Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 48

‫‪-31-‬‬

‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫الجزء الثاني‬

‫مجال تطبيق االتفاقيات الثنائية لالستثمار‬

‫ال تقتصر أهمية تحديد مجال تطبيق االتفاقيات الثنائية لالستثمار على الجانب النظري فقط‪ ،‬إذ تتمت ع‬
‫أيضًا بأهمية عملية بالغة‪ .‬إذ أن كل القواعد المتعلقة بالنظام القانوني لالستثمار األجنبي ال تي تنص عليه ا‬
‫االتفاقيات الثنائية لالستثمار يقتضي تطبيقها على صنف معّين من العمليات واألش خاص دون غ يرهم‪ ،‬إلى‬
‫غير ذلك من الشروط‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬تنص بعض أنظمة تسوية النزاعات وبخاصة المركز الدولي لفض‬
‫منازعات االستثمار بين الدول ومواطني دول أخرى والمعروف بنظ ام المرك ز ال دولي لفض منازع ات‬
‫االستثمار‪ ICSID‬على شروط محددة تتعلق بالمنتفعين بنظام التحكيم الذي أنشأه هذا المركز‪ .‬وبالتالي يرتب ط‬
‫النظام القانوني لالستثمار األجنبي بالنظر في الشروط المتعلقة بمجال تطبيقه الذي يخص أربع ة مس تويات‬
‫متفاوتة األهمية‪:‬‬
‫‪ -‬النطاق المادي؛‬
‫‪ -‬النطاق الشخصي؛‬
‫‪ -‬النطاق الزمني؛‬
‫‪ -‬النطاق المكاني أو الجغرافي‪.‬‬

‫ألف‪ -‬النطاق المادي‪ :‬مفهوم االستثمار‬

‫‪ -1‬مفهوم االستثمار وتعّدد التعاريف في االتفاقيات الثنائية‬

‫لقد تنامى عدد االتفاقيات الثنائية التي سعت إلى تحديد مفهوم االستثمار‪ .‬ومن األسباب المفّس رة له ذا‬
‫التطور‪ ،‬محاولة هذه االتفاقيات لسّد الفراغ الناتج عن إخفاق االتفاقيات المتع ددة األط راف وع دم ق درة‬
‫المنظمات العالمية لالنتقال من الخطاب النظري إلى تنظيم دولي عملي‪.‬‬

‫لذلك فقد سعت هذه االتفاقيات الثنائية إلى إعطاء مفهوم متعّدد لالستثمار س اعد المحكمين وبخاص ة‬
‫المركز الدولي التفاقية واشنطن لسنة ‪ 1965‬لتسوية المنازعات المطروحة أمامه‪ .‬وتكمن أهمية هذه االتفاقية‪،‬‬
‫وضعفها في الوقت ذاته‪ ،‬في أنها االتفاقية الوحيدة المتعلقة بحل النزاعات بين المستثمر والدول التي تنص في‬
‫مادتها ‪ 25‬على تحقق االستثمار كشرط الختصاص المحكمين وتقصي بالتالي كل عملية خارجة عن نط اق‬
‫االستثمار من صالحيات المحكمين‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬تكمن أهمية التعريف من ناحية االتفاقيات الثنائية في أنها توفر المعاملة والحماي ة‬
‫للعمليات التي تعتبرها استثمارًا من دون غيرها‪ ،‬على الرغم من عدم وجود تعريف عام ومؤس س لمع ايير‬
‫موضوعية في صلب هذه االتفاقيات‪.‬‬

‫وفي الحقيقة‪ ،‬احتوت االتفاقيات الثنائية على صنفين من "التعريفات" لمفهوم االستثمار‪ .‬ويعتبر التعريف‬
‫األّو ل مًرامثتسا ربتعت يتلا تايلمعلا نم ةلمج درسل يف يناثلا فيرعتلا لثمتي نيح يف ازجومو اقيّض ا من‬
‫وجهة نظر االتفاقية الثنائية‪.‬‬
‫‪-32-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫ومن بين التعريفات الضّيقة لمفهوم االستثمار يمكن أن نذكر تع ريفْين‪ .‬يرتك ز التعري ف األّو ل على‬
‫مجموعة من المرادفات وهي "سلع وحقوق وأسهم"‪ ،‬في حين يقوم التعريف الثاني على تعريف االستثمار بأّنه‬
‫بعض العمليات االقتصادية المحُتعا دقو ‪.‬ةدّدمد التعريف األّو ل في االتفاقيات الثنائية المبرمة بين ال دول في‬
‫الستينيات من القرن الماضي‪ .‬وقد حاول الفقيه "لفياك" تبرير اعتماد هذا التعريف معتبًر ا أّن سبب ذلك يع ود‬
‫إلى تعريف أصناف السلع والحقوق العينية قد ورد في القانون الداخلي ال في القانون الدولي‪ .‬وقد ورد تعريف‬
‫جميع هذه األصناف بطرق تختلف من قانون داخلي إلى آخر‪ .‬ولكن وفقًا لهذا التعريف‪ ،‬قد يمثل االس تثمار‬
‫كل حق عيني يمتلكه أجنبي في دولة غير دولته‪.‬‬

‫أّم ا بالنسبة إلى المفهوم الضّيق الثاني‪ ،‬فقد ورد في العديد من االتفاقيات الثنائية لكونه مرادًفا لمشروع‬
‫تنمية أو لتحويل األموال‪ .‬ومن بين االتفاقيات التي عّر فت االستثمار بأّنه تحويل نقّدي أو مشروع تنمية يمكن‬
‫أن نذكر االتفاقية المبرمة بين تونس والواليات المتحدة األمريكية في ‪ 18‬آذار‪/‬مارس ‪ 1959‬وقد تض مّنت‬
‫هذه االتفاقية عبارة "مشروع " للداللة على االستثمار‪.‬‬

‫وإضافة إلى هذا التعريف الضّيق والمحدود لمفهوم االستثمار‪ ،‬نجد تعريًفا آخر موًعّسا يق وم بع رض‬
‫جملة من العمليات التي يمكن وصفها باالستثمار‪ .‬وتتبّنى أغلبية االتفاقيات الثنائية ه ذا االتج اه إذ تحت وي‬
‫بصورة عامة في مادتها األّو لى على تعريف مّو سع يتأسس عادة على مفهوم "األصول" ويقوم في الوقت نفسه‬
‫على سرد جملة من العمليات التي تعتبرها استثمارًا به دف حمايت ه‪ .‬وتكمن ه ذه العملي ات عام ة في‪:‬‬
‫"المساهمات وحقوق الملكية والمنقوالت والعقارات وكذلك األسهم والرقاع والق روض إض افة إلى حق وق‬
‫الملكية الفكرية والتجارية والصناعية مثل حقوق المؤلف وبراءات االختراع واالمتيازات‪.‬‬

‫وما يمكن مالحظته أن جميع أصناف االستثمار وقع إدراجها في ه ذه القائم ة المع ّددة لجمل ة من‬
‫العملّيات‪ .‬وتستعمل االتفاقيات الثنائية لالستثمار الحالية طريقة القائمة المفتوحة وذلك باستعمال عبارات‪" :‬إن‬
‫كلمة "استثمارات" تشمل كل أنواع األصول‪ ،‬وتشمل على وجه الخصوص ال الحصر" (‪ .)..‬واألمثلة عدي دة‬
‫في ذلك نذكر منها في المنطقة العربية‪:‬‬

‫‪-‬االتفاقية الثنائية بين مصر ولبنان المادة ‪)2(1‬‬


‫إن كلمة "إستثمارات" تشمل كل نوع من األصول‪ ،‬وتشمل على وجه التخصيص ال الحصر‪:‬‬

‫(أ) األموال المنقولة وغير المنقولة‪ ،‬وكذلك أية حقوق عينية أخرى كالرهونات والتأمينات وغيرها؛‬

‫(ب) األسهم‪ ،‬أو الحصص‪ ،‬أو أي نوع آخر من المشاركة في الشركات؛‬

‫(ج) حقوق المطالبة بأموال أو بأية حقوق في خدمات لها قيمة اقتصادية؛‬

‫(د) حقوق الملكية الفكرية‪ ،‬كحقوق الطبع والنشر‪ ،‬وبراءات اإلختراع‪ ،‬والتصاميم أو النماذج الصناعية‪،‬‬
‫والعالمات التجارية أو عالمات الخدمة‪ ،‬والعالمات المميزة‪ ،‬والتقنيات وشهرة اإلس م التج اري‪،‬‬
‫وكذلك الحقوق المماثلة األخرى التي تقّر ها قوانين الطرفين المتعاقدين؛‬
‫‪-33-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫(ﻫ) االمتيازات التي تمنح بمقتضى القانون العام‪ ،‬بما في ذلك االمتيازات للتنقيب عن الموارد الطبيعية‪،‬‬
‫أو إستخراجها‪ ،‬أو إستثمارها‪ ،‬وكذلك جميع الحقوق االخرى التي تعطى بمقتض ى الق انون‪ ،‬أو‬
‫بمقتضى أحد العقود‪ ،‬أو وفًقا لقرار السلطة طبًقا للقانون‪.‬‬

‫إن تغييرًا في الشكل الذي تستثمر فيه األصول (الموجودات)‪ ،‬أو يعاد إس تثمارها في ه‪ ،‬يجب أن ال‬
‫يؤثر في صفتها إستثمارًا‪.‬‬

‫وتستعمل اتفاقيات عديدة أخرى الطريقة نفس ها المبني ة على مفه وم "األص ول" وإدراج القائم ة‬
‫المفتوحة(‪.)18‬‬

‫‪18‬‬
‫مثل "اتفاقية إنشاء منطقة حّر ة بين الواليات المتحدة األمريكية والمغرب ‪( 2003‬القسم الث الث الخ اص بالتع اريف‬ ‫()‬
‫الفصل ‪:)27-10‬‬
‫" يقصد بمصطلح "استثمار" كل أصل يملكه أو يسيطر عليه مستثمر‪ ،‬بصورة مباشرة أو غير مباشرة له خصائص االستثمار‪ ،‬بم ا‬
‫في ذلك خصائص من قبيل االلتزام برأس مال أو بموارد أخرى‪ ،‬أو توقع المكسب أو الربح‪ ،‬أو تحمل المخاطرة‪ .‬ويمكن أن يتخذ‬
‫االستثمار اشكاال من بينها‪:‬‬
‫مقاولة؛‬ ‫(أ)‬
‫حصص وأسهم وأشكال أخرى من المشاركة في رأس مال مقاولة ما؛‬ ‫(ب)‬
‫السندات وسندات الدين وصكوك الدين األخرى والقروض؛‬ ‫(ج)‬
‫العقود اآلجلة وعقود الخيارات وغيرها من المشتقات؛‬ ‫(د)‬
‫عقود اإلنجاز الكلي وعقود التشييد واإلدارة واإلنتاج و االمتيازات وتقاسم اإليرادات وغيرها من العقود المماثلة؛‬ ‫(ﻫ)‬
‫حقوق الملكية الفكرية؛‬ ‫(و)‬
‫التراخيص والتفويضات والتصاريح وما شابهها من حقوق تمنح وفقًا للقوانين المحلية ‪،‬‬ ‫(ز)‬
‫(ح) أية ملكية ملموسة أو غير ملموسة‪ ،‬منقولة أو غير منقولة‪ ،‬وحقوق الملكية المرتبطة بها‪ ،‬مثل عقود اإليجار‬
‫والرهون العقارية والرهون بضمان والممتلكات المرتهنة"‬
‫‪-34-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫النموذج الفرنسي‬
‫مشروع اتفاقية بين حكومة جمهورية فرنسا وحكومة ‪ ...‬بشأن التشجيع والحماية المتبادلة لالستثمارات مادة ‪1‬‬
‫لتطبيق هذه االتفاقية‪.‬‬
‫كلمة ”استثمار” تعنى كل األصول‪ ،‬مثل األموال‪ ،‬الحقوق والفوائد من كل نوع وعلى األخص دون التحديد‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أموال منقولة وعقارية ‪ ،‬وكذلك كافة حقوق الملكية العينية مثل الرهونات‪ ،‬االمتيازات‪ ،‬حقوق االنتفاع‪ ،‬الضمانات والحقوق‬ ‫(ا)‬
‫الشبيهة ؛‬
‫(‪)19‬‬

‫(ب) األسهم‪ ،‬اإلصدارات األولية وأشكال أخرى من المشاركة‪ ،‬حتى لو كانت صغيرة أو غير مباشرة‪ ،‬فى الش ركات المؤسس ة فى‬
‫إقليم أحد األطراف المتعاقدة‪20‬؛‬
‫االلتزامات‪ ،‬الديون وحقوق المطالبة باألموال ذات القيمة االقتصادية(‪)21‬؛‬ ‫(ج)‬
‫حقوق الملكية الفكرية ‪ ،‬التجارية والصناعية مثل حقوق المؤلف‪ ،‬براءات االختراع‪ ،‬التراخيص‪ ،‬العالمات التجارية‪ ،‬النماذج‬ ‫(د)‬
‫والتصميمات الصناعية‪ ،‬األساليب الفنية‪ ،‬المهارة‪ ،‬األسماء التجارية والعمالء ؛‬
‫(‪)22‬‬

‫االمتيازات الممنوحة من قانون أو تعاقد ما‪ ،‬وخصوصًا االمتيازات الخاصة بالتنقيب‪ ،‬الثقافة‪ ،‬استخراج أو استغالل الثروات‬ ‫(ه)‬
‫الطبيعية‪ ،‬بما في ذلك الكائنة في المنطقة البحرية لألطراف المتعاقدة ‪.‬‬
‫ومن المتفق عليه أن األصول المشار اليها يجب أن تكون أو كانت مستثمرة طبًقا لتش ريع الط رف المتعاق د في اإلقليم أو‬
‫المنطقة البحرية التي يتم فيها االستثمار قبل أو بعد سريان االتفاقية الحالية ‪.‬‬
‫كل تعديل لشكل استثمارات األصول ال يضر بصفتها كاستثمار‪ ،‬بشرط أال يخالف هذا التعديل تشريع الط رف المتعاق د في‬
‫اإلقليم أو المنطقة البحرية التي يتم فيها االستثمار‪.‬‬

‫وهذا ما من شأنه أن يعقد عملية التكييف التي يقوم بها المحكمون بخاصة في إطار المرك ز ال دولي‬
‫لفض النزاعات المتعّلقة باالستثمار‪.‬‬

‫ومهما يكون من أمر‪ ،‬يّتضح هنا االرتباط الوثيق بين معاهدة واشنطن واالتفاقيات الثنائية‪ .‬ويرج ع‬
‫هذا إلى عنصر له أهمية بالغة وهو غياب تعريف االستثمار في معاهدة واش نطن المتعلق ة بفض نزاع ات‬
‫االستثمار وهو حدث يعتبر غريًبا نوًع ا ما‪ ،‬نظًر ا ألن توفر االس تثمار يمًطرش لّثا من ش روط اختص اص‬
‫المحكمين‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫مقاولة‪.‬‬ ‫()‬
‫‪20‬‬
‫حصص وأسهم وأشكال أخرى من المشاركة في رأس مال مقاولة ما‪.‬‬ ‫()‬
‫‪21‬‬
‫السندات وسندات الدين وصكوك الدين األخرى والقروض‪ :‬بعض أشكال الدين‪ ،‬مثل السندات وسندات الدين‬ ‫()‬
‫والكمبياالت الطويلة األجل‪ ،‬ومن المرجح أن تكون لها خصائص االستثمار‪ .‬في حين أن أشكاًال أخرى من الدين‪ ،‬مثل المطالبات بدفعات‬
‫مستحقة فورًا وناتجة عن بيع سلع أو خدمات‪ ،‬من غير المرجح أن تكون لها خصائص االستثمار‪.‬‬
‫العقود اآلجلة وعقود الخيارات وغيرها من المشتقات‪ ،‬عقود اإلنجاز الكلي وعقود التشييد واإلدارة واإلنتاج واالمتيازات وتقاسم اإلي رادات‬
‫وغيرها من العقود المماثلة‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫حقوق الملكية الفكرية‪ :‬التراخيص والتفويضات والتصاريح وما شابهها من حقوق تمنح وفقًا للقوانين المحلية‪ ،‬أية ملكية‬ ‫()‬
‫ملموسة أو غير ملموسة‪ ،‬منقولة أو غير منقولة‪ ،‬وحقوق الملكية المرتبطة بها‪ ،‬مثل عقود اإليجار والرهون العقارية والره ون بض مان‬
‫والممتلكات المرتهنة‪.‬‬
‫يتوقف اتسام نوع معين من صكوك الترخيص أو التفويض أو التصاريح أو ماشبهها من صكوك (بما في ذلك االمتيازات ال تي‬
‫لها طابع هذه الصكوك) بسمات االستثمار‪ ،‬على عوامل من قبيل طبيعة الحقوق التي يتمتع بها حامل الصك ومداها بموجب القوانين المحلية‬
‫للطرف الذي يمنحها‪ .‬ومن بين صكوك التراخيص والتفويض والتصاريح والصكوك المشابهة التي ال تتسم بسمات االس تثمار‪ ،‬الص كوك‬
‫التي ال تنشئ أية حقوق تحميها القوانين المحلية‪ .‬ولمزيد من اليقين‪ ،‬تتسم الصكوك السابقة بسمات االستثمار من دون اإلخالل بما إذا ك ان‬
‫أصل ما يرتبط بصك الترخيص أو التفويض أو التصريح أو صك مشابه‪.‬‬
‫‪-35-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫‪ -2‬مفهوم االستثمار في العالقة بين االتفاقيات الثنائية وفقه قضاء المركز‬


‫الدولي لحل النزاعات المتعلقة باالستثمار‬

‫تشير المادة (‪ )25‬من االتفاقية التي أنشأت المركز إلى ما يلي‪" :‬اختصاص المركز‪:‬‬
‫يمتّد اختصاص المركز إلى المنازعات ذات الطابع القانوني التي تنشأ بين دولة متعاقدة وإحدى رعاي ا‬
‫دولة متعاقدة أخرى‪ ،‬والتي تتصل اّتصاًال مباشًر ا بأحد االستثمارات‪ ،‬بشرط أن يوافق أطراف النزاع كتاب ة‬
‫على طرحها على المركز‪ .‬ومتى أبدى طرفا النزاع موافقتهما المشتركة فإنه ال يجوز ألي منهما أن يس حبها‬
‫بمفرده"‪.‬‬

‫وبالتالي بحسب الفصل ‪ 25‬من اتفاقية واشنطن التي انشأت المركز‪ ،‬ال يمكن اللجوء إلى محاكم المركز‬
‫للفصل في نزاع قائم بين الطرفين المتعاقدين إّال بتوفر ثالثة شروط وهي‪:‬‬

‫(أ) رضى األطراف عن طرح النزاع للتحكيم أمام المركز؛‬

‫(ب) أن يكون النزاع قائًم ا بين الدولة المتعاقدة أو شخصية معنوية عمومية تابعة له ا وبين م واطن‬
‫دولة أخرى؛‬

‫(ج) وأخيرا أن يتعّلق أصل النزاع باالستثمار‪.‬‬

‫وقد أدى غياب تعريف واضح ودقيق وعام لمفهوم االستثمار إلى تدخل المحكمين في إط ار المرك ز‬
‫لتحديد مفهوم االستثمار‪ ،‬معتمدين في ذلك في الوقت نفسه على اتفاقية واشنطن وعلى العديد من االتفاقي ات‬
‫الثنائية‪ .‬ولم يغفل المحكمون إسهام الفقه في توضيح المعايير الموضوعية في هذا المجال‪.‬‬

‫‪ -3‬التحديد الفقهي والفقه القضائي لمفهوم االستثمار‬

‫يرجع غموض مفهوم االستثمار النتمائه أساًس ا إلى العلوم االقتصادية قبل إدراجه شيئا فشيئًا في العلوم‬
‫القانونية ومحاولة الفقهاء تعريفه‪.‬‬

‫ولقد توّلد عن هذه المحاوالت الفقهية مفهوم كالسيكي ضّيق لالستثمار يتمّثل في تقديم "مساهمة عينية"‪،‬‬
‫وذلك بهدف حصره ضمن مجموعة معينة من العمليات التي ال يمكنها أن تتجاوز نطاق االستثمار المباشر‪.‬‬

‫ويمكن لهذه المساهمة أن تكون نقدّية أو عينّية‪ ،‬وتأخذ هذه األخيرة شكل مجموعة من األشياء المنقولة‬
‫أو العقارية‪ .‬فاالستثمار يتمثل إًذ ا في إنشاء مؤسسات جديدة تمّو ل من مساهمات المستثمرين األجانب‪.‬‬

‫ولكن تجدر المالحظة أّن جملة هذه المحاوالت الفقهية لم تكن مقنعة‪ .‬لذلك قدم بعض الفقهاء مفاهيم أقّل‬
‫تشددًا‪ ،‬ويمكن أن نذكر موقف الفقيه الفرنسي "جورج دلوم" الذي يرى أّن "هذا المفهوم الكالسيكي الن ابع من‬
‫‪-36-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫نظرية اقتصادية وقانونية هو مفهوم ضيق‪ ،‬وهناك مفهوم آخ ر اقتص ادي في طبيعت ه ولّين في تركيبت ه‬
‫القانونية‪ ،‬وال يرتكز فقط على المساهمة العينية بل أيضًا على اإلضافة المقّدمة مهما كان نوعها"(‪.)23‬‬

‫ويفتح هذا التعريف الباب واسعًا أمام عدد كبير من العمليات الجديدة التي يمكن أن تمث ل اس تثمارا‪.‬‬
‫وبناًء على كّل ما سبق‪ ،‬فإّنه إذا كان من السهل أن نحّدد االستثمارات على أس اس االتفاقي ات الثنائي ة أو‬
‫التشريعات الداخلية‪ ،‬فإّنه من الصعب إعطاء تعريف واضح وقادر على احتواء جميع خص ائص وم يزات‬
‫االستثمار التي يتفق عليها الجميع‪.‬‬

‫‪ -4‬خصائص االستثمار‬

‫لقد قّدمت توطئة اتفاقية واشنطن بعض الخصائص التي يجب أن تتوفر في العملية لكي يمكن وص فها‬
‫باالستثمار مثل صفتي الّخ اص والدولي‪.‬‬

‫(أ) الصفة الخاّص ة لالستثمار؛‬

‫استنادا إلى اختصاص المركز الذي ال يفصل إّال في النزاعات القانونّية المتعّلق ة باالس تثمارات بين‬
‫الدول ومواطني دول أخرى‪ ،‬ال يمكن أن يكون االستثمار إال خاصًا‪.‬‬

‫ومن بعض التعريفات التي يمكن تقديمها لالستثمار الّخ اص التعريف الذي "يعتبر االستثمار خاصًا ك ل‬
‫استثمار منجز عن طريق اعتمادات غير عامة ولم يقع إدراج أي احتياطات مالّية لها في ميزاني ة الدول ة"‬
‫وبحسب هذا التعريف فإّن العملية هي المقياس الذي يمنح صفة الخاص لالستثمار‪.‬‬

‫واالستثمار الخاص هو أيضا ناتج عن تّو جه حّر للمبادرة الفردية‪ .‬ومن أهم أهدافه البحث عن ال ربح‪.‬‬
‫وهو يختلف عن االستثمار العام الذي ينتج عن إرادة السلطة العاّم ة التي تنشد إلى تحقيق المصلحة العاّم ة‪.‬‬

‫(ب) الصفة الدولية لالستثمار؛‬

‫لكي يكون المركز مؤهًال للفصل في النزاع‪ ،‬يجب أن تتوافر الصفة الدولية في االستثمار‪ ،‬ألن المركز‬
‫ليس متخصصًا إّال في النزاعات القانونية المتعّلقة باالستثمارات بين الدول المتعاقدة ومواطني دول أخ رى‪،‬‬
‫وهو ما يقصي من اختصاصه االستثمار المنجز من قبل المستثمرين المحليين‪.‬‬

‫والعامل الخارجي‪ ،‬أي التعاقد بين دولة ومستثمر أجنبي هو معيار ّه ام‪ ،‬ليكون االستثمار دولّي ا‪ .‬ولكن‬
‫مهما كانت التبريرات والتفسيرات التي يقّدمها الفقه‪ ،‬فإّنها تظل غير كافية لتقديم تعريف مفهوم رئيسي دقي ق‬
‫سواء في اتفاقية واشنطن أو في االتفاقيات الثنائية‪.‬‬

‫جورج دلوم‪ :‬المركز الدولي للتحكيم في النزاعات المتعّلقة باالستثمارات‪ ،‬مجلة القانون ال دولي ‪ 1982‬ع دد ‪ 4‬ص‬ ‫()‬ ‫‪23‬‬

‫‪.801‬‬
‫‪-37-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫تشمل مهمات المركز حل النزاعات القائمة بين الدول ومواطني دول أخرى‪ .‬إال إنه‪ ،‬ومنذ إنشائه سنة‬
‫‪ 1965‬وحتى سنة ‪ 1997‬لم تقّدم أي عريضة دعوى للهيئات التحكيمية في المركز من أجل وصف العملية‬
‫موضوع النزاع في االستثمار‪ .‬ولكن مع ظهور صنف جديد من االستثمارات‪ ،‬بات األطراف يطالبون المركز‬
‫بتحديد ًأصل النزاع‪.‬‬

‫‪ -5‬عدم إثارة األطراف المتعاقدة لمسألة نوع العملية موضوع النزاع‬

‫لقد كان تدخل المحكمين في فقه القضاء السابق إراديًا للتثبت إذا ك ان موض وع العق د الم برم بين‬
‫الطرفين يمكن اعتباره استثماًر ا أم ال‪ .‬إذ إنه لم يطلب من المحاكم المنضوية تحت راية المركز تحديد أص ل‬
‫النزاع من قبل األطراف‪ ،‬وبالتالي كانت عملية التثّبت ناتجة عن إرادة شخصية من المحكمين‪.‬‬

‫وتشمل القضية االولى التي تّدخل فيها المحكمين بصفة إرادية لتحديد أصل النزاع قضية سلسلة فن ادق‬
‫الهوليداي إن ضد المغرب‪ .‬إذ قامت المغرب في سنة ‪ 1966‬بإبرام اتفاقية مع شركة أمريكية لبن اء أربع ة‬
‫فنادق‪ ،‬وذلك بهدف تطوير المنشآت السّياحية‪ .‬وبمناسبة النظر في هذا النزاع ضمن إطار المركز لمعرفة ما‬
‫إذا كانت الحكومة قد عبّر ت عن رضاها للجوء إلى التحكيم بحسب الشروط المنصوص عليها في الفصل ‪25‬‬
‫من اتفاقية واشنطن‪ ،‬وقع تثّب ت المحكمون في طبيعة أصل النزاع وتم تكييفه مع االستثمار في حكم صادر في‬
‫‪ 12‬أيار‪/‬مايو ‪ .1974‬وقد ساد هذا التوجه معظم القضايا التي نظر فيها المركز الحقا‪.‬‬

‫‪ -6‬إثارة مسألة تحديد مفهوم االستثمار من قبل األطراف المتعاقدة‬

‫لم تطلب األطراف المتعاقدة من المحكمة تحديد طبيعة العملّية موضوع النزاع إّال في قض ية ش ركة‬
‫فيديكس ‪ Fedex‬ضد جمهورية فنزويال في سنة ‪ .1997‬فخالل هذه القضية أثيرت ألول مّر ة مسألة اختصاص‬
‫المركز لمعرفة ما إذا كانت بطاقة األمر بالسحب (الكمبياالت) الصادرة عن الدولة لفائدة مؤسسة أجنبية تمّثل‬
‫استثمارا أو ال؟‬

‫وقد بيّنت الوقائع أّن مطلب التحكيم بتاريخ ‪ 17‬حزيران‪/‬يونيو ‪ 1995‬وقع إيداعه بالمركز للفص ل في‬
‫النزاع القائم ضّد جمهورية فنزويال التي لم تقم بتسديد مبلغ الكمبياالت‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى اتفاقية واشنطن وإلى االتفاقية الثنائية لحماية وتشجيع االستثمارات المبرمة بين المملكة‬
‫الهولندية وفنزويال اعتبرت المحكمة أّن العملية موضوع النزاع تمثل قرضًا وبالت الي فهي اس تثمار‪ .‬إذ إّن‬
‫اللجوء إلى المادة األولى كان واضًح ا من قبل المحكمة التي اعتمدت على االتفاقية المبرمة بين الدولتين لفّض‬
‫النزاع المطروح أمامها‪ .‬وقد تضمّنت هذه االتفاقية في مادتها األولى سرًدا لجملة من العملّيات التي يمكن أن‬
‫تمًرامثتسا لّثا مثل األسهم والرقاع وكّل أنواع المساهمات داخل الشركات وكذلك كّل انجاز له قيمة اقتصادية‪.‬‬
‫وما يمكن مالحظته إذن من خالل هذا السرد هو إقرار تعريف عام لكلمة استثمار وبالتالي استنتجت محكم ة‬
‫المركز من خالل التعريف أّن القروض وكّل ما يتعّلق بها تدخل ضمن اختصاص المركز‪.‬‬

‫وقد أشارت المحكمة في هذه القضية إلى ممّيزات االستثمار التي تشمل ما يلي‪:‬‬
‫‪-38-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫(أ) انقضاء مّدة زمنية معّينة واالستمرار من حيث تحقيق الربح والمداخيل؛‬

‫(ب) يتعّر ض هذا االستثمار للمخاطر؛‬

‫(ج) باإلضافة إلى أهميته في تنمية اقتصاد الدولة‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬قامت المحكمة بتحديد جملة من الخصائص الواجب توافرها في االستثمار‪ .‬وبع د‬
‫الفصل في قضية فيديكس ‪ Fedex‬تّو سع إختصاص المحكمة ليشمل النظر في قض ايا أخ رى مث ل قض ية‬
‫مافزيني ‪ Maffezini‬ضد مملكة إسبانيا(‪ )24‬والتي اعتبرت فيها المحكمة أّن امتالك مجموعة من األس هم في‬
‫مؤسسة يمثل استثمارًا‪.‬‬

‫وفي قضية شركة سي أس أو بي سي ‪ Ceskoslovenska Obchodni Banka CSOBC‬ضد جمهورية‬


‫سلوفاكيا اختلفت األطراف المتعاقدة بشأن صفة العقد المبرم بينهما‪ ،‬وما إذا كان يمكن اعتبار القرض ال ذي‬
‫منحته شركة تشيكية استثمارًا‪ .‬وأصدرت المحكمة قرارها الذي أقّر ت فيه أّن القرض الممنوح يمّثل استثمارًا‪،‬‬
‫وبالتالي فإّن أهليتها للفصل في النزاع قائمة على الرغم من أن القرض استعمل لتموي ل دين وليس به دف‬
‫إقامة مشروع‪.‬‬

‫وقد وصفت محاكم المركز موضوع النزاع من على أنه استثمار في العديد من القضايا المطروحة أمام‬
‫المركز‪ ،‬والتي أثار فيها أحد األطراف اختصاص المركز على أساس عدم توافر شرط االستثمار‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن إبرام المئات من االتفاقيات الثنائية يمّثل من دون شك مصدرًا مهمًا للمحكم الذي‬
‫يسعى إلى استخراج العناصر المكّو نة لمفهوم االستثمار‪.‬‬

‫ويتجّلى اللجوء إلى االتفاقيات الثنائية الدولية لتحديد طبيعة أصل النزاع في قضايا عديدة أخرى ابت داء‬
‫من قضية فيديكس‪.‬‬
‫واستندت محاكم المركز إلى االتفاقيات الثنائية لتحديد طبيعة العملّية موضوع النزاع في قضية أخ رى‬
‫مهمة وهي قضية ساليني ‪ Salini‬ضّد مملكة المغرب‪ .‬وقد وقع اللجوء في هذه القضية إلى المعاهدة الثنائي ة‬
‫المبرمة بين مملكة المغرب والجمهورية اإليطالية في ‪ 18‬تموز‪/‬يوليو ‪ ،1990‬والتي احتوى الفص ل األّو ل‬
‫فيها على قائمة من العملّيات التي تمًرامثتسا لّثا‪ .‬وحاول المحكمون في قرارهم إعطاء تعريف واضح لمفهوم‬
‫االستثمار‪ ،‬وذلك باالعتماد على التعريف الموجود في المعاهدة المبرمة بين الدولتين‪.‬‬

‫وفي نفس الوقت حاول المحكمون في هذين القضيتين وبخاصة في قضيتْي ساليني ولييزي ‪ LESI‬ضد‬
‫الجزائر‪ ،‬وضع معايير موضوعية تتجاوز السرد الموسع ومبنّية على ثالثة معايير‪:‬‬
‫‪ -1‬معيار إالسهام أو المساهمة برأس مال أو إسهام عيني أو بشكل آخر؛‬

‫‪ -2‬معيار المدة أو الّدوام‪ ،‬إذ إنه ال استثمار من دون ديمومة؛‬

‫‪ -3‬معيارالخطر أو المخاطرة ويقتضي االستثمار بالضرورة المشاركة في أرباح أو خسائر االستثمار‪.‬‬


‫‪24‬‬
‫حكم صادر في ‪ 25‬كانون الثاني‪/‬يناير ‪.2000‬‬ ‫()‬
‫‪-39-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫وعلى الرغم من هذا االتفاق الفقهي والفقهي القضائي‪ ،‬ما زال الجدل قائًم ا بشأن معيار رابع‪ ،‬أال وهو‬
‫مساهمة االستثمار في التنمية االقتصادية‪ .‬وقد أثارت هذا الجدل الدولة المضيفة في قضية باتري ك ميش ال‬
‫‪ Patrick Mitchel‬ضد الكونغو الديمقراطية وفي قرار بطالن القرار التحكيمي وفي قضايا أخرى الحقة‪ .‬إّال‬
‫أنه يبدو لنا أن مفهوم التنمية تغلب عليه الصفة الذاتية‪ ،‬وبالتالي يصعب استعماله كمعيار موضوعي لتعريف‬
‫مفهوم االستثمار‪ .‬ويطرح السؤال بشأن المراجع التي اتبعها المحكمون لتعريف مفهوم االستثمار‪.‬‬

‫وفي كل هذه القضايا قام المركز باعتماد العديد من المراجع لتحديد مفهوم االستثمار‪ ،‬نذكر منه ا م ا‬
‫أشارت إليه اتفاقية واشنطن وأعمالها التحضيرية‪ ،‬إضافة إلى العديد من االتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫صحيح أن الفصل ‪ )1( 25‬من االتفاقية ينص على أّن "اختصاص المركز يشمل النزاعات القانونية‬
‫المتعّلقة بصفة مباشرة باستثمار ما"‪ ،‬إال إّن نّص االتفاقية ال يحتوي على تعريف لمصطلح االس تثمار ال ذي‬
‫يمثل موضوع االتفاقية على الرغم من وجود العديد من المحاوالت طيلة فترة مناقشتها‪ .‬إذ إّن أّو ل مش روع‬
‫لهذه اتفاقية سنة ‪ 1965‬احتوى في فصله الثالثين على اقتراح لتعريف االستثمار اعتبر أّن االستثمارات تعني‬
‫كّل مساهمة نقّدية أو غير ذلك‪ ،‬ولها قيمة اقتصادية‪ ،‬ويقع انجازها لمّدة زمنية محّددة أو غير محّددة لفترة ال‬
‫تقل عن خمس سنوات‪.‬‬

‫لم يدرج هذا التعريف في نص االتفاقية على الرغم من تمّس ك مجموعة من الدول بض رورة تعري ف‬
‫مفهوم االستثمار‪ ،‬مثل تونس والصين وأستراليا‪ .‬غير أّن البعض ال يستغرب غي اب ه ذا التعري ف‪ .‬إذ ال‬
‫تختلف اتفاقية واشنطن عن القانون الدولي الذي تقوم على التنظيم والتشريع من دون تعريف‪.‬‬

‫وقد تشمل مبّر رات غياب تعريف لمفهوم االستثمار‪ ،‬التطور المذهل الذي عرفه هذا المفه وم‪ .‬فعن د‬
‫المصادقة على اتفاقية واشنطن‪ ،‬كان مفهوم االستثمار مقتصرًا على المساهمة برأس مال في شركة‪ .‬وقد حّل‬
‫محّل هذا التعريف الكالسيكي تصّو ر آخر اقتصادي باألساس‪ ،‬يرتكز على مس اهمة االس تثمار في التنمي ة‬
‫االقتصادية للبلد المضيف‪.‬‬

‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬قد يفّس ر غياب تعريف لمفهوم االستثمار أيًض ا بمطالبة بعض اللج ان البريطاني ة‬
‫واالسكندينافية بضرورة منح األطراف حرية االتفاق من أجل تحديد مفهوم االستثمار وتعريفه‪ .‬فق د احت وى‬
‫تقرير اإلداريين المشاركين‪ ،‬المتزامن مع اتفاقية واشنطن تبريًر ا لغياب تعريف لالستثمار يتمثل في رأيهم أنه‬
‫"ال تقتضي الضرورة لتعريف كلمة االستثمار باعتبار أّن رضا الطرفين يكفي وحده وأن للدول الحرّي ة في‬
‫تحديد أصناف العملّيات التي سوف يقع عرضها أو عدم عرضها على المرك ز في ح ال نش وب ن زاع"‪.‬‬
‫وأخيًر ا‪ ،‬يعتبر غياب التعريف أفضل بكثير من وجوده‪ ،‬ألنه ال يقّيد المركز أو يقّلص من ص الحياته‪ ،‬ب ل‬
‫بالعكس‪ .‬إذ إن غياب التعريف سيسمح للمركز بالنظر في العديد من القضايا وتحديد صالحياته بنفسه وتكييف‬
‫النطاق المادي التفاقية واشنطن وفقًا لكل حالة على حدة‪.‬‬

‫صحيح أن فقه القضاء التحكيمي اضطلع في المرحلة األولى على األق ل‪ ،‬ب دور مهم في تعري ف‬
‫المفهوم الموسع لالستثمار وتحديد نطاقه الذي ورد في االتفاقيات الثنائية‪ ،‬إال أنه مازال هناك بعض اللبس في‬
‫ما يتعلق بتحديد عناصر تعريف االستثمار األجنبي ومعاييره‪ ،‬بخاصة في ما يتعلق بمعيار مشاركة المستثمر‬
‫‪-40-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫في التنمية االقتصادية للبلد المضيف‪ .‬إّال انه بإمكان الدول المضيفة إدراج بعض القيود للتعري ف الموس ع‬
‫لالستثمار‪.‬‬

‫القيود الممكنة للتعريف الموسع لالستثمار ‪7-‬‬

‫تتوقف تعريفات االستثمار التي تتضمنها مختلف اتفاقيات االستثمار ال تي تم تحليله ا على األه داف‬
‫المحددة من جانب الدول األطراف‪.‬‬

‫ويمكن أن يكون لها هدفان اثنان‪:‬‬


‫(أ) إّم ا تحرير تدفق االستثمارات (وهو ما تكرسه اتفاقيات التكامل والتبادل الحر)؛‬
‫(ب) أو النهوض باالستثمارات وحمايتها‪ .‬وهو ما تنص عليه االتفاقيات الثنائية طبًقا لمقتضيات التنمية‬

‫والسيادة‪.‬‬

‫و في إطار هذه المقتضيات‪ ،‬وبخاصة تذبذب الفقه قضائي في ما يخص التعريف الموس ع لالس تثمار‬
‫المبني على القوائم المفتوحة التي تنص عليها االتفاقيات الثنائية المؤسسة على مفه وم "األص ول"‪ ،‬يتب نى‬
‫المفاوضون عددًا من القيود في ما يخص التعريف الموّس ع لألصول وذلك لحماية مصالحهم‪ .‬أما اله دف من‬
‫الدراسة المنفصلة لهذه القيود فيكمن في إبراز أهمية التفاوض والتأكيد على إنه انه ليس هناك قواعد مّس بقة أو‬
‫حتمية‪ ،‬وأنه على ممثلي الدول االستعداد لمواجهة جميع التحديات لدى اختيارها مفهومًا لالستثمار يخدم أكثر‬
‫من غيره المصالح االقتصادية واالجتماعية لدولهم ويشجع في الوقت نفسه على جذب االستثمار االجنبي نحو‬
‫بلدهم‪.‬‬

‫وتنقسم هذه القيود إلى عدة فئات‪:‬‬


‫(أ) قيود على االستثمارات المقبولة طبقًا لتشريعات البلد المضيف؛‬
‫(ب) قيود على طبيعة االستثمار؛‬
‫(ج) قيود تخص حجم االستثمارات؛‬
‫(د) قيود على قطاع االقتصاد‪.‬‬

‫(أ) القيود على االستثمارات المقبولة طبقًا لتشريعات البلد المضيف؛‬

‫تنص عدة اتفاقيات تنتمي الى النموذج األوروبي على أنه ال يتم تغطية االستثمارات إال إذا تمت‪:‬‬
‫‪ ”1‬وفقا لتشريع البلد المضيف“؛ أو‬
‫‪ ”2‬موافق عليها مقّدمًا من طرف سلطات الدولة المصيفة‪“.‬‬

‫وينص نموذج الصين الشعبية على ما يلي‪:‬‬

‫ريع‬ ‫يعني مصطلح ”استثمار“ األصول من كل نوع والمستثمرة من مستثمري طرف متعاقد طبًقا لتش‬
‫الطرف المتعاقد اآلخر ونظمه في إقليم هذا األخير ]‪.[...‬‬
‫‪-41-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫االتفاقية بين المغرب وايطاليا (المادة ‪)1‬‬


‫المادة ‪:1‬‬
‫تعريفات‪.‬‬
‫ألغراض هذا اإلتفاق‪:‬‬
‫‪ - 1‬يعنى مصطلح "استثمار" جميع أنواع االموال المستثمرة بعد نفاذ هذا اإلتفاق‪ ،‬بواسطة شخص طبيعي‬
‫أواعتباري بما في ذلك حكومة طرف متعاقد في إقليم الطرف المتعاقد اآلخر وفقًا‪ ،‬لقوانين هذا الطرف وأنظمت ه‬
‫ويشمل مصطلح اإلستثمار على الخصوص وليس على سبيل الحصر ما يلي‪:‬‬
‫األموال المنقولة وغير المنقولة‪ ،‬وكذلك كل حق آخ ر من حق وق الملكي ة ك الرهن الحي ازي‪،‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫واالمتيازات‪ ،‬والرهون وحقوق اإلنتفاع المرتبطة باإلستثمار؛‬
‫الديون المرسمة بما في ذلك العائدات التي يعاد استثمارها وكذلك أي حقوق ترتبط بأداء تعاقدي ل ه‬ ‫ب‪.‬‬
‫قيمة اقتصادية؛‬
‫ج‪ .‬حقوق التأليف‪ ،‬والعالمات الصناعية‪ ،‬وبراءات اإلختراع والطرائق التقنية وغيرها من حقوق الملكية‬
‫الثقافية والصناعية والمعرفة التقنية واألسرار التجارية واألسماء التجارية األصل التجاري؛‬
‫د‪ -‬أي حق ذو طبيعة اقتصادية يخوله القانون‪ ،‬أوعقد‪ ،‬أو ترخيص أو إمتي از ص ادر وفق ًا للق وانين‬
‫واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬بما في ذلك حق اإلستكشاف واستخراج الموارد الطبيعية واستغاللها؛‬
‫ﻫ ‪ -‬رؤوس األموال والحصص اإلضافية ورؤوس األموال المستعملة من أجل الحفاظ على االستثمار أو‬
‫زيادته؛‬
‫و‪ -‬بالنسبة إلى العناصر المشار إليها أعاله في الفقرات (ج) و(د) و(ﻫ) يجب أن تكون موضوع عق ود‬
‫مصادق عليها من السلطة المختصة‪.‬‬

‫تدخل اتفاقية إنشاء الوكالة الدولية لضمان االستثمار ‪ MIGA‬ضمن هذا السياق الذي يس مح للوكال ة‬
‫بتأمين إجراءات التعويض واإلحالة وحماية حقوقها في حال مواجهة المخاطر غير التجارية‪ .‬وتسمح في نفس‬
‫الوقت للدولة المضيفة بعدم قبول بعض االستثمارات التي ال ترى فائدة فيها‪:‬‬
‫مادة ‪ :12‬االستثمارات المقبولة‬
‫]…[‬
‫‪ -‬تتأكد الوكالة عند ضمان استثمار ما‪:‬‬
‫]…[‬
‫"أن االستثمار المذكور يوافق تشريع ونظم البلد المضيف"‪.‬‬

‫(ب) القيود المدرجة على طبيعة االستثمار؛‬


‫تستبعد في بعض االتفاقيات بعض أنماط االستثمارات‪ ،‬مثال ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬ال تطبق االتفاقية اّال على االستثمارات األجنبية المباشرة وذلك على عكس استثمارات الحافظة؛‬
‫‪ ‬تستبعد االستثمارات القصيرة األجل وبخاصة منها القروض‪.‬‬

‫(ج) القيود المتعلقة بحجم االستثمارات؛‬


‫‪-42-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫تهدف االتفاقيات الثنائية مبدئيًا على األقل إلى جذب االستثمارات التى تجلب من افع ملموس ة للبل د‬
‫المضيف‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإن هذا القيد غير وارد في هذه االتفاقيات ألن البل د المض يف يبحث عن‬
‫استقطاب كل أنواع االستثمارات بما فيها تلك الموظفة فى مشروعات صغيرة ومتوسطة‪ .‬ولكن تجدر اإلشارة‬
‫إلى أن بعض التشريعات العربية في بلدان الخليج العربي نصت على شروط تتعلق بحجم االستثمار‪.‬‬

‫(د) القيود الخاصة بالقطاعات االقتصادية؛‬

‫يمكن لبلد مضيف أن يرغب فى الحد من التغطية الممنوحة لالس تثمارات فى اتفاقي ة م ا في بعض‬
‫قطاعات االقتصاد فقط‪ .‬وتدرج بعض االتفاقيات المتعددة االطراف مثل هذه القيود‪:‬‬
‫‪ ‬معاهدة ميثاق الطاقة ‪( Enegy Charter Treaty ECT‬مادة ‪ )1‬وتغطى قطاع الطاقة فقط؛‬
‫‪ ‬االتفاق العام المتعلق بتجارة الخدمات ‪( GATS General Agreement on Trade in Services‬مادة‬
‫‪ )XVI‬والذي يغطي االستثمارات المحققة من التجارة في مجال الخدمات فقط‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬يبقى هذا القيد نادرًا جّدا في اتفاقيات االستثمار‪ ،‬بخاصة الثنائية منها والتي تتسم بالعمومي ة‪.‬‬
‫إّال أن بعض التشريعات الوطنية تشجع بصفة خاصة بعض االستثمارات مثل االس تثمارات التص ديرية أو‬
‫االستثمارات في قطاع السياحة أو االتصاالت أو غيرها‪ ،‬وذل ك من خالل إعطائه ا اإلعف اءات الجبائي ة‬
‫والجمركية أو العقارية‪.‬‬

‫‪ -8‬األحكام ذات العالقة باالستثمار الدولي في اتفاقيات التبادل الحر‬

‫قال أول مدير عام للمنظمة العالمية للتجارة‪ ،‬ريناتو روجييرو "‪ "RUGGIERO‬سنة ‪" :1996‬إن التجارة‬
‫واالستثمار لم يعودا فقط مكملين لبعضهما أكثر من السابق‪ ،‬بل إنهما أصبحا يشكالن الوجهين غير الق ابلين‬
‫للفصل لمسار العولمة"‪.‬‬

‫يمكن االنطالق من هذه المقولة للتأكيد من جديد على أّن العالقة وثيقة بين االستثمار الدولي‪ ،‬وبالتحديد‬
‫بين االستثمار األجنبي المباشر والتجارة الدولية للسلع والخدمات‪ .‬وتتمث ل أهم أوج ه التراب ط بين ه ذين‬
‫النشاطين االقتصاديين في ما يلي‪:‬‬

‫على المستوى االقتصادي‬


‫على الرغم من عدم وجود إجماع بين المتخصصين في المجال االقتصادي بشأن ذلك‪ ،‬إال إن أغلبي ة‬
‫النظريات وجل تقارير المنظمات العالمية المتخصصة تؤكد متانة العالقة الجدلية بين التجارة واالس تثمار في‬
‫العالقات االقتصادية الدولية وأهّم ية التأثير المتبادل لكل منهما على اآلخر‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬كثيرًا ما تشير هذه األعمال النظرية والرسمية إلى الدور اإليجابي الذي يؤديه تحري ر التج ارة‬
‫عبر إلغاء القيود الجمركية وغير الجمركية في استقطاب االستثمار األجن بي المباش ر وتحري ر مس اهمة‬
‫االستثمار في النهوض بالمبادالت التجارية الخارجية‪ ،‬وبخاصة على مستوى الصادرات‪.‬‬

‫على المستوى القانوني‬


‫‪-43-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫يشكل كّل من االستثمار والتجارة المّك ونين الرئيسّيين للقانون الدولي االقتصادي وتبرز العالقة بينهم ا‬
‫في التشابه الكبير على مستوى المفاهيم الرئيسية والمبادئ المعتمدة في كال الفرعين‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يمكن اإلشارة إلى ما يلي‪:‬‬

‫تشابه مفاهيم العوائق (بخاصة اإلدارية منها) التي تحول دون حرية تنقل رؤوس األمـوال‬ ‫‪‬‬
‫وانسياب السلع‪ ،‬من هنا مثال شروط األداء (‪ )Performance Requirement‬في القانون الدولي لالس تثمار‬
‫والقيود غير الجمركية في قانون التجارة الدولية؛‬

‫اعتماد قواعد المعاملة نفسها غير التمييزية‪ :‬معاملة الدولة األولى بالرعاية والمعاملة الوطنية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لذلك وعلى الرغم من وجود العديد من االتفاقيات الخاصة باالستثمار وبخاص ة االتفاقي ات الثنائي ة‬
‫لتشجيع وحماية االستثمارات األجنبية إضافة إلى وجود عدد هام من االتفاقيات التجارية وبخاصة التفاض لية‬
‫منها‪ ،‬أصبح موضوع االستثمار يشكل جزءًا من بعض االتفاقيات التجارية متعّددة األطراف(‪ )25‬واالتفاقي ات‬
‫اإلقليمية والثنائية للتبادل الحر‪ ،‬والسيما بعد تأسيس المنظمة العالمية للتجارة سنة ‪.1995‬‬

‫ولفهم هذا االتجاه الجديد‪ ،‬تجدر المالحظة أنه إذا كانت االتفاقيات متعددة األطراف التي تبرمها المنظمة‬
‫العالمية للتجارة تقوم على قاعدة أساسية‪ ،‬أال وهي عدم التمييز بين البلدان األعضاء من خالل معاملة الدول ة‬
‫األولى بالرعاية وتعميم االمتيازات على جميع األعضاء‪ ،‬فإن أحكام المادة ‪ 24‬من مجموعة االتف اق الع ام‬
‫بشأن التعريفات الجمركية والتجارة؛ مجموعة غات ‪GATT General Agreement on Tariffs and Trade‬‬
‫والمادة ‪ 5‬من الاتفاق العام المتعلق بتجارة الخدمات ‪ GATS‬أقرت إمكانية االستثناء من القاعدة العامة وسمحت‬
‫للبلدان األعضاء بحصر االمتيازات المتبادلة بين عضوين أو أكثر عبر إنشاء تكتل اقتص ادي إقليمي يأخ ذ‬
‫شكل منطقة للتبادل الحر أو اتحاد جمركي أو اتحاد اقتصادي‪ .‬وقد استغلت أغلبية دول العالم هذه اإلمكانيات‬
‫لتطوير مبادالتها التجارية مع الشركاء االقتصاديين الذين تختارهم بهدف تفادي تعميم االمتيازات م ع بقي ة‬
‫البلدان‪ .‬وأدى فشل محاوالت المفاوضات بشأن اتفاقية متعددة األطراف تتعلق باالستثمار‪ ،‬إلى أن يتجه الخيار‬
‫نحو األطر الثنائية واإلقليمية للتبادل الحر بما يّم كن الموقعين على مثل هذه االتفاقي ات من اإلفالت من أث ر‬
‫تعميم االمتيازات المرتبطة بالتجارة واالستثمار والتي تنص عليها اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬

‫وسيقع التركيز في هذه الدراسة على اتفاقيات التبادل الحر اإلقليمية والثنائية التي تحت وي على بن ود‬
‫تتعلق باالستثمار‪.‬‬

‫ويمكن في هذا اإلطار إبراز مثالين اثنين لالندماج االقتصادي‪ ،‬وذلك لدى النظ ر إلى أهمي ة ج انب‬
‫االستثمار في االتفاقيتين الليتن أنشآهما‪ :‬المثال األول يهم اتفاق التجارة الحرة ألمريكا الشمالية ‪ ،NAFTA‬أما‬
‫الثاني فيتعلق بمنطقة التبادل الحر الثنائية بين الواليات المتحدة والمملكة المغربية ألنها أول اتفاقية من ه ذا‬
‫النوع في المنطقة العربية‪ .‬وفي الوقت عينه‪ ،‬سيتم التركيز في منطقة ال دول األعض اء في اإلس كوا على‬
‫االتفاقية المبرمة بين سلطنة ُع مان والواليات المتحدة األمريكية بشأن إنشاء منطقة تجارة حرة‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪Agreement‬‬ ‫تتمثل أهم االتفاقيات في هذا المجال في االتفاقية بشأن االتفاق المتعلق بتدابير االستثمار المتصلة بالتجارة‬ ‫()‬
‫)‪ on Trade-Related Investment Measures (TRIMs‬واالتفاق العام المتعلق بتجارة الخدمات (‪.)GATS‬‬
‫‪-44-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫(أ) الجوانب المتعلقة باالستثمار في االتفاقية المنشئة لمنطقة التبادل الحر لشمال أمريكيا (‪)NAFTA‬؛‬

‫انطلقت المفاوضات بشأن اتفاقية اتفاق التجارة الحرة ألمريكا الشمالية مباشرة بعد توقف المفاوض ات‬
‫بشأن االتفاقية المتعددة األطراف بشأن االستثمار (‪ .)Multilatleral Agreement on Investment MAI‬وقد‬
‫تواصلت حتى سنة ‪ ،1993‬أي تاريخ التوقيع عليها‪ ،‬ودخلت حيز التنفيذ في بداية سنة ‪ 1994‬بالتزامن م ع‬
‫نهاية جولة األوروغواي(‪ )Uruguay round‬التي أفضت إلى التوقيع على اتفاقية مراكش التي أنشأت منظمة‬
‫العالمية للتجارة‪.‬‬

‫وتضم االتفاقية كال من الواليات المتحدة األمريكية وكندا والمكسيك‪ ،‬وهي بلدان يتفاوت مستوى التنمية‬
‫في كل منها‪.‬‬

‫وقد تم تخصيص عنوان كامل من االتفاقية (الباب ‪ )11‬لمسألة االستثمار‪ ،‬يحتوي على عدد من األحكام‬
‫ذات العالقة بقبول االستثمار ومعاملته‪ .‬ومن بين المواد التي تبرز متانة الروابط بين التجارة واالس تثمار في‬
‫اتفاقية التجارة الحرة ألمريكا الشمالية"‪ ،"NAFTA‬تبرز المادة ‪ 1110‬المتعلقة بنزع الملكية التي تس تعمل في‬
‫نسختها الفرنسية عبارة اإلجراءات ذات األثر المماثل (‪ )effet équivalent‬إلج راء ن زع الملكي ة‪ .‬إذ يتم‬
‫استعمال هذه العبارة في األصل في االتفاقيات التجارية وبخاصة في أحكامها الخاصة بتحري ر التج ارة من‬
‫العوائق الجمركية إذ تنص على التخفيض التدريجي أو اإللغاء الكلي للرسوم الجمركية والضرائب و الرسوم‬
‫"ذات األثر المماثل"‪.‬‬

‫وقد تدّع مت مظاهر الترابط بين قواعد التجارة الدولية ومفاهيمها من جهة‪ ،‬والقانون الدولي لالس تثمار‬
‫في الجانب التطبيقي لالتفاقية من جهة أخرى‪ .‬فقد دأبت الهيئات التحكيمية المحدثة بمقتضى اتفاقية " ‪"NAFTA‬‬
‫على استغالل بعض المفاهيم المعروفة في التجارة الدولية (كمفهوم النفاذ إلى األسواق) من أجل تكييف بعض‬
‫اإلجراءات والتدابير التي تتخذها الدولة المستقبلة لالستثمار على أساس أنها تمثل شكًال من األش كال غ ير‬
‫المباشرة لنزع الملكية‪ :‬مثال على ذلك الدعوى التي رفعتها شركتْي إس دي مايرز ‪ SD Myers‬وبوب وتالبو‬
‫‪ Pope et Talbot‬ضد كندا‪.‬‬

‫وأخيرًا‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى الفائدة التي وّلدتها اتفاقية "‪ "NAFTA‬إذ اعتمدت بعض تج ارب االن دماج‬
‫االقتصادي بين دول الجنوب‪ ،‬وبخاصة في أمريكا الالتينية المفاهيم المعتمدة في قبول االستثمار ومعاملت ه‪،‬‬
‫وما اتفاقيات التبادل الحر الموقعة بين دول أمريكا الوسطى سوى خير مثال على ذلك‪.‬‬

‫ات‬ ‫رب وبين الوالي‬ ‫(ب) موضوع االستثمار في اتفاقيتْي منطقة التبادل الحر بين الواليات المتحدة والمغ‬
‫المتحدة وعمان؛‬

‫انطلقت الجولة األولى للمفاوضات بين حكومتْي الواليات المتحدة األمريكية والمملكة المغربي ة خالل‬
‫شهر كانون الثاني‪/‬يناير سنة ‪ .2003‬وبعد سبع جوالت من المفاوضات دامت ثالثة عشر شهرا‪ ،‬تم التوقي ع‬
‫على اتفاقية التبادل الحر بتاريخ ‪ 02‬آذار‪/‬مارس ‪.2004‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى معطَيْين اثنْي ن مّيزا الفترة التي سبقت التوقيع على االتفاقية ف أثرا على محتواه ا‪.‬‬
‫ويتعلق المعطى األول بفشل المؤتمر الوزاري للمنظمة العالمية للتجارة في مدينة "كنكون" في المكسيك ال ذي‬
‫‪-45-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫كان مزمعًا عقده خالل شهر أيلول‪/‬سبتمبر سنة ‪ ،2003‬وما تاله من تنسيق دولي إلنق اذ برن امج الدوح ة‬
‫للتنمية عبر سحب موضوع االستثمار من جدول األعمال‪ ،‬وهو ما تم فعال خالل المؤتمر الوزاري المص غر‬
‫الذي عقد الحقًا في جنيف (تموز‪/‬يوليو ‪.)2004‬‬

‫أما المعطى الثاني‪ ،‬فيتعلق بإعداد الجانب األمريكي لصيغة جديدة لنموذج االتفاقي ة الثنائي ة لتش جيع‬
‫وحماية االستثمارات واعتمادها سنة ‪ 2004‬كمرجعية للتفاوض عّو ضت الصيغة القديمة لسنة ‪.1994‬‬

‫لذلك‪ ،‬فمن الطبيعي أن تتسم األحكام الخاصة باالستثمار في اتفاقية التبادل الحر مع المغرب بسعيها إلى‬
‫تكريس المقاربة األمريكية لموضوع االستثمار في إطار متعدد األطراف (في نطاق المنظمة العالمية للتجارة)‬
‫من ناحية‪ ،‬وبتناسقها مع النموذج الجديد لسنة ‪ 2004‬من حيث قبول االستثمار وحمايته‪ ،‬من ناحية أخ رى‪.‬‬
‫وتكّر س االتفاقية بشأن إنشاء منطقة تجارة حرة بين الواليات المتحدة وعم ان ال تي ّو قعت في ‪ 19‬ك انون‬
‫الثاني‪/‬يناير سنة ‪ 2006‬ودخلت حيز التنفيذ في ‪ 1‬كانون الثاني‪/‬يناير‪ ،2009‬االتجاه ذاته تماما‪.‬‬

‫‪ -1‬تكريس المقاربة األمريكية المعتمدة في النظام التجاري متعدد األطراف على مستوى العالقات الثنائية؛‬
‫تمثل االستمرارية أهم مقومات الدبلوماسية االقتصادية األمريكية‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬غالبًا ما تك ون‬
‫العالقات التجارية الثنائية للواليات المتحدة مرآة تعكس رؤيتها ومقاربتها المعتمدة في اإلطار متعدد األطراف‬
‫الذي يمثل المستوى األدنى لتحرير التجارة واالستثمار مع شركائها‪ .‬وتمثل المفاوض ات الثنائي ة فرص ة‬
‫لتكريس هذه المقاربة‪ ،‬بخاصة بالنسبة إلى المسائل التي لم يسجل فيها تقدم في إطار المنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬
‫ويندرج التوقيع على اتفاقية التبادل الحر الثنائية مع المغرب في السياق نفس ه‪ ،‬إذ إن العدي د من أحكامه ا‬
‫المتعلقة باالستثمار تجّس د هذا التوجه على سبيل المثال‪ .‬ويمكن في هذا الصدد أن نذكر األمثلة التالية‪ :‬تكريس‬
‫شمولية مفهوم االستثمار وتسجيل تقدم ملحوظ في ما يتعلق بتحرير االستثمار بالمقارنة مع االتفاق المتعل ق‬
‫بتدابير االستثمار المتصلة بالتجارة واالتفاق العام المتعلق بتجارة الخدمات "‪ "TRIMs‬و"‪ ،"GATS‬باإلض افة‬
‫إلى تفعيل القواعد المتعلقة بالشفافية وتدعيمها‪.‬‬

‫أما بالنسبة إلى تكريس المفهوم الشمولي والعام لالستثمار‪ ،‬فيالحظ أن المفه وم المعتم د في اتفاقي ة‬
‫التبادل الحر المبرمة مع المغرب وعمان يشمل كال من االستثمار األجن بي المباش ر (‪ )FDI‬وم ا يع رف‬
‫باستثمارات الحافظة‪.‬‬

‫ولمعرفة خلفية إدراج استثمارات الحافظة ضمن مفهوم االستثمار‪ ،‬بما يجعلها ت دخل ض من مج ال‬
‫االتفاقية‪ ،‬يمكن الرجوع إلى أشغال فريق العمل المكلف بالعالقة بين التجارة واالستثمار في إط ار المنظم ة‬
‫العالمية للتجارة والذي تم تكوينه خالل المؤتمر الوزاري المنعقد في سنغافورة سنة ‪.1996‬‬

‫فقد شرحت الممثلية الدائمة للواليات المتحدة في المنظمة العالمية للتجارة ضمن وثيقتها المقدمة بتاريخ‬
‫‪ 16‬أيلول‪/‬سبتمبر ‪ 2002‬أسس دفاعها ومبرراته بالنسبة إلى ضرورة اعتماد مفهوم عام وشامل لالس تثمار‬
‫انطالقًا من شروع البلدان األعضاء في مفاوضات بشأن اتفاق متعدد األطراف لالستثمار‪ .‬وق د رك زت في‬
‫ذلك بصفة خاصة على التأثير اإليجابي لتحرير وحماية استثمارات الحافظة على التنمية في البلدان النامية‪.‬‬

‫وقد مّيزت الوثيقة المذكورة بين االستثمار األجنبي المباشر واستثمارات الحافظة باالعتماد على معيار‬
‫طبيعة الرقابة ومداها والتي يمكن أن يمارسها المستثمر‪ .‬إذ يمّك ن االستثمار المباشر المستثمر من ممارس ة‬
‫‪-46-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫رقابة دائمة على المؤسسة ويتيح درجة معينة من السلطة في إدارتها‪ .‬أما استثمارات الحافظة (كالمس اهمات‬
‫المالية وشراء بعض الحقوق التعاقدية‪ ،‬كتلك المتعلقة بحقوق الملكية الفكري ة)‪ ،‬فإنه ا ال تس مح للمس تثمر‬
‫بممارسة رقابة عامة على إدارة الموارد العينية للمؤسسة‪.‬‬
‫اتفاقية بين حكومة سلطنة ُع مان وحكومة الواليات المتحدة األمريكية بشأن إنشاء منطقة تجارة حرة‬
‫القسم "ج"‪ :‬تعريفات‬
‫المادة ‪ :27-10‬تعريفات‬
‫"استثمار" تعني كل أصل يملكه أو يسيطر عليه مستثمر‪ ،‬بصورة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬له خصائص االستثمار‪ ،‬بما في ذلك خص ائص‬
‫من قبيل االلتزام برأس مال أو بموارد أخرى‪ ،‬توقع المكسب أو الربح‪ ،‬أو تحمل المخاطرة‪ .‬ويمكن أن يتخذ االستثمار أشكاال من بينها‪:‬‬
‫مؤسسة تجارية؛‬ ‫(أ)‬
‫حصص‪ ،‬أسهم‪ ،‬أشكال أخرى من المشاركة في رأس مال مؤسسة تجارية ما؛‬ ‫(ب)‬
‫السندات‪ ،‬سندات الدين‪ ،‬صكوك الدين األخرى‪ ،‬والقروض ؛‬
‫(‪)26‬‬
‫(ج)‬
‫العقود اآلجلة‪ ،‬عقود الخيارات‪ ،‬وغيرها من المشتقات؛‬ ‫(د)‬
‫عقود اإلنجاز الكلي‪ ،‬عقود التشييد‪ ،‬عقود اإلدارة‪ ،‬عقود اإلنتاج‪ ،‬عقود االمتيازات‪ ،‬عقود تقاسم اإليرادات‪ ،‬وغيره ا من‬ ‫(ﻫ)‬
‫العقود المماثلة؛‬
‫حقوق الملكية الفكرية؛‬ ‫(و)‬
‫(ز) التراخيص‪ ،‬التفويضات‪ ،‬التصاريح‪ ،‬وما شابهها من حقوق تمنح وفقًا للقانون المحلي ؛ و‬
‫(‪)27‬‬

‫أي أموال أخرى ملموسة أو غير ملموسة‪ ،‬منقولة أو عقارية‪ ،‬وحقوق الملكية المرتبطة بها‪ ،‬مثل عقود اإليجار‪ ،‬الرهون‬ ‫(ح)‬
‫العقارية‪ ،‬حقوق الحبس‪ ،‬ورهون المنقوالت‪.‬‬

‫وقد تم اعتماد المفهوم الشامل لالستثمار في اتفاقية التبادل الحر مع المغرب ض من الفص ل ‪10,27‬‬
‫الذي نص على ما يلي‪" :‬يقصد باالستثمار كل مورد تحت حيازة المس تثمر أو رقابت ه المباش رة أو غ ير‬
‫المباشرة وتتوفر فيه خصائص االستثمار والتي من بينها تخصيص رأس المال أو أية موارد أخرى‪ ،‬وانتظار‬
‫عائدات أو أرباح‪ ،‬أو الدخول في مخاطر"‪.‬‬

‫وقد تضّم ن الفصل نفسه (‪ )10,27‬استثمارات الحافظة كشراء أسهم أو أية س ندات أخ رى به دف‬
‫المساهمة في شركة وطنية إضافة إلى العقود التي تتسم بطابع مالي‪ .‬وهو المفهوم نفسه تقريًبا الذي نجده في‬
‫الوثيقة التي ساهمت بها الحكومة األمريكية في أشغال فريق العمل المكّلف بالعالقة بين التجارة واالستثمار‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫() من المرجح أن يكون تتمتع بعض أشكال الدين‪ ،‬مثل السندات‪ ،‬سندات الدين‪ ،‬والكمبي االت الطويل ة األج ل‪ ،‬بخص ائص‬
‫االستثمار‪ ،‬في حين أن أشكاًال أخرى من الدين‪ ،‬مثل المطالبات بدفعات مستحقة فورًا وناتجة عن بيع سلع أو خدمات‪ ،‬ق د ال تمتل ك على‬
‫األرجح خصائص االستثمار‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫() يتوقف اتسام نوع معين من صكوك الترخيص‪ ،‬التفويض‪ ،‬أو التصاريح‪ ،‬أو ما شابهها من صكوك (بما في ذلك اإلمتي ازات‬
‫التي لها طابع هذه الصكوك) بسمات االستثمار‪ ،‬على عوامل من قبيل طبيعة ومدى الحقوق التي يتمتع بها حامل الصك بموجب الق وانين‬
‫المحلية للطرف الذي يمنحها‪ .‬ومن بين صكوك التراخيص‪ ،‬التفويض‪ ،‬والتصاريح‪ ،‬والصكوك المشابهة التي ال تتسم بسمات االستثمار‪ ،‬أي‬
‫الصكوك التي ال تنشأ عن أي حقوق تحميها القوانين المحلية‪ .‬ولمزيد من اليقين‪ ،‬تتسم الصكوك السابقة بسمات االستثمار من دون اإلخالل‬
‫بما إذا كان أصل ما يرتبط بصك الترخيص‪ ،‬أو التفويض‪ ،‬أو التصريح‪ ،‬أو صك مشابه‪ .‬ال يشمل المصطلح "االستثمار" أم رًا أو حكم ًا‬
‫يصدر عن إجراء قضائي أو إداري‪.‬‬
‫‪-47-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫أما المظهر الثاني لتكريس المقاربة األمريكية المعتمدة في اإلطار متعدد األطراف‪ ،‬فيتعلق بتسجيل تقدم‬
‫ملحوظ بالمقارنة مع ما تم التوصل إليه في االتفاق العام المتعلق بتجارة الخدمات وفي االتفاق المتعلق بتدابير‬
‫االستثمار المتصلة بالتجارة "‪ "GATS‬و"‪."TRIMs‬‬

‫فبالنسبة إلى اتفاقية "‪ ،"GATS‬يمكن التركيز على نقطة هام ة ذات عالق ة وطي دة باالس تثمار في‬
‫الخدمات‪ ،‬أال وهي مسألة التشريعات الداخلية التي تمثل آلية حماية االقتصاد الوطني من المنافسة األجنبية في‬
‫قطاع الخدمات وإحدى مقومات النفاذ إلى األسواق‪.‬‬

‫وفي مقارنة بين اتفاقية "‪ "GATS‬واالتفاقية الثنائية للتبادل الحر بين الواليات المتحدة والمغرب وعمان‪،‬‬
‫نالحظ أن أحكام هذه األخيرة كانت أكثر دقة وتفصيًال من اتفاقية "‪ ."GATS‬ففي حين كانت عبارات اتفاقي ة‬
‫المنظمة العالمية للتجارة عامة إذ اكتفت الفقرة األولى من المادة السادسة من الـ ‪ GATS‬ب أن تنص على أن‬
‫كل عضو في المنظمة يسعى إلى أن تكون اإلجراءات ذات التطبيق العام المفروضة على تج ارة الخ دمات‬
‫مسّيرة بطريقة معقولة وموضوعية ومحايدة‪ ،‬تناولت المادة ‪ 11.7‬من اتفاقي ة التب ادل الح ر األمريكي ة‪-‬‬
‫المغربية المسألة بصفة دقيقة وضبطت التزامات الطرفين بتفصيل أكثر من خالل ما يلي‪:‬‬

‫(أ) واجب إعالم طالب الترخيص (إذا كان مشترطا) بمآل مطلبه خالل آجال معقولة؛‬

‫(ب) واجب مراعاة الخصائص التالية في اإلجراءات المتعلقة بشروط الكفاءة واالشتراطات الفنية حتى‬
‫ال تمثل حواجز غير الزمة لتجارة الخدمات‪:‬‬
‫‪ o‬أن تكون مبنّية على معايير موضوعية؛‬
‫‪ o‬أال تمثل أعباء غير ضرورية لتأمين جودة الخدمة؛‬
‫‪ o‬أال تمثل إجراءات الترخيص في حد ذاتها عائقًا يحول دون إسداء الخدمة ‪.‬‬
‫(‪)28‬‬

‫أما بالنسبة إلى التقدم المسجل بالمقارنة مع اتفاقية "‪ "TRIMs‬فيمكن اإلشارة خاص ة إلى نص الم ادة‬
‫‪ 10.8‬من اتفاقية التبادل الحر األمريكية‪-‬المغربي ة المتعلق ة "باش تراطات النت ائج" أو "ش روط األداء" (‬
‫‪ .) Performance Requirement‬ففي حين تكتفي اتفاقية "‪ "TRIMs‬بمنع هذه اإلجراءات‪ ،‬في صورة مخالفتها‬
‫ألحكام الـ ‪ GATT‬بشأن المعاملة الوطنية والقيود الكمية وطبقُا لقائمات تضبطها كل دولة عضو‪ ،‬تحدد المادة‬
‫‪ 10.8‬من االتفاقيتين المبرمتين مع المغرب وعمان قائمة واسعة لإلجراءات واالشتراطات الممنوع ة بحكم‬
‫االتفاقية(‪.)29‬‬
‫‪28‬‬
‫() انظر في المعنى نفسه المادة ‪ 7-11‬من اتفاقية سلطنة ُع مان والواليات المتحدة األمريكية"‬
‫‪ – 1‬حيث يشترط أي من الطرفين الحصول على تصريح لتزويد خدمة ما‪ ،‬يكون على السلطات المختصة لدية أن تقوم‪ ،‬خالل ف ترة‬
‫زمنية معقولة بعد تقديم طلب يعتبر مستوفيًا طبقًا لقوانينه وأنظمته‪ ،‬بإخطار مقدم الطلب بالقرار المتخذ بشأن طلبه‪.‬‬
‫وعلى السلطات المتخصصة بناء على طلب مقدم الطلب‪ ،‬أن توفر من دون تأخير غير ضروري‪ ،‬المعلومات الخاصة بوضع الطلب‬
‫(‪.) ...‬‬
‫ّك‬
‫‪ -2‬من أجل أال تش ل التدابير المتعلقة بمتطلبات وإجراءات التأهيل والمعايير الفنية ومتطلبات الترخيص عوائق غ ير ض رورية‬
‫أمام التجارة في الخدمات‪ ،‬على كل من الطرفين السعي الحثيث ألن يكفل‪ ،‬وفقًا لما يناسب كل قطاع‪ ،‬أن تكون هذه التدابير‪:‬‬
‫(أ) قائمة على معايير موضوعية وشفافة‪ ،‬مثل الكفاءة والقدرة على تزويد الخدمة؛‬
‫(ب) غير مرهقة أكثر مما يلزم لضمان جودة الخدمة ؛ و‬
‫(ج) في حال إجراءات الترخيص‪ ،‬أال تشكل في حد ذاتها قيودًا على تزويد الخدمة"‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫انظر المادة ‪ 8-10‬من االتفاقيتين‪.‬‬ ‫()‬
‫‪-48-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫لذلك‪ ،‬يمكن اعتبار االتفاقية الثنائية للتبادل الحر بين الواليات المتحدة األمريكية والمملكة المغربي ة أو‬
‫تلك بين الواليات المتحدة وسلطنة عمان بأنهما تمثالن في كثير من جوانبها المتعلق ة باالس تثمار مقارب ة "‬
‫‪ "GATS more‬و "‪."TRIMs more‬‬

‫أما المظهر الثالث لتكريس المقاربة األمريكية المعتمدة في اإلطار متعدد األط راف فيتعل ق بمس ألة‬
‫الشفافية‪ .‬وتمثل الشفافية بحسب الرؤية األمريكية‪ ،‬ورؤية البلدان المصدرة لالستثمارات األجنبية عمومًا‪ ،‬أحد‬
‫الشروط ذات الطابع األفقي الضروري لتطور حجم استثمارات الدولة ويشّك ل أحد مكّو نات المعاملة العادل ة‬
‫والنزيهة للمستثمر كما سيتبّين الحقا‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬تضمنت توطئة اتفاقية التبادل الحر مع المغرب وعمان التنصيص على التزام الطرفين بما يحقق‬
‫تدعيم الشفافية والقضاء على الفساد في مجالْي التجارة واالستثمار‪.‬‬
‫وفي مجال االستثمار‪ ،‬يمكن ذكر المواد التالية‪:‬‬
‫(أ) المادة ‪ 10.20‬يشأن شفافية إجراءات التحكيم؛‬
‫(ب) المادة ‪ 11.8‬بشأن شفافية تطبيق التشريعات الوطنية في قطاع الخدمات؛‬
‫(ج) المادة ‪ 12.11‬بشأن الشفافية في القطاع المالي؛‬
‫(د) المادة ‪ 13.13‬بشأن الشفافية في قطاع االتصاالت؛‬
‫(ﻫ) العنوان ‪ 18‬بشأن شفافية التشريعات الوطنية واإلجراءات الداخلية المرتبطة بتطبيق االتفاقية‬
‫عموما‪.‬‬

‫(ب) التشابه بين اتفاقيات التبادل الحر الثنائية وتوجهات نموذج الواليات المتح دة األمريكي ة لالتفاقي ات‬
‫الثنائية بشأن االستثمار لسنة ‪2004‬؛‬

‫قامت الواليات المتحدة سنة ‪ 2004‬بإصدار نموذج جديد لالتفاقية الثنائية لتشجيع االستثمار وحمايت ه‬
‫يعّو ض نموذج سنة ‪ 1994‬بما يتماشى مع التطورات التي عرفتها العالقات االقتصادية الدولية‪ ،‬إض افة إلى‬
‫النزاعات التي كانت الواليات المتحدة طرفًا فيها كدولة مضيفة لالستثمار‪ .‬وهي اآلن بصدد إع داد نم وذج‬
‫جديد يعّو ض نموذج سنة ‪.2004‬‬

‫ومن أهم أهداف هذه المراجعة توجه سلطات المفاوضين األمريكيين التفاقيات التب ادل الح ر نح و‬
‫التناسق واالنسجام بين األحكام المتعلقة باالستثمار‪ ،‬والتي تتضّم نها هذه االتفاقيات والمب ادئ ال تي يقّر ه ا‬
‫النموذج الجديد لسنة ‪ 2004‬ومحتوى االتفاقيات الثنائية بشأن االستثمار التي سيتم التوقيع عليها بعد اعتم اد‬
‫النموذج رسميا‪.‬‬

‫وبما أن التوقيع على اتفاقية التبادل الحّر مع المغرب (آذار‪/‬مارس ‪ )2004‬سبق ببضعة أشهر اعتم اد‬
‫النموذج الجديد (تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪ ،)2004‬تزامنت المفاوضات بين الجانبين بشأن منطقة التبادل الح ر‬
‫مع فترة إعداد النموذج الجديد التفاقيات االستثمار‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬أتت األحكام الواردة باتفاقية التبادل الحر بين البلدين متناسقة م ع نم وذج س نة ‪ 2004‬على‬
‫المستويين المادي واإلجرائي‪.‬‬
‫‪-49-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫فعلى المستوى المادي‪ ،‬تكّر س اتفاقية التبادل الحر في جوانبها المتعلقة باالستثمار‪ ،‬المبادئ العامة التي‬
‫تضّم نها نموذج سنة ‪ 2004‬القائم على أحد ثوابت المقاربة األمريكية للعالقات االقتص ادية الخارجي ة‪ ،‬أي‬
‫التحرير الكبير أو ما يعرف بسياسة "الباب المفتوح" (‪ )Open Door Policy‬سواء بالنسبة إلى التج ارة أو‬
‫االستثمار‪ ،‬وذلك من خالل تطبيق مفهوم النفاذ إلى األسواق أو قبول االستثمار بكل حرية وتمتعه بالمعامل ة‬
‫والحماية وفي جميع مراحله (ما قبل االستثمار وما بعده)‪.‬‬

‫أما على المستوى اإلجرائي‪ ،‬فإن نموذج سنة ‪ 2004‬قام على رك يزة أساس ية تتمث ل في ش فافية‬
‫اإلجراءات التحكيمية‪ ،‬وهو ما تم تكريسه فعًال في اتفاقية التبادل الحر األمريكي ة‪-‬المغربي ة واألمريكي ة‪-‬‬
‫العمانية‪.‬‬

‫باء‪ -‬النطاق الشخصي‪ :‬المستثمر‬

‫تمّثل االتفاقيات الثنائية‪ ،‬تأطيرًا دوًًلا للعملّيات االستثمارية‪ ،‬إذ إنها تحّو ل العالقة الّداخلية بين المستثمر‬
‫األجنبي والّدولة المحتضنة إلى عالقة دولّية خاضعة للقانون الّدولي‪ .‬وهو قانون عادة ما يكون أكثر حماي ة‬
‫لالستثمارات الدولية من القوانين الوطنّي ة إذ تضمن االتفاقيات جملة من الضمانات تعود بالفائدة على القائمين‬
‫بالعملّي ة االستثمارية‪ ،‬أي "المستثمر"‪ ،‬والذي ارتأت االتفاقيات المتعلقة ب النهوض باالس تثمارات وحمايته ا‪،‬‬
‫ضرورة تحديد مفهومه لما تحمله هذه الّص فة من أهمية عملية تتمثل خاّص ة في الح ق في االنتف اع بجمل ة‬
‫االمتيازات والحقوق المنصوص عليها باالتفاقيات‪ ،‬والتي تتّخ ذ عادة شكل الّض مانات القانونّي ة‪ ،‬والمالّي ة‬
‫والنزاعّية‪.‬‬

‫ل‬ ‫وبصورة عاّم ة‪ ،‬يعّر ف "المستثمر األجنبي" على اّنه الشخص القائم بالعملّية االستثمارية واّلذي يحم‬
‫جنسّية تختلف عن جنسّية الّدولة المضيفة لالستثمار‪.‬‬

‫بذلك‪ ،‬يكتسب عنصر "الجنسّية" أهمّية بالغة في تحديد مفهوم "المستثمر األجنبي"‪ ،‬إذ إنه يحّدد من جهة‬
‫مدى انتماء "المستثمر" لنظام قانوني معّين‪ ،‬وهو يتمتع من جهة أخرى بقواعد المعاملة والحماية التي نص ت‬
‫عليها االتفاقية الدولية‪ ،‬إضافة إلى لمدى اختصاص الجهة القضائّية في حال نشوب نزاع بين ه وبين الّدول ة‬
‫المضيفة لالستثمار‪.‬‬
‫ّث‬
‫من هنا‪ ،‬عملت االتفاقيات ال نائّية واإلقليمية والدولية على جعل عنصر "الجنسًرايعم "ةّيا أساسًيا لتحديد‬
‫صفة "المستثمر األجنبي"‪ .‬إّال أن هذه االتفاقيات تختلف في بعض األحيان في ضبط شروطها على الرغم من‬
‫ترابطها بخاصة في ما يتعّلق باتفاقية واشنطن واالتفاقيات الثنائية التي تنص على التحكيم ال تي تنص علي ه‬
‫اتفاقية واشنطن‪.‬‬

‫يكمن الهدف هنا في البحث في تعريف "المستثمر" وما ينبثق عنه من آثار في تطبيق المع ايير ال تي‬
‫تنص عليها االتفاقيات الثنائية المتعّلقة بتشجيع االستثمارات وحمايتها‪ ،‬إضافة إلى تثبيت اختص اص الجه ة‬
‫القضائية المتمّثلة عادة في المركز الّدولي المتخّص ص بحّل الّنزاعات المتعّلقة باالستثمارات‪ ،‬فال يقوم المركز‬
‫بالّنظر في العرائض المقّدمة من طرف الخصوم وفّض الّنزاع إّال في حال توافر جملة من الشروط‪ ،‬من بينها‬
‫أطراف الخصومة‪ ،‬إذ يجب أن تربط هذه األخيرة بين شخص ينتمي إلى القانون العام وغالبًا ما يكون الّدولة‪،‬‬
‫وشخص آخر ينتمي إلى القانون الخاّص "المستثمر" ممثًال إّم ا في شخص طبيعي أو في شخص معنوي‪.‬‬
‫‪-50-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫وقد كّر ست أغلبّية المعاهدات الّثنائية المتعّلقة بّتشجيع االستثمارات وحمايتها جملة من المعايير لتحدي د‬
‫مفهوم "المستثمر" المتمتع بالّض مانات الممنوحة له في صلب االتفاقية‪ .‬ويعتبر "مستثمرًا" وفقًا لهذه االتفاقي ات‬
‫كّل شخص طبيعي أو معنوي يقوم بإستثمار في إقليم الّط رف المتعاقد اآلخر(‪.)30‬‬

‫‪ -1‬المستثمر الّش خص الّط بيعي‬


‫لدى دراسة المعاهدات الّثنائّية‪ ،‬تجدر المالحظة أّن االعتبارات التي تدخل في تحديد المستثمر الّش خص‬
‫الّط بيعي تبدو بسيطة نسبيًا وتقوم بحسب المعاهدات الثنائي ة على مجموع ة من الّر واب ط القانونّي ة ال تي‬
‫يتًقفو اهطبض ّما للقوانين الّداخلّية لألطراف المتعاقدة‪.‬‬

‫وعلى سبيل المثال تنص الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪ )3‬من االتفاقية الثنائية المبرمة بين سلطنة عمان وجمهورّية‬
‫مصر العربّية على أن تعبير "مستثمر" يعني‪:‬‬
‫»أ) األشخاص الّط بيعيين من جنسّية أحد ال رفين المتعاقدين بموجب قوانينه ويقوم باس تثمار في إقليم‬
‫ّط‬
‫الّط رف المتعاقد اآلخر‪« .‬‬
‫كما تنّص الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪– )2‬أ‪ -‬من االتفاقية الّثنائّية المبرمة بين الجمهورّية الفرنسّية والجمهورّي ة‬
‫الّتركّية على أّن تعبير "مستثمر" يعني‪:‬‬
‫»أ) األشخاص الطبيعيين الحاملين لجنسّية أحد الّط رفين المتعاقدين ‪«.‬‬
‫وتنّص الماّدة (‪ )1‬فقرة (ب) من االتفاقية الّثنائّية المبرمة بين كندا والجمهورّي ة األرجنتينّي ة على أّن‬
‫تعبير "مستثمر" يعني‪:‬‬
‫ّط‬
‫» كّل شخص طبيعي مواطن أو مقيم مستمر ألحد ال رفين المتعاقدين وذلك وفقًا لقوانينه‪« .‬‬

‫‪30‬‬
‫أنظر‪:‬‬ ‫()‬
‫‪ -‬الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪ )2‬من االتفاقية الثنائّية المبرمة بين سلطنة عمان والمغرب بشأن الّتشجيع والحماية المتبادلة لالستثمارات ال تي تنّص‬
‫على أّن ‪" :‬تعبير مستثمر" يعني‪:‬‬
‫ّط‬
‫أ) أي شخص طبيعي يحمل جنسّية أّي من ال رفين المتعاقدين؛‬
‫ب) أي شخص قانوني منشأه في إقليم أحد الًقبط نيدقاعتملا نيفرّطا لقوانين ذلك الّط رف المتعاقد‪« .‬‬
‫‪ -‬الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪ )3‬من االتفاقية الثنائّية المبرمة بين حكومة سلطنة عمان وحكومة جمهورّية مصر العربّية لتشجيع‬
‫االستثمارات وحمايتها التي تنّص على أن كلمة (مستثمر) تعني‪:‬‬
‫ّط‬
‫»أ ـ األشخاص الطبيعيين من جنسّية أحد الطرفين المتعاقدين بموجب قوانينه ويق وم باس تثمار في إقليم ال رف‬
‫المتعاقد اآلخر‪.‬‬
‫ّط‬
‫ب ـ األشخاص االعتبارية التي يوجد مقّر ها ونشاطها االقتصادي الحقيقي في إقليم ال رف المتعاقد اآلخر‪« .‬‬
‫‪ -‬الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪ )2‬و(‪ )3‬من االتفاقية الثنائية المتعّلقة بالتشجيع والحماية المتبادلة بين حكومة الجمهورّية الفرنسّية‬
‫وحكومة الجمهورّية التونسّية التي تنّص على أّن ‪:‬‬
‫» ‪ -1‬كلمة "مواطنين" تعني األشخاص الطبيعيين الحاملين لجنسّية أحد الّط رفين المتعاقدين؛‬
‫‪ -2‬كلمة "شركات" تعني كّل شخص معنوي تأسس في إقليم أحد الًقبط نيدقاعتملا نيفرّطا لقوانين هذه األخيرة ‪«.‬‬
‫‪-51-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫يعّر ف المستثمر الّش خص الّط بيعي بالّر جوع إلى‬ ‫واعتمادا على مختلف هذه الصيغ القانونّية وغيرها‬
‫(‪)31‬‬

‫المعايير الّتالية‪ :‬الجنسّية‪( ،‬أو المواطنة) واإلقامة المستمّر ة‪.‬‬

‫(أ) الجنسّية؛‬

‫الجنسّية هي رابطة قانونية تجمع الفرد بدولة معّينة وتمنح الدولة بموجبها ص فة "الم واطن" للف رد‬
‫أو"رعايا الدولة"‪ .‬وتعمل كل دولة تنعم بالسيادة على تحديد القواعد والمعايير المنّظ مة الكتس اب الجنس ّية‪.‬‬
‫وينتج عن ذلك عدة آثار هاّم ة‪ ،‬فيخضع الفرد لجملة من الواجبات‪ ،‬ويتمّتع بحقوق أساسّية ال يمكن أن يحظى‬
‫بها األجنبي في بعض األحيان‪ ،‬ومن بينها‪:‬‬
‫الحّق في الحماية الدبلوماسية خارج إقليم الّدولة؛‬ ‫‪‬‬
‫الحقوق الّس ياسّية؛‬ ‫‪‬‬
‫الح في ممارسة الوظائف في القطاعين الخاّص والعاّم ‪.‬‬ ‫ّق‬ ‫‪‬‬

‫وُتمنح الجنسية لألشخاص الطبيعيين على أساس معيارين اثنين‪:‬‬


‫‪ ‬رابطة الّدم‪ Jus singuinis :‬التي تتأسس خاّص ة عن طريق البنّو ة‪ ،‬ونتحّدث عندئ ذ عن "الجنس ّية‬
‫بالبنّو ة" التي يحصل عليها الفرد على أساس جنسّية األب و‪/‬أو األّم من دون اعتبار مكان الوالدة؛‬
‫‪ ‬رابطة اإلقليم أو األرض ‪ Jus soli‬التي تترًساسأ زّكا على مكان الوالدة و‪/‬أو اإلقامة المستمّر ة‪.‬‬
‫ويمكن للفرد أن يحوز على الجنسّية باالكتساب‪ ،‬وغالبا ما تكون بع د ال والدة تبًع ا إلج راء إداري‬
‫(الّتجّنس) تمنحه الدولة بعد مدة معينة من اإلقامة المستمرة في الدولة أو تبعا لزواج األجنبي(ة) بم واطن(ة)‪.‬‬
‫وتتمتع الدولة بكامل السلطة التقديرية لمنح الجنسية أو رفضها‪ .‬وتطرح هذه المسألة إشكالية "ازدواج الجنسية"‬
‫بين الدولة المضيفة والدولة المصّدرة لالستثمار‪ ،‬أو بين دول أخرى‪ ،‬والتي نظر فيها فقه القض اء التحكيمي‬
‫للمركز الدولي لفض النزاعات كما ستتم دراسته الحقا‪ .‬إال إنه في السياق ذاته‪ ،‬تنص جميع االتفاقيات الثنائية‬
‫تقريًب ا أن المستثمر المحمي هو الذي يستثمر في دولة ال يحمل جنسيتها‪ .‬ويبدو هذا الش رط منطقي ًا ك ون‬
‫االتفاقيات الثنائية تنظم االستثمار االجنبيي وتحميه‪ ،‬وال يقتصر ذلك على االستثمارالوطني‪ ،‬س واء في م ا‬
‫يتعلق بالقواعد الموضوعية (قواعد تحويل األموال والحماية ضد نزع الملكي ة) أو اإلجرائي ة (اللج وء الى‬
‫التحكيم)‪.‬‬

‫(ب) المواطنة؛‬

‫أنظر الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪ )7‬ـ أـ (‪ )i‬من معاهدة ميثاق الّط اقة والتي تنّص على أّن ‪:‬‬ ‫()‬ ‫‪31‬‬

‫»(‪ )i‬شخص طبيعّي يتمّتع بالمواطنة أو بجنسّية أو من كان مقيًم ا باستمرار لدى ذلك الًقبط دقاعتملا فرّطا لقانونه الجاري‬
‫به العمل‪« .‬‬
‫ّظ‬
‫كذلك الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪ )6‬ـ أ ـ من االتفاقية لتشجيع وحماية االستثمارات وضمانها بين ال ّدول األعض اء من من م ة‬
‫المؤتمر اإلسالمي تنّص على أّن ‪:‬‬
‫»الّش خّص الّط بيعي‪ :‬كّل فرد يتمّتع بجنسّية دولة طرف بحسب أحكام الجنسّية الّس ائد فيها « ‪.‬‬
‫‪-52-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫المواطنة هي رابطة قانونية وسياسة تكرس انتماء الفرد لمجموعة وطنية أو إقليمية (المواطن األوروبي‬
‫أو المواطن العربي)‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬تعرف اتفاقية التبادل الح ر بين الوالي ات المتح دة والمغ رب‬
‫"المواطن" بما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬بالنسبة إلى المغرب‪" ،‬أحد مواطني المملكة المغربية" وفقًا للظهير رقم ‪ ،1-58-250‬المؤرخ ‪21‬‬
‫صفر ‪ 6( 1378‬أيلول‪/‬سبتمبر ‪ )1958‬الذي تم بموجبه وضع قانون الجنسية المغربية؛ و‬

‫‪ -2‬بالنسبة للواليات المتحدة‪" ،‬أحد مواطني الواليات المتحدة" كما هو معّر ف تحت العنوان الثالث من‬
‫قانون الهجرة والجنسية‪".‬‬

‫وتنص اتفاقية تشجيع وضمان االستثمار بين دول اتحاد المغرب العربي الموقعة في ‪ 23‬تموز‪/‬يولي و‬
‫‪ 1990‬في مادتها األولى أن المستثمر "هو المواطن الذي يملك رأس مال يقوم باستثماره في أحد بلدان اتحاد‬
‫المغرب العربي"‪.‬‬

‫وفي السياق نفسه‪ ،‬تعرف االتفاقية الموحدة الستثمار رؤوس األم وال العربي ة في ال دول العربي ة‬
‫"المواطن العربي" بأنه الشخص الطبيعي أو المعنوي المتمع بجنسية دولة طرف"‪ .‬أما المستثمر العربي فه و‬
‫"المواطن العربي الذي يملك رأس مال عربيًا ويقوم باستثماره في إقليم دولة طرف ال يتمتع بجنسيتها" (المدة‬
‫‪ .) 1‬وبالتالي تترادف المواطنة مع رابطة الجنسية أو االنتماء إلى دول يجمعها نفس االنتماء‪.‬‬

‫(ج) اإلقامة المستمّر ة؛‬


‫ال يوجد تعريف واضح وموحد لهذا المعيار‪ .‬وبصفة عاّم ة‪ ،‬تتكّو ن رابطة اإلقامة المس تمّر ة بالعالق ة‬
‫الترابية بين الفرد ودولة معينة يختار فيها مركز مصالحه‪ ،‬والتي تكرس المكان اّلذي تتمحور في ه روابط ه‬
‫الّش خصّية المتينة‪.‬‬

‫وتّتصل اإلقامة بالمكان الّذ ي يقيم فيه الّش خص عادة‪ .‬ولهذا المقّر صفتان اثنتان‪ :‬األولى كون ه عام ًا‬
‫لمباشرة حقوقه وتصّر فاته المدنّية‪ ،‬والّثانية كونه حقيقّيًا لقيامه على أساس اإلقامة الفعلّية‪.‬‬
‫ويرتكز المقّر على عناصر يحّددها القانون الوطني وتتمّثل في عنصرين اثنين‪ :‬هما اإلقام ة الفعلّي ة‬
‫واالعتياد‪ ،‬إذ تكون اإلقامة معلومة بداهة ومعتادة‪ ،‬ويعني ذلك اإلقامة الفعلّية والمستمّر ة‪ .‬وتجدر االشارة إلى‬
‫أن االستمرار ال يعني اتصال اإلقامة من دون انقطاع‪ ،‬وإّنما يقصد به استمرارها على وجه يتحّقق معه شرط‬
‫االعتياد‪ ،‬ولو تخّللتها فترات متقاربة أو متباعدة‪ .‬في حين ال يتوافر االعتياد واالستقرار في اإلقامة العرضّية‪،‬‬
‫كأن يقيم الّش خص مّدة معّينة في بلد بغاية الّس ياحة والّترفيه(‪ .)32‬ويسمح معيار اإلقامة المس تمرة من تش جيع‬
‫استثمارات مواطني الدولة المضيفة غير المقيمين في إقليم دولتهم وبخاصة منهم رجال األعمال المه اجرين‬
‫في البلدان الغربية الذين يستطيعون التمتع بالمزايا واإلعفاءات باستثناء التحكيم الذي يقتضي عادة أال يك ون‬
‫المستثمر طرف النزاع من مواطني الدولة المضيفة‪ .‬ولنا في ذلك مثال االتفاقية الثنائية المبرم ة في ‪2000‬‬

‫أنظر الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪ )7‬ـ أـ (‪ )i‬من معاهدة ميثاق الّط اقة والتي تنّص على أّن ‪:‬‬ ‫()‬ ‫‪32‬‬

‫»(‪ )i‬شخص طبيعّي يتمّتع بالمواطنة أو بجنسّية أو من كان مقيما باستمرار لدى ذلك الّط رف المتعاقد طبقا‬
‫لقانونه الجاري به العمل‪« .‬‬
‫‪-53-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫بين البحرين وماليزيا إذ تعني كلمة "المستثمر"‪ :‬أي شخص طبيعي حائز على الجنسية أو على إقامة دائمة في‬
‫إقليم الطرف المتعاقد بموجب قوانينه"(‪.)33‬‬

‫‪ -2‬المستثمر الّش خص المعنوي‬


‫تعتبر أغلبّية المعاهدات الّثنائّية لالستثمار‪ ،‬المستثمر الشخص المعنوي‪ ،‬كّل شخص اعتباري ك ائن في‬
‫إقليم أحد األطراف المتعاقدة بما فيها الّش ركات‪ ،‬والمنّظ مات‪ ،‬والجمعّيات‪ ،‬والمؤسّس ات ويق وم باس تثمار في‬
‫إقليم الّط رف المتعاقد اآلخر‪.‬‬
‫إّال إّنه على غرار المستثمر الّش خص الّط بيعي‪ ،‬يقوم تحديد مفهوم المستثمر الّش خص المعن وي بص فة‬
‫دقيقة على أساس جملة من المعايير يقع تحديديها من طرف الدولة‪.‬‬
‫(أ) اختالف المعايير؛‬
‫تستعمل كل دولة معيار أو معايير بحسب ما تقتضيه مص الحها وإرادته ا في اس تقطاب الش ركات‬
‫األجنبية لالستثمار في أراضيها‪ .‬وعلى الرغم من كثرة المعايير يمكن حصرها في أربعة معايير أساسية‪:‬‬

‫‪ .1‬معيار الجنسّية‬
‫تعتبر الجنسّية ‪-‬كما سبق وذكرنا‪ -‬رابطة قانونّية يتحّدد من خاللها انتماء الفرد إلى إقليم دولة معّين ة‬
‫بذاتها‪ .‬وبالّنسبة إلى المستثمر الّش خص المعنوي‪ ،‬تتحّدد الجنسًقفو ةّيا للّر ابطة اإلقليمية‪ ،‬ويكون بذلك للّش خص‬
‫المعنوي جنسّية خاّص ة به ال تختلط بالضرورة بجنسّية األشخاص الطبيعيين‪ .‬وتكتس ب جنس ّية الّش خص‬
‫المعنوي أهمّية من ناحية معرفة مدى الّتمّتع بالحقوق اّلتي تقصرها كّل دولة على رعاياها‪ ،‬وتحدي د الّدول ة‬
‫اّلتي يكون لها الحّق في حماية الّش خص المعنوي في المجال الّدولي‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬تحّدد جنسّية الّش خص‬
‫المعنوي القانون الذي يجب تطبيقه‪ ،‬وتتحّدد بالّتالي الّدولة اّلتي يّتخذ الّش خص المعنوي فيها مرك ز إدارت ه‬
‫الّر ئيسي‪ .‬وعلى الرغم من اتفاقية المركز الدولي لفض النزاعات‪ ،‬يستعمل شرط الجنسية األجنبية للش خص‬
‫المعنوي بالنسبة إلى الدولة المضيفة والطرف في النزاع(‪ ،)34‬فان عددًا كبيرًا‪ ،‬إن لم نق ل معظم االتفاقي ات‬
‫الثنائية ال تنص على هذا الشرط‪ .‬وقد يعود تفسير ذلك إلى اختالف المعايير بحسب القوانين الداخلي ة لك ل‬
‫دولة في ما يتعلق بإسناد الجنسية للذوات المعنوية‪ ،‬والبحث بالتالي عن االتفاق على شروط مشتركة أو على‬
‫‪33‬‬
‫وتقصي االتفاقية المبرمة بين البحرين وماليزيا الم ذكورة أعاله في الم ادة ‪( -7-‬تس وية منازع ات اإلس تثمار)‬ ‫()‬
‫المستثمرين الوطنيين الذين يحملون جنسية الدولة الطرف في النزاع من التحكيم الدولي‪:‬‬
‫"يوافق كل طرف متعاقد على عرض النزاع الذي نشأ بين تلك الدولة المتعاقدة وبين مستثمر من الدولة المتعاق دة األخ رى الى المرك ز‬
‫الدولي لتسوية منازعات اإلستثمار وذلك لتسويته عن طريق التوفيق أو التحكيم بموجب إتفاقية تسوية منازع ات اإلس تثمار بين ال دول‬
‫ومواطني الدول األخرى والمعروضة للتوقيع عليها في واشنطن بتاريخ ‪ 18‬آذار‪/‬مارس ‪.1965‬‬
‫‪34‬‬
‫تنص المادة مادة (‪ )25‬من اتفاقية االكسيد (‪: )ICSID‬‬ ‫()‬
‫يمتّد اختصاص المركز إلى المنازعات ذات الطابع القانوني التي تنشأ بين دولة متعاقدة واحد رعايا دولة متعاقدة أخ رى‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫والتي تتصل اّت صاال مباشرا بأحد االستثمارات‪ ،‬شرط أن يوافق أطراف النزاع كتابة على طرحها على المرك ز‪ .‬وم تى‬
‫أبدى طرفا النزاع موافقتهما المشتركة فإنه ال يجوز ألي منهما أن يسحبها بمفرده‪.‬‬
‫ويقصد بعبارة "أحد رعايا الدولة المتعاقدة األخرى" ما يلي‪:‬‬
‫‪)..(-1‬‬
‫‪- 2‬كل شخص معنوي يحمل جنسية إحدى الدول المتعاقدة األخرى خالف الدولة الطرف في النزاع‪ ،‬في تاريخ إعطاء‬
‫األطراف موافقتهم على طرح النزاع على التوفيق أو التحكيم‬
‫‪-54-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫االقل متفق عليها بين الدولتين لتمتع االشخاص المعنوية بالمعاملة والحماية التي تنص عليه االتفاقية الثنائية‪.‬‬
‫اما في ما يتعلق باتفاقية ‪ ICSID‬فإن شرط الجنسية األجنبية هو ش رط مهم‪ ،‬ألن اتفاقي ة المرك ز تقص ي‬
‫النزاعات التي يكون فيها األشخاص االعتباريون حاملين لجنسية الدول المضيفة الط رف في ال نزاع‪ ،‬على‬
‫الرغم من أن اتفاقية ‪ 1965‬تنص على استثناء مهم لهذا الشرط كما سيتبّين الحقا‪.‬‬

‫‪ ,2‬معيار دولة الّتأسيس‬


‫نّص ت اتفاقيات ثنائية عديدة على معيارين اثنين هما‪ :‬معيار دولة الّتأسيس ومعيار المقّر االجتم اعي‪.‬‬
‫وتعتبر هذه المعايير من أكثر المعايير شيوعا‪ .‬وفي تعريفها المستثمر الّش خص المعن وي‪ ،‬اس تندت بعض‬
‫المعاهدات الّثنائّية على معيار واحد‪ ،‬إّم ا معيار دولة الّتأسيس أو معي ار دول ة مرك ز الّش ركة أو المق ّر‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫واعتمدت بعض المعاهدات الّثنائّية لتشجيع وحماية االستثمارات على معيار دولة الّتأسيس اّلذي يعرف‬
‫استعماًال شائعا في البلدان االنكلوسكسونية أو بلدان القانون العام ‪ common law‬إذ يتّم تحديد جنسّية المستثمر‬
‫الّش خص المعنوي طبقًا للقانون اّلذي ينّظ م تأسيس الّش ركة‪ ،‬ويكفي لذلك الّر جوع إلى المكان اّلذي حازت في ه‬
‫الّش ركة على تسجيلها كون مكان الّتسجيل يعًرايعم ّدا ثابًتا وحاسًم ا ويتحّدد بطريقة سهلة وأكيدة‪.‬‬

‫ويتمّيز معيار دولة الّتأسيس بسهولة الّتطبيق واالستقرار‪ ،‬كما يعكس مدى توسع المعاه دات الّثنائّي ة‬
‫لقبول وحماية وتشجيع المستثمر الّش خص المعنوي‪.‬‬

‫وللتّدليل على ما ذكر أعاله‪ ،‬نّص ت عدة اتفاقيات على هذا المعيار من دون غيره في بعض األحيان‪:‬‬
‫‪-‬الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪ )2‬من االتفاقية الّثنائّية المبرمة بين المملكة األردنّية وإندونيسيا تشير إلى أّن لفظ ة‬
‫"مستثمر" تعني‪:‬‬
‫ّط‬ ‫ًق‬
‫»األشخاص القانونّيون المؤّس سون وف ا لقوانين ذلك ال رف المتعاقد« ‪.‬‬
‫‪ -‬المادة (‪ )1‬الفقرة(‪ -)2‬من االتفاقية الثنائية المبرمة بين البحرين وماليزيا‪" :‬المستثمر" يعني أي ة‬
‫مؤسسة‪ ،‬أو شركة‪ ،‬أو إتحاد تجاري أو مشروع مشترك أو منظمة أو رابطة تنشأ وفًقا للق وانين‬
‫السارية في بلد الطرف المتعاقد‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 1‬الفقرة ‪ 3‬من االتفاقية المبرمة بين عمان والسودان‪ :‬تعبير"ش ركة" يع ني أي ش خص‬
‫قانوني منشأ في إقليم أحد الطرفين المتعاقدين طبًقا لقوانين ذلك الطرف المتعاقد"‪.‬‬

‫ة‬ ‫ولقد تماشى مضمون هذه ااالتفاقيات مع ما جاءت به الماّدة (‪ )7‬فقرة (أ) ‪ ii‬من ميثاق اتفاقية الّط اق‬
‫الّتي تنّص على أّن كلمة "مستثمر" تعني‪:‬‬
‫‪ )» ii‬كّل مشروع أو منّظ مة أخرى مؤّس سة طب ا للّتشريع المطّبق في إقليم هذا ال رف المتعاقد «‪.‬‬
‫ّط‬ ‫ًق‬
‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬يكمن اإلشكال في أن معيار دولة التأسيس قد يعتمد على عالقة هّش ة وض عيفة‬
‫بين المستثمر ودولة الجنسية‪ ،‬وتستعمله عدة شركات يقع تأسيسها في "الجّنات الضريبية" مثل بعض األق اليم‬
‫في جزر الباسيفيك وذلك للتهرب من االلتزامات الضريبة‪.‬‬

‫‪ .3‬معيار دولة مركز الّش خص المعنوي‬


‫يقصد بمعيار دولة مركز الّش خص المعنوي المقّر االجتماعي‪ .‬ولقد تّم تعريف المقّر االجتم اعي بأّن ه‬
‫المكان اّلذي تنحصر فيه حياة الّش خص المعنوي المركزّي ة وتقع فيه مكاتبه وإدارته وتعقد فيه جلسات جمعّياته‬
‫‪-55-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫انوني‪.‬‬ ‫العمومّية؛ وقد يستقّل عن مركز استغالله من ناحية تجارته وصناعته‪ .‬إال إنه يعتبر دائًم ا موطنه الق‬
‫ويتّم تحديد المقّر اإلجتماعي للّش خص المعنوي إّم ا في القانون األساسي أو في كتاب الحق‪.‬‬

‫كما يعّد تطبيق هذا المعيار سهًال إذ يتم تحديد جنسّية الّش خص المعنوي بالّر جوع إلى المقّر اإلجتماعي‬
‫في إقليم أحد الّط رفين المتعاقدين‪.‬‬

‫وقد نّص ت بعض المعاهدات الّثنائّية على هذا المعيار‪ ،‬ومثال على ذلك‪:‬‬
‫أ‪ -‬الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪– )2‬ب‪ -‬من االتفاقية الثنائية بين البحرين ومصر ال تي تنص على أّن مص طلح‬
‫"مستثمر" يعني‪:‬‬
‫ًق‬
‫» ب) " كل شخص معنوي قائم على إقليم أحد الطرفين المتعاقدين طب ا لتشريعه ويكون مركزه الرئيسي في‬
‫نفس االقليم أو أن تتم إدارة هذا الشخص المعنوي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بواس طة مواط ني أح د‬
‫الطرفين المتعاقدين أو بواسطة أشخاص معنوية أخرى يكون مركزها الرئيس ي على إقليم أح د الط رفين‬
‫المتعاقدين والمقام طبقا لتشريعه ‪.‬‬
‫الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪– )1‬ب‪ -‬من االتفاقية بين النيجر وفرنسا التي تنص على أّن مصطلح "مستثمر"‪:‬‬
‫»(ب) "يعني شخص معنوي ينشأ في إقليم أي طرف من الطرفين المتعاقدين طبًقا لتشريعه ويقع مكتبها‬
‫المسّج ل في ذلك اإلقليم"‪.‬‬

‫‪ .4‬معيار المراقبة‬
‫يعني معيار المراقبة أن الجنسية تمنح على أساس جنسية األشخاص الذين يملكون أغلبية رأس الم ال‬
‫في الشركة أو الحصص الجوهرية فيها ويسيطرون بالتالي على االستثمار‪ ،‬إلى ج انب مع ايير أخ رى في‬
‫بعض األحيان مثل‪:‬‬
‫‪ -‬االتفاقية بين االردن وسويسرا‪" :‬يعني مصطلح "مستثمر" في م ا يتعل ق ب أي من الط رفين‬
‫المتعاقدين‪ :‬كيان قانون مؤسس وفقًا لقانون أي دولة والتي يكون مسيطرًا عليه بصورة مباشرة أو‬
‫غير مباشرة من قبل أشخاص طبيعية كما هو معرف في الفقرة (أ) أعاله أو من قب ل كيان ات‬
‫قانونية كما هو معرف في الفقرة (ب) أعاله بحيث يكون لمثل هؤالء األش خاص أو الكيان ات‬
‫حصة ال يستهان بها في الملكية"‪.‬‬
‫ويسمح معيار المراقبة من التثبت أن العالقة وطيدة بين المستثمر ودولته سواء من الناحية القانونية أو‬
‫االقتصادية‪ .‬إّال إنه صعب التطبيق في بعض االحيان نظرا أنه يستوجب التثّبت من جنسية جميع األش خاص‬
‫الطبيعيين المساهمين في رأس مال الشركة ويتعّقد االمر أكثر عنما يساهم أشخاص معنويين في رأس الم ال‬
‫الشركة وتكون بالتالي المراقبة غير مباشرة‪ .‬وفي بعض االحيان يجب الرجوع الى عدة مس تويات لمعرف ة‬
‫االشخاص الذين يسيطرون على الشركة‪ ،‬وبالتالي على االستثمار‪.‬‬
‫‪-56-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫(ب) الجمع بين أكثر من معيار في تحديد مفهوم الشخص اإلعتباري الذي يخضع‬
‫للحماية بموجب االتفاقيات الثنائية لالستثمار؛‬

‫اقتضت بعض المعاهدات الّثنائّية المتعّلقة بالّتشجيع والحماية المتبادلة لالستثمارات أّنها تمنح الحماي ة‬
‫لالشخاص المعنويين الذين يخضعون الى شروط تقوم إّم ا على أساس الجمع أو الّتعاقب بين المعايير‪ ،‬أو على‬
‫الجمع والّتعاقب بين المعايير‪.‬‬

‫‪ .1‬معايير الجمع أو التعاقب‬


‫ّث‬
‫اعتمدت بعض المعاهدات ال نائّي ة على الجمع بين معيارين إثنين في حين استندت معاهدات أخرى على‬
‫تعاقب معيارين إثنين‪:‬‬
‫المطلب االول ‪ -‬معايير الجمع‬
‫غالبا ما يكون الجمع بين نوعين أو أكثر من المعايير‪:‬‬
‫‪‬التطبيق الجمعي لمعيار الّتأسيس ومعيار المقّر اإلجتماعي‬
‫بحسب بعض االتفاقيات الّثنائّية ال يتمّتع الّش خص المعنوي بالحماية الّناتجة عن االتفاقيات إ في ح ال‬
‫ّال‬
‫جمع بين معيارين‪ :‬معيار التأّس يس ومعيار المقّر ‪ .‬ومن األمثلة على ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 1‬الفقرة ‪ 2‬من االتفاقية بين البحرين ومصر‪" :‬الشركات"‪:‬‬

‫تعني كل شخص معنوي قائم على إقليم أحد الطرفين المتعاقدين طبًق ا لتشريعـه ويك ون مرك زه‬
‫الرئيسي في نفس االقليم؛‬
‫ّش‬ ‫ّل‬ ‫ّث‬
‫‪ -‬الماّدة (‪ )8‬فقرة (‪ )4‬من اإلّتفاقّية ال نائّية المبرمة بين تونس ألمانيا ا تي تع ّر ف "ال ركة" على‬
‫أّنها‪:‬‬
‫ّل‬ ‫ّل‬
‫»حسب الجمهورّية الّتونسّية‪ ،‬ك شخص طبيعي وكذلك ك شركة تجارّي ة أو أي ش ركة أخ رى أو‬
‫جمعّية ذات شخصّية قانونّية أوال‪ ،‬يكون مقّر ها في الجمهورّية الّتونسّية وتأّس ست طبًقا لقوانينها الّداخلة حّي ز‬
‫الّنفاذ بمعزل من معرفة إن كان نشاطها ذا هدف ربحي أم ال «‪.‬‬

‫إذا ال يمكن اعتبار أّن الّش ركة محمّية بمقتضى المعاهدة المبرمة إّال إذا كان تحديد جنسّيتها مبنّي ًا على‬
‫الجمع بين معيارين‪ :‬المقّر االجتماعي والّتأسيس‪ ،‬وذلك في ظّل الّتشريع الّتونسي‪.‬‬

‫في المقابل‪ ،‬إذا لم تجتمع هذه المعايير‪ ،‬يتّم مبدئيًا إقصاء هذه الّش ركة من مجال الّتط بيق الّش خص ي‬
‫للمعاهدة‪ .‬فال معيار المقّر االجتماعي وال معيار التأسيس يكفيان وحدهما العتبار الّش ركة محمية من ط رف‬
‫االتفاقية بين تونس وألمانيا‪.‬‬
‫ومن األمثلة أيضا على الّتطبيق الجمعي لمعياري الّتأسيس والمقّر االجتماعي نذكر‪:‬‬
‫‪ -‬الماّدة ‪ 1‬الفقرة ‪ -2‬ب من االتفاقية بين مصر والمغرب التي تنص على أن عب ارة "مس تثمر"‬
‫تعني‪" :‬ب‪ -‬كل شخص اعتباري تأسس طبًق ا للقانون المعمول به في كل من الطرفين المتعاقدين‬
‫ويوجد مقره في إقليم هذا الطرف المتعاقد"‪.‬‬
‫ّث‬
‫‪ -‬الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪ )2‬ـ ب ـ من االتفاقية ال نائّية المبرمة بين حكوم ة الجمهورّي ة الّص ينّية‬
‫الّش عبّية وحكومة جمهورّية بينين في ‪ 2004‬اّلتي تنّص على أّن مصطلح "مستثمر" يعني‪:‬‬
‫‪-57-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫»(ب) كّل شخص معنوي‪ ،‬بما فيه الّش ركات‪ ،‬جمعّيات األعمال ومنّظ مات أخرى وإّتحادات المؤّس س ين‬
‫وفقا لقوانين وقواعد الجمهورّية الّص ينّية الّش عبّية أو جمهورّية بينين ولهم مقّر في إقليم الجمهورّي ة الّص ينّية‬
‫الّش عبّية وكذلك جمهورّية بينين «‪.‬‬

‫ة‬ ‫وتنص بعض االتفاقيات األخرى على شروط أخرى من شأنها أن تعزز العالقة بين الشركة والدول‬
‫الطرف‪ ،‬وذلك الجتناب الشركات الوهمية التي تفتقر الى عالقة وطيدة مع الدولة الطرف في االتفاقية ‪:‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ - 1‬ب من االتفاقية بين لبنان ومصر‪:‬‬
‫‪ -‬تشير كلمة "مستثمر" في ما يتعلق بأي من الطرفين المتعاقدين‪ ،‬إلى‪ :‬األشخاص اإلعتباريين‪ ،‬بم ا‬
‫في ذلك الشركات‪ ،‬والهيئات‪ ،‬ومؤسسات األعمال‪ ،‬والمؤسسات األخرى التي أنشئت أو أّس س ت‬
‫بحسب األصول بموجب قوانين ذلك الطرف المتعاقد والتي يوجد مقّر ها‪ ،‬مع األنشطة االقتصادية‬
‫الفعلية‪ ،‬في أراضي ذلك الطرف المتعاقد نفسه‪.‬‬

‫ركات‬ ‫على الرغم من أحكام هذه الفقرة الفرعية‪ ،‬تسري هذه اإلتفاقية على الشركات القابضة أو الش‬
‫األجنبية (أوف شور) المسجلة لدى أّي من الطرفين المتعاقدين‪.‬‬

‫الّتطبيق الجمعي لمعيار مقر الشركة باالشتراك مع معيار الملكية‬

‫البند المتعلق باألشخاص االعتباريين‬


‫خليط من المعايير معيار الملكية باالشتراك مع معيار مركز الشركة‬
‫اتفاقية المؤسسة العربية لضمان االستثمار‬
‫مادة ‪ – 17‬جنسية المستثمر‬
‫ليكون مقبوًال كشريك فى عقد تأمين‪ ،‬يجب أن يكون المستثمر شخصًا طبيعيًا مستمثرًا لدولة عض و‪ ،‬أو‬ ‫‪.1‬‬
‫شخصًا اعتباريًا تكون أسهمه وأنصبته بالضرورة ملكية لدولة عضو أو مستثمريها ويكون مقره ا فى واح دة من‬
‫الدول األعضاء‪ .‬وفى كل األحوال ال يجوز أن يكون من مستثمري البلد المضيف‪]1[.‬‬
‫[‪ ]1‬تم تعديل هذه الفقرة كالتالي (قرار رقم ‪)7/1976‬‬
‫يجب على المستثمر ليكون مقبوًال كطرف فى اتفاقية تأمين‪ ،‬أن يكون شخصًا طبيعي ًا مس تثمرًا لدول ة‬ ‫ا‪.‬‬
‫عضو‪ ،‬أو شخصًا اعتباريًا يملك أسهم وأنصبة تكون بالضرورة ملكية لدولة أوعدة دول أعض اء أو مس تثمريهم‬
‫ويكون المقر الرئيسى قائمًا فى إحدى هذه الدول‪.‬‬
‫يمكن قبول شخص اعتبارى كطرف فى اتفاقية تأمين‪ ،‬طبقًا لقرار من المجلس‪ ،‬حتى لو ك ان مق ره فى‬ ‫ب‪.‬‬
‫دولة غير عضو‪ ،‬شرط أن يكون ملكية دو لة أو عدة دول أعضاء أو مستثمريها أو شخصيات اعتبارية تتمتع طبقًا‬
‫ألحكام الفقرة السابقة باتفاقية التأمين‪ ،‬وتكون الملكية بنسبة ال تقل عن ‪ 50‬في المائة‪ .‬وفى جميع األحوال ال يجوز‬
‫أن يكون من مستثمرى البلد المضيف‪.‬‬

‫‪‬الّتطبيق الجمعي لمعيار دولة التأسيس ومقر الشركة باالشتراك مع معيار الملكية والسيطرة‬
‫تنص بعض االتفاقيات على هذا الجمع النادر‪:‬‬
‫وطني يعنى‪]…[ :‬‬
‫(‪ )ii‬كل شخص اعتباري قائم طبقًا لتشريع دولة عضو‪ ،‬يكون المكتب الرئيسى له أو المقر فى إقليم‬
‫الدولة المذكورة ويملك ‪ 51‬في المائة من رأسماله األساسي مستثمرون أو هيئ ات عام ة للدول ة‬
‫‪-58-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫العضو المذكورة‪( ].…[ .‬ميثاق نظام المشروعات متعددة األطراف الصناعية فى منطقة التبادل بين‬
‫دول أفريقيا الشرقية وأفريقيا الجنوبية)‪.‬‬

‫وتنص اتفاقيات أخرى على معيار دولة التأسيس باالشتراك مع معيار دولة مركز الشركة مع استعمال‬
‫[تثمار (‪ )MIGA‬ه ذه‬ ‫[مان االس[‬
‫الملكية كمعيار تعويضي‪ .‬وتستعمل معاهدة إنشاء الوكالة الدولية لض[‬
‫الطريقة‪:‬‬
‫مادة ‪:13‬‬
‫‪ )a‬كل شخص طبيعي وكل شخص اعتباري يمكن قبول تمتعهم بضمانات الوكالة‪ ،‬بشرط‪:‬‬
‫‪ )i‬أن يكون للشخص الطبيعى المذكور جنسية إحدى الدول األعضاء غير جنسية البلد المضيف؛‬
‫‪ )ii‬أن يكون الشخص االعتباري المذكور قائمًا طبقًا لقانون إحدى الدول األعض اء ويك ون مق[[ره‬
‫الرئيسى فى الدولة المذكورة‪ ،‬أويكون أغلبية رأسماله مملوكًا لدولة عضو أو دول أعضاء أو مواطني الدولة‬
‫أو الدول المذكورة بشرط أن تكون الدولة المضيفة فى الحالتين السابقتين دولة أخرى عضو‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ -‬معايير الّتعاقب‪:‬‬


‫ّش‬
‫تختلف االتفاقيات الثنائية في ّتطبيق المعايير بصفة متعاقبة في ما يتعلق بال خص المعنوي‬
‫‪ -‬ويكمن التعاقب في بعض االتفاقيات في معياري الّتأسيس أوالمقّر اإلجتماعي من ذلك‪:‬‬
‫الماّدة (‪ )1‬فقرة (ب) ‪ iii‬من اإلّتفاقّية الّثنائّية المبرمة بين كندا واألرجنتين‬
‫»(‪ )iii‬بالّنسبة للجمهورّية األرجنتينّية‪ ،‬كّل كائن قانوني تأّس س وفًق ا لق وانين وقواع د الجمهورّي ة‬
‫األرجنتينّية أو له مقّر في إقليم الجمهورّية األرجنتينّية ‪«.‬‬
‫لدى الّتأمل في هذه الماّدة‪ ،‬يتبّين أّن معيار الّتأسيس ومعيار المقّر اإلجتماعي كالهما متساويان‪ .‬إذ إن ه‬
‫في حال لم يستجب الّش خص المعنوي ألحد المعيارين‪ ،‬يبقى الّش خص نفسه متمّتعا بما جاء في المعاه دة‪ ،‬وال‬
‫يمكن بالّتالي إقصاؤه عن مجال الّتطبيق الّش خصي للمعاهدة‪ ،‬ألنه بمجّر د توافر أح دهما يكس ب الّش خص‬
‫المعنوي الحق في الحماية‪.‬‬
‫‪ -‬وتنص بعض االتفاقيات األخرى النادرة على التعاقب بين معيار التأسيس وإدارة الشركة‪:‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 1‬الفقرة ‪ 3‬من االتفاقية بين مصر وقطر‪ " :‬تعني كلمة مستثمر ب‪ -‬أي شخص اعتب اري‬
‫متخًذ ا شكل شركة عامة أو خاصة أو مختلطة أيا كان نوعها‪ ،‬أو اتح اد ش ركات‪ ،‬أو مؤسس ة‬
‫عامة‪ ،‬أو هيئة عامة‪ ،‬أو جمعية أو منشأة‪ ،‬أو مشروع مؤسس أو منشأ على إقليم طرف متعاق د‬
‫وفقًا للقوانين المعمول بها لديه‪ ،‬أو يديره ويشرف عليه سواء بطريقة مباشرة أو غ ير مباش رة‬
‫مواطنون من طرف متعاقد"‪.‬‬
‫‪ -‬وتنص اتفاقيات أخرى على التعاقب بين معيار التأسيس ومعيار المراقبة‪:‬‬
‫‪ ‬المادة ‪ 1‬الفقرة ‪( 2‬ج) من االتفاقية بين اإلمارات ولبنان‪" :‬يعني مصطلح "مس تثمر" أي ش خص‬
‫اعتباري أو أي كيان آخر تم تأسيسه بصورة قانونية بموجب قوانين ونظم تلك الدولة المتعاق دة‪،‬‬
‫ان‬ ‫ل (‪ )..‬وأي كي‬ ‫مث‬
‫تًنميهم وأ ًاكولمم نوكيو يرابتعا صخشك ةدقاعتملا ةلودلا ةطلس جراخ هسيسأت ّما عليه من قب ل‬
‫تلك الدولة المتعاقدة أو أي من مواطنيها أو أي كيان ينشأ في نطاق سلطتها"‪.‬‬

‫‪ .2‬معايير الجمع والّتعاقب‬


‫وي‬ ‫ّش‬ ‫ّل‬
‫تعمل بعض المعاهدات الّثنائّية على الّتطبيق الجمعي والّتعاقبي للمعايير ا تي تحّدد ال خص المعن‬
‫المغطى بحماية االتفاقية واألمثلة عديدة‪:‬‬
‫‪-59-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫‪ -‬الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪ )3‬من اإلّتفاقّية الّثنائّية المبرمة بين حكومتْي الجمهورّية المونغولّية والجمهورية‬
‫الفرنسية والتي تنّص أّن ‪:‬‬
‫»عبارة "شركات" تعني كّل شخص معنوي أّس س في إقليم أحد األطراف المتعاقدة وفق ًا لتش ريع ذات‬
‫الّط رف المتعاقد وله مقّر أو مراقب بصورة مباشرة أو غير مباشرة من ط رف مواط ني أح د األط راف‬
‫المتعاقدة‪ ،‬أو من طرف أشخاص معنويين لهم مقّر في إقليم أحد األطراف المتعاقدة‪ ،‬ومؤًقفو نيسّسا لتش ريع‬
‫ذات الّط رف المتعاقد «‪.‬‬

‫ويعني ذلك أّن الّش ركة‪ ،‬حّتى تنتفع بأحكام اإلّتفاقّية‪ ،‬عليها أن تضمن أحد الّش رطين الّتاليين وهما إّم ا أن‬
‫تجمع بين معيارْي الّتأسيس والمقّر ‪ ،‬أو أن يتوافر لديها معيار المراقبة‪ ،‬فتتحّدد بذلك جنسّيتها وتضمن حماي ة‬
‫اإلّتقاقّية‪ .‬وهو ما من شأنه أن يساهم في توسيع مجال الّتطبيق الّش خصي للمعاهدات الّثناّئية‪.‬‬
‫ونّص ت اتفاقيات أخرى على الطريقة نفسها مثل‪:‬‬
‫‪ -‬الماّدة (‪ )1‬فقرة (‪ )2‬من اإلّتفاقّية الّثنائّية المبرمة بين النمسا ومصر‪:‬‬
‫‪ -‬عبارة "مستثمر" تعني‬
‫‪" -‬أ‪ -‬أي شخص طبيعي يحمل جنسية أي من الطرفين المتعاق دين ويس تثمر في أرض الط رف‬
‫المتعاقد اآلخر؛‬
‫ًق‬
‫‪ -‬ب‪ -‬أي شخص اعتباري أو شركة‪ ،‬منشأ طب ا لقانون أحد الطرفين المتعاق دين‪ ،‬ول ه مق ر في‬
‫إقليمه ويقوم باالستثمار في إقليم الطرف المتعاقد اآلخر؛‬
‫‪ -‬ج‪ -‬أي شخص اعتباري أو شركة منشأ طبًقا لقانون الطرف المتعاقد أو ط رف ث الث وال تي‬
‫يمارس عليها المستثمر المشار إليه في البندين أ وب تأثير مستمر‪".‬‬

‫وتنص اتفاقيات اخرى على الطريقة نفسها مرفقة بشروط اضافية‪:‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 1‬من االتفاقية بين األردن وسويسرا‪:‬‬


‫" يعني مصطلح "مستثمر" في ما يتعلق بأي من الطرفين المتعاقدين‪:‬‬
‫األشخاص الطبيعيون الذين يعتبرون وفقًا لقانون ذلك الطرف المتعاقد من مواطنيه؛‬ ‫أ‪-‬‬
‫الكيانات القانونية‪ ،‬بما فيه ذلك الشركات والمؤسسات وجمعيات الألعمال والمنظمات األخرى المنشأة‬ ‫ب‪-‬‬
‫أو المنظمة وفقًا لقانون ذلك الطرف المتعاقد والتي يكون لها مقر باإلضافة إلى نشاط اقتص ادي حقيقي‬
‫في إقليم الطرف المتعاقد ذاته؛‬

‫الكيان القانوني المؤسس وفقًا لقانون أي دولة والتي يكون مسيطرًا عليه بصورة مباش رة أو غ ير‬ ‫ج‪-‬‬
‫مباشرة من قبل أشخاص طبيعية‪ ،‬كما هو مّع رف في الفقرة (أ) أعاله‪ ،‬أو من قبل كيانات قانونية كما هو‬
‫معّر ف في الفقرة (ب) أعاله بحيث يكون لمثل هؤالء األشخاص أو الكيانات حصة ال يستهان به ا في‬
‫الملكية"‪.‬‬

‫وتسمح هذه الطريقة بصفة عامة بإيجاد فرصًا أكبر لالستثمار الذي تقوم به الذوات المعنوية في الدول‬
‫المضيفة من خالل توسيعها الحماية لتشمل عددًا أكبر من المستثمرين‪.‬‬
‫‪-60-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫باإلضافة إلى جملة هذه المعايير‪ ،‬نّص ت بعض المعاهدات التي تضمنت تعريف المس تثمر الّش خص‬
‫المعنوي‪ ،‬على معايير أخرى تلّخ صت في معيار الملكّية ومعيار األغلبّية المسيطرة إذ إنها تمن ح الحماية على‬
‫أساس الملكية أو السيطرة على اإلستثمار ومن األمثلة على ذلك نذكر‪:‬‬
‫الماّدة (‪ )1‬فقرة (س) ‪ i‬من اإلّتفاقّية الّثنائّية المبرمة بين االتحاد الّس ويسرّي وجمهورّية كوستاريكا يعت بر‬
‫"مستثمرا"‬

‫(س) كّل شخص معنوي لم يؤّس س طبقًا لتشريعات ذات الّط رف المتعاقد‪،‬‬
‫‪ )i‬إذا إمتلك أشخاص هذا الّط رف المتعاقد أكثر من ‪ 50‬في المائة من رأس المال‪.‬‬

‫صفة المستثمر‬ ‫ج‪-‬‬


‫في فقه‬
‫القضاء؛‬

‫حظيت مسألة تحديد مفهوم "المستثمر" باهتمام المحّك مين المنصبين ل دى المرك ز ال ّدولي لتس وية‬
‫منازعات االستثمار إذ كشفت مختلف الهيئات الّتحكيمّية في عّدة قرارات صادرة عنها عن الّتطّو ر اّلذي حّققته‬
‫هذه المسألة‪ ،‬خاّص ة وأّن صفة "مستثمر" كما هو وارد في الفصل (‪ )25‬من إّتفاقّية واش نطن ال تي أنش أت‬
‫المركز الّدولي تعّد من بين الّش روط األساسّية لقبول الّدعوى‪.‬‬

‫‪ .1‬المستثمر الشخص الطبيعي‬


‫في بعض القرارات التحكيمية التي صدرت عن الهيئات الّتحكيمّية ‪ ICSID‬طرحت إشكالية مهمة تتعلق‬
‫بالمستثمر الشخص الطبيعي‪ ،‬وهي ازدواج الجنسية‪ .‬وينطبق هذا االزدواج على حاالت عدة‪:‬‬

‫يتمتع المستثمر وفقًا للحالة االولى بجنسيتين اثنتين‪ :‬جنس ية الدول ة المص درة لالس تثمار‬ ‫أ‪-‬‬
‫وجنسية الدولة المضيفة‪ .‬وعند قيام النزاع من طرف المستثمر ضد هذه االخيرة‪ ،‬تثير الدول ة ع دم‬
‫اختصاص الهئية التحكيمية متذّر عة بالطبيعة غير الدولية للنزاع‪ ،‬أي طبيعته الداخلية البحتة بحس ب‬
‫‪-61-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫مقتضيات االتفاقية الثنائية‪ ،‬والمادة ‪ 25‬من اتفاقية واشنطن‪ .‬ويعتبر فقه قضاء المركز مستقًر ا تج اه‬
‫هذه االشكالية‪ .‬واعتبر المحكمون أنه يجب تطبيق البند ذات الصلة في االتفاقية الثنائية المادة ‪ 25‬التي‬
‫تنص في فقرتها االولى‪:‬‬

‫"يمتّد اختصاص المركز إلى المنازعات ذات الطابع القانوني التي تنشأ بين دولة متعاقدة وأحد‬
‫رعايا دولة متعاقدة أخرى (‪ ")...‬وتعرف المادة في في فقرتها ‪ 2‬عبارة "أحد رعايا الدولة المتعاق دة‬
‫األخرى"‪" :‬كل شخص طبيعي يحمل جنسية إحدى الدول المتعاقدة األخرى خالف الدولة الط رف في‬
‫النزاع‪ ،‬في تاريخ إعطاء األطراف موافقتهم على طرح النزاع على التوفيق أو التحكيم‪ ،‬وأيض ا في‬
‫تاريخ تسجيل الطلب طبقا للمادة ‪ 28/3‬أو المادة ‪ ،36/3‬مع استبعاد أي شخص كان يحمل في ه ذا‬
‫التاريخ أو ذاك جنسية الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع"‪ .‬وبالت الي ق رر المحكم ون في قض ية‬
‫‪ ،Champion Trading Company and others vs. Egypt‬لسنة ‪ 2002‬أنه يجب اعتماد المعنى‬
‫الطبيعي والواضح للنص وتأويل اتفاقية واشنطن وفقًا ألهدافها وموضوعها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن المس تثمر‬
‫المتمتع في الوقت نفسه بالجنسية المصرية واألمريكية ال يمكنه رفع دعوى لدى المركز ضد دول ة‬
‫مصر ألن المادة ‪ 25‬تستبعد صراحة أن يكون المستثمرالمدعي حامًال لجنسية الدولة المضيفة الطرف‬
‫في النزاع ونظرًا أن هدف اتفاقية ‪ ICSID‬هو فّض النزاعات المتعلقة باالس تثمارات الدولي ة وليس‬
‫الوطنية‪ .‬ولم يأخذ المحكمون بعين االعتبار أن الرابطة القانونية بين المستثمر ودولة مصر (الجنسية‬
‫المصرية) تبدو ضعيفة وشكلية‪ ،‬نظرًا ألنه ليس له "عالقة فعلية" بمصر‪ ،‬وأنه باستثناء جواز الس فر‬
‫المصري ليس للمستثمر أية مصالح بمصر باإلضافة إلى أن مقر إقامته الدائمة ومصالحه وغيره ا‬
‫راسخة في الواليات المتحدة‪ .‬لذا لم يتمسك المحكمون في هذه القضية وفي قضايا أخ رى بمفه وم‬
‫"الجنسية الفعلية" الذي أخذ به فقه قضاء محكمة العدل الدولية في ‪ 1955‬ابتداءا من قضية نوتيب وم‬
‫‪.Nottebohm‬‬

‫ب‪ -‬يتسم ازدواج الجنسية بطابع ثاٍن نظر فيها فقه قضاء المركزفي قضية حسين نعمان سوفراكي‬
‫‪ Hussein Nuaman Soufraki‬ضد دولة اإلمارات في سنة ‪ .2002‬وكان المستثمر في الحالة تلك‪،‬‬
‫يحمل جنسيتين اثنين (الجنسية اإليطالية والجنسية الكندية) مختلفتين عن جنس ية الدول ة المض يفة‬
‫الطرف في النزاع (جنسية دولة اإلمارات)‪ .‬وتكمن اإلشكالية في أن كندا لم تكْن طرًفا في االتفاقي ة‬
‫التي أنشأت المركز‪ ،‬والتي هي شرط لرفع دعوى تحكيمية لديه‪ .‬وأمام هذا الحاجز‪ ،‬رفع المس تثمر‬
‫الدعوى ضد اإلمارات على أساس اتفاقية ثنائية مبرمة بين اإلمارات وإيطالي ا م دعيا أن ه يحم ل‬
‫الجنسية اإليطالية بحسب القانون الداخلي اإليطالي بما أن إيطاليا هي طرف في االتفاقي ة المنش ئة‬
‫للمركز‪ .‬وقد سمحت هذه القضية وقضايا أخرى (مثل قضية ي ودورو أرمان دو أولغ وين ‪Eudoro‬‬
‫‪ Armando Olguin‬ضد البراغواي عام ‪ )2002‬إلى تثبيت قواعد عدة متعلقة بجنسية الشخص‬
‫الطبيعي‪:‬‬
‫‪ o‬تتمتع الدولة بالسيادة والسلطة التقديرية لمنح جنسيتها أو رفضها على أساس المعايير الي‬
‫تضبطها بكل حرية؛‬
‫لكن من ناحية أخرى يتمتع المحكمون بالص الحية المطلق ة واالس تقاللية للنظ ر في‬ ‫‪o‬‬
‫اختصاصهم‪ ،‬وذلك على أساس المادة ‪ 41‬من اتفاقية المركز‪ .‬وبالتالي‪ ،‬في مادة الجنسية‬
‫وجميع المسائل االخرى المتعلقة باالختصاص‪ ،‬ينظر المحكمون في القواعد الدولية وفي‬
‫القانون الداخلي‪ ،‬بغض النظر عن القرارات التي تصدرها الهيئات الداخلية التي ال تربط‬
‫المحكمين‪ .‬وقد طبق المحكمون هذا المبدأ في قضية "س وفراكي" ض د اإلم ارات‪ ،‬إذ‬
‫‪-62-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫رفضت الهئية التحكيمية موق ف المس تثمر في أن الس لطات اإليطالي ة هي وح دها‬
‫المتخّص صة في تأويل القانون اإليطالي المتعلق بالجنسية وأن الهئية التحكيمية ملزمة بهذا‬
‫التأويل‪ .‬وقد قّر ر المحكمون أن النظر في مسألة اختصاصهم تسمح لهم البّت في جمي ع‬
‫المسائل التي طرحت عليهم‪ ،‬وذلك على أساس القواعد الدولية والق رارات والتنظيم ات‬
‫الداخلية المتعلقة بالجنسية‪ ،‬من دون أن يرتبطوا بالتأويل الذي تعتمده السلطات الداخلية‪.‬‬

‫وأخيرًا سمح التطور في مسألة جنسية األشخاص الطبيعيين بالتوسع إلى حد ما في مفهوم الش خص‬
‫المعنوي المحمي من طرف االتفاقية الثنائية‪ ،‬كما وقع تأويلها من طرف فقه القض اء التحكيمي ال ذي م ّد‬
‫الحماية إلى األشخاص الطبيعيين األجانب الذين يساهمون‪ ،‬وإن كانوا أقلي ة‪ ،‬في ش ركات وطني ة للدول ة‬
‫المضيفة لالستثمار‪ .‬وقد سمح هذا التوسع في الحماية بقبول الدعاوى التحكميية ال تي يثيره ا األش خاص‬
‫الطبيعيين بصفتهم تلك‪ ،‬ضد الدول المضيفة‪ .‬وبالتالي سمح هذا التطور بالتمييز بين الشخص المعنوي غ ير‬
‫المحمي نظًر ا ألنه إما يحمل جنسية الدولة المضيفة أو ينعم بصفة المحمي في حال تمتعه بجنسية دولة أخرى‬
‫من جهة‪ ،‬وبين االشخاص الطبيعيين المساهمين بغض النظر عن حجم المساهمة من جهة أخرى‪ .‬وكّر س هذا‬
‫التوسع قضايا عّدة منها‪CMS vs. Argentine، Enron Corporation vs.Argentine،LG vs.Argentine ، :‬‬
‫‪ .Vivendi, Lanco vs. Argentine‬وقد أدى هذا التوسع إلى تضارب بين القرارت التحكيمية في بعض األحيان‬
‫(قضية شركة لودر‪ Lauder‬ضد الجمهورية التشيكية وقضية سي أم إي ضد الجمهورية التشيكية)‪ .‬ويكمن‬
‫أحد أسباب هذا التضارب في أن المستثمر قام بقضتين مختلفتين ضد الدولة التشيكية‪ :‬األولى بصفته ش خص‬
‫معنوي والثانية بصفته شخص طبيعي‪.‬‬

‫‪ .2‬المستثمر الشخص المعنوي‬


‫بّينت الممارسة الحالّية للمركزالدولي لفض النزاعات ‪ ICSID‬إّتجاه الهيئات الّتحكيمّية نحو تطور مجال‬
‫الّتطبيق الّش خصي التفاقية واشنطن‪ ،‬وذلك من خالل تكريس تصّو ر موسع لنطاق الحماية التي يتمت ع به ا‬
‫االشخاص المعنويون‪.‬‬

‫ويتمثل ذلك في الوقت نفسه في تكريس ّتصّو ر ليبرالي وذاتي في الوقت عينه‪.‬‬

‫المطلب االول‪ -‬الّتصّو ر الّليبرالي‬


‫يفترض تحديد هذه المسألة اإلجابة أوًال عن الّتساؤل الّتالي‪ :‬هل يقتص ر التحكيم أم ام المرك ز على‬
‫األشخاص المعنويين المنتمين للقانون الخاّص أم يتجاوز ذلك إلى األشخاص المعنويين المنتمين للقانون العاّم ؟‬
‫في الواقع‪ ،‬ولدى اإلعتماد على جملة من البيانات التي تشملها االتفاقيات‪ ،‬إضافة إلى دور الفقه وفق ه‬
‫القضاء‪ ،‬تبّين أّن خاصّية المستثمر الّش خص المعنوي وقع حصره مبدئيا في األش خاص المعن ويين المنتمين‬
‫للقانون الخاّص ‪ ،‬وذلك بالّنظر للّط بيعة اإلزدواجّية لتحكيم المركز إذ يقوم على حّل الّنزاع الّناشئ بين الّدول ة‬
‫(شخص ينتمي للقانون العاّم ) ورعايا دولة أخرى (شخص ينتمي للقانون الخاّص )‪.‬‬

‫إّال أّن ه وقع تجاوز هذه القاعدة بقبول األشخاص المعنويين المنتمين جزئًيا على االقل‪ ،‬للق انون الع اّم‬
‫ممّثلين في المؤّس سات الّتابعة للّدولة وذلك بمقتضى قرار مصرف ‪ CSOB‬ضد سلوافكيا سنة ‪1999‬اّلذي جاء‬
‫في أحد حيثّياته أّن »"عبارة مواطن دولة أخرى متعاقدة" في معنى الفصل (‪ )25‬فقرة (‪ )1‬ال تخضع إلعتبار‬
‫كون الّش ركة تنتمي بصفة كلّية أو جزئّية للحكومة وإّنما فقط لطبيعة األعمال المباشرة من طرف الّش ركة اّلتي‬
‫‪«.‬‬
‫تحّدد نظامها‬
‫‪-63-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫وهكذا اعتبرت الهيئة الّتحكيمّية أّن مفهوم المستثمر الّش خص المعنوي مضافًا إلى معنى إّتفاقّية واشنطن‬
‫يشمل الّش ركات ذات رأس المال الخاّص ‪ ،‬والّش ركات المراقبة بصفة كلّية أو جزئّية من طرف الّدولة شرط أن‬
‫تباشر الشركة وظائفها على أسس تجارية‪.‬‬

‫اللجوء‬ ‫وقد عّر فت الماّدة (‪ )25‬فقرة (‪– )2‬ب‪ -‬من إّتفاقّية واشنطن أّن الّش خص المعنوي اّلذي يقوم ب‬
‫الى التحكيم ضد الدولة هو‪:‬‬
‫ّط‬
‫ب) »الشخص المعنوي الذي يحمل جنسّية إحدى الّدول المتعاقدة األخرى خالف للّدول ة ال رف في‬
‫الّنزاع في تاريخ إعطاء األطراف موافقتهم على طرح الّنزاع على الّتوفيق أو الّتحكيم‪ .‬وأيضا ك ّل ش خص‬
‫معنوي يحمل جنسّية الّدول المتعاقدة الّط رف في الّنزاع في ذات الّتاريخ‪ ،‬ويّتفق على اعتب اره أح د رعاي ا‬
‫الّدولة المتعاقدة األخرى وذلك بالّنظر إلى الّر قابة اّلتي تمارس عليه من قبل المصالح األجنبّية «‪.‬‬

‫ويخلص من الفقرة المذكورة أّنه يجب على الّش خص المعنوي أن يحمل جنسّية الّدول ة المتعاق دة حّتى‬
‫يتمّك ن من المثول أمام الهيئة الّتحكيمّية للمركز‪ .‬غير أّن إّتفاقّية واشنطن لم تحّدد بصورة واضحة وجلّية معيار‬
‫الجنسّية‪ .‬ويتجّلى الّس بب في ذلك في تعّدد الحلول المتعّلقة بتحديد جنسّية الّش خص المعنوي‪ ،‬وهو تعّدد ن اجم‬
‫عن تعّدد األنظمة القانونّية السيادية الّداخلّية لكّل دولة‪.‬‬

‫ولقد أّك د على هذه الفكرة قرار شركة جنوب إفريقيا لإلسمنت الصناعي ضد السنغال ‪SOABI Société‬‬
‫‪ Ouest Africaine des Bétons Industriels‬إذ جاء في إحدى حيثّياته أّن ‪» :‬اإلّتفاقّية ال تضًفيرعت ّما لعبارة‬
‫"جنسّية" ما أعطى كّل دولة الّس لطة لتحديد ما إذا حملت هذه الّش ركة جنسّيتها أم ال‪ .‬فالّش خص المعنوي اّل ذي‬
‫يحمل جنسًفرط ةدقاعتم ةلود ةّيا في الّنزاع على حّد تعبير الماّدة ( ‪ )25‬فقرة (‪– )2‬ب‪ -‬من اإلّتفاقّية هو عادة‬
‫الّش خص المعنوي اّلذي له مقّر في إقليم هذه الّدولة أو تأّس س طبقا لقانون الّش ركات «حسب الّنظام الق انوني‬
‫للّدولة المعنّية‪.‬‬

‫بينما يطبق معيار المراقبة بصورة عرضّية من طرف هذه األنظمة الّداخلّية إذ تعمد بعض التشريعات‬
‫المتعّلقة بتشجيع وحماية اإلستثمار إلى الّلجوء لهذا المعيار وإعطاء الّش خص المعنوي جنسّية وظيفّية وذل ك‬
‫بغاية التوسع في الّنهوض وحماية االستثمار بخاّص ة وأّن ذات الّش خص المعنوي ال يمكن ه مب دئّيا االنتف اع‬
‫بالحقوق المضّم نة بهذه التشريعات"‪.‬‬

‫أّم ا بالّنسبة إلى فقه القضاء فقد اختار المحّك مون على أال يطّبقوا فكرة تحديد الجنسّية بالّر جوع لتش ريع‬
‫الّدولة واستبدال فقه القضاء القوانين الّداخلّية بإرادة الّط رفين في تحديد الجنسّية وهو ماجاء به ق رار ش ركة‬
‫أوكوفن ضد فنزويال ‪ Aucoven c/Venezuela‬لسنة ‪ 2001‬وقرار شركة توكيوس توكوالس ضد اوكراني ا‬
‫‪ Tokios tokelèsc/Ukraine‬لسنة ‪.2004‬علمًا أّن مهّم ة المحّك مين تقتصر على تفّح ص المع ايير اّل تي من‬
‫خاللها يتّم تحديد الجنسّية وتطبيقها؛ وذلك بالّر جوع إلى االتفاقيات الثنائية والتشريعات الوطنية‪ .‬وفي قض ية‬
‫‪ Tokios tokelès c/Ukraine‬طرحت إشكالية مهمة نظًر ا ألن المستثمر الشخص الطبيعي‪ ،‬مملوك بصفة تكاد‬
‫تكون تامة لمواطني الدولة المضيفة (‪ 99‬في المائة) وهي أوكرانيا في هذه الحالة‪ .‬وقد اعتبر المحكم ون أن‬
‫الشركة تعتبر أجنبية (من منظور المادة ‪ 25‬من اتفاقية واشنطن) نظًر ا ألن االتفاقية الثنائي ة بين أوكراني ا‬
‫وليتوانيا تعًقفو ايناوتيل ميلقا يف هؤاشنا عقو نايك لك" هنأب يناوتيللا يونعملا صخشلا فّر ا لقوانينه وتنظيماته"‬
‫أي بغض النظر عن ملكية رأس مال الشركة‪ .‬وقبلت أغلبية أعضاء المحكمة اختصاصها على أس اس إرادة‬
‫‪-64-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫الّط رفين في تحديد الشخص المعنوي المحمي من طرف االتفاقية الثنائية‪ .‬وقد أدى هذا القرار الى رفض شديد‬
‫من طرف رئيس المحكمة الذي قدم استقالته مبررًا خطوته تلك بأولية تطبيق اتفاقية ‪ ICSID‬المركز ال دولي‬
‫لتسوية منازعات االستثمار في مادتها ‪ 25‬التي تنظم فض النزاعات المتعلقة باالستثمار األجنبي دون غيره‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ -‬الّتصّو ر الّذ اتي‬


‫إقتضت الماّدة (‪ )25‬فقرة (‪– )2‬ب‪ -‬بأال ينظر المركز إّال في الّنزاعات الّناش ئة بين دول ة متعاق دة‬
‫ومواطني دولة متعاقدة أخرى وإّال قضت الهيئة الّتحكيمّية بعدم اإلختصاص‪ .‬إّال أّنه يمكن رفع ال ّدفع بع دم‬
‫إختصاص المركز بحسب الماّدة نفسها بـ"إّتفاق األطراف على اعتبار الّش خص المعنوي أحد رعايا الّدول ة‬
‫المتعاق دة األخ رى ب الّنظر إلى الّر قاب ة اّل تي تم ارس علي ه من قب ل المص الح‬
‫األجنبًرظن ةيتاذ ةغبص يونعملا صخشلا ةيسنج ديدحت يلاتلاب ذختيو ‪".‬ةّيا ألنه يخضع التفاق األطراف‪.‬‬
‫من هنا نستخلص أّن إّتفاقّية واشنطن تفرض الجمع بين شرطين الكتساب الّش خص المعنوي اّلذي ينتمي‬
‫للقانون المحّلي جنسّية توصف بالوظيفّية أو الذاتية‪ ،‬حتى يتمّتع بآلّيات حّل الّنزاع المنصوص عليها باإلّتفاقّية‪.‬‬

‫يتعّلق الّش رط األّو ل باّتفاق األطراف‪ ،‬في حين يتمّثل الّثاني في مراقبة الّش خص المعن وي من ط رف‬
‫المصالح األجنبّية‪.‬‬

‫وإثر الغموض اّلذي يعتري الماّدة (‪ )25‬فقرة (‪– )2‬ب‪ -‬تطرح اشكالية م ا إذا ك ان ش كل اّتف اق‬
‫األطراف لمنح الّش خص المعنوي المنتمي للقانون المحّلي جنسّية الّدولة المتعاقدة األخرى كتابّي ا أو ش فهّيا‪،‬‬
‫صريحا أوضمنّيا؟‬

‫بالّتأّم ل في الماّدة (‪ )25‬من إّتفاقّية واشنطن نالحظ أّن تبادل رضى األطراف يفترض في حالتين‪:‬‬
‫‪ -1‬إخضاع الّنزاع الّناشئ بين األطراف إلختصاص المركز؛‬
‫‪ -2‬إكتساب الّش خص المعنوي المنتمي للقانون المحّلي الجنسّية األجنبّية نظرًا للرقابة االجنبية عليه‪.‬‬

‫وكحّل للمشكلة المطروحة أخضع محّر رو االّتفاقّية في الحالة االولى بصفة صريحة رضا األط راف‬
‫إلى وجوب الّش كل‪ ،‬إذ يجب أن يكون كتابة‪ .‬أّم ا في ما يتعّلق بالحالة الّثانية‪ ،‬فقد التزموا الّص مت ّم ا أفض ى‬
‫إلى اعتبار أّن الرضى الّض مني لتحديد الجنسّية باإلٍفاك قافّت‪ ،‬وقد تبّينت الممارسة القضائّية للمرك ز ه ذا‬
‫اإلّتجاه وحرصت الهيئات الّتحكيمّية على تطبيقه إذ أكّدت عدة قرارات بأّن إّتفاق األط راف ال يخض ع ألّي‬
‫واجب شكلي لذلك يكفي لقيامه النّية المشتركة لألطراف(‪.)35‬‬

‫وال يمكن لمثل هذا اإلّتفاق أن يتحّقق إّال بوجود شرط المراقبة من طرف "مصالح أجنبّية" حّتى يمكنن ا‬
‫اعتبار الشركة الطرف في الّنزاع شركة أجنبّية‪.‬‬

‫إذا‪ ،‬فالعنصر الخارجي في شرط المراقبة ضرورّي يفرضه فقه قضاء المركز ‪ ICSID‬الدولي لتس وية‬
‫منازعات االستثمار لغاية الّتوسيع في اختصاص المركز ليشمل الّنزاعات الّناشئة بين الّدولة المتعاقدة وشركة‬
‫تحمل جنسّيتها‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫سنة‪1983‬‬ ‫قرار شركة أمكو آسيا ‪ Amco asia‬ضد إندونيسيا سنة ‪ 1983‬وشركة كلوكنر‪ Klockner‬ضد الكاميرون‬ ‫()‬
‫وشركة منتجات فاكيوم سولت ‪ Vacuum Salt Products‬ضد غانا سنة ‪.1994‬‬
‫‪-65-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫لكّن اإلشكال المطروح يخّص غياب تعريف مفّص ل للمراقبة سواء في األعمال الّتحض يرّية الّتفاقّي ة‬
‫واشنطن أو بالّر جوع لفقه القضاء ما أّدى بالمحّك مين إلى االجتهاد وإلى اعتماد جملة من المعايير من أهّم ها‪:‬‬
‫‪ -1‬حيازة جزء من الحصص للّش خص المعنوي؛‬
‫‪ -2‬المشاركة في هياكل التّس يير‪.‬‬

‫جيم‪ -‬النطاق الزمني‪ :‬مجال تطبيق المعاهدات الثنائّية في الّز مان‬

‫يؤدي الزمان دورًا هاًّم ا في المجال القانونّي عامة وقانون االستثمار بخاصة‪ .‬ويولى الفقه وفقه القضاء‬
‫اهتمامهما بمختلف جوانب العالقة القائمة بين عامل الّز من والقاعدة القانونية ال تي تخض ع إلى جمل ة من‬
‫المبادئ والقواعد األساسّية اّلتي تساعد على حّل مختلف المسائل المتشابكة اّلتي من ش أنها أن تط رأ أثن اء‬
‫تطبيق الّنّص القانوني‪.‬‬

‫ومن هذه المبادئ والقواعد األساسّية تجدر اإلشارة إلى مبدأ عدم رجعّية القوانين ونجاعة الق انون في‬
‫الّز مان وتعاقب مبادئ القانون الّدولي وقواعده في الّز مان واالختصاص الّز مني والقانون االنتق الي وتن ازع‬
‫القواعد القانونّية في الّز مان وغيرها‪.‬‬

‫أنها أن‬ ‫وتجدر المالحظة في هذا الّس ياق أُي دق تاحلطصملا هذه فيظوت ّنفصح عن ّص عوبات من ش‬
‫تعتري تطبيق القاعدة القانونية في الٍضامو رضاح ىلإ مسقني يذلا نامّز ومستقبل‪.‬‬

‫بناء على ذلك‪ ،‬ال يخلو عامل الّز من من أهّمّية في القانون ال ّدولي لالس تثمار وبخاّص ة في نط اق‬
‫المعاهدات الّثنائّية التي تبرمها الّدول في ما بينها بهدف حماية المستثمرين األجانب وتش جيعهم‪ ،‬إذ يّتص ل‬
‫عامل الّز من بصورة مباشرة بمراحل تكوين المعاهدة‪ ،‬وتعديلها وانقضائها‪ .‬وللّتدليل على ذلك‪ ،‬يمكن الّر جوع‬
‫مثًال إلى تاريخ الّتفاوض وتاريخ اإلبرام ودخول المعاهدة حّيز الّنفاذ وآثارها في الّز مان إض افة إلى ت اريخ‬
‫انتهاء العمل بها‪ ،‬علمًا أن المعاهدة الثنائّية كما تمت اإلشارة إلي ه‪ ،‬هي من أهّم مص ادر الق انون ال ّدولي‬
‫لالستثمار والمصدر الّر ئيسي اّلذي يحّدد اختصاص الهيئات الّتحكيمّية في الزمان‪.‬‬

‫وفي الحقيقة لم تشغل مسألة تطبيق أحكام المعاهدات الثنائّية لالستثمار في الّز مان اهتم ام الفقه اء من‬
‫قبل (إذ باتت مصدر اهتمام حالي)‪ .‬وال تقتصر عملّية البحث في عالقة الّز من بأحكام المعاه دة الثنائّي ة في‬
‫ماّدة القانون الّدولي لالستثمار على المسائل اّلتي يطرحها مبدأ عدم رجعّية القوانين‪ ،‬وإّنما تتجاوزها لتض بط‬
‫بقّية المبادئ األساسّية األخرى كمثل‪ :‬تاريخ دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ وتجديد المعاهدة وانقض اء المعاه دة‬
‫وآثار انقضائها‪ .‬ونتج عن ذلك مجموعة من الّنظرّيات من أهّم ها‪:‬‬

‫‪ -1‬نظرّية األسباب التي تقوم على مبدأ عدم الّر جعّية والّتطبيق الّر جعي للقاعدة القانونّية؛‬
‫‪ -2‬نظرّية الحقوق اّلتي تفضي إلى بقاء الحّق والّتفرقة بين الحّق المكتسب والحّق غير المكتسب؛‬
‫‪ -3‬نظرّية األفعال واألوضاع اّلتي تقوم على تحديد الفعل المستمّر والفعل المنجز‪.‬‬

‫ولكّن الّنقاشات اّلتي أثيرت بشأن هذه المسائل لم تكن واضحة بالقدر الكافي ما فس ح المج ال أم ام‬
‫الهيئات الّتحكيمّية المنتصبة بخاصة في ظّل المركز الّدولي لحّل الّنزاعات المتعّلقة االس تثمار لت ؤدي دوًر ا‬
‫مهّم ًا في توضيح الحلول من خالل تكريس مختلف المبادئ والقواعد األساس ّية لتط بيق المعاه دة الثنائّي ة‬
‫‪-66-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫يرت‬ ‫المتعّلقة بتنمية وحماية االستثمار في الّز مان‪ ،‬وذلك عن طريق البّت في مجموعة من الّدعاوى التي أث‬
‫أمام الهيئة‪ ،‬فأفرزت جملة من القرارات ساهمت في إثراء القانون الّدولي لالستثمار‪.‬‬

‫وتكمن أهمية هذا الموضوع في ماّدة القانون الّدولي لالستثمار في إثارة الّتساؤالت األساسية الّتالية‪:‬‬
‫هل يمكن تطبيق المعاهدة الثنائّية على العملّية االستثمارّية الّناشئة قبل دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ؟‬
‫وهل يمكن الحديث عن مبدأ الّر جعّية (أي التطبيق في الماضي) في ماّدة المعاهدات الثنائّية؟‬
‫هل يمكن تطبيق المعاهدة بعد نهاية العمل بها؟‬
‫كيف يمكن للّز من أن يؤّم ن الّتوازن واالستقرار في إطار المعاهدة الثنائّية؟‬
‫وفي النهاية‪ ،‬إلى أّي مدى يمكن تطبيق المعاهدات الثنائّية المتعّلقة بتنمية االستثمار وحمايته في الّز مان؟‬

‫ولتطبيق المعاهدات الثنائّية في الّز مان‪ ،‬يبدو أّنه من المهّم أن نمّيز بين تطبيق المعاهدة قب ل دخوله ا‬
‫حّيز الّنفاذ وتطبيقها بعد نهاية العمل بها‪.‬‬

‫‪ -1‬تطبيق بنود المعاهدة قبل دخولها حّيز الّنفاذ‬


‫ال يجوز تطبيق المعاهدة إّال بعد دخولها حّيز الّنفاذ‪ ،‬أي في إثر تبادل رسائل المصادقة أو الّتوقي ع إذا‬
‫تعّلق األمر باالّتفاقّية المبّس طة الشكل‪.‬‬
‫ويعّد إذا تاريخ دخول المعاهدة حّيز الًخيرات ذافّنا أساسّيا إذ يتمتع المستثمر بعد هذا التاريخ بالمزاي ا‬
‫التي تنص عليها االتفاقية‪ .‬وتتوّلى الهيئة الّتحكيمّية لحّل الّنزاعات المتعّلقة باالستثمارات بمقتضاه الّنظ ر في‬
‫الّدعاوى اّلتي قد تعرض أمامها‪ .‬ومّيزت أغلبّية المعاهدات الثنائّية المتعّلقة بتنمي ة وحماي ة االس تثمار بين‬
‫إمكانيتها أن تطّبق على العملّيات االستثمارّية الّناشئة قبل دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ وأال تطّبق ه ذه البن ود‬
‫على الّنزاعات الحاصلة قبل ذلك الّتاريخ‪.‬‬

‫ويجد هذا الّتمييز أساسه القانوني في العديد من المعاهدات الثنائية(‪.)36‬‬

‫وقد أّيدت الهيئات الّتحكيمّية هذا التمييز في العديد من القرارات الّص ادرة عنها حديثًا من بينها‪ :‬ق رار‬
‫إيروبريجيلو ‪ )37(Irupregilo‬وقرار ساليني ‪ .)38(Salini‬واعتبرت أّن الّتصريح باختصاصها الحكمي يقوم على‬
‫أساس الّتفرقة بين تطبيق شروط اختصاصها في الّز مان أّو ًال ‪ ،‬وتطبيق البنود المتعّلق ة بقواع د األص ل في‬
‫الّز مان على جملة اإلخالالت المزعومة من طرف المّدعية ثانيا‪.‬‬

‫(أ) تطبيق شروط اختصاص الهيئة الّتحكيمّية في الّز مان؛‬

‫المعاهدة المتعّلقة بضمان االستثمارات المبرمة بين اليونان وألبانيا بتاريخ ‪ 1‬آب‪/‬أغسطس ‪ 1991‬والّداخلة حّيز الّنف اذ‬ ‫()‬ ‫‪36‬‬

‫بتاريخ ‪ 4‬كانون الثاني‪/‬يناير ‪.1994‬‬


‫‪37‬‬
‫يراجع القرار التالي‪:‬‬ ‫()‬
‫‪Irupregilo SpA c./ République islamique du Pakistan, aff CIRDI (N° ARB/03/3), 22 avril 2005.‬‬
‫‪38‬‬
‫يراجع كذلك القرار الّتالي‪:‬‬ ‫()‬
‫‪Selini Costruttori SpA and Italstrade SpAc./ Royaume Hachémite de Jordanie, aff. CIRDI (N° ARB/02/13), 29 novembre 2004.‬‬
‫‪-67-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫يقتضي تطبيق شروط اختصاص الهيئة الّتحكيمّية في الّز مان أمرين‪ :‬أّو لهما أن تفحص الهيئ ة إذا م ا‬
‫كانت المعاهدة الثنائّية تغّط ي العملّية االستثمارّية اّلتي تحّققت قبل دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ (أ) وثانيهم ا أن‬
‫تتثّبت من الّتاريخ اّلذي من خالله يتمّتع المستثمر األجنبي بتوافر شرط الجنسّية حّتى يصّح له المث ول أم ام‬
‫الهيئة‪ ،‬إذ ال يجوز أن يتمّتع المستثمر بجنسّية الّدولة الخصم نفسها(ب)‪.‬‬

‫‪ .1‬تغطية المعاهدة الّثنائّية للعملّية االستثمارّية الّناشئة قبل دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ‬
‫ة‬ ‫جاء في جملة القرارات الّص ادرة عن الهيئة الّتحكيمّية أن المدة هي أحد الّش روط اّلتي تؤّس س العملّي‬
‫االستثمارّية على معنى معاهدة واشنطن (‪.)39()1965‬‬

‫وتبتدئ المّدة‪ ،‬عاّم ة‪ ،‬بحسب أغلبّية المعاهدات واالّتفاقّيات الثنائّية منذ تاريخ دخول المعاهدة أو االّتفاق‪،‬‬
‫حّيز الّنفاذ إلى تاريخ نهاية العمل بها‪ .‬وتتراوح هذه المّدة من خمس إلى عشرين سنة‪.‬‬

‫ا‬ ‫ويستخّلص من ذلك أّن المعاهدة ال تطّبق ‪-‬مبدئّيا‪ -‬إّال على العملّيات االستثمارّية الّناشئة بعد دخوله‬
‫حّيز الّنفاذ‪ ،‬مستبعدة في ذلك العملّيات الّناشئة قبل ذلك الّتاريخ ‪.‬‬

‫لكن في أغلب األحيان تنّص المعاهدات الثنائّية على أّن تطّبق على العملّيات االستثمارّية اّلتي تنشأ بعد‬
‫دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ أو حّتى قبلها(‪.)40‬‬

‫أّن الحماية التي توّفرها المعاه دة ق د تغّط ي العملّي ات‬ ‫وأّك دت الهيئة الّتحكيمّية في عّدة قرارات‬
‫(‪)41‬‬

‫االستثمارّية الّناشئة قبل دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ‪.‬‬


‫إّال أّن مسألة التغطية ليست مطلقة إذ تحفوها مجموعة من ال روط التي نّص ت عليها بعض المعاهدات‪.‬‬
‫ّش‬
‫فال يجوز إذا للمعاهدة أن تطّبق على مثل تلك العملّيات إّال إذا أنشئت بعد دخول تش ريع الّدول ة المض يفة‬
‫لالستثمار اّلذي يتعّلق بتشجيع وحماية االستثمار األجنبي حّيز النفاذ‪ ،‬أو إذا حصل المس تثمر األجن بي على‬
‫ترخيص الستثماره من طرف اإلدارة المعنّية داخل الّدولة المضيفة لالستثمار‪.‬‬

‫هل يجيز لنا ذلك الّتنصيص تطيبق المعاهدة تطبيقًا رجعّيًا على اإلخالل المزعوم من ط رف الجه ة‬
‫المّدعية واّلتي حصلت في الماضي؟‬
‫‪39‬‬
‫يراجع قرار‪:‬‬ ‫()‬
‫‪Consorzio Groupment Lesi – Dipenta C./ République Algérienne Démocratique et Populaire, aff. CIRDI (N° ARB/03/8), décision‬‬
‫‪sur la compétence du 10 janvier 2005, Gazette du Palais, N° 3, 2005, p. 39.‬‬
‫‪40‬‬
‫يراجع‪ :‬المادة الثاني من الفقرة الثانية من المعاهدة المبرمة بين المملكة اإلسبانّية والشيلي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫()‬
‫‪ -‬المادة الثاني من الفقرة الثانية من معاهدة تنمية وحماية االستثمار المبرمة بين المملكة اإلسبانّية ودول المكس يك المّتح دة‬
‫بتاريخ ‪ 23‬حزيران‪/‬يونيو ‪ 1995‬والّداخلة حّيز الّنفاذ بتاريخ ‪ 18‬كانوناألول‪/‬ديسمبر ‪.1996‬‬
‫‪41‬‬
‫يراجع القرارات التالية‪:‬‬ ‫()‬
‫‪- Génération Ukraine Inc c/Ukraine, aff. CIRDI, (N° ARB/00/9), décision sur la compétence du 16 septembre 2003, disponible en‬‬
‫‪ligne in the Américain Society if International Low (ASIL) < http://www.asil.org/ilm/Ukraine.pdf >[Generation Ukraine].‬‬
‫‪- Técricas Medioambientels Tecured Sac/ Etats-Unis du Mexique, aff. CIRDI (N° ARB (AF) /00/2) du 29 mai 2003, disponible en‬‬
‫‪ligne in: http://www.worldbenk.org/iscid/ceses/awards.html.‬‬
‫‪- Victor Pey Cassado et Fondation « Présidente Allende » C/ République du Chili, aff. CIRDI (N° ARB/98/2) du 08 mai 2008‬‬
‫‪http://www.elclain.cl/fpa/pdf/20080422fr.pdf .‬‬
‫‪-68-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫استقّر ت الهيئة الّتحكيمّية على وجوب تأويل هذه المادة تأويًال ضّيقا وإّال اعتبر اإلخالل به ذا الّتأوي ل‬
‫بإجازة الّتطبيق الّر جعي لقواعد األصل مخالفا لما جاء في الماّدة (‪ )28‬من معاهدة فيينا لق انون المعاه دات‬
‫الّدولّية (‪.)42()1969‬‬

‫وتجدر المالحظة أّن الهيئة قامت بإقصاء مبدأ عدم الّر جعّية من مجال تطبيق "ش رط الّدول ة األولى‬
‫بالّر عاية" واعتبرت أّن مبدأ الّر جعّية مبدأ مهم يهمّ بصورة خاص ة حي اة المعاه دة وليس امتي ازًا يمنح‬
‫للمستثمر‪.‬‬

‫‪ .2‬تاريخ التمّتع بشرط الجنسّية على معنى المعاهدة الثنائّية لترويج االستثمار وحمايته‬

‫يختلف شرط التمّتع بالجنسّية في المعاهدات الثنائّية عن نظيره في الماّدة (‪ )25‬من معاهدة واش نطن (‬
‫‪ ،)1965‬إذ إنه خالًفا لهذه الماّدة‪ ،‬لم تضبط المعاهدة الثنائّية تاريخ تقدير شرط تمّتع المستثمر بالجنسّية‪ .‬لذلك‬
‫ارتأينا األخذ بالحلول اّلتي تبّنتها الماّدة (‪ )25‬من معاهدة واشنطن (‪.)1965‬‬

‫فقد مّيزت هذه الماّدة بين حالتين‪ :‬جاءت األولى في الفقرة الثانية ‪-‬أ‪ -‬وتتعّلق بتمّتع المستثمر الّش خص‬
‫الّط بيعي بشرط الجنسّية اّلذي يتحّدد بتاريخ تبادل الّط رفين الرضا على القيام بالّدعوى أمام الهيئة الّتحكيمّي ة‬
‫للمركز الّدولي لحّل الّنزاعات المتعّلقة باالستثمار (‪ )ICSID‬أو تاريخ تسجيل العريضة(‪ .)43‬وأّيدت الهيئة هذه‬
‫الّتواريخ في ما أصدرته من قرارات حّتى تقّر ر بأّنها مختّص ة حكمّيا في الّنظر في هذه الّدعاوى(‪.)44‬‬
‫أّم ا الّثانية(‪ )45‬فإّنها تّتسم بالّليونة‪ ،‬إذ أّن شرط توافر الجنسّية لدى المستثمر الّش خص المعنوي ال يتحّقق‬
‫إّال بتاريخ إعالن المستثمر عن رضاه عن القيام أمام الهيئة ولم تقدم هذا الحّل إّال بعض الق رارات وأهّم ه ا‬
‫قرار شركة فاكيوم سولت ضد غانا ‪.)46(Vaccum Salt c/Ghana‬‬

‫‪42‬‬
‫تنص المادة ‪ 28‬على مبدأ عدم رجعية المعاهدات‪" :‬ما لم يظهر من المعاهدة قصد مغاير أو يثبت خالف ذلك بطريق ة‬ ‫()‬
‫أخرى ال تلزم نصوص المعاهدة طرفًا فيها بشأن أي تصرف أو واقعة تمت‪ ،‬أو أية حالة انتهى وجودها قبل تاريخ دخول المعاه دة ح يز‬
‫التنفيذ بالنسبة لذلك الطرف"‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫تنص المادة ‪ 2-25‬أ" ويقصد بعبارة "أحد رعايا الدولة المتعاقدة األخرى" ما يلي‪:‬‬ ‫()‬
‫كل شخص طبيعي يحمل جنسية إحدى الدول المتعاقدة األخرى خالف الدولة الطرف في النزاع‪ ،‬في تاريخ إعطاء األطراف موافقتهم على‬
‫طرح النزاع على التوفيق أو التحكيم‪ ،‬وأيضا في تاريخ تسجيل الطلب طبقا للمادة ‪ 28/3‬أو المادة ‪ ،36/3‬مع استبعاد أي ش خص ك ان‬
‫يحمل في هذا التاريخ أو ذاك جنسية الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع"‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫يراجع القرارين الّتاليين‪:‬‬ ‫()‬
‫‪- Victor Ley Cassado et Fondation « Présidente Allende » C/ La République du Chili.‬‬
‫‪- Hussein Nuamen Soufreki C/ Les Emirats arabes – Unis, aff. CIRDI (N° ARB/0217), Sentence arbitrale du 07 juillet 2004, http://it‬‬
‫‪a.Law.Uvic.ca[Soufaki].‬‬
‫)‪- V. commentaire Khayat (D), « Centre International de Règlement des différents relations aux investissements, CIRDI », (17.2‬‬
‫‪RQDI, 2004, pp. 234-238.‬‬
‫‪45‬‬
‫تنص الفقرة الثانية ‪-‬ب‪ -‬من الماّدة (‪ )25‬من معاهدة واشنطن" كل شخص معنوي يحمل جنسية إحدى الدول المتعاقدة‬ ‫()‬
‫األخرى خالف الدولة الطرف في النزاع‪ ،‬في تاريخ إعطاء األطراف موافقتهم على طرح النزاع على التوفي ق أو التحكيم‪ .‬وأيًض ا ك ل‬
‫شخص معنوي يحمل جنسية الدول المتعاقدة الطرف في النزاع في ذات التاريخ‪ ،‬ويتفق على اعتباره (أحد رعايا الدولة المتعاقدة األخرى)‬
‫بالنظر إلى الرقابة التي تمارس عليه من قبل المصالح األجنبّية‪".‬‬
‫‪-69-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫وتجدر المالحظة في هذا الّس ياق أّن الماّدة (‪ )25‬في فقرتها (‪– )2‬ب‪ -‬كانت صريحة إذ إنه مهما كانت‬
‫حالة المراقبة قبل نشوب الّنزاع أو بعده‪ ،‬يبقى تاريخ تقدير جنسّية المستثمر الّش خص المعنوي جائزًا وفق ما‬
‫جاءت به تلك الماّدة وذلك غير قابل ألي تأويل‪.‬‬

‫لئن تمّيز تطبيق هذين الّش رطين في الّز مان ببعض الّص عوبات الّتطبيقّية‪ ،‬إّال أّنهما يبقيان أكثر وضوحًا‬
‫ودّقة إذا ما قّر رنا تطبيق قواعد األصل في الّز مان‪.‬‬

‫(ب) تطبيق قواعد األصل في الّز مان؛‬


‫أمام عدم تطبيق المعاهدة الثنائّية على الّنزاعات الّس ابقة لدخولها حّيز الّنفاذ كيف يمكن للهيئة الّتحكيمّية‬
‫أن تحّم ل الّدولة المسؤولّية الّدولّية في صورة اإلخالل بالتزاماتها الّتعاقدّية بخاّص ة وأّن ك ّل إخالل ب التزام‬
‫يستوجب التعويض حتمًا؟‬

‫في أغلبية األحيان‪ ،‬تبقى مسؤولّية الّدولة المضيفة مرتبطة بالّز من اّلذي ارتكب في ه اإلخالل‪ ،‬وعلي ه‬
‫تطّبق قواعد األصل المنصوص عليها في المعاهدة وجوبًا حال حصول اإلخالل اّل ذي ال يك ون إّال الحًق ا‬
‫لدخول المعاهدة حّيز الّنفاذ‪.‬‬

‫هكذا تتحّدد مسؤولّية الّدولة المضيفة انطالًق ا من مسألتين تكمن أوالهما في الّتساؤل عن م دى كفاي ة‬
‫نشوب الّنزاع الّال حق لدخول المعاهدة حّيز الّنفاذ في تمكين الهيئة من تطبيق قواعد األصل بص فة رجعّي ة‪،‬‬
‫وثانيهما في معرفة هل تطّبق قواعد األصل على جميع اإلخالالت الّس ابقة لدخول المعاهدة حّيز الّنفاذ‪.‬‬

‫‪ -1‬على غرار بقّية المحاكم الّدولّية مثل محكمة العدل الّدولّية والمحكمة األوروبّية لحق وق اإلنس ان‪،‬‬
‫كّر ست الهيئة الّتحكيمّية المنتصبة في ظّل المركز الّدولي لحّل الّنزاعات المتعّلقة باالس تثمارات مب دأ ع دم‬
‫الّر جعّية‪ ،‬وهو مبدأ عاّم أساسّي يهّم تطبيق القاعدة في المستقبل‪ ،‬بمعنى أّن القانون ال يسري على الوقائع اّلتي‬
‫تحدث قبل نفاذ المعاهدة‪.‬‬

‫وقد أخذت جميع التشريعات الّداخلّية بهذا المبدأ‪ .‬فكانت فرنسا من أوائل الّدول التي أقّر ت بهذا المبدأ إذ‬
‫نّص الفصل (‪ )2‬من المجّلة المدنّية الفرنسّية على أّن مبدأ عدم الّر جعّية "ال يسري إّال على المستقبل فليس له‬
‫أثر رجعّي " وكذلك كّر سته مختلف الّنصوص الّدولّية وعلى رأسها معاهدة فيينا لقانون المعاه دات (‪)1969‬‬
‫ضمن الماّدة (‪ .)28‬ويعّد مبدأ عدم الّر جعًطرش ةّيا الزًم ا لتحقيق العدالة واالستقرار‪.‬‬

‫وفي ماّدة القانون الّدولي لالستثمار‪ ،‬اعتبرت الهيئات الّتحكيمّية أّن غياب قاعدة قانونّية صريحة صلب‬
‫المعاهدة الثنائّية تقضي بتطبيق المفعول الّر جعي‪ ،‬يفيد بأّن الّدول المتعاقدة ال تنوي إّال فّض الّنزاعات الّالحقة‬
‫لدخول المعاهدة حّيز الّنفاذ‪ .‬وجاء في قرارين‪ :‬قرار شركة تريدكس هالس ‪ )47(Tradex Hellas‬وقرار شركة‬
‫فيكتور باي ‪ Victor Pey‬رفض تطبيق المفعول الّر جعي للمعاهدات الثنائّية باعتبار أّن الّص ياغة في المستقبل‬

‫‪46‬‬
‫يراجع القرار التالي‪.Vaccum Salt Product c/ Ghana (1994), aff. CIRDI (N° ARB/92/1) -:‬‬ ‫()‬
‫‪47‬‬
‫( ) يراجع قرار‪société Tradex Hellas SA c/ La République d’Albanie, aff. CIRDI (N° ARB/94/2) 24 décembre 1996, - :‬‬
‫)‪.Journal du droit international, N° 1, 2000, p. 149 et s. (observations E. Gaillard‬‬
‫‪-70-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫تبقى عالمة مهمة النعدام تطبيق قواعد األص ل على الوق ائع‬ ‫(‪)49‬‬
‫لقواعد األصل(‪ )48‬ولقاعدة فّض الّنزاعات‬
‫الّس ابقة لنفاذ المعاهدة‪.‬‬

‫إذا فإّن تطبيق المفعول ال ّر جعي للقاع دة القانونّي ة على وق ائع س ابقة ل دخول المعاه دة حّي ز‬
‫الًبوجو مزلتسي ذافّنا وجود نّص صريح وواضح إذ ال يكفي مجّر د نشوب نزاع الحق لنفاذ المعاهدة الثنائّي ة‬
‫‪.‬‬
‫ليجوز للهيئة تطبيق قواعد األصل لفّض الّنزاع‪.‬‬

‫‪ -2‬قامت الهيئة الّتحكيمّية بعملّي ة بحث دقيقة لتطبيق قواعد األصل فكانت البداية في محاوالت تحديد‬
‫تاريخ حصول الّنزاع‪.‬‬

‫يمّثل الّنزاع نتيجة لسلسلة من األحداث حيث يبتدأ بالّتعبير عن الخالف ثّم بيان االختالف في وجه ات‬
‫الّنظر‪ ،‬وتكتسب بالّتالي لهذه األحداث مع مرور الًىنعم نمّز قانونيًا دقيقًا‪ ،‬وذلك من خالل صياغة العرائض‬
‫القانونّية‪ ،‬ومناقشتها وأخذ القرار فيها بالّر فض أو الخطأ في تصّر ف الّط رف المقابل‪.‬‬

‫ولدى التأّم ل في الّتطبيقات القضائّية‪ ،‬قد تالحظ كثرة القرارات الّص ادرة في هذا الميدان م ع االختالف‬
‫في الحلول والّر ؤى فكان من أهّم ها قراران‪ :‬قرار مافيزيني ‪ )50(Maffezini‬وقرار تري ديكس هالس ‪Tradex‬‬
‫‪.Hellas‬‬

‫ئت‬ ‫ثّم تّو جت هيئة الّتحكيم مسألة تحديد تاريخ نشوب الّنزاع بمسألة ضبط الّنزاعات الّال حقة التي أنش‬
‫قبل دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ‪.‬‬

‫وفي هذا الّس ياق يحتاج الفعل غير المشروع إلى مّدة زمنّية معّينة لكي ينشأ‪ ،‬وبناء على الفصلين (‪)14‬‬
‫و(‪ )15‬من مشروع ّلجنة القانون الّدولي ( ‪ )Comité de Droit International‬المتعّلق بمسؤولّية الّدول على‬
‫األفعال غير المشروعة دولّيا‪ ،‬مّيزت هيئات الّتحكيم بين نوعين من األفعال‪:‬‬

‫‪ -‬األّو ل‪ :‬نّص عليه الفصل (‪ )14‬ويتعّلق باألفعال المستمّر ة غير المشروعة إذ بخالف األفعال اآلنية‬
‫غير المشروعة تقوم هذه األفعال على االمتداد في الّز من ويظّل خاللها االلتزام غير مطابق لما ج اءت ب ه‬
‫المعاهدة‪ ،‬على أن تكون الّدولة مرتبطة بذلك االلتزام خالل تلك المّدة‪.‬‬

‫ولقد عرفت األنظمة القانونّية الّداخلّية هذا الّنوع من األفعال ولم تدخل في إطار القانون الّدولي إّال عن‬
‫طريق اعتمادها من طرف محكمة العدل الّدولّية إلى جانب المحكمة األوروبّية لحقوق اإلنسان‪ ،‬إذ قامت هذه‬

‫‪48‬‬
‫( ) يراجع القرار الواقع ذكره سابقا‪.Victor Pey Cassado et Fondation « Président Allende » C/ La République du Chili - :‬‬
‫‪49‬‬
‫يراجع القرار الّس ابق‪.Tradex Hellas SA c/ Albanie - :‬‬ ‫()‬
‫‪50‬‬
‫يراجع قرار‪Emilio Augustin Moffezini c/ Espagne, aff. CIRDI (N° ARB/97/7) du 30 octobre 1997, sentence :‬‬ ‫()‬
‫‪.du 9 Novembre 2000‬‬
‫‪-71-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫األخيرة بتطبيق مفهوم الفعل المستمّر غير المشروع لتحديد اختصاصها الّز مني في سلسلة من الق رارات من‬
‫بينها‪ :‬قرار بابامي –شالوبولوس ‪ )51(Papami – Chalopoulos‬وقرار لويزيدو ‪.)52(Loizidou‬‬

‫لكن تجدر اإلشارة في هذا المجال إلى أّن التفرقة بين الفعل الحال غير المشروع والفعل المستمّر غير‬
‫المشروع‪ ،‬تبقى نسبّية باعتبار أّن هذا الفعل المستمر نفسه يمكن أن ينتهي‪.‬‬

‫‪ -‬الّثاني‪ :‬نّص عليه الفصل (‪ )15‬ويتعّلق باألفعال المرّك بة غير المشروعة وهي مجموعة من األفعال‬
‫المتتابعة غير المشروعة وتتمّيز بالغرض نفسه وبالّط بيعة نفسها‪.‬‬

‫وقد تطّر قت هيئات الّتحكيم إلى هذه المسألة في قرار فيكتور باي ‪ .Victor Pey‬وأتت البراهين اّل تي‬
‫قّدمتها واضحة وتمّك ن بالقدر الكافي من الّتمييز بين هذه األفعال‪ ،‬وكانت قد اعتمدت في ذلك بخاّص ة على فقه‬
‫قضاء المحاكم الّدولّية األخرى (المحكمة األوروبّية لحقوق اإلنسان) ّم ا يزيد في تث بيت رؤى هيئ ة الّتحكيم‬
‫والحلول اّلتي تكرسها لفرض الحماية على المستثمر األجنبي‪.‬‬

‫‪ -2‬تطبيق بنود المعاهدة بعد نهاية العمل بها‬


‫رتيب‬ ‫تنتهي المعاهدة بمقتضى الجزء الخامس من معاهدة فيينا لقانون المعاهدات عندما تتوّقف عن ت‬
‫آثار قانونّية فتصبح بذلك المعاهدة غير نافذة‪.‬‬

‫وتعتبر نهاية العمل بالمعاهدة عملّية معّقدة نسبّيًا‪ ،‬لذلك سعى محّر رو المعاهدات الّثنائّية لالس تثمار إلى‬
‫تنظيمها تنظيًم ا محكًم ا‪ ،‬فخّص صوا لها األحكام النهائية للمعاهدات وشًدونب اوعّرا تمّيز بين نهاية المعاهدة إّم ا‬
‫بإرادة أحد األطراف المتعاقدة أو ما يعّبر عنه بـ"الّتبليغ" أو نقض المعاهدة بإرادة الدولة الطرف(‪ )53‬أو بحلول‬
‫األجل‪.‬‬

‫بيد أّن ه يمكن لألطراف مواصلة العمل ببنود المعاهدة فتبقى المعاهدة نافذة على الرغم من حلول األجل‪،‬‬
‫وهو ما يعّبر عنه بـ"الّتجديد" ومن األمثلة في ذلك نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬المادة (‪ )13‬من االّتفاقّية الثنائّية المتعّلقة بتنمية وحماية االستثمار المبرمة بين جمهورّي ة الّص ين‬
‫الشعبّية وجمهورّية بنين(‪ .)54‬وتنّص هذا المادة في فقرتها الّثانية على أّن هذا االّتفاق "يبقى ساري المفعول مّدة‬
‫عشر سنوات وتظّل المّدة تتعاقب للفترة نفسها (أي عشر سنوات) إلى أن يبادر أحد األطراف المتعاقدة بإعالم‬
‫الّط رف اآلخر كتابة بفسخ االّتفاق‪ ،‬وذلك يتّم خالل سّتة أشهر قبل نهاية المّدة"‪.‬‬

‫ونّص ت على ذلك أيضا‪:‬‬

‫‪51‬‬
‫‪Papami Chalopulos et autres c/ Grèce, C.E.D.H, série‬‬ ‫يراجع القرار الّص ادر عن المحكمة األوروبّية لحقوق اإلنسان‪:‬‬ ‫()‬
‫)‪.A, n° 260 B (1993‬‬
‫‪52‬‬
‫يراجع في المسألة نفسها قرار‪.Loizidou C/ Turquie, fond, C.E.D.M, recueil 1996, VI, p. 2216 :‬‬ ‫()‬
‫‪53‬‬
‫نتحّدث عن الّتبليغ في إطار المعاهدات الثنائّية وعن الّس حب في إطار المعاهدات ذات األطراف المتعّددة‬ ‫()‬
‫‪54‬‬
‫تّم توقيعه في ‪ 18‬شباط‪/‬فبراير ‪.2004‬‬ ‫()‬
‫‪-72-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫ر‬ ‫‪ -‬المادة (‪ )14‬من المعاهدة الثنائّية لتشجيع وحماية االستثمار المبرمة بين حكومة جمهورّية الجزائ‬
‫الشعبّية الّديمقراطّية وحكومة دولة اإلمارات العربّية المّتحدة (‪.)55‬‬

‫الّتبليغ؛‬ ‫(أ)‬

‫اّدة (‪ )56‬من‬ ‫إّن الّتبليغ تصّر ف يصدر عن أحد الطرفين بهدف وقف العمل ببنود المعاهدة طبقا للم‬
‫معاهدة فيينا(‪ ،)56‬إًينمض اّما أو صراحة‪ ،‬وهو ما جاءت به جملة من المعاهدات من بينها‪:‬‬

‫‪ -‬المادة (‪ )10‬من االّتفاقّية الثنائّية بين الجمهورّية الفرنسّية والجمهورّية التركّية‪ 57.‬وقد نّص ت الفق رة‬
‫الثانية من هذه الماّدة على أّنه تّم توقيع هذا االّتفاق لمّدة أولى تستمر عشر سنوات‪ ،‬إال أن االتقاق يبقى م ع‬
‫ذلك ساري المفعول حّتى بعد حلول األجل‪ ،‬ما لم يبادر أحد األطراف المتعاقدة بالّتبليغ بالّط رق الدبلوماس ية‬
‫مع إشعار سابق بسنة‪.‬‬

‫وقد يكون الّتبليغ ضمنّيا من خالل الّنظر في "نّية األطراف" أو "طبيعة المعاهدة" وقد نّص ت المادة (‪)14‬‬
‫في فقرتها األولى من المعاهدة الثنائّية المبرمة بين جمهورّية الجزائر ودولة اإلمارات العربّية المّتحدة (آنف ة‬
‫الّذ كر) على أّنه ال يمكن لهذه المعاهدة أن تكون محّل "تبليغ" إّال إذا أعلم أحد األط راف المتعاق دة الّط رف‬
‫اآلخر كتابة سنة قبل وقف فترة العمل األولى بالمعاهدة أو ما يليها من الفترات "بنّيتها" في وضع نهاية له ذه‬
‫المعاهدة‪.‬‬

‫ويخضع الّتبليغ لجملة من الّش روط القانونّية الخاّص ة وذلك لهدفين اثنين‪ :‬أّو لهما وضع حّد للّنتائج اّلتي‬
‫قد تترّتب عن األعمال األحادية الجانب؛ وثانيهما منع القيام بهذا الّتصّر ف بصورة تعّس فّية‪.‬‬

‫وتتمّثل هذه الشروط في الّنقاط الّتالية‪:‬‬


‫‪ -1‬تحديد العضو اّلذي يتّم لديه اإلعالم بالّتبليغ‪ :‬في أغلبية األحيان تكون الّدولة اّلتي يتم على ترابه ا‬
‫توقيع المعاهدة ويسّم ى "األمين"‪ ،‬ولم تحّدد المعاهدات هذه الّص فة إّال في بعض االّتفاقّي ات المتعّلق ة بتنمي ة‬
‫وحماية االستثمار نذكر من بينها االتفاقية بين جمهورّي ة آيس لندا‪ ،‬وليختنش تاين‪ ،‬واالتح اد الّس ويس رّي‬
‫والجمهورّية الكورّية(‪ .)58‬إذ نصت المادة (‪ )26‬على أّنه يجب على الّدولة أن تعلم "األمين" بنّيته ا في إنه اء‬
‫العمل بالمعاهدة وطبقًا للبند (‪ )28‬فاألمين هو حكومة االتحاد الّس ويسرّي ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫تّم توقيعه في ‪ 24‬نيسان‪/‬أبريل ‪ 2001‬بالجزائر‪.‬‬ ‫()‬
‫‪56‬‬
‫المادة ‪ : 56‬نقض أو االنسحاب من معاهدة ال تتضمن نصًا ينظم االنقضاء أو النقض أو االنسحاب‬ ‫()‬
‫‪ -1‬ال تكون المعاهدة التي ال تحتوي على نص بشأن انقضائها أو نقضها أو االنس حاب منه ا خاض عة للنقض أو‬
‫االنسحاب إال‪:‬‬
‫(أ) إذا ثبت أن نية األطراف قد اتجهت نحو إقرار إمكانية النقض أو االنسحاب؛ أو‬
‫(ب) إذا كان حق النقض أو االنسحاب مفهومًا ضمنًا من طبيعة المعاهدة‪.‬‬
‫‪ -2‬على الطرف الراغب في نقض المعاهدة أو االنسحاب منها عمًال بالفقرة (‪ )1‬أن يفصح عن نيته هذه بإخطار مدته‬
‫أثنى عشر شهرًا على األقل‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫تّم توقيعه في ‪ 16‬حزيران‪/‬يونيو ‪ 2006‬في أنقرة‪.‬‬ ‫()‬
‫‪58‬‬
‫تّم توقيعه في ‪ 15‬كانون األول‪/‬ديسمبر ‪.2005‬‬ ‫()‬
‫‪-73-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫‪ -2‬تحديد الّتاريخ اّلذي بمقتضاه يصبح الّتبليغ ممكنًا‪ :‬أصّر ت أغلبية المعاهدات الثنائّية على تحديد هذا‬
‫الّتاريخ لعّدة أسباب‪ ،‬أهّم ها سببان‪ .‬يكمن أُملا باستحا يف امهلّودة اّلتي تكون نقطة بدايتها هذا الّتاريخ‪ .‬ونقصد‬
‫بذلك مّدة اإلشعار‪ .‬أما ثانيهما فيكمن في الّنطق بتمديد المّدة في حال انعدام الّتبلي غ‪ .‬وعلي ه فق د أب رمت‬
‫المعاهدات الثنائّي ة لفترات متفاوتة تتراوح في أكثر الحاالت بين خمس وعشرين سنة ما عدا االّتفاقّية الثنائّي ة‬
‫المبرمة بين سويسرا وسنغفورة وقد أبرمت لمّدة ال تتجاوز أربع سنوات‪.‬‬

‫ومن األمثلة على ذلك‪ ،‬نذكر‪:‬‬


‫ة بين‬ ‫ّل‬
‫‪ -‬المادة (‪ )13‬من الفقرة األولى من االّتفاقّية الثنائّية المتع قة بتنمية االستثمار وحمايته والمبرم‬
‫االتحاد الّس ويسرّي وحكومة الجمهورّية الّدومينيكّية(‪( )59‬لمدة خمس عشرة سنة)‪.‬‬

‫‪ -‬المادة (‪ )14‬من الفقرة األولى من المعاهدة الثنائّية المتعّلقة بتشجيع االستثمار وحمايته والمبرمة بين‬
‫الجزائر واإلمارات العربّية المّتحدة لمّدة عشرين سنة‪.‬‬

‫‪ -3‬تع يين م ّدة اإلش عار‪ :‬إّن اإلش عار واجب تل تزم بمقتض اه الّدول ة المبّلغ ة في‬
‫مًرهش رشع ينثاو رهشأ ةتس نيب حوارتت ةّدا بإبداء رأي مسّبق كتابة بعد تسّلم اإلعالم من ط رف "األمين"‪.‬‬
‫فال يترّتب عن الّتبليغ أّي أثر إّال بعد حصول هذا اإلجراء الهاّم ‪ .‬ويكفي لذلك‪ ،‬الّتذكير بالبنود الّتالية‪:‬‬

‫‪ -‬المادة (‪ )13‬من الفقرة الّثانية من االّتفاقّية الّثنائّية المتعّلقة بتنمية االستثمار وحمايت ه والمبرم ة بين‬
‫الّص ين وبينين (ستة أشهر)‪.‬‬

‫ة بين‬ ‫‪ -‬المادة (‪ )10‬من الفقرة األولى من االتفاقية الثنائّية المتعّلقة بتنمية االستثمار وحمايته والمبرم‬
‫فرنسا وتركيا (عشرة أشهر)‪.‬‬

‫تثمارّية‬ ‫غير أّن الّس ؤال اّلذي يفرض نفسه في هذا الّس ياق يتمّثل في معرفة‪ :‬ما هو مآل العملّيات االس‬
‫الّناشئة قبل نهاية العمل ببنود المعاهدة‪.‬؟‬
‫لم يتجاهل محّر رو المعاهدات هذه المسألة مسألة اعتبار أّن الهدف الّر ئيسي من تشريع هذه القواعد هو‬
‫حماية مصالح المستثمرين األجانب‪ ،‬لتبعث المشاريع في ظروف مالئمة وتدّع م المكان ة ال تي تحظى به ا‬
‫المعاهدة الثنائّية في القانون الّدولي لالستثمار‪ .‬وهكذا‪ ،‬جاءت المحافظة على البنود المّتصلة بحماية العملّي ات‬
‫االستثمارّية قبل نهاية العمل بالمعاهدة‪ ،‬كأثر للًرمأ غيلبّتا هاًّم ا إذ نّص ْت جميع المعاهدات على ذلك ومن بينها‪:‬‬

‫‪ -‬المادة (‪ )14‬من المعاهدة الثنائّية المتعّلقة بتشجيع وحماية االستثمار المبرمة بين الجزائر واإلمارات‬
‫العربّية المّتحدة اّلتي نّص ت في فقرتها الّثانية على أن تبقى بنود المعاهدة سارية المفعول لمّدة عشرين سنة من‬
‫تاريخ نهايتها على العملّيات االستثمارّية الّس ابقة لوقف العمل بالمعاهدة‪ .‬فتستمّر هذه العملّيات في االستفادة من‬
‫نظام الحماية اّلذي توّفره المعاهدة‪ ،‬ونتحّدث في هذا الّس ياق عن "شرط االستمرارية وبندها"‪ .‬ولقد حّددت بنود‬
‫المعاهدة هذا الّش رط في الّز مان بأّنه يمتّد لفترة إضافّية تتراوح بحسب المعاهدات بين عشر وعش رين س نة‬
‫نذكر من بينها‪:‬‬
‫‪ o‬المعاهدات الثنائّي ة المبرمة بين فرنسا ومالطا؛ فرنسا وسنغفورة (لمدة عشرين سنة)؛‬
‫‪59‬‬
‫تّم توقيعه في ‪ 27‬كانون الثاني‪/‬يناير ‪ 2004‬في سانت‪-‬دومينغ (‪ )Saint-Domingue‬ودخل حّيز الّتنفيذ عبر تبادل‬ ‫()‬
‫المالحظات في ‪ 30‬أيار‪/‬مايو ‪.2006‬‬
‫‪-74-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫ر‬ ‫المعاهدات الثنائّي ة المبرمة بين فرنسا واألردن؛ فرنسا ورومانيا؛ فرنسا وسورّية (خمسة عش‬ ‫‪o‬‬
‫سنة)؛‬
‫ّل‬
‫المعاهدات الثنائّية المتع قة بتنمية وحماية االستثمار المبرمة بين ااالتحاد الّس ويس رّي ص ربيا‪-‬‬ ‫‪o‬‬
‫مونتنغرو (عشر سنوات)(‪.)60‬‬

‫وقد أّدى تطبيق هذا الّش رط إلى تعزيز احترام الحقوق المكتسبة إذ تقوم طبيع ة الّتبلي غ على توقي ف‬
‫واجبات الّدولة المتعاقدة والّناتجة عن المعاهدة من ناحية‪ ،‬وعلى عدم المساس بالحقوق والواجبات المكتس بة‬
‫للّدولة ولرعاياها من ناحية أخرى‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في هذا الّس ياق إلى ما أفضت إليه تجربة الّدولة البوليفّية عن دما ق امت ب الّتبليغ عن‬
‫عشرين معاهدة تربطها بأكثر من دولة في الوقت الحالي‪ ،‬وتتضّم ن في طّياتها شرط الرضى اّلذي يتيح له ا‬
‫الّلجوء إلى الهيئة الّتحكيمّية التي أنشأها المركز الّدولي لتسوية منازعات االستثمارات (‪.)ICSID‬‬
‫وإذا كان الّتبليغ‪ ،‬في هذه الحالة‪ ،‬على المستوى الّس ياسّي أقّل حبكة‪ ،‬فإّنه قانونّيا أكثر تعقيدا باعتب اره‬
‫يهّم البنود اّلتي تحتوي على شرط الرضى اّلذي يؤّس س الّلجوء إلى الّتحكيم الّدولي‪.‬‬

‫وقد أثارت هذه المسألة جدًال دوليًا بالغ األهمية وانقسمت بشأنها الحلول والّر ؤى مستندة في براهينها‬
‫إلى تاريخ اإلشعار (‪ 3‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪.)2007‬‬

‫واعتبر األساتذة األنكلوسكسونّيون أّنه بحلول تاريخ ‪ 3‬تشرين الث اني‪/‬نوفم بر ‪ 2007‬تص بح بن ود‬
‫المعاهدات الثنائًدونب" ةّيا بيضاء" ال يمكن على أساسها الّلجوء إلى الّتحكيم الّدولي‪ .‬غير أّن المتمّع ن في مفهوم‬
‫البنود البيضاء يجد أّنها بنود فارغة وغير كاملة‪ ،‬في حين أّن هذه البنود ‪-‬كم ا أق ّر سيباس تيان مانس يو‬
‫‪ -Sébastien Manciaux‬ليست بيضاء فهي بنود واضحة في البداية‪ ،‬إال إنها أضحت غير ناجع ة بس بب‬
‫ظروف خارجّية تتعّلق بإرادة الّط رف اّلذي سحب إمكانّية الّلجوء إلى الّتحكيم قب ل أن يح وز على رض ى‬
‫الّط رف المقابل بذلك (‪.)61‬‬

‫ونتيجة لذلك‪ ،‬يصبح المركز الّدولي لتسوية منازعات االس تثمار غ ير متخّص ص‪ ،‬وال يبقى أم ام‬
‫المستثمر األجنبي لتسوية نزاعاته إّال الّلجوء إلى وسائل أخرى من بينها‪ :‬تحكيم الغرفة التجارية الّدولّية ‪ICC‬‬
‫‪ International Chamber of Commerce‬أو تحكيم لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي‪United‬‬
‫‪ ،Nations Commission on International Trade Law UNCITRAL‬أو الّلجوء إلى اآللّيات اإلضافّية لفصل‬
‫الّنزاعات التي نظمتها اتفاقية واشنطن‪ .‬وتتمثل اآللّية اإلضافّية في نظام قانوني ال يخض ع لمعاه دة ‪ICSID‬‬
‫ويعمل به في حال سحب أحد الّط رفين رضاه عن تحكيم المركز الّدولي لتسوية منازعات االستثمار(‪.)62‬‬

‫‪60‬‬
‫تّم توقيعه في ‪ 07‬كانون األول‪/‬ديسمبر ‪ 2007‬في بلغراد وصادقت عليه الجمعّية االتحادية في ‪ 12‬حزي ران‪/‬يوني و‬ ‫()‬
‫‪ 2007‬ودخل حّيز الّتنفيذ مع صربيا عبر تبادل المالحظات في ‪ 20‬تموز‪/‬يوليو ‪.2007‬‬
‫‪61‬‬
‫‪Manciaux (S.), « Nouvelles questions à propos du retrait de la Bolivie » disponible‬‬ ‫يراجع‪:‬‬ ‫()‬
‫‪en ligne in: http://fr.group.yahoo.com/group/arbitrage-adr/message/1247.‬‬
‫‪62‬‬
‫انظر موقع‪:‬‬ ‫()‬
‫‪http://icsid.worldbank.org/ICSID/FrontServlet?requestType=ICSIDDocRH&actionVal=AdditionalFacilityRules‬‬
‫‪-75-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫د‬ ‫أّم ا بالنسبة إلى ما قبل تاريخ ‪ 3‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪ ،2007‬فيظّل أمام المستثمر األجنبي حّل وحي‬
‫ز‬ ‫ومنفرد بذاته يتمّثل في رفع دعوى أمام الهيئة الّتحكيمّية قبل ذلك الّتاريخ‪ .‬وللَق ‪،‬كلذ ىلع ليلدّتِب َل المرك‬
‫ة‬ ‫الّدولي لتسوية منازعات االستثمار بتاريخ ‪ 2‬تشرين األول‪/‬أكتوبر ‪ 2007‬الّدعوى اّلتي رفعته ا الش ر ك‬
‫‪3‬‬ ‫اإليطالية تيليكوم ‪ Telecom Italie‬وذلك بهدف تمكين هذا المستثمر من الّلجوء إلى الّتحكيم قب ل حل ول‬
‫تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪.2007‬‬

‫ولكن بعد االّط الع على مطالب المستثمر األجنبي وردود فعل الّس لطة البوليفّية‪ ،‬قّر ر المركز إثر جلسة‬
‫أّو لُع ةّيقدت في ‪ 16‬كانون األول‪/‬ديسمبر ‪ 2007‬تعليق اإلجراء الّتحكيمي حّتى يتسّنى لممّثليه مزيد االّط الع‬
‫على ردود فعل الّس لطة البوليفّية‪.‬‬

‫(ب) تجديد المعاهدات الثنائّية؛‬

‫ال يكون الّتجديد إّال في إطار المعاهدات الثنائّية المحّددة المّدة(‪ .)63‬وبناء على ذلك‪ ،‬يكون الّتجديد عبارة‬
‫عن اّتفاق يستمر بمقتضاه العمل ببنود المعاهدة‪ .‬وينقسم إلى نوعين اثنين‪:‬‬

‫يتمّثل األّو ل في الّتجديد الّض مني للمعاهدة الثنائّية؛ وهو بمثابة اّتفاق ضمني يتواصل العمل بمقتض اه‬
‫ببنود المعاهدة رغم حلول األجل‪ ،‬فتفي األطراف المتعاقدة بالتزاماتها‪ ،‬وتضمن المحافظة على حقوقه ا ّم ا‬
‫يساهم في إنشاء معاهدة ثنائّية ثانية مطابقة للمعاهدة األولى‪.‬‬
‫وتنص المادة (‪ )13‬من االّتفاقّية الثنائّية المتعّلقة بتنمية وحماية االستثمار المبرمة بين الّص ين وبي نين‬
‫في فقرتها الّثانية على أن تبقى هذه االّتفاقّية سارية المفعول مّدة عشر سنوات‪ ،‬وستبقى كذلك س ارية للم ّدة‬
‫نفسها لفترات متتابعة‪.‬‬
‫ّت‬ ‫ّث‬ ‫ّن‬
‫أّم ا بالنسبة إلى ال وع الثاني فيتم ل في ال جديد الّص ريح‪ :‬وهو تجديد يقوم على إرادة حقيقّية لألطراف‬
‫المتعاقدة‪ .‬ويأخذ الّتنصيص الّص ريح على هذا الّنوع من الّتجديد في العديد من المعاهدات الثنائّي ة‪ ،‬الّص يغة‬
‫الّتالية‪" :‬تتجّدد المعاهدة بحلول األجل"‪.‬‬

‫ويمتّد الّتجديد الّص ريح إلى فترات متفاوتة‪ .‬ولكّن يمكن له ذا االمت داد أن يك ون متتابع ًا في بعض‬
‫المعاهدات الثنائّية‪ ،‬وذلك من خالل توظيف المحّر رين لعبارات غير واضحة تجعل العدد األقص ى لف ترات‬
‫الّتجديد غير دقيق ويمسي تكييف المعاهدة الثنائّية مع المعاهدة المحّددة المّدة غير ثابت‪ ،‬الّش يء اّلذي ال يجعلنا‬
‫أمام معاهدة جديدة وإّنما أمام معاهدة غير محّددة المّدة‪ .‬ومن بين هذه المعاهدات الثنائّية نذكر‪:‬‬

‫‪ -1‬المادة (‪ )14‬من المعاهدة الثنائّية المتعّلقة بتش جيع وحماي ة االس تثمار المبرم ة بين الجزائ ر‬
‫واإلمارات العربّية المّتحدة‪ .‬فقد نّص ت الفقرة األولى منها على أّن المعاهدة تبقى نافذة لمّدة أو لمدد مماثلة‪.‬‬

‫‪ -2‬المادة (‪ )13‬من االّتفاقّية الثنائّية المتعّلقة بتنمية وحماية االستثمار المبرمة بين االتحاد السويس رّي‬
‫وحكومة الجمهورّية الّدومينيكّية‪ .‬فقد نّص ت الفقرة األولى منها على أّن تعتبر االّتفاقّية متجّددة في الّظ روف‬
‫نفسها لمّدة عامين وهكذا دواليك‪.‬‬

‫يقصد بالمعاهدة المحّددة المّدة‪ :‬المعاهدة الثنائّية اّلتي يحّدد األطراف في الّز من مّدة سريانها وبالّتالي مّدة العالقات‬ ‫()‬ ‫‪63‬‬

‫االّتفاقّية اّلتي تجمع بينهم‪.‬‬


‫‪-76-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫غير أّن االمتداد اآللي والمتعاقب للمعاهدة الثنائّية قد يمّس مصلحة المستثمر األجن بي باعتب ار أّن‬
‫مصالحه تبقى مهّددة بإمكانّية قيام الّدولة المضيفة ببعض التعديالت في تشريعاتها بهدف مواكبة التط ّو رات‬
‫االقتصادّية والّس ياسّية واالجتماعّية والبيئّية‪ .‬لذلك عمدت بعض المعاهدات الثنائّية إلى فرض الّتنصيص على‬
‫"شروط استقرار" وتسًضيأ ىّما "شروط حماية"‪.‬‬

‫وتتجّس د هذه الّش روط في عّدة أنواع أهّم ها التفرقة بين شروط االستقرار وشروط عدم المس اس ال تي‬
‫تناولها هوارد ويل ‪.)64(Weil Howard‬‬

‫أما المقصود بشروط االستقرار فهي الشروط اّلتي تقّر ها الّدولة المضيفة للمعاهدة الثنائّية‪ ،‬والغاية منها‬
‫حماية المستثمر من حاالت الّتغيير الّال حقة التي قد تطرأ على القانون‪ ،‬والتي تقضي بتجميده لمّدة معّينة‪.‬‬

‫على أّن تجميد بنود المعاهدة الثنائّية لفترات معّينة من االلتزامات المتعّلقة بعامل الّز من‪ ،‬من ش أنها أن‬
‫تمّس بالمسائل الحّس اسة في الّس ياسة االقتصادّية للّدولة المضيفة باعتبار أّنها تؤّدي إلى ح دوث تص ّلب في‬
‫االقتصاد‪.‬‬

‫وينقسم هذا الّتصّلب إلى نوعين بحسب الّز من اّلذي استقّر في ه الّتش ريع‪ :‬يكمن األّو ل في الّتص ّلب‬
‫المتمّدد‪ ،‬إذا تعّلق األمر باستقرار الّتشريع إثر دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ‪ .‬وفي ه ذه الحال ة تبقى العملّي ة‬
‫االستثمارّية الّناشئة بين عشرين وثالثين سنة خاضعة للّنظام القانوني القديم‪.‬‬

‫أّم ا الّنوع الّثاني من الّتصّلب فيكون متقًصّلا‪ ،‬ويتعّلق باستقرار الّتشريع إثر قبول االستثمار من ط رف‬
‫الدولة‪ .‬ويتمّيز هذا الّنوع من الّتصّلب بتجديد المّدة الزمنّية‪.‬‬

‫ولتفادي سلبّيات الّتصّلب يجب –وفقًا لألس تاذ ج يرار الفي اك ‪ Laviec Gérard‬تل يين ش روط‬
‫االستقرار(‪ ،)65‬وذلك بتفادي تجميد كّل الّنظام القانوني للّدولة‪ ،‬سواء في إثر دخول المعاهدة حّي ز الّنف اذ‪ ،‬أو‬
‫بقبول بعث االستثمار‪ ،‬وذلك حّتى تتمّتع الّدولة بالحّر ّية في تعديل تشريعها بحسب متطّلباتها وحاجياتها‪ .‬وبهذا‬
‫يمكن لشروط االستقرار أن تكون متدّر جة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في هذا الّس ياق إلى أّن بعض المعاهدات الثنائّية المبرمة حديثًا ارتأت استبدال ش روط‬
‫االستقرار بـ"شرط الّدولة األولى بالّر عاية" وهو شرط موضوعه أن ين ال المس تثمر جمي ع االمتي ازات‬
‫والحقوق اّلتي تمنحها الّدولة المضيفة إلى دولة ثالثة‪.‬‬

‫في نهاية هذا الّتحليل‪ ،‬نتبّين أّن مجال تطبيق المعاهدات الثنائّية المتعّلقة بتنمي ة االس تثمار وحمايت ه‬
‫بمرور الّز من‪ ،‬ليس باألمر الهّين‪ ،‬وأّن القواعد والمبادئ األساسّية اّلتي تحكم هذا المجال تعّر ضت إلى ع دد‬
‫‪64‬‬
‫‪Weil (P), « Les clauses de stabilisations ou d’intangibilité insérées dans les accords de‬‬ ‫‪développement‬‬ ‫(‪)64‬‬
‫‪.économique », in Mélange Ch. Rousseau, 1974, pp. 308-309‬‬
‫‪65‬‬
‫راجع بشأن هذه المسألة‪:‬‬ ‫()‬
‫‪Laviec (J.P), Protection et promotion des investissements, étude de droit international économique, édition Publication de l’Institut‬‬
‫‪universitaire de Hautes études internationales, Genève et PUF, Genève, 1985, p. 264.‬‬
‫‪-77-‬‬
‫االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار‬

‫من الّص عوبات الّتطبيقّية في فقه القضاء الّتحكيمي للمركز الّدولي لحّل الّنزاعات المتعّلقة باالستثمارات لحداثة‬
‫ظهورها في هذا الميدان من ناحية‪ ،‬ولخصوصّية النزاع اّلتي يشترطها المركز للمثول أمام هيآته الّتحكيمّي ة‬
‫من ناحية أخرى‪.‬‬

‫واّتبعت الهيئة للفصل في الّدعاوى في محاولتها تطبيق المعاهدات الثنائّية في الّز مان اَاهاجّت استندت فيه‬
‫إلى مجموعة أعمال الفقه وفقه القضاء الّداخلي والّدولي‪ ،‬واّلذي تجّس م في الّت ذكير بم ا ج اءت ب ه بعض‬
‫الّنصوص الّدولّية‪ ،‬أهّم ها معاهدة فيينا لقانون المعاهدات وكذلك بعض القرارات الّص ادرة عن محكمة الع دل‬
‫الّدولّية (مثال قرار ‪ Mavrommatis‬و‪ )Arubatielos‬والمحكمة األوروبّية لحق وق اإلنس ان (مث ال ‪Papami‬‬
‫‪.)Chalopoulos‬‬

‫كما وقد اتسمت الحلول والّر ؤى اّلتي توّص لت إليها هذه الهيئات بالجزئّية مقارنة بما توّص ل إلي ه فق ه‬
‫القضاء الّدولي‪ .‬إال إن ذلك ال ينفي مطلقًا الّدور الجوهري اّلذي اض طلعت ب ه الهيئ ة الّتحكيمّي ة في فهم‬
‫الرهانات وتشخيصها والتي أّدى إليها تطبيق المعاهدات الثنائّية المتعّلقة بتنمية االستثمار وحمايت ه بم رور‬
‫الّز من‪.‬‬

‫دال‪ -‬النطاق الجغرافي‬

‫يقتضي النطاق الجغرافي أن يخضع االستثمار المزمع حمايته وتشجيعه إلى شرط قيامه في إقليم إحدى‬
‫الدول األطراف في االتفاقية الثنائية‪ .‬ويعرف اإلقليم الذي يطبق في إطاره بنود االتفاق‪ ،‬بالفضاء الجغ رافي‬
‫التي تمارس عليه سيادة أو والية الدولة الطرف طبقًا للقانون الدولي‪ .‬ويتكّو ن اإلقليم من ثالثة عناصر‪ :‬بري‬
‫وبحري وجوي‪ .‬إّال إنه في مادة االستثمار‪ ،‬وألسباب منطقية ال يؤخذ عادة بعين االعتب ار إّال اإلقليم ال بري‬
‫والبحري‪ .‬واألمثلة عن ذلك عديدة‪:‬‬

‫‪ -‬يعرف اإلقليم في بعض االتفاقيات بصفة موّح دة‪ ،‬سواء بالنس بة إلى الدول ة المض يفة أو الدول ة‬
‫المصّدرة لالستثمار‪ ,‬ويكون التعريف في هذه الحالة مقتضبًا جّدا‪" :‬تعني كلمة اإلقليم إقليم الط رف المتعاق د‬
‫الذي يقع تحت سيادته بما في ذلك الجزر والبحر اإلقليمي‪ ،‬والمنطقة االقتصادية الخالصة وك ذلك من اطق‬
‫الجرف القاري والمناطق البحرية األخرى التي له حق السيادة أو الوالية عليها وفًقا للقانون الدولي‪( ".‬االتفاقية‬
‫بين عمان واليمن المادة ‪ 1‬الفقرة ‪)4‬؛‬

‫‪ -‬في اتفاقيات أخرى‪ ،‬تحتفظ كل دولة بتعريفها الخاص وذلك ألسباب تتعلق بموقعه ا الجغ رافي أو‬
‫لحالتها الخاصة‪ .‬ولنا في ذلك مثال االتفاقية المبرمة بين البحرين ومصر المادة ‪( 1‬ﻫ) "اإلقليم"‪:‬‬

‫‪ -1‬في ما يتعلق بدولة البحرين‪ :‬تتضمن كلمة اإلقليم دولة البحرين شاملة جزره ا والبح ر اإلقليمي‬
‫والمنطقة المتاخمة‪ ،‬وأي منطقة بحرية واقعة في ما وراء البحار اإلقليمية التابعة لدولة البحرين حيث تك ون‬
‫هذه المنطقة‪ ،‬أو من المحتمل أن تصبح في المستقبل مصنفة بموجب القانون الوطني لدولة البح رين ووفًق ا‬
‫للقانون الدولي بمثابة منطقة يحق لدولة البحرين ممارسة حقوقها في ما يتعلق بق اع بحاره ا وتحت س طح‬
‫تربتها ومواردها الطبيعية‪.‬‬
‫‪-78-‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار‬

‫‪ -2‬وفي ما يتعلق بجمهورية مصر العربية‪ :‬يشمل اإلقليم األراضي الواقعة داخ ل الح دود الدولي ة‬
‫لجمهورية مصر العربية والمياه الداخلية والبحر اإلقليمي والجرف القاري والمنطقة االقتص ادية الخالص ة‬
‫الخاضعة لسيادة الدولة أو لواليتها اإلقليمية وفق أحكام القانون الدولي‪.‬‬

‫إس جي إس اس تثمرت في‬ ‫ويتعلق السؤال الذي طرح أمام فقه القضاء بشركة سويس رية ‪SGS‬‬
‫الباكستان في قطاع الخدمات‪ ،‬وبخاصة في ميدان المراقبة الجمركية للمواد المس توردة من ط رف الدول ة‬
‫المضيفة (الباكستان) بما فيها تدريب الموظفين‪ .‬وقد أنجز جزء من االستثمار في سويسرا حكم ًا‪ ،‬وخاص ة‬
‫مراقبة المواد في البلد المصّدر إلى باكستان‪ ،‬وتدريب الموظفين الباكستانيين على عملية المراقب ة‪ .‬وعن دما‬
‫ُر فع النزاع أمام التحكيم‪ ،‬أثارت الدولة أنه لم تجِر كل مكونات االستثمار في إقليم البل د المض يف‪ ،‬طبًق ا‬
‫لالتفاقية الثنائية‪ ،‬وطلبت بالتالي رفض الدعوى‪ .‬إال أن محكمي المركز الدولي لتسوية منازعات االس تثمار‬
‫‪ ICSID‬رفضوا هذه الحجة وقرروا أن االستثمار يشّك ل عملية متكاملة‪ ،‬من دون أن تكون مكّو ناته بالضرورة‬
‫في البلد المضيف‪.‬‬

You might also like