Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 9

‫وظائف التوقيع االلكتروني و حجيته‬

‫في اإلثبات‬

‫حنان كرواني‬

‫‪1‬‬
‫لقد عرف العالم و بشكل كبير تطورا مذهال و متسارعا في مجال تكنولوجيا عالم االتصاالت‪،1‬‬
‫حيث أصبحت وسائل االتصال الحديثة و على رأسها االنترنيت‪ 2‬وسائل ال يمكن االستغناء عنها‬
‫في مختلف مناحي الحياة‪ ،‬و أصبح هذا األخير الوسيلة المثلى في االتصال و نقل المعلومات و‬
‫تقديمها‪ ،‬نظرا للتقدم العلمي الهائل في شبكات االتصاالت الرقمية‪ ،‬خاصة على مستوى‬
‫المعامالت التجارية والعالقات المالية وعقد الصفقات و ابرام العقود االلكترونية سواء بين‬
‫الخواص أو بين هؤالء و اإلدارة‪ ،‬أو فيما بين االدارات‪.‬‬

‫فالمعامالت االلكترونية تتميز بكونها نمط جديد في إبرام العقود على دعامات الكترونية غير‬
‫مادية متصلة باألذهان و ليس باألبدان‪ ،3‬تعتمد على شبكة مفتوحة للجميع‪ ،‬و تسمح بالدخول‬
‫إليها بحرية و في أي وقت إلبرام عالقات قانونية مع أطراف غير معروفين مسبقا‪ ،‬مما يزيد من‬
‫احتمال تعرض هذا النظام للقرصنة و التحايل و االنتحال‪ ،‬هذا ما فرض على المشرع الوطني و‬
‫الدولي إيجاد و سائل تقنية حديثة تضمن الحماية الالزمة لهذه المعامالت‪ ،‬و من بينها تقنية‬
‫التوقيع اإللكتروني‪ ،‬إذ لم يعد للتوقيع التقليدي القدرة على التكيف مع الواقع االفتراضي‪ ،‬رغم‬
‫أن التوقيع االلكتروني بدوره ال يخلو من محاذير أساسها حداثة عهده‪ ،‬إذ يطرح مشاكل متعددة‬
‫أهمها األمن التقني‪ ،‬فال زالت التشريعات و االجتهادات القضائية تعمل على بلورته و منحه‬
‫الثقة المطلوبة في المعامالت االلكترونية‪.‬‬

‫القضاء الفرنسي مثال لم يعترف بالتوقيع االلكتروني إال ابتداء من سنة ‪ 9191‬عندما اعترفت‬
‫محكمة النقض بصحة التوقيع االلكتروني المبني على قرينة قانونية قابلة إلثبات العكس‪.4‬‬

‫أما التشريع البلجيكي فقد اعترف بصحة التوقيع االلكتروني سنة ‪ ،9111‬إذ أقيم أول زواج‬
‫رسمي بتوقيع الكتروني بتاريخ ‪ ،9110/40/19‬ووقع الزوجان في سجل الكتروني بفضل جهاز‬
‫ذي تكنولوجيا متطورة أطلق عليه اسم " سمارت بين " ‪.‬‬

‫كما قام المشرع الفرنسي باإلعتراف بالتوقيع اإللكتروني من خالل إصداره للقانون رقم ‪114‬‬
‫سنة ‪ 1444‬المؤرخ في ‪ 91‬مارس ‪ ،51444‬والذي تطرق فيه إلى التوقيع التقليدي واإللكتروني‪،‬‬
‫مركزا على وظائف التوقيع المعروفة في المادة ‪ 0/9191‬من القانون المدني الفرنسي بعد‬
‫تعديلها حيث نص على أنه‪ " :‬التوقيع هو الذي يحدد شخصية (هوية) من هو منسوب إليه‬
‫والذي يفصح عن قبوله بمضمون المحرر الذي يرتبط به وباإللتزامات الواردة فيه"‪.‬‬

‫ولم يكن المشرع المغربي غائبا عن هذه المواكبة التشريعية إذ اصدار قانونا ينظم التبادل‬
‫االلكتروني للمعطيات القانونية‪ ،6‬و هو القانون رقم ‪ 01-40‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 9.4..911‬الصادر في ‪ 91‬ذي القعدة ‪ 9019‬موافق ل ‪ 14‬نوفمبر ‪.144.‬‬

‫إذ نص على نطاق تطبيقه في الفصل ‪ 9‬كالتالي‪ " :‬يحدد هذا القانون النظام المطبق على‬
‫المعطيات القانونية التي يتم تبادلها بطريقة الكترونية‪ ،‬و على المعادلة بين الوثائق المحررة‬
‫على الورق و تلك المعدة على دعامة الكترونية و على التوقيع االلكتروني‪ ،‬كما يحدد االطار‬
‫القا نوني على العمليات المنجزة من قبل مقدمي خدمات المصادقة االلكترونية‪ ،‬و كذا القواعد‬
‫الواجب التقيد بها من لدن مقدمي الخدمة المذكورين‪ ،‬و من لدن الحاصلين على الشهادات‬
‫االلكترونية المسلمة" ‪.‬‬

‫‪ 1‬فبعد أن كانت االتصاالت تعتمد على التليفون ثم الفاكس‪ ،‬ثم التلكس‪ ،‬ظهر األنترنيت و أصبح الوسيلة األقل كلفة و األكثر فعالية‪.‬‬
‫إن اصطالح االنترنيت هو اختصار لكلمتين انجليزيتين‪ ،‬و يقصد بالكلمة شبكة االتصاالت الدولية‪ ،‬و من بين أهم التعريفات التي قيلت عن‬
‫‪ 2‬شبكة األنترنيت‪ " :‬أنها شبكة هائلة من أجهزة الكمبيوترالمتصلة فيما بينها بواسطة خطوط االتصال عبر العالم "‬
‫‪ 3‬المختار بن أحمد عطار‪ :‬العقد االلكتروني جامعة القاضي عياض كلية الحقوق مراكش ‪ ،‬ص ‪ 9‬و ما بعدها‪,‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع السابق ص ‪.04‬‬
‫‪5‬‬
‫دمحم أوزيان‪ :‬مدى امكانية استيعاب نصوص االثبات في ظهير االلتزامات والعقود للتوقيع االلكتروني‪ ،‬مجلة القضاء والقانون ص ‪..900‬‬
‫‪6‬‬
‫أنظر الجريدة الرسمية عدد ‪ 0090‬بتاريخ ‪ 10‬ذي القعدة ‪ 9019‬الموافق ل ‪ 91‬ديسمبر ‪ ،144.‬ص ‪.19.1‬‬

‫‪2‬‬
‫كما نظم في مواده من ‪ 1‬الى ‪ 99‬التوقيع االلكتروني المؤمن ‪ ،‬و في المواد من ‪ 90‬الى ‪49‬‬
‫المصادقة على التوقيع االلكتروني‪ ،‬و من خالل تعديل بعض نصوص قانون االلتزامات و العقود‬
‫المغربي في الفصل ‪ 71-9‬و الفصول من ‪ 9 -10‬الى ‪ .-10‬و كذا الفصول من ‪ 9-09.‬الى ‪.1-09.‬‬
‫و كعادة المشرع المغربي لم يعرف التوقيع االلكتروني‪ ،‬تاركا هذه المهمة للقضاء و الفقه‪ ،‬اذ‬
‫اكتفى بذكر وظائف التوقيع العادي و التوقيع االلكتروني المؤمن‪ ،‬ففي الفصل ‪ 1-09.‬من ق ل ع‬
‫م‪ 8‬جاء ما يلي‪ " :‬عندما يكون التوقيع الكترونيا‪ ،‬يتعين استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن‬
‫ارتباطه بالوثيقة المتصلة به" ‪.‬‬

‫كما نص كذلك الفصل ‪ 1-09.‬من ق ل ع م على ما يلي‪ " :‬يعتبر التوقيع االلكتروني مؤمنا إذا تم‬
‫انشاؤه و كانت هوية الموقع مؤكدة‪ ،‬و تمامية الوثيقة القانونية مضمونة‪ ،‬وفق النصوص‬
‫التشريعية و التنظيمية المعمول بها في هذا المجال"‪.‬‬

‫إال ان المشرع المغربي حدد لنا المقصود من آلية انشاء التوقيع االلكتروني في المادة ‪ 9‬من‬
‫هذا القانون بقوله‪ " :‬تتمثل آلية انشاء التوقيع االلكتروني في معدات أو برمجيات أو هما معا‬
‫يكون الغرض منها توظيف معطيات انشاء التوقيع االلكتروني التي تتضمن العناصر المميزة‬
‫الخاصة بالموقع‪ ،‬كمفتاح الشفرة المستخدم من لدنه إلنشاء التوقيع االلكتروني"‪.‬‬

‫و هو عكس ما فعلته بعض التشريعات العربية‪ ،‬كالمشرع األردني و المصري‪ ،‬حيث عرف‬
‫المشرع االول التوقيع االلكتروني في قانون المعامالت االلكتروني رقم ‪ 90‬لسنة ‪ 1449‬بما يلي‬
‫‪ " :‬التوقيع االلكتروني هو تلك البيانات التي تتخذ هيئة حروف أو أرقام او رموز‪ ،‬أو إشارات أو‬
‫غيرها و تكون مدرجة بشكل الكتروني أو رقمي أو ضوئي أو أية وسيلة أخرى مماثلة في رسالة‬
‫معلومات أو مضافة عليها‪ ،‬أو مرتبطة بها و لها طابع يسمح بتحديد هوية الشخص الذي وقعها‪ ،‬و‬
‫يميزه عن غيره من أجل توقيعه و بغرض الموافقة على مضمونه"‪.‬‬

‫أما المشرع المصري فقد عرفه في القانون رقم ‪ 90‬لسنة ‪ 1440‬بأنه‪ " :‬ما يوضع على محرر‬
‫الكتروني و يتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو اشارات أو غيرها‪ ،‬و يكون له طابع منفرد يسمح‬
‫بتحديد شخص الموقع و يميزه عن غيره"‪.‬‬

‫و تأتي هذه التعاريف نظرا ألهمية التوقيع كتقنية لإلثبات‪ ،‬ونظرا لإلقبال المتزايد على التعاقد‬
‫االلكتروني‪ ،‬اذ اهتم الفقه‪ 9‬بهذا الموضوع ( التوقيع االلكتروني) محاوال وضع تعريف جامع مانع‬
‫ودقيق له ‪ " :‬هو مجموعة من االجراءات التقنية التي تسمح بتحديد شخصية من تصدر عنه‬
‫هذه االجراءات و قبوله بمضمون التصرف الذي يصدر التوقيع بمناسبته"‪.10‬‬

‫و في اعتقادنا يكتمل التعريف القانوني للتوقيع االلكتروني من خالل ادراج أهم صوره و هي‪:‬‬

‫‪ ‬التوقيع االلكتروني الكودي‪ : 11‬و يتم هذا النوع من التوقيع بواسطة اعتماد مجموعة من‬
‫األرقام أو الحروف معلومة من صاحبها ويسود استعماله في عمليات الدفع االلكتروني‬
‫بمختلف أنواعه‪.‬‬

‫‪ ‬التوقيع البيوميتري‪ :12‬و يعتمد فيه على أحد الخاصيات الشخصية للموقع‪ ،‬مثل بصمة‬
‫األصبع‪ ،‬أو مسح شبكية العين‪ ،‬او نبرة الصوت‪ ،‬أو بصمة الشفاه‪ ،‬أو خواص اليد البشرية‪،‬‬
‫أو غيرها من الخاصيات أو المميزات‪.‬‬

‫حيث استثنى هذا الفصل من نطاق تطبيق القانون ‪ 91-40‬الوثائق المتعلقة بأحكام مدونة األسرة و المحررت العرفية المتعلقة بالضمانات‬
‫‪7‬‬
‫االشخصية أو العينية ذات الطابع المدني أو التجاري ما عدا المحررات المنجزة من لدن شخص ألغراض مهنته‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫ق ل ع م ‪ :‬قانون االلتزامات و العقود المغربي‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫حسن عبد الباسط الجميعي‪ :‬اثبات التصرفات القانونية التي يتم ابرامها عن طريق االنترنيت‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ 1444‬ص ‪.10‬‬
‫‪10‬‬
‫لورنس دمحم عبيدات ‪ :‬إثبات المحرر االلكتروني‪ ،‬دار الثقافةللنشر و التوزيع ‪ ،1441‬ص ‪ 00‬و ما عدها‪..‬‬
‫‪11‬‬
‫المختار بن أحمد العطار‪:‬العقد االلكتروني‪ /‬مرجع سابق ص ‪.00‬‬
‫طارق عبد الرحمان ناجي كامل‪ :‬التعاقد عبر األنترنيت و آثاره‪ ،‬دراسة مقارنة بحث لنيل الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية‬
‫‪12‬‬
‫العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية الرباط اكدال ‪ ،1440/1441‬ص ‪.911‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ ‬التوقيع الرقمي‪ :13‬و يقوم هذا التوقيع على تقنية التشفير عن طريق استخدام مفاتيح‬
‫سرية و طرق حسابية معقدة تحول بيانات المحرر االلكتروني من رسالة مقروءة الى‬
‫وسيلة غير مقروءة‪ ،‬و ذلك بواسطة عملية حسابية خاصة قد تكون تماثلية‪ ( ،‬التشفير‬
‫بالمفتاح المتماثل)‪ ،‬و قد تكون ال تماثلية‪ ( ،‬التشفير بالمفتاح الالمتماثل)‪ ،‬كإحدى‬
‫وسائل األمان التي يبحث عنها المتعاقدون عند إبرام صفقات الكترونية‪.‬‬

‫‪ ‬التوقيع بالقلم االلكتروني‪ :14‬و تتم االستعانة فيه ببرنامج خاص يتم إعداده ليتناسب مع‬
‫القلم االلكتروني من خالل الربط بجهاز الحاسب اآللي‪ ،‬و ليتم قراءة البيانات التي تعرض‬
‫على القلم من خالل الحركات التي يتم القيام بها أثناء تحريكه على الشاشة‪ ،‬إذ يقوم‬
‫بالتقاط إمضاء العميل و التحقق من صحة توقيعه بمقارنته مع التوقيع األصلي المخزن‪.‬‬

‫إذا ثبت هذا فإن السؤال يبقى مطروحا بخصوص الوظائف التي يقوم بها التوقيع االلكتروني في‬
‫مجال المعامالت االلكترونية؟ ( أوال )‪ ،‬و كذا ما مدى حجيته في االثبات؟ (ثانيا )‪.‬‬

‫و عليه يتبين لنا تناول هذا الموضوع في محورين أساسيين‪:‬‬

‫المحور األول‪ :‬وظائف التوقيع االلكتروني‬

‫إن التوقيع االلكتروني يحقق أكثر من وظيفة‪ ،‬و هي تحديد هوية الشخص الملتزم به إضافة الى‬
‫التزامه بمضمون المحرر الموقع عليه و إقراره له‪ ،‬فهو كالتوقيع الكتابي منبثق عن شخص‬
‫الموقع إضافة العتباره امتدادا لشخصيته لدرجة يصعب معها فصلها عن بعض‪ ،‬أو صدوره من‬
‫شخص آخر و ذلك في حال استيفائه الشروط الواردة في نصوص القوانين‪.‬‬

‫و تقليديا البد للتوقيع أن يؤدي وظيفتين‪ :‬تحديد هوية صاحب المحرر و التعريف به و التعبير عن‬
‫رضاه بمضمون و محتوى المحرر الذي وقعه‪ ،‬و سوف نرى أن التوقيع االلكتروني إذا طبقت آلياته‬
‫بصورة صحيحة فإنها تعطي لهذه الوظائف فعالية و أهمية بالغة‪ ،‬و هناك من يرى أن التوقيع‬
‫االلكتروني له وظيفة ثالثة و هي الحفاظ على مضمون المحرر و سالمة محتواه من خالل‬
‫‪15‬‬
‫اتخاذه شكال جديدا في البيئة الرقمية‪.‬‬

‫‪ .1‬تحديد هوية الموقع‬

‫إن التوقيع االلكتروني يجعلنا نتحقق من هوية الشخص الموقع مهما كان شكله فيظهر ذلك في‬
‫التوقيع التقليدي سواء تم باإلمضاء أو الختم‪ ،‬أو ببصمة األصبع مما يحدد هوية الشخص الموقع‬
‫و التي تعتبر من أهم وظائف التوقيع‪ ،‬فاإلمضاء االلكتروني الذي يستخدمه الشخص يكون معرفا‬
‫له و محددا لشخصه من خالل وسائل و إجراءات موثوق بها تتمثل في استخدام أنظمة مختلفة‬
‫مثل التوقيع بالقلم االلكتروني أو البصمة اإللكترونية أو استخدام نظام التشفير‪ 16‬بأنواعه‪ ،‬حيث‬
‫تتيح هذه الوسائل للعقد تحديد هوية األشخاص الذين أوجدوا هذه الوثائق من خالل الربط بين‬
‫هويتهم و النصوص و الرسائل التي يقومون بتبادلها‪ ،‬في الوقت الذي يرى فيه جانب آخر من‬
‫الفقه ان ما يحققه التوقيع االلكتروني من ثقة نظرا لقدرته على تحديد شخصية من يصدر عنه‬
‫يتوقف على نوعية التكنولوجيا المستخدمة في تأمين التوقيع مدلال رأيه هذا بأن االجراءات‬
‫المتبعة في تأمين التوقيع بالرقم السري و غيرها قد تخضع للقرصنة‪ ،‬اال أن الرد جاء بكون هذا‬
‫التوقيع االلكتروني الذي يخضع لرقابة جهات معتمدة و مختصة تحقق قدرا من الثقة في التوقيع‬

‫‪13‬‬
‫عبد الفتاح بيومي حجازي‪ :‬النظام القانوني للنظام االلكتروني‪ ،‬دراسة تأصيلية مقارنة‪ ،144. ،‬ص ‪.9‬‬
‫كيالني عبد الراضي محمود‪ :‬النظام القانوني لبطاقات الوفاء و الضمان‪ ،‬رسالة دكتوراه مقدمة لكلية الحقوق بجامعة عين شمس‪ ،9111 ،‬ص‬
‫‪14‬‬
‫‪.991‬‬
‫‪15‬‬
‫لورنس دمحم عبيدات ‪ :‬إثبات المحرر االلكتروني‪ ،‬دار الثقافةللنشر و التوزيع ‪ ،1441‬ص ‪.91‬‬
‫‪16‬‬
‫التشفير تقنية تعتمد مفتاحا خاصا بالمتعاقدين تروم حفظ األمن القانوني و تأمين سرية المعطيات المتبادلة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫إضافة الى ما أكده خبراء المعلوماتية من قدرة هذه االجراءات على الصمود في وجه كل‬
‫الصعوبات و االختراقات‪.‬‬

‫و نستطيع القول بأن التوقيع االلكتروني بصوره المختلفة له القدرة على تحديد هوية الشخص‬
‫الموقع في حال تدعيم صوره بوسائل تعزز الثقة بها للقيام بوظائفها على قدر يفوق ما تقوم به‬
‫الصور التقليدية للتوقيع‪ ،‬فنجد أن التوقيع الرقمي بما يتمتع به من ثقة و خاصة عبر شبكة‬
‫االنترنيت قادر على تحديد هوية الشخص‪ ،‬و ذلك من خالل قيامه بعملية تشفير مزدوج‬
‫بالمفتاحين العام و الخاص‪ ،‬مما يمكن األطراف من تحديد هوية بعضهم البعض‪ ،‬و ذلك من خالل‬
‫تحويله للتوقيع و المحرر االلكتروني المرتبط به الى معادالت خواريزمية رياضية ال يستطيع أحد‬
‫فكها‪ ،‬إال من يحمل المفتاح الخاص به‪ ،‬اضافة الى لذلك فإن استعانة أطراف العالقة بجهات‬
‫التصديق إلصدار شهادات التوقيع المصادق عليها تؤدي الى تحقيق وظيفة التوقيع بتحديد هوية‬
‫الشخص الموقع و الذي يستخدم هذه الشهادة‪ ،‬و ذلك باحتوائها على معلومات هامة عن‬
‫صاحبها‪ ،‬هذا ما أكده المشرع المغربي في المادة ‪ 90‬من القانون رقم ‪ " ،40-01‬يعهد الى‬
‫السلطة الوطنية المكلفة باعتماد و مراقبة المصادقة االلكترونية المسماة بعده السلطة‬
‫الوطنية‪ ،‬عالوة على المهام المسندة اليها بموجب مواد أخرى من هذا القانون بالمهام التالية‪:‬‬
‫اقتراح معايير نظام االعتماد على الحكومة و اتخاذ التدابير االزمة لتفعيله‬
‫اعتماد مقدمي خدمات المصادقة االلكترونية و مراقبة نشاطهم "‪.‬‬

‫حيث حدد هذا القانون الضوابط الواجب توافرها في شهادات المصادقة من قبل الجهة التي‬
‫تقوم بإصدار شهادات المصادقة االلكترونية من حيث تحديد هوية صاحبها و امضائه االلكتروني ‪.‬‬

‫‪ .2‬التعبير عن ارادة الموقع على المحرر‬

‫إن الوظيفة الثانية للتوقيع االلكتروني و التي تظهر من خالل تعريف القوانين و الفقه له هي‬
‫إظهار التزام الموقع بمحتوى العقد الذي يذيل به‪ ،‬و ذلك لكي يظهر إرادة الموقع بمضمونه كامال‪،‬‬
‫بحيث أنها تشكل العنصر المعنوي من عناصر التوقيع و هو جوهر التوقيع و نيته‪ ،‬فتتجه إرادة‬
‫الموقع الى االستحواذ على ما يتضمنه السند الموقع عليه‪ ،‬و يمكن القول في هذه الحالة أن‬
‫‪17‬‬
‫االرادة سبقت التصرف و جاء التوقيع متمما لهذه االرادة‪.‬‬

‫إذ يعد التوقيع من وسائل التعبير عن االرادة التي يتطلبها القانون إلنشاء تصرف قانوني سواء‬
‫كان هذا التصرف عقدا أم إرادة منفردة ملزمة‪ ،‬و التعبير عن االلتزام بالتصرف قد يكون باللفظ أو‬
‫بالكتابة أو حتى باالشارة المعهودة عرفا‪ ،‬او المبادلة الفعلية الدالة على التراضي‪ ،‬و التوقيع‬
‫يعتبر نوعا من الكتابة سواء كان امضاء أو ختما يوضع على السند المكتوب لتحديد هوية‬
‫الشخص و التعبير عن ارادته بالموافقة على مضمونه‪ ،‬و نجد أنه‬

‫‪ -‬التوقيع التقليدي‪ -‬مرتبط بالدور التاريخي للورق كدعامة مميزة في العقود بحيث أنه يوضع في‬
‫آخر العقد‪ ،‬و ذلك المكانية التأكد بشكل تام بااللتزام بكامل العقد و يكون شاهدا على نية‬
‫الطرف الملتزم بمضمون العقد الموقع و على نية االقرار بتحرير النص و ما يرتبه من نتائج قانونية‬
‫على فعل التوقيع‪.‬‬

‫أما في مجال التوقيع االلكتروني فإن قيام الشخص بإدخال الرقم السري الخاص به أو مفتاح‬
‫الترميز في التوقيع الرقمي بشكل ارادي على المحرر االلكتروني الخاص به‪ ،‬يعتبر موافقة على‬
‫كامل مضمون العقد‪ ،‬و هناك من يشير الى ضرورة النظر الى األثر النفسي للتوقيع في اظهار‬
‫الموافقة على مضمون العقد في بيئة الكترونية مختلفة عن البيئة الورقية في ابرام العقود في‬
‫اللحظة التي يوقع بها العقد‪ ،‬حيث يجد االشخاص أنفسهم مرتبطين بعالقات عقدية بكبسة زر‬

‫‪17‬‬
‫ضياء أمين مشيمش‪ :‬التوقيع االلكتروني‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة صادر ناشرون‪ ،1441 ،‬ص ‪.901‬‬

‫‪5‬‬
‫دون أي شكلية‪ ،‬في الوقت الذي يؤكد هذا الرأي أن ذلك ال يسيء الى مضمون العقد في حال‬
‫أن أحيط بضمانات أو اجراءات مثل تنبيه المتعاقد بأنه على وشك توقيع محرر يلزمه قانونا‪.18‬‬

‫‪ .3‬اثبات سالمة التصرف‬

‫تعتبر هذه الوظيفة من الوظائف األكثر حداثة للتوقيع االلكتروني حيث تتمثل في الحفاظ على‬
‫مضمون محتوى العقد و تكامله‪ ،‬و في بيئة تؤدي هذه الوظيفة دعائم ورقية بحيث يسهل‬
‫كشف الغش أو الشطب و االضافات و بالتالي الحفاظ على محتوى العقد‪ ،‬أما في حالة الوثائق‬
‫التي يتم تبادلها من خالل شبكة االنترنيت إلبرام تعاقد أو تصرف قانوني ما‪،‬‬

‫فإن هذه الوثائق تكون عملية تبادلها في كثير من األحيان محفوفة بالمخاطر‪ ،‬و يتم التغلب على‬
‫هذه المخاطر من خالل استخدام التوقيع االلكتروني الرقمي و المستند على التشفير المزدوج‬
‫بالمفتاحين العام و الخاص‪ ،‬بحيث يتم تحويل النص و التوقيع الى رموز مما يتيح الحفاظ على‬
‫‪19‬‬
‫سالمة العقد‪.‬‬

‫و كان قد طرح تساؤل عن مدى ارتباط ارادة الموقع و رضاه بمضمون المحرر االلكتروني في بعض‬
‫العقود و التي تتم عبر شبكة االنترنيت و يتم التوقيع عليها إلكترونيا حيث اتجه رأي الى أن‬
‫التغلب على هذه المشكلة يكون من خالل استخدام تقنيات تكنولوجية حديثة من شأنها توفير‬
‫ال ثقة و سالمة المحرر االلكتروني و عدم ادخال أي تعديالت عليه‪ ،‬ثم ان ارتباط التوقيع‬
‫االلكتروني بالمحرر االلكتروني يضفي عليه حجية أكثر في اإلثبات و هذا ما جاءت به قوانين‬
‫المعامالت االلكترونية‪.‬‬

‫فالمادة ‪ 19‬من القانون ‪ 01-40‬المغربي أكدت على هذا الشرط للحفاظ على ثقة المتعاملين‬
‫في الوسائل االلكترونية و نصت على ‪ ...." :‬أن ادخال المعطيات و تغييرها ال يسمح بهما إال‬
‫لألشخاص المرخص لهم لهذا الغرض من لدن مقدم الخدمة"‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬حجية التوقيع االلكتروني في االثبات‬

‫إن التحول من استخدام التوقيع التقليدي الى التوقيع االلكتروني في مجال المعامالت المدنية و‬
‫التجارية يوجب الحفاظ على الدور الذي يلعبه التوقيع‪ ،‬و لقد كان للفقه محاوالت إليجاد نوع من‬
‫الحجية للتوقيع االلكتروني انتهى فيها البعض الى اعطاء التوقيع االلكتروني حجية في‬
‫االثبات‪.20‬‬

‫حيث كانت المحررات االلكترونية ووسائل االثبات الحديثة تخضع للسلطة التقديرية لقاضي‬
‫الموضوع لتحديد قيمة هذه المحررات مراعيا الوسيلة المستخدمة في انشاء هذه المحررات و‬
‫غيرها من الشروط التي تأخذها المحكمة بعين االعتبار‪ ،‬إال أن هذه السلطة التقديرية الواسعة‬
‫ال تحقق االستقرار في التعامالت االلكترونية المبرمة من خالل االنترنيت‪ ،‬لذلك عمل المشرع‬
‫الدولي و الوطني على التدخل لتنظيم حجية هذه المحررات االلكترونية و مساواتها في االثبات‬
‫و الحجية مع المحررات المادية‪ ،‬و ذلك من أجل تشجيع التعامل بمثل هذه الوسائل الحديثة في‬
‫المعامالت االلكترونية الوطنية و الدولية على السواء‪.‬‬

‫و قد ثار نقاش فقهي بعد ذلك حول مدى صحة األخذ بحجية التوقيع االلكتروني‪ ،‬فهناك من قال‬
‫أنه ال توجد أي حجية لهذا النوع من التوقيعات و ذلك لغياب فكرة األمن القانوني الكافي لمثل‬
‫هذا التوقيع‪ ،‬إال انه بصدور القوانين الخاصة بالتجارة االلكترونية و التي أضفت حجية على التوقيع‬

‫كيالني عبد الراضي محمود‪ :‬النظام القانوني لبطاقات الوفاء و الضمان‪ ،‬رسالة دكتوراه مقدمة لكلية الحقوق بجامعة عين عين شمس ‪،9111‬‬
‫‪18‬‬
‫الصفحة ‪.999‬‬
‫‪19‬‬
‫دمحم دمحم أبو زيد‪ ،‬تحديث قانون االثبات‪ ،‬بدون دار للنشر ‪ ،1441‬الصفحة ‪.919‬‬
‫‪20‬‬
‫حسن عبد الباسط الجميعي‪ :‬مرجع سابق ص ‪.00‬‬

‫‪6‬‬
‫اإللكتروني و ذلك من خالل وضع اجراءات تحقق االمن و الثقة به‪ ،‬و تحميه قانونيا و تقنيا تأكدت‬
‫حجيته‪.‬‬
‫فهناك دول خصصت تشريعات خاصة لتنظيم التوقيع االلكتروني و هناك من الدول من قامت‬
‫بتعديل قوانينها الوضعية القديمة‪ ،‬و المشرع المغربي سوى في االثبات بين المحرر الورقي و‬
‫المحرر اإللكتروني‪ ،‬باصدار قانون خاص بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية رقم ‪،01-40‬‬
‫خاصة في مواده المعدلة لقانون االلتزامات و العقود‪ ،‬حيث نص الفصل ‪ 09. -9‬على أنه‪" :‬‬
‫تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة الكترونية بنفس قوة االثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة‬
‫على الورق‪.‬‬

‫و تقبل الوثيقة المحررة بشكل الكتروني لإلثبات شأنها شأن الوثيقة المحررة على الورق"‬
‫كما نص الجزء االخير من الفصل ‪ 09.-1‬على ما يلي" تتمتع كل وثيقة مذيلة بتوقيع الكتروني‬
‫مؤمن و المختومة زمنيا بنفس قوة االثبات التي تتمتع بها الوثيقة المصادق على صحة توقيعها و‬
‫المذيلة بتاريخ ثابت"‪.‬‬

‫إال أنه لالعتداد بالتوقيع االلكتروني في االثبات اشترط المشرع المغربي عدة شروط حتى يكون‬
‫توقيعا مؤمنا‪ ( 21‬محميا)‪ ،‬و هذا ما نص عليه القانون في فصله ‪ 004‬من قانون االلتزامات و العقود‬
‫‪ ":‬تقبل لإلثبات نسخ الوثيقة القانونية المعدة بشكل الكتروني متى كانت الوثيقة مستوفية‬
‫للشروط المشار اليها في الفصلين ‪ 09.-9‬و ‪."09.-1‬‬

‫‪ .1‬أن يكون التوقيع صادرا عن الموقع‬

‫و يتطلب تحقق هذا الشرط أن يكون التوقيع االلكتروني المرتبط بالمحرر االلكتروني مميزا‬
‫لصاحبه عن غيره‪ ،‬اضافة الرتباطه بهذا الشخص‪ ،‬فكما في التوقيع التقليدي الذي يعتبر عالمة‬
‫شخصية و مميزة لصاحبه‪ ،‬على اعتبار أن التوقيع بكافة أنواعه يعتبر بمثابة روح للورقة المحررة‬
‫بحيث يستطيع هذا التوقيع أن يعبر بطريقة واضحة و محددة عن شخص صاحبه و هو الموقع‪،22‬‬
‫و الذي عرفه القانون المغربي رقم ‪ 01-40‬بأنه‪ " :‬هو الشخص الطبيعي الذي يعمل لحسابه‬
‫الخاص‪ ،‬أو لحساب الشخص الطبيعي او المعنوي الذي يمثله‪ ،‬و الذي يستخدم آلية إنشاء‬
‫التوقيع االلكتروني" ‪.‬‬

‫و نجد أن التوقيع االلكتروني بصوره المختلفة إذا تم انشاؤه بصورة صحيحة فأنه يعد من قبل‬
‫العالمات المميزة و الخاصة بالشخص وحده دون غيره‪ ،‬فالتوقيع بالقلم االلكتروني أو التوقيع‬
‫الرقمي و غيرها تتضمن عالمات مميزة للشخص الموقع‪ ،‬فرغم قيام أكثر من شخص‬
‫باستعمال أدوات إنشاء التوقيعات التي تمتلكها مؤسسة مثال‪ ،‬فان تلك األداة يجب أن تكون‬
‫قادرة على تحديد هوية مستعمل واح د تحديدا ال لبس فيه في سياق كل توقيع الكتروني على‬
‫حدة‪.‬‬
‫وهذا ما نص عليه الجزء الثاني من المادة ‪ 1‬من قانون التبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‪" ،‬‬
‫ي مكن للملتزم عندما يطلب منه بيان مكتوب بيده‪ ،‬أن يقوم بتحريره بشكل الكتروني اذا كان من‬
‫شأن شروط تحريره ضمان أنه الوحيد الذي يمكنه القيام بذلك"‪.‬‬

‫و يتطلب هذا الشرط أن يكون التوقيع االلكتروني قادرا على التعريف بشخصية الموقع‪ ،‬حيث‬
‫يعتبر هذا االمر بديهيا‪ ،‬فرغم عدم اشتماله على اسم الموقع فانه يكفي أن يحدد شخصية‬
‫الموقع على الرسائل االلكترونية و ذلك من خالل الرجوع مثال الى جهات إصدار التوقيعات‬
‫االلكترونية و شهادة التصديق المعتمدة و التي تبين شخصية هذا المستخدم للتوقيع‬
‫االلكتروني‪، 23‬فكل شكل من اشكال التوقيع سواء بصمة او امضاء أو توقيع رقمي يحدد الموقع‬

‫‪ 21‬أنظر شروط التوقيع المؤمن في الفصل ‪ 09.-1‬من ق ل ع م‪.‬‬


‫‪ 22‬دمحم حسام لطفي‪ :‬استخدام وسائل االتصال الحديث في التفاوض على العقود‪ ،‬و ابرامها‪ ،‬دون ناشر ‪ ،9111‬الصفحة ‪.09‬‬
‫‪23‬‬
‫عبد الفتاح بيومي حجازي‪ :‬مقدمة في التجارة االلكترونية العربية الجزء ‪ 1‬الصفحات ‪191‬و ‪.19.‬‬

‫‪7‬‬
‫ألنه يعود عليه‪ ،‬باالضافة الى أن الشخص الموقع هو الذي اختار هذا الشكل ليعبر عن ارادته‪،‬‬
‫مما يسمح بتحديد هويته‪.‬‬
‫و المثال على ذلك‪ ،‬التوقيع بالرقم السري في بطاقات األداء اآللي‪ ،‬حيث أن قيام حامل البطاقة‬
‫بإدخال الرقم السري الخاص به في جهاز الصراف اآللي و قيام هذا األخير بالتعرف على الرقم‬
‫السري و إدخال الشخص لحسابه‪ ،‬لتكون هذه االجراءات كافية للداللة على شخصه و اتمام‬
‫جميع عمليات البطاقة‪.‬‬

‫‪ .2‬أن يتم انشاؤه بوسائل يمكن للموقع االحتفاظ بها تحت مراقبته الخاصة بصفة‬
‫حصرية‬

‫إن هذا الشرط يتطلب أن يكون صاحب التوقيع االلكتروني منفردا به بحيث ال يستطيع أي‬
‫شخص معرفة فك رموز التوقيع الخاص به أو الولوج اليه‪ ،‬سواء عند استعماله لهذا التوقيع أو‬
‫عند إنشائه بحيث يسيطر الموقع وحده دون غيره على الوسيط االلكتروني‪ ،‬او آلية انشاء‬
‫التوقيع االلكتروني الذي عرفه المشرع المغربي في المادة رقم ‪ 9‬من القانون ‪ 01-40‬كالتالي‪":‬‬
‫تتمثل آلية انشاء التوقيع االلكتروني في معدات أو برمجيات او هما معا‪ ،‬يكون الغرض منها‬
‫توظيف معطيات انشاء التوقيع االلكتروني التي تتضمن العناصر المميزة الخاصة بالموقع‪ ،‬كمفتاح‬
‫‪24‬‬
‫الشفرة الخاصة المستخدم من لدنه النشاء التوقيع االلكتروني"‪.‬‬

‫‪ .3‬أن يضمن وجود ارتباط بالوثيقة المتصلة به بكيفية تؤدي إلى كشف أي تغيير‬
‫الحق أدخل عليها‬

‫و هذا ما نص عليه القانون المغربي في الفصل ‪ 09.-1‬المعدل و المتمم لقانون االلتزامات و‬


‫العقود‪ " :‬عندما يكون التوقيع الكترونيا يتعين استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباطه‬
‫بالوثيقة المتصلة به"‪.‬‬
‫يتناول هذا الشرط مسألة هامة و ضرورية و هي سالمة المحرر االلكتروني الموقع من أي‬
‫تعديل قد يطرأ عليه بعد توقيعه‪ ،‬و كما يرى البعض فإن حماية التوقيع االلكتروني ليست غرضا‬
‫في حد ذاتها‪ ،‬و انما حماية أيضا للمحرر الموقع عليه‪ ،‬و الذي يتضمن انصراف مضمون المحرر‬
‫الى الموقع‪.‬‬

‫ففي عقود التجارة االلكترونية أو غيرها من العقود فإن وضع التوقيع االلكتروني على هذا العقد‬
‫يعني اتجاه ارادة الموقع الى انصراف آثار العقد اليه و التزامه به‪. 25‬‬

‫و بهذا فاننا نجد أن هذا الشرط يستلزم ضرورة تكامل البيانات المتعلقة بالتوقيع االلكتروني‬
‫بحيث يكون أي تغيير يلحق برسالة البيانات أو المحرر بعد توقيعه قابال للكشف و بالتالي إحداث‬
‫أي تعديل على التوقيع الموضوع على المحرر االلكتروني يؤدي الى تعديل بيانات المحرر كاملة‬
‫و هذا يجعل المحرر غير ذي صالحية في اإلثبات‪ ،‬و ذلك ألنه يؤدي الى زعزعة سالمة هذه‬
‫البيانات و التوقيع االلكتروني أيضا‪ ،‬حيث أن القانون اعتبر التوقيع االلكتروني الموثق يوثق المحرر‬
‫االلكتروني المرتبط به بحيث يشكالن معا قيدا الكترونيا يكون صالحا في حال سالمته إلثبات‬
‫الواقعة التي يتضمنها‪.‬‬

‫‪ .4‬يجب أن يوضع التوقيع بواسطة آلية إلنشاء التوقيع االلكتروني تكون صالحيتها‬
‫مثبتة بشهادة للمطابقة‬

‫يضمن هذا الشرط أن يكون التوقيع االلكتروني موثقا و محميا‪ ،‬و نجده محددا في القانون‬
‫المغربي ‪ 0126-40‬في المادة ‪ 1‬و ما بعدها‪ ،‬حيث تقوم السلطة الوطنية بمراقبة المصادقة‬

‫‪24‬‬
‫طارق عبد الرحمان ناجي كميل‪ :‬التوقيع االلكتروني و حجيته في االثبات‪ ،‬جامعة دمحم الخامس بالرباط‪ ،‬مرجع سابق ص من ‪ 140‬الى ‪.199‬‬
‫‪25‬‬
‫لورنس دمحم عبيدات‪ :‬اثبات المحرر االلكتروني‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 919‬و ‪.911‬‬

‫‪8‬‬
‫االلكترونية على التوقيع إلسباغ الحجية عليه و على المحرر االلكتروني المرتبط به‪ ،‬حيث نصت‬
‫المادة ‪ 1‬على أنه‪ " :‬تسلم شهادة المطابقة ‪...‬السلطة الوطنية المكلفة باعتماد و مراقبة‬
‫المصادقة االلكترونية على التوقيع‪....‬عندما تستجيب آلية انشاء التوقيع االلكتروني لمجموعة‬
‫من المتطلبات‪ ،"......‬حيث تثبت العالقة بين المعطيات التي تمكن من التحقق من التوقيع‬
‫االلكتروني و الموقع بشهادة الكترونية و تتمثل هذه الشهادة في سند يتم اعداده بشكل‬
‫الكتروني‪ ،‬و تعتبر هذه الشهادة مؤمنة عندما يسلمها مقدم خدمات المصادقة االلكترونية‬
‫معتمدا من لدن السلطة الوطنية المكلفة باعتماد و مراقبة المصادقة االلكترونية‪ ،‬و تقوم‬
‫السلطة الوطنية بنشر مستخرج من قرار االعتماد في الجريدة الرسمية و بمسك سجل‬
‫بأسماء مقدمي خدمات المصادقة االلكترونية المعتمدين ينشر في نهاية كل سنة في الجريدة‬
‫الرسمية‪.‬‬

‫و يختص مقدمو‪ 27‬خدمات المصادقة االلكترونية المعتمدون لهذا الغرض بتوريد وسائل أو خدمات‬
‫التشفير الخاضعة للترخيص‪ ،‬حيث تهدف وسائل التشفير على الخصوص ضمان سالمة تبادل‬
‫المعطيات القانونية بطريقة الكترونية أو تخزينها بكيفية تمكن من ضمان سريتها و صدقيتها و‬
‫مراقبة تماميتها‪.‬‬

‫و ذلك كله لحماية التعامالت االلكترونية التي تتم من خالل شبكة االنترنيت و التي تعتبر‬
‫مفتوحة للجميع مما يجعلها عرضة لعمليات القرصنة من قبل بعض الفئات المتمرسة باعتراض‬
‫تلك المعامالت‪.‬‬

‫لقد عمل المشرع المغربي على تنظيم مسألة التعاقد بوسائل الكترونية و االعتراف بالعملية التعاقدية و انتاج آثارها في التعاقد مع مراعاة‬
‫‪26‬‬
‫ضرورة حماية المستهلك و ذلك في المادة الثالثة‪.‬‬
‫يشترط الكتساب صفة مقدم خدمات المصادقة االلكترونية ان يكون مؤسسا في شركة يوجد مقرها االجتماعي بتراب المملكة و أن يكون‬
‫متوفرا على مجموعة من الشروط التقنية المذكورة في المادة ‪ 19‬من القانون رقم ‪ 01-40‬المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‬
‫‪27‬‬
‫المغربي‪.‬‬

‫‪9‬‬

You might also like