Professional Documents
Culture Documents
ملخص محاضرات مادة المدخل إلى العلوم القانونية
ملخص محاضرات مادة المدخل إلى العلوم القانونية
ملخص محاضرات مادة المدخل إلى العلوم القانونية
ذهب فقه اء الق انون إىل أن خص ائص القاع دة القانوني ة ثالث وهي :تنظيم س لوك األش خاص داخ ل اجملتم ع ،العمومي ة
والتجريد ،اإللزام أو ارتباط القانون باجلزاء.
أوال /القاعدة القانونية تنظم سلوك األشخاص داخل المجتمع:
إذا ك انت قواع د العل وم املادي ة بص فة عام ة تقريري ة ،أي تق رر حقيق ة م ا ه و ك ائن؛ ف إن قواع د الق انون تقوميي ة ،أي حتدد
لألشخاص ما ينبغي أن يكونوا عليه ،فهي هتتم بإرادة األشخاص الذين جيب أن خيضعوا هلا فعال وتركا؛ قوال وفعال ،وملا كان
اإلنسان مدنيا بطبعه كما يقول العالمة ابن خلدون اقتضت مدنيته وجود قانون ينظم حياته حىت ال يؤول اجتماعه إىل حياة
قائمة على منطق الغاب يأكل القوي فيها الضعيف.
واملراد ب اجملتمع هن ا جمموع ة األش خاص ال ذين ت ربطهم إرادة العيش املش رتك ،وهلم إقليم جغ رايف حمدد ،وس لطة تت وىل تنظيم
حياهتم العامة وتطبيق القواعد القانونية اليت خيضعون هلا ،جاء يف معجم ويبسرت الدويل ":اجملتمع هو الناس املقيمون يف مكان
معني ،أو منطق ة ب ذاهتا ،ت ربطهم ع ادة مص احل مش رتكة"؛ وه ذه املص احل املش رتكة تتش عب ع ادة إىل(املص احل الديني ة ،السياس ية،
االقتصادية ،الثقافية )...ألن اجملتمع يف تشكله عرب التاريخ جتمعه عناصر عديدة جتعله كاجلسد الواحد ،وهي غالبا :اللغة والدين
والعرق والتاريخ املشرتك؛ و مبرور الزمن تقوي هذه العناصر يف اجملتمع الرغبة يف العيش املشرتك ،واإلرادة يف صناعة املستقبل يف
كل أبعاده.
وليس شرطا يف اجملتمع أن تكون له دولة بأجهزهتا وسلطاهتا كما هو الشأن يف الدولة احلديثة ،بل يشرتط فقط وجود سلطة
عليا يف هذا اجملتمع تتوىل تنظيم شؤونه ،وتطبيق قواعده القانونية؛ وهبذا ميتد القانون ليشمل أعقد اجتماع إنساين منظم وهو
اجملتمع املعاصر إىل أبسط اجتماع بشري مثل القبيلة والعشرية.
واألش خاص حني يعيش ون يف جمتم ع ال ختل وا تص رفاهتم من إنش اء عالق ات ورواب ط تق وم على ثنائي ة ال واجب واحلق ،ورمبا
قاموا بتصرفات أدت إىل إحلاق الضرر بالغري يف بدنه أو ماله أو عرضه دون قصد ،ورمبا اختلفوا يف بعض احلقوق أو الواجبات،
وأحيانا يعتدي بعضهم على بعض عن قصد وإصرار؛ فكل هذه األشكال من التصرفات يتدخل القانون لينظمها واضعا جمموعة
من القواعد تبني الواجبات و احلقوق ،وتبني جزاء حكم اإلخالل هبا ،وجزاء االعتداء على اآلخرين سواء بقصد أو بغري قصد؛
بل ميتد سلطان القواعد القانونية ليشمل أيضا تصرفات األشخاص املعنوية بتنظيم نشاطها داخل اجملتمع.
وألجل هذا كله تفرعت قواعد القانون وتنوعت حبسب ما يستحدثه الناس من أشكال وأنواع النشاطات فتوجد قواعد تنظم
جمال اجلرائم والعقوبات ،وقواعد تنظم الروابط املالية ،وقواعد تنظم النشاط التجاري ،وأخرى تنظم سلطات الدولة وص الحيات
كل سلطة واحلريات العامة ،وأخرى تنظم األسرة ،وهكذا ...وتظهر العالقة الوطيدة بني القانون واجملتمع يف أن قواعد القانون
تعبري عن مصاحل اجملتمع وأوضاعه ،ولذا جندها ختتلف من جمتمع آلخر؛ بل ختتلف داخل اجملتمع الواحد من زمن آلخر.
ثانيا /العمومية والتجريد:
يقصد بعمومية القاعدة القانونية استغراق أحكامها جلميع املخاطبني هبا ،فالقاعدة القانونية ال تتوجه خبطاهبا وحكمها لشخص
معني ،أو حادثة معينة ،بل تتوجه حبكمها إىل كل من ختاطبهم ،وميكن مالحظة عمومية القاعدة القانونية يف صياغتها اللفظية،
ول ذا ع ادة م ا تص در القاع دة القانوني ة بلف ظ":ك ل ،من،ال التعري ف املفي دة لالس تغراق "..املفي دة للعم وم أو أي ص ياغة تفي د
االستغراق كذكر األشخاص بصفاهتم ومراكزهم القانونية.
ومن األمثلة على النوع األول ما جاء يف م 34من ق.م.ج ":كل من بل+غ س+ن التمي+يز ولم يبل+غ س+ن الرش+د ،وك+ل من بل+غ
سن الرشد وكان سفيها أو ذا غفلة ،يك+ون ن+اقص األهلي+ة وفق+ا لم+ا يق+رره الق+انون"؛ وكذا ما جاء يف م 45من ق.ع.ج":
من حيمل شخصا ال خيضع للعقوبة بسبب وضعه أو صفته الشخصية على ارتكاب جرمية يعاقب بالعقوبات املقررة هلا"؛ ومن
أمثل ة الن وع الث اين م ا ج اء يف م 902من ق.م.ج ":ميكن لل++دائن بع د التنبي ه على الم++دين بالوف اء ،أن ينف ذ حبق ه على العق++ار
المره++ +ون ويطلب بيع ه يف اآلج ال ،ووفق ا لألوض اع املق ررة يف ق انون اإلج راءات املدني ة" ،وك ذا م ا ج اء يف م 404من
ق.ع.ج ":ينتف ع بالع ذر املعفي ويعفى من العقوب ة األش++ +خاص ال++ +ذين يرتكب++ +ون الجناي++ +ات ال واردة في املواد 400و 401و
(402ختريب أو هدم منشآت عامة متعلقة بوسائل النقل) إذا أخربوا السلطات العمومية هبا وكشفوا هلا عن مرتكبيها وذلك
قب ل إمتامه ا وقب ل اختاذ أي ة إج راءات جزائي ة يف ش أهنا أو إذا مكن وا من القبض على غ ريهم من اجلن اة ح ىت ول و ب دأت تل ك
اإلجراءات".
وال يعين عمومية القاعدة القانونية ضرورة خماطبتها جلميع أشخاص اجملتمع ،فعمومية القاعدة تتحقق ولو كانت القاعدة متوجهة
خبطاهبا إىل شرحية معينة كالقواعد القانونية اليت تنظم سلك احملاماة ،أو األطباء أو املهندسني ،أو الطالب يف اجلامعات،أو األئمة
يف املساجد وغري ذلك ،فإذا كانت القاعدة القانونية متوجهة خبطاهبا إىل مجيع أفراد فئة من هذه الفئات حبيث تستغرقهم خبطاهبا
فهي قاع دة عام ة ،ومن أمثل ة ذل ك م ا ج اء يف م 54من ق انون الص حة وترقيته ا":جيب على ك++ل ط++بيب أن يعلم ف ورا املص احل
الصحية املعنية بأي مرض معد شخصه،وإال سلطت عليه عقوبات إدارية وجزائية".
وأم ا التجري د فيقص د ب ه أن القاع دة القانوني ة أثن اء وض عها وص ياغتها مل يوض ع يف احلس بان ش خص حمدد ،أو واقع ة بعينه ا،
فالقاعدة القانونية ال توضع حسب املقاس لتنطبق على أشخاص معينني أو وقائع حمددة؛ هذا على األقل هو املفرتض ،أما من
حيث املمارسة العملية ،فقد حيدث أن تصاغ قواعد قانونية حتقق مصاحل أشخاص أو فئات معينة ،وأحيانا توضع قواعد قانونية
ليفلت أش خاص من س لطة القض اء واحملاس بة وهك ذا؛ وأظه ر م ا يالح ظ ذل ك يف املنظم ات الدولي ة حيث تص اغ الق وانني على
املقاس ،فاألقوياء ميلكون حق "الفيتو" رغم قلتهم ،والضعفاء ال ميلكون شيئا رغم كثرهتم.
ثالثا /اإللزام:
اإلل زام ه و روح القاع دة القانوني ة كم ا ق ال أح د فقه اء الق انون املعاص رين ،فل وال اجلزاء و إلزاميت ه ملا اح رتم الن اس قواع د
الق انون؛ ف اجلزاء ه و ال ذي جيع ل قواع د الق انون فعال ة يف تنظيم احلي اة االجتماعي ة ،وق د مسي الق انون ب droit positifأي
القانون الفعال وفعاليته نابعة حبسب رجال القانون من اجلزاء املوضوع جبنب كل خمالفة حلكم من أحكامه.
ويف هذه النقطة بالذات خيتلف القانون البشري عن القانون اإلهلي اختالفا جوهريا ،خيتلفان من حيث اعتماد القانون الوضعي
كليا على اجلزاء املادي احلال ،بينما يعتمد التشريع اإلهلي على غرس اخلوف من اهلل تعاىل ورجاء الثواب من عنده على االمتثال،
ومن كان خيشى اهلل ال خيالف أحكامه ولو أمن من العقوبة ،أما من حيرتم القانون خوفا من العقوبة الدنيوية فقط فغالبا ما خيرق
أحكام القانون إذا علم أو غلب على ظنه اإلفالت من العقاب؛ كما خيتلف التشريع اإلهلي عن القانون الوضعي يف نوع اجلزاء
املرتتب على املخالفة يف اجملال اجلزائي على وجه اخلصوص.
ورغم وض وح ه ذه احلقيق ة فق د ح اول البعض طمس ها وال زعم ب أن الن اس إمنا حيرتمون الق انون ب دافع من الرتبي ة والتحض ر،
والواق ع أن ه ذا ال دافع ق د يوج د عن د بعض األش خاص لكن ه ال ميكن أن يوج د عن د األغلبي ة الس احقة من الن اس ،يق ول ولي د
نويهض":
يف السبعينات من القرن املاضي انقطعت الكهرباء يف نيويورك؛ وخالل مدة تسع ساعات اهنارت املدينة فدبت فيها الفوضى،
وان دلعت الن ريان ،وهنبت املت اجر ،وعمت الس رقات ،وح وادث القت ل واالغتص اب ،وجتم دت حرك ة الس ري ،وفق دت الدول ة
(والبلدية) سيطرهتا على كل مرافق نيويورك ومصارفها وبورصتها وغريها من شرايني احلياة.
وبعد عودة التيار الكهربائي احتاجت البلدية (مدعومة من الدولة الفيدرالية) إىل أسابيع إلعادة احلياة الطبيعية إىل املدينة؛ وحىت
اآلن مل تعرف األسباب اليت دفعت بأهايل نيويورك إىل استغالل انقطاع الكهرباء والعبث باملدينة وهنبها".
وخيتلف اجلزاء القانوين باختالف طبيعة املخالفة إىل :جزاء مدين ،جزاء إداري ،جزاء جنائي ،جزاء دويل.
/1اجلزاء املدين :وهو جزاء يطبق على خمالفة القواعد القانونية املنظمة للروابط املدنية بني األشخاص ومن أمثلته :التعويض املدين
على الضرر ،أو التقصري يف احلفظ ،بطالن العقد.
/2اجلزاء اإلداري :ويطبق يف حالة خمالفة املوظف للقواعد املنظمة لوظيفته ،كارتكاب أخطاء ،التأخر عن العمل ،ومن أمثلته:
التنزيل من الدرجة ،اإلنذار ،التوبيخ ،الفصل ،اخلصم من الراتب...
/3اجلزاء اجلنائي :ويكون عند قيام الشخص بفعل شيء أو كف عن شيء ،أو قول أو كف عن قول يعتربه القانون جرمية ومن
أمثل ة اجلزاء اجلن ائي :اإلع دام ،الس جن(املؤب د واملؤقت) احلبس ،الغرام ة ،املص ادرة ،س حب الرخص ة ،التشهري ،املنع من اإلقام ة،
حتديد اإلقامة...
/4اجلزاء الدويل :هو مجيع اإلجراءات والتدابري اليت تلجأ إليها الدول فرادى أو بعمل مجاعي ضد الدولة اليت انتهكت أحكام
النظام القانوين الدويل ،بقصد إرغام هذه الدولة املخالفة على تعديل سلوكها املنحرف وإصالح الضرر الذي جنم عن سلوكها
ه ذا ،ول ه ع دة أش كال منه ا م ا ه و ج زاء معن وي مث ل الل وم واالس تنكار و يتمث ل يف اس تنكار ال رأي الع ام ال دويل أو إعالن
االحتجاج وتوجيه اللوم إىل الدولة املنتهكة لقواعد القانون الدويل بقرار من منظمة دولية أو مؤمتر دويل ،ومن أمثلته :توجيه
اجلمعية العامة لألمم املتحدة يف أكتوبر 1949اللوم إىل اجملر وبلغاريا بسبب حماكمة الكثري من رجال الدين؛ أو سحب املمثلني
الدبلوماسيني وطرد ممثلي الدولة املنتهكة ،ومن أمثلته استدعاء ملك املغرب لسفريه يف باريس احتجاجا على تفجري فرنسا ألول
قنابلها الذرية يف رقان بالصحراء اجلزائرية يف فرباير .1960
وقد يتخذ اجلزاء الدويل طابعا ماليا ومن أمثلته قيام فرنسا وبريطانيا بتجميد األرصدة املصرية وأموال املصريني لديها وإعالهنما
أن ق رار الت أميم (ت أميم قن اة الس ويس) خيالف اتفاق ا دولي ا ه و اتفاقي ة القس طنطينية لع ام 1888؛ ومن أمثلت ه أيض ا احلص ار
االقتصادي مبنع االسترياد والتصدير إال يف احلدود الدنيا اليت يسمح هبا القانون الدويل؛ وقد يتطور األمر إىل إعالن احلرب.
ال تتفرد قواعد القانون بتنظيم السلوك االجتماعي ،بل توجد قواعد أخرى تشاركها يف هذه املهمة االجتماعية ،و هي قواعد
الدين ،قواعد األخالق ،وقواعد الع ادات واجملامالت؛ وهذا وفقا للرؤية الغربية اليت تقيم فصال واضحا بني مهمة الدين ومهمة
القانون ،فالدين يهتم بتنظيم عالقة الفرد بربه الذي يعبده ،أما احلياة العامة بكل أبعادها فهي وظيفة القانون؛ وإذا كان اإلله املعبود
هو مصدر الدين ،فإن مصدر القانون هو العقل اإلنساين والتجربة البشرية.
أما يف املذهبية اإلسالمية فإن القانون واألخالق جزء ال يتجزأ من الدين نفسه ،وهذا اجملموع املتكامل مصدره األول واألوحد
ه و اهلل تع اىل ،وم ا الرس ل الك رام عليهم الس الم إال مبلغ ون عن اهلل تع اىل؛ يق ول اهلل ع ز وج ل لرس وله اخلامت علي ه الص الة
والس الم":إن علي ك إال البالغ" ويق ول ج ل ش أنه":إن أنت إال ن ذير"؛ فاإلس الم ال يع رف الفص ل بني ال دين وال دنيا ،بني العب ادة
والروابط االجتماعية ،ألن العبادة يف اإلسالم تتسع لكل ضروب النشاط اإلنساين الفردي واالجتماعي ،فاملصلي عابد هلل تعاىل
بصالته ،واحلاكم عابد هلل تعاىل وهو يؤدي واجباته بإخالص وإتقان ويف حدود شرع اهلل تعاىل ،فالذي شرع الصالة وجعلها
عب ادة من أش رف وأج ل القرب ات ،أم ر األم ة بإقام ة اخلالف ة حلراس ة ال دين وسياس ة ال دنيا؛ يق ول املاوردي الش افعي رمحه اهلل
تع اىل":ف إن اهلل جلت قدرته ،ندب لألم ة زعيم ا خلف به النبوة ،وح اط به املل ة ،وفوض إليه السياس ة ،ليص در الت دبري عن دين
مشروع ،وجتتمع الكلم ة على رأي متبوع"؛ وبناء عليه فما نتناوله يف ه ذه املادة ه++و نظ++رة غربي++ة بحت++ة للق++انون المنفص++ل عن
الدين؛ وقد بني الكثري من الكتاب يف نظرية القانون الفرق بني قواعد القانون – واليت هي حمل الدراسة -وبقية القواعد املنظمة
للسلوك االجتماعي؛ وميكن جتلية هذه الفروق من خالل الزوايا التالية :املصدر ،املضمون ،الغاية ،اجلزاء.
تقسيم القانون
- 1ننبه فقط إلى أن بعض كبار فقه++اء الق++انون ينك++رون تمام++ا أهمي++ة ه++ذا التقس++يم ،ومن أب++رزهم الفقي++ه النمس++اوي :ه++انز كلس++ن ( Hans Kelsenس++يد تن++اغو/
النظرية العامة للقانون ،ص.)559 :
أوال /معايير تقسيم القانون إلى عام وخاص :يرجع أصل هذا التقسيم إىل القانون الروماين ،وقد امتد إىل الفقه الالتيين احلديث
ش أنه ش أن الق انون اخلاص ،فال ي زال ه ذا التقس يم معم وال ب ه يف عص رنا احلايل؛ وإذا ك ان الفقه اء ق دميا وح ديثا ق د س لموا هبذا
التقس يم ورأوا بأنه ض روري ،ف إن غ ري املس لم ب ه عن د بعض هم البعض ه و املعي ار ال ذي ينبغي أن يعتم د للتفرق ة بني الق انون الع ام
واخلاص ،ومن مث ظهرت عدة معايري بلغ البعض يف عدها إىل سبعة عشر معيارا؛ وهذا يدل -كما نبه أحد الباحثني – على أن
جمال التمي يز خص ب متن وع من جه ة ،وم دى الص عوبة ال يت واجهت احلرك ة الفقهي ة من أج ل حتدي د معي ار ج امع للفص ل بني
القانونني من جهة أخرى؛ ولن خنوض طبعا يف سرد كل تلك املعايري ،فإن ذلك سيطول ،وإمنا سنكتفي بذكر أمهها يف الساحة
الفقهية وهي حبسب العديد من الباحثني أربعة:
/1معيار درجة اإللزام :خالصة هذا املعيار أن معيار التفرقة بني القانون العام والقانون اخلاص يكمن يف درجة اإللزام يف القاعدة
القانونية،فالقاعدة اآلمرة تنتمي إىل القانون العام ،بينما القاعدة املكملة تنتمي إىل القانون اخلاص ،ولعل املناصرين هلذا املعيار هو
ذلك اجلانب من الفقه الذي يرى بأن القاعدة املكملة قاعدة ملزمة لكن درجة اإللزام فيها أقل من اإللزام يف القاعدة اآلمرة؛ وقد
لقي ه ذا املعي ار انتق ادات ش ديدة أمهه ا أن الق انون اخلاص أيض ا يتض من قواع د آم رة حبيث ال جمال فيه ا إلرادة األش خاص ،مث ل
القاعدة القانونية احملددة لسن الرشد القانوين ،القاعدة اليت توجب أن يكون عقد الشركة مكتوبا.
/2طبيعة المجال الذي تنظمه القاعدة القانونية :ذهب بعض الفقهاء إىل القول بأن القانون العام ال ينظم العالقات املالية ،بينما
القانون اخلاص جوهر تنظيمه العالقات أو الروابط املالية بني األشخاص؛ وقد انتقد هذا املعيار أيضا واعترب غري دقيق وال صحيح،
ألن القانون العام ينظم اجلانب املايل أيضا ،بل فيه فرع بأكمله هو قانون املالية الذي ينظم مالية الدولة احلديثة؛ ومن جهة أخرى
فإن القانون اخلاص أيضل ال ينظم جمال النشاطات والتصرفات املالية فقط ،بل فيه جوانب أخرى غري مالية ،مثل بعض أحكام
الغائب واملفقود غري املالية ،حتديد سن الرشد ،األهلية...
/3طبيعة المصلحة :وفقا هلذا املعيار تعترب املصلحة العامة أساس القانون العام ،بينما ينفرد القانون اخلاص بتنظيم العالقات اليت
تسود فيها املصلحة اخلاصة لألشخاص ،وممن قال هبذا املعيار الفقيه "أولبيان"؛ مل يسلم هذا املعيار كسابقيه من النقد ،وأهم تلك
االنتق ادات ه و ع دم وجود ح دود واض حة وفاص لة بني املص لحة العام ة واخلاص ة ،فالق انون بك ل فروع ه وقواع ده إمنا يه دف إىل
حتقيق املصلحة العامة ،فالقانون اخلاص ال توجد فيه قواعد قانونية تغلب املصلحة اخلاصة على حساب املصلحة العامة بل إننا عند
التأمل جند أشد قواعد القانون وضوحا يف حتقيق املصلحة اخلاصة وهي قواعد الزواج حتقق املصلحة العامة ،فبفضل يستمر النسل
وتتكون األسرة اليت هي اخللية األوىل لتكوين اجملتمع.
/4ص++فة األش++خاص أط++راف العالق++ة القانوني++ة:إن أس اس التفرق ة يف ه ذا املعي ار ه و األش خاص املش كلني للعالق ة القانوني ة ال يت
تنظمه ا القاع دة القانوني ة ،وينبغي اإلش ارة هن ا إىل أن إطالق اص طالح الش خص ينطب ق على الش خص الط بيعي وه و اإلنس ان،
والشخص املعنوي وهو الكيانات االعتبارية كالدولة وسائر فروعها ،األحزاب السياسية ،اجلمعيات ،هذا من ناحية ،ومن ناحية
أخرى فإن الشخص االعتباري أو املعنوي قد يكون خاصا وقد يكون عاما.
إن الدولة وهي أهم شخص معنوي أثناء ممارستها لنشاطاهتا املختلفة تتصرف باعتبارين:
أ /تص رف الدول ة باعتبارها ص احبة السيادة :تدخل الدول ة يف عالق ات قانونية م ع األشخاص بص فتها ص احبة الس يادة أي األمر
والنهي ،وعلى األشخاص اخلضوع والطاعة ،مثل إصدار الدولة قرارا بنزع ملكية قطعة أرض من أحد األشخاص جربا عنه مقابل
تعويض.
ب /تصرف الدولة باعتبارها شخصا قانونيا عاديا :تدخل الدولة أحيانا من خالل فروعها املختلفة يف عالقات قانونية باعتبارها
شخصا قانونيا عاديا ،حبيث ال متثل السلطة العامة ،وتتصرف جمردة عن حق اإلجبار واألمر والنهي ،كتأجريها أو بيعها أو شرائها
من األشخاص فيما خيضع من هذه العقود للقانون اخلاص.
إن أساس التفرقة يف هذا املعيار هو النظر إىل الصفة اليت متارس هبا الدولة تصرفاهتا وعالقاهتا القانونية مع األشخاص ،فإذا كانت
الدولة يف عالقة قانونية باعتبارها صاحبة السيادة فنحن أمام القانون العام ،أما إذا كانت طرفا قانونيا عاديا جمرد عن سلطة اإلجبار
واألمر والنهي فنحن يف نطاق القانون اخلاص؛ وعلى أساس هذا التقسيم مسي القانون العام :قانون السيطرة أو اخلضوع ،بينما مسي
القانون اخلاص :قانون املساواة أو التوازن.
بناء على ما سبق ميكن تعريف القانون العام و القانون اخلاص على النحو التايل:
القانون العام :هو القواعد القانونية اليت تنظم كيان الدولة ،والعالقات اليت تكون الدولة أو أحد فروعها( الوالية ،البلدية )...طرفا
فيها باعتبارها صاحبة السيادة.
القانون اخلاص :القواعد القانونية اليت تنظم العالقات اليت ال تكون الدولة –أو أحد فروعها -طرفا فيها باعتبارها صاحبة السيادة.
ثانيا /فروع القانون العام والقانون الخاص:
القانون العام وفروعه :ميكن تقسيم العالقات اليت تكون الدولة باعتبارها صاحبة السيادة إىل نوعني:
-عالقات الدولة بغريها من الدول واهليئات الدولية.
-عالقات الدولة مع األشخاص العاديني طبيعيني كانوا أم اعتباريني.
وبناء على هذا يذهب الفقه إىل تقسيم القانون العام إىل:
أ /القانون العام الخارجي :ويعرف بالقانون الدويل العام؛ وهو ":جمموعة القواعد القانونية اليت تنظم عالقات الدول ببعضها يف
وقت السلم واحلرب ،وعالقاهتا باملنظمات الدولية ،وعالقات املنظمات الدولية ببعضها".
وقت السلم :يبني القانون الدويل العام أشخاص اجملتمع الدويل ،والشروط اليت جيب توافرها يف الدولة حىت تعترب شخصا
دوليا وتنال االعرتاف هبا ،وينظم ما تربمه الدول فيما بينها من اتفاقات ومعاهدات ،يبني طرق متثيل الدول سياسيا أو قنصليا
لدى بعضها البعض ،والطرق السلمية لفض النزاعات بينها كاملفاوضات والتحكيم ،وتسمى هذه القواعد بقواعد السلم.
وقت احلرب :ي بني إج راءات إعالن احلرب من قب ل دول ة على أخ رى ،حيدد وس ائلها املش روعة ،كيفي ة إهناء احلرب
( اهلدنة أو الصلح) معاملة األسرى ،محاية املدنيني ،تأمني مرور الغذاء والدواء ومنظمات اإلغاثة...،وتسمى هذه القواعد بقواعد
احلرب.
ب /الق++انون الع++ام ال++داخلي" :جمموع ة القواع د القانونية ال يت حتدد كيان الدول ة وتنظم العالق ات ال يت تق وم بني الدول ة –أو أحد
فروعها -حني تتصرف باعتبارها صاحبة السيادة واألشخاص الطبيعيني أو األشخاص املعنوية اخلاصة ،أو العالقات اليت تقوم بني
الدولة وأحد فروعها أو فيما بني هذه الفروع".
وعرف تعريفا آخر أوجز فقيل ":جمموع القواعد القانونية اليت حتكم العالقات املتصلة حبق السيادة داخليا وخارجيا"؛ ويتكون
القانون العام الداخلي من عدة فروع هي:
/1القانون الدستوري :جمموعة القواعد القانونية اليت تنظم شكل الدولة ،وسلطاهتا وهيئاهتا العامة ،وعالقة كل منها باألخرى،
وحتدد احلق وق األساس ية ،احلري ات العام ة والواجب ات العام ة وس ائر املب ادئ العام ة ال يت تعت رب حمل إمجاع وط ين؛ ويع د الق انون
الدستوري أعلى نص قانوين يف الدولة ،حبيث ينبغي أن تتقيد سائر النصوص التشريعية مبوافقته وعدم خمالفته.
/2القانون اإلداري :جمموعة القواعد القانونية اليت تنظم قيام السلطة التنفيذية بأداء وظائفها اإلدارية املختلفة ،وللسلطة التنفيذية
نوعان من النشاط:
أولهما :نشاط يتعلق بأعمال السيادة:ويطلق عليه اسم العمل السياسي مثل :دعوة الربملان لالنعقاد ،حل اجمللس ،تشكيل احلكومة،
تغيريها ،استقالتها ،إعالن حالة الطوارئ ،إعالن احلرب...
وثانيهما :نشاط يتعلق بأعمال اإلدارة :ويعين تصريف أمور اجملتمع ،ويطلق عليه اسم :الضبط اإلداري أو العمل اإلداري ،وهذا
األخري هو الذي ينظمه القانون اإلداري؛ وميكن تلخيص املسائل اليت ينظمها القانون اإلداري عموما فيما يلي:
أ /أنواع اخلدمات اليت تتوىل السلطة التنفيذية حتقيقها،كيفية إدارة املرافق العامة.
ب /العالقة بني احلكومة املركزية ومجيع اإلدارات احمللية واملؤسسات العامة.
ج /يبني األموال العامة وحيدد النظام القانوين الذي حيكمها وكيفية استغالهلا واالنتفاع هبا.
د /عالقة احلكومة مبوظفيها :كيفيات تعيينهم وترقيتهم ،وتأديبهم وإقالتهم أو استقالتهم.
ه /بيان األعمال والعقود اإلدارية وشروطها.
و /وضع أساس الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة ،وطرق ممارسة هذه الرقابة.
/3القانون املايل :جمموعة القواعد القانونية اليت تنظم مالية الدولة :حتديد مصروفاهتا ،وجوه إنفاقها ،الدفاع ،الصحة ،التعليم...
بيان إيراداهتا :الضرائب ،األموال اليت حتصلها مقابل خدمات تؤديها ،فوائد إدارة أمالكها اخلاصة ،القروض اليت تلجأ إليها الدولة
لس د العج ز يف م يزان املدفوعات ،أو إلنش اء مش اريع؛ والق انون املال يعت رب ح ديث النش أة ألن ه ك ان س ابقا من دجما يف الق انون
اإلداري.
/4القانون اجلنائي :جمموعة القواعد القانونية اليت حتدد اجلرائم والعقوبات وما يتعلق هبا من مسائل ،وتبني اإلجراءات الواجب
اتباعها من وقت وقوع اجلرمية إىل غاية توقيع العقوبات ،ومن خالل التعريف يتضح أن القانون اجلنائي يتضمن نوعني من القواعد
القانونية :موضوعية وإجرائية شكلية.
أ /قانون العقوبات( القواعد املوضوعية) :وينقسم هو اآلخر إىل قسمني:
القسم العام :القواعد العامة ليكون الشخص مسئوال جنائيا ،أركان اجلرمية ،تقسيم اجلرائم حسب خطورهتا( جنايات، -
جنح ،خمالف ات) والعقوب ة املخصص ة لك ل ش كل منه ا بص فة عام ة ،أس باب اإلباح ة ،اإلعف اء من العق اب ،ظ روف التخفي ف
والتشديد.
القس م اخلاص :يتض من ك ل جرمية على ح دة والعقوب ة املرص ودة هلا ،م ع بيان ش روطها وص ورها واالس تثناءات والقيود -
الواردة عليها جترميا ومعاقبة.
ب /قانون العقوبات( القواعد الشكلية أو اإلجرائية):ويسمى قانون اإلجراءات اجلنائية أو اجلزائية ،يبني هذا القانون اإلجراءات
الواجب اتباعها لتطبيق قانون العقوبات ،عند وقوع اجلرمية ضبط الفاعل ،التحقيق معه ،حماكمته ،احلكم عليه ،الطعن يف األحكام،
تنفيذ العقوبات والسلطات املختصة باتباع هذه اإلجراءات؛ ويوجد عدد من الفقهاء (وإن كانوا قلة) يرون أن قانون العقوبات
من الق وانني املختلط ة أي ي دخل يف نط اق الق انون الع ام واخلاص مع ا يف آن واح د ،فه و من ناحي ة دف اع عن اجملتم ع ،ومن ناحي ة
أخرى يعاقب على جرائم تقع على األفراد أنفسهم وتضر حبقوقهم ومصاحلهم اخلاصة ،ولعل مرد هذا القول النظر إىل القانون
الع ام باعتب اره ق انون املص لحة العام ة ،والق انون اخلاص ق انون املص لحة اخلاص ة كم ا رأين ا يف مع ايري التفرق ة بني القس مني الع ام
واخلاص.
القانون الخاص وفروعه:يتضمن القانون الخاص الفروع التالية:
/1الق انون املدين :ه و أم ف روع الق انون اخلاص ،ول ذا يلج أ إلي ه القاض ي م ىت مل جيد نص ا ينظم املس ألة يف أي ف رع من ف روع
الق انون اخلاص ،ويعت رب الش ريعة العام ة يف عالق ات الق انون اخلاص؛ وينظم الق انون املدين عالق ات الف رد بأس رته ويطل ق
عليها"األحوال الشخصية" وتسمى عندنا يف اجلزائر " قانون األسرة" ،ويف املغرب" مدونة األسرة " ويدخل فيها :القواعد اخلاصة
بأهلية اكتساب احلقوق ،القواعد اخلاصة بالزواج ،الطالق ،النسب ،النفقة املرياث ،واليت استقل هبا عندنا قانون األسرة؛كما ينظم
عالقات الفرد املالية ويطلق عليها " األحوال العينية" مثل القواعد اخلاصة بااللتزامات املالية املختلفة مثل :العقود( البيع ،اإلجيار،
الرهن.)..
/2الق انون التج اري :ه و عب ارة عن جمموع ة القواع د القانوني ة ال يت تنظم املع امالت التجاري ة ،فيتض من القواع د اخلاص ة بتعري ف
الت اجر ،حتدي د األعم ال التجاري ة ،وك ل م ا يتعل ق بالنش اط التج اري مث ل إفالس الت اجر....والق انون التج اري يعت رب أيض ا من
التقنينات احلديثة ألنه كان يف السابق جمرد باب من أبواب القانون األم القانون املدين؛ لكن نظرا لتطور النشاط التجاري وتشعبه
مل تعد قواعد القانون املدين العادية قادرة على ضبط÷ ملا يتميز به من خصوصية :السرعة والثقة.
/3الق انون البح ري :جمموع ة القواع د القانوني ة ال يت تنظم نش اط املالح ة البحري ة ،حيث يتن اول الس فينة من حيث ش روط بنائه ا
وجتهيزه ا ،ومس ؤولية مالكه ا والت أمني عليه ا ...كم ا يتن اول خمتل ف النش اطات املالح ة البحري ة كت أجري الس فينة ،نق ل املس افرين
والبضائع وااللتزامات واحلقوق اليت تنشأ عن ذلك ،ويستمد كثريا من قواعده من االتفاقيات الدولية.
/4القانون اجلوي :جمموعة القواعد القانونية اليت تنظم نشاط املالحة اجلوية ،ويتضمن الشروط املتعلقة بالطائرة ،ومسؤولية مالك
الطائرة ،ومىت يعفى من املسؤولية ،التأمني ،الضمان...،
/5ق انون العم ل :جمموع ة القواع د القانوني ة ال يت تنظم عالق ات العام ل ب رب العم ل يف نط اق العم ل مقاب ل أج ر ،وق د ظه ر ه ذا
القانون كرد فعل لضغط التيارات االجتماعية ضد الطبقة الربجوازية ،فتدخل املشرع حلماية العمل من تعسف وظلم رب العمل
وكان من نتائج ذلك أن ظهرت عدة أفكار لصاحل الطبقة العاملة من أمهها :حتديد ساعات العمل ،احلق يف العطلة ،التعويض يف
إصابات العمل ،احلق يف التأمني ،احلق يف التقاعد...
/6قانون اإلجراءات املدنية والتجارية :ويشتمل على جمموع تني األوىل منهما :تبني القواعد املنظمة للسلطة القض ائية من حيث
بيان أنواع احملاكم وتشكيلها ،اختصاص كل منها ،الشروط الواجب توافرها يف تعيني القضاة ،حقوقهم وواجباهتم ،وتسمى هذه
اجملموع ة ب" التنظيم القض ائي"؛ واجملموع ة الثاني ة :وهي القواع د ال يت ت بني اإلج راءات ال واجب إتباعه ا لرف ع ال دعوى ،ش روط
الدعوى ،تنازع االختصاص ،وسائل الدفاع واإلثبات ،االستعجال ،األحكام احلضورية والغيابية...
/7القانون الدويل اخلاص :هو جمموعة القواعد اليت تنظم العالقات ذات الطرف األجنيب ،وذلك ببيان احملكمة املختصة بالفصل
فيه ا والق انون ال واجب التط بيق؛ وتك ون العالق ة ذات ط رف أجن يب إذا ك ان أح د طرفيه ا أو كالمها أجنبي ان ،ومن أمثلت ه زواج
جزائري بفرنسية ،أو تعاقد أجنبيني يف اجلزائر.
تقسيم القانون من حيث صورة اإللزام :يقسم الفقهاء القانون هبذا االعتبار إىل قواعد آمرة وقواعد مكملة أو مفسرة، .II
فلنعرف بكل واحدة منهما على حدة ،ولنضرب لذلك أمثلة فباملثال يتضح املقال كما قيل.
أوال /القواع+د اآلم++رة :تعرف بأهنا هي القواعد القانونية اليت ال يرتك املشرع لألشخاص االتفاق على خمالفتها ،سواء كان هذا
االتف اق ثنائي ا أو عرف ا جيري ب ه العم ل بني أف راد اجملتم ع؛ أو هي :القواع د ال يت جترب األف راد على إتباعه ا واحرتامه ا وال جيوز هلم
االتفاق على ما خيالف حكمها ،وكل اتفاق على خمالفة حكمها يعترب اتفاقا باطال ال يعتد به ،ألن هذا النوع من القواعد القانونية
يت وىل تنظيم مس ائل تتعل ق بإقام ة النظ ام يف اجملتم ع ،ول ذلك ال يص ح أن ي رتك مث ل ه ذا التنظيم إلرادة األف راد .
و تسمى القواعد اآلمرة وأحيانا القواعد الناهية على أساس أهنا قواعد مفروضة وال خيار األشخاص يف إتباعها أو عدم إتباعها بل
عليهم العمل مبقتضاها واخلضوع حلكمها؛ غري أن لفظ اآلمرة هو األكثر استخداما من غريه ،وال بد من التنبيه إىل أن إطالق لفظ
اآلم رة على ه ذه القواع د ال يع ين أهنا تتض من أم را يف مجي ع احلاالت ،ب ل تتض من أحيان ا هني ا ،وإمنا غلب اس تعمال لف ظ "القواع د
اآلمرة" على اعتبار أن األمر أدل على اللزوم؛ ومن أمثلة القواعد اآلمرة :القواعد اليت تبني شكل احلكم والدولة ،سلطات الدولة
والعالق ات بينه ا ،ش روط الرتش ح لرئاس ة اجلمهوري ة ،قواع د ق انون العقوب ات ،بعض قواع د الق انون املدين مث ل القاع دة ال يت متن ع
القاض ي من ش راء احلق املتن ازع في ه إذا ك ان النظ ر يف ال نزاع الث ائر بش أنه داخ ل يف جمال اختص اص احملكم ة ال يت ميارس عمل ه يف
دائرهتا ،القاعدة اليت حتدد سن الرشد القانوين ،القاعدة اليت تبني احملرمات من النساء يف قانون األسرة...
ثاني++ا /القواع++د المكمل++ة أو المفس++رة :هي تلك القواعد اليت أجاز املشرع لألفراد االتفاق على خمالفتها سواء بشكل ثنائي أو
بشكل مجاعي مثل العرف ،ألهنا ال تتصل باملصلحة العامة للجماعة ،بل تتعلق باملصاحل اخلاصة لألفراد ،لذلك آثر املشرع أن يرتك
هلم حرية تدبري مصاحلهم وأال يضيق عليهم ،وألنه لو وضع هلم قواعد آمرة لكان لزاما عليهم اخلضوع هلا ،بينما طبيعة املصاحل يف
هذا النوع من العالقات القانونية يقتضي قدرا من احلرية واملرونة حبيث نضمن النظام من جهة ،وحتقيق مصاحل األفراد وما يريدونه
من جهة أخرى.
لكن املش رع يعلم أن األف راد ق د ال ينتبه ون إىل تنظيم بعض القض ايا التفص يلية ليث ور ال نزاع بينهم بع د ذل ك ،ل ذا ت دخل املش رع
ليضع تنظيما احتياطيا لسد هذه الثغرة وحل النزاع ،فإن وجد اتفاق فهو الشريعة بني املتنازعني ،وإن وجد عرف فهو احلكم
بينهم ،وإن مل يوج د ش يء من ذل ك أي ال اتف اق وال ع رف ف إن النص التش ريعي ال ذي ينظم ه ذه العالق ة ه و ال ذي حيكم حلل
النزاع.
ومن األمثلة على القواعد املكملة :القواعد اليت تنص على مكان و وقت تسليم الثمن وهي م 387واليت جاء فيها ":يدفع مثن
املبيع من مكان تسلم املبيع م++ا لم يوج++د اتف++اق أو ع++رف يقض++ي بغ++ير ذل++ك" واملادة ":388يكون مثن املبيع مستحقا فيا لوقت
الذي يقع فيه تسليم املبيع ،ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقض+ي بخالف ذل+ك" ،والقاعدة اليت تقضي بعدم وجوب التضامن بني
الش ركاء فيم ا هم مس ؤولون عن ه حيث ج اء يف م 435من ق م ":ال تض امن بني الش ركاء فيم ا هم مس ؤولون عن ه من دي ون
الشركة ،إال إذا وجد اتفاق يقضي بخالف ذلك".
مصادر القانون
إن القواعد اليت تنظم السلوك االجتماعي كلها هلا مصدر ترجع إليه ،فقواعد الدين واألخالق (قي املنظور اإلسالمي األخالق
جزء من الدين وليست منظومة خارجة عنه مستقلة بكياهنا ومصدرها) مصدرها التشريع اإلهلي السماوي ،وكذلك القانون له
مصادر تنشئه وتشكله ،غري أن مصادر القانون نوعان :مصادر مادية وموضوعية ،ومصادر رمسية أو شكلية.
/1المصادر المادية أو الموضوعية:
ويقصد هبا جمموع العوامل والظروف اليت تسهم يف تكوين القاعدة القانونية وحتديد مضموهنا ،فقد تكون هذه العوامل:اقتصادّية،
اجتماعية ،سياسية ،طبيعية ،تارخيية ،علمية وتقنية ...ومن األمثلة على ذلك:
-م ّر ت اجلزائ ر بظ روف أمني ة دفعت املش ّر ع ألن يص در قانون ا يس مى "ق انون مكافح ة اإلره اب" وهي جمموع ة قواع د تع ّر ف
األعمال اليت تعترب إرهابية وما هي العقوبات املرصودة هلا.
-نتيجة للتطور العلمي والتقين الذي عرفته البشرية ظهرت للوجود بعض التصرفات اليت فيها اعتداء على مصاحل الغري ومساس
حبق وق اآلخ رين ،مث ل اجلرائم اإللكرتوني ة :س رقة معلوم ات ،ختريب مواق ع ...ب ل ظه رت أيض ا عق ود إلكرتوني ة تتم عن طري ق
الشبكة العنكبوتية ،فهذا التطور دعا املش ّر ع ألن يواكب التطور فيج ّر م األعمال اليت فيها اعتداءات على الغري ،وباملقابل أيضا
يصدر قواعد قانونية ينّظم من خالهلا التصّر فات اليت حتقق املصاحل لألشخاص.
/2المصادر الشكلّية أو الّر سمّية:
ويقصد هبا الوسائل اليت تظهر هبا قواعد القانون وخترج فيها إىل الوجود مقرونة باإللزام ،فاملصادر املادية لوحدها غري كافية
لتكوين القاعدة القانونية ،بل البد من أن تصاغ صياغة قانونية مناسبة؛ ومسيت هذه املصادر شكلّية ألهنا الّش كل الذي تظهر فيه
اإلرادة امللزمة للجماعة ،ومسيت أيضا بالرمسية ألهنا الوسائل اليت يعرتف هبا القانون و جتعل القاعدة القانونية نافذة وملزمة.
وللتوض يح أكثر نقول :إّن الّتطور الّتق ين على سبيل املثال أوجد يف اجملتمع تص ّر فات مل تكن معهودة من قبل ،وهذه التص ّر فات
بعضها نافع حيقق املصاحل وبعضها ضار ألنه فيه اعتداء على املصاحل ،فاملش ّر ع أمام هذا الواقع ال ميكن أن يبقى مكتوف اليدين
واألشخاص يعتدى على أمواهلم وأسرارهم الّش خصّية بل البد من تنظيم هذه الّتصّر فات إذنا أو منعا أو تقييدا.
إذن فاملشّر ع اختذ من هذه العوامل (التقنّية) وهي املصادر املادّية أو املوضوعّية املاّد ة اخلام وخرجت قواعد قانونّية على شكل
تشريع (املصادر الّش كلّية) تبني ما جيوز وما ال جيوز؛ واخلالصة أّن املصادر املادّية يف الواقع ما هي إّال مرحلة تسبق املصادر الّر مسّية
وتكون مبثابة املقّد مة الّض رورّية هلا ،فال توجد قاعدة قانونّية دون أو قبل املصادر املادّية.
واّلذي سنتناوله بالدراسة هو الّنوع الّثاين من مصادر القانون ،أي املصادر الرمسّية أو الّش كلية ،وقد نّص ت املادة األوىل من التقنني
املدّين اجلزائّي على هذه املصادر بقوهلا" :يسري القانون على مجيع املسائل اليت تتناوهلا نصوصه يف لفظها أو فحواها.
/2وإذا مل يوجد نّص تشريعي حكم القاضي مبقتضى مبادئ الشريعة اإلسالمّية.
/3فإذا مل يوجد فبمقتضى العرف.
/4فإذا مل يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة".
فاملصادر الرمسية امللزمة اليت يعتد هبا املشرع اجلزائري يف القانون املدين أربعة وهي :التشريع ،مبادئ الشريعة اإلسالمّية ،العرف،
مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة؛ وبالنظر إىل نص هذه املادة ميكن تسجيل املالحظات التالية:
أ /إّن نّص املش ّر ع على ه ذه املص ادر يف ص در الكت اب األول من التق نني املدين وحتت عن وان" أحك ام عام ة" املقص ود من ه بي ان
مصادر القانون اخلاص ككل ،ألن القانون املدين كما رأينا يف تقسيم القانون هو مبثابة األصل واألم لكل فروع القانون اخلاص.
ب /إن الرتتيب الوارد يف نص املادة هلذه املصادر مقصود ،فالقاضي ملزم أن يستنفذ جهده يف املصدر األول وهو النص التشريعي
قبل االنتقال إىل املصدر الذي يليه وهكذا...
مث إن األصل أو يف الغالب يف الدولة احلديثة أن التشريع يتوىل تنظيم خمتلف الروابط ،وبناء عليه فإن القاضي غالبا ال يعدل إىل
املصادر األخرى إال يف حالتني:
/1حالة سكوت املشرع عن معاجلة موضوع معني.
/ 2حالة وجود نص تشريعي ولكنه ال ينظم املوضوع بل يكتفي بإحالة القاضي إىل مصدر آخر كالشريعة اإلسالمية أو العرف.
يالح ظ أن نص املادة أغف ل اعتب ار الفق ه والقض اء ،وق د كان ا مص درين رمسيني يف الش رائع القدمية ،وص ارا يف العص ر احلديث
مص درين تفس رييني ،كم ا يالح ظ أن نص املادة قس م قواع د الق انون إىل قواع د ذات مص در تش ريعي وهي :التش ريع ،مب ادئ
الشريعة اإلسالمية ،وقواعد ذات مصدر غري تشريعي :العرف ،مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة؛ وُيْظِه ر هذا الرتتيب إعطاء
القوانني احلديثة األولوية للتشريع ولذا جاءت القواعد التشريعية متصدرة مصادر القانون؛ وعليه ستكون دراستنا هلذه املصادر وفقا
للرتتيب الذي سار عليه املشرع املدين اجلزائري.
أوال /التشريع:
/1تعريفه :يطلق التشريع على معنيني أحدمها عام واآلخر خاص:
أ /المعنى العام :يقصد به يف هذا املستوى أحد أمرين:
عملي ة قي ام الس لطات املختص ة يف الدول ة بوض ع قواع د جربي ة مكتوب ة لتنظيم العالق ات يف اجلماع ة ،وذل ك يف ح دود
اختصاصها الدستوري ،ووفقا لإلجراءات املقررة.
جمموعة القواعد القانونية املكتوبة ذاهتا اليت تصدرها السلطات املختصة سواء كانت هذه السلطة هي السلطة التشريعية أو
التنفيذية؛ فالتشريع إذن يطلق هنا على عملية وضع القواعد القانونية املكتوبة كما يطلق على القواعد نفسها.
ب /المع++نى الخ++اص للتش++ريع :يطل ق وي راد ب ه القواع د القانوني ة ال يت تض عها الس لطة التش ريعية يف الدول ة يف ح دود اختصاص ها
الدستوري.
من خالل التعريف اخلاص للتشريع يظهر لنا أنه يتميز بثالث خصائص:
األوىل :التشريع يتضمن خصائص القاعدة القانونية :أي أن التشريع فيه خصائص القاعدة القانونية اليت ذكرناها سابقا ،وعليه ال
يعت رب تش ريعا ذل ك األم ر ال ذي يص در يف ح ق ش خص معني بذات ه كإص دار الدول ة أم را مبنح وس ام تق دير لش خص معني مقاب ل
خ دمات ق ام هبا لص احل وطن ه أو إعالن احلداد الوط ين لوف اة ش خص ،أو منح امتي از لش ركات معين ة ،أو منح ح ق االس تثمار
لألجانب؛ فال تعترب هذه القرارات وإن كانت مكتوبة تشريعا باملعىن اخلاص.
الثاني ة :التش ريع يص در عن س لطة خمتص ة :وأب رز م ا تك ون ه ذه امليزة واض حة يف ال دول ال يت تقيم فص ال واض حا بني الس لطات،
وهناك دول متنح السلطة التنفيذية هامشا للتشريع ،واملهم يف هذا كله هو تنظيم الدستور لصالحيات التشريع والسلطات املخول
هلا بذلك.
الثالثة :التشريع يتضمن قاعدة مكتوبة :فالتشريع هو القانون املكتوب وهو بذلك يقابل القانون غري املكتوب أحد أقدم مصادر
القانون( العرف).
/2مزايا التشريع:
أ /التشريع سهل الوضع والتعديل واإللغاء مبعىن ال حيتاج إىل وقت طويل إال بقدر اإلجراءات املطلوبة اليت نص عليها القانون ،فهو
على أقصى تقدير قد يستغرق اقرتاحه و املوافقه عليه وصدوره بضعة أشهر ،بينما يستغرق العرف وضعه وسريان العمل به مدة
أط ول ق د تص ل إىل س نوات ،وك ذلك تعديل ه أو إلغ اؤه؛ ومن هن ا ميكن معرف ة بداي ة س ريانه أو انقض اء العم ل ب ه بس هولة ويس ر
خبالف العرف.
ب /التش ريع ألن ه مكت وب ميكن مجع ه وتنظيم ه وه ذا م ا مت فعال وبل غ أوج ه من التنظيم وال رتتيب والتنس يق يف عص رنا
احلديث(التقنني).
ج /التشريع عامل مهم يف حتقيق الوحدة الوطنية ألنه حني يصدر يعم سلطانه سائر إقليم الدولة ،خبالف العرف فنادرا ما يوجد
عرف يسري على كامل اإلقليم.
د /التش ريع يتض من قواع د قانوني ة واض حة :فألن ه نص مكت وب حترص اهليئ ة التش ريعية ع ادة على أن يص در يف ص ياغة دقيق ة
وواضحة املعىن حىت ال تثري التباسا عند القاضي على وجه اخلصوص الذي يتوىل تفسريها وتطبيقها على ما يعرض عليه.
/3عيوب التشريع :ذكر الفقهاء للتشريع عيوبا أيضا أمهها:
أ /التشريع قانون جامد ،ألن التقنني وهو أهم صورة خيرج فيها تكسبه نوعا من اهليبة والقداسة تقعده عن مسايرة التطور وجماراة
األحداث.
ب /استعمال التشريع أحيانا ملصطلحات غامضة مثل املصلحة العامة ،اخلطأ اجلسيم... ،
ج /إن الس رعة ال يت تعت رب مزي ة للتش ريع ق د تنقلب إىل عيب من عيوب ه فس رعة الوض ع والتع ديل واإللغ اء ق د تك ون أحيان ا على
حساب ضبط النص فيخرج النص قاصرا أو غامضا أو متعارضا مع تشريعات أخرى.
/4أنواع التشريعات :وهي أربعة أنواع :التشريع األساسي ،التشريع العضوي ،العادي ،التشريع الفرعي أو اللوائح.
أ /التشريع األساسي(الدستور):وهو الذي يبني نظام احلكم يف الدولة ،وحيدد السلطات العامة يف الدولة ،تنظيمها والعالقة بينها،
واحلقوق واحلريات األساسية لألفراد وواجباهتم العامة ،وقد بينا ذلك خالل احلديث عن القانون الدستوري فلريجع إليه ،ويف ما
يلي عرض ألهم الطرق يف وضع الدساتري وهي إمجاال إما دميقراطية أو غري دميقراطية.
الطرق غري الدميقراطية :ويتم ضع الدستور فيها بإحدى الطرق التالية عادة:
منحة من صاحب السلطان املطلق :حيث يتنازل احلاكم املستبد عن بعض سلطانه لصاحل رعيته ،فالرعية ال تشارك بأي -
شكل من األشكال يف وضع الدستور ،وأهم مثال على ذلك دستور فرنسا .1814
عقد بني احلاكم املطلق وبعض ممثلي الشعب الذين مت اختيارهم من قبل احلاكم ،فاحلاكم هنا ملتف على إرادة الشعب ؛ -
فشكليا أشرك الشعب يف وضع الدستور ،أما عمليا فاحلاكم هو الذي وضع الدستور عن طريق األشخاص الذين اختارهم بعناية،
ومن أمثلة هذه الطريقة دستور الكويت لسنة .1962
الط رق الدميقراطي ة :إن القاس م املش رتك بني ه ذه الط رق أن الرعي ة تش ارك فعلي ا فيوض ع الدس تور ،ولكن ه ذا اإلش راك
يقوى ويضعف من طريقة ألخرى.
هيئة غري منتخبة تعد الدستور مث يطرح على االستفتاء الشعيب ومن مساوئ هذه الطريقة أن الرعية أمام خيارين ال ثالث
هلما إما أن توافق عليه أو ترفضه أي ليس هلا احلق (وال ذلك ممكن عمليا) يف تعديله ،ومن أمثلته الدستور اجلزائري لسنة .1989
إع داد مش روع الدس تور من قب ل مجعي ة تأسيس ية منتخب ة دون طرح ه على االس تفتاء الش عيب ومن أمثلت ه الدس توران
الفرنسيان .1875 ،1848
إع داد مش روع الدس تور من ط رف مجعي ة تأسيس ية منتخب ة مث عرض ه على االس تفتاء الش عيب ،وتع د ه ذه الطريق ة أك ثر
الطرق دميقراطية ألن الشعب يشارك يف وضع الدستور عن طريق املنتخبني الذين ميثلون مصاحل ،مث يطرح على االستفتاء ليوافق
عليه الشعب أو يرفضه ومن النماذج على هذه الطريقة دستور فرنسا لعام .1948
وننبه يف األخري إىل أن الدستور اجلزائري( )1996اعرتف للمجلس الدستوري بسلطة الفصل يف دستورية املعاهدات والقوانني
الصادرة عن السلطة التشريعية والتنظيمات إما مبقتضى رأي قبل أن تصبح واجبة التنفيذ أو بقرار يف احلالة العكسية(م )165؛
فاملعاه دات اليت تعق دها الدول ة اجلزائرية ويص ادق عليه ا رئيس اجلمهورية حسب الشروط الدستورية تعت رب أمسى من الق انون(م
)132؛ ويتم التص ويت على مش روع املعاه دة مجل ة ب القبول أو ال رفض أو التأجي ل م ع التعلي ل (م )104على خالف التش ريع
العادي الذي يصوت عليه مادة مادة.
ب /التشريع العضوي :هو أحد أنواع التشريعات اليت تصدرها السلطة التشريعية ،وهو أمسى من التشريع العادي ،فهو يقع بني
التش ريع األساس ي(الدس تور) والتش ريع الع ادي؛ وق د ورد النص علي ه يف بعض املواض ع من الدس تور ،منه ا املادة 54:وال يت ج اء
فيه ا ":حيّد د الق انون العض وي ش روط وكيفّي ات إنش اء اجلمعّي ات" واملادة 87املتعلق ة بش روط الرتش ح لرئاس ة اجلمهوري ة ":حتّد د
شروط أخرى مبوجب القانون العضوي"؛ كما جاء صرحيا يف م 141من دستور 2016ما يلي:
إضــافـة إىل اجملاالت املخصصة للقوانني ال ـعـضــوّيـة مبوجب ال ـّد س ـتـور ي ـشـّر ع ال ـبــرملـان بقوانني عضوّية يف اجملاالت اآلتية:
/1تنظيم الّس لطات العمومّية و عملها.
/2نظام االنتخابات.
/3القانون املتعّلق باألحزاب الّس ياسّية.
/4القانون املتعّلق باإلعالم.
/5القانون األساسّي للقضاء والّتنظيم القضائّي .
/6القانون املتعّلق بقوانني املالية.
تتّم املصادقة على القانون العضوّي باألغلبّية املطلقة للّنّو اب وألعضاء جملس األمة ،ي ـخـضع ال ـقــانـون ال ـع ـضـوّي ملــراق ـبـة م ـطـاب ـقـة
الـّنّص مع ال ـّد س ـتـور من طـرف اجمللس ال ـّد س ـتـورّي قـبل صدوره.
ج /التشريع العادي :وهو التشريع باملعىن الفين للمصطلح ويطلق عليه القانون إطالق الكل على اجلزء ،فكل تشريع قانون وليس
ك ل ق انون تش ريعا؛ والتش ريع من اختص اص الس لطة التش ريعية يف الدول ة ،ويف جزائرن ا ميارس التش ريع برملان مك ون من غرف تني:
اجمللس الشعيب الوطين ،جملس األمة؛ والغرفة األوىل مكونة من أعضاء منتخبني عن طريق االقرتاع العام ملباشر ،بينما الثانية ينتخب
ثلثي أعضائه بطريق االقرتاع السري غري املباشر من بني ومن طرف أعضاء اجملالس الشعبية البلدية واجملالس الشعبية الوالئية ،ومن
ثلث آخر معني من قبل رئيس اجلمهورية من بني الشخصيات والكفاءات الوطنية يف اجملاالت العلمية والثقافية واملهنية واالقتصادية
واالجتماعي ة ،ومن حيث الع دد ينبغي أال يتج اوز ع دد أعض اء الغرف ة الثاني ة نص ف ع دد أعض اء الغرف ة األوىل أي اجمللس الش عيب
الوطين.
مراحل سن التشريع العادي :مير سن التشريع العادي باملراحل التالية:
/1المبادرة بالتشريع:جاء يف م 136و 137من دستور 2016مايلي:
"م :136لكّل من الوزير األول والّنّو اب وأعضاء جملس األمة حّق املبادرة بالقوانني.
تـكون اقـرتاحات الـقوانني قـابلة للـمنـاقشة إذا قـّد مها عـشرون ( )20نائـبا أو عـشرون (( 20عـضوا يف جملس األم ة يف املس ائل
املنصوص عليها يف املادة 137أدناه.
تـعـرض مـشـاريع الـقـوانني عـلى مـجـلس الـوزراء بـعـد رأي مـجـلس الـّد ولـةّ ،مث يـودعـهـا الـوزيـر األول حسب احلالة مكتب اجمللس
الّش عّيب الوطّين أو مكتب جملس األمة
المـادة :137تـودع مشـاريع الـقـواـنني املـتـعـلـقـة بـالـتنـظـيم احملـلي وتـهـيـئـة اإلقـلـيم والـتـقـسـيم اإلقـليـمي مكتب جملس األمة.
و بــاس ـتـث ـنــاء احلـاالت امل ـب ـّيـنــة يف ال ـفـقــرة أعاله تــودع كل م ـشـاريـع الـقــوانــني األخـرى م ـكــتب اجملـلس الشعيب الوطين".
فاملب ادرة حق دستوري خمول للسلطتني التشريعية والتنفيذية ،غري أنه اصطلح على النص املقدم من قبل السلطة التنفيذية مبشروع
قانون projet de loiبينما يسمى ما تتقدم به السلطة التشريعية اقرتاح أو مقرتح قانون proposition de loi؛ ولقبول
مشروع أو مقرتح القانون ينبغي أن يرفق ببيان أسباب تربر عرضه للمناقشة وأن حيرر على شكل مواد.
/2مرحلة الدراسة والفحص:
يت وىل مكتب اجمللس الش عيب الوط ين إحال ة املش روع أو املق رتح إىل اللجن ة املختص ة ال يت تت وىل دراس ته بع د مساع ممث ل احلكوم ة
ومن دوب أص حاب االق رتاح وحيق هلا االس تعانة ب اخلربات من خ ارج اجمللس ويتك ون م ش و من ع دة جلان منه ا :جلن ة الش ؤون
القانونية واإلدارية واحلريات ،جلنة املالية وامليزانية ،جلنة الرتبية والتعليم العايل والشؤون الدينية ،جلنة الثقافة واالتصال والسياحة...
وعدد اللجان يف اجمللس غري ثابت فيجوز الزيادة أو التخفيض منها حبسب احلاجة.
/3مرحلة المناقش+ة والتص+ويت :تنصب مناقشة م ش و بعد مساع مندوب االقرتاح وممثل اللجنة املختصة على النص املعروض
وبع د ذلك يلجأ للتص ويت؛ فيص ادق عليه باألغلبية املطلق ة إال إذا نص الق انون على أغلبي ة أخ رى ،أو يلغى ،وتتم مناقشة النص
بشكل عام مث يناقش مادة مادة ،مث يصوت عليه مادة مادة.
/4إحالة النص المص+ادق علي+ه على مجلس األم+ة :يرسل رئيس م ش و النص املصوت عليه إىل رئيس جملس األمة يف غضون
10أيام ويشعر رئيس احلكومة هبذا اإلرسال ،وحييل رئيس جملس األمة النص مرفقا باملستندات إىل اللجنة املختصة لتتوىل دراسته
وفحصه ويتكون جملس األمة هو اآلخر من جمموعة جلان ،وتتوىل كل جلنة دراسة النص املصادق عليه من قبل الغرفة األوىل يعد
مساع ممثل احلكومة؛ وميكن لرئيس اجمللس ونوابه حضور أشغال أي جلنة من جلان اجمللس دون املشاركة يف التصويت.
/5ع++رض الخالف على اللجن++ة المتس++اوية األعض++اء :نص ت م /138ف04و05و 06من دس تور 2016على حال ة اخلالف
بني الغرفتني بقوهلا:
"ويف كل احلاالت sيصادق جمـلس األمة على النص الذي ص ّو ت عليه اجمللس الـشعيب الوطين بأغلبية أعـضـائه احلـاضـرين بـالنـسـبـة
ملـشاريع الـقـوانـني الـعاديـة أو بـاألغـلـبيـة املـطـلـقة بـالـنـسـبة ملـشـاريع الـقـوانني العضوية ،ويف حالـة حدوث خالف بـني الغـرفتني.
يطـلب الوزيـر األول اجتـماع جلـنة مـتسـاوية األعـضاء تـتكون من أعضـاء يف كلـتا الـغرفـتني يف أجل أقـصاه خـمسـة عشر ()15
يـوما القـرتاح نص يـتـعلق بـاألحكـام حمل اخلالف ،وتنهي اللجنة نقاشاهتا يف أجل أقصاه مخسة عشر (( 15يوما) .تعرض احلكومة
هذا الّنّص على الغرفتني للمصادقة عليه وال ميكن إدخال أّي تعديل عليه إال مبوافقة احلكومة.
و يف حـالـة اسـتـمـرار اخلالف بـني ال ـغـرفـتـني ميكن للحـكـومـة أن تـطــلب من اجملـلس الـش ـعـيب الـوطـين الـفــصل ن ـهـائ ـيـا.
و يف هــذه احلـالــة يــأخـذ اجملــلس الـش ـعـبـي الـوطــين بـالــنص الــذي أعـدته ال ـلـج ـنـة امل ـتـســاويـة األعضاء أو إذا تعذر ذلك بالنص األخري
الذي صوت عليه ،وُيسحب النص إذا مل ختطر احلكومة اجمللس الشعيب الوطين طبقا للفقرة السابقة".
/6مرحل++ة اإلص++دار :إص دار التش ريع عم ل تنفي ذي وليس عمال تش ريعيا ول ذا ك ان حق ا دس توريا ل رئيس اجلمهوري ة حص را ال
ينازعه فيه أحد ،وقد كان وال يزال كذلك يف سائر الدساتري اليت عرفتها اجلزائر منذ االستقالل إىل يومنا هذا ،ولذا عادة ما تصدر
القوانني اليت تصدرها السلطة التشريعية بالعبارة التالية":إن رئيس اجلمهورية بناء على الدستور ال سيما املواد ...و بعد رأي جملس
الدولة ،وبعد مصادقة الربملان يصدر القانون اآليت نصه"...؛ وقد قيد الدستور رئيس اجلمهورية بأجل قدره ثالثون مي من تاريخ
تسلمه التشريع ،وجيوز له حبسب دستور 96طلب إجراء مداولة ثانية خبصوص القانون املصوت عليه ،خالل ثالثني يوما املوالية
لتاريخ إقرار النص ،فإذا جتاوز الرئيس هذه املدة فقد حق االعرتاض وتوجب عليه إصداره.
/7مرحلة النشر :نشر القانون معناه إعالم الكافة بقواعده ،وهو عندنا يتم قانونيا عن طريق اجلريدة الرمسية ،وهو واجب بالنسبة
للتشريع األساسي والعضوي والعادي والفرعي ،بعد النشر يف اجلريدة الرمسية يكون نافا يف اجلزائر العاصمة بعد مضي يوم كامل
من النشر ،ويف بقية الواليات واملناطق بعد يوم كامل من وصول اجلريدة الرمسية.
د /التشريع الفرعي أو الالئحة :هو تشريع تسنه السلطة التنفيذية مبقتضى اختصاصها وهي ال حتل بذلك حمل السلطة التشريعية،
وهو أقل درجة من التشريع العادي وينقسم إىل ثالثة أقسام:
/1اللوائح التنفيذية :ويكون بغرض تنفيذ نص صادر عن السلطة التشريعية ،ألن التشريع العادي ال يعاجل مجيع املسائل املتعلقة
باملوضوع ،بل يرتك بعض املسائل لتنظم عن طريق اللوائح ،واللوائح هبا يطبق القانون وينفذ.
/2اللوائح التنظيمية :ويطلق عليها أيضا اللوائح املستقلة ألهنا ال تعتمد على قانون موجود ،وتتضمن القواعد القانونية الالزمة
لتسيري املرافق العامة استنادا إىل حق السلطة التنفيذية يف إدارهتا.
/3لوائح الضبط أو البوليس :جمموعة القواعد اليت تضعها السلطة التنفيذية حلماية األمن والسكينة والصحة العامة و مقتضيات
النظافة العامة وتنظيم الطرقات ،ومثاهلا اللوائح اليت يصدرها وايل الوالية ورؤساء اجملالس الشعبية البلدية حول بعض املسائل مثل:
منع رمي النفايات يف أمكامن معينة واملعاقبة عليها ،قواعد متعلقة بسري قاعات احلفالت....،
يشرتط لص حة التش ريع أن يص در عن الس لطة املختص ة مراعيا اإلج راءات احملددة قانون ا ،وأال خيالف التشريع األعلى منه درجة،
وإذا كان قد عهد للمجلس الدستوري أمر مراقبة دستورية املعاهدات والقوانني والتنظيمات فإن السلطة القضائية متارس مهمة
الرقابة على اللوائح من خالل القضاء اإلداري وهذا ما دأبت عليه معظم النظم املعاصرة.
إذا مل جيد القاضي يف اجملال املدين نصا تشريعيا ينظم األمر املعروض عليه فإن نص املادة األوىل من القانون املدين تقول...":فإذا مل
يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة اإلسالمية" ،إن نص املادة املذكور يثري عدة استنكارات وتساؤالت:
أوال /إن أول ما يلفت النظر يف نص املادة هو غموض مصطلح "مبادئ الشريعة اإلسالمية" ،فما مراد املشرع من هذا املصطلح؟
هل املقصود أحكام الشريعة اإلسالمية؟ أم مجلة الكليات من القواعد واملقاصد واألحكام اليت هي حمل اتفاق بني املذاهب الفقهية؟
يرى بعض الباحثني منهم علي سليمان أن املقصود بذلك جمموع ما فيها من حلول بصرف النظر عن اختالف املذاهب الفقهية،
فينبغي على القاض ي أن يرج ع إىل مب ادئ الش ريعة اإلس المية ويبحث عن احلل يف أي م ذهب من م ذاهبها ،دون أن يقتص ر على
مذهب مالك املعمول به يف اجلزائر ،وإىل هذا الرأي مييل أيضا الباحثان عمار بوضياف والعريب بلحاج.
لكن يعكر على هذا التفسري ملصطلح (مبادئ الشريعة اإلسالمية) أن األحكام غري املبادئ ،و لو أن املشرع قصد فعال ما قالوه فلم
عدل عن املصطلح الشائع والواضح الداللة(أحكام الشريعة) إىل مصطلح (املبادئ)؟ ،إن الذي نراه أن استعمال مصطلح املبادئ
من قبل املشرع دقيق ومقصود ،فهو يريد من القاضي اللجوء إىل األصول والكليات اليت هي حمل اتفاق بني املذاهب الفقهية ،ال
األحكام التفصيلية اليت هي حمل اختالف ،إذ ال يعقل أن حييل املشرع القضاة على تركة فقهية ضخمة فيها من االختالف أكثر مما
فيها من االتف اق ،وهو الذي جيته د يف توفري كل اآلليات والوس ائل لتوحيد أحكام القض اء ،كما أن مص طلح املب ادئ أدل على
املقصود ألهنا تعين الكليات اليت تنبثق عنها التفاصيل ،يقول الباحث مبارك صائغي يف رسالته"مبادئ الشريعة اإلسالمية كمصدر
رمسي للقانون املدين اجلزائري"":يرى أغلب فقهاء القانون الوضعي أن املقصود مببادئ الشريعة اإلسالمية الواردة يف املادة األوىل
مدين جزائري ،ويف بقية التشريعات العربية أهنا مبادئ الشريعة وأصوهلا الكلية وحدها ،اليت ال خيتلف جوهرها باختالف املذاهب
دون حلوهلا التفصيلية ،أو أحكامها اجلزئية اليت تتفاوت اآلراء بشأهنا بتفاوت املذاهب والفقهاء ،على أن يكون مفهوما وجوب
ع دم تع ارض مب ادئ الش ريعة اإلس المية املأخوذ هبا م ع املب ادئ األساس ية للق انون الوض عي احلايل لض مان جتانس أحكام ه على
اختالف مصادرها وامتناع تنافرها".
ثانيا /إن صنيع املشرع اجلزائري مناقض للدستور –الذي هو أمسى وثيقة قانونية يف الدولة اجلزائرية -الذي ينص صراحة على أن
اإلس الم ه و دين الدول ة ،فكي ف يك ون اإلس الم ه و ال دين الرمسي بنص الق انون ،وال دين الفعلي للمجتم ع اجلزائ ري ،مث تك ون
التشريعات خمالفة له ،أو جتعل (مبادئ الشريعة) جمرد مصدر احتياطي للقانون املدين فقط؟.
ثالث++ا /تن اقض املش رع اجلزائ ري بفص له الع رف عن مب ادئ الش ريعة اإلس المية ألن الع رف من األص ول املتف ق عليه ا بني املذاهب
الفقهية ،بل وضع فقهاؤنا قاعدة فقهية معربة عن هذا األصل بقوهلم" العادة حمكمة" وقالوا" املعروف عرفا كاملشروط شرطا".
رابعا /إن الشريعة اإلسالمية نظام اجتماعي متكامل ،حبيث تغطي أحكامها خمتلف جماالت النشاط اإلنساين الفردي واالجتماعي
بكل أبعاده االقتصادية والسياسية واإلعالمية والثقافية...وهي شريعة عاملية تسع مجيع اجملتمعات على اختالف أعصارها وأقطارها،
وهي ش ريعة كامل ة مس تغنية بنفس ها وال حتت اج إىل أي ق انون آخ ر؛ وأخ ريا هي ش ريعة تناوهلا الفقه اء باالس تنباط والتأص يل
ألحكامه ا ،والض بط والتنظيم لقواع دها ومبادئه ا ومقاص دها ،فهي ش ريعة واض حة خبالف مب ادئ الق انون الط بيعي ال يت اع رتف
رجال القانون أنفسهم بغموضها ،بل ذهب البعض إىل إنكارها متاما.
خامسا /إن املشرع اجلزائري حني جعل مبادئ الشريعة اإلسالمية مصدرا احتياطيا يكون ضمنيا جعل التشريع مهيمنا على اجتهاد
القاضي يف الرجوع إىل هذه املبادئ ،إذ ال يستقيم أن يأخذ القاضي مببدأ يعارض نصا تشريعيا يف القانون املدين ،يقول الباحث
مبارك صائغي ":على أن يكون مفهوما وجوب عدم تعارض مبادئ الشريعة اإلسالمية املأخوذ هبا مع املبادئ األساسية للقانون
الوضعي احلايل لضمان جتانس أحكامه على اختالف مصادرها وامتناع تنافرها".
سادسا /إننا نوجه سؤاال للمشرع اجلزائري الذي أقصى الشريعة اإلسالمية من املنظومة التشريعية عموما ،أو اكتفى جبعل مبادئها
مص درا احتياطي ا يف الق انون املدين خصوص ا ،م ا ه و الس بب ال ذي دع اكم إىل الع دول عن ه ذه الش ريعة املبارك ة اخلامتة؟ ه ل
اس تجبتم للض غوط اخلارجي ة ،واحننيتم أم ام املعاه دات الدولي ة ،لتقيم وا جمتمع ات (عص رية) ! ؛ أم أنكم جمرد حلق ة يف مش روع
االس تدمار إلمتام عملي ات ب رت ه ذه األم ة عن مقوم ات هويته ا ،وإحلاقه ا باجملتمع ات الغربي ة ،لق د س امهتم يف إض عاف ه ذه األم ة
وإذالهلا ومسخها وهي األمة اليت كان ينتظر بعد جالء االستدمار أن تكون عزيزة ماجدة بدينها عقيدة وشريعة وأخالقا ،ورمبا
ساحمكم اجملتمع اجلزائري عن كل مساوئكم ،أما سلخه عن شريعته فال أظنه يساحمكم ،ألهنا جرمية ال ولن تغتفر.
العرف
جاء يف نص املادة األوىل من القانون املدين اجلزائري...":فإذا مل يوجد فبمقتضى العرف."...
/1مفهوم العرف :يقصد بالعرف اعتياد األشخاص على اتباع سلوك معني يف مسألة معينة حبيث يستقر الشعور لدى هؤالء
األشخاص بأن هذا السلوك يف هذه املسألة ملزم هلم.
ويرى رجال القانون أن العرف من أقدم مصادر القانون ،وهو كالم صحيح ألن االجتماع البشري يفضي حتما إىل نشأة الكثري
من العادات بطريقة يف غاية السالسة مع شعور اجلميع بإلزامية ذلك العرف ،لدرجة أهنم ال يذكرونه يف معامالهتم اعتمادا على
تغلغله يف الضمري اجلمعي للجماعة ،ومما يؤكد مكانة العرف وعدم إمكانية االستغناء عنه أن الدول املعاصرة اجتهدت يف حماصرة
تصرفات األشخاص حىت حتيط هبا من الناحية التشريعية لكنها مل تستطع أبدا أن تتخلى عن اعتبار العرف مصدرا مهما للقانون.
/2أركان العرف :للعرف ركنان اثنان مادي ومعنوي:
أ /ال++ركن الم++ادي :وه و التص رف ال ذي َيَّطِر د عم ل األش خاص ب ه م ع ش عورهم بإلزاميت ه ،وهلذا ال ركن جمموع ة
شروط:
أوال /العمومية والتجريد :إن العرف حني ينشأ ال يكون عاما وال جمردا يف الغالب ،وإمنا يبدأ على شكل تصرف
ثنائي يرضى به الطرفان ،مث يستحسنه بقية األشخاص ويرتضونه مسلكا يف معامالهتم ،لكن بعد اطراد العمل به
واستقراره يصري عاما وجمردا ،وليس املراد به معاملة بعينها وال أشخاصا بذواهتم؛ وهذا خبالف التشريع فإنه أول ما
ينشأ يكون عاما جمردا.
ثاني ++ا /الق ++دم :أي م رور م دة زمني ة تلقي يف روع األش خاص أن التص رف ص ار قانون ا ملزم ا ،وه ذه املدة ليس ت
حمددة ،فهي تقديرية ،وقد ختتلف من تصرف آلخر ،وإذا احتكم اخلصمان إىل القاضي فله كامل السلطة التقديرية
يف حتديد مدى استقرار العرف من عدمه.
ثالث ++ا /االنتظ ++ام :أي تعام ل الن اس هبا بش كل مط رد ومنتظم ودون تقط ع ،ألن الع رف يف بداي ة نش أته ق د يتخلل ه
انقط اع العم ل ب ه يف بعض األحي ان ،وه ذه يع ين أن التص رف مل يص ر عرف ا بع د ،وح ىت يص ري عرف ا جيب اس تقرار
واستمرار العمل مبقتضاه فرتة تلقي يف ضمري األشخاص أنه تصرف ملزم.
رابعا /مطابقة النظام العام وعدم مخالفة اآلداب العامة :ال يرتقي التصرف إىل أن يكون عرفا معتربا ولو توفرت
الش روط الس ابقة إذا كان مض مون ه ذا التص رف خمالف ا للنظام الع ام أو اآلداب العام ة؛ كاعتي اد الن اس على األخذ
بالثأر.
ب /الركن المعنوي :وهو أمر نفسي باطين ،حقيقته شعور األشخاص بأن هبذا التصرف املادي تصرف ملزم هلم،
ويزداد هذا الشعور رسوخا كلما تطاول الزمن يف التعامل هبذا العرف ،ويرسخ إىل درجة أن الناس يتعجبون إذا
سأل أحدهم عن إمكانية إعماله.
/3مزايا العرف وعيوبه :ذكر فقهاء القانون للعرف عدة مزايا وباملقابل عددا من العيوب ،وسنكتفي بذكر أمهها:
أ /مزايا العرف:
-الع رف أص دق تعب ريا عن إرادة اجلماع ة ،ألن ه نش أ انطالق ا من رغب ة اجلماع ة وحتقيق ا حلاجاهتا ،فليس قاع دة
مكتوبة(تشريعا) ألزم األشخاص باخلضوع حلكمها.
إن الع رف يس د نقص ا ال ميكن للمش رع مهم ا اف رتض أو احتم ل أن ميأله ،ألن ه جمال م رن ومتغ ري من ناحي ة ،ومن -
ناحي ة أخ رى ه و ج انب يع رب عن مص احل مباش رة لألش خاص حبيث يك ون من األنس ب ت رك أم ر ض بطها حلري ة
األشخاص ،مع احتياط املشرع لذلك حبيث يضع حال تشريعيا خيضع له األطراف عند النزاع وحيكم إذا مل يوجد
العرف أو االتفاق.
ب /عيوب العرف:
القواعد العرفية ألهنا غري مكتوبة فإهنا يف الكثري من األحيان تتسم بالغموض ،ويزيد غموضها ألهنا ال يوجد تاريخ -
حمدد لبدء سرياهنا وال لوقف العمل هبا ،ولذا تشهد القواعد العرفية تذبذبا عند النشأة وعند االنقضاء.
حيتاج استقرار العمل بالقاعدة العرفية وحتوهلا إىل قانون ملزم إىل وقت طويل مقارنة بالقواعد التشريعية املكتوبة، -
وقد علمنا من قبل أن القدم شرط للركن املادي للعرف.
العرف ألنه يعرب عن إرادة اجلماعة حاجاهتا ومصاحلها فهو خيتلف من مكان إىل مكان داخل البلد الواحد ،مما يعين -
تعاصر عدة أعراف داخل الدولة الواحدة ،وهذا خبالف القانون املكتوب(التشريع) فإنه حيقق االستقرار القانوين ألنه
يعم كل إقليم الدولة.
-
تطبيق القانون
ينتظم تط بيق الق انون من خالل ثالث ة أبع اد وهي :تط بيق الق انون من حيث األش خاص ،تط بيق الق انون من حيث
املك ان ،تط بيق الق انون من حيث الزم ان ،و ك ل بع د حتكم ه مب ادئ ض بطها الفقه اء وانض بطت هبا التش ريعات
الوضعية عموما ،ويف ما يلي عرض هلذه املبادئ وفق تلك األبعاد.
أوال /تطبيق القانون حيث األشخاص :حيكم هذا اجملال مبدأ(عدم جواز االعتذار بجهل القانون)
إذا صدرت القاعدة القانونية سرت أحكامها على كل املخاطبني هبا دون استثناء ،وال يقبل من أحد أن يتعلل جبهله
لتلك القاعدة وأحكامها ،فاملشرع يفرتض أن صدور القاعدة يف اجلريدة الرمسية ومرور املدة القانونية احملددة لبدء
سرياهنا وهي أربع وعشرون ( )24ساعة بالنسبة لسكان العاصمة ومرور أربع وعشرين( )24بعد وصول اجلريدة
الرمسية ملقر الدائرة بالنسبة لبقية أحناء الوطن.
وحماسبة األشخاص إذا خالفوا القواعد القانونية بناء على افرتاض علمهم بالقانون أمر درجت عليه سائر التشريعات
الوض عية ،واحلكم ة من ذل ك أن بن اء املؤاخ ذة على العلم من ش أنه أن يفتح الب اب على مص راعيه لك ل من خ الف
القانون أن يدفع مؤاخذته جبهله بالقاعدة القانونية ،ذلك أنه من الصعب إثبات علم الشخص بالقانون من عدمه،
وهذا مؤداه يف النهاية عدم تطبيق أي قاعدة قانونية ! كما أن اجلهل بالقانون يعد خطأ ،واخلطأ ال يقبل عذرا أمام
القضاء كي ال يكون وسيلة للتهرب من اجلزاء.
وق ريب من ه ذا املب دإ م ا نص علي ه الفقه اء املس لمون":ال يع++ذر أح++د بالجه++ل باألحك++ام في بالد اإلس++الم" فاملب دأ
موجود يف الفقه اإلسالمي إال أن نطاقه أضيق ،ومضمونه أدق وأكثر حتديدا.
ثاني+ا /تط+بيق الق+انون من حيث المك++ان :حيكم تطبيق القانون يف هذا اجملال مبدآن :مبدأ شخصية القوانني ،ومبدأ
إقليمية القوانني.
/1مب دأ شخص ية الق وانني :أمجعت النظم القانوني ة املعاص رة على ح ق الش خص يف التمس ك بقانون ه الشخص ي إذا
تعل ق األم ر ب األحوال الشخص ية ك الزواج والطالق والوص ية والنفق ة واملرياث ،كما ميت د ق انون الدول ة احمللي لينظم
سلوك مواطنيها خارج إقليم الدولة يف ذات املسائل؛ ومن هنا إذا تعلق موضوع النزاع باملسائل الشخصية املذكورة
فإن القاضي وبتوجيه من قواعد اإلسناد املوجودة يف قانونه الوطين يلزم بتطبيق القانون الشخصي لألجنيب ،واحلكمة
يف ختصيص هذه املسائل بتطبيق القانون الشخصي هو صلتها بالدين الذي خيتلف باختالف األشخاص.
/2مبدأ إقليمية القوانني :يقصد هبذا املبدأ وجوب سريان القانون احمللي على كل الوقائع اليت حتدث يف إقليم الدولة
بكل أقسامه الربي والبحري واجلوي ،ويعد هذا املبدأ أحد مظاهر سيادة الدولة ،ففي اجملال اجلنائي مثال :كل جرمية
تق ع على إقليم الدول ة يطب ق عليه ا ق انون الدول ة ال يت وقعت فيه ا اجلرمية ،وال ميكن للش خص ول و ك ان أجنبي ا أن
يتمسك بتطبيق قانون بلده ،لكن هذا املبدأ وردت عليه بعض االستثناءات:
*جرى العرف الدويل بإعفاء رؤساء الدول األجنبية واملمثلني الدبلوماسيني وزوجاهتم وأفراد أسرهم املقيمني معهم
من اخلضوع للقانون الوطين ،بل ميكن القول بتعبري أدق كل أعضاء السلك الدبلوماسي وأفراد أسرهم املتواجدين
معهم يف القنصلية أو السفارة،كما يضاف إىل ذلك كل أشخاص يتواجدون على إقليم الدولة بصفتهم ممثلني لسيادة
دولتهم مثل جنود وضباط الوحدات العسكرية املتواجدين يف إطار بعثة رمسية واتفاق بني الدولتني.
* عدم متتع األجانب باحلقوق السياسية مثل الرتشح واالنتخاب وتقلد الوظائف ،وباملقابل عدم وجوب الواجبات
مثل أداء اخلدمة الوطنية وحنوها؛ يضاف إىل عدم متتع األجنيب باحلق يف تويل الوظائف العامة ،لكن ال مينع ذلك من
االستعانة ببعض األجانب يف إطار اتفاقات ثنائية وخضوع األجانب يف هذه احلالة لنصوص خاصة.
* نص الق انون اجلن ائي اجلزائ ري على س ريان ق انون العقوب ات على ج رائم ارتكبه ا جزائري ون خ ارج إقليم الدول ة
اجلزائرية ،لكن متابعة هؤالء األشخاص من أجل تلك اجلرائم ال بد أن تتوفر فيه الشروط التالية:
أ /أن تكون الواقعة املرتكبة يف اخلارج جناية أو جنحة يف قانون العقوبات اجلزائري ،فاملخالفات ليست حمل متابعة.
ب /أن تكون الواقعة املرتكبة يف اخلارج جناية أو جنحة يف القانون اجلنائي للبلد األجنيب الذي ارتكبت فيه.
ج /أن يكون املتهم جزائريا.
د /عودة املتهم إىل اجلزائر قبل انقضاء الدعوى العمومية بالتقادم.
ه /أال يكون املتهم قد خضع حلكم يف اخلارج ألنه ال جيوز متابعة الشخص مرتني على واقعة واحدة.
و /تق دمي ش كوى من الط رف املتض رر أو البالغ من اجله ات الرمسية للدول ة ال يت ارتكب فيه ا اجلرمية ،وه ذا ش رط
خاص باجلنح أضافته الفقرة األخرية من املادة .583