Professional Documents
Culture Documents
أنظار في كتاب _الأجوبة الصغرى لأبي السعود عبد القادر بن علي الفاسي_ Notes in _The Small Answers of Abu Al-Saud Abdul Qadir Bin Ali Al-Fassi_ دراسة وتحقيق_ الأستاذ علي بن أحمد الإبراهيمي Study and investigation_
أنظار في كتاب _الأجوبة الصغرى لأبي السعود عبد القادر بن علي الفاسي_ Notes in _The Small Answers of Abu Al-Saud Abdul Qadir Bin Ali Al-Fassi_ دراسة وتحقيق_ الأستاذ علي بن أحمد الإبراهيمي Study and investigation_
أىظاس يف كتاب " األجوبة الصػشى ألبي الشعود عبذ الكادس بً علي الفاسي"
Notes in "The Small Answers
"of Abu Al-Saud Abdul Qadir Bin Ali Al-Fassi
د .محيذ بً امحاد أيت احلياٌ املشاكشي*
************
ملخص :
تتغيا ىذه الكرقة العممية الكشؼ عف نماذج مف أخطاء المحققيف كتصحيفاتيـ ،كعف بعض الينات
التي تعترض المشتغميف عمى تحقيؽ النصكص التراثية ،كأبرزىا ما تعمؽ بالمنيج العممي المتبع في
التحقيؽ.
كليس يخفى ما يمكف أف يترتب عف ىذا النقص المنيجي ،كاالضطراب العممي مف إساءة كتغيير
كتحريؼ ،كلعؿ عممنا في ىذه الدراسة أضرب عف الفرش النظرم ،كاىتـ بالجانب التطبيقي ،مف خالؿ
عمؿ أكاديمي ناؿ بو صاحبو درجة الدكتكراه.
كمف خالؿ تتبعي لمنص المحقؽ كقفت عمى مجمكعة مف المالحظات ،كسمتيا بأنظار في كتاب
األجكبة الصغرل ألبي السعكد عبد القادر الفاسي ،رجكت أف تسيـ في التنبيو إلى خطكرة عممية التحقيؽ،
كضركرة امتالؾ الميارات كالقدرات كالكفايات قبؿ خكض غمار ىذه التجربة.
الكلنات املفتاحية :تحقيؽ النصكص؛ األجكبة؛ النكازؿ؛ التحريؼ؛ التصحيؼ.
Abstract :
This scientific paper aims to uncover examples of the errors of the investigators and their
corrections, and some of the insults that challenge the practitioners to achieve the traditional
texts, most notably related to the scientific method used in the investigation.
It is no secret that this systematic deficiency, and the practical turmoil of abuse, change
and distortion, may result in the consequences of this study, which is a striking feature of the
theoretical brushes, and has taken care of the practical aspect, through the academic work of
* المؤلف المراسل.
Institute of Islamic Sciences- El Oued University- Algeria ● معهد العلىم اإلسالميت ــ جامعت الىادي ــــ الجسائر ●
1مكذمة:
الحمد هلل كاىب النعـ ،كمعمـ اإلنساف العمـ بالقمـ ،كصمى اهلل كسمـ عمى سيدنا محمد النبي األكرـ،
كعمى آؿ بيتو الطاىريف كصحبو كالسائريف عمى سنتو كمنيجو األقكـ.
كبعد ،فإف مف بيف ما أبدع فيو عمماء المغرب فف النكازؿ كالفتاكل كاألجكبة ،كليـ في ذلؾ مؤلفات
عظيمة كشييرة ،تؤكد تيمـ الفقيو المغربي بأمكر الديف كأحكاؿ الناس كمعاشيـ ،كترصد حركية المجتمع
كتناقش القضايا التي شغمت الخاصة كالعامة ،كتتيح لمباحث النبيو معمكمات دفينة يقتنصيا مف بيف ثنايا
السؤاالت كالمناقشات الفقيية كاألجكبة.
كيعتبر كتاب األجكبة الصغرل مف أىـ ىذه الكتب العتبارات كثيرة ،أىميا السياؽ الزماني ليذه
األجكبة ،كصدكرىا عف محقؽ كبير كعمـ فذ مف أعالـ المغرب ،كليذه األسباب كغيرىا ،نجد الكتاب قد
حظي بمكانة متمي زة عند كثير مف الفقياء كالنكازلييف الذيف جاؤكا بعده ،إذ حرصكا عمى النقؿ عنو
كاعتمدكه في تآليفيـ.
كليس يستريب البحثة في ذلؾ ،فإف الشيخ عبد القادر الفاسي رحمو اهلل مف عمماء القرف الحادم عشر
الذيف قيؿ فييـ" :لكال ثالثة النقطع العمـ مف المغرب" (الكتاني1982 ،ـ ،صفحة ،)767/2كقد اجتمع
فيو رحمو اهلل ما تفرؽ في أقرانو مف العمـ كالتقكل كالكرع" ،عالـ فاس كاماميا كمسندىا كبركتيا المتكفى
بيا سنة 1091ق بعد أف انتيت إليو رياسة العمـ في ىذه الديار ،فال قاض كال محكـ كال مفت كال راك إال
كىك ينسب إليو ،قدمو لذلؾ سنو كعممو كجاىو المكركث" (الكتاني1982 ،ـ ،صفحة .)763/2
كالكتاب الذم بيف أيدينا "األجكبة الصغرل لسيدم عبد القادر الفاسي" ،طبع كنشر ألكؿ مرة عمى يد
محمد محمكد كلد محمد األميف سنة 2003ـ بمكريتانيا.
كمف المكافقات أف تتزامف ىذه النشرة مع مناقشة أطركحة لمدكتكراه في العمكـ الشرعية بكمية اآلداب
كالعمكـ اإلنسانية بمدينة كجدة –المغرب ،-بعنكاف "األجكبة الصغرل ألبي السعكد عبد القادر بف عمي بف
يكسؼ الفاسي دراسة كتحقيؽ" لمطالب عمي بف أحمد اإلبراىيمي ،ناؿ بيا درجة الدكتكراه بميزة مشرؼ
جدا ،قبؿ أف تتكفؿ ك ازرة األكقاؼ كالشؤكف اإلسالمية بطبعو سنة 2007ـ.
كبعد قراءتي لمكتاب بطبعتيو ،طبعة محمد محمكد كلد األميف ،كطبعة الدكتكر عمي بف أحمد
اإلبراىيمي ،اتضح أف الكتاب في طبعتو األكلى –طبعة مكريتانيا -ليس سكل إخراج تقني لمنص
األصمي ،كال يمتفت إلى ما كضع عمى غالؼ الكتاب مف عبارة "المحقؽ كالناشر" ،إذ ال يظير في الكتاب
أم أثر لمتحقيؽ سكل نقؿ النص كاعادة طبعو كالغالب عمى الظف أنو نقمو مف طبعة حجرية.
أما الدراسة الثانية لمكتاب بتحقيؽ الدكتكر عمي بف أحمد اإلبراىيمي فقد عنت لي حكليا مجمكعة مف
الممحكظات ،كظيرت بعض التعقبات العممية ،انصبت في مجمميا عمى النص المحقؽ كبعض اليكامش
العممية التي حشا بيا المحقؽ بحثو ،كالتي مف شأنيا أف تفسد ىذا العمؿ القيـ ما لـ تتداركيا يد التصكيب
كالتصحيح بالنقد العممي اليادؼ ،كلـ ترعيا بالنصيحة المعرفية الكافية الشافية ،كالمناقشة اليادئة اليادفة،
كىي مكضكع ىذه المباحثة العممية.
كلعؿ ما حممتو تضاعيؼ الكتاب مف أسماء لمكتب كاألعالـ بعضيا مصرح بو كاآلخر مضمر،
كأسماء األماكف كالبقاع ،كأنكاع مف المصطمحات الفقيية كاأللفاظ المحمية ،مف لباس كأطعمة كأك ٍ
اف
كغيرىا ،تجعؿ ميمة المحقؽ عسيرة غير ميسرة .مما يكجب غض النظر عف مجمكعة مف الينات،
كالتماس العذر لممحقؽ فييا ،إذ يمكف إلحاقيا باألخطاء المطبعية المعفك عنيا ،كيعذر صاحبيا الستحالة
الكماؿ ،كلحكؽ النقص باألعماؿ.
غير أني أزعـ أف المحقؽ كقع في بعض األخطاء المنيجية التي ال يسع السككت عنيا ،كفي اإلبانة
ليا ،كاإللماع إلييا ،سدا لثغرات عممية جميمة ،كتقكيما لعمؿ مضني قاـ بو المحقؽ ،ابتغى منو إخراج
النص المحقؽ في أقرب صكرة لما كضعو الشيخ اإلماـ.
- 2إغفال التعشيف والرتمجة لواضع األسئلة الشيخ الفكيُ عبذ العزيز بً احلشً الزياتي
وما استتبعُ مً إشكاالت:
ذكر صاحب األجكبة الصغرل الشيخ عبد القادر بف عمي الفاسي سبب التأليؼ عند مقدمة كتابو يقكؿ:
"كبعد ،أكرمنا اهلل كاياؾ بتقكاه ،ككفقنا كاياؾ لما يحبو كيرضاه ،فإنو قد اتصؿ بنا مف قبمكـ مكتكب يشتمؿ
عمى نكازؿ زعمتـ أنو التبس عميكـ حكميا ،كمسائؿ استبيـ عميكـ فيميا ،خصصتمكني فييا بالخطاب،
كعينتمكني لرد الجكاب ،ككمفتمكني أف أكتب لكـ ما يككف كفيال بالبياف ،كعميو المعكؿ في ذلؾ الشأف"
(الفاسي ،األجكبة الصغرل2007 ،ـ ،الصفحات .)175-174
كيتضح مف خالؿ ىذه الديباجة أف الكتاب المبحكث ىك مجمكع أجكبة عف أسئمة كجييا الفقيو عبد
العزيز الزياتي البف خالو كشيخو عبد القادر الفاسي ،بمغت في مجمكعيا أربعا كستيف مسألة تتنكع بيف
العبادات كالمعامالت كالتصكؼ كالنحك كغيره ،كأنيا كردتو عمى سبيؿ المكاتبة أم التراسؿ كالذم ال يككف
إال مف بعيد.
بينما أشار محقؽ الكتاب "أف عبد العزيز الزياتي كاف يأتي بنصوص األسئلة المطروحة عليه قصد
إحالتها على شيخه عمى حاليا ،كلك أنيا في الغالب محررة مف طرؼ عكاـ ،أك أشباه العكاـ ،كال تسمح لو
األمانة العممية بالتصرؼ فييا ،أك تقديميا أك تأخيرىا ،كتنحرؼ أحيانا عبارات السائميف عف األسمكب
الفصيح ،السيما عندما يتحدثون عن العادات واألعراف المحلية" (الفاسي ،األجكبة الصغرل2007 ،ـ،
صفحة .)64
كيبقى السؤاؿ المطركح ىؿ كاف المحقؽ عمى كعي تاـ بالسياؽ الذم تندرج تحتو ىذه األجكبة ،كىؿ
أدرؾ تماـ اإلدراؾ ما سطره الشيخ في مقدمة كتابو ،كاف كنا ال نستطيع القطع في ىذه المسألة إذ أف
ألفاظ المحقؽ تحتمؿ التأكيؿ كتفتح الباب أماـ مجمكعة مف االستشكاالت كالتي كاف عمى المحقؽ أف
يكضحيا كيحسـ فييا بمغة قاطعة ،فالمؤلؼ يصرح بتكصمو بمكتكب السائؿ كىك يشرع في اإلجابة عنيا
جممة كما كردت عميو جممة ،بينما يدعي المحقؽ بأف الفقيو–السائؿ -يأتي بنصكص األسئمة التي
عرضت لو قصد إحالتيا عمى شيخو ،كىذا ال يتأتى إال بالمالقاة كالمشاىدة كالحضكر بيف يدم
الشيخ...كلعؿ المحقؽ يدرؾ أف الفقيو السائؿ لو كظيفة يمتزـ بيا مف إمامة كتعميـ بمسجد القصبة مما
يتعذر معو الحضكر اليكمي بيف يدم الشيخ ،غير أنو يتحيف الفرص إلحالة ىذه األسئمة كعرضيا عميو،
لكف السؤاؿ المطركح ،ىؿ كاف يعرضيا جممة كاحدة ،أـ أف األسئمة كانت ترد عمى الشيخ تباعا؟
أما االستشكاؿ الثاني الذم كاف عمى المحقؽ أف ينتبو إليو كيحسـ فيو ،ىك كيؼ أمكف أف تكجو
األسئمة لمفقيو عبد العزيز –التمميذ ،-كال تكجو مباشرة إلى الشيخ عمى ما ىك عميو مف الشيرة كاإلمامة،
كزاكيتو مشرعة أماـ الزكار كسط بمدة فاس ،إال أف تككف صادرة مف مكاف بعيد.
كما كاف مف الضركرم التحقؽ مف مكاف كركد ىذه السؤاالت ،كمف جية صدكرىا ،ألف ذلؾ يتيح
لممحقؽ تجمية العديد مف القضايا التي فاتتو ،كىك يدقؽ في ثنايا الكتاب كما سنبيف الحقا ،كلعؿ إغفاؿ
ىذا اإلجراء المنيجي ىك مرد ىذه اليفكات العممية المتعمقة بعدـ عنايتو بشخص الفقيو السائؿ ،كعدـ
االلتفات إليو بما يستحؽ مف بحث كدراسة كتنقيب ،كاستعاضتو عف ذلؾ ببياف القرابة بيف الشيخ المجيب
كالفقيو جامع السؤاالت فقط.
جاء في المسألة الخامسة كاألربعيف مف الكتاب :ىذا المسجد الذم أنا فيو مالزـ ،عادتي أنني إذا
كقفت فيو لمصالة ،أنحرؼ لجية ألنني اختبرتو كحدم كمع غيرم ،فكجدناه منحرفا لجية اليميف ،كىي
ناحية المغرب ،ككاف عمى ذلؾ االختبار ،أني أنحرؼ أكثر مما أفعؿ ،ألنني تكسطت في انحرافي مف
الجية التي نصب إلييا ،كالجية التي قامت لنا عمييا األدلة ،كالمسجد مسجد القصبة" (الفاسي ،األجكبة
الصغرل2007 ،ـ ،صفحة ،)322فنص المسألة يبيف أف الفقيو عبد العزيز الزياتي يتحدث عف المسجد
الذم يالزـ فيو-يشارط ،-كىك مسجد منحرؼ القبمة ،كالذم يدعى مسجد القصبة ،أما المحقؽ فأضاؼ
في اليامش بصيغة القطع كاليقيف أف المقصكد ىك "مسجد قصبة النكار ،التي تكجد بباب المحركؽ،
بجكار باب الشريعة ،بنى ىذا المسجد محمد الناصر المكحدم ،عاـ 600ىػ ،ككاف بيا كرسي مف
الكراسي العممية ،التي كانت تابعة لمسجد القركييف ،كيعد ىذا الكرسي مف الكراسي القديمة" (الفاسي،
األجكبة الصغرل2007 ،ـ ،صفحة ،)322كأحاؿ عمى كتاب جامع القركييف لمدكتكر عبد اليادم
التازم.
كعميو فإف ما اطمأف إليو المحقؽ ىك أف الفقيو مالزـ بمسجد قصبة النكار غير بعيد عف زاكية الشيخ
عبد القادر الفاسي ،الذيف انقطع لمتعميـ كالتدريس بفاس حتى كافتو المنية بعد خركجو مف القصر الكبير،
كأف ما ذكره الشيخ مف كصكؿ مكتكب الفقيو كسؤاالتو لـ يستفزه لمبحث كالتساؤؿ ،كقطع جازما بأف المراد
بالمسجد مسجد قصبة النكار بفاس.
كلك أف المحقؽ تكقؼ عند ما يجكد بو نص الفتكل قميال ألدرؾ خطكرة ما ذىب إليو ،فالفقيو عبد
العزيز يسترسؿ في الكالـ ،فيقكؿ عف المسجد كالقصبة" :كالمسجد مسجد القصبة ،كمنشئكه معمكـ حاليـ،
ليسكا بأئمة يقتدل بيـ ،كانما كانكا أصحاب مخزف ،حسبما ىك معمكـ مف تاريخ إنشاء ىذا البمد عند
الناس ،عمى أف مساجد البمد كميا في المدينة كرباطاتيا لـ تتفؽ عمى جية كاحدة ،بؿ بينيما تبايف
كتخالؼ في ذلؾ ،كليست البالد مكضع األئمة كالعمماء" (الفاسي ،األجكبة الصغرل2007 ،ـ ،صفحة
.)322
كلعؿ ىذا النص يحكم الكثير مف المعمكمات الخطيرة كاإلفادات القيمة التي أغفميا المحقؽ كأعرض
عنيا مما أكقعو في ارتباؾ معرفي ،كجعؿ القارئ يقع في خمط شديد ،كأفقد نص المؤلؼ أمانتو
كمصداقيتو ،إذ كيؼ يسكغ لمقارئ أف ينعت مساجد فاس كزكاياىا بعدـ االتفاؽ عمى جية كاحدة ،كانحراؼ
محاريبيا عف القبمة ،بؿ لك سممنا بذلؾ ،فيؿ مف المعقكؿ أف تكصؼ فاس بالد العمـ كالمعرفة بأنيا ليست
مكضع األئمة كالعمماء ،ككيؼ يقره الشيخ عمى ذلؾ ،إال أف يككف الفقيو الزياتي يقصد بمدا غير فاس ،أك
لـ تكح لو لفظة الرباطات بدؿ الزكايا بشيء مف ىذا القبيؿ ،كما ىك ىذا المسجد الذم بناه المخزف؟.
إف الخطأ المنيجي الذم كقع فيو المحقؽ سيالحقو في ثنايا الكتاب كتضاعيفو ،إذ كاف األكلى
كاألحرل بو أف يقدـ ترجمة كافية لكاضع األسئمة الشيخ الفقيو العالـ سيدم عبد العزيز الزياتي بدؿ
االكتفاء بذكر صمة القرابة بيف الشيخ كالفقيو ،كاذ ذاؾ ستفتح لو الكثير مف مغالؽ الكتاب.
كعمى الرغـ مف أف المصادر التي ترجمت لمزياتي أغفمت الكثير مف المعمكمات كسكتت عف جكانب
كثيرة مف حياتو ،غير أنيا كانت كثيرة كمتنكعة ليس يصعب عمى الباحث االطالع عمييا ،كمنيا :كتاب
صفكة مف انتشر ،كطبقات الحضيكي ،كاليكاقيت الثمينة ،كنشر المثاني ،كاإلعالـ بمف حؿ بمراكش مف
األعالـ ،كغيرىا مف المصادر ،بينما استعنت لمترجمة لو بكتاب عمدة الراكيف لمرىكني.
كتجمع ىذه المصادر عمى أف الفقيو عبد العزيز بف أبي الحسف بف أبي الطيب الزياتي ،مف عائمة كاف
ليا باع كبير في العمـ ،خصكصا مف جية أمو ،يقكؿ الرىكني" :الذم لو عمقة كارتباط كبير ببني الجد
الفيرييف ،لككنو ابف أختيـ ...ككاف رحمو اهلل أستاذا مجكدا مقرئا عالما محصال نبيال ،كلو كتاب في
النكازؿ كاألحكاـ –يقصد بو كتاب الجكاىر المختارة مما كقفت عميو مف نكازؿ اغمارة... -ككجدت بخط
بعضيـ أنو كاف إماما بجامع القصبة مف تطكاف" (الفاسي ،األجكبة الضغرل2007 ،ـ ،صفحة .)78/4
كنص الرىكني يحمؿ مف المعمكمات الشيء الكثير مما افتقده المحقؽ كىك يعالج قضايا الكتاب،
فجامع القصبة المذككر ليس سكل جامع مدينة تطكاف –مدينة في شماؿ المغرب -بعدما ىدمت كأعيد
بناؤىا عمى يد السيد المنظرم القائد –المخزف -كما أشار إلى ذلؾ الزياتي في نص المسألة ،يقكؿ
الرىكني" :جامع القصبة كىك العتيؽ ىنا ،ألنو مف بناء المنظرم ،كال يعمـ جامع بني قبمو في ىذا البناء
األخير الكاقع عاـ 888ىػ ،أما ما قبمو فقد انيدـ الجميع ،كلـ يبؽ مسجد كال جامع ،كىك جامع صغير"
(الفاسي ،األجكبة الضغرل2007 ،ـ ،صفحة .)209
كلعؿ المحقؽ لك اىتدل إلى كضع ترجمة كافية لمزياتي لتكصؿ إلى مؤلفو الذم جمع فيو نكازؿ البالد
التي عاش فييا ،كالتي ذكرىا في سؤاالتو لمشيخ كذكر بعض عاداتيـ كأعرافيـ ،ككسميـ بالبربر.
كأعجب كيؼ أف المحقؽ لـ يتكقؼ عند مجمكعة مف المؤشرات التي ذكرت في "األجكبة الصغرل"،
كأشار ىك نفسو إلى أف أصؿ العديد مف الكممات مرتبط بمنطقة الشماؿ كالريؼ ،كمصطمح الدرار كنكع
مف اليقطيف يجفؼ كيستعمؿ فيو الماء ،كالصامت ،كغيرىا.
يقكؿ عند شرح معنى الدرار ،مصطمح مشيكر في الشماؿ الغربي كالريؼ ص ،231:كيقكؿ في
مكضع آخر :كيشتير ىذا النكع مف القرع في المنطقة الشمالية مف المممكة ص ،210 :كالصامت ىك
الماء الذم يعصر مف العنب قبؿ نضجو ،كيشتير ىذا النكع في منطقة الشماؿ ص( .209 :الفاسي،
األجكبة الصغرل2007 ،ـ ،صفحة )232
التزمت في ىذه المباحثة أف أضرب صفحا عف العديد مف األخطاء كاألغالط التي يمكف
لمقارئ أف يجد ليا كجيا مف الصحة ،أك يككف مصدرىا السيك أك ما يعترم الباحث مف قمة تركيز
كانتباه ،كسأتكقؼ عند نمكذجيف مف األخطاء التي أدت إلى تغيير المفظ أك المعنى أك ىما معا
مما ال يحؽ لممحقؽ أف يقع فيو.
اليوع األول:
جاء في المسألة الحادية كالعشريف :ىؿ يمزـ الدراز-ىكذا مصحفة -أف يجكز بصره عمى ألكاح
الصبياف؟ فيتأمؿ ما فييا مف خطأ كصكاب أك ال؟ (الفاسي ،األجكبة الضغرل2007 ،ـ ،صفحة
، )231كعرفو المحقؽ بأنو يراد بو الفقيو أك المعمـ الذم ينظر في ألكاح الصبياف كيصمح ما فييا
مف خطإ في الرسـ المتعارؼ عميو .كلـ يحؿ المحقؽ إلى مراجعو كىذا ديدنو في مكاقؼ كثيرة مف
الكتاب.
كلعؿ القارئ يمتمس لممحقؽ العذر فربما يككف خطأ مطبعيا صرفا لمتقارب ما بيف الحرفيف،
غير أف المؤلؼ يعكد بعد ست صفحات فقط مف الكتاب ليعيد نفس الخطأ ،فعرؼ الحذؽ بأنو
ذلؾ العمؿ الذم يقكـ بو الدراز –ىكذا -الفقيو الذم ينظر في ألكاح التالميذ.
كبالرجكع إلى طبعة مكريتانيا نجد الناشر أثبتيا بالراء بدؿ الزام ،كىك األصح ،كالدراز عندىـ
كما كضح الرىكني في كتابو عمدة الراكيف" :الدراز الطراز كصاحبو دراز كحساف كحرفتو تدرازت"
(الفاسي ،األجكبة الضغرل2007 ،ـ ،صفحة .)149/2
اليوع الثاىي:
جاء في المسألة الثالثة كالعشريف :ما معنى قكلو في النصيحة الكافية أيضا ،كمنيا أكؿ
النقانؽ؟ ...أثبت المحقؽ في متف النص ما يمي" :كقاؿ ابف الحسا القطامي :صنؼ مف الطعاـ
يسمى بالمغرب المشيدة .كأكرد في اليامش قكلو :ابف الحسا القطامي لـ أقؼ عمى ترجمتو كال
كتبو .كفي العبارة جممة مف األخطاء مردىا في اعتقادم قصكر المحقؽ في التدقيؽ كالبحث ،فمك
كمؼ المحقؽ نفسو عناء البحث عف ىذا الطعاـ المذككر ،كىك كما جاء في كتاب األجكبة
الصغرل ص :244عجيف خفيؼ يعمؿ أقراصا كيطبخ عمى المقالة ،كقد يخمط بعجينيا أىؿ
المشرؽ سك ار كلك از كفستقا.
كيذكر ابف مريـ التممساني في كتابو البستاف ما يشير إلى ىذا الطعاـ المعركؼ عندىـ،
كيصنع مف سميد كعسؿ كيقدـ لمضيكؼ (التممساني1908 ،ـ ،صفحة .)162
إف ما أثبتو المحقؽ كما يمي" :كقاؿ ابف الحسا القطامي :صنؼ مف الطعاـ يسمى بالمغرب
المشيدة" مجرد تصحيؼ كتصرؼ مخؿ بالنص األصمي ،كالصكاب :كقاؿ ابف الحشا :القطائؼ
صنؼ مف الطعاـ يسمى بالمغرب المشيدة".
كىذا يناسب المقاـ كالسياؽ ،فالقطائؼ طعاـ يسكل مف الدقيؽ المرؽ بالماء شبيت بخمؿ
القطائؼ التي تفترش كالكاحدة :قطيفة (اليركم2001 ،ـ ،صفحة .)26/9
أما ابف الحشا أك ابف الحشاء فطبيب تكنسي مف أعالـ القرف 13ىػ ،ألؼ معجما في الطب
اسمو مفيد العمكـ كمبيد اليمكـ كىك في األلفاظ الطبية مف األعضاء كاألكصاؼ كاآلالت كاألدكية
التي كردت في كتاب المنصكرم ألبي بكر الرازم (محفكظ1994 ،ـ ،صفحة .)143/2فصحؼ
الكممة األكلى كالثانية كألحقيما ببعض ،كظف أنو عمـ مف األعالـ فراح يطيؿ البحث مف غير
جدكل ،ليؤكد عدـ العثكر عمى ىذا الكاتب كلـ يقؼ عمى كتاباتو.
كاذا كاف ىذا األمر ال يقتصر عمى البرابر دكف غيرىـ مف أىؿ البالد ،أك يككف خاصا بيـ
دكف غيرىـ ،فإف كتب النكازؿ كالفتاكل دأبت عمى تتبع كتقصي ىذه المستجدات ،كاإلشارة إلى ما
يحدث مف المنكرات التي فشت في المجتمع.
غير أف المحقؽ كفي سياؽ التعريؼ بالبرابر لـ يجد مصد ار مف المصادر العممية في الباب
سكل معجـ البمداف لياقكت الحمكم 626ىػ ،فجاء تعريفو كما يمي في كالـ حذفت أغمبو زعما
أنو ال يناسب المقاـ كال يقبمو المقاؿ مف شنيع الكصؼ كسيء القكؿ ،كاجتزأت منو ما يمي" :
كالبربر أجفى خمؽ اهلل كأكثرىـ طيشا كأسرعيـ إلى الفتنة كأطكعيـ لداعية الضاللة كأصغاىـ
لنمؽ الجيالة ،كلـ تخؿ جباليـ مف الفتف كسفؾ الدماء قط ،كليـ أحكاؿ عجيبة كاصطالحات
حسف ليـ الشيطاف الغكايات كزّيف ليـ الضالالت حتى صارت طبائعيـ إلى الباطؿ
غريبة ،كقد ّ
بكة فقبمكا ،ككـ زاعـ فييـ أنو الميدم
الن ّ
مائمة كغرائزىـ في ضد الحؽ جائمة ،فكـ مف ادعى فييـ ّ
المكعكد بو فأجابكا داعيو كلمذىبو انتحمكا ،ككـ ّادعى فييـ مذاىب الخكارج فإلى مذىبو بعد
المحرمة كاستباحكا الفركج بغير حؽ كنيبكا األمكاؿ كاستباحكا
ّ اإلسالـ انتقمكا ثـ سفككا الدماء
الرجاؿ ،ال بشجاعة فييـ معركفة كلكف بكثرة العدد كتكاتر المدد .كتحكى عنيـ عجائب"...
(الحمكم1995 ،ـ ،صفحة .)369/1
لعؿ مف نافمة القكؿ أف الحمكم يعتبر مف أىـ المصادر لتكثيؽ األمكنة كالبقاع ،ناىيؾ عف
العديد مف المعطيات التاريخية كالجغرافية بأدؽ تفصيؿ ،كىك ما جعمو معتمد الكثير مف البحثة
كالدارسيف ،غير أف المحقؽ المدقؽ ال يستغني عف الكتب المعاصرة كغيرىا ،كما ال يكتفي بيذه
الكتب التراثية كأمثاليا ،فالتعريؼ بالمدف كاألمصار عند الحمكم كغيره بمغة عصره تحتاج إلى
كثير مف البياف كالشرح كالتفصيؿ ،بؿ ربما نجد الكثير مف ىذه البقاع قد تغير اسميا كتبدلت
صفاتيا ،كربما اختفت كلـ تعد إال آثا ار كرسكما.
أما ما كصؼ بو الحمكم البربر أك البرابر كمنيـ سكاف المغرب ،فيك كصؼ عاـ ،تتخممو
أحكاـ قيمة كأكصاؼ قادحة ،تكاد تنطؽ بالتكجيات كالخمفيات اإليديكلكجية كالسياسية التي
تصدر عنيا ،بؿ إف بعضيا كاف كاف يصدؽ عمى فترة معينة فإف إيراده مف المحقؽ في سياؽ
مختمؼ ىك نكع مف التعسؼ كالبعد عف الحؽ كاإلنصاؼ.
أما ما تحممو األجكبة مف عادات كأعراؼ كخركج عف أحكاـ الشريعة فيذا أمر عاـ كليس
يقصر عمى البربر دكف غيرىـ مف البدك ،كمرد ذلؾ ما يفشك عندىـ مف الجيؿ بأحكاـ الديف،
كانحصار العمـ في المدف كالحكاضر خصكصا أياـ الفتف كالقالقؿ.
كما ال يخفى أف ما يحممو نص الحمكم يخالؼ حقيقة البرابر كاألمازيغ في البالد المغاربية
عامة ،حيث كانت ىذه البقاع ميدا لتعمـ القرآف كتدارس العمكـ ،كأخرجت زكاياىا كمدارسيا
عمماء أفذاذا في شتى الفنكف كالعمكـ كمف أبرزىـ كأجميـ قد ار ابف آجركـ ،كاليكسي كالمختار
السكسي كغيرىـ.
إف عممية التحقيؽ إلى جانب ككنيا عممية شاقة مضنية ،تبدأ باختيار النص المحقؽ ،ثـ
االنتقاؿ إلى جمع النسخ الخطية كما يرافؽ ذلؾ مف صعكبات كما يعترض المشتغؿ مف عقبات،
ما تكاد تنتيي حتى يجد الباحث نفسو أماـ صعكبات الكشؼ عف الخطكط كالحركؼ كالكممات
كمقابمة النسخ ،كتحرير النص.
كاذا سممنا بسالمة النسخ مف أخطاء النساخ كتصحيفاتيـ ،فيمزـ المحقؽ أف يستحضر مياراتو
في الكقكؼ عمى المعمكمات كالسياؽ الزماني كالمكاني لمكثيقة ،كالتأكد مف األعالـ كالفرؽ
كاألسماء كغيرىا.......
إف كتب النكازؿ بما تحكيو مف المعارؼ كالمعمكمات ،كما تشممو مف المياديف كالمجاالت ،مع
كفرة في األعالـ كاألماكف كأنكاع المصطمحات الفقيية كاالقتصادية كاالجتماعية ...تجعؿ ميمة
المتصدم لمتحقيؽ شاقة كمتعبة.
كلعؿ ىذه المباحثة أرادت التنبيو إلى بعض ىذه الشكارد كالينات التي غفؿ عنيا محقؽ أجكبة
الفاسي رحمو اهلل خاصة ،كالغرض منيا إقامة ىذا العمؿ األكاديمي الجاد ،كاإلشارة إلى خطكرة
عممية التحقيؽ التي تتطمب مزيد أمانة عممية ،كحضكر بديية ،كقكة صبر كتحمؿ.
كليده الغاية نرل أف االنفتاح عمى المراكز البحثية كالعمؿ الجماعي أصبح ضركرة ميمة ،لما
فيو مف تعاضد الجيكد كتآزرىا ،كتكامؿ أصحاب المعارؼ المختمفة ،ألجؿ عممية تحقيؽ دقيقة
تخرج النصكص عمى الكجو الذم كضع لو أكؿ مرة.
-7قائنة املشاجع:
.1الكتاني (المتكفى1382 :ىػ) :فيرس الفيارس كاألثبات كمعجـ المعاجـ كالمشيخات كالمسمسالت،
المحقؽ :إحساف عباس ،دار الغرب اإلسالمي – بيركت ،الطبعة الثانية.1982 :
.2الفاسي عبد القادر(المتكفى1091 :ىػ) :األجكبة الصغرل ،تحقيؽ عمي بف محمد اإلبراىيمي،
منشكرات ك ازرة األكقاؼ ،دار أبي رقراؽ الرباط ،الطبعة األكلى2007 :ـ.
.3الرىكني أبك العباس(المتكفى1373 :ىػ) :عمدة الراكيف في أخبار تطاكيف ،تحقيؽ جعفر بف
الحاج السممي ،مطبعة الخميج العربي تطكاف المغرب ،الطبعة األكلى2003 :ـ.
.4التممساني ابف مريـ (المتكفى1014 :ىػ) :البستاف في ذكر العمماء األكلياء في تممساف ،المطبعة
الثعالبية الجزائر ،طبعة1908 :ـ.
.5اليركم أبك منصكر (المتكفى370 :ىػ) :تيذيب المغة ،المحقؽ :محمد عكض مرعب ،دار إحياء
التراث العربي – بيركت ،الطبعة األكلى2001 :ـ
.6محفكظ محمد (المتكفى 1408 :ىػ) :تراجـ المؤلفيف التكنسييف ،دار الغرب اإلسالمي ،بيركت –
لبناف ،الطبعة الثانية 1994 :ـ.
.7الحمكم ياقكت (المتكفى626 :ىػ) :معجـ البمداف ،دار صادر ،بيركت ،الطبعة :الثانية1951 ،ـ.
6
● دللة امليَل ● معَذ العلوو اإلسالمية ● جامعة الوادي ــ اجلزائش ●
سابط اجمللة على البوابة https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/507