Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 18

‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .

‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫إدارة األزمة من منظور العالقات الدولية‪ :‬دراسة تأصيلية نظرية‬


‫‪Crisis Management from an International Relations Perspective‬‬
‫‪A Theoretical and Intrinsic Study‬‬
‫تاريخ نشر المقال‪0404/40/14 :‬‬ ‫تاريخ قبول المقال للنشر‪0404/40/02 :‬‬ ‫تاريخ استالم المقال‪0404/40/31 :‬‬
‫‪0‬‬
‫‪ ،‬ط‪.‬د‪ .‬زناندة أمينة‬ ‫‪0‬‬
‫د‪ .‬حيتامة العيد‬

‫جامعة محمد الصديق بن يحي‪ -‬جيجل‪ ،‬الجزائر البريد االلكتروني‪haitamalaid77@gmail.com :‬‬ ‫‪0‬‬

‫‪zenandaamina11@gmail.com‬‬ ‫البريد االليكتروني‬ ‫جامعة الجزائر (‪ ،)80‬الجزائر‬ ‫‪0‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الملخص‪:‬‬

‫إذا كان موضوع إدارة األزمات الدولية يعود إلى الواجهة قياسا بتعداد الحروب وتسارع وتيرتها‪ ،‬هذا السيما في‬
‫ظل ظرف دولي مثقل بمجريات األحداث المتعارضة توجها والمتناقضة هدفا في عمومها‪ ،‬األمر الذي وضع األطراف‬
‫الدولية أمام محك مصيري يستوجب ضرورة اإللمام بمعطيات األزمة منعا لتفاقم تداعياتها الوخيمة‪ ،‬هذا ما يستدعي دراسة‬
‫األزمة وتدارك أبعادها بهدف احتواء إف ارزاتها السلبية‪ ،‬كونها تمثل فترة غموض ونقطة تراجع ومحطة تصدع في بنية‬
‫العالقات بين األفراد أو الدول على حد سواء‪ ،‬هذا جراء سوء التقدير وعدم بلوغ مستوى اإلدراك والطرح الناظم لها‪ ،‬وعليه‬
‫فقد جاء هذا المقال للوقوف أكثر على الدالالت اللفظية لألزمة على اعتبار أنها مفهوما غامضا تتداخل مضامينه وتتعدد‬
‫سياقاته اللفظية وحتى اإلجرائية‪ ،‬نظ ار لتشابك أسباب ومعطيات التفاعالت المفضية إلى حدوث األزمة‪ ،‬كما تبنى هذا‬
‫المقال طرحا أكاديميا موضوعيا يهدف إلى البحث أساسا في سبل اإلدارة الفعالة لألزمة‪ ،‬للظفر بمعطيات أكثر دقة ويقينا‬
‫بشأن الموضوع محل الدراسة(األزمة)‪ ،‬بهدف الوقوف على موجبات و ميكانيزمات التدخل الخارجي إلحداث أو إدارة‬
‫األزمة‪ ،‬هذا من خالل وضع األزمة كمفهوم في أطر تسمح بدراستها وفق مداخل نظرية وأخرى إجرائية‪ ،‬ومن ثمة اإلسقاط‬
‫على مجريات التفاعالت الدولية‪ ،‬بغية الوصول إلى استنتاجات توضح خصوصية وطبيعة إدارة األزمة في العالقات‬
‫الدولية‪.‬‬

‫العالقات الدولية‪.‬‬ ‫الكلمات المفتاحية ‪ :‬األزمة‪ ،‬إدارة األزمة الدولية‪ ،‬التدخل الدولي‪،‬‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪The international crisis management issue is due to the increasing and accelerating‬‬
‫‪war, especially under an international situation that is overburdened with conflicting and‬‬
‫‪contradictory events, which makes the international parties face a critical test, which the‬‬
‫‪necessity of knowing the crisis data in order to prevent the aggravation of its bad‬‬
‫‪consequences, which requires studying the crisis and solving its dimensions In order to‬‬
‫‪contain its negative consequences, because it represents a period of ambiguity, a point of‬‬
‫‪retreat and a rupture in the structure of relations between individuals or countries as well, as a‬‬
‫‪result of misjudgment and lack of awareness and appreciation, so this article came to consider‬‬
‫‪the verbal indications of the crisis more as a vague concept that interferes with its contents‬‬
‫‪and multiplicity of its context This article is based on an objective academic approach, which‬‬
‫‪aims to examine ways of Crisis management, by putting the crisis as a concept in frameworks‬‬

‫‪94‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫‪that allow it to be studied according to theoretical and procedural approaches, and hence there‬‬
‫‪is a projection on the international interactions, to reach conclusions that clarify the specificity‬‬
‫‪and nature of crisis management in international relations.‬‬
‫‪Keywords: Crisis, International crisis management, international intervention, International‬‬
‫‪Relations.‬‬
‫***‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫المعول‬
‫ّ‬ ‫لما كانت الدول هي الشكل الوحيد للتنظيم الجوهري والمناسب للمجتمع اإلنساني‪ ،‬كان من‬
‫عليه أن تهتم هذه الكيانات بضمان أمنها الداخلي فرديا أو جماعيا بواسطة تحالفات‪ ،‬غير أن السلم‬
‫واألمن الدوليين أصبحا يواجهان في ظل مستجدات الوضع الراهن أشكاال متعددة من العنف كاإلرهاب‪،‬‬
‫الحروب‪ ،‬التمرد وغيرها من مظاهر الصراع أو األزمات‪ ،‬ففي خضم تصاعد حدة هذه األخيرة كان لزاما‬
‫على أعضاء المجتمع الدولي‪ ،‬اإلسراع في استحداث آليات تكفل عالجها واحتوائها أو حتى التقليل من‬
‫تنامي حدتها‪ ،‬وتفشي خطورتها كأقل تقدير‪.‬‬

‫إن إبقاء إدارة األزمات في سياقها المفهوماتي البحت‪ ،‬والذي يقوم أساسا على البحث في أسباب‬
‫وخلفيات األزمات والصراع‪ ،‬وكذا المراحل العملية لتجاوز تداعيات االضطرابات األمنية على الدولة ضمن‬
‫نسقها اإلقليمي أو الدولي على حد سواء‪ ،‬يستوجب دراسة األزمة في إطارها القانوني والمؤسساتي‬
‫ووضعها في سياق ممنهج‪ ،‬يقربها من مواضيع العالقات الدولية‪ ،‬إال أنه ونظ ار إلدماج "التدخل" كآلية‬
‫لها أصبح هذا الموضوع‪-‬إدارة األزمة‪ -‬من أكثر الموضوعات تعقيدا وأعمقها تطو ار في وقتنا الحالي‪،‬‬
‫بحيث أضحى للمفهوم سياقات داللية تتجاوز المعنى اإلبستمولوجي لّلفظ‪ ،‬على نحو جعل منه مدلوال‬
‫لسلوك دولي ينتهج بإرادة دولية‪ ،‬يتم على نحو يتيح لبعض األطراف أو الفواعل توظيفه كأداة إلضعاف‬
‫سيادات الدول وكذريعة للتدخل في شؤون هاته األخيرة باسم الشرعية الدولية‪ ،‬بالشكل الذي أفضى إلى‬
‫خلق وضعيات من الالتوازن داخل المنظومة الدولية‪.‬‬

‫إن المتمعن في آليات التعاطي مع األزمات على اختالف أسبابها وتداخل مسبباتها‪ ،‬يلحظ تعدد‬
‫سبل إدارة األزمات الدولية والتي تواتر استخدامها بين الدول‪ ،‬سواء ما تعلق منها بالوسائل السياسية والتي‬
‫غالبا ما تندرج ضمنها الوساطة والمفاوضات إضافة إلى المساعي الحميدة‪ ،‬هذا ناهيك عن التوفيق‬
‫والتحقيق‪ ،‬وكذا عرض النزاع على المنظمات اإلقليمية والدولية للفصل فيه‪ ،‬أما فيما يتعلق بالوسائل‬
‫القانونية فإنها تشمل التحكيم والقضاء الدولي‪ ،‬وقد تتعداه إلى الوسائل القهرية‪ ،‬والتي تتضمن تبني طرق‬
‫إكراهية على شكل ضغوط تتنوع بين ما هو اقتصادي‪ ،‬سياسي‪ ،‬هذا مع إمكانية توظيف األداة العسكرية‪،‬‬
‫وأمام تأزم األوضاع الدولية الراهنة في ظل تنامي حدة النزاعات‪ ،‬وحتى الصراعات بشقيها الداخلي‬
‫والخارجي‪ ،‬األمر الذي أفضى إلى ظهور صراعات مركبة لم تشهدها المجتمعات من قبل ذات سمات‬
‫مميزة على ما كانت عليه سابقا‪ ،‬هنا برزت حتمية إعادة النظر في ميكانيزمات التعاطي مع مستجدات‬

‫‪95‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫وقضايا البيئة الدولية الراهنة‪ ،‬هذا باستحداث آليات أكثر فاعلية وأقرب إلى تحقيق السالم المنشود من‬
‫المجتمع الدولي‪ ،‬هذا ضمانا لتجاوز حالة الفوضى والالتوازن‪ ،‬التي أضحت السمة الغالبة على تفاعالت‬
‫أعضاء المنظومة الدولية‪.‬‬

‫بناء على ما تم طرحه يمكن صياغة اإلشكال الجوهري اآلتي‪ :‬فيما تكمن سبل وميكانيزمات بلوغ‬
‫إدارة فعالة لألزمات الدولية‪ ،‬في ظل بيئة تفاعلية تشهد تداخل المصالح وتناقض الرؤى للفواعل الدولية؟‬

‫وللوقوف أكثر على حقيقة الموضوع (إدارة األزمة من منظور العالقات الدولية‪ :‬دراسة تأصيلية نظرية) تم‬
‫التطرق إلى المحاور التالية بالدراسة والتحليل‪:‬‬

‫المحور األول‪ :‬اإلطار اإلبستمولوجي والمفاهيمي لألزمة في حقل العالقات الدولية‬

‫المحور الثاني‪ :‬دالالت األزمة والمفاهيم ذات الصلة بها‬

‫المحور الثالث‪ :‬إدارة األزمة الدولية بين دالالت المفهوم النظري وموجبات التفعيل اإلجرائي‬

‫***‬

‫المحور األول‪ :‬اإلطار اإلبستمولوجي والمفاهيمي لألزمة في حقل العالقات الدولية‬

‫لقد ساد االختالف والتباين بين المختصين والمنظرين في حقل العلوم السياسية إزاء إعطاء تعريفا‬
‫جامعا وشامال لألزمة‪ ،‬وكذا تحديد األدوات واألساليب التي تعنى بإدارتها‪ ،‬ومع تعدد الدراسات التي‬
‫تناولت موضوع األزمة‪ ،‬فإنها تبقى محتفظة بدرجة عالية من الخصوصية‪ ،‬وذلك لجملة من االعتبارات‪،‬‬
‫أهمها أن األزمة موضوعا يهتم بدراسة الفكر االستراتيجي‪ ،‬كما أنها‪-‬األزمة‪ -‬تنتج عن أنماط متعددة من‬
‫(‪) 1‬‬
‫وتصاعد‬ ‫التفاعالت السياسية والدولية‪ ،‬فهي بهذا حاضرة متى ظهرت مؤشرات التباين واالضطراب‬
‫درجات وحدة التنافس والصراع بين الوحدات والفواعل الدولية‪.‬‬

‫فاألزمة تمثل حالة مستوطنة في المجتمع الدولي‪ ،‬ونظ ار لهذا فإنه يتوقع حدوثها كظاهرة طبيعية‬
‫بين األفراد‪ ،‬وكذا بين أعضاء األسرة الدولية‪ ،‬وإن كانت األزمة حالة غير مرضية الحدوث‪ ،‬وهذا نظ ار لما‬
‫تنطوي عليه من خطورة عالية(‪ ،)2‬إذ لم تعد أي دولة أو مؤسسة إنتاجية بمنأى عن األزمات‪ ،‬فهاته‬
‫األخيرة على ما يبدو أصبحت جزء ال يتج أز من مجريات الحياة المعاصرة‪ ،‬كما ال يقتصر مفهوم األزمة‬
‫على األزمات الكبرى المعروفة فحسب‪ ،‬وإنما هناك أزمات قد يتعرض لها اإلنسان على مستوى مسيرة‬

‫‪.‬نواف قطيش‪ ،‬إدارة األزمات‪ ،‬عمان‪ :‬دار الراية للنشر والتوزيع‪ ،9002 ،‬ص‪. 192‬‬
‫‪.‬فهد أحمد الشعالن‪ ،‬إدارة األزمات‪ ،‬الرياض‪ :‬أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،9222 ،‬ص‪. 2929‬‬

‫‪96‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫حياته الشخصية أو األسرية‪ ،‬واألزمات على إختالفها قد تكون طارئة الحدوث كما قد تفتعل(‪)1‬جراء تدخل‬
‫أطراف وفواعل خارجية تسعى لتحقيق مآرب من خالل إثارتها أو إدارتها‪ ،‬هذا السيما في ظل منظومة‬
‫تتداخل وتتشابك من خاللها مصالح األطراف الدولية ما يجعلها أكثر عرضة للتنافس أو الصدام‪.‬‬

‫قد يصعب تحديد مفهوما دقيقا وشامال لألزمة‪ ،‬هذا السيما بعد اتساع نطاق استخدام هذا المفهوم‬
‫وانطباقه على مختلف صور العالقات اإلنسانية‪ ،‬بحيث شمل مجاالت التعامل اإلنساني والسياسي كافة‪،‬‬
‫إال أن تطوره التاريخي قد ظهر في الطب اإلغريقي القديم(‪)2‬تعبي ار عن نقطة تحول مصيرية في تطور‬
‫المرض‪ ،‬بحيث يرتهن بها شفاء المريض خالل فترة زمنية محددة أو موته‪ ،‬ومن ثمة تكون مؤشرات‬
‫المرض أو دالئل األزمة هي األعراض التي تظهر على المريض والتي تكون ناجمة أساسا عن صراع‬
‫المريض مع المرض‪.‬‬

‫بدأ استخدام تعبير األزمة مع بداية القرن السادس عشر في المعاجم الطبية‪ ،‬وبعدها تم اقتباسه‬
‫واستخدامه في القرن السابع عشر في األدب السياسي‪ ،‬هذا للداللة على ارتفاع درجة التوتر في العالقات‬
‫بين الدولة والكنيسة‪ ،‬وبحلول القرن التاسع عشر تواتر استخدامه للداللة على ظهور المشاكل التي‬
‫تواجهها الدول‪ ،‬كإشارة إلى نقطة التحول الحاسمة في تطور العالقات السياسية‪ ،‬االقتصادية وحتى‬
‫عرفتها دائرة معارف العلوم االجتماعية على أنها‪" :‬خلل فادح ومفاجئ‬
‫االجتماعية‪ ،‬أما في عام ‪9291‬م ّ‬
‫في العالقة بين العرض والطلب في السلع والخدمات ورؤوس األموال"(‪ ،)3‬ومنذ ذلك التاريخ بدأ التوسع‬
‫في استخدام مصطلح األزمة في إطار علم النفس عند الحديث عن أزمة الهوية‪ ،‬كما استخدمه‬
‫الديمغرافيون عند حديثهم عن أزمة اإلنفجار السكاني‪ ،‬إذ أن تعدد مجاالت توظيف المفهوم أسفر عن‬
‫التداخل بين مفهوم األزمة والمفاهيم المختلفة المتقاربة له من حيث المعنى ذات اإلرتباط الحيوي والوثيق‬
‫به‪ .‬أما عن األسباب الكامنة وراء نشوب األزمات فهي متعددة ومتباينة‪ ،‬إال أنه يمكن إجمال أهمها فيما‬
‫يلي (‪:)4‬‬

‫‪ .1‬اسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي‪ ،‬إدارة الصراعات واألزمات الدولية‪ :‬نظرة مقارنة إلدارة الصراع العربي اإلسرائيلي في‬
‫مراحله المختلفة‪( ،‬د‪ ،‬ب‪ ،‬ن‪ :‬د‪ ،‬د‪ ،‬ن)‪ ،‬د‪ ،‬س‪ ،‬ن‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪ .2‬عبادة محمد التامر‪ ،‬سياسة الواليات المتحدة وإدارة األزمات الدولية(إيران‪-‬العراق‪-‬سورية‪-‬لبنان أنموذجا)‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسيات‪ ،9093 ،‬ص‪.93‬‬
‫‪ .3‬مالك محسن خميس العيساوي‪ ،‬الحروب بالوكالة‪ :‬إدارة األزمة الدولية في االستراتيجية األمريكية‪ ،‬القاهرة‪ :‬العربي‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،9092 ،‬ص‪.93‬‬
‫‪ .4‬إدريس لكريني‪ ،‬إدارة األزمات في عالم متغير‪ :‬المفهوم والمقومات والوسائل والتحديات‪ ،‬األردن‪ :‬المركز العلمي‬
‫للدراسات السياسية‪ ،9090 ،‬ص‪.93‬‬

‫‪97‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫‪ -‬وجود خالفات متراكمة لم يتم حلها أو السعي إلستيعابها‪ ،‬هذا على الرغم من مرور وقت طويل على‬
‫بروزها‪.‬‬
‫‪-‬تعارض المصالح واألهداف وتباينها بين األفراد أو حتى بين الجماعات والدول‪.‬‬
‫‪-‬تنامي اإلشاعات بين الخصوم‪ ،‬واالستمرار في استفزاز بعضها بعضا‪.‬‬
‫يصعب على‬‫ّ‬ ‫‪-‬بروز أزمات مخطط لها مسبقا ومدبرة بهدف تحقيق أهداف استراتيجية إلطراق معينة‪ ،‬ما‬
‫الطرف القريب من األزمة احتوائه‪ ،‬هذا كونه قد يجهل خلفياته ومسبباته‪ ،‬فقد تغيب عنه الرؤية الكاملة‬
‫والشاملة التي تساعده في احتواء األزمة كأقل تقدير‪.‬‬
‫‪-‬األخطاء البشرية الناجمة أساسا عن سوء الفهم وسوء التقدير أو سوء اإلدارة‪ ،‬إلى جانب العشوائية في‬
‫يسرع من تبلور األزمة وحتى تفاقمها واتساع أمدها‪.‬‬
‫اتخاذ الق اررات‪ ،‬ما ّ‬
‫‪-‬عامل الشك الذي غالبا ما يالزم الدول التي ترى في خصومها استعدادهم لتهديد سالمتها أو أمنها‪ ،‬ما‬
‫يسرع في مسألة تبني إستراتيجيات استباقية وقائية أو حتى دفاعية‪ ،‬ما ينجم عنه عادة تأزم الوضع بين‬
‫ّ‬
‫تبين الحقائق وتقصي الدالئل التي تدين الخصم وتكشف نواياه الفعلية في التعدي‬‫الطرفين جراء إغفال ّ‬
‫على الطرف األخر‪.‬‬
‫‪-‬خرق الدول لالتفاقيات والمعاهدات القائمة بينهما‪ ،‬بالشكل الذي يمس المصالح الحيوية لألطراف‬
‫المتعاقدة‪.‬‬
‫‪-‬تورط زعماء وقادة الدول في مسائل وقضايا خالفية العتبارات شخصية‪ ،‬قد تتعارض في مجملها مع‬
‫المصالح القومية لدولهم‪.‬‬
‫‪-‬إصرار األطراف المتنازعة على مواقفها‪ ،‬ورفضها التنازل عن مطالبها في سبيل تحقيق الصالح العام‪.‬‬
‫‪3.3‬األزمة في حقل العلوم السياسية‪:‬‬

‫تعبر األزمة عن موقف وحالة يواجهها متخذ القرار في إحدى الكيانات السياسية واإلدارية (دولة‪،‬‬
‫مؤسسة‪ ،‬مشروع)‪ ،‬تتالحق فيها األحداث وتتزامن وتتشابك فيها األسباب والنتائج‪ ،‬وقد يفقد معها متخذ‬
‫القرار قدرته على السيطرة عليها‪ ،‬أو تحديد اتجاهاتها ومساراتها المستقبلية‪ ،‬كما قد يتحكم فيها ويوجهها‬
‫صوب تحقيق األهداف المطلوبة والمصالح السياسية المرجو منه تحقيقها‪ ،‬وبناء عليه فاألزمة هي لحظة‬
‫حرجة وحاسمة تتعلق بمصير الكيان السياسي للدولة التي تعترضها المشكلة‪ ،‬والتي يجد بموجبها صاحب‬
‫القرار صعوبة في التعاطي معها‪ ،‬بالشكل الذي قد يجعله في حيرة بالغة من أمره بشأن اتخاذ القرار‬
‫المالئم لحل األزمة‪ ،‬هذا في ظل دائرة مضطربة تعاني من عدم التأكد وقصور المعرفة وكذا اختالط‬

‫‪98‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬هذا إضافة إلى تداعي كل منها بشكل متالحق ليزيد من درجة غياب رؤية وتصور‬ ‫األسباب بالنتائج‬
‫مستقبلي واضح عن تطورات ما قد يحدث مستقبال حيال تلك األزمة‪.‬‬

‫بمعنى آخر فاألزمة هنا تعكس مدى إدراك متخذ القرار في الدولة‪ ،‬بوجود خطر يهدد بقاء الكيان‬
‫(‪:)2‬‬
‫السياسي ذاته‪ ،‬كما قد يهدد قيم الدولة أو أهدافها‪ ،‬وبناء عليه يمكن تصور األزمة السياسية على أنها‬

‫‪-‬ظرف انتقالي يتسم بعدم التوازن‪ ،‬ويمثل نقطة تحول المجتمع أو الدولة‪ ،‬وغالبا ما ينجم عنه تغيي ار كبي ار‪.‬‬
‫‪-‬حالة توتر ونقطة تحول تتطلب اتخاذ قرار سياسي‪ ،‬غالبا ما ينجم عنه مواقف جديدة‪-‬سلبية كانت أو‬
‫ايجابية‪ ،-‬من شأنها أن تؤثر على مختلف الكيانات ذات العالقة باألزمة‪.‬‬
‫‪-‬موقف عصيب قد ينجم عنه نتائج سلبية‪ ،‬السيما في حال عجز متخذ القرار عن التعاطي مع األزمة أو‬
‫أصابه القصور في احتوائها‪.‬‬
‫‪-‬فترة حرجة‪ ،‬أو حالة غير مستقرة تتطلب حدوث تغي ار حاسما على مستوى الكيان السياسي‪.‬‬
‫‪-‬خبرة تتعلق بعائق سياسي غير مألوف‪.‬‬
‫بناء عليه‪ ،‬فإن األزمة السياسة متعلقة أساسا بمظاهر الصراع الدولي والنزاع بين الحكومات والدول‪،‬‬
‫كما ترتبط أيضا بعنصر التهديد للمصالح الدولية واألمن الوطني للدول (‪.)3‬‬

‫‪ .0.3‬األزمة على المستوى اإلداري‪:‬‬

‫عرفت على أنها نوعا من التوتر والحيرة لدى المسؤولين داخل المنشأة اإلدارية‪ ،‬بالشكل الذي‬
‫فقد ّ‬
‫من شأنه التأثير على الجوانب اإلدارية وكذا أداء العاملين وكيان المؤسسة واستراتيجية بقائها وعالقتها‬
‫بالجمهور‪ ،‬كما قد يطال تأثير األزمة أهداف اإلدارة المسطرة والمرجو تحقيقها (‪. )4‬‬

‫فهي تعرف على أنها خلل وعدم توازن في عناصر النسق‬ ‫‪.0.0‬األزمة من الناحية االجتماعية‪:‬‬
‫االجتماعي(‪ ،)5‬هذا في ظل سيادة حاالت من التوتر والقلق مصاحبا بالشعور بالعجز لدى األفراد‪ ،‬هذا‬

‫‪ .1‬عبد الغفار عفيفي الدويك‪" ،‬االتجاهات الحديثة في إدارة األزمات الدولية‪ :‬الشرق األوسط نموذجا"‪ ،‬المجلة الدولية‬
‫ألبحاث األزمات ‪ ،‬المجلد‪ ،9‬العدد التعريفي‪ ،‬السعودية‪ ،‬مايو‪ ،9091‬ص‪.99‬‬
‫‪ .2‬زينب خليل سعد القذافي‪" ،‬استراتيجيات مواجهة األزمات التعليمية بمدارس التعليم الثانوي بليبيا"‪ ،‬مجلة البحث العلمي‬
‫في التربية ‪ ،‬العدد الثامن عشر ‪ ،‬د‪ ،‬ب‪ ،‬ن‪ ،9091 ،‬ص‪.923‬‬
‫‪.‬عبادة محمد التامر‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 320‬‬
‫دار العلوم للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪ .4‬السيد السعيد‪ ،‬استراتيجيات إدارة األزمات والكوارث‪-‬دور العالقات العامة‪ ،-‬القاهرة‪:‬‬
‫‪ ،9003‬ص‪.99‬‬
‫‪ .‬مالك محسن خميس العيساوي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 591‬‬

‫‪99‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫ناهيك عن عدم القدرة على إقامة عالقات إنسانية واجتماعية‪ ،‬ومن ثمة ظهور قيم ومعايير أخالقية مغايرة‬
‫للثقافة السائدة في المجتمع‪.‬‬

‫‪.0.0‬األزمة في المجاالت االقتصادية‪:‬‬


‫(‪)1‬‬
‫فهي التي تؤثر على قدرة وإنتاجية المؤسسة المالية‪ ،‬ومن ثمة تعيق نشاطها االقتصادي‬
‫بالشكل الذي يؤثر على عالقتها بالجمهور والعمالء‪ ،‬وكذلك تعاظم مستوى التأثير على النواحي المادية‬
‫للعاملين بها‪.‬‬

‫‪ .7.0‬األزمة في الشؤون العسكرية‪:‬‬

‫ينجم هذا النوع من األزمات أساسا عن صراع مسلح(‪ ،)2‬تستخدم من خالله القوات المسلحة ضد‬
‫دول أخرى‪ ،‬أو التهديد باستخدامها بالشكل الذي يحدث توت ار بين العالقات السياسية لتلك األطراف‬
‫الدولية‪ ،‬وهذا كنتيجة حتمية لالضطراب األمني السائد‪.‬‬

‫‪.6.0‬األزمة الوطنية‪:‬‬

‫والتي تعرف على أنها األزمة الشاملة التي تمس باألمن الداخلي والخارجي على حد سواء‪ ،‬وتهدد كيان‬
‫الدولة (‪ )3‬بالكامل كاالحتالل الفعلي للدولة أو التهديد باحتاللها‪.‬‬

‫‪.5.0‬األزمة الدولية‪:‬‬

‫والتي ينظر لها على أنها تصعيدا حادا للفعل ورد الفعل‪ ،‬أي هي عملية انشقاق تحدث تغييرات‬
‫على مستوى الفاعلية بين الدول‪ ،‬بحيث تؤدي إلى تصاعد حدة التوتر والخالف بين األطراف الدولية‪،‬‬
‫والتي غالبا ما تفضي إلى نشوب الحرب(‪ ،)4‬ومع ذلك ال تؤدي كلها إلى اندالع الحروب‪ ،‬كما حدث في‬
‫الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي‪ ،‬وما يحدث حاليا بين الكوريتين الشمالية والجنوبية وكذا‬
‫األزمة بين الهند وباكستان بسبب كشمير‪.‬‬

‫‪.0.0‬األزمة اإلقليمية‪:‬‬

‫‪.‬نواف قطيش‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 193‬‬


‫‪ .2‬إدريس لكريني‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪.‬نواف قطيش‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 393‬‬
‫‪ .4‬خليل عرنوس سليمان‪" ،‬األزمة الدولية والنظام الدولي‪ :‬دراسة في عالقة التأثير المتبادل بين إدارة األزمات اإلستراتيجية‬
‫الدولية وهيكل النظام الدولي"‪ ،‬الدوحة‪ :‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر‪ ،9099 ،‬ص‪.2‬‬

‫‪100‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫والتي تعكس حدوث موقفا مفاجئا تتجه من خالله العالقات بين طرفين أو أكثر نحو المواجهة‬
‫بشكل تصعيدي‪ ،‬هذا نتيجة لتعارض قائم بين المصالح المتعلقة بكيانات تلك األطراف أو المساس‬
‫بوجودها‪ ،‬ما يستلزم تحركا إقليميا مضادا وسريعا للحفاظ على تلك المصالح الحيوية(‪ ،)1‬هذا باستخدام‬
‫وسائل الضغط واإلكراه على اختالف أنواعها سواء كانت سياسية‪ ،‬عسكرية أو حتى اقتصادية‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬دالالت األزمة والمفاهيم ذات الصلة بها‬

‫على الرغم من تباين األسباب المفضية إلى تبلور األزمات واختالفها‪ ،‬يمكن للدارسين والباحثين‬
‫في هذا الشأن الوقوف على مسببات فعلية قد تكون محدثة لها‪ ،‬فقد يمكن لألزمة أن تبرز كنتيجة حتمية‬
‫لخلل في العالقات بين الجماعات أو الدول‪ ،‬أو نتيجة خرق إحداها لالتفاقيات القائمة بينها‪ ،‬مع حدوث‬
‫ردود فعل من قبل األطراف التي شهدت تضر ار جراء اإلخالل بشروط أو بنود االتفاقيات والتي كانت‬
‫ملزمة ألطرافها‪ ،‬كما قد تنجم األزمة أيضا جراء تعاظم حالة الشك أو الريب المصاحبة لسلوك الفاعلين‬
‫الدوليين‪ ،‬ضمن بيئة دولية أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها تشهد تعارضا للمصالح وتباينا في األهداف‬
‫في فهم طبيعة مجريات األحداث تفاقم‬ ‫االستراتيجية وحتى القيم‪ ،‬كما يمكن أن يصاحب القصور‬
‫المعطيات لدرجة بلوغها مستوى األزمة‪ ،‬كل هاته األسباب منفردة أو مجتمعة تؤدي دونما أدنى شك إلى‬
‫بروز األزمة‪ ،‬من هنا يمكن الوقوف على خصائص هذه األخيرة‪ ،‬والتي تميزها عن غيرها من األحداث‬
‫والمواقف الدولية‪ ،‬وعليه فاألزمة تتسم بما يلي(‪:)2‬‬

‫‪ -‬هي محطة تحول حاسمة غالبا ما تتسم بالفجائية‪ ،‬تتم مجرياتها ضمن نسق داخلي أو دولي تهدد‬
‫مصالح أطراف معينة‪ ،‬وتثير نوعا من الذهول واالرتباك لدى األطراف المعنية بها‪.‬‬
‫‪-‬تتسم بالتعقيد والتشابك في عناصرها والتداخل في مسبباتها‪ ،‬وتنطوي على خطورة كبيرة متى صاحب‬
‫هذا التعقيد تصعيدا وقصو ار في الفهم واإللمام بمجرياتها‪ ،‬ومن ثمة قد تستقطب اهتماما كبي ار من المهتمين‬
‫بشأنها على نحو قد يزيد من تفاقمها وتعقيدها‪.‬‬
‫‪-‬تهديد قيم الوحدة السياسية‪ ،‬بالشكل الذي يستوجب ضرورة إسراع صانع القرار إلدراكها واحتوائها‪.‬‬
‫‪-‬يتواكب مع التهديد احتمال التورط في العداء العسكري‪.‬‬
‫‪-‬إدراك المعنيين بالحدث أن الوقت المتاح لالستجابة والرد هو وقت محدد والفرصة ضئيلة‪ ،‬هذا لتوضيح‬
‫االتجاهات التخاذ الحلول االستراتيجية والبديلة‪.‬‬
‫‪-‬تتطلب جهدا كبي ار لمواجهتها لتالفي تطوراتها السلبية‪ ،‬والتي قد يمتد خطرها للمستقبل‪.‬‬

‫‪.‬نواف قطيش‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 199‬‬


‫‪.‬إدريس لكريني‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 2 91‬‬

‫‪101‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫‪-‬تضع صانعي القرار على محك حقيقي‪ ،‬بحيث تتطلب اتخاذ ق اررات حاسمة تفرض استثما ار متسارعا‬
‫للوقت‪.‬‬
‫‪-‬هي نتاج لتراكم مجموعة من التأثيرات والخالفات السابقة‪ ،‬والتي لم يتم حسمها في مراحل سبقت تبلور‬
‫وتفاقم األزمة‪.‬‬
‫‪-‬تطرح نوعا من االرتباط والشك في الخيارات المطروحة للتعامل معها‪ ،‬السيما في ظل غياب معطيات‬
‫وحقائق كافية حولها‪.‬‬
‫‪-‬غالبا ما تتجاوز مخرجاتها المستوى المحلي للتأثير‪ ،‬ليصل بذلك صدى تداعياتها حدود التفاعل الدولي‪،‬‬
‫نتيجة اتساع مداها وتعاظم مستوى التدخل الخارجي في معطياتها‪.‬‬
‫‪-‬قد تخّلف حالة من االرتباك والتوتر العالميين خالل فترة زمنية قصيرة‪ ،‬السيما في ظل تشابك وتعقيد‬
‫العالقات الدولية‪ ،‬هي بذلك تستدعي تبني خيارات استراتيجية مشتركة أكثر فاعلية الحتواء تداعياتها‪.‬‬
‫‪-‬إن األزمة في كل مستوياتها الداخلية والخارجية‪ ،‬وبغض النظر عن القدرة أو الفشل في احتوائها وإدارتها‬
‫(‪)1‬‬
‫تجلب نحوها أنصا ار أو معادين‪-‬وفقا لطبيعتها ومصالح المؤيدين والمعارضين‬
‫حدتها وخطورتها‪ ،‬يمكن لألزمة أن تشكل فرصة سانحة لتعزيز المكاسب وتطوير‬ ‫وعلى الرغم من ّ‬
‫المهارات والخبرات‪ ،‬خاصة إذا ما تم التعاطي مع أسبابها بفاعلية‪ ،‬على نحور يضمن احتوائها أو التقليل‬
‫من خطورة تداعياتها‪ ،‬ومن ثمة الخروج بمحصلة من الخبرات التي تضمن للكيان التعاطي الفعال مع‬
‫أزمات مستقبلية بذات الخصوصية‪ ،‬ما يوفر على أطراف األزمة الوقت والجهد واإلمكانات أيضا‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫إن األزمة على اختالف أشكالها تتخذ ثالثة أبعاد أساسية‪ ،‬تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫البعد األول‪ :‬عنصر المفاجأة‪.‬‬


‫البعد الثاني‪ :‬يتعلق أساسا بالرعب الناجم عن التهديد الخطير المحدق بالمصالح واألهداف الجوهرية‬
‫الخاصة بالكيان السياسي للدولة‪ ،‬أو على صعيد الفرد أو المنشأة‪.‬‬
‫البعد الثالث‪ :‬يتعلق بالزمن الناجم عن الوقت المحدود المتاح أمام صانع القرار‪ ،‬هذا التخاذ القرار السريع‬
‫الصائب والعقالني إلدارة األزمة أو احتوائها كأقل تقدير‪.‬‬

‫‪ .1‬صبحي رشيد اليازجي‪" ،‬إدارة األزمات من وحي القرآن الكريم‪-‬دراسة موضوعية‪"-‬مجلة الجامعة اإلسالمية(سلسلة‬
‫الدراسات اإلسالمية) ‪ ،‬المجلد التاسع عشر‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬غزة‪ :‬كلية أصول الدين الجامعة اإلسالمية‪ ،‬يونيو‪،9099‬‬
‫ص‪.993‬‬
‫‪ .2‬ديفيد جارنم‪ ،‬دراسات في النزاعات الدولية وإدارة األزمة‪ ،‬أبو ظبي‪ :‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث اإلستراتيجية‪،‬‬
‫‪ ،9009‬ص‪.3‬‬

‫‪102‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫بناء على ما تقدم ذكره‪ ،‬فإن األزمة ينظر إليها من خالل منظور مستقبلي‪ ،‬هذا على اعتبار أن‬
‫الخطر الحقيقي المصاحب لألزمة ال يتعلق بالماضي فحسب أو ينصرف للحاضر‪ ،‬لكنه يتجه وبشدة إلى‬
‫ما يمكن أن تحدثه تلك األزمة مستقبال‪.‬‬

‫يصعب الفصل بين مستوياتها‪ ،‬هذا‬


‫ّ‬ ‫كما قد تتداخل األزمة مع العديد من المفاهيم على نحو قد‬
‫نظ ار لتشابه أطرها وحتى أبعادها‪ ،‬وكذا مستوى تأثيرها على الظواهر بشكل عام‪ ،‬ومن ذلك نجد‪:‬‬

‫‪ .0.0‬الكارثة‪ :‬هي أكثر المفاهيم تداخال مع األزمة‪ ،‬إال أنها قد ال تعبر عنها بالضرورة‪ ،‬فالكارثة هي‬
‫حالة مدمرة حدثت فعال‪ ،‬كما أنها خّلفت ضر ار محددا (ماديا أو غير مادي أو كالهما معا)‪ ،‬كما قد تكون‬
‫الكوارث هي إحدى مسببات األزمة أو إحدى نتائجها‪ ،‬إال أنها ال تكون األزمة في حد ذاتها(‪( )1‬الزالزل‬
‫والبراكين هي نماذج عن الكارثة)‪.‬‬

‫‪.0.0‬القوة القاهرة‪ :‬يشترك هذا المفهوم مع األزمة في أن كليهما يخرج عن نطاق سيطرة متخذ القرار‬
‫بحيث يصعب التحكم فيه‪ ،‬إال أن مفهوم القوة القاهرة ال يعبر بالضرورة عن األزمة أو ينطبق عليها تمام‬
‫االنطباق‪ ،‬بحيث أن المفهوم يعكس حدوث ظرف طارئ يصعب التنبؤ أو التحكم فيه(‪ ،)2‬بالشكل الذي‬
‫يفضي إلى الحيلولة دون القيام بعمل معين متفق عليه مسبقا‪ ،‬فالحرب مثال هي قوة قاهرة توقفت بسببها‬
‫بعض المعامل والمصانع‪ ،‬ومن ثمة كانت سببا في حدوث أزمة‪.‬‬

‫جراء نشوء حادث غير متوقع الحدوث‪ ،‬على النحو الذي لم‬
‫‪.0.0‬الصدمة‪ :‬تعني شعو ار فجائيا حادا تتولد ّ‬
‫يكن مبرمجا حدوثه‪ ،‬وهو شعور مركب بين الغضب والذهول والخوف‪ ،‬ذلك فإن الصدمة هي إحدى‬
‫والتي تولدت عند انفجارها في شكل فجائي وسريع دون سابق إنذار‬ ‫(‪)3‬‬
‫عوارض األزمة أو إحدى نتائجها‪،‬‬
‫أو تمهيد‪.‬‬

‫‪.0.0‬المشكلة‪ :‬تعبر هذه األخيرة عادة عن السبب الرئيسي الذي يحدث حالة ما من الحاالت غير‬
‫المرغوب في وقوعها(‪ ،)4‬ومن ثمة قد تكون المشكلة هي سبب األزمة‪ ،‬إال أنها لن تكون األزمة بحد‬
‫ذاتها‪.‬‬

‫‪ .1‬مروان سالم العلي‪" ،‬إستراتيجيات إدارة األزمة الدولية‪ :‬أزمة الصواريخ الكوبية أنموذجا"‪ ،‬مجلة جيل الدراسات السياسية‬
‫والعالقات الدولية‪ ،‬العدد‪ ،92‬د‪ ،‬ب‪ ،‬ن‪ :‬مركز جيل البحث العلمي‪ ،‬يونيو ‪ ،9092‬ص‪.22‬‬
‫‪.‬نواف قطيش‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 293‬‬
‫‪.‬علي حسن السعدني‪" ،‬فن إدارة األزمات"‪ ،‬دنيا الوطن‪ ،‬تاريخ النشر‪ ،92/01/9099 :‬ص‪. 39‬‬
‫‪ .4‬محمد براق‪ ،‬مريزق عدمان‪" ،‬دور المعلومات في إدارة األزمات إشارة إلى حالة المؤسسات الصحية"‪ ،‬رماح للبحوث‬
‫والدراسات‪ ،‬العدد‪ ،2‬عمان‪ :‬مركز البحث وتطوير الموارد البشرية رماح‪ ،‬جوان ‪ ،9099‬ص‪.99‬‬

‫‪103‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫‪.7.0‬الصراع‪ :‬يقترب مفهوم الصراع والنزاع من مفهوم األزمة‪ ،‬وهذا باعتبار أن بعض األزمات تعكس‬
‫تصارع وتناقض إرادتين مختلفتين وتضاد مصالحهما وتعارضهما(‪ ،)1‬إال أن الصراع ال يكون بالغ الحدة‬
‫وشديد التدمير كما هو الحال في األزمات‪ ،‬إذ أن الصراع غالبا ما تكون أبعاده واتجاهاته وحتى أطرافه‬
‫وأهدافه معلومة ويستغرق وقتا طويال‪ ،‬في حين تكون مثل هذه المعلومات مجهولة بالنسبة لألزمات‪ ،‬والتي‬
‫غالبا ما يكون أمدها قصيرا‪.‬‬

‫يعبر هذا المفهوم عن التضاد وعدم التطابق سواء في الشكل‪ ،‬الظروف أو حتى‬ ‫‪.6.0‬الخالف‪:‬‬
‫المضمون(‪ ،)2‬وقد يكون أحد مظاهر األزمة في النظام السياسي أو بين الدول‪ ،‬أما االختالف في الفكر‬
‫والرأي والمصالح فال يؤدي بالضرورة إلى األزمة‪ ،‬لكن إذا ما تطور الخالف واشتد كانت احتماالت األزمة‬
‫أكثر وقوعا‪.‬‬

‫تم بشكل سريع وانقضى‬


‫يجسد هذا المفهوم حدوث أم ار طارئا غير متوقع الحدوث سلفا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.5.0‬الحادث‪:‬‬
‫أثره فور إتمامه(‪ ،)3‬في حين تنجم األزمة عن الحدث‪ ،‬ولكنها ال تمثله فعال‪ ،‬وإنما تمثل بعض جوانبه‪،‬‬
‫وكثي ار ما تمتد تلك األخيرة لمدة بعد نشوئها‪ ،‬في حين ينتهي الحدث بانتهاء وقوعه‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬إدارة األ زمة الدولية بين دالالت المفهوم النظري وموجبات التفعيل اإلجرائي‬

‫تحفل الساحة الدولية في إطار تفاعالتها بالعديد من التناقضات بين أعضاء المنظومة الدولية‪،‬‬
‫حيث تنوعت ما بين صراعات وأزمات وحتى حروب‪ ،‬فالمقصود بالصراع (‪ )conflict‬التعارض في‬
‫المصالح‪ ،‬أما النزاع (‪ )dispute‬فهو تعارض في الحقوق القانونية‪ ،‬في حين أن األزمة (‪ )crisis‬هي‬
‫تحول فجائي عن السلوك المعتاد‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن يفضي إلى حدوث سلسلة من التفاعالت‬
‫يترتب عليها نشوء موقفا مفاجئا ينطوي على تهديد مباشر للقيم أو المصالح الجوهرية الدولية(‪ ،)4‬مما‬
‫يستلزم معه ضرورة اتخاذ ق اررات سريعة في ظرف قياسي محدود‪ ،‬بالشكل الذي يمنع تفجر األزمة في‬
‫شكل صدام عسكري أو مواجهة(‪.)5‬‬

‫‪.‬اسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 193‬‬
‫‪ .2‬عبد الغفار عفيفي الدويك‪ ،‬إدارة األزمات والكوارث واتخاذ القرار‪ ،‬الرياض‪ :‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪،9099 ،‬‬
‫ص‪.91‬‬
‫‪.‬صبحي رشيد اليازجي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 3992‬‬
‫‪ .4‬عبد الحق بن جديد‪" ،‬اإلتصال وإدارة النزاعات الدولية"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬العدد الحادي عشر‪ ،‬بسكرة‪ :‬جامعة‬
‫محمد خيضر‪ ،‬ماي ‪ ،9001‬ص‪.29‬‬
‫‪ .‬مالك محسن خميس العيساوي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 593‬‬

‫‪104‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫ففي ظل كل الحاالت‪-‬السالفة الذكر‪ -‬توجد أساليب متنوعة للتعامل مع كل موقف‪ ،‬فقد يجري‬
‫احتواء الصراع بمعنى اإلحاطة به والسيطرة عليه ومنع انتشاره‪ ،‬وقد تتم تسوية النزاع بمعنى التوصل إلى‬
‫حلول قانونية وسياسية مرضية بين الطرفين‪ ،‬في حين تكون إدارة األزمة تجسد التالعب بالعناصر‬
‫المكونة لها واألطراف المحدثة لها والفاعلة فيها أيضا‪ ،‬وهذا بهدف تعظيم االستفادة من ورائها لصالح‬
‫األمن القومي‪.‬‬

‫بناء عليه فقد أضحت إدارة األزمات الخارجية أسلوبا مستحدثا في إدارة الصراعات الدولية‪ ،‬لها‬
‫استراتيجية محددة تقوم على مجموعة من األصول والمبادئ الدولية‪ ،‬كما أنها أضحت علما وفنا(‪)1‬رفيعا‬
‫يمارسه قادة األمم ورجال الدولة بمزيد من المهارات واالحترافية‪.‬‬

‫يعد مفهوم إدارة األزمة أحد مفاهيم الدراسات االستراتيجية‪ ،‬فهو بمثابة عملية إدارية مقصودة تقوم‬
‫على التخطيط والتدريب(‪ ،)2‬هذا بهدف التنبؤ بحدوث األزمات ومن ثمة التعرف على أسبابها ومسبباتها‬
‫الداخلية‪ ،‬وكذا تحديد األطراف الفاعلة والمؤثرة على سيرورتها ومجرياتها‪ ،‬وبناء عليه يتم توظيف‬
‫واستحداث كل اإلمكانيات والوسائل المتاحة لتسويتها والوقاية من عواقبها(‪ ،)3‬أي ضرورة اتخاذ قر ا‬
‫ارت‬
‫(‪)4‬‬
‫سريعة في مواجهة ظرف طارئ‪ ،‬وهو األمر الذي يتم تحت ثالثة ضغوط حادة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ ‬ضيق الوقت‪.‬‬
‫‪ ‬التهديد باستخدام القوة والعنف‪.‬‬
‫‪ ‬عدم توفر المعلومات الكافية للتوصل إلى حل أو تسوية‪.‬‬

‫مع لجوء فواعل المجتمع الدولي إلى استخدام هذا األسلوب طو ار بالفشل وطو ار بالنجاح في سياقات‬
‫تاريخية عديدة‪ ،‬فإن دواعي بروز إدارة األزمة في الظروف الراهنة قد ازدادت وترسخت‪ ،‬وعليه يمكن أن‬
‫نرصد مجموعة من الدواعي واالعتبارات التي تجعل إدارة األزمات‪-‬كعلم وفن‪-‬أكثر إلحاحا في توظيفها‬
‫من ذي قبل‪ ،‬وهي على النحو التالي‪:‬‬

‫‪.0.0‬الطبيعة المزدوجة للتفاعالت الدولية‪ :‬حيث أصبح من المسلمات أن التفاعالت الدولية بين أعضاء‬
‫المجتمع الدولي تأخذ طابعين مختلفين تتراوح في مجملها بين التعاون والصراع‪ ،‬وفي ذروة غلبة أحدهما‪-‬‬

‫‪.‬اسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 12‬‬
‫‪.‬محمد براق‪ ،‬مريزق عدمان‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 293‬‬
‫‪.‬صبحي رشيد اليازجي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 3999‬‬
‫‪ .4‬حامد الحدراوي‪ ،‬كرار الخفاجي"أسباب نشوء األزمات وإدارتها‪ :‬دراسة استطالعية ألراء عينة من أعضاء مجلس النواب‬
‫العراقي"‪ ،‬مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬الكوفة‪ :‬كلية القانون‪ ،‬د‪ ،‬س‪ ،‬ن‪ ،‬ص ‪.923‬‬

‫‪105‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫الصراع مثال‪-‬توجد دواعي كامنة للنمط اآلخر(التعاون)‪ ،‬ففي ظل عنف المواجهة العسكرية وذروة التنازع‬
‫والحرب بين الطرفين قد تجدهما يتبادالن جرحى الحرب واألسرى من خالل الصليب األحمر الدولي أو‬
‫الهالل األحمر‪ ،‬وهذا الوضع يستدعي منا أن ندرك أن أفضل معالجة للوضع هي استخدام سالح مزدوج‬
‫من نفس الطبيعة‪-‬إدارة األزمات‪ ،-‬هذا السيما في ظل التحول الحاصل في نمط الصراعات الدولية لعالم‬
‫ما بعد الحرب الباردة‪ ،‬والذي طبعه انحسار المتغير العسكري واإليديولوجي مقابل تنامي دواعي األخذ‬
‫بالعامل االقتصادي وحتى الثقافي في فهم وتفسير مجريات وسياق األحداث الدولية(‪ ،)1‬على نحو يعزز‬
‫ضرورة إقامة تحالفات وتكتالت دولية تتوحد فيها الرؤى وتختزل معها االختالفات والتناقضات‪ ،‬واعتمادها‬
‫كآلية إلدارة األزمات الحاصلة على نحو يعود بالنفع على الفواعل ككل على اختالف توجهاتها‪.‬‬

‫‪ .0.0‬تجذر الصراعات الدولية‪ :‬بمعنى اإلدراك أن النزاعات والصراعات بين األمم والدول والجماعات‬
‫جزء ال يتج أز من الطبيعة البشرية ومن تركيبة العالقات االجتماعية(‪ ،)2‬بحيث تتعدد جذور هذه الصراعات‬
‫وتتنوع ما بين األسباب البيولوجية الحيوية(الرغبة في تنازع البقاء‪ ،‬االختالفات العرقية‪ ،)...‬واألسباب‬
‫النفسية التي ترجع إلى عوامل اإلحباط‪ ،‬اإلحساس بالتهميش وتنوع األمزجة السياسية‪ ،‬واألسباب‬
‫السكانية(الديموغرافية) الراجعة إلى الضغط الديموغرافي بسبب ارتفاع معدل السكان أو تباين عناصر‬
‫تركيبهم وانتماءاتهم‪ ،‬هذا ناهيك عن األسباب الجغرافية التي تتمثل في تأثير الموقع والمكان أو تباين‬
‫المناخ والموارد الطبيعية‪ ،‬هذا إضافة إلى األسباب االقتصادية مثل أنماط المعيشة والتوزيع غير العادل‬
‫للثروات أو شحها‪ ،‬هذا فضال عن األسباب الثقافية التي تتجلى في اختالف العقائد واإليديولوجيات مما قد‬
‫يحدث التصادم الحضاري‪.‬‬

‫‪.0.0‬تفاقم المناخ الدولي لألزمات‪ :‬لقد تالحقت وتداخلت مشاكل عصر األزمات منذ بداية القرن‬
‫العشرين‪ ،‬كما تعددت صورها وأشكالها وأنماط تفاعالتها التنازعية والصراعية‪ ،‬وهذا نظ ار للوضع االنتقالي‬
‫للنظام الدولي السائد نتيجة لتعدد فواعله وتشابك مصالحهم‪ ،‬بالشكل الذي أفضى إلى تنامي وتيرة‬
‫حدة الصراعات القومية الداخلية‪ ،‬وكذا المضاعفات الناجمة عن‬ ‫الصراعات اإلقليمية وكذا تصاعد ّ‬
‫انتكاسات التجارب التحديثية التي انتهجتها الدول النامية‪ ،‬هذا إضافة إلى تفاقم األزمات االقتصادية (‪.)3‬‬

‫‪ .1‬فوزي نورالدين‪" ،‬تحليل الصراعات الدولية المعاصرة‪ :‬بين األبعاد الثقافية واالعتبارات االستراتيجية"‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،91/93‬الجزائر‪ :‬جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫‪ .2‬محمد هيكل‪ ،‬مهارات إدارة األزمات والكوارث والمواقف الصعبة‪ ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪،9003 ،‬‬
‫ص‪.92‬‬
‫‪ .3‬ثامر كامل الخزرجي‪ ،‬العالقات السياسية الدولية واستراتيجية إدارة األزمات‪ ،‬ردمك‪ :‬دار مجدالوي للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،9003‬ص‪.912‬‬

‫‪106‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫‪.0.0‬تعقد إدارة الصراعات الدولية‪ :‬ففي ظل هذا المناخ الدولي المتأزم أضحت إدارة الصراعات الدولية‬
‫حالة أكثر تعقيدا‪ ،‬كما أصبحت أكثر إلحاحا لألسباب التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تذبذب مخرجات عملية صناعة القرار‪ ،‬وهو األمر الذي يمكن رده إلى تقلب الحالة المزاجية‬

‫لصناع القرار أنفسهم(‪ ،)1‬هذا إضافة إلى عامل التقدم في السن‪-‬السيما إذا ما تعلق األمر بحكام‬
‫األنظمة السياسية العربية‪.-‬‬
‫‪ -‬عجز النظام واألساليب التقليدية في اإلدارة عن مواجهة الطوارئ المباغتة(‪ ،)2‬ومن ثمة التورط في‬
‫الحروب عوض إدارة األزمة و احتوائها‪ ،‬هذا مقارنة بأسلوب القوى العظمى في إدارة األزمات الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬اعتبارات التسوية السياسية القائمة حاليا‪ ،‬وهي تسويات غير مستقرة كما أنها ال تحظى‬
‫بالشرعية(‪)3‬في الكثير من المرات‪.‬‬
‫‪ -‬انتشار األسلحة النووية ودخولها مناطق وأقاليم عديدة من العالم‪ ،‬ما يقودنا إلى الحديث عن‬
‫االقتراب من حافة الرعب النووي(‪. )4‬‬
‫‪ -‬التوازن الدولي واإلقليمي المضطرب(‪)5‬بسبب الوضع الحرج والمتأزم في العديد من مناطق العالم‪.‬‬

‫‪ .7.0‬مشروعية األهداف القومية جراء تفعيل مبدأ تسوية األزمات‪ :‬تسعى العديد من الكيانات السياسية‬
‫الدولية إلى تحسين مناهجها في إدارة األزمات الدولية‪ ،‬بحيث تتطلع إلى تحقيق مايلي‪:‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪.‬‬ ‫تفادي التورط في حرب شاملة أو مواجهة عسكرية مباشرة‬ ‫‪‬‬

‫(‪)7‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ‬محاولة كل طرف تعظيم مكاسبه على حساب الخصم‬

‫تبقى األزمة الدولية جزء من محيط العالقات الدولية‪ ،‬حيث أنها تخضع في مجلها لعامل التأثير‬
‫والتأثر في تفاعالتها إزاء بيئتها الخارجية‪ ،‬كما أنها محكومة بإطارها وبعمق تلك التفاعالت الدولية‬
‫واتساعها‪ ،‬وعلى الرغم من تواجدها في سياق المجرى العام لمحيط العالقات الدولية وبين تياراته‬
‫المتقاطعة‪ ،‬إال أن األزمة الدولية تبقى تحتفظ بقدر من االستقاللية وتخضع لقوانينها ومسلماتها الخاصة‬

‫‪ .‬زينب خليل سعد القذافي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 1993‬‬


‫‪ .‬حامد الحدراوي‪ ،‬كرار الخفاجي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 2902‬‬
‫‪.‬عماد جاد‪ ،‬التدخل الدولي‪ ،‬القاهرة‪ :‬نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،9001 ،‬ص‪. 390‬‬
‫‪.‬خليل عرنوس سليمان‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 493‬‬
‫‪ .‬مالك محسن خميس العيساوي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 599‬‬
‫‪ .‬مرووان سالم العلي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 692‬‬
‫‪ .‬اسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 793‬‬

‫‪107‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫بها‪ ،‬كما أنها تتسم بقدر من التحكم بالفعل واالستجابة ودرجة التصعيد‪ ،‬والتعامل مع نقص المعلومات‪،‬‬
‫هذا إضافة إلى ضيق الوقت واالستقراء السلوكي وعامل اإلدراك‪.‬‬

‫فعلى صعيد البيئة الدولية ونظ ار لما تنطوي عليه من أفعال وردود أفعال إزاء قضايا مشتركة على‬
‫مستوى النسق الدولي‪ ،‬وهو األمر الذي يمكن ّ‬
‫مرده إلى تقاطع المصالح بين الدول‪ ،‬وكذا دخول بعضها‬
‫في تنظيمات إقليمية وأحالف وكتل‪ ،‬ونتيجة لما حصل من تقدم علمي وتكنولوجي بالشكل الذي انعكس‬
‫على مكونات القوة للدول‪ ،‬هذا فضال عن الثورات المتوالية في المواصالت واالتصاالت والمعلومات‪ ،‬فقد‬
‫أضحى أي حدث دولي ذو صفة عالمية أكثر منه محلية‪ ،‬وبعبارة أخرى فإن أي احتكاك متصاعد بين‬
‫دولتين ال بد وأن يعكس أو يستجيب لتأثيرات خارجية إما نحو مزيد من التصعيد أو التهدئة‪ ،‬بحيث كلما‬
‫كانت البيئة اإلقليمية لطرفي األزمة تنطوي على أهمية جيواستراتيجية كانت األزمة محل استقطاب أكبر‬
‫للقوى الدولية(‪ ،)1‬وبالمقابل أكثر عرضة لالستجابة لعملية التفاعل مع األزمة‪ ،‬خصوصا من قبل تلك‬
‫الدول التي تتمتع بنفوذ واسع على غيرها‪ ،‬والتي ترى أن أي زعزعة في ترتيب األوضاع تعني المساس‬
‫بمصالحها‪.‬‬

‫استنادا لذلك فإن أي تحليل لطبيعة األزمة الدولية في ظل معطيات ومتغيرات النظام الدولي القائم‬
‫ناد ار ما يجعل منها أزمة محلية‪ ،‬ويعود السبب في ذلك إلى التشابك والترابط بين المصالح والتوجهات‬
‫واألهداف والنفوذ لدى الكثير من الدول الفاعلة والمؤثرة في البيئة الدولية‪.‬‬

‫ما يجدر اإلشارة إليه في هذا الصدد‪ ،‬أن أخطر ما في األزمة هو المضاعفات التي يمكن أن تحدث‬
‫نتيجة لتدخل طرف ثالث قد تتعرض مصالحه الحيوية للخطر‪ ،‬ما يدفع به إلى تبني سياسة مضادة‬
‫تفضي به إلى االنحياز صوب أحد طرفي األزمة وضد الطرف اآلخر بهدف ترجيح مصالحه الخاصة(‪،)2‬‬
‫ولما كانت البيئة الدولية متشابكة وحافلة بتداخل األهداف والمصالح‪ ،‬فإن دخول أي طرف ثالث قد يجر‬
‫ّ‬
‫أطراف أخرى بسبب انتمائها إلى حلف أو معاهدة دفاع مشترك أو حتى اتفاقية تجارية‪ ،‬هذا فضال عن‬
‫إمكانية اتساع رقعة المتداخلين في األزمة بالشكل الذي يزيد من خطورتها وقد يجعل منها صراعا دوليا‬
‫فعليا(‪ ،)3‬على أن اسوء حاالت الصراع يمكن أن تدفع باألزمة باتجاه الحرب‪ ،‬وهذا ما يعرف ب"تعقيد‬
‫األزمة"‪ ،‬والتي تعكس أخطر حاالت التأزم شدة‪ ،‬كما تعبر عن الحالة التي تصل فيها األزمة حد التعقيد‪،‬‬

‫‪.‬ثامر كامل الخزرجي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 1939‬‬


‫‪ .2‬عبد العزيز رمضان علي الخطابي‪ ،‬تغيير الحكومات بالقوة‪-‬دراسة في القانون الدستوري والقانون الدولي العام‪-‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،9099 ،‬ص‪.999‬‬
‫‪ .‬مالك محسن خميس العيساوي‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪. 392‬‬

‫‪108‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫بحيث يصل مؤشر التوتر في العالقات الدولية إلى حد استهداف القيم األساسية مع امكانية ضرب وحدة‬
‫الكيان السياسي وتهديد االستقرار األمني له‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫إن موضوع إدارة األزمات الدولية يعد أحد المواضيع الشائكة الفهم والتحليل على مستوى التنظير‬
‫الدولي‪ ،‬وهو األمر الذي يمكن رده أساسا إلى التعقيد المنوط باألزمة في حد ذاتها سواء من حيث‬
‫الدالالت الن ظرية أو السياقات اإلجرائية التي تحدث أو تنجم عن التفاعالت التي تعبر عن هذا المفهوم‪-‬‬
‫األزمة‪ ،-‬هذا في سياق تفاعل دولي أو حتى تفاعل قطري ال يتعدى حدود الدولة نفسها‪ ،‬فاألزمة بهذا‬
‫تكون حاضرة متى ظهرت مؤشرات التباين واالضطراب‪ ،‬وأمام تمايز الرغبات البشرية وتعارض المصالح‬
‫القومية ظل االختالف يطبع جل التفاعالت على جميع المستويات‪ ،‬ما أوجب ضرورة التدخل العقالني‬
‫لكبح أي تنافر من شأنه أن يفضي إلى حدوث األزمة‪ .‬وهو ما يعكس أساسا ضعف التخطيط وانعدام‬
‫اإلجراءات الوقائية أو حتى االستباقية الكفيلة بوضع االختالف والتباين في مستوى معين ال يرقى إلى‬
‫األزمة‪.‬‬

‫وكتوصيات و اقتراحات للبحث فإننا نرى أن تبني خيارات استراتيجية كفيلة بالحد من تداعيات‬
‫األزمة والخروج منها بأقل األضرار الممكنة‪ ،‬ظل مطلبا جوهريا دعت إليه األعراف الدولية أو حتى‬
‫القوانين التشريعية‪ ،‬عبر فترات زمنية متالحقة ومستمرة‪ ،‬هذا نظ ار لخطورة ما قد يفضي إليه تفاقم األزمة‬
‫على نحو قد يهدد معه األمن القومي للمجتمعات والدول‪ ،‬من هنا كان لزاما تبني خيار استراتيجية إدارة‬
‫األزمة الدولية‪ ،‬إال أن األمر قد ينجم عنه تفاقم الوضع وتعقد مستوى األزمة السيما إذا ما وظفت هذه‬
‫األخيرة لصالح أطراف أو فواعل دولية تربطها بها مصالح أو غايات جوهرية أو حتى ثانوية في إطار‬
‫تحالفات أو شراكات‪ ،‬ومن هنا يمكن الوقوف على حقيقة أن اإلدارة الفعالة لألزمات الدولية ال يمكن‬
‫دراسة جدواها بمنأى عن متغيرين أساسين‪:‬‬

‫‪-‬قوة الدولة ذات الصلة الوثيقة باألزمة‪ ،‬ومدى إلمامها بخلفياتها ومسبباتها في ظل الوقت المتاح‬
‫الحتوائها‪ ،‬هذا في حدود اإلمكانيات المادية والبشرية المتاحة‪.‬‬
‫‪-‬طبيعة البيئة أو النسق الدولي الذي شهد األزمة‪ ،‬في ظل معرفة نمط التفاعالت السائدة ضمنه (تعاونية‪،‬‬
‫صراعية)‪ ،‬على نحو يحدد أي االتجاهات ستسلك األزمة (التصعيد أم االحتواء ثم االنحسار ولربما التفكك‬
‫والزوال)‪.‬‬

‫‪109‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ -0‬الكتب‬

‫‪ -09‬إدريس لكريني‪ ،‬إدارة األزمات في عالم متغير‪ :‬المفهوم والمقومات والوسائل والتحديات‪ ،‬األردن‪ :‬المركز العلمي‬
‫للدراسات السياسية‪9090. ،‬‬

‫‪ -09‬اسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي‪ ،‬إدارة الصراعات واألزمات الدولية‪ :‬نظرة مقارنة إلدارة الصراع العربي اإلسرائيلي في‬
‫مراحله المختلفة‪( ،‬د‪ ،‬ب‪ ،‬ن‪ :‬د‪ ،‬د‪ ،‬ن)‪ ،‬د‪ ،‬س‪ ،‬ن‪.‬‬

‫‪ -09‬ثامر كامل الخزرجي‪ ،‬العالقات السياسية الدولية واستراتيجية إدارة األزمات‪ ،‬ردمك‪ :‬دار مجدالوي للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪9003.‬‬

‫‪ -02‬عبادة محمد التامر‪ ،‬سياسة الواليات المتحدة وإدارة األزمات الدولية(إيران‪-‬العراق‪-‬سورية‪-‬لبنان أنموذجا)‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسيات‪9093. ،‬‬

‫‪ -03‬عبد العزيز رمضان علي الخطابي‪ ،‬تغيير الحكومات بالقوة‪ -‬دراسة في القانون الدستوري والقانون الدولي العام‪-‬‬
‫اإلسكندرية‪ :‬دار الجامعة الجديدة‪9099. ،‬‬

‫‪ -03‬عبد الغفار عفيفي الدويك‪ ،‬إدارة األزمات والكوارث واتخاذ القرار‪ ،‬الرياض‪ :‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪،‬‬
‫‪9099.‬‬

‫‪ -01‬عماد جاد‪ ،‬التدخل الدولي‪ ،‬القاهرة‪ :‬نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع‪9001. ،‬‬

‫‪ -02‬فهد أحمد الشعالن‪ ،‬إدارة األزمات‪ ،‬الرياض‪ :‬أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية‪.9222 ،‬‬

‫‪ -02‬مالك محسن خميس العيساوي‪ ،‬الحروب بالوكالة‪ :‬إدارة األزمة الدولية في االستراتيجية األمريكية‪ ،‬القاهرة‪ :‬العربي‬
‫للنشر والتوزيع‪9092. ،‬‬

‫‪ -90‬محمد هيكل‪ ،‬مهارات إدارة األزمات والكوارث والمواقف الصعبة‪ ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪9003. ،‬‬

‫‪ -99‬نواف قطيش‪ ،‬إدارة األزمات‪ ،‬عمان‪ :‬دار الراية للنشر والتوزيع‪9002. ،‬‬

‫‪ -0‬المجالت والدوريات‪:‬‬

‫‪ -99‬حامد الحدراوي‪ ،‬كرار الخفاجي"أسباب نشوء األزمات وإدارتها‪ :‬دراسة استطالعية ألراء عينة من أعضاء مجلس‬
‫النواب العراقي"‪ ،‬مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬الكوفة‪ :‬كلية القانون‪ ،‬د‪ ،‬س‪ ،‬ن‪.‬‬

‫‪ -99‬خليل عرنوس سليمان‪" ،‬األزمة الدولية والنظام الدولي‪ :‬دراسة في عالقة التأثير المتبادل بين إدارة األزمات‬
‫االستراتيجية الدولية وهيكل النظام الدولي"‪ ،‬الدوحة‪ :‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬تشرين الثاني ‪9099 ،‬‬

‫‪ -92‬ديفيد جارنم‪ ،‬دراسات في النزاعات الدولية وإدارة األزمة‪ ،‬أبو ظبي‪ :‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪،‬‬
‫‪9009.‬‬

‫‪110‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬
‫الجزاء التأديبي للموظف العام في قانون الوظيفة العامة الجزائري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪.‬د‪ /‬حيتامة العيد‪ ،‬ط‪ .‬د‪ /‬زناندة أمينة‬

‫‪ -93‬زينب خليل سعد القذافي‪" ،‬استراتيجيات مواجهة األزمات التعليمية بمدارس التعليم الثانوي بليبيا"‪ ،‬مجلة البحث العلمي‬
‫في التربية ‪ ،‬العدد الثامن عشر ‪ ،‬د‪ ،‬ب‪ ،‬ن‪9091. ،‬‬

‫‪ -93‬السيد السعيد‪ ،‬استراتيجيات إدارة األزمات والكوارث‪-‬دور العالقات العامة‪ ،-‬القاهرة‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪9003.‬‬

‫‪ -91‬صبحي رشيد اليازجي‪" ،‬إدارة األزمات من وحي القرآن الكريم‪-‬دراسة موضوعية‪"-‬مجلة الجامعة اإلسالمية(سلسلة‬
‫الدراسات اإلسالمية) ‪ ،‬المجلد التاسع عشر‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬غزة‪ :‬كلية أصول الدين الجامعة اإلسالمية‪ ،‬يونيو‪9099.‬‬

‫‪ -92‬عبد الحق بن جديد‪" ،‬اإلتصال وإدارة النزاعات الدولية"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬العددالحادي عشر‪ ،‬بسكرة‪ :‬جامعة‬
‫محمد خيضر‪ ،‬ماي ‪9001.‬‬

‫‪ -92‬عبد الغفار عفيفي الدويك‪" ،‬اإلتجاهات الحديثة في إدارة األزمات الدولية‪ :‬الشرق األوسط نموذجا"‪ ،‬المجلة الدولية‬
‫ألبحاث األزمات ‪ ،‬المجلد‪ ،9‬العدد التعريفي‪ ،‬السعودية‪ ،‬مايو‪9091.‬‬

‫‪ -90‬علي حسن السعدني‪" ،‬فن إدارة األزمات"‪ ،‬دنيا الوطن‪ ،‬تاريخ النشر‪92./01/9099 :‬‬

‫‪ -99‬فوزي نورالدين‪" ،‬تحليل الصراعات الدولية المعاصرة‪ :‬بين األبعاد الثقافية واإلعتبارات االستراتيجية"‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،91/93‬الجزائر‪ :‬جامعة محمد خيضر بسكرة‬

‫‪ -99‬مروان سالم العلي‪" ،‬إستراتيجيات إدارة األزمة الدولية‪ :‬أزمة الصواريخ الكوبية أنموذجا"‪ ،‬مجلة جيل الدراسات السياسية‬
‫والعالقات الدولية‪ ،‬العدد‪ ،92‬د‪ ،‬ب‪ ،‬ن‪ :‬مركز جيل البحث العلمي‪ ،‬يونيو ‪.9092‬‬
‫‪ -99‬محمد براق‪ ،‬مريزق عدمان‪" ،‬دور المعلومات في إدارة األزمات إشارة إلى حالة المؤسسات الصحية"‪ ،‬رماح للبحوث‬
‫والدراسات‪ ،‬العدد‪ ،2‬عمان‪ :‬مركز البحث وتطوير الموارد البشرية رماح‪ ،‬جوان ‪.9099‬‬

‫‪111‬‬ ‫المجلة األفريقية للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة أحمد دراية‪ ،‬ادرار– الجزائر ‪ISSN:0750-8800‬‬
‫×‪EISSN: 0508-080‬‬ ‫المجلد‪ ، 80:‬العدد‪ ،80 :‬السنة‪ :‬جوان ‪0808‬‬

You might also like