Professional Documents
Culture Documents
101- ردود جديدة
101- ردود جديدة
101- ردود جديدة
على
إدوارد سعيد
تقرير عن فلسطين
في تموز (يوليو) 1944نشرت مجلة "ريدرزدايجست" مقاًال بعنوان "تقرير عن فلسطين" وقد
عهد المسؤولون عن المجلة إلى تكليف محررهم في الشرق األوسط بكتابة هذا المقال ،وتحرك
فردري ك ب انثيون إلى العم ل وزار فلس طين والتقى ممثلي الفلس طينيين وممثلي اليه ود ،وك ان
محايدًا نزيهًا فنقل وجهة النظر من الجانبين كما عبر عنها أصحابها ،وقد نشر هذا المقال في
الطبعات األمريكية والبريطانية والسويدية واألسبانية والبرتغالية لمجلة "ريدرزدايجست" ،وكان
هذا يعني أن 40مليونًا من القراء من جميع أنحاء العالم سوف يطلعون عليه وهذه هي المرة
األولى التي يتاح فيها االطالع عل] وجه النظر العربية في مساحة بهذا االتساع.
يبدأ الكاتب مقاله بقوله :إن جوهر المسألة اليهودية العربية هو الهجرة طبعًا ،فاليهود يبغون أن
تك ون هج رتهم غ ير مقي دة ح تى يبل غ ع ددهم 4ماليين ،والع رب يقول ون إنهم لن يحتمل وا أي ة
هج رة يهودي ة أخ رى ،وهمن يوافق ون على أال يق اوموا أو يعرقل وا اليه ود الموج ودين اآلن في
فلس طين وع ددهم 550أل ف .بع د ذل ك ينتق ل الك اتب إلى نص الكت اب األبيض اإلنكل يزي في
الوقت الحاضر ..وهذا الكتاب ينص على التالي:
-3أن تنقط ع الهجرة اليهودية بعد 31آذار (م ارس) سنة ،1944وهذا القيد ال يسري على
75ألف يهودي مرخص لهم في الدخول ،وال يزال هناك حوالي 33ألفًا منهم لم يدخلوا بعد.
-4على الحكومة البريطانية أن تعيد النظر في مسألة فلسطين بعد انقضاء عشر سنوات (أي
في 31آذار سنة )1954توطئة لمنحها الحكم الذاتي المحلي.
ويقبل العرب في الوقت الحاضر العمل بالكتاب األبيض .أما اليهود فيقاومونه بشدة بل بعنف.
ويتلفت العرب حولهم فيرون بالدًا عربية مستقلة ،ويود عرب فلسطين أن يظفروا باالستقالل
أيض ًا ،ولكنهم ال يعرف ون كي ف ينالون ه ،والع رب في ال وقت الحاض ر (س نة )1944يخش ون
اليهود لسببين األول أن اليهود أعلى لسانًا ووراءهم صحافة عالمية وثروة طائلة ،والثاني أن
اليه ود ال يزال ون يهرب ون األس لحة بكثاف ة مدهش ة وعلى نط اق واس ع ج دًا ،واألم ر ال يقتص ر
على البنادق بل يمتد إلى المدافع الرشاشة ومدافع الهاون وقد قيل لي إنهم يتقنون اآلن صنع
القنابل اليدوية ،وحيال هذا يلقي العرب أنفسهم غير منظمين ،وليس لهم من ينطق بلسانهم وال
يملكون من السالح إال القليل.
وق د قي ل لي إن ه إذا وقعت الواقع ة ف إن اليه ود على قل ة ع ددهم يس تطيعون أن ين ازلوا الع رب
ومن هنا كان اعتماد العرب على البريطانيين لحفظ السالم ،أما اليهود فوجهوا طاقتهم لنقض
الكتاب األبيض والضغط على بريطانيا لتلغي األحكام الخاصة بالهجرة.
ويقول اليهود إنهم لن يرضوا قط بالحكم الذاتي لفلسطين والعرب فيها 700ألف واليهود 550
ألفًا.
ويصرح هاري بيلين من أعضاء الوكالة اليهودية بقوله :إننا نصبح مرة أخرى أقلية كما هو
حالنا في كل مكان آخر.
وقبل أن يجيء اليهود إلى فلسطين بعد وعد بلفور ،كان العرب يصدرون في العام حوالي 5
ماليين صندوق من برتقال يافا المشهور ،وقبل أن تمنع الحرب القائمة (نحن في سنة )1944
الص ادرات ك ان يش حن في الع ام 25ملي ون ص ندوق من بس اتين الم والح ،وهي بس اتين ك ان
العرب يملكون فيها 55في المئة ،بينما يملك اليهود 45في المئة.
يتحدث الك اتب عن قض ية اليهود وقضية الع رب ،أن من حجج اليهود األص لية إلنش اء الوطن
الق ومي اليه ودي ،أن اليه ودي ينبغي أن يع ود إلى األرض وأن يهج ر الحض ر ويعم ل في
الفالحة ،ولكن أرقام اليهود اليوم (سنة )1944تقول إن 23في المئة يعملون في الفالحة ،أما
الغالبي ة الباقي ة فيعيش ون في الم دن ،وي ذكر الع رب الحق ائق اآلتي ة :أنهم يملك ون معظم األرض
وفي جملتها 95في المئة من مزارع الزيتون ويملكون من الماشية 215ألف رأس وال يملك
اليهود سوى 28ألفًا وللعرب من الغنم 225ألف ًا ،بينما ال يملك اليهود سوى 20ألف ًا ويتناول
الع ربي ال ثري بيدي ه ويق ول إن ه ذه أرض ه تاريخ ًا وفعًال وم ا من ق وة تس تطيع أن تس لبه إياه ا
بغير قتال.
وم رت األي ام ووق ع المحظ ور وتط ور الموق ف فلم تع د قض ية الالج ئين اليه ود هي القض ية،
وأعلنت دول ة إس رائيل س نة 1948وه ا نحن في الق رن الجدي د نش اهد اليه ود يتس لون بقت ل
الفلس طينيين ك ل ي وم ..وتك اد ع برة األي ام أن تح دثنا أن ه ال قيم ة لش يء س وى الص راع
والمقاوم ة ..لق د بل غ اليه ود م ا بلغ وه باإلره اب ،إره اب العص ابات الص هيونية أوًال ثم إره اب
الدولة العبرية ثانيًا ،وال يفل الحديد إال الحديد.
أحمد بهجت
==================
نش رت "األه رام ويكلي أون الين" في ع ددها 16-10ك انون الث اني /ين اير ،2002مقال ة
للبروفيس ور إدوارد س عيد ،تحت عن وان "ب روز ب دائل في فلس طين" .وهي مقال ة تمث ل مرحل ة
ثالث ة ،أو رابع ة ،في معالجت ه للقض ية الفلس طينية من ذ اتف اق أوس لو ح تى الي وم .فق د تمثلت
المرحل ة األولى إلى ج انب نق ده الق وي والص ارم التفاقي ة أوس لو في رف ع ش عار "إقام ة دول ة
ديمقراطية" لكل مواطنيها ،أو ثنائية القومية في فلسطين ،وجاءت المرحلة الثانية مع اندالعة
االنتفاضة ليرى الحل بإقامة دولتين الفلسطينية في الضفة والقطاع ،واألخرى اإلسرائيلية على
أس اس قي ام كونفدرالي ة بينهم ا .ثم بل ور م ؤخرًا ش عارًا اق ترب ب ه من الفهم الص حيح لطبيع ة
الص راع ال دائر اآلن ،وه و ه دف "دح ر االحتالل ومخّلفات ه" بال قي د أو ش رط ،وع دم التف اوض
على ذلك ألن من شأن التفاوض أن يمد من عمر االحتالل وليس العكس.
يشكل هذا التطور األخير في موقف إدوارد سعيد خطوة متقدمة عن مواقفه السابقة التي أثبتت
أنه يظل بعيدًا عن فهم طبيعة الصراع عندما راح يتعّل ل بأوهام "دولة لكل مواطنيها" أو ثنائية
القومية ،أو حين اختل ميزانه ،إذ طالب بحل الكونفيدرالية بين الدولة العبرية ودولة فلسطينية،
وهي س قطة ،أحس به تراج ع عنه ا ،وك ان هنال ك بين ه ذين الم وقفين مق االت متأرجح ة حس ب
الظروف التي تكتب فيها مثًال التركيز على الجانب األخالقي في القضية للوصول إلى حل من
خالل التأثير في الرأي العام العالمي ،واتخذ قدوته في ذلك ..زعيم جنوب أفريقيا مانديال الذي
ك ان جم ع بين القض اء على النظ ام العنص ري والمس اواة المواطني ة بأغلبي ة حاكم ة س وداء من
جه ة ،أو بين اس تخدام مختل ف وس ائل الكف اح بم ا في ذل ك المقاوم ة المس لحة ،وه ذا الج انب
ُيسقطه إدوارد سعيد عند محاولة االقتداء بالتجربة الجنوب أفريقية.
ال ش ك في أن ترك يز إدوارد س عيد في مقالت ه األخ يرة على ه دف دح ر االحتالل وك ل مخلفات ه
(المس توطنات وما ح دث في تغيير وتهويد في الق دس) ،وبال قيد أو شرط ،وعلى التحدي د ،بال
تفاوض ،يكون قد اقترب كثيرًا من موقف عدد من فصائل المقاومة الفلسطينية ،بما فيها حماس
والجهاد .والتقى كذلك عدا في موضوع ،بال قيد وال بمفاوضات ،مع هدف معلن من قبل فتح
والسلطة الفلسطينية.
على أن عنوان المقالة ومحتواها يكشفان ،من جهة أخرى ،عن أن إدوارد سعيد ال يبحث عن
وح دة الش عب الفلس طيني باعتباره ا ش رطًا أساس ًا من ش روط مقاوم ة االحتالل ودح ره وإ نم ا
يبحث عن بديل لكل ما هو قائم في الساحة ليأتي على يده وحده الخالص ،وبهذا يكون قد عاد
إلى الوهم (محاولة فرض األفكار واألماني على الواقع دون أن يكون لها من نصيب في ذلك)
الذي يقفز فوق حقائق مؤسسة تاريخي ًا ،ومج ّذ رة في الواقع الفلسطيني ،فيستبعدها جميع ًا ،لهذا
الس بب أو ذاك ،ويح ل مكانه ا ب ديًال ،يمكن ه ،في أحس ن األح وال ،وق د ج اء مت أخرًا ج دًا ،أن
يص بح طرف ًا في معادل ة وح دة الش عب الفلس طيني ه ذا إذا نجح ب التحول إلى "ح زب" أو "كتل ة"،
أما أن يعامل باعتباره هو وأسلوبه (النضال الالعنفي) بدائل تنفي ما حولها من قوى وأساليب
كفاح متعددة األشكال فهذا ضرب من مجافاة سنن الواقع وقوانين الحياة بل حتى شروط تشكل
البديل.
ومع ذلك ،أن تنشأ حركة جديدة داخل صفوف الشعب الفلسطيني ،فمسألة ال غبار عليها ،بل
قد تكون خطوة إيجابية بإضافة زخم جديد إلى انتفاضة الشعب الفلسطيني ومقاومته وصموده
وال أحس ب أن أح دًا من الع املين في الس احة الفلس طينية ي نزعج من ذل ك إال إذا فّك ر بطريق ة
ض ّيقة وفئوي ة ج دًا مثلم ا يفك ر إدوارد س عيد وه و يق دم بديل ه .ولكن ح تى م ع ه ذا االنزع اج
"الفئ وي" س وف ال يقاب ل ذل ك الب ديل باإلقص اء أو الهج وم كم ا يفع ل إدوارد س عيد في نهج ه
اإلقص ائي ،ونق ده الع دائي ،وإ ن من يت ابع مواق ف حم اس وحرك ة الجه اد يس تطيع أن يلح ظ أن
مشكلة العلمانية أو مسألة والدة كتلة علمانية لن يزعجهما أبدًا ،ما دامت تلك الحركة ستقاوم
االحتالل ،وبالطريقة التي تراها مناسبة ،فالعلمانية في الساحة الفلسطينية ليست اختراعًا جديدًا،
والتعاون الوثيق بين اإلسالميين والعلمانيين قد أصبح له تاريخ راسخ ،على األقل خالل عشر
السنوات الماضية.
وله ذا حين ي دعو إدوارد س عيد تحت راي ة علمانيت ه المح دودة إلى محارب ة "األص ولية" في
فلسطين ،ومعاملتها على قدم المساواة مع "التطرف اإلسرائيلي" يفقد أوًال بوصلته التي حددها
بأولوي ة ه دف دح ر االحتالل ،وبال قي د ،وثاني ًا يض ع نفس ه في عزل ة كامل ة عن الش عب
الفلس طيني ال ذي يري د توحي د جمي ع ق وى الش عب الفلس طيني تحت ش عار "وح دة الق وى الوطني ة
اإلسالمية" وثالثًا ،أحسب أن رأيه معزول حتى بين الذين وّقعوا "على البيان" واعتبرهم بديًال،
وكان هو أحدهم ،وذلك حين يشدد كل ذلك النكير على حماس والجهاد وال يتوّر ع عن استخدام
عب ارة تهكمي ة بوص فهم "أص حاب اللحى" ،فه ؤالء في أغلبهم حين يط البون في البي ان بالوح دة
الفلس طينية والمقاوم ة وإ نه اء االحتالل ،بال قي د ال يخط ر بب الهم إقص اء اإلس الميين أو من
يقاومون بالسالح من الفصائل األخرى أو من يلجأون إلى قذف الحجارة على قوات االحتالل،
من تلك الوحدة فمصطفى البرغوثي الذي يستشهد به إدوار سعيد لتدعيم رأيه مشارك في وحدة
القوى الوطنية واإلسالمية ،وال يعامل حماس والجهاد باللغة التي يستخدمها إدوارد سعيد ،وال
يه اجم الكف اح المس لح ض د االحتالل من حيث أتى ح تى ل و اتب ع ه و منهج ًا آخ ر في مقاومت ه
لالحتالل.
فعلى إدوارد سعيد ما دام انخرط في حزب ،أو كتلة فلسطينية قيد التشكل كما يأمل ،أن ينأى
بلغت ه وه و يتح دث عن حم اس والجه اد عن اللغ ة ال تي يس تخدمها ش ارون وب وش فيعّب ر عن
وجه ة نظ ره المختلف ة بم ا يخ دم الوح دة الوطني ة ،وليس بم ا يث ير الفتن ة حين تتح ول اللغ ة إلى
القمع واإلقصاء والعدائية المفرطة.
أن ي دافع إدوارد س عيد عن األس لوب الالعنفي في مقاوم ة االحتالل فه ذا ش يء ،أم ا أن يأخ ذ
موقفًا عدائيًا من أساليب مقاومة االحتالل األخرى فشيء آخر تمامًا ،ألنه إذا أنكر ،أو استنكر،
األس اليب األخ رى بم ا فيه ا الكف اح المس لح يض ع نفس ه ،أوًال بمخالف ة م ع مب دأ أقرت ه الش رائع
والقوانين واألعراف الدولية كافة ،بما في ذلك تجربة قدوته مانديال في جنوبي أفريقيا ،ومعظم
حرك ات التحري ر ض د االس تعمار ،ناهي ك عن التجرب ة األمريكي ة ض د االحتالل البريط اني ،أو
المقاومات األوروبية ضد االحتالل النازي.
وثاني ًا :يتكش ف موقف ه عن خل ل في ق راءة التجرب ة التاريخي ة الفلس طينية نفس ها من ذ م ا بع د
الحرب العالمية األولى حتى اآلن ،فعلى الرغم من االختالل الهائل في ميزان القوى الذي ساد
الصراع ضد المشروع الصهيوني المدعوم من الدول الكبرى دعم ًا مباشرًا وغير مباشر ،فإن
الش عب الفلس طيني ك ان مض طرًا لممارس ة مختلف أش كال الكف اح والمقاوم ة ،ولم يحص ر نفس ه
بالض رورة واالض طرار ض من ح دود ش كل واح د من أش كال النض ال ،ف الطرح بطبيعت ه ك ان
صراع وجود ،أي كان ال بد من ترحيل الشعب الفلسطيني (الجزء األكبر منه) من أجل إقامة
الدول ة العبري ة ،فم ا ك ان ليج دي بين 1948 – 1917أن يس تخدم أس لوب الالعن ف كم ا فع ل
"غاندي" ،وكان من معاصريه الفلسطينيين عدة "غانديين" ،أو كان أغلب الفلسطينيين متعاطفين
م ع "غان دي" وحركت ه الالعنفي ة في ط رد االحتالل البريط اني (الع دو المش ترك في حين ه) ،وم ا
ك ان ليج دي االستس الم ،أو اس تعداد "التح الف م ع بريطاني ا" ،وك ان هن اك من ح اولوا ذل ك،
وطالبوا بمعاهدة معها مثل المعاهدة "العراقية – البريطانية" .أما السبب األول في فشل كل ذلك
ف يرجع إلى طبيع ة الص راع نفس ه –المش روع الص هيوني نفس ه واإلس تراتيجية البريطاني ة –
الغربية في حينه ،كما يرجع إلى الحالة العربية التي كبلت بالتجزئة والسيطرة االستعمارية.
أما االضطرابات والتظاهرات واالعتصامات (تدخل ضمن إستراتجية الالعنف كما تدخل في
إس تراتيجية الكف اح المس لح) فك انت تف ّر ق بال دم والقم ع واالص طدام بالحائ ط ،مم ك ان يف رض
اللجوء إلى السالح والمقاومة وهذه كانت تصيب بعض نجاح في فرض التراجع على بريطانيا
كانت تواجه بالحصار من خالل النفوذ البريطاني – الفرنسي على الدول العربية في حينه مما
ك ان يض طرها إلى القب ول بالتهدئ ة لتس حب بريطاني ا م ا قدمت ه من تراج ع ج زئي ليع ود تنفي ذ
المشروع الصهيوني بزخم أشد.
وإ ذا جئن ا إلى تجرب ة ( 1965 – 1949أو 1967في األدق) فس نجد في تجرب ة الفلس طينيين
ال ذين بق وا تحت الدول ة العبري ة مث اًال على ال ج دوى "النض ال الس لمي" والالعنفي ليف ع عنهم
الم يز العنص ري فق ط ،وليس حماي ة أرض هم أو الع ودة إلى ق راهم وم دنهم ال تي هج روا منه ا،
ناهي ك عن الحق وق األساس ية األخ رى ،فال ذين يظن ون أنهم "اخ ترعوا الب ارود" حين اكتش فوا
نظرية النضال الالعنفي عليهم أن يسندوا ذلك من تجربة عرب 48أوًال ،ومن تجربة الخلود
إلى الس كينة والمناش دة ض مير ال رأي الع ام الع المي من 1949إلى 1968بالنس بة إلى بقي ة
الش عب الفلس طيني ،ثم هنال ك التجرب ة 1968إلى اآلن حيث يمكن أن تس تقرأ نت ائج ك ل ش كل
من أش كال النض ال حي يمكن رس م مش هد يح وي على م ا ع رف وم ا لم يع رف من أش كال
مقاومة االحتالل.
قراءة التجارب جميعًا يجب أن ال تنفصل عن قراءة طبيعة الصراع الذي كان ولم يزل يحمل
ط ابع ص راع وج ود ،أو عن الفهم ال دقيق لطبيع ة المش روع الص هيوني نفس ه واإلس تراتيجية
الغربي ة عموم ًا واإلس تراتجية األمريكي ة خصوص ًا (في مرحلته ا الراهن ة) ،كم ا يجب أن ال
ينفصل عن قراءة موازين القوى والوضع العربي واإلسالمي العام فالشعب الفلسطيني كان ولم
ي زل مس تهدفًا الم دنيين باإلره اب وال ترويع ه و الط رف الص هيوني ،ثم اإلس رائيلي بع د تش كل
الدولة كما في مرحلة ما بعد حزيران ،1967ألن المطلوب هو تهجيره وإ حالل المستوطنين
مكانهم ،فالصراع في فلسطين في طبيعته موجه ضد المدنيين الفلسطينيين أوًال وقبل كل شيء.
أم ا من الجه ة ف إن الش عب الفلس طيني ك ان ولم ي زل في موق ع ال دفاع عن النفس أو أم ام
إس تراتيجية دفاعي ة ومن ض منها هج وم تك تيكي مح دود ،ومحك وم بالف ارق الهائ ل في م يزان
القوى ،ومن ثم فإن كل ما عرفته التجربة الفلسطينية من أشكال المقاومة ومحاولة طرح حلول
أو إيجاد مخارج حكمه العامالن السابقان في إطار معادلة عربية مكبلة بالتجزئة ،وبأنماط من
الهيمنة والضغوط الخارجية.
وخالص ة م ا ي راد قول ه من الع رض الس ريع للتجرب ة بمجمله ا أن على إدوارد س عيد أن يك ون
أك ثر تواض عًا وتفهم ًا وه و يع الج الموض وع الفلس طيني أو يتص ّو ر ل ه الحل ول أو يقدّم تج ارب
كفاحه أو يتقدم بمشروعه الالعنفي ،وإ ال سيجد نفسه كما حدث معه عملي ًا خالل الفترة ما بعد
اتفاق أوسلو حتى اآلن غير قادر على تحديد توجه يثبت عليه ،أو هدف يصمد بضع سنوات
وأحيان ًا ال يصمد بضعة أشهر كما حدث مع "مشروع الكونفيدرالية"( ،وإ ذا شاء يمكن تذكيره
بكل مقالته المشار إليها).
ال تنطلق هذه الملحوظات ،من روحية عدائية أو من محاولة إلضعاف إدوارد سعيد ،ألننا نريد
أن يضع ثقله العالمي ُيعتز به وُيقدر عالي التقدير في إطار خدمة الوحدة الوطنية واإلسالمية
الفلس طينية تحت اله دف المش ترك "دح ر االحتالل ومخلفات ه بال قي د أو ش رط وبال مفاوض ة".
وه ذا ال يتع ارض م ع مش اركته ض من تكت ل علم اني وط ني جدي د في الس احة الفلس طينية ،ب ل
سيكون أكثر انسجامًا مع هذا التكتل ويسمح له أن يلعب دورًا أكثر إيجابية فالساحة الفلسطينية
ك انت ولم ت زل وس تبقى حمال ة للتع دد في اإلس تراتيجية والتكتي ك ،وفي التنظيم ات والتكتالت
والشخصيات ،كما في النقد الداخلي المعلن ولكن بال عدائية.
تبقى نقطة كانت حافزًا لكتابة مقالته آنفة الذكر إلى جانب البيان الذي أشار إليه وهي المتعّلقة
بالمجموع ة األوروبي ة – األمريكي ة ال تي ج اءت بمناس بة أعي اد الميالد ورأس الس نة لتعلن
تضامنها مع الشعب الفلسطيني وتحاول أن تتحدى الحواجز التي تحاصر المدن والقرى تحت
ش عار تق ديم حماي ة ش عبية دولي ة للش عب الفلس طيني في مواجه ة م ا يتع رض ل ه من جيش
االحتالل.
يب دو من مقال ة إدوارد س عيد أن معلومات ه ض عيفة عن ه ذه الحرك ة حين يق ول" :إن حرك ة
تضامن العنفية دولية أطلقت من قبل الدكتور البرغوثي (مصطفى)" وقد ض ّم ت 550مراقب ًا
أوروبي ًا (ع دد منهم أعض اء من البرلم ان األوروبي) ج اؤوا على حس ابهم الخ اص معت برًا أنهم
حين تعرضوا للقوات اإلسرائيلية وحركة االستيطان ،و"ومنعوا رمي الحجارة أو إطالق النار
من الج انب الفلس طيني األم ر ال ذي أدى عملي ًا إلى تجمي د الس لطة واإلس الميين ووض ع األجن دة
التي تجعل االحتالل اإلسرائيلي نفسه بؤرة االهتمام ،وذلك لألسباب التالية:
أوًال :بدأت هذه الحركة المناصرة للشعب الفلسطيني من مجموعة فرنسية قاد أول رحالتها إلى
فلسطين في حزيران /يونيو " 2001جوزيه بوفيه" مسؤول العالقات الدولية في الكونفيدرالية
الفالحي ة الفرنس ية ،والمناض ل المع روف ض د العولم ة ،وتت ابعت بع د ذل ك ح تى وص لت إلى
الرحل ة (وهي السادس ة) ال تي أش ار إليه ا إدوارد س عيد وق د دأب المخ رج س مير عبداهلل على
إص دار أفالم تغطي نش اطاتها اس تهله بفيلم "رحل ة رحالن" ففي فلس طين أك ثر (من فلس طين
واحدة) نزل إلى األسواق في أيلول/سبتمبر ،2001ثم بدأت تتسع هذه الحركة لتصبح أوروبية
– أمريكي ة "إن أمكن" وهي تع د اآلن إلطالق حمل ة باص ات داخلي ة في فرنس ا لمقابل ة الن واب
ورجال الدولة بحيث يحشد في كل باص شخصيات ومناصرين للشعب الفلسطيني فينطلق كل
ب اص من مدينت ه ويحض ر اآلن إلى "ي وم أوروبي من أج ل فلس طين" يكرس ه انطالق قط ارات
وباص ات من أنحاء مختلفة من أوروبا إلى بروكسيل واالتح اد األوروبي (من أجل المزيد من
المعلومات اقرأ باص وقطار وطائرة من أجل فلسطين ،نهلة الشهال الحياة .)13/1/2002
ثاني ًا :أه داف ه ذه الحرك ة المفتوح ة على ك ل من يجب أن يش ارك فيه ا هي مناص رة الش عب
الفلسطيني وتقديم حماية شعبية رمزية أوروبية لها داخل فلسطين من خالل البعثات التي تذهب
شهريًا تقريبًا ،وّطرت نشاطها لتمارس الضغط داخل أوروبا على البرلمانات والحكومات ،وإ ذا
ك انت ال تواج ه ق وات االحتالل ب العنف فه ذا أم ر ط بيعي وض روري بالنس بة لس ائح ي دخل
فلس طين ليناص ر الفلس طينيين ويتح دى الح واجز ،ولكن ليس من أه داف ه ذه الحرك ة أن تبّش ر
ب الالعنف وتعلم الش عب الفلس طيني كي ف يق اوم االحتالل .ومن يش هد الفيلم المش ار إلي ه يلح ظ
كي ف يعام ل جيش االحتالل األوروب يين وكي ف يعام ل الفلس طينيين ،كم ا أن ه ذه الحرك ات لم
تجيء لمن ع ُر م ات الحج ارة أو إطالق الن ار أو أن تجم د الس لطة واإلس الميين أو تط رح أجن دة
جدي دة بالتأكي د ه ذا ليس في حس ابها وليس من أه دافها ،وهي ليس ت حص ة فئ ة بعينه ا من
الفلسطينيين.
ثالث ًا :إن نش اط ه ؤالء ال ي زعج غ ير الدول ة العبري ة وه و م رّح ب ب ه من ك ل الق وى ،ويلقى
تعاون ًا في خ ارج فلس طين من ع رب ،خصوص ًا من لبن انيين من مختل ف األطي اف السياس ية
والفكرية.
==================
أج رت وكال ة "روي ترز" مقابل ة م ع إدوارد س عيد في الق دس نش رت "الحي اة" مقتطف ات منه ا في
،25/6/2001جاء فيها أن إقامة اتحاد فيدرالي بين دولة فلسطينية في المستقبل وإ سرائيل هو
الحل الوحيد للصراع الدامي بين الطرفين ،ولكنه استدرك قائًال "ال أعتقد أنه حل قابل للتطبيق
اآلن ،لكن على الم دى البعي د أعتق د أن ه الح ل الوحي د ال ذي يب دو أن ه يأخ ذ في االعتب ار حقيق ة
وجود شعبين يطالبان باألرض نفسها" .وأضاف أنه ال بد أوًال من قيام دولة فلسطينية على كل
األرض التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967قبل تشكيل االتحاد.
إن أول ما يتوجب الوقوف عنده أن إدوارد سعيد طرح هدفًا جديدًا أمام الشعب الفلسطيني لحل
الصراع وهو الذي واظب منذ عدة سنوات على طرح هدف "دولة ديمقراطية لكل مواطنيها"
فما الذي تغير بين اليوم ومقاالت كتبها منذ بضعة أسابيع ،أو أشهر ،شدد فيها على اتخاذ الح ل
ال ذي قدم ه مان ديال نموذج ًا ينبغي للفلس طينيين االقت داء ب ه وه و ح ل "الدول ة الديمقراطي ة لك ل
مواطنيها" وأسماه بالهدف "األخالقي والغربي على حد سواء"؟
ربم ا ك ان الس بب ه و اقتناع ه ب أن اله دف الم ذكور ليس عملي ًا ،وغ ير مقب ول من ج انب
اإلسرائيليين ،فقد فكر في هدف آخر وهو الفيدرالية بين دولة فلسطينية ،بعد أن تقوم على كل
األرض المحتل ة في ح رب يونيو ،1967والدول ة اإلس رائيلية ،ولكن ح تى ه ذا "اله دف" موج ه
بهدف آخر إذ قال "يبدو لي أن دول ثنائية القومية أو إقامة اتحاد كونفيدرالي هو الحل الوحيد
المعقول بالنسبة إلى اإلسرائيليين ال ذين لن يستطيعوا االس تمرار في العيش في هذا الجزء من
العالم كقوة محتلة مستأسدة معتدية ،كما تقضي بذلك لغة شارون وكل من سبقوه.
وبهذا يكون على الشعب الفلسطيني أن يغير أهداف كفاحه ولغة خطابه كلما بدا إلدوار سعيد
تص ور جدي د لح ل الص راع ،ولكن كي ف يح دث ه ذا التغي ير بمث ل ه ذه الس رعة وه و ال يتعل ق
بش عار راهن ،وه دف آني ،وإ نم ا بح ل للقض ية الفلس طينية أو للص راع برمت ه ،وه و م ا يحت اج
منه إلى االنتباه في مثل هذا التغيير في الهدف اإلستراتيجي.
ل و اعتبرن ا أن الف ارق بين ه دف دول ة لك ل مواطنيه ا يختل ف عن ه دف دول ة ثنائي ة القومي ة
اختالفًا بارزًا ،ووفق ًا لمفهوم طارحي هذين الهدفين لكل منهما ،إال أن هدف الفيدرالية يختلف
نوعيًا عنهما ألن هدف دولة ديمقراطية لكل مواطنيها يفترض تغييرًا ما في الدولة اإلسرائيلية
القائمة ،وأن األمر كذلك بالنسبة إلى دولة ثنائية القومية خصوصًا ،حين يراد منه أن يشمل كل
فلس طين وك ل الفلس طينيين ،أم ا ه دف الفيدرالي ة فيس تبقي الدول ة العبري ة على حاله ا ال راهن
والت اريخي ،وُي دخل تحت عباءته ا بالض رورة ،دول ة فلس طينية تق وم في الض فة الغربي ة وقط اع
غ زة ،ولم ا ال يكن هنال ك من فيدرالي ة بال جيش في درالي ،وبال سياس ة خارجي ة فيدرالي ة ،وبال
نم ط من أنم اط الوح دة االقتص ادية ،فه ذا يع ني أن المش روع اق ترب كث يرًا من المش اريع ال تي
ترددت بعد اتفاق أوسلو وكان من بينها كونفيدرالية أو فيدرالية تشمل األردن كذلك.
طبع ًا ال يس تطيع الم رء لئال يظلم إدوارد س عيد ،أن يمض ي في اقتراح ه بعي دًا قب ل أن يوض حه
جيدًا ،ألنه يثير مجموعة من األسئلة الخطيرة التي ال يمكن المرور بها مرور الكرام.
على أن الش كل األول ال ذي يع اني من ه منهج إدوارد س عيد في بحث ه عن الح ل األنس ب للقض ية
الفلس طينية أو لم ا يس ميه "ص راع الط رفين" ،أو "حقيق ة وج ود ش عبين يطالب ان ب األرض نفس ها"
فيتمث ل في تجاهل ه لك ون الش عب الفلس طيني ج زءًا من األم ة العربي ة على األق ل ،من دون
اإلش ارة إلى أن ه ج زء من األم ة اإلس المية ،وأن القض ية الفلس طينية ليس ت فلس طينية فحس ب
وإ نما هي أيض ًا عربية وإ سالمية ولهذا تراه يبحث عن حل فلسطيني – إسرائيلي ،سواء كان
عندما طرح هدف دولة ديمقراطية لكل مواطنيها أم هدف دولة ثنائية القومية ،واآلن "فيدرالية
إسرائيلية – فلسطينية".
أم ا الش كل الث اني فيتمث ل في ترك يز هم ه ،ك ل هم ه ،عن د البحث في ح ل إس تراتيجي للص راع
على مخاطب ة اإلس رائيليين وال رأي الع ام األم ريكي بحث ًا عم ا يمكن أن يك ون مقب وًال بالنس بة
إليهم ،وعم ا يك ون "في مص لحتهم" وه و م ا تكش فه عب ارة "الح ل الوحي د المعق ول بالنس بة إلى
اإلسرائيليين" .ولكن أين الشعب الفلسطيني نفسه وما هو "الحل الوحيد المعقول بالنسبة إليه"،
طبعًا عبارة المعقول ليس لها حدود إذا كان مقياسها موازين القوى أو ما يراه الطرف اآلخر
معقوًال ثم أين الشعوب العربية واإلسالمية فيما يوجه من خطاب حول قضية أساسية وحاسمة
بالنس بة إليه ا .وه ذه القض ية ذات أبع اد متع ددة قومي ة وديني ة بالنس بة إلى الع رب وديني ة
وحضارية بالنسبة إلى الشعوب اإلسالمية عمومًا.
المهم إن حل الفيدرالية يمكن أن يقال فيه أكثر بكثير مما يمكن أن يقال بالهدفين األولين ألنه
سيتض من بالض رورة ،إلحاق ًا للدول ة الفلسطينية بالدول ة اإلس رائيلية ،ومن ثم إدراجها عملي ًا في
المشروع الصهيوني في فلسطين ،وعلى مستوى المنطقة ،وال نحسبه يمكن أن يتصور العكس
أي إلحاق الدولة اإلسرائيلية ،وأمريكا والغرب تالي ًا ،بالدولة الفلسطينية حتى لو جاء لها ،كما
يطالب بقيادة "معتدلة جديدة" ،أما التصور بأن الفيدرالية ستكون متوازنة ،أو متقاسمة ،بصورة
متس اوية ،بين ال دولتين فتص ور ُيلغي ك ل ق وانين الص راع وم وازين الق وى أو يف ترض دول ة
عبري ة عالي ة النزاه ة والعدال ة وحس ن الني ات إزاء الفلس طينيين والع رب والمس لمين ،وه ذه
فرضية ال يحق أن يتصورها أحد خصوص ًا إذ اعتبر نفسه ممن يملكون معرفة عميقة ودقيقة
للمجتمع اإلسرائيلي وللصهيونية وللدولة العبرية.
ه ذا طبع ًا دون اإلش ارة إلى م ا يعني ه ذل ك من تك ريس لم ا ح دث من اغتص اب لفلس طين قب ل
ح رب يوني و ،1967ومن إس قاط لك ل الحق وق األساس ية للش عب الفلس طيني ،ومن إه دار لتل ك
الحق وق ب إحالل جماع ات مه اجرة مك ان الش عب الفلس طيني وإ قام ة "وطن ق ومي لليه ود" ف وق
وطن ه ،فض ًال عم ا نجم عن ذل ك من تهج ير الج زء األك بر من الفلس طينيين واالس تيالء على
ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة.
أما من الجهة فإن تصوره لقيام الفيدرالية فيواجه ثالث مشاكل :المشكلة األولى تتمثل في حله
الذي ال يعتقد أنه حل قابل للتطبيق اآلن لكن على المدى البعيد ،وهذا يعني أنه ال يقدم للشعب
الفلس طيني وه و في عنف وان انتفاض ته حًال أني ًا مباش رًا يتلخص ب دحر االحتالل إلى م ا وراء
الخ ط األخض ر وتفكي ك المس توطنات ،أم ا المش كلة الثاني ة فت أتي من قول ه "أعتق د ب أن الخط وة
التالي ة يجب أال تك ون بإلق اء مزي د من القناب ل وإ نم ا ببس اطة ،بالمواجه ة الثقافي ة وبتوزي ع
منش ورات في الس وق السياس ية اإلس رائيلية تقص م ا يح دث بالحق ائق واألرق ام والص ور" .إذا
كانت الخطوة الحالية هي انتفاضة متصادمة مع دبابات االحتالل ،ومقاومة مسلحة تهدف إلى
دحر االحتالل ،بال قيد أو شرط ،كما حدث في جنوبي لبنان ،فإن عبارة "الخطوة التالية" تعني
التخلي عن االنتفاضة والمقاومة من أجل خطوة وهمية ال يقدم دليًال واحدًا على إمكان تحقيقها
للهدف.
هنا يكون حديث إدوارد سعيد عن دولة فلسطينية تقوم على كل األرض التي احتلت في حرب
يوني و ،1967بتب ني إس تراتيجية تق وم على المواجه ة الثقافي ة وتوزي ع منش ورات في الس وق
اإلسرائيلية ،وهدفها إقناع اإلسرائيليين أن يعيشوا معهم (يقصد الفلسطينيين) على قدم المساواة
وليس كقوة أكثر تفوقًا كما يريد شارون" ،ولكن ليت إدوارد سعيد عزز إستراتيجيته بمثل واحد
يثبت أن اإلس رائيليين س يقتنعون عن طري ق المواجه ة الثقافي ة والمنش ورات بس حب ق وات
االحتالل من تلك األرض ،ثم كيف يمكن أن يثبت أنهم سيقتنعون ،من خالل إستراتيجية كهذه،
بالعيش مع الفلسطينيين على قدم المساواة ،بل ليته يستطيع أن يقنع صهيونيي أمريكا والغرب
أن يعيشوا على قدم المساواة مع مواطني أمريكا وأوروبا فهو يعلم أية امتيازات يتمتعون بها
هن اك ،وأي نف وذ راح وا يض اعفونه يوم ًا بع د ي وم ،وفي بالد ال ي دعون أنه ا "أرض إس رائيل"
ومع شعوب يفترض بأنها األقوى واألكثر هيمنة على العال ،بل هي صاحبة الفضل األول فيما
حققت ه الحرك ة الص هيونية في فلس طين أو في تل ك البالد ،فكي ف يمكن ه أن يتص ور ص هاينة
فلس طين يقبل ون ب العيش على ق دم المس اواة م ع الفلس طينيين وه و يع رف رأيهم الحقيقي في
الفلس طينيين والع رب والمس لمين ،والمع بر عن ه ب روح عنص رية متعالي ة من خالل عش رات
المواقف والمناسبات.
أما المشكلة الثالثة فقوله" :إن الحل هو شن حملة مؤثرة لوقف المعونة األمريكية إلسرائيل"،
ويبش ر أن "هن اك عناص ر جدي دة في الوالي ات المتح دة تب دأ اآلن في التجم ع ح ول قض ية
الفلس طينيين واإلس رائيليين وه ذه الحمل ة في مه دها لكنه ا اآلن واض حة تمام ًا في أنح اء البالد"،
أنه هنا ال يشير إلى اتجاه في اإلدارة األمريكية وإ نما إلى عناصر جديدة قد بدأت تتجمع حول
قض ية الفلس طينيين واإلس رائيليين ولنف وت ل ه اعتب ار القض ية "قض ية فلس طينيين وإ س رائيليين"،
لنلح ظ أن علين ا التعل ق بحب ال اله واء ،ون ترك م ا بين أي دينا من انتفاض ة ومقاوم ة ،ونس قط أي ة
أهمية للشعوب العربية واإلسالمية.
==================
مقال ة إدوارد س عيد "عن د التح دي والكرام ة والدوغمائي ة" في "الحي اة" في 23/5/2001تتك ون
من ش قين :األول يحم ل طابع ًا نق ديًا لع دد من مواق ف المثقفين والساس ة الع رب والفلس طينيين،
ولعدد من المقوالت الخاصة بالموقف من الدولة العبرية ،والثاني يقدم البديل المقابل ويفترض
ب ه أن يك ون على النقيض من "الجه ل" ال ذي اتهم ب ه ك ل من تع رض لم واقفهم وموض وعاتهم
بالنقد.
يجب التأكيد بالبداية ،أن إدوارد سعيد حين ينقد كثيرًا ما يصيب المرمى ،وقد يطيش سهمه هن ا
وهناك .ولكنه في كل األحوال ناقد ال يشق له غبار.
أم ا الش ق الث اني وه و ال ذي س يتناوله ه ذا ال رد ،فيتعل ق بالب ديل ال ذي يقترح ه مقاب ل ك ل ذل ك
"الجهل" أو "الهراء" أو "الدوغمائية".
سألته طالبة فلسطينية بعد محاضرة ألقاها في جامعة اكسفورد قبل ثالث سنوات ونصف" :ألن
يكون هذا النوع من االهتمام بإسرائيل شكًال من أشكال التنازل أمها؟" وفهم منها "كانت تسأل
إذا لم يكن الالتطبيع الجاهل هو الموقف األفضل من الدولة اإلسرائيلية" ،ولكن كيف يمكن ألي
منا أن يعارض السعي إلى معرفة وتحليل أكثر ما يمكن من المعلومات عن هذا البلد الذي ك ان
لحض وره بينن ا من ذ خمس ين س نة ك ل ه ذا الت أثير في طبيع ة حي اة ك ل رج ل وام رأة وطف ل في
الع الم الع ربي" .ولكن "التن ازل" ال عالق ة ل ه بالمعرف ة وإ نم ا بالتعام ل م ع ش رعية اغتص اب
فلسطين أو كيفية مواجهة الدولة العبرية .أما المعرفة فمطلوبة حتى الحد األقصى بالنسبة إلى
الصهيونية ،والكيان الصهيوني ،والمشروع الصهيوني واأليديولوجيا ،والتاريخ قديمًا وحديثًا،
والم ركب االجتم اعي ال داخلي ،الجيش ،العالق ة ب الغرب ،أو على ح د تعب يره "التن اول الخّالق
لثقاف ة مجتم ع اتخ ذا على ك ل المس تويات المهم ة" ..سياس ة ته دف إلى ت دمير إنس انية الع رب
والفلسطينيين" ،هذا ويظلم السابقين من يظن أنهم لم يسعوا إلى مثل تلك المعرفة وهم يواجهون
ميزان قوى عسكري وسياسي محلي وإ قليمي وعالمي قاهر.
يقول إدوارد سعيد "ولكنني أعتقد أن األفضل واألذكى من لعن إسرائيل من عاليها إلى سافلها
التعاون مع القطاعات فيها التي تدافع عن الحقوق المدنية وحقوق اإلنسان ،وتعارض سياسة
االس تيطان وتخ اطر باتخ اذ موق ف ض د االحتالل العس كري ،وت ؤمن بالتع ايش والمس اواة
وتستبشع االضطهاد الرسمي للفلسطينيين ،إذ ال أمل من دون ذلك بتغيير سياسة إسرائيل ،أخ ذًا
في االعتب ار التف اوت الهائ ل في الق وة العس كرية بين إس رائيل من جه ة والع رب مجتمعين من
الثاني ة" .وقب ل أن يختم يق دم معالج ة أخ رى فيق ول "علين ا الع ودة إلى القيم األص لية والنق اش
المخلص ،ليس هناك حل عسكري لمصابنا ،عربًا ويهودًا على حد سواء ،هذه الحقيقة ال تترك
سوى قوة العقل والثقافة لتحقيق المهمة التي فشلت الجيوش في تحقيقها طيلة أكثر من نصف
قرن"( .ال حاجة إلى اإلحراج في التوقف عن عبارة "مصابنا عرب ًا ويهودًا على حد سواء" أو
كيف يتساوى مصاب الذي هجر من وطنه وبيته ومن حل مكانه فيهما).
هنا نمسك بمثال للتناول الخالق للدولة والمجتمع اإلسرائيليين ،وللمعرفة ضد الجهل" .ال أمل
بتغيير سياسة إسرائيل إال من خالل "التعاون مع القطاعات فيها التي تدافع عن الحقوق المدنية
الخ" .وه ذا يع ني "ال أم ل" مطلق ًا إال إذا أثبت لن ا ب أن من الممكن تغي ير "سياس ة إس رائيل" عن
طري ق تل ك القطاع ات وبالمناس بة م ا ال ذي منعه ا ح تى اآلن من أن تح دث ه ذا التغي ير ط وال
خمسين عام ًا ألنه ا لو كانت س تفعل لفعلت أو ألوص لت نائب ًا واحدًا باس مها إلى الكنيس ت .إننا
هنا حيال مراهنة على الفئات األكثر هامشية من دون أن تحمل العبارة تحقيرًا ،ولعل إدوارد
سعيد يذكر أن حركة فتح منذ رفعت شعار "الدولة والديمقراطية" تعاونت مع كل من استطاعت
من أمث ال تل ك القطاع ات ،وك انت في أواخر الس تينيات وأوائ ل الس بعينيات أكبر عددًا وفاعلي ة
مما نشهد اليوم فهو يجّر ب المجّر ب.
على أن األهم كان من المفترض لمعرفة عميقة ،ولمعرفة التاريخ ،أن ترشدنا إلى األعمدة أو
األس س ال تي تق وم عليه ا "سياس ة إس رائيل" ومن ثم كي ف يمكن أن تغ ير بن اء على ذل ك وليس
بطرح فرضية لم تنبع من تحليل وال من دليل واقعي ،أو تاريخي.
ق راءة ت اريخ الص راع ،ت اريخ المش روع الص هيوني ،وت اريخ الص راع الفلس طيني والع ربي،
وت اريخ السياس ات أو االس تراتيجيات الغربي ة – البريطاني ة ثم األمريكي ة ،ق راءة الواق ع ال راهن
على مختل ف المس تويات ،تف ترض فهم الص راع بأن ه متع دد األبع اد ويحم ل ط ابع المواجه ة
الش املة .وأن أك ثر الق راءات تبس يطية ال تس تطيع الق ول أن األم ل في تغي ير "سياس ة إس رائيل"
حتى لو قبلنا أن السقف هو تغيير في السياسة ،معقود على ذلك التعاون مع تلك القطاعات.
وكي ف يمكن أن نش ير إلى "التف اوت الهائ ل في الق وة العس كرية" ،ونه رب من مواجهت ه إلى م ا
ُيس مى "ق وة العق ل والثقاف ة" ،فعن دما يك ون هنال ك تف اوت هائ ل في الق وة العس كرية ،وال يك ون
هنالك حل عسكري من خالل جيش مقابل جيش ،فهل تسقط مجموعة من البدائل اإلستراتيجية
لمواجهة هذا التفاوت غير "بديل جيش مقابل جيش" ،مثًال االنتفاضة ،المقاومة ،الدفاع المفكر
ب ه جي دًا جيش وش عب في آن واح د ،توحي د الموق ف الع ربي والموق ف اإلس المي ،إيج اد كتل ة
عربي ة – إس المية ك برى ،إطالق الحري ات والمب ادرات الش عبية ،المواجه ة على مختل ف
األص عدة ،ثم أين تتمث ل ق وة العق ل إن لم ي أتي بالب دائل ال تي تع الج إش كال التف اوت في الق وة
العس كرية ،وتبحث عن نق اط الق وة المتع ددة األخ رى ال تي تمتلكه ا األم ة؟ وكي ف تفع ل الثقاف ة
فعلها أن لم تستند إلى أمة قوية وإ ن لم تسهم في بناء تلك القوة في األمة؟ ويجب أن ُيقال األمر
نفسه بالنسبة إلى القوة األخالقية.
إن المش كلة في معرف ة إدوارد س عيد للكي ان الص هيوني يكمن في أن ه ي رى من داخل ه وع بر
أض عف مكونات ه ،وإ ذا توس ع ي رى التغيير ي أتي من خالل أمريك ا والفرق هن ا بين ه وبين ال ذين
يش دد عليهم النك ير من تب ني إس تراتيجية اتف اق أوس لو أن األخ يرين يخ اطبون ح زب العم ل
والليكود ويرون تغيير السياسة من خاللهما ،بينما هو يخاطب القطاعات المدافعة عن الحقوق
المدني ة وحق وق اإلنس ان ..إلخ ،وبالنس بة إلى أمريك ا يخ اطب األول ون إدارته ا أو حزبيه ا
الجمه وري وال ديمقراطي بينم ا ه و يأم ل بالقطاع ات المدافع ة عن الحق وق المدني ة وحق وق
اإلنسان ..إلخ .وهذان فرقان يغبان من "المعرفة" نفسها ،وكالهما ال يريا أن التغيير ال يكون
إال من الخ ارج أي من كف اح الش عب ومن تعبئ ة ق وى واس عة عريض ة إقليمي ة وعالمي ة إلى
جانب ه ،ومن كس ر إس تراتيجية اس تخدام الق وة العس كرية من ج انب الدول ة العبري ة وأبط ال
الض غوط األمريكي ة على الع رب والمس لمين ،ومن ثم تتش كل ش روط تغي ير السياس ات بم ا في
ذل ك تعمي ق التناقض ات الداخلي ة وربم ا تنش يط تل ك القطاع ات أو بعض ها ،فاألم ل الوحي د بمث ل
ه ذه اإلس تراتيجية وليس بالتع اون م ع تل ك القطاع ات باعتب اره "األم ل الوحي د" ،ألن الكيان ات
العنصرية مثل القالع ----إال من خارجها ،وإ ذا طال الحصار واشتد الخناق وعز الخالص
يمكن أن يخرج منها من يفتح من داخلها ثغرة.
وأخ يرًا يمكن في مج ال المعرف ة اإلش ارة إلى رأي ال دكتور ع زمي بش ارة نقلت ه "الدس تور"
األردني ة في 28/4/2001يق ول" :إس رائيل كي ان عنص ري ال تركيب وإ ن المس اواة فيه ا لن
تح دث بين الع رب واليه ود وله ذا الس بب" أو قول ه "ألن الدول ة بحكم تعريفه ا هي دول ة اليه ود
وفي نهاي ة المط اف تعطي ك هامش ًا في الحري ات وهامش ًا من الحق وق الس تيعابك والحتوائ ك
ولتهدئة الوضع ،وال يمكن أن نحقق المساواة الكاملة في دولة اليهود".
هذا على مستوى المساواة فكيف على مستوى استعادة المنهوب والمسلوب وإ عادة المطرود من
وطنه فردًا وشعبًا ،واستعادة حق الشعب الفلسطيني في فلسطين
==================
مقال ة إدوارد س عيد "عن التح دي والكرام ة والدوغمائي ة" في "الحي اة" في 23/5/2001تتك ون
من ش قين :األول يحم ل طابع ًا نق ديًا لع دد من مواق ف المثقفين والساس ة الع رب والفلس طينيين،
ولعدد من المقوالت .والثاني يقدم البديل اإليجابي المقابل الذي يراه على النقيض من "الجهل"
الذي يتسم به كل من تعرض لمواقفهم وموضوعاتهم بالنقد.
يجب التأكي د بداي ة ،أن إدوارد س عيد حين ينق د يص يب الم رمى في أك ثر من موق ع ومق ام،
ويحسن بمن ينقدهم ،وأن كان لديهم ما يردون به عليه ،أن يأخذوا نقده جديًا ،ويعيدوا دراسة
م ا نق ده عن دهم مراجع ة ،أو تثبيت ًا وتعميق ًا ،أو إن اء وتط ويرًا ،ولكن ه ق د ينق د انس ياقًا م ع حمل ة
سائدة أو موقف مسبق.
لع ل الش ق الث اني في المقال ة الم ذكورة ه و ال ذي س تتناوله ه ذه المداخل ة ألن ه يتعل ق بالج انب
البن ائي ،أو بالب ديل ال ذي يقترح ه مقاب ل ك ل ذل ك "الجه ل" ،أو "اله راء" ،أو "الدوغمائي ة" أو
المشاعر التي تبرر التخلي الكامل عن العقالنية أو الفرق في "أعمال التحدي العديمة الجدوى
ال تي تق وم على أفك ار دغمائي ة س خيفة جاهل ة عن معارض ة "إس رائيل" ،طبع ًا ه ذا نم وذج من
األوصاف التي يخعلها على هذا الموقف أو ذاك ،هذه الفكرة أو تلك ،وبغض النظر عما بين
المواق ف والسياس ات ال تي ينق دها من تع ارض وتص ادم فه و يض عها جميع ًا في س لة "الع الم
الع ربي الي وم" ال ذي "يمث ل انتص ار الخ املين واالنته ازيين" ،وأن ه ذا الب ديل ،بعب ارات أخ رى،
يفترض به أن "يضع على المثقفين مسؤولية تقديم التحليالت والمؤشرات إلى الموقف العقالني
الع ادل ب دل االنض مام إلى جوق ة المص فقين المتملقين ."..ويوض ح"ألن مهمتن ا هي مواجه ة
المستوى المتردي للخطاب والتحليل العربيين هذي هي المسؤولية التي علينا االضطالع بها
كمواطنين أو الخطوة األولى في هذا االتجاه تتمثل بالتحرر من الكليشيهات الغبية والوصفات
الجاهزة التي تمأل كتاباتنا وكالمنا".
لهذا يجب أن نبحث في المقالة عن ذلك الجانب البديل الذي يفترض به أن يكون متحررًا من
الجهل والهراء ،وقائما على المعرفة والعقالنية.
س ألت طالب ة فلس طينية في جامع ة اكس فورد إدوارد س عيد بع د انتهائ ه من محاض رة ألقاه ا قب ل
ثالث سنوات ونصف في الجامعة المذكورة "ألن يكون هذا النوع من االهتمام بإسرائيل شكًال
من أش كال التن ازل أمامه ا؟" فيعل ق "أي أنه ا ك انت تس أل إذا لم يكن "الالتط بيع" الجاه ل ه و
الموقف األفضل تجاه الدولة التي تدور سياستها منذ زمن طويل على رفض ومنع الفلسطينيين
في تقري ر المص ير ،ب ل هي أص ًال المس ؤول عن س لبهم" .ف الالتطبيع الجاه ل يقص د ب ه "ع دم
االعتراف بالدول ة العبري ة"" ،عدم االعتراف بش رعية اغتص اب فلسطين" ،وما تبع ويتب ع ذلك
من "مقاطع ة" ولكي ال يس مي األش ياء بأس مائها اس تعاض بعب ارة "الالتط بيع الجاه ل" ،ثم ح ول
األشكال إلى مسألة معرفة وعدمها متسائًال" :ولكن كيف يمكن ألي منا أن يعارض السعي إلى
معرفة وتحليل أكثر ما يمكن من المعلومات عن هذا البلد الذي كان لحضوره بيننا منذ خمسين
سنة كل هذا التأثير في طبيعة حياة كل رجل وامرأة وطفل في العالم العربي".
حق ًا ال أح د يع ارض الس عي إلى معرف ة ،ليس ه ذا "البل د" ،وإ نم ا ه ذا "الكي ان" ه ذه "الدول ة" ه ذا
"المجتم ع" ذل ك المش روع الص هيوني ..األي ديولوجيا ،الت اريخ ق ديمًا وح ديثًا ،قب ل م ؤتمر ب ال
وبعده ،قبل قيام الدولة وبعدها ،ويخطئ من يظن أنه اكتشف جديدًا حين طلب تلك المعرفة ،أو
دعا لقراءة التاريخ ألنه سيظلم السابقين ممن تصدوا للمشروع الصهيوني وسعوا لمعرفته ،ويا
حبذا لو جيء لنا بمثل واحد عن فهم للصهيونية أو المشروع الصهيوني أو الدولة أو المجتمع
غ ير من المعرف ة الس ابقة أو نقض ها ،أو كش ف عن حق ائق تاريخي ة ذات ش أن .ولكن م ع ذل ك
فالنص يحة مقبول ة في الس عي إلى المعرف ة األعم ق والتحلي ل األدق ش ريطة أن يق دم لن ا نم اذج
معرفية وليس القول أننا بحاجة إلى المعرف ة أو أهمية المعرف ة .وبعبارة أخرى يقترح إدوارد
سعيد "التناول الخّالق لثقافة ومجتمع اتخذا على كل المستويات المهمة .." :سياسة تهدف إلى
ت دمير إنس انية الع رب والفلس طينيين" .والس ؤال أين ه ذا التن اول الخالق؟ لألس ف ال نج د تن اوًال
متماسكًا ولو مختصرًا ،ببضعة أسطر ،وإ نما قد نجد لمعات هنا وهناك تعبر شتاتًا وسريعًا مع
النقد لهذه الفكرة أو تلك ،أو هذا الموقف أو ذاك فمثًال يقول:
"ولكن ني أعتق د أن األفض ل واألذكى من لعن إس رائيل من عاليه ا إلى س افلها التع اون م ع
القطاعات فيها التي تدافع عن الحقوق المدنية وحقوق اإلنسان .وتعارض سياسة االستيطان،
وتخ اطر باتخ اذ موق ف ض من االحتالل العس كري ،وت ؤمن بالتع ايش والمس اواة وتستبش ع
االضطهاد الرسمي للفلسطينيين إذ الذين كانوا خبراء في فنون العمل السياسي سياسة الممكن،
وراحوا يدبجون المقاالت في فن التفاوض أصبحوا فجأة خبراء في فن االنتفاضة والمواجهة،
وإ ذا بهم يص رون على إنق اذ االنتفاض ة من المزاي دة واإلره اق ،واإلس راع ،وبأس رع م ا يمكن
إلى الع ودة إلى طاول ة المفاوض ات قب ل أن تتعب االنتفاض ة وتره ق ويت دخل في الموض وع
الفلسطيني من
==========
في مقالت ه "عن التح دي والكرام ة والدوغمائي ة" في الحي اة في 23/5/2001يتع رض إدوارد
سعيد بالنقد لفكرة طرحتها طالبة عليه في إحدى محاضراته حين شدد على أن من الضروري
ليس فق ط فهم العالق ة بين تاريخن ا وت اريخ إس رائيل ،ب ل أنن ا كع رب بحاج ة إلى دراس ة ذل ك
التاريخ اآلخر على أنه موضوع يعنينا وليس تجنبه أو اإلغفال التام كما هي الحال منذ زمن
طويل".
س ؤال الطالب ة "ألن يك ون ه ذا الن وع من االهتم ام بإس رائيل ش كًال من أش كال التن ازل أمامه ا؟"
فيفس ر س ؤالها "أي أنه ا ك انت تس أل إذا لم يكن "الالتط بيع" الجاه ل ه و الموق ف األفض ل تج اه
الدول ة ال تي ت دور ساس تها من ذ زمن طوي ل على رفض ومن ع ح ق الفلس طينيين في تقري ر
المصير ،بل هي أصًال الطرف المسؤول عن سلبهم".
ه ذا التغي ير لم يخط ر بب الي "حين ك ان التفك ير بإس رائيل من المحرم ات في الع الم الع ربي إلى
درجة أن االسم لم يكن يذكر مباشرة بل باستعمال تعابير مثل الكيان الصهيوني" ويتساءل أن
الموقف نفسه يتكرر بعد أن أقامت دولتان عربيتان رئيسيتان السالم مع إسرائيل واعترفت بها
م.ت.ف وتواصل معها عملية السالم فيما أقام عدد من الدول العربية عالقات تجارية معها..
"إال أن المثقفين العرب جعلوا من بين مقدساتهم رفض أي نوع من التعامل مع إسرائيل بما في
ذلك زيارتها أو مالقاة اإلسرائيليين".
وليرد عليهم ينقل المعركة إلى الذين يصمتون إزاء خطوات مثل بيع مصر كميات كبيرة من
الغاز الطبيعي إلسرائيل وإ دامة العالقات الدبلوماسية معها أثناء حمالتها القمعية المتكررة ضد
الفلسطينيين.
"لكن كيف يمكن ألي منا أن يعارض السعي إلى معرفة وتحليل أكثر ما يمكن من المعلومات
عن ه ذا البل د ال ذي ك ان لحض وره بينن ا من ذ خمس ين س نة ك ل ه ذا الت أثير في طبيع ة حي اة ك ل
رجل وامرأة وطفل في العالم العربي".
"اف تراض الباحث ة الش ابة ك ان أن نقيض التن ازل ه و التح دي أي المقاوم ة ،ورفض الرض وخ
إلرادة ط رف ظ الم مجح ف ه ذا كم ا أعتق د ه و الموق ف ال ذي أرادت لن ا اتخ اذه تج اه إس رائيل
وليس ما كنت اقترحه أي التناول الخالق لثقافة ومجتمع اتخذا على كل المستويات المهمة (وال
يزاالن يتخذان كما تبين وحشية اإلسرائيليين تجاه االنتفاضة) سياسة تهدف إلى تدمير إنسانية
العرب عمومًا والفلسطينيين على وجه الخصوص وليس في هذا المجال فرق يذكر بين أرييل
ش ارون الش نيع وايه ود ب اراك أو اس حق رابين أو ديفي د بن غوري ون ناهي ك عن العنص رية
المس عورة ل دى حلف اء لش ارون مث ل شارانس كي وليبرم ان الحاخ ام أوفادي ا يوس ف) وال يقتص ر
موقف هذا على محاولة فهم هؤالء بل أيضًا أن نفهم أنفسنا ألن تاريخنا يبقى ناقصًا إذا لم تأخذ
إسرائيل في االعتبار بكل ما مثلته في حياتنا وقامت به تجاهنا.
بصفته معلمًا هو يعتقد "بأن المعرفة –أي معرفة -أفضل من الجهل وليس هناك ببساطة ،على
صعيد الفكر ،أي تبرير منطقي التخاذ الجهل سياسة أو استعماله سالحًا في الصراع ،الجهل
هو الجهل ال أقل أو أكثر وهو كذلك دومًا ومهما كانت الظروف.
يع رج على اله دايا ال تي ق دمها عرف ات لهيالري كلنت ون ( 7االف) ج وهر 17أل ف ألول برايت
ينتق د "العم ل بسياس ة تفتق ر إلى العق ل والكرام ة تح اول اس تمالة ق ادة أمريك ا ب أكثر األس اليب
فجاجة".
يعتقد أن تقديم هذه الهدايا والرشوة الفجة ينبع من "االفتراض المذهل في السخف هنا هو أن
أمريك ا أو إس رائيل تش ابهان تمام ًا أوًال من الع الم الث الث مثًال زائ ير في عه د موبوت و حيث
تصاغ السياسة حسب رغبات الحاكم أو إلثراء أسرته ،وال نجد هنا أي إدراك بأن هذه البلدان
معقدة التركيب ديمقراطية في شكل عام حيث يلعب المجتمع المدني ومصالحه دورًا كبيرًا بدل
تن اول أمزج ة وأفك ار تل ك المجتمع ات المدني ة وحاول ة تغييره ا يغفلونه ا ويرك زون على م ا
يعتبرون ه الحل ول الس ريعة أي تمل ق ورش وة الحك ام" .فيم ا يمكن ألي من يع رف ش يئًا عن
إسرائيل أو الواليات المتحدة أن يخبرك أن حًال كهذه ال تجدي شيئًا وأن أكثر ما يمكن تحقيقه
منه ا دع وة عش اء أو مص افحة جافي ة من الج نرال الراح ل رابين في ال بيت األبيض واآلن إذ
يواصل الفلسطينيون تحديهم الشجاع بالحجارة والبنادق القليلة لقوة إسرائيل العسكرية ال تزال
القي ادة وب الخنوع المعه ود نفس ه إع ادة التف اوض م ع إس رائيل والوالي ات المتح دة ويمكن ق ول
الش يء نفس ه عن األنظم ة العربي ة ومن ض منها قطاع ات المثقفين ال تي ترف ع ص وتها بالع داء
إلس رائيل والوالي ات المتح دة وتعلن إدانته ا للتط بيع ،فيم ا تتع اون م ع ال دولتين اقتص اديًا
وسياسيًا..
أع رف تمام ًا ص دقية المش اعر إزاء اض طهاد إس رائيل للفلس طينيين الي وم ..ولكن ه ل تش كل
المشاعر تبريرًا كافي ًا للتخلي الكامل عن العقالنية؟ وأيض ًا فيما يخص المثقفين هل يستمر هذا
التخب ط والتفك ك ب دل ب ذل محاول ة ج ادة لتحدي د موق ف سياس ي أخالقي يق وم على المعرف ة ب دل
الجهل األعمى الذي ال يمكن في أي شكل وصفه بأنه موقف سياسي؟
"إذ أليس لن ا أن نعت بر أن زي ادة ت وفر األدب الع ربي في إس رائيل تزي د من تمكن اإلس رائيليين
من فهمنا كبشر والتوقف عن معاملتنا كالحيوان أو من هم دون البشر؟!".
جولين بندا" :أود السير ضد المشاعر السائدة بدل المتاجرة الديماغوجية بها؟!".
ثم ال يج د من حج ة أق وى من الق ول أن التط بيع من خالل الترجم ة أذكى وأنف ع بكث ير من
التطبيع الجبان الذي تمارسه.
=============
يعت بر ال دكتور إدوارد س عيد أهم من كتب عن معالج ة اإلعالم الغ ربي للقض ايا الفلس طينية
والعربي ة واإلس المية ،وق د أب رز من ذ كتاب ة "تغطي ة اإلس الم" وكتابات ه األولى عن القض ية
الفلسطينية ،ما يتسم به اإلعالم الغربي من تحامل وتزوير للحقائق ،بل قلبها رأس ًا على عقب،
كلم ا تن اول قض ية ملتهب ة من قض ايا الفلس طينيين والع رب والمس لمين ،وااللته اب هن ا بمع نى
قضية يدور حولها صراع يقف الغرب أو الدولة العبرية في الطرف المقابل فيه.
وكان إدوارد سعيد قد بلغ ذروة في كتابه "االستشراق" وفي كتابه "الثقافة واإلمبريالية" كذلك،
ففي كتاب "االستشراق" وهو دراسة أكاديمية معمقة وشاملة من الدرجة األولى ،وضمن المنهج
األك اديمي الغ ربي في البحث نق د أهم الكتاب ات االستش رافية ،وكش ف عن تحامله ا وبع دها عن
الموض وعية والنزاه ة والدق ة العلمي ة ،ب ل يمكن الق ول أن ه وج ه ض ربة قاس ية لهال ة الجامع ة
الغربي ة وإ دعائه ا العلمي ة والموض وعية من خالل تعريت ه للمدرس ة االستش راقية .وه و م ا دف ع
الكث يرين ممن ق رأوا كتاب ه أن ي ردوا علي ه بقص د إنق اذ الجامع ة الغربي ة وهيبته ا ،فعن دما تس قط
األكاديمية "االستشراقية" ال يبقى أمام األكاديمية الغربية في العلوم اإلنسانية األخرى وال سيما
في علم االجتماع واالنتربولوجيا إال أن يأتي إدوارد سعيد آخر وآخر وآخر يتناولون مدرسة
"علم االجتماع" أو الدراسات التاريخية ،أو االنتربولوجيا أو علم النفس ،كما تناول إدوارد سعيد
مدرس ة االستش راق وهي في مقدم ة انج ازات الجامع ة الغربي ة في اإلنس انيات ،األم ر ال ذي
يزع زع الهيب ة والس طوة الل تين تتمت ع بهم ا األكاديمي ة الغربي ة الرس مية ،أو الش ائعة م ع ع دم
التقليل من أهمية األعمال الجادة التي أفرزتها تلك األكاديمية وسبحت ضد التيار ،أي ضد ما
ه و مطل وب من الجامع ة من قب ل من يرعونه ا وي دعمونها ،وإ ن كتاب ات إدوارد س عيد إح دى
نماذجها.
ل و ع دنا إلى موض وع اإلعالم فق د واص ل إدوارد س عيد نق ده لإلعالم الغ ربي وخصوص ًا
األم ريكي ،ح تى يومن ا ه ذا ،وبالفع ل تس تحق مقاالت ه ال تي كتبه ا تعليق ًا على األح داث السياس ية
خالل عش ر الس نوات الماض ية وكيفي ة تن اول اإلعالم الغ ربي له ا ،أن تق رأ وتع اد قراءته ا حين
تتح ول إلى كتب فهي بالفع ل ث روة علمي ة ومعرفي ة ح ول اإلعالم األم ريكي أوًال واإلعالم
الغربي عمومًا.
ولنأخذ نموذجًا ما علق به على معالجة ذلك اإلعالم النتفاضة األقصى فيالحظ ،في مقالته التي
نش رها في "الحي اة" في ،4/4/2001أن الث ابت في السياس ة اإلس رائيلية "ه و أن الص هيونية
ك انت دائم ًا تري د مزي دًا من األرض وع ددًا أق ل من الع رب فمن بن غوري ون إلى رابين إلى
بيغين وشامير ونتانياهو وباراك واآلن شارون يوجد تواصل أيديولوجي غير منقطع ينظر فيه
إلى الش عب الفلس طيني كـ"ح ال غي اب" يعت بر مرغوب ًا في ه ويج ري الكف اح لتحقيق ه" ،ويس تند في
ذلك إلى نور مصالحه الذي بّي ن ذلك في ثالثة كتب.
أما النقطة الرئيسية فهي أن كل ذلك بالرغم من أن "األمر واضح تمام ًا مخفي بعناية عن نظر
ال رأي الع ام الع المي (وح تى اإلقليمي)" .والم دهش أن إس رائيل "تواص ل سياس تها ال تي تتص ف
باالستعالء العرقي واإلقصاء والتعصب غير آبهة بما ينجم عنها ،وال يمكن ألي دولة أخرى
على األرض باس تثناء إس رائيل أن تواص ل سياس ة به ذا الق در من البش اعة ض د س كان أص ليين
وفق مبررات دينية واثنية ،سياسة تمنع السكان األصليين من امتالك األرض ،واالحتفاظ بها
أو العيش من دون قم ع عس كري ل وال س معتها العالمي ة العجيب ة كبل د لي برالي ومتق دم ومث ير
لإلعجاب".
ثم يتوقف إزاء ما يمارس اآلن من تقتيل واغتياالت وقصف وحصار وجعل حياة الفلسطينيين
مستحيلة في حين ُيبنى المزيد من المستوطنات وشق الطرق إليها ليقول "كل هذا يحدث بينما
يج ري االحتف اظ بص ورة ش عب مس كين وأع زل ومه دد بش كل فظي ع ،كي ف؟ بواس طة حمل ة
عالقات عامة عالمية ،وخصوصًا أمريكية مستهترة أخالقيًا بقدر ما هي فاعلة".
ويالح ظ إدوارد س عيد كم ا يالح ظ ك ل من يت ابع شاش ات التلف زة الغربي ة كي ف"اختفت أخب ار
االنتفاضة الفلسطينية تدريجيًا من وسائل اإلعالم" أما هذا االختفاء بينما يبرز اإلعالم مقتل أو
جرح أي إسرائيلي ،فال يرجع إلى عدم توفر صور أو قصص مثيرة يبحث عنها اإلعالم في
الع ادة ،وإ نم ا ل ذلك أس باب منه ا معاقب ة أي مراس ل أو ص حفي إذا أنح رف "عن سياس ة تحري ر
مقبولة مؤيدة إلسرائيل" .بل أن التقارير التي تنشرها اللجان الدولية المختصة بحقوق اإلنسان
فتطوى في األدراج وتبعد عن اإلعالم وال يطلع عليها إال القليلون.
يمكن أن يالحظ هنا ببساطة ،وبسرعة أن إدوارد سعيد ينتهي إلى نتيجة غير تلك التي تؤدي
إليه ا المق دمات ،وذل ك يرج ع إلى س بب بس يط ه و البحث عن إقن اع الغ رب ،وأمريك ا
بالخص وص ،ب أن الفلس طينيين إنس انيون يح اربون ض د العنص رية ويري دون تحري ر أنفس هم
وتحرير ال ذين يمارسون العنصرية ضدهم كذلك ،أم ا تارة أخرى فاقناعهم أنهم يك افحون من
أج ل التح رر ض د "االس تعمار اإلس رائيلي" ،ومن ثم يمكنهم أن يج دوا الوس يلة اإلعالمي ة ال تي
تقنع الغرب وأمريكا والرأي العام اإلسرائيلي بعدالة قضيتهم ،فهو هنا يعيد المسألة إلى أنها
مش كلة ط رح الفلس طينيين لقض يتهم أو مش كلة إيج اد الوس يلة اإلعالمي ة المناس بة ال تي تنس جم
وإ ع ادة الط رح المطل وب ،فينس بج رة قلم أن المش كلة تكن في الموق ف الغ ربي نفس ه سياس يًا
وإ عالميًا وهو مصدر التحامل الموجه ضد الفلسطينيين واالنحياز إلى الدولة العبرية فالمشروع
الص هيوني ج زء من اإلس تراتيجية الغربي ة ك ان وم ا زال كم ا تكمن المش كلة في النف وذ
الص هيوني في الغ رب س واء أك ان في الس يطرة على السياس يين ال ذين يص لون إلى الحكم من
خالل ح اجتهم إلى ال دعم الم الي واإلعالمي الص هيوني وأحيان ًا الص وت اليه ودي (في أمريك ا
خصوص ًا) ،أم ك ان في اإلعالم المس يطر علي ه من ش ركات ص هيونية أو مش تركة م ع
الصهيونية ،أي في كل األحوال سيبقى التحامل قائم ًا ضد الفلسطينيين حتى لو أصبحوا جميع ًا
مانديال ،وسيبقى منحازًا للدولة العبرية مهما فعلت وارتكبت من جرائم.
ولهذا عندما يعود إدوارد سعيد إلى التصور أن باإلمكان قلب المعادلة إذا أحسن الفلسطينيون
تق ديم قض يتهم ووج دوا الوس يلة اإلعالمي ة المناس بة ،ي نزع نفس ه من التجرب ة التاريخي ة ومن
قراءة الموقف الحالي من االنتفاضة ،وينسى الربط بين اإلعالم األمريكي ومن يمتلكه ،واللعبة
االنتخابي ة ومن ي ؤثر فيه ا ،ف إدوارد س عيد ال يري د أن ي رى الخي ار اآلخ ر المت اح والممكن
واألك ثر ت أثيرًا ،ح تى على أح داث التغي ير ،في السياس ات الغربي ة واإلعالم الغ ربي وه و أوًال
إع ادة تص حيح الوض عين الع ربي واإلس المي لتحويل ه إلى ق وة ض اغطة م ؤثرة ،وثاني ًا ترك يز
الجهود لتش كيل رأي عام عربي وإ س المي ق وي وق ادر على اس ماع ص وته ،وثالث ًا العم ل على
تش كيل رأي ع ام ع المي من بل دان الع الم الث الث ومن يمكن الوص ول إليهم من ال دول الك برى،
أي يجب أال تكسب أمريكا والغرب عموم ًا الحسنيين :أن ينحازا كل ذلك االنحياز للصهيونية
والدولة والعبرية وفي الوقت نفسه ال يواجها بجبهة واسعة قادرة على التأثير وجعلهما يدفعان
ثمنًا من سمعتهما ومصالحهما االقتصادية واستراتيجياتهما الدولية.
إن م ا يتج ه إلي ه تفك ير إدوارد س عيد ُج ّر ب فلس طينيًا وعربي ًا من ذ نكب ة فلس طين 1949وه و
محاولة التأثير في الرأي العام الغربي بلغة تقنعه أي لغة إظهار الحقائق والعدالة ،ولكن أثبتت
التجربة أنك تضرب هناك بحديد بارد عندما تتصور أن إظهار الحقائق والعدالة يقنعان الساسة
في الغ رب أو يقنع ان اإلعالم الغ ربي لتغي ير مواقف ه ،ب ل إن مق دمات إدوارد س عيد تؤك د أن
الحقائق واضحة كل الوضوح ،وأن هنالك تعمدًا في إخفائها وفي الترويج للطرف الصهيوني
فال بد تفكير آخر.