تكليف المتهم بالحضور

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 14

‫مقدمة‪:‬‬

‫تتولى الدولة في القوانين الحديثة تطبيق اإلج راءات الهادف ة إلى إثب ات حقيق ة الج رائم‬
‫وتوقيع العقاب على مرتكبه ا‪ ،‬باعتب ار الفع ل اإلج رامي يمس المجتم ع في أمن ه واس تقراره‬
‫وطمأنينت ه‪ ،‬إال أن ذل ك ال يع ني إنك ار حقيق ة اإلج راءات ال تي تخص الض حية الس يما في‬
‫الجرائم التي تمثل اعتداءا مباشرا على مصالحها‪.‬‬

‫فما أفرزته السياسية الجنائية الحديثة بخصوص االعتراف ببعض الحقوق للضحية أدى‬
‫بالمشرع الجزائري إلى تأكيد ذلك عن طريق االعتراف له ذه الض حية ب دور ايج ابي وفع ال‬
‫للمساهمة في إجراءات الدعوى العمومي ة‪ ،‬فق د أص بح من الممكن الق ول أن الض حية لم تع د‬
‫ذل ك الط رف المنس ي عن س احة اإلج راءات الجزائي ة وال ذي ال يس مح ل ه بالمش اركة في‬
‫اإلجراءات إال استثناء بل خولت له حق وق في جمي ع المراح ل اإلجرائي ة للمتابع ة القض ائية‬
‫الجزائية خاصة أمام جهة الحكم‪ ،‬هذه الجهة التي لها دور كبير في صيانة مختلف الحقوق‪.‬‬

‫وعلى غرار مختلف التشريعات حول المشرع الجزائ ري للمتض رر من الجريم ة ح ق‬


‫رفع الدعوى مباشرة إلى قضاء الحكم ويكون له هذا الحق قبل جلسة الحكم عن طريق تكليف‬
‫المتهم بالحضور المباشر أمام المحكمة ‪ ،‬وسمي "مباشر " إشارة إلى أن الدعوى العمومية لم‬
‫تمر قبل رفعها بالطريق الطبيعي وهو طريق النيابة العامة‬

‫ولقد حرصت أغلب التشريعات على تقرير ه ذا الح ق ألج ل حماي ة المص الح الفردي ة‬
‫التي قد تضار من الجريمة والتي في كثير من األحيان ال تجد اهتماما من ط رف النياب ة‪ ،‬ولم‬
‫يبقى أي مبرر لتقرير هذا الحق للضحية بما أن أغلب التشريعات المقارنة التي أخذت به تأخذ‬
‫بنظام المالئمة والتق دير في المتابع ة‪ ،‬وبالمقاب ل ف ان التش ريعات ال تي تأخ ذ بنظ ام التحقي ق‬
‫والمتابعة في كل الجرائم كقاعدة عامة ال مجال لتقديم هذا الحق ومنحه للضحية‪.‬‬

‫وقد أجاز المش رع الجزائ ري اللج وء له ذا اإلج راء والتمس ك ب ه لكن م ع تخ وف من‬
‫تعسف الضحية إلى إساءة استعمال هذا الحق‪ ،‬وأمام هذا التخوف فقد أجازه بقيود معين ة؛ فم ا‬
‫المقصود بالتكليف المباشر بالحضور أمام المحكمة ؟ وماهي أهم القيود التي وضعها المشرع‬
‫قصد الحماية من اإلساءة في استعماله؟‬

‫وكيف يؤثر إجراء التكليف المباشر بالحضور على أطراف الدعوى العمومية؟‬

‫هذا ما سيتم مناقشته في هذه الدراسة المقسمة إلى‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية الحق في تكليف المتهم بالحضور المباشر أمام المحكمة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار تكليف المتهم بالحضور المباشر أمام المحكمة‬


‫المبحث األول‪ :‬ماهية الحق في تكليف المتهم بالحضور المباشر أمام المحكمة‬

‫حق االدعاء المباشر أو كما يس ميه المش رع الجزائ ري ب التكليف المباش ر بالحض ور‬
‫أمام المحكمة؛ يعتبر أثر من آثار النظام اإلتهامي وهو إجراء يحقق التوازن مع س لطة النياب ة‬
‫العامة في إقامة الدعوى إذا قررت عدم إقامتها وهو م ا يحق ق مص لحتين؛ مص لحة للمجتم ع‬
‫ومصلحة للضحية في االستفادة من اإلجراءات الخاص ة بال دعوى العمومي ة قص د الحص ول‬
‫على تعويض عن ما أصابها من ضرر جراء الجريمة‪.‬‬

‫وقد أخذ المشرع الجزائري بهذا الحق للضحية في التع ديل ال ذي مس ق‪.‬ا‪.‬ج بم وجب‬
‫الق انون رقم ‪ 24/90‬الم ؤرخ في ‪ 18‬أوت ‪1990‬م في م ادة مس تحدثة هي نص الم ادة ‪337‬‬
‫مك رر في الفص ل األول من القس م األول من الب اب الث الث تحت عن وان" الحكم في الجنح‬
‫والمخالفات"‪.‬‬

‫وهذا الحق الممنوح للضحية ذا جذور رومانية من بقايا النظام االتهامي ال ذي يع د من‬
‫أقدم األنماط اإلجرائي ة نش أة‪ ،‬حيث ب دأ ب بروز االته ام الشخص ي الم تروك للمض رور فق ط‬
‫لوحده‪ ،‬كما وجد أيضا هذا الحق عند اليونان وظهر أيض ا في أورب ا خالل الق رون الوس طى‬
‫في عصر اإلقطاع وحصيلته أنه يساوي بين جهة االتهام والدفاع وبالتالي يحافظ على حق وق‬
‫األفراد‪.‬‬

‫وقد عرفت الدولة الجزائرية هذا النوع من االتهام الفردي والمباشر في العهود القديمة‬
‫وفي أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬أما المشرع فقد أقر هذا الح ق ح ديثًا على أس اس نص الم ادة‬
‫‪ 337‬مكرر‪.‬‬

‫المطلب األول مفهوم الحق في تكليف المتهم بالحضور المباشر أمام المحكمة‬

‫أعطيت العديد من التع اريف من قب ل فقه اء الق انون الجن ائي للح ق في تكلي ف المتهم‬
‫بالحضور أمام المحكمة منها تعري ف ال دكتور ‪ /‬م أمون محم د س المة ال ذي ج اء في ه‪ " :‬أن‬
‫التكليف المباشر بالحضور هو حق الم دعى الم دني في الجنح والمخالف ات في رف ع ال دعوى‬
‫مباشرة بتكليف المتهم بالحضور أمام القضاء الجنائي"‪.1‬‬

‫كما عرفه مصطفى مجدي فرجة على أنه "تخوي ل الش خص المض رور من الجريم ة‬
‫األنعام المباشر يطلب التعويض عما أص ابه من ض رر‪ ،‬وذل ك عن طري ق التكلي ف مباش رة‬
‫بالحضور والمثول أمام المحكمة الجزائية ‪.2‬‬

‫أما سليمان عبد المنعم فقد جاء عنه أن التكليف المباشر هو تحويل الشخص المتض رر‬
‫من الجريم ة االدع اء مباش رة بطلب التع ويض عم ا أص ابه من ض رر‪ ،‬وي ترتب عن ه ذا‬
‫‪3‬‬
‫االدعاء تحريك الدعوى العمومية تلقائيا‬

‫من خالل هذه التع اريف يت بين أن ح ق التكلي ف المباش ر بالحض ور ه و أس لوب من‬
‫األساليب القانونية الهادفة إلى تحريك الدعوى العمومي ة ينط وي على تخوي ل س لطة تحري ك‬
‫هذه العمومية لغير النيابة العامة‪ ،‬فهو طريق محدود رسمه المشرع للض حية إلقام ة دعواه ا‬
‫المدنية للمطالبة بتعويض ضرر الجريمة أم ام المح اكم الجزائي ة‪ ،4‬ولع ل له ذا الطري ق إلى‬
‫مباشر وحتمي يتمثل في تحريك الدعوى العمومية تلقائيا‪.‬‬

‫وقد تناول المشرع الجزائري هذا اإلجراء قيد المادة ‪ 337‬مكرر ال تي تح يز للض حية‬
‫الم دعي الم دني ب أن يكل ف المتهم مباش رة بالحض ور أم ام المحكم ة في العدي د من الج رائم‬
‫المذكورة حصرا أما في غيرها البد من الحصول على ترخيص من النيابة العامة‬

‫أما بالنسبة لالجته اد القض ائي فق د ج اء في ق رار المحكم ة العلي ا أن ه يمكن للم دعي‬
‫المدني في الحاالت الخمس المذكورة في المادة ‪ 337‬مك رر من ق انون اإلج راءات الجزائي ة‬
‫وبدون ترخيص من النيابة العامة‪ ،‬تكليف المتهم مباشرة بالحضور أمام المحكمة‪ ،‬وال يمكنه‬

‫‪ 1‬مأمون محمد سالمة ‪ ،‬اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري ‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ ،‬القاهرة ‪، 1998 ،‬ص ‪216‬‬
‫‪ 2‬مصطفى مجدي هرجة االدعاء المباشر دون ذكر سنة النشر دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪08‬‬
‫‪ 3‬د سليمان عبد المنعم أصول اإلجراءات الجنائية في التشريع والفقه‪ ،‬دون ذكر سنة النشر‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدارس ات والنش ر والتوزي ع‪ ،‬لبن ان‪،‬‬
‫ص ‪285‬‬
‫‪ 4‬مفيدة قراني‪ :‬حقوق المجني عليه في الدعوى العمومية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل درجة الماجستير في القانون الع ام غ ير منش ورة كلي ة الحق وق‪ ،‬جامع ة‬
‫اإلخوة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر ‪ 2009-2008 ،‬م‪ ،‬ص ‪41‬‬
‫القيام بذلك في حاالت أخرى غير مذكورة في ه ذه الم ادة إال بم وجب ت رخيص يس لم‬
‫من قبل جهاز النيابة العامة‪. 1‬‬

‫وعليه وبمقتضى هذا األجراء فإن المشرع الجزائري في أوجد للمتضرر آلي ة لتبس يط‬
‫اإلج راءات وذل ك عن طري ق تق ديم طلب إلى وكي ل الجمهوري ة بغ رض تكلي ف المتهم‬
‫بالحضور أمام المحكم ة م ع ض رورة حص ر ذل ك في الجنح دون الجناي ات ال تي تس توجب‬
‫إجراءاتها ضرورة القيام بتحقيق من قبل مختلف جهات التحقيق‪.‬‬

‫المطلب الثاني شروط الحق في تكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة‬

‫إن تكليف المتهم بالحضور مباشرة أمام المحكمة هو وس يلة قرره ا المش رع للم دعي‬
‫بالحق المدني ليتمكن بمقتضاها طرح كال الدعوتين العمومية والمدنية أمام القض اء الجن ائي‪،‬‬
‫إذا من المنطقي أن يخضع رافع الدعوى للقيود المتعلقة بالدعوتين معا ‪ ،‬فقيام م ا يح ول دون‬
‫رفع أي منهما يستتبع بالضرورة عدم ج واز رف ع األخ رى‪ ،‬ذل ك ألن االختص اص ال ينعق د‬
‫للمحكم ة الجزائي ة إال باجتم اع كال ال دعوتين وه و األم ر ال ذي يف رض أن تك ون ك ل من‬
‫الدعوتين العمومية والمدنية مقبولة‪.‬‬

‫وعليه فطبيعة إجراء التكليف المباشر بالحضور تجعل استخالص طائفة من الش روط‬
‫يوجب توافرها فيه‪ ،‬إذ ال يوجد في ق‪.‬إ‪ .‬ج نص صريح يحددها إال ما ورد في الفقه والقض اء‬
‫متفقا عليه‪ ، 2‬تلك الشروط هي التي تحدد نطاق ممارسة المتضرر لهذا الحق كوس يلة خوله ا‬
‫له القانون تتح رك من خالله ا ال دعوى العمومي ة‪ ،‬ولص حة ه ذا اإلج راء يمكن إجم ال ه ذه‬
‫الشروط الشكلية في طائفتين هي؛ الش روط الموض وعية والش روط اإلجرائي ة وي ترتب على‬
‫تخلف إحداها البطالن‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار المحكمة العليا‪ ،‬غرفة الجنح والمخالفات ملف رقم ‪ ،335568‬الصادر بتاريخ ‪2007/02/28‬م‪ ،‬المجلة القض ائية‪ ،‬قس م المس تندات والوث ائق‬
‫للمحكمة العليا وزارة العدل العدد ‪ 2008 ، 01‬ص ‪335‬‬
‫‪2‬‬
‫عوض محمد عوض‪ :‬المبادئ العامة في قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬بدون سنة ‪،‬نشر منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪41‬‬
‫الفرع األول طائفة الشروط الموضوعية إلقرار الحق في تكليف المتهم بالحضور المباشر ‪:‬‬

‫لصحة ممارسة الحق في التكليف المباشر بالحضور أمام المحكمة يتعين ت وافر ش روط‬
‫موضوعية مستخلصة من موضوع المادتين ‪ 333،337‬مكرر ق‪.‬إ‪.‬ج وهي‪:‬‬

‫وقوع الجريمة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫توافر في المدعي صفة المضرور في المدعي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن تكون الجريمة مما يجوز فيها التكليف المباشر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم حصول متابعة قضائية سابقة‬ ‫‪-‬‬
‫أن تكون الدعوى العمومية والدعوى المدنية مقبولتين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وقوع الجريمة‬ ‫‪-1‬‬

‫أعطي للجريمة في القانون الوضعي العديد من المعاني؛ فهناك الجريمة الجنائي ة وال تي‬
‫يحدد معناها وأركانها والعقوبات المقررة لها قانون العقوبات والقوانين المكملة له‪ ،‬كما توج د‬
‫الجريمة المدنية والتي يحدد أحكامها القانون المدني إضافة إلى الجريمة اإلداري ة ال تي يح دد‬
‫أحكامها قانون اإلجراءات المدني ة واإلداري ة‪ ، 1‬ومختل ف الل وائح والق رارات ال تي تض من‬
‫جزاءات إدارية وتأديبية‪.‬‬

‫ويقصد بأن يكون التكليف المباشر متعلق بوقوع جريمة هو وجود جناية أو جنحة قائمة‬
‫بأركانه ا وجمي ع عناص رها تك ون مص در الض رر م ع وج وب ت وافر عالق ة مباش رة بين‬
‫الجريمة والضرر الذي أصاب المتضرر شخصيا‪ ،‬والمقصود هنا الوصف القانوني الص حيح‬
‫للواقعة المبلغ عنها ضمن التكليف المباشر بالحض ور وليس التكي ف ال ذي يعطي ه المتض رر‬
‫للواقعة‪.2‬‬

‫‪ 1‬عبد هللا سليمان شرح قانون العقوبات الجزائري ‪ -‬القسم العام‪ ،‬س ‪1998‬م‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪ 60‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 2‬قرار المحكمة العليا‪ ،‬الغرفة الجزائية‪ ،‬ملف رقم ‪ ،12537‬الصادر بتاريخ ‪ 08‬يناير ‪1990‬م‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،‬قسم المستندات والوثائق للمحكمة‬
‫العليا وزارة العدل العدد ‪ ،03‬س ‪1991‬م‪ ،‬ص ‪123‬‬
‫توافر في المدعي صفة المضرور‬ ‫‪-2‬‬

‫إن صفة المتض رر ش رط أساس ي في اس تعمال ح ق التكلي ف المباش ر بالحض ور في‬


‫المتض رر من الجريم ة‪ ،‬ويش رط في المتض رر التمت ع بأهلي ة التقاض ي وبل وغ س ن الرش د‬
‫القانونية كذلك التمتع بكامل القوى العقلية بحيث ال يكون محجورا عليه‪. 1‬‬

‫وإذا كان المشرع قد فتح باب التكليف المباشر لألف راد حماي ة لمص الحهم ال تي ت أثرت‬
‫بوقوع الجريمة‪ ،‬فال بد أن يكون مقدم الشكوى قد أص ابه فعال ض ررا شخص يا ومباش را من‬
‫الجريمة‪ 2‬و يكفي وجود الصلة المباشرة بين الضرر والجريمة التي وقعت حتى يتم قبول هذا‬
‫التكليف‪ ،‬أما إن لم يلحق مقدم الشكوى أي ضرر أو أنه استوفى حق ه في التع ويض أو تن ازل‬
‫عنه فال يقبل منه هذا التكليف وبالنتيجة عدم تحريك الدعوى العمومية‪.‬‬

‫عدم حصول متابعة قضائية سابقة ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫من الشروط الضرورية لقبول التكليف المباشر بالحض ور ع دم وج ود متابع ة قض ائية‬


‫سابقة‪ ،‬فهي تجعل الدعوى العمومية منتهية بق رار قض ائي يقض ي باإلدان ة أو ال براءة وبه ذا‬
‫القرار يصبح التكليف المباشر غير جائز ضد األشخاص الذين شملهم الق رار القض ائي ح تى‬
‫ولو حركت الدعوى العمومية ضد مجهول‪.‬‬

‫وفي حالة تقرير النيابة العامة عدم مالئمة المتابعة وإصدار ق رار حف ظ األوراق لت وفر‬
‫إحدى أسبابه؛ فإن ه ذا الق رار ال يمن ع المتض رر من الجريم ة من تحري ك ال دعوى بإرادت ه‬
‫الخاصة عن طريق رفع دعوى مباشرة أمام المحكمة بتكليف المتهم بالحضور‪.‬‬

‫أن تكون الجريمة مما يجوز فيها التكليف المباشر بالحضور‪:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪ 1‬جياللي بغدادي‪ :‬التحقيق ‪ -‬دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية ‪ -‬س‪1999‬م‪ ،‬الديوان الوطني لألشغال التربوية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪86.‬‬

‫‪ 2‬فوزي عمارة قاضي التحقيق أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه غ ير منش ورة ‪ ،‬كلي ة الحق وق‪ ،‬جامع ة اإلخ وة منت وري‪ ،‬قس نطينة‪ ،‬الجزائ ر‪،‬‬
‫‪2010-2009‬‬
‫اختلف المشرع الجزائري عن التشريعات المقارنة كونه حصر الجرائم التي يجوز فيها‬
‫للضحية تكليف المتهم بالحضور في الجنح فقط‪ ،‬وهذا ب الرجوع إلى الح االت الخمس المبين ة‬
‫في المادة ‪ 337‬مكرر ق‪.‬إ‪ .‬ج؛ التي تتمثل في الجرائم التالية‪:‬‬

‫ترك أسرة‪ ،‬عدم تسليم الطفل انتهاك حرمة منزل الق ذف‪ ،‬إص دار ص ك ب دون رص يد‪،‬‬
‫وبالتالي تخرج عن ذلك الجنايات والمخالفات؛ ولعل سبب اس تبعاد الجناي ات يع ود إلى ك ون‬
‫التحقيق فيها وجوبي نظ را لخطواته ا م ع وض ع المش رع له ا ض مانات خاص ة‪ ،‬وهن ا يبقى‬
‫للضحية المضرور حق تحريك الدعوى العمومية والمطالبة بتعويض األضرار ال تي أص ابته‬
‫جراء وقوع الجناية عن طريق االدعاء مدنيا أمام قاضي التحقيق‪.‬‬

‫وما يمكن مالحظته أن المشرع الجزائ ري لم يوس ع للض حية من نط اق الج رائم ال تي‬
‫يشملها إجراء التكليف المباشر بالحضور أمام المحكمة إذ حص رها فق ط في الج رائم الس الفة‬
‫الذكر‪ ،‬والباقي يتوجب الحصول على ترخيص من النيابة العامة؛ وقد كان عليه أن يشمل هذا‬
‫اإلجراء على كل الجنح على غرار التشريع الفرنسي الذي جع ل ه ذا الح ق للض حية في ك ل‬
‫الجنح وفق أحكام المادة ‪ 392‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬ف‪.‬‬

‫أن تكون الدعوى العمومية والدعوى المدنية مقبولتين‬ ‫‪-5‬‬

‫األصل أن ترفع الدعوى المدنية أمام القضاء الم دني باعتب ار الجه ة المختص ة ب النظر‬
‫والفصل فيها‪ ،‬وقد أجيز للقضاء الجزائي على سبيل االستثناء الفصل فيها لالرتباط بال دعوى‬
‫العمومية‪ ،‬فإذا ما رفضت ه ذه األخ يرة وك انت غ ير مقبول ة زال األس اس ال ذي يب نى علي ه‬
‫اختصاص القض اء الج زائي‪ ،‬وبالت الي وجب على الض حية المتض رر أن يحم ل دع واه إلى‬
‫الجهة الطبيعية وهي المدني القضاء المدني‪.1‬‬

‫وتكون الدعوى غير مقبولة لعدة أسباب فقد يكون بسبب رفعها بإجراءات غير صحيحة‬
‫كم ا إذا رف ع التكلي ف المباش ر بالحض ور أم ام المحكم ة عن جناي ة أو عن جنح ة ال يج وز‬
‫االدعاء فيها ولم يحصل الضحية المتضرر على ترخيص من وكيل الجمهوري ة ‪ ،‬كم ا يك ون‬
‫‪ 1‬عوض محمد عوض المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫بس بب التق ادم أو العف و الش امل أو وف اة المتهم أو لس بق ص دور حكم ب ات في ال دعوى أو‬
‫بصدور قرار بأن ال وجه إلقامة الدعوى‪ ،‬أو الصلح‪ ،‬كما تكون الدعوى المدنية غ ير مقبول ة‬
‫إذا ما رفعت من غير ذي صفة أو ممن ليس أهال لرفعها‪ ،‬فغير المتضرر ال يرفعها ولو ك ان‬
‫مجنيا عليه النتفاء صفته‪.‬‬

‫والمتضرر نفسه ال يقبل منه رفعها إذا كان قد استوفى كل التعويض أو سقط حق ه في ه‪،‬‬
‫وذلك النتفاء المصلحة‪ ،‬كذلك ناقص األهلية ال يمكن له رفعها بنفسه ألن ه ليس أهال ل ذلك ب ل‬
‫يرفعها عنه وليه أو الوصي نيابة عنه‪.‬‬

‫كما ترفض الدعوى العمومية إذا ما رفعت بعد اكتمال مدة التق ادم المق درة وف ق أحك ام‬
‫القانون المدني‪ ،‬هذا ويمكن إضافة شرط آخر لصحة التكلي ف بالحض ور بس عي من الض حية‬
‫وهو أال تكون الجريمة قد ارتكبت خ ارج ال تراب الوط ني وه و الش رط ال ذي ج اء بم وجب‬
‫أحكام المادة ‪1 3/583‬من ق‪.‬إ‪.‬ج كما أكدت ذلك المحكمة العليا في قرار صادر عنها‪.2‬‬

‫الف‪C‬رع الث‪C‬اني الش‪C‬روط اإلجرائي‪C‬ة إلق‪C‬رار الح‪C‬ق في تكلي‪C‬ف المتهم بالحض‪C‬ور المباش‪C‬ر أم‪C‬ام‬
‫المحكمة‪:‬‬

‫إضافة إلى الش روط الموض وعية الس ابقة ال ذكر ف إن هن اك ش روط إجرائي ة ال ب د من‬
‫توافرها لقبول تكليف المتهم للحضور أمام المحكمة مباشرة ودون سلك الطريق الطبيعي وهو‬
‫طريق النيابة العام ة وأول ه ذه الش روط متعل ق بتق ديم الش كوى وه ل تتواف ق م ع الش كوى‬
‫المصحوبة بادعاء مدني المقدمة أمام قاض ي التحقي ق‪ ،‬وثانيهم ا متعل ق بتبلي غ المتهم بورق ة‬
‫التكليف‪ ،‬وعليه سيوضح كل شرط في نقطة مستقلة‪ ،‬وفق لما يلي‪:‬‬

‫تقديم شكوى أمام المحكمة ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 03/583‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬ج ‪ .....‬وعالوة على ذلك فال يجوز أن تجري المتابعة في حالة ما إذا كانت الجنحة مرتكبة ضد اح د األف راد إال بن اء على‬
‫طلب النيابة العامة بعد إخطارها بشكوى من الشخص المضرور أو ببالغ من سلطات القطر الذي ارتكبت الجريمة فيه"‪.‬‬
‫‪ 2‬قرار المحكمة العليا‪ ،‬غرفة الجنح والمخالفات ملف رقم ‪ ،578789‬الصادر بتاريخ ‪ 03‬فيفري ‪ 2011‬المجلة القضائية ‪ ،‬قسم المستندات والوثائق‬
‫للمحكمة العليا ‪ ،‬وزارة العدل العدد ‪ 01‬س ‪2013‬م‪ ،‬ص ‪369‬‬
‫إن المشرع الجزائري اعترف بهذا اإلجراء واعت بره ش كوى ترف ع أم ام قاض ي الجنح‬
‫على أن ه لم يتط رق المص طلح الش كوى على خالف م ا ج اء في الم ادة ‪ 72‬ق‪.‬إ‪ .‬حين أج از‬
‫للمتضرر من الجريمة االدعاء مدنيا أمام قاضي التحقيق‪ ،‬غ ير أن الواق ع العملي وم ا ج رى‬
‫عليه العرف القضائي فإن المتضرر ال يمكن له تكليف المتهم بالحضور أم ام المحكم ة م ا لم‬
‫يقدم شكوى مكتوبة في عريضة مؤرخة موقعة سواء من قبل المتض رر نفس ه أو محامي ه؛ إذ‬
‫تتضمن أسماء األطراف العنوان‪ ،‬محل اإلقامة ملخص الوقائع‪ ،‬ونوع الجريمة‪ ،‬بع دها توج ه‬
‫هذه العريضة للمحكمة قصد جدولتها وتحديد يوم انعقاد الجلسة‪.‬‬

‫تبليغ المتهم بورقة التكليف بالحضور‬ ‫‪-2‬‬

‫عند قبول طلب المتضرر بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة ألجل النظر في قضية‬
‫تتعلق بجريمة من الجرائم المذكورة قيد الم ادة ‪ 337‬مك رر أو جريم ة أخ رى رخص وكي ل‬
‫الجمهورية النظر فيها على أساس إجراء التكلي ف المباش ر بالحض ور‪ ،‬تق وم مص الح النياب ة‬
‫العامة بجدولة القضية وتحديد مكان وزمان الجلسة وفق أحك ام الم ادة ‪ 439‬ق‪.‬إ‪.‬ج وم ا يليه ا‬
‫من ق‪.‬إ‪ .‬إذ تس لم نس خة للمتض رر من العريض ة ال تي ق دمها مش فوعة بتوقي ع وختم وكي ل‬
‫الجمهورية‪ ،‬لتقوم بعد ذلك الضحية بتبليغ المتهم بورقة التكليف بالحضور مرفقة بنسخة أيضا‬
‫من العريضة التي تتضمن شكواه‪ ،‬وذلك عن طريق المحض ر القض ائي الك ائن مق ره ب دائرة‬
‫اختصاص محل إقامة المتهم"‪.1‬‬

‫والجدير باإلشارة إلى ضرورة مراعاة المواعي د الخاص ة ب التبليغ نظ را الرتب اط ه ذه‬
‫المواعيد بفكرة حقوق الدفاع‪ ،‬كما جرى العمل القضائي على أن استدعاء المش تكي من ه على‬
‫نفقة الشاكي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار لتكليف المتهم بالحضور المباشر أمام المحكمة‬


‫‪ 1‬علي شمالل‪،‬السلطة التقديرية للنيابة العامة في الدعوى العمومية ‪ -‬دراسة مقارنة ‪2009 -‬م ‪ ،‬دار هوم ة للطباع ة ‪ 16‬م ‪ ،‬والنش ر‪ ،‬الجزائ ر‪ ،‬ص‬
‫‪ ،194‬ص ‪. 248‬‬
‫ينتج عن ممارسة الضحية لحق تكلي ف المتهم بالحض ور أم ام المحكم ة الجزائي ة ع دة‬
‫آثار؛ تتمثل في تحريك الدعوى العمومية والدعوى المدنية التابعة لها وال تي تط الب الض حية‬
‫بالتعويض جراء ما أصابها من ضرر من الجريمة‪ ،‬كما قرر المش رع ج زاءات حال ة إس اءة‬
‫الضحية الستعمال هذا الحق‪.‬‬

‫المطلب األول تحريك الدعوى العمومية والدعوى المدنية التابعة لها‪:‬‬

‫يترتب عن حق الضحية عند تكليف المتهم بالحضور أم ام المحكم ة الجزائي ة‪ ،‬تحري ك‬


‫الدعوى العمومية ورفع الدعوى المدني ة تبع ا له ا ؛ ذل ك أن ال دعوى المدني ة ال تس تقيم أم ام‬
‫القضاء الجزائي إال تبعا للدعوى العمومي ة‪ ،‬ل ذلك يق ال أن ال دعوى المدني ة تح رك ال دعوى‬
‫العمومية ثم تعود فتتبعها‪. 1‬‬

‫وينتهي دور الضحية بمجرد رف ع ال دعوى العمومي ة إذ ال تمل ك بع د ذل ك مباش رة أي‬


‫إجراء من إجراءاتها‪ ،‬بل يرجع االختصاص في المباشرة إلى النيابة العامة والسير فيه ا أم ام‬
‫المحكمة‪ ،‬وبذلك تصبح الدعوى العمومية ملك للمجتمع تتوالها نيابة عنه النيابة العامة باس مه‬
‫ولحسابه وتصبح بذلك خصما عاما فيها يمثل الهيئة االجتماعية"‪.2‬‬

‫وتعتبر الضحية خصما في الدعوى المدنية التبعية دون الدعوى العمومي ة ال تي يتوق ف‬
‫حقها فيها عند التحريك‪ ،‬وبهذه الصفة يستفيد المدعى الم دني من حق وق كث يرة‪ . 3‬منه ا أن ه‬
‫يصبح خصم في الدعوى المدنية وله جميع الحقوق المقررة للخصوم أم ام المحكم ة من حيث‬
‫التبليغ وإبداء الطلبات والدفوع وسماع الشهود واالستعانة بمح امي‪ ،‬ه ذا م ا يتعل ق بال دعوى‬
‫المدنية شأنه في ذلك شأن المتهم والمسؤول عن الحقوق المدنية والخص وم اآلخ رين في نفس‬
‫الدعوى‪.4‬‬

‫كما يترتب أيضا عن ممارسة الضحية للتكليف المباشر بالحضور تمثيل الضحية نفسها‬
‫كطرف مدني يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر ترتب عن الجريمة موض وع التكلي ف‬
‫‪ 1‬بثينة بوجبير‪ :‬حقوق المجني عليه في القانون الجنائي الجزائري‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير غير منشورة كلية الحقوق والعلوم اإلدارية‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،‬الجزائر‪2002-2001 ،‬م‪ ،‬ص ‪47‬‬
‫‪ 2‬حسين عالم‪ :‬قانون اإلجراءات الجنائية ‪ ،‬ط‪ ، ،02‬دون ذكر دار النشر‪ ،‬مصر‪1982 ،‬م ‪،‬ص‪395‬‬
‫‪ 3‬سليمان عبد المنعم ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪300‬‬
‫‪ 4‬نبيه صالح ‪ ،‬الوسيط في شرح مبادئ اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬منشأة المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ، 2004 ،‬ص ‪280‬‬
‫المباش ر بالحض ور فال يج وز طلب توقي ع عقوب ة معين ة على المتهم‪ ،‬وعن د ص دور حكم‬
‫المحكمة فليس له ( المدعى المدني) سوى حق الطعن في الش ق الم دني دون الش ق الج زائي‬
‫فال يملك حق الطعن في الحكم الصادر بالبراءة‪.‬‬

‫كما أن تنازل الضحية عن دعواها المدنية المنظورة أمام المحكمة الجزائية ال ت أثير ل ه‬
‫على الدعوى العمومية‪ ،‬فيجوز له ا أن ت ترك دعواه ا المدني ة دون أن ي ؤثر ه ذا ال ترك عن‬
‫الس ير في ال دعوى العمومي ة‪ ، 1‬إال إذا ك انت ال دعوى الجزائي ة تس قط بالتن ازل عن الح ق‬
‫الشخصي (التعويض) حيث يترتب عن التنازل في هذه الحالة س قوط ال دعوى العمومي ة‪، 2‬‬
‫وه ذه في حال ة وج وب تق ديم ش كوى كم ا في جريم ة الزن ا‪ ،‬ه ذا وتختص النياب ة بمباش رة‬
‫الدعوى العمومية التي تم تحريكها و لها أن تطالب تعديلها من حيث وصف التهم ة أو تع ديل‬
‫القيد الوارد بورقة التكليف المباشر بالحض ور‪ ، 3‬وتفص ل المحكم ة دون أن تقي د بالوص ف‬
‫الذي قدمته النيابة العامة وال الوصف الذي وضعه المدعي المدني‪.‬‬

‫المطلب الثاني إساءة استعمال الضحية الحق في تكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة‪:‬‬

‫قد تسيء الضحية المدعية بالحق المدني في هذه الحالة استعمال الحق الذي خول ه إياه ا‬
‫الق انون في تكلي ف المتهم بالحض ور المباش ر أم ام المحكم ة ‪ ،‬وق د تتمث ل ه ذه اإلس اءة في‬
‫التشهير بالمتهم والكيد له‪ ،‬أو في الرغبة في تسريع الدعوى المدنية وإعداد أدالتها‪ ،‬وقد يس أل‬
‫المدعي المدني جنائيا إذا توافرت في إدعائه أرك ان جريم ة الوش اية الكاذب ة؛ ويتح ول ب ذلك‬
‫المتهم إلى ضحية والمدعي المدني منهم‪ ،‬ويكون في هذه الحالة للضحية ( المتهم كل الحق وق‬
‫المقررة قانون للضحايا إذا مست حقوقه األساسية أثناء سير الخصومة‪.‬‬

‫وعليه وللح د من اإلف راط في اس تعمال ح ق تحري ك ال دعوى العمومي ة أج از الق انون‬
‫للمتهم ولك ل األش خاص المن وه عنهم في الش كوى م تى انتهى الحكم ب البراءة؛ أن يطلب من‬
‫المدعي المدني التعويض عن الضرر الذي لح ق بهم‪ ،‬وفي حال ة اإلدان ة يج وز للمحكم ة أن‬

‫‪ 1‬جالل ثروت المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪104‬‬


‫‪ 2‬محمد محمود سعيد حق المجني عليه في تحريك الدعوى العمومية ‪ -‬دراسة مقارنة ‪ ،‬دار الفكر العربي‪1982 ،‬م ‪،‬ص ‪531‬‬
‫‪ 3‬علي شمالل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪08‬‬
‫تأمر بنشر الحكم كامال أو ملخصا منه على نفقة المحكوم عليه في جريدة أو عدة جرائد طبق ا‬
‫لنص المادة ‪ 78‬ق‪.‬إ‪.‬ج ‪.‬‬

‫وكخالص ة ف المتهم ل ه أن يط الب ب الحقوق المدني ة أم ام المحكم ة الجنائي ة لتع ويض‬


‫الضرر الذي لحقه بسبب رفع دعوى المدنية عليه إذا كان لذلك وجه ‪ ،‬وحكمة ذلك أن األصل‬
‫في ح ق االلتج اء إلى القض اء ه و الحق وق العام ة ال تي تثبت للكاف ة‪ ،‬وأن ه ال ي ترتب علي ه‬
‫المساءلة بالتعويض إال إذا أثبت من باشر هذا الحق قد انحراف به عم ا وض ع ل ه واس تعماله‬
‫استعماال كيديا وابتغاء المضرة‪ ،‬سواء اقترن هذا القصد بنية جلب المنفعة لنفس ه أو لم تق ترن‬
‫به تلك النية طالما كان يستهدف بدعواه إضرار خصمه‪.‬‬

‫ف إذا م ا قبلت المحكم ة الجزائي ة ال دعوى المرفوع ة من المتهم ض د الم دعى الم دني‬
‫وتحققت من تعس ف ه ذا األخ ير في رف ع ال دعوى المباش رة علي ه‪ ،‬فإنه ا تنقض ي ببراءت ه‪،‬‬
‫وعليها أن تقضي في ذات الحكم بالتعويض على المدعي المدني‪ ،‬ول ذا ت رك الم دعي الم دني‬
‫الدعوى المدنية فإن ذلك ال يحول دون الحكم بالتعويض للمتهم عن تعسف المدعي المدني في‬
‫رفع الدعوى مباشرة والحكم الصادر في االدعاء المرف وع من المتهم قاب ل لالس تئناف س واء‬
‫منه أو من المدعي المدني وفقا للقواعد العامة"‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫ما يمكن مالحظته بخصوص تكليف المتهم بالحضور المباشر أمام المحكمة أنه أن ه ذا‬
‫اإلج راء يعت بر كم رآة عاكس ة إلج راءات ج د س ريعة‪ ،‬وقص ره على المتض رر دون س ائر‬
‫األفراد ال يخلو من الحكمة‪ ،‬ذل ك أن رف ع ال دعوى من المتض رر إنم ا ه و اس تثناء ال يج وز‬
‫التوسع فيه وفتح المجال لهوى األفراد يغير من معالم نظام االتهام القائم في القانون؛ من نظام‬
‫لالتهام الرسمي إلى نظ ام لالته ام الش عبي م ع م ا في ه من نق ائص أهمه ا فتح مج ال االته ام‬
‫الباطل والتشهير أمام القضاء لكل الناس‪.‬‬

‫كما يالحظ أيضا بخصوص هذا اإلجراء ؛ طرح سؤال حول المعيار ال ذي يعتم د علي ه‬
‫وكيل الجمهورية‬

‫إلعطاء ترخيص ألجل تكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة في الجرائم الغير مذكورة‬
‫قانونا؟ إذ كيف له منح هذا الترخيص في حاالت وألشخاص معينة في حاالت أخرى‪ ،‬هذا م ا‬
‫يجعل مسألة هذه الرخصة متوقفة على ه وى وكي ل الجمهوري ة المرف وع أمام ه الطلب‪ ،‬ل ذا‬
‫يقترح على المشرع الجزائري توسيع نطاق حق الضحية في التكليف المباشر بالحضور أمام‬
‫المحكمة ليشمل كل مواد الجنح والمخالفات والسعي إلى إلغ اء الرخص ة ال تي يمنحه ا وكي ل‬
‫الجمهورية ‪ ،‬أو وضع معيار دقيق يقيد هذا األخير في إعطائها الرخصة‪.‬‬

‫د‪ .‬س ليمان عب د المنعم‪ :‬المرج ع الس ابق‪ ،‬ص ‪ 300‬د‪ .‬نبي ه ص الح‪ :‬الوس يط في ش رح مب ادئ اإلج راءات الجزائي ة‪ ،‬س ‪2004‬م‪ ،‬منش أة‬
‫المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪ .280‬د‪ .‬د‪ .‬جالل ثروت المرجع السابق‪ ،‬ص ‪24 104‬‬
‫مصر‪ ،‬ص ‪.531‬‬

You might also like