Professional Documents
Culture Documents
بحث عن اتفاقيات الاستثمار الثنائية
بحث عن اتفاقيات الاستثمار الثنائية
الجزء الثاني
ال تقتصر أهمية تحديد مجال تطبيق االتفاقيات الثنائية لالستثمار على الجانب النظري فقط ،إذ تتمت ع
أيضًا بأهمية عملية بالغة .إذ أن كل القواعد المتعلقة بالنظام القانوني لالستثمار األجنبي ال تي تنص عليه ا
االتفاقيات الثنائية لالستثمار يقتضي تطبيقها على صنف معّين من العمليات واألش خاص دون غ يرهم ،إلى
غير ذلك من الشروط .ومن ناحية أخرى ،تنص بعض أنظمة تسوية النزاعات وبخاصة المركز الدولي لفض
منازعات االستثمار بين الدول ومواطني دول أخرى والمعروف بنظ ام المرك ز ال دولي لفض منازع ات
االستثمار ICSIDعلى شروط محددة تتعلق بالمنتفعين بنظام التحكيم الذي أنشأه هذا المركز .وبالتالي يرتب ط
النظام القانوني لالستثمار األجنبي بالنظر في الشروط المتعلقة بمجال تطبيقه الذي يخص أربع ة مس تويات
متفاوتة األهمية:
-النطاق المادي؛
-النطاق الشخصي؛
-النطاق الزمني؛
-النطاق المكاني أو الجغرافي.
لقد تنامى عدد االتفاقيات الثنائية التي سعت إلى تحديد مفهوم االستثمار .ومن األسباب المفّس رة له ذا
التطور ،محاولة هذه االتفاقيات لسّد الفراغ الناتج عن إخفاق االتفاقيات المتع ددة األط راف وع دم ق درة
المنظمات العالمية لالنتقال من الخطاب النظري إلى تنظيم دولي عملي.
لذلك فقد سعت هذه االتفاقيات الثنائية إلى إعطاء مفهوم متعّدد لالستثمار س اعد المحكمين وبخاص ة
المركز الدولي التفاقية واشنطن لسنة 1965لتسوية المنازعات المطروحة أمامه .وتكمن أهمية هذه االتفاقية،
وضعفها في الوقت ذاته ،في أنها االتفاقية الوحيدة المتعلقة بحل النزاعات بين المستثمر والدول التي تنص في
مادتها 25على تحقق االستثمار كشرط الختصاص المحكمين وتقصي بالتالي كل عملية خارجة عن نط اق
االستثمار من صالحيات المحكمين.
ومن ناحية أخرى ،تكمن أهمية التعريف من ناحية االتفاقيات الثنائية في أنها توفر المعاملة والحماي ة
للعمليات التي تعتبرها استثمارًا من دون غيرها ،على الرغم من عدم وجود تعريف عام ومؤس س لمع ايير
موضوعية في صلب هذه االتفاقيات.
وفي الحقيقة ،احتوت االتفاقيات الثنائية على صنفين من "التعريفات" لمفهوم االستثمار .ويعتبر التعريف
األّو ل مًرامثتسا ربتعت يتلا تايلمعلا نم ةلمج درسل يف يناثلا فيرعتلا لثمتي نيح يف ازجومو اقيّض ا من
وجهة نظر االتفاقية الثنائية.
-32-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
ومن بين التعريفات الضّيقة لمفهوم االستثمار يمكن أن نذكر تع ريفْين .يرتك ز التعري ف األّو ل على
مجموعة من المرادفات وهي "سلع وحقوق وأسهم" ،في حين يقوم التعريف الثاني على تعريف االستثمار بأّنه
بعض العمليات االقتصادية المحُتعا دقو .ةدّدمد التعريف األّو ل في االتفاقيات الثنائية المبرمة بين ال دول في
الستينيات من القرن الماضي .وقد حاول الفقيه "لفياك" تبرير اعتماد هذا التعريف معتبًر ا أّن سبب ذلك يع ود
إلى تعريف أصناف السلع والحقوق العينية قد ورد في القانون الداخلي ال في القانون الدولي .وقد ورد تعريف
جميع هذه األصناف بطرق تختلف من قانون داخلي إلى آخر .ولكن وفقًا لهذا التعريف ،قد يمثل االس تثمار
كل حق عيني يمتلكه أجنبي في دولة غير دولته.
أّم ا بالنسبة إلى المفهوم الضّيق الثاني ،فقد ورد في العديد من االتفاقيات الثنائية لكونه مرادًفا لمشروع
تنمية أو لتحويل األموال .ومن بين االتفاقيات التي عّر فت االستثمار بأّنه تحويل نقّدي أو مشروع تنمية يمكن
أن نذكر االتفاقية المبرمة بين تونس والواليات المتحدة األمريكية في 18آذار/مارس 1959وقد تض مّنت
هذه االتفاقية عبارة "مشروع " للداللة على االستثمار.
وإضافة إلى هذا التعريف الضّيق والمحدود لمفهوم االستثمار ،نجد تعريًفا آخر موًعّسا يق وم بع رض
جملة من العمليات التي يمكن وصفها باالستثمار .وتتبّنى أغلبية االتفاقيات الثنائية ه ذا االتج اه إذ تحت وي
بصورة عامة في مادتها األّو لى على تعريف مّو سع يتأسس عادة على مفهوم "األصول" ويقوم في الوقت نفسه
على سرد جملة من العمليات التي تعتبرها استثمارًا به دف حمايت ه .وتكمن ه ذه العملي ات عام ة في:
"المساهمات وحقوق الملكية والمنقوالت والعقارات وكذلك األسهم والرقاع والق روض إض افة إلى حق وق
الملكية الفكرية والتجارية والصناعية مثل حقوق المؤلف وبراءات االختراع واالمتيازات.
وما يمكن مالحظته أن جميع أصناف االستثمار وقع إدراجها في ه ذه القائم ة المع ّددة لجمل ة من
العملّيات .وتستعمل االتفاقيات الثنائية لالستثمار الحالية طريقة القائمة المفتوحة وذلك باستعمال عبارات" :إن
كلمة "استثمارات" تشمل كل أنواع األصول ،وتشمل على وجه الخصوص ال الحصر" ( .)..واألمثلة عدي دة
في ذلك نذكر منها في المنطقة العربية:
(أ) األموال المنقولة وغير المنقولة ،وكذلك أية حقوق عينية أخرى كالرهونات والتأمينات وغيرها؛
(ج) حقوق المطالبة بأموال أو بأية حقوق في خدمات لها قيمة اقتصادية؛
(د) حقوق الملكية الفكرية ،كحقوق الطبع والنشر ،وبراءات اإلختراع ،والتصاميم أو النماذج الصناعية،
والعالمات التجارية أو عالمات الخدمة ،والعالمات المميزة ،والتقنيات وشهرة اإلس م التج اري،
وكذلك الحقوق المماثلة األخرى التي تقّر ها قوانين الطرفين المتعاقدين؛
-33-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
(ﻫ) االمتيازات التي تمنح بمقتضى القانون العام ،بما في ذلك االمتيازات للتنقيب عن الموارد الطبيعية،
أو إستخراجها ،أو إستثمارها ،وكذلك جميع الحقوق االخرى التي تعطى بمقتض ى الق انون ،أو
بمقتضى أحد العقود ،أو وفًقا لقرار السلطة طبًقا للقانون.
إن تغييرًا في الشكل الذي تستثمر فيه األصول (الموجودات) ،أو يعاد إس تثمارها في ه ،يجب أن ال
يؤثر في صفتها إستثمارًا.
وتستعمل اتفاقيات عديدة أخرى الطريقة نفس ها المبني ة على مفه وم "األص ول" وإدراج القائم ة
المفتوحة(.)18
18
مثل "اتفاقية إنشاء منطقة حّر ة بين الواليات المتحدة األمريكية والمغرب ( 2003القسم الث الث الخ اص بالتع اريف ()
الفصل :)27-10
" يقصد بمصطلح "استثمار" كل أصل يملكه أو يسيطر عليه مستثمر ،بصورة مباشرة أو غير مباشرة له خصائص االستثمار ،بم ا
في ذلك خصائص من قبيل االلتزام برأس مال أو بموارد أخرى ،أو توقع المكسب أو الربح ،أو تحمل المخاطرة .ويمكن أن يتخذ
االستثمار اشكاال من بينها:
مقاولة؛ (أ)
حصص وأسهم وأشكال أخرى من المشاركة في رأس مال مقاولة ما؛ (ب)
السندات وسندات الدين وصكوك الدين األخرى والقروض؛ (ج)
العقود اآلجلة وعقود الخيارات وغيرها من المشتقات؛ (د)
عقود اإلنجاز الكلي وعقود التشييد واإلدارة واإلنتاج و االمتيازات وتقاسم اإليرادات وغيرها من العقود المماثلة؛ (ﻫ)
حقوق الملكية الفكرية؛ (و)
التراخيص والتفويضات والتصاريح وما شابهها من حقوق تمنح وفقًا للقوانين المحلية ، (ز)
(ح) أية ملكية ملموسة أو غير ملموسة ،منقولة أو غير منقولة ،وحقوق الملكية المرتبطة بها ،مثل عقود اإليجار
والرهون العقارية والرهون بضمان والممتلكات المرتهنة"
-34-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
النموذج الفرنسي
مشروع اتفاقية بين حكومة جمهورية فرنسا وحكومة ...بشأن التشجيع والحماية المتبادلة لالستثمارات مادة 1
لتطبيق هذه االتفاقية.
كلمة ”استثمار” تعنى كل األصول ،مثل األموال ،الحقوق والفوائد من كل نوع وعلى األخص دون التحديد: .1
أموال منقولة وعقارية ،وكذلك كافة حقوق الملكية العينية مثل الرهونات ،االمتيازات ،حقوق االنتفاع ،الضمانات والحقوق (ا)
الشبيهة ؛
()19
(ب) األسهم ،اإلصدارات األولية وأشكال أخرى من المشاركة ،حتى لو كانت صغيرة أو غير مباشرة ،فى الش ركات المؤسس ة فى
إقليم أحد األطراف المتعاقدة20؛
االلتزامات ،الديون وحقوق المطالبة باألموال ذات القيمة االقتصادية()21؛ (ج)
حقوق الملكية الفكرية ،التجارية والصناعية مثل حقوق المؤلف ،براءات االختراع ،التراخيص ،العالمات التجارية ،النماذج (د)
والتصميمات الصناعية ،األساليب الفنية ،المهارة ،األسماء التجارية والعمالء ؛
()22
االمتيازات الممنوحة من قانون أو تعاقد ما ،وخصوصًا االمتيازات الخاصة بالتنقيب ،الثقافة ،استخراج أو استغالل الثروات (ه)
الطبيعية ،بما في ذلك الكائنة في المنطقة البحرية لألطراف المتعاقدة .
ومن المتفق عليه أن األصول المشار اليها يجب أن تكون أو كانت مستثمرة طبًقا لتش ريع الط رف المتعاق د في اإلقليم أو
المنطقة البحرية التي يتم فيها االستثمار قبل أو بعد سريان االتفاقية الحالية .
كل تعديل لشكل استثمارات األصول ال يضر بصفتها كاستثمار ،بشرط أال يخالف هذا التعديل تشريع الط رف المتعاق د في
اإلقليم أو المنطقة البحرية التي يتم فيها االستثمار.
وهذا ما من شأنه أن يعقد عملية التكييف التي يقوم بها المحكمون بخاصة في إطار المرك ز ال دولي
لفض النزاعات المتعّلقة باالستثمار.
ومهما يكون من أمر ،يّتضح هنا االرتباط الوثيق بين معاهدة واشنطن واالتفاقيات الثنائية .ويرج ع
هذا إلى عنصر له أهمية بالغة وهو غياب تعريف االستثمار في معاهدة واش نطن المتعلق ة بفض نزاع ات
االستثمار وهو حدث يعتبر غريًبا نوًع ا ما ،نظًر ا ألن توفر االس تثمار يمًطرش لّثا من ش روط اختص اص
المحكمين.
19
مقاولة. ()
20
حصص وأسهم وأشكال أخرى من المشاركة في رأس مال مقاولة ما. ()
21
السندات وسندات الدين وصكوك الدين األخرى والقروض :بعض أشكال الدين ،مثل السندات وسندات الدين ()
والكمبياالت الطويلة األجل ،ومن المرجح أن تكون لها خصائص االستثمار .في حين أن أشكاًال أخرى من الدين ،مثل المطالبات بدفعات
مستحقة فورًا وناتجة عن بيع سلع أو خدمات ،من غير المرجح أن تكون لها خصائص االستثمار.
العقود اآلجلة وعقود الخيارات وغيرها من المشتقات ،عقود اإلنجاز الكلي وعقود التشييد واإلدارة واإلنتاج واالمتيازات وتقاسم اإلي رادات
وغيرها من العقود المماثلة.
22
حقوق الملكية الفكرية :التراخيص والتفويضات والتصاريح وما شابهها من حقوق تمنح وفقًا للقوانين المحلية ،أية ملكية ()
ملموسة أو غير ملموسة ،منقولة أو غير منقولة ،وحقوق الملكية المرتبطة بها ،مثل عقود اإليجار والرهون العقارية والره ون بض مان
والممتلكات المرتهنة.
يتوقف اتسام نوع معين من صكوك الترخيص أو التفويض أو التصاريح أو ماشبهها من صكوك (بما في ذلك االمتيازات ال تي
لها طابع هذه الصكوك) بسمات االستثمار ،على عوامل من قبيل طبيعة الحقوق التي يتمتع بها حامل الصك ومداها بموجب القوانين المحلية
للطرف الذي يمنحها .ومن بين صكوك التراخيص والتفويض والتصاريح والصكوك المشابهة التي ال تتسم بسمات االس تثمار ،الص كوك
التي ال تنشئ أية حقوق تحميها القوانين المحلية .ولمزيد من اليقين ،تتسم الصكوك السابقة بسمات االستثمار من دون اإلخالل بما إذا ك ان
أصل ما يرتبط بصك الترخيص أو التفويض أو التصريح أو صك مشابه.
-35-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
تشير المادة ( )25من االتفاقية التي أنشأت المركز إلى ما يلي" :اختصاص المركز:
يمتّد اختصاص المركز إلى المنازعات ذات الطابع القانوني التي تنشأ بين دولة متعاقدة وإحدى رعاي ا
دولة متعاقدة أخرى ،والتي تتصل اّتصاًال مباشًر ا بأحد االستثمارات ،بشرط أن يوافق أطراف النزاع كتاب ة
على طرحها على المركز .ومتى أبدى طرفا النزاع موافقتهما المشتركة فإنه ال يجوز ألي منهما أن يس حبها
بمفرده".
وبالتالي بحسب الفصل 25من اتفاقية واشنطن التي انشأت المركز ،ال يمكن اللجوء إلى محاكم المركز
للفصل في نزاع قائم بين الطرفين المتعاقدين إّال بتوفر ثالثة شروط وهي:
(ب) أن يكون النزاع قائًم ا بين الدولة المتعاقدة أو شخصية معنوية عمومية تابعة له ا وبين م واطن
دولة أخرى؛
وقد أدى غياب تعريف واضح ودقيق وعام لمفهوم االستثمار إلى تدخل المحكمين في إط ار المرك ز
لتحديد مفهوم االستثمار ،معتمدين في ذلك في الوقت نفسه على اتفاقية واشنطن وعلى العديد من االتفاقي ات
الثنائية .ولم يغفل المحكمون إسهام الفقه في توضيح المعايير الموضوعية في هذا المجال.
يرجع غموض مفهوم االستثمار النتمائه أساًس ا إلى العلوم االقتصادية قبل إدراجه شيئا فشيئًا في العلوم
القانونية ومحاولة الفقهاء تعريفه.
ولقد توّلد عن هذه المحاوالت الفقهية مفهوم كالسيكي ضّيق لالستثمار يتمّثل في تقديم "مساهمة عينية"،
وذلك بهدف حصره ضمن مجموعة معينة من العمليات التي ال يمكنها أن تتجاوز نطاق االستثمار المباشر.
ويمكن لهذه المساهمة أن تكون نقدّية أو عينّية ،وتأخذ هذه األخيرة شكل مجموعة من األشياء المنقولة
أو العقارية .فاالستثمار يتمثل إًذ ا في إنشاء مؤسسات جديدة تمّو ل من مساهمات المستثمرين األجانب.
ولكن تجدر المالحظة أّن جملة هذه المحاوالت الفقهية لم تكن مقنعة .لذلك قدم بعض الفقهاء مفاهيم أقّل
تشددًا ،ويمكن أن نذكر موقف الفقيه الفرنسي "جورج دلوم" الذي يرى أّن "هذا المفهوم الكالسيكي الن ابع من
-36-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
نظرية اقتصادية وقانونية هو مفهوم ضيق ،وهناك مفهوم آخ ر اقتص ادي في طبيعت ه ولّين في تركيبت ه
القانونية ،وال يرتكز فقط على المساهمة العينية بل أيضًا على اإلضافة المقّدمة مهما كان نوعها"(.)23
ويفتح هذا التعريف الباب واسعًا أمام عدد كبير من العمليات الجديدة التي يمكن أن تمث ل اس تثمارا.
وبناًء على كّل ما سبق ،فإّنه إذا كان من السهل أن نحّدد االستثمارات على أس اس االتفاقي ات الثنائي ة أو
التشريعات الداخلية ،فإّنه من الصعب إعطاء تعريف واضح وقادر على احتواء جميع خص ائص وم يزات
االستثمار التي يتفق عليها الجميع.
-4خصائص االستثمار
لقد قّدمت توطئة اتفاقية واشنطن بعض الخصائص التي يجب أن تتوفر في العملية لكي يمكن وص فها
باالستثمار مثل صفتي الّخ اص والدولي.
استنادا إلى اختصاص المركز الذي ال يفصل إّال في النزاعات القانونّية المتعّلق ة باالس تثمارات بين
الدول ومواطني دول أخرى ،ال يمكن أن يكون االستثمار إال خاصًا.
ومن بعض التعريفات التي يمكن تقديمها لالستثمار الّخ اص التعريف الذي "يعتبر االستثمار خاصًا ك ل
استثمار منجز عن طريق اعتمادات غير عامة ولم يقع إدراج أي احتياطات مالّية لها في ميزاني ة الدول ة"
وبحسب هذا التعريف فإّن العملية هي المقياس الذي يمنح صفة الخاص لالستثمار.
واالستثمار الخاص هو أيضا ناتج عن تّو جه حّر للمبادرة الفردية .ومن أهم أهدافه البحث عن ال ربح.
وهو يختلف عن االستثمار العام الذي ينتج عن إرادة السلطة العاّم ة التي تنشد إلى تحقيق المصلحة العاّم ة.
لكي يكون المركز مؤهًال للفصل في النزاع ،يجب أن تتوافر الصفة الدولية في االستثمار ،ألن المركز
ليس متخصصًا إّال في النزاعات القانونية المتعّلقة باالستثمارات بين الدول المتعاقدة ومواطني دول أخ رى،
وهو ما يقصي من اختصاصه االستثمار المنجز من قبل المستثمرين المحليين.
والعامل الخارجي ،أي التعاقد بين دولة ومستثمر أجنبي هو معيار ّه ام ،ليكون االستثمار دولّي ا .ولكن
مهما كانت التبريرات والتفسيرات التي يقّدمها الفقه ،فإّنها تظل غير كافية لتقديم تعريف مفهوم رئيسي دقي ق
سواء في اتفاقية واشنطن أو في االتفاقيات الثنائية.
جورج دلوم :المركز الدولي للتحكيم في النزاعات المتعّلقة باالستثمارات ،مجلة القانون ال دولي 1982ع دد 4ص () 23
.801
-37-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
تشمل مهمات المركز حل النزاعات القائمة بين الدول ومواطني دول أخرى .إال إنه ،ومنذ إنشائه سنة
1965وحتى سنة 1997لم تقّدم أي عريضة دعوى للهيئات التحكيمية في المركز من أجل وصف العملية
موضوع النزاع في االستثمار .ولكن مع ظهور صنف جديد من االستثمارات ،بات األطراف يطالبون المركز
بتحديد ًأصل النزاع.
لقد كان تدخل المحكمين في فقه القضاء السابق إراديًا للتثبت إذا ك ان موض وع العق د الم برم بين
الطرفين يمكن اعتباره استثماًر ا أم ال .إذ إنه لم يطلب من المحاكم المنضوية تحت راية المركز تحديد أص ل
النزاع من قبل األطراف ،وبالتالي كانت عملية التثّبت ناتجة عن إرادة شخصية من المحكمين.
وتشمل القضية االولى التي تّدخل فيها المحكمين بصفة إرادية لتحديد أصل النزاع قضية سلسلة فن ادق
الهوليداي إن ضد المغرب .إذ قامت المغرب في سنة 1966بإبرام اتفاقية مع شركة أمريكية لبن اء أربع ة
فنادق ،وذلك بهدف تطوير المنشآت السّياحية .وبمناسبة النظر في هذا النزاع ضمن إطار المركز لمعرفة ما
إذا كانت الحكومة قد عبّر ت عن رضاها للجوء إلى التحكيم بحسب الشروط المنصوص عليها في الفصل 25
من اتفاقية واشنطن ،وقع تثّب ت المحكمون في طبيعة أصل النزاع وتم تكييفه مع االستثمار في حكم صادر في
12أيار/مايو .1974وقد ساد هذا التوجه معظم القضايا التي نظر فيها المركز الحقا.
لم تطلب األطراف المتعاقدة من المحكمة تحديد طبيعة العملّية موضوع النزاع إّال في قض ية ش ركة
فيديكس Fedexضد جمهورية فنزويال في سنة .1997فخالل هذه القضية أثيرت ألول مّر ة مسألة اختصاص
المركز لمعرفة ما إذا كانت بطاقة األمر بالسحب (الكمبياالت) الصادرة عن الدولة لفائدة مؤسسة أجنبية تمّثل
استثمارا أو ال؟
وقد بيّنت الوقائع أّن مطلب التحكيم بتاريخ 17حزيران/يونيو 1995وقع إيداعه بالمركز للفص ل في
النزاع القائم ضّد جمهورية فنزويال التي لم تقم بتسديد مبلغ الكمبياالت.
وبالرجوع إلى اتفاقية واشنطن وإلى االتفاقية الثنائية لحماية وتشجيع االستثمارات المبرمة بين المملكة
الهولندية وفنزويال اعتبرت المحكمة أّن العملية موضوع النزاع تمثل قرضًا وبالت الي فهي اس تثمار .إذ إّن
اللجوء إلى المادة األولى كان واضًح ا من قبل المحكمة التي اعتمدت على االتفاقية المبرمة بين الدولتين لفّض
النزاع المطروح أمامها .وقد تضمّنت هذه االتفاقية في مادتها األولى سرًدا لجملة من العملّيات التي يمكن أن
تمًرامثتسا لّثا مثل األسهم والرقاع وكّل أنواع المساهمات داخل الشركات وكذلك كّل انجاز له قيمة اقتصادية.
وما يمكن مالحظته إذن من خالل هذا السرد هو إقرار تعريف عام لكلمة استثمار وبالتالي استنتجت محكم ة
المركز من خالل التعريف أّن القروض وكّل ما يتعّلق بها تدخل ضمن اختصاص المركز.
وقد أشارت المحكمة في هذه القضية إلى ممّيزات االستثمار التي تشمل ما يلي:
-38-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
(أ) انقضاء مّدة زمنية معّينة واالستمرار من حيث تحقيق الربح والمداخيل؛
وبناء على ما سبق ،قامت المحكمة بتحديد جملة من الخصائص الواجب توافرها في االستثمار .وبع د
الفصل في قضية فيديكس Fedexتّو سع إختصاص المحكمة ليشمل النظر في قض ايا أخ رى مث ل قض ية
مافزيني Maffeziniضد مملكة إسبانيا( )24والتي اعتبرت فيها المحكمة أّن امتالك مجموعة من األس هم في
مؤسسة يمثل استثمارًا.
وقد وصفت محاكم المركز موضوع النزاع من على أنه استثمار في العديد من القضايا المطروحة أمام
المركز ،والتي أثار فيها أحد األطراف اختصاص المركز على أساس عدم توافر شرط االستثمار.
وتجدر اإلشارة إلى أن إبرام المئات من االتفاقيات الثنائية يمّثل من دون شك مصدرًا مهمًا للمحكم الذي
يسعى إلى استخراج العناصر المكّو نة لمفهوم االستثمار.
ويتجّلى اللجوء إلى االتفاقيات الثنائية الدولية لتحديد طبيعة أصل النزاع في قضايا عديدة أخرى ابت داء
من قضية فيديكس.
واستندت محاكم المركز إلى االتفاقيات الثنائية لتحديد طبيعة العملّية موضوع النزاع في قضية أخ رى
مهمة وهي قضية ساليني Saliniضّد مملكة المغرب .وقد وقع اللجوء في هذه القضية إلى المعاهدة الثنائي ة
المبرمة بين مملكة المغرب والجمهورية اإليطالية في 18تموز/يوليو ،1990والتي احتوى الفص ل األّو ل
فيها على قائمة من العملّيات التي تمًرامثتسا لّثا .وحاول المحكمون في قرارهم إعطاء تعريف واضح لمفهوم
االستثمار ،وذلك باالعتماد على التعريف الموجود في المعاهدة المبرمة بين الدولتين.
وفي نفس الوقت حاول المحكمون في هذين القضيتين وبخاصة في قضيتْي ساليني ولييزي LESIضد
الجزائر ،وضع معايير موضوعية تتجاوز السرد الموسع ومبنّية على ثالثة معايير:
-1معيار إالسهام أو المساهمة برأس مال أو إسهام عيني أو بشكل آخر؛
وعلى الرغم من هذا االتفاق الفقهي والفقهي القضائي ،ما زال الجدل قائًم ا بشأن معيار رابع ،أال وهو
مساهمة االستثمار في التنمية االقتصادية .وقد أثارت هذا الجدل الدولة المضيفة في قضية باتري ك ميش ال
Patrick Mitchelضد الكونغو الديمقراطية وفي قرار بطالن القرار التحكيمي وفي قضايا أخرى الحقة .إّال
أنه يبدو لنا أن مفهوم التنمية تغلب عليه الصفة الذاتية ،وبالتالي يصعب استعماله كمعيار موضوعي لتعريف
مفهوم االستثمار .ويطرح السؤال بشأن المراجع التي اتبعها المحكمون لتعريف مفهوم االستثمار.
وفي كل هذه القضايا قام المركز باعتماد العديد من المراجع لتحديد مفهوم االستثمار ،نذكر منه ا م ا
أشارت إليه اتفاقية واشنطن وأعمالها التحضيرية ،إضافة إلى العديد من االتفاقيات الدولية.
صحيح أن الفصل )1( 25من االتفاقية ينص على أّن "اختصاص المركز يشمل النزاعات القانونية
المتعّلقة بصفة مباشرة باستثمار ما" ،إال إّن نّص االتفاقية ال يحتوي على تعريف لمصطلح االس تثمار ال ذي
يمثل موضوع االتفاقية على الرغم من وجود العديد من المحاوالت طيلة فترة مناقشتها .إذ إّن أّو ل مش روع
لهذه اتفاقية سنة 1965احتوى في فصله الثالثين على اقتراح لتعريف االستثمار اعتبر أّن االستثمارات تعني
كّل مساهمة نقّدية أو غير ذلك ،ولها قيمة اقتصادية ،ويقع انجازها لمّدة زمنية محّددة أو غير محّددة لفترة ال
تقل عن خمس سنوات.
لم يدرج هذا التعريف في نص االتفاقية على الرغم من تمّس ك مجموعة من الدول بض رورة تعري ف
مفهوم االستثمار ،مثل تونس والصين وأستراليا .غير أّن البعض ال يستغرب غي اب ه ذا التعري ف .إذ ال
تختلف اتفاقية واشنطن عن القانون الدولي الذي تقوم على التنظيم والتشريع من دون تعريف.
وقد تشمل مبّر رات غياب تعريف لمفهوم االستثمار ،التطور المذهل الذي عرفه هذا المفه وم .فعن د
المصادقة على اتفاقية واشنطن ،كان مفهوم االستثمار مقتصرًا على المساهمة برأس مال في شركة .وقد حّل
محّل هذا التعريف الكالسيكي تصّو ر آخر اقتصادي باألساس ،يرتكز على مس اهمة االس تثمار في التنمي ة
االقتصادية للبلد المضيف.
إضافة إلى ما سبق ،قد يفّس ر غياب تعريف لمفهوم االستثمار أيًض ا بمطالبة بعض اللج ان البريطاني ة
واالسكندينافية بضرورة منح األطراف حرية االتفاق من أجل تحديد مفهوم االستثمار وتعريفه .فق د احت وى
تقرير اإلداريين المشاركين ،المتزامن مع اتفاقية واشنطن تبريًر ا لغياب تعريف لالستثمار يتمثل في رأيهم أنه
"ال تقتضي الضرورة لتعريف كلمة االستثمار باعتبار أّن رضا الطرفين يكفي وحده وأن للدول الحرّي ة في
تحديد أصناف العملّيات التي سوف يقع عرضها أو عدم عرضها على المرك ز في ح ال نش وب ن زاع".
وأخيًر ا ،يعتبر غياب التعريف أفضل بكثير من وجوده ،ألنه ال يقّيد المركز أو يقّلص من ص الحياته ،ب ل
بالعكس .إذ إن غياب التعريف سيسمح للمركز بالنظر في العديد من القضايا وتحديد صالحياته بنفسه وتكييف
النطاق المادي التفاقية واشنطن وفقًا لكل حالة على حدة.
صحيح أن فقه القضاء التحكيمي اضطلع في المرحلة األولى على األق ل ،ب دور مهم في تعري ف
المفهوم الموسع لالستثمار وتحديد نطاقه الذي ورد في االتفاقيات الثنائية ،إال أنه مازال هناك بعض اللبس في
ما يتعلق بتحديد عناصر تعريف االستثمار األجنبي ومعاييره ،بخاصة في ما يتعلق بمعيار مشاركة المستثمر
-40-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
في التنمية االقتصادية للبلد المضيف .إّال انه بإمكان الدول المضيفة إدراج بعض القيود للتعري ف الموس ع
لالستثمار.
تتوقف تعريفات االستثمار التي تتضمنها مختلف اتفاقيات االستثمار ال تي تم تحليله ا على األه داف
المحددة من جانب الدول األطراف.
والسيادة.
و في إطار هذه المقتضيات ،وبخاصة تذبذب الفقه قضائي في ما يخص التعريف الموس ع لالس تثمار
المبني على القوائم المفتوحة التي تنص عليها االتفاقيات الثنائية المؤسسة على مفه وم "األص ول" ،يتب نى
المفاوضون عددًا من القيود في ما يخص التعريف الموّس ع لألصول وذلك لحماية مصالحهم .أما اله دف من
الدراسة المنفصلة لهذه القيود فيكمن في إبراز أهمية التفاوض والتأكيد على إنه انه ليس هناك قواعد مّس بقة أو
حتمية ،وأنه على ممثلي الدول االستعداد لمواجهة جميع التحديات لدى اختيارها مفهومًا لالستثمار يخدم أكثر
من غيره المصالح االقتصادية واالجتماعية لدولهم ويشجع في الوقت نفسه على جذب االستثمار االجنبي نحو
بلدهم.
تنص عدة اتفاقيات تنتمي الى النموذج األوروبي على أنه ال يتم تغطية االستثمارات إال إذا تمت:
”1وفقا لتشريع البلد المضيف“؛ أو
”2موافق عليها مقّدمًا من طرف سلطات الدولة المصيفة“.
ريع يعني مصطلح ”استثمار“ األصول من كل نوع والمستثمرة من مستثمري طرف متعاقد طبًقا لتش
الطرف المتعاقد اآلخر ونظمه في إقليم هذا األخير ].[...
-41-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
تدخل اتفاقية إنشاء الوكالة الدولية لضمان االستثمار MIGAضمن هذا السياق الذي يس مح للوكال ة
بتأمين إجراءات التعويض واإلحالة وحماية حقوقها في حال مواجهة المخاطر غير التجارية .وتسمح في نفس
الوقت للدولة المضيفة بعدم قبول بعض االستثمارات التي ال ترى فائدة فيها:
مادة :12االستثمارات المقبولة
]…[
-تتأكد الوكالة عند ضمان استثمار ما:
]…[
"أن االستثمار المذكور يوافق تشريع ونظم البلد المضيف".
تهدف االتفاقيات الثنائية مبدئيًا على األقل إلى جذب االستثمارات التى تجلب من افع ملموس ة للبل د
المضيف .وعلى الرغم من ذلك ،فإن هذا القيد غير وارد في هذه االتفاقيات ألن البل د المض يف يبحث عن
استقطاب كل أنواع االستثمارات بما فيها تلك الموظفة فى مشروعات صغيرة ومتوسطة .ولكن تجدر اإلشارة
إلى أن بعض التشريعات العربية في بلدان الخليج العربي نصت على شروط تتعلق بحجم االستثمار.
يمكن لبلد مضيف أن يرغب فى الحد من التغطية الممنوحة لالس تثمارات فى اتفاقي ة م ا في بعض
قطاعات االقتصاد فقط .وتدرج بعض االتفاقيات المتعددة االطراف مثل هذه القيود:
معاهدة ميثاق الطاقة ( Enegy Charter Treaty ECTمادة )1وتغطى قطاع الطاقة فقط؛
االتفاق العام المتعلق بتجارة الخدمات ( GATS General Agreement on Trade in Servicesمادة
)XVIوالذي يغطي االستثمارات المحققة من التجارة في مجال الخدمات فقط.
وبالتالي ،يبقى هذا القيد نادرًا جّدا في اتفاقيات االستثمار ،بخاصة الثنائية منها والتي تتسم بالعمومي ة.
إّال أن بعض التشريعات الوطنية تشجع بصفة خاصة بعض االستثمارات مثل االس تثمارات التص ديرية أو
االستثمارات في قطاع السياحة أو االتصاالت أو غيرها ،وذل ك من خالل إعطائه ا اإلعف اءات الجبائي ة
والجمركية أو العقارية.
قال أول مدير عام للمنظمة العالمية للتجارة ،ريناتو روجييرو " "RUGGIEROسنة " :1996إن التجارة
واالستثمار لم يعودا فقط مكملين لبعضهما أكثر من السابق ،بل إنهما أصبحا يشكالن الوجهين غير الق ابلين
للفصل لمسار العولمة".
يمكن االنطالق من هذه المقولة للتأكيد من جديد على أّن العالقة وثيقة بين االستثمار الدولي ،وبالتحديد
بين االستثمار األجنبي المباشر والتجارة الدولية للسلع والخدمات .وتتمث ل أهم أوج ه التراب ط بين ه ذين
النشاطين االقتصاديين في ما يلي:
لذلك ،كثيرًا ما تشير هذه األعمال النظرية والرسمية إلى الدور اإليجابي الذي يؤديه تحري ر التج ارة
عبر إلغاء القيود الجمركية وغير الجمركية في استقطاب االستثمار األجن بي المباش ر وتحري ر مس اهمة
االستثمار في النهوض بالمبادالت التجارية الخارجية ،وبخاصة على مستوى الصادرات.
يشكل كّل من االستثمار والتجارة المّك ونين الرئيسّيين للقانون الدولي االقتصادي وتبرز العالقة بينهم ا
في التشابه الكبير على مستوى المفاهيم الرئيسية والمبادئ المعتمدة في كال الفرعين.
تشابه مفاهيم العوائق (بخاصة اإلدارية منها) التي تحول دون حرية تنقل رؤوس األمـوال
وانسياب السلع ،من هنا مثال شروط األداء ( )Performance Requirementفي القانون الدولي لالس تثمار
والقيود غير الجمركية في قانون التجارة الدولية؛
اعتماد قواعد المعاملة نفسها غير التمييزية :معاملة الدولة األولى بالرعاية والمعاملة الوطنية.
لذلك وعلى الرغم من وجود العديد من االتفاقيات الخاصة باالستثمار وبخاص ة االتفاقي ات الثنائي ة
لتشجيع وحماية االستثمارات األجنبية إضافة إلى وجود عدد هام من االتفاقيات التجارية وبخاصة التفاض لية
منها ،أصبح موضوع االستثمار يشكل جزءًا من بعض االتفاقيات التجارية متعّددة األطراف( )25واالتفاقي ات
اإلقليمية والثنائية للتبادل الحر ،والسيما بعد تأسيس المنظمة العالمية للتجارة سنة .1995
ولفهم هذا االتجاه الجديد ،تجدر المالحظة أنه إذا كانت االتفاقيات متعددة األطراف التي تبرمها المنظمة
العالمية للتجارة تقوم على قاعدة أساسية ،أال وهي عدم التمييز بين البلدان األعضاء من خالل معاملة الدول ة
األولى بالرعاية وتعميم االمتيازات على جميع األعضاء ،فإن أحكام المادة 24من مجموعة االتف اق الع ام
بشأن التعريفات الجمركية والتجارة؛ مجموعة غات GATT General Agreement on Tariffs and Trade
والمادة 5من الاتفاق العام المتعلق بتجارة الخدمات GATSأقرت إمكانية االستثناء من القاعدة العامة وسمحت
للبلدان األعضاء بحصر االمتيازات المتبادلة بين عضوين أو أكثر عبر إنشاء تكتل اقتص ادي إقليمي يأخ ذ
شكل منطقة للتبادل الحر أو اتحاد جمركي أو اتحاد اقتصادي .وقد استغلت أغلبية دول العالم هذه اإلمكانيات
لتطوير مبادالتها التجارية مع الشركاء االقتصاديين الذين تختارهم بهدف تفادي تعميم االمتيازات م ع بقي ة
البلدان .وأدى فشل محاوالت المفاوضات بشأن اتفاقية متعددة األطراف تتعلق باالستثمار ،إلى أن يتجه الخيار
نحو األطر الثنائية واإلقليمية للتبادل الحر بما يّم كن الموقعين على مثل هذه االتفاقي ات من اإلفالت من أث ر
تعميم االمتيازات المرتبطة بالتجارة واالستثمار والتي تنص عليها اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة.
وسيقع التركيز في هذه الدراسة على اتفاقيات التبادل الحر اإلقليمية والثنائية التي تحت وي على بن ود
تتعلق باالستثمار.
ويمكن في هذا اإلطار إبراز مثالين اثنين لالندماج االقتصادي ،وذلك لدى النظ ر إلى أهمي ة ج انب
االستثمار في االتفاقيتين الليتن أنشآهما :المثال األول يهم اتفاق التجارة الحرة ألمريكا الشمالية ،NAFTAأما
الثاني فيتعلق بمنطقة التبادل الحر الثنائية بين الواليات المتحدة والمملكة المغربية ألنها أول اتفاقية من ه ذا
النوع في المنطقة العربية .وفي الوقت عينه ،سيتم التركيز في منطقة ال دول األعض اء في اإلس كوا على
االتفاقية المبرمة بين سلطنة ُع مان والواليات المتحدة األمريكية بشأن إنشاء منطقة تجارة حرة.
25
Agreement تتمثل أهم االتفاقيات في هذا المجال في االتفاقية بشأن االتفاق المتعلق بتدابير االستثمار المتصلة بالتجارة ()
) on Trade-Related Investment Measures (TRIMsواالتفاق العام المتعلق بتجارة الخدمات (.)GATS
-44-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
(أ) الجوانب المتعلقة باالستثمار في االتفاقية المنشئة لمنطقة التبادل الحر لشمال أمريكيا ()NAFTA؛
انطلقت المفاوضات بشأن اتفاقية اتفاق التجارة الحرة ألمريكا الشمالية مباشرة بعد توقف المفاوض ات
بشأن االتفاقية المتعددة األطراف بشأن االستثمار ( .)Multilatleral Agreement on Investment MAIوقد
تواصلت حتى سنة ،1993أي تاريخ التوقيع عليها ،ودخلت حيز التنفيذ في بداية سنة 1994بالتزامن م ع
نهاية جولة األوروغواي( )Uruguay roundالتي أفضت إلى التوقيع على اتفاقية مراكش التي أنشأت منظمة
العالمية للتجارة.
وتضم االتفاقية كال من الواليات المتحدة األمريكية وكندا والمكسيك ،وهي بلدان يتفاوت مستوى التنمية
في كل منها.
وقد تم تخصيص عنوان كامل من االتفاقية (الباب )11لمسألة االستثمار ،يحتوي على عدد من األحكام
ذات العالقة بقبول االستثمار ومعاملته .ومن بين المواد التي تبرز متانة الروابط بين التجارة واالس تثمار في
اتفاقية التجارة الحرة ألمريكا الشمالية" ،"NAFTAتبرز المادة 1110المتعلقة بنزع الملكية التي تس تعمل في
نسختها الفرنسية عبارة اإلجراءات ذات األثر المماثل ( )effet équivalentإلج راء ن زع الملكي ة .إذ يتم
استعمال هذه العبارة في األصل في االتفاقيات التجارية وبخاصة في أحكامها الخاصة بتحري ر التج ارة من
العوائق الجمركية إذ تنص على التخفيض التدريجي أو اإللغاء الكلي للرسوم الجمركية والضرائب و الرسوم
"ذات األثر المماثل".
وقد تدّع مت مظاهر الترابط بين قواعد التجارة الدولية ومفاهيمها من جهة ،والقانون الدولي لالس تثمار
في الجانب التطبيقي لالتفاقية من جهة أخرى .فقد دأبت الهيئات التحكيمية المحدثة بمقتضى اتفاقية " "NAFTA
على استغالل بعض المفاهيم المعروفة في التجارة الدولية (كمفهوم النفاذ إلى األسواق) من أجل تكييف بعض
اإلجراءات والتدابير التي تتخذها الدولة المستقبلة لالستثمار على أساس أنها تمثل شكًال من األش كال غ ير
المباشرة لنزع الملكية :مثال على ذلك الدعوى التي رفعتها شركتْي إس دي مايرز SD Myersوبوب وتالبو
Pope et Talbotضد كندا.
وأخيرًا ،تجدر اإلشارة إلى الفائدة التي وّلدتها اتفاقية " "NAFTAإذ اعتمدت بعض تج ارب االن دماج
االقتصادي بين دول الجنوب ،وبخاصة في أمريكا الالتينية المفاهيم المعتمدة في قبول االستثمار ومعاملت ه،
وما اتفاقيات التبادل الحر الموقعة بين دول أمريكا الوسطى سوى خير مثال على ذلك.
ات رب وبين الوالي (ب) موضوع االستثمار في اتفاقيتْي منطقة التبادل الحر بين الواليات المتحدة والمغ
المتحدة وعمان؛
انطلقت الجولة األولى للمفاوضات بين حكومتْي الواليات المتحدة األمريكية والمملكة المغربي ة خالل
شهر كانون الثاني/يناير سنة .2003وبعد سبع جوالت من المفاوضات دامت ثالثة عشر شهرا ،تم التوقي ع
على اتفاقية التبادل الحر بتاريخ 02آذار/مارس .2004
وتجدر اإلشارة إلى معطَيْين اثنْي ن مّيزا الفترة التي سبقت التوقيع على االتفاقية ف أثرا على محتواه ا.
ويتعلق المعطى األول بفشل المؤتمر الوزاري للمنظمة العالمية للتجارة في مدينة "كنكون" في المكسيك ال ذي
-45-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
كان مزمعًا عقده خالل شهر أيلول/سبتمبر سنة ،2003وما تاله من تنسيق دولي إلنق اذ برن امج الدوح ة
للتنمية عبر سحب موضوع االستثمار من جدول األعمال ،وهو ما تم فعال خالل المؤتمر الوزاري المص غر
الذي عقد الحقًا في جنيف (تموز/يوليو .)2004
أما المعطى الثاني ،فيتعلق بإعداد الجانب األمريكي لصيغة جديدة لنموذج االتفاقي ة الثنائي ة لتش جيع
وحماية االستثمارات واعتمادها سنة 2004كمرجعية للتفاوض عّو ضت الصيغة القديمة لسنة .1994
لذلك ،فمن الطبيعي أن تتسم األحكام الخاصة باالستثمار في اتفاقية التبادل الحر مع المغرب بسعيها إلى
تكريس المقاربة األمريكية لموضوع االستثمار في إطار متعدد األطراف (في نطاق المنظمة العالمية للتجارة)
من ناحية ،وبتناسقها مع النموذج الجديد لسنة 2004من حيث قبول االستثمار وحمايته ،من ناحية أخ رى.
وتكّر س االتفاقية بشأن إنشاء منطقة تجارة حرة بين الواليات المتحدة وعم ان ال تي ّو قعت في 19ك انون
الثاني/يناير سنة 2006ودخلت حيز التنفيذ في 1كانون الثاني/يناير ،2009االتجاه ذاته تماما.
-1تكريس المقاربة األمريكية المعتمدة في النظام التجاري متعدد األطراف على مستوى العالقات الثنائية؛
تمثل االستمرارية أهم مقومات الدبلوماسية االقتصادية األمريكية .وعلى هذا األساس ،غالبًا ما تك ون
العالقات التجارية الثنائية للواليات المتحدة مرآة تعكس رؤيتها ومقاربتها المعتمدة في اإلطار متعدد األطراف
الذي يمثل المستوى األدنى لتحرير التجارة واالستثمار مع شركائها .وتمثل المفاوض ات الثنائي ة فرص ة
لتكريس هذه المقاربة ،بخاصة بالنسبة إلى المسائل التي لم يسجل فيها تقدم في إطار المنظمة العالمية للتجارة.
ويندرج التوقيع على اتفاقية التبادل الحر الثنائية مع المغرب في السياق نفس ه ،إذ إن العدي د من أحكامه ا
المتعلقة باالستثمار تجّس د هذا التوجه على سبيل المثال .ويمكن في هذا الصدد أن نذكر األمثلة التالية :تكريس
شمولية مفهوم االستثمار وتسجيل تقدم ملحوظ في ما يتعلق بتحرير االستثمار بالمقارنة مع االتفاق المتعل ق
بتدابير االستثمار المتصلة بالتجارة واالتفاق العام المتعلق بتجارة الخدمات " "TRIMsو" ،"GATSباإلض افة
إلى تفعيل القواعد المتعلقة بالشفافية وتدعيمها.
أما بالنسبة إلى تكريس المفهوم الشمولي والعام لالستثمار ،فيالحظ أن المفه وم المعتم د في اتفاقي ة
التبادل الحر المبرمة مع المغرب وعمان يشمل كال من االستثمار األجن بي المباش ر ( )FDIوم ا يع رف
باستثمارات الحافظة.
ولمعرفة خلفية إدراج استثمارات الحافظة ضمن مفهوم االستثمار ،بما يجعلها ت دخل ض من مج ال
االتفاقية ،يمكن الرجوع إلى أشغال فريق العمل المكلف بالعالقة بين التجارة واالستثمار في إط ار المنظم ة
العالمية للتجارة والذي تم تكوينه خالل المؤتمر الوزاري المنعقد في سنغافورة سنة .1996
فقد شرحت الممثلية الدائمة للواليات المتحدة في المنظمة العالمية للتجارة ضمن وثيقتها المقدمة بتاريخ
16أيلول/سبتمبر 2002أسس دفاعها ومبرراته بالنسبة إلى ضرورة اعتماد مفهوم عام وشامل لالس تثمار
انطالقًا من شروع البلدان األعضاء في مفاوضات بشأن اتفاق متعدد األطراف لالستثمار .وق د رك زت في
ذلك بصفة خاصة على التأثير اإليجابي لتحرير وحماية استثمارات الحافظة على التنمية في البلدان النامية.
وقد مّيزت الوثيقة المذكورة بين االستثمار األجنبي المباشر واستثمارات الحافظة باالعتماد على معيار
طبيعة الرقابة ومداها والتي يمكن أن يمارسها المستثمر .إذ يمّك ن االستثمار المباشر المستثمر من ممارس ة
-46-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
رقابة دائمة على المؤسسة ويتيح درجة معينة من السلطة في إدارتها .أما استثمارات الحافظة (كالمس اهمات
المالية وشراء بعض الحقوق التعاقدية ،كتلك المتعلقة بحقوق الملكية الفكري ة) ،فإنه ا ال تس مح للمس تثمر
بممارسة رقابة عامة على إدارة الموارد العينية للمؤسسة.
اتفاقية بين حكومة سلطنة ُع مان وحكومة الواليات المتحدة األمريكية بشأن إنشاء منطقة تجارة حرة
القسم "ج" :تعريفات
المادة :27-10تعريفات
"استثمار" تعني كل أصل يملكه أو يسيطر عليه مستثمر ،بصورة مباشرة أو غير مباشرة ،له خصائص االستثمار ،بما في ذلك خص ائص
من قبيل االلتزام برأس مال أو بموارد أخرى ،توقع المكسب أو الربح ،أو تحمل المخاطرة .ويمكن أن يتخذ االستثمار أشكاال من بينها:
مؤسسة تجارية؛ (أ)
حصص ،أسهم ،أشكال أخرى من المشاركة في رأس مال مؤسسة تجارية ما؛ (ب)
السندات ،سندات الدين ،صكوك الدين األخرى ،والقروض ؛
()26
(ج)
العقود اآلجلة ،عقود الخيارات ،وغيرها من المشتقات؛ (د)
عقود اإلنجاز الكلي ،عقود التشييد ،عقود اإلدارة ،عقود اإلنتاج ،عقود االمتيازات ،عقود تقاسم اإليرادات ،وغيره ا من (ﻫ)
العقود المماثلة؛
حقوق الملكية الفكرية؛ (و)
(ز) التراخيص ،التفويضات ،التصاريح ،وما شابهها من حقوق تمنح وفقًا للقانون المحلي ؛ و
()27
أي أموال أخرى ملموسة أو غير ملموسة ،منقولة أو عقارية ،وحقوق الملكية المرتبطة بها ،مثل عقود اإليجار ،الرهون (ح)
العقارية ،حقوق الحبس ،ورهون المنقوالت.
وقد تم اعتماد المفهوم الشامل لالستثمار في اتفاقية التبادل الحر مع المغرب ض من الفص ل 10,27
الذي نص على ما يلي" :يقصد باالستثمار كل مورد تحت حيازة المس تثمر أو رقابت ه المباش رة أو غ ير
المباشرة وتتوفر فيه خصائص االستثمار والتي من بينها تخصيص رأس المال أو أية موارد أخرى ،وانتظار
عائدات أو أرباح ،أو الدخول في مخاطر".
وقد تضّم ن الفصل نفسه ( )10,27استثمارات الحافظة كشراء أسهم أو أية س ندات أخ رى به دف
المساهمة في شركة وطنية إضافة إلى العقود التي تتسم بطابع مالي .وهو المفهوم نفسه تقريًبا الذي نجده في
الوثيقة التي ساهمت بها الحكومة األمريكية في أشغال فريق العمل المكّلف بالعالقة بين التجارة واالستثمار.
26
() من المرجح أن يكون تتمتع بعض أشكال الدين ،مثل السندات ،سندات الدين ،والكمبي االت الطويل ة األج ل ،بخص ائص
االستثمار ،في حين أن أشكاًال أخرى من الدين ،مثل المطالبات بدفعات مستحقة فورًا وناتجة عن بيع سلع أو خدمات ،ق د ال تمتل ك على
األرجح خصائص االستثمار.
27
() يتوقف اتسام نوع معين من صكوك الترخيص ،التفويض ،أو التصاريح ،أو ما شابهها من صكوك (بما في ذلك اإلمتي ازات
التي لها طابع هذه الصكوك) بسمات االستثمار ،على عوامل من قبيل طبيعة ومدى الحقوق التي يتمتع بها حامل الصك بموجب الق وانين
المحلية للطرف الذي يمنحها .ومن بين صكوك التراخيص ،التفويض ،والتصاريح ،والصكوك المشابهة التي ال تتسم بسمات االستثمار ،أي
الصكوك التي ال تنشأ عن أي حقوق تحميها القوانين المحلية .ولمزيد من اليقين ،تتسم الصكوك السابقة بسمات االستثمار من دون اإلخالل
بما إذا كان أصل ما يرتبط بصك الترخيص ،أو التفويض ،أو التصريح ،أو صك مشابه .ال يشمل المصطلح "االستثمار" أم رًا أو حكم ًا
يصدر عن إجراء قضائي أو إداري.
-47-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
أما المظهر الثاني لتكريس المقاربة األمريكية المعتمدة في اإلطار متعدد األطراف ،فيتعلق بتسجيل تقدم
ملحوظ بالمقارنة مع ما تم التوصل إليه في االتفاق العام المتعلق بتجارة الخدمات وفي االتفاق المتعلق بتدابير
االستثمار المتصلة بالتجارة " "GATSو"."TRIMs
فبالنسبة إلى اتفاقية " ،"GATSيمكن التركيز على نقطة هام ة ذات عالق ة وطي دة باالس تثمار في
الخدمات ،أال وهي مسألة التشريعات الداخلية التي تمثل آلية حماية االقتصاد الوطني من المنافسة األجنبية في
قطاع الخدمات وإحدى مقومات النفاذ إلى األسواق.
وفي مقارنة بين اتفاقية " "GATSواالتفاقية الثنائية للتبادل الحر بين الواليات المتحدة والمغرب وعمان،
نالحظ أن أحكام هذه األخيرة كانت أكثر دقة وتفصيًال من اتفاقية " ."GATSففي حين كانت عبارات اتفاقي ة
المنظمة العالمية للتجارة عامة إذ اكتفت الفقرة األولى من المادة السادسة من الـ GATSب أن تنص على أن
كل عضو في المنظمة يسعى إلى أن تكون اإلجراءات ذات التطبيق العام المفروضة على تج ارة الخ دمات
مسّيرة بطريقة معقولة وموضوعية ومحايدة ،تناولت المادة 11.7من اتفاقي ة التب ادل الح ر األمريكي ة-
المغربية المسألة بصفة دقيقة وضبطت التزامات الطرفين بتفصيل أكثر من خالل ما يلي:
(أ) واجب إعالم طالب الترخيص (إذا كان مشترطا) بمآل مطلبه خالل آجال معقولة؛
(ب) واجب مراعاة الخصائص التالية في اإلجراءات المتعلقة بشروط الكفاءة واالشتراطات الفنية حتى
ال تمثل حواجز غير الزمة لتجارة الخدمات:
oأن تكون مبنّية على معايير موضوعية؛
oأال تمثل أعباء غير ضرورية لتأمين جودة الخدمة؛
oأال تمثل إجراءات الترخيص في حد ذاتها عائقًا يحول دون إسداء الخدمة .
()28
أما بالنسبة إلى التقدم المسجل بالمقارنة مع اتفاقية " "TRIMsفيمكن اإلشارة خاص ة إلى نص الم ادة
10.8من اتفاقية التبادل الحر األمريكية-المغربي ة المتعلق ة "باش تراطات النت ائج" أو "ش روط األداء" (
.) Performance Requirementففي حين تكتفي اتفاقية " "TRIMsبمنع هذه اإلجراءات ،في صورة مخالفتها
ألحكام الـ GATTبشأن المعاملة الوطنية والقيود الكمية وطبقُا لقائمات تضبطها كل دولة عضو ،تحدد المادة
10.8من االتفاقيتين المبرمتين مع المغرب وعمان قائمة واسعة لإلجراءات واالشتراطات الممنوع ة بحكم
االتفاقية(.)29
28
() انظر في المعنى نفسه المادة 7-11من اتفاقية سلطنة ُع مان والواليات المتحدة األمريكية"
– 1حيث يشترط أي من الطرفين الحصول على تصريح لتزويد خدمة ما ،يكون على السلطات المختصة لدية أن تقوم ،خالل ف ترة
زمنية معقولة بعد تقديم طلب يعتبر مستوفيًا طبقًا لقوانينه وأنظمته ،بإخطار مقدم الطلب بالقرار المتخذ بشأن طلبه.
وعلى السلطات المتخصصة بناء على طلب مقدم الطلب ،أن توفر من دون تأخير غير ضروري ،المعلومات الخاصة بوضع الطلب
(.) ...
ّك
-2من أجل أال تش ل التدابير المتعلقة بمتطلبات وإجراءات التأهيل والمعايير الفنية ومتطلبات الترخيص عوائق غ ير ض رورية
أمام التجارة في الخدمات ،على كل من الطرفين السعي الحثيث ألن يكفل ،وفقًا لما يناسب كل قطاع ،أن تكون هذه التدابير:
(أ) قائمة على معايير موضوعية وشفافة ،مثل الكفاءة والقدرة على تزويد الخدمة؛
(ب) غير مرهقة أكثر مما يلزم لضمان جودة الخدمة ؛ و
(ج) في حال إجراءات الترخيص ،أال تشكل في حد ذاتها قيودًا على تزويد الخدمة".
29
انظر المادة 8-10من االتفاقيتين. ()
-48-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
لذلك ،يمكن اعتبار االتفاقية الثنائية للتبادل الحر بين الواليات المتحدة األمريكية والمملكة المغربي ة أو
تلك بين الواليات المتحدة وسلطنة عمان بأنهما تمثالن في كثير من جوانبها المتعلق ة باالس تثمار مقارب ة "
"GATS moreو "."TRIMs more
أما المظهر الثالث لتكريس المقاربة األمريكية المعتمدة في اإلطار متعدد األط راف فيتعل ق بمس ألة
الشفافية .وتمثل الشفافية بحسب الرؤية األمريكية ،ورؤية البلدان المصدرة لالستثمارات األجنبية عمومًا ،أحد
الشروط ذات الطابع األفقي الضروري لتطور حجم استثمارات الدولة ويشّك ل أحد مكّو نات المعاملة العادل ة
والنزيهة للمستثمر كما سيتبّين الحقا.
لذلك ،تضمنت توطئة اتفاقية التبادل الحر مع المغرب وعمان التنصيص على التزام الطرفين بما يحقق
تدعيم الشفافية والقضاء على الفساد في مجالْي التجارة واالستثمار.
وفي مجال االستثمار ،يمكن ذكر المواد التالية:
(أ) المادة 10.20يشأن شفافية إجراءات التحكيم؛
(ب) المادة 11.8بشأن شفافية تطبيق التشريعات الوطنية في قطاع الخدمات؛
(ج) المادة 12.11بشأن الشفافية في القطاع المالي؛
(د) المادة 13.13بشأن الشفافية في قطاع االتصاالت؛
(ﻫ) العنوان 18بشأن شفافية التشريعات الوطنية واإلجراءات الداخلية المرتبطة بتطبيق االتفاقية
عموما.
(ب) التشابه بين اتفاقيات التبادل الحر الثنائية وتوجهات نموذج الواليات المتح دة األمريكي ة لالتفاقي ات
الثنائية بشأن االستثمار لسنة 2004؛
قامت الواليات المتحدة سنة 2004بإصدار نموذج جديد لالتفاقية الثنائية لتشجيع االستثمار وحمايت ه
يعّو ض نموذج سنة 1994بما يتماشى مع التطورات التي عرفتها العالقات االقتصادية الدولية ،إض افة إلى
النزاعات التي كانت الواليات المتحدة طرفًا فيها كدولة مضيفة لالستثمار .وهي اآلن بصدد إع داد نم وذج
جديد يعّو ض نموذج سنة .2004
ومن أهم أهداف هذه المراجعة توجه سلطات المفاوضين األمريكيين التفاقيات التب ادل الح ر نح و
التناسق واالنسجام بين األحكام المتعلقة باالستثمار ،والتي تتضّم نها هذه االتفاقيات والمب ادئ ال تي يقّر ه ا
النموذج الجديد لسنة 2004ومحتوى االتفاقيات الثنائية بشأن االستثمار التي سيتم التوقيع عليها بعد اعتم اد
النموذج رسميا.
وبما أن التوقيع على اتفاقية التبادل الحّر مع المغرب (آذار/مارس )2004سبق ببضعة أشهر اعتم اد
النموذج الجديد (تشرين الثاني/نوفمبر ،)2004تزامنت المفاوضات بين الجانبين بشأن منطقة التبادل الح ر
مع فترة إعداد النموذج الجديد التفاقيات االستثمار.
لذلك ،أتت األحكام الواردة باتفاقية التبادل الحر بين البلدين متناسقة م ع نم وذج س نة 2004على
المستويين المادي واإلجرائي.
-49-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
فعلى المستوى المادي ،تكّر س اتفاقية التبادل الحر في جوانبها المتعلقة باالستثمار ،المبادئ العامة التي
تضّم نها نموذج سنة 2004القائم على أحد ثوابت المقاربة األمريكية للعالقات االقتص ادية الخارجي ة ،أي
التحرير الكبير أو ما يعرف بسياسة "الباب المفتوح" ( )Open Door Policyسواء بالنسبة إلى التج ارة أو
االستثمار ،وذلك من خالل تطبيق مفهوم النفاذ إلى األسواق أو قبول االستثمار بكل حرية وتمتعه بالمعامل ة
والحماية وفي جميع مراحله (ما قبل االستثمار وما بعده).
أما على المستوى اإلجرائي ،فإن نموذج سنة 2004قام على رك يزة أساس ية تتمث ل في ش فافية
اإلجراءات التحكيمية ،وهو ما تم تكريسه فعًال في اتفاقية التبادل الحر األمريكي ة-المغربي ة واألمريكي ة-
العمانية.
تمّثل االتفاقيات الثنائية ،تأطيرًا دوًًلا للعملّيات االستثمارية ،إذ إنها تحّو ل العالقة الّداخلية بين المستثمر
األجنبي والّدولة المحتضنة إلى عالقة دولّية خاضعة للقانون الّدولي .وهو قانون عادة ما يكون أكثر حماي ة
لالستثمارات الدولية من القوانين الوطنّي ة إذ تضمن االتفاقيات جملة من الضمانات تعود بالفائدة على القائمين
بالعملّي ة االستثمارية ،أي "المستثمر" ،والذي ارتأت االتفاقيات المتعلقة ب النهوض باالس تثمارات وحمايته ا،
ضرورة تحديد مفهومه لما تحمله هذه الّص فة من أهمية عملية تتمثل خاّص ة في الح ق في االنتف اع بجمل ة
االمتيازات والحقوق المنصوص عليها باالتفاقيات ،والتي تتّخ ذ عادة شكل الّض مانات القانونّي ة ،والمالّي ة
والنزاعّية.
ل وبصورة عاّم ة ،يعّر ف "المستثمر األجنبي" على اّنه الشخص القائم بالعملّية االستثمارية واّلذي يحم
جنسّية تختلف عن جنسّية الّدولة المضيفة لالستثمار.
بذلك ،يكتسب عنصر "الجنسّية" أهمّية بالغة في تحديد مفهوم "المستثمر األجنبي" ،إذ إنه يحّدد من جهة
مدى انتماء "المستثمر" لنظام قانوني معّين ،وهو يتمتع من جهة أخرى بقواعد المعاملة والحماية التي نص ت
عليها االتفاقية الدولية ،إضافة إلى لمدى اختصاص الجهة القضائّية في حال نشوب نزاع بين ه وبين الّدول ة
المضيفة لالستثمار.
ّث
من هنا ،عملت االتفاقيات ال نائّية واإلقليمية والدولية على جعل عنصر "الجنسًرايعم "ةّيا أساسًيا لتحديد
صفة "المستثمر األجنبي" .إّال أن هذه االتفاقيات تختلف في بعض األحيان في ضبط شروطها على الرغم من
ترابطها بخاصة في ما يتعّلق باتفاقية واشنطن واالتفاقيات الثنائية التي تنص على التحكيم ال تي تنص علي ه
اتفاقية واشنطن.
يكمن الهدف هنا في البحث في تعريف "المستثمر" وما ينبثق عنه من آثار في تطبيق المع ايير ال تي
تنص عليها االتفاقيات الثنائية المتعّلقة بتشجيع االستثمارات وحمايتها ،إضافة إلى تثبيت اختص اص الجه ة
القضائية المتمّثلة عادة في المركز الّدولي المتخّص ص بحّل الّنزاعات المتعّلقة باالستثمارات ،فال يقوم المركز
بالّنظر في العرائض المقّدمة من طرف الخصوم وفّض الّنزاع إّال في حال توافر جملة من الشروط ،من بينها
أطراف الخصومة ،إذ يجب أن تربط هذه األخيرة بين شخص ينتمي إلى القانون العام وغالبًا ما يكون الّدولة،
وشخص آخر ينتمي إلى القانون الخاّص "المستثمر" ممثًال إّم ا في شخص طبيعي أو في شخص معنوي.
-50-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
وقد كّر ست أغلبّية المعاهدات الّثنائية المتعّلقة بّتشجيع االستثمارات وحمايتها جملة من المعايير لتحدي د
مفهوم "المستثمر" المتمتع بالّض مانات الممنوحة له في صلب االتفاقية .ويعتبر "مستثمرًا" وفقًا لهذه االتفاقي ات
كّل شخص طبيعي أو معنوي يقوم بإستثمار في إقليم الّط رف المتعاقد اآلخر(.)30
وعلى سبيل المثال تنص الماّدة ( )1فقرة ( )3من االتفاقية الثنائية المبرمة بين سلطنة عمان وجمهورّية
مصر العربّية على أن تعبير "مستثمر" يعني:
»أ) األشخاص الّط بيعيين من جنسّية أحد ال رفين المتعاقدين بموجب قوانينه ويقوم باس تثمار في إقليم
ّط
الّط رف المتعاقد اآلخر« .
كما تنّص الماّدة ( )1فقرة (– )2أ -من االتفاقية الّثنائّية المبرمة بين الجمهورّية الفرنسّية والجمهورّي ة
الّتركّية على أّن تعبير "مستثمر" يعني:
»أ) األشخاص الطبيعيين الحاملين لجنسّية أحد الّط رفين المتعاقدين «.
وتنّص الماّدة ( )1فقرة (ب) من االتفاقية الّثنائّية المبرمة بين كندا والجمهورّي ة األرجنتينّي ة على أّن
تعبير "مستثمر" يعني:
ّط
» كّل شخص طبيعي مواطن أو مقيم مستمر ألحد ال رفين المتعاقدين وذلك وفقًا لقوانينه« .
30
أنظر: ()
-الماّدة ( )1فقرة ( )2من االتفاقية الثنائّية المبرمة بين سلطنة عمان والمغرب بشأن الّتشجيع والحماية المتبادلة لالستثمارات ال تي تنّص
على أّن " :تعبير مستثمر" يعني:
ّط
أ) أي شخص طبيعي يحمل جنسّية أّي من ال رفين المتعاقدين؛
ب) أي شخص قانوني منشأه في إقليم أحد الًقبط نيدقاعتملا نيفرّطا لقوانين ذلك الّط رف المتعاقد« .
-الماّدة ( )1فقرة ( )3من االتفاقية الثنائّية المبرمة بين حكومة سلطنة عمان وحكومة جمهورّية مصر العربّية لتشجيع
االستثمارات وحمايتها التي تنّص على أن كلمة (مستثمر) تعني:
ّط
»أ ـ األشخاص الطبيعيين من جنسّية أحد الطرفين المتعاقدين بموجب قوانينه ويق وم باس تثمار في إقليم ال رف
المتعاقد اآلخر.
ّط
ب ـ األشخاص االعتبارية التي يوجد مقّر ها ونشاطها االقتصادي الحقيقي في إقليم ال رف المتعاقد اآلخر« .
-الماّدة ( )1فقرة ( )2و( )3من االتفاقية الثنائية المتعّلقة بالتشجيع والحماية المتبادلة بين حكومة الجمهورّية الفرنسّية
وحكومة الجمهورّية التونسّية التي تنّص على أّن :
» -1كلمة "مواطنين" تعني األشخاص الطبيعيين الحاملين لجنسّية أحد الّط رفين المتعاقدين؛
-2كلمة "شركات" تعني كّل شخص معنوي تأسس في إقليم أحد الًقبط نيدقاعتملا نيفرّطا لقوانين هذه األخيرة «.
-51-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
يعّر ف المستثمر الّش خص الّط بيعي بالّر جوع إلى واعتمادا على مختلف هذه الصيغ القانونّية وغيرها
()31
(أ) الجنسّية؛
الجنسّية هي رابطة قانونية تجمع الفرد بدولة معّينة وتمنح الدولة بموجبها ص فة "الم واطن" للف رد
أو"رعايا الدولة" .وتعمل كل دولة تنعم بالسيادة على تحديد القواعد والمعايير المنّظ مة الكتس اب الجنس ّية.
وينتج عن ذلك عدة آثار هاّم ة ،فيخضع الفرد لجملة من الواجبات ،ويتمّتع بحقوق أساسّية ال يمكن أن يحظى
بها األجنبي في بعض األحيان ،ومن بينها:
الحّق في الحماية الدبلوماسية خارج إقليم الّدولة؛
الحقوق الّس ياسّية؛
الح في ممارسة الوظائف في القطاعين الخاّص والعاّم . ّق
(ب) المواطنة؛
أنظر الماّدة ( )1فقرة ( )7ـ أـ ( )iمن معاهدة ميثاق الّط اقة والتي تنّص على أّن : () 31
»( )iشخص طبيعّي يتمّتع بالمواطنة أو بجنسّية أو من كان مقيًم ا باستمرار لدى ذلك الًقبط دقاعتملا فرّطا لقانونه الجاري
به العمل« .
ّظ
كذلك الماّدة ( )1فقرة ( )6ـ أ ـ من االتفاقية لتشجيع وحماية االستثمارات وضمانها بين ال ّدول األعض اء من من م ة
المؤتمر اإلسالمي تنّص على أّن :
»الّش خّص الّط بيعي :كّل فرد يتمّتع بجنسّية دولة طرف بحسب أحكام الجنسّية الّس ائد فيها « .
-52-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
المواطنة هي رابطة قانونية وسياسة تكرس انتماء الفرد لمجموعة وطنية أو إقليمية (المواطن األوروبي
أو المواطن العربي) .وعلى سبيل المثال ،تعرف اتفاقية التبادل الح ر بين الوالي ات المتح دة والمغ رب
"المواطن" بما يلي:
-1بالنسبة إلى المغرب" ،أحد مواطني المملكة المغربية" وفقًا للظهير رقم ،1-58-250المؤرخ 21
صفر 6( 1378أيلول/سبتمبر )1958الذي تم بموجبه وضع قانون الجنسية المغربية؛ و
-2بالنسبة للواليات المتحدة" ،أحد مواطني الواليات المتحدة" كما هو معّر ف تحت العنوان الثالث من
قانون الهجرة والجنسية".
وتنص اتفاقية تشجيع وضمان االستثمار بين دول اتحاد المغرب العربي الموقعة في 23تموز/يولي و
1990في مادتها األولى أن المستثمر "هو المواطن الذي يملك رأس مال يقوم باستثماره في أحد بلدان اتحاد
المغرب العربي".
وفي السياق نفسه ،تعرف االتفاقية الموحدة الستثمار رؤوس األم وال العربي ة في ال دول العربي ة
"المواطن العربي" بأنه الشخص الطبيعي أو المعنوي المتمع بجنسية دولة طرف" .أما المستثمر العربي فه و
"المواطن العربي الذي يملك رأس مال عربيًا ويقوم باستثماره في إقليم دولة طرف ال يتمتع بجنسيتها" (المدة
.) 1وبالتالي تترادف المواطنة مع رابطة الجنسية أو االنتماء إلى دول يجمعها نفس االنتماء.
وتّتصل اإلقامة بالمكان الّذ ي يقيم فيه الّش خص عادة .ولهذا المقّر صفتان اثنتان :األولى كون ه عام ًا
لمباشرة حقوقه وتصّر فاته المدنّية ،والّثانية كونه حقيقّيًا لقيامه على أساس اإلقامة الفعلّية.
ويرتكز المقّر على عناصر يحّددها القانون الوطني وتتمّثل في عنصرين اثنين :هما اإلقام ة الفعلّي ة
واالعتياد ،إذ تكون اإلقامة معلومة بداهة ومعتادة ،ويعني ذلك اإلقامة الفعلّية والمستمّر ة .وتجدر االشارة إلى
أن االستمرار ال يعني اتصال اإلقامة من دون انقطاع ،وإّنما يقصد به استمرارها على وجه يتحّقق معه شرط
االعتياد ،ولو تخّللتها فترات متقاربة أو متباعدة .في حين ال يتوافر االعتياد واالستقرار في اإلقامة العرضّية،
كأن يقيم الّش خص مّدة معّينة في بلد بغاية الّس ياحة والّترفيه( .)32ويسمح معيار اإلقامة المس تمرة من تش جيع
استثمارات مواطني الدولة المضيفة غير المقيمين في إقليم دولتهم وبخاصة منهم رجال األعمال المه اجرين
في البلدان الغربية الذين يستطيعون التمتع بالمزايا واإلعفاءات باستثناء التحكيم الذي يقتضي عادة أال يك ون
المستثمر طرف النزاع من مواطني الدولة المضيفة .ولنا في ذلك مثال االتفاقية الثنائية المبرم ة في 2000
أنظر الماّدة ( )1فقرة ( )7ـ أـ ( )iمن معاهدة ميثاق الّط اقة والتي تنّص على أّن : () 32
»( )iشخص طبيعّي يتمّتع بالمواطنة أو بجنسّية أو من كان مقيما باستمرار لدى ذلك الّط رف المتعاقد طبقا
لقانونه الجاري به العمل« .
-53-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
بين البحرين وماليزيا إذ تعني كلمة "المستثمر" :أي شخص طبيعي حائز على الجنسية أو على إقامة دائمة في
إقليم الطرف المتعاقد بموجب قوانينه"(.)33
.1معيار الجنسّية
تعتبر الجنسّية -كما سبق وذكرنا -رابطة قانونّية يتحّدد من خاللها انتماء الفرد إلى إقليم دولة معّين ة
بذاتها .وبالّنسبة إلى المستثمر الّش خص المعنوي ،تتحّدد الجنسًقفو ةّيا للّر ابطة اإلقليمية ،ويكون بذلك للّش خص
المعنوي جنسّية خاّص ة به ال تختلط بالضرورة بجنسّية األشخاص الطبيعيين .وتكتس ب جنس ّية الّش خص
المعنوي أهمّية من ناحية معرفة مدى الّتمّتع بالحقوق اّلتي تقصرها كّل دولة على رعاياها ،وتحدي د الّدول ة
اّلتي يكون لها الحّق في حماية الّش خص المعنوي في المجال الّدولي .ومن ناحية أخرى ،تحّدد جنسّية الّش خص
المعنوي القانون الذي يجب تطبيقه ،وتتحّدد بالّتالي الّدولة اّلتي يّتخذ الّش خص المعنوي فيها مرك ز إدارت ه
الّر ئيسي .وعلى الرغم من اتفاقية المركز الدولي لفض النزاعات ،يستعمل شرط الجنسية األجنبية للش خص
المعنوي بالنسبة إلى الدولة المضيفة والطرف في النزاع( ،)34فان عددًا كبيرًا ،إن لم نق ل معظم االتفاقي ات
الثنائية ال تنص على هذا الشرط .وقد يعود تفسير ذلك إلى اختالف المعايير بحسب القوانين الداخلي ة لك ل
دولة في ما يتعلق بإسناد الجنسية للذوات المعنوية ،والبحث بالتالي عن االتفاق على شروط مشتركة أو على
33
وتقصي االتفاقية المبرمة بين البحرين وماليزيا الم ذكورة أعاله في الم ادة ( -7-تس وية منازع ات اإلس تثمار) ()
المستثمرين الوطنيين الذين يحملون جنسية الدولة الطرف في النزاع من التحكيم الدولي:
"يوافق كل طرف متعاقد على عرض النزاع الذي نشأ بين تلك الدولة المتعاقدة وبين مستثمر من الدولة المتعاق دة األخ رى الى المرك ز
الدولي لتسوية منازعات اإلستثمار وذلك لتسويته عن طريق التوفيق أو التحكيم بموجب إتفاقية تسوية منازع ات اإلس تثمار بين ال دول
ومواطني الدول األخرى والمعروضة للتوقيع عليها في واشنطن بتاريخ 18آذار/مارس .1965
34
تنص المادة مادة ( )25من اتفاقية االكسيد (: )ICSID ()
يمتّد اختصاص المركز إلى المنازعات ذات الطابع القانوني التي تنشأ بين دولة متعاقدة واحد رعايا دولة متعاقدة أخ رى، -1
والتي تتصل اّت صاال مباشرا بأحد االستثمارات ،شرط أن يوافق أطراف النزاع كتابة على طرحها على المرك ز .وم تى
أبدى طرفا النزاع موافقتهما المشتركة فإنه ال يجوز ألي منهما أن يسحبها بمفرده.
ويقصد بعبارة "أحد رعايا الدولة المتعاقدة األخرى" ما يلي:
)..(-1
- 2كل شخص معنوي يحمل جنسية إحدى الدول المتعاقدة األخرى خالف الدولة الطرف في النزاع ،في تاريخ إعطاء
األطراف موافقتهم على طرح النزاع على التوفيق أو التحكيم
-54-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
االقل متفق عليها بين الدولتين لتمتع االشخاص المعنوية بالمعاملة والحماية التي تنص عليه االتفاقية الثنائية.
اما في ما يتعلق باتفاقية ICSIDفإن شرط الجنسية األجنبية هو ش رط مهم ،ألن اتفاقي ة المرك ز تقص ي
النزاعات التي يكون فيها األشخاص االعتباريون حاملين لجنسية الدول المضيفة الط رف في ال نزاع ،على
الرغم من أن اتفاقية 1965تنص على استثناء مهم لهذا الشرط كما سيتبّين الحقا.
واعتمدت بعض المعاهدات الّثنائّية لتشجيع وحماية االستثمارات على معيار دولة الّتأسيس اّلذي يعرف
استعماًال شائعا في البلدان االنكلوسكسونية أو بلدان القانون العام common lawإذ يتّم تحديد جنسّية المستثمر
الّش خص المعنوي طبقًا للقانون اّلذي ينّظ م تأسيس الّش ركة ،ويكفي لذلك الّر جوع إلى المكان اّلذي حازت في ه
الّش ركة على تسجيلها كون مكان الّتسجيل يعًرايعم ّدا ثابًتا وحاسًم ا ويتحّدد بطريقة سهلة وأكيدة.
ويتمّيز معيار دولة الّتأسيس بسهولة الّتطبيق واالستقرار ،كما يعكس مدى توسع المعاه دات الّثنائّي ة
لقبول وحماية وتشجيع المستثمر الّش خص المعنوي.
وللتّدليل على ما ذكر أعاله ،نّص ت عدة اتفاقيات على هذا المعيار من دون غيره في بعض األحيان:
-الماّدة ( )1فقرة ( )2من االتفاقية الّثنائّية المبرمة بين المملكة األردنّية وإندونيسيا تشير إلى أّن لفظ ة
"مستثمر" تعني:
ّط ًق
»األشخاص القانونّيون المؤّس سون وف ا لقوانين ذلك ال رف المتعاقد« .
-المادة ( )1الفقرة( -)2من االتفاقية الثنائية المبرمة بين البحرين وماليزيا" :المستثمر" يعني أي ة
مؤسسة ،أو شركة ،أو إتحاد تجاري أو مشروع مشترك أو منظمة أو رابطة تنشأ وفًقا للق وانين
السارية في بلد الطرف المتعاقد.
-المادة 1الفقرة 3من االتفاقية المبرمة بين عمان والسودان :تعبير"ش ركة" يع ني أي ش خص
قانوني منشأ في إقليم أحد الطرفين المتعاقدين طبًقا لقوانين ذلك الطرف المتعاقد".
ة ولقد تماشى مضمون هذه ااالتفاقيات مع ما جاءت به الماّدة ( )7فقرة (أ) iiمن ميثاق اتفاقية الّط اق
الّتي تنّص على أّن كلمة "مستثمر" تعني:
)» iiكّل مشروع أو منّظ مة أخرى مؤّس سة طب ا للّتشريع المطّبق في إقليم هذا ال رف المتعاقد «.
ّط ًق
وعلى الرغم من ذلك ،يكمن اإلشكال في أن معيار دولة التأسيس قد يعتمد على عالقة هّش ة وض عيفة
بين المستثمر ودولة الجنسية ،وتستعمله عدة شركات يقع تأسيسها في "الجّنات الضريبية" مثل بعض األق اليم
في جزر الباسيفيك وذلك للتهرب من االلتزامات الضريبة.
انوني. العمومّية؛ وقد يستقّل عن مركز استغالله من ناحية تجارته وصناعته .إال إنه يعتبر دائًم ا موطنه الق
ويتّم تحديد المقّر اإلجتماعي للّش خص المعنوي إّم ا في القانون األساسي أو في كتاب الحق.
كما يعّد تطبيق هذا المعيار سهًال إذ يتم تحديد جنسّية الّش خص المعنوي بالّر جوع إلى المقّر اإلجتماعي
في إقليم أحد الّط رفين المتعاقدين.
وقد نّص ت بعض المعاهدات الّثنائّية على هذا المعيار ،ومثال على ذلك:
أ -الماّدة ( )1فقرة (– )2ب -من االتفاقية الثنائية بين البحرين ومصر ال تي تنص على أّن مص طلح
"مستثمر" يعني:
ًق
» ب) " كل شخص معنوي قائم على إقليم أحد الطرفين المتعاقدين طب ا لتشريعه ويكون مركزه الرئيسي في
نفس االقليم أو أن تتم إدارة هذا الشخص المعنوي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بواس طة مواط ني أح د
الطرفين المتعاقدين أو بواسطة أشخاص معنوية أخرى يكون مركزها الرئيس ي على إقليم أح د الط رفين
المتعاقدين والمقام طبقا لتشريعه .
الماّدة ( )1فقرة (– )1ب -من االتفاقية بين النيجر وفرنسا التي تنص على أّن مصطلح "مستثمر":
»(ب) "يعني شخص معنوي ينشأ في إقليم أي طرف من الطرفين المتعاقدين طبًقا لتشريعه ويقع مكتبها
المسّج ل في ذلك اإلقليم".
.4معيار المراقبة
يعني معيار المراقبة أن الجنسية تمنح على أساس جنسية األشخاص الذين يملكون أغلبية رأس الم ال
في الشركة أو الحصص الجوهرية فيها ويسيطرون بالتالي على االستثمار ،إلى ج انب مع ايير أخ رى في
بعض األحيان مثل:
-االتفاقية بين االردن وسويسرا" :يعني مصطلح "مستثمر" في م ا يتعل ق ب أي من الط رفين
المتعاقدين :كيان قانون مؤسس وفقًا لقانون أي دولة والتي يكون مسيطرًا عليه بصورة مباشرة أو
غير مباشرة من قبل أشخاص طبيعية كما هو معرف في الفقرة (أ) أعاله أو من قب ل كيان ات
قانونية كما هو معرف في الفقرة (ب) أعاله بحيث يكون لمثل هؤالء األش خاص أو الكيان ات
حصة ال يستهان بها في الملكية".
ويسمح معيار المراقبة من التثبت أن العالقة وطيدة بين المستثمر ودولته سواء من الناحية القانونية أو
االقتصادية .إّال إنه صعب التطبيق في بعض االحيان نظرا أنه يستوجب التثّبت من جنسية جميع األش خاص
الطبيعيين المساهمين في رأس مال الشركة ويتعّقد االمر أكثر عنما يساهم أشخاص معنويين في رأس الم ال
الشركة وتكون بالتالي المراقبة غير مباشرة .وفي بعض االحيان يجب الرجوع الى عدة مس تويات لمعرف ة
االشخاص الذين يسيطرون على الشركة ،وبالتالي على االستثمار.
-56-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
(ب) الجمع بين أكثر من معيار في تحديد مفهوم الشخص اإلعتباري الذي يخضع
للحماية بموجب االتفاقيات الثنائية لالستثمار؛
اقتضت بعض المعاهدات الّثنائّية المتعّلقة بالّتشجيع والحماية المتبادلة لالستثمارات أّنها تمنح الحماي ة
لالشخاص المعنويين الذين يخضعون الى شروط تقوم إّم ا على أساس الجمع أو الّتعاقب بين المعايير ،أو على
الجمع والّتعاقب بين المعايير.
تعني كل شخص معنوي قائم على إقليم أحد الطرفين المتعاقدين طبًق ا لتشريعـه ويك ون مرك زه
الرئيسي في نفس االقليم؛
ّش ّل ّث
-الماّدة ( )8فقرة ( )4من اإلّتفاقّية ال نائّية المبرمة بين تونس ألمانيا ا تي تع ّر ف "ال ركة" على
أّنها:
ّل ّل
»حسب الجمهورّية الّتونسّية ،ك شخص طبيعي وكذلك ك شركة تجارّي ة أو أي ش ركة أخ رى أو
جمعّية ذات شخصّية قانونّية أوال ،يكون مقّر ها في الجمهورّية الّتونسّية وتأّس ست طبًقا لقوانينها الّداخلة حّي ز
الّنفاذ بمعزل من معرفة إن كان نشاطها ذا هدف ربحي أم ال «.
إذا ال يمكن اعتبار أّن الّش ركة محمّية بمقتضى المعاهدة المبرمة إّال إذا كان تحديد جنسّيتها مبنّي ًا على
الجمع بين معيارين :المقّر االجتماعي والّتأسيس ،وذلك في ظّل الّتشريع الّتونسي.
في المقابل ،إذا لم تجتمع هذه المعايير ،يتّم مبدئيًا إقصاء هذه الّش ركة من مجال الّتط بيق الّش خص ي
للمعاهدة .فال معيار المقّر االجتماعي وال معيار التأسيس يكفيان وحدهما العتبار الّش ركة محمية من ط رف
االتفاقية بين تونس وألمانيا.
ومن األمثلة أيضا على الّتطبيق الجمعي لمعياري الّتأسيس والمقّر االجتماعي نذكر:
-الماّدة 1الفقرة -2ب من االتفاقية بين مصر والمغرب التي تنص على أن عب ارة "مس تثمر"
تعني" :ب -كل شخص اعتباري تأسس طبًق ا للقانون المعمول به في كل من الطرفين المتعاقدين
ويوجد مقره في إقليم هذا الطرف المتعاقد".
ّث
-الماّدة ( )1فقرة ( )2ـ ب ـ من االتفاقية ال نائّية المبرمة بين حكوم ة الجمهورّي ة الّص ينّية
الّش عبّية وحكومة جمهورّية بينين في 2004اّلتي تنّص على أّن مصطلح "مستثمر" يعني:
-57-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
»(ب) كّل شخص معنوي ،بما فيه الّش ركات ،جمعّيات األعمال ومنّظ مات أخرى وإّتحادات المؤّس س ين
وفقا لقوانين وقواعد الجمهورّية الّص ينّية الّش عبّية أو جمهورّية بينين ولهم مقّر في إقليم الجمهورّي ة الّص ينّية
الّش عبّية وكذلك جمهورّية بينين «.
ة وتنص بعض االتفاقيات األخرى على شروط أخرى من شأنها أن تعزز العالقة بين الشركة والدول
الطرف ،وذلك الجتناب الشركات الوهمية التي تفتقر الى عالقة وطيدة مع الدولة الطرف في االتفاقية :
-المادة - 1ب من االتفاقية بين لبنان ومصر:
-تشير كلمة "مستثمر" في ما يتعلق بأي من الطرفين المتعاقدين ،إلى :األشخاص اإلعتباريين ،بم ا
في ذلك الشركات ،والهيئات ،ومؤسسات األعمال ،والمؤسسات األخرى التي أنشئت أو أّس س ت
بحسب األصول بموجب قوانين ذلك الطرف المتعاقد والتي يوجد مقّر ها ،مع األنشطة االقتصادية
الفعلية ،في أراضي ذلك الطرف المتعاقد نفسه.
ركات على الرغم من أحكام هذه الفقرة الفرعية ،تسري هذه اإلتفاقية على الشركات القابضة أو الش
األجنبية (أوف شور) المسجلة لدى أّي من الطرفين المتعاقدين.
الّتطبيق الجمعي لمعيار دولة التأسيس ومقر الشركة باالشتراك مع معيار الملكية والسيطرة
تنص بعض االتفاقيات على هذا الجمع النادر:
وطني يعنى]…[ :
( )iiكل شخص اعتباري قائم طبقًا لتشريع دولة عضو ،يكون المكتب الرئيسى له أو المقر فى إقليم
الدولة المذكورة ويملك 51في المائة من رأسماله األساسي مستثمرون أو هيئ ات عام ة للدول ة
-58-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
العضو المذكورة( ].…[ .ميثاق نظام المشروعات متعددة األطراف الصناعية فى منطقة التبادل بين
دول أفريقيا الشرقية وأفريقيا الجنوبية).
وتنص اتفاقيات أخرى على معيار دولة التأسيس باالشتراك مع معيار دولة مركز الشركة مع استعمال
[تثمار ( )MIGAه ذه [مان االس[
الملكية كمعيار تعويضي .وتستعمل معاهدة إنشاء الوكالة الدولية لض[
الطريقة:
مادة :13
)aكل شخص طبيعي وكل شخص اعتباري يمكن قبول تمتعهم بضمانات الوكالة ،بشرط:
)iأن يكون للشخص الطبيعى المذكور جنسية إحدى الدول األعضاء غير جنسية البلد المضيف؛
)iiأن يكون الشخص االعتباري المذكور قائمًا طبقًا لقانون إحدى الدول األعض اء ويك ون مق[[ره
الرئيسى فى الدولة المذكورة ،أويكون أغلبية رأسماله مملوكًا لدولة عضو أو دول أعضاء أو مواطني الدولة
أو الدول المذكورة بشرط أن تكون الدولة المضيفة فى الحالتين السابقتين دولة أخرى عضو.
-الماّدة ( )1فقرة ( )3من اإلّتفاقّية الّثنائّية المبرمة بين حكومتْي الجمهورّية المونغولّية والجمهورية
الفرنسية والتي تنّص أّن :
»عبارة "شركات" تعني كّل شخص معنوي أّس س في إقليم أحد األطراف المتعاقدة وفق ًا لتش ريع ذات
الّط رف المتعاقد وله مقّر أو مراقب بصورة مباشرة أو غير مباشرة من ط رف مواط ني أح د األط راف
المتعاقدة ،أو من طرف أشخاص معنويين لهم مقّر في إقليم أحد األطراف المتعاقدة ،ومؤًقفو نيسّسا لتش ريع
ذات الّط رف المتعاقد «.
ويعني ذلك أّن الّش ركة ،حّتى تنتفع بأحكام اإلّتفاقّية ،عليها أن تضمن أحد الّش رطين الّتاليين وهما إّم ا أن
تجمع بين معيارْي الّتأسيس والمقّر ،أو أن يتوافر لديها معيار المراقبة ،فتتحّدد بذلك جنسّيتها وتضمن حماي ة
اإلّتقاقّية .وهو ما من شأنه أن يساهم في توسيع مجال الّتطبيق الّش خصي للمعاهدات الّثناّئية.
ونّص ت اتفاقيات أخرى على الطريقة نفسها مثل:
-الماّدة ( )1فقرة ( )2من اإلّتفاقّية الّثنائّية المبرمة بين النمسا ومصر:
-عبارة "مستثمر" تعني
" -أ -أي شخص طبيعي يحمل جنسية أي من الطرفين المتعاق دين ويس تثمر في أرض الط رف
المتعاقد اآلخر؛
ًق
-ب -أي شخص اعتباري أو شركة ،منشأ طب ا لقانون أحد الطرفين المتعاق دين ،ول ه مق ر في
إقليمه ويقوم باالستثمار في إقليم الطرف المتعاقد اآلخر؛
-ج -أي شخص اعتباري أو شركة منشأ طبًقا لقانون الطرف المتعاقد أو ط رف ث الث وال تي
يمارس عليها المستثمر المشار إليه في البندين أ وب تأثير مستمر".
الكيان القانوني المؤسس وفقًا لقانون أي دولة والتي يكون مسيطرًا عليه بصورة مباش رة أو غ ير ج-
مباشرة من قبل أشخاص طبيعية ،كما هو مّع رف في الفقرة (أ) أعاله ،أو من قبل كيانات قانونية كما هو
معّر ف في الفقرة (ب) أعاله بحيث يكون لمثل هؤالء األشخاص أو الكيانات حصة ال يستهان به ا في
الملكية".
وتسمح هذه الطريقة بصفة عامة بإيجاد فرصًا أكبر لالستثمار الذي تقوم به الذوات المعنوية في الدول
المضيفة من خالل توسيعها الحماية لتشمل عددًا أكبر من المستثمرين.
-60-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
باإلضافة إلى جملة هذه المعايير ،نّص ت بعض المعاهدات التي تضمنت تعريف المس تثمر الّش خص
المعنوي ،على معايير أخرى تلّخ صت في معيار الملكّية ومعيار األغلبّية المسيطرة إذ إنها تمن ح الحماية على
أساس الملكية أو السيطرة على اإلستثمار ومن األمثلة على ذلك نذكر:
الماّدة ( )1فقرة (س) iمن اإلّتفاقّية الّثنائّية المبرمة بين االتحاد الّس ويسرّي وجمهورّية كوستاريكا يعت بر
"مستثمرا"
(س) كّل شخص معنوي لم يؤّس س طبقًا لتشريعات ذات الّط رف المتعاقد،
)iإذا إمتلك أشخاص هذا الّط رف المتعاقد أكثر من 50في المائة من رأس المال.
حظيت مسألة تحديد مفهوم "المستثمر" باهتمام المحّك مين المنصبين ل دى المرك ز ال ّدولي لتس وية
منازعات االستثمار إذ كشفت مختلف الهيئات الّتحكيمّية في عّدة قرارات صادرة عنها عن الّتطّو ر اّلذي حّققته
هذه المسألة ،خاّص ة وأّن صفة "مستثمر" كما هو وارد في الفصل ( )25من إّتفاقّية واش نطن ال تي أنش أت
المركز الّدولي تعّد من بين الّش روط األساسّية لقبول الّدعوى.
يتمتع المستثمر وفقًا للحالة االولى بجنسيتين اثنتين :جنس ية الدول ة المص درة لالس تثمار أ-
وجنسية الدولة المضيفة .وعند قيام النزاع من طرف المستثمر ضد هذه االخيرة ،تثير الدول ة ع دم
اختصاص الهئية التحكيمية متذّر عة بالطبيعة غير الدولية للنزاع ،أي طبيعته الداخلية البحتة بحس ب
-61-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
مقتضيات االتفاقية الثنائية ،والمادة 25من اتفاقية واشنطن .ويعتبر فقه قضاء المركز مستقًر ا تج اه
هذه االشكالية .واعتبر المحكمون أنه يجب تطبيق البند ذات الصلة في االتفاقية الثنائية المادة 25التي
تنص في فقرتها االولى:
"يمتّد اختصاص المركز إلى المنازعات ذات الطابع القانوني التي تنشأ بين دولة متعاقدة وأحد
رعايا دولة متعاقدة أخرى ( ")...وتعرف المادة في في فقرتها 2عبارة "أحد رعايا الدولة المتعاق دة
األخرى"" :كل شخص طبيعي يحمل جنسية إحدى الدول المتعاقدة األخرى خالف الدولة الط رف في
النزاع ،في تاريخ إعطاء األطراف موافقتهم على طرح النزاع على التوفيق أو التحكيم ،وأيض ا في
تاريخ تسجيل الطلب طبقا للمادة 28/3أو المادة ،36/3مع استبعاد أي شخص كان يحمل في ه ذا
التاريخ أو ذاك جنسية الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع" .وبالت الي ق رر المحكم ون في قض ية
،Champion Trading Company and others vs. Egyptلسنة 2002أنه يجب اعتماد المعنى
الطبيعي والواضح للنص وتأويل اتفاقية واشنطن وفقًا ألهدافها وموضوعها .وبالتالي ،فإن المس تثمر
المتمتع في الوقت نفسه بالجنسية المصرية واألمريكية ال يمكنه رفع دعوى لدى المركز ضد دول ة
مصر ألن المادة 25تستبعد صراحة أن يكون المستثمرالمدعي حامًال لجنسية الدولة المضيفة الطرف
في النزاع ونظرًا أن هدف اتفاقية ICSIDهو فّض النزاعات المتعلقة باالس تثمارات الدولي ة وليس
الوطنية .ولم يأخذ المحكمون بعين االعتبار أن الرابطة القانونية بين المستثمر ودولة مصر (الجنسية
المصرية) تبدو ضعيفة وشكلية ،نظرًا ألنه ليس له "عالقة فعلية" بمصر ،وأنه باستثناء جواز الس فر
المصري ليس للمستثمر أية مصالح بمصر باإلضافة إلى أن مقر إقامته الدائمة ومصالحه وغيره ا
راسخة في الواليات المتحدة .لذا لم يتمسك المحكمون في هذه القضية وفي قضايا أخ رى بمفه وم
"الجنسية الفعلية" الذي أخذ به فقه قضاء محكمة العدل الدولية في 1955ابتداءا من قضية نوتيب وم
.Nottebohm
ب -يتسم ازدواج الجنسية بطابع ثاٍن نظر فيها فقه قضاء المركزفي قضية حسين نعمان سوفراكي
Hussein Nuaman Soufrakiضد دولة اإلمارات في سنة .2002وكان المستثمر في الحالة تلك،
يحمل جنسيتين اثنين (الجنسية اإليطالية والجنسية الكندية) مختلفتين عن جنس ية الدول ة المض يفة
الطرف في النزاع (جنسية دولة اإلمارات) .وتكمن اإلشكالية في أن كندا لم تكْن طرًفا في االتفاقي ة
التي أنشأت المركز ،والتي هي شرط لرفع دعوى تحكيمية لديه .وأمام هذا الحاجز ،رفع المس تثمر
الدعوى ضد اإلمارات على أساس اتفاقية ثنائية مبرمة بين اإلمارات وإيطالي ا م دعيا أن ه يحم ل
الجنسية اإليطالية بحسب القانون الداخلي اإليطالي بما أن إيطاليا هي طرف في االتفاقي ة المنش ئة
للمركز .وقد سمحت هذه القضية وقضايا أخرى (مثل قضية ي ودورو أرمان دو أولغ وين Eudoro
Armando Olguinضد البراغواي عام )2002إلى تثبيت قواعد عدة متعلقة بجنسية الشخص
الطبيعي:
oتتمتع الدولة بالسيادة والسلطة التقديرية لمنح جنسيتها أو رفضها على أساس المعايير الي
تضبطها بكل حرية؛
لكن من ناحية أخرى يتمتع المحكمون بالص الحية المطلق ة واالس تقاللية للنظ ر في o
اختصاصهم ،وذلك على أساس المادة 41من اتفاقية المركز .وبالتالي ،في مادة الجنسية
وجميع المسائل االخرى المتعلقة باالختصاص ،ينظر المحكمون في القواعد الدولية وفي
القانون الداخلي ،بغض النظر عن القرارات التي تصدرها الهيئات الداخلية التي ال تربط
المحكمين .وقد طبق المحكمون هذا المبدأ في قضية "س وفراكي" ض د اإلم ارات ،إذ
-62-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
رفضت الهئية التحكيمية موق ف المس تثمر في أن الس لطات اإليطالي ة هي وح دها
المتخّص صة في تأويل القانون اإليطالي المتعلق بالجنسية وأن الهئية التحكيمية ملزمة بهذا
التأويل .وقد قّر ر المحكمون أن النظر في مسألة اختصاصهم تسمح لهم البّت في جمي ع
المسائل التي طرحت عليهم ،وذلك على أساس القواعد الدولية والق رارات والتنظيم ات
الداخلية المتعلقة بالجنسية ،من دون أن يرتبطوا بالتأويل الذي تعتمده السلطات الداخلية.
وأخيرًا سمح التطور في مسألة جنسية األشخاص الطبيعيين بالتوسع إلى حد ما في مفهوم الش خص
المعنوي المحمي من طرف االتفاقية الثنائية ،كما وقع تأويلها من طرف فقه القض اء التحكيمي ال ذي م ّد
الحماية إلى األشخاص الطبيعيين األجانب الذين يساهمون ،وإن كانوا أقلي ة ،في ش ركات وطني ة للدول ة
المضيفة لالستثمار .وقد سمح هذا التوسع في الحماية بقبول الدعاوى التحكميية ال تي يثيره ا األش خاص
الطبيعيين بصفتهم تلك ،ضد الدول المضيفة .وبالتالي سمح هذا التطور بالتمييز بين الشخص المعنوي غ ير
المحمي نظًر ا ألنه إما يحمل جنسية الدولة المضيفة أو ينعم بصفة المحمي في حال تمتعه بجنسية دولة أخرى
من جهة ،وبين االشخاص الطبيعيين المساهمين بغض النظر عن حجم المساهمة من جهة أخرى .وكّر س هذا
التوسع قضايا عّدة منهاCMS vs. Argentine، Enron Corporation vs.Argentine،LG vs.Argentine ، :
.Vivendi, Lanco vs. Argentineوقد أدى هذا التوسع إلى تضارب بين القرارت التحكيمية في بعض األحيان
(قضية شركة لودر Lauderضد الجمهورية التشيكية وقضية سي أم إي ضد الجمهورية التشيكية) .ويكمن
أحد أسباب هذا التضارب في أن المستثمر قام بقضتين مختلفتين ضد الدولة التشيكية :األولى بصفته ش خص
معنوي والثانية بصفته شخص طبيعي.
ويتمثل ذلك في الوقت نفسه في تكريس ّتصّو ر ليبرالي وذاتي في الوقت عينه.
إّال أّن ه وقع تجاوز هذه القاعدة بقبول األشخاص المعنويين المنتمين جزئًيا على االقل ،للق انون الع اّم
ممّثلين في المؤّس سات الّتابعة للّدولة وذلك بمقتضى قرار مصرف CSOBضد سلوافكيا سنة 1999اّلذي جاء
في أحد حيثّياته أّن »"عبارة مواطن دولة أخرى متعاقدة" في معنى الفصل ( )25فقرة ( )1ال تخضع إلعتبار
كون الّش ركة تنتمي بصفة كلّية أو جزئّية للحكومة وإّنما فقط لطبيعة األعمال المباشرة من طرف الّش ركة اّلتي
«.
تحّدد نظامها
-63-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
وهكذا اعتبرت الهيئة الّتحكيمّية أّن مفهوم المستثمر الّش خص المعنوي مضافًا إلى معنى إّتفاقّية واشنطن
يشمل الّش ركات ذات رأس المال الخاّص ،والّش ركات المراقبة بصفة كلّية أو جزئّية من طرف الّدولة شرط أن
تباشر الشركة وظائفها على أسس تجارية.
اللجوء وقد عّر فت الماّدة ( )25فقرة (– )2ب -من إّتفاقّية واشنطن أّن الّش خص المعنوي اّلذي يقوم ب
الى التحكيم ضد الدولة هو:
ّط
ب) »الشخص المعنوي الذي يحمل جنسّية إحدى الّدول المتعاقدة األخرى خالف للّدول ة ال رف في
الّنزاع في تاريخ إعطاء األطراف موافقتهم على طرح الّنزاع على الّتوفيق أو الّتحكيم .وأيضا ك ّل ش خص
معنوي يحمل جنسّية الّدول المتعاقدة الّط رف في الّنزاع في ذات الّتاريخ ،ويّتفق على اعتب اره أح د رعاي ا
الّدولة المتعاقدة األخرى وذلك بالّنظر إلى الّر قابة اّلتي تمارس عليه من قبل المصالح األجنبّية «.
ويخلص من الفقرة المذكورة أّنه يجب على الّش خص المعنوي أن يحمل جنسّية الّدول ة المتعاق دة حّتى
يتمّك ن من المثول أمام الهيئة الّتحكيمّية للمركز .غير أّن إّتفاقّية واشنطن لم تحّدد بصورة واضحة وجلّية معيار
الجنسّية .ويتجّلى الّس بب في ذلك في تعّدد الحلول المتعّلقة بتحديد جنسّية الّش خص المعنوي ،وهو تعّدد ن اجم
عن تعّدد األنظمة القانونّية السيادية الّداخلّية لكّل دولة.
ولقد أّك د على هذه الفكرة قرار شركة جنوب إفريقيا لإلسمنت الصناعي ضد السنغال SOABI Société
Ouest Africaine des Bétons Industrielsإذ جاء في إحدى حيثّياته أّن » :اإلّتفاقّية ال تضًفيرعت ّما لعبارة
"جنسّية" ما أعطى كّل دولة الّس لطة لتحديد ما إذا حملت هذه الّش ركة جنسّيتها أم ال .فالّش خص المعنوي اّل ذي
يحمل جنسًفرط ةدقاعتم ةلود ةّيا في الّنزاع على حّد تعبير الماّدة ( )25فقرة (– )2ب -من اإلّتفاقّية هو عادة
الّش خص المعنوي اّلذي له مقّر في إقليم هذه الّدولة أو تأّس س طبقا لقانون الّش ركات «حسب الّنظام الق انوني
للّدولة المعنّية.
بينما يطبق معيار المراقبة بصورة عرضّية من طرف هذه األنظمة الّداخلّية إذ تعمد بعض التشريعات
المتعّلقة بتشجيع وحماية اإلستثمار إلى الّلجوء لهذا المعيار وإعطاء الّش خص المعنوي جنسّية وظيفّية وذل ك
بغاية التوسع في الّنهوض وحماية االستثمار بخاّص ة وأّن ذات الّش خص المعنوي ال يمكن ه مب دئّيا االنتف اع
بالحقوق المضّم نة بهذه التشريعات".
أّم ا بالّنسبة إلى فقه القضاء فقد اختار المحّك مون على أال يطّبقوا فكرة تحديد الجنسّية بالّر جوع لتش ريع
الّدولة واستبدال فقه القضاء القوانين الّداخلّية بإرادة الّط رفين في تحديد الجنسّية وهو ماجاء به ق رار ش ركة
أوكوفن ضد فنزويال Aucoven c/Venezuelaلسنة 2001وقرار شركة توكيوس توكوالس ضد اوكراني ا
Tokios tokelèsc/Ukraineلسنة .2004علمًا أّن مهّم ة المحّك مين تقتصر على تفّح ص المع ايير اّل تي من
خاللها يتّم تحديد الجنسّية وتطبيقها؛ وذلك بالّر جوع إلى االتفاقيات الثنائية والتشريعات الوطنية .وفي قض ية
Tokios tokelès c/Ukraineطرحت إشكالية مهمة نظًر ا ألن المستثمر الشخص الطبيعي ،مملوك بصفة تكاد
تكون تامة لمواطني الدولة المضيفة ( 99في المائة) وهي أوكرانيا في هذه الحالة .وقد اعتبر المحكم ون أن
الشركة تعتبر أجنبية (من منظور المادة 25من اتفاقية واشنطن) نظًر ا ألن االتفاقية الثنائي ة بين أوكراني ا
وليتوانيا تعًقفو ايناوتيل ميلقا يف هؤاشنا عقو نايك لك" هنأب يناوتيللا يونعملا صخشلا فّر ا لقوانينه وتنظيماته"
أي بغض النظر عن ملكية رأس مال الشركة .وقبلت أغلبية أعضاء المحكمة اختصاصها على أس اس إرادة
-64-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
الّط رفين في تحديد الشخص المعنوي المحمي من طرف االتفاقية الثنائية .وقد أدى هذا القرار الى رفض شديد
من طرف رئيس المحكمة الذي قدم استقالته مبررًا خطوته تلك بأولية تطبيق اتفاقية ICSIDالمركز ال دولي
لتسوية منازعات االستثمار في مادتها 25التي تنظم فض النزاعات المتعلقة باالستثمار األجنبي دون غيره.
يتعّلق الّش رط األّو ل باّتفاق األطراف ،في حين يتمّثل الّثاني في مراقبة الّش خص المعن وي من ط رف
المصالح األجنبّية.
وإثر الغموض اّلذي يعتري الماّدة ( )25فقرة (– )2ب -تطرح اشكالية م ا إذا ك ان ش كل اّتف اق
األطراف لمنح الّش خص المعنوي المنتمي للقانون المحّلي جنسّية الّدولة المتعاقدة األخرى كتابّي ا أو ش فهّيا،
صريحا أوضمنّيا؟
بالّتأّم ل في الماّدة ( )25من إّتفاقّية واشنطن نالحظ أّن تبادل رضى األطراف يفترض في حالتين:
-1إخضاع الّنزاع الّناشئ بين األطراف إلختصاص المركز؛
-2إكتساب الّش خص المعنوي المنتمي للقانون المحّلي الجنسّية األجنبّية نظرًا للرقابة االجنبية عليه.
وكحّل للمشكلة المطروحة أخضع محّر رو االّتفاقّية في الحالة االولى بصفة صريحة رضا األط راف
إلى وجوب الّش كل ،إذ يجب أن يكون كتابة .أّم ا في ما يتعّلق بالحالة الّثانية ،فقد التزموا الّص مت ّم ا أفض ى
إلى اعتبار أّن الرضى الّض مني لتحديد الجنسّية باإلٍفاك قافّت ،وقد تبّينت الممارسة القضائّية للمرك ز ه ذا
اإلّتجاه وحرصت الهيئات الّتحكيمّية على تطبيقه إذ أكّدت عدة قرارات بأّن إّتفاق األط راف ال يخض ع ألّي
واجب شكلي لذلك يكفي لقيامه النّية المشتركة لألطراف(.)35
وال يمكن لمثل هذا اإلّتفاق أن يتحّقق إّال بوجود شرط المراقبة من طرف "مصالح أجنبّية" حّتى يمكنن ا
اعتبار الشركة الطرف في الّنزاع شركة أجنبّية.
إذا ،فالعنصر الخارجي في شرط المراقبة ضرورّي يفرضه فقه قضاء المركز ICSIDالدولي لتس وية
منازعات االستثمار لغاية الّتوسيع في اختصاص المركز ليشمل الّنزاعات الّناشئة بين الّدولة المتعاقدة وشركة
تحمل جنسّيتها.
35
سنة1983 قرار شركة أمكو آسيا Amco asiaضد إندونيسيا سنة 1983وشركة كلوكنر Klocknerضد الكاميرون ()
وشركة منتجات فاكيوم سولت Vacuum Salt Productsضد غانا سنة .1994
-65-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
لكّن اإلشكال المطروح يخّص غياب تعريف مفّص ل للمراقبة سواء في األعمال الّتحض يرّية الّتفاقّي ة
واشنطن أو بالّر جوع لفقه القضاء ما أّدى بالمحّك مين إلى االجتهاد وإلى اعتماد جملة من المعايير من أهّم ها:
-1حيازة جزء من الحصص للّش خص المعنوي؛
-2المشاركة في هياكل التّس يير.
يؤدي الزمان دورًا هاًّم ا في المجال القانونّي عامة وقانون االستثمار بخاصة .ويولى الفقه وفقه القضاء
اهتمامهما بمختلف جوانب العالقة القائمة بين عامل الّز من والقاعدة القانونية ال تي تخض ع إلى جمل ة من
المبادئ والقواعد األساسّية اّلتي تساعد على حّل مختلف المسائل المتشابكة اّلتي من ش أنها أن تط رأ أثن اء
تطبيق الّنّص القانوني.
ومن هذه المبادئ والقواعد األساسّية تجدر اإلشارة إلى مبدأ عدم رجعّية القوانين ونجاعة الق انون في
الّز مان وتعاقب مبادئ القانون الّدولي وقواعده في الّز مان واالختصاص الّز مني والقانون االنتق الي وتن ازع
القواعد القانونّية في الّز مان وغيرها.
أنها أن وتجدر المالحظة في هذا الّس ياق أُي دق تاحلطصملا هذه فيظوت ّنفصح عن ّص عوبات من ش
تعتري تطبيق القاعدة القانونية في الٍضامو رضاح ىلإ مسقني يذلا نامّز ومستقبل.
بناء على ذلك ،ال يخلو عامل الّز من من أهّمّية في القانون ال ّدولي لالس تثمار وبخاّص ة في نط اق
المعاهدات الّثنائّية التي تبرمها الّدول في ما بينها بهدف حماية المستثمرين األجانب وتش جيعهم ،إذ يّتص ل
عامل الّز من بصورة مباشرة بمراحل تكوين المعاهدة ،وتعديلها وانقضائها .وللّتدليل على ذلك ،يمكن الّر جوع
مثًال إلى تاريخ الّتفاوض وتاريخ اإلبرام ودخول المعاهدة حّيز الّنفاذ وآثارها في الّز مان إض افة إلى ت اريخ
انتهاء العمل بها ،علمًا أن المعاهدة الثنائّية كما تمت اإلشارة إلي ه ،هي من أهّم مص ادر الق انون ال ّدولي
لالستثمار والمصدر الّر ئيسي اّلذي يحّدد اختصاص الهيئات الّتحكيمّية في الزمان.
وفي الحقيقة لم تشغل مسألة تطبيق أحكام المعاهدات الثنائّية لالستثمار في الّز مان اهتم ام الفقه اء من
قبل (إذ باتت مصدر اهتمام حالي) .وال تقتصر عملّية البحث في عالقة الّز من بأحكام المعاه دة الثنائّي ة في
ماّدة القانون الّدولي لالستثمار على المسائل اّلتي يطرحها مبدأ عدم رجعّية القوانين ،وإّنما تتجاوزها لتض بط
بقّية المبادئ األساسّية األخرى كمثل :تاريخ دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ وتجديد المعاهدة وانقض اء المعاه دة
وآثار انقضائها .ونتج عن ذلك مجموعة من الّنظرّيات من أهّم ها:
-1نظرّية األسباب التي تقوم على مبدأ عدم الّر جعّية والّتطبيق الّر جعي للقاعدة القانونّية؛
-2نظرّية الحقوق اّلتي تفضي إلى بقاء الحّق والّتفرقة بين الحّق المكتسب والحّق غير المكتسب؛
-3نظرّية األفعال واألوضاع اّلتي تقوم على تحديد الفعل المستمّر والفعل المنجز.
ولكّن الّنقاشات اّلتي أثيرت بشأن هذه المسائل لم تكن واضحة بالقدر الكافي ما فس ح المج ال أم ام
الهيئات الّتحكيمّية المنتصبة بخاصة في ظّل المركز الّدولي لحّل الّنزاعات المتعّلقة االس تثمار لت ؤدي دوًر ا
مهّم ًا في توضيح الحلول من خالل تكريس مختلف المبادئ والقواعد األساس ّية لتط بيق المعاه دة الثنائّي ة
-66-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
يرت المتعّلقة بتنمية وحماية االستثمار في الّز مان ،وذلك عن طريق البّت في مجموعة من الّدعاوى التي أث
أمام الهيئة ،فأفرزت جملة من القرارات ساهمت في إثراء القانون الّدولي لالستثمار.
وتكمن أهمية هذا الموضوع في ماّدة القانون الّدولي لالستثمار في إثارة الّتساؤالت األساسية الّتالية:
هل يمكن تطبيق المعاهدة الثنائّية على العملّية االستثمارّية الّناشئة قبل دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ؟
وهل يمكن الحديث عن مبدأ الّر جعّية (أي التطبيق في الماضي) في ماّدة المعاهدات الثنائّية؟
هل يمكن تطبيق المعاهدة بعد نهاية العمل بها؟
كيف يمكن للّز من أن يؤّم ن الّتوازن واالستقرار في إطار المعاهدة الثنائّية؟
وفي النهاية ،إلى أّي مدى يمكن تطبيق المعاهدات الثنائّية المتعّلقة بتنمية االستثمار وحمايته في الّز مان؟
ولتطبيق المعاهدات الثنائّية في الّز مان ،يبدو أّنه من المهّم أن نمّيز بين تطبيق المعاهدة قب ل دخوله ا
حّيز الّنفاذ وتطبيقها بعد نهاية العمل بها.
وقد أّيدت الهيئات الّتحكيمّية هذا التمييز في العديد من القرارات الّص ادرة عنها حديثًا من بينها :ق رار
إيروبريجيلو )37(Irupregiloوقرار ساليني .)38(Saliniواعتبرت أّن الّتصريح باختصاصها الحكمي يقوم على
أساس الّتفرقة بين تطبيق شروط اختصاصها في الّز مان أّو ًال ،وتطبيق البنود المتعّلق ة بقواع د األص ل في
الّز مان على جملة اإلخالالت المزعومة من طرف المّدعية ثانيا.
المعاهدة المتعّلقة بضمان االستثمارات المبرمة بين اليونان وألبانيا بتاريخ 1آب/أغسطس 1991والّداخلة حّيز الّنف اذ () 36
يقتضي تطبيق شروط اختصاص الهيئة الّتحكيمّية في الّز مان أمرين :أّو لهما أن تفحص الهيئ ة إذا م ا
كانت المعاهدة الثنائّية تغّط ي العملّية االستثمارّية اّلتي تحّققت قبل دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ (أ) وثانيهم ا أن
تتثّبت من الّتاريخ اّلذي من خالله يتمّتع المستثمر األجنبي بتوافر شرط الجنسّية حّتى يصّح له المث ول أم ام
الهيئة ،إذ ال يجوز أن يتمّتع المستثمر بجنسّية الّدولة الخصم نفسها(ب).
.1تغطية المعاهدة الّثنائّية للعملّية االستثمارّية الّناشئة قبل دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ
ة جاء في جملة القرارات الّص ادرة عن الهيئة الّتحكيمّية أن المدة هي أحد الّش روط اّلتي تؤّس س العملّي
االستثمارّية على معنى معاهدة واشنطن (.)39()1965
وتبتدئ المّدة ،عاّم ة ،بحسب أغلبّية المعاهدات واالّتفاقّيات الثنائّية منذ تاريخ دخول المعاهدة أو االّتفاق،
حّيز الّنفاذ إلى تاريخ نهاية العمل بها .وتتراوح هذه المّدة من خمس إلى عشرين سنة.
ا ويستخّلص من ذلك أّن المعاهدة ال تطّبق -مبدئّيا -إّال على العملّيات االستثمارّية الّناشئة بعد دخوله
حّيز الّنفاذ ،مستبعدة في ذلك العملّيات الّناشئة قبل ذلك الّتاريخ .
لكن في أغلب األحيان تنّص المعاهدات الثنائّية على أّن تطّبق على العملّيات االستثمارّية اّلتي تنشأ بعد
دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ أو حّتى قبلها(.)40
أّن الحماية التي توّفرها المعاه دة ق د تغّط ي العملّي ات وأّك دت الهيئة الّتحكيمّية في عّدة قرارات
()41
هل يجيز لنا ذلك الّتنصيص تطيبق المعاهدة تطبيقًا رجعّيًا على اإلخالل المزعوم من ط رف الجه ة
المّدعية واّلتي حصلت في الماضي؟
39
يراجع قرار: ()
Consorzio Groupment Lesi – Dipenta C./ République Algérienne Démocratique et Populaire, aff. CIRDI (N° ARB/03/8), décision
sur la compétence du 10 janvier 2005, Gazette du Palais, N° 3, 2005, p. 39.
40
يراجع :المادة الثاني من الفقرة الثانية من المعاهدة المبرمة بين المملكة اإلسبانّية والشيلي ،مرجع سابق. ()
-المادة الثاني من الفقرة الثانية من معاهدة تنمية وحماية االستثمار المبرمة بين المملكة اإلسبانّية ودول المكس يك المّتح دة
بتاريخ 23حزيران/يونيو 1995والّداخلة حّيز الّنفاذ بتاريخ 18كانوناألول/ديسمبر .1996
41
يراجع القرارات التالية: ()
- Génération Ukraine Inc c/Ukraine, aff. CIRDI, (N° ARB/00/9), décision sur la compétence du 16 septembre 2003, disponible en
ligne in the Américain Society if International Low (ASIL) < http://www.asil.org/ilm/Ukraine.pdf >[Generation Ukraine].
- Técricas Medioambientels Tecured Sac/ Etats-Unis du Mexique, aff. CIRDI (N° ARB (AF) /00/2) du 29 mai 2003, disponible en
ligne in: http://www.worldbenk.org/iscid/ceses/awards.html.
- Victor Pey Cassado et Fondation « Présidente Allende » C/ République du Chili, aff. CIRDI (N° ARB/98/2) du 08 mai 2008
http://www.elclain.cl/fpa/pdf/20080422fr.pdf .
-68-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
استقّر ت الهيئة الّتحكيمّية على وجوب تأويل هذه المادة تأويًال ضّيقا وإّال اعتبر اإلخالل به ذا الّتأوي ل
بإجازة الّتطبيق الّر جعي لقواعد األصل مخالفا لما جاء في الماّدة ( )28من معاهدة فيينا لق انون المعاه دات
الّدولّية (.)42()1969
وتجدر المالحظة أّن الهيئة قامت بإقصاء مبدأ عدم الّر جعّية من مجال تطبيق "ش رط الّدول ة األولى
بالّر عاية" واعتبرت أّن مبدأ الّر جعّية مبدأ مهم يهمّ بصورة خاص ة حي اة المعاه دة وليس امتي ازًا يمنح
للمستثمر.
.2تاريخ التمّتع بشرط الجنسّية على معنى المعاهدة الثنائّية لترويج االستثمار وحمايته
يختلف شرط التمّتع بالجنسّية في المعاهدات الثنائّية عن نظيره في الماّدة ( )25من معاهدة واش نطن (
،)1965إذ إنه خالًفا لهذه الماّدة ،لم تضبط المعاهدة الثنائّية تاريخ تقدير شرط تمّتع المستثمر بالجنسّية .لذلك
ارتأينا األخذ بالحلول اّلتي تبّنتها الماّدة ( )25من معاهدة واشنطن (.)1965
فقد مّيزت هذه الماّدة بين حالتين :جاءت األولى في الفقرة الثانية -أ -وتتعّلق بتمّتع المستثمر الّش خص
الّط بيعي بشرط الجنسّية اّلذي يتحّدد بتاريخ تبادل الّط رفين الرضا على القيام بالّدعوى أمام الهيئة الّتحكيمّي ة
للمركز الّدولي لحّل الّنزاعات المتعّلقة باالستثمار ( )ICSIDأو تاريخ تسجيل العريضة( .)43وأّيدت الهيئة هذه
الّتواريخ في ما أصدرته من قرارات حّتى تقّر ر بأّنها مختّص ة حكمّيا في الّنظر في هذه الّدعاوى(.)44
أّم ا الّثانية( )45فإّنها تّتسم بالّليونة ،إذ أّن شرط توافر الجنسّية لدى المستثمر الّش خص المعنوي ال يتحّقق
إّال بتاريخ إعالن المستثمر عن رضاه عن القيام أمام الهيئة ولم تقدم هذا الحّل إّال بعض الق رارات وأهّم ه ا
قرار شركة فاكيوم سولت ضد غانا .)46(Vaccum Salt c/Ghana
42
تنص المادة 28على مبدأ عدم رجعية المعاهدات" :ما لم يظهر من المعاهدة قصد مغاير أو يثبت خالف ذلك بطريق ة ()
أخرى ال تلزم نصوص المعاهدة طرفًا فيها بشأن أي تصرف أو واقعة تمت ،أو أية حالة انتهى وجودها قبل تاريخ دخول المعاه دة ح يز
التنفيذ بالنسبة لذلك الطرف".
43
تنص المادة 2-25أ" ويقصد بعبارة "أحد رعايا الدولة المتعاقدة األخرى" ما يلي: ()
كل شخص طبيعي يحمل جنسية إحدى الدول المتعاقدة األخرى خالف الدولة الطرف في النزاع ،في تاريخ إعطاء األطراف موافقتهم على
طرح النزاع على التوفيق أو التحكيم ،وأيضا في تاريخ تسجيل الطلب طبقا للمادة 28/3أو المادة ،36/3مع استبعاد أي ش خص ك ان
يحمل في هذا التاريخ أو ذاك جنسية الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع".
44
يراجع القرارين الّتاليين: ()
- Victor Ley Cassado et Fondation « Présidente Allende » C/ La République du Chili.
- Hussein Nuamen Soufreki C/ Les Emirats arabes – Unis, aff. CIRDI (N° ARB/0217), Sentence arbitrale du 07 juillet 2004, http://it
a.Law.Uvic.ca[Soufaki].
)- V. commentaire Khayat (D), « Centre International de Règlement des différents relations aux investissements, CIRDI », (17.2
RQDI, 2004, pp. 234-238.
45
تنص الفقرة الثانية -ب -من الماّدة ( )25من معاهدة واشنطن" كل شخص معنوي يحمل جنسية إحدى الدول المتعاقدة ()
األخرى خالف الدولة الطرف في النزاع ،في تاريخ إعطاء األطراف موافقتهم على طرح النزاع على التوفي ق أو التحكيم .وأيًض ا ك ل
شخص معنوي يحمل جنسية الدول المتعاقدة الطرف في النزاع في ذات التاريخ ،ويتفق على اعتباره (أحد رعايا الدولة المتعاقدة األخرى)
بالنظر إلى الرقابة التي تمارس عليه من قبل المصالح األجنبّية".
-69-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
وتجدر المالحظة في هذا الّس ياق أّن الماّدة ( )25في فقرتها (– )2ب -كانت صريحة إذ إنه مهما كانت
حالة المراقبة قبل نشوب الّنزاع أو بعده ،يبقى تاريخ تقدير جنسّية المستثمر الّش خص المعنوي جائزًا وفق ما
جاءت به تلك الماّدة وذلك غير قابل ألي تأويل.
لئن تمّيز تطبيق هذين الّش رطين في الّز مان ببعض الّص عوبات الّتطبيقّية ،إّال أّنهما يبقيان أكثر وضوحًا
ودّقة إذا ما قّر رنا تطبيق قواعد األصل في الّز مان.
في أغلبية األحيان ،تبقى مسؤولّية الّدولة المضيفة مرتبطة بالّز من اّلذي ارتكب في ه اإلخالل ،وعلي ه
تطّبق قواعد األصل المنصوص عليها في المعاهدة وجوبًا حال حصول اإلخالل اّل ذي ال يك ون إّال الحًق ا
لدخول المعاهدة حّيز الّنفاذ.
هكذا تتحّدد مسؤولّية الّدولة المضيفة انطالًق ا من مسألتين تكمن أوالهما في الّتساؤل عن م دى كفاي ة
نشوب الّنزاع الّال حق لدخول المعاهدة حّيز الّنفاذ في تمكين الهيئة من تطبيق قواعد األصل بص فة رجعّي ة،
وثانيهما في معرفة هل تطّبق قواعد األصل على جميع اإلخالالت الّس ابقة لدخول المعاهدة حّيز الّنفاذ.
-1على غرار بقّية المحاكم الّدولّية مثل محكمة العدل الّدولّية والمحكمة األوروبّية لحق وق اإلنس ان،
كّر ست الهيئة الّتحكيمّية المنتصبة في ظّل المركز الّدولي لحّل الّنزاعات المتعّلقة باالس تثمارات مب دأ ع دم
الّر جعّية ،وهو مبدأ عاّم أساسّي يهّم تطبيق القاعدة في المستقبل ،بمعنى أّن القانون ال يسري على الوقائع اّلتي
تحدث قبل نفاذ المعاهدة.
وقد أخذت جميع التشريعات الّداخلّية بهذا المبدأ .فكانت فرنسا من أوائل الّدول التي أقّر ت بهذا المبدأ إذ
نّص الفصل ( )2من المجّلة المدنّية الفرنسّية على أّن مبدأ عدم الّر جعّية "ال يسري إّال على المستقبل فليس له
أثر رجعّي " وكذلك كّر سته مختلف الّنصوص الّدولّية وعلى رأسها معاهدة فيينا لقانون المعاه دات ()1969
ضمن الماّدة ( .)28ويعّد مبدأ عدم الّر جعًطرش ةّيا الزًم ا لتحقيق العدالة واالستقرار.
وفي ماّدة القانون الّدولي لالستثمار ،اعتبرت الهيئات الّتحكيمّية أّن غياب قاعدة قانونّية صريحة صلب
المعاهدة الثنائّية تقضي بتطبيق المفعول الّر جعي ،يفيد بأّن الّدول المتعاقدة ال تنوي إّال فّض الّنزاعات الّالحقة
لدخول المعاهدة حّيز الّنفاذ .وجاء في قرارين :قرار شركة تريدكس هالس )47(Tradex Hellasوقرار شركة
فيكتور باي Victor Peyرفض تطبيق المفعول الّر جعي للمعاهدات الثنائّية باعتبار أّن الّص ياغة في المستقبل
46
يراجع القرار التالي.Vaccum Salt Product c/ Ghana (1994), aff. CIRDI (N° ARB/92/1) -: ()
47
( ) يراجع قرارsociété Tradex Hellas SA c/ La République d’Albanie, aff. CIRDI (N° ARB/94/2) 24 décembre 1996, - :
).Journal du droit international, N° 1, 2000, p. 149 et s. (observations E. Gaillard
-70-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
تبقى عالمة مهمة النعدام تطبيق قواعد األص ل على الوق ائع ()49
لقواعد األصل( )48ولقاعدة فّض الّنزاعات
الّس ابقة لنفاذ المعاهدة.
إذا فإّن تطبيق المفعول ال ّر جعي للقاع دة القانونّي ة على وق ائع س ابقة ل دخول المعاه دة حّي ز
الًبوجو مزلتسي ذافّنا وجود نّص صريح وواضح إذ ال يكفي مجّر د نشوب نزاع الحق لنفاذ المعاهدة الثنائّي ة
.
ليجوز للهيئة تطبيق قواعد األصل لفّض الّنزاع.
-2قامت الهيئة الّتحكيمّية بعملّي ة بحث دقيقة لتطبيق قواعد األصل فكانت البداية في محاوالت تحديد
تاريخ حصول الّنزاع.
يمّثل الّنزاع نتيجة لسلسلة من األحداث حيث يبتدأ بالّتعبير عن الخالف ثّم بيان االختالف في وجه ات
الّنظر ،وتكتسب بالّتالي لهذه األحداث مع مرور الًىنعم نمّز قانونيًا دقيقًا ،وذلك من خالل صياغة العرائض
القانونّية ،ومناقشتها وأخذ القرار فيها بالّر فض أو الخطأ في تصّر ف الّط رف المقابل.
ولدى التأّم ل في الّتطبيقات القضائّية ،قد تالحظ كثرة القرارات الّص ادرة في هذا الميدان م ع االختالف
في الحلول والّر ؤى فكان من أهّم ها قراران :قرار مافيزيني )50(Maffeziniوقرار تري ديكس هالس Tradex
.Hellas
ئت ثّم تّو جت هيئة الّتحكيم مسألة تحديد تاريخ نشوب الّنزاع بمسألة ضبط الّنزاعات الّال حقة التي أنش
قبل دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ.
وفي هذا الّس ياق يحتاج الفعل غير المشروع إلى مّدة زمنّية معّينة لكي ينشأ ،وبناء على الفصلين ()14
و( )15من مشروع ّلجنة القانون الّدولي ( )Comité de Droit Internationalالمتعّلق بمسؤولّية الّدول على
األفعال غير المشروعة دولّيا ،مّيزت هيئات الّتحكيم بين نوعين من األفعال:
-األّو ل :نّص عليه الفصل ( )14ويتعّلق باألفعال المستمّر ة غير المشروعة إذ بخالف األفعال اآلنية
غير المشروعة تقوم هذه األفعال على االمتداد في الّز من ويظّل خاللها االلتزام غير مطابق لما ج اءت ب ه
المعاهدة ،على أن تكون الّدولة مرتبطة بذلك االلتزام خالل تلك المّدة.
ولقد عرفت األنظمة القانونّية الّداخلّية هذا الّنوع من األفعال ولم تدخل في إطار القانون الّدولي إّال عن
طريق اعتمادها من طرف محكمة العدل الّدولّية إلى جانب المحكمة األوروبّية لحقوق اإلنسان ،إذ قامت هذه
48
( ) يراجع القرار الواقع ذكره سابقا.Victor Pey Cassado et Fondation « Président Allende » C/ La République du Chili - :
49
يراجع القرار الّس ابق.Tradex Hellas SA c/ Albanie - : ()
50
يراجع قرارEmilio Augustin Moffezini c/ Espagne, aff. CIRDI (N° ARB/97/7) du 30 octobre 1997, sentence : ()
.du 9 Novembre 2000
-71-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
األخيرة بتطبيق مفهوم الفعل المستمّر غير المشروع لتحديد اختصاصها الّز مني في سلسلة من الق رارات من
بينها :قرار بابامي –شالوبولوس )51(Papami – Chalopoulosوقرار لويزيدو .)52(Loizidou
لكن تجدر اإلشارة في هذا المجال إلى أّن التفرقة بين الفعل الحال غير المشروع والفعل المستمّر غير
المشروع ،تبقى نسبّية باعتبار أّن هذا الفعل المستمر نفسه يمكن أن ينتهي.
-الّثاني :نّص عليه الفصل ( )15ويتعّلق باألفعال المرّك بة غير المشروعة وهي مجموعة من األفعال
المتتابعة غير المشروعة وتتمّيز بالغرض نفسه وبالّط بيعة نفسها.
وقد تطّر قت هيئات الّتحكيم إلى هذه المسألة في قرار فيكتور باي .Victor Peyوأتت البراهين اّل تي
قّدمتها واضحة وتمّك ن بالقدر الكافي من الّتمييز بين هذه األفعال ،وكانت قد اعتمدت في ذلك بخاّص ة على فقه
قضاء المحاكم الّدولّية األخرى (المحكمة األوروبّية لحقوق اإلنسان) ّم ا يزيد في تث بيت رؤى هيئ ة الّتحكيم
والحلول اّلتي تكرسها لفرض الحماية على المستثمر األجنبي.
وتعتبر نهاية العمل بالمعاهدة عملّية معّقدة نسبّيًا ،لذلك سعى محّر رو المعاهدات الّثنائّية لالس تثمار إلى
تنظيمها تنظيًم ا محكًم ا ،فخّص صوا لها األحكام النهائية للمعاهدات وشًدونب اوعّرا تمّيز بين نهاية المعاهدة إّم ا
بإرادة أحد األطراف المتعاقدة أو ما يعّبر عنه بـ"الّتبليغ" أو نقض المعاهدة بإرادة الدولة الطرف( )53أو بحلول
األجل.
بيد أّن ه يمكن لألطراف مواصلة العمل ببنود المعاهدة فتبقى المعاهدة نافذة على الرغم من حلول األجل،
وهو ما يعّبر عنه بـ"الّتجديد" ومن األمثلة في ذلك نذكر:
-المادة ( )13من االّتفاقّية الثنائّية المتعّلقة بتنمية وحماية االستثمار المبرمة بين جمهورّي ة الّص ين
الشعبّية وجمهورّية بنين( .)54وتنّص هذا المادة في فقرتها الّثانية على أّن هذا االّتفاق "يبقى ساري المفعول مّدة
عشر سنوات وتظّل المّدة تتعاقب للفترة نفسها (أي عشر سنوات) إلى أن يبادر أحد األطراف المتعاقدة بإعالم
الّط رف اآلخر كتابة بفسخ االّتفاق ،وذلك يتّم خالل سّتة أشهر قبل نهاية المّدة".
51
Papami Chalopulos et autres c/ Grèce, C.E.D.H, série يراجع القرار الّص ادر عن المحكمة األوروبّية لحقوق اإلنسان: ()
).A, n° 260 B (1993
52
يراجع في المسألة نفسها قرار.Loizidou C/ Turquie, fond, C.E.D.M, recueil 1996, VI, p. 2216 : ()
53
نتحّدث عن الّتبليغ في إطار المعاهدات الثنائّية وعن الّس حب في إطار المعاهدات ذات األطراف المتعّددة ()
54
تّم توقيعه في 18شباط/فبراير .2004 ()
-72-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
ر -المادة ( )14من المعاهدة الثنائّية لتشجيع وحماية االستثمار المبرمة بين حكومة جمهورّية الجزائ
الشعبّية الّديمقراطّية وحكومة دولة اإلمارات العربّية المّتحدة (.)55
الّتبليغ؛ (أ)
اّدة ( )56من إّن الّتبليغ تصّر ف يصدر عن أحد الطرفين بهدف وقف العمل ببنود المعاهدة طبقا للم
معاهدة فيينا( ،)56إًينمض اّما أو صراحة ،وهو ما جاءت به جملة من المعاهدات من بينها:
-المادة ( )10من االّتفاقّية الثنائّية بين الجمهورّية الفرنسّية والجمهورّية التركّية 57.وقد نّص ت الفق رة
الثانية من هذه الماّدة على أّنه تّم توقيع هذا االّتفاق لمّدة أولى تستمر عشر سنوات ،إال أن االتقاق يبقى م ع
ذلك ساري المفعول حّتى بعد حلول األجل ،ما لم يبادر أحد األطراف المتعاقدة بالّتبليغ بالّط رق الدبلوماس ية
مع إشعار سابق بسنة.
وقد يكون الّتبليغ ضمنّيا من خالل الّنظر في "نّية األطراف" أو "طبيعة المعاهدة" وقد نّص ت المادة ()14
في فقرتها األولى من المعاهدة الثنائّية المبرمة بين جمهورّية الجزائر ودولة اإلمارات العربّية المّتحدة (آنف ة
الّذ كر) على أّنه ال يمكن لهذه المعاهدة أن تكون محّل "تبليغ" إّال إذا أعلم أحد األط راف المتعاق دة الّط رف
اآلخر كتابة سنة قبل وقف فترة العمل األولى بالمعاهدة أو ما يليها من الفترات "بنّيتها" في وضع نهاية له ذه
المعاهدة.
ويخضع الّتبليغ لجملة من الّش روط القانونّية الخاّص ة وذلك لهدفين اثنين :أّو لهما وضع حّد للّنتائج اّلتي
قد تترّتب عن األعمال األحادية الجانب؛ وثانيهما منع القيام بهذا الّتصّر ف بصورة تعّس فّية.
55
تّم توقيعه في 24نيسان/أبريل 2001بالجزائر. ()
56
المادة : 56نقض أو االنسحاب من معاهدة ال تتضمن نصًا ينظم االنقضاء أو النقض أو االنسحاب ()
-1ال تكون المعاهدة التي ال تحتوي على نص بشأن انقضائها أو نقضها أو االنس حاب منه ا خاض عة للنقض أو
االنسحاب إال:
(أ) إذا ثبت أن نية األطراف قد اتجهت نحو إقرار إمكانية النقض أو االنسحاب؛ أو
(ب) إذا كان حق النقض أو االنسحاب مفهومًا ضمنًا من طبيعة المعاهدة.
-2على الطرف الراغب في نقض المعاهدة أو االنسحاب منها عمًال بالفقرة ( )1أن يفصح عن نيته هذه بإخطار مدته
أثنى عشر شهرًا على األقل.
57
تّم توقيعه في 16حزيران/يونيو 2006في أنقرة. ()
58
تّم توقيعه في 15كانون األول/ديسمبر .2005 ()
-73-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
-2تحديد الّتاريخ اّلذي بمقتضاه يصبح الّتبليغ ممكنًا :أصّر ت أغلبية المعاهدات الثنائّية على تحديد هذا
الّتاريخ لعّدة أسباب ،أهّم ها سببان .يكمن أُملا باستحا يف امهلّودة اّلتي تكون نقطة بدايتها هذا الّتاريخ .ونقصد
بذلك مّدة اإلشعار .أما ثانيهما فيكمن في الّنطق بتمديد المّدة في حال انعدام الّتبلي غ .وعلي ه فق د أب رمت
المعاهدات الثنائّي ة لفترات متفاوتة تتراوح في أكثر الحاالت بين خمس وعشرين سنة ما عدا االّتفاقّية الثنائّي ة
المبرمة بين سويسرا وسنغفورة وقد أبرمت لمّدة ال تتجاوز أربع سنوات.
-المادة ( )14من الفقرة األولى من المعاهدة الثنائّية المتعّلقة بتشجيع االستثمار وحمايته والمبرمة بين
الجزائر واإلمارات العربّية المّتحدة لمّدة عشرين سنة.
-3تع يين م ّدة اإلش عار :إّن اإلش عار واجب تل تزم بمقتض اه الّدول ة المبّلغ ة في
مًرهش رشع ينثاو رهشأ ةتس نيب حوارتت ةّدا بإبداء رأي مسّبق كتابة بعد تسّلم اإلعالم من ط رف "األمين".
فال يترّتب عن الّتبليغ أّي أثر إّال بعد حصول هذا اإلجراء الهاّم .ويكفي لذلك ،الّتذكير بالبنود الّتالية:
-المادة ( )13من الفقرة الّثانية من االّتفاقّية الّثنائّية المتعّلقة بتنمية االستثمار وحمايت ه والمبرم ة بين
الّص ين وبينين (ستة أشهر).
ة بين -المادة ( )10من الفقرة األولى من االتفاقية الثنائّية المتعّلقة بتنمية االستثمار وحمايته والمبرم
فرنسا وتركيا (عشرة أشهر).
تثمارّية غير أّن الّس ؤال اّلذي يفرض نفسه في هذا الّس ياق يتمّثل في معرفة :ما هو مآل العملّيات االس
الّناشئة قبل نهاية العمل ببنود المعاهدة.؟
لم يتجاهل محّر رو المعاهدات هذه المسألة مسألة اعتبار أّن الهدف الّر ئيسي من تشريع هذه القواعد هو
حماية مصالح المستثمرين األجانب ،لتبعث المشاريع في ظروف مالئمة وتدّع م المكان ة ال تي تحظى به ا
المعاهدة الثنائّية في القانون الّدولي لالستثمار .وهكذا ،جاءت المحافظة على البنود المّتصلة بحماية العملّي ات
االستثمارّية قبل نهاية العمل بالمعاهدة ،كأثر للًرمأ غيلبّتا هاًّم ا إذ نّص ْت جميع المعاهدات على ذلك ومن بينها:
-المادة ( )14من المعاهدة الثنائّية المتعّلقة بتشجيع وحماية االستثمار المبرمة بين الجزائر واإلمارات
العربّية المّتحدة اّلتي نّص ت في فقرتها الّثانية على أن تبقى بنود المعاهدة سارية المفعول لمّدة عشرين سنة من
تاريخ نهايتها على العملّيات االستثمارّية الّس ابقة لوقف العمل بالمعاهدة .فتستمّر هذه العملّيات في االستفادة من
نظام الحماية اّلذي توّفره المعاهدة ،ونتحّدث في هذا الّس ياق عن "شرط االستمرارية وبندها" .ولقد حّددت بنود
المعاهدة هذا الّش رط في الّز مان بأّنه يمتّد لفترة إضافّية تتراوح بحسب المعاهدات بين عشر وعش رين س نة
نذكر من بينها:
oالمعاهدات الثنائّي ة المبرمة بين فرنسا ومالطا؛ فرنسا وسنغفورة (لمدة عشرين سنة)؛
59
تّم توقيعه في 27كانون الثاني/يناير 2004في سانت-دومينغ ( )Saint-Domingueودخل حّيز الّتنفيذ عبر تبادل ()
المالحظات في 30أيار/مايو .2006
-74-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
ر المعاهدات الثنائّي ة المبرمة بين فرنسا واألردن؛ فرنسا ورومانيا؛ فرنسا وسورّية (خمسة عش o
سنة)؛
ّل
المعاهدات الثنائّية المتع قة بتنمية وحماية االستثمار المبرمة بين ااالتحاد الّس ويس رّي ص ربيا- o
مونتنغرو (عشر سنوات)(.)60
وقد أّدى تطبيق هذا الّش رط إلى تعزيز احترام الحقوق المكتسبة إذ تقوم طبيع ة الّتبلي غ على توقي ف
واجبات الّدولة المتعاقدة والّناتجة عن المعاهدة من ناحية ،وعلى عدم المساس بالحقوق والواجبات المكتس بة
للّدولة ولرعاياها من ناحية أخرى.
وتجدر اإلشارة في هذا الّس ياق إلى ما أفضت إليه تجربة الّدولة البوليفّية عن دما ق امت ب الّتبليغ عن
عشرين معاهدة تربطها بأكثر من دولة في الوقت الحالي ،وتتضّم ن في طّياتها شرط الرضى اّلذي يتيح له ا
الّلجوء إلى الهيئة الّتحكيمّية التي أنشأها المركز الّدولي لتسوية منازعات االستثمارات (.)ICSID
وإذا كان الّتبليغ ،في هذه الحالة ،على المستوى الّس ياسّي أقّل حبكة ،فإّنه قانونّيا أكثر تعقيدا باعتب اره
يهّم البنود اّلتي تحتوي على شرط الرضى اّلذي يؤّس س الّلجوء إلى الّتحكيم الّدولي.
وقد أثارت هذه المسألة جدًال دوليًا بالغ األهمية وانقسمت بشأنها الحلول والّر ؤى مستندة في براهينها
إلى تاريخ اإلشعار ( 3تشرين الثاني/نوفمبر .)2007
واعتبر األساتذة األنكلوسكسونّيون أّنه بحلول تاريخ 3تشرين الث اني/نوفم بر 2007تص بح بن ود
المعاهدات الثنائًدونب" ةّيا بيضاء" ال يمكن على أساسها الّلجوء إلى الّتحكيم الّدولي .غير أّن المتمّع ن في مفهوم
البنود البيضاء يجد أّنها بنود فارغة وغير كاملة ،في حين أّن هذه البنود -كم ا أق ّر سيباس تيان مانس يو
-Sébastien Manciauxليست بيضاء فهي بنود واضحة في البداية ،إال إنها أضحت غير ناجع ة بس بب
ظروف خارجّية تتعّلق بإرادة الّط رف اّلذي سحب إمكانّية الّلجوء إلى الّتحكيم قب ل أن يح وز على رض ى
الّط رف المقابل بذلك (.)61
ونتيجة لذلك ،يصبح المركز الّدولي لتسوية منازعات االس تثمار غ ير متخّص ص ،وال يبقى أم ام
المستثمر األجنبي لتسوية نزاعاته إّال الّلجوء إلى وسائل أخرى من بينها :تحكيم الغرفة التجارية الّدولّية ICC
International Chamber of Commerceأو تحكيم لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدوليUnited
،Nations Commission on International Trade Law UNCITRALأو الّلجوء إلى اآللّيات اإلضافّية لفصل
الّنزاعات التي نظمتها اتفاقية واشنطن .وتتمثل اآللّية اإلضافّية في نظام قانوني ال يخض ع لمعاه دة ICSID
ويعمل به في حال سحب أحد الّط رفين رضاه عن تحكيم المركز الّدولي لتسوية منازعات االستثمار(.)62
60
تّم توقيعه في 07كانون األول/ديسمبر 2007في بلغراد وصادقت عليه الجمعّية االتحادية في 12حزي ران/يوني و ()
2007ودخل حّيز الّتنفيذ مع صربيا عبر تبادل المالحظات في 20تموز/يوليو .2007
61
Manciaux (S.), « Nouvelles questions à propos du retrait de la Bolivie » disponible يراجع: ()
en ligne in: http://fr.group.yahoo.com/group/arbitrage-adr/message/1247.
62
انظر موقع: ()
http://icsid.worldbank.org/ICSID/FrontServlet?requestType=ICSIDDocRH&actionVal=AdditionalFacilityRules
-75-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
د أّم ا بالنسبة إلى ما قبل تاريخ 3تشرين الثاني/نوفمبر ،2007فيظّل أمام المستثمر األجنبي حّل وحي
ز ومنفرد بذاته يتمّثل في رفع دعوى أمام الهيئة الّتحكيمّية قبل ذلك الّتاريخ .وللَق ،كلذ ىلع ليلدّتِب َل المرك
ة الّدولي لتسوية منازعات االستثمار بتاريخ 2تشرين األول/أكتوبر 2007الّدعوى اّلتي رفعته ا الش ر ك
3 اإليطالية تيليكوم Telecom Italieوذلك بهدف تمكين هذا المستثمر من الّلجوء إلى الّتحكيم قب ل حل ول
تشرين الثاني/نوفمبر .2007
ولكن بعد االّط الع على مطالب المستثمر األجنبي وردود فعل الّس لطة البوليفّية ،قّر ر المركز إثر جلسة
أّو لُع ةّيقدت في 16كانون األول/ديسمبر 2007تعليق اإلجراء الّتحكيمي حّتى يتسّنى لممّثليه مزيد االّط الع
على ردود فعل الّس لطة البوليفّية.
ال يكون الّتجديد إّال في إطار المعاهدات الثنائّية المحّددة المّدة( .)63وبناء على ذلك ،يكون الّتجديد عبارة
عن اّتفاق يستمر بمقتضاه العمل ببنود المعاهدة .وينقسم إلى نوعين اثنين:
يتمّثل األّو ل في الّتجديد الّض مني للمعاهدة الثنائّية؛ وهو بمثابة اّتفاق ضمني يتواصل العمل بمقتض اه
ببنود المعاهدة رغم حلول األجل ،فتفي األطراف المتعاقدة بالتزاماتها ،وتضمن المحافظة على حقوقه ا ّم ا
يساهم في إنشاء معاهدة ثنائّية ثانية مطابقة للمعاهدة األولى.
وتنص المادة ( )13من االّتفاقّية الثنائّية المتعّلقة بتنمية وحماية االستثمار المبرمة بين الّص ين وبي نين
في فقرتها الّثانية على أن تبقى هذه االّتفاقّية سارية المفعول مّدة عشر سنوات ،وستبقى كذلك س ارية للم ّدة
نفسها لفترات متتابعة.
ّت ّث ّن
أّم ا بالنسبة إلى ال وع الثاني فيتم ل في ال جديد الّص ريح :وهو تجديد يقوم على إرادة حقيقّية لألطراف
المتعاقدة .ويأخذ الّتنصيص الّص ريح على هذا الّنوع من الّتجديد في العديد من المعاهدات الثنائّي ة ،الّص يغة
الّتالية" :تتجّدد المعاهدة بحلول األجل".
ويمتّد الّتجديد الّص ريح إلى فترات متفاوتة .ولكّن يمكن له ذا االمت داد أن يك ون متتابع ًا في بعض
المعاهدات الثنائّية ،وذلك من خالل توظيف المحّر رين لعبارات غير واضحة تجعل العدد األقص ى لف ترات
الّتجديد غير دقيق ويمسي تكييف المعاهدة الثنائّية مع المعاهدة المحّددة المّدة غير ثابت ،الّش يء اّلذي ال يجعلنا
أمام معاهدة جديدة وإّنما أمام معاهدة غير محّددة المّدة .ومن بين هذه المعاهدات الثنائّية نذكر:
-1المادة ( )14من المعاهدة الثنائّية المتعّلقة بتش جيع وحماي ة االس تثمار المبرم ة بين الجزائ ر
واإلمارات العربّية المّتحدة .فقد نّص ت الفقرة األولى منها على أّن المعاهدة تبقى نافذة لمّدة أو لمدد مماثلة.
-2المادة ( )13من االّتفاقّية الثنائّية المتعّلقة بتنمية وحماية االستثمار المبرمة بين االتحاد السويس رّي
وحكومة الجمهورّية الّدومينيكّية .فقد نّص ت الفقرة األولى منها على أّن تعتبر االّتفاقّية متجّددة في الّظ روف
نفسها لمّدة عامين وهكذا دواليك.
يقصد بالمعاهدة المحّددة المّدة :المعاهدة الثنائّية اّلتي يحّدد األطراف في الّز من مّدة سريانها وبالّتالي مّدة العالقات () 63
غير أّن االمتداد اآللي والمتعاقب للمعاهدة الثنائّية قد يمّس مصلحة المستثمر األجن بي باعتب ار أّن
مصالحه تبقى مهّددة بإمكانّية قيام الّدولة المضيفة ببعض التعديالت في تشريعاتها بهدف مواكبة التط ّو رات
االقتصادّية والّس ياسّية واالجتماعّية والبيئّية .لذلك عمدت بعض المعاهدات الثنائّية إلى فرض الّتنصيص على
"شروط استقرار" وتسًضيأ ىّما "شروط حماية".
وتتجّس د هذه الّش روط في عّدة أنواع أهّم ها التفرقة بين شروط االستقرار وشروط عدم المس اس ال تي
تناولها هوارد ويل .)64(Weil Howard
أما المقصود بشروط االستقرار فهي الشروط اّلتي تقّر ها الّدولة المضيفة للمعاهدة الثنائّية ،والغاية منها
حماية المستثمر من حاالت الّتغيير الّال حقة التي قد تطرأ على القانون ،والتي تقضي بتجميده لمّدة معّينة.
على أّن تجميد بنود المعاهدة الثنائّية لفترات معّينة من االلتزامات المتعّلقة بعامل الّز من ،من ش أنها أن
تمّس بالمسائل الحّس اسة في الّس ياسة االقتصادّية للّدولة المضيفة باعتبار أّنها تؤّدي إلى ح دوث تص ّلب في
االقتصاد.
وينقسم هذا الّتصّلب إلى نوعين بحسب الّز من اّلذي استقّر في ه الّتش ريع :يكمن األّو ل في الّتص ّلب
المتمّدد ،إذا تعّلق األمر باستقرار الّتشريع إثر دخول المعاهدة حّيز الّنفاذ .وفي ه ذه الحال ة تبقى العملّي ة
االستثمارّية الّناشئة بين عشرين وثالثين سنة خاضعة للّنظام القانوني القديم.
أّم ا الّنوع الّثاني من الّتصّلب فيكون متقًصّلا ،ويتعّلق باستقرار الّتشريع إثر قبول االستثمار من ط رف
الدولة .ويتمّيز هذا الّنوع من الّتصّلب بتجديد المّدة الزمنّية.
ولتفادي سلبّيات الّتصّلب يجب –وفقًا لألس تاذ ج يرار الفي اك Laviec Gérardتل يين ش روط
االستقرار( ،)65وذلك بتفادي تجميد كّل الّنظام القانوني للّدولة ،سواء في إثر دخول المعاهدة حّي ز الّنف اذ ،أو
بقبول بعث االستثمار ،وذلك حّتى تتمّتع الّدولة بالحّر ّية في تعديل تشريعها بحسب متطّلباتها وحاجياتها .وبهذا
يمكن لشروط االستقرار أن تكون متدّر جة.
وتجدر اإلشارة في هذا الّس ياق إلى أّن بعض المعاهدات الثنائّية المبرمة حديثًا ارتأت استبدال ش روط
االستقرار بـ"شرط الّدولة األولى بالّر عاية" وهو شرط موضوعه أن ين ال المس تثمر جمي ع االمتي ازات
والحقوق اّلتي تمنحها الّدولة المضيفة إلى دولة ثالثة.
في نهاية هذا الّتحليل ،نتبّين أّن مجال تطبيق المعاهدات الثنائّية المتعّلقة بتنمي ة االس تثمار وحمايت ه
بمرور الّز من ،ليس باألمر الهّين ،وأّن القواعد والمبادئ األساسّية اّلتي تحكم هذا المجال تعّر ضت إلى ع دد
64
Weil (P), « Les clauses de stabilisations ou d’intangibilité insérées dans les accords de développement ()64
.économique », in Mélange Ch. Rousseau, 1974, pp. 308-309
65
راجع بشأن هذه المسألة: ()
Laviec (J.P), Protection et promotion des investissements, étude de droit international économique, édition Publication de l’Institut
universitaire de Hautes études internationales, Genève et PUF, Genève, 1985, p. 264.
-77-
االّتفاقيات الثنائّية لالستثمار
من الّص عوبات الّتطبيقّية في فقه القضاء الّتحكيمي للمركز الّدولي لحّل الّنزاعات المتعّلقة باالستثمارات لحداثة
ظهورها في هذا الميدان من ناحية ،ولخصوصّية النزاع اّلتي يشترطها المركز للمثول أمام هيآته الّتحكيمّي ة
من ناحية أخرى.
واّتبعت الهيئة للفصل في الّدعاوى في محاولتها تطبيق المعاهدات الثنائّية في الّز مان اَاهاجّت استندت فيه
إلى مجموعة أعمال الفقه وفقه القضاء الّداخلي والّدولي ،واّلذي تجّس م في الّت ذكير بم ا ج اءت ب ه بعض
الّنصوص الّدولّية ،أهّم ها معاهدة فيينا لقانون المعاهدات وكذلك بعض القرارات الّص ادرة عن محكمة الع دل
الّدولّية (مثال قرار Mavrommatisو )Arubatielosوالمحكمة األوروبّية لحق وق اإلنس ان (مث ال Papami
.)Chalopoulos
كما وقد اتسمت الحلول والّر ؤى اّلتي توّص لت إليها هذه الهيئات بالجزئّية مقارنة بما توّص ل إلي ه فق ه
القضاء الّدولي .إال إن ذلك ال ينفي مطلقًا الّدور الجوهري اّلذي اض طلعت ب ه الهيئ ة الّتحكيمّي ة في فهم
الرهانات وتشخيصها والتي أّدى إليها تطبيق المعاهدات الثنائّية المتعّلقة بتنمية االستثمار وحمايت ه بم رور
الّز من.
يقتضي النطاق الجغرافي أن يخضع االستثمار المزمع حمايته وتشجيعه إلى شرط قيامه في إقليم إحدى
الدول األطراف في االتفاقية الثنائية .ويعرف اإلقليم الذي يطبق في إطاره بنود االتفاق ،بالفضاء الجغ رافي
التي تمارس عليه سيادة أو والية الدولة الطرف طبقًا للقانون الدولي .ويتكّو ن اإلقليم من ثالثة عناصر :بري
وبحري وجوي .إّال إنه في مادة االستثمار ،وألسباب منطقية ال يؤخذ عادة بعين االعتب ار إّال اإلقليم ال بري
والبحري .واألمثلة عن ذلك عديدة:
-يعرف اإلقليم في بعض االتفاقيات بصفة موّح دة ،سواء بالنس بة إلى الدول ة المض يفة أو الدول ة
المصّدرة لالستثمار ,ويكون التعريف في هذه الحالة مقتضبًا جّدا" :تعني كلمة اإلقليم إقليم الط رف المتعاق د
الذي يقع تحت سيادته بما في ذلك الجزر والبحر اإلقليمي ،والمنطقة االقتصادية الخالصة وك ذلك من اطق
الجرف القاري والمناطق البحرية األخرى التي له حق السيادة أو الوالية عليها وفًقا للقانون الدولي( ".االتفاقية
بين عمان واليمن المادة 1الفقرة )4؛
-في اتفاقيات أخرى ،تحتفظ كل دولة بتعريفها الخاص وذلك ألسباب تتعلق بموقعه ا الجغ رافي أو
لحالتها الخاصة .ولنا في ذلك مثال االتفاقية المبرمة بين البحرين ومصر المادة ( 1ﻫ) "اإلقليم":
-1في ما يتعلق بدولة البحرين :تتضمن كلمة اإلقليم دولة البحرين شاملة جزره ا والبح ر اإلقليمي
والمنطقة المتاخمة ،وأي منطقة بحرية واقعة في ما وراء البحار اإلقليمية التابعة لدولة البحرين حيث تك ون
هذه المنطقة ،أو من المحتمل أن تصبح في المستقبل مصنفة بموجب القانون الوطني لدولة البح رين ووفًق ا
للقانون الدولي بمثابة منطقة يحق لدولة البحرين ممارسة حقوقها في ما يتعلق بق اع بحاره ا وتحت س طح
تربتها ومواردها الطبيعية.
-78-
الجزء الثاني :مجال تطبيق اإلتفاقيات الثنائية لإلستثمار
-2وفي ما يتعلق بجمهورية مصر العربية :يشمل اإلقليم األراضي الواقعة داخ ل الح دود الدولي ة
لجمهورية مصر العربية والمياه الداخلية والبحر اإلقليمي والجرف القاري والمنطقة االقتص ادية الخالص ة
الخاضعة لسيادة الدولة أو لواليتها اإلقليمية وفق أحكام القانون الدولي.
إس جي إس اس تثمرت في ويتعلق السؤال الذي طرح أمام فقه القضاء بشركة سويس رية SGS
الباكستان في قطاع الخدمات ،وبخاصة في ميدان المراقبة الجمركية للمواد المس توردة من ط رف الدول ة
المضيفة (الباكستان) بما فيها تدريب الموظفين .وقد أنجز جزء من االستثمار في سويسرا حكم ًا ،وخاص ة
مراقبة المواد في البلد المصّدر إلى باكستان ،وتدريب الموظفين الباكستانيين على عملية المراقب ة .وعن دما
ُر فع النزاع أمام التحكيم ،أثارت الدولة أنه لم تجِر كل مكونات االستثمار في إقليم البل د المض يف ،طبًق ا
لالتفاقية الثنائية ،وطلبت بالتالي رفض الدعوى .إال أن محكمي المركز الدولي لتسوية منازعات االس تثمار
ICSIDرفضوا هذه الحجة وقرروا أن االستثمار يشّك ل عملية متكاملة ،من دون أن تكون مكّو ناته بالضرورة
في البلد المضيف.