الدرس الثامن - أخلاق المسلم مع المجتمع

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫الدرس الثامن‬

‫أخالق المسلم مع المجتمع‬


‫الدرس الثامن‪ :‬أخالق المسلم مع المجتمع‬

‫الفهرس‬

‫األهداف‪3 ..........................................................................................................‬‬
‫تمهيد ‪4 .............................................................................................................‬‬
‫الخلق األول‪ :‬المسؤولية ‪5 .....................................................................................‬‬
‫أنواع المسئولية‪5 ..............................................................................................‬‬

‫المسؤولية في القرآن ‪5 .......................................................................................‬‬

‫المسؤولية في السنة النبوية ‪6 ................................................................................‬‬

‫المسؤولية تجاه المجتمع ‪7 ...................................................................................‬‬

‫الخلق الثاني‪ :‬التكافل ‪8 .........................................................................................‬‬


‫التكافل والمواساة‪8 ............................................................................................‬‬

‫الخلق الثالث‪ :‬اإليجابية ‪10 .....................................................................................‬‬


‫اإليجابية في اإلسالم ‪10 ......................................................................................‬‬

‫من صور اإليجابية في مجتمع الحيوان ‪11 ...............................................................‬‬

‫المراجع‪12 .....................................................................................................‬‬

‫‪2‬‬
‫الدرس الثامن‪ :‬أخالق المسلم مع المجتمع‬

‫األهداف‬
‫بنهاية هذا الدرس ستكون الطالبة قادرة على أن‪:‬‬

‫‪ .1‬تحدد معنى المسؤولية وأنواعها‪.‬‬


‫‪ .2‬تشرح المسؤولية في القرآن والسنة‪.‬‬
‫‪ .3‬توضح المسؤولية تجاه المجتمع‪.‬‬
‫‪ .4‬تبين معنى التكافل والمواساة‬
‫‪ .5‬تشرح فضل اإليجابية في إلسالم‪.‬‬
‫‪ .6‬تستنتج صور اإليجابية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الدرس الثامن‪ :‬أخالق المسلم مع المجتمع‬

‫تمهيد‬
‫إن تعزيز األخالق في نفوس األفراد أمر بالغ األهمية لحماية المجتمع‪ ،‬والنهوض بالوطن‪،‬‬
‫وتحقيق أهدافه على الوجه المطلوب‪ ،‬كما أن التأكيد على المشاركة الفعالة لجميع المواطنين من‬
‫القاعدة إلى القمة كل حسب موقعه وبنفس األهمية سيؤدى الى اندماجهم الكامل؛ وبالتالي يسمح‬
‫باستخدام كل قدراتهم وطاقاتهم الكامنة لمصلحة المجتمع ككل‪.‬‬

‫وقد كان عليه الصالة والسالم يشارك الصحابة رضوان هللا عليهم في حمل الهم والمواساة‪،‬‬
‫والمسؤولية والعمل الدؤوب‪ ،‬ويحث على التكافل وااليجابية وذلك تربية لهم‪ ،‬وتعزيزا لوالئهم‬
‫للمجتمع‪ .‬كما كان عليه الصالة والسالم يؤكد على أن العالقة بين أفراد المجتمع كالعالقة بين‬
‫سدِ‪ ،‬إِذَا‬
‫ط ِف ِه ْم َمثَ ُل ا ْل َج َ‬
‫أعضاء الجسد الواحد فيقول‪َ (( :‬مثَ ُل ا ْل ُمؤْ ِمنِينَ فِي تَ َو ِاد ِه ْم َوتَ َرا ُح ِم ِه ْم َوتَعَا ُ‬

‫س َه ِر َوا ْل ُح َّمى)) (‪.)1‬‬ ‫سا ِئ ُر ا ْل َج َ‬


‫س ِد ِبال َّ‬ ‫ض ٌو تَدَاعَى لَهُ َ‬ ‫شتَكَى ِم ْنهُ ُ‬
‫ع ْ‬ ‫ا ْ‬

‫وفي هذا الدرس سنتناول أهم األخالق التي تطلب من المسلم تجاه مجتمعه‪ ،‬وهي (المسؤولية‪،‬‬
‫التكافل‪ ،‬اإليجابية)‬

‫(‪ )1‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري في "صحيحه" برقم‪ )6011( :‬ومسلم في "صحيحه" برقم‪)1599( :‬‬

‫‪4‬‬
‫الدرس الثامن‪ :‬أخالق المسلم مع المجتمع‬

‫الخلق األول‪ :‬المسؤولية‬

‫المسؤولية هي كل ما يجب على أن يؤديه الفرد سواء تجاه خالقه‪ ،‬أو نفسه‪ ،‬أو مجتمعه‪.‬‬

‫أنواع المسؤولية‬
‫للمسؤولية ثالثة أنواع‪:‬‬

‫‪ -1‬المسؤولية الدينية‪ :‬وهي التزام المرء بأوامر هللا ونواهيه‪ ،‬وقبوله في حال المخالفة لعقوبتها‬
‫ومصدرها الدّين‪.‬‬

‫‪ -2‬المسؤولية المجتمعية‪ :‬هي التزام المرء بمصالح المجتمع‪ ،‬وقوانينه‪ ،‬ونظمه‪ ،‬وتقاليده‪.‬‬

‫‪ -3‬المسؤولية الشخصية‪ :‬هي حالة تمنح المرء القدرة على تح ّمل تبعات أعماله وآثارها‪.‬‬

‫المسؤولية في القرآن‬
‫المسؤولية من أكثر المعاني تكرارا في القرآن ومن األمثلة لورود المسؤولية في القرآن‪:‬‬

‫ض‬‫ت َو ْاألَ ْر ِ‬
‫اوا ِ‬
‫س َم َ‬ ‫ضنَا ْاألَ َمانَةَ َ‬
‫علَى ال َّ‬ ‫• وردت المسؤولية بلفظ األمانة؛ قال هللا تعالى‪ِ }:‬إنَّا ع ََر ْ‬
‫ول{ ]األحزاب‪:‬‬ ‫ظلُو ًما َج ُه ً‬‫سانُ ِإنَّهُ كَانَ َ‬‫اإل ْن َ‬ ‫َوا ْل ِجبَا ِل َفأَبَ ْينَ أَ ْن يَحْ ِم ْلنَ َها َوأَ ْ‬
‫شفَ ْقنَ ِم ْن َها َو َح َملَ َها ْ ِ‬
‫‪ .]72‬فهذه اآلية تدل على المسؤولية بمعناها العام‪ ،‬فقد جاءت عبارة األمانة في هذه اآلية‬
‫بمعنى المسؤولية تماما‪.‬‬
‫سئ ً‬
‫ُول{ ]اإلسراء‪ ،]36 :‬ورد‬ ‫ص َر َوا ْلفُؤَا َد ُك ُّل أُولَ ِئكَ كَانَ َ‬
‫ع ْنهُ َم ْ‬ ‫س ْم َع َوا ْلبَ َ‬
‫• قال هللا تعالى‪}:‬إِنَّ ال َّ‬
‫في هذه اآلية التصريح بمسؤولية اإلنسان عن جوارحه‪ ،‬فهو محاسب على ما اجترح بها‪.‬‬
‫سئ ً‬
‫ُول{ ]اإلسراء‪ ،]34 :‬هذه اآلية تدل على‬ ‫• قال هللا تعالى‪َ }:‬وأَ ْوفُوا ِبا ْلعَ ْه ِد إِنَّ ا ْلعَ ْه َد كَانَ َم ْ‬
‫مسؤولية اإلنسان عما يقطعه على نفسه من العهود ويلزم به نفسه من المواثيق مع اآلخرين‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الدرس الثامن‪ :‬أخالق المسلم مع المجتمع‬

‫سأَلَنَّ ا ْل ُم ْر َ‬
‫س ِلينَ { ]األعراف‪ ،]6 :‬قال‬ ‫سأَلَنَّ الَّ ِذينَ أ ُ ْر ِ‬
‫س َل إِلَي ِْه ْم َولَنَ ْ‬ ‫• قال هللا تعالى‪ }:‬فَلَنَ ْ‬

‫السدي(‪ " :)1‬فلنسألن األمم ‪ :‬ما عملوا فيما جاءت به الرسل؟ ولنسألن الرسل‪ :‬هل بلغوا ما‬
‫أرسلوا به؟" فهذه اآلية تدل على أن المحاسبة على المسؤوليات تعم الرسل والمرسل إليهم‬
‫كل حسب ما ألقي عليه من التبعات والمسؤوليات‪.‬‬

‫المسؤولية في السنة النبوية‬


‫لقد وضع النبي صلى هللا عليه وسلم كل فرد من أفراد المسلمين أمام المسؤولية بحسب مكانه؛‬
‫هللا بْنَ ع َم َر َيقول‪:‬‬ ‫ع ْبدَ ِ‬
‫سواء كان حاكما أو محكوما‪ ،‬ذكرا أو أنثى‪ ،‬خادما أو مخدوما‪ ،‬فعن َ‬
‫سؤُو ٌل ع َْن َر ِعيَّتِ ِه ‪ِ ْ ،‬‬
‫اإل َما ُم‬ ‫س َّل َم َيقول‪ُ (( :‬كلُّ ُك ْم َر ٍ‬
‫اع‪َ ،‬و ُكلُّ ُك ْم َم ْ‬ ‫ص َّلى هللا َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫هللا َ‬
‫س ِم ْعت َرسو َل ِ‬
‫َ‬
‫سؤُو ٌل ع َْن َر ِعيَّتِ ِه ‪َ ،‬وا ْل َم ْرأَةُ َرا ِعيَةٌ‬‫اع فِي أَ ْه ِل ِه ‪َ ،‬وه َُو َم ْ‬ ‫سؤُو ٌل ع َْن َر ِعيَّتِ ِه ‪َ ،‬و َّ‬
‫الر ُج ُل َر ٍ‬ ‫اع َو َم ْ‬‫َر ٍ‬
‫ٌ‬
‫س ُؤو ٌل ع َْن‬ ‫س ِي ِد ِه ‪َ ،‬و َم ْ‬
‫اع فِي َما ِل َ‬ ‫سؤُولَة ع َْن َر ِع َّيتِ َها ‪َ ،‬وا ْل َخا ِد ُم َر ٍ‬ ‫ت َز ْو ِج َها ‪َ ،‬و َم ْ‬ ‫فِي َب ْي ِ‬

‫َر ِعيَّتِ ِه))(‪.)2‬‬

‫قال النووي(‪" :)3‬والراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صالح ما قام عليه‪ ،‬وما هو تحت نظره‪،‬‬
‫ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه‪ ،‬والقيام بمصالحه في دينه ودنياه‬
‫ومتعلقاته"‪.‬‬

‫فكل فرد مسلم يعتبر راعيا ومرعيا في وقت واحد‪ ،‬عليه حقوق يجب أن يؤديها ألهلها‪ ،‬وله‬
‫واجبات يجب أن تؤدى إليه‪ .‬وقد عمم النبي صلى هللا عليه وسلم في مطلع الحديث بقوله‪( :‬كلكم‬
‫راع ومسئول عن رعيته)‪.‬وخص فيما‬
‫راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وفي آخره بقوله‪( :‬وكلكم ٍ‬
‫ٍ‬
‫بين ذلك‪ ..‬فذكر أعلى أصناف الناس في أول من ذكر‪ ،‬وأدناهم في آخر من ذكر‪ ،‬وأوساطهم فيما‬
‫بين ذلك‪ .‬فالحديث ألزم كل أفراد المسلمين بالمسؤولية بذكر أعالهم وأدناهم‪ ،‬ووسطهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬تفسير الطبري‪430/5 :‬‬


‫(‪ )2‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري في "صحيحه" برقم‪ ، )893( :‬ومسلم في "صحيحه" برقم‪.)1829( :‬‬
‫(‪ )3‬المنهاج بشرح مسلم بن الحجاج للنووي (‪)213/12‬‬

‫‪6‬‬
‫الدرس الثامن‪ :‬أخالق المسلم مع المجتمع‬

‫المسؤولية تجاه المجتمع‬


‫أكد اإلسالم على المسؤولية تجاه المجتمع‪ ،‬وأن على األفراد أن يحموا مجتمعهم بطريق جمعي‬
‫أو فردي باعتبار أن الفرد هو نواة المجتمع‪ ،‬وعليه فإننا يمكن أن نقسم المسؤولية تجاه المجتمع‬
‫إلى قسمين‪:‬‬

‫‪ .1‬المسؤولية الجماعية‪ :‬حيث تأتي أحاديث األمر بالمعروف والنهي عن المنكر واألخذ بيد‬
‫المخطئ لئال تتضرر الجماعة شاهدا على المسؤولية الجماعية نحو المجتمع؛ فإنَ الناس‬
‫إذا منعوا الفاسق عن الفسق نجا ونجوا من عذاب هللا تعالى‪ ،‬وإن تركوه على فعل‬
‫المعصية ولم يقيموا عليه الحد‪ ،‬حل بهم العذاب وهلكوا بشؤمه‪ ،‬وهذا معنى قوله تعالى‪:‬‬
‫صةً} [سورة األنفال‪.]25:‬‬ ‫{ َواتَّقُوا فِتْنَةً َّل ت ُِصيبَنَّ الَّ ِذينَ َ‬
‫ظلَ ُموا ِمن ُك ْم َخا َّ‬
‫سلَّ َم قَالَ‪َ ( :‬مثَ ُل ا ْلقَائِ ِم‬ ‫صلَّى هللا َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫يِ َ‬ ‫ع ْنه َما‪َ ،‬‬
‫ع ِن النَّ ِب ّ‬ ‫ي هللا َ‬ ‫ض َ‬ ‫ِير َر ِ‬‫وعن النُّ ْع َمانَ بْنَ بَش ٍ‬
‫ض ُه ْم أَع َْال َها‬
‫اب بَ ْع ُ‬ ‫ص َ‬ ‫س ِفينَةٍ‪ ،‬فَأ َ َ‬
‫علَى َ‬
‫ستَ َه ُموا َ‬ ‫علَى ُحدُو ِد هللاِ َوا ْل َواقِ ِع فِي َها‪َ ،‬ك َمثَ ِل قَ ْو ٍم ا ْ‬
‫َ‬
‫علَى َم ْن فَ ْوقَ ُه ْم‪،‬‬
‫اء َم ُّروا َ‬ ‫سفَلَ َها‪ ،‬فَكَانَ الَّ ِذينَ فِي أَ ْ‬
‫سفَ ِل َها إِذَا ا ْ‬
‫ستَقَ ْوا ِمنَ ا ْل َم ِ‬ ‫ض ُه ْم أَ ْ‬
‫َوبَ ْع ُ‬
‫فَقَالُوا‪ :‬لَ ْو أَنَّا َخ َر ْقنَا فِي نَ ِصي ِبنَا َخ ْرقًا ‪َ ،‬ولَ ْم نُؤْ ِذ َم ْن فَ ْوقَنَا ‪ ،‬فَ ِإ ْن يَتْ ُركُو ُه ْم َو َما أَ َرادُوا‬

‫ِيه ْم نَ َج ْوا َونَ َج ْوا َج ِميعًا)(‪.)1‬والحديث يشير إلى‬


‫علَى أَ ْيد ِ‬
‫َهلَكُوا َج ِميعًا ‪َ ،‬وإِ ْن أَ َخذُوا َ‬
‫المسؤولية الجماعية في عدَم ت َْر ِك المخطئين ‪-‬ولو كانت نيتهم حسنة‪ -‬دون األخذ بيدهم‬
‫لصالح المجتمع‪ ،‬ألنهم لو تركوا لبلغ ضررهم الجميع‪.‬‬
‫‪ .2‬المسؤولية الفردية‪ :‬فكل فرد في المجتمع مسؤول عن نجاح عمله وإتقانه ولو كان‬
‫صغيرا‪ ،‬فباجتماع األعمال الفردية ينهض العمل بشكل كلي‪ ،‬ولذا تجد أن النبي عليه‬
‫الصالة والسالم يحمل كل مسلم مسؤولية هذا الدين في المكان الذي هو فيه سواء كان في‬
‫طو َبى‬ ‫سلَّ َم قَا َل ‪ُ ... (( :‬‬ ‫صلَّى هللا َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫يِ َ‬ ‫ع ِن النَّ ِب ّ‬‫منصب عال أو دونه‪ ،‬ف َع ْن أَ ِبي ه َري َْرةَ َ‬
‫س ِة كَانَ‬‫سهُ‪ُ ،‬م ْغبَ َّر ٍة قَ َد َماهُ‪ ،‬إِ ْن كَانَ فِي ا ْل ِح َرا َ‬‫ث َرأْ ُ‬ ‫سبِي ِل هللاِ أَ ْ‬
‫شعَ َ‬ ‫س ِه فِي َ‬ ‫ان فَ َر ِ‬
‫آخ ٍذ بِ ِعنَ ِ‬
‫ِلعَ ْب ٍد ِ‬

‫ساقَ ِة‪.)2())...‬‬
‫ساقَ ِة كَانَ فِي ال َّ‬ ‫فِي ا ْل ِح َرا َ‬
‫س ِة َوإِ ْن كَانَ فِي ال َّ‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في "صحيحه" برقم‪)2493( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في "صحيحه" برقم‪)2887( :‬‬

‫‪7‬‬
‫الدرس الثامن‪ :‬أخالق المسلم مع المجتمع‬

‫الخلق الثاني‪ :‬التكافل‬


‫إن األخوة تستلزم معاني جليلة تقتضي التعاون على الخير‪ ،‬والمناصرة بالحق‪ ،‬والمواساة في‬
‫الشدة‪ ،‬ولذا أكد هللا سبحانه وتعالى في كتابه أخوة المؤمنين لبعضهم فقال ‪{ :‬إِنَّ َما ا ْل ُمؤْ ِمنُونَ‬
‫إِ ْخ َوةٌ}[الحجرات‪]10:‬‬

‫سلَّ َم قَالَ‪(( :‬ا ْل ُمؤْ ِمنُ ِل ْل ُمؤْ ِم ِن كَا ْلبُ ْن َي ِ‬


‫ان‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫يِ َ‬ ‫ع ْنه َ‬
‫ع ْن النَّبِ ّ‬ ‫ي َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْن أَبِي مو َ‬
‫سى َر ِ‬ ‫و َ‬
‫صاب ِع ِه))‪)1(.‬‬
‫شبَّكَ بَ ْينَ أَ َ ِ‬
‫ضهُ بَ ْعضًا َو َ‬
‫ش ُّد بَ ْع ُ‬
‫يَ ُ‬

‫كما أن أم المؤمنين خديجة رضي هللا عنها لما أرادت أن تخ ِفّف عن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬
‫تخوفه من نزول الوحي اتخذت من صفة التكافل التي اشتهر بها قبل النبوة دليال عقليًّا على أن هللا‬
‫ُّ‬
‫ال يخزيه فقالت‪( :‬ك ََّال َوهللاِ َما يُ ْخ ِزيكَ هللاُ أَبَدًا ‪ ،‬إِنَّكَ لَتَ ِص ُل َّ‬
‫الر ِح َم ‪َ ،‬وتَحْ ِم ُل ا ْل َك َّل ‪َ ،‬وتَ ْكس ُ‬
‫ِب‬

‫ق))(‪.)2‬‬
‫ب ا ْل َح ِ‬
‫علَى نَ َوا ِئ ِ‬
‫ْف ‪َ ،‬وت ُ ِعينُ َ‬ ‫ا ْل َم ْعدُو َم‪َ ،‬وتَ ْق ِري ال َّ‬
‫ضي َ‬

‫التكافل والمواساة‬
‫التكافل‪ :‬صفة شاملة لصور كثيرة من التعاون والتآزر والمشاركة‪ ،‬تتمثل بتقديم العون‬
‫ضى حاجة المضطر‪ ،‬ويزول هم الحزين‪ ،‬ويندمل‬
‫والحماية والنصرة والمواساة‪ ،‬إلى أن تق َ‬
‫جرح المصاب‪.‬‬

‫المواساة‪ :‬هي معاونة األصدقاء والمستحقين ومشاركتهم في األموال واألقوات‪.‬‬

‫وقد كان عليه الصالالة والسالالم يواسالي أصالحابه بالقليل والكثير‪ ،‬ماديا ومعنويا‪ ،‬بما يمدهم‬
‫ع ْناله أناله قالال وهو‬ ‫ي َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫ضالالالال َ‬‫باله من أرزاق‪ ،‬أو بمالا يخفف عنهم من آالم وأكالدار‪ ،‬فعن عثْ َمالانَ َر ِ‬
‫السَ َف ِر َوا ْل َح َ‬
‫ضَ ِر ‪َ ،‬وكَانَ يَعُو ُد‬ ‫سَلَّ َم فِي َّ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صَلَّى َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫َّللا قَ ْد َ‬
‫صَ ِح ْبنَا َر ُ‬
‫سَو َل َّ ِ‬ ‫َي ْخطب‪ِ ( :‬إنَّا َو َّ ِ‬
‫سَى أَ ْن‬
‫ع َ‬ ‫سَينَا ِبا ْلقَ ِلي ِل َوا ْل َكثِ ِ‬
‫ير‪َ ،‬و ِإنَّ نَا ً‬
‫سَا يُ ْع ِل ُمونِي ِب ِه َ‬ ‫ض انَا‪َ ،‬ويَتْبَ ُع َجنَائِ َزنَا‪َ ،‬ويَ ْغ ُزو َمعَنَا‪َ ،‬ويُ َوا ِ‬
‫َم ْر ََ‬
‫ط)(‪)3‬‬
‫َل يَكُونَ أَ َح ُد ُه ْم َرآهُ قَ ُّ‬

‫(‪ )1‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري في "صحيحه" برقم‪ )481( :‬ومسلم في "صحيحه" برقم‪. )2585( :‬‬
‫(‪ )2‬متفق عليه أخرجه البخاري في "صحيحه" برقم‪ )3( :‬ومسلم في "صحيحه" برقم‪)160( :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أحمد في "المسند"‪ .‬برقم‪ )504( :‬وحسَّن إسناده أحمد شاكر‪ ،‬وشعيب األرنؤوط‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الدرس الثامن‪ :‬أخالق المسلم مع المجتمع‬

‫سال ِعي ٍد ْالخد ِْر ّ‬


‫يِ ‪‬‬ ‫ومن أوضالح األحاديث النبوية في الداللة على هذا المعنى ما يرويه أبو َ‬
‫احلَ ٍة لَه قَالَ‪ :‬فَ َجعَ َل‬
‫علَى َر ِ‬ ‫س اللَّ َم؛ إِ ْذ َجا َء َرج ىل َ‬‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫ص اللَّى َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫س الف ٍَر َم َع النَّبِ ّ‬
‫يِ َ‬ ‫قَالَ‪ :‬بَ ْينَ َما نَحْ ن فِي َ‬
‫ضَ ُل َ‬
‫ظه ٍْر‬ ‫ساللَّ َم ‪َ ( :‬م ْن كَانَ َمعَهُ فَ ْ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صاللَّى َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫صال َره يَ ِمينا َو ِشال َماال؛ فَقَا َل َرسالول َّ ِ‬
‫صال ِرف بَ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ضَ ٌل ِم ْن َزا ٍد فَ ْليَعُ ْد ِب ِه َ‬
‫علَى َم ْن َل َزا َد لَهُ قَالَ‪ :‬فَذَك ََر ِم ْن‬ ‫ظه َْر لَهُ َو َم ْن كَانَ لَهُ فَ ْ‬ ‫فَ ْليَعُ ْد ِب ِه َ‬
‫علَى َم ْن َل َ‬
‫ض ٍل ) (‪)1‬‬
‫َاف ْال َما ِل َما ذَك ََر َحتَّى َرأَ ْينَا أَنَّه َال َح َّق ِأل َ َح ٍد ِمنَّا ِفي فَ ْ‬
‫صن ِ‬‫أَ ْ‬

‫َّللاُ‬
‫وحثه ‪-‬صالاللى هللا عليه وسالاللم‪ -‬على القيام بحاجات الناس وإعانتهم كما في قوله ‪َ (( :‬و َّ‬
‫فِي ع َْون ا ْلعَ ْب ِد َما كَانَ ا ْلعَ ْب ُد فِي ع َْون أَ ِخي ِه ))(‪)2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫وفي موقفه‪-‬صاللى هللا عليه وساللم‪ -‬من األنصالار ما يؤكد معنى بقاء أثر المواسالاة في نفساله‬
‫ص اللَّى‬ ‫َّللا عنه‪ -‬أنّه قال‪ :‬قال أَبو ْالقَ ِ‬
‫اس ال ِم َ‬ ‫حتى تمنى أن يكون رجال منهم فعن أَ َبي ه َري َْرةَ ‪ -‬رضالالي ّ‬
‫صَ ِار‪،‬‬ ‫ِي ْاألَ ْن َ‬‫صَ ِار أَ ْو َواد َ‬
‫ب ْاألَ ْن َ‬
‫شَ ْع َ‬‫سَ َل ْكتُ ِ‬ ‫ار َوا ِد ًيا‪ ،‬أَ ْو ِ‬
‫شَ ْع ًبا لَ َ‬ ‫صَ ُ‬‫سَلَكَتْ ْاألَ ْن َ‬ ‫ساللَّ َم‪(( :‬لَ ْو َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫َّ‬
‫َّللا َ‬
‫سال َّل َم‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صال َّلى َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫ظلَ َم ِبأ َ ِبي َوأ ِ ّمي َ‬
‫صَ ِار)) فَقَا َل أَبو ه َري َْرةَ‪ :‬فَ َما َ‬‫ام َرأ ً ِم ْن ْاألَ ْن َ‬
‫َولَ ْو َل ا ْل ِهجْ َرةُ لَ ُك ْنتُ ْ‬

‫س ْوه(‪.)3‬‬ ‫صروه قَا َل َوأَحْ َ‬


‫سبه قَا َل َو َوا َ‬ ‫َآل َو ْوه َونَ َ‬

‫وقد أثنى عليه الصالالالة والسالالالم على األشالالعريين أعظم الثناء وذلك لمواسالالاتهم أصالالحابهم‬
‫شَعَ ِر ِيينَ إِذَا أَ ْر َملُوا فِي ا ْلغَ ْز ِو‪ ،‬أَ ْو قَ َّل‬‫ساللَّ َم‪(( :‬إِنَّ ْاألَ ْ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صاللَّى َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫ي َ‬ ‫سالى قَالَ‪ :‬قَا َل النَّبِ ُّ‬ ‫فعَ ْن أَبِي مو َ‬
‫سََََ ُموهُ بَ ْينَ ُه ْم فِي إِنََاءٍ َوا ِحَ ٍد‬‫ب َوا ِحَدٍ‪َّ ُ ،‬م ا ْقتَ َ‬ ‫ط َعَا ُم ِع َيَا ِل ِه ْم ِبَا ْل َمَدِينََ ِة‪َ ،‬ج َمعُوا َمَا كََانَ ِع ْنَ َد ُه ْم فِي َ ْو ٍ‬
‫َ‬

‫س ِويَّ ِة‪ ،‬فَ ُه ْم ِمنِي َوأَنَا ِم ْن ُه ْم))(‪.)4‬‬


‫ِبال َّ‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم‪ ،‬في "صحيحه" برقم‪. )1728( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم‪ ،‬في "صحيحه" برقم‪. )2699( :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في "صحيحه" برقم‪ ، )3779( :‬وأحمد في "المسند" واللفظ له‪ ،‬برقم‪.)9353( :‬‬
‫(‪ )4‬متفق عليه أخرجه البخاري في "صحيحه" برقم‪ . )2486( :‬ومسلم في "صحيحه" برقم‪. )2500( :‬‬

‫‪9‬‬
‫الدرس الثامن‪ :‬أخالق المسلم مع المجتمع‬

‫الخلق الثالث‪ :‬اإليجابية‬


‫اإليجابية تعني التجاوب‪ ،‬والتفاعل‪ ،‬والعطاء‪ ،‬وضدها السلبية‪ .‬والشخص اإليجابي‪ :‬هو الفرد‪،‬‬
‫الحي‪ ،‬المتحرك‪ ،‬المتفاعل مع الوسط الذي يعيش فيه‪.‬‬

‫اإليجابية في اإلسالم‬
‫جاء اإلسالم ليغرس الفضائل في نفوس المؤمنين ويشحذ الهمم إلى معالي األمور‪ ،‬ويدعو إلى‬
‫اإليجابية‪ ،‬وينهى عن السلبية‪ ،‬وعن سفاسف األمور‪ ،‬ومن مظاهر اإليجابية التي دعا إليها ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫اإل ْ ِم ﴾ ]المائدة‪ [2:‬فهو‬
‫علَى ِ‬ ‫علَى ا ْل ِب ِر َوالت َّ ْق َوى َول تَعَ َ‬
‫اونُوا َ‬ ‫• التعاون‪ :‬قال تعالى ‪َ ﴿:‬وتَعَ َ‬
‫اونُوا َ‬
‫يدعو إلى أن يكون المجتمع مجتمع مثالي يتعاون الجميع في رقية والنهوض به وال يكون‬
‫ذلك إال بالبر والتقوى‪.‬‬
‫• التفاعل الجتماعي‪ :‬وأن يكون المسلم عضوا فعاال في مجتمعه‪ ،‬يتحسس الفقراء والمساكين‬
‫ويحنو على اليتامى واألرامل‪ ،‬ويصلح بين أفراد المجتمع‪ ،‬ويزيل الشحناء والبغضاء‪ ،‬قال‬
‫ص َدقَ ٍة أَ ْو َم ْع ُروفٍ أَ ْو ِإص َْال ٍ‬
‫ح َب ْينَ النَّ ِ‬
‫اس ۚ‬ ‫ير ِم ْن نَجْ َوا ُه ْم ِإ َّل َم ْن أَ َم َر ِب َ‬
‫تعالى ‪َ ﴿:‬ل َخي َْر ِفي َك ِث ٍ‬
‫ف نُؤْ ِتي ِه أَجْ ًرا ع َِظي ًما ﴾ ]النساء‪[114 :‬‬ ‫س ْو َ‬ ‫َّللا َف َ‬
‫ت َّ ِ‬ ‫َو َم ْن َي ْف َع ْل َٰذَ ِلكَ ا ْب ِتغَا َء َم ْرضَا ِ‬
‫• األخوة اإلسالمية‪ :‬فالمسلم يتربى على اإليمان بأن المسلمين جميعا إخوانه وهذا يعني حبهم‪،‬‬
‫ونصرتهم‪ ،‬وعونهم‪ ،‬ومشاركتهم والنصيحة لهم يقول تعالى ‪ِ ﴿:‬إنَّ َما ا ْل ُمؤْ ِمنُونَ ِإ ْخ َوةٌ فَأ َ ْ‬
‫ص ِل ُحوا‬
‫بَ ْينَ أَ َخ َو ْي ُك ْم ۚ َواتَّقُوا َّ‬
‫َّللاَ لَ َعلَّ ُك ْم ت ُْر َح ُمونَ ﴾ ]الحجرات‪[10 :‬‬
‫• الحث على العمل‪ :‬اإلسالم يدعونا للنشاط والحيوية وحب العمل يقول تعالى ‪ ﴿:‬فَ ِإذَا قُ ِضيَ ِ‬
‫ت‬
‫يرا لَعَلَّ ُك ْم ت ُ ْف ِل ُحونَ ﴾‬ ‫َّللا َوا ْذك ُُروا َّ‬
‫َّللاَ َكثِ ً‬ ‫ض ِل َّ ِ‬ ‫ص َالةُ فَا ْنتَش ُِروا فِي ْاألَ ْر ِ‬
‫ض َوا ْبتَغُوا ِم ْن فَ ْ‬ ‫ال َّ‬
‫[الجمعة‪ ]10:‬وفي هذا المعنى يوجه النبي الكريم – عليه الصالة والسالم –أمته نحو العمل‬
‫سلَّ َم‪َ (( :‬ألَ ْن يَأ ْ ُخذَ أَ َح ُد ُك ْم َح ْبلَهُ‪،‬‬ ‫صلَّى هللا َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫الجاد الدؤوب ‪ ،‬دون توان أو خمول فيقول َ‬
‫سأ َ َل‬
‫ُف هللاُ بِ َها َوجْ َههُ ‪َ ،‬خي ٌْر لَهُ ِم ْن أَ ْن يَ ْ‬
‫ظه ِْر ِه فَيَبِيعَ َها ‪ ،‬فَيَك َّ‬
‫علَى َ‬
‫ب َ‬ ‫فَيَأْتِ َي بِ ُح ْز َم ِة ا ْل َح َ‬
‫ط ِ‬

‫ط ْوهُ أَ ْو َمنَعُوهُ))(‪.)1‬‬
‫اس‪ ،‬أَ ْع َ‬
‫النَّ َ‬

‫(‪ )1‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري في "صحيحه" برقم‪ ، )1470( :‬ومسلم في "صحيحه" برقم‪)1042( :‬‬

‫‪10‬‬
‫الدرس الثامن‪ :‬أخالق المسلم مع المجتمع‬

‫ساعَةُ َوبِيَ ِد أَ َح ِد ُك ْم‬ ‫سلَّ َم ‪(( :‬إِ ْن قَا َم ِ‬


‫ت ال َّ‬ ‫صلَّى هللا َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫وعن أَن َ‬
‫َس بْنَ َمالِكٍ ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬قَا َل َرسول هللاِ َ‬

‫س َها فَ ْل َي ْف َع ْل))(‪ .)1‬وفي وقت قيام الساعة ومع انتهاء‬


‫ع أَ ْن َل َيقُو َم َحتَّى َي ْغ ِر َ‬ ‫فَسِيلَةٌ‪ ،‬فَ ِإ ِن ا ْ‬
‫ست َ َ‬
‫طا َ‬
‫الحياة الدنيوية وإقبال اآلخرة ‪ ،‬يوجه النبي صلى هللا عليه وسلم من بيده الفسيل (وهو صغار‬
‫النخل) أن يغرسها غير منتظر ثمرتها أو نتاجها‪ ،‬وذلك ألن العمل في اإلسالم له قيمة ووزن وإن‬
‫استقله الناس واحتقروه ولم يقدروه ‪ ،‬قال – صلى هللا عليه وسلم – ‪(( :‬لَقَ ْد َرأَيْتُ َر ُج ًال يَتَقَلَّ ُ‬
‫ب فِي‬

‫اس))(‪.)2‬‬
‫يق كَانَتْ ت ُؤْ ذِي النَّ َ‬ ‫ظه ِْر ال َّ‬
‫ط ِر ِ‬ ‫ش َج َر ٍة قَ َ‬
‫طعَ َها ِم ْن َ‬ ‫ا ْل َجنَّ ِة فِي َ‬
‫• محاربة الفساد‪ :‬فاإلسالم يدعونا على منع المخطئ من الخطأ‪ ،‬واألخذ بيده ونصيحته لئال‬
‫وف َوتَ ْن َه ْونَ ع َِن‬ ‫اس تَأ ْ ُم ُرونَ ِبا ْل َم ْع ُر ِ‬ ‫يضر بالمجتمع قال تعالى‪ُ ﴿ :‬ك ْنت ُ ْم َخي َْر أ ُ َّم ٍة أ ُ ْخ ِر َجتْ ِلل َّن ِ‬
‫ب لَكَانَ َخي ًْرا لَ ُه ْم ِم ْن ُه ُم ا ْل ُمؤْ ِمنُونَ َوأَ ْكثَ ُر ُه ُم‬ ‫اَّلل َولَ ْو آ َمنَ أَ ْه ُل ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ا ْل ُم ْنك َِر َوت ُؤْ ِمنُونَ ِب َّ ِ‬
‫ا ْلفَا ِ‬
‫سقُونَ ﴾ ]آل عمران‪[110 :‬‬

‫من صور اإليجابية في مجتمع الحيوان‬


‫• إيجابية النملة‪ :‬لقد أسمى هللا سورة في القرآن باسم سورة النمل‪ ،‬تكريما لموقف النملة من‬
‫طي ِْر فَ ُه ْم‬
‫نس َوال َّ‬ ‫اإل ِ‬‫س َل ْي َمانَ ُجنُو ُد ُه ِمنَ ا ْل ِج ِن َو ْ ِ‬ ‫سليمان عليه السالم‪ .‬قال هللا تعالى ‪َ ﴿:‬و ُحش َِر ِل ُ‬
‫سا ِك َن ُك ْم َل‬‫علَى َوادِي النَّ ْم ِل قَالَتْ نَ ْملَةٌ َيا أَ ُّي َها النَّ ْم ُل ا ْد ُخلُوا َم َ‬
‫عونَ * َحتَّى ِإذَا أَتَ ْوا َ‬ ‫يُ َ‬
‫وز ُ‬
‫ب أَ ْو ِز ْع ِني أَ ْن‬
‫َاحكًا ِمن قَ ْو ِل َها َوقَا َل َر ِ‬ ‫شعُ ُرونَ * فَتَ َب َّ‬
‫س َم ض ِ‬ ‫سلَ ْي َمانُ َو ُجنُو ُد ُه َو ُه ْم َل َي ْ‬
‫يَحْ ِط َمنَّ ُك ْم ُ‬
‫شك َُر ِن ْع َمتَكَ ‪] ﴾ َ...‬النمل‪ [19-17 :‬ففي موقفها درس عظيم في اإليجابية و المشاركة‬ ‫أَ ْ‬
‫الفاعلة في األمن و سالمة األخرين‪.‬‬
‫• إيجابية الهدهد‪ :‬ذكرهللا تعالى قصته في القرآن‪ ،‬وكونه سببا في إسالم مملكة سبأ‪ ،‬من دون‬
‫تكليف من أحد أو انتظار من هو أقوى وأقدر على ذلك منه‪ ،‬قال تعالى‪ ( :‬فَ َمك َ‬
‫َث َ‬
‫غي َْر بَ ِعي ٍد‬
‫ام َرأَةً تَ ْم ِل ُك ُه ْم َوأُوتِيَتْ‬ ‫فَقَا َل أَحَطتُ بِ َما لَ ْم ت ُِح ْط بِ ِه َو ِجئْت ُكَ ِمن َ‬
‫سبَ ٍإ بِنَبَ ٍإ يَ ِق ٍ‬
‫ين (‪ )22‬إِنِي َو َجدتُّ ْ‬
‫َّللا َو َزيَّنَ‬ ‫ش ع َِظي ٌم (‪َ )23‬و َجدت ُّ َها َوقَ ْو َم َها يَ ْ‬
‫س ُج ُدونَ ِللش َّْم ِس ِمن د ِ‬
‫ُون َّ ِ‬ ‫ِمن ك ُِل ش َْيءٍ َولَ َها ع َْر ٌ‬
‫سبِي ِل فَ ُه ْم َل يَ ْهتَ ُدونَ ‪] ﴾ َ...‬النمل‪[24-22 :‬‬ ‫طانُ أَ ْع َمالَ ُه ْم فَ َ‬
‫ص َّد ُه ْم ع َِن ال َّ‬ ‫ش ْي َ‬
‫لَ ُه ُم ال َّ‬

‫(‪ )1‬أخرجه أحمد في "مسنده" برقم‪.)13100( :‬‬


‫(‪ )2‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري في "صحيحه" برقم‪ )2472( :‬ومسلم في "صحيحه" برقم‪ )1914( :‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الدرس الثامن‪ :‬أخالق المسلم مع المجتمع‬

‫المراجع‬

‫‪ −‬نضالالرة النعيم في مكارم أخالق الرسالالول الكريم ‪ -‬صالاللى هللا عليه وسالاللم‪ ،‬تأليف‪ :‬عدد من‬
‫المختصالين بإشالراف الشاليص‪ /‬صالالح بن عبد هللا بن حميد ‪ ،‬دار الوساليلة للنشالر والتوزيع‪،‬‬
‫جدة‪ ،‬ط‪4‬‬
‫‪ −‬هذه أخالقنا حين نكون مؤمنين حقا‪ ،‬أبو أسالامة‪ ،‬محمود محمد الخزندار‪ ،‬دار طيبة للنشالر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1417 ،2‬هال‪.‬‬
‫‪ −‬المسئولية في اإلسالم‪ ،‬د‪.‬عبد هللا األهدل‪ ،‬ط‪1412 ،3‬هال‬

‫‪12‬‬

You might also like