Professional Documents
Culture Documents
يعتبر مفهوم حقوق الإنسان أحد المداخل النظرية والتحليلية التي ترتبط بقضايا وإشكاليات التحول الديمقراطي
يعتبر مفهوم حقوق الإنسان أحد المداخل النظرية والتحليلية التي ترتبط بقضايا وإشكاليات التحول الديمقراطي
يعتبر مفهوم حقوق الإنسان أحد المداخل النظرية والتحليلية التي ترتبط بقضايا وإشكاليات التحول الديمقراطي
ال ديمقراطي .ويرك ز ه ذا الم دخل على دراس ة ظ اهرة التعددي ة السياس ية والتح ول ال ديمقراطي من
منظور حقوق اإلنسان .وتطرح في هذا اإلطار قضايا عديدة للدراسة مثل موقع حقوق اإلنس ان في
خط اب ورؤى المنظم ات غ ير الحكومي ة ،أو موض وع الخصوص ية والعالمي ة في قض ايا حق وق
اإلنس ان ،أو موض وع حق وق األقلي ات ،أو موض وع الحق وق االقتص ادية واالجتماعي ة أو المدني ة
والسياسية أو الحقوق السياسية للمرأة ،أو تقييم حالة حقوق اإلنسان أو إشكاليات التثقيف في مجال
حقوق اإلنسان (.)1
يسعى هذا البحث إلى اكتشاف قيمة اإلسهام الذي تقدمه ثقاف ة حقوق اإلنسان في توفير المعارف
والمه ارات وغ رس القيم المرتبط ة بحق وق اإلنس ان وم ا يتطلب ذل ك من أهمي ة تحلي ل اإلش كاليات
التي تواجه عملية نشر ثقافة حقوق اإلنسان وتأثير ذلك على الحد من فعاليتها.
وفي ه ذا الس ياق ينقس م البحث إلى أربع ة مح اور ،يتن اول المح ور األول مفه وم حق وق اإلنس ان
والج دل المث ار حول ه ،ويتع رض المح ور الث اني لمفه وم ثقاف ة حق وق اإلنس ان ومجموع ة المف اهيم
المرتبط ة ب ه .ويق دم المح ور الث الث دور األمم المتح دة في تعزي ز نش ر ثقاف ة حق وق اإلنس ان ،أم ا
المحور الرابع فينتقل إلى تحليل اإلشكاليات التي تواجه عملية نشر ثقافة حقوق اإلنسان ومن ثم
تحديات الفعالية ومحددات التأثير.
تزايد االهتمام بموضوع حقوق اإلنسان منذ السبعينيات من القرن العشرين في ظل ظهور بعض
المنظمات والجماعات والمراكز البحثية المعنية بحقوق اإلنسان وتصاعد االهتمام بهذا الموضوع
على الصعيدين الوطني والعالمي.
ومع التسليم بحقيقة أن حقوق اإلنسان قد أصبحت ذات طابع عالمي ،إال أن تعدد األطر النظرية
وتنازعه ا في مج ال حق وق اإلنس ان تعكس غي اب نم وذج نظ ري يحظى باتف اق ع ام ،وتج د ه ذه
اإلشكالية أساسها في اختالف المصادر الفكرية والفلسفية التي تستند إليها األطر النظرية المختلفة.
مم ا رتب العدي د من اإلش كاليات والص عوبات في تحدي د مفه وم حق وق اإلنس ان ومن ثم تج د
انعكاس اتها على عملي ة نش ر ثقاف ة حق وق اإلنس ان وفاعليته ا؛ فيالح ظ أن األدبي ات المتعلق ة بالنش أة
التاريخي ة والج ذور الفلس فية لمفه وم حق وق اإلنس ان تش هد تباين ًا واس عًا بين اتج اهين :األول يرب ط
ظه ور المفه وم ب التغيرات الثقافي ة والسياس ية واالقتص ادية ال تي ش هدتها أوروب ا والوالي ات المتح دة
( الث ورة الفرنس ية والث ورة األمريكي ة) ،ويص ل ه ذا االتج اه إلى تأكي د األص ول الغربي ة للمفه وم،
واالتجاه الثاني يرى أنه مع االعتراف بأن المفهوم المعاصر لحقوق اإلنسان يجد أصوله المباشرة
في الت اريخ الغ ربي ،إال أن ه ي رى أن الج ذور األولى للمفه وم عرفته ا اإلنس انية في ك ل الثقاف ات
والحض ارات ،وأن الثقاف ات األخ رى في آس يا وأفريقي ا ش هدت في مرحل ة س ابقة أفك ارًا ومف اهيم
تعتبر بدايات مبكرة لمفهوم حقوق اإلنسان.
ويرى هؤالء المفكرون في هذا السياق أن " مفهوم حقوق اإلنسان كمضمون يرجع إلى ذلك الوقت
الذي ظهر فيه كل من مفهوم اإلنسان ومفهوم الحق ،وهو وقت ال يمكن تحديده وال تخمين بداية
له "( ،)2أو أن الفكرة نفسها يمكن إرجاعها إلى خلق اإلنسان نفسه)3( .
ورغم أن بعض المفك رين خاص ة من أفريقي ا يتف ق على أن مف اهيم حق وق اإلنس ان هي ذات أص ل
غربي ،وأنه حتى إطارها المفاهيمي وأساسها الفلسفي إنما ترجع جذورها إلى الظروف الخاصة
بالمجتمع الغربي ،إال أن ويوافق على ذلك الكثير من كتاب أفريقيا ودول العالم الثالث هذه الفلسفة
ُع رفت في ثقافات أخرى بالقدر نفسه)4( .
ويعتِب ر جاك دونللي على سبيل المثال من المؤيدين لالتجاه األول ،حيث يعتبر أن حقوق اإلنسان
تمثل مجموعة متميزة من الممارسات االجتماعية ،مرتبطة بأفكار معينة عن الكرامة اإلنسانية التي
تنبعث في الغ رب المعاص ر كاس تجابة للتغي يرات االجتماعي ة والسياس ية ال تي أنتجته ا اقتص اديات
الس وق الرأس مالية الحديث ة ،ومن ثم ف إن أغلب الثقاف ات والتقالي د السياس ية غ ير الغربي ة ق د افتق دت
فكر حقوق اإلنسان وتقاليده ،وأن هذه المجتمعات تقر ضمانات اجتماعية معينة ضرورية لتحقيق
الكرام ة اإلنس انية ،ولكنه ا كله ا اتجاه ات بعي دة عن مفه وم حق وق اإلنس ان ،إال أن ه يؤك د أن ه على
ال رغم من تل ك الخصوص ية التاريخي ة للمفه وم فق د منحت الظ روف االجتماعي ة المعاص رة فك ر
حقوق اإلنسان وممارسة هذه الحقوق إمكانية تطبيق عالمية( ،)5يجد هذا الجدل حول مفهوم حقوق
اإلنسان وعالميته انعكاساته على المفهوم المركزي لهذا البحث وهو مفهوم ثقافة حقوق اإلنسان.
.3النهوض بالتفاهم والتسامح ،والمساواة بين الجنسين ،والصداقة فيما بين جميع األمم والشعوب
األصلية والمجموعات العرقية والقومية واإلثنية والدينية واللغوية.
وهن اك ثالث ة مف اهيم ترتب ط وتش تبك م ع مفه وم ثقاف ة حق وق اإلنس ان ،ومن الص عب الفص ل بين
المفاهيم األربعة ،هي مفاهيم التنشئة السياسية والتربية على حقوق اإلنسان والتدريس البيداجوجي.
.1مفهوم التنش ئة السياس ية :فالح ديث عن نش ر ثقاف ة حقوق اإلنس ان هو ح ديث عن الفض اء العام
لعملي ة التنش ئة السياس ية وتنمي ة الثقاف ة ،ف التطلع إلى التنمي ة والتح ديث ال يس تقيم دون استحض ار
الح ق في التعلم وحري ة ال رأي … الخ ،أي دون استحض ار البني ة العام ة لثقاف ة حق وق اإلنس ان
وإ طاره ا المف اهيمي والتوجه ات المرتبط ة به ا )7( .وفي ه ذا اإلط ار ف إن مفه وم التنش ئة السياس ية
يرتبط ارتباطًا عضويًا بمفهوم الثقافة السياسية حيث تكون الثقافة السياسية هي المحيط العام الذي
تتفاع ل في ه التنش ئة وتس تمد منه ا مض مونها السياس ي واالجتم اعي ،وذل ك باعتب ار الثقاف ة السياس ية
مجموع ة القيم والمعتق دات والرم وز ال تي ت دور ح ول النظ ام السياس ي وكي ف يف ترض أن يعم ل،
ونظرة الشعب إلى السلطة والتزاماته تجاهها ،كل ذلك يشكل الثقافة السياسية لدولة ما .وهنا يتأكد
أهمية عمليات نقل عناصر الثقافة السياسية من جيل إلى جيل أي عملية التنشئة السياسية بأدواتها
المختلف ة ،ويتض من ذل ك بع دين أساس يين في عملي ة التنش ئة السياس ية يرتبط ان ارتباط ًا وثيق ًا
بموضوع هذا البحث وهما:
أ .التنش ئة المعرفي ة ،Cognitive Socializationوهي تعتم د على المع ارف والمعلوم ات
السياس ية ،وت دور ح ول فهم بن اء المجتم ع ،وه ذا الن وع من العملي ات يؤك د على العملي ات العقلي ة
المرتبطة بالتعلم والتفكير.
ب .التنشئة الوجدانية ،Affective Socialization :وهي تلك العملية المتعلقة بالقيم ،حيث يكون
االهتمام هنا منصبًا على غرس وتنمية القيم المرغوبة اجتماعيًا في نفوس األفراد)8( .
وهن اك ع دد من المؤسس ات ال تي تلعب دورًا مهم ًا في عملي ة التنش ئة السياس ية بأبعاده ا الس ابق
اإلشارة لها؛ منها األسرة ومؤسسات التعليم ،ووسائل اإلعالم واألحزاب ومنظمات المجتمع المدني
والمس جد والكنيس ة … ..إلخ .إال أن أهم مؤسس ات التنش ئة السياس ية هي مؤسس ات التعليم
(المدرس ة ،الجامعة) ف المفترض أن يقدم النظام التعليمي إمكاني ة حقيقية لنقل المعرف ة وترسيخ قيم
واتجاهات من جيل إلى جيل ويصبح المعلمون والمقررات الدراسية هم أداة التنفيذ.
.2مفهوم التربية على حقوق اإلنسان :وهي استراتيجية لتحقيق مشروع نشر ثقافة حقوق اإلنسان
من داخ ل العملي ة التعليمي ة وفي إط ار الممارس ة التربوي ة به دف تأس يس القيم وترس يخها وربطه ا
بتلك الحقوق.
.3مفهوم التدريس المندمج أو البيداجوجي ويعني أن تلك الثقافة ال تستقل كمادة ذات بناء مستقل
في عملية التعليم ،ولكنها تعني أن تدخل قيم حقوق اإلنسان في بنية المواد الدراسية ،أي دمج ثقافة
حقوق اإلنسان في منهج كل مادة دراسية ،فتكون حاضرة في صياغة أهداف كل مادة)9).
الخالصة هنا إن نشر ثقافة حقوق اإلنسان تعني أنها عملية شاملة ومتواصلة ،وهي مشروع عام
لتمكين الناس من اإللمام بالمعارف األساسية الالزمة لتحررهم من كافة صور االضطهاد والتمييز
وغ رس الش عور بالمس ئولية تج اه حق وق األف راد والمص الح العام ة .ويه دف التأكي د على تراب ط
مفهومي التنشئة السياسية ونشر ثقافة حقوق اإلنسان إلى إبراز أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه
المؤسسة التعليمية كأحد قنوات التنشئة السياسية التي يمكن أن تساهم في نشر ثقافة حقوق اإلنسان.
.2المرحل ة الثاني ة :)13( 2014-2005 :عمًال بتوص ية لجن ة حق وق اإلنس ان في 10ديس مبر
2004تم الب دء في ين اير 2005في البرن امج الع المي للتثقي ف في مج ال حق وق اإلنس ان وال ذي
ينقس م إلى مراح ل متعاقب ة ه دفها ترك يز الجه ود الوطني ة في مج ال حق وق اإلنس ان على قطاع ات
وقض ايا معين ة؛ حيث ش ددت الف ترة األولى من ( )2009-2005على النظ ام الدراس ي ،ورك زت
الف ترة الثاني ة من 2014-2010على الع املين في مؤسس ات التعليم الع الي والم وظفين الم دنيين
والمسئولين عن إنفاذ القانون.
هن اك ع دد من اإلش كاليات المش تركة ال تي تواج ه عملي ة نش ر ثقاف ة حق وق اإلنس ان وتح د من
فاعليتها ،هي:
يث ار ج دل سياس ي وفك ري ح ول إش كالية العالمي ة والخصوص ية على المس توي المحلي وال دولي
ويدور جوهر هذا الجدل حول مدي عالمية حقوق اإلنسان ،وهل لهذه الحقوق ُح جة عالمية بغض
النظر عن اختالف الثقافات والنظم السياسية ،ومراحل التطور االقتصادي واالجتماعي ،أم أن هذه
االختالفات تعطي شرعية للتباين في فهم هذه الحقوق من ثقافة ألخرى؟
ويس تند الم دافعون عن خصوص ية حق وق اإلنس ان ،إلى أن حق وق اإلنس ان هي ظ اهرة اجتماعي ة
وتاريخية ،ولذلك ال يمكن تفسيرها خارج إطار بيئتها الخاصة.
وينقس م في ه ذا الص دد أنص ار الخصوص ية إلى قس مين :قس م ي ذهب إلى ح د رفض عالمي ة حق وق
اإلنس ان من حيث المب دأ ،وينظ ر ه ذا القس م إلى اإلعالن الع المي لحق وق اإلنس ان كس رد للحق وق
والحري ات ،وال تي يعتق دون أنه ا من الناحي ة الثقافي ة واإليديولوجي ة والسياس ية ،غ ير عالمي ة ،وأن
المفهوم الغربي لحقوق اإلنسان ليس فقط غير مالئم ،وذا شرعية محدودة ،ولكنه يبدو فاقد المعني
بالنسبة لدول العالم الثالث ،وأنه على المجتمعات المختلفة أن تصوغ إدراكها بشأن حقوق اإلنسان
في أط ر ثقافي ة متنوع ة ،ف االختالف ليس فق ط من ثقاف ة إلى أخ رى ،ولكن من طبق ة إلى طبق ة ،أو
من جماعة اجتماعية إلى أخرى(.)15
أما القسم الثاني فيقر بعالمية حقوق اإلنسان ،ولكن مع احترام الخصوصيات الثقافية ويستند هذا
القس م إلى أن الب دايات التاريخي ة واألس س الفلس فية لحق وق اإلنس ان هي ذات أص ل غ ربي ،ك ذلك
إطارها المفاهيمي وأساسها الفلسفي إنما ترجع جذوره إلى الظروف الخاصة للمجتمع الغربي ،وأن
البش ر ال يملك ون طبيع ة واح دة (الطبيع ة اإلنس انية) ،فال يوج د مخل وق بش ري ولكن يوج د مخل وق
ثقافي (.)16
أم ا أنص ار عالمي ة حق وق اإلنس ان ف إنهم يس تندون في دف اعهم إلى أن " العالمي ة" في مج ال حق وق
اإلنس ان اتخ ذت أهمي ة خاص ة ،فهي األس اس في اإلعالن الع المي لحق وق اإلنس ان ،وال تي على
أساس ها انتقلت حق وق اإلنس ان من مج رد ش أن من الش ئون الداخلي ة لتص بح ج زءًا من الق انون
ال دولي ،وتع ني عالمي ة حق وق اإلنس ان من وجه ة نظ رهم االل تزام بالمف اهيم ال تي أقره ا المجتم ع
ال دولي ،وأن حق وق اإلنس ان ك ل ال يتج زأ ،والعالمي ة ال تس عي إلى الح د من س لطة الدول ة كفلس فة
عامة ،ولكنها تضع التزامات معينة عليها ،وتحتاج إلى سلطتها إلنفاذ هذه االلتزامات( ،)17وأن
يتمتع جميع البشر -بحكم كونهم بشرًا – في أي مكان في العالم ،بهذه الحقوق على قدم المساواة،
وأن جوهر هذه الحقوق جاء نتيجة لنضال إنساني طويل وثورات إنسانية وعالمية ،فحقوق اإلنسان
ال يمكن أن تؤسس وفقًا لبعض األحوال أو الظروف ،فهي تتعلق بكل فرد وفقًا لكونه إنسانًا ،وبن اًء
على القواعد األخالقية أكثر من السياسية .وأن تباين مصدر المنطلقات األساسية لحقوق اإلنسان ال
ي ؤدي بالض رورة إلى اختالف المض امين أو تناقض ها واس تحالة التوفي ق بينه ا ،ب ل إن التمس ك
بعالمية حقوق اإلنسان هو أحد الوسائل لمناهضة العولمة الثقافية.
ويؤكد أنص ار العالمي ة أن الخصوص ية ليس ت مناقض ًا للعالمي ة ،ولكنه ا في األصل إض افة ،بمعني
أنه ا تفتح الطري ق للوص ول في مج ال حق وق اإلنس ان إلى أبع د مم ا يمكن أن يتف ق علي ة المجتم ع
ال دولي ،إال أن المالح ظ أن الخصوص ية تس تخدم أحيان ًا من قب ل عدي د من الحكوم ات ،خاص ة في
دول العالم الثالث لإلفالت من االلتزامات الدولية.
واإلش كالية الحقيقي ة هن ا هي أن " ال دعوة إلى الخصوص ية إذا انطلقت إلى م داها تلغي المفه وم
الدولي لحقوق اإلنسان ،وتفتح الباب إلهدار هذه الحقوق بدعوى الخصوصية ،ومن ناحية أخرى
فإن الغلو والمبالغة في إطالق مبدأ عالمية حقوق اإلنسان قد يدخل في تناقض حاد مع بعض القيم
الثقافي ة في بعض المجتمع ات .وق د فرض ت قض ية العالمي ة والخصوص ية نفس ها على مناقش ات "
م ؤتمر فيين ا الع المي لحق وق اإلنس ان ع ام 1993؛ فإش كالية العالمي ة والخصوص ية ليس ت جدي دة
ولكن جاء تزايد طرحها بقوة ،في األلفية الثالثة في ضوء عدد من المتغيرات هي:
.1التوظيف السياسي لحقوق اإلنسان في دائرة العالقات الدولية ،والضغط على بعض الحكومات
في دول الع الم الث الث من ج انب الق وي الك برى؛ األم ر ال ذي ارتب ط ب دعم دولي كب ير خاص ة من
جانب الواليات المتحدة األمريكية ودول االتحاد األوروبي للمنظمات الحقوقية وانعكس ذلك بشكل
كب ير في الت دفق التم ويلي من تل ك الق وى والمنظم ات الدولي ة لتمكين المنظم ات العامل ة في مج ال
حقوق اإلنسان من العمل خاصة المنظمات النشطة في حقوق المرأة وحقوق اإلنسان عمومًا.
.2ازدواجية المعايير وازدواجية التعامل مع قضايا حقوق اإلنسان من جانب بعض الدول الكبرى
خاصة الواليات المتحدة األمريكية وذلك إثر أحداث 11سبتمبر.
.4تصاعد دور اإلسالم السياسي وإ ثارتهم إشكالية الخصوصية الثقافية في مواجهة مفاهيم حقوق
اإلنسان.
فمنذ ستين عام ًا اعترف اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بأن ك ٍل من التحرر من العوز والتحرر
من الخوف يشكل شرطًا أساسيًا ال غني عنه للحياة الكريمة ،ويربط اإلعالن على نحو واضح ال
لبس فيه بين الفقر المدقع وبين التمييز وعدم المساواة في الوصول إلى الموارد.
بي د أن هذا الموقف تعرض للتدهور بسبب المنطق الذي س اد في مرحلة ما بعد الح رب العالمية
الثانية والذي قام على ثنائية قطبية سادت أثناء الحرب الباردة حيث أكدت الدول االشتراكية على
أولوي ة الحق وق االقتص ادية واالجتماعي ة على الحاج ة إلى الحري ة ،بمع ني أن الحص ول على
الضرورات األساسية اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا البد أن تكون له األولوية في التخطيط والتطبيق،
في المقابل كانت الحكومات الغربية وعلي رأسها الواليات المتحدة األمريكية -التي لم توقع على
العه د ال دولي للحق وق االقتص ادية واالجتماعي ة إال ع ام ، 1992أي بع د س قوط حائ ط ب رلين-
تتعامل مع هذا المنظور بقدر كبير من الحذر ،خوفًا من عرقلة ممارسات السوق الحرة أو تض مين
التزامات مالية مرهقة على الشركات الرأسمالية الدولية الكبرى ،ومن ثم فقد منحت تلك الحكومات
األولوية للحقوق المدنية والسياسية والتي كان ينظر إليها باعتبارها من أهم دعامات الديمقراطية.
ولم يكن من المدهش أن يستغرق األمر قرابة عقدين من الزمان قبل أن تتبني البلدان األعض اء في
األمم المتح دة معاه دتين منفص لتين في نفس ال وقت ،المعاه دة الدولي ة للحق وق المدين ة والسياس ية،
والمعاه دة الدولي ة للحق وق االقتص ادية واالجتماعي ة والثقافي ة ويش تمالن على س لتين منفص لتين من
الحقوق ،إال أن المعاهدة األولي فقط هي التي حظيت بإمكانيات المتابعة الالزمة للمراقبة والتنفيذ.
ومن خالل الممارس ة العملي ة أدي ه ذا التض ارب إلى خل ق فئ ة من الحق وق "األولي ة" المدني ة
والسياس ية ،ال تي ك انت له ا األولوي ة على أجن دات السياس ية الخارجي ة في البل دان الرأس مالية ،وفي
المقابل تركت الحقوق االقتصادية واالجتماعية في أغلب األحوال لتتراجع إلى ذيل قوائم األولويات
الوطني ة والدولي ة .هن اك ب الطبع عوام ل أخ ري تمث ل إش كاليات تعرق ل عملي ة نش ر ثقاف ة حق وق
اإلنسان ،إال أن الدراسة توقفت عند هاتين اإلشكاليتين الرتباطهما بهدف وموضوع البحث .حيث
تعكسا درجة إدراك مختلفة لبعض مبادئ اإلعالن العالمي لحقوق االنسان ،ونخص بالذكر المادة
الخامسة التي تشير الي الحق في الحياة ،والمادة الثامنة عشر ،وتخص الحق في حرية االعتقاد،
باإلضافة الي مجموعة المواد الخاصة بحقوق المرأة وبالحقوق االقتصادية واالجتماعية.
يواج ه نش ر ثقاف ة حق وق اإلنس ان داخ ل المجتمع ات العربي ة مش كالت عدي دة ،وال يع د أخط ر ه ذه
المشكالت غموض مفاهيم حقوق اإلنسان لدى المواطن العادي ،فهناك إشكاليات أكبر تتصل بحل
التن اقض بين عالمي ة حق وق اإلنس ان والخصوص ية الثقافي ة للمجتمع ات العربي ة ،وتتص ل ك ذلك
بموقف الثقافة العربية وشرائح من النخبة المثقفة عمومًا من كل ما هو غربي.
ففي ظل سيادة قراءة محافظة لإلسالم تقوم على إغالق باب االجتهاد ،يبرز التناقض بين العالمية
والخصوصية ،ويسود االنقسام صفوف الحركة العربية لحقوق اإلنسان على وجه الخصوص تجاه
عدد من الحقوق التي اكتسبت العالمية ،وما تزال تفتقد الشعبية داخل المجتمعات العربية ،وتتصل
هذه الحقوق بحرية العقيدة وحقوق المرأة وحقوق األقليات ،وعلى صلة بهذا التناقض أيض ًا يظهر
االنقسام داخل صفوف الحركة حول بعض تطبيقات الشريعة اإلسالمية ومدي اتساقها مع مبادئ
حقوق اإلنسان.
وفي إط ار الثقاف ة السياس ية الس ائدة ي برز بش كل واض ح تمس ك ش رائح من النخب ة المثقف ة ،بج دول
أعمال يتمحور حول الهوية ويأخذ شكل العداء للغرب .ويسود االعتقاد لدى أقسام واسعة من هذه
النخبة أن حقوق اإلنسان تعتبر رافدًا للثقافة الغربية وأن هدفها-حسب البعض-يلتقي مع األهداف
الغربية الرامية إلى تفتيت المجتمعات العربية تحت راية الديمقراطية وحقوق اإلنسان ،ويفاقم من
هذا الشعور المعايير المزدوجة التي تعالج بها الواليات المتحدة والحكومات الغربية قضايا حقوق
اإلنسان.
ويصبح من اليسير تفهم مشاركة أقسام من النخبة المثقفة بين الحين واآلخر في الحمالت الحكومية
المنظمة على حقوق اإلنسان ،وحفيظتها على حصول بعض أطراف الحركة على تمويل خارجي،
وفي أفض ل األح وال ف إن الثقاف ة السياس ية الس ائدة تق ود إلى النظ ر إلى ال دعوة إلى حق وق اإلنس ان
بوصفها مهمة يمكن تأجيلها لصالح التعبئة والتجييش الضروري لمواجهة المخططات الغربية.
ويتض افر م ع ه ذا أن العق ود األخ يرة ق د ش هدت ص عودًا ب ارزًا لحرك ة اإلس الم السياس ي بأجندت ه
اإليديولوجية والسياسية المتعارضة مع مبادئ حقوق اإلنسان والتي تكاد تجعل من الصعوبة بمك ان
توسيع نطاق تأثير حركة حقوق اإلنسان ونشر ثقافتها.
خامسًا :الخاتمة
.2في هذا اإلطار تستطيع المؤسسات التعليمية واإلعالمية ومنظمات المجتمع المدني القيام بعدد
من األدوار الهامة ،منها الدور البحثي والدور الترويجي والدور التدريبي.
.3أن مهم ة نش ر ثقاف ة حق وق اإلنس ان هي عملي ة ش املة ومس تمرة تتطلب تفاع ل ك ل األط راف،
الدولة والمجتمع المدني والمؤسسات البحثية والجامعات والمدارس إلحراز تقدم في إنجازها.
.4تواجه نشر ثقافة حقوق اإلنسان عددًا من اإلشكاليات والتحديات التي يمكن أن تحد من فاعليتها
وتأثيرها ،ويتضمن ذلك إشكالية الخصوصية الثقافية وإ شكالية تراتبية حقوق اإلنسان.