Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫|الورا مالفي|‬

‫|ترجمة وإعداد هشام روحانا|‬


‫‪ -1‬مقّد مة‬

‫هشام روحانا‬

‫أ‪ -‬االستخدام السياسي للتحليل النفسي‪ .‬تسعى هذه الِد راسة مس تخدمًة نظري َة التحلي ل‬
‫النفسي نحو استكشاِف أين وكيف َيتم تعزيُز االفتتاِن بالفيلم‪ ،‬من ِقَبل ما هو قائم وفاع ل أص ال من‬
‫أنماط االفتتان داخل الذات الفردية‪ ،‬ونحو دراس ة التش كيالت االجتماعي ة ال تي َج بلت ه ذه ال ذات‪.‬‬
‫ونقطة انطالق هذه الِد راسة هي الطريق ة ال تي َيعكس فيه ا الفيلُم وُي وحي بالتم ايز الجنس ي‪ ،‬أو‬
‫حتى كيف يتالعُب على التأويالت الص ريحة والُم تأسس ُة اجتماعي ا له ذا التم ايز الجنس ي‪ ،‬وال تي‬
‫تتحكم بالص ور وبالوس ائل الش هوانية للنظ رة وبالمش هد‪ .‬وإن ه لمن المفي د أن نفهم كي ف ك انت‬
‫الس ينما في الماض ي في ال وقت ال ذي نح اول في ه ِبن اَء نظري ة وممارس ة تح اوالن تح دي ه ذه‬
‫السينما‪ .‬ولهذا فإن نظرية التحليل النفسي ُتشكل ِس الحا سياس يا ُم الئم ا لَتظه ير الطريق ة ال تي‬
‫َيبني فيها الوعُي النظاِم البطريركي الشكَل السينمائي‪.‬‬
‫إَّن ُم فارقة التمركز الفالوسي[‪ )Phallocentrism( ]1‬على جميع مظاهره‪ ،‬تكمن في اعتم اده ص ورًة‬
‫للمرأة المخصية‪ ،‬كأساس للمعنى في َع الِم ه هو‪ .‬وهكذا يرتفع هذا اإلدراك للمرأة‪ ،‬كعمود األس اس‬
‫الذي يرتكز عليها النظام ُكله؛ إذ اَّن هذا الَنقص الذي لديها هو ما ُينتج الفالوَس كحض وٍر رم زّي ‪ ،‬وإَّن‬
‫َرغبتها بما هو َخ يٌر‪ ،‬هو هذا الَنقص ال ذي ي ُّدل علي ه الف الوس‪ .‬إَّن النص وص األخ يرة المنش ورة في‬
‫مجلة “الشاشة”[‪ )Screen( ]2‬حوَل نظرية التحليل النفسّي والسينما لم تعِط كثيَر اهتماٍم لموضوع‬
‫الكيفية التي يتم َتمُّثل – ع رض الَش كل األنث وي في النظ ام الرم زّي وال ذي في نهاي ة المط اف ال‬
‫يتحدث اال عن الِخ صاء‪.‬‬
‫وفي تلخيص سريع لألمر فإَّن وظيفَة الَم رأة في ِص ياغة الالوعّي البطريركّي ُم ضاعفٌة ‪ :‬إَّنه ا ترم ز أوال‬
‫الى تهديد الِخ صاء بما أنها تفتقر للقضيب فعاًل ‪ ،‬وثاني ا وظيف ُة تنش ئِة ِط فله ا بم ا يتالءم م ع دخوِل ه‬
‫النظاَم الرمزّي ‪ .‬وبإنجازها هذا فإَّن ما تقدمه من معنى له ذا الَم س ار َيص ُل الى نهايت ه‪ ،‬فال َيس تمر‬
‫دخوال لها الى عالم القانون والّلغة اال كِذ كرى؛ إما كِذ كرى لَت ماِم الِكفاية االُم ومية‪ ،‬أو ك ِذ كرى لَنقٍص‪،‬‬
‫وِكلَت اهما َم طروحتان من ِقبل الَطبيعِة (أو بصياغة فرويد الشهيرة “تشريحًيا”)‪.‬‬
‫َتخضُع َرغبة الَم رأة إذا لُص ورتها كحَّم ال ة لج رٍح َن ازف‪ ،‬فال تس تطيُع الوجوَد اال من ِخ الل الَع الق ة م ع‬
‫الِخ ص اء ال ذي ليس بمق دورها َتج اوزه‪ .‬إنه ا ُتح ِّول ِط فله ا الى دال‪ ،‬دال على َر غبته ا في امتالك‬
‫القضيب (وهو َش رُط ُد خولها‪ -‬كما تتخيل‪ -‬الى النظام الرمزّي )‪ .‬فإما أن َتنص اَع َر اض ية للع الم‪ ،‬الس م‬
‫األب وللقانون‪ ،‬أو أنها ُتناضل من أجل االحتفاظ بِط فلها في َس راب العالم الخيالّي ‪ .‬وتقوم الم رأة في‬
‫الحضارة البطريركية مقام الّد ال لآلخر الذكر‪َ ،‬ح بيسَة النظام الرمزّي ‪ ،‬هذا النظاُم الرمزُّي ال ذي ُيمِّكن‬
‫الرجَل َبعث أوهامه ومخاوفه الى الحياة بأوامر ّلغوية ُيلقيها على ُص ورة صامتٍة للَم رأة‪ ،‬والتي ال َت زاُل‬
‫ُم قيدًة الى ُم وقعها كحاملة للمعنى‪ ،‬دوَن أّْن تكوَن َق ادرًة على ِص ناعته‪.‬‬
‫للنسوياِت هنالك إذا َم صلحٌة واضحٌة في ِم ثل هذا التحليل‪ ،‬وتكمن َج ماليت ه َتحدي دا في اس تدعائه‬
‫لإلحباط الُم عاش تحَت َوطأة هذا النظام الَت مركِز الفالوسّي ‪ .‬إنه ُيقربنا الى جذور هذا الُطغيان ويص يُغ‬
‫االشكاليَة بشكٍل أك ثَر ُو ض وحا‪ ،‬لُيوِج هن ا نح و التح دي األولّي ‪ :‬كي ف ُنح ارب الالوعّي الَم بنّي على‬
‫شكل ّلغٍة (والُم تشِكُل جذريا في لحظة وصول الّلغة)‪ ،‬بينم ا نحن م ا زلن ا في َقبض ة ّلغ ٍة هي ّلغ ُة‬
‫البطريركية؟ ال َطريق نستطيُع ُس لوكها لط رح ب ديٍل ي أتي من الَع دم‪ ،‬لكنن ا نس تطيع إح داَث َكس ٍر‬
‫ُيسائل البطريركية بأدواتها ونظرية التحليل النفسي ليست أداة وحيدة لهذا لكنها أداٌة هامٌة ‪ .‬اال اننا‬
‫ما زلنا َبعيدين بفجوة عميق ة عن موض وعاٍت ُم هم ة بالنس بة لالوعّي االنث وي وال ذي ال يمث ل مث ار‬
‫اهتمام يذكر لنظرية التمركز الفالوسّي ‪ :‬جنوسة (‪ )Sexing‬الِط فل – اُألنثى وعالقتها بالرمزّي ‪ ،‬المرأة‬
‫الناِض جة ِج نسيا بوصفها ليست‪ -‬أما‪ ،‬األُم ومة خارج الداللة الفالوسية‪ ،‬المهبل… لكن نظرية التحلي ل‬
‫النفس ي كم ا هي في موقعه ا اآلن تس تطيع على االق ل دف َع َفهمن ا للحال ة الراهن ة‪ ،‬للنظ ام‬
‫البطريركي الذي يصطاُد نا‪.‬‬
‫ب‪ .‬تفكيك اللذة كسالح جذري‬
‫َتطرح السينما بوصفها ِنظام َتمثالت ُم تط ور‪َ ،‬تس اؤالٍت عن َوس ائل وُب نى الالوعي (والُم تش كل من‬
‫ِقبل النظ ام المهيمن) وأص ناَف الَنظ ر والّل ذة الُم تأتي ة من ُم ش اَه دة الس ينما وَتبُّدالتها على م دار‬
‫العقوِد الماضية‪ .‬لم َتعد السينما ذلك الِنظام األحادي والُم تأس س على توظي ف رأس مال كبير كم ا‬
‫في نسخته األفضل؛ هوليود سنوات الثالثين حتى سنوات الخمسين‪ .‬لقد َغ يرت التقنيات المتط ورة‬
‫(أفالم ‪ 16‬مم وغيرها) الُش روَط االقتصادية الُض رورية لإلنت اج الس ينمائي وال ذي أص بَح أك ثَر ِح رفي ًة‬
‫وأكثَر رأسمالية‪ .‬مما َفتح الَم جال لنشوء سينما بديلة‪ .‬ذلك ألن شكل ال وعي ال ذاتّي واالس تخفاف‬
‫ال ذي يتحكم في هولي ود َيجعُله ا حبيس َة “ت ركيب مش هدي” (‪َ )mise-en-scene‬ش كالنّي الط اِبع‬
‫َيعكُس المفاهيم االيديولوجية الُم هيمنة في السينما‪َ .‬تخلق السينما البديلة المجاَل لسينما جذرية‬
‫بالمعنيين السياسّي والجمالّي وبمقدورها أن تطرح َتحديا أمام الفرضيات االساسية لصناعة االفالم‬
‫التقليدية‪ .‬ليس هذا بهدف رفض األخ يرة أخالقي ا‪ ،‬ب ل من أجل َتس ليط الض وء على الكيفي ة ال تي‬
‫تعكس فيها تعامالتها الشكاالنية‪ ،‬االستحواَذ النفسّي للمجتمع الذي ُينِتجها‪ ،‬وبالمقابل من أجل أْن‬
‫َتبدأ هذه السينما البديلة بطرح اعتراضاتها إزاَء هذه الفرضيات واالستحواذات‪ .‬إن السينما الطالئعي ة‬
‫ُم مِكنة اآلن ولكنها ما تزال ممكنة فقط كطباق‪.‬‬
‫َتنبع َس احرية اُألسلوب الهوليودي في أفضل اشكاله (وجميع أصناف السينما الواقع ة تحت تأثيره ا)‬
‫ليس حصرا‪ ،‬بل في جانب مهم منه‪ ،‬من حرفية َتالعبه الباعث على إش باع الّل ذة الَبص رية‪ .‬وتق وم‬
‫السينما التقليدية‪ ،‬وبدون منازع‪ ،‬بإدراج االيروسية الُم شفّرة داخل ُلغة الِنظام البطري ركّي الُم هيمن‪.‬‬
‫وفي سينما هولي ود الُم تط ورة وفق ط ومن ِخ الل ه ذه الرم وز الُم ش فرة تس تطيع ال ذات الُم س تَلبة‬
‫والممزقَة الذاكرة الُم تخيلة بإحساسها بأن شيئا ما ن اقٌص ‪ ،‬والواقع ة تحت َتهدي د َنقص ُم حتم ل في‬
‫الَه وام‪ ،‬تستطيع هذه الذات االقتراب قليال لَتلمس لحظ ًة خاطف ًة من ُش عور باإلش باع‪ ،‬إش باٍع يتم‬
‫من خالل جماليات َش كالنية وَتالعب على الهواجس الُم كِّونة للذاّت ‪.‬‬
‫سوف ُتعالج هذه المقالة الكيفية التي َيتم فيها حياكة َنس يج الّل ذة الش بقية في الفيلم‪َ ،‬م عانيه ا‪،‬‬
‫وعلى َوجه الخصوص ال دور ال ذي تلعبه ُص ورة الَم رأة المعروض ة على الشاش ة‪ُ .‬يق ال ب أَّن تحلي َل‬
‫الجماِل يهدُم ه‪ ،‬وهذه هي نّية هذه الَم قالة‪ .‬تجب ُم هاجمة إشباع الحواس وَتعزيز األن ا وال ذي يمث ل‬
‫الهدَف األسمى في تاريخ السينما حتى اآلن‪ .‬وذلك ليس من أجل إعادة بناء ّلذة جدي دة‪ ،‬وال تي ال‬
‫وجود لها في الُم جرد‪ ،‬وليس من أجل َع قلن ة ُقبول انع دام‪-‬الّل ذة‪ ،‬ب ل من أجل َنقض َش امل لِخ ف ة‬
‫وَج زالة فيلم السرد الحكائي (‪ .)Fiction‬والبديل هو القيام بشق طريق ُم ثير َيحُض ر من خالل التخلي‬
‫عن الماضي دون رفضه في تجاوز الشكاله الُم حِبطة والَرثة‪ ،‬أو التجُر ؤ على القطِع مع توقع ات الّل ذة‬
‫الُم عتادة نحو َتعُق ل لغة جديدة لّلذة‪.‬‬
‫(يتبع)‬
‫<‬
‫(نشرت ألول مرة في مجلة “الشاشة” خريف ‪ 1975‬تحت عنوان‪Laura Mulvey :‬؛ “‬
‫‪”Visual Pleasure and Narrative Cinema‬؛ (‪Published in Screen (Autumn 1975),‬‬
‫‪)vol. 16, no. 3; from Rosen, 1986‬‬

‫[‪ ]1‬التمركز الفالوسي (‪ :)Phallocentrism‬مصطلح في النظرية النقدية والتفكيكية وهو نحت من‬
‫كلمتين فالوس ومركز وضعه دريدا في اشارة الى تفضيل الذكورة ‪-‬الفالوس‪ -‬في عملية بناء‬
‫المعنى‪.‬‬
‫[‪ ]2‬مجلة “الشاشة” (‪ :)Screen‬مجلة أكاديمية بريطانية رائدة ُتعنى بدراسة األفالم السينمائية‬
‫واالعمال التلفزيونية‪.‬‬

You might also like