نظرية التعسف

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 6

‫التعسف‬

‫فى استعمال الحق‬

‫اعداد‬
‫الطالب‪ /‬قمرالدين قاسم‬
‫اشراف‬
‫األستاذ الدكتور‪ /‬كياهى الحاج محمد عدنان‬

‫قدمت هذه الرسالة استكماال لمطلبات الحصول على درجة الماجستير‬


‫فى تخصص الفقه و أصوله‬

‫العام الجامع‬
‫‪ 2441‬ه‪ 1212-‬م‬
‫التعسف فى استعمال الحق‬
‫تعريف التعسف‬
‫(‪)1‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف التعسف لغة‪:‬‬
‫ظلم وجار واستبد ‪-:‬تعسفت الدُّول العظمى يف تعاملها مع الدُّول الصغرية‪-‬‬
‫ف يف قراراتو‪.‬‬
‫تعس ٌ‬
‫شخص م ٍّ‬
‫ٌ‬
‫متعسفة‪.‬‬
‫عسف فيو‪ ،‬فعلو بال رويّة وال تدبُّر ‪-:‬آراء ٍّ‬
‫و ت عسف فالنًا‪ :‬ظلمو‪.‬‬
‫التعسف مشتق يف اللغة من العسف‪ « ،‬والعسف بف ت ح الع ني وإس كان‬
‫السني‪ ،‬وىو السري بغري ىداية‪ ،‬واألخذ على غري الطريق‪ ،‬وكذلك التعسف‬
‫واالعتساف‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف التعسف اصطالحا‪:‬يقصد بالتعسف ىف استعمال احلق‪:‬‬
‫استعمال احلق يف غري الغرض الذى من اجلو منح أو بقصد احلاق الضرر‪.‬‬
‫القاعدة العامة تقضي بأن اجلواز الشرعي والضمان ال يلتقيان‪ ،‬فالشخص‬
‫مسؤوال عن األضرار اليت حتدث للغري‪ .‬غري أن‬
‫ً‬ ‫الذي يستعمل حقو‪ ،‬ال يعترب‬
‫القضاء والقانون قررا أنو مىت كان استعمال احلق مصحوبا بالتعسف‪ ،‬فإن ادلتعسف‬
‫مسؤوال إذا جنم عن ىذا التعسف ضرر للغري‪.‬‬
‫ً‬ ‫يعترب‬
‫ستعمل صاحب احلق حقو على الوجو األكمل الذي أذن بو‬ ‫واألصل أن ي ِ‬
‫الشارع وأراده عند تشريعو للحقوق‪ ،‬وىو استعمال ىذه احلقوق على وجو مشروع‪،‬‬
‫وباألسلوب الذي يرتضيو الشارع‪ ،‬ولكن البعض من أصحاب احلقوق‪ ،‬قد ينح ِرف‬
‫عن الطريق السوي واذلدف الذي ابتغاه الشارع‪ ،‬فيستعمل حقو استعماالً غري‬
‫مشروع‪ ،‬ويتجاوز احلدود اليت وضعها الشارع‪ ،‬وأمر أصحاب احلقوق أن ُيارسوا‬
‫حقوقهم يف نطاقها‪ ،‬دون إساءة ألحد‪ ،‬أو إضرار بو‪.‬‬
‫حدود االستعمال المشروع للحق‬
‫وإذا كان فقهاء الشريعة اإلسالمية وأئمة ادلذاىب ادلختلفة متفقني على‬
‫ادلبدأ العام يف استعمال احلقوق‪ ،‬وىو أن األصل يف ىذا االستعمال أن يكون على‬
‫الوجو ادلشروع‪ ،‬وعلى الصورة اليت ارتضاىا الشارع وأ ِذن هبا‪ ،‬إال أهنم اختلفوا يف‬
‫األخص حق ادلِلكية؛‬
‫ٍّ‬ ‫حدود ىذا االستعمال ادلشروع بالنسبة لبعض احلقوق‪ ،‬وعلى‬
‫التصرف يف ِملكيتو طالما مل يتعلق بو‬
‫حيث أطلق بعض الفقهاء حرية ادلالك يف ُّ‬
‫حق للغري‪ ،‬حىت لو ترتب على ىذا التصرف إضرار بأحد‪ ،‬بينما ذىب البعض‬
‫تصرفو يف ِملكو واستعمالو لو بعدم اإلضرار بالغري‪.‬‬
‫اآلخر إىل أن ادلالك مقيد عند ُّ‬
‫التصرف يف ادللكية واستعمالو‪ :‬احلنفية‬
‫فمن القائلني بإطالق حرية ادلالك يف ُّ‬
‫حر يف التصرف يف ملكو‬ ‫والشافعية وأىل الظاىر؛ حيث ذىبوا إىل أن ادلالك ٌّ‬
‫بأي نوع من أنواع التصرفات‪ ،‬ولو ترتب على ذلك إحلاق ضرر بغريه من‬
‫أصحاب احلقوق األخرى‪.‬‬
‫تصرفو يف‬
‫بينما ذىب اإلمام مالك وأمحد بن حنبل إىل أن ادلالك مقيد عند ُّ‬
‫ملكو بعدم اإلضرار بالغري؛ حبيث إذا ترتب على استعمالو ٍّ‬
‫حلقو إضر ٌار بغريه‪،‬‬
‫فإن استعمالو ىذا يكون غري مشروع‪ ،‬ودلن أصابو الضرر بسبب ذلك أن‬
‫(‪)2‬‬
‫ُينعو‪.‬‬
‫صور التعسف‬
‫صور التعسف يف استعمال احلق يف القانون ادلدين القطري‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا كانت ادلصلحة اليت يرمي إىل حتقيقها غري مشروعة‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا مل يقصد بو سوى اإلضرار بالغري‪.‬‬
‫‪ .3‬إذا كانت ادلصلحة اليت يرمي إىل حتقيقها ال تتناسب البتة مع الضرر الذي‬
‫يلحق بالغري‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ .4‬إذا كان من شأنو أن يلحق بالغري ضرراً فاحشاً غري مألوف‪.‬‬
‫الصورة األولى‬
‫إذا كانت ادلصلحة اليت يرمي إىل حتقيقها غري مشروعة‪ ،‬فمن يستعمل ملكو‬
‫لتحقيق أغراض خمالفة للنظام العام أو اآلداب العامة‪ ،‬كمن يستخدم منزلو دلمارسة‬
‫مسؤوال عن ذلك‪ .‬فاحلقوق ال‬‫ً‬ ‫سلوكيات غري أخالقية تسبب ضررا للجوار‪ ،‬يكون‬
‫تكون معتربًة يف نظر القانون إال بقدر ما حتققو من مصاحل مشروعة‪ .‬وىذه الصورة‬
‫معيارا موضوعيًّا ينطبق على مجيع الوقائع ادلشاهبة وادلتضمنة‬
‫من صور التعسف متثل ً‬
‫خمالفات للنظام العام‪.‬‬
‫الصورة الثانية‬
‫إذا مل يقصد بو سوى اإلضرار بالغري‪ .‬دلا كان األصل يف احلقوق أهنا تتقرر‬
‫لتحقيق مصاحل وليس جللب مفاسد‪ ،‬فإن ممارسة احلق بقصد اإلضرار بالغري ي ُّ‬
‫عد‬
‫استعماال غري مشروع للحق وموجب للمسؤولية‪ .‬ومن التطبيقات القضائية ذلذه‬‫ً‬
‫الصورة احلكم بادلسؤولية على مالك أرض زراعية قريبة من إحدى ادلطارات اخلاصة‬
‫الذي أقام على أرضو أعمدة معدنية عالية االرتفاع بقصد إعاقة حركة الطائرات‪،‬‬
‫لدفع الشركة لشراء أرضو مببلغ كبري‪ .‬فقد قرر القضاء أنو دلا كانت األعمدة ال‬
‫تقدم أية منفعة لؤلرض اليت ُيلكها‪ ،‬ويف نفس الوقت ىي ضارة بشركة الطريان‪،‬‬
‫فإن سلوك مالك األرض يعد تعس ًفا يف استعمال احلق وموجبًا دلسؤوليتو‪ .‬وبذلك‬
‫يكون قصد اإلضرار وىو العامل األساسي الذي دفع صاحب احلق إىل استخدام‬
‫ملكو‪ ،‬وىذا القصد يستدل عليو من وقائع كل قضية على حدة‪ ،‬لذلك فإن‬
‫معيارا شخصيًّا وليس موضوعيًّا‪.‬‬
‫القضاء ينظر إىل ىذه الصورة على أهنا متثل ً‬
‫الصورة الثالثة‬
‫إذا كانت ادلصلحة اليت يرمي إىل حتقيقها ال تتناسب البتة مع الضرر الذي‬
‫يلحق بالغري‪ .‬إن مبدأ التناسب بني الضرر وادلصلحة الذي قررتو ىذه الصورة‬
‫يقضي بأن تكون ادلصلحة ادلقصودة من ممارسة احلق ذات قيمة تربر ما قد يصيب‬
‫الغري من ضرر‪ .‬أما إذا كانت ادلصلحة تافهة بادلقارنة مع الضرر الذي يصيب‬
‫أمرا غري مشروع‪،‬‬
‫الغري‪ ،‬حبيث ينعدم بينهما التناسب‪ ،‬فإن استعمال احلق يصبح ً‬
‫يربر قيام مسؤولية الشخص عن استعمالو حلقو بطرقة غري مشروعة‪ .‬وال يقصد‬
‫با لتناسب ىنا حتقيق توازن كامل بني ادلصلحة والضرر‪ ،‬فقد ال يكون الشخص‬
‫متعسفا إذا تساوى الضرر وادلصلحة أو زاد الضرر عن ادلصلحة بنسبة معقولة‪ ،‬أما‬
‫كبريا عد ذلك تعسفا؛ لذلك فإن ادلعيار يف‬
‫إذا رجح الضرر على ادلصلحة رجحاناً ً‬
‫معيارا موضوعيًّا‪ .‬حبيث يكون التفاوت اجلسيم بني ادلصلحة‬
‫ىذه الصورة يعد ً‬
‫والضرر قرينة دالة على التعسف يف استعمال احلق‪ .‬ومن التطبيقات القضائية ذلذه‬
‫الصورة تقرير مسؤولية من أقام على سطح منزلو مدخنة يف مواجهة نافذة جاره‪،‬‬
‫حيث اعتربت احملكمة أن الضرر الناجم عن الدخان ادلتجو إىل اجلار أكرب بكثري‬
‫من ادلنفعة اليت كان ادلالك يسعى لتحقيقها‪ ،‬وأنو كان بإمكانو حتقيق تلك ادلصلحة‬
‫ضررا أقل للجار‪.‬‬
‫بطريقة تسبب ً‬
‫الصورة الرابعة‬
‫إذا كان من شأنو أن يلحق بالغري ضرراً فاحشاً غري مألوف‪ .‬والفارق بني‬
‫ىذه الصورة والصورة الثالثة ىو أنو يف ىذه الصورة ال ينظر إىل مقدار ادلصلحة‪ ،‬بل‬
‫ادلعترب ىو طبيعة الضرر ومقداره‪ ،‬فينبغي حتقق شرطني‪ :‬األول أن يكون الضرر غري‬
‫فاحشا‪ .‬فبالنسبة للضرر الفاحش‪ ،‬فقد ذكرناه يف‬
‫مألوف‪ ،‬والثاين أن يكون الضرر ً‬
‫الصورة السابقة ادلتعلقة بعدم التناسب بني الضرر وادلصلحة‪ .‬أما بالنسبة دلعيار‬
‫الضرر غري ادلألوف‪ ،‬فهو معيار مرن خيضع لتقدير القاضي‪ ،‬باعتبار ذلك مسألة‬
‫موضوعية‪ .‬وقد يسًتشد القاضي ‪ -‬يف سبيل تقدير ما إذا كان الضرر مألوفًا أم‬
‫فاحشا – بالعرف‪ ،‬أو بطبيعة العقارات‪ ،‬خاصة إذا كانت ادلسألة تتعلق بالضرر‬ ‫ً‬
‫أيضا مبوقع كل من العقارات ادلتجاورة‬
‫الواقع بني اجلوار‪ ،‬وللقاضي أن يسًتشد ً‬
‫ضررا يف ادلناطق السكنية‬
‫بالنسبة لآلخر‪ .‬وعلى سبيل ادلثال‪ ،‬فإن ما ُيكن اعتباره ً‬
‫غري ادلختلطة بأماكن التجارة والصناعة‪ ،‬قد ال يكون كذلك يف ادلساكن ادلختلطة‬
‫بأماكن الصناعة والتجارة‪.‬‬

‫المراجع‬
‫(‪ )1‬ادلعجم الوسيط [ ص ‪]066 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫رابط الموضوع‪https://www.alukah.net/sharia/0/60221/#ixzz6xcUYDhuL‬‬

‫(‪ )3‬قانون رقم (‪ )22‬لسنة ‪ 2664‬بإصدار القانون ادلدين‬

You might also like