Professional Documents
Culture Documents
مفعول مطلق2
مفعول مطلق2
مفعول مطلق2
المفاعيل خمسة :مفعول به وقد تقدم ,ومفعول مطلق ،ومفعول له ,وفيه" ,ومفعول" معه ،وهذا
أول الكالم على هذه األربعة.
وبدأ بالمطلق ،وسمي مطلقا؛ ألنه لم يقيد بأداة بخالف غيره ،فقال:
المصدر اسم ما سوى الزمان من ...مدلوَلي الفعل كأْم ٍن ِم ْن َأِمن
مدلوال الفعل :هما الحدث والزمان ،والمصدر هو اسم الحدث ،وهو معنى قوله" :اسم ما سوى
الزمان من مدلولي الفعل".
فإن ما سوى الزمان من مدلوليه هو الحدث "كأمن من أمن".
قال" :أمن" فعل يدل على حدث وزمان ،واألمن اسم لذلك الحدث ،فهو مصدر.
فإن قلت :هل المفعول المطلق والمصدر مترادفان؟
قلت :ال ،بل بينهما عموم من وجه وخصوص من وجه .فقد يكون المفعول "المطلق" غير
مصدر ,بل "جاريا" مجراه كاسم المصدر واآللة ,وغير ذلك مما سيذكر.
وقد يكون المصدر غير مفعول مطلق نحو" :يعجبني ذهابك".
ثم قال:
بمثله أو فعل أو وصف ُن صب.....................
مثال نصبه ،أي :بمصدر ،قوله تعالىَ{ :فِإَّن َج َه َّن َم َج َز اُؤ ُك ْم َج َز اًء َم ْو ُفوًر ا}.
ومثال نصبه بفعلَ{ :و َك َّلَم ُهَّللا ُموَس ى َت ْك ِليًما}.
ومثال نصبه بوصفَ{ :و الَّذ اِر َياِت َذ ْر ًو ا}.
وينبغي أن يحمل قوله" :بمثله" على المماثل في المعنى؛ ليشمل نحو" :يعجبني إيماُنك
تصديًقا".
ثم قال:
....................وكونه أصال لهذين انُتخب
أي :وكون المصدر أصال للفعل والوصف ،هو المختار ،فالفعل والوصف مشتّقاِن منه ,وهو
مذهب البصريين ,وخالف بعضهم في الوصف فجعله مشتقا من الفعل ,فهو فرع الفرع.
ومذهب الكوفيين أن الفعل هو األصل ،والمصدر مشتق منه.
وزعم ابن طلحة أن الفعل والمصدر أصالن ،وليس أحدهما مشتقا من اآلخر.
والصحيح مذهب البصريين؛ ألن الفرع ال بد فيه من معنى األصل وزيادة ،والفعل يدل على
الحدث والزمان "".
ثم قال:
توكيدا أو نوعا ُيبين أو عددُ ...ك سرُت َس ْيرتين َس ْير ذي َر َش د
المصدر :يؤتى به مع ناصبه "لثالث" فوائد:
األولى :توكيده نحوِ" :س ْر ُت سيرا" ويسمى المبهم.
والثانية :بيان عدده نحو" :سرت سيرتين" ويسمى المعدود.
والثالثة :بيان نوعه ,ويسمى المختص.
واختصاصه إما بإضافة نحو" :سرت سير ذي َر َش د
وإما بنعت نحو" :سيًر ا شديًد ا" ,وإما "بأل" نحو" :سرت السير" أي :السير الذي تعرفه ،كذا
قسم بعضهم.
والظاهر أن المعدود مندرج تحت المختص ,كما َفَع َل في التسهيل.
فالمصدر "على هذا قسمان" :مبهم ومختص.
والمختص قسمان :معدود وغير معدود.
ثم قال:
وقد ينوب عنه ما عليه دل ....كِجَّد كل الجد وافرح الجَذ ل
المصدر ضربان :مؤكد ومبين كما سبق.
أما المؤكد ,فينوب عنه أحد ثالثة أشياء:
األول" :مرادفه" نحو" :قعدت جلوًسا".
وظاهر كالم المصنف أن نصبه بالفعل المذكور وهو مذهب المازني ،ونقل عن الجمهور أن
ناصبه فعل من لفظه مقدر.
الثاني" :مالق" في االشتقاق نحوَ{ :و ُهَّللا َأْن َب َت ُك ْم ِمَن اَأْلْر ِض َن َب اًت ا}.
ذكره الشارح ,فعلى هذا ناصبه "الفعل" المذكور وهو مذهب المازني أيضا ،ومذهب الجمهور
أن ناصبه مقدر كما سبق.
وزعم ابن خروف أنه مذهب سيبويه ،وفصل بعضهم بين المرادف نحو:
"قعدت جلوًس ا" فنصبه بالظاهر ،وبين "المالقي" نحو" :أنبتكم من األرض نباًت ا" فنصبه
بالمقدر وهو قول حسن.
والثالث :اسم مصدر غير علم نحو" :اغتسلت ُغ سال".
وأما المبين ,فينوب عنه أحد ثالثة عشر شيئا:
األول :نوع ،نحو"" :رجع" القهقرى".
والثاني :وصف ،نحوَ{ :و اْذ ُك ْر َر َّب َك َك ِثيًر ا}.
ومذهب سيبويه في هذا ونحوه أنه حال.
والثالث" :هيئة" نحو" :يموت الكافر ميتَة سوء".
والرابع :آلة ،نحو" :ضربته سوطا" ,وهو مطرد في "آلة" الفعل دون غيرها ,فال يجوز:
"ضربته خشبة".
والخامس :كل ،نحوَ{ :فاَل َت ِميُلوا ُك َّل اْلَم ْي ِل }.
والسادس :بعض ،نحو" :ضربته بعض الضرب".
والسابع :ضمير ،نحو{ :اَل ُأَع ِّذ ُبُه َأَح ًد ا ِمَن اْلَع اَلِميَن }.
والثامن :اسم اإلشارة ،نحو" :ضربته ذلك الضرب".
قال في شرح التسهيل :وال بد من جعل المصدر تابعا "له" ,وظاهر كالم سيبويه أن ذلك ال
يشترط.
والتاسع :وقت ،كقوله:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا.......................
أي :اغتماض ليلة أرمد ,وهو عكس" :فعلته طلوَع الشمس" ،إال أنه قليل.
والعاشر" :ما" االستفهامية ،نحو" :ما تضرُب زيدا".
والحادي عشر" :ما" الشرطية ،نحو "ما شئَت فقم".
ذكر هذه األحد عشر في التسهيل.
والثاني عشر :المرادف ،نحو" :افرِح الجذل" والخالف في ناصبه كما تقدم.
والثالث عشر :العدد ،نحو" :ضربته ثالثين ضربة".
وزاد بعض المتأخرين اسم المصدر العلم ,نحوَ" :ب ّر َب َّر ه وَفَج ر فَج اِر " ,وفي شرح التسهيل :أن
اسم المصدر "العلم" ال يستعمل مؤكدا وال مبنيا.
ثم قال:
وما لتوكيد َفَو ِّح ْد أبدا......................
ألنه بمنزلة تكرير الفعل ،والفعل ال يثنى وال يجمع.
ثم قال:
......................وَث ِّن واجمْع غيره وَأْف ِر دا
هو المختص معدودا كان ,أو غير معدود.
أما المعدود ,فال خالف في جواز تثنيته "وجمعه" قياسا.
وأما غيره من المختص ,ففي تثنيته وجمعه خالف؛ منهم من قاسه الختالف أنواعه ،ومنهم من
لم يقسه وهو مذهب سيبويه.
ثم قال:
وحذف عامل المؤكد امتنع.......................
قال في شرح الكافية :ألن المصدر "المؤكد" يقصد بتقوية عامله وتقرير معناه ،وحذفه مناٍف
لذلك وقد ُنوزع في هذا.
ثم قال:
................وفي سواُه لدليل متسع
ال خالف في جواز حذف عامل المصدر المختص ,معدودا كان أو غير معدود ,إذا دل عليه
دليل ،نحو" :بلى ضربتين ,أو ضربا شديدا" في جواب" :ما ضربت"؟
وقد يجب الحذف ,وذلك إذا كان المصدر بدال من اللفظ بفعله ،وقد نبه على ذلك بقوله:
والحذف حتم مع آٍت َب َد ال ...من ِفْع له كَن ْد ال الَّلْذ كاْن ُد ال
أي :وحذف العامل واجب مع المصدر "آت" بدال من فعله ,كقول الشاعر:
على حين ألهى الناس ُجُّل أمورهم ...فنداًل زريق المال ندل الثعالب
فنداًل نائب عن أندل.
وإنما وجب حذف عامله؛ لئال يجمع بين البدل والمبدل منه ،يقال :ندل الشيء ،إذا اختطفه
بسرعة.
ثم قال:
وما لتفصيل كإما َم َّن ا ...عامله يحذف حيث َع َّن ا
إذا قصد بالمصدر تفصيل عاقبة ما قبله ,وجب حذف عامله كقوله تعالىَ{ :فُشُّد وا اْلَو َث اَق َفِإَّما
َم ًّن ا َب ْع ُد َو ِإَّما ِفَداًء} أي :فإما تمنون منا ,وإما تفادون فداء.
ثم قال:
كذا مكَّر ر وذو حصر ورد ...نائب فعل السم عين اسُتند
إذا ناب المصدر عن خبر اسم عين بتكرير نحو" :زيد سيًر ا سيًر ا" ,أو حصر نحو" :إنما أنت
سيًر ا" وجب حذف عامله ,وجعل التكرير عوضا من إظهاره وأقيم الحصر مقام التكرير .فلو
لم يكن مكررا وال محصورا جاز اإلضمار واإلظهار ،نحو" :زيد سيًر ا وزيد يسير سيًر ا"
احترز باسم العين ،من اسم المعنى نحو" :أمُرك سير سير" ,فإن المصدر يرفع ويجعل خبره.
ثم قال:
ومنه ما يدعونه مؤِّك دا ...لنفسه أو غيره........
أي :ومن الواجب حذف عامله ،قسم يسميه النحويون مؤكدا ,وهو نوعان:
مؤكد لنفسه :وهو الواقع بعد جملة هي نص في معناه ،وسمي بذلك ألنه بمنزلة "إعادة"
الجملة ،فكأنه نفسها.
ومؤكد لغيره :وهو الواقع بعد جملة صائرة به نصا ،وسمي بذلك ألنه أثر في الجملة فكأنه
غيره؛ ألن المؤِّث ر غير "المؤَّث ر".
"فمثل" "المبتدأ" به ,وهو المؤكد لنفسه بقوله:
نحو له علَّي ألٌف ُعْر ًف ا..................
أي :اعتراًفا.
ومثل "والثان" بقوله:
................كابني أنت حقا ِص ْر فا
ثم قال:
كذاك ذو التشبيه بعد جمله...كلي بًك ا بكاَء ذات ُعْض َله
من الملتزم إضمار ناصبه المصدر المشبه به ,بخمسة شروط:
األول :أن يكون بعد جملة.
والثاني :أن تكون حاوية معناه.
الثالث :أن تكون "حاوية فاعله".
الرابع :أن يكون ما اشتملت عليه الجملة غير صالح للعمل.
الخامس :أن يكون المصدر مشعرا بالحدوث.
مثال ذلك قولهم" :له صوٌت صوَت حمار" فهذا قد استوفى الشروط؛ ألن له صوت جملة ،وقد
اشتملت على معنى المصدر ،وهو "صوت" وعلى فاعله ,وهو "الهاء" في "له" ,وال صالحية
في المصدر الذي اشتملت عليه للعمل؛ ألن "شرط" إعمال "المصدر" غير الواقع بدال من أن
يقدر بالفعل وحرف مصدري.
وقوله" :صوت حمار" مشعر بالحدوث ،فالناصب فعل واجب اإلضمار ،ومثله بقوله" :لي بكا
بكاء ذت عضله".
فلو "كان" بعد مفرد ,لم يُج ز النصب نحو" :صوته صوت حمار" ولو لم "يشتمل" على معنى
المصدر لم يصّح ،ولو لم يشتمل على فاعله ضعف النصب نحو" :في الدار صوٌت "صوُت "
حمار" و"صراخ "صراخ" "ثكلى" ,ولم يمتنع ألنك إذا قلت" :فيهما" صوت علم أن فيها
مصوتا "صوت حمار".
ولو كان ما اشتملت عليه صالحا للعمل نحو" :هو مصوت صوَت حمار" ,فإنه ينتصب
بمصوت ال بمحذوف ،ولو لم يكن المصدر مشعرا بالحدوث لم ينصب نحو" :له ذكاٌء ذكاُء
الحكماء".
ألن صوتا ونحوه ،إنما انُت صب لكون ما قبله بمنزلة يفعل ,مسندا إلى فاعل .فقولك" :له
صوت" بمنزلة "يصوت" ،وليس قولك" :له ذكاء" بمنزلة "هو يفعل" ,وإنما "أخبرت" بأنه ذو
ذكاء" ,فتنزل" ذلك منزلة قولك" :له يٌد يُد أسد".
المفعول له:
ُينصب مفعوال له المصدر إن ...أبان تعليال "كُج ْد ُشكًر ا َو ِدن
"المفعول" له :هو علة الفعل ،ولجواز نصبه شروط:
األول :أن يكون مصدرا.
والثاني :أن يتحد وقته ووقت عامله ،وهو المعلل به.
والثالث :أن يتحد فاعلهما ,ولو تقديرا.
فمثال ما استوفى الشروط" :ضربته تأديًبا" و"ُج ْد شكًر ا".
ومثال اتحاد فاعلهما تقديرا :قوله تعالىُ{ :يِر يُك ُم اْلَب ْر َق َخ ْو ًفا َو َط َم ًع ا} ؛ ألن معنى يريكم:
يجعلكم ترون.
وفي بعض هذه الشروط خالف .ثم قال:
وإن شرٌط ُفقد...فاجرْر ه بالالم
أي :إذا فقد شرط من الشروط الثالثة ,وجب جر ما علل به الحرف الدال على التعليل ،وهو
الالم أو ما يقوم مقامها وهو "من و"في" والباء" ,فتقول" :جئت للمال"؛ ألنه ليس بمصدر،
و"جئت أمس إلكرامك غًد ا" الختالف الزمان ,و"أحسنت إليك إلحسانك إلَّي "؛ الختالف
الفاعل.
وقوله:
وليس َي متنع ...مع الشروط
يعني :أنه ال يمتنع جره بالحرف مع استيفائه للشروط نحو" :قنع هذا للزهد"" ,فإن هذه
الشروط" ليس اجتماعها موجبا للنصب ,بل مسوغ له.
ثم هو بعد ذلك على ثالث مراتب :راجح النصب ،وراجح الجر ،ومستٍو فيه األمران.
فأشار إلى األول بقوله:
وقّل أن يصحبها المجرد
يعني :أن المجرد من أل واإلضافة يترجح نصبه ،وقل أن يصحب الحرف ,فقوله" :ضربته
تأديًبا" أرجح من قولك"" :ضربته" "لتأديب"" ومنع الجزولي جر المجرد .قيل :ولم يقل به
غيره.
وأشار إلى الثاني بقوله:
والعكس في مصحوب أل
يعني :أن األرجح في مصحوب "أل" جره بالحرف ,فقولك" :ضربته للتأديب" أرجح من قولك:
"ضربته" التأديب".
ثم ذكر شاهد نصب مصحوب "أل" من كالم العرب ,فقال:
ال أقعُد الجبَن عن الَه ْي َج اء ...ولو توالت ُز َم ر األعداء
وسكت عن المضاف فلم يعُز ه إلى راجح النصب ,وال إلى راجح الجر.
فعلم أنه يستوي فيه األمران نحو" :جئُتَك ابتغاَء الخيِر ،والبتغاِء الخيِر ".
تنبيه:
إذا دخلت "أل" على المفعول له ،أو ُأضيف إلى معرفة َت َع َّر َف "بأل" "أ" ,وباإلضافة خالفا
للرياشي والجرمي والمبرد في قولهم :إنه ال يكون إال نكرة وإن "أل" فيه زائدة ،وإضافته غير
محضة.
فإن قلت :هل يجوز تقديم المفعول له على عامله؟
قلت :هو جائز سواء كان منصوبا ,أو مجرورا.
وهو مستفاد من قوله :كالزهد ذا قنع ,فمثل به "مقدما" ،وهللا أعلم.