Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 15

‫املجلد‪ 11 :‬العدد‪ / 0203 - ) 20 ( :‬ص‪ -33‬ص‪.

02‬‬ ‫مجلة قرطاس الدراسات الحضارية والفكرية‬


‫‪ISSN : 1112-993X E-issn :2710-8147‬‬

‫حصار األميرعبد القادر لعين ماض ي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬
‫‪The siege of ʿĀīn Māḍī by Emir ʿAbd al-Qādir between‬‬
‫‪political necessity and French intrigues‬‬

‫د‪.‬محمد دراعو ‪ ،1‬جامعة أبي بكر بلقايد (الجزائر)‪.pctowntlm@gmail.com ،‬‬


‫مخبر الدراسات الحضارية والفكرية‬

‫تاريخ النشر‪0203/20/31 :‬‬ ‫تاريخ القبول‪0203/20/11 :‬‬ ‫تاريخ االستالم‪0203/23/02 :‬‬

‫امللخص‪:‬‬
‫تحاول هذه الدراسة إبراز أوجه الصراع بين محمد الصغير التجيني بعين ماض ي واألمير عبد القادر‪ ،‬وذلك‬
‫بمقابلة بين الضرورة الشرعية والسياسية لحصار عين ماض ي لدى األمير عبد القادر املوجبة لتوحيد جهود املقاومة في‬
‫مواجهة التغول الفرنس ي‪ ،‬ووجه االستحالة العسكرية واالستراتيجية في تنفيذه‪ ،‬بما مثلته الطريقة التجانية من سلطة‬
‫روحية واقتصادية وتحكمها في تجارة جنوب الصحراء ولها باع طويل ومريدين مخلصين وحصانة مدينتها‪ .‬وتهدف الدراسة‬
‫إلى تبيان بعض الجوانب الخفية للدور الفرنس ي في هذا الصراع‪ ،‬وما تمخض عنه من مآالت أثرت سلبا على مقاومة األمير‬
‫عبد القادر‪ ،‬في مد نفوذها باملنطقة‪.‬‬
‫كلمات مفتاحية‪ :‬األمير عبد القادر؛ محمد الصغير التجيني؛ االحتالل الفرنس ي؛ عين ماض ي؛ الطريقة التجانية‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪This study attempts to highlight the aspects of the conflict between‬‬
‫‪Muḥamad al-ṣaġīr al-tīǧānī in ʿĀīn Māḍī and Emir ʿAbd al-Qādir, by‬‬
‫‪contrasting the legal and political necessity of the siege of ʿĀīn Māḍī with‬‬
‫‪Emir ʿAbd al-Qādir, which dictates the unification of the resistance efforts in‬‬
‫‪the face of the French tyranny, and the military and strategic impossibility‬‬
‫‪of implementing it, as represented by the tīǧānī Path of A spiritual and‬‬
‫‪economic authority and its control in the sub-Saharan trade, and it has a‬‬
‫‪long history, loyal followers, and the immunity of its city‬‬
‫‪Keywords: Emir ʿAbd al-Qādir; Muḥamad al-ṣaġīr al-tīǧānī; the French‬‬
‫‪occupation; ʿĀīn Māḍī; the tīǧānī Path.‬‬

‫‪ 1‬د‪.‬محمد دراعو ‪.pctowntlm@gmail.com ،‬‬

‫‪36‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يعتبر موضوع األمير عبد القادر وعالقاته بالطريقة التجانية من املوضوعات التي ال زالت بعض جوانبها غامضة‬
‫وتحتاج الى دراسات معمقة‪ ،‬بالرغم من وجود دراسات وكتابات حاولت إماطة اللثام عن هذا املوضوع‪ ،‬في هذا السياق‬
‫يأتي تناول موضوع حصار عين ماض ي من طرف جيش األمير عبد القادر جوان ‪1838‬م جانفي ‪1831‬م‪ ،‬كمحاولة إلزالة‬
‫الغموض واللبس عن بعض األحداث املحيطة بزحف األمير تجاه عين ماض ي(املدينة) والدوافع الكامنة وراء هذه الحملة‬
‫َ‬
‫واملحركين لألحداث من طرفي الصراع (األمير عبد القادر من جهة‬
‫ِّ‬ ‫(الحصار)‪ ،‬وتسليط الضوء أيضا على بعض الفاعلين‬
‫ومحمد الصغير التجيني من جهة أخرى)‪ ،‬دون إهمال أو إغفال للدور الخفي لفرنسا وجواسيسها وعلى رأسهم ليون روش‬
‫ودوره الخطير في تسميم عالقات األمير بالتجانيين‪.‬‬
‫من هذا املنطلق فإنه ال يمكن للباحث فك أسباب وحيثيات إقدام األمير على مواجهة التجانيين عسكريا وفرض‬
‫مكونات الشعب الجزائري في كل الجهات‪.‬‬‫سيادته عليهم إال بالعودة الى املشروع السياس ي الوطني الذي انخرط فيه جميع ِّ‬
‫تشبث األمير عبد القادر بمبدإ وحدة الوطن واملجتمع لخوض مقاومة منظمة وشاملة لكل القطر‬ ‫وعلى هذا األساس َّ‬
‫تصدعا في كيان الدولة بل فاقدة للسيادة‪ .‬وقد كان النسيج االجتماعي‬ ‫الجزائري‪ ،‬ورأى في أي خروج عن هذا املبدإ ُّ‬
‫َّ‬
‫الجزائري فسيفساء مشتتة جغرافيا ومتصارعة اجتماعيا وسياسيا‪ ،‬تتجاذبه جماعات الكراغلة وقبائل املخزن وصراع‬
‫قبائلي وطرقي على مجال النفوذ‪ .‬وتعد الطريقة التجانية إحدى أبرز أوجه هذا الصراع الداخلي الذي خاضه األمير عبد‬
‫القادر‪ ،‬إجتهد في صهرها تحت سيادة سياسية واحدة‪.‬‬
‫ومن أبرز الدراسات الجزائرية التي اهتمت بهذا املوضوع نذكر‪ :‬بن يوسف تلمساني"الطريقة التجانية وموقفها من‬
‫الحكم املركزي بالجزائر (الحكم العثماني‪-‬األمير عبد القادر‪-‬اإلدارة االستعمارية) ‪ "1111-1881‬في رسالة ماجستير غير‬
‫منشورة‪ ،‬عن جامعة الجزائر‪ ،‬سنة ‪ ،1118/1118‬ومقال نور الدين بلعربي "الصراع بين األمير عبد القادر وزاوية عين‬
‫ماض ي وموقف املغرب وفرنسا من ذلك" بمجلة القرطاس العدد الحادي عشر سنة ‪ .1111‬ومن الدراسات الفرنسية‬
‫نشير ملقال ت أرنو‪" T Arnaud‬حصار عين ماض ي من طرف الحاج عبد القادر بن محي الدين" باملجلة اإلفريقية لسنة‬
‫‪ 1864‬عدد‪.01‬‬
‫واإلشكالية الرئيسية املطروحة كانت كاآلتي‪ :‬ما هي دوافع األمير عبد القادر لحصار عين ماض ي؟ وكيف انعكس‬
‫الدور الفرنس ي وبالخصوص ليون روش على مجريات ومخرجات هذا الحصار؟ محاولين معالجة املوضوع ضمن هذه‬
‫املحاور‪:‬‬
‫مركزية عين ماض ي لدى الطريقة التجانية‬
‫الضرورة الشرعية والسياسية لحصار عين ماض ي‬
‫التطورات العسكرية لحصار عين ماض ي‬
‫الدور الفرنس ي في الصراع وعواقبه على املقاومة‬

‫‪ .1‬دور عين ماض ي ودواعي حصارها‬


‫أ‪-‬مركزية عين ماض ي لدى الطريقة التجانية‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫مدينة عين ماض ي وتعرف باملناطق الصحراوية البلدات املحصنة ب "القصر"‪ ،‬تقع على مسافة ‪ 051‬كلم جنوب‬
‫الجزائر و‪ 53‬كلم غرب األغواط و‪ 10‬كلم عن تاجمونت‪ ،‬تحوي حوالي مئتي مسكن‪ ،‬ورغم صغرها تشتهر بدفاعاتها‬
‫القوية‪ ،‬إذ األسوار تبلغ ثمانية أمتار طوال ُ‬
‫وبس ْمك مترين‪ 2،‬عين ماض ي محاطة بحدائق لها سور أقل أهمية من األول لكن‬

‫‪37‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫يوفر حماية مزدوجة للمدينة‪ .‬محمد الصغير التجيني سيد املدينة سليل األشراف‪ ،‬ال يقبل الندية وال أن يكون تابعا‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫مرابط على طريقة أجداده‪ ،‬نأى بها عن التدخل في الشؤون السياسية للبلد‪.‬‬
‫ويعتبر تصميم قصر عين ماض ي عمال هندسيا مدروسا‪ ،‬ال من حيث املوقع واألسوار الخارجية املحيطة باملدينة‬
‫املدعمة بأبراج الحراسة‪ ،‬وشبكة طرقات وأزقة تضمن حركة انسيابية داخل القصر‪ ،‬ووفرة املياه للسقي والشرب‪ ،‬مما‬ ‫َّ‬
‫يجعل منها مدينة مستقلة قائمة بذاتها‪ ،‬تمك ُنها من الصمود أمام األخطار الخارجية لفترات طويلة‪ 4.‬والزال هذا القصر‬
‫‪5‬‬
‫يعيش ذكرى اإلنتصار التاريخي على محاولة حصاره سنة ‪ 1883‬من طرف باي وهران محمد الكبير‪.‬‬

‫ومن أعالمها الشيخ والعالم أحمد التجيني الذي استقل بطريقته وسميت باسمه سنة ‪ ،1881‬وجعل مقرها بعين‬
‫ماض ي‪ ،‬ورتب لها األوراد واألذكار عرفت "بالكناش "وأصبح لها "مقدم" بكل ناحية وأتباع كثر ُعرفوا باسم "األحباب"‬
‫وبدأت تتوسع وتنتشر بدون توقف‪ ،‬لدرجة أثارت ريبة الحكومة التركية‪ ،‬ويقوم باي وهران بحصارها وفرض عليها غرامة‬
‫سنوية كبيرة سنوات ‪ ،1888-1883‬ليغادرها شيخها إلى فاس في حضوة السلطان موالي سليمان إلى أن توفى بها سنة‬
‫‪6‬‬
‫‪.1815‬‬
‫وقبل موت الشيخ أحمد التجيني عهد بطريقته إلى الحاج علي بن الحاج عيس ى مقدم زاوية تماسين بواد ريغ‬
‫بالجنوب الشرقي للجزائر لحداثة سن أوالده‪ ،‬في حين ظلت عين ماض ي في عقب الشيخ املؤسس للطريقة‪ ،‬وهكذا أصبحت‬
‫الطريقة التجانية بفرعين أساسيين َيه ْي ِّمنان عليها‪ ،‬لكن في تعاون مثمر خصوصا في النائبات‪ ،‬إذ ساندت تماسين عين‬
‫‪7‬‬
‫ماض ي ملا حاصرها األتراك وفي حملة اإلبن البكر لشيخ الطريقة محمد الكبير سنة ‪ 1818‬بضواحي معسكر‪.‬‬
‫تولى محمد الصغير إدارة شؤون عين ماض ي بعد أخيه‪ ،‬تناصره وتآزره تماسين‪ ،‬فأصبحت قوة روحية واقتصادية‬
‫ُّ‬
‫بتحكمها في قوافل التجارية لطوارق‪ ،‬السودان‪ ،‬وافريقيا الوسطى‪ ،‬تجوب بالد شنقيط‪ ،‬تمبوكتو والسنغال‪ِّ ،‬‬
‫يسيرها‬
‫أتباع الطريقة بكل أمان بصفة مقدم عن زاوية عين ماض ي‪َ ،‬د َّرت عليها ثروات عظيمة واكتسحت الطريقة كل العمق‬
‫‪8‬‬
‫اإلفريقي‪ ،‬وكانت سببا في نشر اإلسالم في هذه األقطار‪.‬‬

‫املهمة بالصحراء القريبة‬ ‫ما يجب اإلشارة إليه أنه ومنذ العهد التركي كانت األغواط ‪-‬إحدى الحواضر التاريخية َّ‬
‫جدا من عين ماض ي‪-‬منقسمة إلى ثالثة أحياء فرع أوالد سرغين‪ ،‬وفرع األحالف (أحمد بن سالم)‪ ،‬وفرع أوالد الحاج عيس ى‬
‫وهو األضعف‪ ،‬تتنافس النفوذ على مدينة األغواط ولو باإلستعانة بقوى خارجية‪ ،‬على بعضها البعض لتنتزع رياسة‬
‫وسيادة املدينة‪ ،‬وفي سنة ‪– 1818‬قبل عشر سنوات من هذا الحصار‪ -‬أصبح فرع األحالف الذي يرأسه أحمد بن سالم‬
‫ليكرس سلطته‪ 9.‬وبالتالي تعززت وتوسعت‬ ‫وهو موالي للتجانيين سيد مدينة األغواط إلى مرحلة قيام األمير عبد القادر ِّ‬
‫ُ‬
‫سلطة التجانيين بعين ماض ي إذ أصبحت احدى الحواضر القريبة منها في كنفها تساندها وتآزرها‪ ،‬وستلقي هذه‬
‫التحالفات والنزاعات بين هذه األفرع املتنافسة عل سيادة مدينة األغواط بظاللها في رسم مستقبل املنطقة ُبر َّمتها أثناء‬
‫حصار األمير عبد القادر لعين ماض ي وفي تعاملها مع االحتالل بعد ذلك‪.‬‬

‫ب‪-‬الضرورة الشرعية والسياسية لحصارعين ماض ي‬


‫كان لسقوط مدينة الجزائر سريعا في يد الفرنسيين في ‪ 0‬جويلية ‪ 1831‬وبعدها وهران في ‪ 0‬جانفي عام ‪،1831‬‬
‫عبر عنه األغا املزاري صاحب طلوع سعد السعود "نار الفتنة‬ ‫إيذانا بدخول البلد عهد جديد‪ ،‬تردى فيه الوضع سريعا َّ‬
‫ثاقبة بين املسلمين بواديها والحواضر‪ ،‬منذ دخل النصارى ملدينتي وهران والجزائر‪ ،‬قام إلطفائها العلماء والشرفاء‬
‫‪10‬‬
‫واملرابطون سيما القطب األكبر سيدي محي الدين بن مصطفى‪ ،‬وال يتأتى لهم ذلك إال بجمعهم للجهاد"‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫ً‬
‫الهبة الجهادية التي قادها ُمحي الدين ومن بعده إبنه عبد القادر الذي أظهر حنكة قيادية بعد مبايعته أميرا‬
‫هذه َّ‬
‫ً‬
‫سياسية تكمن في ُّ‬ ‫ً‬
‫تكبد‬ ‫للمؤمنين في ‪ 13‬نوفمبر ‪ ،1831‬وهو اللقب الذي له مدلول ديني أكثر منه كسلطة وحكم‪ ،‬ومهارة‬
‫عناء قيادة هذه الجموع (عموم الشعب) التي تؤكد الشواهد وقتها أنه منقسم على نفسه‪ ،‬لم تكن لتغيب عن عبقرية‬
‫املكونات ضمن وطنية عربية إسالمية أكثر منها وطنية سياسية‪ ،‬ويطمح الستقالل عرب‬ ‫َ‬
‫األمير النافذة في صهر هذه ِّ‬
‫‪12‬‬ ‫الجزائر تحت حكمه‪ 11.‬فالوحدة الوطنية آنئذ لم يكن باإلمكان ُ‬
‫فهمها إال في إطار الدين اإلسالمي عقيدة وشريعة‪.‬‬

‫لنفسه وإنما إلى الجهاد‪،‬‬ ‫َ‬


‫القبائل‬ ‫فالضرورة السياسية أوجبت عليه وحدة وطنية عنوانها جهاد الغزاة‪ ،‬فلم ُ‬
‫يدع‬
‫ِّ‬
‫ْ‬
‫ويكون امللتقى في جانفي ‪ 1833‬على أسوار وهران‪ ،‬معركته هذه وإن لم تط ُر ِّد الفرنسيين فإنها جعلت منه حامل لواء‬
‫رفضها وإال ُع َّد متخاذال وترفع‬‫الجهاد بعد أن أحكم حصارا شديدا عليها‪ .‬وهي حركة سياسية ال يستطيع أي مناوئ له َ‬
‫الفرق الدينية التي لها نفوذ‬‫تفرعات ِّ‬‫لصفه كل ُّ‬
‫أسهم األمير لدى عموم الشعب وخطوة إلى األمام عن كل منافسيه وتجلب ِّ‬
‫‪13‬‬
‫إلى حدود املغرب‪.‬‬
‫َ‬ ‫إن َ‬
‫سعيه لتوحيد القبائل حول سلطته‪ ،‬لم يكن له فيها إال رتبة خادم شعبه‪ 14.‬فاملبايعة (هي الثقة والوفاء والرضا‬
‫وحددت مصيره‬‫عززت معنى الشرعية واملقاومة وأنجزت وحدة املجتمع َّ‬ ‫التي وضعتها الجماهير في شخصية الحاكم) َّ‬
‫املشترك‪ 15.‬وما يمكن مالحظته أن األمير عبد القادر لم ينل منصب القيادة والزعامة بالوراثة أو التزكية أو الوصول إليه‬
‫‪16‬‬ ‫َّ‬
‫بالقوة‪ ،‬ولكنه تقلدها عن طريق الشورى بشكل ديمقراطي حسب التعبير املعاصر‪.‬‬
‫َّ‬
‫فبحق هذه البيعة تعلل األمير عبد القادر أمام والده حين حذره هذا األخير من عدم التسرع مع القبائل النافرة‪،‬‬
‫بعضها بعضا‪ ،‬ورؤساء‬‫بقوله "الفرنسيون على أبوابنا‪ ،‬ينهبون‪ ،‬يغزون‪ ،‬ويقتلون‪ ،‬وماذا لدينا ملقاومتهم‪ ،‬قبائل يصارع ُ‬
‫متآمرون جشعون يتقاتلون لتوسيع مناطق نفوذهم‪ ،‬ومدنيون تمردوا على كل نظام‪ ،‬بعضهم راح يغتني بالنهب‪ ،‬لذا كان‬
‫عزمه على أداء حق البيعة‪ 17.‬بالتالي مهما تكن األسباب املختلفة لحملة عين ماض ي‪ ،‬لكنها تدخل في إطار جهود األمير عبد‬
‫‪18‬‬
‫القادر لخلق وحدة جغرافية واسعة ملشروع دولته‪ ،‬واستنهاض كل الجهود املمكنة للمقاومة‪.‬‬

‫وهذا ما ذهب إليه ليون روش ‪ 19Léon Roches‬أن األمير يريد أن يثبت سلطته الفعلية على القطر الجزائري بين‬
‫تونس واملغرب‪ ،‬لكن على الصحراء الوسطى نازعه الولي سيدي محمـد التجيني شيخ الطريقة التجانية والذي له أتباع‬
‫‪20‬‬
‫وسلطة روحية على عدة قبائل في الجزائر كلها‪.‬‬

‫واألمير عبد القادر شاهد عيان على النظم الحاملة للتفرقة والصراع لكل مكونات املجتمع الجزائري‪ ،‬بقايا األتراك‬
‫وطائفة كراغلة املتحالفة مع قبائل املخزن‪ ،‬الحضر (البرجوازية األهلية) وتتصارع حتى فيما بينها وكذلك ضد قبائل‬
‫محلية باسم القبيلة أو مرابطي الطرق‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الرعية عموم العرب والبربر أو أهل الريف‪ ،‬وهذه األخيرة تتنازعها عدة زعامات ِّ‬
‫‪21‬‬
‫الصوفية املفتخرة بدينها ووطنها‪.‬‬
‫ُّ‬
‫ولم يكن ليسلم من هذا التشتت القبلي جهة أو منطقة وأحيانا كثيرة يمس املدينة الواحدة مثل األغواط ويصدق‬
‫الحال كذلك على تلمسان وقسنطينة وأغلب باقي املدن حينئذ‪ .‬ونفس الحال كانت عليه القصور الصحراوية (تاجمونت‪،‬‬
‫‪22‬‬
‫حد بعيد مع تاريخ الجمهوريات اإليطالية في العصور الوسطى‬
‫املتشعبة تشابهت إلى ٍّ‬
‫ِّ‬ ‫عين ماض ي‪ ،‬حران) وصراعاتها‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وبالتالي فمراعاة التحالفات القائمة وإيجاد توازنات وتفاهمات سياسية تلقى ًّ‬
‫حدا أدنى من القبول‪ ،‬هي ضرورة سياسية‬
‫ٌ‬
‫ملحة لتجنب كثير من الصدامات البي ِّنية‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫يعقب عليها ناصر الدين سعيدوني بقوله "لو أمكن توحيد مقاومة‬‫فالوحدة التي كان ينشدها األمير عبد القادر‪ِّ ،‬‬
‫األمير وأحمد باي واكتساب جماعة الكراغلة وفرسان املخزن لتغير سير التاريخ الجزائري الحديث وألمكن بدون شك‬
‫َّ‬
‫املدمرة ملدة قد تصل إلى نصف قرن"‪ 23.‬لكن ملا حلت ساعة املفاصلة لتوحيد جميع القوى‬
‫إيقاف الزحف الفرنس ي وآثاره ِّ‬
‫ً‬
‫حاجز صد مركب "سياس ي‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬اقتصادي وحتى نفس ي" وقف عقبة ً‬ ‫ُ‬
‫كئودا‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫في مواجهة الفرنسيين كان قد تشكل‬
‫أمام األمير عبد القادر لتوحيد الجهود للتصدي للعدوان الخارجي‪.‬‬
‫رغم أن األمير عبد القادر وأباه من قبله كان على رأس طريقة قادرية ُ‬
‫وس ِّم َي تبركا بها عمل على كسب بقية الطرق‪،‬‬
‫َّ‬
‫ففي كل محلة يكون لها ممثل يدعى املقدم وله مريدون‪ ،‬شغله تذكية روح الجهاد‪ ،‬وتقديم الدعم للمجهود الحربي‪ ،‬وكذا‬
‫الدعاية واألمن تحت راية األمير عبد القادر‪ ،‬وان كان بعضها ناصبه العداء أمثال الحاج العريبي (أتباع الطريقة‬
‫‪24‬‬
‫الطيبية)‪.‬‬
‫وأثر ٌ‬
‫وقع ٌ‬‫ْ‬
‫بالغ بعد جماعة الحضر والكراغلة وقبائل املخزن على‬ ‫غير أن الطريقة التجانية بعين ماض ي كان لها أكبر‬
‫مقاومة األمير عبد القادر واملقاومة الشعبية على العموم‪ .‬ملا تتمتع به من نفوذ كبير في أوساط شريحة كبيرة من األنصار‬
‫‪25‬‬
‫واملحبين واملريدين وكذلك بما تمثله من عمق استراتيجي داخل الصحراء من املغرب إلى تونس‪.‬‬
‫ِّ‬
‫األمير عبد القادر عمل بكل الوسائل املمكنة‪ُ ،‬ليدخل التجانية ضمن سلطته‪ ،‬وباءت كل محاوالته املتكررة معهم‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫بالفشل‪ ،‬وسيدا تماسين وعين ماض ي على التوالي الحاج علي ومحمد الصغير التجيني رفضا رفضا قاطعا أن يصبحا من‬
‫حدة هذا الرفض بعبارات؛ أنه منقطع للعبادة ويعيش حياة دينية هادئة وال‬ ‫أتباع األمير‪ ،‬التجيني وإن حاول التقليل من َّ‬
‫َّ‬
‫مكن الفرنسيين من بالد املسلمين قادر أن َ‬ ‫يريد الخوض في صراعات دنيوية‪ ،‬وأن َ‬
‫يجليهم عنها‪ ،‬دون اإلحتياج‬ ‫القدر الذي‬
‫لسواعد التجانيين‪ 26.‬وظلت البعثات واملراسالت بين الطرفين متوالية بدون نتيجة‪ ،‬واألمير عبد القادر يعطي الضمانات‬
‫والتطمينات لشيخ التجيني‪ ،‬وهذا األخير ثابت على موقفه‪ ،‬وهكذا تباعدت املواقف والرآى‪ ،‬فاألول بحق لواء الجهاد‬
‫وسيادة الدولة يجب اإلعتراف بشرعية سلطته‪ ،‬والثاني سليل طريقة شهيرة لها أتباع من مصر إلى املغرب يأبى اإلنضواء‬
‫‪27‬‬
‫تحتها‪.‬‬

‫وباملحصلة تشابه موقف التجانيين مع الكراغلة وقبائل املخزن إتجاه األمير عبد القادر وإن كانت اختلفت‬
‫دوافعهم وتوجهاتهم‪ .‬فالتجانيون الزالت تجذبهم رواسب املاض ي وبالضبط مع مطلع القرن التاسع عشر حيث تبنت‬
‫الطريقة انتفاضة ضد الحكم العثماني سنة ‪ ،1818‬انتهت بمقتلة أبيدوا فيها عن آخرهم مع سيدهم أحمد بن أحمد‬
‫التجيني (محمد الكبير) بنواحي غريس بمعسكر‪ ،‬لم يسلم حينها أهل الحشم (قبيلة األمير عبد القادر) من اتهام حسن‬
‫باي وهران بأن لهم يد في ذلك وإال ما كان التجيني أن يجعل بالدهم طريقا‪ 28.‬في حين اعتبر أنصار التجيني أنه لوال تقهقر‬
‫‪29‬‬ ‫الحشم ومن وافقهم ما كانوا ليقعوا في عين اإلعصار ٌلتجتث ُ‬
‫شأفتهم من طرف الباي العثماني وأعوانه‪.‬‬

‫املبرر الشرعي (الفتوى الدينية) في مقاتلة شيخ التجانيين وهذا ما جاء في مذكراته "‬ ‫ُ‬
‫األمير عبد القادر وإن و ِّفق في ِّ‬
‫تخلف صاحب عين ماض ي عن البيعة الالزمة له بشرعنا‪ ،‬وعدم موافقته على الدخول في سلك الجماعة‪ ،‬ومنع كثيرا من‬
‫الحقوق الواجبة عليه كالزكاة املقترنة شرعا بالصالة‪ ،‬وهو املصوغ الشرعي الذي قاتل به خليفة رسول هللا أبوبكر‬
‫‪30‬‬
‫الصديق املرتدين"‪.‬‬
‫ً‬ ‫وحتى ُي ْبع َد أي تأويل بشأن ُّ‬
‫تدخله في عين ماض ي وحصارها أصدر األمير بيانا يوضح فيه طريقة معالجته ألمر‬ ‫ٍّ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬
‫التجيني ومن انتمى إليه حيث قال‪" :‬إن أهملنا أمرهم خشينا أن يسري هذا الفساد إلى غيرهم فيفوت املقصود الذي هو‬

‫‪40‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫موحدة فأخذنا في حصار حصنهم والتضييق عليهم"‪ 31.‬وبالتالي هذه الفتوى الدينية‬‫جمع األمة على كلمة واحدة وطريقة َّ‬
‫إرتكزت على مبررات شرعية تجيز لألمير عبد القادر ما أقدم عليه من منظور فقهي شرعي‪ .‬وكذلك األمير يستمد شرعيته‬
‫من املبايعة ومن االنتصارات التي حققها على العدو الفرنس ي‪ ،‬فله "حق السيادة"‪ 32‬وقد استعمل هذا الحق ليبرر حملته‬
‫على عين ماض ي الذي نازعه فيه محمد الصغير التجيني‪ ،‬وسرد في الرسالة التي بعث بها إلى وكيله بفاس الحاج الطالب بن‬
‫‪33‬‬
‫جلون حيثيات مبررات الحملة‪.‬‬

‫غير أن هذه الفتوى يمكن مراجعتها ضمن السياق العام للمقاومة والعمل التراكمي الذي تتطلبه (ماديا وعسكريا‬
‫بالخصوص) وعدم فتح جبهة جديدة في خاصرة املقاومة‪ ،‬على أساس قاعدة درء املفاسد أولى من جلب املصالح‪ ،‬وهي‬
‫التقديم أو ُي َّ‬
‫ُ‬ ‫كل ش يء في مرَتبته فال َّ‬
‫يؤخ ُر ما ُّ‬ ‫ُ‬ ‫إحدى مقاصد الشريعة ضمن "فقه األولويات" ُم َّ‬
‫لخ ُ‬
‫قدم ما‬ ‫حقه‬ ‫ِّ‬ ‫"وضع ُّ ٍّ‬ ‫صها‬
‫‪34‬‬ ‫الكبير وال ُي َّ‬
‫كبر األمر الصغير"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫صغر ُ‬
‫األمر‬ ‫حقه التأخير وال ُي َّ‬
‫ُّ‬

‫ٌ‬
‫مشروع‪ ،‬فإنه كان يمكن احتواء‬ ‫ورص الصفوف وهو ٌ‬
‫حق‬ ‫َّ‬ ‫الجهود‬ ‫َ‬
‫توحيد‬ ‫لذا وإن كانت املصلحة تستوجب‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬
‫والصبر عليها والقبول منها‬ ‫النفس ً‬
‫زمنيا‬ ‫الطريقة بالطرق األخوية أو حتى الدبلوماسية املتأنية‪ ،‬ولو على مرحلة طويلة َ‬
‫ِّ‬ ‫ٍّ‬
‫بالقليل ٌ‬
‫خير من ال ش يء‪ ،‬كاالضطالع باملهام املجتمعية مثل التعليم‪.‬‬

‫وبالتالي تكون تثمينا للمبادرة األولى لألمير عبد القادر‪ ،‬حين أجاز قبل ذلك لشيخ الطريقة الرحمانية بزاوية الهامل‬
‫َّ َ ُ َ َّ‬
‫وحث ُه‬ ‫بمنطقة بوسعادة محمد بن أبي القاسم سنة ‪ ،1838‬أن يضطلع بواجب التربية والتعليم نحو أبناء قريته‪ ،‬فشجعه‬
‫على توسيع دائرتها‪ ،‬مع أن هذا األخير أفصح عن نية الجهاد في سبيل هللا‪ ،‬لكنه في األخير امتثل لألمر الصادر له من قبل‬
‫ان شيخ الطريقة التجيني في أفريل ‪ 1838‬عن نوايا حسنة حين بعث بهدايا لألمير عبد القادر‬ ‫األمير عبد القادر‪ 35.‬وقد َأب َ‬
‫‪36‬‬ ‫َّ‬
‫ليرده عن الحملة‪.‬‬

‫‪.0‬ال ِسجال العسكري وعواقب الدور الفرنس ي‬


‫أ‪-‬التطورات العسكرية لحصارعين ماض ي‪:‬‬
‫قبل املواجهة العسكرية‪ ،‬كان قرار األمير عبد القادر بتعيين الحاج العربي بن الحاج عيس ى األغواطي زعيم‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫األغواط الشراقة خليفة له على تلك املناطق غير موف ٍّق من املنظور السياس ي واإلستراتيجي العسكري‪ ،‬إذ كانت له نويا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪37‬‬
‫ك ْي ِّد َّي ٍّة ِّض َّد غ ِّر ِّيم ِّه أحمد بن سالم زعيم األغواط الغرابة املدعمين من قبل زاوية عين ماض ي‪.‬‬

‫حض ي به الحاج عيس ى سرعان ما حاول استثماره ضد غريمه بعين ماض ي برفع تقارير مغرضة‬ ‫هذا التعيين الذي ِّ‬
‫لألمير عبد القادر‪ ،‬كون التجيني يمثل رأس الحربة لدى القبائل املناوئة لألمير بالصحراء‪ ،‬في حين كانت سلطته السياسية‬
‫ال تتجاوز حدود أسوار قصره‪ 38.‬وهكذا أصبح التجيني في نظر األمير عبد القادر من خالل تقارير خليفته منازعا لسلطته‬
‫على الصحراء‪ 39.‬وعليه فإن اختيار خليفة لتلك املنطقة يراعى فيه حدا أدنى من القبول ويتمتع بنفوذ قوي‪ ،‬ضرورة ملحة‬
‫إليجاد خيط وصل مع القبائل النافرة‪ .‬والتحالفات القائمة‪ ،‬وتنأى عن الصراعات السابقة بما يخدم املصلحة العامة‪.‬‬

‫الواضح في األمر‪ ،‬أن حجم القوات التي استنفرها هذا الخليفة تبرز نيته غير السليمة ورغبته الخفية‪ ،‬إذ لم تكن‬
‫لتتجاوز ‪ 155‬فارس كأقص ى تقدير‪ ،‬وكأنه ألقى بثقل املواجهة ورمى بها على كاهل األمير عبد القادر وحده‪ ،‬هذا األخير‬
‫استقدم معه ‪ 1111‬عسكري‪ ،‬ليرتفع العدد إلى ‪ ،3585‬ثم ليصل بعد ذلك إلى ‪ 8111‬رجل‪ 40.‬وحسب تشرشل لم يفد‬
‫اصر واضطر األمير لجلبه من الخطوط الخلفية البعيدة‪،‬‬ ‫َ‬
‫يوفر اإلمداد الآلزم للجيش املح ِّ‬
‫الحاج عيس ى بأي ش يء‪ ،‬لم ِّ‬
‫‪41‬‬ ‫َّ‬
‫وحتى قوافل اإلمداد كانت معرضة لهجمات املغيرين‪ ،‬وتبين أنه لم يكن أكثر من محتال‪ .‬حيث قامت قبائل األربعاء‬
‫‪41‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫املخلصة للتجيني بقطع الطرق والسطو على قوافل الدعم والذخيرة القادمة إلى األمير عبد القادر من الشمال‪ ،‬لضرب‬
‫‪42‬‬ ‫ُ‬
‫املحاصر لعين ماض ي‪ ،‬وتبدأ حينها تطرح فكرة التراجع عن هذا الحصار‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫معنويات الجيش‬

‫إن املواجهة التي أريد لها أن تكون تأديبية فقط وإعالنا لسيادته على مناطق الجنوب‪ ،‬جوبهت من أول وهلة‬
‫بمقاومة عنيفة من طرف التجانيين‪ ،‬وبدأت تظهر عورات الحملة من أول يوم بعد عدم تمكن قوات األمير بإحداث أي‬
‫خرق ألسوار املدينة الحصينة وتكبد خسائر في األرواح‪ ،‬واستمرت مناوشات كثيرة شهري جويلية وأوت ‪ 1838‬لكنها‬
‫معدومة الفائدة من الناحية العسكرية‪ ،‬فعبد القادر يفتقر إلى الذخيرة وينتظر إمدادات من فرنسا ومراكش لتشديد‬
‫‪43‬‬
‫الحصار‪.‬‬

‫آثر التجيني التخندق وراء مناعة أسواره وإخالص ووالء أتباعه‪ ،‬فأصبحت سيادة األمير عبد القادر على املحك‬
‫التل وتفقد الدولة سيادتها‪ ،‬لذا‬
‫وأمام امتحان صعب‪ ،‬إن تراجع تذهب هيبة سلطته على كل الصحراء ويتردد صداها في ِّ‬
‫أقسم األمير عبد القادر أن يموت دونه وال يتولى عنه رغم ُّ‬
‫تبين ضريبته املكلفة‪ 44.‬األمير عبد القادر عازم على خضوع عين‬
‫ماض وبأي ثمن‪ ،‬لكن الوضعية الحرجة بعد استبسال أتباع التجيني‪ ،‬جعلته يطلب من خليفتيه على معسكر وتلمسان‬
‫‪45‬‬
‫بكل املدافع التي بحوزتهما‪.‬‬

‫رفع األمير عبد القادر سقف مطالبه‪ ،‬بشرط حضور التجيني إلى خيمته‪ ،‬ووضع بين يديه كل األسلحة والذخائر‪،‬‬
‫‪46‬‬
‫السجال في إصرار األول وعناد الثاني‪.‬‬
‫وفتح أبواب املدينة له‪ ،‬وإنك لتزداد عجبا من هذا ِّ‬
‫ُ‬
‫تفاقم الوضع مع طول مدة الحصار من ‪ 11‬جوان ‪ 1838‬إلى غاية ‪ 11‬جانفي ‪ ،1831‬وإستنزاف موارد األمير‬
‫توخاه من فترة السلم التي أعقبت معاهدة تافنة‪ ،‬عوض أن‬ ‫العسكرية التي هو في أمس الحاجة لها‪ ،‬كان معاكسا ملا َّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُت ْس َت ْثمر جي ًدا أنهكته وأنهكت جيشه في صراعات جانبية‪ ،‬فضال على أنها َّ‬
‫الوطن لها با ٌع‬
‫ِّ‬ ‫اس َت ْع َدى ِّجهة كاملة من‬
‫حي َد ْت بل ْ‬
‫ِّ‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ي‬
‫اقتصادي وعسكر هام‪ ،‬وتركت جروحا وشروخا تنزف‪ ،‬شكلت حاجزا نفسيا الستيعابها بعد ذلك ضمن املقاومة‪.‬‬

‫وهذا ما ذهب إليه أبو القاسم سعد هللا "إنشغل األمير عبد القادر بحصار عين ماض ي الذي أخذ منه وقتا وجهدا‬
‫كبيرين كان في أشد الحاجة إليهما لتأسيس أركان الدولة"‪ 47.‬والحاصل أن طبيعة املقاومة الفاعلة يجب أن تكون (شعبية‬
‫‪48‬‬
‫منظمة‪ ،‬مصحوبة بتعبئة سياسية محكمة وتوحيد بين القوى والجهود‪ ،‬مع تدبير عسكري وتوفير لألسلحة والعتاد)‪.‬‬
‫ففضاء الجنوب الشاسع يوفر مناطق آمنة يلجأ إليها جيش األمير حيث يتعذر على الفرنسيين مالحقته فيها‪ ،‬وكان األمير‬
‫‪49‬‬
‫مقتنعا بأن الصحراء ستكون عائقا كبيرا في طريق تقدم الفرنسيين لسنوات طويلة‪.‬‬

‫كانت استراتيجية األمير عبد القادر خلق خطوط دفاعية موازية للساحل أي في مجابهة املراكز الفرنسية‪ ،‬خط‬
‫يتوسط التل أهم مدنه تلمسان‪ ،‬معسكر‪ ،‬مليانة ومدية‪ .‬وخط القالع والحصون لحافة التل على مشارف الصحراء‬
‫سبدو‪ ،‬سعيدة‪ ،‬تاقدمت‪ ،‬تازا وبوغار‪ ،‬باإلضافة إلى خط أخير في عمق الصحراء وهو الداعي لحملة عين ماض ي ويشمل‬
‫كذلك مناطق األغواط‪ ،‬وبوسعادة والزيبان أي مقاطعة الصحراء‪ 50.‬لكن ما يمكن مالحظته أن املقاطعات الثالث (مجانة‪،‬‬
‫الزيبان والصحراء) على العموم قواتها جد ضعيفة وسلطتها شكلية‪ ،‬ولم تشارك بصفة فعلية في جهاد األمير عبد‬
‫‪51‬‬
‫القادر‪.‬‬
‫ضد أعدائه املسيحيين‪ ،‬تجعل هذه الهالة الرائعة التي َّتو َج ْت َ‬
‫جبين ُه‬ ‫فالرمزية التي صنعها األمير بقيادة الجهاد َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ُ‬ ‫تفقد بريقها بحربه َّ‬
‫داخلية‬
‫ٍّ‬ ‫اعات‬ ‫َ‬
‫وتفنيها في صر ٍّ‬ ‫موارد ُه املادية‬ ‫ض ِّعف‬‫ضد اخوانه املسلمين –شيخ عين ماض ي‪ ،-‬وكذلك ت‬
‫وتؤدي بالضرو ِّرة إلى اإلستنزاف التدريجي لقوات األمير وتخدم االحتالل بشكل منقطع النظير‪ ،‬لذا عد كل‬ ‫ُت ُ‬
‫فتت العرب‪ِّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫‪42‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫آثار معاكسة ملا يتوخاه األمير‪َّ 53.‬‬


‫وعبر‬ ‫من وارنيي ودوماس ‪ 52 Warnier et Daumas‬أن حصار عين ماض ي سيكون له ٌ‬
‫فادح له"‪ 54.‬ويعلق‬ ‫َْ‬
‫خطإ ٍّ‬‫برونو إتيين ‪ Bruno Étienne‬عن سير األمير إلى التجيني سنة ‪" 1838‬أن األمير يتقدم نحو أو ِّل ٍّ‬
‫‪55‬‬
‫ورده املهالك"‪.‬‬ ‫ُ‬
‫بلمار ‪ Bellemare‬على حصار عين ماض ي "لعب دورا محوريا في تاريخ األمير عبد القادر‪ ،‬وكاد أن ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫َّ ً‬ ‫وباملحصلة فإن الحروب السابقة لألمير عبد القادر في حصار املدن لم تكن ُ‬
‫ترتكز بالدرجة‬ ‫مرضية‪ ،‬والتي‬ ‫نتائجها‬ ‫ِّ‬
‫األولى على القوة النارية للمدفعية وكثافتها‪ ،‬رأينا ذلك في حصار مستغانم (بقيادة كولوغلي باي ابراهيم) أوت ‪1833‬‬
‫وكذلك في حصار تلمسان (الكراغلة املتحصنين بقلعة املشور ثم انزاح إليهم مصطفى بن اسماعيل شيخ الدوائر) سنة‬
‫لقواع ِّده العسكرية‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫‪ 56.1830‬وهي املدن األقرب وضمن املجال املتاح‬
‫‪57‬‬
‫فتحصينات عين ماض ي ظلت حائال أمام جيش األمير‪ ،‬رغم الجهود الكبيرة املبذولة‪ ،‬وأصبح الحصار بال فائدة‪.‬‬
‫ظلت األسابيع والشهور تتوالى واألمير عبد القادر يفقد يوميا كثيرا من الرجال‪ ،‬ويضطر إلى استقدام مشاة تلمسان‪ ،‬ورفع‬
‫عدد املدفعية‪ ،‬وتجهيز الساللم تحضيرا لهجوم جديد‪ ،‬لكن املسألة ال يبدو أن لها حال في األفق القريب‪ 58.‬ويأمر بالهجوم‬
‫للمرة العاشرة على هذه األسوار‪ ،‬التي مازالت تحمل بصمة عدم قدرة جيش األمير عبد القادر على تجاوزها‪ 59،‬وكانت‬
‫‪60‬‬
‫معسكر تستقبل كثيرا من جرحى حصار عين ماض ي‪.‬‬

‫واستمر الوضع على حاله إلى أن وصل شقيقه سيدي محمد سعيد والخليفة مصطفى بن التهامي بتاريخ ‪18‬‬
‫نوفمبر ‪ 1838‬إلى مكان تمركز األمير عبد القادر حول عين ماض ي‪ ،‬للتوسط بين املتحاربين لحل الخالف وانهاء الصراع‪،‬‬
‫تم بعد مفاوضات عديدة‪ ،‬حيث ينجلي التجيني عن عين ماض ي خالل ‪ 01‬يوما مع عائلته وثروته وأتباعه‪ ،‬وفي ‪11‬‬ ‫وهو ما َّ‬
‫‪61‬‬
‫جانفي ‪ 1831‬يقوم األمير عبد القادر بنسف قصرها وحصنها ودك أسوارها وأبراجها‪.‬‬

‫هذه الوساطة التي امتلك بها األمير عبد القادر قصر عين ماض ي‪ ،‬أعتبرت عند بعض الفرنسيون "خيانة"‪ 62،‬كون‬
‫األمير تعب من هذا الحصار الغير مجدي‪َ ،‬‬
‫فن َدب صهره مصطفى بن تهامي بإعالم التجيني أن األمير ال يريد إال الصالة في‬
‫مسجد عين ماض ي‪ ،‬وحينما دخلها قام بنسف املدينة‪ 63.‬يكررها الدمير ‪ Ladimir‬نصا وحرفا دون توصيفها‪ 64،‬ويعلق‬
‫عليها تروملي ‪ Trumelet‬خدعة كبيرة لم تكن لتنطلي على التجيني‪ ،‬وكان مقربون من األمير عبد القادر قد حذروا‬
‫يعن ِّون ملالحظات حول حصار عين ماض ي أن املدينة سلمت عن‬ ‫التجيني أن طلبه هذا ينطوي على "خيانة"‪ 65.‬وبعضهم ْ‬
‫‪66‬‬
‫طريق "الخيانة"‪.‬‬

‫هذا الفعل الشنيع بعيد عن خلق األمير عبد القادر (دينيا وسياسيا)‪ ،‬لقد كانت لألمير إرادة واحدة مع كل القبائل‬
‫النافرة هي اإلعتراف بحق البيعة ودفع الزكاة الواجبة‪ .‬وعلى هذا األساس حارب قبل حصار عين ماض ي بعض قبائل‬
‫الصحراء من الزناخرة ومن واالهم جنوب بوغار‪ ،‬وعلى رأسهم بن عودة املختاري‪ ،‬وحين انتصر عليهم األمير عبد القادر‪،‬‬
‫طلب بن عودة األمان‪ ،‬فكانت حركة األمير السياسية ذكية‪ ،‬ليس العفو عنه فقط بل جعله أغا على قومه‪ 67.‬وهي اشارة‬
‫واضحة لبقية القبائل واألعراش أن األمير عبد القادر ليست له عداوة شخصية مع أحد‪ ،‬سوى الحقوق الواجبة اتجاه‬
‫الدولة‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫ب‪-‬الدور الفرنس ي في الصراع وعواقبه‪:‬‬


‫هوة الخالف بين الطرفين والذهاب بها إلى‬‫لم تكن األيادي الفرنسية املمتدة في هذه املواجهة باألمر الهين في تعميق َّ‬
‫ِّ‬
‫صف ِّه‪ ،‬وقوة اقتصادية تتحكم في‬‫حد اإلقتتال‪ ،‬فلو نجح األمير في اقناع التجيني الذي لديه قوة معنوية كبيرة بالوقوف إلى ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جدية لالحتالل‪ 68.‬ويمكن تتبع دور ليون روش في تأجيج نار الصراع بين‬ ‫مشاكل ِّ‬ ‫الطرق التجارية لجنوب الصحراء‪ ،‬لخلق‬
‫‪69‬‬
‫الطرفين حين عمد إلى جعل املواجهة حتمية على األمير عبد القادر بعد أن قاد املفاوضات األولية مع الشيخ التجيني‪.‬‬

‫ليون روش ‪ Léon Roches‬أو عمر ولد الروش كما يلقب لدى العرب‪ ،‬أصبح املستشار األمين والصديق الحميم‬
‫لألمير عبد القادر‪ ،‬وبعد أن حامت حوله شبهات من خليفة تلمسان‪ ،‬يفر منها ويذهب في أثر األمير بعين ماض ي‪ ،‬ويختلق‬
‫األعذار لفراره ويقلب الوضعية لصالحه‪ ،‬ويحض ى بالشخصية األكثر تأثيرا في محيط األمير عبد القادر‪ ،‬ويقوم باألدوار‬
‫‪70‬‬
‫األولى في هذا الحصار‪.‬‬

‫وفي مذكراته يقول ليون روش هو من أقنع األمير عبد القادر وتطوع ليقود املفاوضات األولى مع التجيني بحكم أنه‬
‫يمسه بسوء‪ ،‬وإذا لم يقدر على إقناع صاحب عين ماض ي‪ ،‬فهي فرصة يقتنصها للطالع على‬ ‫فرنس ي‪ ،‬ال يمكن للتجيني أن َّ‬
‫تحصينات املدينة ودفاعاتها‪ 71.‬وهكذا استطاع ليون روش أن يحبك خطته‪ ،‬ويرفع ُ‬
‫أسهمه لدى األمير عبد القادر (حصل‬
‫على وسام بعد انتهاء الحصار)‪ ،‬كتابع مخلص ومخاطر بحياته من أجل سيده‪ 72.‬ومهما يثار ويقال عن سلوك ليون روش‬
‫‪73‬‬
‫من ازدواجية الشخصية‪ ،‬لكن نجحاته التي حققها للفرنسيين تبرر تصرفاته‪.‬‬
‫ليون روش ‪ Léon Roches‬وبعد استطالع مدينة عين ماض ي َّ‬
‫تيق َن أن األمير أخطأ في تقدير الوضع‪ ،‬وذلك من‬
‫أمرين مهمين؛ األول حصانة املدينة (الدفاع املزدوج ألسوار الحدائق وأسوار املدينة نفسها يجعلها كاملتاهة)‪ ،‬الثاني‬
‫َّ‬
‫تصميم السكان وعزمهم للدفاع عن مدينتهم مهما كلف األمر وتدين بوالء تام للتجيني (وهي عكس نصائح خليفته الحاج‬
‫العربي بن الحاج عيس ى األغواطي أن حضور األمير شخصيا كاف لتفتح له أبواب عين ماض ي وتجلب طاعة جميع القبائل‬
‫‪74‬‬
‫النافرة)‪.‬‬

‫لذا نجد ليون روش ينفخ في أذن التجيني عن حصانة مدينته وبإمكانها الصمود عشر سنوات‪ ،‬وكأنه يزين له فعل‬
‫‪75‬‬
‫ذلك في وجه األمير عبد القادر‪ ،‬في حين كانت مهمته باألساس الحرص على نزول التجيني على عهد األمير عبد القادر‪.‬‬

‫ويمكن التساؤل عن مصدر الرسالة التي ألقيت من فوق اسوار املدينة تزرع بذور الشقاق وتحذر التجيني‬
‫‪76‬‬
‫وجماعته بعدم األمان بعهود األمير عبد القادر حين آلت األمور إلى االنفراج فزادتها تعقيدا‪.‬‬

‫على مستوى السلطات االستعمارية‪ ،‬عمل الحاكم العام فالي ‪ 77Valée‬في هذه الفترة بالذات على أمرين مهمين‪:‬‬
‫إفراغ مهمة ميلود بن عراش مبعوث األمير إلى فرنسا لدى ملكها وحكومتها من محتواها‪ْ ،‬‬
‫وجع ِّلها مآدب ولقاءات‬
‫‪78‬‬
‫بروتوكولية ال طائل منها‪ ،‬خالصتها شؤون إفريقية يجب أن تسوى في إفريقية كما جاء على لسان رئيس الوزراء الفرنس ي‪.‬‬
‫األمر الثاني فرض مشروع إتفاقية توضيحية ملعاهدة تافنة‪ ،‬حين رجع بن عراش من فرنسا ختم عليها جبرا‪ ،‬تمتلك فرنسا‬
‫بموجبها جميع شواطئ الجزائر‪ ،‬وصلة أرضية بين الجزائر وقسنطينة‪ ،‬وهي شروط كالربت بمخلب األسد كما سماها‬
‫‪79‬‬
‫تشرشل تجعل سيادة فرنسا على الجزائر قائمة وسيادة األمير في مهب الريح‪.‬‬

‫وال يستبعد أبو القاسم سعد هللا الدور الفرنس ي في إطالة الحصار وتعقيد الخالف بين األمير وشيخ التجانية‬
‫فيورد أن املارشال فالي ‪ Valée‬بذل قصارى جهده لرشوة خلفاء األمير باملدية ومليانة‪ ،‬والتأثير على ابن عراش الذي كان‬
‫غير من بنود معاهدة تافنة‪ ،‬ولم يغفل أبو القاسم سعد هللا كذلك دور بير بروجير‬ ‫في منصب وزير الخارجية لألمير لي ِّ‬
‫‪44‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫‪ 80Berbrugger‬صاحب الرحلة إلى املراكز العسكرية لألمير من أجل تقويض السلم مع األمير والقضاء على دولته قبل‬
‫‪81‬‬
‫استفحال أمرها‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس لم يتوان الحاكم العام فالي ‪ Valée‬برفع اليد عن توريدات السالح لألمير عبد القادر تمثلت في‬
‫‪82‬‬
‫صلح‬
‫‪ 511‬بندقية وألف كيلو بارود و‪ 811‬كيلو رصاص‪ ،‬التي وصلت األمير في الوقت املحدد أثناء الحصار‪ ،‬لنسف أي ٍّ‬
‫تصب بالضرورة لصالح الفرنسيين‪ .‬ولم يتوان األغا املازري في توصيف قاس‬ ‫ُّ‬ ‫نهائية‬
‫ٍّ‬ ‫قطيعة‬
‫ٍّ‬ ‫ممكن بين الطرفين وإحداث‬‫ٍّ‬
‫‪83‬‬
‫لهذا السجال "أن النصارى إذا سمعوا بمقاتلتكما يضحكون عليه وعليك" (يقصد األمير والتجيني)‪ .‬فتشتيت الفرق‬
‫اإلسالمية وإذكاء النزاع والصراع بينهم يخدم االحتالل مثلما حدث بين الحاج العريبي واألمير عبد القادر‪ ،‬كونهما ينتميان‬
‫‪84‬‬
‫إلى طريقتين مختلفتين (موالي الطيب وموالي عبد القادر)‪.‬‬

‫فيما يخص الذخيرة الفرنسية (قذائف املدافع واملتفجرات) يقول عنها دوماس ‪ Daumas‬قنصل فرنسا لدى‬
‫األمير بمعسكر‪ ،‬لم يكن لها أي مفعول حربي‪ ،‬باملقابل ازداد تعنت التجيني وأرسل تحذيرا مع شيوخ املرابطين الذين سعوا‬
‫معوال على حجم األقوات‬
‫في الصلح بينهما‪ ،‬بإمكان األمير عبد القادر البقاء لعشرين سنة أمام أسواره‪ ،‬ولن يدخلها أبدا‪ِّ ،‬‬
‫والذخيرة املخزنة لديه بقصر عين ماض ي‪ 85.‬يكفي أن نشير هنا إلى احدى املواجهات الحاسمة تعززت فيها مدفعية األمير‬
‫عبد القادر بخمس قطع مدفعية لتاقدمت وتلمسان‪ ،‬وظلت تدك أسوار املدينة بدون انقطاع‪ ،‬من طلوع الفجر إلى‬
‫‪86‬‬ ‫َ‬
‫لينجلي غبار املعركة وأسوار القصر الزالت قائمة أمام ذهول الجميع‪.‬‬ ‫غروب الشمس‪،‬‬

‫والراجح هي مواجهة ‪ 0‬جويلية ‪ 1838‬التي تزعمها سكرتير األمير عبد القادر ومهندس الحصار ليون روش ‪Léon‬‬
‫‪ Roches‬بمساعدة الهنغاري‪َ ،‬بذر فيها ثمانمائة (‪ )811‬قذيفة مدفعية عن آخرها‪ ،‬وهي كل ذخيرة الجيش دون جدوى‬
‫ودون أن تمس أساسات الجدران‪ 87.‬ليبقى الحصار معلقا ويطيل من عمر األزمة إلى أقص ى حد‪.‬‬

‫باملقابل حين أريد تلغيم قصر التجيني‪ ،‬يجتهد ليون روش بإحضار بوصلة‪ ،‬وجهاز تيوديليت (ألخذ قياسات‬
‫طبوغرافية) وفتيل مفرقعات من عند الحاكم العام فالي ‪ ،Valée‬ولم يكشف سر هذه العملية حتى لقادة جيش األمير‬
‫عبد القادر‪ ،‬واحتفظ روش لنفسه بسر مفتاح اللغم ومكان النفق امللغم‪ ،‬وفي الثاني عشر من يناير‪ 1831‬جرى التفجير‬
‫بعد حسابات دقيقة‪ ،‬ليتحول قصر التجيني إلى كتلة من األنقاض‪ 88.‬وكأن املتفجرات أريد لها متى وأين تأتي مفعولها‪.‬‬

‫توقيت مواجهة األمير عبد القادر والتجيني أتت في فترة السلم الثانية (معاهدة تافنة)‪ ،‬التي عمد فيها الفرنسيون‬
‫ورغم اإلمكانات الهائلة إلى اجتناب فتح مواجهة مزدوجة مع أحمد باي في الشرق واألمير عبد القادر في الغرب‪ 89.‬ويمكن‬
‫املعدلة إلتفاقية تافنة إنذارا بقرب نقضها‪ .‬وكانت فترة السلم األولى (معاهدة دميشال) قد تم نقضها‬ ‫اعتبار شروط فالي ِّ‬
‫بعد سنة فقط(‪ )1835-1830‬من طرف الجنرال ترزل ‪ ،Trézel‬مما أنبأ أن الفرنسيين لم يكن في استطاعتهم االستمرار‬
‫‪90‬‬
‫في سلم معقود مع الجزائريين لفترة طويلة األمد‪.‬‬

‫كحل إستراتيجي ملا يتطلبه مشروع‬


‫وعليه يمكن اعتبار السلم املعقود مع الفرنسيين في نظر األمير عبد القادر ٍّ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الدولة الوطنية من جهد ووقت‪ ،‬في حين اعتبره الفرنسيون حال تكتيكيا تقتنص منه فرنسا فرصا لصالحها ثم ترتد عنه‪.‬‬
‫ُ‬
‫جمع على التعجيل‬‫وكانت تقارير كبار الضباط الفرنسيين تتوالى في فترة السلم التي أعقبـت معاهدة تافنة‪ ،‬ت ِّ‬
‫بالنقض الفوري للسلم مع األمير عبد القادر قبل انقضاء سنة ‪ ،1831‬وإال سيكون سلطانا لكل الجزائر‪ ،‬ومن ورائه كل‬
‫سكانها‪ ،‬لتجد فرنسا نفسها بعد أن قضت على الحكم التركي أمام وطنية عربية‪ 91.‬ويعلق بلمار ‪ Bellemare‬على‬
‫‪92‬‬
‫حيثيات معاهدة تافنة "سيكون من املستحيل البقاء على وفاق ملدة طويلة"‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫وعليه كانت كل املؤشرات تعزز فرضية عدم فتح مواجهة داخلية كبيرة وعلى نطاق جغرافي واسع ولها ارتدادات‬
‫متربص‪.‬‬
‫عدو ِّ‬
‫خطيرة على الكل الوطني‪ ،‬ال التوقيت وال اإلمكانات في صالح املقاومة مع ٍّ‬
‫عواقب هذه الحملة استدركها األمير عبد القادر مباشرة بعد انتهائها بشهر واحد فقط‪ .‬وهو ما وثقته الرسالة التي‬
‫عثر عليها األستاذ بن يوسف تلمساني بزاوية عين ماض ي واملؤرخة يوم ‪ 13‬ذي القعدة ‪ 1150‬هجرية املوافق ‪ 8‬فيفري‬
‫‪ 1831‬مع هدية (سيف وعلمين) ال يزاالن إلى اليوم في زاوية عين ماض ي‪ ،‬حاول األمير في هذه الرسالة ترميم العالقة‬
‫ٌ‬ ‫َ ُ‬
‫دار بيننا هو وشاية فقط‬ ‫ُ‬
‫وعلمت َّ‬
‫أن ما َ‬ ‫واالعتذار لشيخ الطريقة محمد الصغير التجيني يقول فيها "‪...‬أدركت حقيق َتكم‬
‫‪93‬‬
‫الفتا ِّن َين بيننا ولهذا أرجو عفوكم عنا‪."...‬‬ ‫ُّ‬
‫وتدخ ُل َّ‬

‫كبيرا‪ ،‬والدليل على ذلك أن التجانية سرعان ما دخلت في صراع مع خليفة األمير من أجل‬ ‫صدى ً‬ ‫إال أنها لم ْتل َق ً‬
‫أخرى‪ ،‬أما أحمد بن سالم الذي كانت سيادته مطلقة على األغواط منذ ‪ 1818‬واملوالي‬ ‫نفوذ َ‬ ‫َ‬
‫استرجاع عين ماض ي ومناطق ٍّ‬
‫للتجانيين‪ ،‬ظل له أتباع مخلصون باألغواط استطاع بهم استرجاع سلطته‪ ،‬والقضاء على كل ِّف َرق خليفة األمير عبد‬
‫القادر‪ ،‬واستغل انشغال هذا األخير في محاربة االحتالل‪ ،‬وطلب الدخول تحت مظلة الفرنسيين‪ ،‬وهكذا تمكنت فرنسا‬
‫كامل لسلطة األمير عبد القادر عليها‪ 94.‬فلم يتردد التجيني‬ ‫انهيار ٍّ‬
‫ٍّ‬ ‫من فتح طريق الصحراء دون إطالق رصاصة واحدة‪ ،‬بعد‬
‫سنة ‪ 1801‬بعرض خدماته الفورية والدعم املعنوي واملادي على املارشال فالي ضد األمير عبد القادر‪ ،‬وسنة ‪1800‬‬
‫‪95‬‬
‫وبإيعاز مباشر منه ملقدم التجانية أحمد بن سالم ليعين خليفة على األغواط باسم الفرنسيين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يستوعبه وال ُ‬
‫للطريقة فما بال َك‬
‫ِّ‬ ‫مريد‬
‫يطيقه أبسط ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫لقد كان في فعل األمير عبد القادر بنسف قبتهم أمرا ال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تحالفهم على الفرنسيين واالنتقام منه‪ ،‬وف ْ‬ ‫ُ‬ ‫بمشايخهم‪ ،‬لذا لم ْ‬
‫تحت جبهة صر ٍّاع في خاصرة املقاومة‬ ‫ِّ‬ ‫يتردد هؤالء في عرض‬ ‫ِّ ِّ‬
‫َ‬
‫وتوجيه السالح وكلَّ‬ ‫ستوجب توحيدَ‬
‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬ ‫األعداء في حين كانت الحرب الضروس واملحرقة التي سلطها االحتالل ت‬ ‫ِّ‬ ‫األشقاء‬
‫ِّ‬ ‫بين‬
‫الجهود نحو العدو‪.‬‬
‫ِّ‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫يخلص البحث إلى جملة من النتائج‬

‫أن املصوغ السياس ي والشرعي لحملة عين ماض ي ثابت لألمير عبد القادر بحق السيادة والبيعة امللزمة للجميع‪،‬‬
‫لكن ظروف وسياقات وتوقيت وكذلك االمكانات املسخرة لهذه الحملة‪ ،‬تنبأ عن مؤشرات معاكسة بعدم فتح مواجهة‬
‫داخلية وعلى نطاق جغرافي واسع‪ ،‬نظرا إلعاقة خطوط اإلمداد‪ ،‬وعدم كفاءة الجيش في حروب الحصار‪ ،‬فضال أنه عمق‬
‫الشرخ بين الفرق اإلسالمية التي كان يعول عليها حينها للتصدي للزحف الفرنس ي‪.‬‬

‫تبادل األدوار الوظيفية سواء جهادية أو تعلمية ومجتمعية بين مختلف الطرق اإلسالمية مما يجعلها خادمة‬
‫وتؤدي إلى استنزاف تدريجي لقوات األمير عبد‬
‫للمشروع الوطني التحرري‪ ،‬وتنأى عن تصادم يعيق ويعمق هوة الخالف‪ِّ ،‬‬
‫القادر يجني ثماره االحتالل‪.‬‬

‫طول مدة املواجهة ملا يقارب ستة أشهر والحضور الشخص ي لألمير للوقوف بنفسه على هذا الحصار‪ ،‬جعل كل‬
‫مؤسسات دولته تقف مشلولة من أجل ربح هذا الرهان‪ ،‬وقد رأينا كيف أن مقاطعات مهمة ومركزية في دولته مثل‬
‫معسكر وتلمسان تستنفر كل قواتها العسكرية والحربية لهذه الحملة رغم نتائجها الهزيلة‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫الح ِّدية‪ ،‬أن تكسب مقاومة األمير عبد‬


‫لم تكن هذه املواجهة العسكرية الداخلية في هذه الفترة بالذات وبهذه ِّ‬
‫القادر مكسبا عسكريا حقيقيا أو دعما اقتصاديا للمقاومة‪ ،‬رغم ما تمثله الصحراء من بعد استراتيجي للمقاومة وحاضنة‬
‫لها في حال القضاء عليها بالشمال‪ ،‬سواء لألمير عبد القادر أو ملقاومين آخرين‪ .‬وفوق هذه االعتبارات انتقاء خليفة يلبي‬
‫حاجات املنطقة بما يخدم املصلحة العامة‪.‬‬

‫اله ِّين‪ ،‬بل إن كسب املواجهة العسكرية معهم هو بحد ذاته‬‫املواجهة العسكرية مع الطرق الصوفية ليس باألمر َ‬
‫ويك ُّنون لها حبا‪ ،‬والحق عندهم ما يراه‬
‫خسارة من املنظور السياس ي‪ ،‬فالطريقة لها أتباع ومريدون لهم إخالص ووالء تام ِّ‬
‫شيخ الطريقة ال غير‪ ،‬والشواهد كثيرة‪ ،‬إذ ما كانت تتربع الطريقة التجانية على عرش تجارة الصحراء لوال هؤالء األتباع‬
‫وأفن ْوا دفاعا عن شيخهم في الواقعة الشهيرة مع باي وهران‪ ،‬وفي مواجهة األمير عبد‬ ‫األوفياء‪ ،‬ورأينا كيف استبسلوا َ‬
‫تبرما من هذا الحصار رغم‬ ‫القادر ورغم طول مدة الحصار لم يسجل املؤرخون أن انتفض أتباع التجيني ضد شيخهم ُّ‬
‫مصابهم فيه‪.‬‬

‫األدوار الفرنسية الرسمية والفردية خصوصا ليون روش في الدفع بحتمية املواجهة بين األمير عبد القادر‬
‫والتجيني أثناء املفاوضات األولى وبعد ذلك في تبديد ذخيرة املدافع‪ ،‬وإطالة أمد األزمة مما رفع تكلفة الحصار من الذخائر‬
‫واألقوات وكذلك من الرجال‪ ،‬ونسف أي تقارب أو تفاهم يخدم وحدة املقاومة‪ .‬فالطريقة التجانية بما تمثله من قوة‬
‫روحية على أراض ي الصحراء واقتصادية وحتى عسكرية‪ ،‬كان بإمكانها أن تقدم إضافة معتبرة لعنفوان املقاومة لسنوات‬
‫طويلة‪ .‬لذا عمدت فرنسا الفتعال الخصام والدسائس لقطع الطريق على األمير عبد القادر مع هذا املجال الحيوي‬
‫أريحية في التعامل مع ثورات الجزائريين كل على َ‬
‫حدة‪.‬‬ ‫َ‬
‫للمقاومة‪ ،‬وأعطت للفرنسيين ِّ‬

‫الهوامش (اإلحاالت)‪:‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪Alex Bellemare, Abd-el-kader sa vie politique et militaire, librairie hachette et cie, Paris, 1863,‬‬
‫‪p18.‬‬
‫‪2 Victor Bérard, Indicateur Général de L'Algérie, Bastide Libraire-éditeur, Alger, 1867, p304.‬‬
‫‪3 Christian P, L'Afrique Française, Barbier A éditeur, Paris, 1851, p98.‬‬

‫‪ 4‬روان فتيحة‪ ،‬حنفي عائشة‪ ،‬خبيزي محمد‪" ،‬الوظيفية في عمارة القصور الصحراوية قصر عين ماض ي باألغواط نموذجا"‪ ،‬مجلة الدراسات‬
‫اإلسالمية‪( ،‬الصفحات ‪ ،)130-113‬الجزائر‪ ،1118 ،‬ص ص ‪.111-115‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪Alex Bellemare, Op.Cit, p214.‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪Octave Depont & Xavier Coppolani, Les confréries religieuses musulmanes, Typographie et‬‬
‫‪lithographie Adolphe Jourdan, Alger, 1897, pp416-418.‬‬
‫‪7 Ibid, pp421-422.‬‬
‫‪8 Louis Rinn, Marabouts et Khouan étude sur l'islam en Algérie, Adolphe Jourdan Libraire-‬‬

‫‪éditeur, Alger, 1884, pp424-425.‬‬


‫‪9 Corneille Trumelet, Histoire de l'insurrection dans le sud de la province d'Alger en 1864,‬‬

‫‪Typographie Adolphe Jourdan, Alger, 1879, pp64-65.‬‬


‫‪ 10‬ابن عودة املزاري‪ ،‬طلوع سعد السعود في أخبار وهران والجزائر واسبانيا وفرنسا إلى أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،1111 ،‬ص‪.15‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪Marcel Emerit, L'Algérie à l'époque d'Abd-el-kader, Larose, Paris, 1951, pp15,17,184,233.‬‬
‫‪ 12‬عمار يزلي‪" ،‬الظروف السوسيو‪-‬تاريخية ملقاومة األمير عبد القادر‪ :‬الخلفيات واملرجعيات"‪ ،‬تأليف جماعي‪ ،‬تبر الخواطر في فكر األمير عبد‬
‫القادر‪( ،‬الصفحات ‪ ،)58-35‬الجزائر‪ ،‬دار القدس العربي‪ ،1111 ،‬ص‪.31‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪Alex Bellemare, Op.Cit, pp43-45.‬‬

‫‪47‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫‪14‬‬‫‪Rosa Aougbi, Un personnage charismatique au destin de l'Algérie, Fondation Emir Abdelkader,‬‬


‫‪L'Emir le devoir de mémoire et les défis de l'heure, (pp. 65-77), Thala Edition, Alger, 2006,‬‬
‫‪pp69,71.‬‬
‫‪ 15‬محمد قنانش‪" ،‬البعد التحرري لدى فكر األمير عبد القادر‪ :‬الجمع بين االرادة الشرعية والقيادة الثورية"‪ ،‬الحوار املتوسطي‪ ،‬املجلد‪،5‬‬
‫الصفحات ‪ ،03-51‬الجزائر‪ ،1110 ،‬ص ص ‪.51-51‬‬
‫‪ 16‬فوزي أوصديق‪ ،‬النظام الدستوري الجزائري دولة األمير عبد القادر دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،1113 ،‬‬
‫ص‪.58‬‬
‫‪ 17‬برونو اتيين‪ ،‬عبد القادر الجزائري‪ ،‬تر ميشيل خوري‪ ،Anep ،‬الجزائر‪ ،1111 ،‬ص ص ‪.151،130‬‬
‫‪18‬‬ ‫‪Henri Teissier, L'Emir Abdekader, Centre culturel du livre, Casablanca, 2020, p14.‬‬
‫‪ 19‬ليون روش ‪ :Léon Roches‬ولد بغرونوبل ‪ Grenoble‬مقاطعة دوفيني ‪ Dauphiné‬شرق فرنسا بدأ مشواره املنهي كمترجم عسكري‬
‫بالجيش الفرنس ي بالجزائر ثم كديبلوماس ي باملغرب وتونس واليابان‪ ،‬وهو من الشخصيات النادرة واملحورية التي التصقت التصاقا وثيقا‬
‫باألمير عبد القادر في فترة السلم ملعاهدة التافنة‪ ،‬حيث أصبح السكرتير الشخص ي لألمير وأحد املقربين منه (دور جاسوس) ويلعب أدوارا‬
‫شديدة الحساسية والخطورة مست مقاومة األمير عبد القادر خصوصا في حصار عين ماض ي‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫‪-Marcel Emerit, La légende de Léon Roches, in-Revue Africaine, Volume 91, A. Jordan Libraire-‬‬
‫‪éditeur, Alger, 1947, p-p 81-105‬‬
‫‪-‬يوسف مناصرية‪ ،‬مهمة ليون روش في الجزائر واملغرب ‪ ،1808-1831‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪.1111 ،‬‬
‫‪-Charles-L Féraud, Les Interprètes de l’Armée D’Afrique, A Jourdan Libraire-éditeur, Alger, 1876,‬‬
‫‪p-p 235-245.‬‬
‫‪20 Léon Roches, Dix ans à travers l'islam 1834-1844, Librairie académique didier, Paris, 1884,‬‬

‫‪p115.‬‬
‫‪21 Marcel Emerit, Op.Cit, pp7,241.‬‬
‫‪22 Corneille Trumelet, Op.Cit, pp70,83.‬‬

‫‪ 23‬ناصر الدين سعيدوني‪" ،‬العالقات بين األمير عبد القادر والحاج أحمد باي وانعكاسها على املقاومة الجزائرية في أوائل عهد االحتالل"‪،‬‬
‫مجلة الدراسات التاريخية‪ ،‬العدد الثاني‪( ،‬الصفحات ‪ ،)88-58‬جامعة الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ ،1986 ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪Carlos Bouville, France et Algérie, Chenu imprimeur-éditeur, Loiret, 1850, p24.‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪Marcel Emerit, Op.Cit, p241.‬‬
‫‪26 Louis Rinn, Op.Cit, pp 425-426.‬‬
‫‪27 Corneille Trumelet, Op.Cit, pp 106-107.‬‬

‫‪ 28‬عبد القادر بن محي الدين الجزائري (األمير)‪ ،‬مذكرات األمير عبد القادر‪ ،‬تحقيق محمد الصغير بناني‪ ،‬محفوظ سماتي‪ ،‬محمد الصالح‬
‫ألجون‪ ،‬دار األمة‪ ،‬الجزائر‪ ،1118،‬ص ‪.110‬‬
‫‪29‬‬‫‪Walsin Esterhazy, Domination Turque dans l'ancienne régence d'Alger, Librairie Charles‬‬
‫‪Gosselin, Paris, 1840, pp218-224.‬‬
‫‪ 30‬عبد القادر بن محي الدين الجزائري (األمير)‪ ،‬نفس املصدر‪ ،‬ص ص ‪.110-111‬‬
‫‪ 31‬إسماعيل العربي‪ ،‬املقاومة الجزائرية تحت لواء األمير عبد القادر‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،1181،‬ص ص ‪.185-180‬‬
‫‪ 32‬شارل هنري تشرشل‪ ،‬حياة األمير عبد القادر‪ ،‬تر أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1110 ،‬ص‪.180‬‬
‫‪33‬‬‫‪Georges Yver, Abd-el-Kader et le Maroc en 1838, Revue Africaine, Volume 60, pp. 93-111, A.‬‬
‫‪Jordan Libraire-éditeur, Alger, 1919, pp93-95.‬‬
‫‪ 34‬محمد أمين سهيلي‪ ،‬قاعدة درء املفاسد أولى من جلب املصالح (دراسة تحليلية)‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاجستير علوم إسالمية‪ ،‬غير‬
‫منشورة‪ ،‬الجامعة اإلفريقية العقيد أحمد دراية ‪-‬أدرار‪ ،‬الجزائر‪ ،1110/1115 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 35‬املأمون القاسمي‪" ،‬الطريقة الرحمانية"‪ ،‬ملتقى الحياة الروحية لألمير عبد القادر‪،‬الجزائر ‪ 11‬جوان‪ 11-‬جويلية ‪( ،1118‬الصفحات ‪-51‬‬
‫‪ ،)80‬موفم للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،1111،‬ص ص ‪.00-03‬‬
‫‪36‬‬ ‫‪Corneille Trumelet, Op.Cit, p 105.‬‬
‫‪37‬‬ ‫‪Georges Yver, Abd-el-Kader et le Maroc en 1838, Op.Cit, p 108.‬‬
‫‪38 Alex Bellemare, Op.Cit, pp212-213.‬‬
‫‪39 Jules-Jean-Gaétan Pichon, Abd El Kader, Henri Charles-Lavauzelle, Paris, 1899, p 81.‬‬
‫‪40 Arnaud T, Siège d'Ain Madhi par El Hadj Abd-el-kader Ben mohiedin, Revue Africaine, Volume‬‬

‫‪8, pp 354-371 et 435-453, A. Jordan Libraire-éditeur, Alger, 1864, p 368.‬‬

‫‪48‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫‪ 41‬شارل هنري تشرشل‪ ،‬نفس املصدر‪ ،‬ص‪.180‬‬


‫‪42‬‬ ‫‪Alex Bellemare, Op.Cit, p215.‬‬
‫‪ 43‬أديب حرب‪ ،‬التاريخ العسكري واإلداري لألمير عبد القادر الجزائري ‪،1808-1818‬ج ‪ ،1‬ط ‪ ،3‬دار الرائد للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،1115 ،‬ص ص‬
‫‪.31-11‬‬
‫‪ 44‬شارل هنري تشرشل‪ ،‬نفس املصدر‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪45 Georges‬‬ ‫‪Yver, Les correspondances du capitaine Daumas consul de France à Mascara 1837-‬‬
‫‪1839, Editions el Maarifa, Alger, 2008, pp 260-262,354.‬‬
‫‪46 Corneille Trumelet, Op.Cit, p 110.‬‬

‫‪ 47‬مقدمة املترجم‪ ،‬أدريان بيربروجير‪ ،‬مع األمير عبد القادر رحلة وفد فرنس ي ملقابلة األمير في البويرة (‪ ،)1838-1838‬تر أبو القاسم سعد هللا‪،‬‬
‫الطباعة العصرية‪ ،‬الجزائر‪ ،1110 ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ 48‬محمد الصغير بناني‪" ،‬معالم شخصية األمير عبد القادر من خالل شعره (معالم فكره السياس ي)"‪ ،‬مجلة الثقافة‪ ،‬العدد ‪ ،10‬وزارة‬
‫الثقافة بالجزائر‪ ،‬الجزائر‪ ،1180 ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ 49‬محفوظ قداش‪" ،‬جيش األمير عبد القادر تنظيمه وأهميته"‪ ،‬مجلة الثقافة‪ ،‬عدد ‪( ،85‬الصفحات ‪ ،)80-51‬وزارة الثقافة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1183‬ص‪.01‬‬
‫‪50 Warnier‬‬ ‫‪A, L'Algérie devant L'Empereur, Challamel Ainé Libraire-éditeur, Paris, 1865, p 305.‬‬
‫‪51‬‬ ‫‪Marcel Emerit, Op.Cit, p247.‬‬
‫‪ :Auguste Warnier 52‬زاول دراسة الطب وأصبح جراحا دون شهادة‪ ،‬سنة ‪ 1830‬يرسل إلى الجزائر بعد استفحال وباء الكوليرا في‬
‫الجنود الفرنسيين‪ ،‬أقام بمعسكر أثناء معاهدة التافنة واستطاع من خاللها رصد جميع القبائل املؤيدة لألمير عبد القادر وعمل على مداواة‬
‫جرحى عين ماض ي وكذلك أسرة األمير‪ ،‬سنة ‪ 1801‬يلتحق باللجنة العلمية الكتشاف الجزائر في قسمها التاريخي والجغرافي‪ ،‬يعد من أشد‬
‫املدافعين عن حقوق الكولون في امتالك أراض ي الجزائريين ليكافئ كمحافظ ملدينة الجزائر سنة ‪ .1881‬ينظر‪:‬‬
‫‪-Narcisse faucon, Livre d’or de l’Algérie, Challamel et cie éditeurs, Paris, 4889, p-p 631-688‬‬
‫‪ :Melchior Joseph- Eugène Daumas‬جنرال وسناتور وكاتب‪ ،‬دخل الجزائر سنة ‪ ،1835‬شارك في حمالت معسكر وتلمسان تحت‬
‫قيادة املاريشال كلوزل‪ ،‬اهتم كثيرا بدراسة اللغة العربية والعادات الجزائرية‪ ،‬بعد التوقيع على معاهدة التافنة يعين كقنصل عام لدى األمير‬
‫عبد القادر بمعسكر (‪ ،)1831-1838‬في عهد بيجو أسندت له مهمة شؤون األهالي لكامل القطر الجزائري وإعادة هيكلة املكاتب العربية‪ ،‬عين‬
‫كمرافق لألمير بسجنه بقلعة المالق‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫‪- Narcisse faucon, Op.Cit, pp 196.197‬‬
‫‪53 Marcel Emerit, Op.Cit, p165.‬‬

‫‪ 54‬برونو اتيين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬


‫‪55‬‬ ‫‪Alex Bellemare, Op.Cit, p211.‬‬
‫‪56 Edmond‬‬ ‫‪Pellissier de Reynaud, Annales Algériennes, Tome Premier, Librairie bastide, Alger,‬‬
‫‪1854, pp 359,376.‬‬
‫‪57 Victor-Amédée Dieuzaide, Histoire de l'Algérie de 1830-1878, Tome 2, Imprimerie de‬‬

‫‪l'association ouvrière, Oran, 1888, p 362.‬‬


‫‪58 Georges Yver, Les correspondances du capitaine Daumas consul de France à Mascara 1837-‬‬

‫‪1839, Op.Cit, p 284.‬‬


‫‪59 Corneille Trumelet, Op.Cit, p 112.‬‬
‫‪60 Warnier A, Op.Cit, p 202.‬‬

‫‪ 61‬أديب حرب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.31-31‬‬


‫‪62 Achille‬‬ ‫‪Fillias, Histoire de la conquêt et de la colonisation de l'Algérie (1830-1860), Arnaud du‬‬
‫‪vresse Libraire-éditeur, Paris, 1860, p 243.‬‬
‫‪63 Christian P, Op.Cit 51, p 98.‬‬
‫‪64 Jules Ladimir, Les guerres d'Afrique, Renautl B et cie Libraires éditeurs, Paris, 1899, p 499.‬‬
‫‪65 Corneille Trumelet, Op.Cit, p 114.‬‬
‫‪66 Arsène Berteuil, L'Algérie Française, Dentu Libraire-éditeur, Paris, 1896, p 341.‬‬
‫‪67 Alex Bellemare, Op.Cit, p192-194.‬‬
‫‪68 Arnaud T, Op.Cit, p 361.‬‬
‫‪69 Léon Roches, Op.Cit, pp115-148.‬‬

‫‪49‬‬
‫د‪ .‬محمد دراعو‬ ‫حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية‬

‫‪70 Louis‬‬‫‪Lataillade, Abdel-Kader Adversaire et ami de France, Editions Pygmalion/Gérard‬‬


‫‪Watelet, Paris, 1984, pp 96-98.‬‬
‫‪71 Léon Roches, Op.Cit, pp120-121.‬‬

‫‪ 72‬يوسف مناصرية‪ ،‬مهمة ليون روش في الجزائر ‪ ،1808-1831‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،1990 ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪73 Arsène‬‬ ‫‪Berteuil, Op.Cit, p 344.‬‬
‫‪74‬‬ ‫‪Marcel Emerit, Op.Cit, pp 188,192,196.‬‬
‫‪ 75‬يوسف مناصرية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪76 Arnaud‬‬ ‫‪T, Op.Cit, p 371.‬‬
‫‪ 77‬فالي ‪ :Valée‬شارك بكل همة ونشاط في الحروب الكبرى للمبراطورية الفرنسية‪ ،‬رقي إلى رتبة جنرال سنة ‪ ،1810‬قائد لفرقة املدفعية في‬
‫جيش دامريمون لحصار قسنطينة الثاني سنة ‪ ، 1838‬حيث لقي هذا األخير حتفه فأصبح فالي قائد للجيوش ومن ثم حاكم عام للجزائر وبقي‬
‫في هذا املنصب إلى ‪ 11‬ديسمبر ‪ 1801‬حين عوض بالجنرال بيجو‪ .‬في ‪ 18‬أكتوبر ‪ 1831‬قام فالي بعبوره الشهير "للبيبان" أو "أبواب الحديد"‬
‫فاتحا ممرا بريا بين قسنطينة والجزائر العاصمة‪ ،‬اعتبره األمير عبد القادر خرقا لحرمة أراضيه وملعاهدة التافنة فتجدد القتال‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫‪- Narcisse faucon, Op.Cit, pp 617.618.‬‬
‫‪ 78‬إسماعيل العربي‪" ،‬سفارة ميلود بن عراش لدى امللك لويس فليب"‪ ،‬مجلة التاريخ‪ ،‬الصفحات ‪ ،131-111‬الجزائر‪ ،‬جويلية ‪ ،1188‬ص‬
‫ص‪.118-110‬‬
‫‪ 79‬شارل هنري تشرشل‪ ،‬نفس املصدر‪ ،‬ص ص ‪.111-118‬‬
‫‪ 80‬أدريان بيربروجير ‪ :Adrien Berbrugger‬يعتبر من األوائل الذين وقفوا على حيثيات ووقائع االحتالل في عقوده األولى‪ ،‬وساهم فيه‬
‫قدم إلى الجزائر رفقة املاريشال كلوزل كسكرتير خاص‪ ،‬ترأس تحرير جريدة املرشد‬ ‫بقلمه وفكره وأدواره الطالئعية برحالته وكتاباته‪ِّ ،‬‬
‫الجزائري ‪ Moniteur Algérien‬شغل منصب محافظ ملكتبة ومتحف الجزائر‪ ،‬كان يمثل لدى اإلدارة العسكرية بنك معلومات ضخم‬
‫عن دقائق البلد واملجتمع‪ ،‬تشهد له صفحات املجلة اإلفريقية التي ترأسها إلى وفاته (‪ ،)1801-1850‬كانت له زيارتان مشهورتان إلى مناطق‬
‫سيادة األمير عبد القادر األولى في فترة معاهدة التافنة أواخر ‪ 1838‬وبداية ‪ 1838‬إلى وانوغة (برج حمزة) وأخرى بعد الحرب الشرسة سنة‬
‫‪ 1801‬إلى مقاطعة مليانة لتبادل األسرى أشرف عليها أسقف الجزائر ‪ .Dupuch‬ينظر‪:‬‬
‫‪- Auguste Cherbonneau, Nécrologie, in-Revue Africaine, Volume 13, A. Jordan Libraire-éditeur,‬‬
‫‪Alger, 1869, p-p 349-324.‬‬
‫‪ 81‬مقدمة املترجم‪ ،‬أدريان بيربروجير‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ 82‬أديب حرب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪ 83‬ابن عودة املزاري‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.183‬‬
‫‪84‬‬ ‫‪Carlos Bouville, Op.Cit, pp 23-26.‬‬
‫‪85 Georges‬‬ ‫‪Yver, Les correspondances du capitaine Daumas consul de France à Mascara 1837-‬‬
‫‪1839, Op.Cit, p 334.‬‬
‫‪86 Corneille Trumelet, Op.Cit, pp 115-116.‬‬
‫‪87 Camille Rousset, L'Algérie de 1830 à 1840: les commencements d'une conquête, Nourrit et Cie‬‬

‫‪Imprimeur-éditeur, Paris, 1887, pp 350-351.‬‬


‫‪ 88‬ولفريد بلنت سكاون‪ ،‬صقر الصحراء‪ ،‬تر محمد حسن صبري‪ ،‬مركز األهرام للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،1110 ،‬ص ص ‪.110 ،111‬‬
‫‪ 89‬أحمد توفيق املدني‪" ،‬أبطال املقاومة الجزائرية‪ :‬حمدان عثمان خوجة‪،‬أحمد باي قسنطينة‪ ،‬األمير عبد القادر والدولة العثمانية"‪ ،‬مجلة‬
‫التاريخ‪( ،‬الصفحات ‪ ،)115-33‬الجزائر‪ ،‬أفريل ‪ ،1188‬ص ص‪.115-110‬‬
‫‪90 Edmond‬‬ ‫‪Pellissier de Reynaud, Op.Cit, pp 456-459.‬‬
‫‪91 Achille‬‬‫‪Fillias, Op.Cit, pp 240-241.‬‬
‫‪92 Alex Bellemare, Op.Cit, p194.‬‬

‫‪ 93‬بن يوسف تلمساني‪ ،‬الطريقة التجانية وموقفها من الحكم املركزي بالجزائر (الحكم العثماني‪-‬األمير عبد القادر‪-‬اإلدارة االستعمارية)‬
‫‪ ،1111-1881‬رسالة لنيل شهادة املاجستير في التاريخ الحديث واملعاصر‪ ،‬غير منشورة‪ ،‬معهد التاريخ‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1118/1118‬ص‪.110‬‬
‫‪94 Christian‬‬ ‫‪P, Op.Cit, pp 96-97.‬‬
‫‪95‬‬ ‫‪Louis Rinn, Op.Cit, pp 427-428.‬‬

‫‪50‬‬

You might also like