Professional Documents
Culture Documents
Kitab Nurul Mustofa
Kitab Nurul Mustofa
تأليف
اإلندونيسيي
اعلم أن محبة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم هى المنزلة التى يتنافس فيها المتنافسون وإليها يشخص
العاملون وعليها يتفانى المحبون وبروح نسيمها يتروح العابدون فهى قوت القلوب وقرة العيون وغذاء
األرواح روح اإليمان واألعمال واألحوال والمقامات وهى الحياة التى من حرمها فهو من جملة األموات
والنور الذى من فقده فهو فى بحار الظلمات
وإذا كان اإلنسان يحب من أعطاه فى أمور دنياه مرة أو مرتين وأذهب همه وحزنه وقضى دينه ويكفى
حوائجه أو استنقذه من مضرة أو هالك أو سبع فما بالك بمن منحك منحا عظيما وصراطا مستقيما إلى
3
الجنة وخلقا حسنا ونورا فى القلب وسعادة أبدية فى الدنيا واآلخرة وشفاعة يحتاج ويطلب إليها جميع
الخلق فى يوم الساعة ويوم المحشر وجواز الصراط ووقاك واستنقذك من شدة نار الجحيم والعذاب األليم
التى ال نجاة وال مخرج منها إال مرضات هللا وشفاعة المصطفى ؟ وإذا كان المرء يحب غيره على ما فيه
من صورة جميلة وطبيعة حسنة وسيرة حميدة فكيف بهذا النبى الكريم والرسول العظيم الجامع لمحاسن
األخالق والتكريم المانح لنا جوامع المكارم والفضل العميم فقد منح هللا به منح الدنيا واآلخرة وأسبغ علينا
نعمه ظاهرة وباطنة فاستحق بل أحق أن يكون حظه من محبتنا له أوفى وأزكى من محبتنا ألنفسنا
وأوالدنا وأهلينا وأموالنا والناس أجمعين بل لوكان فى منبت كل شعرة منا محبة تامة له صلوات هللا
وسالمه عليه لكان ذلك بعض ما يستحقه علينا
واعلم أنه ال شك أن من يطلع على شمائله صلى هللا عليه وسلم ولم يكن مطبوعا على قلبه بطابع الضالل
يحب صاحبها صلى هللا عليه وسلم ألبتة يتفاوت الناس فى اإليمان على قدر تفاوتهم فى محبته ويتفاوت
الناس فى الكفر على قدر تفاوتهم فى بغضه أال ال إيمان لمن ال محبة له وبمقدار زيادة محبته ونقصها
تكون زيادة اإليمان ونقصه بل رضا هللا تعالى والسعادة األبدية ونعيم أهل الجنة ودرجاتهم فيها جميع ذلك
يكون بمقدار محبة العبد له صلى هللا عليه وسلم زيادة ونقصا كما أن سخط هللا تعالى والشقاوة األبدية
وعذاب أهل النار ودركاتهم فيها يكون بمقدار بغضه زيادة ونقصا ومحبته تستدعى محبة هللا التى فيها
سعادة الدارين قال تعالى قل إن كنتم تحبون هللا فاتبعونى يحببكم هللا ويغفر لكم أما بعد
فقد اختلف العلماء فى تفسير محبة هللا ومحبة النبى صلى هللا عليه وسلم وكثرت عباراتهم فى ذلك وليست
ترجع بالحقيقة إلى اختالف مقال ولكنها اختالف أحوال فقال سفيان المحبة اتباع الرسول كأنه التقت إلى
قوله تعالى قل إن كنتم تحبون هللا فاتبعونى اآلية وقال بعضهم المحبة دوام الذكر للمحبوب وقال آخر ايثار
المحبوب وقال بعضهم المحبة الشوق إلى المحبوب وقال بعضهم محبة الرسول اعتقاد نصرته والذب عن
سنته واالنقياد لها وهيبة مخالفته وقال بعضهم المحبة مواطأة القلب لمراد الرب يحب ما أحب ويكره ما
كره وقال آخر المحبة ميل القلب إلى موافق له
وأكثر العبارات المتقدمة إشارة إلى ثمرات المحبة دون حقيقتها وحقيقة المحبة الميل إلى ما يوافق االنسان
وتكون موافقته له إما إلستلذاذه بإدراكه كحب الصور الجميلة واألصوات الحسنة واألطعمة واألشربة
اللذيذة وأشباهها مما كل طبع سليم مائل إليها لموافقتها له وإلستلذاذه بإدراكه بحاسة عقله وقلبه معانى
باطنة شريفة كحب الصالحين والعلماء وأهل المعروف والمأثور عنهم السير الجميلة واألفعال الحسنة فان
طبع اإلنسان مائل إلى الشغف بأمثال
عن أبى هريرة رضى هللا تعالى عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب
إليه من والده وولده والناس أجمعين رواه البخارى
وعن عمر ابن الخطاب رضى هللا عنه أنه قال للنبى صلى هللا عليه وسلم ألنت يا رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم أحب إلي من كل شىء إال نفسى التى بين جنبي فقال النبى صلى هللا عليه وسلم لن يؤمن أحدكم
حتى أكون أحب إليه من نفسه فقال عمر والذى أنزل عليك الكتاب ألنت أحب إلي من نفسى التى بين
جنبي فقال له النبى صلى هللا عليه وسلم اآلن يا عمر فهذه المحبة ليست باعتقاد األعظمية فقط فانها كانت
حاصلة لعمر قبل ذلك قطعا
وعن صفوان بن قدامة هاجرت إلى النبى صلى هللا عليه وسلم فأتيته فقلت يا رسول هللا ناولنى يدك أبايعك
فناولنى يده فقلت يا رسول هللا إنى أحبك قال المرء مع من أحب اه فهذا الحديث يدل على أن من أحب
إمرأ يجتمع فى اآلخرة مع محبوبه فمحبتنا لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم سبب الجتماعنا به فى الجنة
فهذه هى البشرى العظيمة لهذه األمة فيا إخوانى أحبوا هذا الحبيب واتبعوا له واكثروا من الصالة عليه
صلى هللا عليه وسلم تكونوا أمة كاملين
4
عن أنس رضى هللا عنه أن رجال أتى النبى صلى هللا عليه وسلم فقال متى الساعة يا رسول هللا ؟ قال ما
أعددت لها ؟ قال ما أعددت لها من كثير صالة وال صوم وال صدقة ولكنى أحب هللا ورسوله قال أنت مع
من أحببت
عن أبى هريرة رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال من أشد أمتى لى حبا ناس يكونون
بعدى يود أحدهم لو رآنى بأهله وماله
وسئل علي بن أبى طالب رضى هللا عنه كيف كان حبكم لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم ؟ قال كان وهللا
أحب إلينا من أموالنا وأوالدنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمإ
وقد كان الصحابة رضى هللا عنهم إذا اشتد بهم الشوق وأزعجتهم لواعج المحبة قصدوا رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم واستشفوا بمشاهدته وتلذذوا بالجلوس معه والنظر إليه والتبرك به وفى حديث األشعريين
عند قدومهم المدينة أنهم كانوا يرتجزون غدا نلقى األحبة محمدا وصحبه
قالت عبدة بنت خالد بن معدان ما كان خالد يأوى إلى فراش إال وهو يذكر من شوقه إلى رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم وإلى أصحابه من المهاجرين واألنصار يسميهم ويقول هم أصلى وفصلى وإليهم يحن قلبى
طال شوقى إليهم فعجل رب قبضي إليك حتى يغلبه النوم اه فهذا يدل على عظمة محبة أصحابه وشوقهم
له صلى هللا عليه وسلم وألصحابه يتحابون ويتألفون ويتشوقون بينهم غير متباغضين ومتدابرين بل
يرجو أحدهم قبض روحهم لسرعة لقاء محبوبهم
وكان عبد هللا بن زيد ذات يوم يعمل فى جنة له فأتاه إبنه فأخبره أحد أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قد
توفى فقال اللهم أذهب بصرى حتى ال أرى بعد حبيبى محمد أحدا فكف بصره
وكان أيوب السختياني إذا ذكر النبى صلى هللا عليه وسلم بكى حتى نرحمه وكان جعفر بن محمد كثير
الدعابة والتبسم فإذا ذكر النبى صلى هللا عليه وسلم اصفر لونه وكان عبد الرحمن بن القاسم إذا ذكر النبى
صلى هللا عليه وسلم ينظر إلى لونه كأنه قد نزف منه الدم وقد جف لسانه فى فمه هيبة لرسول هللا صلى
هللا عليه وسلم وكان عبد هللا بن الزبير إذا ذكر عنده النبى صلى هللا عليه وسلم بكى حتى ال يبقى فى عينيه
دموع وكان الزهري من أهنأ الناس وأقربهم فإذا ذكر عنده النبى صلى هللا عليه وسلم فكأنك ما عرفته وال
عرفك وكان صفوان بن سليم من المتعبدين المجتهدين فإذا ذكر عنده النبى صلى هللا عليه وسلم بكى فال
يزال يبكى حتى يقوم الناس عنه ويتركوه وكان قتادة إذا سمع الحديث أخذه البكاء والعويل والزويل أي
القلق واإلنزعاج
عن زيد بن أسلم خرج عمر رضى هللا عنه ليلة يحرس الناس فرأى مصباحا فى بيت عجوز تنفش صوفا
وتقول
على محمد صالة األبرار صلى عليه الطيبون األخيار
قد كنت قواما بكا باألسحار يا ليت شعرى والمنايا أطوار
هل تجمعنى وحبيبى الدار
تعنى النبى صلى هللا عليه وسلم فجلس عمر رضى هللا عنه وهو يبكى وفى الحكاية طول
ولما احتضر بالل رضى هللا عنه نادت إمرأته واحزناه فقال واطرباه غدا ألقى األحبه محمدا وحزبه ومثله
قال عمار قبل قتله وقصة خالد بن معدان
ولما مات رسول هللا صلى هللا عليه وسلم اشتد حزن فاطمة عليه صلى هللا عليه وسلم حتى ماتت كمدا
بعده بستة أشهر وبيتها مجاور لضريحه الشريف
ولما أخرج أهل مكة زيد بن الدثنة من الحرم ليقتلوه قال له أبو سفيان ابن حرب أنشدك هللا يا زيد أتحب
أن محمدا اآلن عندنا مكانك يضرب عنقه وأنك فى أهلك فقال زيد وهللا ما أحب أن محمدا اآلن فى مكانه
الذى هو فيه تصيبه شوكة وإنى جالس فى أهلى فقال أبو سفيان ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب
أصحاب محمد محمدا
5
قال اإلمام البغوي فى تفسيره نزل قوله تعالى ومن يطع هللا والرسول فأولئك مع الذين أنعم هللا عليهم من
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أوالئك رفيقا فى ثوبان مولى رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم وكان شديد الحب لرسول هللا قليل الصبر عنه فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه يعرف الحزن فى وجهه
فقال له رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ما غير لونك ؟ فقال يا رسول هللا ما بى مرض وال وجع غير أنى
إذا لم أرك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ثم إذا ذكرت موتى وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة
رفعت مع النبيين وإنى إن دخلت الجنة ففى منزلة أدنى من منزلتك وإن لم أدخل الجنة ال أراك أبدا فنزلت
هذه اآلية وكذا ذكره الواحدي
وقال سهل بن عبد هللا من لم ير والية الرسول صلى هللا عليه وسلم فى جميع أحواله ويرى نفسه فى ملكه
لم يذق حالوة سنته ألنه صلى هللا عليه وسلم قال ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه
وقال اإلمام السيوطى رحمه هللا تعالى لم تكن األقطاب أقطابا واألوتاد أوتادا واألولياء أولياء إال بمعرفة
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
قال أبو الحسن الشاذلى لو حجبت طرفة عين من رسول هللا ما أعددت نفسى من المسلمين
قال الحبيب عمر بن الحافظ تريم حضرموت من تجلى فى قلبه حب هذا الحبيب صلى هللا عليه وسلم لم
يخب أبدا ال فى دينه وال فى دنياه وال فى أخراه وحاشى أن تحرق النار قلبا فيه محبة النبى صلى هللا عليه
وسلم
وقال الحسن البصري ال تغتر بقول من يقول المرء مع من أحب فان المرء ال يلحق باألبرار إال إن عمل
بمثل أعمالهم فان اليهود والنصارى يحبون أنبياءهم وليسوا معهم فى الجنة لمخالفتهم لهم فى األعمال
وبالجملة فال حياة للقلب إال بمحبة هللا تعالى ومحبة رسوله صلى هللا عليه وسلم وال عيش إال عيش
المحبين الذين قرت أعينهم بحبيبهم وسكنت نفوسهم إليه واطمأنت قلوبهم به واستأنسوا بقربه وتنعموا
بمحبته ففى القلب طاقة ال يسدها إال محبة هللا ورسوله فمن لم يظفر بذلك فحياته كلها هموم وغموم وآالم
وحسرات
اعلم أن من أحب شيئا آثره وآثر موافقته وإال لم يكن صادقا فى حبه وكان مدعيا فقط فالصادق فى حب
النبى صلى هللا عليه وسلم من تظهر عالمة ذلك عليه بالعالمات المعروفة
أولها اإلقتداء بالنبى صلى هللا عليه وسلم واستعمال سنته واتباع أقواله وأفعاله وامتثال أوامره واجتناب
نواهيه والتأدب بآدابه والتخلق بأخالقه فى عسره ويسره وتفرده واجتماعه ومنشطه ومكرهه وجميع
أحواله من الحلم والصبر والعفو والجود واإليثار والتواضع والزهد والشكر والتوكل والحياء والشجاعة
والخوف والرجاء ولطف القلب ودوام البشر وكظم الغيظ وتحمل األذى وحب الفقراء ومجالستهم وغير
ذلك وهذا هو األصل فى عالمة محبته وشاهد هذا قوله تعالى قل إن كنتم تحبون هللا فاتبعونى يحببكم هللا
قال أنس بن مالك رضى هللا عنه قال لى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يا بني إن قدرت أن تصبح
وتمسى ليس فى قلبك غش ألحد فافعل ثم قال لى يا بني وذلك من سنتى ومن أحيا سنتى فقد أحبنى ومن
أحبنى كان معى فى الجنة
6
وكان الحسن بن علي وعبد هللا بن عباس وابن جعفر أتوا سلمى وسألوها أن تصنع لهم طعاما مما كان
يعجب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وكان ابن عمر يلبس النعال السبتية ويصبغ بالصفرة إذ رأى النبى
صلى هللا عليه وسلم يفعل نحو ذلك
وقد قال أنس حين رأى النبى صلى هللا عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالى القصعة فما زلت أحب الدباء من
يومئذ اه وهذه سيرة السلف حتى فى المباحات وشهوات النفس
والثانى من عالمة محبته كثرة ذكره للنبى صلى هللا عليه وسلم فمن أحب شيئا أكثر من ذكره وقد قالوا
الذكر يؤكد محبة المذكور والمحبة تؤكد اتباع المحبوب فذكر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وسيلة إلى
حبه وحبه وسيلة إلى إتباعه واتباعه واجب فتأكد أمر الصالة عليه صلى هللا عليه وسلم قال إبن القيم ألن
العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره فى قلبه واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه تضاعف
حبه وتزايد شوقه إليه واستولى على جميع قلبه وال شىء أقر لعين المحب من رؤية محبوبه وال أقر لقلبه
من ذكره وإحضار محاسنه فإذا قوى هذا فى قلبه جرى لسانه بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه وتكون
زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه فى قلبه
ومن عالمة محبة النبي صلى هللا عليه وسلم اإلكثار من الصالة عليه صلى هللا عليه وسلم ألن الصالة
والسالم عليه من أفضل القربات وأجل الطاعات وبذلك يقرب العبد المؤمن من نبيه قال هللا تعالى إن هللا
ومالئكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما سورة األحزاب ومعنى صالة
هللا على نبيه ثناؤه عليه بين المالئكة وفي المأل األعلى وكذلك الصالة من هللا رحمته ورضوانه ومن
المالئكة الدعاء واالستغفار ومن األمة الدعاء والتعظيم ألمره وقد ألفت كتابا فى بيان ما يتعلق بالصالة
على النبى من تعريفها وفضائلها وغير ذلك وسميته بكنز المحبين فى الصالة على سيد الكونين فطالعها
وجدت أمرا عظيما
والثالث من عالمتها كثرة شوقه إلى لقاء النبى صلى هللا عليه وسلم فكل حبيب يحب لقاء حبيبه وقد كان
الصحابة رضى هللا عنهم إذا اشتد بهم الشوق وأزعجتهم لواعج المحبة قصدوا رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم واستشفوا بمشاهدته وتلذذوا بالجلوس معه والنظر إليه والتبرك به وفى حديث األشعريين عند
قدومهم المدينة أنهم كانوا يرتجزون غدا نلقى األحبة محمدا وصحبه ولما احتضر بالل رضى هللا عنه
نادت إمرأته واحزناه فقال واطرباه غدا ألقى األحبه محمدا وحزبه ومثله قال عمار قبل قتله وقصة خالد
بن معدان وقد ذكرت كثرة حكاية محبتهم للنبى فى باب فضيلة محبة رسول هللا
والرابع من عالماتها تعظيمه للنبى صلى هللا عليه وسلم وتوقيره عند ذكره وإظهار الخشوع والخضوع
واالنكسار مع سماع اسمه قال أبو إبراهيم النجيبي واجب على كل مؤمن متى ذكره أو ذكر عنده أن
يخضع ويخشع ويتوقر ويسكن من حركته ويأخذ فى هيبته وإجالله بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه
ويتأدب بما أدبنا هللا به
وقال إسحق النجيني كان أصحاب النبى صلى هللا عليه وسلم بعده ال يذكرونه إال خشعوا واقشعرت
جلودهم وبكوا وكذلك كان كثير من التابعين فمن بعدهم يفعلون ذلك محبة له وشوقا إليه وتهيبا وتوقيرا
وقال مصعب بن بن عبد هللا كان مالك إذا ذكر النبى صلى هللا عليه وسلم يتغير لونه وينحنى حتى يصعب
ذلك على جلسائه فقيل له يوما فى ذلك فقال لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم على ما ترون ولقد كنت أرى
محمد بن المنكدر وكان سيد القراء ال نكاد نسئله عن حديث أبدا إال يبكى حتى نرحمه ولقد كنت أرى
جعفر بن محمد وكان كثير الدعابة والتبسم فإذا ذكر عنده النبى صلى هللا عليه وسلم اصفر وما رأيته
يحدث عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إال على طهارة
7
والخامس من عالمتها محبته لمن أحب النبى صلى هللا عليه وسلم ومن أحبه النبى ومن هو بسببه من آل
بيته وصحابته من المهاجرين واألنصار وعداوة من عاداهم وبغض من أبغضهم وسبهم فمن أحب شيئا
أحب من يحب وقد قال صلى هللا عليه وسلم فى الحسن والحسين اللهم إنى أحبهما فأحبهما وفى رواية فى
الحسن اللهم إنى أحبه فأحب من يحبه وقال من أحبهما فقد أحبنى ومن أحبنى فقد أحب هللا ومن أبغضهما
فقد أبغضنى ومن أبغضنى فقد أبغض هللا
وفى حديث ابن عمر من أحب العرب فبحبى أحبهم ومن أبغضهم فببغضى أبغضهم فبالحقيقة من أحب
شيئا أحب كل شيئ يحبه
وقال له عبد هللا بن عبد هللا بن أبي لو شئت ألتيتك برأسه يعنى أباه
وهؤالء أصحابه صلى هللا عليه وسلم قد قتلوا أحباءهم وقاتلوا آباءهم وأبناءهم فى مرضاته
وقال فى فاطمة رضى هللا عنها إنها بضعة منى يغضبنى ما أغضبها وقال لعائشة فى أسامة بن زيد أحبيه
فإنى أحبه وقال آية اإليمان حب األنصار وآية النفاق بغضهم
والسادس من عالمتها حب القرآن الذى أتى به صلى هللا عليه وسلم وهدى به واهتدى وتخلق به وحبه
للقرآن تالوته والعمل به وتفهمه ويحب سنته ويقف عند حدودها حتى قالت عائشة رضى هللا عنها كان
خلقه القرآن فإذا أردت أن تعرف ما عندك وعند غيرك من محبة هللا ورسوله فانظر محبة القرآن من قلبك
والتذاذك بسماعه هل هو أعظم من التذاذ أصحاب المالهى والغنى المطرب بسماعهم وروى أن عثمان
بن عفان قال لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كالم هللا قال سهل بن عبد هللا عالمة حب هللا حب القرآن
وعالمة حب القرآن حب النبى صلى هللا عليه وسلم وعالمة حب النبى صلى هللا عليه وسلم حب السنة
وعالمة حب السنة حب اآلخرة وعالمة حب اآلخرة بغض الدنيا وعالمة بغض الدنيا أال يدخر منها إال
زادا وبلغة إلى اآلخرة وقال ابن مسعود ال يسأل أحد عن نفسه إال القرآن فان كان يحب القرآن فهو يحب
هللا ورسوله
والسابع من عالمتها شفقته على أمته ونصحه لهم وسعيه فى مصالحهم ورفع المضار عنهم كما كان
صلى هللا عليه وسلم بالمؤمنين رؤوفا رحيما
والثامن من عالمتها نصر دينه بالقول والفعل والرضا بشرعه والذب عن شريعته وايثارها على الرأى
والهوى فمن جاهد نفسه على ذلك وجد حالوة اإليمان ومن وجدها استلذ الطاعات وتحمل المشاق فى
الدين وآثر ذلك على أعراض الدنيا الفانية
والتاسع من عالمتها محبة سنته وقراءة حديثه فإن من دخلت حالوة اإليمان فى قلبه إذا سمع كلمة من
كالم هللا تعالى أو من حديث رسوله صلى هللا عليه وسلم تشربتها روحه وقلبه ونفسه
والعاشر من عالمتها زهد مدعيها فى الدنيا وإيثاره الفقر واتصافه به وقد قال صلى هللا عليه وسلم ألبى
سعيد الخدرى إن الفقر إلى من يحبنى منكم أسرع من السيل من أعلى الوادى أو الجبل إلى أسفله وفى
حديث عبد هللا بن مغفل قال رجل للنبى صلى هللا عليه وسلم يا رسول هللا إنى أحبك فقال انظر ما تقول
قال وهللا إنى أحبك ثالث مرات قال إن كنت تحبنى فأعد للفقر تجفافا ثم ذكر نحو حديث أبى سعيد بمعناه
فمن اتصف بهذه الصفة فهو كامل المحبة ومن خالفها فى بعض هذه األمور فهو ناقص المحبة وال يخرج
عن اسمها ودليله قوله صلى هللا عليه وسلم للذى حده فى الخمر فلعنه بعضهم وقال ما أكثر ما يؤتى به
فقال النبى صلى هللا عليه وسلم ال تلعنه فانه يحب هللا ورسوله
8
ذكر شفاعته صلى هللا عليه وسلم
عن ابن عباس رضى هللا عنهما قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنا حامل لواء الحمد يوم القيامة
وال فخر وأنا أول شافع وأول مشفع وال فخر وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتح لى فأدخلها فيدخلها
معى فقراء المؤمنين وال فخر وأنا أكرم األولين واآلخرين وال فخر وفى الحديث المنتشر الصحيح لكل
نبى دعوة يدعو بها واختبأت دعوتي شفاعة ألمتي يوم القيامة قال أهل العلم معنى الدعوة فى هذا الحديث
دعوة مستجابة
عن عمرو بن العاص رضى هللا عنه قال أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تال قول إبراهيم عليه السالم
رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعنى فانه منى ومن عصانى فانك غفور رحيم وقول عيسى عليه
السالم إن تعذبهم فانهم عبادك ثم رفع يديه وقال أمتى أمتى ثم بكى فقال هللا عز وجل يا جبريل اذهب إلى
محمد فسله ما يبكيك فأتاه يا جبريل فسأله فأخبره وهللا أعلم به فقال يا جبريل اذهب إلى محمد فقل له إنا
سنرضيك فى أمتك وال نسوءك
عن ابن عمر رضى هللا عنه قال إن الناس يصيرون يوم القيامة جثى كل أمة تتبع نبيها يقولون يا فالن
اشفع لنا يا فالن اشفع لنا حتى تنتهى الشفاعة إلى النبى صلى هللا عليه وسلم فذلك يوم يبعثه هللا المقام
المحمود
عن العباس بن مرداس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم دعا ربه عشية عرفة ألمته
عن أنس رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنا سيد الناس يشفع فى الجنة وأنا أكثر
الناس تبعا وعن أنس أيضا قال سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول ألشفعن يوم القيامة ألكثر مما
فى األرض من حجر وشجر
عن ابن عباس رضى هللا عنهما قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يوضع لألنبياء منابر يجلسون
عليها ويبقى منبري ال أجلس عليه قائما بين يدي ربي منتصبا فيقول هللا تبارك وتعالى ما تريد أن أصنع
بأمتك فأقول يا رب عجل حسابهم فيدعى بهم فيحاسبون فمنهم من يدخل الجنة برحمته ومنهم من يدخل
الجنة بشفاعتي وال أزال أشفع حتى أعطى صكاكا أي كتابا برجال قد أمر بهم إلى النار حتى إن خازن
النار ليقول يا محمد ما تركت لغضب ربك فى أمتك من نقمة
عن ابن عمر رضى هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تال قوله تعالى فى إبراهيم إنهن أضللن
كثيرا من الناس فمن تبعنى فإنه منى ومن عصانى فإنك غفور رحيم وقال فى عيسى إن تعذبهم فإنهم
عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم فرفع يديه وقال أمتى أمتى وبكى فقال هللا عز وجل يا
جبريل اذهب إلى محمد فقل له واسأله ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل عليهما السالم فسأله فأخبره رسول هللا بما
قال وهو أعلم فقال هللا يا جبريل اذهب إلى محمد فقل له إنا سنرضيك فى أمتك وال نسوءك
عن أبى موسى رضى هللا عنه عن النبى صلى هللا عليه وسلم قال خيرت بين أن يدخل نصف أمتى الجنة
وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة ألنها أعم أترونها للمتقين ولكنها للمذنبين الخطائين اه وهذا الحديث
يحتمل على أمرين األول أن هذا الحديث يدل على عظمة رحمته وشفقته ألمته والثانى أنه هو البشرى
العظيمة لنا ولجميع أمته المذنبين الخطائين كبائر أو صغائر على نيل شفاعته فى اليوم الذى يخاف
ويضطرب فيه الناس
ذكر فى بعض األخبار أنه ما من ملك وال نبي وال ولي وال صفي وال صديق وال شهيد وال تقي وال سعيد
إال وهو يقول يوم القيامة بحرمة محمد أن تنجينى من عذابك وما من عبد صلى على النبى محمد صلى هللا
عليه وسلم وسأل هللا مواله حاجة له فيها رضا عنه إال قضى هللا تعالى حاجته وصرف عنه عند صالته
على محمد صلى هللا عليه وسلم سبعين نوعا من البالء فى بدنه وفى دينه وفى ماله وفى أهله ورفع له
9
سبعين درجة فى الجنة اللهم صل على النبى محمد المختار وسيد األنبياء واألبرار وزين المرسلين
األخيار وأكرم من أظلم عليه الليل وأشرق النهار أبى القاسم األواب المختار وعلى أله وصحبه وسلم
وعن عبد هللا بن عمرو بن العاص أن النبى صلى هللا عليه وسلم تال قوله تعالى فى إبراهيم رب إنهن
أضللن كثيرا من الناس فمن تبعنى فانه منى اآلية وقال عيسى إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك
أنت العزيز الحكيم فرفع يديه وقال اللهم أمتى أمتى وبكى فقال هللا عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد
وربك أعلم فسله ما يبكيك فأتاه جبريل عليه الصالة والسالم فسأله فأخبره رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
بما قال وهو أعلم فقال هللا يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك فى أمتك وال نسوءك
فائدة فهذه كلها شفاعته صلى هللا عليه وسلم والشفاعة ال تختص برسول هللا فقط بل آلحاد أمته من العلماء
والصالحين شفاعة أيضا حتى قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتى أكثر
من ربيعة ومضر وقال صلى هللا عليه وسلم يقال للرجل قم يا فالن فاشفع فيقوم الرجل فيشفع للقبيلة
وألهل البيت وللرجل والرجلين على قدر عمله
عن أبى ذر رضى هللا عنه قال قام صلى هللا عليه وسلم ليلة فقرأ هذه اآلية إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن
تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ويرددها يركع بها ويسجد وبها يقوم ويقعد حتى أصبح فلما أصبح قلت
يا رسول هللا ما زلت تقرأ هذه اآلية حتى أصبحت قال فإنى سألت ربى الشفاعة ألمتى وهى نائلة إن شاء
هللا من لم يشرك باهلل تعالى شيئا قلت فما أجبت ؟ قال أجبت بالذى لو إطلع كثير منهم لتركوا قال فإذا أبشر
الناس قال بلى فقال عمر يا رسول هللا إنك إن بعثت إلى الناس بهذا يتكلوا عن العبادة فناداه أن ارجع
10
اإليمان على قدر تفاوتهم فى محبتى ويتفاوت الناس فى الكفر على تفاوتهم فى بغضى أال ال إيمان لمن ال
محبة له أال ال إيمان لمن ال محبة له أال ال إيمان لمن ال محبة له
وقال صلى هللا عليه وسلم إن هللا تعالى يدخل العبد الجنة بالسنة تمسك بها وعن أبى هريرة رضى هللا عنه
عن النبى صلى هللا عليه وسلم قال المتمسك بسنتى عند فساد أمتى له أجر مئة شهيد وقال صلى هللا عليه
وسلم إن بنى إسرائيل افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وإن أمتى تفترق على ثالث وسبعين كلها فى النار
إال واحدة قالوا ومن هم يا رسول هللا قال الذى أنا عليه اليوم وأصحابى
و قال أبو بكر الصديق رضى هللا عنه لست تاركا شيئا كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يعمل به إال
عملت به إنى أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ فهذا أبو بكر يعمل كل شىئ عمله رسول هللا خوفا
أن يزيغ من طريقه وكيف بمن دونه مثلنا
وقال ابن عباس رضى هللا عنهما ما من أحد إال يؤخذ من علمه ويترك إال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وقد تعلم ابن عباس من زيد بن ثابت الفقه وقرأ على أبي بن كعب ثم خالفهما فى الفقه والقراءة جميعا اه
وهذا عبرة على أن الشخص ال يجب وال ينبغى أن يتبع شخصا آخر إتباعا كامال فى قوله وفعله وفكره
ولو كان شيخا له فقد كان االمام أبو حنيفة شيخا لإلمام مالك فيخالفه فى الفقه وكان اإلمام مالك شيخا
إلمامنا الشافعى فيخالفه فى الفقه وكان إمامنا الشافعى شيخا ألحمد بن حنبل فيخالفه فى الفقه أيضا وغير
ذلك بخالف رسول هللا فيجب علينا أن نتبع ونأخذ بما جاء منه صلى هللا عليه وسلم اتباعا تاما وأما تعظيم
ابن عباس لشيخه زيد بن ثابت فقد حكى عن الشعبى أنه قال صلى زيد بن ثابت على جنازة فقربت إليه
بغلته ليركبها فجاء ابن عباس فأخذ بركابه فقال زيد خل عنه يا ابن عم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
فقال ابن عباس هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء والكبراء فقبل زيد ابن ثابت يده وقال هكذا أمرنا أن نفعل
بأهل بيت نبينا صلى هللا عليه وسلم
وقال بعض السلف ما جاءنا عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قبلناه على الرأس والعين وما جاءنا عن
الصحابة رضى هللا عنهم فنأخذ منه ونترك وما جاءنا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال وإنما فضل
الصحابة لمشاهدتهم قرائن أحوال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم واعتالق قلوبهم أمورا أدركت بالقرائن
فسددهم ذلك إلى الصواب من حيث ال يدخل فى الرواية والعبارة إذ فاض عليهم من نور النبوة ما
يحرسهم فى األكثر عن الخطأ
ونظر عمر إلى الحجر األسود وقال إنك حجر ال تنفع وال تضر ولو ال أنى رأيت رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ثم قبله اه وهذا أيضا يدل على أن ما فعله رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يفعله
ويتبعه أصحابه حتى فى أمر غير تعقلي وال تعبدي
ورؤي عبد هللا بن عمر يدير ناقته فى مكان فسئل عنه فقال ال أدرى إال أنى رأيت رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم فعله ففعلته اه فهذا من شدة محبة أصحابهم واتباعهم برسول هللا صلى هللا عليه وسلم حتى
يتبعوه فيما كان عادة وبشرية فى حقه الشريف وال يعرف سببه وعلته صلى هللا عليه وسلم بدوران ناقته
شرعا وال عقال
وكان الحسن بن علي وعبد هللا بن عباس وابن جعفر أتوا سلمى وسألوها أن تصنع لهم طعاما مما كان
يعجب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وكان ابن عمر يلبس النعال السبتية ويصبغ بالصفرة إذ رأى النبى
صلى هللا عليه وسلم يفعل نحو ذلك
وقد قال أنس حين رأى النبى صلى هللا عليه وسلم يتتبع الدباء فى القصعة فما زلت أحب الدباء من يومئذ
اه
وقال الشافعى ليس فى سنة رسول هللا إال اتباعها
قال سيد الطائفة اإلمام الجنيد البغدادى مذهبنا هذا مقيد بأصول الكتاب والسنة وقال أيضا الطرق كلها
مسدودة إال على من إقتفى أثر الرسول صلى هللا عليه وسلم واتبع سنته ولزم طريقته فإن طرق الخيرات
11
كلها مفتوحة عليه اه وهذا يؤكد أن كل طريق يسلكه اإلنسان إلى هللا مسدود ومغلوق إال بوسيلة اتباعه بما
سلكه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فال يصل إليه تعالى من يبعد عنه وال يهتدى به وال يتبعه
وقال سهل التستري من لم ير والية الرسول صلى هللا عليه وسلم فى جميع أحواله ويرى نفسه فى ملكه لم
يذق حالوة سنته ألنه صلى هللا عليه وسلم قال ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه
قال سهل التستري أصول مذهبنا ثالثة اإلقتداء بالنبى صلى هللا عليه وسلم فى األخالق واألفعال واألكل
من الحالل وإخالص النية فى جميع األعمال
قال ابن عطاء هللا اإلسكندرى من ألزم نفسه آداب السنة نور هللا قلبه بنور المعرفة وال مقام أشرف من
مقام متابعة الحبيب فى أوامره ونواهيه وأفعاله وأخالقه
وقال أبو إسحاق الرقي من أقران الجنيد عالمة محبة هللا إيثار طاعته ومتابعة نبيه صلى هللا عليه وسلم
وقال غيره ال يظهر عن أحد شيء من نور اإليمان إال باتباع السنة ومجانبة البدعة
قال أبو عثمان الحيري من أمر السنة على نفسه قوال وفعال نطق بالحكمة ومن أمر الهوى على نفسه نطق
بالبدعة
قال اإلمام السيوطى رحمه هللا تعالى لم تكن األقطاب أقطابا واألوتاد أوتادا واألولياء أولياء إال بمعرفة
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وقال الحسن البصري ال تغتر بقول من يقول المرء مع من أحب فان المرء ال يلحق باألبرار إال إن عمل
بمثل أعمالهم فان اليهود والنصارى يحبون أنبياءهم وليسوا معهم فى الجنة لمخالفتهم لهم فى األعمال
قال الحبيب عمر ابن سالم الحافظ تريم منزلتك عند هللا على قدر اتباعك لنبينا محمد صلى هللا عليه وسلم
وقال الشيخ العالم العالمة محمد زينى بن عبد الغنى مارتافورا المعروف بالشيخ سكومفول أخف سنة
رسول هللا فيها سر من األسرار فإذا عمل أحد ما سن به رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقد شاهده أي
واجهه واعلم أن منزلة أولياء هللا على قدر إتباعهم بسنة حبيب هللا محمد صلى هللا عليه وسلم فمتى زاد
تمام المحبة زاد علو الوالية ومن تحقق متابعته بفعل كل سنته صلى هللا عليه وسلم ظاهرا وباطنا فقد
غرق فى بحر المحبة الحقيقى على نور المحدية الذى غاص فيه جميع األولياء قبله بتمام متابعتهم نور
محمد صورة ومعنى
وقال الشيخ زينى أيضا أعلى العمل رتبة الصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم من غير حرف وال
صوت يعنى بذلك عمل سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خاطرا بقلبه هذا ما فعله رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم فبفعله أفعل هكذا وال تنس بذكر رسول هللا عند فعل كل األشياء فإن عالمة من أحب إمرأ أن
ينظر من أحب عند نظر كل األشياء ويسمع من أحب عند سماع األشياء ويذكر من أحب عند ذكر األشياء
.إه وعلى هذا ال تنسوا وتغفلوا ذكر الحبيب محمد فى كل حال واتباعه فى األخالق واألعمال بل فى
العادة وإذا كان أكثر أوقاته ذكره كان له ذلك عبادة ال يعرفها وال ينظرها إال نفسه
وفى الخاتمة من أحب الحبيب المصطفى صلى هللا عليه وسلم محبة حقيقة وتعلق قلبه بالنبى واستولت
روحانيته على قلبه جعله إمامه وأستاذه ومعلمه وشيخه وقدوته وقرة عينه قطعا فيطالع ويعرف ويتبع
صفاته وأخالقه وآدابه وحركاته وسكونه ويقظته ومنامه وعبادته ومعاشرته ألهله وأصحابه إلى غير ذلك
مما منحه هللا تعالى حتى يصير كأنه معه من بعض أصحابه فان نور األنبياء عليهم الصالة والسالم من
نوره ونور الملكوت من نوره ونور الدنيا واآلخرة من نوره فمن أراد المحبة حقيقة فليتبعه قال هللا تعالى
لنبيه صّلى هللا عليه وسّلم قل إن كنتم تحبون هللا فاتبعونى يحببكم هللا فجعل المحبة فى اتباعه وجعل جزاء
اتباعه محبته لعباده وهى أعلى الكرامة
ذكر فضيلة الصالة على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
12
عن أنس ابن مالك رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من صلى علي صالة واحدة ليلة
الجمعة أو يوم الجمعة قضى هللا له مائة حاجة من حوائج األخرة وثالثين من حوائج الدنيا ويبعث إلى ملكا
يدخل على فى قبرى ويخبرنى بإسمه ونسبه وعشيرته فأكتبه عندى فى صحيفة بيضاء
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم للمصلى علي نور على الصراط
ومن كان على الصراط من أهل النور لم يكن من أهل النار
روى عن بعض الصحابة رضى هللا عنهم أنهم قالوا ما من مجلس يصلى فيه على النبى إال نمت له رائحة
طيبة حتى تبلغ عنان السماء فتقول المالئكة هذه رائحة مجلس صلى فيه على النبى اللهم صل عليه كما
تحب أن يصلى عليه
روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال أنجاكم يوم القيامة من أهوالها ومن مواطنها أكثركم علي
صالة وروى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال تباهوا بالصالة علي فانها تبلغنى وعن أبى هريرة قال
قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من صلى علي عند قبرى سمعته ومن صلى علي نائبا أي بعيدا بلغته
بضم الباء وكسر الالم المشددة وعن الحسن قال عليه الصالة والسالم حيثما كنتم فصلوا علي فإن
صالتكم تبلغنى
روى أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال من عسرت عليه حاجة فليكثر من الصالة علي فانها تحل
العقد وتكشف الهم والحزن وتكثر األرزاق
روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال من عسرت عليه حاجة من أمر دينه أو دنياه فليكثر من
الصالة علي فان هللا يستحى أن يرد عبده فى حاجة إذا كان دعاءه بين صالتين علي صالة قبل السؤال
وصالة بعد السؤال
روى أن رجال قال يا رسول هللا أي الدعاء أفضل؟ قال صلى هللا عليه وسلم الصالة علي قال أجعل ثلث
عبادتى الصالة عليك؟ فقال إذا هديت قال أجعل نصف عبادتى الصالة عليك؟ قال إذا كفيت قال أجعل
جميع عبادتى الصالة عليك؟ قال من جعل جميع عبادته الصالة علي قضى هللا له جميع حوائج الدنيا
واألخرة
روى عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال من أكثر الصالة علي نور هللا قلبه اه هذا يدل على أنها
تنور الظواهر واألسرار وذلك أن الذنوب تسود القلوب ألن العبد إذا عمل ذنبا صار نكتة سوداء فى قلبه
فاذا تمادى على الذنوب نمت تلك النكتة حتى يسود بها القلب كله وإذا رطب هللا لسان العبد بالصالة على
محمد غفر هللا له ذنوبا ولو كانت مثل وزن الجبال وقد جربت على صواب جميع ذلك وأشعرت بأثر
إكثار الصالة عليه لتنوير القلوب
ذكر فى بعض األخبار أنه ما من ملك وال نبي وال ولي وال صفي وال صديق وال شهيد وال تقي وال سعيد
إال وهو يقول يوم القيامة بحرمة محمد أن تنجينى من عذابك وما من عبد صلى على النبى محمد صلى هللا
عليه وسلم وسأل هللا مواله حاجة له فيها رضا عنه إال قضى هللا تعالى حاجته وصرف عنه عند صالته
على محمد صلى هللا عليه وسلم سبعين نوعا من البالء فى بدنه وفى دينه وفى ماله وفى أهله ورفع له
سبعين درجة فى الجنة اللهم صل على النبى محمد المختار وسيد األنبياء واألبرار وزين المرسلين
األخيار وأكرم من أظلم عليه الليل وأشرق النهار أبى القاسم األواب المختار وعلى أله وصحبه وسلم
وذكر فى كتاب كفاية األتقياء للسيد أبى بكر المعروف بالسيد بكرى المكى بن السيد محمد شطا الدمياطى
أن للصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم فوائد كثيرة منها إطفاء غضب الجبار ومنها توهين كيد
الشيطان ومنها إجالء القلب من الظلمة ومنها االستغناء عن الشيخ ومنها كونها سببا للوصول ومنها اكثار
الرزق ومنها تحريم جسد صاحبه على النار ومنها موافقة العبد هلل سبحانه وتعالى فى الصالة عليه صلى
هللا عليه وسلم وان إختلفت الصالتان ومنها موافقة العبد مالئكة هللا تعالى فى الصالة ومنها صالة هللا
تعالى على المصلى مطلقا ومنها صالة هللا تعالى عليه عشرا بواحدة ومنها صالة رسول هللا صلى هللا
13
عليه وسلم ومنها للمصلى عشر حسنات ومنها تكفير السيئات ومنها رفع الدرجات ومنها سبب لكفاية
المهمات فى الدنيا واألخرة ومنها سبب لغفران الذنوب
وفى كفاية األتقياء أيضا إخوانى أكثروا من الصالة على هذا النبى الكريم فان الصالة عليه تكفر الذنب
العظيم وتهدى إلى الصراط المستقيم وتقى قائلها عذاب الجحيم ويحظى فى الجنة بالنعيم المقيم وقد قيل فى
بعض الروايات إن للمصلين على سيد المرسلين عشر كرامات إحداهن صالة الملك الغفار الثانية شفاعة
النبى المختار الثالثة اإلقتداء بالمالئكة األبرار الرابعة مخالفة المنافقين والكفار الخامسة محو الخطايا
واألوزار السادسة قضاء الحوائج واألوطار السابعة تنوير الظواهر واألسرار الثامنة النجاة من النار
التاسعة دخول دار القرار العاشرة سالم العزيز الجبار فينبغى للعاقل أن يجعل جل أوقاته للصالة على
النبى صلى هللا عليه وسلم سيما التكثير منها يقوم مقام شيخ التربية وفقنا هللا وللمسلمين للتكثير من الصالة
على النبى صلى هللا عليه وسلم على ممر الدهور واأليام آمين
وقال بعضهم إن فى الصالة الواحدة على النبى صلى هللا عليه وسلم عشر حسنات األولى تجديد اإليمان
باهلل الثانية تجديد اإليمان برسول هللا الثالثة تعظيم هللا الرابعة تعظيم رسول هللا الخامسة طلب زيادة
الدرجات لرسول هللا السادسة محبة رسول هللا السابعة محبة آله الثامنة التخلق بأخالق هللا التاسعة الشكر
لرسول هللا العاشرة اإلعتراف أنه مفتقر إلى هللا تعالى
:قال اإلمام شمس الدين السفيرى فى شرح صحيح البخارى
وذكروا أن الصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم تزكية لألعمال ورفع للدرجات ومغفرة للذنوب وكفاية
الدنيا واآلخرة ومحق للخطايا ونجاة من األهوال ويحصل بها رضا هللا ورحمته وأمان من سخطه
ووجوب الشفاعة والدخول تحت ظل العرش ورجحان الميزان وورد الحوض واألمان من العطش والعتق
من النار والجواز على الصراط ورؤية المقصد المقرب من الجنة قبل الموت وكثرة األزواج فى الجنة
وتقوم مقام الصدقة للمعسر وينمو المال ببركتها تقضى لها مائة حاجة من الحوائج بل وأكثر وهى عبادة
وأحب األعمال إلى هللا وتزين المجالس وتنفى الفقر وضيق العيش وتنفع اإلنسان وولده وولد ولده وتقرب
إلى هللا وإلى رسوله وتنصر على األعداء وتطهر القلوب من النفاق وتوجب محبة الناس ورؤية النبى
صلى هللا عليه وسلم فى المنام وتمنع صاحبها من الغيبة وتنفع عند الهم والكرب والشدائد والفقر وغيرها
من المنافع الدنيوية واألخروية
وقال سهل التستري الصالة على النبي ﷺ أفضل العبادات ألن هللا تعالى توالها هو ومالئكته ثم أمر
بها المؤمنين وسائر العبادات ليست كذللك
وقال الشافعى أحب أن يكثر المرء الصالة على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى كل حال وقال
الشافعي أحب كثرة الصالة على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى كل حال وأنا فى ليلة الجمعة ويومها
أشد استحبابا
وقال الحليمىي المقصود بالصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم التقرب إلى هللا بامتثال أمره وقضاء حق
.النبى صلى هللا عليه وسلم علينا
وقال السخاوى عن بعضهم من أعظم شعب اإليمان الصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم محبة له وأداء
لحقه وتوقيرا له وتعظيما والمواظبة عليها من باب أداء شكره صلى هللا عليه وسلم وشكره واجب لما
عظم منه من األنعام فإنه سبب نجاتنا من الجحيم ودخولنا فى دار النعيم وإدراكنا الفوز بأيسر األسباب
.ونيلنا السعادة من كل األبواب ووصولنا إلى المراتب السنية والمناقب العلية بال حجاب
قال اإلمام الشعرانى فى كتاب لواقح األنوار القدسية من واظب كل يوم وليلة صباحا ومساء من ألف
صالة إلى عشرة آالف صالة كان ذلك من أفضل األعمال ويحتاج المصلى إلى طهارة وحضور مع هللا
ألنها مناجاة هلل كالصالة ذات الركوع والسجود وإن لم تكن الطهارة لها شرطا فى صحتها منه وصاحبها
جالس بين يدي هللا عز وجل فى محل القرب يسأله أن يصلى على النبى صلى هللا عليه وسلم
14
وقال اإلقليشى أي علم أرفع وأي وسيلة أشفع وأي عمل أنفع من الصالة على من صلى هللا عليه وجميع
مالئكته وخصه بالقربة العظيمة منه فى دنياه وآخرته .فالصالة عليه أعظم نور وهى التجارة التى ال
تبور وهى كانت هجيري األولياء فى المساء والبكور فكن مثابرا على الصالة على نبيك فبذلك تتطهر من
غيك ويزكو منك العمل وتبلغ غاية األمل ويضيء نور قلبك وتنال مرضاة ربك وتأمن من األهوال يوم
المخاوف واألوجال صلى هللا عليه وسلم تسليما كما كرمه برسالته وخلقه تكريما وعلمه ما لم يكن يعلم
.وكان فضل هللا عليه عظيما
قال الشيخ عبد القادر الجيالنى ينال العبد بالصالة على النبى رضا هللا والسعادة والبركة والدعوات
المستجابة بل يترقى بها إلى الدرجات األعلى وتشفى أمراض القلب وغفرت كبائر الذنوب
قال سيدى أبو الحسن الشاذلى رضى هللا عنه من أحصن الحصون من الوقوع فى المعاصى اإلستغفار
واإللتجاء إلى هللا تعالى قال هللا تعالى وما كان هللا ليعذبهم وأنت فيهم وما كان هللا معذبهم وهم يستغفرون
(األنفال )٣٣ :قال ومثل اإلستغفار كثرة الصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم وفضلها بعضهم على
اإلستغفار واألولى الجمع بينهما ومن التهليل والتسبيح وبقية األذكار وتالوة القرآن وشأن النفس السآمة
والملل فإذا إنتقل من نوع من األذكار إلى نوع آخر منها تندفع عنها السآمة والملل
قال أبو محمد المرجانى صالتك عليه فى الحقيقة لما كان نفعها عائدا عليك صرت فى الحقيقة داعيا
لنفسك
قال أهل العارفين العالمات الظاهرة ألهل الصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم عشرة ١استظهار نور
المحبة للنبى صلى هللا عليه وسلم فى وجهه ويرى لذلك النور من فى قلبه صفاء وذو عقل ٢دائم البشر
والتبسم فى وجهه عند لقاء إخوانه ٣رحمته لألمة ونصحه لهم ٤دوام الطهارة ظاهرا وباطبا ٥محبة
المؤمنين ورحمتهم له وال يبغضه إال المنافقون ٦الصبر عن مذمة أحد وأذاه ٧أن صاحبه يجعل
التواضع تاجا فى أعلى رأسه ٨أنه طيب الرائحة لحبه عليها اقتداء برسول هللا ٩أنه ذو طبع لطيف
ووقار وطمأنينة ١٠دوام الخشوع وكثرة البكاء لشدة محبته وشوقه إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
قال بعضهم توسلوا بالصالة على النبى الرفيق والحبيب الشفيق يغفر لكم موالكم ما عملتم من اآلثام
ويدخلكم برحمته دار الخلد والسالم فانها أعظم الوسائل إلى هللا تعالى فى الوصول إليه قال بعض أهل
الحقيقة إنها توصل إلى هللا من غير شيخ
وقال الحافظ السخاوى ومن تشفع بجاهه صلى هللا عليه وسلم وتوسل بالصالة عليه بلغ مراده وأنجح
قصده وهذه من المعجزات الباقية على ممر الدهور واألعوام وتعاقب العصور واأليام
قال العارف باهلل سيدى عبد الوهاب الشعرانى
فى لواقح األنوار القدسية فى بيان العهود المحمدية اعلم يا أخى أن طريق الوصول إلى حضرة هللا من
طريق الصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم من أقرب الطرق فمن لم يخدمه صلى هللا عليه وسلم خدمة
خاصة به وطلب دخول حضرة هللا فقد رام المحال وال يمكنه حجاب الحضرة أن يدخل وذلك لجهله
باآلداب مع هللا تعالى فحكمه حكم الفالح إذا طلب االجتماع بالسلطان بغير واسطةفافهم فعليك يا أخى
باإلكثار من الصالة على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ولو كنت سالما من الخطايا
قال سيدى علي الخواص رضى هللا عنه وقد استدارت أبواب جميع األولياء رضى هللا عنهم لتغلق وما
بقى مفتوحا إال باب سيد المرسلين صلى هللا عليه وسلم وزاده فضال وشرفا لديه فمن كان له حاجة فليصل
على النبى صلى هللا عليه وسلم ألف مرة بتوجه تام ثم يسأله فى قضاء حاجته فانها تقضى إن شاء هللا
تعالى
قال ابن عطاء هللا السكندري في كتابه تاج العروس من فاته كثرة الصيام والقيام فليشغل نفسه بالصالة
على رسول هللا ﷺ فإنك لو فعلت فى عمرك كل الطاعات ثم صلى هللا عليك صالة واحدة رجحت
تلك الصالة الواحدة على كل ما عملته فى عمرك كله من جميع الطاعات ألنك تصلى على قدر وسعك
15
وهو سبحانه تعالى يصلى على قدر ربوبيته هذا إذا كانت صالة واحدة فكيف إذا صلى عليك عشرًا بكل
صالة كما جاء فى الحديث الصحيح
:قال الشيخ محمد خليل بن عبد اللطيف البعكاالنى
إذا كنت فى أمر وضقت بحمله #وأصبحت فى عسر وأمسيت فى حرج
فصل على المختار من آل هاشم #كثيرا فإن هللا يأتيك بالفرج
قال القطب الحبيب عبد القادر بن أحمد السقاف من أكثر الصالة والسالم على النبى صلى هللا عليه وسلم
:كانت له عشر ضمنات
-١ضمان بنجاح مطلبه -٢ضمان بالموت على ال إله هللا -٣ .ضمان برؤية النبى صلى هللا عليه وسلم.
-٤ضمان بالسعادة فى الدنيا -٥ .ضمان بالبركة فى األوالد -٦ .ضمان بتيسير المعاش -٧ .ضمان
بالحفظ من عناء الدنيا ونصبها -٨ .ضمان بالقرب منه صلى هللا عليه وسلم -٩ .ضمان بالرعايا الكبرى
من المولى سبحانه وتعالى -١٠ .ضمان بالرضا من المولى سبحانه وتعالى ومن النبى صلى هللا عليه
وسلم
وقال الحبيب عمر بن عبد الرحمن العطاس أكثروا من اإلستغفار والصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم
فإنهما خير ما يعين على العسر فى هذا العصر
قال الحبيب عمر بن الحافظ تريم إنارة القلب وحياته بالصالة على سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم وإذا
صدرت مع عظيم المحبة والشوق والتعظيم فال تدرى عظيم أثاره وإذا كانت صالة واحدة من هللا يسعد
بها العبد فى الدنيا واآلخرة فبكل صالة على النبى محمد عشر صالة من هللا قال أهل العلم لو جمع أعمال
أهل األرض كله ووضعناها واحدة فى الميزان والصالة من هللا فى أخرى لكانت أثقلهما صالة هللا اه وقال
اإلمام العارف باهلل ابن عطاء هللا السكندارى من صلى عليه ربنا صالة واحدة كفاه هم الدنيا واألخرة
وقول الحبيب عمر بن الحافظ موافق لما قاله ابن عطاء هللا السكندري المذكور قبله
قال الحبيب عمر بن الحافظ تريم حضرموت إذا أردت أن تغير سبيل حياتك وما علمت من أين إبتدأت
فابدأ بالصالة عليه صلى هللا عليه وسلم وقال الحبيب عمر أيضا من تجلى فى قلبه حب هذا الحبيب صلى
هللا عليه وسلم لم يخب أبدا ال فى دينه وال فى دنياه وال فى أخراه وحاشى أن تحرق النار قلبا فيه محبة
النبى صلى هللا عليه وسلم
وقال الحبيب عمر بن الحافظ تريم أيضا الذين ينشرون الصالة على النبى بين البشر أي يذكر الناس
بالصالة على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم سيكون أقرب شخص إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
قال شيخى ومربى روحى ونفسى الشيخ الزمراجى بن عبد الحليم البنسلى صاحب تفسير المعتصم ما من
أحد أكثر الصالة على النبى عاش فى الدنيا ذاال حقيرا سواء كان الذل فى أمر دينه أو معاشه وجربنا على
صوابه بنظر هؤالء الذين أحبوا وأكثروا على الصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم
قال الشيخ زينى بن عبد الغنى المعروف بالشيخ سكومفول مارتافورا نحن أجرينا بشيوخنا على طريق
الصالة على النبى ﷺ وليس فى أخر الزمان طريق من الطرق إلى هللا أسرع من طريق الصالة
على النبى ﷺ اه وقول الشيخ زيني بن عبد الغنى موافق لما قاله سيدى عبد الوهاب الشعرانى
المذكور قبله
قال الحبيب لطفي بن يحيى رئيس الطريقة المعتبرة الصوفية فى هذا العصر كم من إنسان غير حامل
القرآن وجسده باق فى قبره فإذا هو من أهل الصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم كما قال النبى صلى
هللا عليه وسلم من صلى علي صالة واحدة صلى هللا عليه بها عشرا ومن صلى علي عشرا صلى هللا عليه
بها مائة ومن صلى علي مائة صلى هللا عليه بها ألفا ومن صلى علي ألفا حرمه هللا جسده على النار وعالم
القبر أخف من النار فبقاء جسد أهل الصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم غير مستحيل
16
قال السيد محمد ابن علوى المالكى الحسنى المكى فى بعض مجلسه ما من عمل أعظم وأجرب لتفريج
الكربات وال لدفع المهمات وال لشرح الصدر وال إلزالة الغم وال إلزالة الهم وال إلزالة البالء وال لدفع
الشر وال لجلب الرزق إال الصالة على نبىنا محمد صلى هللا عليه وسلم التى ال تحتاج إلى الشيخ وال إلى
الطريقة وال إلى اإلجازة وال إلى الكيفية وبها تنشرح الصدور وتكفى الهموم فليجهد جهده فيها ويجعلها
وردا فى كل أوقاته
وينبغى للشخص إذا صلى عليه صلى هللا عليه وسلم أن يكون بأكمل الحاالت متطهرا متوضئا مستقبل
القبلة متفكرا فى ذاته السنية ألجل بلوغ النوال واألمنية وأن يرتل الحروف وأن اليعجل فى الكلمات كما
فى حديث ابن مسعود قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا صليتم علي فأحسنوا الصالة علي فإنكم
التدرون لعل ذلك يعرض علي فقولوا اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين
وخاتم النبيين سيدنا محمد عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة اللهم ابعثه المقام
المحمود الذى يغبطه فيه األولون واألخرون
قال بعض العلماء ينبغى للمصلى على النبى صلى هللا عليه وسلم أن يكون له آداب ظاهرة وباطنة وأما
اآلداب الظاهرة فثمانية األولى طهارة عن الحدث الثانية طهارة البدن والمكان واللباس عن النجاسة الثالثة
لباس الئق يوارى عورته الرابعة إستقبال القبلة الخامسة جلوس مطمئن السادسة ترك العجلة السابعة
شىء من الطيب الثامنة إختيار أفضل الصيغ قال فى تقريب األصول إذا أراد المصلى اإلكثار من الصالة
عليه فيكفى له قراءة أفضل الصيغ عند إبتداءه وإنتهائه وأما اآلداب الباطنة فشيئان األولى اإلخالص هلل
تعالى والثانية حضور القلب
وقد ألفت كتابا خاصا سميته بكنز المحبين فى بيان ما يتعلق بالصالة على سيد الكونين صلى هللا عليه
وسلم من تعريفها وفضائلها وكيفيتها غير ما ذكرته فى هذا الكتاب فطالعه لعل هللا يهديك على الحب
والرغبة بالصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم فان من عالمة من أحب النبى صلى هللا عليه وسلم حبه
للصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم
22
عن عبد هللا بن الصامت عن أبى ذر رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال تحقرن من
المعروف شيئا فإن لم تجد فالين الناس ووجهك إليهم منبسط
عن أبى هريرة رضى هللا عنه قال سمعته أبا القاسم صلى هللا عليه وسلم يقول خيركم إسالما أحاسنكم
أخالقا إذا فقهوا
عن أحمد بن شيبان الرملي قال اجتمع سفيان الثورى وسفيان بن عيينة وفضيل بن عياض وعبد هللا بن
المبارك فقال بعضهم لبعض أليس معنى حديث النبى صلى هللا عليه وسلم إن حسن الخلق ليبلغ درجة
الصائم القائم فاتفقوا على ثالث بسط الوجه وبذل المعروف وكف األذى
قال إسحاق بن إبراهيم فى حديث النبى صلى هللا عليه وسلم فى حسن الخلق هو بسط الوجه وتجنب
الغصب
عن عبد هللا بن المبارك رضى هللا تعالى عنه أنه وصف حسن الخلق فقال هو بسط الوجه وبذل المعروف
وكف األذى
عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن نواس بن سمعان األنصاري أنه سأل رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم عن البر واالثم قال البر حسن الخلق واإلثم ما حك فى نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس
عن عبد هللا بن عمرو رضى هللا عنه قال لم يكن النبى صلى هللا عليه وسلم فاحشا وال متفحشا وكان يقول
خياركم أحاسنكم أخالقا
عن أبى الدرداء رضى هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ما من شيء فى الميزان أثقل من حسن
الخلق
وعن سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر رضى هللا عنه أن النبى صلى هللا عليه وسلم قال بعثت
بالحنيفية السمحة ومن خالف سنتى فليس منى
عن عبد هللا بن عمرو رضى هللا عنه أن رجال قال يا رسول هللا أي اإلسالم خير ؟ قال تطعم الطعام
وتقرئ السالم على من عرفت ومن لم تعرف
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال كان النبى صلى هللا عليه وسلم ال يدخر شيئا لغد
عن سهل بن سعد قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حييا ال يسأل شيئا إال أعطى وعن جابر بن عبد
هللا قال ما سئل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن شيئ فقال ال وعن أنس رضى هللا عنه قال كان رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم ال يدخر شيئا لغد
وعن أنس رضى هللا عنه قال كنت أخدم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال يوما ما عندك شىء
تطعمنا ؟ قلت نعم يا رسول هللا فضل من الطعام الذى كان أمس قال ألم أنهك أن تدع طعام يوم لغد ؟
وعن أنس أيضا قال أهدى لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم طائران فقال ما هذا ؟ فقال بالل خبته لك يا
رسول هللا فقال يا بالل ال تخف من ذى العرش إقالال إن هللا تعالى سيأتى برزق كل غد ألم أنهك أن
تدخر شيئا لغد ؟ وفى رواية كان عند بالل شىء من تمر يدخره لرسول هللا فقال أما تخشى أن يكون له
بخار فى نار جهنم أنفق بالل وال تخشى من ذى العرش إقالال
وعن أم سلمة رضى هللا عنها قالت دخل علي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو متغير الوجه قالت
حسبت ذلك من وجع قلت مالى أراك صلى هللا عليه وسلم متغير الوجه ؟ قال من أجل الدنانير السبعة التى
أتتنا باألمس ولم نقسمها
عن عائشة رضى هللا عنها قالت ما شبع آل محمد صلى هللا عليه وسلم من خبز الشعير يومين متتابعين
حتى قبض رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
23
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه ما شبع آل محمد صلى هللا عليه وسلم ثالثة أيام تباعا حتى قبض
عن عائشة رضى هللا عنها قالت توفى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وليس عندى شيء يأكله ذو كبد إال
شطر شعير فى رف لي فأكلت منه حتى طال فكلته ففنى وعن عائشة رضى هللا عنها أيضا توفى رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي فى ثالثين صاعا من شعير رواه الشيخان
عن ابن عباس رضى هللا عنهما قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة وأهله
طاويا ال يجدون عشاء وإنما كان خبزهم الشعير وعن عائشة رضى هللا عنها قالت خرج النبى صلى هللا
عليه وسلم من الدنيا ولم يمأل بطنه فى يوم من طعامين كان إذا شبع من التمر لم يشبع من الشعير وإذا
شبع من الشعير لم يشبع من التمر وعن الحسن رضى هللا عنه قال خطب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
فقال وهللا ما أمسى فى آل محمد صاع من طعام وإنهم لتسعة أبيات أي تسعة نسوة قال الحسن وهللا ما قالها
استقالال لرزق هللا سبحانه وتعالى ولكن أراد أن تتأسى به أمته رواه الدمياطى فى السيرة
قالت عائشة رضى هللا عنها إن كنا آل محمد نمكث شهرا ما نستوقد بنار إن هو إال الماء والتمر وقالت
عائشة رضى هللا عنها وعن والديها لم يمتلئ جوف النبى صلى هللا عليه وسلم شبعا قط وإنه كان فى أهله
ال يسألهم طعاما وال يتشهاه إن أطعموه أكل وما أطعموه قبل وما سقوه شرب وكانت عائشة رضى هللا
عنها تقول لعروة وهللا يا ابن أختى إن كنا لننظر إلى الهالل ثم الهالل ثم الهالل ثالثة أهلة فى شهرين وما
أوقد فى أبيات رسول هللا صلى هللا عليه وسلم نار قال قلت يا خالة فما كان يعيشكم قالت األسودان التمر
والماء إال أنه كان لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم جيران من األنصار وكانت لهم منائح فكانوا يرسلون
إلى رسول هللا من ألبانها فيسقيناه
عن عائشة رضى هللا تعالى قالت إنما كانت فراش رسول هللا صلى هللا عليه وس‘لم ال‘ذى ين‘ام علي‘ه أدم‘ا
حشوه ليف
عن عائشة رضى هللا تعالى عنها قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ي‘‘ا عائش‘‘ة إن ال‘‘دنيا ال تنبغى لمحم‘‘د
وال آلل محم‘‘د ي‘‘ا عائش‘‘ة إن هللا تع‘‘الى لم ي‘‘رض من أولى الع‘‘زم من الرس==ل إال بالص==بر على مكروهه==ا
والصبر على محبوبها ثم لم يرض منى إال أن يكلفنى ما كلفهم فق==ال فاص==بر كم==ا ص==بر أول==و الع==زم من
الرسل وهللا ألصبرن جهدى وال قوة إال باهلل
عن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت ما رف‘‘ع رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم غ‘‘داء لعش‘‘اء وال عش‘‘اء
لغداء قط وال إتخذ من ش‘‘ىء زوجين ال قميص‘‘ين وال رداءين وال إزارين وال من النع‘‘ال وال رؤى فارغ‘‘ا
قط فى بيته إما يخصف نعال لرجل مسكين أو يخيط ثوبا ألرملة
عن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت ما كان يبقى على مائدة رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم من خ‘‘بز
الشعير قليل وال كثير وفى رواي‘ة م‘ا رفعت مائ‘دة رس‘ول هللا ص‘لى هللا علي‘ه وس‘لم من بين يدي‘ه وعليه‘ا
فضلة من طعام قط
عن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت ما أكل محمد صلى هللا عليه وسلم فى يوم أكلتين إال إحداهما تمر
وعن عمران بن حصين رضى هللا عنه قال ما شبع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من غداء وعشاء ح‘‘تى
لقى ربه
وعن أنس رضى هللا عنه أن فاطمة رضى هللا عنها جاءت بكسرة خبز إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
فقال ما هذه الكسرة ؟ قالت خبزة خبزتها فلم تطب نفسى إال أن آتيك به‘ذه الكس‘رة ق‘ال أم‘ا إن‘ه أول طع‘ام
دخل فم أبيك منذ ثالثة أيام
24
وعن أنس رضى هللا عنه قال شهدت وليمة للنبى صلى هللا عليه وسلم ما فيها خبز وال لحم
وعن ابن عباس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يبيت اللي‘‘الى المتتابع‘‘ة طاوي‘‘ا وأهل‘‘ه ال
يجدون عشاء وكان عامة خبزهم خبز الشعير
وعن األعرج قال قال أبو هريرة رض‘‘ى هللا عن‘ه ك‘ان رس‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘ه وس‘لم يج‘وع قلت ألبى
هريرة وكيف ذلك الجوع ؟ قال لكثرة من يغشاه وأضيافه وقوم يلزمونه لذلك فال يأكل طعاما قط إال ومعه
أصحابه وأهل الحاجة يشبعون فى المسجد فلما فتح هللا ع‘‘ز وج‘‘ل خي‘‘بر اتس‘‘ع الن‘‘اس بعض اإلتس‘‘اع وفى
األمر بعض ضيق والمعاش شديد وهى بالد ال زرع فيها إنما طعام أهلها التمر وعلى ذلك أقاموا
عن عائشة رضى هللا تعالى عنها دخلت علي إمرأة من األنصار ف‘‘رأت ف‘‘راش رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه
وسلم قطيفة مثنية فبعثت إلي بفراش حشوه الصوف فدخل علي النبى صلى هللا عليه وسلم فقال م‘‘ا ه‘‘ذا ي‘‘ا
عائشة قلت يا رسول هللا فالنة األنصارية دخلت فرأت فراشك فبعثت إلي بهذا فقال ردي‘‘ه ي‘‘ا عائش‘‘ة فوهللا
لو شئت ألجرى هللا معي جبال الذهب والفضة
عن عبد هللا بن مسعود رضى هللا تعالى عنه قال دخلت على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو فى
غرفة كأنها بيت حمام وهو نائم على حصير قد أثر بجنبه فبكيت فقال ما يبكيك يا عبد هللا قلت يا رسول
هللا كسرى وقيصر يطئون على الخز والديباج والحرير وأنت نائم على هذا الحصير قد أثر فى جنبك فقال
ال تبك يا عبد هللا فان لهم الدنيا ولنا اآلخرة وفى رواية لعمر رضى هللا عنه قال صلى هللا عليه وسلم أولئك
قوم عجلت لهم طيباتهم فى الدنيا وهى وشيكة اإلنقطاع وإنا قوم أخرت لنا طيباتنا فى آخرتنا
عن النعمان بن بشير رضى هللا عنه قال ألستم فى طعام وشراب ما شئتم لقد رأيت نبيكم صلى هللا عليه
وسلم وما يجد من الدقل ما يمأل بطنه وعن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال أتي رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم بتمر فرأيته يأكل وهو مقع أي اإلقعاء وهو أن يستند إلى ما وراء من الضعف من الجوع
عن عائشة رضى هللا تعالى عنها قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يا عائشة إن الدنيا ال تنبغى لمحمد
وال آلل محمد يا عائشة إن هللا تعالى لم يرض من أولى العزم من الرسل إال بالصبر على مكروهها
والصبر على محبوبها ثم لم يرض منى إال أن يكلفنى ما كلفهم فقال فاصبر كما صبر أولو العزم من
الرسل وهللا ألصبرن جهدى وال قوة إال باهلل
فائدة
فإذا طلعنا وتأملنا علمنا أن النبى صلى هللا عليه وسلم يكلف نفسه وآل بيته على التمسك واإلنقباض
واإلبتعاد عن الدنيا بالكلية والتوكل على هللا حق التوكل وعدم اإلدخار على شىء لغد ويحرم آل بيته على
القبول بالصدقة واالحتراز عن لذة العيش أقول فلعل هذا كله يختص بحقه صلى هللا عليه وسلم وبآل بيته
وكذلك جميع الرسل وأولو العزم قبله على ما أمرهم هللا تعالى به ويؤيده قوله صلى هللا عليه وسلم لعائشة
يا عائشة إن الدنيا ال تنبغى لمحمد وال آلل محمد يا عائشة إن هللا تعالى لم يرض من أولى العزم من
الرسل إال بالصبر على مكروهها والصبر على محبوبها ثم لم يرض منى إال أن يكلفنى ما كلفهم فقال
فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل وهللا ألصبرن جهدى وال قوة إال باهلل
وقد نقلت من كتاب سبل الهدى والرشاد كان فرسه صلى هللا عليه كثيرة وعدده المتفق فيه سبعة والمختلف
فيه تسعة عشر فرسا ولكل أسمائها ولم أذكرها هنا وكان بغاله صلى هللا عليه وسلم سبعا وحميره أربعا
ولكل منهما أسماء خاصة وكانت لقاحه صلى هللا عليه وسلم عشرين لقحة وكانت منائح رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم من الغنم عشرا ولم أذكر أسمائها وأما البقر فلم ينقل أن النبى صلى هللا عليه وسلم ملك منها
شيئا وقد ورد أنه صلى هللا عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر فيحتمل أن يكون إشتراها حين إرادة
25
األضحية وكانت سيوفه صلى هللا عليه وسلم أحد عشر سيفا وكانت رماحه خمسة وحرابه خمسة ودروعه
سبعا
كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا خال بنسائه ألين الناس وأكرم الناس ضحاكا بساما وك‘‘ان ص‘‘لى هللا
عليه وسلم من أفكه الناس أى من أمزحهم إذا خال بنحو أهله اه وهذه سنة رسول هللا فمن تبعه ينبغى له أن
يلين بزوجته ويكرمها ويمازحها ويرحمها ويصبر على أذاها وال ينبغى له أن ينهره‘‘ا ويض‘‘ربها ويتباع‘‘د
وكل ذلك ألجل االتباع بقدوتنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وكانت عائشة رض‘‘ى هللا عنه‘‘ا تق‘‘ول كنت إذا ه‘‘ويت ش‘‘يئا ت‘‘ابعنى ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم علي‘‘ه وكنت إذا
شربت من اإلناء أخذه فوضع فمه على موضع فمى وشرب وكان صلى هللا عليه وس‘‘لم ينهش فض‘‘لتى من
اللحم الذى على العظم وكان صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يتكئ على حجره‘‘ا ويق‘‘رأ الق‘‘رآن وك‘‘ان فى وقت يتكئ
على حجرها ويقبلها وهو صائم رواه الشيخان وك‘‘ان يريه‘‘ا الحبش‘‘ة وهم يلعب‘‘ون فى المس‘‘جد وهى متكئ‘‘ة
على منكبه رواه البخارى
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت خرج رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم فى بعض أس‘‘فاره وأن‘‘ا جاري‘‘ة لم
أحمل اللحم ولم أبدن فقال للناس تقدموا فتقدموا فقال تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقته فس‘‘كت ع‘‘نى ح‘‘تى
أحمل اللحم وبدنت ونس‘‘يت ثم خ‘‘رجت مع‘‘ه فى بعض أس‘‘فاره فق‘‘ال للن‘‘اس تق‘‘دموا ثم ق‘‘ال تع‘‘الى أس‘‘ابقك
فسبقنى فجعل يضحك ويقول هذه بتلك
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا غضبت عائشة أخذ بأنفها وقال ي‘‘ا ع‘‘ويش ق‘‘ولى اللهم رب الن‘‘بى
محمد اغفر لى ذنبى وأذهب غيظ قلبى وأجرنى من مضالت الفتن
وكان رسول هللا صلى هللا عليه و سلم كثيرا ما يقبل عرف إبنته فاطم‘‘ة الزه‘‘راء وك‘‘ان ص‘‘لى هللا علي‘‘ه و
سلم كثيرا ما يقبلها فى فمها أيضا
وعن أنس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ذات يوم لعائشة رضى هللا عنها م‘‘ا أك‘‘ثر
بياض عينيك
عن جابر رضى هللا عنه قال كان النبي صلى هللا عليه وسلم رجال سهال إذا هويت يعنى عائشة رض‘‘ي هللا
عنها الشيء تابعها عليه اه فهذا هو أخالق اإلنسان المصطفى بزوجته الشريفة عائشة يتابع ك‘ل م‘ا ه‘ويت
به عائشة ما عدا المعاصى وال يضيقها وكان رسول هللا يحب اليسر وييسر ألم‘‘ور الغ‘‘ير الي‘‘رد من س‘‘أله
وقضى حاجة من يطلبه ويكره من يعسر أمور أخيه ويق‘ول اللهم من ولى من أم‘ر أم‘تى ش‘يئا فش‘ق علي‘ه
فاشقق عليه
عن أسماء بنت يزيد رضى هللا عنها قالت أن النبي صلى هللا عليه وسلم مر بنسوة فسلم عليهن اه فه‘‘ذا من
تواضعه صلى هللا عليه وسلم مع أنه سيد األنبياء والمرسلين وخ‘‘ير الخل‘‘ق أجمعين يس‘‘لم ك‘‘ل من لقي‘‘ه وال
يعبس عند لقاء غيره
عن أم هانئ رضى هللا عنها قالت ذهبت إلى النبى صلى هللا عليه وسلم وهو يغتسل فسلمت عليه فقال من
هذه قلت أم هانئ قال مرحبا
26
عن عائشة رضى هللا عنها قالت أقبلت فاطمة تمشى كأن مشيتها مشي النبى صلى هللا عليه وسلم فقال
مرحبا بابنتى ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله اه وهذا أخالقه مع بنته فاطمة يرحمها ويقول عند مجيئها
ودخولها مرحبا بابنتى ويجلسها فى جنبيه وهذا يدل أيضا على أنه صلى هللا عليه وسلم يقرب بابنته وأهله
ال يتباعد وال يتدابر
عن جابر رضى هللا عنه قال كان النبى صلى هللا عليه وسلم رجال سهال إذا هويت يعنى عائشة رضى هللا
عنها تابعها عليه
وكان رسول هللا عليه وسلم يالعب أهله ويقبلها وروى أبو داود فى سننه أنه صلى هللا عليه وسلم كان
يقبل عائشة ويمص لسانها ويذكر عن جابر بن عبد هللا رضى هللا عنه قال نهى رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم عن المواقعة قبل المالعبة
وعن زيد بن هالة عن أبيه رضى هللا عنه أنه دخل على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو راقد فاستيقظ
فقام هالة إلى صدره وقال هالة هالة كأنه سر به لقرابته من خديجة وهالة هو ابن السيدة خديجة من
زوجها األول أبى هالة بن زرارة التيمى الذى مات فى الجاهلية
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت ما غرت على أحد من أزواج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم م‘‘ا غ‘‘رت
على خديجة وال أرجو أن أكون أدركتها وما ذلك إال لكثرة ذكر رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم له‘‘ا وإن
كان ليذبح الشاة فيتبع بها صدائق خديجة رضى هللا عنها فيهديها لهن
عن أنس رضى هللا عنه قال كان النبى صلى هللا عليه وسلم عن‘‘د إح‘‘دى أمه‘‘ات المؤم‘‘نين فأرس‘‘لت إح‘‘دى
نسائه بقصعة فيها طعام فضربت يد الرسول فسقطت القصعة فانكس‘‘رت فأخ‘‘ذ رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه
وسلم الكسرتين فضم إحداهما إلى األخرى ثم جعل يق‘ول ويجم‘ع الطع‘ام فيق‘ول غ‘ارت أمكم كل‘وا ف‘‘أكلوا
فجلس الرسول حتى جاءت الكاس‘‘رة بقص‘‘عتها ال‘‘تى هى فى بيته‘‘ا ف‘‘دفع الص‘‘حفة الص‘‘حيحة إلى الرس‘‘ول
وترك المكسورة فى بيت التى كسرتها
عن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت وقف رسول هللا صلى هللا عليه وسTTلم على بTTاب حجTTرتى والحبش
يلعبون بحرابهم فى مسجد رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم فقمت أنظ‘‘ر إليهم فق‘‘ام يس‘‘ترنى بردائ‘‘ه ح‘‘تى
انصرفت أنا من قبل نفسى فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو »
وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت وضع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ذقني على منكبه ألنظر إلى
زفن الحبشة حتى كنت التى مللت فانصرفت عنه فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يومئذ لتعلم يهود أن
فى ديننا فسحة إنى أرسلت بحنيفية سمحة وعن أبى أمامة قال خرجنا مع رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
فى سرية فمر رجل بغار في‘‘ه ش‘‘يء من م‘‘اء وبق‘ل فح‘‘دث نفس‘‘ه ب‘‘أن يقيم في‘‘ه ويتخلى من ال‘‘دنيا فاس‘‘تأذن
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى ذلك فق‘ال رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم إنى لم أبعث باليهودي‘‘ة وال
بالنصرانية ولكنى بعثت بالحنيفية الحنيف لغة ما كان على ملة إبراهيم السمحة السمح هو السهل والذى
نفس محمد بيده لغدوة أو روحة فى سبيل هللا خير من ال‘‘دنيا وم‘‘ا فيه‘‘ا ولمق‘ام أح‘‘دكم فى الص‘‘ف خ‘‘ير من
صالته ستين سنة
عن عائشة رضى هللا عنها قالت كنت ألعب بالبنات فى بيت النبى صلى هللا عليه وس‘‘لم وكن لي ص‘‘واحب
يأتيننى فيلعبن معى فينقمعن إذا رأين رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وكان رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم
يسربهن إلي فيلعبن معى
عن عائشة أم المؤمنين رضى هللا عنها قالت ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودال وهديا برسول هللا فى قيامها
وقعودها من فاطمة بنت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قالت وكانت إذا دخلت على النبى صلى هللا عليه
وسلم قام إليها فقبلها وأجلسها فى مجلسه وكان النبى صلى هللا عليه وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها
فقبلته وأجلسته فى مجلسها فلما مرض النبى صلى هللا عليه وسلم دخلت فاطمة فأكبت عليه فقبلته ثم
رفعت رأسها فبكت ثم أكبت عليه ثم رفعت رأسها فضحكت فقلت إن كنت ألظن أن هذه من أعقل نسائنا
27
فإذا هي من النساء فلما توفى النبى صلى هللا عليه وسلم قلت لها أرأيت حين أكببت على النبى صلى هللا
عليه وسلم فرفعت رأسك فبكيت ثم أكببت عليه فرفعت رأسك فضحكت ما حملك على ذلك قالت إنى إذا
لبذرة أخبرنى أنه ميت من وجعه هذا فبكيت ثم أخبرنى أنى أسرع أهله لحوقا به فذاك حين ضحكت
عن عائشة رضى هللا عنها قالت أقبلت فاطمة تمشى كأن مش‘‘يتها مش‘‘ي الن‘‘بى ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم فق‘ال
النبى صلى هللا عليه وسلم مرحبا بابنتى ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليه‘‘ا ح‘‘ديثا فبكت فقلت
لها لما تبكين ثم أسر إليها حديثا فضحكت فقلت ما رأيت ك‘‘اليوم فرح‘‘ا أق‘‘رب من ح‘‘زن فس‘‘ألتها عم‘‘ا ق‘‘ال
فقالت ما كنت ألفشي سر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حتى قبض الن‘‘بى ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم فس‘‘ألتها
فقالت أسر إلي أن جبريل كان يعارضنى الق‘رآن ك‘ل س‘نة م‘رة وإن‘ه عارض‘نى الع‘ام م‘رتين وال أراه إال
حضر أجلى وإنك أول أهل بيتى لحاقا بي فبكيت فقال أما ترضين أن تكونى سيدة نساء أهل الجنة أو نساء
المؤمنين فضحكت لذلك
عن عائشة أم المؤمنين رضى هللا عنها قالت ما رأيت أحدا كان أشبه ح‘‘ديثا وكالم‘‘ا برس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا
عليه وسلم من فاطمة وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فرحب بها وقبلها وأجلسها فى مجلسه وكان إذا دخ‘‘ل
عليها قامت إليه فأخذت بي‘ده ف‘رحبت وقبلت‘ه وأجلس‘ته فى مجلس‘ها ف‘دخلت علي‘ه فى مرض‘ه ال‘ذى ت‘وفي
فرحب بها وقبلها
وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يص‘‘لى علي‘‘ه ط‘‘رف اللح‘‘اف
وعلى عائشة طرفه
وال ريب أن رسول هللا كان يحب أزواجه حبا جما ويحترمهن احتراما كثيرا وال يرتفع عليهن ويضع
منزلة نبوته الرفيعة إلى المنزلة الدنيئة حتى يساوى أزواجه وال يستحيينه وذلك ألجل األلفة والمحبة
والرحمة والتقارب بينه وبين أزواجه لقد روى أنه صلى هللا عليه وسلم قال خيركم خيركم لنسائه
كان رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم م‘‘ع أص‘‘حابه وأزواج‘‘ه كواح‘‘د منهم وك‘‘ان حس‘‘ن المعاش‘‘رة ولم يكن
يعاشر جليسا له إال ك‘‘ان أتم عش‘‘رة وأحس‘‘نها وأكرمه‘‘ا وك‘‘ان ال يعبس فى وجه‘‘ه وال يغل‘‘ظ فى مقال‘‘ه وال
يطوى عنه بشره وال يمسك عليه فلتات لسانه وال يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة ونحوه‘‘ا ب‘‘ل يحس‘‘ن إلى
عشيره غاية اإلحسان ويحتمله غاية اإلحتمال فكانت عش‘‘رته لهم احتم‘‘ال أذاهم وجف‘‘وتهم جمل‘‘ة ال يع‘‘اتب
أحدا منهم وال يلومه يقول أنا أحب الناس إليه لما يرى من لطفه به وقربه منه وإقباله عليه واهتمامه ب‘‘أمره
واحتمال جفوته فأي عشرة كانت أكرم من هذه العشرة
وروى اإلمام أحمد أن رجال سأل ألبى ذر هل كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يصافحكم إذا لقيتم‘‘وه ؟
قال ما لقيته قط إال صافحنى وبعث إلي يوم‘‘ا ولم أكن فى ال‘‘بيت فلم‘‘ا جئت أخ‘‘برت برس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا
عليه وسلم فأتيته وهو على سرير فعانقنى فكأنه تلك أجوب وأجود
وما لعن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مسلما بذكر اسمه أي بصريحه وم‘‘ا ض‘‘رب بي‘‘ده ش‘‘يئا ق‘‘ط إال أن
يضرب فى سبيل هللا وال سئل شيئا قط فمنع‘‘ه إال أن يس‘‘ئل مأثم‘‘ا وم‘‘ا انتقم لنفس‘‘ه من ش‘‘ىء إال أن تنته‘‘ك
حرمات هللا فيكون هلل ينتقم رواه الحاكم
عن عائشة رضى هللا عنها قالت ما كان أحد أحسن خلقا من رسول هللا صلى هللا عليه وس‘لم م‘ا دع‘اه أح‘د
من أصحابه وال من أهل بيته إال قال لبيك فلذلك أنزل هللا عز وجل وإنك لعلى خلق عظيم
عن علي رضى هللا تعالى عنه قال استأذن عمار على النبى صلى هللا عليه وسلم فعرف صوته فقال مرحبا
بالطيب المطيب رواه البخاري فى اآلداب
28
كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال ال بأس أي ال ضرر وال مشّقة عليك
طهور أي مرضك مطّهر لك من ذنوبك إن شاء هللا تعالى اه هذا آداب رسول هللا عند عيادة المريض
وقول لفظ ال بأس ال يزيد المريض إال قوة ونشاطا وشفاء وفرجة فى قلب‘‘ه ألن الم‘‘ريض ربم‘‘ا يي‘‘أس على
شدة مرضه وطوله ويضعف رجاءه فإذا جاء العائد ويقول ما يخوفه وين‘ذره فى مرض‘ه لك‘ان ذل‘ك زي‘ادة
لشدة مرضه وتضييقا لقلبه ألبتة وقول لفظ طهور هو البش‘رى بغف‘ران ال‘ذنوب للم‘ريض ح‘تى ف‘‘رح قلب‘ه
واطمأن قلبه وزاد شكره واتسع صدره وهذا القول الذى قاله رسول هللا صلى هللا عليه وسلم له سر ومعنى
دقيق نافع للمريض
عن بن عباس رضى هللا عنه أن النبى صلى هللا عليه وسلم دخل على أعرابى يعوده قال وكان النبي صلى
هللا عليه و سلم إذا دخل على مريض يع‘وده ق‘‘ال ال ب‘أس طه‘ور إن ش‘اء هللا ق‘‘ال ذاك طه‘ور كال ب‘ل هي
حمى تفور أو تثور على شيخ كبير تزيره القبور قال النبي صلى هللا عليه وسلم فنعم إذا
وكان يبدأ من لقيه بالسالم ويبدأ أصحابه بالمصافحة لم ير قط مادا رجليه بين أص‘‘حابه ح‘‘تى يض‘‘يق بهم‘‘ا
على أحد يكرم من يدخل عليه وربما بسط له ثوبه وي‘ؤثره بالوس‘ادة ال‘تى تحت‘ه ويع‘زم علي‘ه فى الجل‘وس
عليها إن أبى ويكنى أصحابه ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمة لهم وال يقطع على أح‘‘د حديث‘‘ه ح‘‘تى يتج‘‘وز
فيقطعه بنهي أو قيام
عن أسامة بن زيد عن سعيد المقبري عن أبى هريرة رض‘ى هللا تع‘الى عن‘ه ق‘ال ق‘الوا ي‘ا رس‘ول هللا إن‘ك
تداعبنا فقال نعم غير أنى ال أقول إال حقا
وكان من خلقه صلى هللا عليه وسلم أن يبدأ من لقي‘‘ه بالس‘‘الم ومن قاوم‘‘ه لحاج‘‘ة ص‘‘ابره ح‘‘تى يك‘‘ون ه‘‘و
المنص‘‘رف وم‘‘ا أخ‘‘ذ أح‘‘د بي‘‘ده فيرس‘‘ل ي‘‘ده ح‘‘تى يرس‘‘لها اآلخ‘‘ر وك‘‘ان إذا لقي أح‘‘دا من أص‘‘حابه ب‘‘دأه
بالمصافحة ثم أخذ بيده فشابكه ثم شد قبضته عيه وكان ال يقوم وال يجلس إال على ذكر هللا وك‘‘ان ال يجلس
إليه أحد وهو يصلى إال خفف صالته وأقبل عليه فقال ألك حاج‘‘ة؟ ف‘‘إذا ف‘‘رغ من حاجت‘‘ه ع‘‘اد إلى ص‘‘الته
وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعا ويمسك بيدي‘‘ه عليهم‘‘ا ش‘‘به الحب‘‘وة ولم يكن يع‘‘رف مجلس‘‘ه من
مجلس أصحابه ألنه ك‘‘ان حيث انتهى ب‘‘ه المجلس جلس وم‘‘ا رؤي ق‘‘ط م‘‘ادا رجلي‘‘ه بين أص‘‘حابه ح‘‘تى ال
يضيق بهما على أحد إال أن يكون المكان واسعا ال ضيق في‘‘ه وك‘‘ان أك‘‘ثر م‘‘ا يجلس مس‘‘تقبل القبل‘‘ة وك‘‘ان
يكرم من يدخل عليه حتى ربما بسط ثوبه لمن ليست بينه وبينه قرابة وال رضاع يجلسه علي‘‘ه وك‘‘ان ي‘‘ؤثر
الداخل عليه بالوسادة التي تحته فإن أبى أن يقبلها عزم علي‘‘ه ح‘‘تى ك‘‘ان مجلس‘‘ه وس‘‘معه وحديث‘‘ه ولطي‘‘ف
محاسنه وتوجهه للجالس إليه ومجلسه مع ذلك مجلس حياء وتواسع وأمانة
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا رأى أحد أصحابه فى حالة شدة وبأس يحزن حزن‘‘ا ش‘‘ديدا وي‘‘رق
قلبه ويبكى متأثرا من ذلك الموقف فلقد زار سعد بن عبادة ومعه عب‘د ال‘رحمن بن ع‘وف وغ‘يره فلم‘ا رآه
بكى فبكى من معه وكان يقبل عثمان بن مظعون وهو ميت ورس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يبكى ح‘‘تى
قالت عائشة فرأيت دموع النبى صلى هللا عليه وسلم تسيل على خد عثمان وفى رواية أنه قبل بين عينيه ثم
بكى طويال
عن عبد هللا بن أبى بكر عن بعض بني ساعدة قال سمعت أبا أسيد مالك بن ربيعة يق‘ول ك‘‘ان الن‘‘بى ص‘‘لى
هللا عليه وسلم ال يمنع شيئا يسأل
عن أنس رضى هللا عنه قال كان النبي صلى هللا عليه وسلم ما سأله سائل قط إال أص‘‘غى إلي‘‘ه ح‘‘تى يك‘‘ون
هو الذى ينصرف وما تناول أحد يده قط إال ناولها إياه فلم ينزعها من يده حتى يكون هو الذي ينزعها
عن الوازع بن عامر رضى هللا عنه ق‘ال ق‘دمنا فقب‘ل ذل‘ك رس‘ول هللا ص‘لى هللا علي‘ه وس‘لم فأخ‘ذنا بيدي‘ه
ورجليه نقبلهما
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال صحبت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عشر سنين وش‘‘ممت العط‘‘ر
كله فلم أشم نكهة أطيب من نكهته وكان إذا لقيه واحد من أصحابه قام معه فلم ينصرف حتى يكون الرج‘‘ل
29
ينصرف عنه وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناولها إياه فلم ينزع من‘ه ح‘تى يك‘ون الرج‘ل ه‘و ال‘ذى
ينزع عنه وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول أذنه ناولها إياه فلم ينزعها عن‘‘ه ح‘‘تى يك‘‘ون الرج‘‘ل ه‘‘و ال‘‘ذى
ينزعها منه
عن الحسن بن علي قال سألت أبي عن سيرة النبي صلى هللا عليه وسلم فى جلسائه فقال كان رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ وال غليظ وال صخاب وال فحاش وال
عياب وال مشاح يتغافل عما ال يشتهى وال يؤيس منه راجيه وال يخيب فيه قد ترك نفسه من ثالث :المراء
واإلكثار وما ال يعنيه وترك الناس من ثالث :كان ال يذم أحدا وال يعيبه وال يطلب عورته وال يتكلم إال
فيما رجا ثوابه وإذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير فإذا سكت تكلموا ال يتنازعون عنده
الحديث ومن تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ حديثهم عنده حديث أولهم يضحك مما يضحكون منه
ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوة فى منطقه ومسألته حتى إن كان أصحابه
ليستجلبونهم ويقول إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فأرفدوه وال يقبل الثناء إال من مكافئ وال يقطع على أحد
حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام
عن جرير رضى هللا تعالى عنه قال أن النبى صلى هللا عليه وسلم دخ‘‘ل بعض بيوت‘‘ه ف‘‘امتأل ال‘‘بيت ودخ‘‘ل
جرير فقعد خارج البيت فأبصره النبي صلى هللا عليه وسلم فأخذ ثوبه فلفه ورمى به إليه وق‘‘ال اجلس على
هذا فأخذه جرير ووضعه على وجهه وقبله
حدثنا عبد الرحمن بن المبارك قال حدثنا سفيان بن حبيب قال حدثنا شعبة قال حدثنا عمرو عن ذكوان عن
صهيب قال رأيت عليا يقبل يد العباس ورجليه
عن أنس رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثالث‘ة أي‘ام س‘أل
عنه فإن كان غائبا دعا له وإن كان شاهدا زاره وإن كان مريضا عاده
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه كان عنده رجل به أثر صفرة قال
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال يكاد يواجه أحدا بشيء يكرهه فلما ق‘ام ق‘‘ال للق‘وم ل‘و قلتم ل‘ه ي‘دع
هذه الصفرة
عن عمرو بن العاص رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على
شر القوم يتألفه بذلك وعن أنس رضى هللا عنه قال ما رأيت رجال إلتقم أذن النبى صلى هللا عليه وسلم
يعنى يكلمه سرا فينحى رأسه عنه حتى يكون الرجل هو ينحى رواه أبو داود
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت لقد دخل علي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يوما فقال صنعت اليوم
شيئا وددت أنى لم أسمعه دخلت البيت فأخشى أن يجىء رجل من أفق من اآلفاق فال يستطيع دخوله
فيرجع وفى نفسه منه شىء
عن أنس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال أتاكم أهل اليمن وهم أرق قلوبا منكم وهم
أول من جاء بالمصافحة
وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت قدم زيد بن حارثة ورسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى بيتى فأتى
زيد وقرع الباب فقام إليه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عريانا يجر ثوبه وهللا ما رأيته عريانا قبلها وال
بعدها فعانقه وقبله اه وهذا الحديث يدل على أنه إذا قدم أحد من أصحابه من سفر أكرم النبى صلى هللا
عليه وسلم له وعانقه وقبله
عن مطر بن عبد الرحمن األعنق قال حدثنى أم أبان ابنة الوازع عن جدها أن جدها الوازع بن عامر قال
قدمنا فقيل ذاك رسول هللا فأخذنا بيديه ورجليه نقبلها رواه البخاري
عن عبد الرحمن بن رزين قال مررنا بالربذة فقيل لنا ها ههنا سلمة بن األكوع فأتيته فسلمنا عليه فأخرج
يديه فقال بايعت بهاتين نبى هللا صلى هللا عليه وسلم فأخرج كفا له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا إليها
فقبلناها وعن صهيب قال رأيت عليا يقبل يد العباس ورجليه
30
ما ذكر فى معاشرته مع الصبيان صلى هللا عليه وسلم
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يمسح رؤوس الصبيان ويقبلهم كما جاء فى الصحيحين
عن أنس رضى هللا تعالى عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من أفك‘ه الن‘اس وزاد إبن الج‘وزى
مع صبى
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مازحا وك‘‘ان يق‘‘ول إن هللا تع‘‘الى ال
يؤاخذ المزاح الصادق فى مزاحه
وعن علي رضى هللا تعالى عنه قال دخل علينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال أين لكع ؟ ههنا لك‘‘ع ؟
قال فخرج إليه الحسن بن علي رضى هللا عنهما فقال وعليه لح‘‘اف ق‘‘رنفلي وه‘‘و م‘‘اد ي‘‘ده فم‘‘د رس‘‘ول هللا
صلى هللا عليه وسلم يده ويعانقه وقال بأبى أنت وأمى من أحبنى فليحب هذا
عن أنس رضى هللا تعالى عنه قال أن النبى صلى هللا عليه وسلم مر على صبيان فسلم عليهم
عن أنس رضى هللا تعالى عنه قال أتى علينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأنا فى غلمة نلعب فسلم علينا
ثم أرسلنى فى حاجة
عن أنس رضى هللا تعالى عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ألنس يا بني
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يدلع أي يخرج ويمد لسانه
للحسن بن على فيرى الصبى لسانه فيهش أي يضحك ويتبسم إليه صلى هللا عليه وسلم
عن أنس رضى هللا تعالى عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أرحم الناس بالصبيان وكان ل‘‘ه ابن
مسترضع فى ناحية المدينة وكان ظئره قينا وكان يأتيه ونحن معه وقد دخن البيت باإلذخر فيشمه ويقبله
وعن أبى قتادة رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال إنى ألدخل فى الص‘‘الة وأن‘ا أري‘د أن
أطيلها فأسمع بكاء الصبى فأتجاوز فى صالتى مما أعلم من شدة وجدانه أي غضبه من بكائه
وعن تمام بن العباس رضى هللا عنهما قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يصف م‘‘ع عب‘‘د هللا وعبي‘‘د
هللا وكثيرا من أبناء العباس رضى هللا عنهم وكان النبى صلى هللا عليه وس‘‘لم يق‘‘ول من س‘‘بق إلي فل‘‘ه ك‘‘ذا
وكذا قال فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويعانقهم
وعن أنس بن مالك رضى هللا تع‘الى عن‘ه ق‘‘ال ك‘ان رس‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘ه وس‘لم يجيء إلين‘ا وأخ لي
صغير فيقول يا أبا عمير ما فعل النغير؟
عن أنس رضى هللا تعالى عنه قال ما رأيت أحدا ك‘‘ان أرحم بالعي‘‘ال من رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
وكان استرضع البنه إبراهيم فى أقصى المدينة وكان زوجها قينا فيأتي‘ه الغالم وعلي‘ه أث‘ر الغب‘ار فيلتزم‘ه
ويقبله ويشمه
عن عمر بن عبد هللا مولى غفرة حدثنى إب‘‘راهيم بن محم‘‘د من ول‘‘د علي ق‘‘ال ك‘‘ان علي بن أبى ط‘‘الب إذا
وصف النبى صلى هللا عليه وسلم قال كان أج‘‘ود الن‘‘اس كف‘‘ا وأج‘‘رأ الن‘‘اس ص‘‘درا وأص‘‘دق الن‘‘اس لهج‘‘ة
وأوفاهم بذمة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة من رآه بديهة هاب‘ه ومن خالط‘ه معرف‘‘ة أحب‘ه لم أر قبل‘ه وال
بعده مثله صلى هللا عليه وسلم
عن عائشة رضى هللا عنها قالت قبل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الحسن والحسين إبني على وعنده
األقرع بن حابس التميمى فقال األقرع إن لى عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا قط فنظر إليه رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم ثم قال من ال َيرحم ال ُيرحم
31
وعن جرير بن عبد هللا رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ال يرحم هللا من ال يرحم
الناس
وعن أبى سعيد رضى هللا عنه وغيره من الصحابة قال مر النبى صلى هللا عليه وسلم بغالم وهو معاذ بن
جبل يسلخ شاة فقال له رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تنح حتى أريك فإنى ال أراك تحسن تسلخ فأدخل
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يده بين الجلد واللحم وسلخ ثم قال يا غالم هكذا فاسلخ
عن ابن عمر رضى هللا عنهما قال رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يخطب الناس فخرج حسن بن
على رضى هللا عنهما فعثر فسقط أمامه فنزل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من المنبر يريده فأخذه الناس
فأتوه به فقال قاتل هللا الشيطان إن الولد فتنة وهللا ما علمت أنى نزلت من المنبر حتى أوتيت به
عن أنس بن مالك رضى هللا تعالى عنه قال خدمت النبى صلى هللا عليه وسلم عشر سنين وفى لفظ إحدى
عشرة وأنا إبن ثمان سنين فى السفر والحضر وهللا ما قال لى أف قط وال لشىء صنعته لم صنعت هذا وال
لشىء لم أصنعه لم لم تصنع هذا وال لشىء صنعته أسأت صنعته وال عاب علي شيئا قط وال أمرنى بأمر
فتوانيت أو ضيعته فالمنى وال المنى أحد من أهله إال قال دعوه
وعن أنس رضى هللا عنه قال كان النبى صلى هللا عليه وسلم أرسلنى فى حاجة يوما فقلت وهللا ال أذهب
وفى نفسى أن أذهب لما أمر به رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فخرجت على الصبيان وهم يلعبون فى
السوق وإذا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قد قبض بقفاى من ورائى فنظرت إليه وهو يضحك قال يا
أنس اذهب حيث أمرتك فقلت له أنا أذهب يا رسول هللا
عن أنس رضى هللا عنه أن النبى صلى هللا عليه وسلم كان يسمع بكاء الصبى وهو فى الصالة فيقرأ
بالسورة القصيرة والسورة الخفيفة
وكان عمر ابن الخطاب رضى هللا عنه إذا لقي صبيا فى الطريق يأخذه بيده ويقول له أدع لى يا بني فإنك
لم تذنب قط
وعن عبد هللا بن جعفر رضى هللا تعالى عنهما قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا قدم من سفر
تلقي بصبيان أهل بيته وكان عليه الصالة والسالم قدم من سفر ذات يوم فسبق بى إليه فحملنى بين يديه ثم
جىء بأحد إبني فاطمة فأردفه خلفه فدخلنا المدينة ثالثة على دابة
وعن عبد هللا بن هشام رضى هللا عنه وكان قد أدرك النبى صلى هللا عليه وسلم أي ذكر إبن منده أنه
أدرك من حياة النبى ست سنين وروى أحمد فى مسنده أنه إحتلم فى زمن رسول هللا وذهبت به أمه
زينب بنت حميد إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقالت يا رسول هللا بايعه فقال هو صغير فمسح رأسه
ودعا له وعن زهرة بن معبد أن جده عبد هللا بن هشام كان يخرج به إلى السوق فيشترى الطعام فيلقاه إبن
عمر وإبن زبير فيقوالن له أشركنا فإن النبى صلى هللا عليه وسلم قد دعا لك بالبركة فيشركهم
عن يعلى بن مرة رضى هللا عنه أنهم خرجوا مع النبى صلى هللا عليه وسلم إلى طعام دعوا له فإذا حسين
يلعب فى السكة أي الطريق فتقدم النبى صلى هللا عليه وسلم أمام القوم وبسط يديه فجعل حسين يفر ها هنا
وها هنا أي مالعبا النبى صلى هللا عليه وسلم وسرورا بفعله ويحتمل أنه يهرب منه بهذا كعادة
الصغار إذا أراد أحد أن يأخذهم ويضاحكه النبى صلى هللا عليه وسلم حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت
ذقنه واألخرى فى فأس رأسه أي خلف رأس الحسين من األسفل فقبله وقال حسين منى وأنا من حسين
أحب هللا من أحب حسينا حسين سبط من األسباط
وعن شداد بن الهاد رضى هللا عنه أنه قال خرج علينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى إحدى صالتي
العشاء وهو حامل حسنا أو حسينا فتقدم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصالة فصلى
فسجد بين ظهراني صالته سجدة أطالها فرفعت رأسى وإذا الصبى على ظهر رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم وهو ساجد فرجعت إلى سجودى فلما قضى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الصالة قال الناس يا
32
رسول هللا إنك سجدت بين ظهراني صالتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك ؟
قال كل ذلك لم يكن ولكن إبنى إرتحلنى فكرهت أن أعجله حتى يقضى حاجته
وعن أم خالد بنت خالد بن سعيد رضى هللا عنها قالت أتيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مع أبى وعلي
قميص أصفر قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم سنه سنه وهى بالحبشية حسنة فذهبت ألعب بخاتم النبوة
فزبرنى أبى قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم دعها ثم قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أبلى وأخلقى
ثم أبلى وأخلقى ثم أبلى وأخلقى أي أبلى وأخلق أي أتلفه وجعله رثا وهما بمعنى واحد
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال أتى النبى صلى هللا عليه وسلم رجل ومعه صبى فجعل يضمه إليه
فقال النبى صلى هللا عليه وسلم أترحمه ؟ قال نعم فاهلل أرحم بك منك به وهو أرحم الراحمين
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه أن صلى هللا عليه وسلم يؤتى بأول الثمر فيقول اللهم بارك لنا فى مدينتنا
وفى ثمارنا وفى مدنا وفى صاعنا بركة مع بركة ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان
وعن عائشة رضى هللا عنها أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم
فأتى بصبى فبال عليه فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان فيما ذكره المحققون مجبوال عليه فى أصل
خلقته وأول فطرته لم يحصل له باكتساب وال رياضة إال بجود إلهي وخصوصية ربانية وهكذا لسائر
األنبياء وقال المفسرون فى قوله تعالى وءاتينه الحكم صبيا أعطى هللا يحيى العلم بكتاب هللا تعالى فى حال
صباه وقال معمر كان يحيى ابن سنتين أو ثالث فقال له الصبيان لم ال تلعب؟ فقال أللعب خلقت؟ وقيل فى
قوله تعالى مصدقا بكلمة من هللا صدق يحيى بعيسى وهو ابن ثالث سنين فشهد له أنه كلمة هللا وروحه
وقيل صدقه وهو فى بطن أمه فكانت أم يحيى تقول لمريم إنى أجد ما فى بطنى يسجد لما فى بطنك تحية
له
عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قلت ألبى سعيد الخدري رضى هللا عنه ما ترى فيما ق‘‘د ظه‘‘ر من
هذا الملبس والمشرب والمطعم ؟ فقال يا إبن أخى كل هلل واش‘‘رب هلل والبس هلل واركب هلل وك==ل ش==ىء من
ذلك دخله هوى ومدح أو مباهاة أو رياء أو سمعة فهو معصية وس==رف وتع==الج فى بيت==ك من الخدم==ة م==ا
كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يعالج فى بيته كان يعلف البع==ير ويعتق==ل البع==ير ويقم ال==بيت ويحل==ف
الشاة ويخصف النعل ويرقع الثوب ويأكل مع خادمه ويطحن عنه إذا دعاه ويشترى التمر من الس==وق فال
يمنعه الحياء أن يعلقه بيده أو يجعله فى طرف ثوبه فيبلغ به إلى أهله ويص==افح الغ==نى والفق==ير والص==غير
والكبير ويسلم مبتدئا من لقيه من صغير أو كب==ير أس==ود أو أحم==ر ح==ر أو عب==د من مس==لم وال يس==تحي أن
يجيب إذا دعي وإن كان أشعث أغبر وال يحقر ما دعي إليه هين المؤنة لين الخل==ق ك==ريم الطبيع==ة جمي==ل
المعاشرة طليق الوجه بسام من غير ضحك محزون من غير عبوس ش==ديد من غ==ير عن==ف متواض==ع فى
غير مذلة جواد فى غير سرف رحيم بكل ذى ق==ربى ومس==لم رقي==ق القلب دائم اإلط==راق لم يبش==م ق==ط من
شبع ولم يمد يده إلى طمع قط قال أبو س==لمة فح==دثت به==ذا الح==ديث كل==ه عائش==ة عن أبى س==عيد فق=الت م==ا
أخطأك حرفا أما أخبرك أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لم يمتلئ ش==بعا ق==ط ولم يبث إلى أح==د ش==كوى
وإن كانت الفاقة أحب إليه من اليسار والغنى إن كان ليظل جائعا يلتوى ليلته حتى يصبح فال يمنع==ه ذل==ك
من ص==يام يوم==ه ول==و ش==اء أن يس==أل رب==ه في==أتى بكن==وز األرض وثماره==ا ورغ==د عيش==ها من ومش==ارقها
33
ومغاربها لفعل وربما بكيت رحمة مما أرانى له من الجوع فأمسح بطنه بيدى وأقول نفسى لك الغ==داء ل==و
تبلغت من الدنيا بقدر ما يقوتك ويمنع الجوع ويقول يا عائشة إن إخ==وانى من أولى الع==زم من الرس==ل ق==د
صبروا على م=ا ه=و أش=د من ه=ذا فمض=وا على ح=الهم فق=دموا على ربهم ف=أكرم مث=ابهم وأج=زل ث=وابهم
أستحى إن ترفهت فى معيشتى أن يقصر بى دونهم فالصبر أياما يس==يرة أحب إلي مم==ا ينقص حظى غ==دا
فى اآلخرة فما من شىء أحب إلي من اللحوق إلى إخوانى
عن الحسن بن علي بن أبى طالب عليهما السالم قال سألت أبى عن مجلسه؟ فقال كان رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم ال يجلس وال يقوم إال ذكر هللا عز وج‘‘ل وال ي‘‘وطن األم‘‘اكن وينهى عن إيطانه‘‘ا وإذا جلس إلى
قوم جلس حيث ينتهى به المجلس ويأمر بذلك ويعطى كل جلس‘‘ائه بنص‘‘يبه ال يحس‘‘ب أح‘‘د من جلس‘‘ائه أن
أحدا أكرم عليه منه من جالسه أو قاوم‘ه لحاج‘ة ص‘‘ابره ح‘تى يك‘ون ه‘و المنص‘‘رف ومن س‘أله حاج‘ة لم
ينصرف إال بها أو بميسور من القول قد وسع الناس منه خلقه فصار لهم أبا وصاروا عنده ف ى الحق سواء
مجلسه مجلس حلم وحي‘‘اء وص‘‘دق وأمان‘‘ة ال ترف‘‘ع في‘‘ه األص‘‘وات وال ت‘‘ؤبن في‘‘ه الح‘‘رم وال تن‘‘ثى فلتات‘‘ه
معتدلين يتواصلون فيه بالتقوى متواضعين يوقرون فيه الكبير ويرحمون فيه الصغير ويؤثرون ذا الحاج‘‘ة
ويحفظون الغريب .قلت كيف كانت سيرته فى جلسائه؟ قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم دائم البشر
سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ وال غليظ وال صخاب فى األسواق وال فاحش وال عياب وال مداح يتغافل
عما ال يشتهى ويؤيس منه وال يجيب فيه قد ترك نفسه من ثالث المراء واإلكثار وماال يعنيه وترك الن‘‘اس
من ثالث :ك‘‘ان ال ي‘‘ذم أح‘‘دا وال يع‘‘يره وال يطلب عورات‘‘ه وال يتكلم إال فيم‘‘ا رج‘‘ا ثواب‘‘ه إذا تكلم أط‘‘رق
جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير وإذا سكت تكلموا وال يتنازعون عنده الحديث من تكلم أنصتوا ل‘ه ح‘تى
يفرغ حديثهم عنده حديث أولهم يضحك مما يضحكون ويتعجب مما يتعجبون ويصبر للغريب على الجفوة
فى منطقه ومسألته حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم فيق‘‘ول إذا رأيتم ط‘‘الب الحاج‘‘ة يطلبه‘‘ا فارف‘‘دوه وال
يقبل الثناء إال من مكاف وال يقطع على أحد حديثه حتى يج‘‘وز فيقطع‘‘ه بنهي أو قي‘‘ام .فس‘‘ألت كي‘‘ف ك‘‘ان
سكوت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟ قال كان سكوت رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم على أرب‘‘ع :على
الحلم والحذر والتقدير والتفكير فأما تقديره ففى تسوية النظر واالستماع من الناس وأما تفك‘‘يره ففيم‘‘ا يبقى
وال يفنى وجمع له الحلم في الصبر فكان ال يغض‘‘به ش‘‘يء وال يس‘‘تفزه وجم‘‘ع ل‘‘ه الح‘‘ذر فى أرب‘‘ع :أخ‘‘ذه
بالحسن ليقتدى به وتركه القبيح لينتهى عنه واجتهاده الرأي فيما أصلح أمته والقيام فيما هو خ‘ير لهم جم‘ع
لهم خير الدنيا واآلخرة
وكان صلى هللا عليه وسلم ال يتمدح أو يثنى على نفسه البتة وكان يحمل أوالد أصحابه بين يديه
ويحتضنهم وكانوا يوسخون مالبسه فى بعض األحيان ولكن أيما مسحة من االستياء لم تكن لتطيف بوجهه
وكان يكره االغتياب ويحظر على زائريه أن يذموا أحدا من أصحابه إذ كان حسن الظن بهم جميعا وكان
يبدأ أصحابه إذا لقيهم بالسالم ويبدأهم بالمصافحة أيضا وكان يناديهم أحيانا بأسماء التحبب تعبيرا عن
مودته لهم
وروى اإلمام أحمد أن رجال سأل ألبى ذر هل كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يصافحكم إذا لقيتموه ؟
قال ما لقيته قط إال صافحنى وبعث إلي يوما ولم أكن فى البيت فلما جئت أخبرت برسول هللا صلى هللا
عليه وسلم فأتيته وهو على سرير فعانقنى فكأنه تلك أجوب وأجود
وعن إبن عمر رضى هللا عنهما أن رجال نادى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ثالثا كل ذلك يرد عليه
لبيك لبيك
وروى البخاري فى األدب عن أسماء أن النبى صلى هللا عليه وسلم مر فى المسجد وجماعة قليلة من
النساء قعود فسلم النبى وأشار بيده اليمنى بالسالم الحديث
وعن أبى برزة رضى هللا عنه أن رجال من المشركين كتب إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بالسالم
فكتب إليه النبى صلى هللا عليه وسلم يرد عليه السالم
34
وعن علي رضى هللا عنه مر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على قوم فيهم رجل متخلق بخلوق أي طلى
جسمه به والخلوق نوع من طيب النساء فنظر إليهم وسلم عليهم وأعرض عن الرجل فقال الرجل
أعرضت عنى فقال بين عينيك جمرة
وعن أنس رضى هللا عنه قال لم يكن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم سبابا وال لماما وال فاحشا وكان يقول
ألحدنا عند المعاتبة ما له ترب جبينه
وعن معاوية بن الحكم رضى هللا عنه قال بينا أنا مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى الصالة إذ عطس
رجل من القوم فقلت يرحمك هللا فحدقنى القوم بأبصارهم فقلت واثكل أماه وما لهم ينظرون إلي فضرب
القوم بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يشيرون إلي السكوت سكت فلما سلم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
من صالته دعانى فبأبى هو وأمى ما رأيت معلما قبله وال بعده أحسن تعليما منه وهللا ما ضربنى وال
سبنى وال نهرنى ولكن قال إن صالتك هذه ال يصلح فيها شىء من كالم الناس إنما هى التسبيح والتكبير
وتالوة القرآن
وعن عمر بن الخطاب رضى هللا عنه أن رجال جاء إلى النبى صلى هللا عليه وسلم فسأله أن يعطيه فقال
النبى صلى هللا عليه وسلم ما عندى شيء ولكن ابتع علي فإذا جاءنى شيء قضيته فقال عمر يا رسول هللا
قد أعطيته فما كلفك هللا ما ال تقدر عليه فكره النبى صلى هللا عليه وسلم قول عمر فقال رجل من األنصار
يا رسول هللا أنفق وال تخف من ذى العرش إقالال فتبسم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعرف فى وجهه
البشر لقول األنصاري ثم قال بهذا أمرت
عن جبير بن نفير قال دخلت على عائشة رضى هللا عنها فسألتها عن خلق رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم
فقالت القرآن وعن جابر بن عبد هللا رضى هللا عنه يقول ما سئل رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم ش‘‘يئا ق‘‘ط
فقال ال
عن أنس بن مالك رضى هللا تعالى عنه قال خدمت النبى صلى هللا عليه وسلم عشر سنين وفى لف==ظ إح==دى
عشرة وأنا إبن ثمان سنين فى السفر والحضر وهللا ما قال لى أف قط وال لشىء ص==نعته لم ص==نعت ه==ذا
وال لشىء لم أصنعه لم لم تصنع هذا وال لشىء صنعته أسأت صنعته وال عاب علي شيئا قط وال أم==رنى
بأمر فتوانيت أو ضيعته فالمنى وال المنى أحد من أهله إال قال دعوه
وعن جرير بن عبد هللا رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ال يرحم هللا من ال يرحم
الناس
عن عائشة رضى هللا عنها قالت استأذن رجل فاحش سيئ الخلق على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأنا
عنده فلما سمع النبى عليه أفضل الصالة والتسليم صوته قال بئس ابن العشيرة أو أخو العشيرة ثم أذن له
فأالن له القول وتطلق فى وجهه وانبسط إليه فلما خرج الرجل قلت يا رسول هللا قلت ما قلت ثم ألنت له
القول وتطلقت فى وجهه ؟ فقال يا عائشة إن من شر الناس من تركه الناس أو ودعه الناس إتقاء فحشه
وفى رواية إتقاء شره قال القرطبي فى هذا الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق أو بالفحش مع جواز
مداراته إتقاء شره
عن أنس رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثالثة أيام سأل
عنه فإن كان غائبا دعا له وإن كان شاهدا زاره وإن كان مريضا عاده
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا أقبل عليه قادم رّحب به وقد قال لعمار لما قدم عليه مرجبا
بالطيب المطيب وإذا سلم عليه مسلم رد التحية بأحسن منها وإذا قدم عليه قادم رّح ب به أجمل ترحيب وإذا
جلس إليه أصحابه يسألهم عن أحوالهم بقوله كيف أنت ؟ كيف أصبحت ؟ فإذا قال بخير أحمد هللا قال له
صلى هللا عليه وسلم جعلك هللا بخير وإذا دخل عليه كريم قوم أو عزيز أكرمه وبسط له رداءه وكساءه وقد
جاءه يوما جرير البجلى وكان المجلس غاصا بأهله من أصحابه فلم يجد مكانا فقعد على الباب فنزع
رسول هللا رداءه وألقاه إليه فأخذه جرير فألقاه على وجهه وجعل يقبله ويبكى ورمى به إلى النبى صلى هللا
35
عليه وسلم وقال ما كنت ألجلس على ثوبك أكرمك هللا كما أكرمتنى فنظر صلى هللا عليه وسلم يمينا
وشماال وقال إذا أتا كم كريم قوم فأكرموه
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال ال بأس أي ال ضرر وال مشّقة عليك
طهور أي مرضك مطّهر لك من ذنوبك إن شاء هللا تعالى اه هذا آداب رسول هللا عند عيادة المريض
وقول لفظ ال بأس ال يزيد المريض إال قوة ونشاطا وشفاء وفرجة فى قلبه ألن المريض ربما ييأس على
شدة مرضه وطوله ويضعف رجاءه فإذا جاء العائد ويقول ما يخوفه وينذره فى مرضه لكان ذلك زيادة
لشدة مرضه وتضييقا لقلبه ألبتة وقول لفظ طهور هو البشرى بغفران الذنوب للمريض حتى فرح قلبه
واطمأن قلبه وزاد شكره واتسع صدره وهذا القول الذى قاله رسول هللا صلى هللا عليه وسلم له سر ومعنى
دقيق نافع للمريض
وعن إبن عمر رضى هللا عنهما أن غالما حج فلما قدم سلم على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فرفع
رأسه إليه وقال يا غالم قبل هللا حجك وغفر ذنبك وأخلف نفقتك
وروى أبو داود عن الشعبى مرسال أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تلقى جعفر بن أبى طالب فعانقه
وقبل ما بين عينيه وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت قدم زيد بن حارثة ورسول هللا صلى هللا عليه
وسلم فى بيتى فأتى زيد وقرع الباب فقام إليه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عريانا يجر ثوبه وهللا ما
رأيته عريانا قبلها وال بعدها فعانقه وقبله اه وهذا الحديث يدل على أنه إذا قدم أحد من أصحابه من سفر
أكرم النبى صلى هللا عليه وسلم له وعانقه وقبله
اعلم أنما كان فى القلوب تظهر عالمته على الوجوه ق‘‘ال إبن عط‘‘اء هللا الس‘‘كندرى فى الحكم العطائي‘‘ة م‘‘ا
أستودع فى غيب السرائر ظهر فى شهادة الظ‘‘واهر وه‘‘ذا ي‘‘دل على أن الظ‘‘اهر م‘‘رآة الب‘‘اطن وم‘‘ا خ‘‘امر
القلوب فعلى الوجوه يلوح أثره فما استودعه هللا القلوب واألس‘‘رار من المع‘‘ارف واألن‘‘وار الب‘‘د أن تظه‘‘ر
آثار ذلك على الجوارح قال أبو حفص رضى هللا عنه حسن أدب الظاهر يدل على حسن أدب الب‘‘اطن فمن
كان ظاهره حسنا فغالب باطنه حسن وبعكسه من كان ظاهره قبيحا فغالب باطنه قبيح فلذلك قال ص‘‘لى هللا
عليه وسلم من كثرت صالته باليل حسن وجهه بالنهار وقال صلى هللا عليه وس‘‘لم إذا س‘‘ألتم الخ‘‘ير اس‘‘ألوا
حسان الوجوه وفى رواية أخرى قال أطلبوا الخير عند حسان الوجوه ولهذا كان من أفضل اإلمام‘‘ة أحس‘‘ن
الناس وجها ونعنى بالحسن حسن الوجه والظاهر دون بي‘‘اض الوج‘‘ه وجمال‘‘ه ألن هللا ال ينظ‘‘ر إلى ص‘‘ور
اإلنسان ولكن ينظر إلى قلوبه وأعماله ولقد فسر المفسرون فى قوله سيماهم فى وجوههم من أث‘‘ر الس‘‘جود
ذلك مثلهم فى التوراة قال عطاء بن أبى رباح والربيع بن أنس استنارت وجوههم من كثرة ما صلوا وق‘‘ال
آخرون هو السمت الحسن والخشوع والتواضع والمعنى أن السجود أورثهم الخشوع والسمت الحسن الذى
يعرفون به وقال ابن عباس إن للحسنة ضياء فى الوجه ونورا فى القلب وسعة فى ال‘‘رزق وق‘‘وة فى الب‘‘دن
ومحبة فى قلوب الخلق وإن للسيئة سوادا فى الوجه وظلم‘ة فى القلب ووهن‘ا فى الب‘دن ونقص‘‘ا فى ال‘رزق
وبغضا فى قلوب الخلق
والوجه المبتسم يطرد كل خلق سيئ يصدر من سوء قلب كحسد وحقد وسوء ظن وبغض وعداوة وتجسس
وظلمات طبع وكراهة نفس وحديث نفس فكل عداوة وتباغض وتحاقد وتحاسد وتدابر بين الناس واألق‘‘ران
واإلخوان يطرد ويذهب سيئها بدوام التبسم فى الوجه فان التبسم أمر س‘‘هل يس‘‘ير يص‘‘لح أم‘‘راض القل‘‘وب
الباطنة وكيفية معاملة من ساء خلقه ومقابلته إنما هى بالتبسم كم‘‘ا يفعل‘‘ه رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
36
على سوء آداب األعرابي له وبدوام التبس‘‘م أيض‘‘ا زال م‘‘ا فى القل‘‘وب مم‘‘ا ذك‘‘ر وبعكس‘‘ه ص‘‘احب الوج‘‘ه
العبوس أسرع أن يصدر فى قلبه الصفات المذمومة كالع‘داوة والتب‘اغض والحق‘د على الغ‘ير والك‘بر على
أمثاله وغيرها والقلوب الزكية الس‘‘ليمة ال تن‘‘ال بك‘‘ثرة العب‘‘ادة كم من كث‘‘ير العب‘‘ادة يمتلئ فى قلب‘‘ه الحس‘‘د
والحقد وسوء الظن بالغير وبعكسه أما بعد
كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أكثر الناس تبسما وأطيبهم نفسا ما لم ينزل عليه قرآن أو يذكر الس‘‘اعة
أو يخطب بخطبة عظة وكان إذا سر ورضى فهو أحسن الن‘اس رض‘‘ا ف‘‘إن وع‘ظ وع‘ظ بج‘د وإن غض‘‘ب
وليس يغضب إال هللا لم يقم لغضبه شيء وكذلك كان فى أموره كلها
عن أبى هريرة رضى هللا عنه عن النبى صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ق‘‘ال إنكم ال تس‘‘عون الن‘‘اس ب‘‘أموالكم ولكن
يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق
عن عبد هللا بن الصامت عن أبى ذر رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال تحق‘‘رن من
المعروف شيئا فإن لم تجد فالين الناس ووجهك إليهم منبسط
عن أحمد بن شيبان الرملي قال اجتمع سفيان الثورى وس‘‘فيان بن عيين‘‘ة وفض‘‘يل بن عي‘‘اض وعب‘‘د هللا بن
المبارك فقال بعضهم لبعض أليس معنى حديث النبى ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم إن حس‘‘ن الخل‘‘ق ليبل‘‘غ درج‘‘ة
الصائم القائم فاتفقوا على ثالث بسط الوجه وبذل المعروف وكف األذى
قال إسحاق بن إبراهيم فى ح‘‘ديث الن‘‘بى ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم فى حس‘‘ن الخل‘‘ق ه‘‘و بس‘‘ط الوج‘‘ه وتجنب
الغصب
عن عبد هللا بن المبارك رضى هللا تعالى عنه أنه وصف حسن الخلق فقال هو بسط الوجه وبذل المع‘‘روف
وكف األذى
وكان رسول هللا أكثر الناس تبسما وضحكا في وجوه أص‘‘حابه وتعجب‘‘ا مم‘‘ا تح‘‘دثوا ب‘‘ه وخلط‘‘ا لنفس‘‘ه بهم
ولربما ضحك حتى تبدو نواجذه
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يحب أصحابه حبا جما وكان إذا ما ص‘‘افح أح‘‘دا منهم لم يس‘‘حب ي‘‘ده
إال بعد ان يسحبها صاحبه وكان ال يلقى الناس إال بوجه باسم وفى رواية عن جرير بن عب‘‘د هللا ان‘‘ه لم ي‘‘ر
النبى صلى هللا عليه وس‘‘لم إال وعلى وجه‘‘ه ابتس‘‘امة وك‘‘ان فى بعض الأحي‘‘ان يم‘‘ازح أص‘‘حابه وي‘‘داعبهم
مداعبات بريئة وكان يتحدث اليهم تاركا نفسه على سجّيتها غير مصطنع أيما تحف‘‘ظ ق‘‘د يوق‘‘ع فى نفوس‘‘هم
أنه أسمى منهم مقاما
وروى اإلمام أحمد عن أّم الدرداء رضي هللا تعالى عنها قالت ك‘ان أب‘و ال‘درداء رض‘ى هللا تع‘الى عن‘ه ال
يحدث بحديث إال تبسم فيه فقلت إنى أخشى أن يحمقك الناس فقال كان رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ال
يحدث بحديث إال تبسم فى حديثه
وعن أبى الدرداء رضى هللا تعالى عنه قال ما رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يتحدث حديثا إال وهو
يتبسم فى حديثه
عن عبد هللا بن الحارث بن جزء أنه قال ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وعن علي رضى هللا تعالى عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا تبسم وضع يده على فيه وفى
لفظ إذا جرى به الضحك وضع يده على فيه ويقول سمعت جبريل عليه السالم يقول ما ضحكت منذ خلقت
جهنم قال فما رأيت نواجذ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من ضحك بعد ذلك حتى قبضه هللا عز وجل
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أكرم الخلق وأتقاهم وكان أوسعهم خلقًا وأكثرهم بشرًا وتبسمًا
وانبساطًا
وعن عبي‘‘د بن عم‘‘ير رض‘‘ى هللا عن‘‘ه ق‘‘ال كنت عن‘‘د عائش‘‘ة رض ‘ى هللا عنه‘‘ا ونحن ن‘‘ذكر حمى المدين‘‘ة
وانتقالها إلى مهيعة ونضحك ثم صرنا إلى حديث بري‘‘رة ومس‘‘كنها إذ افتتح علين‘‘ا عب‘‘د هللا بن عم‘‘رو فلم‘‘ا
37
رأيناه أكثرنا وقال دعنا من باطلكما قالت عائشة سبحان هللا ألم تسمع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يق‘‘ول
إنى ألمزح وال أقول إال حقا
وعن عمرة بنت عبد الرحمن قالت قلت لعائشة رضى هللا عنها كيف كان رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
إذا خال ؟ قالت كان صلى هللا عليه وسلم أبر الناس وأكرم الناس ضحاكا بساما
وعن جرير رضى هللا تعالى عنه قال ما حجبنى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم منذ أس‘‘لمت وال رآنى ق‘‘ط
إال تبسم فى وجهى وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يدخل من هذا الباب رج‘‘ل من خ‘‘ير ذى يمن على
وجهه مسحة ملك أي أثر ظاهر للسرور والفرح فدخل جرير
وكان وجه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مشرقا بساما فإذا غضب يكون ألوانا فكانت تلك األلوان حائلة
دون اإلشراق والطالقة والضياء المنتشر عند تبسمه وقد روى أنه كان يسطع على الجدر نور من ثغره
إذا تبسم وقال تكلم كما فى الشمائل للترمذي
كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذاجرى به الضحك وضع يده على فيه أى ألن اليبدو ش‘‘يئ من ب‘‘اطن
فمه ولئال يقهقه وهذا كان نادرا .وكان صلى هللا عليه وسلم من أضحك الناس وأطيبهم نفسا
عن عبيد هللا بن المغيرة رضى هللا عنه قال سمعت عبد هللا بن الحارث بن جزء يقول ما رأيت أح‘‘دا أك‘‘ثر
مزاحا من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وال أكثر تبسما منه وإن كان ليسنو أهل الصبي إلى مزاحه
وروى ابن عدي وأب‘و بك‘ر الش‘افعي عن حمي‘د الطوي‘ل عن أبى ال‘ورد رض‘ى هللا تع‘الى عن‘ه ق‘ال رآنى
رسول هللا صلى هللا عليه وسّلم ف‘‘رآنى رجال أحم‘‘ر فق‘‘ال أنت أب‘‘و ال‘‘ورد وفى وقت ق‘‘ال لخادم‘‘ه أنس ابن
مالك يمازحه يا ذا األذنين
عن ابن عباس رضى هللا عنه أن رجال سأله أكان النبى صلى هللا عليه وسلم يمزح ؟ فقال كان النبى صلى
هللا عليه وسلم يمزح
عن أنس رضى هللا تعالى عنه أن رجال أتى النبى صلى هللا عليه وسلم فقال احملنى فقال إنا ح‘‘املوك على
ولد الناقة قال الشيخ وما أصنع بولد الناقة فقال وهل تلد اإلبل إال النوق ؟
عن أسامة بن زيد عن سعيد المقبري عن أبى هريرة رض‘ى هللا تع‘الى عن‘ه ق‘ال ق‘الوا ي‘ا رس‘ول هللا إن‘ك
تداعبنا فقال نعم غير أنى ال أقول إال حقا
قال الحارث بن ج‘‘زء الزبي‘‘دي ص‘‘احب رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يعجب‘‘نى من الق‘‘راء ك‘‘ل طلي‘‘ق
مضحاك
عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت قلت لعائشة رضى هللا عنها كيف كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا
خال ؟ قالت كان أبر الناس وأكرم الناس ضحاكا بساما صلى هللا عليه وسلم
عن عبيد هللا بن المغيرة رضى هللا عنه قال سمعت عبد هللا بن الحارث بن جزء يقول ما رأيت أح‘‘دا أك‘‘ثر
تبسما من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
عن حصين بن يزيد الكلبي رضى هللا عنه قال م‘ا رأيت الن‘بى ص‘لى هللا علي‘ه وس‘لم ض‘احكا م‘ا ك‘ان إال
التبسم قال الحافظ ابن حجر والذى يظهر من مجموع األح‘اديث أن‘ه ص‘‘لى هللا علي‘ه وس‘لم ك‘ان فى معظم
أحواله ال يزيد على التبسم وربما زاد على ذلك فضحك قال ابن بطال والذى ينبغى أن يقتدى به من أفعال‘‘ه
ما واظب عليه من ذلك
عن عبد هللا بن كعب رضى هللا عنه عن أبيه قال كان الن‘بى ص‘لى هللا علي‘ه وس‘لم إذا س‘ره األم‘ر اس‘تنار
وجهه استنارة القمر
عن الحسن بن علي رضى هللا عنه قال سألت خالي هندا عن صفة النبى صلى هللا عليه وسلم فقال ك‘‘ان إذا
غضب أعرض وأشاح وإذا فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم يفتر عن مثل حبة الغمام
38
عن جابر بن سمرة رضى هللا عنه قال قلت له أكنت تجالس رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ؟ قال نعم ك‘‘ان
طويل الصمت وكان أصحابه يتناشدون الشعر عنده ويذكرون أشياء من أمر الجاهلي‘ة ويض‘حكون فيتبس‘م
معهم إذا ضحكوا
عن أبى هريرة رضى هللا عنه قال خرج الن‘‘بى ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم على ره‘‘ط من أص‘‘حابه يض‘‘حكون
ويتحدثون فقال والذى نفسى بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليال ولبكيتم كث‘‘يرا ثم انص‘‘رف وأبكى الق‘‘وم
وأوحى هللا سبحانه وتعالى إليه يا محمد لم تقنط عبادى ؟ فرجع النبى صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم فق‘‘ال أبش‘‘روا
وسددوا وقاربوا
عن أبى مالك األشجعي عن أبيه قال كنا نجالس النبى ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم فم‘‘ا رأيت أط‘‘ول ص‘‘متا من‘‘ه
وكانوا إذا أكثروا عليه تبسم
عن أنس رضى هللا تعالى عنه قال أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يخرج على أصحابه من
المهاجرين واألنصار وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر فال يرفع أحد منهم إليه بصره إال أبو بكر وعمر
فإنهما كان ينظران إليه وينظر إليهما ويتبسمان إليه ويتبسم لهما
وعن أنس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إضطجع على بساط من جلد فعرق فقامت أم
سليم فصنعته فجعلته فى قارورة فرآه النبى صلى هللا عليه وسلم فقال ما هذا الذى تصنعين يا أم سليم ؟
قالت أجعل عرقك فى طيبى فضحك رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وعن ابن عباس رضى هللا تعالى عنهما قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا تكلم يرى كالنور من
بين ثناياه
عن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه أن رجال أتى النبى صلى هللا عليه وسلم يسأله فق‘‘ال م‘‘ا عن‘‘دى ش‘‘يء
ولكن ابتع علي فإذا جاءنا شيء قضيناه قال عمر رضى هللا عنه فقلت يا رسول هللا ما كلفك هللا ما ال تق‘‘در
عليه فكره النبى صلى هللا عليه وسلم فقال رجل من األنصار يا رسول هللا أنفق وال تخ‘‘ف من ذى الع‘‘رش
إقالال فتبسم النبى صلى هللا عليه وسلم وعرف السرور فى وجهه وقال بهذا أمرت
وقال أبو هريرة رضى هللا عنه ما رأيت شيئا أحسن من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كأن الشمس
تجرى فى وجهه وإذا ضحك يتألأل فى الجدر أى يشرق نوره عليه إشراقا كإشراق الشمس عليها
وعن ابن أبى الورد عن أبيه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رآه وقد إحمر وجهه فقال أنت أبو الورد
وعن زيد بن أسلم مرسال أن إمرأة إسمها أم أيمن جاءت النبى صلى هللا عليه وسلم فقالت إن زوجى
يدعوك قال من هو ؟ أهو الذى بعينيه بياض فقالت أي يا رسول هللا ؟ وهللا ما بعينيه بياض فقال رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم بل إن بعينيه بياضا فقالت ال وهللا فقال النبى صلى هللا عليه وسلم وهل من أحد إال
وبعينيه بياض
وجاءته إمرأة أخرى فقالت يا رسول هللا إحملنى على بعير فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم احملوها
على إبن بعير فقالت ما أصنع به وما يحملنى يا رسول هللا ؟ فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم هل
يجىء بعير إال إبن بعير ؟ وكان مزح معها
وعن سفينة رضى هللا عنه قال كنا مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى سفر وكان إذا أعيى أي تعب
وعجز بعض القوم ألقى على سيفه ألقى على ترسه حتى حملت من ذلك شيئا كثيرا فقال رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم أنت سفينة
وعن أنس رضى هللا عنه أن عجوزا دخلت على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فسألته عن شىء فقال لها
ومازحها ال يدخل الجنة عجوز وحضرت الصالة فخرج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إلى الصالة
وبكت بكاء شديدا حتى رجع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقالت عائشة يا رسول هللا إن هذه المرأة تبكى
لما قلت لها ال يدخل الجنة عجوز فضحك وقال أجل ال يدخل الجنة عجوز ولكن هللا تعالى قال إنا
أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا
39
وذكر فى كتاب وصية المصطفى قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لعلي كرم هللا وجهه يا علي كن
بشاشا فان هللا يحب البشاشين ويبغض العبوس الكريه الوجه
فائدة
األول ذكر فى التوراة أن من أسمائه صلى هللا عليه وسلم الضحوك عن ابن عباس رضى هللا عنهما قال
اسمه فى التوراة أحمد الضحوك وإنما سمي الضحوك ألنه صلى هللا عليه وسلم كان أكثر الناس تبسما
وضحكا وليس إنسان أكثر تبسما وضحكا فى ذلك الوقت من رسول هللا ال يحدث حديثا وال يلقى أحدا وال
يواجه شخصا إال وهو يتبسم وال يختص ذلك بمن يحسن إليه بل بجفاة العرب وأجالف أهل البوادي أيضا
يصبر على أذاهم ويعفو عما يؤذيه وال يعامله أحد ذا ضجر وال قلق وال جفاء إال كان لطيفا فى المنطق
رفيقا فى المساءالت وأما التبسم فهو البشاشة وسمي صلى هللا عليه وسلم به ألنه كان يلقى الناس بالبشر
وطالقة الوجه من حسن العشرة
الثانى قال أبو الحسن بن الضحاك رحمه هللا تعالى وقد صحت األخبار بضحك رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم حتى تبدو نواجذه وثبت أيضا أنه صلى هللا عليه وسلم كان ال يضحك إال تبسما ويمكن الجمع بينهما
بأن يقال إن التبسم كان األغلب عليه فيمكن أن يكون الناقل عنه قد رأى أنه كان ال يضحك إال متبسما وهو
لم ير ولم يشاهد من النبى صلى هللا عليه وسلم غير ما أخبر عنه ويكون من روى أنه ضحك حتى بدت
نواجذه قد رأى وشاهد ذلك فى وقت فال اختالف بينهما الختالف المواطن واألوقات ويمكن أن يكون فى
ابتداء أمره كان يضحك حتى تبدو نواجذه فى األوقات النادرة وكان آخر أمره ال يضحك إال متبسما وقد
وردت أحاديث تدل على ذلك ومن ذلك رواية عن علي رضى هللا تعالى عنه أنه قال كان رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم إذا تبسم وضع يده على فيه ويقول سمعت جبريل عليه السالم يقول ما ضحكت منذ خلقت
جهنم قال فما رأيت نواجذ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من ضحك بعد ذلك حتى قبضه هللا عز وجل
ويمكن أن يكون من روى عنه يشاهد أنه كان ال يضحك إال متبسما وقد يشاهد ضحكه حتى بدت نواجذه
نادرا فأخبر عن األكثر واختلف أهل اللغة فى لفظ النواجذ ما هى ؟ فقال جماعة إن النواجذ أقصى
األضراس من الفم موضعا
الثالث قال الجاحظ العبوس هو التقطيب عند اللقاء بقلة التبسم وإظهار الكراهية وهذا الخلق مرّك ب من
الكبر وغلظ الطبع فإن قلة البشاشة هى استهانة بالناس واالستهانة بالناس تكون من اإلعجاب والكبر وقال
الراغب العبوس هو قطوب الوجه من ضيق الصدر وقلة التبسم عند لقاء اإلخوان خاصة تكون من غلظ
الطبع وهذا الخلق مستقبح وخاصة بالرؤساء واألفاضل
الرابع أنه صلى هللا عليه وسلم لطيف لخادمه ويتبين ذلك من إمساكه بقفا أنس بن مالك رضى هللا عنه
وهذا منتهى التلطف قال أنس فإذا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائى ومما يدل
على لطفه لخادمه ضحكه صلى هللا عليه وسلم ألنس فى حالة كان من الغالب أن يكون فيها فى أشد حالة
الغضب ألن الخادم لم يذهب لقضاء حاجته ولم يكن يمنعه من الذهاب عارض من مرض أو غيره ولكن
يلعب مع الصبيان فى السوق قال أنس فنظرت إليه وهو يضحك وفى تلك الحالة لم يكن غاضب ومن دليل
لطفه نداؤه صلى هللا عليه وسلم ألنس بالتصغير إلدخال السرور عليه ولضمان عدم ترويعه فقال يا أنيس
أذهبت حيث أمرتك ؟
41
وكان صلى هللا عليه وسلم يعطى العباس من الذهب ما لم يطق حمله وحمل إليه تسعون ألف درهم
فوضعت على حصير ثم قام إليها فقسمها فما رد سائال حتى فرغ منها وجاءه رجل فسأله فقال ما عندى
شيئ ولكن ابتع علي فإذا جاءنا شيئ قضيناه فقال له عمر ما كلفك هللا ما ال تقدر عليه فكره النبى صلى هللا
عليه وسلم ذلك فقال رجل من األنصار يا رسول هللا أنفق وال تخش من ذى العرش إقالال فتبسم صلى هللا
عليه وسلم وعرف البشر فى وجهه وقال بهذا أمرت
وكان صلى هللا عليه وسلم قد أوتى خزائن األرض ومفاتيح البالد وأحلت له الغنائم ولم تحل لنبى قبله
وفتح عليه فى حياته صلى هللا عليه وسلم بالد الحجاز واليمن وجميع جزيرة العرب وما دانى ذلك من
الشام والعراق وجلبت إليه من أخماسها وجزيتها وصدقاتها ماال يجبى للملوك إال بعضه وهادته جماعة
من ملوك األقاليم فما استأثر بشيء منه وال أمسك منه درهما بل صرفه مصارفه وأغنى به غيره وقوى به
المسلمين وقال ما يسرنى أن لى أحدا ذهبا يبيت عندى منه دينار إال دينار أرصده لدين
وأتته دنانير مرة فقسمها وبقيت منها ستة فدفعها لبعض نساءه فلم يأخذه نوم حتى قام وقسمها وقال اآلن
استرحت ومات ودرعه مرهونة فى نفقة عياله واقتصر من نفقته وملبسه ومسكنه على ما تدعوه
ضرورته إليه وزهد فيما سواه فكان يلبس ما وجده فيلبس فى الغالب الشملة والكساء الخشن والبرد الغليظ
ويقسم على من حضره أقبية الديباج المنسوجة بالذهب ويرفع لمن لم يحضر
وعن سهل بن سعد الساعدي رضى هللا عنه قال حاك شخص لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم جبة أي
بردة من صوف يلبسها األعراب من صوف أسود وكانت حاشيتها بيضاء وقام فيها إلى أصحابه فما
أعجب بثوب ما أعجب به فجعل يمسه بيده ويضرب بيده إلى فخذه فقال أال ترون إلى هذه ما أحسنها فقال
أعرابي يا رسول هللا بأبى أنت وأمى هبها لى وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال يسأل شيئا فيقول ال
فقال نعم فخلعها فأعطاه الجبة
وعن عبد هللا بن عمر رضى هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال لو أن لى مثل جبال تهامة
تهامة إسم يطلق على مكة ولذلك قيل للنبى صلى هللا عليه وسلم تهامي ألنه منها ذهبا لقسمته بينكم ثم ال
تجدونى كذوبا وال بخيال
عن عائشة رضى هللا تعالى قالت إنما كانت فراش رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الذى ينام عليه أدما
حشوه ليف
وعن عمر بن الخطاب رضى هللا عنه قال قسم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قسما ألناس فقلت يا رسول
هللا لغير هؤالء أحق بهذا القسم فقال إنهم خيرونى أن يسألونى بالفحش أو يبخلونى ولست ببخيل
وعن أنس بن مالك رضى هللا عنه أن الناس سألوا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عام حنين فأعطاهم من
البقر والغنم واإلبل حتى لم يبق من ذلك شىء فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ماذا تريدون ؟
أتريدون أن تبخلونى ؟ فوهللا ما أنا ببخيل وال جبان وال كذوب فجذبوا ثوبه حتى بدت رقبته فكأنما أنظر
شقة القمر من بياضه
عن عائشة رضى هللا تعالى عنها دخلت علي إمرأة من األنصار فرأت فراش رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم قطيفة مثنية فبعثت إلي بفراش حشوه الصوف فدخل علي النبى صلى هللا عليه وسلم فقال ما هذا يا
عائشة قلت يا رسول هللا فالنة األنصارية دخلت فرأت فراشك فبعثت إلي بهذا فقال رديه يا عائشة قالت
فلم أرده وقد أعجبنى أن يكون ذلك فى بيتى حتى قال ذلك مرات فقال رديه يا عائشة فوهللا لو شئت
ألجرى هللا معى جبال الذهب والفضة
وعن إسماعيل بن أمية قال صنعت عائشة لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم فراشين فأبى أن يضطجع على
واحد
وعن ابن مسعود وأبى الدرداء أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ما أوحى هللا إلي أن أجمع المال
وأكون من التاجرين ولكن أوحى إلي أن فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
42
وفى حديث بريدة أن سلمان جاء بمائدة بط وفى رواية بمائدة بسط محرفة وفى رواية بلحم جزور مثرود
وفى رواية برطب فوضعها بين يدي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال ما هذا يا سلمان ؟ قال صدقة
عليك وعلى أصحابك قال إرفعها فإنا ال نأكل الصدقة وجاءه من الغد بمثله فوضعه بين يديه فقال ما هذا يا
سلمان ؟ قال هدية لك فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ألصحابه انشطوا
عن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه أن رجال أتى النبى صلى هللا عليه وسلم يسأله فقال ما عندى شيء
ولكن ابتع علي فإذا جاءنا شيء قضيناه قال عمر رضى هللا عنه فقلت يا رسول هللا ما كلفك هللا ما ال تقدر
عليه فكره النبى صلى هللا عليه وسلم فقال رجل من األنصار يا رسول هللا أنفق وال تخف من ذى العرش
إقالال فتبسم النبى صلى هللا عليه وسلم وعرف السرور فى وجهه وقال بهذا أمرت
عن عبد هللا بن مسعود رضى هللا تعالى عنه قال دخلت على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو فى
غرفة كأنها بيت حمام وهو نائم على حصير قد أثر بجنبه فبكيت فقال ما يبكيك يا عبد هللا قلت يا رسول
هللا كسرى وقيصر يطئون على الخز والديباج والحرير وأنت نائم على هذا الحصير قد أثر فى جنبك فقال
ال تبك يا عبد هللا فان لهم الدنيا ولنا اآلخرة وفى رواية لعمر رضى هللا عنه قال صلى هللا عليه وسلم أولئك
قوم عجلت لهم طيباتهم فى الدنيا وهى وشيكة اإلنقطاع وإنا قوم أخرت لنا طيباتنا فى آخرتنا
وعن عمر بن الخطاب رضى هللا عنه قال دخلت على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فإذا هو متكئ على
حصير منسوج قد أثر فى جنبه فرفعت رأسى فى البيت فوهللا ما رأيت فيه شيئا يرد البصر إال أهب أي
جلود ثالثة معلقة وصبرة أي قبضة من طعام من شعير فهملت عينا عمر فقال ما لك ؟ فقلت يا رسول هللا
أنت صفوة هللا من خلقه وكسرى وقيصر فيما هما فيه ؟ فجلس محمرا وجهه فقال أفى شك أنت يا إبن
الخطاب ؟ ثم قال أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى حياتهم الدنيا أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا
اآلخرة ؟ قلت بلى يا رسول هللا فأحمد هللا عز وجل
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عرض علي ربى بطحاء البطحاء
مسيل ماء النهر الواسع فيه الحصى وبطحاء مكة مسيل واديها مكة ذهبا فقلت ال يا رب ولكنى أجوع
يوما وأشبع يوما فإذا شبعت حمدتك وشكرتك وإذا جعت تضرعت إليك ودعوتك
وعن ابن عباس رضى هللا عنهما قال إلتفت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إلى أحد فقال والذى نفسى بيده
ما يسرنى أن أحدا يحول آلل محمد ذهبا أنفقه فى سبيل هللا أموت يوم أموت ما أدع منه دينارين إال
دينارين أعدهما لدين إن كان قال إبن عباس فمات رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وما ترك دينارا وال
درهما وال عبدا وال وليدة وكان درعه مرهونة عند رجل من اليهود بثالثين صاعا من شعير كان يأكل
منها ويطعم عياله
وعن أنس رضى هللا عنه قال رأى أبو طلحة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مضطجعا فى المسجد يتقلب
على ظهر لبطن وأظنه جائعا وذكر الحديث
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت ما أعجب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بشىء من الدنيا وال أعجبه
شىء من أمر الدنيا إال أن يكون ذا تقى
وعن عطاء بن يسار رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أتتنى الدنيا خضرة حلوة
ورفعت إلى رأسها وتزينت لى فقلت لها إنى ال أريدك ال حاجة لى فيك فقالت إنك إن نلت منى لم يلتفت
منى غيرك وعن عطاء بن يسار أيضا قال تعرضت الدنيا للنبى صلى هللا عليه وسلم فقال إنى لست أريدك
قالت إن لم تردنى فسيريدنى غيرك
وعن أبى سعيد رضى هللا عنه قال أحبوا المساكين فإنى سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول اللهم
أحينى مسكينا وأمتنى مسكينا واحشرنى فى زمرة المساكين وعن أبى سعيد أيضا قال يا أيها الناس ال
يحملنكم العسر على طلب الرزق من غير حله فإنى سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول اللهم
43
توفنى فقيرا وال توفنى غنيا واحشرنى فى زمرة المساكين فإن أشقى األشقياء من إجتمع عليه فقر الدنيا
وعذاب اآلخرة
عن عائشة رضى هللا تعالى عنها قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يا عائشة إن الدنيا ال تنبغى لمحمد
وال آلل محمد يا عائشة إن هللا تعالى لم يرض من أولى العزم من الرسل إال بالصبر على مكروهها
والصبر على محبوبها ثم لم يرض منى إال أن يكلفنى ما كلفهم فقال فاصبر كما صبر أولو العزم من
الرسل وهللا ألصبرن جهدى وال قوة إال باهلل
وعن أنس بن مالك رضى هللا عنه أن مالكا ذا يزن أهدى لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم حلة أخذها
بثالثة وثالثين ناقة فقبلها
وعن يزيد بن عياض رضى هللا عنه قال أهدى حكيم بن حزام رضى هللا تعالى عنه لرسول هللا صلى هللا
عليه وسلم فى الهدنة التى كانت بين رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وبين قريش حلة ذى يزن إشتراها
بثالثمائة دينار فردها عليه وقال إنى ال أقبل هدية مشرك فباعها حكيم فأمر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
من إشتراها له فلبسها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وعن أنس رضى هللا عنه أن ملك الروم أهدى لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم جبة من سندس منسوجا
فيها الذهب فلبسها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فعجب الناس منها فقال أتعجبون من هذه ؟ فوالذى
نفسى بيده لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن منها وأهداها إلى عمر رضى هللا عنه فقال يا رسول هللا
أتكرهها وألبسها فقال يا عمر إنما أرسلت بها لتبيعها فباعه عمر رضى هللا عنه بألفي درهم وذلك قبل أن
ينهى عن الحرير
وعن حسن بن خارجة األشجعى رضى هللا عنه قال قدمت المدينة فى خيل جلب أي يجلب للسرعة أبيعه
فأتى بى النبى صلى هللا عليه وسلم فقال أجعل لك عشرين صاعا من تمر على أن تدل أصحابى على
طريق خيبر ففعلت فلما قدم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خيبر وفتحها جئت فأعطانى العشرين ثم
أسلمت
وروى إبن قانع عن داود بن داود أن قيصر أهدى لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم جبة من سندس
فاستشار أبا بكر وعمر رضى هللا عنهما فقاال يا رسول هللا نرى أن تلبسها يكبت هللا بها عدوك ويسر
المسلمين فلبسها وصعد المنبر فخطب وكان جميال يتألأل وجهه فيها ثم نزل فخلعها فلما قدم عليه جعفر
وهبها له
وعن أنس رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أال أخبركم عن األجود ؟ هللا األجود وأنا
أجود ولد آدم وأجودهم من بعدى رجل تعلم علما فنشر علمه يبعث يوم القيامة أمة وحده ورجل جاهد فى
سبيل هللا حتى يقتل
وذكر فى كتاب وصية المصطفى قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لعلي كرم هللا وجهه يا علي ان
أولياء هللا لم ينالوا سعة رحمة هللا ورضوا به بكثرة العبادة ولكن نالوها بسخاوة النفس واالستهانة بالدنيا
فائدة
قال الحافظ ابن حجر العسقالنى قوله عليه الصالة والسالم ما قال ال ليس المراد يعطى ما طلب منه جزما
بل المراد أنه ال ينطق بالرد بال إن كان عنده أعطاه إن كان إال إعطاء سابغا وإال سكت ويؤيده الحديث
المذكور لفظه إذا سئل فأراد أن يفعل قال نعم وإن لم يرد أن يفعل سكت وقال الشيخ عز الدين بن عبد
السالم لم يقل ال منعا لإلعطاء
وقد نقلت من كتاب سبل الهدى والرشاد كان فرسه صلى هللا عليه كثيرة وعدده المتفق فيه سبعة والمختلف
فيه تسعة عشر فرسا ولكل أسمائها ولم أذكرها هنا وكان بغاله صلى هللا عليه وسلم سبعا وحميره أربعا
ولكل منهما أسماء خاصة وكانت لقاحه صلى هللا عليه وسلم عشرين لقحة وكانت منائح رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم من الغنم عشرا ولم أذكر أسمائها وأما البقر فلم ينقل أن النبى صلى هللا عليه وسلم ملك منها
44
شيئا وقد ورد أنه صلى هللا عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر فيحتمل أن يكون إشتراها حين إرادة
األضحية وكانت سيوفه صلى هللا عليه وسلم أحد عشر سيفا وكانت رماحه خمسة وحرابه خمسة ودروعه
سبعا
فكما ذكرت حلم النبى وصبره ولطفه ودوام بشره وتواضعه البد من أن أذكر شجاعته وجرأته وش‘‘دته كى
ال يمي‘‘ل وال يع‘‘وج إلى اليمين أو الش‘‘مال وال إلى العل‘‘و أوالس‘‘فلى وال إلى ال‘‘ذل أو الع‘‘ز ألن رس‘‘ول هللا
متوسط بين اللطف والشدة ويضعهما على مكانهم‘‘ا وخ‘‘ير األم‘‘ور أوس‘‘اطها ق‘‘ال الش‘‘افعي أظلم الظ‘‘المين
لنفسه من تواضع لمن ال يكرمه ورغب فى مودة من ال ينفع‘‘ه وقب‘‘ل م‘‘دح من ال يعرف‘‘ه واعلم أن األنبي‘‘اء
أشجع الناس ورسول هللا منهم فهو إذا مثلهم أشجع الناس بل هو أشجع األنبياء ألنه أرسل إلى الن‘‘اس كاف‘‘ة
وقد كان األنبياء قبله يرسلون إلى أقوامهم خاصة وذكرت هنا األحاديث التى تدل على ش‘‘جاعته ص‘‘لى هللا
عليه وسلم .
قال هللا سبحانه وتعالى فقاتل فى سبيل هللا ال تكلف إال نفسك وح‘رض المؤم‘نين إس‘تنبط بعض الس‘لف من
اآلية أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مأمور أن ال يفر من المشركين إذا واجهوه ولو كان وحده
وروى ابن سعد عن محمد بن الحنفية رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أشجع الن‘‘اس
وقال فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قبل الصوت فتلقاهم رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم راجع‘‘ا
وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس ألبى طلحة عرى فى عنقه سيف وهو يق‘‘ول لم تراع‘‘وا لم تراع‘‘وا
ما وجدت من شىء
عن علي رضي هللا عنه قال كنا إذا حمى البأس ولقى القوم القوم إتقينا برسول هللا صلى هللا عليه وسلم فما
يكون منا أحد أدنى من القوم منه
عن أنس رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس وأسمح الناس
عن أنس رض‘‘ى هللا عن‘‘ه أن رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ق‘‘ال فض‘‘لت على الن‘‘اس ب‘‘أربع بالس‘‘ماحة
والشجاعة وكثرة الجماع وشدة البطش
عن علي رضي هللا عنه قال لما كنا يوم بدر إتقينا المشركين برسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم وك‘‘ان أش‘‘د
الناس بأسا يومئذ وما كان أحد أقرب من المشركين منه
وعن البراء بن عازب رضى هللا عنه قال كنا إذا إشتد البأس وحمى الوطيس إس‘‘تقبلنا الق‘‘وم بوج‘‘ه رس‘‘ول
هللا صلى هللا عليه وسلم وإن الشجاع منا ليحاذى الذى يحاذى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وروى الطبرانى عن علي رضى هللا عنه لما سئل عن موقف رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يوم بدر ق‘‘ال
كان أشدنا من حاذى ركبته صلى هللا عليه وسلم
عن أبى جعفر رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم شديد البطش
وعن عمران بن حصين رضى هللا عنه قال م‘‘ا لقى رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم جماع‘ة عظيم‘‘ة من
الجيش إال كان أول من يضرب
عن البراء رضى هللا عنه قال رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يوم الخندق ينق‘‘ل ال‘‘تراب ح‘‘تى وارى
الغبار شعر صدره ورأيت النبي صلى هللا عليه وسلم يرتجز يوم الخندق وهم يحفرونه وه‘‘و ينق‘‘ل ال‘‘تراب
حتى وارى جلدة بطنه
45
وفى صحيح البخارى ومسلم عن علي رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال يوم األح‘‘زاب مال
هللا قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصالة الوسطى
روى في الصحيحين من طرق أنه صلى هللا عليه وسلم دعا على الذين قتلوا الق‘‘راء رض‘‘ي هللا عنهم وأدام
الدعاء عليهم شهرا يقول اللهم العن رعال وذكوان وعصية
عن سعد بن عياض الثمالي رض‘‘ى هللا عن‘‘ه ق‘‘ال ك‘‘ان رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم قلي‘‘ل الكالم قلي‘‘ل
الحديث فلما أمر بالقتال تشمر وكان من أشد الناس بأسا
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من أشجع الناس وأسمح الناس
عن البراء رضى هللا عنه قال لما غشيه المشركون نزل فجعل يقول أنا النبي ال كذب أن‘‘ا ابن عب‘‘د المطلب
فما رؤي فى الناس يومئذ أحد أشد من النبي صلى هللا عليه وسلم
وقد صارع النبى جماعة منهم أبو األسود الجمحى وكان شديدا بلغ من شدته أنه كان يقف على جلد البق‘‘رة
ويتجاذب أطرافه عشرة لينزعوه من تحت قدميه فيتفرى الجلد أى ينشق ولم يتزحزح عنه ف‘‘دنا رس‘‘ول هللا
صلى هللا عليه وسلم إلى المصارعة وقال إن صرعتنى آمنت بك فصرعه رسول هللا فلم يؤمن
عن ابن إسحاق وغيره أنه كان بمكة رجل شديد القوة يحسن الصراع وكان الناس يأتونه من البالد
للمصارعة فيصرعهم فبينما هو ذات يوم فى شعب من شعاب مكة إذ لقيه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
فقال له يا ركانة أال تتقى هللا وتقبل ما أدعوك إليه ؟ فقال له يا محمد هل من شاهد يدل على صدقك ؟
فقال أرأيتك إن صرعتك أتؤمن باهلل ورسوله ؟ قال نعم يا محمد فقال النبى له تهيأ للمصارعة فقال تهيأت
فدنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فأخذه ثم صرعه قال أى الراوى فتعجب ركانة من ذلك ثم سأله اإلقالة
والعود ففعل به ثانيا وثالثا فوقف ركانة متعجبا وقال إن شأنك لعجيب
قد صارع النبى جماعة غير ركانة منهم أبو األسود الجمحى وكان شديدا بلغ من شدته أنه كان يقف على
جلد البقرة ويتجاذب أطرافه عشرة لينزعوه من تحت قدميه فيتفرى الجلد أى ينشق ولم يتزحزح عنه فدنا
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إلى المصارعة وقال إن صرعتنى آمنت بك فصرعه رسول هللا فلم يؤمن
عن أنس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال فضلت على الناس بأربع بالسماحة
والشجاعة وكثرة الجماع وشدة البطش وقال أنس كان صلى هللا عليه وسلم يدور على نسائه فى الساعة
الواحدة من الليل وهن إحدى عشرة قال قتادة قلت ألنس أو كان يطيقه؟ قال كنا نتحدث أنه أعطى قوة
ثالثين وعن طاوس ومجاهد أعطى صلى هللا عليه وسلم قوة أربعين رجال فى الجماع رواه أبو سعيد وفى
رواية عن مجاهد قوة بضع وأربعين رجال كل رجل من أهل الجنة وعند أحمد وغيره من حديث زيد بن
أرقم رفعه إن الرجل من أهل الجنة ليعطى قوة مائة فى األكل والشرب والجماع والشهوة
وعن جابر رضى هللا عنه قال إنا كنا يوم الخندق نحفر فعرضت صخرة شديدة فجاؤوا النبى صلى هللا
عليه وسلم فقالوا هذه صخرة عرضت فى الخندق فقال أنا نازل ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثالثة
أيام ال نذوق ذواقا فأخذ النبى المعول فضرب فى الصخرة فعاد كثيبا أهيل وفى روايات أخرى أنهم لم
يذهبوا للنبى اال بعد أن عجزوا عن إزالتها وتكسرت فيها معاولهم وأبانت تلك الروايات أيضا أن
الضربات التى كانت منه صلى هللا عليه وسلم فى تلك الصخرة ثالثا فقط وهذه قوته وهو معصوب البطن
من الجوع ومضى عليه ثالثة أيام لم يذق طعاما
46
وذكر فى الحديث من تواضع فهو فى نفسه صغير وفى أعين الناس كب‘‘ير ومن تك‘‘بر فه‘‘و فى نفس‘‘ه كب‘‘ير
وفى أعين الناس صغير وهذا يدل على أن التواضع يجعل صاحبه كريما محترما عن‘‘د الن‘‘اس فمن أراد أن
يكرمه ويحترمه ويعظمه غيره فالبد له من الخضوع والتواضع وهذا س‘‘بب إلك‘‘رام الص‘‘حابة واح‘‘ترامهم
لرسول هللا احتراما ش‘‘ديدا ح‘‘تى تقب‘‘ل دعوت‘‘ه على األع‘‘راب س‘‘رعة واس‘‘عة فبعكس‘‘ه أن التك‘‘بر ال يجع‘‘ل
صاحبه كبيرا فى قلوبهم وزيادة اإلكرام واالحترام بل يجعل صاحبه مبعدا عن الناس مبغضا مصغرا فه‘‘و
ناظر لنفسه بعين الكبر والعظمة والناس ناظرون إليه بعين االحتقار والتصغر واالستهانة
التواضع لغة التذلل والخضوع وشرعا عند أهل المحققين أن ال يرى العبد لنفسه ق‘‘درا وال قيم‘‘ة وال مزي‘‘ة
وقال أبو زيد رضى هللا عنه ما دام العبد أن فى الخلق من هو شر من‘‘ه فه‘‘و متك‘‘بر وض‘‘د التواض‘‘ع الك‘‘بر
والتكبر والتكبر ما ظهر على الجوارح والكبر م‘ا لم يظه‘ر عليه‘ا ويس‘تعمل معناهم‘ا مع‘نى واح‘دا غالب‘ا
ومعنى التكبر عند الغزالي فى اإلحياء هو استعظام النفس فوق الغير فاذا لم يتعلق بالغير فهو عجب
عن أنس رضى هللا عنه قال كان رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يع‘‘ود الم‘‘ريض ويتب‘‘ع الجن‘‘ازة ويجيب
دعوة المملوك ويركب الحمار وكان يوم خيبر ويوم قريظة والنض‘ير على حم‘ار مخط‘وم بحب‘ل من لي‘ف
تحته إكاف من ليف
عن عائشة رضي هللا عنها قالت يا رسول هللا كل متكئا فإنه أهون عليك قالت فأصغى برأسه ح‘تى ك‘اد أن
تصيب جبهته األرض ثم قال ال بل آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد
عن عائشة رضي هللا عنها أنها سئلت ما كان رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يص‘‘نع في بيت‘‘ه؟ ق‘‘الت كم‘‘ا
يصنع أحدكم فى بيته يخصف النعل ويرقع الثوب
وعن ابن عم‘‘ر رض‘‘ى هللا عنهم‘‘ا ق‘‘ال ك‘‘ان رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يبعث إلى المط‘‘اهر أي
والمطهرة بيت يتطهر فيه يشمل الوضوء والغسل واإلستنجاء فيؤتى بالماء فيشربه يرجو بركة أيدى
المسلمين
عن إبن عمر رضي هللا عنه قال قيل يا رسول هللا الوضوء من جر مخمر أحب إليك أو من ه‘‘ذه المط‘‘اهر
التي يتطهر منها الناس فقال بل من هذه المطاهر التماسا لبركة أيدي المسلمين اه وهذا ي‘‘دل على تواض‘‘عه
يلتمس بركة غيره من أمته المسلمين مع أن ذاته موضع مواضع البركات فكيف بأمته ال‘‘ذين ي‘‘رون منزل‘‘ة
أنفسهم فوق منزلة غيرهم
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال كان رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يجيب العب‘‘د ويع‘‘ود الم‘‘ريض
ويركب الحمار
وعن حمزة بن عبد هللا بن عتبة رضى هللا عنه قال كانت فى رسول هللا خصال ليست فى الجبارين كان ال
يدعوه أحمر وال أسود إال أجابه وكان يجد تمرة ملقاة فيأخ‘‘ذها فيلقيه‘‘ا إلى في‘‘ه وإن‘‘ه ليخش‘‘ى أن تك‘‘ون من
الصدقة وكان يركب الحمار عريا ليس عليه شىء
وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت خرج رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم وق‘‘د عق‘‘د عب‘‘اءة بين كتفي‘‘ه
فلقيه أعرابي فقال لم لبست هذا يا رسول هللا ؟ فقال ويحك إنما لبست هذا ألقمع به الكبر
وعن أبى هريرة وأبى ذر رضى هللا عنهما قاال كان رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يجلس بين ظه‘‘رانى
أصحابه فتجىء العرب فال تدرى أين هو ؟ حتى تسأل فطلبنا إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن نجعل
له محال فتعرفه العرب إذا رأوه فبنينا له دكانا من طين فكان يجلس فيه وكنا نجلس بجانبه صفين
وعن جابر بن عبد هللا رضى هللا تعالى عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أخذ بيد مجذوم الجذام
مرض تتساقط به اللحم واألعضاء وهو مرض يتعدى إلى الغير فأدخله معه فى القصعة ثم قال له كل
باسم هللا ثقة باهلل وتوكال عليه
وروى الحارث بن أبى أسامة عن يزيد الرقاشى رضى هللا عنه قال حج رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
على رحل رث وقطيفة تساوى أربعة دراهم وقال هللا حجة مبرورة ال رياء فيها وال سمعة
47
وعن أنس رضى هللا عنه قال إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يقود راحلته ويمشى هنيهة
وروى إبن األعرابي عن أبى المثنى األملوكي رضى هللا عنه ق‘‘ال ك‘‘ان رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
ومن قبله من األنبياء عليهم السالم يمشون على العصا يتوكؤن عليها تواضعا هلل عز وجل
وعن أبى موسى رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ي‘‘ركب الحم‘‘ار ويلبس الص‘‘وف
ويعقل الشاة ويأتى مدعاة الضعيف أي دعوة من طعام وشراب
وعن عبد هللا بن عمرو رضى هللا عنهما قال ما رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يأكل متكئ‘‘ا وال يط‘‘أ
عقبه رجالن أي ال يمشى قدام القوم بل يمشى فى الوسط أو فى الخلف تواضعا أي ال يمشى كالجبابرة
مع األتباع والخدم وفائدة التثنية أنه قد يكون معه واحد من الخدم وراءه لمكان الحاجة إليه وهذا ال
ينافى التواضع
وعن أنس رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا صلى الغداة جاءه خ‘‘دم أه‘‘ل المدين‘‘ة
بآنيتهم فيها الماء فما يؤتى بإناء إال غمس يده فيه فربما جاءوه فى الغداة الباردة فيغمس يده فيها
وعن مطرف بن عبد هللا بن الشخير عن أبيه أن‘ه وف‘‘د إلى الن‘بى ص‘‘لى هللا علي‘ه وس‘لم فى ره‘ط من ب‘نى
عامر قال فأتيناه فسلمنا عليه فقلنا أنت ولينا وأنت سيدنا وأنت أطول علينا طوال وأنت الفضل علينا فض==ال
وأنت الجفنة الغراء فقال قولوا قولكم وال يستجرينكم الجري هو الوكيل الشيطان وفى رواية وال
يستهوينكم الشيطان
وعن الحسن رضى هللا تعالى عنه قال وهللا ما كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تغلق دونه األبواب وال
يقوم دونه الحجاب وال يغدى عليه بالجفان وال يراح بها عليه ولكن‘‘ه ك‘‘ان ب‘‘ارزا من أراد أن يلقى ن‘‘بى هللا
صلى هللا عليه وس‘‘لم لقي‘‘ه ك‘‘ان يجلس على األرض ويطعم ويلبس الغلي‘‘ظ وي‘‘ركب الحم‘‘ار وي‘‘ردف خلف‘ه
ويلعق يده
وروى فى معاشرته مع الصبيان عن عبد هللا بن جعفر رض‘‘ى هللا تع‘‘الى عنهم‘‘ا أن‘‘ه ق‘‘ال ك‘‘ان رس‘‘ول هللا
صلى هللا عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بيته وكان عليه الصالة والسالم ق‘‘دم من س‘‘فر ذات
يوم فسبق بى إليه فحملنى بين يديه ثم جىء بأحد إبني فاطمة فأردفه خلفه فدخلنا المدينة ثالثة على دابة
وعن أنس رضى هللا تعالى عنه قال كان رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم إذا س‘‘افر وغ‘‘زا أردف ك‘‘ل ي‘‘وم
رجال من أصحابه
ولقد نقلت من كتاب سبل الهدى والرشاد أن من أردفه النبى صلى هللا عليه وس‘‘لم نح‘‘و خمس‘‘ين رجال وق‘‘د
أفرد أسماءهم الحافظ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب فى جزء لطيف
وعن يعقوب بن يزيد رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يتبع غبار المسجد بجريدة
وروى البخاري فى األداب المفرد عن حسنة بن خالد وسواء بن خالد رضى هللا عنهم‘‘ا أنهم‘‘ا أتي‘‘ا رس‘‘ول
هللا صلى هللا عليه وسلم وهو يعالج حائطا أو بناء له فأعاناه وه‘‘ذا م‘‘ا فعل‘‘ه رس‘‘ول هللا فت‘‘ارة يك‘‘ون بنفس‘‘ه
وتارة يكون بغيره وتارة يكون بالمشاركة
وروى الحاكم عن أنس رضى هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم دخ‘‘ل مك‘‘ة وذقن‘‘ه على رحل‘‘ه
متخشعا
وعن عائش‘ة رض‘ى هللا تع‘الى عنه‘ا أن رس‘ول هللا ص‘لى هللا علي‘ه وس‘لم ك‘ان يجلس لألك‘ل محتف‘زا أي
إستوى جالسا على وركيه
وعن أنس رضى هللا عنه أنه رأى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يهنأ بعيرا له
وعن عبد هللا بن بريدة رضى هللا عنه أن رجال أتى رس‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘ه وس‘لم بحم‘ار وه‘و يمش‘ى
فقال له إركب يا رسول هللا فقال إن صاحب الدابة أحق بصدر دابته إال أن يجعل له قال قد فعلت
وعن أنس رضى هللا عنه قال حج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على رحل رث وقطيفة ال تساوى أربع‘‘ة
دراهم وقال اللهم حجة ال رياء فيها وال سمعة
48
وروى البخاري فى األدب عن عدى بن ح‘‘اتم أن‘‘ه أتى رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ف‘‘إذا عن‘‘ده إم‘‘رأة
وصبيان فذكر قربهم من النبى صلى هللا عليه وسلم قال فعرفت أنه ليس ملك كسرى وقيصر
وعن عدى بن حاتم قال أتينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو جالس فى المسجد فقال الق‘‘وم ه‘‘ذا ع‘‘دى
فلما رفعت إليه أخذ بيدى وكان يقول فى نفسه قب‘‘ل ذل‘‘ك إنى ألرج‘‘و أن يجع‘‘ل هللا ي‘‘ده فى ي‘‘دى فق‘‘ام معى
فلقيته إمرأة ومعها صبى فقاال لنا إليك حاجة فقام معهما حتى قضى حاجتهما
وعن أبى أمامة رضى هللا عنه أن مسكينة مرضت فأخبر رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم بمرض‘‘ها وك‘‘ان
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يعود المساكين ويسأل عنهم
وعن عكرمة رضى هللا عنه قال العباس رحمه هللا تعالى يا رسول هللا إنى أراهم ق‘‘د آذوك وآذاك غب==ارهم
فلو إتخذت عريشا أي ما يستظل به تكلمهم فيه فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال أزال بين أظهرهم
يطئون عقبى وينازعونى ثوبى ويؤذينى غبارهم حتى يكون هللا هو الذى يرحمنى منهم
وعن علي بن حسين رضى هللا عنهما مرسال قال قيل للنبى صلى هللا عليه وسلم لو إتخذنا لك ش‘‘يئا ترتف‘‘ع
عليه تكلم الناس فقال ال أزال بينكم تطئون عقبى حتى يكون هللا عز وجل يرفعنى وال ترفعونى ف‘‘وق حقى
فإن هللا عز وجل إتخذنى عبدا قبل أن يتخذنى رسوال قال يحيى فذكرتها لسعيد بن مسيب فق‘‘ال ص‘‘دق قب‘‘ل
ما إتخذه نبيا كان عبدا
وعن أبى سعيد رضى هللا عنه وغيره من الصحابة قال مر النبى صلى هللا عليه وسلم بغالم هو معاذ بن
جبل يسلخ شاة فقال له رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تنح حتى أريك فإنى ال أراك تحسن تسلخ فأدخل
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يده بين الجلد واللحم وسلخ ثم قال يا غالم هكذا فاسلخ
وعن أنس رضى هللا عنه قال كانت إمرأة فى عقلها شىء قالت يا رسول هللا إن لى إليك حاج‘‘ة فق‘‘ال ي‘‘ا أم
فالن انظرى أي الطرق شئت أقضى لك حاجتك فقام معها يناجيها حتى قضت حاجتها
وعن هند بن أبى هالة رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خافض الط‘‘رف ج‘‘ل نظ‘‘ره
إلى األرض أكثر من نظره إلى السماء جل نظره المالحظة
عن أبى قتادة رضى هللا عنه جاء وفد للنجاشي فقام النبى صلى هللا علي‘ه وس‘لم يخ‘دمهم فق‘ال ل‘ه أص‘‘حابه
نكفي‘‘ك فق‘ال إنهم ك‘‘انوا ألص‘‘حابنا مك‘‘رمين وإنى أحب أن أك‘‘افئهم اه فه‘‘و ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يك‘‘رمهم
ويحترمهم أشد إكرام واحترام
عن ابن عباس رضى هللا عنه قال كان رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يجلس على األرض ويأك‘‘ل على
األرض ويعتقل الشاة ويجيب دعوة المملوك
عن أبي مسعود رضى هللا عنه قال أتى النبى صلى هللا عليه وس‘‘لم رج‘‘ل يكلم‘‘ه فأرع‘‘د فق‘‘ال ه‘‘ون علي‘‘ك
فلست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد وعن قيلة أنها لما رأته أرع‘‘دت من الف‘‘رق فق‘‘ال
يا مسكينة عليك السكينة قالت فأذهب هللا ما كان دخل فى قلبى من الرعبة
وعن عبد هللا بن بسر رضى هللا عنه قال أهديت إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم شاة فجثا على ركبتي‘‘ه
فأكل فقال أعرابي يا رسول هللا ما هذه الجلس‘‘ة ؟ فق‘‘ال إن هللا ع‘‘ز وج‘‘ل جعل‘‘نى عب‘‘دا كريم‘‘ا ولم يجعل‘‘نى
جبارا عنيدا
عن يحيى بن عقيل رضى هللا عنه قال س‘معت ابن أبي أوفى يق‘ول ك‘ان رس‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘ه وس‘لم
يكثر الذكر ويقل اللعن ويطيل الصالة ويقصر الخطبة وك‘‘ان ال ي‘‘أنف وال يس‘‘تكبر أن يمش‘‘ي م‘‘ع األرمل‘‘ة
والمسكين فيقضي له حاجته
عن جابر رضى هللا عنه قال اشتكى النبى صلى هللا عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاع‘‘د وأب‘‘و بك‘‘ر يس‘‘مع
الناس تكبيره فالتفت إلينا فرآنا قياما فأشار إلينا فقعدنا فصلينا بصالته قعودا فلما سلم ق‘‘ال إن ك‘‘دتم لتفعل‘‘وا
فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود فال تفعلوا ائتموا ب‘‘أئمتكم إن ص‘‘لى قائم‘‘ا فص‘‘لوا قيام‘‘ا
وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا
49
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال م‘ا ش‘ممت رائح‘ة ق‘‘ط أطيب من رائح‘ة رس‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘ه
وسلم قال وال تناول أحد يده فيتركها حتى يكون هو الذي يتركها وما أخرج ركبتيه بين يدي جليس ل‘‘ه ق‘‘ط
وما قعد إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رجل قط فقام حتى يقوم
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال صحبت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عشر سنين وش‘‘ممت العط‘‘ر
كله فلم أشم نكهة أطيب من نكهته وكان إذا لقيه واحد من أصحابه قام معه فلم ينصرف حتى يكون الرج‘‘ل
ينصرف عنه وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناولها إياه فلم ينزع من‘ه ح‘تى يك‘ون الرج‘ل ه‘و ال‘ذى
ينزع عنه وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول أذنه ناولها إياه فلم ينزعها عن‘‘ه ح‘‘تى يك‘‘ون الرج‘‘ل ه‘‘و ال‘‘ذى
ينزعها منه
عن أنس رضى هللا عنه قال ما أخرج رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم ركبتي‘‘ه ق‘‘ط بين ي‘‘دي جليس ل‘‘ه وال
قعد أحد إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فيقوم حتى يقوم اآلخر وال ناول يده النبي صلى هللا عليه وسلم
فيترك يده حتى يكون الرجل هو يتركها وال يصرف وجهه عن وجهه حتى يكون الرجل الذى يصرفه
وفى البخاري ومسلم قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لو لبثت فى السجن ما لبث يوسف ثم أتاني
الداعى ألجبته
وذكر المحب الطبري رحمه هللا تعالى أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان فى سفر وأمر أصحابه
بإصالح شاة فقال رجل يا رسول هللا علي ذبحها وقال آخر يا رسول هللا علي سلخها وقال آخر يا رسول
هللا علي طبخها فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعلي جمع الحطب فقالوا يا رسول هللا نكفيك العمل
فقال قد علمت أنكم تكفونى ولكن أكره أن أتميز عليكم وإن هللا تعالى يكره من عبده أن يراه متميزا بين
أصحابه
روى قيس بن سعد بن عبادة أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وفد على أبيه سعد وفى طريق عودتهما
قرب سعد للنبى حماره لكى يركبه وأوصى إبنه قيسا بأن يرافقه ماشيا على القدمين ثم أشار النبى بيده
على أن يشاركه قيس ظهر الحمار وعلى أن يركب أمامه ألن للمالك حق التقدم واألولوية وكان يكره أن
يقوم أصحابه له عند دخوله عليهم ونهاهم عن ذلك ذات مرة فقال ال تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم
بعضهم بعضا وأضاف انه عبد حقير من عباد هللا يأكل كما يأكل الناس ويجلس كما يجلس الناس
وأراد رجل مرة أن يقبل يده فقبضها عنه قائال إن تلك عادة من عادات األعاجم فى التذلل لملوكهم وكان
إذا دعاه عبد إلى طعام أجاب دعوته وكان يتناول طعامه مع مختلف طبقات األمة حتى مع العبيد األرقاء
وكثيرا ما كان يلزم الهدوء فى مجالسه فترة من الزمان طويلة حتى إذا بدا له ما يستحق القول تحدث ذلك
بأنه لم يكن يحب الكالم لمجرد الكالم وكان ال يفضل نفسه على غيره بشيء فاذا ما مشى فى االسواق
مشى الناس أمامه ومشوا خلفه على حد سواء وإذا ما جلس بين الناس لم يكن ثمة ما يلفت النظر اليه ومن
ثم يعجز الغريب عن تمييزه من سائر الجماعة ويتعين عليه أن يسأل القوم أيهم رسول هللا فقد كان
مفطورا على التواضع البالغ
عن عمر بن الخطاب رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال تطرونى كما أطرت
النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد هللا ورسوله
عن يحي بن سعيد عن عمرة قالت قيل لعائشة ماذا كان يعمل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى بيته قالت
كان بشرا من البشر يفلى ثوبه ويحلب شاته ويخيط ثوبه ويخدم نفسه ويخصف نعله ويعمل ما تعمل
الرجال فى بيوتهم ويكون فى مهنة أهله يعنى خدمة أهله فإذا سمع المؤذن خرج إلى الصالة
وعن عائشة رضى هللا عنها كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يعمل عمل البيت أكثر ما يعمل الخياطة
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال كان العبد األسود يأتى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فيأخذ بيده
فيمضى به حيث شاء حتى فرغ من حاجته
50
وعن عاصم بن حدرة األنصاري قال ما أكل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على خوان قط وال مشى معه
سواد أي جماعة من الناس وما كان له بواب قط
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال لم يكن شخص أحب إليهم من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال
وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهته
عن الحسن بن علي رضى هللا عنه قال سألت خالى هند بن أبى هالة وكان وصافا عن حلية رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم وأنا أشتهى أن يصف لى منها شيئا فقال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فخما
مفخما يتألأل وجهه تأللؤ القمر ليلة البدر فذكر الحديث بطوله قال الحسن فكتمتها الحسين زمانا ثم حدثته
فوجدته قد سبقنى إليه فسأله عما سألته عنه ووجدته قد سأل أباها عن مدخله ومخرجه وشكله فلم يدع منه
شيئا
قال الحسين فسألت أبى عن دخول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال كان إذا أوى إلى منزله جزء
دخوله ثالثة أجزاء جزءا هلل وجزءا ألهله وجزءا لنفسه ثم جزء جزءه بينه وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة
على العامة وال يدخر عنهم شيئا وكان من سيرته فى جزء األمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر
فضلهم فى الدين فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما
يصلحهم واألمة من مساءلتهم عنه وإخبارهم بالذى ينبغى لهم ويقول ليبلغ الشاهد منكم الغائب وأبلغوني
حاجة من ال يستطيع إبالغها فانه من أبلغ سلطانا حاجة من ال يستطيع إبالغها ثبت هللا قدميه يوم القيامة
ال يذكر عنده إال ذلك وال يقبل من أحد غيره يدخلون روادا وال يفترقون إال عن ذواق ويخرجون أدلة
يعنى على الخير
قال فسألته عن مخرجه كيف يصنع فيه ؟ قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يخزن لسانه إال فيما
يعنيه ويؤلفهم وال ينفرهم ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن
يطوى على أحد منهم بشره وخلقه ويتفقد أصحابه ويسأل الناس عما فى الناس ويحسن الحسن ويقويه
ويقبح القبيح ويوهيه معتدل األمر غير مختلف ال يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا لكل حال عنده عتاب ال
يقصر عن الحق وال يجاوزه الذين يلونه من الناس خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده
منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة
قال فسألته عن مجلسه فقال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال يقوم وال بجلس إال على ذكر وإذا انتهى
إلى قوم جلس حيث ينتهى به المجلس ويأمر بذلك يعطى كل جلسائه بنصيبه ال يحسب جليسه أن أحدا
أكرم عليه منه من جالسه أو فاوضه فى حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه ومن سأله حاجة لم
يرده إال بها أو بميسور من القول قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أبا وصاروا عنده فى الحق سواء
مجلسه مجلس علم وحلم وحياء وأمانة وصبر ال ترفع فيه األصوات وال تؤبن فيه الحرم وال تثنى فلتاته
متعادلين بل كانوا يتفاضلون فيه بالتقوى متواضعين يوقرون فيه الكبير ويرحمون فيه الصغير ويؤثرون
ذا الحاجة ويحفظون الغريب
عن أنس بن مالك رضي هللا عنه أن امرأة جاءت إلى النبى صلى هللا عليه وسلم فقالت له إن لى إليك
حاجة فقال اجلسي فى أي طريق المدينة شئت أجلس إليك
عن عبد الرحمن بن جبر الخزاعي قال بينما رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يمشى مع أصحابه إذ أخذ
رجل منهم فستره بثوب فلما رأى ما عليه رفع رأسه فإذا هو عاله قبلى ستر فقال مه فأخذ الثوب فوضعه
وقال إنما أنا بشر مثلك
عن ابن عباس رضى هللا عنه قال كان رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يجلس على األرض ويأك‘‘ل على
األرض
عن جابر بن عبد هللا رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وس‘لم إنم‘ا أن‘ا عب‘د آك‘ل كم‘ا يأك‘ل
العبد وأجلس كما يجلس العبد
51
عن ابن عمر رضى هللا عنه عن النبى صلى هللا عليه وسلم قال من تعظم فى نفسه أو اختال فى مشيته لقى
هللا عز وجل وهو عليه غضبان
عن زيد بن ثابت رضى هللا عنه قال كنا مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فإذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا
وإذا ذكرنا اآلخرة ذكرها معنا وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا
ومن تواضعه صلى هللا عليه وسلم أنه لم يكن له بواب راتب وما خير صلى هللا عليه وسلم بين أمرين إال
إختار أيسرهما ما لم يكن إثما فان كان إثما كان أبعد الناس منه
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم اليأنف أن يمشى مع األرملة والمسكين فيقضى لهما الحاجة وكان
يأتى ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم وكان يحسن إلى اليتامى ويبرهم
ويوصى بكفالتهم واإلحسان إليهم وقال أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج
بينهما وإن خير بيت فى المسلمين البيت الذى فيه يتيم يحسن إليه
عن أبى هريرة رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ما إستكبر من أكل معه خادمه
وركب الحمار باألسواق واعتقل الشاة فحلبها
عن أبى هريرة رضى هللا عنه قال لو دعيت إلى ذراع أو كراع ألجبت ولو أهدي إلي ذراع أو كراع
لقبلت
وعن أنس وإبن عمر رضى هللا عنهما أن عمر إستأذن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى العمرة فأذن له
وقال يا أخى أشركنا فى صالح دعائك وال تنسنا اه وهذا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال يستحى أن
يطلب الدعاء إلى غيره مع إرتفاع منزلته
اعلم أن الغض‘‘ب م‘‘ذموم فى موض‘‘ع ومحم‘‘ود فى موض‘‘ع وينبغى للش‘‘خص أن يتوس‘‘ط فى الغض‘‘ب بين
التفريط واالفراط والتفريط هو فقد الغضب واالفراط ه‘و غلبت‘ه والمحم‘ود ه‘و االعت‘دال وق‘‘د وص‘‘ف هللا
أصحاب النبى صلى هللا عليه وسلم بالشدة والحمية فقال أشداء على الكفار رحماء بينهم وق‘‘ال تع‘‘الى لنبي‘‘ه
جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم اآلية وقال صلى هللا عليه وسلم خير أمتى أحداؤها أي فى ال‘‘دين وفى
الخبر المؤمن سريع الغضب سريع الرضى فهذه بتلك وقال الشافعي من استغضب فلم يغضب فه‘‘و حم‘‘ار
ومن استرضى فلم يرض فهو شيطان فمن فق‘د ق‘‘وة الغض‘‘ب والحمي‘‘ة أص‘‘ال فه‘‘و ن‘‘اقص ج‘‘دا ومن أس‘‘وإ
ضعف الغضب الخور والسكوت عند مشاهدة المنكرات
وعن عائشة رضى هللا عنها دخل على رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم رجالن فكلم‘‘اه بش‘‘ىء ال أدرى م‘‘ا
هو فأغضباه فلعنهما وسبهما وغضبه ألجل إنتهاك محارم هللا عز وجل فلما خرجا قلت يا رسول هللا من
أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان قال وما ذاك ؟ قلت لعنتهم‘‘ا وس‘‘ببتهما ق‘‘ال أوم‘‘ا علمت م‘‘ا عاه‘‘دت
عليه ربى ؟ فقال اللهم إنما أنا بشر كما يغضب البشر وإنى قد إتخذت عندك عهدا لن تخلفني‘‘ه فأيم‘‘ا م‘‘ؤمن
سببته أو لعنته فاجعل ذلك له زكاة وقربة أي أن يحول هللا دعاءه على بعض فى حال الغضب إلى رحمة
وأجر وفى رواية زكاة ورحمة ومغفرة
عن أم سلمة رضى هللا عنها قالت كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا غضب احمر وجهه
وقال عبد هللا بن عمرو بن العاص يا رسول هللا أكتب عنك كل ما قلت فى الغضب والرضا فقال اكتب ف‘‘و
الذى بعثنى بالحق نبيا ما يخرج منه إال حق وأشار إلى لسانه
52
وكان صلى هللا عليه وسلم يغضب لربه عز وجل وال يغضب لنفسه وكان صلى هللا عليه وسلم إذا غض‘‘ب
وهو قائم جلس وإذا غضب وهو جالس اضطجع في‘‘ذهب غض‘‘به وك‘‘ان ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم إذا غض‘‘ب
يرى رضاه وغضبه فى وجهه لصفاء بشرته
عن الحسن بن علي رضى هللا عنه قال سألت خالي هندا عن صفة النبي صلى هللا عليه وسلم فقال ك‘‘ان إذا
غضب أعرض وأشاح وإذا فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم يفتر عن مثل حبة الغمام
وكان صلى هللا عليه وسلم إذا كان حديث عهد بجبريل لم يتبسم ضاحكا حتى يرتفع عنه بل ك‘‘ان إذا خطب
أو ذكر الساعة اشتد غضبه وعال صوته كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم رواه مسلم
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وس‘لم أك‘ثر الن‘اس تبس‘ما وأطيبهم نفس‘ا م‘ا لم ي‘نزل علي‘ه ق‘‘رآن أو ي‘ذكر
الساعة أو يخطب بخطبة عظة وكان إذا سر ورضى فهو أحس‘‘ن الن‘‘اس رض‘‘ا ف‘‘إن وع‘ظ وع‘ظ بج‘‘د وإن
غضب وليس يغضب إال هللا لم يقم لغضبه شيء وكذلك كان في أم‘‘وره كله‘‘ا وك‘‘ان ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
أبعد الناس غضبا وأسرعهم رضا
وكان صلى هللا عليه وسلم إذا غضب لم يجترئ عليه أحد إال علي وكان ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ينف‘‘ذ الح‘‘ق
وإن عاد ذلك بالضرر عليه وعلى أصحابه
عن أبى موسى رضى هللا قال سئل رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم عن أش‘‘ياء كرهه‘‘ا فلم‘‘ا أك‘‘ثروا علي‘‘ه
غضب فلما رأى عمر رضي هللا عنه الغضب فى وجهه قال إنا نتوب إلى هللا عز وجل عما كره
وفى صحيح البخارى ومسلم عن علي رضى هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال يوم األح‘‘زاب مال
هللا قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصالة الوسطى
وفى صحيح مسلم عن أبى هريرة رضى هللا عنه قال قال رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم اللهم أن‘‘ا بش‘‘ر
أغضب كما يغضب البشر فأيما مسلم سببته أو لعنته أو ضربته فاجعله‘‘ا م‘‘نى ص‘‘الة علي‘‘ه وزك‘‘اة وقرب‘‘ة
تقربه بها إليك يوم القيامة
روى فى الصحيحين من األحاديث الكثيرة فى قصة الذين قتلوا سبعين من األنصار وهم قراء أهل زم‘انهم
رضى هللا عنهم كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل ح‘تى ك‘انوا بب‘ئر معون‘ة فقتل‘وهم فبل‘غ ذل‘ك الن‘بى
صلى هللا عليه وسلم فكان النبى قنت فى صالة الصبح والمغرب والعشاء وأدام ال‘‘دعاء عليهم ش‘‘هرا يق‘‘ول
اللهم أنج الوليد بن بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبى ربيعة والمستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد
وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف اللهم العن رعال أي قبيلة من أحياء العرب وذكوان
وعصية وبنى لحيان عصوا هللا ورسوله
وعن عائشة رضى هللا عنها أن رجال قال لرسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم وه‘‘و واق‘‘ف على الب‘‘اب وأن‘‘ا
أسمع يا رسول هللا إنى أصبحت جنبا وأنا أريد الصوم فقال رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم وأن‘‘ا أص‘‘بح
جنبا وأنا أريد الصوم فأغتسل وأصوم فقال له الرجل يا رسول هللا إنك لست مثلنا قد غف‘‘ر ل‘‘ك هللا م‘‘ا تق‘‘دم
من ذنب‘‘ك وم‘‘ا ت‘‘أخر فغض‘‘ب رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم وق‘‘ال وهللا إنى ألرج‘‘و أن أك‘‘ون أخش‘‘اكم
وأعلمكم بما أتقى
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال خرج علينا رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ونحن نتن‘‘ازع فى الق‘‘در
فغضب حتى إحمر وجهه كأنما ألقى عليه حب الرمان إسم ثمرة حمراء حتى أقبل علينا فقال أبهذا
أمرتم ؟ أم بهذا أرسلت إليكم ؟ هلك من كان قبلكم حين تنازعوا فى هذا األمر عزمت عليكم أن ال تفعلوا
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا إش‘‘تد غم‘‘ه أك‘‘ثر من مس لحيت‘‘ه
وعن عائشة أيضا قالت كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا إش‘‘تد غم‘‘ه مس‘‘ح بي‘‘ده على رأس‘‘ه ولحيت‘‘ه
وتنفس تنفسا طويال وقال حسبى هللا ونعم الوكيل فيعرف بذلك شدة غمه
53
ما ذكر فى وإعراضه عما كرهه صلى هللا عليه وسلم
ما ذكر فى عفوه ولطف قلبه وسالمة صدره صلى هللا عليه وسلم
قال هللا تبارك وتعالى فى القرآن الكريم فبما رحمة من هللا لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من
حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى األمر فإذا عزمت فتوكل على هللا إن هللا يحب المتوكلين
عن عروة رضى هللا عنه عن أسامة بن زيد أنه أخبره أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ركب على حمار
فقال لسعد ألم تسمع ما قال أبو الحباب؟ يريد عبد هللا بن أبي قال كذا وكذا فقال س‘‘عد بن عب‘‘ادة اع‘‘ف عن‘‘ه
واصفح فعفا عنه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وكان رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم وأص‘‘حابه يعف‘‘ون
عن أهل الكتابين والمشركين فأنزل هللا عز وجل ف‘‘اعفوا واص‘‘فحوا ح‘‘تى ي‘‘أتي هللا ب‘‘أمره إن هللا على ك‘‘ل
شيء قدير
وعن عائشة رضى هللا عنها دخل على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رجالن فكلماه بشىء ال أدرى ما
هو فأغضباه فلعنهما وسبهما وغضبه ألجل إنتهاك محارم هللا عز وجل فلما خرجا قلت يا رسول هللا من
أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان قال وما ذاك ؟ قلت لعنتهما وسببتهما قال أوما علمت ما عاهدت
عليه ربى ؟ فقال اللهم إنما أنا بشر كما يغضب البشر وإنى قد إتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه فأيما مؤمن
سببته أو لعنته فاجعل ذلك له زكاة وقربة أن يحول هللا دعاءه على بعض فى حال الغضب إلى رحمة
وأجر وفى رواية زكاة ورحمة ومغفرة
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم اللهم أنا بشر أغضب كما يغضب
البشر فأيما مسلم سببته أو لعنته أو ضربته فاجعلها منى صالة عليه وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم
القيامة رواه مسلم
عن ابن مسعود رضى هللا عنه عن النبى صلى هللا عليه وسلم ال يبلغنى أحد منكم عن أحد من أصحابى
شيئا فإنى أحب أن أخرج إليهم وأنا سليم الصدر
وذكر فى تفسير مقاتل بن سليمان محمد رسول هللا والذين معه من المؤمنين أشداء يعنى غلظاء على
الكفار رحماء بينهم يقول متوادين بعضهم لبعض
وعن أنس رضى هللا عنه قال ما رأيت أحدا كان أرحم بالعباد من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وقد قال تعالى فبما رحمة من هللا لنت لهم اآلية قال السمرقندى ذكرهم هللا منته أنه جعل رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم رحيما بالمؤمنين رؤوفا لين الجانب ولو كان فظا خشنا فى القول لتفرقوا من حوله ولكن
جعله هللا تعالى سمحا سهال طلقا برا لطيفا هكذا قاله الضحاك
وروى اإلمام أحمد والطبراني عن جعدة رضى هللا عنه قال ش‘‘هدت رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم أتي
برجل فقال هذا أراد أن يقتلك فقال رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم لن ت‘‘راع ل‘‘و أردت ذل‘‘ك لم يس‘‘لطك هللا
علي
وروى الشيخان واإلمام أحمد عن أنس رضى هللا عنه قال جاء الطفي‘‘ل بن عم‘‘رو الدوس‘‘ي إلى رس‘‘ول هللا
صلى هللا عليه وسلم فقال يا رسول هللا إن دوسا قد عصت وأبت فادع هللا تعالى عليهم فاستقبل القبلة فرفع
يده فقال الناس هلكوا اليوم فقال رسول هللا صلى هللا علي==ه وس==لم اللهم دوس==ا وأت بهم جميع==ا ثالث==ا وعن
أبى هريرة رضى هللا عن==ه ق==ال قي==ل ي==ا رس==ول هللا ادع على المش==ركين فق=ال لم أبعث لعان==ا وإنم==ا بعثت
رحمة
54
وعن أنس رضى هللا عنه أن ثمانين رجال من أهل مكة هبط‘‘وا على رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم من
قبل التنعيم وهو موضع بمكة متسلحين يريدون غزة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فدعا عليهم فأخذهم
سلما فعفا عنهم واستحياهم
عن أبى ذر رضى هللا عنه قال أتي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم برجل قد شرب فقال رس‘‘ول هللا ص‘‘لى
هللا عليه وسلم اضربوه فمنا الضارب بيده ومنا الض‘‘ارب بنعل‘‘ه ومن‘‘ا الض‘‘ارب بثوب‘‘ه فلم‘‘ا انص‘‘رف ق‘‘ال
بعض القوم أخزاك هللا فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال تقولوا هكذا وال تعينوا الش‘‘يطان علي‘‘ه ولكن
قولوا رحمك هللا
ولما كذبه قومه أتاه جبريل عليه السالم فقال له إن هللا تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد
أمر ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداه ملك الجبال وسلم عليه وقال مرنى بما شئت إن شئت أن أطلق
عليهم األخشبين قال النبى صلى هللا عليه وسلم بل أرجو أن يخرج هللا من أصالبهم من يعبد هللا وحده وال
يشرك به شيئا
وروى ابن المنك‘‘در أن جبري‘‘ل علي‘‘ه الس‘‘الم ق‘‘ال للن‘‘بى ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم إن هللا تع‘‘الى أم‘‘ر الس‘‘ماء
واألرض والجبال أن تطيعك فقال أؤخر عن أمتى لعل هللا أن يتوب عليهم
وروى أن النبى صلى هللا عليه وسلم لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أص‘‘حابه ش‘‘قا
شديدا وقالوا لو دعوت عليهم فقال إنى لم أبعث لعانا ولكنى بعثت داعيا ورحم‘‘ة اللهم اه‘‘د ق‘‘ومى ف‘‘انهم ال
يعلمون
عن جابر رضى هللا تعالى عنه قال أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم جعل يقبض يوم حنين من فض‘‘ة فى
ثوب بالل ويفرقها فقال له رج‘‘ل ي‘‘ا رس‘‘ول هللا إع‘‘دل فق==ال ويح==ك من يع==دل إذا أن==ا لم أع==دل ؟ ق==د خبت
وخسرت إن كنت ال أعدل فقال عمر رضى هللا عنه يا رسول هللا دعنى أقتل ه=ذا المن=افق فق=ال مع=اذ هللا
أن يتحدث الناس أنى أقتل أصحابى إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن ال يجاوز حلوقهم
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال أن رجال أتى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يتقاضاه فأغلظ له فهم به
أصحابه فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم دعوه فإن لصاحب الحق مقاال ثم قال أعطوه ش‘‘يئا مث‘‘ل س‘‘نه
فقالوا يا رسول هللا ال نجد إال أفضل من سنه قال اعطوها وخيركم أحسنكم قضاء
عن عبد هللا رضى هللا عنه قال قسم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قسما فقال رج‘‘ل من األنص‘‘ار إن ه‘‘ذه
القسمة ما أريد بها وج‘‘ه هللا ف‘‘ذكرت ذل‘‘ك للن‘‘بى ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ف‘‘احمر وجه‘‘ه وق‘‘ال رحم هللا أخي
موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر
وعن أنس رضى هللا عنه قال أن يهودية أتت رس‘ول هللا ص‘لى هللا علي‘ه وس‘لم بش‘اة مس‘مومة فأك‘ل منه‘ا
فجىء بها فقيل أال تقتلها فقال ال
وعن زيد بن أرقم رضى هللا عنه قال فى قصة سحر الرجل من اليهود للنبى صلى هللا عليه وسلم كان
رجل من األنصار يدخل على رسول هللا ويؤذنه رسول هللا وأن ذلك الرجل عقد له عقدا فألقاه فى بئر
فاشتكى النبى أياما لذلك فأتاه جبريل عليه السالم فقال إن رجال عقد له عقدا وهى فى بئر فالن وقد اصفر
من شدة عقده فأرسل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عليا فأخرج عقدا فوجد العقد إصفر فجاء بها فحل
العقد فإذا حل كل عقدة وجد لذلك خفة فقام رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كأنما برئ فما ذكر النبى ذلك
لليهود وال رآه فى وجهه قط ولم يعاتبه حتى مات ذلك الرجل
عن عائشة رضى هللا عنها قالت أن رهطا من اليهود دخلوا على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقالوا
السام أي الموت عليك فقال النبى صلى هللا عليه وسلم عليكم قالت عائشة ففهمنا فقلت السام عليكم واللعنة
فقال النبى صلى هللا عليه وسلم مهال يا عائشة إن هللا يحب الرفق فى األمر كله قالت يا رسول هللا ألم
تسمع ما قالوا ؟ قال قد قلت عليكم
55
وعن عكرمة رضى هللا عنه قال العباس رحمه هللا تعالى يا رسول هللا إنى أراهم قد آذوك وآذاك غبارهم
فلو إتخذت عريشا أي ما يستظل به تكلمهم فيه فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال أزال بين أظهرهم
يطئون عقبى وينازعونى ثوبى ويؤذينى غبارهم حتى يكون هللا هو الذى يرحمنى منهم
عن عائشة رضى هللا عنها قالت ما ضرب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بيده شيئا قط إال أن يجاهد فى
سبيل هللا وال ضرب خادما أو امرأة
عن عائشة رضى هللا عنها أنها قالت لم يكن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فاحشا وال متفحشا وال صخابا
فى األسواق وال يجزىء بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح
وروى البيهقى عن عبد هللا بن عبيد أن النبى صلى هللا عليه وسلم لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد
شق ذلك على أصحابه شقا شديدا وقالوا لو دعوت عليهم فقال إنى لم أبعث لعانا ولكنى بعثت داعيا
ورحمة اللهم اهد قومى فانهم ال يعلمون وفى رواية اللهم اغفر لقومى فإنهم ال يعلمون
روى أن النبى صلى هللا عليه وسلم لما نزل عليه قوله تعالى خذ العفو وأمر بالعرف اآلية سأل جبريل
عليه السالم عن تأويلها فقال له حتى أسأل العالم ثم ذهب فأتاه فقال يا محمد إن هللا يأمرك أن تصل من
قطعك وتعطى من حرمك وتعفو عمن ظلمك وقال له واصبر على ما أصابك اآلية
ما ذكر فى صبره وحلمه و كظمه الغيظ صلى هللا عليه وسلم
اعلم أن الصبر هو حبس النفس وقهرها على كريه تتحمله أو لذيذ تفارقه وكان فى ثالث الص‘‘بر على أداء
ما أوجب هللا والصبر على اجتناب ما حرم هللا والص‘‘بر على م‘‘ا ابتاله هللا وق‘‘ال ابن عط‘‘اء ه‘‘و الفن‘‘اء فى
البلوى بال إظهار ش‘كوى وق‘‘ال ذو الن‘ون الص‘‘بر التباع‘د عن المخالف‘ات والس‘كون عن‘د تج‘رع غص‘‘ص
البليات بنزول اآلالم واألسقام وإظهار الغنى مع حلول الفقر به فى جميع الحاالت
وكان نبينا أشد الناس صبرا وكذلك الرس‘‘ل وأول‘‘و الع‘‘زم قبل‘‘ه وك‘‘ان ن‘‘وح يص‘‘بر على أذى قوم‘‘ه وك‘‘انوا
يضربونه حتى يغشى عليه وكان إبراهيم يص‘‘بر على الن‘‘ار وذبح ول‘‘ده ويعق‘‘وب على فق‘‘د الول‘‘د والبص‘‘ر
ويوس‘‘ف على الجب والس‘‘جن وأي‘‘وب على الض‘‘ر وش‘‘دة الم‘‘رض وداود بكى على خطيئت‘‘ه أربعين س‘‘نة
وموسى على أذى قومه وعيسى لم يضع لبنة على لبنة وغير ذلك
عن أنس رضى هللا عنه قال لقد خدمت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عشر سنين فوهللا ما قال لي أف قط
ولم يقل لشيء فعلته لم فعلت كذا وكذا ؟ وال لشيء لم أفعله أال فعلت كذا ؟
عن أنس رضى هللا عنه قال خدمت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فلم يعير علي شيئا قط أسأت فيه
عن ابن عباس رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم علموا ويسروا علموا ويس‘‘روا ثالث
مرات وإذا غضبت فاسكت مرتين
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال خدمت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم سنين فما س‘‘بنى س‘‘بة ق‘‘ط وال
ضربنى ضربة وال انتهرنى وال عبس فى وجهى وال أمرنى بأمر فتوانيت فيه فع‘‘اتبنى علي‘‘ه ف‘‘إن ع‘‘اتبنى
عليه أحد من أهله قال دعوه فلو قدر شيء كان
عن أنس رضى هللا عنه قال بينما نحن جلوس إذ دخل رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم من ب‘‘اب المس‘‘جد
مرتديا ببرد من النجرانية إذ تبعه أعرابي فأخذ بمجامع البرد إليه ثم جبذه إليه جبذة فرجع رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم في نحر األعرابي من شدة جبذته وإذا أثر حاشية البرد في نح‘‘ر رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه
وسلم فنظر إليه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وضحك وقال ما شأنك ؟ فقال له يا محمد جد لي من الم‘‘ال
الذي عندك قال مروا له
56
عن أنس رضى هللا عنه أن النبى صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم أدرك‘‘ه أع‘‘رابي فأخ‘‘ذ بردائ‘‘ه فجذب‘ه جذب‘ة ش‘‘ديدة
فنظرت إلى عنق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وقد أثرت في‘‘ه حاش‘‘ية ال‘‘رداء من ش‘‘دة جذبت‘‘ه ثم ق‘‘ال ي‘‘ا
محمد مر لي من مال هللا الذي عندك فالتفت إليه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فضحك وأمر له بعطاء
عن األعمش قال حدثنا عدي بن ثابت عن سليمان بن صرد قال استب رجالن عند النبى صلى هللا عليه
وسلم فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه فنظر إليه النبى صلى هللا عليه وسلم فقال إنى ألعلم كلمة لو
قالها لذهب هذا عنه أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم فقام رجل إلى ذاك الرجل فقال تدري ما قال قال قل
أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم فقال الرجل أمجنونا تراني
عن أنس رضى هللا عنه أن أعرابيا أتى النبى صلى هللا عليه وسلم فسأله وعليه برد فجذبه فشق البرد حتى
بقيت الحاشية فى عنق النبي صلى هللا عليه وسلم فأمر له النبي صلى هللا عليه وسلم بشيء
وعن أنس بن مالك رضى هللا عنه أن الناس سألوا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عام حنين فأعطاهم من
البقر والغنم واإلبل حتى لم يبق من ذلك شىء فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ماذا تريدون ؟
أتريدون أن تبخلونى ؟ فوهللا ما أنا ببخيل وال جبان وال كذوب فجذبوا ثوبه حتى بدت رقبته فكأنما أنظر
شقة القمر من بياضه
عن ابن مسعود رضى هللا عنه قال بينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يصلى عند البيت وأبو جهل
وأصحابه جلوس وقد نحرت جزور أى بعير باألمس فقال أبو جهل أيكم يقوم إلى سال أى كرش جزور
ابن فالن فيضعه بين كتفى محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم عقبة ابن معيط فأخذه فلما سجد النبى صلى
هللا عليه وسلم وضعه على كتفه فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض قال ابن مسعود وأنا قائم
أنظر لو كانت لى قوة أوجماعة طرحته عن ظهره صلى هللا عليه وسلم والنبى ساجد ما يرفع حتى انطلق
إنسان فأخبر فاطمة رضى هللا عنها فجائت وهى جويرية فطرحته عنه صلى هللا عليه وسلم ثم أقبلت
عليهم تشتمهم .رواه الشيخان
وروى البيهقى عن عبد هللا بن عبيد أن النبى صلى هللا عليه وسلم لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد
شق ذلك على أصحابه شقا شديدا وقالوا لو دعوت عليهم فقال إنى لم أبعث لعانا ولكنى بعثت داعيا
ورحمة اللهم اهد قومى فانهم ال يعلمون وفى رواية اللهم اغفر لقومى فإنهم ال يعلمون
وعن عكرمة رضى هللا عنه قال العباس رحمه هللا تعالى يا رسول هللا إنى أراهم قد آذوك وآذاك غبارهم
فلو إتخذت عريشا أي ما يستظل به تكلمهم فيه فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال أزال بين أظهرهم
يطئون عقبى وينازعونى ثوبى ويؤذينى غبارهم حتى يكون هللا هو الذى يرحمنى منهم
عن عبد هللا رضى هللا عنه قال قسم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قسما فقال رجل من األنصار إن هذه
القسمة ما أريد بها وجه هللا فذكرت ذلك للنبى صلى هللا عليه وسلم فاحمر وجهه وقال رحم هللا أخى
موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر
وروى عن عمر رضى هللا عنه أنه قال فى بعض كالمه بأبى أنت وأمى يا رسول هللا لقد دعا نوح على
قومه فقال رب ال تذر على األرض من الكافرين ديارا ولو دعوت علينا مثلها لهلكنا من عند آخرنا فلقد
وطىء ظهرك وأدمي وجهك وكسرت رباعيك فأبيت أن تقول إال خيرا فقلت اللهم اغفر لقومى فانهم ال
يعلمون
وكان المشركون يتصدون له بالعداوة ويقابلونه بأنواع األذى بأفرادهم وجموعهم وجماهيرهم ونسائهم
وصبيانهم كما روى اإلمام الطبرانى عن الحارث قال قلت ألبى ما هذه الجماعة ؟ هؤالء القوم الذين
إجتمعوا على صابئ لهم قال فنزلنا فإذا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يدعو الناس إلى توحيد هللا عز
وجل واإليمان وهم يردون عليه ويؤذون حتى إنتصف النهار وانصدع الناس عنه
ولما تصدى له غورث بن الحارث ليقتله صلى هللا عليه وسلم ورسول هللا جالس فى ناحية تحت شجرة
وحده قائال أي قيلولة والناس قائلون فى غزاة ذات الرقاع فلم ينتبه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إال وهو
57
قائم والسيف مسلول فى يده فقال من يمنعك منى ؟ فقال هللا فسقط السيف من يده فأخذه النبى صلى هللا
عليه وسلم وقال من يمنعك منى ؟ قال كن خير آخذ فتركه وعفا عنه فجاء إلى قومه فقال جئتكم من عند
خير الناس
ولما مات عمه صلى هللا عليه وسلم أبو طالب اشتد إيذاء المشركين للنبى وقابلوه بأنواع العداوة والشدائد
فتوجه إلى الطائف صلى هللا عليه وسلم لعل ثقيفا يكونون له ردءا وعونا وأنصارا على قومه فى مكة فإذا
بهم يقابلونه أسوأ مقابلة ويردون عليه أقبح رد وإنما قصدهم النبى كما قال المقريزى ألنهم كانوا أخواله
ولم يكن بينه وبينهم عداوة
ومما روى من اتساع خلقه وحلمه صلى هللا عليه وسلم اتساع خلقه للمنافقين الذين كانوا يؤذونه إذا غاب
ويتملقون له إذا حضر وذلك مما تنفر منه النفوس البشرية حتى تؤيدها العناية الربانية وكان عليه الصالة
والسالم كلما أذن له فى التشديد عليهم فتح لهم بابا من الرحمة ولم يؤاخذ لبيد بن األعصم إذ سحره وعفا
عن اليهودية التى سمته فى الشاة على الصحيح
وروى أنه صلى هللا عليه وسلم قال أنا أتقاكم هلل وأشدكم له خشية وروى أيضا أنه قال صلى هللا عليه وسلم
لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليال ولبكيتم كثيرا وكان صلى هللا عليه وسلم يصلى ولجوفه أزيز كأزيز
المرجل من البكاء رواه النسائى وغيره والمرجل القدر وأزيزها غليانها وقال علي رضى هللا عنه ذات
يوم ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد ولقد رأيتنا وما فينا إال نائم اال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
تحت شجرة يبكى وهو يصلى حتى أصبح ولما دخل مكة يوم الفتح دخلها خاشعا لربه تعالى
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا رأى أحد أصحابه فى حالة شدة وبأس يحزن حزنا شديدا ويرق
قلبه ويبكى متأثرا من ذلك الموقف فلقد زار سعد بن عبادة ومعه عبد الرحمن بن عوف وغيره فلما رآه
بكى فبكى من معه وكان يقبل عثمان بن مظعون وهو ميت ورسول هللا صلى هللا عليه وسلم يبكى حتى
قالت عائشة فرأيت دموع النبى صلى هللا عليه وسلم تسيل على خد عثمان وفى رواية أنه قبل بين عينيه ثم
بكى طويال
عن أنس رضى هللا عنه قال رأيت إبراهيم ابن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فدعاه فضمه إليه فرأيته بين
يدي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو يكيد بنفسه فدمعت عيناه فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
تدمع العين ويحزن القلب وال نقول إال ما يرضى ربنا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون
عن ابن عباس رضى هللا عنهما قال أخذ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إبنة له صغيرة تقضى أى تشرف
على الموت فاحتضنها فوضعها بين يديه فماتت وهى بين يديه وصاحت أم أيمن فقال النبى صلى هللا عليه
وسلم أتبكين عند رسول هللا ؟ أى بكاء محظورا مقترنا بالصياح داال على الجزع فقالت ألست أراك
تبكى ؟ قال إنى لست أبكى إنما هى رحمة إن المؤمن بكل خير على كل حال إن نفسه تنزع من بين جنبيه
وهو يحمد هللا عز وجل
ما ذكر فى بكائه وحزنه وخشيته من هللا صلى هللا عليه وسلم
وقال ابن القيم فى زاد المعاد وأما بكاءه ص‘‘لى هللا علي‘ه وس‘لم فك‘ان من جنس ض‘‘حكه لم يكن بش‘هيق وال
رفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة ولكن كان تدمع عيناه حتى يهمال ويسمع لصدره أزيز وك‘‘ان بك‘‘اءه
لسبب من األسباب فهو يبكى رحمة للميت تارة وخوفا وشفقة على أمته ت‘‘ارة ومن خش‘‘ية هللا تع‘‘الى وعن‘‘د
سماع القرآن وأحيانا فى صالة الليل وتدل كثرة بكاءه على رقة قلوبه
58
عن أبى هريرة رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال قاربوا وسددوا واعلموا أنه لن ينج‘‘و
أحد منكم بعمله وفى لفظ ال يدخل أحد منكم الجن‘‘ة بعمل‘‘ه ق‘‘الوا وال أنت ؟ ق‘‘ال وال أن‘‘ا إال أن يتغم‘‘دنى هللا
برحمة منه وفضل
وروى أنه صلى هللا عليه وسلم قال أنا أتقاكم هلل وأشدكم له خشية وروى أيضا أنه قال صلى هللا عليه وسلم
لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليال ولبكيتم كثيرا وك‘ان ص‘لى هللا علي‘ه وس‘لم يص‘لى ولجوف‘ه أزي‘ز ك‘أزيز
المرجل من البكاء رواه النسائى وغيره والمرجل القدر وأزيزه‘‘ا غليانه‘‘ا وق‘‘ال علي رض‘‘ى هللا عن‘‘ه ذات
يوم ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد ولقد رأيتنا وما فينا إال نائم اال رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
تحت شجرة يبكى وهو يصلى حتى أصبح ولما دخل مكة يوم الفتح دخلها خاشعا لربه تعالى اه
وعن عبد هللا بن عمرو بن الع‘اص أن الن‘بى ص‘لى هللا علي‘ه وس‘لم تال قول‘ه تع‘الى فى إب‘راهيم رب إنهن
أضللن كثيرا من الناس فمن تبعنى فانه منى اآلية وقال عيسى إن تعذبهم فإنهم عب‘‘ادك وإن تغف‘‘ر لهم فإن‘‘ك
أنت العزيز الحكيم فرفع يديه وقال اللهم أمتى أمتى وبكى فقال هللا ع‘‘ز وج‘‘ل ي‘‘ا جبري‘‘ل اذهب إلى محم‘‘د
وربك أعلم فسله ما يبكيك فأتاه جبريل عليه الصالة والسالم فسأله فأخبره رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
بما قال وهو أعلم فقال هللا يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك فى أمتك وال نسوءك
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال شهدنا إبنة لرسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم ورس‘‘ول هللا ج‘‘الس على
القبر فرأيت عينيه تدمعان
عن ابن عمر رضى هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تال قوله تعالى فى إب‘‘راهيم إنهن أض‘‘للن
كثيرا من الناس فمن تبعنى فإنه م‘‘نى ومن عص‘‘انى فإن‘‘ك غف‘‘ور رحيم وق‘‘ال فى عيس‘‘ى إن تع‘‘ذبهم ف‘‘إنهم
عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزي‘‘ز الحكيم فرف‘‘ع يدي‘‘ه وق‘‘ال أم‘‘تى أم‘‘تى وبكى فق‘‘ال هللا ع‘‘ز وج‘‘ل ي‘‘ا
جبريل اذهب إلى محمد فقل له واسأله ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل عليهما السالم فسأله ف‘‘أخبره رس‘ول هللا بم‘ا
قال وهو أعلم فقال هللا يا جبريل اذهب إلى محمد فقل له إنا سنرضيك فى أمتك وال نسوءك
عن ابن عباس رضى هللا عنهما قال أخذ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إبنة له صغيرة تقضى أى تش‘‘رف
على الموت فاحتضنها فوضعها بين يديه فماتت وهى بين يديه وصاحت أم أيمن فقال النبى صلى هللا علي‘ه
وس‘‘لم أتبكين عن‘‘د رس‘‘ول هللا ؟ أى بك‘‘اء محظ‘‘ورا مقترن‘‘ا بالص‘‘ياح داال على الج‘‘زع فق‘‘الت ألس‘‘ت أراك
تبكى ؟ قال إنى لست أبكى إنما هى رحمة إن المؤمن بكل خير على كل حال إن نفسه تنزع من بين جنبي‘‘ه
وهو يحمد هللا عز وجل
عن عبد هللا بن مسعود رضى هللا عنه قال قال لى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إقرأ علي فقلت يا رسول
هللا أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال إنى أحب أن أسمعه من غيرى فقرأت سورة النساء حتى بلغت فكي‘‘ف إذا
جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤالء شهيدا سورة النساء قال حسبك فرفع رأسه ف‘‘إذا عين‘‘ا رس‘‘ول
هللا صلى هللا عليه وسلم تذرفان من البكاء
عن أنس رضى هللا عنه قال أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم دخل معه على إبنه إبراهيم فدعا رسول هللا
به فضمه إليه فرأيته وهو يكبد أي يتحمل الشدة ويحزن بنفسه بين يدي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
فدمعت عيناه فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تدمع العين ويحزن القلب وال نقول إال م‘‘ا يرض‘‘ي ربن‘‘ا
وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون
وعن سالم بن عبد هللا بن عمر بن الخطاب رضى هللا عنهما قال كان من دعاء النبى صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
اللهم ارزقنى عينين هطالتين أي بكاءين بدمع متتابع تبكيان تذرفان أي يجرى دمعها الدموع وتشبعان
من خشيتك قبل أن تكون الدموع دما واألضراس جمرا
وروى ابن عدى بسند ضعيف عن جابر رضى هللا عنه قال لما جرد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حمزة
بكى فلما رأى ما مثل به شهق
59
وعن ابن عمر رضى هللا عنهما قال إستقبل رسول هللا الحجر الحجر ما حواه الحطيم المدار بالكعبة من
جانب الشمال ثم وضع شفتيه عليه يبكى طويال فالتفت فإذا هو بعمر يبكى فقال يا عمر ههنا تسكب
العبرات
وعن ابن عباس رضى هللا عنهما قال لما قدم وفد اليمن على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ق‘‘الوا أس‘‘معنا
بعض ما أنزل عليك قال والصافات صفا حتى بلغ إلى قوله فأتبعه شهاب ثاقب فإن ما ي‘‘بيض ع‘‘رق يس‘‘يل
وإن دموعه لتسبقه إلى لحيته فقالوا له إنا ن‘‘راك تبكى أمن خ‘‘وف ال‘‘ذى بعث‘‘ك تبكى ؟ ق‘‘ال بلى من خ‘‘وف
الذى بعثنى أبكى إنه بعثنى على طري‘‘ق مث‘‘ل ح‘‘د الس‘‘يف إن زغت عن‘‘ه هلكت قم ق‘‘رأ ولئن ش‘‘ئنا لن‘‘ذهبن
بالذى أوحينا إليك اآلية
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن صالح بن الخليل قال ما رئى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم متبسما أو
ضاحكا منذ أنزلت هذه اآلية أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون وال تبكون
عن خالد بن سلمة المخزومي قال لما أصيب زيد بن حارث‘‘ة انطل‘‘ق رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم إلى
منزله فلما رأته ابنته جهشت فى وجهه فانتحب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال ل‘ه بعض أص‘‘حابه م‘ا
هذا يا رسول هللا ؟ قال هذا شوق الحبيب إلى حبيبه
وكان صلى هللا عليه وسلم دائم االنكسار والتواضع لربه تعالى فى سائر مواقفه الكريمة ومشاهده العظيمة
فى صلواته وسائر عباداته وسائر شؤونه وقضاياه
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول إنى ألستغفر هللا وأتوب إليه
فى اليوم سبعين مرة وعن األغر بن مزينة قال سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول إنه ليغان على
قلبى أي غطى عليه حتى أستغفر
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا رأى أحد أصحابه فى حالة شدة وبأس يحزن حزنا شديدا ويرق
قلبه ويبكى متأثرا من ذلك الموقف فلقد زار سعد بن عبادة ومعه عبد الرحمن بن عوف وغيره فلما رآه
بكى فبكى من معه وكان يقبل عثمان بن مظعون وهو ميت ورسول هللا صلى هللا عليه وسلم يبكى حتى
قالت عائشة فرأيت دموع النبى صلى هللا عليه وسلم تسيل على خد عثمان وفى رواية أنه قبل بين عينيه ثم
بكى طويال
ما ذكر فى بيان كالمه وحديثه ومنطقه صلى هللا عليه وسلم
عن علي بن أبى طالب رضى هللا عنه قال كان النبى صلى هللا عليه وسلم إذا رأى م‘‘ا يك‘‘ره ق‘‘ال الحم‘‘د هلل
على كل حال وإذا رأى ما يحبه قال الحمد هلل الذى بنعمته تتم الصالحات
وروينا فى سنن أبى داود وغيره عن أبى برزة رضى هللا عنه واسمه نضلة قال كان رسول الله صلى هللا
عليه وسلم إذا أراد أن يقوم من المجلس سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ال إله إال أنت أستغفرك وأتوب
إليك فقال رجل يا رسول هللا إنك لتقول قوال ما كنت تقوله فيما مضى قال ذلك كفارة لما يكون فى المجلس
عن ابن عمر رضى هللا عنهما قال قلما كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو
بهؤالء الدعوات الصحابه اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا
به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا
واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا وال تجعل مصيبتنا فى ديننا وال
تجعل الدنيا أكبر همنا وال مبلغ علمنا وال تسلط علينا من ال يرحمنا قال الترمذي حديث حسن
وعن هند بن أبى هالة رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم إذا أش‘‘ار أش‘‘ار بكف‘‘ه كله‘‘ا
وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث إتصل بها وضرب براحته اليم‘‘نى بطن إبهام‘‘ه اليس‘‘رى وفى رواي‘‘ة يض‘‘رب
بإبهامه اليمنى باطن راحته اليسرى وهذا الحديث يدل على أنه يحرك يده حين يتكلم أو يتعجب
60
عن الزهري رضى هللا عن‘‘ه أن رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ال يس‘‘رد س‘‘ردكم ه‘‘ذا ولكن يتكلم بكالم
فصل يحفظه من سمعه منه وعن عائشة مثله
عن المهاجر بن قنفذ أنه أتى النبى صلى هللا عليه وسلم وه‘‘و يب‘‘ول فس‘‘لم علي‘‘ه فلم ي‘‘رد علي‘‘ه ثم توض‘‘أ ثم
اعتذر إليه فقال إنى كرهت أن أذكر هللا إال على طهر
عن ابن عباس رضى هللا عنه قال ك‘‘ان رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم إذا ح‘‘دث بالح‘‘ديث أو س‘‘أل عن
األمر كرره ثالثا ليفهم ويفهم عنه
عن أنس بن مالك رضى هللا تعالى عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يعيد الكلمة ثالثا لتعقل
عنه
عن عائشة رضى هللا عنها قالت ما كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يسرد سردكم هذا ولكنه كان يتكلم
بكالم بين فصل يحفظه من جلس إليه
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت كان كالم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فصال يفهمه كل من سمعه
وعن عبد هللا بن سالم رضى هللا عنه قال كنا مع رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم ف‘‘إذا ح‘‘دث وفى لف‘‘ظ إذا
جلس يتحدث يكبر ويرفع رأسه وفى لفظ طرفه إلى السماء
وعن أم معبد رضى هللا عنها كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إن ص‘‘مت فعلي‘‘ه الوق‘‘ار وإن تكلم س‘‘ماه
وعاله البهاء له رفقاء يحف‘‘ون ب‘‘ه إن ق‘‘ال أنص‘‘توا لقول‘‘ه وإن أم‘‘ر إبت‘‘دروا إلى أم‘‘ره وأص‘‘حابه يخدمون‘‘ه
ويجتمعون إليه ال عابس وال معتد
عن الحسن بن علي رضى هللا عنه قال سألت خالي هندا قلت صف لى منطقه فقال ك‘‘ان رس‘‘ول هللا ص‘‘لى
هللا عليه وسلم متواصل األحزان دائم الفكر ليست له راح‘‘ة ال يتكلم فى غ‘‘ير حاج‘‘ة طوي‘‘ل الس‘‘كوت يفتتح
الكالم ويختمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلم فصال ال فضول فيه وال تقصير دمث ليس بالجافي وال بالمهين
يعظم النعمة وإن دقت وال يذم منها شيئا ال تغضبه الدنيا وما كان لها فإذا تعوطي الح‘‘ق لم يعرف‘‘ه أح‘‘د ولم
يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له إذا أشار أشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث اتص‘‘ل به‘‘ا يض‘‘رب
براحته اليمنى باطن إبهامها اليسرى
عن أنس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان إذا تكلم بكلم‘‘ة ردده‘‘ا ثالث‘‘ا وإذا أتى قوم‘‘ا
سلم عليهم ثالثا
عن أبي الدرداء رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا حدث بحديث تبسم فى حديثه
عن أسامة بن زيد عن زيد بن الحباب أن رسول هللا ال يسرد سردكم هذا ولكن يتكلم بكالم فصل يحفظه
من سمعه منه
و كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم نزر الكالم سمح المقالة يعيد الكالم مرتين ليفهم وكان كالمه صلى
هللا عليه وسلم كخرزات النظم وكان صلى هللا عليه وسلم يعرض عن كل كالم قبيح ويكنى عن األمور
المستقبحة فى العرف إذا إضطره الكالم إلى ذكرها
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا تكلم تكلم نزرا أي قليال وأنتم
تنثرون الكالم نثرا
كان رسول هللا أحسن الناس صوتا وقد كان صوته صلى هللا عليه وسلم يبلغ حيث ال يبلغه صوت غيره
وعن البراء قال خطبنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حتى أسمع العواتق فى خدورهن
عن جابر رضى هللا تعالى عنه قال كان كالم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ترتيال أو ترسيال
عن أبى مالك األشعري رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا ولج الرجل بيته فليقل
اللهم إنى أسألك خير المولج وخير المخرج بسم هللا ولجنا وبسم هللا خرجنا وعلى هللا ربنا توكلنا ثم ليسلم
على أهله
61
عن ابن عباس رضى هللا تعالى عنهما قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا تكلم يرى كالنور من
بين ثناياه
وكان صلى هللا عليه وسلم جهير الصوت أحسن الناس نغمة وكان طويل السكوت ال يتكلم فى غير حاجة
وال يقول المنكر وال يقول فى الرضا والغضب إال الحق ويعرض عمن تكلم بغير جميل ويكنى عما
اضطره الكالم إليه مما يكره وكان إذا سكت تكلم جلساؤه وال يتنازع عنده فى الحديث ويعظ بالجد
والنصيحة ويقول ال تضربوا القرآن بعضه ببعض فإنه أنزل على وجوه وكان أكثر الناس تبسما وضحكا
فى وجوه أصحابه وتعجبا مما تحدثوا به وخلطا لنفسه بهم ولربما ضحك حتى تبدو نواجذه
قال إبن القيم فى زاد المعاد كان صلى هللا عليه وسلم أفصح خلق هللا وأعذبهم كالما وأسرعهم أداء
وأحالهم منطقا حتى كان كالمه يأخذ بالقلوب وينعش األرواح وشهد له بذلك أعداءه
كان النبى صلى هللا عليه وسلم يسمع ما ال يسمعه الحاضرون مع سالمة حواسهم من مثل الذى سمعه
وعن أبى هريرة رضى هللا تعالى عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تام األذنين
وروى الترمذى وابن ماجه عن أبى ذر وأبو نعيم عن حكيم بن نزام رضى هللا عنهما قاال قال رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم تسمعون ما أسمع ؟ قالوا ما نسمع من شىء قال إنى ألرى ما ال ترون وأسمع ما ال
تسمعون إنى أسمع أطيط السماء األطيط صوت األقتاب وأطيط اإلبل أصواتها وحنينها أي أن كثرة ما فى
62
السماء من المالئكة قد أثقلها حتى أطت وما تالم أن تئط وما فيها موضع شبر إال وعليه ملك ساجد أو
قائم
وقال زيد بن ثابت رضى هللا تعالى عنه بينا النبى صلى هللا عليه وسلم على بغلة له إذ حادت به فكادت
تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال من يعرف أصحاب هذه األقبر ؟ فقال رجل أنا فقال متى مات
هؤالء ؟ قال ماتوا فى اإلشراك فأعجبه ذلك فقال إن هذه األمة تبتلى فى قبورها فلوال أن ال تدافنوا
لدعوت هللا عز وجل أن يسمعكم من عذاب القبر الذى أسمع رواه مسلم
وقال أنس رضى هللا عنه دخل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حائطا من حيطان المدينة لبنى النجار فسمع
أصوات قوم يعذبون فى قبورهم فحاصت البغلة فسأل النبى صلى هللا عليه وسلم متى دفن هذا ؟ قالوا يا
رسول هللا دفن هذا فى الجاهلية فأعجبه ذلك وذكر نحو الذى قبله
عن زيد بن ثابت رضى هللا عنه قال كنا مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فإذا ذكرن‘‘ا ال‘‘دنيا ذكره‘‘ا معن‘‘ا
وإذا ذكرنا اآلخرة ذكرها معنا وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا
عن زيد بن ثابت رضى هللا عنه قال إن النبي صلى هللا عليه وسلم كنا إذا جلسنا إلي‘‘ه إن أخ‘‘ذنا بح‘‘ديث فى
ذكر اآلخرة أخذ معنا وإن أخذنا فى ذكر الدنيا أخذ معنا وإن أخذنا فى ذكر الطعام والشراب أخذ معنا فك‘‘ل
هذا أحدثكم عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وفى رواي‘‘ة أخ‘‘رى قي‘‘ل لزي‘‘د بن ث‘‘ابت أخبرن‘‘ا عن أخالق
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ؟ فقال عن أي أخالقه أخبركم ؟ كنت جاره فإذا أنزل عليه الوحي بعث إلي
فأكتبه وكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا -فذكر مثله
عن عمرو بن العاص رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على
أشر القوم يتألفهم بذلك فكان يقبل بوجهه وحديثه علي حتى ظننت أنى خير القوم فقلت يا رسول هللا أنا
خير أو أبو بكر ؟ قال أبو بكر فقلت يا رسول هللا أنا خير أو عمر ؟ فقال عمر فقلت يا رسول هللا أنا خير
أو عثمان ؟ قال عثمان فلما سألت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فصدقنى فلوددت أنى لم أكن سألته
عن علي رضى هللا عنه قال كان النبى صلى هللا عليه وسلم إذا مشى تكفأ تكفيا كأنما يتقلع من صبب لم أر
قبله وال بعده مثله صلى هللا عليه وسلم قال ابن القيم التقلع االرتفاع من األرض بجملت‘ه كح‘ال المنح‘ط فى
الصبب وهو مشية أولى العزم والهمة والشجاعة وهى أعدل المشيات وأروحها لألعضاء وعن ربيعة قال
دخلنا على أنس بن مالك فسألناه عن صفة النبي صلى هللا عليه وسلم فق‘ال ك‘ان إذا مش‘ى كأنم‘ا يمش‘ى فى
صبب
63
عن أبى هريرة رضى هللا عنه قال ما رأيت أحدا أسرع فى مشيه من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كأنما
األرض تطوى له إنا لنجهد أنفسنا وهو غير مكترث وكان صلى هللا عليه وسلم يمشى مشيا يعرف فيه أن‘‘ه
ليس بعاجز وال كسالن اه
فائدة ان منافع المشي سرعة فى علم الطب كثيرة فمن منافعه أن‘ه يص‘حح القلب أي م‘ا يض‘خ ال‘دم لجمي‘ع
الجسد ويصحح الدماغ والعقل ويفطنه ويذكيه ويقوى العظام والمفاصل ويفرج الهم‘‘وم واألح‘‘زان ويف‘‘رح
القلوب ويزيد نشاط البدن وصحته وعافيته ويزيد قوته من األم‘‘راض وينقص ثق‘‘ل الب‘‘دن و ب‘‘ه يع‘‘رف أن
صاحبه ليس بكسالن وغير ذلك
عن ابن عباس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان إذا مشى مشى مشيا مجتمعا ليس فيه
كسل أي قوي األعضاء غير مسترخ فى المشى
عن ابن عباس رضى هللا عنه قال أقب‘‘ل ن‘‘بي هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم مس‘‘رعا ونحن قع‘‘ود ح‘‘تى أفزعن‘‘ا
سرعته إلينا فلما انتهى إلينا سلم ثم قال قد أقبلت اليكم مسرعا ألخبركم بليلة القدر فنسيتها فيما بي‘‘نى وبينكم
فالتمسوها فى العشر األواخر
وكان صلى هللا عليه وسلم ال يطأ عقبه رجالن قط إن كانوا ثالثة مشى بينهم وإن كانوا جماعة قدم بعضهم
وعن أبى هريرة أنه إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها
عن الحسن بن علي رضى هللا عنه قال سألت هند بن أبي هالة عن مشي الن‘‘بي ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ق‘‘ال
كان يمشى تكفيا ويخطو هونا ذري‘‘ع المش‘‘ية إذا مش‘‘ى كأنم‘‘ا يتص‘‘بب أو يمش‘‘ى في ص‘‘بب إذا إلتفت إلتفت
جميعا خافض الطرف نظره إلى األرض أكثر من نظره إلى السماء جل نظره المالحظ‘‘ة يس‘‘وق أص‘‘حابه
ويبدر من لقيه بالسالم صلى هللا عليه وسلم اه وكذلك روى أن سليمان كان مع ما أعطى من الملك ال يرفع
بصره إلى السماء تخشعا وتواضعا هلل تعالى وكان يطعم الناس لذائذ األطعمة ويأك‘‘ل خ‘‘بز الش‘‘عير وأوحى
إليه يا رأس العابدين وابن محجة الزاه‘‘دين وقي‘‘ل ليوس‘‘ف م‘‘ا ل‘‘ك تج‘‘وع وأنت على خ‘‘زائن األرض ق‘‘ال
أخاف أن أشبع فأنسى الجائع
وروى ابن سعد وأبو الحسن بن الضحاك عن أبى الحكم سيار بن أبى سيار قال ك‘‘ان رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا
عليه وسلم إذا مشى مشى مشي السوقى ليس بالعاجز وال الكسالن
وروى إبن سعد عن مرثد بن أبى مرثد ق‘ال ك‘ان رس‘ول هللا ص‘لى هللا علي‘ه وس‘لم إذا مش‘ى أس‘رع ح‘تى
يهرول الرجل فال يدركه
وعن علي رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وس‘‘لم إذا مش‘‘ى كأنم‘‘ا ينح‘‘در من ص‘‘بب وإذا
مشى فكأنما يمشى فى صعد
وعن جابر رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا مشى هرول الناس وراءه
وعن جابر رضى هللا عنه قال كان رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ال يلتفت إذا مش‘‘ى وك‘‘ان ربم‘‘ا تعل‘‘ق
رداءه بالشجرة أو بالشىء فال يلفت وكانوا يضحكون وكانوا قد أمنوا التفاته
وعن علي رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقبل جميعا ويدبر جميعا
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يلمح بمؤخر عينيه وال يلفت
وعن إبن عمر رضى هللا عنهما قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يمشى حافيا وناعال
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت جئت يوما من خارج ورسول هللا صلى هللا عليه وسلم يص‘‘لى فى ال‘‘بيت
والباب عليه مغلق فاستفتحت فتقدم ففتح لى ثم رجع القهقرى إلى الصالة فأتم صالته
وعن بريدة األسلمى رضى هللا عنه قال خرجت ذات يوم فى حاج‘‘ة وإذا أن‘‘ا ب‘‘النبى ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
يمشى بين يدي فأخذ بيدى فانطلقنا نمشى جميعا وعن أبى برزة رضى هللا عنه قال رآنى رسول هللا ص‘‘لى
هللا عليه وسلم فأشار إلي فأتيته فأخذ بيدى فانطلقنا نمشى جميعا وعن أبى أمامة رض‘‘ى هللا عن‘‘ه ق‘‘ال أخ‘‘ذ
بيدى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال يا أبا أمامة من المؤمنين من يلين له قلبى
64
قال أبو هريرة رضى هللا عنه كنت مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى جن‘‘ازة فكنت إذا مش‘‘يت س‘‘بقنى
فالتفت إلي رجل إلى جنبى فقلت تطوى له األرض وخليل إبراهيم
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا مشى أسرع حتى يه‘‘رول الرج‘‘ل وراءه فال يدرك‘‘ه وق‘‘ال ذك‘‘وان
رحمه هللا تعالى لم ير لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم ظل فى شمس وال قمر
وكان صلى هللا عليه وسلم ال يلتفت وراءه إذا مشى وكان ربما تعلق رداءه بالشجر فال يلتفت حتى يرفع‘‘وه
عليه
عن جابر رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا خ‘رج مش‘ى أص‘‘حابه أمام‘ه وترك‘وا
ظهره للمالئكة وعن جابر رضى هللا عنه قال قال رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم امش‘‘وا خلفى أو خل‘‘وا
ظهرى للمالئكة
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه بسند ضعيف قال أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مر بجدار مائل
فأسرع المشى فقيل له فقال إنى أكره موت الفوات أي موت الفجاءة
وفى رواية قيلة بنت مخرمة أنها رأت رسول هللا صلى هللا صلى هللا عليه وسلم فى المسجد وهو قاعد
القرفصاء قالت فلما رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم المتخشع فى الجلسة فأرعدت من الفرق أي
الخوف والفزع بالتحريك مما عاله من عظم المهابة
وعن عبد هللا بن بسر رضى هللا عنه قال أهديت إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم شاة فجثا على ركبتيه
فأكل فقال أعرابي يا رسول هللا ما هذه الجلسة ؟ فقال إن هللا عز وجل جعلنى عبدا كريما ولم يجعلنى
جبارا عنيدا
عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى النبى صلى هللا عليه وسلم مستلقيا فى المسجد واضعا
إحدى رجليه على األخرى رواه البخاري ومسلم
وعن أبى أمامة رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا جلس جلس القرفصاء
وعن جابر بن صخرة قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا صلى الفجر تربع فى مجلسه حتى تطلع
الشمس حسنا
وعن أبى سعيد رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا جلس فى مجلس إحتبى بيديه
وعن أبي بن كعب رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يحتبى على ركبتيه وكان ال
يتكئ
وروى البخارى فى األدب عن حنظلة بن خذيم رضى هللا عنه قال أتيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
فرأيته جالسا متربعا
عن جابر بن سمرة رضى هللا عنه قال رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم متكئا على وسادة على يساره
وزادت عائشة كانت وسادة رسول هللا التى يضطجع عليها من أدم حشوها ليف
وعن أبى سعيد الخدري رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا جلس فى المسجد وفى
نسخة فى المجلس احتبى أي جمع ظهره وساقيه بيديه بيديه
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يصلى متربعا
65
وعن أبى هريرة وأبى ذر رضى هللا عنهما قاال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يجلس بين ظهرانى
أصحابه فتجىء العرب فال تدرى أين هو ؟ حتى تسأل فطلبنا إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن نجعل
له محال فتعرفه العرب إذا رأوه فبنينا له دكانا من طين فكان يجلس فيه وكنا نجلس بجانبه صفين
وعن عائشة رضى هللا عنها كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال يقعد فى بيت مظلم حتى يضاء له
بالسراج
وقد كانت مجالسه صلى هللا عليه وسلم مع أصحابه رضى هللا عنهم مجلس حلم وحياء ومجلس ت‘‘ذكير باهلل
تعالى وترغيب وترهيب إما بتالوة القرآن أو بما آتاه هللا من الحكمة والموعظة الحسنة وتعليم م‘‘ا ينف‘‘ع فى
الدين كما أمره هللا تعالى أن يذكر ويعظ ويقص وأن يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظ‘‘ة الحس‘‘نة وأن
يبشر وينذر ولذلك كانت تلك المجالس توجب ألصحابه رقة القلوب والزهد فى الدنيا والرغب‘‘ة فى اآلخ‘‘رة
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال قلنا يا رسول هللا مالنا إذا كنا عندك رقت قلوبنا وزهدنا فى الدنيا وكنا
من أهل اآلخرة فإذا خرجنا من عندك عاسفنا أهلنا وشممنا أوالدنا وأنكرنا أنفسنا فق‘ال ل‘‘و أنكم إذا خ‘‘رجتم
من عندى كنتم على حالكم ذلك لزارتكم المالئكة فى بيوتكم وقوله عاسفنا أي عالجنا أهلنا والعبناهم
وكان رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم أش‘‘د الن‘‘اس وق‘‘ارا وأعظمهم أدب‘‘ا وأرفعهم فخام‘‘ة وكرام‘‘ة يق‘‘ول
خارجة بن زيد كان صلى هللا عليه وسلم أوقر الن‘‘اس فى مجلس‘‘ه ال يك‘‘اد يخ‘‘رج ش‘‘يئا من أطراف‘‘ه أى من
بزاق فمه أو مخاط أنفه أو قطع ظفره
قال الحسن سألت أبي عن مجلسه صلى هللا عليه وسلم فقال كان رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ال يق‘‘وم
وال يجلس إال على ذكر وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهى به المجلس وي‘‘أمر ب‘‘ذلك يعطى ك‘‘ل جلس‘‘ائه
بنصيبه ال يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه من جالسه أو فاوض‘ه فى حاج‘ة ص‘ابره ح‘تى يك‘ون ه‘و
المنصرف عنه ومن سأله حاجة لم يرده إال بها أو بميسور من القول قد وسع الن‘‘اس بس‘‘طه وخلق‘‘ه فص‘‘ار
لهم أبا وصاروا عنده فى الحق سواء مجلسه مجلس علم وحلم وحياء وأمانة وصبر ال ترفع فيه األص‘‘وات
وال تؤبن فيه الحرم وال تثنى فلتاته متع‘‘ادلين ب‘‘ل ك‘‘انوا يتفاض‘‘لون في‘‘ه ب‘‘التقوى متواض‘‘عين ي‘‘وقرون في‘‘ه
الكبير ويرحمون فيه الصغير ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب
وقال الحسين سألت أبي كيف كانت سيرته في جلسائه؟ قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم دائم البشر
سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ وال غليظ وال صخاب فى األسواق وال فاحش وال عياب وال مداح يتغافل
عما ال يشتهي ويؤيس منه وال يجيب فيه ق‘‘د ت‘‘رك نفس‘‘ه من ثالث :الم‘‘راء واإلكث‘‘ار وم‘‘اال يعني‘‘ه وت‘‘رك
الناس من ثالث :كان ال يذم أحدا وال يعيره وال يطلب عوراته وال يتكلم إال فيما رجا ثوابه إذا تكلم أطرق
جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير وإذا سكت تكلموا وال يتنازعون عنده الحديث من تكلم أنصتوا ل‘ه ح‘تى
يفرغ حديثهم عنده حديث أولهم يضحك مما يضحكون ويتعجب مما يتعجبون ويصبر للغريب على الجفوة
في منطقه
عن رافع بن خديج قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا اجتم‘‘ع إلي‘‘ه أص‘‘حابه ف‘‘أراد أن ينهض ق‘‘ال
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ال إله إال أنت أستغفرك وأتوب إليك
66
عن رافع قال كان النبي صلى هللا عليه وسلم إذا أراد أن ينهض قال سبحانك اللهم وبحمدك قلن‘‘ا ي‘‘ا رس‘‘ول
هللا إن هؤالء كلمات أحدثتهن؟ قال أجل جاءنى بهن جبريل عليه السالم
روى أبو الحسن بن الضحاك عن كعب بن زهير رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
فى أصحابه مكان المائدة من القوم حلقة ثم حلقة وهو فى وسطهم فيقبل على هؤالء فيحدثهم ثم على هؤالء
ثم على هؤالء
وعن أبى هريرة وأبى ذر رضى هللا عنهما قاال كان رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يجلس بين ظه‘‘رانى
أصحابه فتجىء العرب فال تدرى أين هو ؟ حتى تسأل فطلبنا إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن نجعل
له محال فتعرفه العرب إذا رأوه فبنينا له دكانا من طين فكان يجلس فيه وكنا نجلس بجانبه صفين
عن عبد الرحمن بن أبى عمرة األنصاري قال أوذن أبو سعيد الخدري بجنازة قال فكأنه تخل‘‘ف ح‘‘تى أخ‘‘ذ
القوم مجالسهم ثم جاء معه فلما رآه القوم تسرعوا عن‘ه وق‘‘ام بعض‘‘هم عن‘ه ليجلس فى مجلس‘ه فق‘ال ال إنى
سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول خير المجالس أوسعها ثم تنحى فجلس فى مجلس واسع
وعن أنس رضى هللا عنه قال كنا نجلس عند رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كأنما على رءوسنا الط‘‘ير م‘‘ا
يتكلم منا أحد إال أبو بكر وعمر رضى هللا عنهما
وعن أبى رمثة قال أتيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ومعى إب‘‘نى فقلت ي‘‘ا ب‘‘ني ه‘‘ذا ن‘‘بى هللا ص‘‘لى هللا
عليه وسلم فلما رآه أرعد من هيبته
وعن ابن مسعود رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة
وعن أبى مسعود قال كنت أض‘‘رب غالم‘ا لى يوم‘ا إذ س‘معت ص‘‘وتا من خلفى اعلم أب‘ا مس‘عود هللا أق‘‘در
عليك منك إليه قال فجعلت ال ألتفت إليه من الغضب حتى غشينى فإذا هو رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم
فلما رأيته وقع السوط بين يدي من هيبته
وعن أم معبد رضى هللا عنها كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إن ص‘‘مت فعلي‘‘ه الوق‘‘ار وإن تكلم س‘‘ماه
وعاله البهاء له رفقاء يحف‘‘ون ب‘‘ه إن ق‘‘ال أنص‘‘توا لقول‘‘ه وإن أم‘‘ر إبت‘‘دروا إلى أم‘‘ره وأص‘‘حابه يخدمون‘‘ه
ويجتمعون إليه ال عابس وال معتد
وروى يعقوب بن صفوان عن أبى رمثة قال إنطلقت م‘‘ع أبى نح‘‘و رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم فلم‘‘ا
رأيته قال هل تدرى من هذا ؟ قلت ال قال هذا رس‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘ه وس‘لم واقش‘عرت حين ق‘‘ال ذل‘ك
وكنت أظن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم شيئا ال يشبه الناس فإذا هو بشر
عن أبي مسعود رضى هللا عنه قال أتى النبى صلى هللا عليه وس‘‘لم رج‘‘ل يكلم‘‘ه فأرع‘‘د فق‘‘ال ه‘‘ون علي‘‘ك
فلست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد
وروى الترمذى فى الشمائل عن علي رضى هللا عنه قال من رأى رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم بديه‘‘ة
هابه أي أكبره وعظمه ومن خالطه معرفة أحبه
وعن إبن عمر رضى هللا عنهما قال قال ما كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقوم من مجلسه ح‘‘تى ق‘‘ال
بهؤالء الدعوات ألصحابه اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به
جنتك ومن اليقين ما يهون علين‘‘ا مص‘‘يبات ال‘‘دنيا ومتعن‘‘ا بأس‘‘ماعنا وأبص‘‘ارنا وقوتن‘‘ا م‘‘ا أحييتن‘‘ا واجعل‘‘ه
الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا وال تجع‘ل مص‘‘يبتنا فى دينن‘ا وال تجع‘ل
الدنيا أكبر همنا وال مبلغ علمنا وال تسلط علينا من ال يرحمنا
وعن ابن عمر رضى هللا عنهما قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال يقيمن أح‘‘دكم رجال من مجلس‘‘ه
ثم يجلس فيه ولكن توسعوا وتفسحوا وكان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه متفق عليه
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه عن النبى صلى هللا عليه وسلم قال إذا قام أحدكم من مجلس‘ه ثم رج‘ع إلي‘ه
فهو أحق به
67
عن أبى هريرة رضى هللا عنه عن النبى صلى هللا عليه وسلم قال إذا جاء الرجل المجلس فليسلم فإن جلس
ثم بدا له أن يقوم قبل أن يتفرق المجلس فليسلم فإن األولى ليست بأحق من األخرى
عن أبى هريرة رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا جاء أحدكم المجلس فليس‘‘لم ف‘‘إن
رجع فليسلم فإن األخرى ليست بأحق من األولى
عن أنس رضى هللا عنه قال كنا نعرف رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا أقبل بطيب ريحه
عن موسى بن أنس عن أبيه قال كان لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم سكة يتطيب بها
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال م‘ا ش‘ممت رائح‘ة ق‘‘ط أطيب من رائح‘ة رس‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘ه
وسلم وال تناول أحد يده فيتركها حتى يكون هو الذى يتركها وما أخرج ركبتيه بين يدي جليس له ق‘‘ط وم‘‘ا
قعد إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رجل قط فقام حتى يقوم
عن عائشة رضي هللا عنها قالت كان رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يك‘‘ره أن يخ‘‘رج إلى أص‘‘حابه تف‘‘ل
الريح وكان إذا كان من آخر الليل مس طيبا
عن أنس رضى هللا عنه أنه كان ال يرد الطيب ويحدث أنه صلى هللا عليه وسلم كان ال يرده
عن جابر رضى هللا عنه قال كان فى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خصال لم يكن في طريق فيسلكه أحد
إال عرف أنه سلكه صلى هللا عليه وسلم من طيب عرفه أو ريح عرفه
عن أنس رضى هللا عنه قال ما شممت عنبرا قط وال مسكا وال شيئا أطيب من ريح رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم
عن جابر رضى هللا عنه لم يكن النبى صلى هللا عليه وسلم يمر فى طريقه فيتبعه أحد إال عرف أنه سلكه
من طيبه وذكر اسحاق بن راهويه أن تلك كانت رائحته صلى هللا عليه وسلم بال طيب
عن األعمش عن إبراهيم قال كان النبي صلى هللا عليه وسلم يعرف بريح الطيب
ونام رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى دار أنس فعرق فجاءت أم أنس بقارورة أي إناء من زجاج تجمع
فيها عرقه فسألها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن ذلك فقالت نجعله فى طيبنا وهو من أطيب الطيب
وعن أنس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إضطجع على بساط من جلد فعرق فقامت أم
سليم فصنعته فجعلته فى قارورة فرآه النبى صلى هللا عليه وسلم فقال ما هذا الذى تصنعين يا أم سليم ؟
قالت أجعل عرقك فى طيبى فضحك رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وقال وائل بن حجر رضى هللا عنه لقد كنت أصافح النبى أو يمس جلدي جلده فأتعرفه بعد فى يدي فانه
ألطيب رائحة من المسك
وقال وائل بن حجر رضى هللا عنه أتي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بدلو من ماء فشرب من الدلو ثم
صب فى البئر أو قال ثم مج فى البئر ففاح منها مثل رائحة المسك ورواه أبو الحسن ابن الضحاك بلفظ
أتي بدلو فتوضأ منه فتمضمض ومج مسكا أو أطيب من المسك وانتشر خارجا منه وقال أنس رضى هللا
عنه بزق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى بئر فى دارنا فلم يكن بالمدينة بئر أعذب منها
وقالت أم عاصم امرأة عتبة بن فرقد رضى هللا تعالى عنها كنا نتطيب ونجهد لعتبة ابن فرقد أن نبلغه فما
نبلغه وربما لم يمس عتبة طيبا فقلنا له فقال أخذنى البثر على عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فأتيته
فتفل فى كفه ثم مسح جلدى فكنت من أطيب الناس ريحا
68
وقال أبو أمامة رضى هللا عنه جاءت امرأة بذيئة اللسان إلى النبى صلى هللا عليه وسلم وهو يأكل قديدا
فقالت أال تطعمنى ؟ فناولها مما بين يديه فقالت ال إال الذى فى فيك فأخرجه فأعطاها فألقته فى فمها فأكلته
فلم يعلم منها بعد ذلك األمر الذى كانت عليه من البذاء والذرابة
وعن إبن عباس رضى هللا عنهما قال رأيت المسك فى رأس رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت كنت أطيب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بأطيب ما كنت أقدر
عليه قبل أن يحرم فى حجة الوداع
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يكره أن يخرج إلى أصحابه يوجد
منه إال ريح طيبة وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا كان فى آخر
الليل مس طيبا
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت كان أحب الطيب إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم المسك والعود
وعن إبن عباس رضى هللا عنهما قال كان أحب العود إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم القماري أي هو
نوع من الطيب ينسب إلى موضع ببالد الهند
وعن أنس رضى هللا عنه قال ما رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عرض عليه طيب قط فرده وعن
ابن عمر رضى هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ثالثة ال ترد الوسادة والدهن والطيب
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال إذا أتى أحدكم بالحلو فليأكل وال يردها وإذا أتى أحدكم بالرائحة
الطيبة فليشمها
وعن جابر بن سمرة رضى هللا عنه قال مسح رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خدي فوجدت ليده بردا
وريحا كأنما أخرجت من جؤنة عطار
عن عبد هللا بن وهب المصري عن قريش البصري عن ثابت البناني قال كان أنس رضى هللا عنه إذا
أصبح دهن يده بدهن طيب لمصافحة إخوانه
فائدة
األول مبدأ هذه الرائحة الطيبة بجسده صلى هللا عليه وسلم من ليلة اإلسراء وروى عن أنس رضى هللا
عنه قال كأن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم منذ أسرى به ريحه ريح عروس وأطيب من ريح عروس
الثانى قال بعضهم وكانت الريح الطيبة صفته صلى هللا عليه وسلم وإن لم يمس طيبا ومع هذا كان يستعمل
الطيب فى أكثر أوقاته مبالغة فى طيب ريحه لمالقاة المالئكة وأخذ الوحي ومجالسة المسلمين
69
وكان صلى هللا عليه وسلم إذا نام نفخ وعن ابن عباس رضى هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
نام حتى نفخ وكان إذا نام نفخ فأتاه بالل فآذنه بالصالة فقام وصلى ولم يتوضأ وهذه من خصوصياته إن
نومه ال ينقض وضوءه
وعن حذيفة رضى هللا عنه قال كان عليه الصالة والسالم إذا أوى على فراشه قال باسمك اللهم أموت
وأحيا وإذا إستيقظ قال الحمد هلل الذى أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور وقالت عائشة رضى هللا تعالى عنها
كان صلى هللا عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه فينفث فيهما ويقرأ قل هو هللا أحد وقل
أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ويبدأ بهما على رأسه ووجهه
وما أقبل من جسده يصنع ذلك ثالث مرات
وقد كان صلى هللا عليه وسلم تنام عيناه وال ينام قلبه رواه البخارى من حديث عائشة قاله لها عليه الصالة
والسالم لما قالت له أتنام قبل أن توتر ؟
عن ابن عباس رضى هللا عنهما قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يكتحل قبل أن ينام باإلثمد ثالثا
فى كل عين وعن جابر بن عبد هللا رضى هللا قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عليكم باإلثمد عند
النوم فإنه يجلو البصر وينبت الشعر
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا أراد أن ينام توضأ وضوءه
للصالة وعن ابن عباس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قام من الليل فدخل الخالء
فقضى حاجته ثم غسل وجهه وكفيه ثم نام
وعن أبى أمامة رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مر برجل فى المسجد منبطحا لوجهه
فضربه برجله وقال قم نومة جهنمية
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها
فليتحول عن يساره وليسأل هللا تعالى خيرها وليتعوذ باهلل تعالى من شرها وعن أبى رزين العقيلى أن
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال الرؤيا معلقة برجل طائر ما لم يحدث بها صاحبها فإذا حدث بها وقعت
فال تحدث بها عالما أو ناصحا أو لبيبا وفى لفظ أو ذا رأى
فائدة
قال الواقدى أجمع أصحابنا بالمدينة ال إختالف بينهم فى أن سرير صلى هللا عليه وسلم إشتراه عبد هللا بن
إسحاق األسجاني بأربعة آالف درهم
اعلم أن قلة الحياء تكون من موت القلب والروح وكلما ك‘‘ان القلب حي‘‘ا ك‘‘ان الحي‘‘اء أتم فعلى حس‘‘ب حي‘‘اة
القلب يكون خلق الحياء فى قلوب القوم والحياء هو خلق يبعث على إجتناب القبيح ويمنع عن التقص‘‘ير فى
حق ذى الحق
عن أنس رضى هللا عنه قال كان رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم أش‘‘د حي‘‘اء من الع‘‘ذراء فى خ‘‘درها أي
الستر وكان إذا كره شيئا عرف ذاك فى وجهه
وعن هند بن أبى هالة رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خافض الطرف جل نظره
إلى األرض أكثر من نظره إلى السماء جل نظره المالحظة وهو أن ينظر بلحظ عينه وال يحدق إلى
الشىء وكانت المالحظة معظم نظره وهو دليل الحياء والكرم
وكان صلى هللا عليه وسلم لطيف البشرة رقيق الظاهر ال يشافه أحدا بما يكرهه حياء وكرم نفس
70
عن أبى سعيد الخدرى رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أشد حياء من العذراء فى
خدرها وكان إذا كره شيئا عرفناه فى وجهه اه وكمثل هذا النبى الشريف األنبياء قبله فى حيائهم كما قاله
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان موسى رجال حييا ستيرا ما يرى من جسده شيئ استحياء
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال يكاد يواجه أحدا فى وجهه
بشىء يكرهه فدخل عليه رجل يوما وعلى وجهه صفرة فلما قام قال ألصحابه لو غير أو نزع هذه
الصفرة وفى رواية لو أمرتم هذا أن يغسل هذه الصفرة
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه أنه كان من حيائه صلى هللا عليه وسلم ال يثبت بصره فى وجه أحد
والحياء كما قال عليه الصالة والسالم ال يأتى إال بخير وهو من اإليمان كما رواه البخارى وأنه كان يكنى
عما اضطره الكالم إليه مما يكره وعن عائشة رضى هللا عنها ما رأيت فرج رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم قط
عن سهل بن سعد رضى هللا عنه كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حييا ال يسأل عن شىء إال أعطى
عن عائشة رضى هللا عنها كان النبى صلى هللا عليه وسلم إذا بلغه عن أحد بما يكرهه لم يقل ما بال فالن
يقول كذا ولكن يقول ما بال أقوام يصنعون أو يقولون كذا ينهى عنه وال يسمى فاعله اه
ومن حيائه صلى هللا عليه وسلم أنه صلى هللا عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة قصد مكانا بعيدا منعزال
وكان صلى هللا عليه وسلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من األرض وكان إذا أراد أن يدخل
المرفق أي الكنيف لبس حذاءه وغطى رأسه
وكان إذا وضع يده فى الطعام يسمى هللا تعالى وكان يحمد هللا تعالى فى آخره فيقول الحمد هلل حمدا كثيرا
طيبا مباركا فيه غير مودع وال مستغنى عنه ربنا وفى رواية للترمذى أنه عليه الصالة والسالم قال بركة
الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده فيحمل الوضوء األول على الشرعي والثانى على اللغوي
وفى الترمذى قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا أكل أحدكم فليذكر اسم هللا تعالى فى أوله فإن نسى أن
يذكر اسم هللا تعالى فى أوله فليقل بسم هللا أوله وآخره
ولم يكن صلى هللا عليه وسلم يأكل طعاما حارا فقد أتى بصحفة تفور فقال إن هللا لم يطعمنا نارا رواه
الطبرانى وعن أنس كان صلى هللا عليه وسلم يكره الكي والطعام الحار ويقول عليكم بالبارد فإنه ذو بركة
أال وإن الحار ال بركة فيه رواه أبو نعيم فى الحلية
وعن عائشة رضى هللا عنه ما عاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم طعاما قط إن إشتهاه أكله وإال تركه
وعن هند بن أبى هالة أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال يذم ذواقا وال يمدحه أي كان ال يصف الطعام
بطيب أو فساد إن كان فيه وهللا أعلم
وعن عبد هللا بن بسر رضى هللا عنه قال أهديت إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم شاة فجثا على ركبتيه
فأكل فقال أعرابي يا رسول هللا ما هذه الجلسة ؟ فقال إن هللا عز وجل جعلنى عبدا كريما ولم يجعلنى
جبارا عنيدا
وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يجلس لألكل محتفزا أي
إستوى جالسا على وركيه
وروى أبو داود الطيالسى عن إبنة خباب أنها أتت النبى صلى هللا عليه وسلم بشاة فاعتقلها فحلبها وقال
ائتنى بأعظم إناء لكم فأتيناه بقصعة العجين فحلب فيها حتى مألها قال إشربوا أنتم وجيرانكم
وكان صلى هللا عليه وسلم إذا دعي لطعام وتبعه أحد أعلم به رب المنزل فيقول إن هذا تبعنا إن شئت رجع
وكان صلى هللا عليه وسلم يكرر على أضيافه ويعرض عليهم األكل مرارا وكان عليه الصالة والسالم إذا
71
أكل مع قوم كان آخرهم أكال وكان عليه الصالة والسالم إذا أكل عند قوم لم يخرج حتى يدعو لهم فدعا فى
منزل عبد هللا بن يسير فقال اللهم بارك لهم فيما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن يقام من الطعام حتى يرفع
قال ابن القيم ولم يكن صلى هللا عليه وسلم يشرب على طعامه لئال يفسده وال سيما إن كان الماء حارا أو
باردا فانه رديء جدا
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه دعا رجل من األنصار من أهل قباء اي إسم قرية بالمدينة رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم فانطلقنا معه فلما طعم غسل يده أو قال يديه وعن أنس رضى هللا عنه أن رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم قال من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ إذا حضر غذاءه وإذا رفع المراد بالوضوء
هنا غسل اليدين فقط وعن أبى هريرة قال أكل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كتف شاة فمضمض وغسل
يديه
وعن أسماء بنت يزيد رضى هللا عنها قالت أتى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بطعام فقلنا ال نشتهيه فقال
ال تجمعن كذبا وجوعا
وكان صلى هللا عليه وسلم يأكل البطيخ بالرطب ويقول يكسر حر هذا برد هذا وبرد هذا حر هذا وعن عبد
هللا بن جعفر قال رأيت فى يمين النبى صلى هللا عليه وسلم قثاء وفى شماله رطبا وهو يأكل من ذا مرة
ومن ذا مرة وعن أنس رضى هللا عنه رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يجمع بين الرطب والخربز
أي نوع من البطيخ األصفر
وكان صلى هللا عليه وسلم يأكل بأصابعه الثالث وكان صلى هللا عليه وسلم يلعق أصابعه إذا فرغ ثالثا
وفى رواية مسلم ويلعق يده قبل أن يمسحها وعن كعب بن عجرة رضى هللا عنه قال رأيت رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم يأكل بأصابعه الثالث باإلبهام والتى تليها والوسطى ثم رأيته يلعق أصابعه الثالث
قبل أن يمسحها الوسطى ثم التى تليها ثم اإلبهام وأكل أيضا صلى هللا عليه وسلم بخمس وكان صلى هللا
عليه وسلم ال يأكل متكئا كما صح فى صحيح البخاري أنه قال ال آكل متكئا وقال إنما أنا عبد أجلس كما
يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد وأهديت له صلى هللا عليه وسلم شاة فجثا على ركبتيه يأكل فقال أعرابي
ما هذه الجلسة فقال إن هللا تعالى جعلنى كريما ولم يجعلنى جبارا
وعن أنس رضى هللا عنه أيضا أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثالث
وقال إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها األذى وليأكلها وال يدعها للشيطان وأمرنا أن نسلت القصعة قال
فإنكم ال تدرون فى أي طعامكم البركة
عن عائشة رضى هللا عنها قالت يا رسول هللا كل متكئا فإنه أهون عليك قالت فأصغى برأسه حتى كاد أن
تصيب جبهته األرض ثم قال ال بل آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد
عن أبى جحيفة رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أما أنا فال آكل متكئا قال النووي
والمعنى ال آكل أكل من يريد اإلستكثار من الطعام ويقعد له متمكنا بل أقعد مستوفزا وآكل قليال
وعن عمار بن ياسر رضى هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان ال يأكل من هدية حتى يأمر
صاحبها أن يأكل منها بسبب الشاة التى أهديت إليه بخيبر
وعن أنس رضى هللا عنه قال أتي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بتمر هدية فجعل يقسمه وهو محتفز أي
مستعجل يريد القيام غير متمكن من األرض يأكل منه أكال ذريعا
وعن إبن عمر رضى هللا عنهما قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا لقم أول لقمة قال يا واسع
المغفرة
عن أبى هريرة رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ما إستكبر من أكل معه خادمه
وركب الحمار باألسواق واعتقل الشاة فحلبها
72
وعن جابر رضى هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إن أحب الطعام إلي ما كثرت عليه
األيدى
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان إذا أراد أن يأكل غسل يديه
وعن عائشة رضى هللا عنها أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يأكل قائما وقاعدا وينصرف عن
يمينه وشماله وعن إبن عباس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم دخل حائطا لبعض
األنصار فجعل يأكل الرطب فيأكل وهو يمشى وأنا معه
وعن جابر رضى هللا عنه بسند ضعيف أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كره شم الطعام وقال إنما يشم
السباع
وروى اإلمام أحمد عن رجل خدم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
إذا قرب إليه طعامه قال باسم هللا
وعن أبى رمثة وحبشى بن حرب رضى هللا عنه أن أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قالوا يا
رسول هللا إنا نأكل وال نشبع لعلكم تتفرقون ؟ قالوا نعم قال إجتمعوا على طعامكم واذكروا إسم هللا تبارك
وتعالى يبارك لكم فيه
وعن عامر بن ربيعة رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يأكل بثالث أصابع ويلعقهن
إذا فرغ وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا أكل لعق أصابعه
وقال آه لعق األصابع بركة
وعن إبن عمر رضى هللا عنهما قال إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان
يأكل بشماله ويشرب بشماله
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه أتي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يوما بلحم فرفع إليه الذراع وكانت
تعجبه فنهس منها نهسة فقال أنا سيد الناس يوم القيامة وعن جابر أن النبى صلى هللا عليه وسلم سأل أهله
األدم فقالوا ما عندنا إال خل فدعا به فجعل يأكل به ويقول نعم األدم الخل نعم األدم الخل وفى صحيح مسلم
أكل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأصحابه ثم دعا بماء بارد فشرب فقال لتسألن عن هذا النعيم يوم
القيامة فأخذ عمر العذق أي فرع الشجرة من التمر فضرب به األرض حتى تناثر البسر أي التمر الذى
ال يبلغ تمامه قبل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ثم قال يا رسول هللا إنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة ؟
قال نعم انتهى
قال النووي فيه إستحباب الحديث على األكل تأنيسا لآلكلين وقال الغزالي فى اإلحياء من آداب الطعام أن
يتحدثوا فى حال أكله بالمعروف ويتحدثوا بحكاية الصالحين فى األطعمة وغيرها وقال إبن القيم كان النبى
يتحدث على طعامه كما تقدم فى حديث الخل
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال أتي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بتمر فرأيته يأكل وهو مقع أي
اإلقعاء وهو أن يستند إلى ما وراء من الضعف من الجوع
قال الحافظ ابن حجر المستحب فى صفة الجلوس لألكل ان يكون جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه أو
ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى
وعن جابر بن عبد هللا رضى هللا تعالى عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أخذ بيد مجذوم الجذام
مرض تتساقط به اللحم واألعضاء وهو مرض يتعدى إلى الغير فأدخله معه فى القصعة ثم قال له كل
باسم هللا ثقة باهلل وتوكال عليه
وعن عبد هللا وعطية رضى هللا عنهما قاال دخل علينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقدمنا له زبدا وتمرا
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت كان أحب الفواكه إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الرطب والبطيخ
وعن أنس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال يأكل الثوم وال الكراث وال البصل من أجل
أن المالئكة تأتيه ومن أجل أنه يكلم جبريل عليه السالم
73
ما ذكر فى شربه صلى هللا عليه وسلم
عن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت كان يستعذب له الماء من بيوت السقيا رواه أبو داود وقد كان عليه
الصالة والسالم يشرب العسل الممزوج بالماء البارد وقالت عائشة كان أحب الشراب إليه صلى هللا عليه
وسلم الحلو البارد
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يحب الحلوى والعسل
وعن ابن عباس رضى هللا عنه قال كان أحب الشراب إلى رسول هللا صلى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم اللبن وعن ابن
عباس أيضا أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم شرب لبنا فمضمض وقال إن له دسما
وعن أنس رضى هللا عنه قال سقيت رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم فى ه‘‘ذا الق‘دح الش‘‘راب كل‘ه العس‘‘ل
واللبن والماء المخلوط بالعسل
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت كان أحب الشراب إليه صلى هللا عليه وسلم الحلو الب‘‘ارد زاد ابن الس‘‘نى
وأبو نعيم فى الطب العسل وقال إنه يبرد فؤادى ويجلو بصرى
عن ابن عمر رضى هللا عنه قال ما رأيت أحدا أجود وال أنجد وال أشجع وال أرضى من رس‘‘ول هللا ص‘‘لى
هللا عليه وسلم
عن ابن عباس رضى هللا عنهما قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما
يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل عليه السالم
قال ابن القيم ولم يكن صلى هللا عليه وسلم يشرب على طعامه لئال يفسده وال سيما إن ك‘‘ان الم‘‘اء ح‘‘ارا أو
باردا فانه رديء جدا وروى أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال مصوا الماء مصا وال تعب‘‘وه عب‘‘ا ف‘‘إن
الكباد من العب
وكان عليه الصالة والسالم يشرب قاعدا وكان ذلك عادته رواه مس‘‘لم وروى عن أنس رض‘‘ى هللا عن‘‘ه أن
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم نهى عن الشرب قائما ق‘‘ال قت‘‘ادة فقلن‘‘ا فاألك‘‘ل فق‘‘ال ذاك أش‘‘ر وأخبث وفى
حديث آخر قال ال تشربن أحدكم منكم قائما فمن نسى فليستسقئ
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يكره أن ينفخ فى شرابه
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يشرب قائما وقاعدا وعن
ابن عباس رضى هللا عنهما أن النبى صلى هللا عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم وفى حديث آخ‘‘ر ق‘‘ال
ابن عباس سقيت النبى صلى هللا عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم
وفى حديث عن علي رضى هللا عنه عند البخارى أنه ش‘‘رب وه‘‘و ق‘‘ائم ثم ق‘‘ال إن ناس‘‘ا يكره‘‘ون الش‘‘رب
قائما وإن النبى صلى هللا عليه وسلم صنع مثل ما صنعت فالنهى محمول على كراهة التنزيه وشربه صلى
هللا عليه وسلم قائما لبيان الجواز
وكان صلى هللا عليه وسلم يتنفس فى الشراب ثالثا ويقول إنه أروى وأمرأ وأبرأ رواه مسلم ومعنى تنفس‘‘ه
إباحة القدح عن فيه وتنفسه خارجه ثم يعود إلى الشراب وعن أبى هريرة رض‘‘ى هللا عن‘ه أن الن‘بى ص‘‘لى
هللا عليه وسلم يشرب فى ثالثة أنفاس إذا أدنى اإلناء إلى فيه سمى هللا تعالى فاذا أخره حمد هللا تعالى يفع‘‘ل
ذلك ثالثا وروى أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال إذا شرب أحدكم فال يتنفس فى اإلن‘‘اء ف‘‘إذا أراد أن
يعود فلينح اإلناء ثم ليعد إن كان يريد
وعن عبد هللا بن عباس رضى هللا عنهما قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال تشربوا واح‘دا كش‘رب
البعير ولكن اشربوا مثنى وثالث وسموا إذا أنتم شربتم واحمدوا إذا أنتم رفعتم
74
وعن ابن عم‘‘ر رض‘‘ى هللا عنهم‘‘ا ق‘‘ال ك‘‘ان رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم يبعث إلى المط‘‘اهر أي
والمطهرة بيت يتطهر فيه يشمل الوضوء والغسل واإلستنجاء فيؤتى بالماء فيشربه يرجو بركة أيدى
المسلمين
وعن عائشة رضى هللا عنها كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يشرب قائما وقاعدا
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال قال رس‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘ه وس‘لم ل‘و يعلم ال‘ذى يش‘رب قائم‘ا م‘ا
يجعل فى بطنه الستقاء
وعن ابن عباس رضى هللا عنهما قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا سقى قال إب‘‘دءوا ب‘‘الكبرى أو
قال باألكابر
وعن عبد هللا بن أبى أوفى رضى هللا عنه قال أص‘‘اب رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم وأص‘‘حابه عطش
فنزلنا منزال فأتى بإناء فجعل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يسقى أصحابه وجعلوا يقولون اش‘‘رب فيق‘‘ول
صلى هللا عليه وسلم ساقى القوم آخرهم شربا حتى سقاهم كلهم وعن أنس رضى هللا عنه ق‘‘ال ك‘ان رس‘ول
هللا صلى هللا عليه وسلم يسقى أصحابه قالوا يا رسول هللا لو شربت فقال ساقى القوم آخرهم
75
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت كانت وسادة رسول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم ال‘‘ذى يتكئ عليه‘‘ا من أدم
حشوها ليف
عن عبد هللا بن الزبير رضى هللا تعالى عنه قال بعثنى رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم فى ي‘‘وم ب‘‘ارد فى
حاجة ومعه بعض نسائه فى لحاف فأدخلنى فى لحافه
وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يص‘‘لى علي‘‘ه ط‘‘رف اللح‘‘اف
وعلى عائشة طرفه
وعن أنس رضى هللا عنه قال دخل سلمان على عمر رضى هللا عنهم‘‘ا وه‘‘و متكئ على وس‘‘ادة فألقاه‘‘ا ل‘‘ه
فقال سلمان هللا أكبر صدق هللا ورسوله فقال عمر حدثنا يا أبا عبد هللا قال دخلت على رسول هللا ص‘‘لى هللا
عليه وسلم وهو متكئ على وسادة فألقاها إلي ثم قال يا سلمان ما من مسلم يدخل على أخيه المسلم فيلقى له
وسادة إكراما له إال غفر هللا له
وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت أن النبى صلى هللا عليه وسلم كان يحتجز حصيرا باللي‘‘ل فيص‘‘لى
عليه ويبسطه بالنهار فيجلس عليه
وروى عن أبى قالبة عن بعض آل أم سلمة ق‘‘ال ك‘‘ان ف‘‘راش رس‘‘ول هللا ص‘‘لى هللا علي‘‘ه وس‘‘لم نح‘‘وا مم‘‘ا
يوضع لإلنسان فى قبره وكان المسجد عند رأسه
76
وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كانت له كمة بيضاء رواه الدمياطى
والكمة القلنسوة وعن أبى رمثة قال رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعليه بردان أخضران وعن
أبى يعلى عن أبيه قال رأيته صلى هللا عليه وسلم يطوف بالبيت مضطبعا ببرد أخضر وعن المغيرة بن
شعبة رضى هللا عنه أن النبى صلى هللا عليه وسلم لبس جبة رومية ضيقة الكمين
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال خرج علينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعليه قميص أصفر
ورداء أصفر وعمامة صفراء
وعن أنس رضى هللا عنه كان النبى صلى هللا عليه وسلم يلبس الصوف وكان له صلى هللا عليه وسلم
كساء ملبد يلبسه ويقول إنما عبد يلبس كما يلبس العبد رواه الشيخان وعن أبى جحيفة قال رأيت النبى
صلى هللا عليه وسلم وعليه حلة حمراء كأنى أنظر إلى بريق ساقيه وعن البراء بن عازب قال ما رأيت
أحدا من الناس أحسن فى حلة حمراء من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن كانت جمته أي خصلة
الشعير لتضرب قريبا من منكبيه
وعن أبى بردة عن أبيه قال أخرجت إلينا عائشة رضى هللا عنها كساء ملبدا وإزارا غليظا فقالت قبض
روح رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى هذين
وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت خرج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وقد عقد عباءة بين كتفيه
فلقيه أعرابي فقال لم لبست هذا يا رسول هللا ؟ فقال ويحك إنما لبست هذا ألقمع به الكبر
عن أنس بن مالك رضى هللا عنه قال أن ملك الروم أهدى للنبى صلى هللا عليه وسلم مستقة أي جبة
متخذة من وبر اإلبل أي شعره من سندس فلبسها فكأنى أنظر إلى يديه تذبذبان
وعن عائشة رضى هللا عنها خرج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ذات غذات وعليه مرط أي كساء
طويل واسع من خز يؤتزر به من شعر أسود
وعن سهل بن سعد الساعدي رضى هللا عنه قال حاك شخص لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم جبة أي
بردة من صوف يلبسها األعراب من صوف أسود وكانت حاشيتها بيضاء وقام فيها إلى أصحابه فما
أعجب بثوب ما أعجب به فجعل يمسه بيده ويضرب بيده إلى فخذه فقال أال ترون إلى هذه ما أحسنها فقال
أعرابي يا رسول هللا بأبى أنت وأمى هبها لى وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال يسأل شيئا فيقول ال
فقال نعم فخلعها فأعطاه الجبة
وعن أسماء رضى هللا تعالى عنها قالت كان لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم جبة مكفوفة بالديباج فكان
يلقى فيها العدو
وعن طارق بن عبد هللا المحاربى رضى هللا عنه قال رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بسوق ذى
المجاز أي سوق بقرب عرفة وعليه جبة حمراء
وعن أنس رضى هللا عنه أن ملك الروم أهدى لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم جبة من سندس منسوجا
فيها الذهب فلبسها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فعجب الناس منها فقال أتعجبون من هذه ؟ فوالذى
نفسى بيده لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن منها وأهداها إلى عمر رضى هللا عنه فقال يا رسول هللا
أتكرهها وألبسها فقال يا عمر إنما أرسلت بها لتبيعها فباعه عمر رضى هللا عنه بألفي درهم وذلك قبل أن
ينهى عن الحرير
وروى إبن قانع عن داود بن داود أن قيصر أهدى لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم جبة من سندس
فاستشار أبا بكر وعمر رضى هللا عنهما فقاال يا رسول هللا نرى أن تلبسها يكبت هللا بها عدوك ويسر
المسلمين فلبسها وصعد المنبر فخطب وكان جميال يتألأل وجهه فيها ثم نزل فخلعها فلما قدم عليه جعفر
وهبها له
وعن ابن عباس رضى هللا عنهما قال لقد رأيت على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أحسن ما يكون من
الحلل
77
وعن أنس بن مالك رضى هللا عنه أن مالكا ذا يزن أهدى لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم حلة أخذها
بثالثة وثالثين ناقة فقبلها
وعن عبد هللا بن الحارث رضى هللا عنه قال إشترى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حلة بسبع وعشرين
ناقة فلبسها وفى رواية بسبع وعشرين أوقية
وعن ابن سيرين بسند رجاله ثقات وهو مرسل أن النبى صلى هللا عليه وسلم إشترى حلة وإما قال ثوبا
بتسع وعشربن ناقة
وعن يزيد بن عياض رضى هللا عنه قال أهدى حكيم بن حزام رضى هللا تعالى عنه لرسول هللا صلى هللا
عليه وسلم فى الهدنة التى كانت بين رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وبين قريش حلة ذى يزن إشتراها
بثالثمائة دينار فردها عليه وقال إنى ال أقبل هدية مشرك فباعها حكيم فأمر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
من إشتراها له فلبسها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وروى مسلم وابن عساكر رضى هللا تعالى عنه قال كان أحب الثياب إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
أن يلبسها الحبرة أي الحبرة ثوب أخضر وقيل هى برود يؤتى بها من اليمن مخططة
وعن ابن عباس رضى هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لبس قميصا وكان فوق الكعبين وكان
كمه إلى األصابع
وعن أنس وإبن عباس وأسماء رضى هللا عنهم قالوا كان كم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إلى الرسغ
وعن ابن عباس رضى هللا عنهما قال خرج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعليه ملحفة متغطيا بها على
منكبه وعليه عمامة سوداء
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت أهدى أبو جهم بن حذيفة لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم خميصة اي
ثوب أسود أو أحمر له أعالم شامية لها علم أي صورة فنظر إلى أعالمها نظرة فى الصالة فلما إنصرف
قال ردوا هذه الخميصة إلى أبى جهم فإنى نظرت إلى علمها فى الصالة فكاد يفتننى
عن أبى هريرة رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إشترى سراويل بأربعة دراهم فقلت يا
رسول هللا إنك لتلبس السراويل فقال نعم فى السفر والحضر وبالليل والنهار فإنى أمرت بالستر فلم أجد
شيئا أستر منه
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت صنعت للنبى صلى هللا عليه وسلم بردة سوداء فلبسها فلما عرق فيها
وجد منها ريح الصوف فقذفها وأحسبه قال وكان يعجبه الريح الطيبة
وعن أنس رضى هللا عنه قال كان أحب األلوان إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الخضرة
عن جابر رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يلبس بردة األحمر فى العيدين والجمعة
وعن أبى رمثة رضى هللا عنه قال حججت فقدمت المدينة فلم أكن رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
فخرج وعليه ثوبان أحمران
وعن رافع بن خديج رضى هللا عنه قال إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رأى الحمرة قد ظهرت فكرهها
وعن عمران بن حصين رضى هللا عنهما قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إياكم والحمرة فإنها
أحب الزينة إلى الشيطان
وعن طارق بن عبد هللا المحاربى أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أتاه وعليه ثوبان أبيضان
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال خرج علينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعليه قميص أصفر
ورداء أصفر وعمامة صفراء
78
باب فى بيان عمامته صلى هللا عليه وسلم
عن جابر رضى هللا عنه قال دخل النبى صلى هللا عليه وسلم مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء وفى
رواية جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه أن النبى صلى هللا عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء
وفى رواية أنس عند البخاري دخل صلى هللا عليه وسلم عام الفتح وعلى رأسه المغفر
عن ابن عمر رضى هللا عنهما قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يعتم يدير كور عمامته ويغرسها
من وراءه ويرخى لها ذؤابة بين كتفيه وروى ابن أبى شيبة عن علي رضى هللا عنه قال عممنى رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم بعمامة سذل طرفها على منكبى وقال إن هللا أمدنى يوم بدر ويوم حنين بمالئكة
معممين هذه العمة وقال إن العمامة حاجز بين المسلمين والمشركين
وعن جابر رضى هللا عنه قال كان لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم عمامة سوداء يلبسها فى العيدين
ويرخيها خلفه
وعن أبى هريرة رضى هللا عنه قال خرج علينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعليه قميص أصفر
ورداء أصفر وعمامة صفراء
قال الغزالى فى اإلحياء وربما لم تكن العمامة فيشد صلى هللا عليه وسلم العصابة على رأسه وعلى جبهته
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت أتى رجل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على دابة وعليه عمامة
حمراء قد أرخى طرفها بين كتفيه فسألت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال هل رأيتيه ؟ قلت نعم قال
ذاك جبريل عليه السالم فأمرنى أن أمضى إلى بنى قريظة
وعن سهل بن سعد رضى هللا تعالى عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يكثر القناع أي القناع
والتقنع تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو عمامة أوغيره
وعن أنس رضى هللا عنه كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يكثر التقنع وهو من أخالق األنبياء أو لبسة
األنبياء عليهم السالم وقال ألقى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم القناع عن رأسه وأخرج وجهه ثم قال
هكذا اإليمان ثم قنع رأسه وغطى وجهه وأخرج إحدى عينيه وقال هكذا النفاق
وعن عبد هللا رضى هللا عنه قال التلفع والتقنع من أخالق األنبياء عليهم السالم وكان النبى صلى هللا عليه
وسلم يتقنع واألحاديث فى هذه كثيرة
فائدة
قال العلماء رحمهم هللا تعالى لم تكن عمامة النبى صلى هللا عليه وسلم بالكبيرة التى تؤذى صاحبها وال
بالصغيرة التى تقصر عن وقاية الرأس من الحر والبرد بل وسطا بين ذلك
وقال الحافظ أبو الخير السخاوى رحمه هللا تعالى فى فتاويه رأيت من نسب لعائشة رضى هللا عنها أن
عمامة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى السفر كانت بيضاء وفى الحضر كانت سوداء وكل منهما سبعة
أذرع قال السخاوى وهذا شىء ما علمناه
قال الشيخ برهان الدين الباجى حافظ الشام فى كتابه قالئد العقيان فيما يورث الفقر والنسيان إن التعمم
قاعدا والتسرول قائما يورثان الفقر والنسيان
فائدة
قد تعارضت األحاديث فى تختمه هل هو فى يده اليمنى أو اليسرى قال البغوى فى شرح السنة وطريق
الجمع بين األحاديث المختلفة بأنه تختم أوال فى يمينه ثم تختم فى شماله وكان ذلك آخر األمرين وقال إبن
أبى حاتم ال يثبت هذا ولكن يمينه أكثر وقال البيهقى فى األدب يجمع بين األحاديث بأن الذى لبسه فى
يمينه هو خاتم الذهب كما صرح به فى حديث إبن عمر والذى لبسه فى يساره هو خاتم الفضة وقال غيره
يجمع بأنه لبس الخاتم أوال فى يمينه ثم حوله إلى يساره وفى المسألة عند الشافعية إختالف واألصح اليمين
قال الحافظ ويظهر لى أن ذلك يختلف باختالف الفعل فإن كان اللبس للتزين فاليمين أفضل وإن كان للختم
فاليسار أولى ونقل النووى وغيره اإلجماع على جواز األمرين وال كراهة عند الشافعية وإنما اإلختالف
فى األفضل وهللا تعالى أعلم
إختلف العلماء رحمهم هللا تعالى فى لبس الخاتم فى الجملة فأباحه كثيرون من غير كراهة وبعضهم كرهه
قال بعض العلماء كان فى خاتمه صلى هللا عليه وسلم من السر شىء كما كان فى خاتم سليمان لما فقد
خاتمه ذهب ملكه وعثمان رضى هللا عنه لما فقد خاتم النبى صلى هللا عليه وسلم انتقض عليه األمر
وخرج عليه الخارجون وكان ذلك إبتداء الفتنة التى أفضت إلى قتله واتصلت إلى آخر الزمان
وأما من صنع خاتم النبى صلى هللا عليه وسلم فروى عن يعلى بن منية أنه قال أنا صنعت للنبى صلى هللا
عليه وسلم خاتما لم يشركنى فيه أحد نقش فيه محمد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال الحافظ فيستفاد
منه إسم الذى صاغ الخاتم
80
وروى اإلمام أحمد برجال الصحيح عن يزيد بن الشخير رضى هللا عنه عن األعرابى رضى هللا عنه أن
نعل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كانت مخصوفة
وعن ابن عباس رضى هللا عنهما قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا لبس نعليه بدأ باليمين وإذا
خلع خلع اليسرى
وعن عائشة رضى هللا تعالى عنها قالت كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يتنعل قائما وقاعدا
وعن زياد بن سعيد رضى هللا عنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يكره أن يطلع من نعله شىء
عند قدومه أي بمعنى أنه كان يحبها مناسبة لقدمه وال تزيد عنها
ما ذكر فى بيان خضابه على شعره ولحيته صلى هللا عليه وسلم
وعن أبى رمثة رضى هللا عنه قال أتيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعليه بردان أخضران وله شعر
قد عاله الشيب وشيبه أحمر مخضوب بالحناء وعن أبى رمثة أيضا قال أتيت أنا وأبى إلى رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم وكان قد لطخ لحيته بالحناء وفى رواية قد لطخ لحيته بالصفرة
وعن عبيد بن جريد قال رأيت إبن عمر رضى هللا تعالى عنهما يصفر لحيته فقلت له فى ذلك فقال إنى
رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يصفر لحيته
وعن أبى رمثة رضى هللا عنه قال أتيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يصفر لحيته
وعن عبد الرحمن الثمانى قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يغير لحيته بماء السدر ويأمر بتغيير
الشعر مخالفة لألعاجم
وروى البخارى عن عثمان بن عبد هللا بن موهب قال أرسلنى أهلى بقدح من ماء إلى أم سلمة رضى هللا
تعالى عنها فجاءت بالجرس الصغير من فضة فيه شعر من شعر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فكان
اإلنسان إذا أصابه عين أو شىء بعث إليها بإناء فخضخضت له فشرب منه فاطلعت فى الجرس فرأيت
شعرات حمر
فائدة
إختلف العلماء رحمهم هللا هل خضب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أم ال قال القاضى األكثرون وهو
مذهب مالك أنه لم يخضب وقال النووى المختار أنه صبغ فى وقت وتركه فى معظم األوقات فأخبر كل
بما رأى وهو صادق
قال الشيخ عبد الجليل القصرى إنما صبغ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ألن النساء غالبا يكرههن الشيب
ومن كره من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم شيئا فقد كفر
عن عائشة رضى هللا عنها أنها قالت رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو بالموت وعنده قدح فيه
ماء وهو يدخل يده فى القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول اللهم أعنى على سكرات الموت
وعن عائشة رضى هللا عنها أنها قالت كنت مسندة النبى صلى هللا عليه وسلم إلى صدرى أو قالت إلى
حجرى فدعا بطست أي إناء ليبول فيه ثم بال فمات
عن عائشة رضى هللا عنها أن النبى صلى هللا عليه وسلم مات وهو ابن ثالث وستين سنة وعن ابن عباس
رضى هللا عنهما مكث النبى صلى هللا عليه وسلم بمكة ثالث عشرة سنة يوحى إليه وبالمدينة عشرا وتوفى
وهو ابن ثالث وستين وعن عمار مولى بنى هاشم قال سمعت ابن عباس يقول توفي رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم وهو ابن خمس وستين قال محمد بن إسماعيل رواية ثالث وستيت أكثر وقال النووي هى
أصحها وأشهرها
وقد ورد أنه حصل بعد وفاته اضطراب حتى قال عمر من قال منكم أن محمدا قد مات قتلته بسيفي هذا
حتى جاء أبو بكر وقال يا أيها الناس من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد هللا فان هللا حي
ال يموت ثم تال قوله وما محمد إال رسول اآلية وقرأ إنك ميت وإنهم ميتون سورة الزمر
وعن عائشة رضى هللا عنها قالت لما قبض رسول هللا صلى هللا عليه وسلم اختلفوا فى دفنه فقال أبو بكر
سمعت من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم شيئا ما نسيته قال ما قبض هللا نبيا إال فى الموضع الذى يحب
أن يدفن فيه ادفنوه فى موضع فراشه
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال قبض رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يوم اإلثنين فمكث ذلك اليوم وليلة
الثالثاء ودفن من الليل أي ليلة األربعاء وسط الليل أما الغسل والكفن فحصل يوم الثالثاء
82
باب فى بيان رؤية النبى صلى هللا عليه وسلم فى المنام
اعلم أن من أعظم فوائد اإلكثار من الصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم رؤياه فى المنام ويترقى األمر
للمكثرين منها إلى رؤيته صلى هللا عليه وسلم يقظة ولما كان ذلك من أكبر النعم والعلم به وبأسبابه من
أهم العلوم بسطت الكالم فى هذا األمر وجمعت فيه من أقوال العارفين وسادات العلماء وأئمة األولياء
والصالحين
وال شك أن رؤية النبى موهبة من هللا التنال بكثرة العبادة والعلم وال تختص رؤيته بالصالحين بل وقعت
أيضا لغيرهم حتى من فاسق فكم من العوام يتكرر له رؤيته وبعكسه العالم أوالعابد والغالب تكون رؤيته
بقوة التعلق والمحبة والشوق والحبيب المحب العاشق إلى محبوبه أيسر له أن يرى محبوبه ألن قلبه
اليزال يتعلق ويذكر محبوبه فمن تعلق قلبه بشئ من أمور الدنيا أو أحب إمرأ مثال وداوم على تفكره فال
بد أن يحمله ذلك على رؤيته فى المنام فكذلك من أراد أن يرى رسول هللا فى المنام فعليه أن يحبه حبا
جما ويذكره كثيرا ويتعلق قلبه به ويداوم على ذكره وفكره وكان السبب األقوى الجتماع الناس ولقاء
بعضهم ببعض من حيث صورهم فى هذا العالم ومن حيث نفوسهم فى العالم العلوية يقظة ومناما وجود
المناسبة وما به االتحاد وكثرة االجتماع وقلته ترجعان إلى قوة آثارها وضعفها فإن المناسبة قد تثبت بين
اثنين من حيث الصفات واألحوال واألفعال وقد تثبت من حيث األفعال فحسب وان انضم إلى ذلك حكم
االشتراك كان أقوى فمن ثبتت المناسبة بينه وبين أرواح الكاملين من األنبياء واألولياء اجتمع بهم متى
شاء يقظة ومناما
عن عبد هللا بن عمر رضى هللا عنهما عن النبى صلى هللا عليه وسلم قال من رآنى فى المنام فقد رآنى فان
الشيطان ال يتمثل بى
وعن أنس بن مالك رضى هللا عنه إن النبى صلى هللا عليه وسلم قال من رآنى فى المنام فلن يدخل النار
عن ابن عباس رضى هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يقول إن الشيطان ال يستطيع أن
يتشبه بى فمن رآنى فى النوم فقد رآنى
عن أنس رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال من رآنى فى المنام فقد رآنى فان الشيطان
ال يتخيل بى قال ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة قال الشيخ ابراهيم الباجورى
رحمه هللا فى حاشيته أظهر ما قيل فى معنى كون الرؤيا جزءا من أجزاء النبوة أنها جزء من أجزاء علم
النبوة ألنها يعلم بها بعض الغيوب ويطلع بها على بعض المغيبات وال شك أن علم المغيبات من علم النبوة
ويؤيد ذلك الحديث الذى رواه أبو هريرة رضى هللا عنه مرفوعا لم يبق من النبوة إال المبشرات قالوا وما
المبشرات قال الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أو ترى له أخرجه البخارى
فقد اختلف العلماء فى قوله صلى هللا عليه وسلم من رآنى فى المنام فقد رآنى حقا قال القاضى عياض
رحمه هللا تعالى يحتمل أن المراد به أن من يراه بصورته المعروفة فى حياته كانت رؤياه حقا ومن رآه
بغير صورته كانت رؤيا تأويل وقال غيره مثل ما قال القاضى عياض من أنه من رآه بصفته المعروفة
فقد رآه حقا وحقيقة وإال فهو مثال أي رآه حقا وتمثيال فان رآه مقبال عليه مثال فهو خير للرائى وعكسه
بعكسه وتعقبه النووي رحمه هللا تعالى فقال هذا ضعيف بل الصحيح إنه رآه حقيقة سواء كان على صفاته
المعروفة أو غيرها وأجاب عنه بعض الحفاظ بأن كالم القاضى عياض ال ينافى ذلك بل ظاهر كالمه أنه
رآه حقيقة فى الحالين لكن فى األول ال تحتاج تلك الرؤيا إلى تعبير وفى الثانية تحتاج إليه فالصحيح أن
رؤيته فى كل حال ليست باطلة وال أضغاثا بل هى حق فى نفسها وإن رئى بغير صفته فعلم أن الصحيح
بل الصواب كما قاله بعضهم إن رؤياه حق على أي حالة ثم إن كان بصورته الحقيقة فى وقت ما سواء
كان فى شبابه أو رجوليته أو كهولته أو آخر عمره لم يحتج إلى تأويل وإال احتاجت لتعبير يتعلق بالرائى
ومن ثم قال بعضهم من رآه على هيئته وحاله كان دليال على صالح الرائى وكمال جاهه وظفره بمن
عاداه ومن رآه متغير الحال عابسا كان دليال على سوء حال الرائى
83
قال شيخى ومربى روحى ونفسى الشيخ الزمراجى بن عبد الحليم البنسلى صاحب تفسير المعتصم
والغالب أن من رأى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى المنام ما رآه صلى هللا عليه وسلم منفردا بل ومعه
شخص آخر غيره
قال النووى فى كتاب األذكار قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم يجوز ويستحب العمل فى
الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف مالم يكن موضوعا وأما األحكام كالحالل والحرام والبيع
والنكاح والطالق وغير ذلك فال يعمل فيها إال بالحديث الصحيح أو الحسن إال أن يكون فى احتياط فى شئ
من ذلك كما إذا ورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع أو األنكحة فإن المستحب أن يتنزه عنه ولكن ال
يجب
وقال فى األذكار أيضا اعلم أنه ينبغى لمن بلغه شئ فى فضائل األعمال أن يعمل به ولو مرة واحدة ليكون
من أهله وال ينبغى أن يتركه مطلقا بل يأتى بما تيسر منه لقول النبى صلى هللا عليه وسلم فى الحديث
المتفق على صحته إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم وروى الحافظ السخاوى بسنده إلى أبى سلمة
وجابر رضى هللا عنهما قاال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من بلغه عن هللا عز وجل شيء فيه
فضيلة فأخذ به إيمانا به ورجاء ثوابه أعطاه هللا ذلك وإن لم يكن كذلك ولهذا الحديث شواهد انتهى قال
مؤلف هذا الكتاب بيت المحبين وجميع هذه األحاديث المذكورة فى هذا الباب فى فضل الصالة على النبى
صلى هللا عليه وسلم لم أذكر فيها شيئا مما ذكر الحافظ المذكور فيه أنه موضوع أو شديد الضعف وهللا
سبحانه وتعالى أعلم
وقال الحافظ ابن حجر رحمه هللا تعالى إن شرائط العمل بالحديث الضعيف ثالثة األول متفق عليه أن
يكون الضعف غير شديد فيخرج ما انفرد به أحد من الكذابين أو المتهمين بالكذب ومن فحش غلطه الثانى
أن يكون مندرجا تحت أصل عام فيخرج ما يخترع بحيث ال يكون له أصل أصال الثالث أن ال يعتقد عند
العمل به ثبوته لئال ينسب إلى النبى صلى هللا عليه وسلم ما لم يقله اه ونقل عن اإلمام أحمد أنه يعمل
بالضعيف إذا لم يوجد غيره ولم يكن ثم ما يعارضه وفى رواية عن اإلمام أحمد ضعيف الحديث أحب إلينا
من رأى الرجال وكذا ذكر ابن حزم أن جميع الحنفية مجمعون على أن مذهب أبى حنيفة رحمه هللا أن
ضعيف الحديث أولى عنده من الرأى والقياس وفى فتاوى الشهاب الرملى سئل عن معنى قوله يعمل
84
بالحديث الضعيف فى فضائل األعمال هل معناه إثبات الحكم به وإذا قلتم معناه ذلك فما الجواب عن قول
ابن دقيق العيد فى الكالم على شروط العمل بالحديث الضعيف أن ال يلزم عليه إثبات حكم فأجاب بأنه قد
حكى النووى فى عدة من تصانيفه إجماع أهل الحديث على العمل بالحديث الضعيف فى الفضائل ونحوها
خاصة وقال ابن عبد البر أحاديث الفضائل ال يحتاج فيها إلى ما يحتج به وقال الحاكم سمعت أبا زكريا
العنبرى يقول الخبر إذا ورد لم يحرم حالال ولم يحلل حراما ولم يوجب حكما وكان فيه ترغيب أو ترهيب
اغمض عنه وتسوهل فى روايته ولفظ ابن مهدى فيما أخرجه البيهقى فى المدخل إذا روينا عن النبى
صلى هللا عليه وسلم فى الحالل والحرام واألحكام شددنا فى األسانيد وانتقدنا فى الرجال وإذا روينا فى
الفضائل والثواب والعقاب تساهلنا فى األسانيد وتسامحنا فى الرجال فقد علم أن كالم ابن دقيق العيد
موافق لكالم األئمة وهو خارج بقولهم من فضائل األعمال وعلم أيضا أن المراد بفضائل األعمال
الترغيب والترهيب وفى معناها القصص ونحوها انتهت عبارة الشهاب الرملى رحمه هللا تعالى
فتحصل أن فى الضعيف ثالثة مذاهب ال يعمل به مطلقا يعمل به مطلقا إذا لم يكن فى الباب غيره ثالثها
وهو عليه الجمهور يعمل به فى الفضائل دون األحكام كما تقدم بشروطه وأما الموضوع فال يجوز العمل
به بحال وكذا روايته إال إن قرنت ببيانه لقوله صلى هللا عليه وسلم فى صحيح مسلم من حدث عنى بحديث
يرى أنه كذب فهو من الكذابين
.....
86