Professional Documents
Culture Documents
The Sun
The Sun
ما هو واقع إيران بالنسبة للسياسة األمريكية؟ وبعبارة أخرى هل إليران مشروع في أحداث المنطقة مستقل عن أمريك ا
ثم هل نستطيع القول إن إليران رسالة في المنطقة وهي المذهب الجعفري؟ وأخيرًا ما ه و موق ف أمريك ا الحقيقي من الس الح
النووي اإليراني؟
الجواب:
لإلجابة على ذلك علينا أن نستعرض باختصار واق ع النظ ام اإلي راني وس ير سياس ته من ذ ان دالع الث ورة وإعالن الجمهوري ة
-1إن دور أمريكا في الثورة اإليرانية كان واضحًا منذ بداياتها ،فخالل وج ود الخمي ني في فرنس ا في "توغ ل لوش اتو" زاره
موفدون من البيت األبيض وتم االتفاق على تعاون الخميني مع أمريكا ،وق د تح دثت يومئ ذ الص حف األمريكي ة عن ذل ك وعن
االجتماعات التي حصلت هناك ...وقد كشف ذلك مؤخرًا أول رئيس للجمهورية اإليرانية أبو الحسن بنو صدر في تاريخ مت أخر
وبالضبط في 2000\12\1مع قناة الجزيرة بأن موفدين من البيت االبيض ج اءوا إلى "توغ ل لوش اتو" في فرنس ا حيث يقيم
الخميني واستقبلهم يزدي وبازركان وموسوي وأرديبيلي ...وكانت هن اك لق اءات كث يرة بين الط رفين وأش هرها لق اء أكت وبر
الذي جرى في ضواحي باريس ووقعت فيه اتفاقات بين جماعة ريغ ان وب وش وجماع ة الخمي ني .حيث ص رح الخمي ني بأن ه
على استعداد أن يتعاون مع أمريكا بشرط أال تتدخل في شؤون إي ران الداخلي ة" .بع د ذل ك ع اد الخمي ني في 1979\2\1على
متن طائرة فرنسية ليحط في طهران ،فضغطت أمريكا على شاهبور باختيار ليسلم الحكم للخميني وهددت قادة الجيش اإليراني
إذا اعترضوا سبيل الخميني ،ومن ثم أصبح الخميني هو المرشد وهو الحاكم ،وتم إعداد دس تور مث ل الدس اتير الموج ودة في
البالد اإلسالمية األخرى وفق األنظمة الغربية الرأسمالية ،فدستور إيران فيه محاكاة للدساتير الغربية ،فنظ ام الحكم جمه وري
والتقسيم الوزاري وعمل البرلمان وموضوع فصل السلطات وموضوع الصالحيات فيها ،كله وفق األنظمة الرأسمالية .أم ا م ا
ورد فيه عن أن "الدين الرسمي إليران اإلسالم والمذهب الجعفري االثنا عشر" ،فهو ك الموجود في أغلب الدس اتير في البالد
اإلسالمية وهي ال تعني أن الدولة قائمة على أساس اإلسالم أو رسالتها حمل اإلسالم ،بل تتعلق بالمراسيم واألعياد وما يتعل ق
بما يقتضي العمل به تجاه الناس بخصوص اعتقاداتهم وعباداتهم وما يتعلق ببعض أمور حياتهم .ولم ينص الدستور اإلي راني
على أن هذا الدين أو هذا الم ذهب ه و رس الة للدول ة أو ه دف للسياس ة الخارجي ة ال تي هي وطني ة وقومي ة ،وتس ير حس ب
المنظومة الدولية الحالية من انتساب إلى المنظمات الدولية واإلقليمية القائمة على أساس النظام الرأسمالي مثل عضويتها في
األمم المتحدة وفي منظمة التعاون اإلسالمي ،وكافة العالقات الدولية لديها لم تقم على أساس اإلسالم .ومن هنا فإن ه ال يالح ظ
على أن للدولة في إيران رسالة خاصة أو مشروعا معين ا منبثق ًا عن اإلس الم ،ب ل يالح ظ على واق ع النظ ام اإلي راني ص بغته
القومية والوطنية ،وهي تنعكس على سياسته ال تي تكمن في الحف اظ على النظ ام الق ائم وعلى كي ان الدول ة وأراض يها .ولق د
اتصلنا في بدايات الثورة بالخميني ونصحناه بعدم التعاون مع أمريكا ،وبإعالن دستور إس المي وبّين اه ل ه ،ووَّثقن اه في كت اب
أرسلناه إليه نفصل فيه نقض الدستور اإليراني ،ولكنه لم يأخذ بالنصح واستمر بدستور يخالف اإلس الم ،وفي نظ ام جمه وري
-2وأما مسألة المذهب الذي حددته كمذهب رسمي للنظام فلم تحدده كرسالة ومش روع تحمل ه ،وهي لم تؤس س نظامه ا على
هذا المذهب ،ولم تضع دستورها على أساسه ،وليست مواده مأخوذة من ه ،ب ل إن الم واد األساس ية ال تي تتعل ق بنظ ام الحكم
والسياسة الخارجي ة وم ا يتعل ق ب الجيش واألمن م أخوذة من النظ ام الرأس مالي ،فهي تش به النظ ام الس عودي ال ذي يس تغل
المذهب المنتشر في بالد الحجاز "المذهب الحنبلي" ونج د لتحقي ق مص الح النظ ام .غ ير أن إي ران تس تغل الناحي ة المذهبي ة
لكسب األتباع والمؤي دين له ا أو المس تعدين للعم ل معه ا ،وتث ار ل ديهم النع رة العص بية المذهبي ة وب ذلك يس هل اس تخدامهم
لمصالحها الوطنية وليس لخدمة المذهب الجعفري أو خدمة الشيعة بدليل أنها ال تنص ر الش يعة أو الم ذهب الجعف ري إال حيث
المصالح الوطنية اإليرانية ،وإذا كانت العلماني ة تخ دمها فتض ع اإلس الم والش يعة والم ذهب وراء ظهره ا ،فهي ت دعم النظ ام
العراقي والنظ ام الس وري وهي أنظم ة علماني ة وتابع ة ألمريك ا ،وبم ا أن الش يعة يتواج دون بش كل رئيس ي في المحافظ ات
الشرقية في المملكة العربية السعودية ،ولكون تلك المناطق تحتوي أيض ًا على حق ول النف ط الس عودية ،فق د دعمت إي ران في
عدد من المناسبات انتفاضات هناك من أج ل إض عاف الس عودية .واس تخدمت سياس ة مماثل ة في البح رين م ا دع ا الس عودية
السوفياتي في نهاية عام 1989وقام الناس بكسر الحدود مع إيران للوحدة معها ،وجرت لهم مذابح في بداي ة ع ام 1990من
قبل المهاجمين الروس الذين دخلوا باكو لمنع إقامة نظام غير ت ابع لهم هن اك واإلتي ان بعمالئهم من الش يوعيين الق دامى إلى
الحكم ،ومع ذلك فلم تقم إيران بمساعدة أهل أذربيج ان في وج ه ه ذه الهجم ة الروس ية ال تي تنته ك حق وق المس لمين ال ذين
أرادوا التحرر من النير الروس ي ومن ب راثن الش يوعيين ،م ع العلم أن أغلبي ة س كان أذربيج ان مس لمون من أتب اع الم ذهب
الرسمي إلي ران .ولم تس اعد أذربيج ان في وج ه األرمن ال ذين س اندهم ال روس في احتالل ح والي %20من أذربيج ان ع ام
1994وهجروا أكثر من مليون أذاري من أراضيهم وما زال هذا الوضع المأساوي قائما هناك .بل إن إي ران ط ورت عالقاته ا
مع أرمينا على حساب أذربيجان! ولم تكتف إيران بذلك بل دعمت تيارات ليست لها عالقة باإلسالم مث ل تي ار ميش يل ع ون أو
حركات علمانية كحركة نبيه بري وغيرهما في لبنان من السائرين في ركاب أمريكا.
- 3جميع األعمال السياسية في المنطقة التي قامت بها إيران كلها واقعة بتوافق وانسجام مع المشاريع األمريكية:
أ -ففي لبنان أسست حزبا لها من أتباع م ذهبها وس لحته فأص بح جيش ا خاص ا هن اك منفص ال عن الجيش اللبن اني ،واع ترف
النظام اللبناني به وبسالحه ،مع العلم أن النظام اللبناني نظام علماني يتبع السياسة األمريكية .ولم يسمح النظام اللبناني لغيره
من األحزاب بحمل السالح أو لم يعترف بسالح األحزاب األخرى .وقام ح زب إي ران في لبن ان ب دعم النظ ام الس وري المرتب ط
بأمريكا كما فعلت إيران ،ولم تمنع أمريكا النظام اللبناني من السماح لحزب إيران بالتدخل في س وريا إلس ناد نظ ام بش ار أس د
العلماني فيها ،بل هناك موافقة أمريكية ضمنية على تدخل هذا الحزب في سوريا دون أن يعترضه الجيش اللبناني.
ب -وعندما احتلت أمريكا العراق القت مقاومة لم تتوقعها فأدخلت إيران إلى العراق لتساعدها بالت أثير على المنتمين لم ذهبها
لتؤثر عليهم وتحول دون تحركهم ضد االحتالل ،بل تجعلهم يقفون ضد المقاومة ،ويتصدون لها ويعط ون مش روعية لالحتالل
وللنظام الذي أقامته هناك ،وخاصة بعد عام 2005عندما سمحت أمريكا بوصول ائتالف األحزاب المؤيدة إليران للوص ول إلى
الحكم برئاسة إبراهيم الجعفري ومن ثم المالكي ،وهذه الحكومات مؤسسة من قب ل أمريك ا ومرتبط ة به ا ،وق د وقعت حكوم ة
المالكي التي تساندها إي ران االتفاقي ات األمني ة واالس تراتيجية م ع أمريك ا للحف اظ على نفوذه ا بع د انته اء احتالله ا للع راق
بصورة رسمية ،ما يدل على الرض ى األم ريكي عن ال دور اإلي راني ال ذي اع ترف مس ؤولوه بالتع اون م ع أمريك ا في احتالل
العراق وفي العمل على تأمين االستقرار للنف وذ األم ريكي في الع راق .وق د فتحت إي ران له ا س فارة في الع راق مباش رة بع د
االحتالل ،وما أن انتخب الجعفري حتى قام وزير خارجية إيران حينئذ كم ال خ رازي بزي ارة بغ داد ع ام 2005وهي في ذروة
االحتالل .وأدان الجانبان أعمال المقاومة لالحتالل تحت مس مى إدان ة اإلره اب في الع راق .وزي ارة الجعف ري إلي ران وتوقي ع
اتفاقيات عديدة منها اتفاقية تعاون في المجال االس تخباراتي بينهم ا إلرس اء األمن ومراقب ة المع ابر والح دود ورب ط البص رة
بشبكة الكهرباء اإليرانية وإنشاء خط أنابيب نفط بين البصرة وعبدان .وقام الرئيس اإليراني نجاد بزيارة للعراق في بداية عام
2008وهي تحت حراب االحتالل المباشر .وكثيرا ما كان أحمد نجاد يث ير زوبع ة بتص ريحاته ض د أمريك ا وض د كي ان يه ود،
ولكنها لم تتجاوز مجرد القول الذي ال يتبعه الفعل .وفي ذات الوقت كان نجاد من أكثر الرؤساء اإليرانيين تقاربا في الس ير في
الخط األمريكي من زياراته للعراق وهي تحت االحتالل األمريكي وقبل أن يغادر الحكم بأس بوعين ج دد زيارت ه للع راق لتجدي د
الدعم لنظام المالكي التابع ألمريكا والذي يحافظ على النفوذ األمريكي فيها .وكذلك قام نجاد بزيارة أفغانستان عام 2010وهي
في ظل االحتالل األمريكي وقدم الدعم لنظام كرزاي خادم االحتالل األمريكي.
ج -وفعلت ذلك في اليمن حيث كسبت جماعة الحوثي وسلحتهم وقاموا ضد نظام علي صالح عمي ل اإلنجل يز ،وت دعم الق ائمين
على الحراك الجنوبي العلماني في اليمن من دعاة االنفصال وهم من عمالء أمريكا أيضا إليجاد نظام علم اني في جن وب اليمن
موال ألمريكا.
د -أما عالقة إيران بالنظام السوري فهي قديم ة من ذ ان دالع االنتفاض ة األولى في بداي ة الثمانين ات من الق رن الماض ي ،حيث
أيدت النظام السوري في قمعه ألهل سوريا المسلمين في تلك الحقبة ،وذلك للمحافظة عليه ض من المش روع األم ريكي ال داعم
للنظام بقيادة عمالئها آل االسد ،وهي تعلم أنه نظام علماني بعثي قومي صنو نظام صدام الذي ك انت تحارب ه وليس ل ه عالق ة
باإلسالم ،بل يحارب اإلسالم وأهله ،وهي تدرك أنه مرتب ط بأمريك ا ،فلم تت ول ال دفاع عن حق وق المس لمين ،ب ل فعلت العكس
فحاربتهم ونصرت نظام كفر إجرامّيًا وما زالت تفعل ذلك .والنظام اإلي راني يحاف ظ على عالق ات وثيق ة م ع القي ادة الس ورية،
وشملت هذه العالقات العسكرية واالقتصادية والسياسية .وق د نقلت إي ران أس لحة كث يرة ل دعم نظ ام األس د وق دمت ل ه النف ط
والغاز بأسعار مخفضة نظرا لعدم وجود احتياطيات للطاق ة في س وريا ،ويمكن مالحظ ة العالق ات السياس ية بش كل خ اص في
التدخل اإليراني في االنتفاضة السورية عندما كان نظ ام األس د على وش ك االنهي ار ،ول وال الت دخل اإلي راني من خالل إرس ال
قوات من الحرس الثوري ،وقوات حزب إيران ومليشيات الم الكي التابع ة إلي ران ،ل وال ذل ك النه ار بش ار ونظام ه ،ومج ازر
القصير وحمص واليوم مجازر الغوطة الكيماوية وغيرها شهود على ذلك التدخل.
هـ -وفي أفغانستان دعمت إيران االحتالل األمريكي ودعمت الدس تور ال ذي وض عته والحكوم ة ال تي ش كلتها برئاس ة ك رزاي
وذلك خدمة ألمريكا ،وقد قامت إيران بتأمين شمال البالد عندما فشلت أمريكا في هزيمة طالب ان .وق د ذك ر رئيس الجمهوري ة
اإليرانية السابق رفسنجاني "لو لم تساعد قواتنا في قتال طالبان لغرق األمريكي ون في المس تنقع األفغ اني"( .جري دة الش رق
األوسط .) 2002\2\9وذكر محمد علي أبطحي نائب الرئيس اإليراني السابق خاتمي للشؤون القانونية والبرلمانية في م ؤتمر
الخليج وتحديات المستقبل الذي عقد في إمارة أبو ظبي مساء يوم 2004\1\13قال" :لوال التعاون اإليراني لما سقطت كابول
وبغداد بهذه السهولة .لكنن ا حص لنا على مكاف أة وأص بحنا ض من مح ور الش ر"! (إس الم أون الين نت .)2004\1\13وك ان
الرئيس أحمد نجاد قد كرر مث ل ذل ك وه و في زيارت ه ل نيويورك لحض ور اجتماع ات األمم المتح دة في لق اء ل ه م ع ص حيفة
نيويورك تايمز بتاريخ 2008\9\26حيث قال" :إن إيران قدمت ي د الع ون للوالي ات المتح دة فيم ا يتعل ق بأفغانس تان وك انت
نتيجة هذه المساعدات توجيه الرئيس األمريكي تهديدات مباشرة لشن هجوم عسكري ض دنا .كم ا أن بالدن ا ق دمت مس اعدات
عبر هذه السنين بضرب هذا البرنامج ،إال أن أمريكا وقفت في وجه كيان يهود ومنعته من تحقيق ذل ك .وم ا زالت ح تى الي وم
تمنع هذا الكيان ...فقد قام رئيس األركان األمريكي الجنرال مارتن ديمبسي في 2013\8\12بزيارة لكيان يهود له ذا الغ رض،
فنقلت وكالة كونا الكويتية في 2013\8\12عن إذاعة جيش كيان يهود قولها بأن" :زيارة ديمس ي ت أتي بع د أي ام من زي ارة
مماثلة سرية استمرت أسبوعا كامال قام بها قائد سالح الجو األم ريكي م ارك ويلتش "إلس رائيل" وال تي امتن ع الطرف ان عن
الحديث تماما عن طبيعة ما دار فيها من مباحثات .وظلت زي ارة ويلتش طي الكتم ان بطلب من الج انب األم ريكي وذل ك وس ط
التوتر في المنطقة وعلى خلفية التهديدات اإلسرائيلية بضرب إيران" .وأضافت وكالة كونا" :ويعتقد محلل ون أن قائ د الجيش
األمريكي سيحاول إقناع مضيفيه باالمتناع عن اتخاذ قرارات دراماتيكية في المستقبل القريب ضد إيران إلعط اء الديبلوماس ية
فرصة بعد تنصيب حسن روحاني رئيسا إليران" .فأمريكا سمحت لكيان يهود بضرب المفاعالت النووي ة العراقي ة ال تي ك انت
قيد اإلنشاء على عهد صدام عام ،1981ولكنه ا تمن ع ه ذا الكي ان من ض رب مف اعالت إي ران النووي ة ال تي ب دأت بتخص يب
اليورانيوم حتى وصلت نسبة التخصيب ،%20ما يدل على أن من مصلحتها الحفاظ على النظام اإليراني الذي يعمل لص الحها
في المنطقة ،وتريده أن يبقى ُبعبعا يخيف دول الخليج حتى تركز نفوذه ا في ه ذه ال دول ،وتعم ل على اس تخدامه للحف اظ على
وب الرجوع إلى الخل ف قليًال نج د أن واق ع المحادث ات النووي ة من ذ ب دايتها في ع ام 2003م ه و أّن أمريك ا ك انت ترك ز على
العقوبات دون اتخاذ أي إجراء فعلي ضد المنشآت النووية ،وأحبطت االتحاد األوروبي وأغضبت دولة يهود ،وفي ك ل م رة يتم
إجراء المحادثات تعرض أمريكا العقوبات اإلضافية كحل للمسألة دون أي إجراء عس كري .وق د ت دخلت أمريك ا م رارًا لتهدئ ة
المخاوف "اإلس رائيلية" ،فأمريك ا تري د النظ ام اإلي راني قائم ًا ،وأن تبقى القض ية النووي ة مث ارة بحيث ال تص ل إلى القنبل ة
النووية وفي الوقت نفسه ال تحسم نهائيًا ،بل تبقى كما قلنا ُبعبعًا يخيف دول الخليج توطئة الس تمرار ق وات أمريك ا العس كرية
في الخليج ،باإلضافة إلى استغالل أمريكا لها في نصب الدرع الصاروخي في تركيا ،وفي أوروبا الوس طى بحج ة ردع الس الح
النووي اإليراني والحماية منه! هذا فضًال عن تبرير زيادة ميزانية وزارة الدفاع.
- 5أما بالنسبة لما يظهر من عداء على السطح بين أمريكا وإيران فيمكن أن يفهم كما يلي:
أ -كانت األجواء مشحونة ،والرأي العام محشودًا ضد أمريكا قبل الثورة وبعدها ،واعت برت هي المس ؤولة عن مآس ي الش عب
واتهمت ب دعمها للش اه ولمظالم ه ووص فت بأنه ا الش يطان األك بر ،ول ذلك لم يس تطع حك ام إي ران أن يعلن وا عن اس تئناف
المحادثات بين الطرفين بشكل مباش ر ومن ثم اس تئناف العالق ات الدبلوماس ية ،وبخاص ة وأن اتص االت أمريك ا ب الخميني في
باريس ،وض غط أمريك ا على الجيش اإلي راني لكي ال يت دخل ض د ث ورة الخمي ني ...ك ل ذل ك لم يكن س رًا ،وله ذا ك ان النظ ام
اإليراني بحاجة إلى أحداث ساخنة مع أمريكا إليجاد مبررات الجلوس معهم ،فكانت حادث ة الره ائن في الس فارة األمريكي ة في
1979\10\4ما ترتب عليها قطع العالقات الديبلوماس ية بين إي ران وأمريك ا لتق وي من موق ف الخمي ني وتض رب معارض يه
وتغطي على حقيقة العالقات بين الطرفين ،وقد ذكرت فيما بعد مصادر أمريكية بأنه ا ك انت مس رحية أمريكي ة مرتب ة ،وك ذلك
ذكر الحسن بنو صدر في مقابلته مع الجزيرة المشار إليها أعاله بأن "ذلك كان اتفاقا مع األمريكيين ومن تخطيطهم وأن ه َقِب ل
ذلك بعدما أقنعه الخميني به" .وقد وقع الطرفان على ما عرف باتفاق الجزائر في 1981\1\20وأفرج بموجب ه عن الره ائن،
وحصل ذلك في اليوم الذي تولى فيه الرئيس األم ريكي ريغ ان مقالي د الحكم في أمريك ا ،وق د اع ترفت أمريك ا ض منيا بالنظ ام
الجديد بقيادة الخمي ني عن دما نص ه ذا االتف اق على إل زام الط رفين ب االحترام المتب ادل وع دم الت دخل في ش ؤون ك ل ط رف
والحفاظ على مصالح البلدين من خالل تعيين وتوكيل طرف ثالث ومن ثم إعادة 12مليار من الدوالرات التي طالب به ا النظ ام
ب -وقد عمل الحكام في إيران منذ زمن على تهيئة األجواء الستئناف هذه العالقات ،م ع أن االتص االت الس رية جاري ة بينهم ا
والتعاون جار بينهما كما كش ف المس ئولون اإليراني ون أنفس هم ،واس تمروا على ذل ك ...وك أَّن اإلبق اء على ه ذا الوض ع بين
البلدين يفيدهما؛ حيث تظهر إيران كأنها معادية ألمريكا فتغطي على تعاملها وعلى سيرها معها ضمن مشاريعها االس تعمارية،
وتكون عامال مساعدا لتنفيذ تلك المشاريع ،وتظه ر أمريك ا كأنه ا معادي ة إلي ران وتعم ل ض دها فتض بط األوروب يين ويه ود،
وتخدع الرأي العام المع ادي إلي ران في أمريك ا والغ رب لتحقي ق مص الحها في المنطق ة .وق د اُّتِه م بعض الحك ام ال ذين تول وا
المناصب على أثر إعالن الجمهورية من قبل اإليرانيين بالعمالة ألمريكا مثل رئيس الجمهورية بني صدر فُأسِقط بس بب وج ود
تيار قوي معارض يومئذ للعالقة مع أمريكا فعمل على إس قاطه .ولكن رئيس الجمهوري ة رفس نجاني وق د تكش فت حق ائق عن
عالقته بأمريكا مثل إيران غيت وإيران كونترا ،ولكنه لم يسقط ألنه لم يعد مث ل ه ذا التي ار آنئ ذ موج ودا .وق د تع اقب رؤس اء
جمهوري ة عدي دون يوص فون أحيان ا باإلص الحيين والمعت دلين ،وأحيان ا بالمح افظين والمتش ددين ولكن لم يش اهد تغ ير في
السياسة اإليراني ة رغم تش دد الخط اب أحيان ا ولين ه أحيان ا أخ رى ،ويبقى عب ارة عن أق وال ال تتبعه ا أفع ال وال تنطب ق على
الوقائع .وكذلك الموقف األمريكي تجاه إيران لم يتبدل رغم تشدد الخطاب أحيانا من قبل الجمه وريين ووض عها في قائم ة دول
محور الشر أو لينها من قبل الديمقراطيين ،ولكن لم تتخذ أمريكا تجاه إيران أية خطوات حاسمة وجادة .وعندما ش ّك ل ال رئيس
اإليراني الجديد روحاني الحكومة قال" :إن حكومته س تتبنى في سياس تها الخارجي ة من ع التهدي د والقض اء على الت وترات"
(رويترز .) 2013\8\12واختار "محمد جواد ظريف لمنصب وزير الخارجية وهو سفير سابق باألمم المتحدة تلقى تعليمه في
الواليات المتحدة وكان مشاركا بشكل أساسي في جوالت عدة من المفاوضات السرية لمحاولة التغلب على ت دني العالق ات بين
واشنطن وطهران" (رويترز .)2013\8\12وقد صرح روحاني بعد انتخاب ه بش كل أك ثر ص راحة عن دما ق ال" :نحن ال نري د
رؤية المزيد من التوتر بين إيران والواليات المتحدة .تخبرنا الحكم ة أن كال البل دين يحت اج ألن يفك ر أك ثر في المس تقبل وأن
يحاول الجلوس إليجاد حلول لقضايا سابقة واعادة تصحيح األمر" (رويترز .)2013\6\17فرد عليه الرئيس األمريكي أوباما
قائال" :تبقى الواليات المتحدة مستعدة لالنخراط في محادثات مباشرة مع الحكومة اإليرانية بهدف التوصل إلى حل دبلوماس ي
يتعامل بشكل كامل مع قلق المجتمع الدولي حول برنامج إيران النووي" (المص در نفس ه) ،م ا يع ني أن إي ران تري د أن تنهي
مرحلة سيرها السري مع أمريكا ،وتبدأ بمرحلة السير العلني معها ،ولكن بأشكال مختلفة حيث تظهر كأنها دولة مؤثرة إقليميا
إن مسألة المذهب الذي حددته إيران كمذهب رسمي للنظام فلم تحدده كرسالة ومشروع تحمل ه ،وهي لم تؤس س نظامه ا على
هذا المذهب ،ولم تضع دستورها على أساسه ،وليست مواده مأخوذة من ه ،ب ل إن الم واد األساس ية ال تي تتعل ق بنظ ام الحكم
والسياسة الخارجي ة وم ا يتعل ق ب الجيش واألمن م أخوذة من النظ ام الرأس مالي ،فهي تش به النظ ام الس عودي ال ذي يس تغل
الم ذهب المنتش ر في بالد الحج از "الم ذهب الحنبلي" ونج د لتحقي ق مص الح النظ ام .وأم ا السياس ة الخارجي ة إلي ران فهي
منس جمة م ع المص الح األمريكي ة في المنطق ة ،وك ذلك في الش رق األوس ط الكب ير والبل دان اإلس المية ،فمثًال ق امت طه ران
بمساعدة واشنطن في تحقي ق االس تقرار لالحتالل األم ريكي في الع راق وأفغانس تان على م دار العق د الماض ي أو نح و ذل ك،
وقامت أيضًا عن طريق حزبها في لبنان لرسم المشهد السياسي في لبنان ،وفي اآلون ة األخ يرة تع اونت للحف اظ على الهيمن ة
األمريكية في سوريا من خالل دعم األسد .وبالتالي ،فإّن إيران تعمل في أفغانستان وسوريا ولبن ان والع راق لخدم ة المص الح
األمريكية .أما خارج المنطقة فيمكن القول بأّن أمريكا نجحت في استغالل سلوك إيران في الترويج لبرنامج ال درع الص اروخي
الخاص بها وربط دول مجلس التعاون الخليجي في اتفاقات أمنية غير متوازنة ،وك ذلك بي ع دول الخليج أس لحة بملي ارات من
فإيران تسير مع أمريكا وهي تدرك معنى سيرها هذا وتعرف حدودها ،فال تتجاوزها ول و رفعت من ن برة الخط اب للتض ليل أو
للتغطية على الحقيقة كما حصل في فترة نجاد التي شهدت خدمة كبيرة ألمريك ا في أفغانس تان والع راق وس وريا ،ول ذلك ف إن
أمريكا ترى النظام في إيران خادمًا لمصالحها بدرجة كبيرة حتى إن دوائر صناعة القرار في أمريكا ال ترى من داع للعمل على
تغيير النظام ،وهذا ما صرح به في 12ديسمبر /كانون األول 2008م ،روبرت غيتس في مؤتمر أمني دولي في البحرين ح ول
العالقات بين أمريكا وإيران وما يجب أن تكون عليه ،وقال" :ال أحد يسعى إلى تغيير النظام في إيران ...وم ا نحن بص دده ه و
إحداث تغي ير في السياس ات والس لوك ،بحيث تص بح إي ران ج ارة جي دة لل دول في المنطق ة ،ب دًال من أن تك ون مص درًا لع دم
االستقرار والعنف".