Professional Documents
Culture Documents
Lilia 2023
Lilia 2023
تولي الجزائر كغيرها من الدول ،أهمية كبرى لقطاع السكن ،باعتباره أكثر
الحاجات االجتماعية حساسية ،وأحد المكونات األساسية للتنمية االقتصادية و االجتماعية،
فكرسائدة في الجزائر كحق دستوري في مرحلة سابقة من االستقالل إلى غاية منتصف
الثمانينات وأخذت على عاتقها مسؤولية إنتاج السكن و تمويله ،على أساس مبدأ "ال كرامة
للمواطن بدون سكن الئق" .و ذلك من خالل تجنيد كل الوسائل المادية و البشرية المتاحة،
لتلبية الطلب المتزايد في مجال السكن ،فكانت السلطات العمومية هي المتدخل الوحيد في
سوق السكنات ،دون مشاركة جهات أخرى أو حتى المواطن ،مما خلق لدى هذا األخير
.ذهنية .الشخص الذي يتلقى المساعدة ،و ينتظر من الدولة أن تحل له مشكلة السكن
و رغم الجهود المالية للسلطات العمومية ،إال أنه لم تتوصل إلى الوفاء باحتياجات
المواطن ،نتيجة محدودية موارد الدولة من جهة ،و من جهة أخرى لسوء التسيير و عدم
الدقة في اتخاذ القرارات ،لعدم وجود رؤية و سياسة واضحة يمكن إتباعها في مجال
السكن .و أمام ارتفاع نسبة النمو الديموغرافي للسكان و التروح الريفي الذي تزايد نتيجة
انعدام األمن ،كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى جعل عرض السكن يقل بكثير عن الطلب
.عليه ،و هو ما هيأ ظرفا مناسبا لتولد أزمة السكن الخانقة التي عرفتها الجزائر
نتيجة لذلك بات من الضروري النهوض بقطاع السكن ،من خالل سياسة كفيلة بتحقيق
نتائج في مستوى تطلعات برامج السكن المسطرة ،التي يجب أن تكون على رأس قائمة
دف التوصل إلى تخفيض العجز الذي تعاني منه الجزائر في مجال. األولويات الوطنية
السكن ،و جعل الحصول عليه أمرا ممكنا ،دون إحداث اختالل في ميزانية الدولة .ومن هنا
جاءت ضرورة الترقية العقارية نظرا ألهميتها من الجانبين النظري و العملي :فمن الناحية
النظرية :يؤدي اعتماد نشاط الترقية العقارية إلى رفع احتكار السلطات العمومية للسوق
العقارية ،و تحريرها بشكل منظم ،يبقي للدولة سلطة الرقابة والتنظيم إذا دعت الضرورة
ذلك ،إذ أن الترقية العقارية ال تنفي دور الدولة في مجال الرقابة و التنظيم ،ألن عكس ذلك
يؤدي إلى مضاربات عقارية كبيرة ،تنتهي بخلق فوضى يصعب التحكم فيها في مرحلة
.تأخرة
و تبدو أهمية الترقية العقارية أيضا ،في كونها تفتح النشاط العقاري أمام جميع المتدخلين
العموميين و الخواص ،إلنجاز السكن و تمويله ،من خالل خلق محيط تنافسي يؤدي إلى
.تحسين مستوى السكنات ،سواء من حيث الكم أو من حيث نوعية البناءات
إلى جانب كل ذلك فإن نشاط الترقية العقارية يقوم على توجيه تدخل الدولة ،نحو كل من
الفئات االجتماعية المحرومة و المتوسطة الدخل ،سواء بالتكفل الكامل بإنجاز و تمويل
برامج السكن الموجهة للفئات األولى ،أو بتقديم مساعدات مالية غير قابلة للتسديد ،مع
.فرض مجموعة من التدابير الجبائية ،التي تساعد على تخفيف العبء على الفئات الثانية
أما من الناحية العملية :فإن نشاط الترقية العقارية يؤدي إلى التنويع في صيغ عروض
السكنات ،لتستوعب كل فئات المجتمع ،فيكون بذلك عرض السكن في مستوى قدرات كل
الفئات ،مما يزيد في فرص الحصول على السكن .كما أنه يؤدي إلى التنويع في مصادر
التمويل ،من خالل تجنيد كل الموارد المالية غير المستغلة ،بدءا بالمتعاملين في الترقية
العقارية و المستفيدين من السكنات ،وصوال إلى الهيئات المالية بأنواعها ،و ذلك بتدعيم
مختلف الضمانات القانونية ،و اتخاذ إجراءات تساعد على تنشيط و إنعاش مصادر تمويل
.المشاريع
وعموما فإن الترقية العقارية تعتبر أهم نشاطات تنمية إنتاج السكن وتمويله ،للتوصل إلى
.تخفيض العجز الذي تعاني منه الجزائر في مجال السكن
و فعليا بدأ التغيير في منتصف الثمانينات ،بصدور أول قانون ينظم الترقية العقارية هو
القانون رقم 07 86-المؤرخ في 1986 03- 04-المتعلق بالترقية العقارية ،الذي اعتبر
بمثابة قفزة نوعية ،لكونه أول نص يعبر صراحة عن بعث الترقية العقارية ،و يفتح الباب
أمام المبادرات الخاصة إلنجاز برامج سكنات موجهة للبيع ،من خالل سن العديد من
اإلجراءات ،التي شكلت فيما بعد عقبات و قيود حالت دون تطور الترقية العقارية ،وهو ما
أدى إلى الحكم على القانون رقم 07 86-المتعلق بالترقية العقارية بالفشل في تجسيد و
.تحقيق األهداف األساسية المبرمجة ،التي تتمحور حول فكرة التخفيف من أزمة السكن
فالترقية العقارية إذن ال بد أن تحظى بتأطير تشريعي وتنظيمي واضح ،يطبق في ظل
ظروف سياسية و اقتصادية و اجتماعية مالئمة .و ال تكفي مجرد إعادة النظر في القانون
المنظم لها ،بل ال بد من إصالح شامل ومتكامل ،لمختلف مجاالت النشاط العقاري ،وفق
أهداف إستراتيجية واضحة و نظام سياسي و اقتصادي يسمح بذلك .فالجزائر لم تكن بحاجة
إلى تغيير القانون المتعلق بالترقية العقارية ،بقدر ما كانت بحاجة إلى اعتماد نظام سياسي و
اقتصادي ،يضمن لها توجها جديدا يمكن من خالله تحديد أهداف وإستراتيجية واضحة .و
بالفعل اعتمدت الجزائر نظام اقتصاد السوق بصدور دستور ،1989كتوجه جديد أعلن عن
تحديد دور السلطات العمومية ،وتقليص مجاالت تدخلها ،و فتح المجال أمام القطاع الخاص
.على أساس المنافسة الحرة
:و في ظل هذه التعديالت التي طرأت على الترقية العقارية جاء طرحنا لإلشكالية التالية
كيف يمكن تسير الملكية المشتركة؟ وما دورها في تحديد مسؤوليات حقوق كل مالك؟ -
من سيكون مسؤوال عن صيانة األجزاء المشتركة -