Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫‪ :‬المقدمة‬

‫تولي الجزائر كغيرها من الدول‪ ،‬أهمية كبرى لقطاع السكن‪ ،‬باعتباره أكثر‬
‫الحاجات االجتماعية حساسية‪ ،‬وأحد المكونات األساسية للتنمية االقتصادية و االجتماعية‪،‬‬
‫فكرسائدة في الجزائر كحق دستوري في مرحلة سابقة من االستقالل إلى غاية منتصف‬
‫الثمانينات وأخذت على عاتقها مسؤولية إنتاج السكن و تمويله‪ ،‬على أساس مبدأ "ال كرامة‬
‫للمواطن بدون سكن الئق"‪ .‬و ذلك من خالل تجنيد كل الوسائل المادية و البشرية المتاحة‪،‬‬
‫لتلبية الطلب المتزايد في مجال السكن‪ ،‬فكانت السلطات العمومية هي المتدخل الوحيد في‬
‫سوق السكنات‪ ،‬دون مشاركة جهات أخرى أو حتى المواطن‪ ،‬مما خلق لدى هذا األخير‬
‫‪ .‬ذهنية‪ .‬الشخص الذي يتلقى المساعدة‪ ،‬و ينتظر من الدولة أن تحل له مشكلة السكن‬
‫و رغم الجهود المالية للسلطات العمومية‪ ،‬إال أنه لم تتوصل إلى الوفاء باحتياجات‬
‫المواطن‪ ،‬نتيجة محدودية موارد الدولة من جهة‪ ،‬و من جهة أخرى لسوء التسيير و عدم‬
‫الدقة في اتخاذ القرارات‪ ،‬لعدم وجود رؤية و سياسة واضحة يمكن إتباعها في مجال‬
‫السكن‪ .‬و أمام ارتفاع نسبة النمو الديموغرافي للسكان و التروح الريفي الذي تزايد نتيجة‬
‫انعدام األمن‪ ،‬كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى جعل عرض السكن يقل بكثير عن الطلب‬
‫‪.‬عليه‪ ،‬و هو ما هيأ ظرفا مناسبا لتولد أزمة السكن الخانقة التي عرفتها الجزائر‬
‫نتيجة لذلك بات من الضروري النهوض بقطاع السكن‪ ،‬من خالل سياسة كفيلة بتحقيق‬
‫نتائج في مستوى تطلعات برامج السكن المسطرة‪ ،‬التي يجب أن تكون على رأس قائمة‬
‫دف التوصل إلى تخفيض العجز الذي تعاني منه الجزائر في مجال‪. ‬األولويات الوطنية‬
‫السكن‪ ،‬و جعل الحصول عليه أمرا ممكنا‪ ،‬دون إحداث اختالل في ميزانية الدولة‪ .‬ومن هنا‬
‫جاءت ضرورة الترقية العقارية نظرا ألهميتها من الجانبين النظري و العملي ‪ :‬فمن الناحية‬
‫النظرية‪ :‬يؤدي اعتماد نشاط الترقية العقارية إلى رفع احتكار السلطات العمومية للسوق‬
‫العقارية‪ ،‬و تحريرها بشكل منظم‪ ،‬يبقي للدولة سلطة الرقابة والتنظيم إذا دعت الضرورة‬
‫ذلك‪ ،‬إذ أن الترقية العقارية ال تنفي دور الدولة في مجال الرقابة و التنظيم‪ ،‬ألن عكس ذلك‬
‫يؤدي إلى مضاربات عقارية كبيرة‪ ،‬تنتهي بخلق فوضى يصعب التحكم فيها في مرحلة‬
‫‪ .‬تأخرة‬
‫و تبدو أهمية الترقية العقارية أيضا‪ ،‬في كونها تفتح النشاط العقاري أمام جميع المتدخلين‬
‫العموميين و الخواص‪ ،‬إلنجاز السكن و تمويله‪ ،‬من خالل خلق محيط تنافسي يؤدي إلى‬
‫‪.‬تحسين مستوى السكنات‪ ،‬سواء من حيث الكم أو من حيث نوعية البناءات‬
‫إلى جانب كل ذلك فإن نشاط الترقية العقارية يقوم على توجيه تدخل الدولة‪ ،‬نحو كل من‬
‫الفئات االجتماعية المحرومة و المتوسطة الدخل‪ ،‬سواء بالتكفل الكامل بإنجاز و تمويل‬
‫برامج السكن الموجهة للفئات األولى‪ ،‬أو بتقديم مساعدات مالية غير قابلة للتسديد‪ ،‬مع‬
‫‪.‬فرض مجموعة من التدابير الجبائية‪ ،‬التي تساعد على تخفيف العبء على الفئات الثانية‬
‫أما من الناحية العملية‪ :‬فإن نشاط الترقية العقارية يؤدي إلى التنويع في صيغ عروض‬
‫السكنات‪ ،‬لتستوعب كل فئات المجتمع‪ ،‬فيكون بذلك عرض السكن في مستوى قدرات كل‬
‫الفئات‪ ،‬مما يزيد في فرص الحصول على السكن‪ .‬كما أنه يؤدي إلى التنويع في مصادر‬
‫التمويل‪ ،‬من خالل تجنيد كل الموارد المالية غير المستغلة‪ ،‬بدءا بالمتعاملين في الترقية‬
‫العقارية و المستفيدين من السكنات‪ ،‬وصوال إلى الهيئات المالية بأنواعها‪ ،‬و ذلك بتدعيم‬
‫مختلف الضمانات القانونية‪ ،‬و اتخاذ إجراءات تساعد على تنشيط و إنعاش مصادر تمويل‬
‫‪.‬المشاريع‬
‫وعموما فإن الترقية العقارية تعتبر أهم نشاطات تنمية إنتاج السكن وتمويله‪ ،‬للتوصل إلى‬
‫‪.‬تخفيض العجز الذي تعاني منه الجزائر في مجال السكن‬
‫و فعليا بدأ التغيير في منتصف الثمانينات‪ ،‬بصدور أول قانون ينظم الترقية العقارية هو‬
‫القانون رقم ‪ 07 86-‬المؤرخ في ‪ 1986 03- 04-‬المتعلق بالترقية العقارية‪ ،‬الذي اعتبر‬
‫بمثابة قفزة نوعية‪ ،‬لكونه أول نص يعبر صراحة عن بعث الترقية العقارية‪ ،‬و يفتح الباب‬
‫أمام المبادرات الخاصة إلنجاز برامج سكنات موجهة للبيع‪ ،‬من خالل سن العديد من‬
‫اإلجراءات‪ ،‬التي شكلت فيما بعد عقبات و قيود حالت دون تطور الترقية العقارية‪ ،‬وهو ما‬
‫أدى إلى الحكم على القانون رقم ‪ 07 86-‬المتعلق بالترقية العقارية بالفشل في تجسيد و‬
‫‪.‬تحقيق األهداف األساسية المبرمجة‪ ،‬التي تتمحور حول فكرة التخفيف من أزمة السكن‬
‫فالترقية العقارية إذن ال بد أن تحظى بتأطير تشريعي وتنظيمي واضح‪ ،‬يطبق في ظل‬
‫ظروف سياسية و اقتصادية و اجتماعية مالئمة‪ .‬و ال تكفي مجرد إعادة النظر في القانون‬
‫المنظم لها‪ ،‬بل ال بد من إصالح شامل ومتكامل‪ ،‬لمختلف مجاالت النشاط العقاري‪ ،‬وفق‬
‫أهداف إستراتيجية واضحة و نظام سياسي و اقتصادي يسمح بذلك‪ .‬فالجزائر لم تكن بحاجة‬
‫إلى تغيير القانون المتعلق بالترقية العقارية‪ ،‬بقدر ما كانت بحاجة إلى اعتماد نظام سياسي و‬
‫اقتصادي‪ ،‬يضمن لها توجها جديدا يمكن من خالله تحديد أهداف وإستراتيجية واضحة‪ .‬و‬
‫بالفعل اعتمدت الجزائر نظام اقتصاد السوق بصدور دستور‪ ،1989‬كتوجه جديد أعلن عن‬
‫تحديد دور السلطات العمومية‪ ،‬وتقليص مجاالت تدخلها‪ ،‬و فتح المجال أمام القطاع الخاص‬
‫‪ .‬على أساس المنافسة الحرة‬
‫‪:‬و في ظل هذه التعديالت التي طرأت على الترقية العقارية جاء طرحنا لإلشكالية التالية‬
‫كيف يمكن تسير الملكية المشتركة؟ وما دورها في تحديد مسؤوليات حقوق كل مالك؟ ‪-‬‬
‫من سيكون مسؤوال عن صيانة األجزاء المشتركة ‪-‬‬

You might also like