Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 14

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫المركز الجامعي مرسلي عبد اهلل‪-‬تيبازة‪-‬‬

‫معهد العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬

‫قسم العلوم اإلنسانية‬

‫السنة‪ :‬ثانية ليسانس‬

‫المقياس‪ :‬تاريخ وأثار بالد المغرب اإلسالمي‬

‫الفوج‪01:‬‬

‫بحث بعنوان‬

‫آثار الدولة اإلدريسية‬

‫من إعداد الطالبين‪:‬‬

‫قرابيس منير‬ ‫‪-‬‬


‫ايهاب زروقي‬ ‫‪-‬‬
‫الموسم الجامعي ‪2024-2023‬‬

‫خطة البحث‬

‫مقدمة‬

‫المبحث األول‪ :‬مدخل مفاهيمي للدولة اإلدريسية‬

‫المطلب األول‪ :‬نشأة الدولة االدريسية وتاريخها‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل تطور الدولة االدريسية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أهم أعمال الدولة االدريسية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار الدولة االدريسية ونظام حكمها‬

‫المطلب األول‪ :‬البناء والعمران في عهد دولة االدارسة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحالة االقتصادية في عهد األدارسة‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أسباب سقوط الدولة االدريسية‬

‫خاتمة‬

‫قائمة المراجع‬
‫مقدمة‬

‫ألقت الخالفات السياسية في الشرق بظاللها على شمال أفريقيا في الغرب‪ ،‬وشاء اهلل أن تقوم في أقصى‬
‫المغرب دولة إسالمية مستقلة‪ ،‬سجلت نهضة حضارية وعلمية متميزة ال تزال آثارها باقية إلى اليوم‬
‫بعد أن شغلت محور التاريخ لنحو ‪ 130‬سنة مرت كجميع الدول في هذه األرض بطور تأسيس وطور‬
‫قوة وطور انهيار‪.‬‬

‫ومن المهم التنبيه إلى أنه من األخطاء الشائعة القول بأن دولة األدارسة دولة شيعية كما تروج له بعض‬
‫المصادر‪ ،‬لكون مؤسسيها وأمرائها كانوا من آل البيت‪ .‬والحقيقة كما ساق ذلك صاحب كتاب “معالم‬
‫تاريخ المغرب واألندلس” أن األدارسة رغم علويتهم لم يكونوا شيعيين‪ ،‬بل لم يكن أحد من رجال دولة‬
‫األدارسة أو أتباعهم شيعًيا‪ ،‬فقد كانوا ُس نيين‪ ،‬ال يعرفون اآلراء الشيعية التي شاعت على أيام الدولة‬
‫العبيدية كما لم يعرفوا في بالدهم غير الفقه السني المالكي‪ .‬والوصف الصحيح لهذه الدولة هو أنها‬
‫كانت دولة علوية هاشمية‪ ،‬وهي أول تجربة نجح فيها آل البيت في إقامة دولة ألنفسهم‪.‬‬

‫من هنا تبرز إشكالية هذا البحث والتي هي كاآلتي‪ :‬ماهو تاريخ الدولة االدريسية؟ وماهي أهم أثارها؟‬

‫المنهج المتبع‪ :‬لإلجابة على إشكالية البحث سنحاول االعتماد على المنهجين الوصفي و التاريخي‬
‫بحيث يهدف المنهج الوصفي إلى وصف الظاهرة بطبيعتها في زمان ومكان معينين والمنهج التاريخي‬
‫يعتمد على المتابعة لتاريخ الظاهرة وتطورها عبر فترات زمنية ماضية‪.‬‬

‫كما اعتمدنا في هذه الدراسة على مجموعة من المراجع والمصادر و من أهمها‪:‬‬

‫ا لدكتور حسين مؤنس‪ ،‬معالم تاريخ المغرب واألندلس والدكتور سعدون عباس نصر اهلل ‪،‬دولة‬
‫األدارسة في المغرب العصر الذهبي باإلضافة إلى االستعانة بمقاالت علمية‪.‬‬
‫ولإللمام بهذا الموضوع من كل جوانبه قمنا بتقسيم البحث إلى مبحثين‪ :‬األول مدخل مفاهيمي للدولة‬
‫االدريسية وتم تقسيمه إلى ثالثة مطالب تتناول بالترتيب نشأة الدولة االدريسية ومراحل تطورها وأهم‬
‫أعمالها أما المبحث الثاني‪ :‬فسنتطرق فيه إلى معرفة أهم آثار الدولة االدريسية من البناء والعمران‬
‫باإلضافة إلى التحدث عن الحالة االقتصادية في عهد األدارسة وفي األخير ذكر أسباب سقوطها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مدخل مفاهيمي للدولة اإلدريسية‬

‫المطلب األول‪ :‬نشأة الدولة االدريسية وتاريخها‬


‫تعود نشأة دولة األدارسة إلى أسرة هاشمية تعود في أصلها إلى آل البيت‪ ،‬أسس الدولة إدريس األول‬
‫في أواخر القرن الهجري الثاني (‪172‬هـ)‪ ،‬وذلك بعد نجاته من المذبحة التي فعلها العباسيون في واقعة‬
‫فّخ في مّك ة المكّر مة‪ ،‬فهرب إلى المغرب بمساعدة الناس له بسبب حبهم آلل البيت‪ ،‬واستقر في مدينة‬
‫"وليلى" في المغرب‪ ،‬ولما تعرفت عليه القبائل األمازيغية في المغرب بايعته‪ ،‬واّتخذ مدينة "وليلى"‬
‫عاصمة له‪ ،‬وبذلك أّس س أّو ل دولة إسالمية مغربية مستقلة عن الدولة العباسية‪ ،‬فبنى عدة مساجد ووحد‬
‫البالد ووصلت فتوحاته إلى مدينة "تلمسان" شرقا‪ ،‬وقد تمكن من نشر اإلسالم بين القبائل األمازيغية‪،‬‬
‫بعد وفاة إدريس األول تولى ابنه إدريس الثاني الحكم وبنى مدينة فاس وحول العاصمة لها‪ ،‬قام بتوسيع‬
‫دولته إلى أن ضم المغرب األوسط (الجزائر)‪ ،‬إاّل أّن الدولة ضعفت بعد وفاته بسبب تقسيم ابنه حكم‬
‫البالد بين إخوته‪ ،‬وعاشت الدولة سلسلة من اإلنشقاقات لمدة مئة عام مما أضعفها‪ ،‬وتمكن العبيديون‬
‫‪1‬‬
‫(الفاطميون) من السيطرة على أراضيها عام (‪ 313‬هـ)‪.‬‬

‫على مدار القرنين حكم دولة األدارسة الكثير من األمراء بداية من إدريس بن عبد اهلل بن حسن بن‬
‫الحسن بن علي بن أبي طالب (إدريس األول) (‪177 – 172‬هـ) وجاء بعده ابنه إدريس الثاني (‪177‬‬
‫– ‪ 213‬هـ) إاّل أّن التاريخ الفعلي لحكم إدريس الثاني عام ‪192‬هـ ألنه كان طفل عند وفاة والده‪ ،‬خلفه‬
‫ابنه محمد بن إدريس الثاني (‪221 – 213‬هـ)‪ ،‬ثم علي بن محمد بن إدريس (‪ 234 -221‬هـ)‪ ،‬يحيى‬
‫األول بن محمد بن إدريس (‪250 – 234‬هـ)‪ ،‬يحيى الثاني بن علي بن محمد بن إدريس الثاني (‪–250‬‬
‫‪ 250‬هـ)‪ ،‬علي الثاني بن عمر بن إدريس الثاني (‪265 – 250‬هـ)‪ ،‬يحيى الثالث بن القاسم بن إدريس‬
‫الثاني (‪292 – 265‬هـ)‪ ،‬يحيى الرابع بن إدريس بن عمر بن إدريس الثاني(‪310 – 292‬هـ)‪ ،‬الحسن‬
‫بن محمد بن القاسم بن إدريس الثاني (‪312 – 310‬هـ)‪ ،‬ثّم القاسم كنون‪ ،‬وبعده أبو العيش أحمد‪،‬‬
‫وآخرهم الحسن بن كنون‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪A History of the Maghrib in the Islamic Period , (J. Abun-Nasr, 1987), p.50‬‬

‫‪2‬‬
‫خارطة للمغرب خالل العهد اإلدريسي‪ (،‬دولة األدارسة باللون األحمر)‬

‫المطلب الثاني‪:‬مراحل تطور الدولة االدريسية‬

‫نركز اهتمامنا هنا على األدارسة كأسرة حاكمة أي كدولة‪ .‬وجودها يقترن بالفترة ‪– 172‬‬
‫‪2‬‬
‫‪375‬هـ ‪990 – 785 /‬م ‪ .‬لكن البد من التمييز داخل هاته الفترة بين أطوار مختلفة‪:‬‬
‫‪ -1‬طور التأسيس‪ :‬الذي اقترن بعهد إدريس األول (‪ 177 – 172‬هـ‪793 - 788 /‬م) أي قيام الدولة‬
‫بالتفاف فريق مهم من سكان المغرب حول إدريس تضمهم قبائل كبرى ومبايعتهم له‪ ،‬حسب التقاليد‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -2‬طور الهيكلة والتنظيم‪ :‬ويقترن بعهد إدريس الثاني (‪213 –177‬هـ‪828 -- 793 /‬م) حيث جرى‬
‫تدعيم الدولة الناشئة باستحداث عدد من البنيات والمؤسسات كان من أهمها‪ :‬بناء فاس واتخاذها‬
‫كعاصمة للدولة؛ واتخاذ بعض النظم اإلسالمية كالوزارة والكتابة والقضاء واإلمامة؛ وتجريد العاصمة‬
‫الجديدة من تأثير العصبيات والطابع القبلي‪ ،‬وذلك باحتضانها لفئات مهمة من السكان الوافدين‬
‫من القيروان واألندلس‪ ،‬مما جعل العناصر المختلفة من سكان المدينة تنصهر في وحدة بشرية تمثل‪،‬‬
‫بوجه عام‪ ،‬التركيب السكاني الجديد الذي بدأ يعم الغرب اإلسالمي انطالقا من عهد الفتح‪ .‬إضافة إلى‬
‫بداية إشعاع اللغة العربية من فاس كلغة دين وثقافة‪ ،‬ونمو رقعة المملكة بحيث أصبحت أهم كيان‬
‫سياسي بالمغرب األقصى وكان لها اتصال مباشر بسائر النواحي في البالد‪.‬‬

‫‪ -3‬طور التقسيم‪ :‬ترك إدريس الثاني غداة وفاته عدة أوالد منهم الكبار والصغار‪ .‬وتولى خالفته أكبر‬
‫أبنائه‪ ،‬محمد‪ ،‬إال أنه اعتبر المملكة التي تركها له أبوه إرثا ال بد من توزيعه على الورثة‪ .‬وكان للتقسيم‬
‫سلبيات وإ يجابيات‪ ،‬فتقسيم المملكة إلى عدة واليات أدى إلى إضعاف السلطة المركزية ونشوء إمارات‬

‫‪2‬‬
‫‪Al-Bayan Al-Maghreb (Ibn Idhari al-Marrakushi, 13th century), Vol.1, p.118 (Arabic - Dr. Bashar A. Marouf & Mahmoud B.‬‬

‫‪Awad, 2013‬‬

‫‪3‬‬
‫إقليمية تنزع بطبيعتها إلى االستقالل الذاتي على أوسع مدى‪ .‬وقبل إعطاء مثال على المشاكل التي‬
‫ترتبت عن ذلك التوزيع‪ ،‬من الضروري إعطاء صورة إجمالية عن التوزيع‪.‬‬

‫قسم محمد بن إدريس المملكة إلى ما ال يقل عن تسع واليات‪ ،‬نذكرها اآلن حسب رواية القرطاس‪،‬‬
‫منبهين إلى وجود اختالفات طفيفة بين المصادر التي تناولت الموضوع‪.‬‬

‫محمد بن إدريس فاس وناحيتها‪.‬‬ ‫‪.1‬‬


‫القاسم بن إدريس طنجة وسبتة وقلعة حجر النسر وتطوان وبالد مصمودة وما واالها‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫داود بن إدريس هوارة وتسول ومكناس وجبال غياثة وتازة‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫عيسى بن إدريس شالة وسال وأزمور وتامسنا‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫يحيى بن إدريس البصرة وأصيال والعرائش إلى بالد ورغة‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫عمر بن إدريس مدينة الليكسوس ومدينة ترغة وبالد صنهاجة وغمارة‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫أحمد بن إدريس مدينة مكناسة وبالد فازاز ومدينة تادال‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫عبد اهلل بن إدريس أغمات وبالد نفيس وبالد المصامدة وسوس‬ ‫‪.8‬‬
‫حمزة بن إدريس تلمسان وأعمالها‪.‬‬ ‫‪.9‬‬

‫تلك هي الواليات التسع التي تدل على مدى امتداد الدولة اإلدريسية شماال وجنوبا وشرقا وغربا‪ ،‬وهي‬
‫معلومات تؤكدها كل المصادر التاريخية كما تؤكدها األبحاث الخاصة بتاريخ النقود اإلدريسية‪.‬‬
‫فالدراسة المهمة التي قام بها «دانييل اوستاش» في هذا الصدد تقدم لنا قائمة بدور السكة تعنى األماكن‬
‫التالية‪ :‬أصيال‪ ،‬البصرة‪ ،‬تدغة‪ ،‬تلمسان‪ ،‬تهليت‪ ،‬سبو‪ ،‬طنجة‪ ،‬العالية‪ ،‬مريرة‪ ،‬ورغة‪ ،‬وازقور‪ ،‬واطيط‪،‬‬
‫وليلي‪ ،‬إيكم‪.‬‬

‫‪ -4‬األدارسة بفاس ‪ :‬ظلت فاس هي الحاضرة المركزية للدولة وتولى فيها عدد من األمراء نذكرهم‬
‫بالتتابع‪:‬‬
‫‪3‬‬

‫أ‪ .‬علي بن محمد بن إدريس ‪ (234–221‬هـ) تذكر المصادر أنه سار بسيرة أبيه وجده وأن أيامه كانت‬
‫أيام سالم ورخاء‪.‬‬

‫ب‪ .‬يحيى بن محمد‪ :‬أخو السابق (‪249–234‬هـ) في أيامه كثرت العمارة بفاس وتوافد إليها المهاجرون‬
‫من جميع جهات الغرب اإلسالمي‪ ،‬مما دعا إلى توسيع المدينة والبناء في أرباضها‪ .‬وفي عهده بني‬
‫المسجدان المشهوران‪ :‬جامع األندلس وجامع القرويين‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Eman Aref, The Far Morocco Idrisid Arts and their role in enriching the plaster wall processing, Page 3‬‬

‫‪4‬‬
‫ج‪ .‬يحيى بن يحيى (‪252–249‬هـ)‪ .‬في عهده حدثت أزمة بسبب سوء سيرته‪ .‬وثار عليه عبد الرحمن‬
‫بن أبي سهل الجذامي واستولى على عدوة القرويين‪ ،‬ومات يحيى في تلك األثناء وجاء صهره علي بن‬
‫عمر فاستولى على المدينة وتولى اإلمارة‪.‬‬

‫د‪ .‬علي بن عمر‪ :‬ال تحدد المصادر تاريخ واليته‪ .‬بعد فترة من االستقرار‪ ،‬اصطدم بثورة عبد الرزاق‬
‫الفهري الخارجي وهزمه واضطر لاللتجاء إلى أوربة‪ ،‬بينما دخل عبد الرزاق إلى عدوة األندلس‬
‫فاستولى عليها إال أنه صادف مقاومة من لدن عدوة القرويين التي نادى أهلها على يحيى بن القاسم بن‬
‫إدريس‪.‬‬

‫هـ‪ .‬يحيى بن القاسم بن إدريس (المتوفى سنة ‪292‬هـ) استطاع أن يحافظ على وجود الدولة اإلدريسية‬
‫بفاس حيث طرد عبد الرزاق الخارجي من عدوة األندلس وخرج لمقاتلة الصفرية‪ .‬والظاهر أنه قضى‬
‫عهده في مباشرة الحروب إذ نجده يسقط صريعا في ساحة الوغى وهو يقاتل ربيع بن سليمان سنة‬
‫‪.292‬‬
‫و‪ .‬يحيى بن إدريس بن عمر ‪ 309–292‬هـ تطنب المصادر في الثناء عليه‪ .‬فابن خلدون ينعته أنه‬
‫´´كان أعلى بني إدريس ملكا´´ بينما يصفه روض القرطاس بقوله‪´´ :‬كان يحيى هذا أعلى بني إدريس‬
‫قدرا وصيتا وأطيبهم ذكرا وأقواهم سلطانا (‪ )...‬وكان فقيها حافظا للحديث ذا فصاحة وبيان ولسان‬
‫حازما"‪.‬‬ ‫ومع ذلك كان بطال شجاعا‬

‫إال أن المصادر ال تذكر شينا عن أعماله‪ ،‬وذلك‪ ،‬وال شك‪ ،‬ألن أحداثا خطيرة جاءت لتهدد الدولة‬
‫اإلدريسية في وجودها‪ .‬فقد قامت الدولة الفاطمية بأفريقية في أواخر القرن الهجري الثالث وسعت ألن‬
‫تبسط سيطرتها على مجموع بالد المغرب‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ويمكن تلخيص مراحل تطور الدولة االدريسية كمايلي‪:‬‬

‫مرحلة التأسيس‪ :‬دامت ‪ 41‬سنة ابتدأت مع إدريس األول وإ نتهت بوفاة إدريس الثاني سنة ‪829‬م‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مرحلة القوة‪ :‬دامت ‪ 30‬سنة حكم خاللها ‪ 3‬ملوك محمد بن إدريس‪ ،‬علي بن محمد‪ ،‬يحيى بن محمد‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مرحلة الضعف‪ :‬دامت ‪ 59‬سنة حكم خاللها ‪ 3‬ملوك علي بن عمر‪ ،‬يحيى الثالث‪ ،‬يحيى الرابع‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وتمكن األدارسة في مرحلة التأسيس والقوة من توحيد البالد وإ خضاع مجموعة من القبائل‪ ،‬فإمتدت‬
‫الدولة اإلدريسية من سوس األقصى جنوبا إلى الريف شماال وما وراء تلمسان شرقا‪.‬‬

‫التجديد في اإلجتماعيات (كتاب مدرسي الثانية إعدادي (باللغة العربية‪ .‬الدار البيضاء‪ :‬دار التجديد ‪ 8‬يونيو ‪2020‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬‬
‫مخطط يوضح مراحل تطور الدولة االدريسية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أهم أعمال الدولة االدريسية‬

‫من البديهي أن يكون لدولة األدارسة جوانب حسنة‪ ،‬كما أن لها جوانب من الضعف‪ ،‬وقد برهن‬
‫األدارسة على شيء غير قليل من الحنكة في استغالل الفرص وخطب ود العبيديين تارة واألمويين‬
‫تارة أخرى‪ ،‬إذ لم يكن ينفعهم أمام ضغط القوات التي تصارعهم في الداخل والخارج‪ ،‬إال أن يسلكوا‬
‫سياسة المرونة‪ ،‬وكان في دخول األدارسة إلى المغرب‪ ،‬انتصار لعربية ال يستهان بها‪ ،‬ولم يعرف‬
‫عنهم تعصب جنسي‪ ،‬كما أن سيرتهم في سياسة الملك على العموم كانت طيبة يسودها اللين والتأثر إلى‬
‫حد كبير بتعاليم اإلسالم‪.‬‬
‫وما من شك في أنهم عملوا على نشر الدين الحنيف في ربوع الصحراء‪ ،‬ذلك ألن صنهاجة الجنوب لم‬
‫يعتنقوا اإلسالم إال منذ القرن الثالث الهجري‪ ،‬وهو القرن الذي نشط فيه األدارسة للعمل اإلسالمي‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫وخاصة في النصف األول منه‪.‬‬
‫وقام األدارسة إلى ذلك بمجهود مشكور في ميدان العمران‪ ،‬بتأسيس عدة مدن‪ ،‬السيما فاس التي قدر‬
‫لها أن تلعب فيما بعد أعظم دور في تاريخ المغرب السياسي والفكري‪ ،‬وبدأت فاس تستمد حضارتها‬
‫في عهد األدارسة من القيروان وقرطبة‪ ،‬لتصير بعد ذاك مركز إشعاع حضاري في المغرب العربي‪.‬‬

‫مجلة دعوة الحق‪ ،‬العدد ‪ ،38‬جمادى األولى ‪1405‬هـ ‪ /‬يناير ‪1985‬م‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪6‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أثار الدولة االدريسية‬
‫المطلب األول‪ :‬البناء والعمران في عهد دولة األدارسة‬
‫‪6‬‬
‫أنشأ األدارسة بالمغرب مدنا عديدة‪ ،‬من أهمها المدن التالية‪:‬‬
‫مدينة فاس‪ :‬واحدٌة من أعرق وأقدم مدن المغرب العربي‪ ،‬بناها إدريس الثاني عام ‪808‬م على‬ ‫‪-1‬‬
‫الضفة اليمنى لنهر فاس‪ ،‬واّتخذها عاصمة لدولة األدارسة‪ ،‬هاجرت إليها الكثير من العائالت‬
‫العربية إلقامة األحياء السكنية فيها‪ ،‬ووفدت إليها العائالت األندلسية التي ُأجبرت على الخروج‬
‫من األندلس‪ ،‬احتفلت هذه المدينة عام ‪ 2008‬بعيد ميالدها ‪ ،1200‬وهي ثاني أكبر المدن‬
‫المغربية حاليًا‪ .‬وشيد بها عدة مساجد كبرى مثل مسجد األشياخ ومسجد الشرفاء بعدما بنى‬
‫قصره بعدوة القرويين‪ ،‬وأحاط المدينة باألسوار لحمايتها من غزو القبائل‪ ،‬وجعل لها عدة‬
‫أبواب‪ ،‬ونظرا لكونها عاصمة للمملكة وموقعها على أهم المحاور التجارية لعبت فاس دورا‬
‫سياسيا ودينيا وثقافيا واقتصاديا رئيسيا للبالد‪ ،‬حيث أصبحت المدينة في ظرف وجيز تضاهي‬
‫القيروان بتونس والفسطاط بمصر وغيرها من مدن عصرها‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫ثقافة مدينة فاس‬


‫وُتقام في أرجاء فاس احتفاالت ومهرجانات والمؤتمرات الدولّي ة في مجاالت ثقافية وعلمية وفكرية‬
‫ودينية‪ ،‬وهي ُتصّنف كموقع للتراث اإلنسانّي العالمّي وفقًا لمنظمة اليونسكو ُم نذ عام ‪1981‬م‪ .‬ولفاس‬
‫أسواق نابضة بالحركة‪ ،‬وأزّقة ملتوية فيها العديد من المباني األثرية القديمة‪ ،‬وفيها سوق العّطارين‬
‫القديم‪ ،‬والزوايا واألسواق القديمة والحّم امات والحصون‪ ،‬وأبواب السور والقصر السلطاني‪ ،‬والمرصد‬
‫الفلكي‪ ،‬والحي الصناعي‪ .‬ولكن التجّو ل في مدينة فاس يحتاج إلى مرشد سياحّي كي ال يضيع السائح‬
‫فيها‪ ،‬فهي تمتاز بشوارعها الضّيقة جدًا والُم عّقدة‪ ،‬والتي تملؤها األسواق والمحال التي تبيع ُم ختلف‬
‫أنواع المستلزمات‪ ،‬وتنتشر بها عادات وتقاليد مغربية كاألعراس المتوارثة عبر األجيال وطقوسها‪.‬‬

‫الدكتور حسين مؤنس‪ ،‬كتاب معالم تاريخ المغرب واألندلس‪،‬ص‪.145‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪7‬‬
‫‪.‬مجلة دعوة الحق‪ ،‬نفس المرجع السابق‬

‫‪7‬‬
‫البصرة‪ :‬وأول من توالها من األدارسة إبراهيم بن القاسم بن إدريس‪ ،‬وكانت تعرف في أول‬ ‫‪-2‬‬
‫األمر ببصرة الكتان‪ ،‬وقد تخربت في وقت مبكر‪.‬‬
‫جراوة‪ :‬تقع في الشمال الشرقي من المغرب‪ ،‬وقد حدد ابن غازي بناءها في عهد أبي العيش‬ ‫‪-3‬‬
‫سنة ‪237‬هـ‪.‬‬
‫قلعة حجر النسر‪ :‬بنيت في الجنوب الشرقي من البصرة سنة ‪ 317‬هـ على يد إبراهيم بن‬ ‫‪-4‬‬
‫محمد بن القاسم بن إدريس‬
‫مسجد القرويين‪:‬أو جامع القرووين‪ ،‬أنشأته أم البنين فاطمة الفهرية في عهد يحيى األول عام‬ ‫‪-5‬‬
‫‪ 857‬م‪ ،‬حيث وهبت كل ما ورثته لبناء هذا الجامع الذي أصبح فيما بعد منارة للعلم‪ ،‬حيث كان‬
‫على نفس قدر المساجد في البصرة والكوفة‪ ،‬فقد كان ُيدرس فيه الفقه والتفسير واألصول‬
‫والرياضيات والفلك‪ ،‬بعد أن تحول جزء منها لمؤسسة تعلمية والتي ُيطلق عليها " جامعة‬
‫القرويين" وقد قيل إّنها أقدم جامعة في العالم‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫(صورة‪ :)3‬جامعة القروين‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحالة االقتصادية في عهد األدارسة‬

‫كانت األحوال االقتصادية تختلف باختالف الظروف الطبيعة والسياسية‪ ،‬أما في بداية عهد الدولة فقد‬
‫كانت الحالة االقتصادية حسنة بفضل الغنائم التي حصل عليها األمراء في حرب المشركين‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى انتهاج سياسة تتفق ومبادئ اإلسالم األساسية‪ ،‬غير أنه من الصعب أن نأخذ نظرة مفصلة عن‬
‫الحالة‬
‫‪8‬‬
‫االقتصادية لهذا العهد‪.‬‬
‫ونظرا لعدم عناية الدولة بالميدان الصحي‪ ،‬فقد كانت األوبئة تفتك بالسكان فتكا ذريعا‪ ،‬إلى جانب‬
‫الجراد الذي كان يأتي على المزروعات‪ ،‬فتتفاحش أثمان البضائع والمواد الغذائية‪ ،‬ففي سنة ‪ 260‬و‬
‫‪ 285‬و ‪344‬هـ انتشر الوباء بشكل خطير في األندلس والمغرب‪ ،‬وفي سنة ‪ 260‬هـ أيضا حدثت‬
‫مجاعة عظيمة مات من أجلها عدد كبير من السكان‪ ،‬كما أن الطبيعة قست على المغرب‪ ،‬فحطم البرد‬
‫في سنتي ‪ 339‬و ‪342‬هـ األشجار والصمار وقتل المواشي والطيور‪ ،‬وفي سنة ‪379‬هـ استمرت الريح‬
‫الشرقية ستة أشهر‪ ،‬وتسببت عنها أوبئة فتاكة‪ ،‬ولكن كانت تأتي ظروف يعم الرخاء إلى حد كبير‪ ،‬حتى‬
‫كان الفالحون يضطرون أحيانا إلى ترك الزرع في سنابله لعدم وجود من يشتريه‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الدكتور سعدون عباس نصر هللا‪ ،‬األدارسة في المغرب العصر الذهبي ‪223 -172‬هـ ‪835 – 788 /‬م‬

‫‪9‬‬
‫‪9‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أسباب سقوط الدولة االدريسية‬

‫– انهارت األسرة الحاكمة بعد وفاة إدريس الثاني‪ ،‬وكانت وقتها تحت حكم ابنه وخليفته محمد (‪-828‬‬
‫‪)836‬‬

‫– تم تقسيم المملكة بين محمد ابن ادريس و سبعة من أشقائه‪ ،‬حيث تشكلت ثماني تعدادات إدريسية في‬
‫المغرب‪ ،‬والجزائر مما أضعف الدولة‬

‫– عاشت الدولة سلسلة من اإلنشقاقات لمدة مئة عام مما أضعفها‪.‬‬

‫– بعد أن قسم محمد ابن إدريس الدولة بينه‪ ،‬وإ خوته إكتفى هو بفاس حيث كان التقسيم يضمن له‬
‫االستيالء علي األموال الخاصه بأقاليم إخوته مما أدي إلي انقالب اخوته ضده‪ ،‬ونتيجة لذلك استعان‬
‫بأخيه عمر بن ادريس الثاني الذي اتسعت واليته لتشمل النصف الشمالي والغربي للدولة‪.‬‬

‫– بعد وفاة محمد إدريس الثاني ترك الدوله ضعيفة‪ ،‬ومقسمة‪ ،‬وضعيفة ‪.‬‬

‫– بعد وفاة يحي األول تولي ابنه يحي الثاني الذي كان طائشا‪ ،‬وغير أهل للحكم فثار عليه الناس ثم‬
‫هرب‪ ،‬ومات‬

‫– انقالب وثورة زعماء الخوارج ضد “علي الثاني بن عمر”فهرب إلي أوربة‬

‫– تمكن (الفاطميون) بقيادة مصالة بن حبوس الكتامي‪ ،‬من ازالة حكم األدارسة‪ ،‬وتمكن من السيطرة‬
‫على أراضيها عام (‪ 313‬هـ)‪ ،‬وبذلك انتهى الدور األول من تاريخ األدارسه على يد الفاطميين‬

‫الدكتور سعدون عباس نصر اهلل‪ ،‬دولة األدارسة في المغرب واألندلس – القسم الثاني –‪،‬ص‪.186‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪10‬‬
‫خاتمة‬
‫كانت ساللة اإلدريسيين ساللة عربية مسلمة قوية حكمت المغرب من عام ‪ 789‬حتى ‪ .921‬تأسست‬
‫هذه األسرة على يد إدريس األول‪ ،‬الذي أصبح أول حاكم لهذه الساللة‪ .‬كان إدريس قائدًا عسكريًا قاد‬
‫ثورة ناجحة ضد الساللة األموية‪ .‬كان اإلدريسيون قادرين على توسيع قوتهم والوصول إلى جميع‬
‫أنحاء المغرب الحالي وأجزاء من الجزائر‪ .‬من خالل عقيدتهم السياسية وتطورهم للعاصمة‪ ،‬أنهت‬
‫األسرة الحاكمة الدورة الخلدونية داخل المغرب‪ .‬كان اإلدريسيون قادرين على زيادة ثروة وقوة‬
‫المغرب مع توسيع نطاق وصوله إلى شمال إفريقيا‪.‬‬

‫في الختام‪ ،‬كانت الدولة اإلدريسية ساللة عربية مسلمة قوية وناجحة أنهت الدورة الخلدونية في‬
‫المغرب‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫قائمة المراجع والمصادر‬
‫أوال‪ :‬المراجع‬
‫باللغة العربية‬ ‫أ‪-‬‬
‫الدكتور حسين مؤنس‪ ،‬معالم تاريخ المغرب واألندلس ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدكتور سعدون عباس نصر اهلل ‪،‬دولة األدارسة في المغرب العصر الذهبي ‪223 -172‬هـ ‪/‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪835 – 788‬م ‪.‬‬
‫الدكتور سعدون عباس نصر اهلل دولة األدارسة في المغرب واألندلس – القسم الثاني –‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التجديد في اإلجتماعيات (كتاب مدرسي الثانية إعدادي (باللغة العربية‪ .‬الدار البيضاء‪ :‬دار التجديد‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 8‬يونيو ‪. 2020‬‬
‫باللغة االنجليزية‬ ‫ب‪-‬‬
‫)‪.A History of the Maghrib in the Islamic Period, (J. Abun-Nasr, 1987‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪Eman Aref, The Far Morocco Idrisid Arts and their role in enriching the‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.plaster wall processing‬‬
‫‪Al-Bayan Al-Maghreb (Ibn Idhari al-Marrakushi, 13th century)Vol.1,‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.(Arabic - Dr. Bashar A. Marouf & Mahmoud B.Awad, 2013‬‬

‫ثانيا‪ :‬المصادر‬
‫مجلة دعوة الحق‪ ،‬العدد ‪ ،38‬جمادى األولى ‪1405‬هـ ‪ /‬يناير ‪1985‬م‬ ‫‪-‬‬

‫‪12‬‬

You might also like