Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 7

‫المحاضرة ‪ :03‬األفكار االقتصادية في الحضارات القديمة‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫يعتقد كثير من علماء التاريخ واالجتماع أنه قبل عشرات‪ ،‬بل مئات آالف السنين قام أسالفنا‬
‫باستخدام الحجر في عمل مقصود لالستعانة به لرفع الكفاءة في إنتاج الغداء والحاجات األخرى بما في‬
‫ذلك الحاجات الدفاعية‪ ،‬وأن تطور األدوات واألساليب والمعارف اإلنتاجية سار ببطء شديد يحسب‬
‫بعشرات اآلالف وربما بمئات اآلالف من السنين‪ .‬وهذا النظام االجتماعي و االقتصادي و السياسي قد دام‬
‫فترة طويلة جدا من حياة اإلنسان العاقل على األرض‪ ،‬قبل أن يتحول إلى نظام اقتصادي تغلب فيه الملكية‬
‫‪1‬‬
‫الخاصة لعناصر اإلنتاج بما فيها العنصر البشري‪.‬‬

‫نتناول في هذا الفصل تطور األفكار االقتصادية على مر العصور بدءا بالفكر االقتصادي في‬
‫العصور القديمة (عند البدائيين (النظام البدائي المشاعي)‪ ،‬ومرورا بالفكر االقتصادي في العصر‬
‫العبودي)‪.‬‬

‫أوال‪:‬النظام البدائي ( أي ما قبل التاريخ )‬

‫و يطلق عليه بعصر المشاعية البدائية وقد امتد إلى ما يقارب ‪ 19‬ألف سنة‪ 2.‬فمنذ القدم تكونت سلسلة‬
‫من العالقات االجتماعية بين البشر والتي تجسدت في العمل الجماعي الذي كان يسعى وراءه لتلبية‬
‫ضروريات حياته اليومية‪ ،‬والتي بدأت تتطور عبر الزمن‪.‬‬

‫يعد النظام البدائي أول نظام اجتماعي اقتصادي في التاريخ‪ ،‬حيث كان اإلنسان أول من استخدم‬
‫‪3‬‬
‫وسائل إنتاج بسيطة وبدائية‪ ،‬كما أن مهارات العمل وخبرة األفراد وامتالكهم للمعرفة كانت قليلة جدا‪.‬‬
‫‪ -1‬مراحل النظام البدائي‪:‬‬
‫انقسم النظام البدائي إلى ثالثة مراحل هي‪:‬‬

‫‪ -1-1‬مرحلة الوحشية‪ :‬تبعا لفنون اإلنتاج المستخدمة تنقسم هذه المرحلة إلى ثالثة أطوار‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد العزيز بن علي السديس‪،‬تطور النظم االقتصادية‪ ،‬تحول أوربا من نظام اإلقطاع على النظام الرأسمالي باستخدام نظرية كوفالينف ‪،‬‬
‫ص‪،07‬بحث منشور على الموقع االكتروني‪، (https : //fac .ksu.edu.sa/sites/defaut/files):‬تم االطالع عليه بتاريخ(‪)2020/10/09‬‬
‫على الساعة ‪.15:00‬‬
‫‪ -2‬خبابة عبد هللا ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪55‬‬
‫‪ -3‬حركاتي فاتح‪ ،‬مطبوعة بيداغوجية بعنوان دروس في مقياس تاريخ الوقائع االقتصادية المعاصرة‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،01‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية‪،‬التجارية و علوم التسيير‪،2019-2018،‬ص‪ ،07‬منشور على الموقع االلكتروني‪(https://economie.univ-‬‬
‫‪ ،batna.dz/images/cours/histoire.pdf) :‬تم الطالع عليه بتاريخ( ‪.)2020/08/20‬‬
‫الطور األول‪ :‬اعتمد على الجمع و التقاط الثمار والنباتات الطبيعية الغابية أي انه في ذلك الطور لم‬
‫يفرق بين اإلنسان والحيوان الوحشي إال في التصرفات اإلنسانية‪ .‬أما األدوات المستخدمة فكانت العصا‬
‫والحجارة‪.‬‬

‫الطور الثاني‪ :‬تميز باحتراف الصيد للسمك واستخدام النار المتولدة عن االحتكاك‪.‬‬

‫الطور الثالث‪ :‬اتسم بالتوسع النسبي في الصيد والرقي في صنع القوس والسهم في الصيد‪ ،‬وخاصة‬
‫‪4‬‬
‫بعداكتشاف النار(‪ )‬ومعرفة أهميتها‪.‬‬

‫‪ -1-2‬المرحلة البربرية‪ :‬لقد تطور الفن اإلنتاجي في هذه المرحلة نسبيا حيث لجأ اإلنسان إلى‬
‫تربية الماشية وزراعة النباتات ثم تطور بعد ذلك لتربية الحيوانات المنزلية وري الزراعة‬
‫ثم استخدام اآلجور والحجارة في البناء‪ ،‬واتسمت نهاية تلك المرحلة باستخدام المحراث‬
‫والتوسع في الزراعة‪.‬‬
‫‪ -1-3‬مرحلة التمهيد الحضاري‪ :‬تعتبر هذه المرحلة الحد الفاصل بين النظام البدائي والنظام‬
‫المدنيأي نظام الرقي كنظام أولي من نظم المدينة‪.‬‬
‫عناصر النظام البدائي‪ :‬و تتمثل في النقاط التالية‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -2-1‬القوى المنتجة و تشمل‪:‬‬
‫أ‪ -‬أدوات اإلنتاج‪ :‬تتمثل أدوات اإلنتاج في الحصا والحجارة وتميزت بالبساطة والبدائية وظلت لمدة‬
‫طويلة حتى سميت تلك الفترة الزمنية بالعصر الحجري ومع التطور اكتشف اإلنسان المعادن‬
‫واستطاع تشكيلها في صنع األدوات المعدنية‪ ،‬مما انعكست نتيجته في الزراعة وذلك باستخدام‬
‫المحراث‪ ،‬وبحرث مساحات واسعة توصل اإلنسان إلى طريقة ري تلك المساحات‪.‬‬
‫فنون اإلنتاج‪ :‬كان لتقدم أدوات اإلنتاج تأثيره على مبدأ تقسيم العمال حيث كان في بادئ‬ ‫ب‪-‬‬
‫األمر قائما على أساس الجنس‪ ،‬الرجل في شؤون الصيد والحرب‪ ،‬والمرأة في شؤون البيت واألسرة‪،‬‬
‫وبظهور مبدأ تقسيم العمل‪ ،‬زادت إنتاجية العمل ثم ظهر التقسيم االجتماعي األول للعمل حيث تخصصت‬
‫بعض القبائل في الزراعة‪ ،‬و أخرى في تربية الماشية‪ ،‬ثم بمرور الزمن وازدهار صناعة المعادن‬
‫تخصصت بعض القبائل األخرى في صناعة أدوات اإلنتاج كالمحراث وغيرها‪.‬‬
‫‪ -2-2‬اإلطار التنظيمي (العالقات االجتماعية‪ ،‬القانونية والسياسية)‬

‫‪ ‬سجل اكتشاف النار نصرا هائال لإلنسان ضد الطبيعة‪ ،‬فقد كان في البداية يحفظ النار المشتعلة عفوا في الطبيعة ثم تعلم بعد آالف السنين أن‬
‫ينتج ها بنفسه مقلدا الطبيعة نفسها‪( .‬أنظر‪ :‬إبراهيم كبة‪ ،‬ص ‪.)115‬‬
‫‪ -4‬خبابة عبد هللا‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫(‪)‬‬
‫ثم بتطور‬ ‫أ‪ -‬التنظيم االجتماعي‪ :‬بتزايد التكاثر السكاني انتظم اإلنسان البدائي في تنظيم العشيرة‬
‫الزمن حلت األسرة محل نظام العشائر وخاصة بعد معرفة االنتماء األبوي‪.‬‬
‫العمل‪ :‬مع قسوة الطبيعة وبساطة أدوات اإلنتاج اضطر اإلنسان إلى العمل الجماعي والجهد‬ ‫ب‪-‬‬
‫المشترك‪ ،‬وذلك للتغلب على مصاعب الحياة‪.‬‬
‫ت‪ -‬التوزيع‪ :‬نظرا لقلة اإلنتاج وبساطة أدوات اإلنتاج كان توزيع الناتج على أساس مبدأ التساوي بين‬
‫(‪)5‬‬
‫أفراد العشيرة ثم األسرة‪.‬‬
‫ث‪ -‬الملكية ‪ :‬كانت هي األخرى قائمة على أساس الجنس كفنون اإلنتاج إذ كان الرجل يملك أدوات‬
‫الصيد و المرأة تملك األدوات المنزلية‪.‬‬
‫أما في ما يخص أدوات اإلنتاج التي تستخدم استخداما جميعا فكانت ملكا جماعيا عدا األدوات‬
‫الحربية التي كانت تملك ملكية شخصية‪ ،‬إال أنه في أواخر ذلك النظام بدأت الملكية الخاصة في الظهور‬
‫تدريجيا وذلك بحلول الزواج الفردي محل زواج الجماعة مع اإليثار وباعتبار األسرة الزوجية هي الوحدة‬
‫‪6‬‬
‫اإلنتاجية واالقتصادية‪.‬‬

‫‪-3‬ظهور التملك الخاص والطبقات مع تفكك المشاعية البدائية‪:‬‬

‫منذ ظهور نظام العشيرة األبوية بدأت المشاعية البدائية بالتفكك واالنحالل‪ ،‬والسبب الرئيسي لذلك‬
‫هو أن عالقات اإلنتاج السائدة فيها (ملكية مشتركة‪ ،‬توزيع متساوي) أخذت تعيق تطور قوى اإلنتاج‬
‫الجديدة الخاصة بعد اكتشاف الحديد وصنع األدوات الحديدية‪ .‬إن ارتفاع إنتاجية العمل أصبحت تسمح‬
‫باإلنتاج في الزراعة والرعي والمهن ضمن نطاق اجتماعي أضيق من المشاعية أي ضمن نطاق األسرة‬
‫التي أصبحت الوحدة االقتصادية الجديدة للمجتمع‪ ،‬وهكذا انفسح المجال للعمل الخاص (على نطاق‬
‫األسرة) للحلول تدريجيا محل العمل المشاعي المشترك‪ .‬وهكذا نرى أن ظهور الملكية الخاصة كان مرتبط‬
‫مباشرة بالتقسيم االجتماعي للعمل وتطور التبادل‪.‬‬

‫بدأت الملكية الخاصة أوال بالماشية حيث بدأ زعماء العشائر يتملكونها ثم امتدت الملكية الخاصة إلى‬
‫جميع أدوات اإلنتاج وقد كانت األرض آخر ما دخل في نطاق التملك الخاص‪.‬‬

‫أدت الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج إلى تفكك العشيرة‪ ،‬أوال إلى أسر كبيرة‪ ،‬ثم إلى وحدات عائلية‬
‫صغيرة قائمة على أساس التملك الخاص والملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج أدت إلى تغير كامل في بنيان‬

‫‪ ‬تنظيم العشيرة هي أضيق نطاقا من حجم القبيلة‪ ،‬وهذا االصطالح هو ترجمة لكلمة ‪ gens‬بالالتيتية ويترجمها بعضهم بكلمة بطن (انظر‪:‬‬
‫إبراهيم كبة‪ ،‬ص ‪.)118‬‬
‫‪ -5‬خبابة عبد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص (‪.)36 ،35‬‬

‫‪ -6‬خبابة عبد هللا ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.37‬‬


‫المجتمع البدائي وأدت إلى إيجاد مصالح مختلفة داخل الوحدة االجتماعية و االقتصادية وإلى تولي مالكي‬
‫أدوات اإلنتاج المناصب االجتماعية األساسية ‪ ،‬و بهذا ثم نشوء األسر االرستقراطية التي أصبحت‬
‫تتوارث الحكم وتستبعد اآلخرين‪ .‬وبما أن فائض اإلنتاج يزيد عن الحاجة وبالنظر ألن المصدر الوحيد‬
‫لهذا الفائض هو العمل ارتفعت قيمة العمل ارتفاعا كبيرا مما أدى إلى عدم قتل أسرى الحرب واالكتفاء‬
‫‪7‬‬
‫باستعبادهم‪ ،‬وتوسع نطاق العبودية إلى أفراد القبيلة نفسها‪ ،‬وهكذا انتشر نظام الرق (العبودية)‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬نظم الحضارة بدءا بنظام الرق(العبودية)‬

‫يمتد تاريخ ال عبودية عبر العديد من الثقافات والجنسيات واألديان من العصور القديمة وحتى يومنا‬
‫هذا‪ .‬غير أن المواقف االجتماعية واالقتصادية والقانونية للعبيد تختلف اختالفا كبيرا في نظام الرق‬
‫المختلف في أوقات وأماكن مختلفة‪.‬‬

‫‪ -1‬نشأة النظام وما واكبه من فكر اقتصادي‪:‬‬


‫يمكننا القول أن العبودية والرق دخلت تاريخ البشرية مع بداية الحضارة‪ ،‬فالصيادون والمزارعون‬
‫والبدائيون كانوا ال يحتاجون أو يستفيدون من العبيد‪ .‬فهم يقومون بجمع أو زراعة ما يكفيهم من الغداء‬
‫ألنفسهم‪ ،‬وبالتالي فإن زوجا آخر إضافيا من األيدي يعني وجود فائض إضافي بحاجة إلى إطعامه‪ ،‬وال‬
‫أحد في ذلك الوقت مستعد لذلك‪ ،‬فال توجد ميزة اقتصادية في امتالك إنسان آخر‪.‬‬

‫وبمجرد أن بدأ الناس يتجمعون في البلدات والمدن فإن فائض الغداء الذي جرى توفيره في الريف‬
‫أتاح نشأة مجموعة واسعة من الحرف اليدوية في المدينة في مزرعة كبيرة أو في ورشة عمل أو أصبح‬
‫هناك فائدة حقيقية من وجود مصدر موثوق للعمالة الرخيصة‪ ،‬ال تكلف أكثر من الحد األدنى من الغذاء‬
‫والسكن وهذه هي شروط الرق‪ .‬وكل الحضارات القديمة استخدمت العبيد‪ ،‬وهو ما يثبت أن الحصول‬
‫عليهم كان أمرا سهال‪.‬‬

‫كانت الحروب هي المصدر الرئيسي لإلمدادات بالعبيد‪ ،‬وكانت الحروب متكررة ووحشية في‬
‫الحضارات المبكرة‪ .‬عندما تسقط بلدة ما في يد جيش معادي فمن الطبيعي أن يأخذ هذا الجيش العبيد من‬
‫أولئك السكان الذين يمكن أن يكونوا عماال مفيدين‪ ،‬أو النساء الذين يستغلون للترفيه والجنس‪ ،‬ويتم بعدها‬
‫‪8‬‬
‫قتل البقية‪.‬‬

‫‪ -7‬ابراهيم كبة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص (‪.)121-123‬‬


‫‪ -8‬عالء الدين السيد‪ ،‬قصة العبودية‪ ،‬متى بدأ اإلنسانيستعبد اإلنسان؟مقال مستورعلى الموقع‬
‫االلكتروني‪ ،)http://www.sasapost.com/history.f):‬تم اإلطالع عليه بتاريخ (‪ )2020/04/11‬على الساعة ‪.15:00‬‬
‫بدأ نظام الرق في التشكل عقب انهيار النظام المشاعي ( حوالي ‪ 4000-3000‬قبل الميالد )‬
‫واستمر إلى غاية القرنين الثالث والرابع ميالدي في شمال إفريقيا وآسيا‪ ،‬وازدهر في اليونان وروما إلى‬
‫غاية القرن الخامس ميالدي‪ ،‬ولقد شملت عمليات اإلنتاج في هذه المرحلة كل من الرعي و الزراعة‬
‫والنشاط الحرفي إال أن شروط ظروف اإلنتاج في هذه المرحلة تختلف في نظام الرق عنه في النظام‬
‫‪9‬‬
‫المشاعي‪.‬‬

‫تاريخ االستعباد التاريخ المعروف للبشرية يشير إلى الرق كظاهرة عريقة في القدم‪ ،‬تاريخها هو‬
‫ذاته تاريخ االستغالل وظلم اإلنسان ألخيه اإلنسان‪ ،‬وقد نشأت ظاهرة االستعباد منذ عشرات اآلالف من‬
‫السنين وتحديدا في فترة التحول من الصيد إلى الزراعة المنظمة كوسيلة الكتساب الرزق‪ .‬يقول المؤرخ‬
‫‪10‬‬
‫الكبير "ول ديوارنت" في موسوعته الشهيرة " قصة الحضارة "‪.‬‬

‫‪ -2‬تعريف الرق‪ :‬يمكن تعريف الرق على انه تقييد شخص بشخص أخر‪ ،‬أو أسرة أخرى عن‬
‫طريق اإلكراه‪ ،‬وهو مصطلح يتعلق بالعبيد كسلع يتم شراؤها وبيعها‪.‬‬
‫بالنسبة للكثيرين منا‪ ،‬نسمع كلمة "الرقيق" فتثير في أذهاننا على الفور تجارة الرقيق عبر المحيط‬
‫األطلسي‪ ،‬عندما تم بيع األفارقة إلى "العالم الجديد" ابتداء من أوائل القرن ‪ .17‬ومع ذلك يجب أن نتذكر‬
‫أن العبودية تبدأ أو تنته هنا‪ ،‬وأنه ليس كل العبيد على مدى اإلنسانية تناسب هذا التعريف‪ ،‬فهناك أشكال‬
‫‪11‬‬
‫مختلفة أخرى للعبودية‪.‬‬

‫‪ -3‬المعالم الرئيسية للنظام االقتصادي المعتمد على استغالل الرقيق‪:‬‬


‫أهم المعالم الرئيسية للنظام االقتصادي المعتمد على استغالل الرقيق (العبيد) بدرجة أو بأخرى هو‪:‬‬

‫أنه نظام يقوم على الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج خاصة أهم عنصرين إنتاجيين األرض‬ ‫‪‬‬
‫وجميع ما عليها من موارد طبيعية‪ ،‬وكذلك ملكية عنصر العمل (العبيد)‪ ،‬أما رأس المال فلم تبرز له أهمية‬
‫تذ كر في العملية اإلنتاجية قبل الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر‪.‬‬
‫نتيجة لملكية عناصر اإلنتاج ملكية خاصة فإن توزيع الناتج تحكمه ملكية عناصر اإلنتاج‬ ‫‪‬‬
‫ويكون أفراد المجتمع متفاوتون في نصيبهم من الناتج اإلجمالي مما يقسم المجتمع إلى طبقات أو فئات‬
‫عديدة حسب مستوى الدخل والثروة (أغنياء‪ ،‬فقراء‪ ،‬متوسطي الدخل ‪ ...‬الخ)‪.‬‬

‫‪ -9‬حركاتي فاتح ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ -10‬تاريخ الرق ‪ ،‬موسوعة منشورة على الموقع االلكتروني‪ ،)http://www.marefa.org( :‬تم االطالع عليه بتاريخ(‪ )2020/02/15‬على‬
‫الساعة ‪.14:20‬‬
‫‪ -11‬عالء الدين السيد ‪ ،‬قصة العبودية ‪ ،‬متى بدأ االنسان يستعبد االنسان؟ مقالة مستورة على الموقع‬
‫االلكتروني‪ ،)http://www.sasapost.com/history.f):‬تم االطالع عليه بتاريخ (‪ )2020/04/11‬على الساعة ‪.15:00‬‬
‫ونتيجة لتفاوت في توزيع الناتج تتفاوت‪ ،‬بل تتعارض‪ ،‬مصالح فئات المجتمع المختلفة وبالتالي‬
‫تتفاوت مواقفهم من أي أساسية اقتصادية تتخذها السلطات وهذا ما جعل موضوع تدخل الحكومة‪ ،‬من‬
‫حيث المبدأ‪ ،‬شكله ومستواه وأهدافه‪ ،‬جعله موضوعا من أهم موضوعات الفكر االقتصادي منذ أن‬
‫أصبحت الملكية الخاصة هي أهم مرتكزات النظام االقتصادي منذ آالف السنين‪.‬‬
‫مما يميز نظام العبودية أيضا‪ ،‬ضخامة فائض اإلنتاج‪ ،‬ناجم عن حرمان العبيد من أي نصيب‬ ‫‪‬‬
‫عند توزيع الناتج(‪ ،)‬ما عدا ما يستلزم بقاءهم قادرون على العمل وهذا ما يجعل البعض يربط عصر‬
‫العبودية بعصر الحضارة‪ ،‬باعتبار أن كثيرا من معالم الحضارات القديمة (المعمارية الضخمة‪ ،‬المشاريع‬
‫الكبيرة كالسدود والطرق والتفرغ للعلوم والفنون‪...‬الخ)‪ ،‬ما كان لها أن تقوم بدون التمويل الضخم الذي‬
‫‪12‬‬
‫وفره فائض اإلنتاج الناجم عن استغالل العبيد‪.‬‬
‫‪ -4‬مراحل المجتمع العبودي‪:‬‬

‫يمر المجتمع العبودي نفسه في ثالثة مراحل ال تختلف نوعيا عن بعضها بل تختلف كميا فقط ومن‬
‫حيث الدرجة وهي باختصار كاألتي‪:‬‬

‫المرحلة األبوية‪ :‬للمجتمع الطبقي األولي وهي مرحلة انتقالية بين المجتمع البدائي والمجتمع‬ ‫‪‬‬
‫ال عبودي المتطور تتميز بظهور تقسيم العمل وظهور الملكية الخاصة و تطور التمايز االجتماعي‪ ،‬إال أن‬
‫العالقات العبودية (تملك واستثمار العبيد) لم تصبح هي السائدة بعد‪ .‬وقد بقيت في مصر وبابل والصين‬
‫‪13‬‬
‫والهند القديمة في هذه المرحلة‪ .‬كما كانت هذه المرحلة هي السائدة لدى اليونان و روما‪.‬‬
‫تميزت هذه المرحلة باسترقاق المدين كأحد مصادر العبودية بحيث تقضي التشريعات بإجبار المدين‬
‫بأن يعمل لدى الدائن من الزمن سدادا لدينه وقد يكون الدين كبيرا ال ينتهي طوال حياة المدين وأسرته‪.‬‬

‫وكذلك‬ ‫(*)‬
‫مرحلة العبودية المتقدمة (المتطورة)‪ :‬وأبرز أمثلتها ما عرف في المدن اليونانية‬ ‫‪‬‬
‫العبودية في اإلمبراطورية الرومانية‪ .‬وفي هذه المرحلة وصل استغالل العبيد إلى درجة أن معظم اإلنتاج‬
‫الزراعي والصناعي والمنجمي يقوم به عبيد ال نصيب لهم مما ينتجون‪ .‬كما أن وضعهم القانوني قد تدهور‬
‫إلى درجة أنه كان ينظر إلى العبد كأداة إنتاج ناطقة تميزا له عن الثور والمحراث‪.‬‬

‫‪ ‬توزيع الناتج‪:‬تم تقسيمه إلى المنتوج الضروري و هي كمية من المنتوج مثل الحبوب موجهة لسد الحاجيات األساسية للعبيد من أجل القيام بعملية‬
‫تجديد قوة العمل و اال ستمرار في االنتاج‪ ،‬و المنتوج الفائض الذي يمثل القسم االعظم من المنتوج و يستخدم من قبل السادة لغشباع الحاجات‬
‫االستهالكية و بناء القصور و المسارح و غيرها(أنظر إلى ملخص دروس تاريخ الوقائع االقتصادية‪ ،‬سنة أولى نظام جديد‪ ،‬تلخيص يوسف قاطن‪،‬‬
‫منشور على الموقع االلكتروني‪ ،http://www.espace-etudiant.net/forum/viewtopic.php) :‬تم االطالع عليه‬
‫بتاريخ(‪ )2020/04/11‬على الساعة ‪.15:30‬‬
‫‪ -12‬عبد العزيز بن علي السديس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص (‪.)10،9‬‬
‫‪ -13‬ابراهيم كبة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪142‬‬
‫مرحلة العبودية المتأخرة‪ :‬هي مرحلة تحول نظام الرق إلى نظام اإلقطاع خالل القرون‬ ‫‪‬‬
‫الثالثة األخيرة من عمر اإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬وقد كان تدهور النظام مصاحبا لتدهور عام في‬
‫اإلمبراطورية الرومانية عسكريا واقتصاديا مما أدى إلى سقوط روما بيد القبائل الجرمانية الشمالية‬
‫‪14‬‬
‫وأنصارهم عام ‪476‬م‪.‬‬
‫وأهم ما ميز هذه المرحلة هو ازدياد استغالل العبيد إلى حد عرقلة أي نمو جديد في قوى اإلنتاج‬
‫بعدما تناقص عددهم‪ ،‬وهذا هو السبب الرئيسي للجوء مالكي اإلقطاعيات الكبيرة إلى إقامة نظام الكولون‬
‫(إيجاد قطع صغيرة من األرض للمنتجين مقابل حصص عينية من المنتوج) لتفادي السقوط الكامل للنظام‪،‬‬
‫إال أن التناقض بين عالقات اإلنتاج العبودية وهذا القطاع الكولوني الجديد استمر في االحتدام مؤديا إلى‬
‫مرحلة عصيبة من األزمات السياسية واالقتصادية خاصة االنخفاض في اإلنتاجية واإلنتاج وحجم التجارة‬
‫وتفجر الثورات والحروب األهلية مما أدى أخيرا إلى سقوط النظام العبودي مفسحا المجال لنمو النظام‬
‫اإلقطاعي الجديد‪.‬‬

‫‪ -5‬الطبقات في النظام العبودي‪:‬‬

‫مع سيادة نمط اإلنتاج العبودي أصبح المجتمع ينقسم إلى قسمين رئيسيين‪:‬‬

‫العبيد واألحرار‪ ،‬فاألحرار يتمتعون بجميع الحقوق المدنية والسياسية والعبيد الذين كانوا محرومين‬
‫من جميع الحقوق اإلنسانية وكانوا من الناحية القانونية مادة أو موضوعا ليمتلك‪ ،‬أي كانوا جزءا مما‬
‫يسمى بنظام األموال وليس نظام األشخاص‪.‬‬

‫واألحرار أنفسهم كانوا عرضة للتمايز الطبقي الشديد فقد كانت قلة منهم من كبار مالكي األرض‬
‫والعبيد‪ ،‬وهي الطبقة التي تحتل القمة في النظام االجتماعي‪ ،‬و كثرتهم من صغار المنتجين والزراعيين‬
‫والحرفيين الذين تتفاوت مراتبهم في السلم االجتماعي حسب مستوى ملكيتهم للقوة اإلنتاجية الرئيسية‬
‫‪15‬‬
‫حينذاك أي قوة عمل العبيد‪.‬‬

‫‪ -14‬عبد العزيز بن علي السديس ‪ ،‬مرجعسابق‪ ،‬ص‪11‬‬

‫* دخلت اليونان في هذه المرحلة منذ القرن الخامس ق‪.‬م و روما بين القرن الثاني ق‪.‬م حتى القرن الثاني ميالدي (أنظر‪ :‬ابراهيم كبة‪ ،‬دراسات في‬
‫تطور الفكر االقتصادي‪ ،‬ص ‪.)142‬‬

‫‪ -15‬ابراهيم كبة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص(‪.)171، 143‬‬

You might also like