Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 10

‫ندوة بعنوان (القائد والقدوة )‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫ربُ‬
‫للهُ هُ‬
‫الرحمنُالرحيمُالحمدُُ ُ‬
‫هُ‬ ‫للاهُ‬
‫بسمُ ُ‬
‫الرجيمُ هُ‬
‫هُ‬ ‫منُالشيطانُ‬
‫هُ‬ ‫العليمُ‬
‫السميعهُ هُ‬
‫ُ‬ ‫للهُ‬
‫أعوذُُبا ُ‬
‫بُوإلهَُ‬
‫‪ُ،‬ربُاألربا ه‬
‫ه‬ ‫ُواإلكرام‬
‫ه‬ ‫هُواألرض‪ُ،‬ذاُالجال هل‬
‫ه‬ ‫العالمينُاللهمُلكُالحمدُبدي َعُالسماوات‬
‫ُشي‪ُ،‬ليسُ َك همث هل ههُشي ٌء‪ُ،‬والُيعزبُعنهُعلمُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ووارثُك هل‬ ‫ك هلُمألوه‪ُ،‬وخالقَ ُك هلُمخلوق‪ُ،‬‬
‫ُورقيب‪ُ،‬ونصليُونسلمُعلىُسيدناُمحمدُالصادقُاألمين‪ُ،‬‬ ‫ٌُ‬ ‫ٌ‬
‫ُشيءُمحيط‬ ‫شيءُوهوُبك هل‬
‫والمبعوثُرحمةُللعالمينُوعلىُأهلُبيتهُالطيبينُالطاهرين‪ُ:‬ثمُأماُبعد‪:‬‬
‫السالمُعليكمُورحمةُللاُوبركاته‪ُ،‬وتقبلُللاُمناُومنكمُصالحُاألعمالُسنتكلم في هذه الندوة عن‬
‫شخصية إسالمية لها مواقفها مع أهل اليمن لها تاريخها في اليمن تاريخ مجيد تاريخ يرويه‬
‫التاريخ في أنصع صفحاته‪ ،‬سنتكلم اليوم عن شخصية اإلمام الهادي إلى الحق ‪ /‬يحيى بن الحسين‬
‫(عليه السالم ) وكيف لنا أن نستفيد من سيرة حياته ونستلهم منها ما يجعلنا نعيش أعزاء كرماء‪،‬‬
‫نذود عن حريتنا وكرامتنا‪ ،‬ونحمي أرضنا وعرضنا‪ ،‬نتعلم منه كيف نعيش مجاهدين ونلقى هللا‬
‫تعالى راغبين وفي رضاه ساعين‪.‬‬
‫فمن حقنا جميعا ً أن نتعرف على نسبه الشريف ونشأته المباركة وعلمه وشجاعته وحياته‪.‬‬
‫فمن هو اإلمام الهادي ( عليه السالم )؟؟؟‬
‫هو اإلمام يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن‬
‫علي بن أبي طالب عليهم السالم‪.‬‬
‫نشأ تربى وتعلم على يد أبيه وأعمامه وأبرزهم محمد بن القاسم من شاع فضله وعرف علمه في‬
‫محيط من األسرة النبوية والذرية العلوية المباركة‪ ،‬في ذلك البيت الذي تمثلت فيه أنصع صور‬
‫الطهر والعبادة والعلم تعلم اإلمام الهادي (عليه السالم)‪ ،‬فحاز أعلى مراتب العلم وبرز فيها‪ ،‬ولم‬
‫يدركه أحد‪ ،‬وعرف آباؤه وأعمامه فضله على ماهم عليه من العلم فقدموه عليهم‪ ،‬وبايعوه‬
‫باإلمامة وعمره خمس وثالثون سنة‪.‬‬
‫سار أئمة أهل البيت عليه السالم وهم االمتداد الطبيعي لرسالة األنبياء سالم هللا عليهم‪ ،‬ساروا‬
‫على ذلك المنهج‪ ،‬واقتفوا ذلك الطريق‪ ،‬وصححوا الوجهة لمن قد التبست عليهم‪.‬‬
‫فعندما خرج الحسين بن علي إلى كربالء كان خروجه ذلك لصالح وإصالح واقع أمة جده محمد‬
‫صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬والذي كان قد بدأ يفسده الطغاة والمجرمون من حكام بني أمية وعلماء‬
‫بالطهم من تلبيس التدين وتحريف السنن‪ ،‬وعندها خرج الحسين عليه السالم وهو يردد‪" :‬وهللا ما‬
‫خرجت أشرا ً وال بطرا ً وال مفسداً‪ ،‬وإنما أريد اإلصالح في أمة جدي رسول ه‬
‫ّللا"‪.‬‬
‫وفي إحدى الليالي المباركة كان يدور حوار مهم بين اإلمام زيد وبين أحد خلص أصحابه حيث‬
‫بين فيه اإلمام األعظم زيد بن علي الهدف من دعوته وخروجه قائالً لصاحبه‪" :‬يا بابكي أما ترى‬
‫هذه الثريا(نجم في السماء) أترى أحد ينالها؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪" :‬وهللا لوددت أن يدي ملصقة بها‬
‫فأقع إلى األرض أو حيث أقع فأتقطع قطعة قطعة وأن هللا أصلح بين أمة محمد صلى هللا عليه‬
‫وآله وسلم"‪.‬‬
‫وقد علمنا كيف كان األنبياء عليهم السالم يتعرضون ويعرضون أنفسهم ألشد االبتالءات‬
‫واالمتحانات‪ ،‬ويواجهون أشد المصاعب والمشاق والمتاعب في سبيل إصالح األمم وصالحها‪.‬‬
‫وكذلك ما القاه أهل البيت النبوي الطاهر من تقتيل وتشريد ومطاردات وسجون وتعذيب‪ ،‬وما‬
‫قدموه من تضحيات في سبيل تحقيق ذلك الهدف السامي النبيل(إصالح األمة)‪.‬‬
‫ولطالما ردد الهادي عليه السالم مقولته الشهيرة على مسامع أتباعه‪" :‬وهللا لوددت أن هللا أصلح‬
‫اإلسالم بي‪ ،‬وأن يدي معلقة بالثريا‪ ،‬ثم أهوي إلى األرض فال أصل إال قطعا ً‪ ،‬ولوددت أن هللا‬
‫أصلح هذه األمة وأني جعت يوما وشبعت يوما"‪.‬‬
‫يجوعون من أجل أن تشبع األمة‪ ،‬ويموتون من أجل أن تحيا األمة‪ ،‬ويضحون بأنفسهم وأهليهم‬
‫من أجل سالمة وصالح دين األمة وواقعها‪.‬‬
‫يقول الشيخ أبو زهرة عن اإلمام الهادي (عليه السالم)‪« :‬إن أعظم مقاصده إقامة حكم إسالمي‪،‬‬
‫وجمع المسلمين على كتاب هللا تعالى‪ ،‬وسنة نبيه (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ ،‬وقد كان يسعى‬
‫جهده لجمع شمل المسلمين‪ ،‬وإصالح أمورهم فيما بينهم»‪.‬‬
‫وفي عهد اإلمام الهادي (عليه السالم) كانت اليمن ترزح تحت وطأة الفتن الداخلية والثارات‬
‫المفتعلة من قبل طواغيت بني العباس وانتشار األفكار الضالة والفرق المنحرفة مثل القرامطة‬
‫التي دعمها ونشرها الطواغيت‪.‬‬
‫و لما انتشرت فضائله‪ ،‬وظهرت أنواره وشمائله‪ ،‬وفد إليه وفد أهل اليمن‪ ،‬فسألوه إنقاذهم من‬
‫الفتن‪ ،‬ألن الشعب اليمني يدرك أنه ال مخرج من الفتن إال بالتمسك بالثقلين كتاب هللا وعترة نبيه‬
‫فذهبوا إلى اإلمام طالبين منه المجيء إلى اليمن فاستجاب لهم وخرج الخرجة األولى‪ ،‬ثم كر‬
‫راجعا ً الى المدينة المنورة بعد مدة وجيزة لما شاهد من بعض األمراء التمنع من تنفيذ حكم هللا‬
‫في أحدهم‪ ،‬فنزل بأهل اليمن من الشدائد والفتن ما ال قبل لهم به‪ ،‬فعاودوا الطلب وتضرعوا إليه‪،‬‬
‫فأجابهم وخرج ثانيا ً عام مائتين وأربعة وثمانين من الهجرة فعم األمن واألمان ونزلت البركات‬
‫وعم السالم بين القبائل اليمنية ‪.‬‬
‫وواجه الفرق الضالة مثل القرامطة وواجه الفاسدين والمجرمين ومن كان همهم هو استعباد هذا‬
‫الشعب العظيم‪.‬‬

‫أيهاُالمؤمنونُالقرآنُالكريمُكتابُنزلهُللاُالرحيمُاألعلىُبرحمتهُمنُفوقُالسماواتُ‬
‫العال‪ُ،‬فأقرُفيُأرضهُقراره‪ُ،‬وبثُفيُعبادهُأنواره‪ُ،‬فنورهُظاهرُالُيخفى‪ُ،‬وضياؤهُ‬
‫ٌ‬
‫زاهرُالُيطفأ‪ُ،‬مشرقُنورهُبالهدىُيتألأل‪ُ،‬واسعُاألطنانُواألفنية‪ُ،‬ساطعُالنورُ‬
‫والبرهان‪ُ،‬جامعُالفصلُوالبيان‪ُ،‬فأنوارهُبضيائهُزاهرة‪ُ،‬وأسرارهُألوليائهُظاهرة‪.‬‬
‫نستمع في البداية آيات من الذكر الحكيم وبعدها نستمع إلى الحديث الشريف‬
‫القرآن الكريم يتفضلُاألخ ‪ُ............................................/‬‬
‫مصحوباًُبالصالةُعلىُالنبيُوآلهُُُُُ‬
‫____________________________________________________‬
‫القرآن الكريم‬
‫أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫ير (‪)31‬‬
‫ص ٌ‬ ‫هللا بِ ِعبَا ِد ِه لَ َخبِ ٌ‬
‫ير بَ ِ‬ ‫ص ِدقًا ِلـ َما بَيْنَ يَ َد ْي ِه إِ َّن َ‬ ‫ب ُه َو ْال َح ُّق ُم َ‬ ‫(( َوالَّذِي أ َ ْو َح ْينَا إِلَي َْك ِمنَ ْال ِكتَا ِ‬
‫سابِ ٌق‬ ‫ظا ِلـ ٌم ِلنَ ْف ِس ِه َو ِم ْن ُه ْم ُم ْقت َ ِ‬
‫ص ٌد َو ِم ْن ُه ْم َ‬ ‫طفَ ْينَا ِم ْن ِعبَا ِدنَا فَ ِم ْن ُه ْم َ‬ ‫اب الَّذِينَ ا ْ‬
‫ص َ‬ ‫ث ُ َّم أ َ ْو َرثْنَا ْال ِكت َ َ‬
‫ير))‬ ‫ض ُل ْال َك ِب ُ‬
‫ت بِإ ِ ْذ ِن هللاِ ذَ ِل َك ُه َو ْالفَ ْ‬ ‫ِب ْال َخي َْرا ِ‬

‫علَ ْي ِه أ َ ً‬
‫جْرا‬ ‫ت ق ْل َال أَسْأَلك ْم َ‬‫صا ِل َحا ِ‬
‫ع ِملوا ال َّ‬ ‫شر هللا ِع َبا َده الَّذِينَ آ َ َمنوا َو َ‬ ‫وقال تعالى ((ذَ ِل َك الَّذِي ي َب ِ ه‬
‫ور))‬ ‫ور شَك ٌ‬ ‫هللا غَف ٌ‬‫سنَةً ن َِز ْد لَه فِي َها ح ْسنًا ِإ َّن َ‬‫ف َح َ‬ ‫ِإ َّال ْالـ َم َو َّدة َ فِي ْالق ْربَى َو َم ْن يَ ْقت َ ِر ْ‬

‫س ِبي ِل ِ‬
‫هللا‬ ‫سه ْم َوأ َ ْم َوالَه ْم ِبأ َ َّن لَهم ْال َج َّنةَ ي َقاتِلونَ فِي َ‬ ‫هللا ا ْشت َ َرى ِمنَ ْالـمؤْ ِمنِينَ أ َ ْنف َ‬ ‫وقال تعالى (( ِإ َّن َ‬
‫اإل ْن ِجي ِل َو ْالق ْرآ َ ِن َو َم ْن أ َ ْوفَى بِعَ ْه ِد ِه ِمنَ هللاِ فَا ْست َ ْب ِشروا‬
‫علَ ْي ِه َحقًّا فِي الت َّ ْو َراةِ َو ْ ِ‬
‫فَيَ ْقتلونَ َوي ْقتَلونَ َو ْعدًا َ‬
‫الرا ِكعونَ‬ ‫سائِحونَ َّ‬ ‫امدونَ ال َّ‬ ‫ِب َب ْي ِعكم الَّذِي َبا َي ْعت ْم ِب ِه َوذَ ِل َك ه َو ْالفَ ْوز ْال َع ِظيم التَّائِبونَ ْال َعا ِبدونَ ْال َح ِ‬
‫ش ِر ْالـمؤْ ِمنِينَ ))‬ ‫ع ِن ْالـم ْن َك ِر َو ْال َحافِظونَ ِلحدو ِد هللاِ َوبَ ِ ه‬ ‫وف َوالنَّاهونَ َ‬ ‫اجدونَ ْاْلَ ِمرونَ بِ ْالـ َم ْعر ِ‬ ‫س ِ‬
‫ال َّ‬

‫صدق هللا العظيم‬

‫_____________________________________________________‬
‫الحديث الشريف‬

‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم‪:‬‬


‫( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب هللا وعترتي أهل بيتي‬
‫إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)‬

‫وقال صلى هللا عليه وآله وسلم ‪:‬‬


‫( أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى )‬

‫وروي بأن رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) أشار إلى اليمن وقال ‪:‬‬
‫( سيخرج رجل من ولدي في هذه الجهة ( وأشار إلى اليمن ) اسمه يحيى يُحيي هللا به الدين )‬

‫نستمع وإياكم إلى نبذة من سيرته عليه السالم‬


‫فليتفضل األخ ‪....................... /‬‬
‫مصحوبا ً بالصالة على النبي وآله‬
‫________________________________________________‬
‫نبذ من سيرة اإلمام الهادي (عليه السالم)‪:‬‬

‫أولا القدوة والمنهجية‪:‬‬


‫مثَّل اإلمام الهادي عليه السالم في واقع سيرته جانب القدوة خير مثال‪ ،‬وقدم ألتباعه والمنتمين‬
‫لدولته جانبا ً عظيما ً وصورة ناصعة من السيرة المحمدية والمنهج العلوي‪ ،‬يتجلى لنا ذلك من‬
‫خالل بعض المحطات في بيعته وسيرته ومنها‪:‬‬
‫ومما قاله عليه السالم في نص بيعته التي طلب من أهل اليمن أن يبايعوه على ضوئها‪ ،‬والتي‬
‫تكشف لنا جانبا ً عظيما ً من سيرته ومنهجه‪" :‬أيها الناس‪ :‬إني أشترط لكم أربعا ا على نفسي‪:‬‬
‫الحكم بكتاب هللا وسنة نبيه‪ ،‬واألثرة لكم على نفسي فيما جعله هللا بيني وبينكم‪ ،‬أؤثركم ول‬
‫أتفضل عليكم‪ ،‬وأقدمكم عند العطاء قبلي‪ ،‬وأتقدم أمامكم عند لقاء عدوي وعدوكم بنفسي‪.‬‬
‫وأشترط لنفسي عليكم اثنتين‪:‬‬
‫النصيحة هلل سبحانه ولي في السر والعلن‪ ،‬والطاعة ألمري في كل حالتكم ما أطعت هللا فيكم‪،‬‬
‫فإن خالفت طاعة هللا عز وجل فال طاعة لي عليكم‪ ،‬وإن ملت وعدلت عن كتاب هللا فال حجة لي‬
‫عليكم"‪.‬‬
‫ثانيا ا النزاهة المالية‪:‬‬
‫وهاهو اإلمام الهادي وقد أصبح إماما ً وحاكما ً على أكثر مناطق اليمن‪ ،‬تجبى إليه زكواتها وأموالها‪،‬‬
‫ويسير فيها جنوده‪ ،‬ويقيم عليها أحكامه‪ ،‬ورغم ذلك يقول ويعلنها ألهل بيته عندما زاروه من الحجاز‬
‫واستغربوا من ضئالة المائدة التي استقبلهم بها‪ ،‬وقالها ألهل اليمن مطمئنا ً لهم‪" :‬وهللا الذي ال إله‬
‫إال هو ما أكلت مما جبيت من اليمن شيئا ً وال شربت منه الماء‪ ،‬وهللا يعلم ما أقول‪ ،‬وما أنفق إال من‬
‫شيء جئت به معي من الحجاز"‪.‬‬
‫هكذا هم أهل البيت (عليهم السالم) يجوعون من أجل أن تشبع األمة ويموتون من أجل أن تحيا األمة‬
‫ويضحون بأنفسهم وأهليهم من أجل سالمة وصالح دين األمة وواقعها‪.‬‬
‫فكيف تحمل المسؤولية كقائد وإمام لهذه الدولة ؟؟‬
‫هذا ما سيتحدث عنه األخ‪............................. /‬‬
‫فليتفضل مصحوبا ً بالصالة على النبي وآله‬
‫استشعار وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه كقائد وإمام لهذه الدولة‪:‬‬
‫حينما وصل (عليه السالم) إلى صعدة استأجر بيتا ً متواضعا ً ولبس أبسط الثياب‪ ،‬يعلم الناس أمور دينهم‬
‫ويعظهم وكأنه واحد منهم‪ ،‬وفي أحد األيام خرج ليجلس في فناء الدار ووقف أمام شجرة كانت في فناء الدار‬
‫يحدث نفسه قائالً‪" :‬كنت أعهد هذه الشجرة يوم دخولي الدار على خير من هذا الحال‪ ،‬فمالي أراها قد ساء‬
‫حالها؟ ثم واصل حديثه مع نفسه وكأن شيئا ً عظيما ً قد حدث فقال‪" :‬كيف ينتصر هذا الدين بمن ال يراعي هللا‬
‫في حقوق الناس"‪ ،‬فقام إلى الماء وسقاها وجعل يتعاهدها على الدوام‪ ،‬فلما أثمرت جعل يحمل ثمرها إلى‬
‫صاحب الدار‪ ،‬فقال صاحب الدار‪ :‬ما هذا يا موالي؟ فقال له الهادي عليه السالم‪" :‬هذا محصول الشجرة التي‬
‫في دارك الذي استكريناه منك"‪ ،‬فنظر صاحب الدار إليه بإعجاب وقال له‪ :‬جعلت فداك يا موالي‪.‬‬
‫وقال أحد أصحاب اإلمام الهادي عليه السالم واسمه علي بن العباس‪ :‬كنا عند الهادي يوما ً وقد حمي النهار‬
‫وتعالى وهو يخفق رأسه(يغالبه النوم)‪ ،‬فقمنا‪ ،‬فقال الهادي‪" :‬سأدخل وأغفو غفوة"‪ ،‬وخرجت لحاجتي‬
‫وانصرفت سريعاً‪ ،‬وكان اجتيازي ورجوعي على الموضع والمكان الذي كان الهادي يجلس فيه للناس‪ ،‬فإذا‬
‫أنا بالهادي جالس في ذلك الموضع‪ ،‬فقلت له في ذلك(أي قلت له مالي أراك جالسا ً وقد تركناك لتنام قليالً‬
‫بعدما رأينا النوم يغالبك) فقال الهادي‪" :‬لم أجسر على أن أنام وقلت‪ :‬عسى أن ينتاب الباب مظلوم فيؤاخذني‬
‫هللا بحقه‪ ،‬ووليت راجعا ً كما دخلت" فهذا يدل على إستشعاره العالي بالمسؤولية‪.‬‬
‫‪ -‬الرحمة باألمة من واقع الولية عليها‪:‬‬
‫جاءه يوما ً رجل ضعيف‪ ،‬وقت السحر‪ ،‬يستعدي(يشتكي) على قوم فدق الباب‪ ،‬فقال الهادي‪" :‬من هذا الذي‬
‫يدق الباب في هذا الوقت؟" فقال له غالمه الذي كان واقفا ً على الباب‪ :‬هذا رجل يستعدي‪ ،‬فقال له اإلمام‬
‫الهادي‪" :‬أدخله"‪ ،‬فدخل الرجل واستعدى على قوم كانوا قد ظلموه‪ ،‬فوجه الهادي معه في ذلك الوقت ثالثة‬
‫رجال يحضرون معه خصومه‪ ،‬ثم قال الهادي‪" :‬الحمدهلل الذي خصنا بنعمه‪ ،‬وجعلنا رحمة على خلقه‪ ،‬هذا‬
‫رجل يستعدي إلينا في هذا الوقت‪ ،‬لو كان واحدا ً من هؤالء الظلمة ما دنا إلى بابه في هذا الوقت مستعد‪ ،‬أي‬
‫مشتكي‪.‬‬
‫وكان يأمر مناديا ً ينادي في المسجد بعد صالة الجمعة‪" :‬أين الفقراء؟ أين المساكين؟ أين أبناء السبيل؟ أين من‬
‫له حاجة؟ هل من سائل فيعطى‪ ،‬أو من طالب حاجة فتقضى"‪.‬‬
‫ولقد ذاع واشتهر من أنه كان يدني األيتام والمساكين من مجلسه وال يأكل طعاما ً حتى يعطيهم منه‪ ،‬وكان يفت‬
‫الطعام لأليتام بيده ثم يأمر بإدخالهم عليه فيأكلون ويأكل معهم‪.‬‬
‫هذا كله يدل على حكمته ورحمته باألمة وتحمله لمسؤوليته فكيف كانت مالمح سياسة اإلمام الهادي‬
‫(عليه السالم) ‪:‬‬
‫هذا ماسيتحدث عنه األخ ‪ ............................./‬فليتفضل‬
‫مصحوبا ً بالصالة على النبي وآله‬
‫من مالمح سياسة اإلمام الهادي (عليه السالم)‪:‬‬
‫ساس اإلمام الهادي (عليه السالم) رعيته سياسة جعلت كل من عرفه يتملكه العَ َجب لهذه السيرة‬
‫التي طالما حنوا وتشوقوا إليها‪ ،‬وما كانوا يعرفونها إال في بطون الكتب وأحاديث الرواة عن‬
‫عصر النبوة‪ ،‬وسيرة أمير المؤمنين علي (عليه السالم)‪ ،‬وبعض الحكومات الراشدة‪.‬‬
‫ولم تكن سياسته عليه السالم مجرد شعارات يطلقها أو دعايات يصدرها‪ ،‬وإنما تجلت تطبيقا ً‬
‫عمليا ً وسلوكا ً يوميا ً ألزم نفسه وساسها به أوالً‪.‬‬
‫يقول محمد بن سعيد اليرسمي أحد أصحاب اإلمام الهادي‪ :‬لما نزل اإلمام الهادي عليه السالم‬
‫صعدة‪ ،‬كان يصلي بالناس الصلوات الجماعة‪ ،‬فال يقطع ليالً وال نهارا ً‪ ،‬ويجلس ما بين الصلوات‬
‫فيعظ الناس ويعلمهم فرائض الدين وفرائض المواريث ويتحاكمون إليه‪ ،‬ويبين لهم في رفق‪ ،‬ثم‬
‫ينهض فيدور األسواق والسكك ونحن معه‪ ،‬فإن رأى جدارا ً مائالً أمر أهله بإصالحه‪ ،‬أو طريقا ً‬
‫فاسدا ً أمر بتنقيته‪ ،‬أو خلفاً(طريق وسكة) مظلما ً أمر أهله أن يضيئوا فيه بالليل للمارة والسالك‬
‫إلى المسجد وغيره‪ ،‬وإن رأى امراءة أمرها بالحجاب‪ ....‬إلى قوله‪ :‬وكان يقف على أهل كل‬
‫بضاعة فيأمرهم أال يغشوا بضائعهم‪.‬‬
‫وكان يزور السجن ويراقب نظافته‪،‬ويأمر من يعرف القراءة من المساجين أن يعلمها لمن ال يقرأ‪.‬‬
‫ولقد تعامل مع أعدائه وخصومه من المنافقين وفق أحكام الكتاب الكريم وسيرة النبي الكريم‬
‫(صلى هللا عليه وآله وسلم)‪:‬‬
‫فكان ال يقاتلهم حتى يدعوهم ويقيم عليهم الحجة‪ ،‬وإذا اقترب من عسكر عدوه مواجها ً لهم أرسل‬
‫إليهم وفدا ً منه من ذوي العلم والخبرة والعقل والتقوى يدعونهم إلى هللا وينبهونهم عاقبة طاعة‬
‫الشيطان ويطلبون حقن الدماء‪.‬‬
‫وإذا وجه عامالً أو واليا ً على بلد يأمره‪:‬‬
‫أن يدخل تلك البلد بالسكينة والوقار وال يفزع أهلها وأن يكتري لنفسه منزالً وال يكلف أهل ذلك‬
‫البلد من مؤونته شيئا ً وأن ال يقبل منهم هدية وأن يقوم بإزالة المنكرات وأن يقوم بتعليمهم أمور‬
‫دينهم‪.‬‬
‫وللحديث عن مالمح الجانب القضائي والمالي في دولة اإلمام الهادي عليه السالم يتفضل‬
‫األخ ‪......................... /‬‬
‫للحديث عنها مصحوبا ً بالصالة على النبي وآله‬
‫_____________________________________________________‬
‫أبرز مالمح الجانب القضائي والمالي في دولة اإلمام الهادي (عليه السالم)‪:‬‬
‫في هذا الجانب المهم نجد أن اإلمام الهادي (عليه السالم) قد‪:‬‬
‫حدد الشروط والمواصفات التي ينبغي أن يكون عليها من يتولى منصب القضاء‪.‬‬
‫و حدد للقضاة كيفية السلوك الذي يجب أن يتحلوا به ويلتزموه في مجالس القضاء‪.‬‬
‫وبين لهم كيفية التعامل مع الناس خارج مجلس القضاء‪.‬‬
‫يقول اإلمام الهادي عليه السالم في كل ذلك‪" :‬وال ينبغي للقاضي أن يقضي بين المسلمين وهو‬
‫غضبان‪ ،‬وال أن يقضي بينهم وهو جائع شديد الجوع‪ ،‬وال ينبغي له أن يسلم على أحد الخصمين‬
‫سالما ً ال يسلمه على صاحبه وإن كان له صديقاً؛ ألنه إذا فعل ذلك أفزع خصم صديقه وأخافه‪،‬‬
‫وينبغي له أن يساوي بين مجالس الخصمين‪ ،‬ويبدأ بالضعيف على القوى فيسمع كالمه وحجته‪،‬إال‬
‫أن يكون القوي هو المستعدى على الضعيف‪ ،‬فإن استويا بالخصومة بدأ بالضعيف‪ ،‬كذلك يفعل‬
‫في النساء والرجال‪ ،‬وال ينبغي له أن يقضي وقلبه مشتغل في شئ آخر‪ ،‬وال ينبغي ألحد أن يطلب‬
‫القضاء أو يسأله ويحرص عليه؛ ألن خطره عظيم"‪.‬‬
‫وقال مبينا ً شروط من يتولى القضاء من المسلمين‪" :‬يحتاج القاضي أن يكون عالما ً بما يقضي‪،‬‬
‫فهما ً بما ورد عليه‪ ،‬ورعا ً في دينه‪ ،‬عفيفا ً من أموال المسلمين‪ ،‬حليما ً إذا استجهل‪ ،‬وثيق العقل‪،‬‬
‫جيد التمييز‪ ،‬صليبا ً في أمر هللا‪ ،‬فإن نقص من هذه الخصال شئ كان ناقصاً"‪.‬‬
‫ومن أبرز مالمح النظام المالي في دولة اإلمام الهادي عليه السالم‪:‬‬
‫اهتم عليه السالم جدا بالزكاة و حقق استقالال اقتصاديا كما كان لإلمام الهادي عليه السالم دارا ً‬
‫لسك العملة والنقود وضربها(أي صناعتها)‪ ،‬حتى ال يكون رعيته في حاجة إلى التعامل بعمالت‬
‫اْلخرين‪ ،‬وكانت له عملة خاصة به عرفت في التاريخ اإلسالمي بـ(الدينار العلوي)‪ ،‬وهو من‬
‫أجود وأرفع الدنانير في تاريخ اإلسالم‪.‬‬
‫اما مجال النفقات التي كانت تقوم بها الدولة في حكومة دولة اإلمام عليه السالم فنستطيع إجمالها‬
‫في‪:‬‬
‫‪ -‬مصارف الزكاة الثمانية‪ -‬عدة الجهاد ومرتبات الجند‪ -‬مرتبات الوالة والقضاة ونفقاتهم‬
‫‪ -‬مصالح األمة التي تقوم الدولة وأبرزها‪:‬‬
‫‪ -1‬إصالح الطرقات وتعبيدها ورصفها ‪ -2‬إنارات السكك والشوارع المظلمة ليالً‬
‫‪ -3‬إصالح السجون ونفقات السجناء وتنظيم إدارتها‪.‬‬
‫وصلنا وإياكم إلى الختام ومع األخ‪ .................... /‬يتفضل مصحوبا ا بالصالة على النبي وآله‬
‫الختام‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫إن سيرة اإلمام الهادي (عليه السالم) مدرسة تتعلم منها األجيال واألمم الدروس والعبر والشجاعة والجهاد‪.‬‬
‫ومن مقوالته الشهيرة عن الجهاد في سبيل هللا ‪(( :‬وكيف ال يكون الجهاد أعظم فرائض الرحمن وهو عام‬
‫غير الخاص لجميع المسلمين ألن الجهاد‪ :‬عز ألولياء هللا _ مخيف ألعداء هللا _ مشبع للجياع _ كاس للعراة‬
‫النياع _ ناف للفقر عن األمة_ مصلح لجميع الرعية _ به يقوم الحق ويموت الفسق _ ويرضى الرحمن‬
‫ويسخط الشيطان وتظهر الخيرات وتموت الفاحشات والمصلي فإنما صالته وصيامه لنفسه وليس من أفعاله‬
‫شيء لغيره وكذلك كل فاعل خير فعله لنفسه ال لسواه)) واعتبر اإلمام الهادي عليه السالم قياس الجهاد بغيره‬
‫جهالً من فاعله‪ ،‬وداللة على عماية من يقوم بذلك‪ ،‬وهو ما صرح به في عبارة قوية تبين سوء فعل من‬
‫يتصدى لذلك من العلماء والعامة قائالً عليه السالم‪( :‬فأين بالجهلة العمين والعلماء المتعامين؟ كيف يقيسون‬
‫شيئا ً من أعمال العباد‪ ،‬إلى ما ذكر هللا سبحانه من الجهاد‪ ،‬هيهات هيهات‪ ،‬بَعد القياس‪ ،‬ووقع على الجهلة‬
‫االلتباس)‪.‬‬
‫وقال في عدم قبول صغائر األعمال الصالحة عند رفض الجهاد والتخلف عنه‪ ،‬وبيان عموم الجهاد‪(:‬فليعلم كل‬
‫وتأول على هللا‬
‫عالم أو جاهل‪ ،‬أو من دعي إلى الحق والجهاد فتوانى‪ ،‬وتشاغل‪ ،‬وكره السيف والتعب‪ ،‬ه‬
‫التأويالت‪ ،‬وبسط لنفسه األمل‪ ،‬وكره السيف والقتال‪ ،‬والمالقاة للحتوف والرجال‪ ،‬وآثر هواه على طاعة‬
‫مواله‪ -‬فهو عند اللطيف الخبير العالم بسرائر الضمير من أشر األشرار‪ ،‬وأخسر الخاسرين‪ -‬أن صالته‬
‫وصيامه وحجه وقيامه عند هللا بور ال يقبل هللا منه قليالً وال كثيراً‪ ،‬وال صغيرا ً وال كبيراً‪ ،‬وإنه ممن قال‬
‫اميَةً)‬ ‫اصبَةٌ ت َ ْ‬
‫صلَى نَ ً‬
‫ارا َح ِ‬ ‫املَةٌ نَّ ِ‬
‫ع ِ‬‫سبحانه فيه حين يقول‪( :‬وجوهٌ يَ ْو َمئِ ٍذ خَا ِشعَةٌ َ‬
‫هذه نبذة يسيرة من سيرة هذا اإلمام العظيم من أهل بيت رسول هللا وقد تعرض هذا اإلمام العظيم لتشويه‬
‫الوهابية كما هي عادتهم مع أهل بيت رسول هللا صلوات هللا عليه وآله ولذلك وجب علينا العودة إلى تاريخ‬
‫أهل البيت عليهم السالم وحبهم ومودتهم والوالء لهم وهذا شيء أساسي في هويتنا االيمانية‪.‬‬
‫تقبل هللا منا ومنكم صالح االعمال ووفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه‪.‬‬
‫اللهم بلغ بإيماننا أكمل االيمان واجعل يقيننا أفضل اليقين وانتهي بنياتنا الى أحسن النيات وبأعمالنا الى‬
‫أحسن االعمال اللهم وفر بلطفك نياتنا وصحح بما عندك يقيننا واستصلح بقدرتك ما فسد منا‪.‬‬
‫اللهم أحفظ و أيد وأنصر علم زماننا وقائد مسيرتنا السيد القائد ‪ /‬عبدالملك بدرالدين الحوثي ( حفظه هللا )‬
‫اللهم انصر المجاهدين في جميع جبهات العزة والكرامة وكن لهم خير حافظا ً وناصرا ً ومعينا اللهم عجل‬
‫بنصرك اللهم دمر وشتت وزلزل أمريكا واسرائيل وآل سعود واالمارات ومن تحالف معهم من الداخل‬
‫والخارج يا هللا اللهم اجعل خزيهم ونكالهم ودمارهم على أيدينا وايدي المجاهدين األحرار في جميع جبهات‬
‫العزة والكرامة‪ ،‬ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب‪.‬‬
‫وآخر دعـوانا أن الحمد هلل رب العالمين وصلى هللا وسلم على سيدنا محمد وعلى آله األخيار‬

You might also like