Professional Documents
Culture Documents
حصار الأمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية The siege of ʿĀīn Māḍī by Emir ʿAbd al-Qādir between political necessity and French intrigues
حصار الأمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية The siege of ʿĀīn Māḍī by Emir ʿAbd al-Qādir between political necessity and French intrigues
حصار األميرعبد القادر لعين ماض ي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
The siege of ʿĀīn Māḍī by Emir ʿAbd al-Qādir between
political necessity and French intrigues
امللخص:
تحاول هذه الدراسة إبراز أوجه الصراع بين محمد الصغير التجيني بعين ماض ي واألمير عبد القادر ،وذلك
بمقابلة بين الضرورة الشرعية والسياسية لحصار عين ماض ي لدى األمير عبد القادر املوجبة لتوحيد جهود املقاومة في
مواجهة التغول الفرنس ي ،ووجه االستحالة العسكرية واالستراتيجية في تنفيذه ،بما مثلته الطريقة التجانية من سلطة
روحية واقتصادية وتحكمها في تجارة جنوب الصحراء ولها باع طويل ومريدين مخلصين وحصانة مدينتها .وتهدف الدراسة
إلى تبيان بعض الجوانب الخفية للدور الفرنس ي في هذا الصراع ،وما تمخض عنه من مآالت أثرت سلبا على مقاومة األمير
عبد القادر ،في مد نفوذها باملنطقة.
كلمات مفتاحية :األمير عبد القادر؛ محمد الصغير التجيني؛ االحتالل الفرنس ي؛ عين ماض ي؛ الطريقة التجانية.
Abstract:
This study attempts to highlight the aspects of the conflict between
Muḥamad al-ṣaġīr al-tīǧānī in ʿĀīn Māḍī and Emir ʿAbd al-Qādir, by
contrasting the legal and political necessity of the siege of ʿĀīn Māḍī with
Emir ʿAbd al-Qādir, which dictates the unification of the resistance efforts in
the face of the French tyranny, and the military and strategic impossibility
of implementing it, as represented by the tīǧānī Path of A spiritual and
economic authority and its control in the sub-Saharan trade, and it has a
long history, loyal followers, and the immunity of its city
Keywords: Emir ʿAbd al-Qādir; Muḥamad al-ṣaġīr al-tīǧānī; the French
occupation; ʿĀīn Māḍī; the tīǧānī Path.
36
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
مقدمة:
يعتبر موضوع األمير عبد القادر وعالقاته بالطريقة التجانية من املوضوعات التي ال زالت بعض جوانبها غامضة
وتحتاج الى دراسات معمقة ،بالرغم من وجود دراسات وكتابات حاولت إماطة اللثام عن هذا املوضوع ،في هذا السياق
يأتي تناول موضوع حصار عين ماض ي من طرف جيش األمير عبد القادر جوان 1838م جانفي 1831م ،كمحاولة إلزالة
الغموض واللبس عن بعض األحداث املحيطة بزحف األمير تجاه عين ماض ي(املدينة) والدوافع الكامنة وراء هذه الحملة
َ
واملحركين لألحداث من طرفي الصراع (األمير عبد القادر من جهة
ِّ (الحصار) ،وتسليط الضوء أيضا على بعض الفاعلين
ومحمد الصغير التجيني من جهة أخرى) ،دون إهمال أو إغفال للدور الخفي لفرنسا وجواسيسها وعلى رأسهم ليون روش
ودوره الخطير في تسميم عالقات األمير بالتجانيين.
من هذا املنطلق فإنه ال يمكن للباحث فك أسباب وحيثيات إقدام األمير على مواجهة التجانيين عسكريا وفرض
مكونات الشعب الجزائري في كل الجهات.سيادته عليهم إال بالعودة الى املشروع السياس ي الوطني الذي انخرط فيه جميع ِّ
تشبث األمير عبد القادر بمبدإ وحدة الوطن واملجتمع لخوض مقاومة منظمة وشاملة لكل القطر وعلى هذا األساس َّ
تصدعا في كيان الدولة بل فاقدة للسيادة .وقد كان النسيج االجتماعي الجزائري ،ورأى في أي خروج عن هذا املبدإ ُّ
َّ
الجزائري فسيفساء مشتتة جغرافيا ومتصارعة اجتماعيا وسياسيا ،تتجاذبه جماعات الكراغلة وقبائل املخزن وصراع
قبائلي وطرقي على مجال النفوذ .وتعد الطريقة التجانية إحدى أبرز أوجه هذا الصراع الداخلي الذي خاضه األمير عبد
القادر ،إجتهد في صهرها تحت سيادة سياسية واحدة.
ومن أبرز الدراسات الجزائرية التي اهتمت بهذا املوضوع نذكر :بن يوسف تلمساني"الطريقة التجانية وموقفها من
الحكم املركزي بالجزائر (الحكم العثماني-األمير عبد القادر-اإلدارة االستعمارية) "1111-1881في رسالة ماجستير غير
منشورة ،عن جامعة الجزائر ،سنة ،1118/1118ومقال نور الدين بلعربي "الصراع بين األمير عبد القادر وزاوية عين
ماض ي وموقف املغرب وفرنسا من ذلك" بمجلة القرطاس العدد الحادي عشر سنة .1111ومن الدراسات الفرنسية
نشير ملقال ت أرنو" T Arnaudحصار عين ماض ي من طرف الحاج عبد القادر بن محي الدين" باملجلة اإلفريقية لسنة
1864عدد.01
واإلشكالية الرئيسية املطروحة كانت كاآلتي :ما هي دوافع األمير عبد القادر لحصار عين ماض ي؟ وكيف انعكس
الدور الفرنس ي وبالخصوص ليون روش على مجريات ومخرجات هذا الحصار؟ محاولين معالجة املوضوع ضمن هذه
املحاور:
مركزية عين ماض ي لدى الطريقة التجانية
الضرورة الشرعية والسياسية لحصار عين ماض ي
التطورات العسكرية لحصار عين ماض ي
الدور الفرنس ي في الصراع وعواقبه على املقاومة
37
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
يوفر حماية مزدوجة للمدينة .محمد الصغير التجيني سيد املدينة سليل األشراف ،ال يقبل الندية وال أن يكون تابعا،
3
مرابط على طريقة أجداده ،نأى بها عن التدخل في الشؤون السياسية للبلد.
ويعتبر تصميم قصر عين ماض ي عمال هندسيا مدروسا ،ال من حيث املوقع واألسوار الخارجية املحيطة باملدينة
املدعمة بأبراج الحراسة ،وشبكة طرقات وأزقة تضمن حركة انسيابية داخل القصر ،ووفرة املياه للسقي والشرب ،مما َّ
يجعل منها مدينة مستقلة قائمة بذاتها ،تمك ُنها من الصمود أمام األخطار الخارجية لفترات طويلة 4.والزال هذا القصر
5
يعيش ذكرى اإلنتصار التاريخي على محاولة حصاره سنة 1883من طرف باي وهران محمد الكبير.
ومن أعالمها الشيخ والعالم أحمد التجيني الذي استقل بطريقته وسميت باسمه سنة ،1881وجعل مقرها بعين
ماض ي ،ورتب لها األوراد واألذكار عرفت "بالكناش "وأصبح لها "مقدم" بكل ناحية وأتباع كثر ُعرفوا باسم "األحباب"
وبدأت تتوسع وتنتشر بدون توقف ،لدرجة أثارت ريبة الحكومة التركية ،ويقوم باي وهران بحصارها وفرض عليها غرامة
سنوية كبيرة سنوات ،1888-1883ليغادرها شيخها إلى فاس في حضوة السلطان موالي سليمان إلى أن توفى بها سنة
6
.1815
وقبل موت الشيخ أحمد التجيني عهد بطريقته إلى الحاج علي بن الحاج عيس ى مقدم زاوية تماسين بواد ريغ
بالجنوب الشرقي للجزائر لحداثة سن أوالده ،في حين ظلت عين ماض ي في عقب الشيخ املؤسس للطريقة ،وهكذا أصبحت
الطريقة التجانية بفرعين أساسيين َيه ْي ِّمنان عليها ،لكن في تعاون مثمر خصوصا في النائبات ،إذ ساندت تماسين عين
7
ماض ي ملا حاصرها األتراك وفي حملة اإلبن البكر لشيخ الطريقة محمد الكبير سنة 1818بضواحي معسكر.
تولى محمد الصغير إدارة شؤون عين ماض ي بعد أخيه ،تناصره وتآزره تماسين ،فأصبحت قوة روحية واقتصادية
ُّ
بتحكمها في قوافل التجارية لطوارق ،السودان ،وافريقيا الوسطى ،تجوب بالد شنقيط ،تمبوكتو والسنغالِّ ،
يسيرها
أتباع الطريقة بكل أمان بصفة مقدم عن زاوية عين ماض يَ ،د َّرت عليها ثروات عظيمة واكتسحت الطريقة كل العمق
8
اإلفريقي ،وكانت سببا في نشر اإلسالم في هذه األقطار.
املهمة بالصحراء القريبة ما يجب اإلشارة إليه أنه ومنذ العهد التركي كانت األغواط -إحدى الحواضر التاريخية َّ
جدا من عين ماض ي-منقسمة إلى ثالثة أحياء فرع أوالد سرغين ،وفرع األحالف (أحمد بن سالم) ،وفرع أوالد الحاج عيس ى
وهو األضعف ،تتنافس النفوذ على مدينة األغواط ولو باإلستعانة بقوى خارجية ،على بعضها البعض لتنتزع رياسة
وسيادة املدينة ،وفي سنة – 1818قبل عشر سنوات من هذا الحصار -أصبح فرع األحالف الذي يرأسه أحمد بن سالم
ليكرس سلطته 9.وبالتالي تعززت وتوسعت وهو موالي للتجانيين سيد مدينة األغواط إلى مرحلة قيام األمير عبد القادر ِّ
ُ
سلطة التجانيين بعين ماض ي إذ أصبحت احدى الحواضر القريبة منها في كنفها تساندها وتآزرها ،وستلقي هذه
التحالفات والنزاعات بين هذه األفرع املتنافسة عل سيادة مدينة األغواط بظاللها في رسم مستقبل املنطقة ُبر َّمتها أثناء
حصار األمير عبد القادر لعين ماض ي وفي تعاملها مع االحتالل بعد ذلك.
38
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
ً
الهبة الجهادية التي قادها ُمحي الدين ومن بعده إبنه عبد القادر الذي أظهر حنكة قيادية بعد مبايعته أميرا
هذه َّ
ً
سياسية تكمن في ُّ ً
تكبد للمؤمنين في 13نوفمبر ،1831وهو اللقب الذي له مدلول ديني أكثر منه كسلطة وحكم ،ومهارة
عناء قيادة هذه الجموع (عموم الشعب) التي تؤكد الشواهد وقتها أنه منقسم على نفسه ،لم تكن لتغيب عن عبقرية
املكونات ضمن وطنية عربية إسالمية أكثر منها وطنية سياسية ،ويطمح الستقالل عرب َ
األمير النافذة في صهر هذه ِّ
12 الجزائر تحت حكمه 11.فالوحدة الوطنية آنئذ لم يكن باإلمكان ُ
فهمها إال في إطار الدين اإلسالمي عقيدة وشريعة.
وهذا ما ذهب إليه ليون روش 19Léon Rochesأن األمير يريد أن يثبت سلطته الفعلية على القطر الجزائري بين
تونس واملغرب ،لكن على الصحراء الوسطى نازعه الولي سيدي محمـد التجيني شيخ الطريقة التجانية والذي له أتباع
20
وسلطة روحية على عدة قبائل في الجزائر كلها.
واألمير عبد القادر شاهد عيان على النظم الحاملة للتفرقة والصراع لكل مكونات املجتمع الجزائري ،بقايا األتراك
وطائفة كراغلة املتحالفة مع قبائل املخزن ،الحضر (البرجوازية األهلية) وتتصارع حتى فيما بينها وكذلك ضد قبائل
محلية باسم القبيلة أو مرابطي الطرق َ َّ
الرعية عموم العرب والبربر أو أهل الريف ،وهذه األخيرة تتنازعها عدة زعامات ِّ
21
الصوفية املفتخرة بدينها ووطنها.
ُّ
ولم يكن ليسلم من هذا التشتت القبلي جهة أو منطقة وأحيانا كثيرة يمس املدينة الواحدة مثل األغواط ويصدق
الحال كذلك على تلمسان وقسنطينة وأغلب باقي املدن حينئذ .ونفس الحال كانت عليه القصور الصحراوية (تاجمونت،
22
حد بعيد مع تاريخ الجمهوريات اإليطالية في العصور الوسطى
املتشعبة تشابهت إلى ٍّ
ِّ عين ماض ي ،حران) وصراعاتها
ٌ ٌ وبالتالي فمراعاة التحالفات القائمة وإيجاد توازنات وتفاهمات سياسية تلقى ًّ
حدا أدنى من القبول ،هي ضرورة سياسية
ٌ
ملحة لتجنب كثير من الصدامات البي ِّنية.
39
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
يعقب عليها ناصر الدين سعيدوني بقوله "لو أمكن توحيد مقاومةفالوحدة التي كان ينشدها األمير عبد القادرِّ ،
األمير وأحمد باي واكتساب جماعة الكراغلة وفرسان املخزن لتغير سير التاريخ الجزائري الحديث وألمكن بدون شك
َّ
املدمرة ملدة قد تصل إلى نصف قرن" 23.لكن ملا حلت ساعة املفاصلة لتوحيد جميع القوى
إيقاف الزحف الفرنس ي وآثاره ِّ
ً
حاجز صد مركب "سياس ي ،اجتماعي ،اقتصادي وحتى نفس ي" وقف عقبة ً ُ
كئودا ٍّ ٍّ في مواجهة الفرنسيين كان قد تشكل
أمام األمير عبد القادر لتوحيد الجهود للتصدي للعدوان الخارجي.
رغم أن األمير عبد القادر وأباه من قبله كان على رأس طريقة قادرية ُ
وس ِّم َي تبركا بها عمل على كسب بقية الطرق،
َّ
ففي كل محلة يكون لها ممثل يدعى املقدم وله مريدون ،شغله تذكية روح الجهاد ،وتقديم الدعم للمجهود الحربي ،وكذا
الدعاية واألمن تحت راية األمير عبد القادر ،وان كان بعضها ناصبه العداء أمثال الحاج العريبي (أتباع الطريقة
24
الطيبية).
وأثر ٌ
وقع ٌْ
بالغ بعد جماعة الحضر والكراغلة وقبائل املخزن على غير أن الطريقة التجانية بعين ماض ي كان لها أكبر
مقاومة األمير عبد القادر واملقاومة الشعبية على العموم .ملا تتمتع به من نفوذ كبير في أوساط شريحة كبيرة من األنصار
25
واملحبين واملريدين وكذلك بما تمثله من عمق استراتيجي داخل الصحراء من املغرب إلى تونس.
ِّ
األمير عبد القادر عمل بكل الوسائل املمكنةُ ،ليدخل التجانية ضمن سلطته ،وباءت كل محاوالته املتكررة معهم
ْ َ
بالفشل ،وسيدا تماسين وعين ماض ي على التوالي الحاج علي ومحمد الصغير التجيني رفضا رفضا قاطعا أن يصبحا من
حدة هذا الرفض بعبارات؛ أنه منقطع للعبادة ويعيش حياة دينية هادئة وال أتباع األمير ،التجيني وإن حاول التقليل من َّ
َّ
مكن الفرنسيين من بالد املسلمين قادر أن َ يريد الخوض في صراعات دنيوية ،وأن َ
يجليهم عنها ،دون اإلحتياج القدر الذي
لسواعد التجانيين 26.وظلت البعثات واملراسالت بين الطرفين متوالية بدون نتيجة ،واألمير عبد القادر يعطي الضمانات
والتطمينات لشيخ التجيني ،وهذا األخير ثابت على موقفه ،وهكذا تباعدت املواقف والرآى ،فاألول بحق لواء الجهاد
وسيادة الدولة يجب اإلعتراف بشرعية سلطته ،والثاني سليل طريقة شهيرة لها أتباع من مصر إلى املغرب يأبى اإلنضواء
27
تحتها.
وباملحصلة تشابه موقف التجانيين مع الكراغلة وقبائل املخزن إتجاه األمير عبد القادر وإن كانت اختلفت
دوافعهم وتوجهاتهم .فالتجانيون الزالت تجذبهم رواسب املاض ي وبالضبط مع مطلع القرن التاسع عشر حيث تبنت
الطريقة انتفاضة ضد الحكم العثماني سنة ،1818انتهت بمقتلة أبيدوا فيها عن آخرهم مع سيدهم أحمد بن أحمد
التجيني (محمد الكبير) بنواحي غريس بمعسكر ،لم يسلم حينها أهل الحشم (قبيلة األمير عبد القادر) من اتهام حسن
باي وهران بأن لهم يد في ذلك وإال ما كان التجيني أن يجعل بالدهم طريقا 28.في حين اعتبر أنصار التجيني أنه لوال تقهقر
29 الحشم ومن وافقهم ما كانوا ليقعوا في عين اإلعصار ٌلتجتث ُ
شأفتهم من طرف الباي العثماني وأعوانه.
املبرر الشرعي (الفتوى الدينية) في مقاتلة شيخ التجانيين وهذا ما جاء في مذكراته " ُ
األمير عبد القادر وإن و ِّفق في ِّ
تخلف صاحب عين ماض ي عن البيعة الالزمة له بشرعنا ،وعدم موافقته على الدخول في سلك الجماعة ،ومنع كثيرا من
الحقوق الواجبة عليه كالزكاة املقترنة شرعا بالصالة ،وهو املصوغ الشرعي الذي قاتل به خليفة رسول هللا أبوبكر
30
الصديق املرتدين".
ً وحتى ُي ْبع َد أي تأويل بشأن ُّ
تدخله في عين ماض ي وحصارها أصدر األمير بيانا يوضح فيه طريقة معالجته ألمر ٍّ ِّ
َ
التجيني ومن انتمى إليه حيث قال" :إن أهملنا أمرهم خشينا أن يسري هذا الفساد إلى غيرهم فيفوت املقصود الذي هو
40
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
موحدة فأخذنا في حصار حصنهم والتضييق عليهم" 31.وبالتالي هذه الفتوى الدينيةجمع األمة على كلمة واحدة وطريقة َّ
إرتكزت على مبررات شرعية تجيز لألمير عبد القادر ما أقدم عليه من منظور فقهي شرعي .وكذلك األمير يستمد شرعيته
من املبايعة ومن االنتصارات التي حققها على العدو الفرنس ي ،فله "حق السيادة" 32وقد استعمل هذا الحق ليبرر حملته
على عين ماض ي الذي نازعه فيه محمد الصغير التجيني ،وسرد في الرسالة التي بعث بها إلى وكيله بفاس الحاج الطالب بن
33
جلون حيثيات مبررات الحملة.
غير أن هذه الفتوى يمكن مراجعتها ضمن السياق العام للمقاومة والعمل التراكمي الذي تتطلبه (ماديا وعسكريا
بالخصوص) وعدم فتح جبهة جديدة في خاصرة املقاومة ،على أساس قاعدة درء املفاسد أولى من جلب املصالح ،وهي
التقديم أو ُي َّ
ُ كل ش يء في مرَتبته فال َّ
يؤخ ُر ما ُّ ُ إحدى مقاصد الشريعة ضمن "فقه األولويات" ُم َّ
لخ ُ
قدم ما حقه ِّ "وضع ُّ ٍّ صها
34 الكبير وال ُي َّ
كبر األمر الصغير". ُ صغر ُ
األمر حقه التأخير وال ُي َّ
ُّ
ٌ
مشروع ،فإنه كان يمكن احتواء ورص الصفوف وهو ٌ
حق َّ الجهود َ
توحيد لذا وإن كانت املصلحة تستوجب
ِّ ِّ
ُ
والصبر عليها والقبول منها النفس ً
زمنيا الطريقة بالطرق األخوية أو حتى الدبلوماسية املتأنية ،ولو على مرحلة طويلة َ
ِّ ٍّ
بالقليل ٌ
خير من ال ش يء ،كاالضطالع باملهام املجتمعية مثل التعليم.
وبالتالي تكون تثمينا للمبادرة األولى لألمير عبد القادر ،حين أجاز قبل ذلك لشيخ الطريقة الرحمانية بزاوية الهامل
َّ َ ُ َ َّ
وحث ُه بمنطقة بوسعادة محمد بن أبي القاسم سنة ،1838أن يضطلع بواجب التربية والتعليم نحو أبناء قريته ،فشجعه
على توسيع دائرتها ،مع أن هذا األخير أفصح عن نية الجهاد في سبيل هللا ،لكنه في األخير امتثل لألمر الصادر له من قبل
ان شيخ الطريقة التجيني في أفريل 1838عن نوايا حسنة حين بعث بهدايا لألمير عبد القادر األمير عبد القادر 35.وقد َأب َ
36 َّ
ليرده عن الحملة.
حض ي به الحاج عيس ى سرعان ما حاول استثماره ضد غريمه بعين ماض ي برفع تقارير مغرضة هذا التعيين الذي ِّ
لألمير عبد القادر ،كون التجيني يمثل رأس الحربة لدى القبائل املناوئة لألمير بالصحراء ،في حين كانت سلطته السياسية
ال تتجاوز حدود أسوار قصره 38.وهكذا أصبح التجيني في نظر األمير عبد القادر من خالل تقارير خليفته منازعا لسلطته
على الصحراء 39.وعليه فإن اختيار خليفة لتلك املنطقة يراعى فيه حدا أدنى من القبول ويتمتع بنفوذ قوي ،ضرورة ملحة
إليجاد خيط وصل مع القبائل النافرة .والتحالفات القائمة ،وتنأى عن الصراعات السابقة بما يخدم املصلحة العامة.
الواضح في األمر ،أن حجم القوات التي استنفرها هذا الخليفة تبرز نيته غير السليمة ورغبته الخفية ،إذ لم تكن
لتتجاوز 155فارس كأقص ى تقدير ،وكأنه ألقى بثقل املواجهة ورمى بها على كاهل األمير عبد القادر وحده ،هذا األخير
استقدم معه 1111عسكري ،ليرتفع العدد إلى ،3585ثم ليصل بعد ذلك إلى 8111رجل 40.وحسب تشرشل لم يفد
اصر واضطر األمير لجلبه من الخطوط الخلفية البعيدة، َ
يوفر اإلمداد الآلزم للجيش املح ِّ
الحاج عيس ى بأي ش يء ،لم ِّ
41 َّ
وحتى قوافل اإلمداد كانت معرضة لهجمات املغيرين ،وتبين أنه لم يكن أكثر من محتال .حيث قامت قبائل األربعاء
41
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
املخلصة للتجيني بقطع الطرق والسطو على قوافل الدعم والذخيرة القادمة إلى األمير عبد القادر من الشمال ،لضرب
42 ُ
املحاصر لعين ماض ي ،وتبدأ حينها تطرح فكرة التراجع عن هذا الحصار.
ِّ معنويات الجيش
إن املواجهة التي أريد لها أن تكون تأديبية فقط وإعالنا لسيادته على مناطق الجنوب ،جوبهت من أول وهلة
بمقاومة عنيفة من طرف التجانيين ،وبدأت تظهر عورات الحملة من أول يوم بعد عدم تمكن قوات األمير بإحداث أي
خرق ألسوار املدينة الحصينة وتكبد خسائر في األرواح ،واستمرت مناوشات كثيرة شهري جويلية وأوت 1838لكنها
معدومة الفائدة من الناحية العسكرية ،فعبد القادر يفتقر إلى الذخيرة وينتظر إمدادات من فرنسا ومراكش لتشديد
43
الحصار.
آثر التجيني التخندق وراء مناعة أسواره وإخالص ووالء أتباعه ،فأصبحت سيادة األمير عبد القادر على املحك
التل وتفقد الدولة سيادتها ،لذا
وأمام امتحان صعب ،إن تراجع تذهب هيبة سلطته على كل الصحراء ويتردد صداها في ِّ
أقسم األمير عبد القادر أن يموت دونه وال يتولى عنه رغم ُّ
تبين ضريبته املكلفة 44.األمير عبد القادر عازم على خضوع عين
ماض وبأي ثمن ،لكن الوضعية الحرجة بعد استبسال أتباع التجيني ،جعلته يطلب من خليفتيه على معسكر وتلمسان
45
بكل املدافع التي بحوزتهما.
رفع األمير عبد القادر سقف مطالبه ،بشرط حضور التجيني إلى خيمته ،ووضع بين يديه كل األسلحة والذخائر،
46
السجال في إصرار األول وعناد الثاني.
وفتح أبواب املدينة له ،وإنك لتزداد عجبا من هذا ِّ
ُ
تفاقم الوضع مع طول مدة الحصار من 11جوان 1838إلى غاية 11جانفي ،1831وإستنزاف موارد األمير
توخاه من فترة السلم التي أعقبت معاهدة تافنة ،عوض أن العسكرية التي هو في أمس الحاجة لها ،كان معاكسا ملا َّ
ً ً ُت ْس َت ْثمر جي ًدا أنهكته وأنهكت جيشه في صراعات جانبية ،فضال على أنها َّ
الوطن لها با ٌع
ِّ اس َت ْع َدى ِّجهة كاملة من
حي َد ْت بل ْ
ِّ
ًّ ً َّ ً ً ٌ ٌ ٌ
ي
اقتصادي وعسكر هام ،وتركت جروحا وشروخا تنزف ،شكلت حاجزا نفسيا الستيعابها بعد ذلك ضمن املقاومة.
وهذا ما ذهب إليه أبو القاسم سعد هللا "إنشغل األمير عبد القادر بحصار عين ماض ي الذي أخذ منه وقتا وجهدا
كبيرين كان في أشد الحاجة إليهما لتأسيس أركان الدولة" 47.والحاصل أن طبيعة املقاومة الفاعلة يجب أن تكون (شعبية
48
منظمة ،مصحوبة بتعبئة سياسية محكمة وتوحيد بين القوى والجهود ،مع تدبير عسكري وتوفير لألسلحة والعتاد).
ففضاء الجنوب الشاسع يوفر مناطق آمنة يلجأ إليها جيش األمير حيث يتعذر على الفرنسيين مالحقته فيها ،وكان األمير
49
مقتنعا بأن الصحراء ستكون عائقا كبيرا في طريق تقدم الفرنسيين لسنوات طويلة.
كانت استراتيجية األمير عبد القادر خلق خطوط دفاعية موازية للساحل أي في مجابهة املراكز الفرنسية ،خط
يتوسط التل أهم مدنه تلمسان ،معسكر ،مليانة ومدية .وخط القالع والحصون لحافة التل على مشارف الصحراء
سبدو ،سعيدة ،تاقدمت ،تازا وبوغار ،باإلضافة إلى خط أخير في عمق الصحراء وهو الداعي لحملة عين ماض ي ويشمل
كذلك مناطق األغواط ،وبوسعادة والزيبان أي مقاطعة الصحراء 50.لكن ما يمكن مالحظته أن املقاطعات الثالث (مجانة،
الزيبان والصحراء) على العموم قواتها جد ضعيفة وسلطتها شكلية ،ولم تشارك بصفة فعلية في جهاد األمير عبد
51
القادر.
ضد أعدائه املسيحيين ،تجعل هذه الهالة الرائعة التي َّتو َج ْت َ
جبين ُه فالرمزية التي صنعها األمير بقيادة الجهاد َّ
َ َ ُ ْ ُ تفقد بريقها بحربه َّ
داخلية
ٍّ اعات َ
وتفنيها في صر ٍّ موارد ُه املادية ض ِّعفضد اخوانه املسلمين –شيخ عين ماض ي ،-وكذلك ت
وتؤدي بالضرو ِّرة إلى اإلستنزاف التدريجي لقوات األمير وتخدم االحتالل بشكل منقطع النظير ،لذا عد كل ُت ُ
فتت العربِّ ، ِّ
42
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
واستمر الوضع على حاله إلى أن وصل شقيقه سيدي محمد سعيد والخليفة مصطفى بن التهامي بتاريخ 18
نوفمبر 1838إلى مكان تمركز األمير عبد القادر حول عين ماض ي ،للتوسط بين املتحاربين لحل الخالف وانهاء الصراع،
تم بعد مفاوضات عديدة ،حيث ينجلي التجيني عن عين ماض ي خالل 01يوما مع عائلته وثروته وأتباعه ،وفي 11 وهو ما َّ
61
جانفي 1831يقوم األمير عبد القادر بنسف قصرها وحصنها ودك أسوارها وأبراجها.
هذه الوساطة التي امتلك بها األمير عبد القادر قصر عين ماض ي ،أعتبرت عند بعض الفرنسيون "خيانة" 62،كون
األمير تعب من هذا الحصار الغير مجديَ ،
فن َدب صهره مصطفى بن تهامي بإعالم التجيني أن األمير ال يريد إال الصالة في
مسجد عين ماض ي ،وحينما دخلها قام بنسف املدينة 63.يكررها الدمير Ladimirنصا وحرفا دون توصيفها 64،ويعلق
عليها تروملي Trumeletخدعة كبيرة لم تكن لتنطلي على التجيني ،وكان مقربون من األمير عبد القادر قد حذروا
يعن ِّون ملالحظات حول حصار عين ماض ي أن املدينة سلمت عن التجيني أن طلبه هذا ينطوي على "خيانة" 65.وبعضهم ْ
66
طريق "الخيانة".
هذا الفعل الشنيع بعيد عن خلق األمير عبد القادر (دينيا وسياسيا) ،لقد كانت لألمير إرادة واحدة مع كل القبائل
النافرة هي اإلعتراف بحق البيعة ودفع الزكاة الواجبة .وعلى هذا األساس حارب قبل حصار عين ماض ي بعض قبائل
الصحراء من الزناخرة ومن واالهم جنوب بوغار ،وعلى رأسهم بن عودة املختاري ،وحين انتصر عليهم األمير عبد القادر،
طلب بن عودة األمان ،فكانت حركة األمير السياسية ذكية ،ليس العفو عنه فقط بل جعله أغا على قومه 67.وهي اشارة
واضحة لبقية القبائل واألعراش أن األمير عبد القادر ليست له عداوة شخصية مع أحد ،سوى الحقوق الواجبة اتجاه
الدولة.
43
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
ليون روش Léon Rochesأو عمر ولد الروش كما يلقب لدى العرب ،أصبح املستشار األمين والصديق الحميم
لألمير عبد القادر ،وبعد أن حامت حوله شبهات من خليفة تلمسان ،يفر منها ويذهب في أثر األمير بعين ماض ي ،ويختلق
األعذار لفراره ويقلب الوضعية لصالحه ،ويحض ى بالشخصية األكثر تأثيرا في محيط األمير عبد القادر ،ويقوم باألدوار
70
األولى في هذا الحصار.
وفي مذكراته يقول ليون روش هو من أقنع األمير عبد القادر وتطوع ليقود املفاوضات األولى مع التجيني بحكم أنه
يمسه بسوء ،وإذا لم يقدر على إقناع صاحب عين ماض ي ،فهي فرصة يقتنصها للطالع على فرنس ي ،ال يمكن للتجيني أن َّ
تحصينات املدينة ودفاعاتها 71.وهكذا استطاع ليون روش أن يحبك خطته ،ويرفع ُ
أسهمه لدى األمير عبد القادر (حصل
على وسام بعد انتهاء الحصار) ،كتابع مخلص ومخاطر بحياته من أجل سيده 72.ومهما يثار ويقال عن سلوك ليون روش
73
من ازدواجية الشخصية ،لكن نجحاته التي حققها للفرنسيين تبرر تصرفاته.
ليون روش Léon Rochesوبعد استطالع مدينة عين ماض ي َّ
تيق َن أن األمير أخطأ في تقدير الوضع ،وذلك من
أمرين مهمين؛ األول حصانة املدينة (الدفاع املزدوج ألسوار الحدائق وأسوار املدينة نفسها يجعلها كاملتاهة) ،الثاني
َّ
تصميم السكان وعزمهم للدفاع عن مدينتهم مهما كلف األمر وتدين بوالء تام للتجيني (وهي عكس نصائح خليفته الحاج
العربي بن الحاج عيس ى األغواطي أن حضور األمير شخصيا كاف لتفتح له أبواب عين ماض ي وتجلب طاعة جميع القبائل
74
النافرة).
لذا نجد ليون روش ينفخ في أذن التجيني عن حصانة مدينته وبإمكانها الصمود عشر سنوات ،وكأنه يزين له فعل
75
ذلك في وجه األمير عبد القادر ،في حين كانت مهمته باألساس الحرص على نزول التجيني على عهد األمير عبد القادر.
ويمكن التساؤل عن مصدر الرسالة التي ألقيت من فوق اسوار املدينة تزرع بذور الشقاق وتحذر التجيني
76
وجماعته بعدم األمان بعهود األمير عبد القادر حين آلت األمور إلى االنفراج فزادتها تعقيدا.
على مستوى السلطات االستعمارية ،عمل الحاكم العام فالي 77Valéeفي هذه الفترة بالذات على أمرين مهمين:
إفراغ مهمة ميلود بن عراش مبعوث األمير إلى فرنسا لدى ملكها وحكومتها من محتواهاْ ،
وجع ِّلها مآدب ولقاءات
78
بروتوكولية ال طائل منها ،خالصتها شؤون إفريقية يجب أن تسوى في إفريقية كما جاء على لسان رئيس الوزراء الفرنس ي.
األمر الثاني فرض مشروع إتفاقية توضيحية ملعاهدة تافنة ،حين رجع بن عراش من فرنسا ختم عليها جبرا ،تمتلك فرنسا
بموجبها جميع شواطئ الجزائر ،وصلة أرضية بين الجزائر وقسنطينة ،وهي شروط كالربت بمخلب األسد كما سماها
79
تشرشل تجعل سيادة فرنسا على الجزائر قائمة وسيادة األمير في مهب الريح.
وال يستبعد أبو القاسم سعد هللا الدور الفرنس ي في إطالة الحصار وتعقيد الخالف بين األمير وشيخ التجانية
فيورد أن املارشال فالي Valéeبذل قصارى جهده لرشوة خلفاء األمير باملدية ومليانة ،والتأثير على ابن عراش الذي كان
غير من بنود معاهدة تافنة ،ولم يغفل أبو القاسم سعد هللا كذلك دور بير بروجير في منصب وزير الخارجية لألمير لي ِّ
44
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
80Berbruggerصاحب الرحلة إلى املراكز العسكرية لألمير من أجل تقويض السلم مع األمير والقضاء على دولته قبل
81
استفحال أمرها.
وعلى هذا األساس لم يتوان الحاكم العام فالي Valéeبرفع اليد عن توريدات السالح لألمير عبد القادر تمثلت في
82
صلح
511بندقية وألف كيلو بارود و 811كيلو رصاص ،التي وصلت األمير في الوقت املحدد أثناء الحصار ،لنسف أي ٍّ
تصب بالضرورة لصالح الفرنسيين .ولم يتوان األغا املازري في توصيف قاس ُّ نهائية
ٍّ قطيعة
ٍّ ممكن بين الطرفين وإحداثٍّ
83
لهذا السجال "أن النصارى إذا سمعوا بمقاتلتكما يضحكون عليه وعليك" (يقصد األمير والتجيني) .فتشتيت الفرق
اإلسالمية وإذكاء النزاع والصراع بينهم يخدم االحتالل مثلما حدث بين الحاج العريبي واألمير عبد القادر ،كونهما ينتميان
84
إلى طريقتين مختلفتين (موالي الطيب وموالي عبد القادر).
فيما يخص الذخيرة الفرنسية (قذائف املدافع واملتفجرات) يقول عنها دوماس Daumasقنصل فرنسا لدى
األمير بمعسكر ،لم يكن لها أي مفعول حربي ،باملقابل ازداد تعنت التجيني وأرسل تحذيرا مع شيوخ املرابطين الذين سعوا
معوال على حجم األقوات
في الصلح بينهما ،بإمكان األمير عبد القادر البقاء لعشرين سنة أمام أسواره ،ولن يدخلها أبداِّ ،
والذخيرة املخزنة لديه بقصر عين ماض ي 85.يكفي أن نشير هنا إلى احدى املواجهات الحاسمة تعززت فيها مدفعية األمير
عبد القادر بخمس قطع مدفعية لتاقدمت وتلمسان ،وظلت تدك أسوار املدينة بدون انقطاع ،من طلوع الفجر إلى
86 َ
لينجلي غبار املعركة وأسوار القصر الزالت قائمة أمام ذهول الجميع. غروب الشمس،
والراجح هي مواجهة 0جويلية 1838التي تزعمها سكرتير األمير عبد القادر ومهندس الحصار ليون روش Léon
Rochesبمساعدة الهنغاريَ ،بذر فيها ثمانمائة ( )811قذيفة مدفعية عن آخرها ،وهي كل ذخيرة الجيش دون جدوى
ودون أن تمس أساسات الجدران 87.ليبقى الحصار معلقا ويطيل من عمر األزمة إلى أقص ى حد.
باملقابل حين أريد تلغيم قصر التجيني ،يجتهد ليون روش بإحضار بوصلة ،وجهاز تيوديليت (ألخذ قياسات
طبوغرافية) وفتيل مفرقعات من عند الحاكم العام فالي ،Valéeولم يكشف سر هذه العملية حتى لقادة جيش األمير
عبد القادر ،واحتفظ روش لنفسه بسر مفتاح اللغم ومكان النفق امللغم ،وفي الثاني عشر من يناير 1831جرى التفجير
بعد حسابات دقيقة ،ليتحول قصر التجيني إلى كتلة من األنقاض 88.وكأن املتفجرات أريد لها متى وأين تأتي مفعولها.
توقيت مواجهة األمير عبد القادر والتجيني أتت في فترة السلم الثانية (معاهدة تافنة) ،التي عمد فيها الفرنسيون
ورغم اإلمكانات الهائلة إلى اجتناب فتح مواجهة مزدوجة مع أحمد باي في الشرق واألمير عبد القادر في الغرب 89.ويمكن
املعدلة إلتفاقية تافنة إنذارا بقرب نقضها .وكانت فترة السلم األولى (معاهدة دميشال) قد تم نقضها اعتبار شروط فالي ِّ
بعد سنة فقط( )1835-1830من طرف الجنرال ترزل ،Trézelمما أنبأ أن الفرنسيين لم يكن في استطاعتهم االستمرار
90
في سلم معقود مع الجزائريين لفترة طويلة األمد.
45
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
وعليه كانت كل املؤشرات تعزز فرضية عدم فتح مواجهة داخلية كبيرة وعلى نطاق جغرافي واسع ولها ارتدادات
متربص.
عدو ِّ
خطيرة على الكل الوطني ،ال التوقيت وال اإلمكانات في صالح املقاومة مع ٍّ
عواقب هذه الحملة استدركها األمير عبد القادر مباشرة بعد انتهائها بشهر واحد فقط .وهو ما وثقته الرسالة التي
عثر عليها األستاذ بن يوسف تلمساني بزاوية عين ماض ي واملؤرخة يوم 13ذي القعدة 1150هجرية املوافق 8فيفري
1831مع هدية (سيف وعلمين) ال يزاالن إلى اليوم في زاوية عين ماض ي ،حاول األمير في هذه الرسالة ترميم العالقة
ٌ َ ُ
دار بيننا هو وشاية فقط ُ
وعلمت َّ
أن ما َ واالعتذار لشيخ الطريقة محمد الصغير التجيني يقول فيها "...أدركت حقيق َتكم
93
الفتا ِّن َين بيننا ولهذا أرجو عفوكم عنا."... ُّ
وتدخ ُل َّ
كبيرا ،والدليل على ذلك أن التجانية سرعان ما دخلت في صراع مع خليفة األمير من أجل صدى ً إال أنها لم ْتل َق ً
أخرى ،أما أحمد بن سالم الذي كانت سيادته مطلقة على األغواط منذ 1818واملوالي نفوذ َ َ
استرجاع عين ماض ي ومناطق ٍّ
للتجانيين ،ظل له أتباع مخلصون باألغواط استطاع بهم استرجاع سلطته ،والقضاء على كل ِّف َرق خليفة األمير عبد
القادر ،واستغل انشغال هذا األخير في محاربة االحتالل ،وطلب الدخول تحت مظلة الفرنسيين ،وهكذا تمكنت فرنسا
كامل لسلطة األمير عبد القادر عليها 94.فلم يتردد التجيني انهيار ٍّ
ٍّ من فتح طريق الصحراء دون إطالق رصاصة واحدة ،بعد
سنة 1801بعرض خدماته الفورية والدعم املعنوي واملادي على املارشال فالي ضد األمير عبد القادر ،وسنة 1800
95
وبإيعاز مباشر منه ملقدم التجانية أحمد بن سالم ليعين خليفة على األغواط باسم الفرنسيين.
ُ ُ يستوعبه وال ُ
للطريقة فما بال َك
ِّ مريد
يطيقه أبسط ٍّ ِّ ُ لقد كان في فعل األمير عبد القادر بنسف قبتهم أمرا ال
َ َ
تحالفهم على الفرنسيين واالنتقام منه ،وف ْ ُ بمشايخهم ،لذا لم ْ
تحت جبهة صر ٍّاع في خاصرة املقاومة ِّ يتردد هؤالء في عرض ِّ ِّ
َ
وتوجيه السالح وكلَّ ستوجب توحيدَ
ُ َّ َ ُ ُ ُ
ِّ األعداء في حين كانت الحرب الضروس واملحرقة التي سلطها االحتالل ت ِّ األشقاء
ِّ بين
الجهود نحو العدو.
ِّ
خاتمة:
يخلص البحث إلى جملة من النتائج
أن املصوغ السياس ي والشرعي لحملة عين ماض ي ثابت لألمير عبد القادر بحق السيادة والبيعة امللزمة للجميع،
لكن ظروف وسياقات وتوقيت وكذلك االمكانات املسخرة لهذه الحملة ،تنبأ عن مؤشرات معاكسة بعدم فتح مواجهة
داخلية وعلى نطاق جغرافي واسع ،نظرا إلعاقة خطوط اإلمداد ،وعدم كفاءة الجيش في حروب الحصار ،فضال أنه عمق
الشرخ بين الفرق اإلسالمية التي كان يعول عليها حينها للتصدي للزحف الفرنس ي.
تبادل األدوار الوظيفية سواء جهادية أو تعلمية ومجتمعية بين مختلف الطرق اإلسالمية مما يجعلها خادمة
وتؤدي إلى استنزاف تدريجي لقوات األمير عبد
للمشروع الوطني التحرري ،وتنأى عن تصادم يعيق ويعمق هوة الخالفِّ ،
القادر يجني ثماره االحتالل.
طول مدة املواجهة ملا يقارب ستة أشهر والحضور الشخص ي لألمير للوقوف بنفسه على هذا الحصار ،جعل كل
مؤسسات دولته تقف مشلولة من أجل ربح هذا الرهان ،وقد رأينا كيف أن مقاطعات مهمة ومركزية في دولته مثل
معسكر وتلمسان تستنفر كل قواتها العسكرية والحربية لهذه الحملة رغم نتائجها الهزيلة.
46
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
اله ِّين ،بل إن كسب املواجهة العسكرية معهم هو بحد ذاتهاملواجهة العسكرية مع الطرق الصوفية ليس باألمر َ
ويك ُّنون لها حبا ،والحق عندهم ما يراه
خسارة من املنظور السياس ي ،فالطريقة لها أتباع ومريدون لهم إخالص ووالء تام ِّ
شيخ الطريقة ال غير ،والشواهد كثيرة ،إذ ما كانت تتربع الطريقة التجانية على عرش تجارة الصحراء لوال هؤالء األتباع
وأفن ْوا دفاعا عن شيخهم في الواقعة الشهيرة مع باي وهران ،وفي مواجهة األمير عبد األوفياء ،ورأينا كيف استبسلوا َ
تبرما من هذا الحصار رغم القادر ورغم طول مدة الحصار لم يسجل املؤرخون أن انتفض أتباع التجيني ضد شيخهم ُّ
مصابهم فيه.
األدوار الفرنسية الرسمية والفردية خصوصا ليون روش في الدفع بحتمية املواجهة بين األمير عبد القادر
والتجيني أثناء املفاوضات األولى وبعد ذلك في تبديد ذخيرة املدافع ،وإطالة أمد األزمة مما رفع تكلفة الحصار من الذخائر
واألقوات وكذلك من الرجال ،ونسف أي تقارب أو تفاهم يخدم وحدة املقاومة .فالطريقة التجانية بما تمثله من قوة
روحية على أراض ي الصحراء واقتصادية وحتى عسكرية ،كان بإمكانها أن تقدم إضافة معتبرة لعنفوان املقاومة لسنوات
طويلة .لذا عمدت فرنسا الفتعال الخصام والدسائس لقطع الطريق على األمير عبد القادر مع هذا املجال الحيوي
أريحية في التعامل مع ثورات الجزائريين كل على َ
حدة. َ
للمقاومة ،وأعطت للفرنسيين ِّ
الهوامش (اإلحاالت):
1 Alex Bellemare, Abd-el-kader sa vie politique et militaire, librairie hachette et cie, Paris, 1863,
p18.
2 Victor Bérard, Indicateur Général de L'Algérie, Bastide Libraire-éditeur, Alger, 1867, p304.
3 Christian P, L'Afrique Française, Barbier A éditeur, Paris, 1851, p98.
4روان فتيحة ،حنفي عائشة ،خبيزي محمد" ،الوظيفية في عمارة القصور الصحراوية قصر عين ماض ي باألغواط نموذجا" ،مجلة الدراسات
اإلسالمية( ،الصفحات ،)130-113الجزائر ،1118 ،ص ص .111-115
5 Alex Bellemare, Op.Cit, p214.
6 Octave Depont & Xavier Coppolani, Les confréries religieuses musulmanes, Typographie et
lithographie Adolphe Jourdan, Alger, 1897, pp416-418.
7 Ibid, pp421-422.
8 Louis Rinn, Marabouts et Khouan étude sur l'islam en Algérie, Adolphe Jourdan Libraire-
47
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
p115.
21 Marcel Emerit, Op.Cit, pp7,241.
22 Corneille Trumelet, Op.Cit, pp70,83.
23ناصر الدين سعيدوني" ،العالقات بين األمير عبد القادر والحاج أحمد باي وانعكاسها على املقاومة الجزائرية في أوائل عهد االحتالل"،
مجلة الدراسات التاريخية ،العدد الثاني( ،الصفحات ،)88-58جامعة الجزائر ،الجزائر ،1986 ،ص .51
24 Carlos Bouville, France et Algérie, Chenu imprimeur-éditeur, Loiret, 1850, p24.
25 Marcel Emerit, Op.Cit, p241.
26 Louis Rinn, Op.Cit, pp 425-426.
27 Corneille Trumelet, Op.Cit, pp 106-107.
28عبد القادر بن محي الدين الجزائري (األمير) ،مذكرات األمير عبد القادر ،تحقيق محمد الصغير بناني ،محفوظ سماتي ،محمد الصالح
ألجون ،دار األمة ،الجزائر ،1118،ص .110
29Walsin Esterhazy, Domination Turque dans l'ancienne régence d'Alger, Librairie Charles
Gosselin, Paris, 1840, pp218-224.
30عبد القادر بن محي الدين الجزائري (األمير) ،نفس املصدر ،ص ص .110-111
31إسماعيل العربي ،املقاومة الجزائرية تحت لواء األمير عبد القادر ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،الجزائر ،1181،ص ص .185-180
32شارل هنري تشرشل ،حياة األمير عبد القادر ،تر أبو القاسم سعد هللا ،ديوان املطبوعات الجامعية ،الجزائر ،1110 ،ص.180
33Georges Yver, Abd-el-Kader et le Maroc en 1838, Revue Africaine, Volume 60, pp. 93-111, A.
Jordan Libraire-éditeur, Alger, 1919, pp93-95.
34محمد أمين سهيلي ،قاعدة درء املفاسد أولى من جلب املصالح (دراسة تحليلية) ،رسالة لنيل شهادة املاجستير علوم إسالمية ،غير
منشورة ،الجامعة اإلفريقية العقيد أحمد دراية -أدرار ،الجزائر ،1110/1115 ،ص .11
35املأمون القاسمي" ،الطريقة الرحمانية" ،ملتقى الحياة الروحية لألمير عبد القادر،الجزائر 11جوان 11-جويلية ( ،1118الصفحات -51
،)80موفم للنشر ،الجزائر ،1111،ص ص .00-03
36 Corneille Trumelet, Op.Cit, p 105.
37 Georges Yver, Abd-el-Kader et le Maroc en 1838, Op.Cit, p 108.
38 Alex Bellemare, Op.Cit, pp212-213.
39 Jules-Jean-Gaétan Pichon, Abd El Kader, Henri Charles-Lavauzelle, Paris, 1899, p 81.
40 Arnaud T, Siège d'Ain Madhi par El Hadj Abd-el-kader Ben mohiedin, Revue Africaine, Volume
48
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
47مقدمة املترجم ،أدريان بيربروجير ،مع األمير عبد القادر رحلة وفد فرنس ي ملقابلة األمير في البويرة ( ،)1838-1838تر أبو القاسم سعد هللا،
الطباعة العصرية ،الجزائر ،1110 ،ص.11
48محمد الصغير بناني" ،معالم شخصية األمير عبد القادر من خالل شعره (معالم فكره السياس ي)" ،مجلة الثقافة ،العدد ،10وزارة
الثقافة بالجزائر ،الجزائر ،1180 ،ص .103
49محفوظ قداش" ،جيش األمير عبد القادر تنظيمه وأهميته" ،مجلة الثقافة ،عدد ( ،85الصفحات ،)80-51وزارة الثقافة ،الجزائر،
،1183ص.01
50 Warnier A, L'Algérie devant L'Empereur, Challamel Ainé Libraire-éditeur, Paris, 1865, p 305.
51 Marcel Emerit, Op.Cit, p247.
:Auguste Warnier 52زاول دراسة الطب وأصبح جراحا دون شهادة ،سنة 1830يرسل إلى الجزائر بعد استفحال وباء الكوليرا في
الجنود الفرنسيين ،أقام بمعسكر أثناء معاهدة التافنة واستطاع من خاللها رصد جميع القبائل املؤيدة لألمير عبد القادر وعمل على مداواة
جرحى عين ماض ي وكذلك أسرة األمير ،سنة 1801يلتحق باللجنة العلمية الكتشاف الجزائر في قسمها التاريخي والجغرافي ،يعد من أشد
املدافعين عن حقوق الكولون في امتالك أراض ي الجزائريين ليكافئ كمحافظ ملدينة الجزائر سنة .1881ينظر:
-Narcisse faucon, Livre d’or de l’Algérie, Challamel et cie éditeurs, Paris, 4889, p-p 631-688
:Melchior Joseph- Eugène Daumasجنرال وسناتور وكاتب ،دخل الجزائر سنة ،1835شارك في حمالت معسكر وتلمسان تحت
قيادة املاريشال كلوزل ،اهتم كثيرا بدراسة اللغة العربية والعادات الجزائرية ،بعد التوقيع على معاهدة التافنة يعين كقنصل عام لدى األمير
عبد القادر بمعسكر ( ،)1831-1838في عهد بيجو أسندت له مهمة شؤون األهالي لكامل القطر الجزائري وإعادة هيكلة املكاتب العربية ،عين
كمرافق لألمير بسجنه بقلعة المالق .ينظر:
- Narcisse faucon, Op.Cit, pp 196.197
53 Marcel Emerit, Op.Cit, p165.
49
د .محمد دراعو حصار األمير عبد القادر لعين ماضي بين الضرورة السياسية والدسائس الفرنسية
72يوسف مناصرية ،مهمة ليون روش في الجزائر ،1808-1831املؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر ،1990 ،ص .31
73 Arsène Berteuil, Op.Cit, p 344.
74 Marcel Emerit, Op.Cit, pp 188,192,196.
75يوسف مناصرية ،املرجع السابق ،ص .31
76 Arnaud T, Op.Cit, p 371.
77فالي :Valéeشارك بكل همة ونشاط في الحروب الكبرى للمبراطورية الفرنسية ،رقي إلى رتبة جنرال سنة ،1810قائد لفرقة املدفعية في
جيش دامريمون لحصار قسنطينة الثاني سنة ، 1838حيث لقي هذا األخير حتفه فأصبح فالي قائد للجيوش ومن ثم حاكم عام للجزائر وبقي
في هذا املنصب إلى 11ديسمبر 1801حين عوض بالجنرال بيجو .في 18أكتوبر 1831قام فالي بعبوره الشهير "للبيبان" أو "أبواب الحديد"
فاتحا ممرا بريا بين قسنطينة والجزائر العاصمة ،اعتبره األمير عبد القادر خرقا لحرمة أراضيه وملعاهدة التافنة فتجدد القتال .ينظر:
- Narcisse faucon, Op.Cit, pp 617.618.
78إسماعيل العربي" ،سفارة ميلود بن عراش لدى امللك لويس فليب" ،مجلة التاريخ ،الصفحات ،131-111الجزائر ،جويلية ،1188ص
ص.118-110
79شارل هنري تشرشل ،نفس املصدر ،ص ص .111-118
80أدريان بيربروجير :Adrien Berbruggerيعتبر من األوائل الذين وقفوا على حيثيات ووقائع االحتالل في عقوده األولى ،وساهم فيه
قدم إلى الجزائر رفقة املاريشال كلوزل كسكرتير خاص ،ترأس تحرير جريدة املرشد بقلمه وفكره وأدواره الطالئعية برحالته وكتاباتهِّ ،
الجزائري Moniteur Algérienشغل منصب محافظ ملكتبة ومتحف الجزائر ،كان يمثل لدى اإلدارة العسكرية بنك معلومات ضخم
عن دقائق البلد واملجتمع ،تشهد له صفحات املجلة اإلفريقية التي ترأسها إلى وفاته ( ،)1801-1850كانت له زيارتان مشهورتان إلى مناطق
سيادة األمير عبد القادر األولى في فترة معاهدة التافنة أواخر 1838وبداية 1838إلى وانوغة (برج حمزة) وأخرى بعد الحرب الشرسة سنة
1801إلى مقاطعة مليانة لتبادل األسرى أشرف عليها أسقف الجزائر .Dupuchينظر:
- Auguste Cherbonneau, Nécrologie, in-Revue Africaine, Volume 13, A. Jordan Libraire-éditeur,
Alger, 1869, p-p 349-324.
81مقدمة املترجم ،أدريان بيربروجير ،املصدر السابق ،ص.11
82أديب حرب ،املرجع السابق ،ص .151
83ابن عودة املزاري ،املصدر السابق ،ص.183
84 Carlos Bouville, Op.Cit, pp 23-26.
85 Georges Yver, Les correspondances du capitaine Daumas consul de France à Mascara 1837-
1839, Op.Cit, p 334.
86 Corneille Trumelet, Op.Cit, pp 115-116.
87 Camille Rousset, L'Algérie de 1830 à 1840: les commencements d'une conquête, Nourrit et Cie
93بن يوسف تلمساني ،الطريقة التجانية وموقفها من الحكم املركزي بالجزائر (الحكم العثماني-األمير عبد القادر-اإلدارة االستعمارية)
،1111-1881رسالة لنيل شهادة املاجستير في التاريخ الحديث واملعاصر ،غير منشورة ،معهد التاريخ ،جامعة الجزائر ،الجزائر،
،1118/1118ص.110
94 Christian P, Op.Cit, pp 96-97.
95 Louis Rinn, Op.Cit, pp 427-428.
50