Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 9

‫السؤال‪:‬‬

‫ما هو واقع إيران بالنسبة للسياسة األمريكية؟ وبعبارة أخرى هل إليران مشروع في أحداث المنطقة مستقل عن أمريك ا‬

‫ثم هل نستطيع القول إن إليران رسالة في المنطقة وهي المذهب الجعفري؟ وأخيرًا ما ه و موق ف أمريك ا الحقيقي من الس الح‬

‫النووي اإليراني؟‬

‫الجواب‪:‬‬

‫لإلجابة على ذلك علينا أن نستعرض باختصار واق ع النظ ام اإلي راني وس ير سياس ته من ذ ان دالع الث ورة وإعالن الجمهوري ة‬

‫وعالقة كل ذلك بأمريكا‪:‬‬

‫‪ -1‬إن دور أمريكا في الثورة اإليرانية كان واضحًا منذ بداياتها‪ ،‬فخالل وج ود الخمي ني في فرنس ا في "توغ ل لوش اتو" زاره‬

‫موفدون من البيت األبيض وتم االتفاق على تعاون الخميني مع أمريكا‪ ،‬وق د تح دثت يومئ ذ الص حف األمريكي ة عن ذل ك وعن‬

‫االجتماعات التي حصلت هناك‪ ...‬وقد كشف ذلك مؤخرًا أول رئيس للجمهورية اإليرانية أبو الحسن بنو صدر في تاريخ مت أخر‬

‫وبالضبط في ‪ 2000\12\1‬مع قناة الجزيرة بأن موفدين من البيت االبيض ج اءوا إلى "توغ ل لوش اتو" في فرنس ا حيث يقيم‬

‫الخميني واستقبلهم يزدي وبازركان وموسوي وأرديبيلي‪ ...‬وكانت هن اك لق اءات كث يرة بين الط رفين وأش هرها لق اء أكت وبر‬

‫الذي جرى في ضواحي باريس ووقعت فيه اتفاقات بين جماعة ريغ ان وب وش وجماع ة الخمي ني‪ .‬حيث ص رح الخمي ني بأن ه‬

‫على استعداد أن يتعاون مع أمريكا بشرط أال تتدخل في شؤون إي ران الداخلي ة"‪ .‬بع د ذل ك ع اد الخمي ني في ‪ 1979\2\1‬على‬

‫متن طائرة فرنسية ليحط في طهران‪ ،‬فضغطت أمريكا على شاهبور باختيار ليسلم الحكم للخميني وهددت قادة الجيش اإليراني‬

‫إذا اعترضوا سبيل الخميني‪ ،‬ومن ثم أصبح الخميني هو المرشد وهو الحاكم‪ ،‬وتم إعداد دس تور مث ل الدس اتير الموج ودة في‬

‫البالد اإلسالمية األخرى وفق األنظمة الغربية الرأسمالية‪ ،‬فدستور إيران فيه محاكاة للدساتير الغربية‪ ،‬فنظ ام الحكم جمه وري‬

‫والتقسيم الوزاري وعمل البرلمان وموضوع فصل السلطات وموضوع الصالحيات فيها‪ ،‬كله وفق األنظمة الرأسمالية‪ .‬أم ا م ا‬
‫ورد فيه عن أن "الدين الرسمي إليران اإلسالم والمذهب الجعفري االثنا عشر"‪ ،‬فهو ك الموجود في أغلب الدس اتير في البالد‬

‫اإلسالمية وهي ال تعني أن الدولة قائمة على أساس اإلسالم أو رسالتها حمل اإلسالم‪ ،‬بل تتعلق بالمراسيم واألعياد وما يتعل ق‬

‫بما يقتضي العمل به تجاه الناس بخصوص اعتقاداتهم وعباداتهم وما يتعلق ببعض أمور حياتهم‪ .‬ولم ينص الدستور اإلي راني‬

‫على أن هذا الدين أو هذا الم ذهب ه و رس الة للدول ة أو ه دف للسياس ة الخارجي ة ال تي هي وطني ة وقومي ة‪ ،‬وتس ير حس ب‬

‫المنظومة الدولية الحالية من انتساب إلى المنظمات الدولية واإلقليمية القائمة على أساس النظام الرأسمالي مثل عضويتها في‬

‫األمم المتحدة وفي منظمة التعاون اإلسالمي‪ ،‬وكافة العالقات الدولية لديها لم تقم على أساس اإلسالم‪ .‬ومن هنا فإن ه ال يالح ظ‬

‫على أن للدولة في إيران رسالة خاصة أو مشروعا معين ا منبثق ًا عن اإلس الم‪ ،‬ب ل يالح ظ على واق ع النظ ام اإلي راني ص بغته‬

‫القومية والوطنية‪ ،‬وهي تنعكس على سياسته ال تي تكمن في الحف اظ على النظ ام الق ائم وعلى كي ان الدول ة وأراض يها‪ .‬ولق د‬

‫اتصلنا في بدايات الثورة بالخميني ونصحناه بعدم التعاون مع أمريكا‪ ،‬وبإعالن دستور إس المي وبّين اه ل ه‪ ،‬ووَّثقن اه في كت اب‬

‫أرسلناه إليه نفصل فيه نقض الدستور اإليراني‪ ،‬ولكنه لم يأخذ بالنصح واستمر بدستور يخالف اإلس الم‪ ،‬وفي نظ ام جمه وري‬

‫على النسق الغربي الرأسمالي‪.‬‬

‫‪ -2‬وأما مسألة المذهب الذي حددته كمذهب رسمي للنظام فلم تحدده كرسالة ومش روع تحمل ه‪ ،‬وهي لم تؤس س نظامه ا على‬

‫هذا المذهب‪ ،‬ولم تضع دستورها على أساسه‪ ،‬وليست مواده مأخوذة من ه‪ ،‬ب ل إن الم واد األساس ية ال تي تتعل ق بنظ ام الحكم‬

‫والسياسة الخارجي ة وم ا يتعل ق ب الجيش واألمن م أخوذة من النظ ام الرأس مالي‪ ،‬فهي تش به النظ ام الس عودي ال ذي يس تغل‬

‫المذهب المنتشر في بالد الحجاز "المذهب الحنبلي" ونج د لتحقي ق مص الح النظ ام‪ .‬غ ير أن إي ران تس تغل الناحي ة المذهبي ة‬

‫لكسب األتباع والمؤي دين له ا أو المس تعدين للعم ل معه ا‪ ،‬وتث ار ل ديهم النع رة العص بية المذهبي ة وب ذلك يس هل اس تخدامهم‬

‫لمصالحها الوطنية وليس لخدمة المذهب الجعفري أو خدمة الشيعة بدليل أنها ال تنص ر الش يعة أو الم ذهب الجعف ري إال حيث‬

‫المصالح الوطنية اإليرانية‪ ،‬وإذا كانت العلماني ة تخ دمها فتض ع اإلس الم والش يعة والم ذهب وراء ظهره ا‪ ،‬فهي ت دعم النظ ام‬

‫العراقي والنظ ام الس وري وهي أنظم ة علماني ة وتابع ة ألمريك ا‪ ،‬وبم ا أن الش يعة يتواج دون بش كل رئيس ي في المحافظ ات‬

‫الشرقية في المملكة العربية السعودية‪ ،‬ولكون تلك المناطق تحتوي أيض ًا على حق ول النف ط الس عودية‪ ،‬فق د دعمت إي ران في‬

‫عدد من المناسبات انتفاضات هناك من أج ل إض عاف الس عودية‪ .‬واس تخدمت سياس ة مماثل ة في البح رين م ا دع ا الس عودية‬

‫إلرسال قواتها إلى البحرين‪...‬‬


‫وال تهتم إيران بالناحية المذهبية إذا تعارض ذلك مع مصالحها الوطني ة‪ ،‬فأذربيج ان من ذ أرادت أن تتح رر من قبض ة االتح اد‬

‫السوفياتي في نهاية عام ‪ 1989‬وقام الناس بكسر الحدود مع إيران للوحدة معها‪ ،‬وجرت لهم مذابح في بداي ة ع ام ‪ 1990‬من‬

‫قبل المهاجمين الروس الذين دخلوا باكو لمنع إقامة نظام غير ت ابع لهم هن اك واإلتي ان بعمالئهم من الش يوعيين الق دامى إلى‬

‫الحكم‪ ،‬ومع ذلك فلم تقم إيران بمساعدة أهل أذربيج ان في وج ه ه ذه الهجم ة الروس ية ال تي تنته ك حق وق المس لمين ال ذين‬

‫أرادوا التحرر من النير الروس ي ومن ب راثن الش يوعيين‪ ،‬م ع العلم أن أغلبي ة س كان أذربيج ان مس لمون من أتب اع الم ذهب‬

‫الرسمي إلي ران‪ .‬ولم تس اعد أذربيج ان في وج ه األرمن ال ذين س اندهم ال روس في احتالل ح والي ‪ %20‬من أذربيج ان ع ام‬

‫‪ 1994‬وهجروا أكثر من مليون أذاري من أراضيهم وما زال هذا الوضع المأساوي قائما هناك‪ .‬بل إن إي ران ط ورت عالقاته ا‬

‫مع أرمينا على حساب أذربيجان! ولم تكتف إيران بذلك بل دعمت تيارات ليست لها عالقة باإلسالم مث ل تي ار ميش يل ع ون أو‬

‫حركات علمانية كحركة نبيه بري وغيرهما في لبنان من السائرين في ركاب أمريكا‪.‬‬

‫‪ - 3‬جميع األعمال السياسية في المنطقة التي قامت بها إيران كلها واقعة بتوافق وانسجام مع المشاريع األمريكية‪:‬‬

‫أ‪ -‬ففي لبنان أسست حزبا لها من أتباع م ذهبها وس لحته فأص بح جيش ا خاص ا هن اك منفص ال عن الجيش اللبن اني‪ ،‬واع ترف‬

‫النظام اللبناني به وبسالحه‪ ،‬مع العلم أن النظام اللبناني نظام علماني يتبع السياسة األمريكية‪ .‬ولم يسمح النظام اللبناني لغيره‬

‫من األحزاب بحمل السالح أو لم يعترف بسالح األحزاب األخرى‪ .‬وقام ح زب إي ران في لبن ان ب دعم النظ ام الس وري المرتب ط‬

‫بأمريكا كما فعلت إيران‪ ،‬ولم تمنع أمريكا النظام اللبناني من السماح لحزب إيران بالتدخل في س وريا إلس ناد نظ ام بش ار أس د‬

‫العلماني فيها‪ ،‬بل هناك موافقة أمريكية ضمنية على تدخل هذا الحزب في سوريا دون أن يعترضه الجيش اللبناني‪.‬‬
‫ب‪ -‬وعندما احتلت أمريكا العراق القت مقاومة لم تتوقعها فأدخلت إيران إلى العراق لتساعدها بالت أثير على المنتمين لم ذهبها‬

‫لتؤثر عليهم وتحول دون تحركهم ضد االحتالل‪ ،‬بل تجعلهم يقفون ضد المقاومة‪ ،‬ويتصدون لها ويعط ون مش روعية لالحتالل‬

‫وللنظام الذي أقامته هناك‪ ،‬وخاصة بعد عام ‪ 2005‬عندما سمحت أمريكا بوصول ائتالف األحزاب المؤيدة إليران للوص ول إلى‬

‫الحكم برئاسة إبراهيم الجعفري ومن ثم المالكي‪ ،‬وهذه الحكومات مؤسسة من قب ل أمريك ا ومرتبط ة به ا‪ ،‬وق د وقعت حكوم ة‬

‫المالكي التي تساندها إي ران االتفاقي ات األمني ة واالس تراتيجية م ع أمريك ا للحف اظ على نفوذه ا بع د انته اء احتالله ا للع راق‬

‫بصورة رسمية‪ ،‬ما يدل على الرض ى األم ريكي عن ال دور اإلي راني ال ذي اع ترف مس ؤولوه بالتع اون م ع أمريك ا في احتالل‬

‫العراق وفي العمل على تأمين االستقرار للنف وذ األم ريكي في الع راق‪ .‬وق د فتحت إي ران له ا س فارة في الع راق مباش رة بع د‬

‫االحتالل‪ ،‬وما أن انتخب الجعفري حتى قام وزير خارجية إيران حينئذ كم ال خ رازي بزي ارة بغ داد ع ام ‪ 2005‬وهي في ذروة‬

‫االحتالل‪ .‬وأدان الجانبان أعمال المقاومة لالحتالل تحت مس مى إدان ة اإلره اب في الع راق‪ .‬وزي ارة الجعف ري إلي ران وتوقي ع‬

‫اتفاقيات عديدة منها اتفاقية تعاون في المجال االس تخباراتي بينهم ا إلرس اء األمن ومراقب ة المع ابر والح دود ورب ط البص رة‬

‫بشبكة الكهرباء اإليرانية وإنشاء خط أنابيب نفط بين البصرة وعبدان‪ .‬وقام الرئيس اإليراني نجاد بزيارة للعراق في بداية عام‬

‫‪ 2008‬وهي تحت حراب االحتالل المباشر‪ .‬وكثيرا ما كان أحمد نجاد يث ير زوبع ة بتص ريحاته ض د أمريك ا وض د كي ان يه ود‪،‬‬

‫ولكنها لم تتجاوز مجرد القول الذي ال يتبعه الفعل‪ .‬وفي ذات الوقت كان نجاد من أكثر الرؤساء اإليرانيين تقاربا في الس ير في‬

‫الخط األمريكي من زياراته للعراق وهي تحت االحتالل األمريكي وقبل أن يغادر الحكم بأس بوعين ج دد زيارت ه للع راق لتجدي د‬

‫الدعم لنظام المالكي التابع ألمريكا والذي يحافظ على النفوذ األمريكي فيها‪ .‬وكذلك قام نجاد بزيارة أفغانستان عام ‪ 2010‬وهي‬

‫في ظل االحتالل األمريكي وقدم الدعم لنظام كرزاي خادم االحتالل األمريكي‪.‬‬

‫ج‪ -‬وفعلت ذلك في اليمن حيث كسبت جماعة الحوثي وسلحتهم وقاموا ضد نظام علي صالح عمي ل اإلنجل يز‪ ،‬وت دعم الق ائمين‬

‫على الحراك الجنوبي العلماني في اليمن من دعاة االنفصال وهم من عمالء أمريكا أيضا إليجاد نظام علم اني في جن وب اليمن‬

‫موال ألمريكا‪.‬‬
‫د‪ -‬أما عالقة إيران بالنظام السوري فهي قديم ة من ذ ان دالع االنتفاض ة األولى في بداي ة الثمانين ات من الق رن الماض ي‪ ،‬حيث‬

‫أيدت النظام السوري في قمعه ألهل سوريا المسلمين في تلك الحقبة‪ ،‬وذلك للمحافظة عليه ض من المش روع األم ريكي ال داعم‬

‫للنظام بقيادة عمالئها آل االسد‪ ،‬وهي تعلم أنه نظام علماني بعثي قومي صنو نظام صدام الذي ك انت تحارب ه وليس ل ه عالق ة‬

‫باإلسالم‪ ،‬بل يحارب اإلسالم وأهله‪ ،‬وهي تدرك أنه مرتب ط بأمريك ا‪ ،‬فلم تت ول ال دفاع عن حق وق المس لمين‪ ،‬ب ل فعلت العكس‬

‫فحاربتهم ونصرت نظام كفر إجرامّيًا وما زالت تفعل ذلك‪ .‬والنظام اإلي راني يحاف ظ على عالق ات وثيق ة م ع القي ادة الس ورية‪،‬‬

‫وشملت هذه العالقات العسكرية واالقتصادية والسياسية‪ .‬وق د نقلت إي ران أس لحة كث يرة ل دعم نظ ام األس د وق دمت ل ه النف ط‬

‫والغاز بأسعار مخفضة نظرا لعدم وجود احتياطيات للطاق ة في س وريا‪ ،‬ويمكن مالحظ ة العالق ات السياس ية بش كل خ اص في‬

‫التدخل اإليراني في االنتفاضة السورية عندما كان نظ ام األس د على وش ك االنهي ار‪ ،‬ول وال الت دخل اإلي راني من خالل إرس ال‬

‫قوات من الحرس الثوري‪ ،‬وقوات حزب إيران ومليشيات الم الكي التابع ة إلي ران‪ ،‬ل وال ذل ك النه ار بش ار ونظام ه‪ ،‬ومج ازر‬

‫القصير وحمص واليوم مجازر الغوطة الكيماوية وغيرها شهود على ذلك التدخل‪.‬‬

‫هـ‪ -‬وفي أفغانستان دعمت إيران االحتالل األمريكي ودعمت الدس تور ال ذي وض عته والحكوم ة ال تي ش كلتها برئاس ة ك رزاي‬

‫وذلك خدمة ألمريكا‪ ،‬وقد قامت إيران بتأمين شمال البالد عندما فشلت أمريكا في هزيمة طالب ان‪ .‬وق د ذك ر رئيس الجمهوري ة‬

‫اإليرانية السابق رفسنجاني "لو لم تساعد قواتنا في قتال طالبان لغرق األمريكي ون في المس تنقع األفغ اني"‪( .‬جري دة الش رق‬

‫األوسط ‪ .) 2002\2\9‬وذكر محمد علي أبطحي نائب الرئيس اإليراني السابق خاتمي للشؤون القانونية والبرلمانية في م ؤتمر‬

‫الخليج وتحديات المستقبل الذي عقد في إمارة أبو ظبي مساء يوم ‪ 2004\1\13‬قال‪" :‬لوال التعاون اإليراني لما سقطت كابول‬

‫وبغداد بهذه السهولة‪ .‬لكنن ا حص لنا على مكاف أة وأص بحنا ض من مح ور الش ر"! (إس الم أون الين نت ‪ .)2004\1\13‬وك ان‬

‫الرئيس أحمد نجاد قد كرر مث ل ذل ك وه و في زيارت ه ل نيويورك لحض ور اجتماع ات األمم المتح دة في لق اء ل ه م ع ص حيفة‬

‫نيويورك تايمز بتاريخ ‪ 2008\9\26‬حيث قال‪" :‬إن إيران قدمت ي د الع ون للوالي ات المتح دة فيم ا يتعل ق بأفغانس تان وك انت‬

‫نتيجة هذه المساعدات توجيه الرئيس األمريكي تهديدات مباشرة لشن هجوم عسكري ض دنا‪ .‬كم ا أن بالدن ا ق دمت مس اعدات‬

‫ألمريكا في إعادة الهدوء واالستقرار إلى العراق"‪.‬‬


‫‪ - 4‬وأما مسألة البرنامج النووي فهي تراوح مكانها منذ سنين رغم أن كيان يهود ب دعم وتش جيع أوروبي ه دد أك ثر من م رة‬

‫عبر هذه السنين بضرب هذا البرنامج‪ ،‬إال أن أمريكا وقفت في وجه كيان يهود ومنعته من تحقيق ذل ك‪ .‬وم ا زالت ح تى الي وم‬

‫تمنع هذا الكيان‪ ...‬فقد قام رئيس األركان األمريكي الجنرال مارتن ديمبسي في ‪ 2013\8\12‬بزيارة لكيان يهود له ذا الغ رض‪،‬‬

‫فنقلت وكالة كونا الكويتية في ‪ 2013\8\12‬عن إذاعة جيش كيان يهود قولها بأن‪" :‬زيارة ديمس ي ت أتي بع د أي ام من زي ارة‬

‫مماثلة سرية استمرت أسبوعا كامال قام بها قائد سالح الجو األم ريكي م ارك ويلتش "إلس رائيل" وال تي امتن ع الطرف ان عن‬

‫الحديث تماما عن طبيعة ما دار فيها من مباحثات‪ .‬وظلت زي ارة ويلتش طي الكتم ان بطلب من الج انب األم ريكي وذل ك وس ط‬

‫التوتر في المنطقة وعلى خلفية التهديدات اإلسرائيلية بضرب إيران"‪ .‬وأضافت وكالة كونا‪" :‬ويعتقد محلل ون أن قائ د الجيش‬

‫األمريكي سيحاول إقناع مضيفيه باالمتناع عن اتخاذ قرارات دراماتيكية في المستقبل القريب ضد إيران إلعط اء الديبلوماس ية‬

‫فرصة بعد تنصيب حسن روحاني رئيسا إليران"‪ .‬فأمريكا سمحت لكيان يهود بضرب المفاعالت النووي ة العراقي ة ال تي ك انت‬

‫قيد اإلنشاء على عهد صدام عام ‪ ،1981‬ولكنه ا تمن ع ه ذا الكي ان من ض رب مف اعالت إي ران النووي ة ال تي ب دأت بتخص يب‬

‫اليورانيوم حتى وصلت نسبة التخصيب ‪ ،%20‬ما يدل على أن من مصلحتها الحفاظ على النظام اإليراني الذي يعمل لص الحها‬

‫في المنطقة‪ ،‬وتريده أن يبقى ُبعبعا يخيف دول الخليج حتى تركز نفوذه ا في ه ذه ال دول‪ ،‬وتعم ل على اس تخدامه للحف اظ على‬

‫نفوذها في منطقة العالم اإلسالمي‪.‬‬

‫وب الرجوع إلى الخل ف قليًال نج د أن واق ع المحادث ات النووي ة من ذ ب دايتها في ع ام ‪2003‬م ه و أّن أمريك ا ك انت ترك ز على‬

‫العقوبات دون اتخاذ أي إجراء فعلي ضد المنشآت النووية‪ ،‬وأحبطت االتحاد األوروبي وأغضبت دولة يهود‪ ،‬وفي ك ل م رة يتم‬

‫إجراء المحادثات تعرض أمريكا العقوبات اإلضافية كحل للمسألة دون أي إجراء عس كري‪ .‬وق د ت دخلت أمريك ا م رارًا لتهدئ ة‬

‫المخاوف "اإلس رائيلية"‪ ،‬فأمريك ا تري د النظ ام اإلي راني قائم ًا‪ ،‬وأن تبقى القض ية النووي ة مث ارة بحيث ال تص ل إلى القنبل ة‬

‫النووية وفي الوقت نفسه ال تحسم نهائيًا‪ ،‬بل تبقى كما قلنا ُبعبعًا يخيف دول الخليج توطئة الس تمرار ق وات أمريك ا العس كرية‬

‫في الخليج‪ ،‬باإلضافة إلى استغالل أمريكا لها في نصب الدرع الصاروخي في تركيا‪ ،‬وفي أوروبا الوس طى بحج ة ردع الس الح‬

‫النووي اإليراني والحماية منه! هذا فضًال عن تبرير زيادة ميزانية وزارة الدفاع‪.‬‬
‫‪ - 5‬أما بالنسبة لما يظهر من عداء على السطح بين أمريكا وإيران فيمكن أن يفهم كما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬كانت األجواء مشحونة‪ ،‬والرأي العام محشودًا ضد أمريكا قبل الثورة وبعدها‪ ،‬واعت برت هي المس ؤولة عن مآس ي الش عب‬

‫واتهمت ب دعمها للش اه ولمظالم ه ووص فت بأنه ا الش يطان األك بر‪ ،‬ول ذلك لم يس تطع حك ام إي ران أن يعلن وا عن اس تئناف‬

‫المحادثات بين الطرفين بشكل مباش ر ومن ثم اس تئناف العالق ات الدبلوماس ية‪ ،‬وبخاص ة وأن اتص االت أمريك ا ب الخميني في‬

‫باريس‪ ،‬وض غط أمريك ا على الجيش اإلي راني لكي ال يت دخل ض د ث ورة الخمي ني‪ ...‬ك ل ذل ك لم يكن س رًا‪ ،‬وله ذا ك ان النظ ام‬

‫اإليراني بحاجة إلى أحداث ساخنة مع أمريكا إليجاد مبررات الجلوس معهم‪ ،‬فكانت حادث ة الره ائن في الس فارة األمريكي ة في‬

‫‪ 1979\10\4‬ما ترتب عليها قطع العالقات الديبلوماس ية بين إي ران وأمريك ا لتق وي من موق ف الخمي ني وتض رب معارض يه‬

‫وتغطي على حقيقة العالقات بين الطرفين‪ ،‬وقد ذكرت فيما بعد مصادر أمريكية بأنه ا ك انت مس رحية أمريكي ة مرتب ة‪ ،‬وك ذلك‬

‫ذكر الحسن بنو صدر في مقابلته مع الجزيرة المشار إليها أعاله بأن "ذلك كان اتفاقا مع األمريكيين ومن تخطيطهم وأن ه َقِب ل‬

‫ذلك بعدما أقنعه الخميني به"‪ .‬وقد وقع الطرفان على ما عرف باتفاق الجزائر في ‪ 1981\1\20‬وأفرج بموجب ه عن الره ائن‪،‬‬

‫وحصل ذلك في اليوم الذي تولى فيه الرئيس األم ريكي ريغ ان مقالي د الحكم في أمريك ا‪ ،‬وق د اع ترفت أمريك ا ض منيا بالنظ ام‬

‫الجديد بقيادة الخمي ني عن دما نص ه ذا االتف اق على إل زام الط رفين ب االحترام المتب ادل وع دم الت دخل في ش ؤون ك ل ط رف‬

‫والحفاظ على مصالح البلدين من خالل تعيين وتوكيل طرف ثالث ومن ثم إعادة ‪ 12‬مليار من الدوالرات التي طالب به ا النظ ام‬

‫الجديد من األرصدة المجمدة إليران‪..‬‬

‫ب‪ -‬وقد عمل الحكام في إيران منذ زمن على تهيئة األجواء الستئناف هذه العالقات‪ ،‬م ع أن االتص االت الس رية جاري ة بينهم ا‬

‫والتعاون جار بينهما كما كش ف المس ئولون اإليراني ون أنفس هم‪ ،‬واس تمروا على ذل ك‪ ...‬وك أَّن اإلبق اء على ه ذا الوض ع بين‬

‫البلدين يفيدهما؛ حيث تظهر إيران كأنها معادية ألمريكا فتغطي على تعاملها وعلى سيرها معها ضمن مشاريعها االس تعمارية‪،‬‬

‫وتكون عامال مساعدا لتنفيذ تلك المشاريع‪ ،‬وتظه ر أمريك ا كأنه ا معادي ة إلي ران وتعم ل ض دها فتض بط األوروب يين ويه ود‪،‬‬

‫وتخدع الرأي العام المع ادي إلي ران في أمريك ا والغ رب لتحقي ق مص الحها في المنطق ة‪ .‬وق د اُّتِه م بعض الحك ام ال ذين تول وا‬

‫المناصب على أثر إعالن الجمهورية من قبل اإليرانيين بالعمالة ألمريكا مثل رئيس الجمهورية بني صدر فُأسِقط بس بب وج ود‬
‫تيار قوي معارض يومئذ للعالقة مع أمريكا فعمل على إس قاطه‪ .‬ولكن رئيس الجمهوري ة رفس نجاني وق د تكش فت حق ائق عن‬

‫عالقته بأمريكا مثل إيران غيت وإيران كونترا‪ ،‬ولكنه لم يسقط ألنه لم يعد مث ل ه ذا التي ار آنئ ذ موج ودا‪ .‬وق د تع اقب رؤس اء‬

‫جمهوري ة عدي دون يوص فون أحيان ا باإلص الحيين والمعت دلين‪ ،‬وأحيان ا بالمح افظين والمتش ددين ولكن لم يش اهد تغ ير في‬

‫السياسة اإليراني ة رغم تش دد الخط اب أحيان ا ولين ه أحيان ا أخ رى‪ ،‬ويبقى عب ارة عن أق وال ال تتبعه ا أفع ال وال تنطب ق على‬

‫الوقائع‪ .‬وكذلك الموقف األمريكي تجاه إيران لم يتبدل رغم تشدد الخطاب أحيانا من قبل الجمه وريين ووض عها في قائم ة دول‬

‫محور الشر أو لينها من قبل الديمقراطيين‪ ،‬ولكن لم تتخذ أمريكا تجاه إيران أية خطوات حاسمة وجادة‪ .‬وعندما ش ّك ل ال رئيس‬

‫اإليراني الجديد روحاني الحكومة قال‪" :‬إن حكومته س تتبنى في سياس تها الخارجي ة من ع التهدي د والقض اء على الت وترات"‬

‫(رويترز ‪ .) 2013\8\12‬واختار "محمد جواد ظريف لمنصب وزير الخارجية وهو سفير سابق باألمم المتحدة تلقى تعليمه في‬

‫الواليات المتحدة وكان مشاركا بشكل أساسي في جوالت عدة من المفاوضات السرية لمحاولة التغلب على ت دني العالق ات بين‬

‫واشنطن وطهران" (رويترز ‪ .)2013\8\12‬وقد صرح روحاني بعد انتخاب ه بش كل أك ثر ص راحة عن دما ق ال‪" :‬نحن ال نري د‬

‫رؤية المزيد من التوتر بين إيران والواليات المتحدة‪ .‬تخبرنا الحكم ة أن كال البل دين يحت اج ألن يفك ر أك ثر في المس تقبل وأن‬

‫يحاول الجلوس إليجاد حلول لقضايا سابقة واعادة تصحيح األمر" (رويترز ‪ .)2013\6\17‬فرد عليه الرئيس األمريكي أوباما‬

‫قائال‪" :‬تبقى الواليات المتحدة مستعدة لالنخراط في محادثات مباشرة مع الحكومة اإليرانية بهدف التوصل إلى حل دبلوماس ي‬

‫يتعامل بشكل كامل مع قلق المجتمع الدولي حول برنامج إيران النووي" (المص در نفس ه)‪ ،‬م ا يع ني أن إي ران تري د أن تنهي‬

‫مرحلة سيرها السري مع أمريكا‪ ،‬وتبدأ بمرحلة السير العلني معها‪ ،‬ولكن بأشكال مختلفة حيث تظهر كأنها دولة مؤثرة إقليميا‬

‫يجب إشراكها في قضايا المنطقة‪.‬‬

‫‪ -6‬وبناء على ما ذكرناه أعاله فإننا نخلص إلى ما يلي‪:‬‬

‫إن مسألة المذهب الذي حددته إيران كمذهب رسمي للنظام فلم تحدده كرسالة ومشروع تحمل ه‪ ،‬وهي لم تؤس س نظامه ا على‬

‫هذا المذهب‪ ،‬ولم تضع دستورها على أساسه‪ ،‬وليست مواده مأخوذة من ه‪ ،‬ب ل إن الم واد األساس ية ال تي تتعل ق بنظ ام الحكم‬

‫والسياسة الخارجي ة وم ا يتعل ق ب الجيش واألمن م أخوذة من النظ ام الرأس مالي‪ ،‬فهي تش به النظ ام الس عودي ال ذي يس تغل‬
‫الم ذهب المنتش ر في بالد الحج از "الم ذهب الحنبلي" ونج د لتحقي ق مص الح النظ ام‪ .‬وأم ا السياس ة الخارجي ة إلي ران فهي‬

‫منس جمة م ع المص الح األمريكي ة في المنطق ة‪ ،‬وك ذلك في الش رق األوس ط الكب ير والبل دان اإلس المية‪ ،‬فمثًال ق امت طه ران‬

‫بمساعدة واشنطن في تحقي ق االس تقرار لالحتالل األم ريكي في الع راق وأفغانس تان على م دار العق د الماض ي أو نح و ذل ك‪،‬‬

‫وقامت أيضًا عن طريق حزبها في لبنان لرسم المشهد السياسي في لبنان‪ ،‬وفي اآلون ة األخ يرة تع اونت للحف اظ على الهيمن ة‬

‫األمريكية في سوريا من خالل دعم األسد‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإّن إيران تعمل في أفغانستان وسوريا ولبن ان والع راق لخدم ة المص الح‬

‫األمريكية‪ .‬أما خارج المنطقة فيمكن القول بأّن أمريكا نجحت في استغالل سلوك إيران في الترويج لبرنامج ال درع الص اروخي‬

‫الخاص بها وربط دول مجلس التعاون الخليجي في اتفاقات أمنية غير متوازنة‪ ،‬وك ذلك بي ع دول الخليج أس لحة بملي ارات من‬

‫الدوالرات خوفا من إيران!‬

‫فإيران تسير مع أمريكا وهي تدرك معنى سيرها هذا وتعرف حدودها‪ ،‬فال تتجاوزها ول و رفعت من ن برة الخط اب للتض ليل أو‬

‫للتغطية على الحقيقة كما حصل في فترة نجاد التي شهدت خدمة كبيرة ألمريك ا في أفغانس تان والع راق وس وريا‪ ،‬ول ذلك ف إن‬

‫أمريكا ترى النظام في إيران خادمًا لمصالحها بدرجة كبيرة حتى إن دوائر صناعة القرار في أمريكا ال ترى من داع للعمل على‬

‫تغيير النظام‪ ،‬وهذا ما صرح به في ‪ 12‬ديسمبر‪ /‬كانون األول ‪2008‬م‪ ،‬روبرت غيتس في مؤتمر أمني دولي في البحرين ح ول‬

‫العالقات بين أمريكا وإيران وما يجب أن تكون عليه‪ ،‬وقال‪" :‬ال أحد يسعى إلى تغيير النظام في إيران‪ ...‬وم ا نحن بص دده ه و‬

‫إحداث تغي ير في السياس ات والس لوك‪ ،‬بحيث تص بح إي ران ج ارة جي دة لل دول في المنطق ة‪ ،‬ب دًال من أن تك ون مص درًا لع دم‬

‫االستقرار والعنف‪".‬‬

You might also like