغايرة لتلك التي يحملها الفضاء األول ،و كما تحضر مالمح الريف باهتة حيث
تخلو من األماكن الواضحة ،تحضر المدينة ببعض عناصرها وعادات سكانها ويظهر
وهنا المدينة لم توصف بشكل واضح و عام كوصف شوارعها أو الشارع الذي تقطنه
.الشخصية ،بل جاء لتسليط الضوء على المرحلة االنتقالية التي خاضتها الشخصية
ومن األماكن المفتوحة أيضا ،دوار سيدي منصور الذي انتقلت إليه الشخصية في
الرواية ،وهذا المكان لم تتعمق المؤلفة في وصفه وهو المكان الذي شارك فيه البطل في
الحرب و يتجلى ذلك في قوله " :تتجاوزني األحداث جدا منذ غادرت قريتي نحو دوار
'سيدي منصور' ،ومن ثم نحو جبال صنعت وجه الوطن ...لم تكن الجبال لتلتقي سوى
في الكارثة و الفجيعة ،وكانت العرب آنذاك هي المركز الذي التقت فيه كل الجبال ...
فالثورة لم تصنع 'األوراس' ،ولكن األوراس صنعت كل الثوار ليصبح ذاكرتهم المطلقة
)...(-عامان كامالن من االنتقال من وكر إلى وكر 02-...
حين وصل السعيد إلى "الدوار" بدا له األمر كأن أهل القرية غير مكترثين للحرب التي
تدور رحالها في كافة مناطق البالد ،وذلك نتيجة الهدوء الذي وجده في المكان لحظة
وصوله إليه ،فرغم سيطرة فرنسا على هذا الدوار إال أن دوريات الحراسة و التفتيش
كانت قليلة عكس ما توقعه البطل ،فأهل هذا المكان يعيشون حالة من االستقرار واألمن
.رغم الظروف الصعبة التي تحيط بهم
حينما وصل السعيد إلى الدوار كان متعبا و جائعا و مغطا بالوحل ،دخله متسلال فتوجس
:منه أهل المكان خيفة متسائلين عن هوية هذا الغريب
كما نجد من األماكن المفتوحة أيضا مرتفع الشاللة وهو من أحد األماكن التي زارها
السعيد أثناء الحرب وهو مرتفع من أحد الجبال اتخذه الرشيد قائد الكتيبة التي كان السعيد
ينتمي إليها ،مرتفع أخذه البطل و رفاقه مقرا لهم للقيام بعملية اعتراض قافلة العدو وكونه
:المكان األنسب و األضمن لنجاح العملية رغم وعورة التضاريس
بينما بقينا نحن نتقدم نحو مرتفع 'الشاللة' الذي اتخذه الرشيد مقرا له ...،كانت منطقة "
غريبة بالنسبة لي ( )...في البدء استغربت أن يختار العدو طريقا كهذه للعبور منه ،فقد
-كانت الصخور و االلتواءات الصعبة تشكل تضاريس المنطقة الجبلية 02- "...
كانت الدهشة تعلو وجه السعيد الخيار العدو طريقا صعبة كهته الطريق ليمون قواعده
بما تحتاج من مؤونة وسالح ،وتركه طرقا أكثر سهولة لكن رشيد أزال عنه الدهشة
:وأخذ يشرح له السبب
في مرحلة كهذه يعرف العدوان أن الطريق التي تبدو سهلة هي األصعب ،فهو باختياره"
هذه الطريق الصخرية الوعرة يضن أنها األضمن ،بحيث يمكن تمشيطها بطائرة
-هليكوبتر واحدة03-...
وهو المكان الذي يتصف بالمحدودية بحيث أن الفعل ال يتجاوز اإلطار المحدد كالغرفة و
يجسد هذا المكان صورا مكانية متعددة مثل البيت والغرفة ،وتتميز هذه الصور بمميزات
أهمها عالقات األلفة و الدفئ و األمان قد تكون مميزات سلبية معارضة وفي المقابل نجد
المكان المفتوح والذي ال يمكن فهمه إال من خالل مقابلته للمكان األول مع مميزاته والتي
قد تكون في الغربة و العدوانية لذلك فالمكان الذي ألفه الناس يرفض أن يبقى منغلقا بشكل
-دائم بل يتفرع نحو أمكنة أخرى ويتحرك نحو أزمنة أخرى 01- ...
إن األمكنة المغلقة تحضر في النص بصورة عامة ،حيث يكتفي الراوي بإعطاء
خطوط عريضة لها دون االلتفات إلى التفاصيل الواصفة إلجرائها ومكوناتها ،وتختلف
األماكن المغلقة حسب طبيعة البيئة التي يقع فيها المكان المغلق ،وال يتجاوز أوصاف
.المكان حدود الدالالت التي يصنعها السرد
عز الدين المناصرة ،شهادة في شعر األمكنة ،التبيين ،مجلة ،فصيلة تصدر عن الجاهلية ،العدد ، 1990 ، 1ص -01-
37.
وصف الكاتب األماكن المغلقة كالبيوت و المستشفى ،فالبيوت نجدها في الرواية
' .متعددة وسنركز على بيت الراوي 'سي السعيد
فالفضاء البيتي قد أتاح لنا بدوره نماذج مالئمة لدراسة القيم و مظاهر الحياة الداخلية
لألفراد الذين يقطنون تحت سقوفها ،فبيت 'سي السعيد ' يقدم في صورة باهتة حيث لم
يظهر في غرفته إال جدار به صورة و ساعة يمين الجدار " ...أرفع عيني إلى الصورة
المعلقة يمين الجدار فأصاب بما يشبه الذهول و أنا أكتشف قدرتي على قراءة ما بين
-سطور الفراغ و الالمتناهي 01- "...
كما تصفها في مظهر آخر"أدير رأسي نحو اليمين ،و أتأمل النافذة المغلقة أجدني أحلم
-بالصباح الذي يدنو من الضوء ،من الحقيقة أجدني أحلم بالهدوء والراحة " 02-
كما كان بيت سي السعيد المكان الذي يستعيد فيه ذكرياته ويصفه أثناء استرجاعه
لماضيه ،هو البيت الذي يسكنه هو و ابنته الوحيدة في العاصمة بعدما فقد ابنه رشيد ،
وكما وصفته لنا ياسمينة صالح على لسان سي سعيد بيت يتكون من طابقين سفلي و
علوي وفي الطابق العلوي غرف النوم ":أضع رجلي على أول درجة من السلم العلوي
المؤدي إلى الدور األول ( )...فجأة انتابتني رغبة ملحة للصعود إلى غرفة ابني ،ثم
-تحولت الرغبة إلى يأس 03- "...
أصل إلى البهو الذي يقود إلى الغرفة ،أتردد في الدخول ...أنا رجل خجول من"
نفسه ،أدنو من الغرفة على يميني ،غرفة ابني ،و أدفع الباب يصعقني هواء بارد ،
-فأسرع نحو النافذة فأغلقها " 04-
كان يمثل بيت سي السعيد مصدر كآبة و ألم و حزن بالنسبة له وذلك لمرارة
.الذكريات التي عاشها فيه ،لفقدانه البنه الرشيد
كما نجد األماكن المغلقة أيضا الغرفة و المتمثلة في غرفة الرشيد وكذلك غرفة ابنته اللتان
ذكرهما السعيد وهو يسترجع ذكرياته عن ولديه خاصة الرشيد الذي فقده وهو في عز
الشباب ،كانت غرفته تمتاز بالنظام والنظافة و الترتيب " ..أنظر لألشياء حولي ..
يدهشني النظام في الغرفة ..كل شيء مرتب بإتقان. -02-"...تحتوي الغرفة على العديد
من األغراض واألشياء ،نجد فيها سريرا وطاولة عليها صورتان"..أدنو من السرير و
أجلس على حافته ..تصفعني صورة 'جميلة' على طاولة السرير ..أكاد أمد يدي إليها
فأخاف ..أكتشف صورة أخرى و أتأملها بذهول 'صورة عمر' " -03-كما تحتوي على
مكتب صغير فوقه كتب منظمة "...أقف على قدمي و أتقدم من المكتب الصغير ...
مجموعة من الكتب مصفوفة في نظام مثير " -04-هذا النظام و الترتيب يدل على
.شغور الغرفة منذ وفاة الرشيد ولم يتم الدخول إليها و إثارة الفوضى فيها
أما الغرفة الثانية وهي غرفة االبنة فهي نقيض الغرفة األولى،غرفة تعمها
الفوضى":أجر شيخوختي المتعبة إلى الغرفة الثانية و أدفع بابها وأدخ..أضيء نورها
..فتصدمني الفوضى
ياسمينة صالح ،بحر الصمت ص-01- 81
المرجع نفسه ص-02- 79
المرجع نفسه ص-03- 111
أنحني لألرض وأرفع جوربا شفافا و ،وألم سترة جلدية ومنشفة حمام ..أعيد األشياء إلى
ما أعتقده نظاما ضروريا ..أجد متعة غريبة وأنا أرتب األشياء يخيل لي أنني أقوم
-بترتيب حياة ابنتي ،فأبتسم رغما عني 01- "..
كما نجد الروائية ياسمينة صالح قد وصفت السجن والذي يعتبر هو اآلخر من
األماكن المغلقة ،فكان هو المكان الذي يسجن فيه الشخصية 'عمر' بعد االستقالل نتيجة
للصراعات السياسية القائمة تلك الفترة ،فقد استقال من الحزب والسياسة و أسس جريدة
وأخذ يعطي أراءه التي لم يكن يقدر أن يصرح بها وهو في الحزب " :عمر في السجن" -
02-
بذل السعيد جهده إلخراج صديقه عمر من السجن ،بعد فترة خرج هذا األخير مريضا
و متعبا ألنه لم يتحمل السجن و قسوته "كان خروج 'عمر' حادثا مهما بالنسبة لي ،
ألواجهك و أواجه 'عمر' أيضا ..كنت قد علمت أنه خرج مريضا من السجن ...لم
يتحمل جسمه النحيل صالبة سجون االستقالل ..لم تتحمل كرامته إهانة رفاقه القدامى "..
03--
وكل هذا صار نتيجة الفوضى التي خلقها االستدمار بعده ،فأصبحت التيارات السياسية
تتجاذب و تتصادم فيما بينها
كما نجد من األماكن المغلقة المستشفى ولم تذكر منه تفاصيل عديدة كوجود الشخصيات
أو األجهزة وكأنه مكان مفرغ أو شبه مفرغ ومن المقاطع التي وصف فيها المستشفى
"نظرت
كما نجد أيضا .. " :في المستشفى ،و أنا أنتظر إلى نهاية العملية القيصرية ،
استيقضت و بداخلي أشياء كثيرة اعتقدت أنها ماتت ..كأن الوالدة الصعبة فتحت أمامي
-أبوابا قديمة و حميمة " 03-
لقد كانت كل من الغرفة ،البيت ،السجن و المستشفى (أماكن مغلقة ) مصدر حزن
.و ألم بالنسبة لـ سي سعيد لذلك كانت بينه و بين هذه األماكن عالقة طاردة