ملخص محاضرات مادة المدخل إلى العلوم القانونية

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 24

‫ملخص محاضرات مادة المدخل إلى العلوم القانونية(السنة األولى ‪ /‬الجذع المشترك)‬

‫خصائص القاعدة القانونية أو القانون‬

‫ذهب فقه اء الق انون إىل أن خص ائص القاع دة القانوني ة ثالث وهي‪ :‬تنظيم س لوك األش خاص داخ ل اجملتم ع‪ ،‬العمومي ة‬
‫والتجريد‪ ،‬اإللزام أو ارتباط القانون باجلزاء‪.‬‬
‫أوال‪ /‬القاعدة القانونية تنظم سلوك األشخاص داخل المجتمع‪:‬‬
‫إذا ك انت قواع د العل وم املادي ة بص فة عام ة تقريري ة‪ ،‬أي تق رر حقيق ة م ا ه و ك ائن؛ ف إن قواع د الق انون تقوميي ة‪ ،‬أي حتدد‬
‫لألشخاص ما ينبغي أن يكونوا عليه‪ ،‬فهي هتتم بإرادة األشخاص الذين جيب أن خيضعوا هلا فعال وتركا؛ قوال وفعال‪ ،‬وملا كان‬
‫اإلنسان مدنيا بطبعه كما يقول العالمة ابن خلدون اقتضت مدنيته وجود قانون ينظم حياته حىت ال يؤول اجتماعه إىل حياة‬
‫قائمة على منطق الغاب يأكل القوي فيها الضعيف‪.‬‬
‫واملراد ب اجملتمع هن ا جمموع ة األش خاص ال ذين ت ربطهم إرادة العيش املش رتك‪ ،‬وهلم إقليم جغ رايف حمدد‪ ،‬وس لطة تت وىل تنظيم‬
‫حياهتم العامة وتطبيق القواعد القانونية اليت خيضعون هلا‪ ،‬جاء يف معجم ويبسرت الدويل‪ ":‬اجملتمع هو الناس املقيمون يف مكان‬
‫معني‪ ،‬أو منطق ة ب ذاهتا‪ ،‬ت ربطهم ع ادة مص احل مش رتكة"؛ وه ذه املص احل املش رتكة تتش عب ع ادة إىل(املص احل الديني ة‪ ،‬السياس ية‪،‬‬
‫االقتصادية‪ ،‬الثقافية ‪ )...‬ألن اجملتمع يف تشكله عرب التاريخ جتمعه عناصر عديدة جتعله كاجلسد الواحد‪ ،‬وهي غالبا‪ :‬اللغة والدين‬
‫والعرق والتاريخ املشرتك؛ و مبرور الزمن تقوي هذه العناصر يف اجملتمع الرغبة يف العيش املشرتك‪ ،‬واإلرادة يف صناعة املستقبل يف‬
‫كل أبعاده‪.‬‬
‫وليس شرطا يف اجملتمع أن تكون له دولة بأجهزهتا وسلطاهتا كما هو الشأن يف الدولة احلديثة‪ ،‬بل يشرتط فقط وجود سلطة‬
‫عليا يف هذا اجملتمع تتوىل تنظيم شؤونه‪ ،‬وتطبيق قواعده القانونية؛ وهبذا ميتد القانون ليشمل أعقد اجتماع إنساين منظم وهو‬
‫اجملتمع املعاصر إىل أبسط اجتماع بشري مثل القبيلة والعشرية‪.‬‬
‫واألش خاص حني يعيش ون يف جمتم ع ال ختل وا تص رفاهتم من إنش اء عالق ات ورواب ط تق وم على ثنائي ة ال واجب واحلق‪ ،‬ورمبا‬
‫قاموا بتصرفات أدت إىل إحلاق الضرر بالغري يف بدنه أو ماله أو عرضه دون قصد‪ ،‬ورمبا اختلفوا يف بعض احلقوق أو الواجبات‪،‬‬
‫وأحيانا يعتدي بعضهم على بعض عن قصد وإصرار؛ فكل هذه األشكال من التصرفات يتدخل القانون لينظمها واضعا جمموعة‬
‫من القواعد تبني الواجبات و احلقوق‪ ،‬وتبني جزاء حكم اإلخالل هبا‪ ،‬وجزاء االعتداء على اآلخرين سواء بقصد أو بغري قصد؛‬
‫بل ميتد سلطان القواعد القانونية ليشمل أيضا تصرفات األشخاص املعنوية بتنظيم نشاطها داخل اجملتمع‪.‬‬
‫وألجل هذا كله تفرعت قواعد القانون وتنوعت حبسب ما يستحدثه الناس من أشكال وأنواع النشاطات فتوجد قواعد تنظم‬
‫جمال اجلرائم والعقوبات‪ ،‬وقواعد تنظم الروابط املالية‪ ،‬وقواعد تنظم النشاط التجاري‪ ،‬وأخرى تنظم سلطات الدولة وص الحيات‬
‫كل سلطة واحلريات العامة‪ ،‬وأخرى تنظم األسرة‪ ،‬وهكذا‪ ...‬وتظهر العالقة الوطيدة بني القانون واجملتمع يف أن قواعد القانون‬
‫تعبري عن مصاحل اجملتمع وأوضاعه‪ ،‬ولذا جندها ختتلف من جمتمع آلخر؛ بل ختتلف داخل اجملتمع الواحد من زمن آلخر‪.‬‬
‫ثانيا‪ /‬العمومية والتجريد‪:‬‬
‫يقصد بعمومية القاعدة القانونية استغراق أحكامها جلميع املخاطبني هبا‪ ،‬فالقاعدة القانونية ال تتوجه خبطاهبا وحكمها لشخص‬
‫معني‪ ،‬أو حادثة معينة‪ ،‬بل تتوجه حبكمها إىل كل من ختاطبهم‪ ،‬وميكن مالحظة عمومية القاعدة القانونية يف صياغتها اللفظية‪،‬‬
‫ول ذا ع ادة م ا تص در القاع دة القانوني ة بلف ظ‪":‬ك ل‪ ،‬من‪،‬ال التعري ف املفي دة لالس تغراق ‪ "..‬املفي دة للعم وم أو أي ص ياغة تفي د‬
‫االستغراق كذكر األشخاص بصفاهتم ومراكزهم القانونية‪.‬‬
‫ومن األمثلة على النوع األول ما جاء يف م ‪ 34‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ":‬كل من بل‪+‬غ س‪+‬ن التمي‪+‬يز ولم يبل‪+‬غ س‪+‬ن الرش‪+‬د‪ ،‬وك‪+‬ل من بل‪+‬غ‬
‫سن الرشد وكان سفيها أو ذا غفلة‪ ،‬يك‪+‬ون ن‪+‬اقص األهلي‪+‬ة وفق‪+‬ا لم‪+‬ا يق‪+‬رره الق‪+‬انون"؛ وكذا ما جاء يف م ‪ 45‬من ق‪.‬ع‪.‬ج‪":‬‬
‫من حيمل شخصا ال خيضع للعقوبة بسبب وضعه أو صفته الشخصية على ارتكاب جرمية يعاقب بالعقوبات املقررة هلا"؛ ومن‬
‫أمثل ة الن وع الث اين م ا ج اء يف م ‪ 902‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ":‬ميكن لل‪++‬دائن بع د التنبي ه على الم‪++‬دين بالوف اء‪ ،‬أن ينف ذ حبق ه على العق‪++‬ار‬
‫المره‪++ +‬ون ويطلب بيع ه يف اآلج ال‪ ،‬ووفق ا لألوض اع املق ررة يف ق انون اإلج راءات املدني ة"‪ ،‬وك ذا م ا ج اء يف م ‪ 404‬من‬
‫ق‪.‬ع‪.‬ج‪ ":‬ينتف ع بالع ذر املعفي ويعفى من العقوب ة األش‪++ +‬خاص ال‪++ +‬ذين يرتكب‪++ +‬ون الجناي‪++ +‬ات ال واردة في املواد‪ 400‬و ‪ 401‬و‬
‫‪ (402‬ختريب أو هدم منشآت عامة متعلقة بوسائل النقل) إذا أخربوا السلطات العمومية هبا وكشفوا هلا عن مرتكبيها وذلك‬
‫قب ل إمتامه ا وقب ل اختاذ أي ة إج راءات جزائي ة يف ش أهنا أو إذا مكن وا من القبض على غ ريهم من اجلن اة ح ىت ول و ب دأت تل ك‬
‫اإلجراءات"‪.‬‬
‫وال يعين عمومية القاعدة القانونية ضرورة خماطبتها جلميع أشخاص اجملتمع‪ ،‬فعمومية القاعدة تتحقق ولو كانت القاعدة متوجهة‬
‫خبطاهبا إىل شرحية معينة كالقواعد القانونية اليت تنظم سلك احملاماة‪ ،‬أو األطباء أو املهندسني‪ ،‬أو الطالب يف اجلامعات‪،‬أو األئمة‬
‫يف املساجد وغري ذلك‪ ،‬فإذا كانت القاعدة القانونية متوجهة خبطاهبا إىل مجيع أفراد فئة من هذه الفئات حبيث تستغرقهم خبطاهبا‬
‫فهي قاع دة عام ة‪ ،‬ومن أمثل ة ذل ك م ا ج اء يف م ‪ 54‬من ق انون الص حة وترقيته ا‪":‬جيب على ك‪++‬ل ط‪++‬بيب أن يعلم ف ورا املص احل‬
‫الصحية املعنية بأي مرض معد شخصه‪،‬وإال سلطت عليه عقوبات إدارية وجزائية"‪.‬‬
‫وأم ا التجري د فيقص د ب ه أن القاع دة القانوني ة أثن اء وض عها وص ياغتها مل يوض ع يف احلس بان ش خص حمدد‪ ،‬أو واقع ة بعينه ا‪،‬‬
‫فالقاعدة القانونية ال توضع حسب املقاس لتنطبق على أشخاص معينني أو وقائع حمددة؛ هذا على األقل هو املفرتض‪ ،‬أما من‬
‫حيث املمارسة العملية‪ ،‬فقد حيدث أن تصاغ قواعد قانونية حتقق مصاحل أشخاص أو فئات معينة‪ ،‬وأحيانا توضع قواعد قانونية‬
‫ليفلت أش خاص من س لطة القض اء واحملاس بة وهك ذا؛ وأظه ر م ا يالح ظ ذل ك يف املنظم ات الدولي ة حيث تص اغ الق وانني على‬
‫املقاس‪ ،‬فاألقوياء ميلكون حق "الفيتو" رغم قلتهم‪ ،‬والضعفاء ال ميلكون شيئا رغم كثرهتم‪.‬‬
‫ثالثا‪ /‬اإللزام‪:‬‬
‫اإلل زام ه و روح القاع دة القانوني ة كم ا ق ال أح د فقه اء الق انون املعاص رين‪ ،‬فل وال اجلزاء و إلزاميت ه ملا اح رتم الن اس قواع د‬
‫الق انون؛ ف اجلزاء ه و ال ذي جيع ل قواع د الق انون فعال ة يف تنظيم احلي اة االجتماعي ة‪ ،‬وق د مسي الق انون ب ‪ droit positif‬أي‬
‫القانون الفعال وفعاليته نابعة حبسب رجال القانون من اجلزاء املوضوع جبنب كل خمالفة حلكم من أحكامه‪.‬‬
‫ويف هذه النقطة بالذات خيتلف القانون البشري عن القانون اإلهلي اختالفا جوهريا‪ ،‬خيتلفان من حيث اعتماد القانون الوضعي‬
‫كليا على اجلزاء املادي احلال‪ ،‬بينما يعتمد التشريع اإلهلي على غرس اخلوف من اهلل تعاىل ورجاء الثواب من عنده على االمتثال‪،‬‬
‫ومن كان خيشى اهلل ال خيالف أحكامه ولو أمن من العقوبة‪ ،‬أما من حيرتم القانون خوفا من العقوبة الدنيوية فقط فغالبا ما خيرق‬
‫أحكام القانون إذا علم أو غلب على ظنه اإلفالت من العقاب؛ كما خيتلف التشريع اإلهلي عن القانون الوضعي يف نوع اجلزاء‬
‫املرتتب على املخالفة يف اجملال اجلزائي على وجه اخلصوص‪.‬‬
‫ورغم وض وح ه ذه احلقيق ة فق د ح اول البعض طمس ها وال زعم ب أن الن اس إمنا حيرتمون الق انون ب دافع من الرتبي ة والتحض ر‪،‬‬
‫والواق ع أن ه ذا ال دافع ق د يوج د عن د بعض األش خاص لكن ه ال ميكن أن يوج د عن د األغلبي ة الس احقة من الن اس‪ ،‬يق ول ولي د‬
‫نويهض‪":‬‬
‫يف السبعينات من القرن املاضي انقطعت الكهرباء يف نيويورك؛ وخالل مدة تسع ساعات اهنارت املدينة فدبت فيها الفوضى‪،‬‬
‫وان دلعت الن ريان‪ ،‬وهنبت املت اجر‪ ،‬وعمت الس رقات‪ ،‬وح وادث القت ل واالغتص اب‪ ،‬وجتم دت حرك ة الس ري‪ ،‬وفق دت الدول ة‬
‫(والبلدية) سيطرهتا على كل مرافق نيويورك ومصارفها وبورصتها وغريها من شرايني احلياة‪.‬‬
‫وبعد عودة التيار الكهربائي احتاجت البلدية (مدعومة من الدولة الفيدرالية) إىل أسابيع إلعادة احلياة الطبيعية إىل املدينة؛ وحىت‬
‫اآلن مل تعرف األسباب اليت دفعت بأهايل نيويورك إىل استغالل انقطاع الكهرباء والعبث باملدينة وهنبها"‪.‬‬
‫وخيتلف اجلزاء القانوين باختالف طبيعة املخالفة إىل‪ :‬جزاء مدين‪ ،‬جزاء إداري‪ ،‬جزاء جنائي‪ ،‬جزاء دويل‪.‬‬
‫‪/1‬اجلزاء املدين‪ :‬وهو جزاء يطبق على خمالفة القواعد القانونية املنظمة للروابط املدنية بني األشخاص ومن أمثلته‪ :‬التعويض املدين‬
‫على الضرر‪ ،‬أو التقصري يف احلفظ‪ ،‬بطالن العقد‪.‬‬
‫‪ /2‬اجلزاء اإلداري‪ :‬ويطبق يف حالة خمالفة املوظف للقواعد املنظمة لوظيفته‪ ،‬كارتكاب أخطاء‪ ،‬التأخر عن العمل‪ ،‬ومن أمثلته‪:‬‬
‫التنزيل من الدرجة‪ ،‬اإلنذار‪ ،‬التوبيخ‪ ،‬الفصل‪ ،‬اخلصم من الراتب‪...‬‬
‫‪ /3‬اجلزاء اجلنائي‪ :‬ويكون عند قيام الشخص بفعل شيء أو كف عن شيء‪ ،‬أو قول أو كف عن قول يعتربه القانون جرمية ومن‬
‫أمثل ة اجلزاء اجلن ائي‪ :‬اإلع دام‪ ،‬الس جن(املؤب د واملؤقت) احلبس‪ ،‬الغرام ة‪ ،‬املص ادرة‪ ،‬س حب الرخص ة‪ ،‬التشهري‪ ،‬املنع من اإلقام ة‪،‬‬
‫حتديد اإلقامة‪...‬‬
‫‪ /4‬اجلزاء الدويل‪ :‬هو مجيع اإلجراءات والتدابري اليت تلجأ إليها الدول فرادى أو بعمل مجاعي ضد الدولة اليت انتهكت أحكام‬
‫النظام القانوين الدويل‪ ،‬بقصد إرغام هذه الدولة املخالفة على تعديل سلوكها املنحرف وإصالح الضرر الذي جنم عن سلوكها‬
‫ه ذا‪ ،‬ول ه ع دة أش كال منه ا م ا ه و ج زاء معن وي مث ل الل وم واالس تنكار و يتمث ل يف اس تنكار ال رأي الع ام ال دويل أو إعالن‬
‫االحتجاج وتوجيه اللوم إىل الدولة املنتهكة لقواعد القانون الدويل بقرار من منظمة دولية أو مؤمتر دويل‪ ،‬ومن أمثلته‪ :‬توجيه‬
‫اجلمعية العامة لألمم املتحدة يف أكتوبر ‪ 1949‬اللوم إىل اجملر وبلغاريا بسبب حماكمة الكثري من رجال الدين؛ أو سحب املمثلني‬
‫الدبلوماسيني وطرد ممثلي الدولة املنتهكة‪ ،‬ومن أمثلته استدعاء ملك املغرب لسفريه يف باريس احتجاجا على تفجري فرنسا ألول‬
‫قنابلها الذرية يف رقان بالصحراء اجلزائرية يف فرباير ‪.1960‬‬
‫وقد يتخذ اجلزاء الدويل طابعا ماليا ومن أمثلته قيام فرنسا وبريطانيا بتجميد األرصدة املصرية وأموال املصريني لديها وإعالهنما‬
‫أن ق رار الت أميم (ت أميم قن اة الس ويس) خيالف اتفاق ا دولي ا ه و اتفاقي ة القس طنطينية لع ام ‪1888‬؛ ومن أمثلت ه أيض ا احلص ار‬
‫االقتصادي مبنع االسترياد والتصدير إال يف احلدود الدنيا اليت يسمح هبا القانون الدويل؛ وقد يتطور األمر إىل إعالن احلرب‪.‬‬

‫الفرق بين قواعد القانون وغيرها من قواعد تنظيم السلوك االجتماعي‬

‫ال تتفرد قواعد القانون بتنظيم السلوك االجتماعي‪ ،‬بل توجد قواعد أخرى تشاركها يف هذه املهمة االجتماعية‪ ،‬و هي قواعد‬
‫الدين‪ ،‬قواعد األخالق‪ ،‬وقواعد الع ادات واجملامالت؛ وهذا وفقا للرؤية الغربية اليت تقيم فصال واضحا بني مهمة الدين ومهمة‬
‫القانون‪ ،‬فالدين يهتم بتنظيم عالقة الفرد بربه الذي يعبده‪ ،‬أما احلياة العامة بكل أبعادها فهي وظيفة القانون؛ وإذا كان اإلله املعبود‬
‫هو مصدر الدين‪ ،‬فإن مصدر القانون هو العقل اإلنساين والتجربة البشرية‪.‬‬
‫أما يف املذهبية اإلسالمية فإن القانون واألخالق جزء ال يتجزأ من الدين نفسه‪ ،‬وهذا اجملموع املتكامل مصدره األول واألوحد‬
‫ه و اهلل تع اىل‪ ،‬وم ا الرس ل الك رام عليهم الس الم إال مبلغ ون عن اهلل تع اىل؛ يق ول اهلل ع ز وج ل لرس وله اخلامت علي ه الص الة‬
‫والس الم‪":‬إن علي ك إال البالغ" ويق ول ج ل ش أنه‪":‬إن أنت إال ن ذير"؛ فاإلس الم ال يع رف الفص ل بني ال دين وال دنيا‪ ،‬بني العب ادة‬
‫والروابط االجتماعية‪ ،‬ألن العبادة يف اإلسالم تتسع لكل ضروب النشاط اإلنساين الفردي واالجتماعي‪ ،‬فاملصلي عابد هلل تعاىل‬
‫بصالته‪ ،‬واحلاكم عابد هلل تعاىل وهو يؤدي واجباته بإخالص وإتقان ويف حدود شرع اهلل تعاىل‪ ،‬فالذي شرع الصالة وجعلها‬
‫عب ادة من أش رف وأج ل القرب ات‪ ،‬أم ر األم ة بإقام ة اخلالف ة حلراس ة ال دين وسياس ة ال دنيا؛ يق ول املاوردي الش افعي رمحه اهلل‬
‫تع اىل‪":‬ف إن اهلل جلت قدرته‪ ،‬ندب لألم ة زعيم ا خلف به النبوة‪ ،‬وح اط به املل ة‪ ،‬وفوض إليه السياس ة‪ ،‬ليص در الت دبري عن دين‬
‫مشروع‪ ،‬وجتتمع الكلم ة على رأي متبوع"؛ وبناء عليه فما نتناوله يف ه ذه املادة ه‪++‬و نظ‪++‬رة غربي‪++‬ة بحت‪++‬ة للق‪++‬انون المنفص‪++‬ل عن‬
‫الدين؛ وقد بني الكثري من الكتاب يف نظرية القانون الفرق بني قواعد القانون – واليت هي حمل الدراسة‪ -‬وبقية القواعد املنظمة‬
‫للسلوك االجتماعي؛ وميكن جتلية هذه الفروق من خالل الزوايا التالية‪ :‬املصدر‪ ،‬املضمون‪ ،‬الغاية‪ ،‬اجلزاء‪.‬‬

‫أوال‪ /‬من حيث المصدر‪:‬‬


‫القاع دة القانوني ة مص درها التش ريع ال ذي تس نه الدول ة عن طري ق اهليئ ة التش ريعية أو الع رف‪ ،‬أو غ ريه من املص ادر ال يت يعتربه ا‬
‫املشرع مصدرا رمسيا للقانون؛ أما قواعد العادات واجملامالت فمصدرها اجملتمع وما تعارف عليه أفراده من أقوال وأفعال وطرائق‬
‫يف املأكل وامللبس يف خمتلف الظروف واملناسبات‪ ،‬واملراد سلوك األفراد يف جمموعهم أو يف قطاع منهم‪.‬‬
‫أما القواعد األخالقية واليت هي عبارة عن جمموعة املبادئ واملعايري احملددة ملعاين اخلري والشر‪ ،‬واحلسن والقبح‪ ،‬وهي موجودة يف‬
‫ضمري اجلماعة‪ ،‬ومصدرها الدين؛ وقد حاول بعض الفالسفة قدميا وحديثا إجياد مصدر لألخالق غري الدين؛ لكن مقوالهتم هتافتت‬
‫وتناقضت‪ ،‬وقد انتهى الفيلسوف املغريب طه عبد الرمحان إىل استحالة تأسيس األخالق على غري الدين‪.‬‬

‫ثانيا‪ /‬من حيث المضمون‪:‬‬


‫ي ذهب الكت اب يف نظري ة الق انون إىل أن ال دين أوس ع نطاق ا من الق انون ألن ه يتض من تنظيم عالق ة الش خص برب ه وعالقت ه‬
‫باآلخرين‪ ،‬أما قواعد القانون فتنظم عالقات األشخاص فيما بينهم فقط‪ ،‬كما تعترب قواعد األخالق أيضا أوسع نطاقا من القانون‬
‫ألهنا تبني ما ينبغي أن يكون عليه الشخص من خالل عالية مع نفسه ومع اآلخرين‪ ،‬فيما تكتفي قواعد العادات واجملامالت بعض‬
‫املسائل اجلانبية يف اجملتمع واليت تساهم يف تقوية الروابط االجتماعية بني األشخاص‪ ،‬وشعور هم بأهنم جسد واحد‪.‬‬
‫وال بد من اإلشارة إىل أن اجملتمع قد يرقي بعض القواعد األخالقية أو قواعد العادات واجملامالت إىل قواعد قانونية‪ ،‬فمن القواعد‬
‫األخالقي ة نظري ة الظ روف الطارئ ة‪ ،‬تع ويض ص احب العم ل العام ل عم ا يص يبه من أض رار‪ ،‬ومن قواع د الع ادات واجملامالت ال يت‬
‫ارتقت إىل قواعد قانونية بعض األعراف املتعلقة بالسلك الدبلوماسي اليت حتولت إىل قواعد يف القانون الدويل‪.‬‬

‫ثالثا‪ /‬من حيث الغاية‪:‬‬


‫غاي ة الق انون واقعي ة نفعي ة وهي حتقي ق املص لحة العام ة ومحايته ا من االعت داء عن طري ق اجلزاء املناس ب؛ أم ا قواع د الع ادات‬
‫واجملامالت ف فغاياهتا عرضية‪ ،‬فال يؤدي عدم االنضباط هبا إىل اإلخالل باملصلحة العامة؛ فالقانون مثال جيرم فعل السرقة فإذا مل‬
‫يلتزم الناس بذلك من جهة‪ ،‬ومل تقم السلطة احلاكمة مبعاقبة من يسرق من جهة أخرى‪ ،‬فإن اجملتمع سيسوده االضطراب‪ ،‬وتصبح‬
‫أموال الناس عرضة لالعتداء‪ ،‬أما قواعد العادات واجملامالت فإن عدم االنضباط هبا ال يؤدي إىل اإلخالل باملصاحل العامة للمجتمع‪،‬‬
‫وإن ك ان يص يب الش عور الع ام للجماع ة باالس تهجان وع دم الرض ا‪ ،‬ومث ال الع ادات واجملامالت م ا يتبادل ه الن اس من ه دايا يف‬
‫األفراح‪ ،‬وإحياؤهم مناسبات معينة بطريقة ما؛ فهذه العادات وأمثاهلا لو أن شخصا أو بضعة أشخاص تركوا االلتزام هبا مل يرتتب‬
‫على ذلك ضرر كبري‪ ،‬ألن اجملتمع يف حد ذاته ال يستقر حاله على عادات معينة حبيث ال يتخلى عنها‪ ،‬بل هو دائم التغيري من‬
‫خالل عادات تنقرض وعادات تنشأ‪ ،‬وما قد يوجد فيه من عادات مل تنقرض رغم مرور عصور طويلة‪ ،‬فسبب ارتباطها بعنصر‬
‫من عناصر اهلوية الثقافية للمجتمع غالبا كالدين؛ أما قواعد األخالق فغايتها مثالية وهي محل اإلنسان على الكماالت النفسية‪ ،‬أي‬
‫أفضل ما ينبغي أن يكون عليه من األخالق احلميدة‪ ،‬والصفات النبيلة‪.‬‬
‫فغاي ة الق انون امتث ال األف راد لقواع ده س واء ال تزموا بقواع د الق انون برض اهم وإرادهتم‪ ،‬أم خوف ا من اجلزاء؛ أم ا ال دين واألخالق‬
‫فيهتمان بالنيات‪ ،‬ألن املقصود أوال أن يكون االمتثال نابعا من إرادة األفراد وضمائرهم‪،‬ال اخلوف من اجلزاء فقط‪.‬‬
‫رابعا‪ /‬من حيث الجزاء‪:‬‬
‫إن اجلزاء عن د خمالف ة قواع د الق انون م ادي وح ال توقع ه الس لطة العام ة‪ ،‬ومثال ه‪ :‬الس جن‪ ،‬الغرام ة‪ ،‬بطالن العق د‪ ،‬اخلص م من‬
‫الراتب وهكذا‪ ...‬أما اجلزاء على خمالفة قواعد العادات واجملامالت أو قواعد األخالق أو قواعد الدين ( دائما يف املنظور الغريب)‬
‫فهو من ناحية أخروي يف الغالب‪ ،‬ومن ناحية ثانية فيه شق معنوي مثل غضب اإلله‪ ،‬ومن ناحية ثالثة ال توجد سلطة عامة توقعه‬
‫يف الدنيا النفصال الدين عن الدنيا‪ ،‬فالدولة ال ترعى الشأن الديين بل هو موكول إىل الكنيسة‪.‬‬
‫فاجلزاء عند خمالفة قواعد األخالق أو الدين يقابل عادة باستهجان أفراد اجملتمع‪ ،‬أما قواعد العادات واجملامالت فتقابل املخالفة‬
‫بسخط اجملتمع وازدرائه للمخالف وقد تصل إىل حد املعاملة باملثل‪.‬‬

‫تقسيم القانون‬

‫تقسيم القانون من حيث طبيعة العالقة‪:‬‬ ‫‪.I‬‬


‫تمهيد‪ :‬يقسم القانون تقسيمات خمتلفة تبعا للمعيار الذي يعتمد يف التقسيم أو الزاوية اليت ننظر من خالهلا إىل قواعد القانون‪،‬‬
‫فمن حيث النطاق الذي تسري فيه أحكامه يقسم القانون إىل‪ :‬القانون الداخلي‪ :‬وهو جمموعة القواعد القانونية اليت تطبق على‬
‫تص رفات األش خاص يف كام ل إقليم الدول ة يف أبع اده املختلف ة( ال ربي‪ ،‬البح ري‪ ،‬اجلوي)‪ ،‬والق انون اخلارجي وه و ال ذي ينظم‬
‫التص رفات والعالق ات بني ال دول وبني ال دول واملنظم ات الدولي ة‪ ،‬فه و ق انون حيكم التص رفات خ ارج إقليم الدول ة أي خ ارج‬
‫حدودها اجلغرافية‪ ،‬وهو املسمى بالقانون الدويل العام‪.‬‬
‫ويقسم القانون باعتبار الكتابة وعدمها إىل‪ :‬قانون مكتوب‪ :‬وهو القواعد القانونية اليت تصدرها اهليئة التشريعية عادة يف حدود‬
‫اختصاصها الدستوري‪ ،‬وقانون غري مكتوب‪ :‬أي مجلة القواعد القانونية اليت هي عبارة عن أعراف يتعامل هبا اجملتمع يف نواحي‬
‫حياته املختلفة دون أن يدوهنا على شكل نصوص تشريعية مكتوبة ويعترب اجملتمع اإلجنليزي أبرز مثال على هذا النمط من القواعد‬
‫القانونية؛ ويقسم القانون باعتبار طبيعة مضمونه بشكل عام إىل قانون موضوعي ‪ :règle de fond‬وهو مجلة القواعد القانونية‬
‫ال يت ت بني األحك ام على الرواب ط بني األش خاص وتص رفاهتم واحلق وق والواجب ات واملراك ز واألوص اف القانوني ة لتل ك التص رفات‬
‫واجلزاءات املختلفة على خمالفة تلك األحكام؛ وقانون شكلي ‪ :règle de forme‬وهو مجلة القواعد اليت تنظم إعمال القانون‬
‫املوض وعي وتطبيق ه‪ ،‬مث ل اإلج راءات ال واجب اتباعه ا حلص ول الش خص على حق ه‪ ،‬كيفي ة احملاكم ة ومراحله ا‪ ،‬ط رق الطعن يف‬
‫األحكام القضائية وآجاهلا‪ ... ،‬و يقسم القانون باعتبار طبيعة أطراف العالقة اليت ينظمها إىل‪ :‬ق انون ع ام وق انون خاص(‪ ،)1‬كم ا‬
‫يقسم باعتبار تكييف طبيعة اإللزام إىل قواعد آمرة وقواعد مكملة أو مفسرة؛ ويعد هذان التقسيمان من أهم التقسيمات ولذا‬
‫سنتوالمها بالبحث والدراسة‪.‬‬

‫‪ - 1‬ننبه فقط إلى أن بعض كبار فقه‪++‬اء الق‪++‬انون ينك‪++‬رون تمام‪++‬ا أهمي‪++‬ة ه‪++‬ذا التقس‪++‬يم‪ ،‬ومن أب‪++‬رزهم الفقي‪++‬ه النمس‪++‬اوي‪ :‬ه‪++‬انز كلس‪++‬ن ‪( Hans Kelsen‬س‪++‬يد تن‪++‬اغو‪/‬‬
‫النظرية العامة للقانون‪ ،‬ص‪.)559 :‬‬
‫أوال‪ /‬معايير تقسيم القانون إلى عام وخاص‪ :‬يرجع أصل هذا التقسيم إىل القانون الروماين‪ ،‬وقد امتد إىل الفقه الالتيين احلديث‬
‫ش أنه ش أن الق انون اخلاص‪ ،‬فال ي زال ه ذا التقس يم معم وال ب ه يف عص رنا احلايل؛ وإذا ك ان الفقه اء ق دميا وح ديثا ق د س لموا هبذا‬
‫التقس يم ورأوا بأنه ض روري‪ ،‬ف إن غ ري املس لم ب ه عن د بعض هم البعض ه و املعي ار ال ذي ينبغي أن يعتم د للتفرق ة بني الق انون الع ام‬
‫واخلاص‪ ،‬ومن مث ظهرت عدة معايري بلغ البعض يف عدها إىل سبعة عشر معيارا؛ وهذا يدل ‪-‬كما نبه أحد الباحثني – على أن‬
‫جمال التمي يز خص ب متن وع من جه ة‪ ،‬وم دى الص عوبة ال يت واجهت احلرك ة الفقهي ة من أج ل حتدي د معي ار ج امع للفص ل بني‬
‫القانونني من جهة أخرى؛ ولن خنوض طبعا يف سرد كل تلك املعايري‪ ،‬فإن ذلك سيطول‪ ،‬وإمنا سنكتفي بذكر أمهها يف الساحة‬
‫الفقهية وهي حبسب العديد من الباحثني أربعة‪:‬‬
‫‪ /1‬معيار درجة اإللزام‪ :‬خالصة هذا املعيار أن معيار التفرقة بني القانون العام والقانون اخلاص يكمن يف درجة اإللزام يف القاعدة‬
‫القانونية‪،‬فالقاعدة اآلمرة تنتمي إىل القانون العام‪ ،‬بينما القاعدة املكملة تنتمي إىل القانون اخلاص‪ ،‬ولعل املناصرين هلذا املعيار هو‬
‫ذلك اجلانب من الفقه الذي يرى بأن القاعدة املكملة قاعدة ملزمة لكن درجة اإللزام فيها أقل من اإللزام يف القاعدة اآلمرة؛ وقد‬
‫لقي ه ذا املعي ار انتق ادات ش ديدة أمهه ا أن الق انون اخلاص أيض ا يتض من قواع د آم رة حبيث ال جمال فيه ا إلرادة األش خاص‪ ،‬مث ل‬
‫القاعدة القانونية احملددة لسن الرشد القانوين‪ ،‬القاعدة اليت توجب أن يكون عقد الشركة مكتوبا‪.‬‬
‫‪ /2‬طبيعة المجال الذي تنظمه القاعدة القانونية‪ :‬ذهب بعض الفقهاء إىل القول بأن القانون العام ال ينظم العالقات املالية‪ ،‬بينما‬
‫القانون اخلاص جوهر تنظيمه العالقات أو الروابط املالية بني األشخاص؛ وقد انتقد هذا املعيار أيضا واعترب غري دقيق وال صحيح‪،‬‬
‫ألن القانون العام ينظم اجلانب املايل أيضا‪ ،‬بل فيه فرع بأكمله هو قانون املالية الذي ينظم مالية الدولة احلديثة؛ ومن جهة أخرى‬
‫فإن القانون اخلاص أيضل ال ينظم جمال النشاطات والتصرفات املالية فقط‪ ،‬بل فيه جوانب أخرى غري مالية‪ ،‬مثل بعض أحكام‬
‫الغائب واملفقود غري املالية‪ ،‬حتديد سن الرشد‪ ،‬األهلية‪...‬‬
‫‪ /3‬طبيعة المصلحة‪ :‬وفقا هلذا املعيار تعترب املصلحة العامة أساس القانون العام‪ ،‬بينما ينفرد القانون اخلاص بتنظيم العالقات اليت‬
‫تسود فيها املصلحة اخلاصة لألشخاص‪ ،‬وممن قال هبذا املعيار الفقيه "أولبيان"؛ مل يسلم هذا املعيار كسابقيه من النقد‪ ،‬وأهم تلك‬
‫االنتق ادات ه و ع دم وجود ح دود واض حة وفاص لة بني املص لحة العام ة واخلاص ة‪ ،‬فالق انون بك ل فروع ه وقواع ده إمنا يه دف إىل‬
‫حتقيق املصلحة العامة‪ ،‬فالقانون اخلاص ال توجد فيه قواعد قانونية تغلب املصلحة اخلاصة على حساب املصلحة العامة بل إننا عند‬
‫التأمل جند أشد قواعد القانون وضوحا يف حتقيق املصلحة اخلاصة وهي قواعد الزواج حتقق املصلحة العامة‪ ،‬فبفضل يستمر النسل‬
‫وتتكون األسرة اليت هي اخللية األوىل لتكوين اجملتمع‪.‬‬
‫‪ /4‬ص‪++‬فة األش‪++‬خاص أط‪++‬راف العالق‪++‬ة القانوني‪++‬ة‪:‬إن أس اس التفرق ة يف ه ذا املعي ار ه و األش خاص املش كلني للعالق ة القانوني ة ال يت‬
‫تنظمه ا القاع دة القانوني ة‪ ،‬وينبغي اإلش ارة هن ا إىل أن إطالق اص طالح الش خص ينطب ق على الش خص الط بيعي وه و اإلنس ان‪،‬‬
‫والشخص املعنوي وهو الكيانات االعتبارية كالدولة وسائر فروعها‪ ،‬األحزاب السياسية‪ ،‬اجلمعيات‪ ،‬هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية‬
‫أخرى فإن الشخص االعتباري أو املعنوي قد يكون خاصا وقد يكون عاما‪.‬‬
‫إن الدولة وهي أهم شخص معنوي أثناء ممارستها لنشاطاهتا املختلفة تتصرف باعتبارين‪:‬‬
‫أ‪ /‬تص رف الدول ة باعتبارها ص احبة السيادة‪ :‬تدخل الدول ة يف عالق ات قانونية م ع األشخاص بص فتها ص احبة الس يادة أي األمر‬
‫والنهي‪ ،‬وعلى األشخاص اخلضوع والطاعة‪ ،‬مثل إصدار الدولة قرارا بنزع ملكية قطعة أرض من أحد األشخاص جربا عنه مقابل‬
‫تعويض‪.‬‬
‫ب‪ /‬تصرف الدولة باعتبارها شخصا قانونيا عاديا‪ :‬تدخل الدولة أحيانا من خالل فروعها املختلفة يف عالقات قانونية باعتبارها‬
‫شخصا قانونيا عاديا‪ ،‬حبيث ال متثل السلطة العامة‪ ،‬وتتصرف جمردة عن حق اإلجبار واألمر والنهي‪ ،‬كتأجريها أو بيعها أو شرائها‬
‫من األشخاص فيما خيضع من هذه العقود للقانون اخلاص‪.‬‬
‫إن أساس التفرقة يف هذا املعيار هو النظر إىل الصفة اليت متارس هبا الدولة تصرفاهتا وعالقاهتا القانونية مع األشخاص‪ ،‬فإذا كانت‬
‫الدولة يف عالقة قانونية باعتبارها صاحبة السيادة فنحن أمام القانون العام‪ ،‬أما إذا كانت طرفا قانونيا عاديا جمرد عن سلطة اإلجبار‬
‫واألمر والنهي فنحن يف نطاق القانون اخلاص؛ وعلى أساس هذا التقسيم مسي القانون العام‪ :‬قانون السيطرة أو اخلضوع‪ ،‬بينما مسي‬
‫القانون اخلاص‪ :‬قانون املساواة أو التوازن‪.‬‬
‫بناء على ما سبق ميكن تعريف القانون العام و القانون اخلاص على النحو التايل‪:‬‬
‫القانون العام ‪ :‬هو القواعد القانونية اليت تنظم كيان الدولة‪ ،‬والعالقات اليت تكون الدولة أو أحد فروعها( الوالية‪ ،‬البلدية‪ )...‬طرفا‬
‫فيها باعتبارها صاحبة السيادة‪.‬‬
‫القانون اخلاص ‪ :‬القواعد القانونية اليت تنظم العالقات اليت ال تكون الدولة –أو أحد فروعها‪ -‬طرفا فيها باعتبارها صاحبة السيادة‪.‬‬
‫ثانيا‪ /‬فروع القانون العام والقانون الخاص‪:‬‬
‫القانون العام وفروعه‪ :‬ميكن تقسيم العالقات اليت تكون الدولة باعتبارها صاحبة السيادة إىل نوعني‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬عالقات الدولة بغريها من الدول واهليئات الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬عالقات الدولة مع األشخاص العاديني طبيعيني كانوا أم اعتباريني‪.‬‬
‫وبناء على هذا يذهب الفقه إىل تقسيم القانون العام إىل‪:‬‬
‫أ‪ /‬القانون العام الخارجي‪ :‬ويعرف بالقانون الدويل العام؛ وهو‪ ":‬جمموعة القواعد القانونية اليت تنظم عالقات الدول ببعضها يف‬
‫وقت السلم واحلرب‪ ،‬وعالقاهتا باملنظمات الدولية‪ ،‬وعالقات املنظمات الدولية ببعضها"‪.‬‬
‫وقت السلم‪ :‬يبني القانون الدويل العام أشخاص اجملتمع الدويل‪ ،‬والشروط اليت جيب توافرها يف الدولة حىت تعترب شخصا‬ ‫‪‬‬
‫دوليا وتنال االعرتاف هبا‪ ،‬وينظم ما تربمه الدول فيما بينها من اتفاقات ومعاهدات‪ ،‬يبني طرق متثيل الدول سياسيا أو قنصليا‬
‫لدى بعضها البعض‪ ،‬والطرق السلمية لفض النزاعات بينها كاملفاوضات والتحكيم‪ ،‬وتسمى هذه القواعد بقواعد السلم‪.‬‬
‫وقت احلرب‪ :‬ي بني إج راءات إعالن احلرب من قب ل دول ة على أخ رى‪ ،‬حيدد وس ائلها املش روعة‪ ،‬كيفي ة إهناء احلرب‬ ‫‪‬‬
‫( اهلدنة أو الصلح) معاملة األسرى‪ ،‬محاية املدنيني‪ ،‬تأمني مرور الغذاء والدواء ومنظمات اإلغاثة‪...،‬وتسمى هذه القواعد بقواعد‬
‫احلرب‪.‬‬
‫ب‪ /‬الق‪++‬انون الع‪++‬ام ال‪++‬داخلي‪" :‬جمموع ة القواع د القانونية ال يت حتدد كيان الدول ة وتنظم العالق ات ال يت تق وم بني الدول ة –أو أحد‬
‫فروعها‪ -‬حني تتصرف باعتبارها صاحبة السيادة واألشخاص الطبيعيني أو األشخاص املعنوية اخلاصة‪ ،‬أو العالقات اليت تقوم بني‬
‫الدولة وأحد فروعها أو فيما بني هذه الفروع"‪.‬‬
‫وعرف تعريفا آخر أوجز فقيل‪ ":‬جمموع القواعد القانونية اليت حتكم العالقات املتصلة حبق السيادة داخليا وخارجيا"؛ ويتكون‬
‫القانون العام الداخلي من عدة فروع هي‪:‬‬
‫‪ /1‬القانون الدستوري‪ :‬جمموعة القواعد القانونية اليت تنظم شكل الدولة‪ ،‬وسلطاهتا وهيئاهتا العامة‪ ،‬وعالقة كل منها باألخرى‪،‬‬
‫وحتدد احلق وق األساس ية‪ ،‬احلري ات العام ة والواجب ات العام ة وس ائر املب ادئ العام ة ال يت تعت رب حمل إمجاع وط ين؛ ويع د الق انون‬
‫الدستوري أعلى نص قانوين يف الدولة‪ ،‬حبيث ينبغي أن تتقيد سائر النصوص التشريعية مبوافقته وعدم خمالفته‪.‬‬
‫‪ /2‬القانون اإلداري‪ :‬جمموعة القواعد القانونية اليت تنظم قيام السلطة التنفيذية بأداء وظائفها اإلدارية املختلفة‪ ،‬وللسلطة التنفيذية‬
‫نوعان من النشاط‪:‬‬
‫أولهما ‪ :‬نشاط يتعلق بأعمال السيادة‪:‬ويطلق عليه اسم العمل السياسي مثل‪ :‬دعوة الربملان لالنعقاد‪ ،‬حل اجمللس‪ ،‬تشكيل احلكومة‪،‬‬
‫تغيريها‪ ،‬استقالتها‪ ،‬إعالن حالة الطوارئ‪ ،‬إعالن احلرب‪...‬‬
‫وثانيهما‪ :‬نشاط يتعلق بأعمال اإلدارة‪ :‬ويعين تصريف أمور اجملتمع‪ ،‬ويطلق عليه اسم‪ :‬الضبط اإلداري أو العمل اإلداري‪ ،‬وهذا‬
‫األخري هو الذي ينظمه القانون اإلداري؛ وميكن تلخيص املسائل اليت ينظمها القانون اإلداري عموما فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ /‬أنواع اخلدمات اليت تتوىل السلطة التنفيذية حتقيقها‪،‬كيفية إدارة املرافق العامة‪.‬‬
‫ب‪ /‬العالقة بني احلكومة املركزية ومجيع اإلدارات احمللية واملؤسسات العامة‪.‬‬
‫ج‪ /‬يبني األموال العامة وحيدد النظام القانوين الذي حيكمها وكيفية استغالهلا واالنتفاع هبا‪.‬‬
‫د‪ /‬عالقة احلكومة مبوظفيها ‪:‬كيفيات تعيينهم وترقيتهم‪ ،‬وتأديبهم وإقالتهم أو استقالتهم‪.‬‬
‫ه‪ /‬بيان األعمال والعقود اإلدارية وشروطها‪.‬‬
‫و‪ /‬وضع أساس الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة‪ ،‬وطرق ممارسة هذه الرقابة‪.‬‬
‫‪ /3‬القانون املايل‪ :‬جمموعة القواعد القانونية اليت تنظم مالية الدولة‪ :‬حتديد مصروفاهتا‪ ،‬وجوه إنفاقها‪ ،‬الدفاع ‪ ،‬الصحة‪ ،‬التعليم‪...‬‬
‫بيان إيراداهتا‪ :‬الضرائب‪ ،‬األموال اليت حتصلها مقابل خدمات تؤديها‪ ،‬فوائد إدارة أمالكها اخلاصة‪ ،‬القروض اليت تلجأ إليها الدولة‬
‫لس د العج ز يف م يزان املدفوعات‪ ،‬أو إلنش اء مش اريع؛ والق انون املال يعت رب ح ديث النش أة ألن ه ك ان س ابقا من دجما يف الق انون‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫‪ /4‬القانون اجلنائي‪ :‬جمموعة القواعد القانونية اليت حتدد اجلرائم والعقوبات وما يتعلق هبا من مسائل‪ ،‬وتبني اإلجراءات الواجب‬
‫اتباعها من وقت وقوع اجلرمية إىل غاية توقيع العقوبات‪ ،‬ومن خالل التعريف يتضح أن القانون اجلنائي يتضمن نوعني من القواعد‬
‫القانونية‪ :‬موضوعية وإجرائية شكلية‪.‬‬
‫أ‪ /‬قانون العقوبات( القواعد املوضوعية)‪ :‬وينقسم هو اآلخر إىل قسمني‪:‬‬
‫القسم العام‪ :‬القواعد العامة ليكون الشخص مسئوال جنائيا‪ ،‬أركان اجلرمية‪ ،‬تقسيم اجلرائم حسب خطورهتا( جنايات‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫جنح‪ ،‬خمالف ات) والعقوب ة املخصص ة لك ل ش كل منه ا بص فة عام ة‪ ،‬أس باب اإلباح ة‪ ،‬اإلعف اء من العق اب‪ ،‬ظ روف التخفي ف‬
‫والتشديد‪.‬‬
‫القس م اخلاص‪ :‬يتض من ك ل جرمية على ح دة والعقوب ة املرص ودة هلا‪ ،‬م ع بيان ش روطها وص ورها واالس تثناءات والقيود‬ ‫‪-‬‬
‫الواردة عليها جترميا ومعاقبة‪.‬‬
‫ب‪ /‬قانون العقوبات( القواعد الشكلية أو اإلجرائية)‪:‬ويسمى قانون اإلجراءات اجلنائية أو اجلزائية‪ ،‬يبني هذا القانون اإلجراءات‬
‫الواجب اتباعها لتطبيق قانون العقوبات‪ ،‬عند وقوع اجلرمية ضبط الفاعل‪ ،‬التحقيق معه‪ ،‬حماكمته‪ ،‬احلكم عليه‪ ،‬الطعن يف األحكام‪،‬‬
‫تنفيذ العقوبات والسلطات املختصة باتباع هذه اإلجراءات؛ ويوجد عدد من الفقهاء (وإن كانوا قلة) يرون أن قانون العقوبات‬
‫من الق وانني املختلط ة أي ي دخل يف نط اق الق انون الع ام واخلاص مع ا يف آن واح د‪ ،‬فه و من ناحي ة دف اع عن اجملتم ع‪ ،‬ومن ناحي ة‬
‫أخرى يعاقب على جرائم تقع على األفراد أنفسهم وتضر حبقوقهم ومصاحلهم اخلاصة‪ ،‬ولعل مرد هذا القول النظر إىل القانون‬
‫الع ام باعتب اره ق انون املص لحة العام ة‪ ،‬والق انون اخلاص ق انون املص لحة اخلاص ة كم ا رأين ا يف مع ايري التفرق ة بني القس مني الع ام‬
‫واخلاص‪.‬‬
‫القانون الخاص وفروعه‪:‬يتضمن القانون الخاص الفروع التالية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ /1‬الق انون املدين‪ :‬ه و أم ف روع الق انون اخلاص‪ ،‬ول ذا يلج أ إلي ه القاض ي م ىت مل جيد نص ا ينظم املس ألة يف أي ف رع من ف روع‬
‫الق انون اخلاص‪ ،‬ويعت رب الش ريعة العام ة يف عالق ات الق انون اخلاص؛ وينظم الق انون املدين عالق ات الف رد بأس رته ويطل ق‬
‫عليها"األحوال الشخصية" وتسمى عندنا يف اجلزائر " قانون األسرة"‪ ،‬ويف املغرب" مدونة األسرة " ويدخل فيها‪ :‬القواعد اخلاصة‬
‫بأهلية اكتساب احلقوق‪ ،‬القواعد اخلاصة بالزواج‪ ،‬الطالق‪ ،‬النسب‪ ،‬النفقة املرياث‪ ،‬واليت استقل هبا عندنا قانون األسرة؛كما ينظم‬
‫عالقات الفرد املالية ويطلق عليها " األحوال العينية" مثل القواعد اخلاصة بااللتزامات املالية املختلفة مثل‪ :‬العقود( البيع‪ ،‬اإلجيار‪،‬‬
‫الرهن‪.)..‬‬
‫‪ /2‬الق انون التج اري‪ :‬ه و عب ارة عن جمموع ة القواع د القانوني ة ال يت تنظم املع امالت التجاري ة‪ ،‬فيتض من القواع د اخلاص ة بتعري ف‬
‫الت اجر‪ ،‬حتدي د األعم ال التجاري ة‪ ،‬وك ل م ا يتعل ق بالنش اط التج اري مث ل إفالس الت اجر‪....‬والق انون التج اري يعت رب أيض ا من‬
‫التقنينات احلديثة ألنه كان يف السابق جمرد باب من أبواب القانون األم القانون املدين؛ لكن نظرا لتطور النشاط التجاري وتشعبه‬
‫مل تعد قواعد القانون املدين العادية قادرة على ضبط÷ ملا يتميز به من خصوصية‪ :‬السرعة والثقة‪.‬‬
‫‪ /3‬الق انون البح ري‪ :‬جمموع ة القواع د القانوني ة ال يت تنظم نش اط املالح ة البحري ة‪ ،‬حيث يتن اول الس فينة من حيث ش روط بنائه ا‬
‫وجتهيزه ا‪ ،‬ومس ؤولية مالكه ا والت أمني عليه ا‪ ...‬كم ا يتن اول خمتل ف النش اطات املالح ة البحري ة كت أجري الس فينة‪ ،‬نق ل املس افرين‬
‫والبضائع وااللتزامات واحلقوق اليت تنشأ عن ذلك‪ ،‬ويستمد كثريا من قواعده من االتفاقيات الدولية‪.‬‬
‫‪ /4‬القانون اجلوي‪ :‬جمموعة القواعد القانونية اليت تنظم نشاط املالحة اجلوية‪ ،‬ويتضمن الشروط املتعلقة بالطائرة‪ ،‬ومسؤولية مالك‬
‫الطائرة‪ ،‬ومىت يعفى من املسؤولية‪ ،‬التأمني‪ ،‬الضمان‪...،‬‬
‫‪ /5‬ق انون العم ل‪ :‬جمموع ة القواع د القانوني ة ال يت تنظم عالق ات العام ل ب رب العم ل يف نط اق العم ل مقاب ل أج ر‪ ،‬وق د ظه ر ه ذا‬
‫القانون كرد فعل لضغط التيارات االجتماعية ضد الطبقة الربجوازية‪ ،‬فتدخل املشرع حلماية العمل من تعسف وظلم رب العمل‬
‫وكان من نتائج ذلك أن ظهرت عدة أفكار لصاحل الطبقة العاملة من أمهها‪ :‬حتديد ساعات العمل‪ ،‬احلق يف العطلة‪ ،‬التعويض يف‬
‫إصابات العمل‪ ،‬احلق يف التأمني‪ ،‬احلق يف التقاعد‪...‬‬
‫‪ /6‬قانون اإلجراءات املدنية والتجارية‪ :‬ويشتمل على جمموع تني األوىل منهما‪ :‬تبني القواعد املنظمة للسلطة القض ائية من حيث‬
‫بيان أنواع احملاكم وتشكيلها‪ ،‬اختصاص كل منها‪ ،‬الشروط الواجب توافرها يف تعيني القضاة‪ ،‬حقوقهم وواجباهتم‪ ،‬وتسمى هذه‬
‫اجملموع ة ب" التنظيم القض ائي"؛ واجملموع ة الثاني ة‪ :‬وهي القواع د ال يت ت بني اإلج راءات ال واجب إتباعه ا لرف ع ال دعوى‪ ،‬ش روط‬
‫الدعوى‪ ،‬تنازع االختصاص‪ ،‬وسائل الدفاع واإلثبات‪ ،‬االستعجال‪ ،‬األحكام احلضورية والغيابية‪...‬‬
‫‪ /7‬القانون الدويل اخلاص‪ :‬هو جمموعة القواعد اليت تنظم العالقات ذات الطرف األجنيب‪ ،‬وذلك ببيان احملكمة املختصة بالفصل‬
‫فيه ا والق انون ال واجب التط بيق؛ وتك ون العالق ة ذات ط رف أجن يب إذا ك ان أح د طرفيه ا أو كالمها أجنبي ان‪ ،‬ومن أمثلت ه زواج‬
‫جزائري بفرنسية‪ ،‬أو تعاقد أجنبيني يف اجلزائر‪.‬‬

‫تقسيم القانون من حيث صورة اإللزام‪ :‬يقسم الفقهاء القانون هبذا االعتبار إىل قواعد آمرة وقواعد مكملة أو مفسرة‪،‬‬ ‫‪.II‬‬
‫فلنعرف بكل واحدة منهما على حدة‪ ،‬ولنضرب لذلك أمثلة فباملثال يتضح املقال كما قيل‪.‬‬
‫أوال‪ /‬القواع‪+‬د اآلم‪++‬رة‪ :‬تعرف بأهنا هي القواعد القانونية اليت ال يرتك املشرع لألشخاص االتفاق على خمالفتها‪ ،‬سواء كان هذا‬
‫االتف اق ثنائي ا أو عرف ا جيري ب ه العم ل بني أف راد اجملتم ع؛ أو هي‪ :‬القواع د ال يت جترب األف راد على إتباعه ا واحرتامه ا وال جيوز هلم‬
‫االتفاق على ما خيالف حكمها‪ ،‬وكل اتفاق على خمالفة حكمها يعترب اتفاقا باطال ال يعتد به‪ ،‬ألن هذا النوع من القواعد القانونية‬
‫يت وىل تنظيم مس ائل تتعل ق بإقام ة النظ ام يف اجملتم ع‪ ،‬ول ذلك ال يص ح أن ي رتك مث ل ه ذا التنظيم إلرادة األف راد ‪.‬‬
‫و تسمى القواعد اآلمرة وأحيانا القواعد الناهية على أساس أهنا قواعد مفروضة وال خيار األشخاص يف إتباعها أو عدم إتباعها بل‬
‫عليهم العمل مبقتضاها واخلضوع حلكمها؛ غري أن لفظ اآلمرة هو األكثر استخداما من غريه‪ ،‬وال بد من التنبيه إىل أن إطالق لفظ‬
‫اآلم رة على ه ذه القواع د ال يع ين أهنا تتض من أم را يف مجي ع احلاالت‪ ،‬ب ل تتض من أحيان ا هني ا‪ ،‬وإمنا غلب اس تعمال لف ظ "القواع د‬
‫اآلمرة" على اعتبار أن األمر أدل على اللزوم؛ ومن أمثلة القواعد اآلمرة‪ :‬القواعد اليت تبني شكل احلكم والدولة‪ ،‬سلطات الدولة‬
‫والعالق ات بينه ا‪ ،‬ش روط الرتش ح لرئاس ة اجلمهوري ة‪ ،‬قواع د ق انون العقوب ات‪ ،‬بعض قواع د الق انون املدين مث ل القاع دة ال يت متن ع‬
‫القاض ي من ش راء احلق املتن ازع في ه إذا ك ان النظ ر يف ال نزاع الث ائر بش أنه داخ ل يف جمال اختص اص احملكم ة ال يت ميارس عمل ه يف‬
‫دائرهتا‪ ،‬القاعدة اليت حتدد سن الرشد القانوين‪ ،‬القاعدة اليت تبني احملرمات من النساء يف قانون األسرة‪...‬‬
‫ثاني‪++‬ا‪ /‬القواع‪++‬د المكمل‪++‬ة أو المفس‪++‬رة‪ :‬هي تلك القواعد اليت أجاز املشرع لألفراد االتفاق على خمالفتها سواء بشكل ثنائي أو‬
‫بشكل مجاعي مثل العرف‪ ،‬ألهنا ال تتصل باملصلحة العامة للجماعة‪ ،‬بل تتعلق باملصاحل اخلاصة لألفراد‪ ،‬لذلك آثر املشرع أن يرتك‬
‫هلم حرية تدبري مصاحلهم وأال يضيق عليهم‪ ،‬وألنه لو وضع هلم قواعد آمرة لكان لزاما عليهم اخلضوع هلا‪ ،‬بينما طبيعة املصاحل يف‬
‫هذا النوع من العالقات القانونية يقتضي قدرا من احلرية واملرونة حبيث نضمن النظام من جهة‪ ،‬وحتقيق مصاحل األفراد وما يريدونه‬
‫من جهة أخرى‪.‬‬
‫لكن املش رع يعلم أن األف راد ق د ال ينتبه ون إىل تنظيم بعض القض ايا التفص يلية ليث ور ال نزاع بينهم بع د ذل ك‪ ،‬ل ذا ت دخل املش رع‬
‫ليضع تنظيما احتياطيا لسد هذه الثغرة وحل النزاع‪ ،‬فإن وجد اتفاق فهو الشريعة بني املتنازعني‪ ،‬وإن وجد عرف فهو احلكم‬
‫بينهم‪ ،‬وإن مل يوج د ش يء من ذل ك أي ال اتف اق وال ع رف ف إن النص التش ريعي ال ذي ينظم ه ذه العالق ة ه و ال ذي حيكم حلل‬
‫النزاع‪.‬‬
‫ومن األمثلة على القواعد املكملة‪ :‬القواعد اليت تنص على مكان و وقت تسليم الثمن وهي م ‪ 387‬واليت جاء فيها‪ ":‬يدفع مثن‬
‫املبيع من مكان تسلم املبيع م‪++‬ا لم يوج‪++‬د اتف‪++‬اق أو ع‪++‬رف يقض‪++‬ي بغ‪++‬ير ذل‪++‬ك" واملادة ‪ ":388‬يكون مثن املبيع مستحقا فيا لوقت‬
‫الذي يقع فيه تسليم املبيع‪ ،‬ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقض‪+‬ي بخالف ذل‪+‬ك"‪ ،‬والقاعدة اليت تقضي بعدم وجوب التضامن بني‬
‫الش ركاء فيم ا هم مس ؤولون عن ه حيث ج اء يف م ‪ 435‬من ق م‪ ":‬ال تض امن بني الش ركاء فيم ا هم مس ؤولون عن ه من دي ون‬
‫الشركة‪ ،‬إال إذا وجد اتفاق يقضي بخالف ذلك"‪.‬‬

‫مصادر القانون‬
‫إن القواعد اليت تنظم السلوك االجتماعي كلها هلا مصدر ترجع إليه‪ ،‬فقواعد الدين واألخالق (قي املنظور اإلسالمي األخالق‬
‫جزء من الدين وليست منظومة خارجة عنه مستقلة بكياهنا ومصدرها) مصدرها التشريع اإلهلي السماوي‪ ،‬وكذلك القانون له‬
‫مصادر تنشئه وتشكله‪ ،‬غري أن مصادر القانون نوعان‪ :‬مصادر مادية وموضوعية‪ ،‬ومصادر رمسية أو شكلية‪.‬‬
‫‪ /1‬المصادر المادية أو الموضوعية‪:‬‬
‫ويقصد هبا جمموع العوامل والظروف اليت تسهم يف تكوين القاعدة القانونية وحتديد مضموهنا‪ ،‬فقد تكون هذه العوامل‪:‬اقتصادّية‪،‬‬
‫اجتماعية‪ ،‬سياسية‪ ،‬طبيعية‪ ،‬تارخيية‪ ،‬علمية وتقنية‪ ...‬ومن األمثلة على ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬م ّر ت اجلزائ ر بظ روف أمني ة دفعت املش ّر ع ألن يص در قانون ا يس مى "ق انون مكافح ة اإلره اب" وهي جمموع ة قواع د تع ّر ف‬
‫األعمال اليت تعترب إرهابية وما هي العقوبات املرصودة هلا‪.‬‬
‫‪ -‬نتيجة للتطور العلمي والتقين الذي عرفته البشرية ظهرت للوجود بعض التصرفات اليت فيها اعتداء على مصاحل الغري ومساس‬
‫حبق وق اآلخ رين‪ ،‬مث ل اجلرائم اإللكرتوني ة‪ :‬س رقة معلوم ات‪ ،‬ختريب مواق ع‪ ...‬ب ل ظه رت أيض ا عق ود إلكرتوني ة تتم عن طري ق‬
‫الشبكة العنكبوتية‪ ،‬فهذا التطور دعا املش ّر ع ألن يواكب التطور فيج ّر م األعمال اليت فيها اعتداءات على الغري‪ ،‬وباملقابل أيضا‬
‫يصدر قواعد قانونية ينّظم من خالهلا التصّر فات اليت حتقق املصاحل لألشخاص‪.‬‬
‫‪ /2‬المصادر الشكلّية أو الّر سمّية‪:‬‬
‫ويقصد هبا الوسائل اليت تظهر هبا قواعد القانون وخترج فيها إىل الوجود مقرونة باإللزام‪ ،‬فاملصادر املادية لوحدها غري كافية‬
‫لتكوين القاعدة القانونية‪ ،‬بل البد من أن تصاغ صياغة قانونية مناسبة؛ ومسيت هذه املصادر شكلّية ألهنا الّش كل الذي تظهر فيه‬
‫اإلرادة امللزمة للجماعة‪ ،‬ومسيت أيضا بالرمسية ألهنا الوسائل اليت يعرتف هبا القانون و جتعل القاعدة القانونية نافذة وملزمة‪.‬‬
‫وللتوض يح أكثر نقول‪ :‬إّن الّتطور الّتق ين على سبيل املثال أوجد يف اجملتمع تص ّر فات مل تكن معهودة من قبل‪ ،‬وهذه التص ّر فات‬
‫بعضها نافع حيقق املصاحل وبعضها ضار ألنه فيه اعتداء على املصاحل‪ ،‬فاملش ّر ع أمام هذا الواقع ال ميكن أن يبقى مكتوف اليدين‬
‫واألشخاص يعتدى على أمواهلم وأسرارهم الّش خصّية بل البد من تنظيم هذه الّتصّر فات إذنا أو منعا أو تقييدا‪.‬‬
‫إذن فاملشّر ع اختذ من هذه العوامل (التقنّية) وهي املصادر املادّية أو املوضوعّية املاّد ة اخلام وخرجت قواعد قانونّية على شكل‬
‫تشريع (املصادر الّش كلّية) تبني ما جيوز وما ال جيوز؛ واخلالصة أّن املصادر املادّية يف الواقع ما هي إّال مرحلة تسبق املصادر الّر مسّية‬
‫وتكون مبثابة املقّد مة الّض رورّية هلا‪ ،‬فال توجد قاعدة قانونّية دون أو قبل املصادر املادّية‪.‬‬
‫واّلذي سنتناوله بالدراسة هو الّنوع الّثاين من مصادر القانون‪ ،‬أي املصادر الرمسّية أو الّش كلية‪ ،‬وقد نّص ت املادة األوىل من التقنني‬
‫املدّين اجلزائّي على هذه املصادر بقوهلا‪" :‬يسري القانون على مجيع املسائل اليت تتناوهلا نصوصه يف لفظها أو فحواها‪.‬‬
‫‪ /2‬وإذا مل يوجد نّص تشريعي حكم القاضي مبقتضى مبادئ الشريعة اإلسالمّية‪.‬‬
‫‪ /3‬فإذا مل يوجد فبمقتضى العرف‪.‬‬
‫‪ /4‬فإذا مل يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة"‪.‬‬

‫فاملصادر الرمسية امللزمة اليت يعتد هبا املشرع اجلزائري يف القانون املدين أربعة وهي‪ :‬التشريع‪ ،‬مبادئ الشريعة اإلسالمّية‪ ،‬العرف‪،‬‬
‫مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة؛ وبالنظر إىل نص هذه املادة ميكن تسجيل املالحظات التالية‪:‬‬
‫أ‪ /‬إّن نّص املش ّر ع على ه ذه املص ادر يف ص در الكت اب األول من التق نني املدين وحتت عن وان" أحك ام عام ة" املقص ود من ه بي ان‬
‫مصادر القانون اخلاص ككل‪ ،‬ألن القانون املدين كما رأينا يف تقسيم القانون هو مبثابة األصل واألم لكل فروع القانون اخلاص‪.‬‬
‫ب‪ /‬إن الرتتيب الوارد يف نص املادة هلذه املصادر مقصود‪ ،‬فالقاضي ملزم أن يستنفذ جهده يف املصدر األول وهو النص التشريعي‬
‫قبل االنتقال إىل املصدر الذي يليه وهكذا‪...‬‬
‫مث إن األصل أو يف الغالب يف الدولة احلديثة أن التشريع يتوىل تنظيم خمتلف الروابط‪ ،‬وبناء عليه فإن القاضي غالبا ال يعدل إىل‬
‫املصادر األخرى إال يف حالتني‪:‬‬
‫‪ /1‬حالة سكوت املشرع عن معاجلة موضوع معني‪.‬‬
‫‪ / 2‬حالة وجود نص تشريعي ولكنه ال ينظم املوضوع بل يكتفي بإحالة القاضي إىل مصدر آخر كالشريعة اإلسالمية أو العرف‪.‬‬
‫يالح ظ أن نص املادة أغف ل اعتب ار الفق ه والقض اء‪ ،‬وق د كان ا مص درين رمسيني يف الش رائع القدمية‪ ،‬وص ارا يف العص ر احلديث‬
‫مص درين تفس رييني‪ ،‬كم ا يالح ظ أن نص املادة قس م قواع د الق انون إىل قواع د ذات مص در تش ريعي وهي‪ :‬التش ريع ‪ ،‬مب ادئ‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وقواعد ذات مصدر غري تشريعي‪ :‬العرف‪ ،‬مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة؛ وُيْظِه ر هذا الرتتيب إعطاء‬
‫القوانني احلديثة األولوية للتشريع ولذا جاءت القواعد التشريعية متصدرة مصادر القانون؛ وعليه ستكون دراستنا هلذه املصادر وفقا‬
‫للرتتيب الذي سار عليه املشرع املدين اجلزائري‪.‬‬

‫أوال‪ /‬التشريع‪:‬‬
‫‪ /1‬تعريفه‪ :‬يطلق التشريع على معنيني أحدمها عام واآلخر خاص‪:‬‬
‫أ‪ /‬المعنى العام‪ :‬يقصد به يف هذا املستوى أحد أمرين‪:‬‬
‫عملي ة قي ام الس لطات املختص ة يف الدول ة بوض ع قواع د جربي ة مكتوب ة لتنظيم العالق ات يف اجلماع ة‪ ،‬وذل ك يف ح دود‬ ‫‪‬‬
‫اختصاصها الدستوري‪ ،‬ووفقا لإلجراءات املقررة‪.‬‬
‫جمموعة القواعد القانونية املكتوبة ذاهتا اليت تصدرها السلطات املختصة سواء كانت هذه السلطة هي السلطة التشريعية أو‬ ‫‪‬‬
‫التنفيذية؛ فالتشريع إذن يطلق هنا على عملية وضع القواعد القانونية املكتوبة كما يطلق على القواعد نفسها‪.‬‬
‫ب‪ /‬المع‪++‬نى الخ‪++‬اص للتش‪++‬ريع‪ :‬يطل ق وي راد ب ه القواع د القانوني ة ال يت تض عها الس لطة التش ريعية يف الدول ة يف ح دود اختصاص ها‬
‫الدستوري‪.‬‬
‫من خالل التعريف اخلاص للتشريع يظهر لنا أنه يتميز بثالث خصائص‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬التشريع يتضمن خصائص القاعدة القانونية‪ :‬أي أن التشريع فيه خصائص القاعدة القانونية اليت ذكرناها سابقا‪ ،‬وعليه ال‬
‫يعت رب تش ريعا ذل ك األم ر ال ذي يص در يف ح ق ش خص معني بذات ه كإص دار الدول ة أم را مبنح وس ام تق دير لش خص معني مقاب ل‬
‫خ دمات ق ام هبا لص احل وطن ه أو إعالن احلداد الوط ين لوف اة ش خص‪ ،‬أو منح امتي از لش ركات معين ة‪ ،‬أو منح ح ق االس تثمار‬
‫لألجانب؛ فال تعترب هذه القرارات وإن كانت مكتوبة تشريعا باملعىن اخلاص‪.‬‬
‫الثاني ة‪ :‬التش ريع يص در عن س لطة خمتص ة‪ :‬وأب رز م ا تك ون ه ذه امليزة واض حة يف ال دول ال يت تقيم فص ال واض حا بني الس لطات‪،‬‬
‫وهناك دول متنح السلطة التنفيذية هامشا للتشريع‪ ،‬واملهم يف هذا كله هو تنظيم الدستور لصالحيات التشريع والسلطات املخول‬
‫هلا بذلك‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬التشريع يتضمن قاعدة مكتوبة‪ :‬فالتشريع هو القانون املكتوب وهو بذلك يقابل القانون غري املكتوب أحد أقدم مصادر‬
‫القانون( العرف)‪.‬‬
‫‪ /2‬مزايا التشريع‪:‬‬
‫أ‪ /‬التشريع سهل الوضع والتعديل واإللغاء مبعىن ال حيتاج إىل وقت طويل إال بقدر اإلجراءات املطلوبة اليت نص عليها القانون‪ ،‬فهو‬
‫على أقصى تقدير قد يستغرق اقرتاحه و املوافقه عليه وصدوره بضعة أشهر‪ ،‬بينما يستغرق العرف وضعه وسريان العمل به مدة‬
‫أط ول ق د تص ل إىل س نوات‪ ،‬وك ذلك تعديل ه أو إلغ اؤه؛ ومن هن ا ميكن معرف ة بداي ة س ريانه أو انقض اء العم ل ب ه بس هولة ويس ر‬
‫خبالف العرف‪.‬‬
‫ب‪ /‬التش ريع ألن ه مكت وب ميكن مجع ه وتنظيم ه وه ذا م ا مت فعال وبل غ أوج ه من التنظيم وال رتتيب والتنس يق يف عص رنا‬
‫احلديث(التقنني)‪.‬‬
‫ج‪ /‬التشريع عامل مهم يف حتقيق الوحدة الوطنية ألنه حني يصدر يعم سلطانه سائر إقليم الدولة‪ ،‬خبالف العرف فنادرا ما يوجد‬
‫عرف يسري على كامل اإلقليم‪.‬‬
‫د‪ /‬التش ريع يتض من قواع د قانوني ة واض حة‪ :‬فألن ه نص مكت وب حترص اهليئ ة التش ريعية ع ادة على أن يص در يف ص ياغة دقيق ة‬
‫وواضحة املعىن حىت ال تثري التباسا عند القاضي على وجه اخلصوص الذي يتوىل تفسريها وتطبيقها على ما يعرض عليه‪.‬‬
‫‪ /3‬عيوب التشريع‪ :‬ذكر الفقهاء للتشريع عيوبا أيضا أمهها‪:‬‬
‫أ‪ /‬التشريع قانون جامد‪ ،‬ألن التقنني وهو أهم صورة خيرج فيها تكسبه نوعا من اهليبة والقداسة تقعده عن مسايرة التطور وجماراة‬
‫األحداث‪.‬‬
‫ب‪ /‬استعمال التشريع أحيانا ملصطلحات غامضة مثل املصلحة العامة‪ ،‬اخلطأ اجلسيم‪... ،‬‬
‫ج‪ /‬إن الس رعة ال يت تعت رب مزي ة للتش ريع ق د تنقلب إىل عيب من عيوب ه فس رعة الوض ع والتع ديل واإللغ اء ق د تك ون أحيان ا على‬
‫حساب ضبط النص فيخرج النص قاصرا أو غامضا أو متعارضا مع تشريعات أخرى‪.‬‬
‫‪ /4‬أنواع التشريعات ‪ :‬وهي أربعة أنواع‪ :‬التشريع األساسي‪ ،‬التشريع العضوي‪ ،‬العادي‪ ،‬التشريع الفرعي أو اللوائح‪.‬‬
‫أ‪ /‬التشريع األساسي(الدستور)‪:‬وهو الذي يبني نظام احلكم يف الدولة‪ ،‬وحيدد السلطات العامة يف الدولة‪ ،‬تنظيمها والعالقة بينها‪،‬‬
‫واحلقوق واحلريات األساسية لألفراد وواجباهتم العامة‪ ،‬وقد بينا ذلك خالل احلديث عن القانون الدستوري فلريجع إليه‪ ،‬ويف ما‬
‫يلي عرض ألهم الطرق يف وضع الدساتري وهي إمجاال إما دميقراطية أو غري دميقراطية‪.‬‬
‫الطرق غري الدميقراطية‪ :‬ويتم ضع الدستور فيها بإحدى الطرق التالية عادة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫منحة من صاحب السلطان املطلق‪ :‬حيث يتنازل احلاكم املستبد عن بعض سلطانه لصاحل رعيته‪ ،‬فالرعية ال تشارك بأي‬ ‫‪-‬‬
‫شكل من األشكال يف وضع الدستور‪ ،‬وأهم مثال على ذلك دستور فرنسا ‪.1814‬‬
‫عقد بني احلاكم املطلق وبعض ممثلي الشعب الذين مت اختيارهم من قبل احلاكم‪ ،‬فاحلاكم هنا ملتف على إرادة الشعب ؛‬ ‫‪-‬‬
‫فشكليا أشرك الشعب يف وضع الدستور‪ ،‬أما عمليا فاحلاكم هو الذي وضع الدستور عن طريق األشخاص الذين اختارهم بعناية‪،‬‬
‫ومن أمثلة هذه الطريقة دستور الكويت لسنة ‪.1962‬‬
‫الط رق الدميقراطي ة‪ :‬إن القاس م املش رتك بني ه ذه الط رق أن الرعي ة تش ارك فعلي ا فيوض ع الدس تور‪ ،‬ولكن ه ذا اإلش راك‬ ‫‪‬‬
‫يقوى ويضعف من طريقة ألخرى‪.‬‬
‫هيئة غري منتخبة تعد الدستور مث يطرح على االستفتاء الشعيب ومن مساوئ هذه الطريقة أن الرعية أمام خيارين ال ثالث‬ ‫‪‬‬
‫هلما إما أن توافق عليه أو ترفضه أي ليس هلا احلق (وال ذلك ممكن عمليا) يف تعديله‪ ،‬ومن أمثلته الدستور اجلزائري لسنة ‪.1989‬‬
‫إع داد مش روع الدس تور من قب ل مجعي ة تأسيس ية منتخب ة دون طرح ه على االس تفتاء الش عيب ومن أمثلت ه الدس توران‬ ‫‪‬‬
‫الفرنسيان ‪.1875 ،1848‬‬
‫إع داد مش روع الدس تور من ط رف مجعي ة تأسيس ية منتخب ة مث عرض ه على االس تفتاء الش عيب ‪ ،‬وتع د ه ذه الطريق ة أك ثر‬ ‫‪‬‬
‫الطرق دميقراطية ألن الشعب يشارك يف وضع الدستور عن طريق املنتخبني الذين ميثلون مصاحل‪ ،‬مث يطرح على االستفتاء ليوافق‬
‫عليه الشعب أو يرفضه ومن النماذج على هذه الطريقة دستور فرنسا لعام ‪.1948‬‬
‫وننبه يف األخري إىل أن الدستور اجلزائري(‪ )1996‬اعرتف للمجلس الدستوري بسلطة الفصل يف دستورية املعاهدات والقوانني‬
‫الصادرة عن السلطة التشريعية والتنظيمات إما مبقتضى رأي قبل أن تصبح واجبة التنفيذ أو بقرار يف احلالة العكسية(م ‪)165‬؛‬
‫فاملعاه دات اليت تعق دها الدول ة اجلزائرية ويص ادق عليه ا رئيس اجلمهورية حسب الشروط الدستورية تعت رب أمسى من الق انون(م‬
‫‪)132‬؛ ويتم التص ويت على مش روع املعاه دة مجل ة ب القبول أو ال رفض أو التأجي ل م ع التعلي ل (م ‪ )104‬على خالف التش ريع‬
‫العادي الذي يصوت عليه مادة مادة‪.‬‬
‫ب‪ /‬التشريع العضوي‪ :‬هو أحد أنواع التشريعات اليت تصدرها السلطة التشريعية‪ ،‬وهو أمسى من التشريع العادي‪ ،‬فهو يقع بني‬
‫التش ريع األساس ي(الدس تور) والتش ريع الع ادي؛ وق د ورد النص علي ه يف بعض املواض ع من الدس تور‪ ،‬منه ا املادة‪ 54:‬وال يت ج اء‬
‫فيه ا‪ ":‬حيّد د الق انون العض وي ش روط وكيفّي ات إنش اء اجلمعّي ات" واملادة ‪ 87‬املتعلق ة بش روط الرتش ح لرئاس ة اجلمهوري ة‪ ":‬حتّد د‬
‫شروط أخرى مبوجب القانون العضوي"؛ كما جاء صرحيا يف م ‪141‬من دستور‪ 2016‬ما يلي‪:‬‬
‫إضــافـة إىل اجملاالت املخصصة للقوانني ال ـعـضــوّيـة مبوجب ال ـّد س ـتـور ي ـشـّر ع ال ـبــرملـان بقوانني عضوّية يف اجملاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪ /1‬تنظيم الّس لطات العمومّية و عملها‪.‬‬
‫‪ /2‬نظام االنتخابات‪.‬‬
‫‪ /3‬القانون املتعّلق باألحزاب الّس ياسّية‪.‬‬
‫‪ /4‬القانون املتعّلق باإلعالم‪.‬‬
‫‪ /5‬القانون األساسّي للقضاء والّتنظيم القضائّي ‪.‬‬
‫‪ /6‬القانون املتعّلق بقوانني املالية‪.‬‬
‫تتّم املصادقة على القانون العضوّي باألغلبّية املطلقة للّنّو اب وألعضاء جملس األمة‪ ،‬ي ـخـضع ال ـقــانـون ال ـع ـضـوّي ملــراق ـبـة م ـطـاب ـقـة‬
‫الـّنّص مع ال ـّد س ـتـور من طـرف اجمللس ال ـّد س ـتـورّي قـبل صدوره‪.‬‬
‫ج‪ /‬التشريع العادي‪ :‬وهو التشريع باملعىن الفين للمصطلح ويطلق عليه القانون إطالق الكل على اجلزء‪ ،‬فكل تشريع قانون وليس‬
‫ك ل ق انون تش ريعا؛ والتش ريع من اختص اص الس لطة التش ريعية يف الدول ة‪ ،‬ويف جزائرن ا ميارس التش ريع برملان مك ون من غرف تني‪:‬‬
‫اجمللس الشعيب الوطين‪ ،‬جملس األمة؛ والغرفة األوىل مكونة من أعضاء منتخبني عن طريق االقرتاع العام ملباشر‪ ،‬بينما الثانية ينتخب‬
‫ثلثي أعضائه بطريق االقرتاع السري غري املباشر من بني ومن طرف أعضاء اجملالس الشعبية البلدية واجملالس الشعبية الوالئية‪ ،‬ومن‬
‫ثلث آخر معني من قبل رئيس اجلمهورية من بني الشخصيات والكفاءات الوطنية يف اجملاالت العلمية والثقافية واملهنية واالقتصادية‬
‫واالجتماعي ة‪ ،‬ومن حيث الع دد ينبغي أال يتج اوز ع دد أعض اء الغرف ة الثاني ة نص ف ع دد أعض اء الغرف ة األوىل أي اجمللس الش عيب‬
‫الوطين‪.‬‬
‫مراحل سن التشريع العادي‪ :‬مير سن التشريع العادي باملراحل التالية‪:‬‬
‫‪ /1‬المبادرة بالتشريع‪:‬جاء يف م ‪136‬و ‪ 137‬من دستور ‪ 2016‬مايلي‪:‬‬
‫"م ‪ :136‬لكّل من الوزير األول والّنّو اب وأعضاء جملس األمة حّق املبادرة بالقوانني‪.‬‬
‫تـكون اقـرتاحات الـقوانني قـابلة للـمنـاقشة إذا قـّد مها عـشرون (‪ )20‬نائـبا أو عـشرون (‪( 20‬عـضوا يف جملس األم ة يف املس ائل‬
‫املنصوص عليها يف املادة ‪ 137‬أدناه‪.‬‬
‫تـعـرض مـشـاريع الـقـوانني عـلى مـجـلس الـوزراء بـعـد رأي مـجـلس الـّد ولـة‪ّ ،‬مث يـودعـهـا الـوزيـر األول حسب احلالة مكتب اجمللس‬
‫الّش عّيب الوطّين أو مكتب جملس األمة‬
‫المـادة ‪ :137‬تـودع مشـاريع الـقـواـنني املـتـعـلـقـة بـالـتنـظـيم احملـلي وتـهـيـئـة اإلقـلـيم والـتـقـسـيم اإلقـليـمي مكتب جملس األمة‪.‬‬
‫و بــاس ـتـث ـنــاء احلـاالت امل ـب ـّيـنــة يف ال ـفـقــرة أعاله تــودع كل م ـشـاريـع الـقــوانــني األخـرى م ـكــتب اجملـلس الشعيب الوطين"‪.‬‬
‫فاملب ادرة حق دستوري خمول للسلطتني التشريعية والتنفيذية‪ ،‬غري أنه اصطلح على النص املقدم من قبل السلطة التنفيذية مبشروع‬
‫قانون‪ projet de loi‬بينما يسمى ما تتقدم به السلطة التشريعية اقرتاح أو مقرتح قانون ‪proposition de loi‬؛ ولقبول‬
‫مشروع أو مقرتح القانون ينبغي أن يرفق ببيان أسباب تربر عرضه للمناقشة وأن حيرر على شكل مواد‪.‬‬
‫‪ /2‬مرحلة الدراسة والفحص‪:‬‬
‫يت وىل مكتب اجمللس الش عيب الوط ين إحال ة املش روع أو املق رتح إىل اللجن ة املختص ة ال يت تت وىل دراس ته بع د مساع ممث ل احلكوم ة‬
‫ومن دوب أص حاب االق رتاح وحيق هلا االس تعانة ب اخلربات من خ ارج اجمللس ويتك ون م ش و من ع دة جلان منه ا‪ :‬جلن ة الش ؤون‬
‫القانونية واإلدارية واحلريات‪ ،‬جلنة املالية وامليزانية‪ ،‬جلنة الرتبية والتعليم العايل والشؤون الدينية‪ ،‬جلنة الثقافة واالتصال والسياحة‪...‬‬
‫وعدد اللجان يف اجمللس غري ثابت فيجوز الزيادة أو التخفيض منها حبسب احلاجة‪.‬‬
‫‪ /3‬مرحلة المناقش‪+‬ة والتص‪+‬ويت‪ :‬تنصب مناقشة م ش و بعد مساع مندوب االقرتاح وممثل اللجنة املختصة على النص املعروض‬
‫وبع د ذلك يلجأ للتص ويت؛ فيص ادق عليه باألغلبية املطلق ة إال إذا نص الق انون على أغلبي ة أخ رى‪ ،‬أو يلغى‪ ،‬وتتم مناقشة النص‬
‫بشكل عام مث يناقش مادة مادة‪ ،‬مث يصوت عليه مادة مادة‪.‬‬
‫‪ /4‬إحالة النص المص‪+‬ادق علي‪+‬ه على مجلس األم‪+‬ة‪ :‬يرسل رئيس م ش و النص املصوت عليه إىل رئيس جملس األمة يف غضون‬
‫‪ 10‬أيام ويشعر رئيس احلكومة هبذا اإلرسال‪ ،‬وحييل رئيس جملس األمة النص مرفقا باملستندات إىل اللجنة املختصة لتتوىل دراسته‬
‫وفحصه ويتكون جملس األمة هو اآلخر من جمموعة جلان‪ ،‬وتتوىل كل جلنة دراسة النص املصادق عليه من قبل الغرفة األوىل يعد‬
‫مساع ممثل احلكومة؛ وميكن لرئيس اجمللس ونوابه حضور أشغال أي جلنة من جلان اجمللس دون املشاركة يف التصويت‪.‬‬
‫‪ /5‬ع‪++‬رض الخالف على اللجن‪++‬ة المتس‪++‬اوية األعض‪++‬اء‪ :‬نص ت م ‪/138‬ف‪04‬و‪05‬و‪ 06‬من دس تور ‪ 2016‬على حال ة اخلالف‬
‫بني الغرفتني بقوهلا‪:‬‬
‫"ويف كل احلاالت‪ s‬يصادق جمـلس األمة على النص الذي ص ّو ت عليه اجمللس الـشعيب الوطين بأغلبية أعـضـائه احلـاضـرين بـالنـسـبـة‬
‫ملـشاريع الـقـوانـني الـعاديـة أو بـاألغـلـبيـة املـطـلـقة بـالـنـسـبة ملـشـاريع الـقـوانني العضوية‪ ،‬ويف حالـة حدوث خالف بـني الغـرفتني‪.‬‬
‫يطـلب الوزيـر األول اجتـماع جلـنة مـتسـاوية األعـضاء تـتكون من أعضـاء يف كلـتا الـغرفـتني يف أجل أقـصاه خـمسـة عشر (‪)15‬‬
‫يـوما القـرتاح نص يـتـعلق بـاألحكـام حمل اخلالف‪ ،‬وتنهي اللجنة نقاشاهتا يف أجل أقصاه مخسة عشر (‪( 15‬يوما)‪ .‬تعرض احلكومة‬
‫هذا الّنّص على الغرفتني للمصادقة عليه وال ميكن إدخال أّي تعديل عليه إال مبوافقة احلكومة‪.‬‬
‫و يف حـالـة اسـتـمـرار اخلالف بـني ال ـغـرفـتـني ميكن للحـكـومـة أن تـطــلب من اجملـلس الـش ـعـيب الـوطـين الـفــصل ن ـهـائ ـيـا‪.‬‬
‫و يف هــذه احلـالــة يــأخـذ اجملــلس الـش ـعـبـي الـوطــين بـالــنص الــذي أعـدته ال ـلـج ـنـة امل ـتـســاويـة األعضاء أو إذا تعذر ذلك بالنص األخري‬
‫الذي صوت عليه‪ ،‬وُيسحب النص إذا مل ختطر احلكومة اجمللس الشعيب الوطين طبقا للفقرة السابقة"‪.‬‬
‫‪ /6‬مرحل‪++‬ة اإلص‪++‬دار‪ :‬إص دار التش ريع عم ل تنفي ذي وليس عمال تش ريعيا ول ذا ك ان حق ا دس توريا ل رئيس اجلمهوري ة حص را ال‬
‫ينازعه فيه أحد‪ ،‬وقد كان وال يزال كذلك يف سائر الدساتري اليت عرفتها اجلزائر منذ االستقالل إىل يومنا هذا‪ ،‬ولذا عادة ما تصدر‬
‫القوانني اليت تصدرها السلطة التشريعية بالعبارة التالية‪":‬إن رئيس اجلمهورية بناء على الدستور ال سيما املواد‪ ...‬و بعد رأي جملس‬
‫الدولة‪ ،‬وبعد مصادقة الربملان يصدر القانون اآليت نصه‪"...‬؛ وقد قيد الدستور رئيس اجلمهورية بأجل قدره ثالثون مي من تاريخ‬
‫تسلمه التشريع‪ ،‬وجيوز له حبسب دستور ‪ 96‬طلب إجراء مداولة ثانية خبصوص القانون املصوت عليه‪ ،‬خالل ثالثني يوما املوالية‬
‫لتاريخ إقرار النص‪ ،‬فإذا جتاوز الرئيس هذه املدة فقد حق االعرتاض وتوجب عليه إصداره‪.‬‬
‫‪ /7‬مرحلة النشر ‪ :‬نشر القانون معناه إعالم الكافة بقواعده‪ ،‬وهو عندنا يتم قانونيا عن طريق اجلريدة الرمسية‪ ،‬وهو واجب بالنسبة‬
‫للتشريع األساسي والعضوي والعادي والفرعي‪ ،‬بعد النشر يف اجلريدة الرمسية يكون نافا يف اجلزائر العاصمة بعد مضي يوم كامل‬
‫من النشر‪ ،‬ويف بقية الواليات واملناطق بعد يوم كامل من وصول اجلريدة الرمسية‪.‬‬
‫د‪ /‬التشريع الفرعي أو الالئحة‪ :‬هو تشريع تسنه السلطة التنفيذية مبقتضى اختصاصها وهي ال حتل بذلك حمل السلطة التشريعية‪،‬‬
‫وهو أقل درجة من التشريع العادي وينقسم إىل ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ /1‬اللوائح التنفيذية‪ :‬ويكون بغرض تنفيذ نص صادر عن السلطة التشريعية‪ ،‬ألن التشريع العادي ال يعاجل مجيع املسائل املتعلقة‬
‫باملوضوع‪ ،‬بل يرتك بعض املسائل لتنظم عن طريق اللوائح‪ ،‬واللوائح هبا يطبق القانون وينفذ‪.‬‬
‫‪ /2‬اللوائح التنظيمية‪ :‬ويطلق عليها أيضا اللوائح املستقلة ألهنا ال تعتمد على قانون موجود‪ ،‬وتتضمن القواعد القانونية الالزمة‬
‫لتسيري املرافق العامة استنادا إىل حق السلطة التنفيذية يف إدارهتا‪.‬‬
‫‪ /3‬لوائح الضبط أو البوليس‪ :‬جمموعة القواعد اليت تضعها السلطة التنفيذية حلماية األمن والسكينة والصحة العامة و مقتضيات‬
‫النظافة العامة وتنظيم الطرقات‪ ،‬ومثاهلا اللوائح اليت يصدرها وايل الوالية ورؤساء اجملالس الشعبية البلدية حول بعض املسائل مثل‪:‬‬
‫منع رمي النفايات يف أمكامن معينة واملعاقبة عليها‪ ،‬قواعد متعلقة بسري قاعات احلفالت‪....،‬‬
‫يشرتط لص حة التش ريع أن يص در عن الس لطة املختص ة مراعيا اإلج راءات احملددة قانون ا‪ ،‬وأال خيالف التشريع األعلى منه درجة‪،‬‬
‫وإذا كان قد عهد للمجلس الدستوري أمر مراقبة دستورية املعاهدات والقوانني والتنظيمات فإن السلطة القضائية متارس مهمة‬
‫الرقابة على اللوائح من خالل القضاء اإلداري وهذا ما دأبت عليه معظم النظم املعاصرة‪.‬‬

‫مبادئ الشريعة اإلسالمية‬

‫إذا مل جيد القاضي يف اجملال املدين نصا تشريعيا ينظم األمر املعروض عليه فإن نص املادة األوىل من القانون املدين تقول‪...":‬فإذا مل‬
‫يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة اإلسالمية"‪ ،‬إن نص املادة املذكور يثري عدة استنكارات وتساؤالت‪:‬‬
‫أوال‪ /‬إن أول ما يلفت النظر يف نص املادة هو غموض مصطلح "مبادئ الشريعة اإلسالمية"‪ ،‬فما مراد املشرع من هذا املصطلح؟‬
‫هل املقصود أحكام الشريعة اإلسالمية؟ أم مجلة الكليات من القواعد واملقاصد واألحكام اليت هي حمل اتفاق بني املذاهب الفقهية؟‬
‫يرى بعض الباحثني منهم علي سليمان أن املقصود بذلك جمموع ما فيها من حلول بصرف النظر عن اختالف املذاهب الفقهية‪،‬‬
‫فينبغي على القاض ي أن يرج ع إىل مب ادئ الش ريعة اإلس المية ويبحث عن احلل يف أي م ذهب من م ذاهبها‪ ،‬دون أن يقتص ر على‬
‫مذهب مالك املعمول به يف اجلزائر‪ ،‬وإىل هذا الرأي مييل أيضا الباحثان عمار بوضياف والعريب بلحاج‪.‬‬
‫لكن يعكر على هذا التفسري ملصطلح (مبادئ الشريعة اإلسالمية) أن األحكام غري املبادئ‪ ،‬و لو أن املشرع قصد فعال ما قالوه فلم‬
‫عدل عن املصطلح الشائع والواضح الداللة(أحكام الشريعة) إىل مصطلح (املبادئ)؟‪ ،‬إن الذي نراه أن استعمال مصطلح املبادئ‬
‫من قبل املشرع دقيق ومقصود‪ ،‬فهو يريد من القاضي اللجوء إىل األصول والكليات اليت هي حمل اتفاق بني املذاهب الفقهية‪ ،‬ال‬
‫األحكام التفصيلية اليت هي حمل اختالف‪ ،‬إذ ال يعقل أن حييل املشرع القضاة على تركة فقهية ضخمة فيها من االختالف أكثر مما‬
‫فيها من االتف اق‪ ،‬وهو الذي جيته د يف توفري كل اآلليات والوس ائل لتوحيد أحكام القض اء‪ ،‬كما أن مص طلح املب ادئ أدل على‬
‫املقصود ألهنا تعين الكليات اليت تنبثق عنها التفاصيل‪ ،‬يقول الباحث مبارك صائغي يف رسالته"مبادئ الشريعة اإلسالمية كمصدر‬
‫رمسي للقانون املدين اجلزائري"‪":‬يرى أغلب فقهاء القانون الوضعي أن املقصود مببادئ الشريعة اإلسالمية الواردة يف املادة األوىل‬
‫مدين جزائري‪ ،‬ويف بقية التشريعات العربية أهنا مبادئ الشريعة وأصوهلا الكلية وحدها‪ ،‬اليت ال خيتلف جوهرها باختالف املذاهب‬
‫دون حلوهلا التفصيلية‪ ،‬أو أحكامها اجلزئية اليت تتفاوت اآلراء بشأهنا بتفاوت املذاهب والفقهاء‪ ،‬على أن يكون مفهوما وجوب‬
‫ع دم تع ارض مب ادئ الش ريعة اإلس المية املأخوذ هبا م ع املب ادئ األساس ية للق انون الوض عي احلايل لض مان جتانس أحكام ه على‬
‫اختالف مصادرها وامتناع تنافرها"‪.‬‬
‫ثانيا‪ /‬إن صنيع املشرع اجلزائري مناقض للدستور –الذي هو أمسى وثيقة قانونية يف الدولة اجلزائرية‪ -‬الذي ينص صراحة على أن‬
‫اإلس الم ه و دين الدول ة‪ ،‬فكي ف يك ون اإلس الم ه و ال دين الرمسي بنص الق انون‪ ،‬وال دين الفعلي للمجتم ع اجلزائ ري‪ ،‬مث تك ون‬
‫التشريعات خمالفة له‪ ،‬أو جتعل (مبادئ الشريعة) جمرد مصدر احتياطي للقانون املدين فقط؟‪.‬‬
‫ثالث‪++‬ا‪ /‬تن اقض املش رع اجلزائ ري بفص له الع رف عن مب ادئ الش ريعة اإلس المية ألن الع رف من األص ول املتف ق عليه ا بني املذاهب‬
‫الفقهية‪ ،‬بل وضع فقهاؤنا قاعدة فقهية معربة عن هذا األصل بقوهلم" العادة حمكمة" وقالوا" املعروف عرفا كاملشروط شرطا"‪.‬‬
‫رابعا‪ /‬إن الشريعة اإلسالمية نظام اجتماعي متكامل‪ ،‬حبيث تغطي أحكامها خمتلف جماالت النشاط اإلنساين الفردي واالجتماعي‬
‫بكل أبعاده االقتصادية والسياسية واإلعالمية والثقافية‪...‬وهي شريعة عاملية تسع مجيع اجملتمعات على اختالف أعصارها وأقطارها‪،‬‬
‫وهي ش ريعة كامل ة مس تغنية بنفس ها وال حتت اج إىل أي ق انون آخ ر؛ وأخ ريا هي ش ريعة تناوهلا الفقه اء باالس تنباط والتأص يل‬
‫ألحكامه ا‪ ،‬والض بط والتنظيم لقواع دها ومبادئه ا ومقاص دها‪ ،‬فهي ش ريعة واض حة خبالف مب ادئ الق انون الط بيعي ال يت اع رتف‬
‫رجال القانون أنفسهم بغموضها‪ ،‬بل ذهب البعض إىل إنكارها متاما‪.‬‬
‫خامسا‪ /‬إن املشرع اجلزائري حني جعل مبادئ الشريعة اإلسالمية مصدرا احتياطيا يكون ضمنيا جعل التشريع مهيمنا على اجتهاد‬
‫القاضي يف الرجوع إىل هذه املبادئ‪ ،‬إذ ال يستقيم أن يأخذ القاضي مببدأ يعارض نصا تشريعيا يف القانون املدين‪ ،‬يقول الباحث‬
‫مبارك صائغي‪ ":‬على أن يكون مفهوما وجوب عدم تعارض مبادئ الشريعة اإلسالمية املأخوذ هبا مع املبادئ األساسية للقانون‬
‫الوضعي احلايل لضمان جتانس أحكامه على اختالف مصادرها وامتناع تنافرها"‪.‬‬
‫سادسا‪ /‬إننا نوجه سؤاال للمشرع اجلزائري الذي أقصى الشريعة اإلسالمية من املنظومة التشريعية عموما‪ ،‬أو اكتفى جبعل مبادئها‬
‫مص درا احتياطي ا يف الق انون املدين خصوص ا‪ ،‬م ا ه و الس بب ال ذي دع اكم إىل الع دول عن ه ذه الش ريعة املبارك ة اخلامتة؟ ه ل‬
‫اس تجبتم للض غوط اخلارجي ة‪ ،‬واحننيتم أم ام املعاه دات الدولي ة‪ ،‬لتقيم وا جمتمع ات (عص رية) ! ؛ أم أنكم جمرد حلق ة يف مش روع‬
‫االس تدمار إلمتام عملي ات ب رت ه ذه األم ة عن مقوم ات هويته ا‪ ،‬وإحلاقه ا باجملتمع ات الغربي ة‪ ،‬لق د س امهتم يف إض عاف ه ذه األم ة‬
‫وإذالهلا ومسخها وهي األمة اليت كان ينتظر بعد جالء االستدمار أن تكون عزيزة ماجدة بدينها عقيدة وشريعة وأخالقا‪ ،‬ورمبا‬
‫ساحمكم اجملتمع اجلزائري عن كل مساوئكم‪ ،‬أما سلخه عن شريعته فال أظنه يساحمكم‪ ،‬ألهنا جرمية ال ولن تغتفر‪.‬‬

‫العرف‬
‫جاء يف نص املادة األوىل من القانون املدين اجلزائري‪...":‬فإذا مل يوجد فبمقتضى العرف‪."...‬‬
‫‪ /1‬مفهوم العرف‪ :‬يقصد بالعرف اعتياد األشخاص على اتباع سلوك معني يف مسألة معينة حبيث يستقر الشعور لدى هؤالء‬
‫األشخاص بأن هذا السلوك يف هذه املسألة ملزم هلم‪.‬‬
‫ويرى رجال القانون أن العرف من أقدم مصادر القانون‪ ،‬وهو كالم صحيح ألن االجتماع البشري يفضي حتما إىل نشأة الكثري‬
‫من العادات بطريقة يف غاية السالسة مع شعور اجلميع بإلزامية ذلك العرف‪ ،‬لدرجة أهنم ال يذكرونه يف معامالهتم اعتمادا على‬
‫تغلغله يف الضمري اجلمعي للجماعة‪ ،‬ومما يؤكد مكانة العرف وعدم إمكانية االستغناء عنه أن الدول املعاصرة اجتهدت يف حماصرة‬
‫تصرفات األشخاص حىت حتيط هبا من الناحية التشريعية لكنها مل تستطع أبدا أن تتخلى عن اعتبار العرف مصدرا مهما للقانون‪.‬‬
‫‪ /2‬أركان العرف‪ :‬للعرف ركنان اثنان مادي ومعنوي‪:‬‬
‫أ‪ /‬ال‪++‬ركن الم‪++‬ادي‪ :‬وه و التص رف ال ذي َيَّطِر د عم ل األش خاص ب ه م ع ش عورهم بإلزاميت ه‪ ،‬وهلذا ال ركن جمموع ة‬
‫شروط‪:‬‬
‫أوال‪ /‬العمومية والتجريد‪ :‬إن العرف حني ينشأ ال يكون عاما وال جمردا يف الغالب‪ ،‬وإمنا يبدأ على شكل تصرف‬
‫ثنائي يرضى به الطرفان‪ ،‬مث يستحسنه بقية األشخاص ويرتضونه مسلكا يف معامالهتم‪ ،‬لكن بعد اطراد العمل به‬
‫واستقراره يصري عاما وجمردا‪ ،‬وليس املراد به معاملة بعينها وال أشخاصا بذواهتم؛ وهذا خبالف التشريع فإنه أول ما‬
‫ينشأ يكون عاما جمردا‪.‬‬
‫ثاني ‪++‬ا‪ /‬الق ‪++‬دم‪ :‬أي م رور م دة زمني ة تلقي يف روع األش خاص أن التص رف ص ار قانون ا ملزم ا‪ ،‬وه ذه املدة ليس ت‬
‫حمددة‪ ،‬فهي تقديرية‪ ،‬وقد ختتلف من تصرف آلخر‪ ،‬وإذا احتكم اخلصمان إىل القاضي فله كامل السلطة التقديرية‬
‫يف حتديد مدى استقرار العرف من عدمه‪.‬‬
‫ثالث ‪++‬ا‪ /‬االنتظ ‪++‬ام‪ :‬أي تعام ل الن اس هبا بش كل مط رد ومنتظم ودون تقط ع‪ ،‬ألن الع رف يف بداي ة نش أته ق د يتخلل ه‬
‫انقط اع العم ل ب ه يف بعض األحي ان‪ ،‬وه ذه يع ين أن التص رف مل يص ر عرف ا بع د‪ ،‬وح ىت يص ري عرف ا جيب اس تقرار‬
‫واستمرار العمل مبقتضاه فرتة تلقي يف ضمري األشخاص أنه تصرف ملزم‪.‬‬
‫رابعا‪ /‬مطابقة النظام العام وعدم مخالفة اآلداب العامة‪ :‬ال يرتقي التصرف إىل أن يكون عرفا معتربا ولو توفرت‬
‫الش روط الس ابقة إذا كان مض مون ه ذا التص رف خمالف ا للنظام الع ام أو اآلداب العام ة؛ كاعتي اد الن اس على األخذ‬
‫بالثأر‪.‬‬
‫ب‪ /‬الركن المعنوي‪ :‬وهو أمر نفسي باطين‪ ،‬حقيقته شعور األشخاص بأن هبذا التصرف املادي تصرف ملزم هلم‪،‬‬
‫ويزداد هذا الشعور رسوخا كلما تطاول الزمن يف التعامل هبذا العرف‪ ،‬ويرسخ إىل درجة أن الناس يتعجبون إذا‬
‫سأل أحدهم عن إمكانية إعماله‪.‬‬
‫‪ /3‬مزايا العرف وعيوبه ‪ :‬ذكر فقهاء القانون للعرف عدة مزايا وباملقابل عددا من العيوب‪ ،‬وسنكتفي بذكر أمهها‪:‬‬
‫أ‪ /‬مزايا العرف‪:‬‬
‫‪ -‬الع رف أص دق تعب ريا عن إرادة اجلماع ة‪ ،‬ألن ه نش أ انطالق ا من رغب ة اجلماع ة وحتقيق ا حلاجاهتا‪ ،‬فليس قاع دة‬
‫مكتوبة(تشريعا) ألزم األشخاص باخلضوع حلكمها‪.‬‬
‫إن الع رف يس د نقص ا ال ميكن للمش رع مهم ا اف رتض أو احتم ل أن ميأله‪ ،‬ألن ه جمال م رن ومتغ ري من ناحي ة‪ ،‬ومن‬ ‫‪-‬‬
‫ناحي ة أخ رى ه و ج انب يع رب عن مص احل مباش رة لألش خاص حبيث يك ون من األنس ب ت رك أم ر ض بطها حلري ة‬
‫األشخاص‪ ،‬مع احتياط املشرع لذلك حبيث يضع حال تشريعيا خيضع له األطراف عند النزاع وحيكم إذا مل يوجد‬
‫العرف أو االتفاق‪.‬‬
‫ب‪ /‬عيوب العرف‪:‬‬
‫القواعد العرفية ألهنا غري مكتوبة فإهنا يف الكثري من األحيان تتسم بالغموض‪ ،‬ويزيد غموضها ألهنا ال يوجد تاريخ‬ ‫‪-‬‬
‫حمدد لبدء سرياهنا وال لوقف العمل هبا‪ ،‬ولذا تشهد القواعد العرفية تذبذبا عند النشأة وعند االنقضاء‪.‬‬
‫حيتاج استقرار العمل بالقاعدة العرفية وحتوهلا إىل قانون ملزم إىل وقت طويل مقارنة بالقواعد التشريعية املكتوبة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وقد علمنا من قبل أن القدم شرط للركن املادي للعرف‪.‬‬
‫العرف ألنه يعرب عن إرادة اجلماعة حاجاهتا ومصاحلها فهو خيتلف من مكان إىل مكان داخل البلد الواحد‪ ،‬مما يعين‬ ‫‪-‬‬
‫تعاصر عدة أعراف داخل الدولة الواحدة‪ ،‬وهذا خبالف القانون املكتوب(التشريع) فإنه حيقق االستقرار القانوين ألنه‬
‫يعم كل إقليم الدولة‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫تطبيق القانون‬
‫ينتظم تط بيق الق انون من خالل ثالث ة أبع اد وهي‪ :‬تط بيق الق انون من حيث األش خاص‪ ،‬تط بيق الق انون من حيث‬
‫املك ان‪ ،‬تط بيق الق انون من حيث الزم ان‪ ،‬و ك ل بع د حتكم ه مب ادئ ض بطها الفقه اء وانض بطت هبا التش ريعات‬
‫الوضعية عموما‪ ،‬ويف ما يلي عرض هلذه املبادئ وفق تلك األبعاد‪.‬‬
‫أوال‪ /‬تطبيق القانون حيث األشخاص‪ :‬حيكم هذا اجملال مبدأ(عدم جواز االعتذار بجهل القانون)‬
‫إذا صدرت القاعدة القانونية سرت أحكامها على كل املخاطبني هبا دون استثناء‪ ،‬وال يقبل من أحد أن يتعلل جبهله‬
‫لتلك القاعدة وأحكامها‪ ،‬فاملشرع يفرتض أن صدور القاعدة يف اجلريدة الرمسية ومرور املدة القانونية احملددة لبدء‬
‫سرياهنا وهي أربع وعشرون (‪ )24‬ساعة بالنسبة لسكان العاصمة ومرور أربع وعشرين(‪ )24‬بعد وصول اجلريدة‬
‫الرمسية ملقر الدائرة بالنسبة لبقية أحناء الوطن‪.‬‬
‫وحماسبة األشخاص إذا خالفوا القواعد القانونية بناء على افرتاض علمهم بالقانون أمر درجت عليه سائر التشريعات‬
‫الوض عية‪ ،‬واحلكم ة من ذل ك أن بن اء املؤاخ ذة على العلم من ش أنه أن يفتح الب اب على مص راعيه لك ل من خ الف‬
‫القانون أن يدفع مؤاخذته جبهله بالقاعدة القانونية‪ ،‬ذلك أنه من الصعب إثبات علم الشخص بالقانون من عدمه‪،‬‬
‫وهذا مؤداه يف النهاية عدم تطبيق أي قاعدة قانونية ! كما أن اجلهل بالقانون يعد خطأ‪ ،‬واخلطأ ال يقبل عذرا أمام‬
‫القضاء كي ال يكون وسيلة للتهرب من اجلزاء‪.‬‬
‫وق ريب من ه ذا املب دإ م ا نص علي ه الفقه اء املس لمون‪":‬ال يع‪++‬ذر أح‪++‬د بالجه‪++‬ل باألحك‪++‬ام في بالد اإلس‪++‬الم" فاملب دأ‬
‫موجود يف الفقه اإلسالمي إال أن نطاقه أضيق‪ ،‬ومضمونه أدق وأكثر حتديدا‪.‬‬
‫ثاني‪+‬ا‪ /‬تط‪+‬بيق الق‪+‬انون من حيث المك‪++‬ان‪ :‬حيكم تطبيق القانون يف هذا اجملال مبدآن‪ :‬مبدأ شخصية القوانني‪ ،‬ومبدأ‬
‫إقليمية القوانني‪.‬‬
‫‪ /1‬مب دأ شخص ية الق وانني‪ :‬أمجعت النظم القانوني ة املعاص رة على ح ق الش خص يف التمس ك بقانون ه الشخص ي إذا‬
‫تعل ق األم ر ب األحوال الشخص ية ك الزواج والطالق والوص ية والنفق ة واملرياث‪ ،‬كما ميت د ق انون الدول ة احمللي لينظم‬
‫سلوك مواطنيها خارج إقليم الدولة يف ذات املسائل؛ ومن هنا إذا تعلق موضوع النزاع باملسائل الشخصية املذكورة‬
‫فإن القاضي وبتوجيه من قواعد اإلسناد املوجودة يف قانونه الوطين يلزم بتطبيق القانون الشخصي لألجنيب‪ ،‬واحلكمة‬
‫يف ختصيص هذه املسائل بتطبيق القانون الشخصي هو صلتها بالدين الذي خيتلف باختالف األشخاص‪.‬‬
‫‪ /2‬مبدأ إقليمية القوانني‪ :‬يقصد هبذا املبدأ وجوب سريان القانون احمللي على كل الوقائع اليت حتدث يف إقليم الدولة‬
‫بكل أقسامه الربي والبحري واجلوي‪ ،‬ويعد هذا املبدأ أحد مظاهر سيادة الدولة‪ ،‬ففي اجملال اجلنائي مثال‪ :‬كل جرمية‬
‫تق ع على إقليم الدول ة يطب ق عليه ا ق انون الدول ة ال يت وقعت فيه ا اجلرمية‪ ،‬وال ميكن للش خص ول و ك ان أجنبي ا أن‬
‫يتمسك بتطبيق قانون بلده‪ ،‬لكن هذا املبدأ وردت عليه بعض االستثناءات‪:‬‬
‫*جرى العرف الدويل بإعفاء رؤساء الدول األجنبية واملمثلني الدبلوماسيني وزوجاهتم وأفراد أسرهم املقيمني معهم‬
‫من اخلضوع للقانون الوطين‪ ،‬بل ميكن القول بتعبري أدق كل أعضاء السلك الدبلوماسي وأفراد أسرهم املتواجدين‬
‫معهم يف القنصلية أو السفارة‪،‬كما يضاف إىل ذلك كل أشخاص يتواجدون على إقليم الدولة بصفتهم ممثلني لسيادة‬
‫دولتهم مثل جنود وضباط الوحدات العسكرية املتواجدين يف إطار بعثة رمسية واتفاق بني الدولتني‪.‬‬
‫* عدم متتع األجانب باحلقوق السياسية مثل الرتشح واالنتخاب وتقلد الوظائف‪ ،‬وباملقابل عدم وجوب الواجبات‬
‫مثل أداء اخلدمة الوطنية وحنوها؛ يضاف إىل عدم متتع األجنيب باحلق يف تويل الوظائف العامة‪ ،‬لكن ال مينع ذلك من‬
‫االستعانة ببعض األجانب يف إطار اتفاقات ثنائية وخضوع األجانب يف هذه احلالة لنصوص خاصة‪.‬‬
‫* نص الق انون اجلن ائي اجلزائ ري على س ريان ق انون العقوب ات على ج رائم ارتكبه ا جزائري ون خ ارج إقليم الدول ة‬
‫اجلزائرية‪ ،‬لكن متابعة هؤالء األشخاص من أجل تلك اجلرائم ال بد أن تتوفر فيه الشروط التالية‪:‬‬
‫أ‪ /‬أن تكون الواقعة املرتكبة يف اخلارج جناية أو جنحة يف قانون العقوبات اجلزائري‪ ،‬فاملخالفات ليست حمل متابعة‪.‬‬
‫ب‪ /‬أن تكون الواقعة املرتكبة يف اخلارج جناية أو جنحة يف القانون اجلنائي للبلد األجنيب الذي ارتكبت فيه‪.‬‬
‫ج‪ /‬أن يكون املتهم جزائريا‪.‬‬
‫د‪ /‬عودة املتهم إىل اجلزائر قبل انقضاء الدعوى العمومية بالتقادم‪.‬‬
‫ه‪ /‬أال يكون املتهم قد خضع حلكم يف اخلارج ألنه ال جيوز متابعة الشخص مرتني على واقعة واحدة‪.‬‬
‫و‪ /‬تق دمي ش كوى من الط رف املتض رر أو البالغ من اجله ات الرمسية للدول ة ال يت ارتكب فيه ا اجلرمية‪ ،‬وه ذا ش رط‬
‫خاص باجلنح أضافته الفقرة األخرية من املادة ‪.583‬‬

You might also like