Professional Documents
Culture Documents
33) مقدمة بن الصلاح
33) مقدمة بن الصلاح
33) مقدمة بن الصلاح
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
الفهرس
تمهيد 2............................................................................................................................................................................................
الشرح6..............................................................................................................................................................................................
االنتقاد على ابن الصالح في مثال عبيد اهلل بن عدي7 .................................................................................... -:
الرجوع للفهرس-1-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
تمهيد
ّٰ ّٰ
الحمد لله ،والصالة والسالم على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع
هداه ،ثم أما بعد:
ً
ل زال حديثنا موصول حول مدارسة كتاب اإلمام أبي عمرو بن الصالح ،وقد انتهى
بنا الحديث إلى النوع التاسع وهو ((معرفة املرسل)) ،وهذا النوع هو أول األنواع التي
ذكرها ابن الصالح من األنواع التي تتعلق بفقد شرط التصال ألن الحديث الضعيف
يرجع ضعفه إلى أحد أمرين:
.1إما إلى قدح في التصال.
.2أو إلى طعن في الراوي.
واألنواع التي تتحصل من القدح في التصال -بحسب ما ذكره الحافظ ابن حجر-
-3املعلق. -2املنقطع. ستة -1 :املرسل.
-6الذي سماه ابن الصالح املرسل الخفي. -5املدلس. -4املعضل.
وهذه األنواع الستة هي التي ترجع إلى فقد شرط من شروط الحديث وهو شرط
اتصال اإلسناد ،وإذا استبعدنا النوع املسمى باملرسل الخفي نجد أن أئمة العلم من
النقاد استخدموا هذه األلفاظ الخمسة أو ما اشتق منهم ،فاستخدموا اإلرسال،
والنقطاع ،واإلعضال ،والتدليس وغيره ،ومجمل استخدامهم لهذه األلفاظ يمكن
تلخيصها في اآلتي -يعني إذا لم نشأ أن ندخل في التفاصيل التي سنقرأها اآلن يمكن أن
نقول:-
ً
-أن أئمة الحديث استخدموا اإلرسال والنقطاع بمعنى" :عدم التصال مطلقا"
بصرف النظر عن أي شروط أو اعتبارات أخرى.
-واستخدموا اإلعضال بمعنى" :النقطاع الشديد" كأن يكون في سقوط في
اإلسناد ألكثر من راوي.
-واستخدموا التدليس بمعنى" :قصد اإليهام من الراوي" ،أن يقصد الراوي
ً
إحداث إيهام في اإلسناد بأن يظهر أنه سمع حديثا لم يسمعه.
-واستخدموا التعليق بمعنى" :النقطاع الذي يكون في أول اإلسناد".
الرجوع للفهرس-2-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
أل َّن ذلك في ح ْكم ْامل ْوصول ْامل ْسند ،أل َّن روايته ْم عن َّ
الصحابة ،و ْالجهالة ب َّ
الصحاب ِّي غيرْ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َّ َّ قادحة ،أل َّن َّ
الصحابة كله ْم عدو ٌل ،والله أ ْعلم. ِ ٍ ِ
الرجوع للفهرس-5-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
الشرح
ْ َّ ْ َّ
اسع :م ْع ِرفة امل ْرس ِل ِ الت يقول اإلمام ابن الصالح " :النوع
التابع ِّي ْالكبيرَّ ،الذي لقي جماع ًة من َّ َّ َّ
الصحاب ِة ِ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ يث دِ ح :ا يه ف
ِ ف الخ ِ ل يت وصورته ِ
ال
ْ ِّ ْ ْ ْ َّ
يد ْب ِن املس َّي ِب ،وأ ْمث ِال ِهماِ ،إذا قال:ِ ِع س َّ
م ث ،ار
وجالسهم ،كعبي ِد ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ي خ ال ن ب ي د ع ن الله ْ
ب ْ
ْ ْ َّ ْ َّ ْ ْ َّ
"قال رسول الل ِه ،"واملشهو :التس ِوية بين الت ِاب ِعين أجم ِعين ِفي ذ ِلك .
ر
ْ ْ
وله صو ٌر اخت ِلف ِفيها :أ ِهي ِمن امل ْرس ِل أ ْم ل؟"
صور اإلرسال في اصطالحات المحدثين-:
اإلمام ابن الصالح سوف يذكر مجموعة من الصور التي أطلق املحدثون عليها
مصطلح اإلرسال ،وسيذكر الختالف في هذه الصور ومدى انطباق وصف اإلرسال عليها
أم ل؟
الصورة األولى:
أول هذه الصور التي ذكرها رواية التابعي الكبير عن النبي ،وهذه الصوره أطلق
املحدثون عليها وصف اإلرسال باتفاق لم يختلف العلماء أو املحدثون في أن هذه الصورة
من اإلرسال ،وأصل هذا الكالم إنما أخذه اإلمام ابن الصالح من الحافظ ابن عبد البر
فإنه قال فحوى هذا الكالم الذي نقله ابن الصالح في مقدمة (التمهيد) ،وهذه من
الكتب املهمة التي يغفل عنها كثير من إخواننا من الطالب والباحثين وهي املقدمة التي
كتبها الحافظ ابن عبد البر بكتاب (التمهيد ملا في املوطأ من املعاني واألسانيد) ،وهي
ٌ
بكثير من الفوائد واملصطلحات العلمية. ٍ حافلة
ْ
يقول ابن عبدالبر في مقدمة (التمهيد)" :فأ َّما امل ْرسل ف ِإ َّن هذا ِال ْسم أ ْوقعوه
ْ َّ ْ ْ َّ َّ ِّ ْ بإ ْ
ي ْب ِن
ِْ
الل ِه ْبن ع ِد ِّ د يب ع لو قي ن أ لث م
ِ ي
ِ
ِّ بِ الن ن ِ ع ير
ِ بِ ك ال ي
ِ عِ اب
ِ الت يث
ِ دِ ح ى ل ع اع
ٍ مج ِِ
َّ ْ
ف أ ْو ع ْبد الل ِه ْبن ع ِام ِر ْب ِن رِبيعة وم ْن كان ِمثله ْم ْ ْ
ال ِخي ِار أو أبو امامة ابن س ْه ِل ب ِن حني ٍ
ْ
ْ َّ َّ
قال رسول الل ِه ،"ومعنى "الت ِاب ِع ِّ ِي الك ِب ِير"هنا يفهم من قول ابن الصالح" :الذي لقي
جماعة من الصحابة وجالسهم" ،فمعنى أنه من كبار التابعين أو أنه تابعي كبير أنه لقي
الرجوع للفهرس-6-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
جماعة من أئمة الحديث أو لقي جماعة من أصحاب النبي وجالسهم ،ول يكفي أن
يروي عن عدد كبير من الصحابة ،ألن ابن الصالح سوف ينتقد -كما سنقرأ -في ذكره
لبعض التابعين الذين رووا عن ٍ
جمع كبير من الصحابة.
كبيرا أن يروي عن جماعة فالحافظ ابن حجر تعقب هؤلء بأن املقصود بكونه ً
من الصحابة وأن يجالسهم وأن تكون أغلب رواية هذا التابعي عن الصحابة ،بمعنى أنه
لو لقي جماعة كبيرة من الصحابة ولكنه لم يسمع منهم إل القليل ،وأن معظم رواية
ً
صغيرا. كبيرا ،وإنما يكون ً
تابعيا هذا التابعي عن التابعين؛ ل يكون ً
تابعيا ً
ً
وكذلك إذا ما روى عن كبار الصحابة ،فالتابعي –مثال -الذي يروي عن األئمة عن
الصحابة الخلفاء األربعة؛ فهذا ل شك من كبار التابعين.
ْ َّ
فقول الشيخ ابن الصالح الذي نقله عن ابن البر" :ح ِديث الت ِاب ِع ِّ ِي الك ِب ِير"
كبيرا من الصحابة وروى عنهم وجالسهم وأخذ املقصود به هو التابعي الذي لقي ً
عددا ً
عنهم ،وكانت معظم رواياته عن الصحابة وليس عن التابعين.
االنتقاد على ابن الصالح في مثال عبيد اهلل بن عدي-:
ْ ْ َّ
ي ْب ِن ال ِخي ِار" انتقد الشيخ ابن الصالح في هذه املثال،
ِ
الل ِه ْبن ع ِد ِّ
ِ قال" :كعبي ِد
أيضا إلى ابن عبدالبر ألنه هو صاحب هذا املثال بأن عبيد وطبعا هذا النتقاد يتوجه ً ً
ّٰ
الله هذا ذكر في الصحابة ألنه كان م ِم ًيزا حين وفاة النبي ،ولكن كونه كان م ِم ًيزا ل
يأت ما يدل على يكفي في إثبات صحبته ،ألنه إنما تثبت الصحبة له بثبوت الرؤية ،ولم ِ
ً
أنه رأى النبي - وإن كان ذلك محتمال -وألجل هذا اختلف في ذكره في كتب الصحابة،
أيضا إلى هذاأيضا في التابعين ،ولعله يشير ًوالحافظ ابن حبان ذكره في الصحابة وذكره ً
الختالف.
فال ينبغي أن ينتقد اإلمام ابن الصالح بتمثيله بعبيد هللا ابن ع ِدي ابن الخيار،
ّٰ
ثم أنه ل خالف بين العلماء في أن رواية عبيد الله ومن كان مثله من الذين مات النبي
وهم صغار األسنان أن روايتهم مرسلة.
وهذا يلغز به حتى بعض الصحابة الذين رأوا النبي وهم دون التمييز ،يقال
إنهم وإن كانوا صحابة إل أن روايتهم عن النبي مرسلة ألنهم لم يكونوا في سن التمييز
الرجوع للفهرس-7-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
ولم يمكن لهم أن يتحملوا عن النبي ،فالبد أن يكونوا قد أخذوا هذه املرويات عن
غير النبي إما عن صحابة أو عن تابعين.
َّ ْ
يد ْب ِن املس َّي ِب ،وأ ْمث ِال ِهماِ ،إذا قال" :قال رسول الل ِه ،"". ل يقصد
قال" :ث َّم س ِع ِ
ً
الحافظ ابن الصالح الوقوف عند اللفظ ،يعني هو ل يقصد أن فعال الحديث إنما يكون
ً
مرسال إذا كان قو ًليا ،وإنما املقصود إذا عزا ذلك أو نسبه إلى النبي ،ولذلك كان من
األولى أن يستخدم عبارة أخرى غير عبارة "قال" ،كأن يقول "إذا أضاف ذلك إلى النبي
."
الصورة الثانية:
َّ َّ ْ ْ
قال" :واملشهور :الت ْس ِوية ب ْين الت ِاب ِعين أ ْجم ِعين ِفي ذ ِلك ،".وهذه الصورة
الثانية ،وهي ما أسنده التابعي حتى ولو كان من صغار التابعين إلى النبي ،الشيخ ابن
ً الصالح يقول أن املشهور هو أن ذلك ً
أيضا يسمى مرسال.
االنتقاد على ابن الصالح في هذه الصورة:
وانتقد الشيخ ابن الصالح بأن اإلمام الشافعي خص املرسل بكونه من أحاديث
أو من مراسيل كبار التابعين.
وهذا النتقاد ل ينبغي أن يتوجه لإلمام ابن الصالح ،وذلك ألن اإلمام الشافعي
ّٰ
إنما كان يتحدث عن الحتجاج وسوف نعرض له -إن شاء الله -حين نصل إلى قضية
الحتجاج بالحديث املرسل ،فاإلمام الشافعي قيد الحديث املرسل الذي يحتج به
الوقت أطلق وصف ِ بشروط منها أن يكون من مراسيل كبار التابعين ،ثم إنه في نفس
املرسل على حديث على األحاديث التي يرويها من ليس من كبار التابعين مما يدل على
ً
أن األشهر هو أن يطلق الوصف اإلرسال على أحاديث التابعين مطلقا سواء كانوا كبا ًرا
أو صغا ًرا.
الصورة الثالثة:
ْ ْ
قال " :وله صو ٌر اخت ِلف ِفيها :أ ِهي ِمن امل ْرس ِل أ ْم ل؟
الرجوع للفهرس-8-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
الرجوع للفهرس-9-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
وهذه الصورة تصدق بأي انقطاع قبل طبقة الصحابة ،سواء كان في طبقة
التابعين أو أتباعهم أو أتباع أتباعهم ونحو هذا؛ فالحاكم يرى أن هذا ل يصدق عليه
وصف اإلرسال.
رأي أئمة الحديث في وصف هذه الصورة باإلرسال-:
لكن لو نظرنا إلى تطبيقات أئمة الحديث نجد أنهم يطلقون على هذه الصور كلها
وصف اإلرسال.
ً
فمثال اإلمام البخاري وكذلك مثله أبو حاتم الرازي ،وأبو داود السجستاني وغيرهم،
واإلمام البخاري -لو أخذناه كنموذج -من األئمة الذين استخدموا هذا املصطلح بهذا
ً
املعنى أو أطلقوا لفظ أو مصطلح املرسل على هذا الوصف ،ونظرنا مثال في كتاب من
كتبه -وليكن (صحيح البخاري) -فصحيح البخاري فيه ما يقرب من خمس أو ست
مواضع استخدم اإلمام البخاري فيها مصطلح املرسل ،إذا نظرنا في هذه املواضع -أو
طلق املرسل على هذه الصور التي نفى على األقل في بعض هذه املواضع -سنجد أنه ي ِ
ً
الحاكم أن تكون مرسلة ،وأنه ل يصدق عليها وصف اإلرسال وإنما يصدق عليها
النقطاع.
ً
فمن ذلك مثال أنه قال في كتاب (فضائل القرآن) في باب فضل قوله تعالى:
َحد}" :حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا األعمش حدثنا إبراهيم {قُ ْل ُه َو اللَّهُ أ َ
والضحاك ا ِملشرقي عن أبي سعيد الخدري قال :قال ألصحابه" :أيعجز أحدكم
أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة" ،فشق ذلك عليهم ،وقالوا" :أينا يطيق ذلك يا رسول هللا"،
فقال" :هللا الواحد الصمد ثلث القرآن" ،قال أبو عبد هللا عن إبراهيم مرسل وعن
الضحاك املشرقي مسند.
)قال الفربري :سمعت أبا جعفر محمد بن أبي حاتم وراق أبي عبد هللا يقول قال
أبو عبد هللا :عن إبراهيم -هنا الشاهد -مرسل ،وعن الضحاك املشرقي مسند)
لو نظرنا في هذا اإلسناد سنجد أن إبراهيم -وهو إبراهيم النخعي -يروي عن أبي
أيضا عن أبي سعيد الخدري ،اإلمام البخاري سعيد الخدري ،والضحاك املشرقي يروي ً
ِ
يقول أن رواية إبراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري "مرسلة" ،ومرسلة هنا تعني أنها
الرجوع للفهرس-10-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
خاص باإلرسال وهوٌ "منقطعة" ،ألنه ل يصدق عليها الوصف الذي يدعيه الحاكم أنه
سقوط الصحابي أو أن ينسب التابعي ذلك إلى النبي ألن الصحابي هنا موجود في
هذا اإلسناد ،وإنما النقطاع هنا بين الصحابي والتابعي ،قال" :عن إبراهيم مرسل ،وعن
الضحاك املشرقي مسند".
ً
إذا فرواية الضحاك عن أبي سعيد الخدري متصلة ،ورواية إبراهيم عن أبي سعيد
الخدري منقطعة؛ ويكون بهذا اإلمام البخاري ل يقصد وصف اإلرسال الذي درج عليه
العلماء في كتب املتأخرين وهو ما "يرفعه التابعي إلى النبي "سواء قيدناه بالكبير أو
لم نقيده وإنما يقصد بذلك النقطاع.
أيضا في كتاب مثال آخر من نفس الكتاب -وهو كتاب اإلمام البخاري -قال ً
هري ،قال علي ل يحرم وهذا النكاح ،في باب [ما يحل من النساء وما يحرم]" :وقال الز ُّ
مرسل" ،هذا مختصر ألثر روي عن سيدنا علي أنه سئل عن رجل ِ
وطأ أم امرأته،
والسؤال معناه هل تحرم عليه زوجته؟ فقال علي " :ل ُّ
يحرم الحرام الحالل" ،يعني
ما فعله حرام ،وهذا الحرام الذي فعله ل ِّيكر على الحالل املعروف ً
شرعا وهو النكاح ِ
ِّ
والزواج الشرعي ل ِيكر عليه باإلبطال.
هذا األثر رواه الزهري عن علي وهو لم يسمعه منه ،فلجل هذا قال اإلمام البخاري
"وهذا مرسل" يعني منقطع ،هذا مثال آخر يدل على أن كالم البخاري ل يخص بوصف
صغيرا كان أو ً
ً ّٰ
كبيرا". اإلرسال "ما كان من رواية التابعي عن رسول الله
وتوجد أمثلة أخرى تتعلق بهذا من شاء أن يراجعها أو أن يقرأها في صحيح اإلمام
البخاري يسهل عليه فقط أن يكتب في حاسوبه أو جواله كلمة "مرسل" ول يبحث في
الصحيح ستخرج له هذه املواضع.
املوضع الثالث الذي أ يد أن أشير إليه ً
أيضا ألنه فيه زيادة فائدة في كتاب ر
الفرائض ،في باب [الولء ملن أعتق] ،قال :اإلمام البخاري "حدثنا حفص بن عمر حدثنا
شعبة ،عن الحكم ،عن إبراهيم ،عن األسود ،عن عائشة قالت" :اشتريت بريرة ،فقال
الرجوع للفهرس-11-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
النبي :اشتريها فإن الولء( )1ملن أعتق ،وأهدى لها شاة" ،فقال" :هو لها صدقة ولنا
وقول الحكم مرسل ،وقال ابن عباس :أيته ً
عبدا". حراْ ،
هدية" ،قال الحكم :وكان زوجها ً
ر
ّٰ
وقصة بريرة أن السيدة عائشة -رض ي الله عنها -ملا أرادت أن تشتريها أراد أصحابها أن
ً
يشترطوا الولء لهم ،يعني يبيعوها ولكن شريطة أن يكون ميراثها إذا جمعت مال لهم
ً
أقوام يشترطون شروطا ليستٍ بعد وفاتها ،فالنبي أبطل هذا الشرط ،وقال" :ما بال
هللا فهو ٌ ً
شرط ،كتاب باطل ،وإن كان مائة ٍ كتاب ِ
ِ في ليس ا شرط هللا ؟ من اشترط
كتاب ِ
في ِ
هللا أوثق"( ،)2هذا باختصار قصة بريرة.هللا أحق وشرط ِِ
عبد يقال له مغيث فلما عتقت خيرها النبي بين أن تبقى فيوبريرة كانت تحت ٍ
عصمته ،يعني أن تملك نفسها فاختارت أن تملك نفسها ،وكان مغيث هذا يحبها ويمش ي
ّٰ
خلفها في طرقات املدينة يبكي ،وملا سألها النبي عن هذا األمر ،قالت" :يا رسول الله
اتأمر أم تشفع؟ قال :ل أنا شفيع ،فقالت" :ل حاجة لي فيه".
وهناك خالف هل زوج بريرة كان ً
عبدا أو كان ً
حرا ،فاإلمام البخاري هنا نقل قول
الحكم -هوالحكم ابن عتيبة -عن أن العبد عن هذا الزوج قال أنه كان ً
حرا ،قال اإلمام
البخاري" :وق ْول الحكم مرسل"" ،مرسل" يعني منقطع ألنه لم يدرك هذه القصة ،ولم
ً
حاضرا في ذلك الوقت؛ وبالتالي فكالمه ليس عن ثبت. يكن
عبدا" ليؤكد على ضعف قول ثم نقل قول ابن عباس" :وقال ابن عباس :أيته ً
ر
ّٰ
الحكم الذي لم يشهد القصة بخالف عبد الله بن عباس الذي ش ِهد القصة ،فرواية
ّٰ
عبد الله بن عباس متصلة ورواية الحكم منقطعة.
بعد هذا الباب في الباب الذي يليه مباشرة [باب ميراث السائبة] ،قال :اإلمام
ْ
طريق آخر" ،قال األ ْسود :وكان ز ْوجها ح ًّرا،
ٍ البخاري بعد أن روى قصة بريرة من
اس :رأ ْيته ع ْب ًدا أص ُّح ،".فعبر اإلمام البخاري هنا بتعبير ق ْول ْاأل ْسود م ْنقط ٌع .وق ْول ْابن ع َّ
ب
ٍ ِ ِ ِ
" -1الولء" معناه :استحقاق السيد اإلرث من العبد إذا اعتقه ،يعني اإلنسان إذا كان عنده عبد واعتق هذا العبد ،وهذا العبد صارت له أموال
ً مال ًً
كثيرا ،ثم مات ولم يجد وارثا فإن سيده يرثه ملا له عليه من الفضل ،فهذا يسمى بالولء. جمع
https://dorar.net/hadith/sharh/118772 -2
الرجوع للفهرس-12-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
ْ
آخر وهو "منق ِط ٌع" ،وهذا هو املوضع الوحيد الذي وجدته لإلمام البخاري يعبر بلفظ
النقطاع.
ً
هذه املواضع ليست كافية لكي نضع تصو ًرا كامال ملعنى اإلرسال عند اإلمام
ً
البخاري ،ولكن إذا أردنا أن نضع تصو ًرا كامال للتفريق بين املرسل املنقطع عند اإلمام
البخاري فالبد من إعادة النظر في كتبه األخرى مثل كتاب (التاريخ الكبير) ،وقد ذكر هذه
كثيرا ،يعني ذكر كلمة "مرسل" وكلمة "منقطع" ً
كثيرا في كتاب (التاريخ املصطلحات ً
الكبير) وغير ذلك من كتبه ،لكن املقصود الذي نريد أن نثبته هنا أن األئمة -أئمة
الحديث الكبار -استخدموا مصطلح املرسل بمعنى النقطاع.
االستخدام األغلبي للفظ المرسل عند العلماء-:
ً ْ ْ ْ
قال اإلمام ابن الصالح" :وامل ْعروف ِفي ال ِفق ِه وأص ِول ِه أ َّن ك َّل ذ ِلك يس َّمى م ْرسال،
ْ َّ ْ ْ ْ ْ ْ
يث أبو بك ٍر الخ ِطيب وقطع ِب ِه ،وقالِ " :إل أ َّن أكثر ما يوصف ِ ِ د ح ال و ِإل ْي ِه ذهب ِمن أه ِل
َّ َّ َّ ْ
اإل ْرس ِال ِم ْن ح ْيث ِال ْس ِت ْعمال ما رواه الت ِاب ِع ُّي ع ِن الن ِب ِّ ِي ،وأ َّما ما رواه ت ِاب ِع ُّي الت ِاب ِع ِّ ِي
ِب ِ
َّ ْ َّ
ع ِن الن ِب ِّ ِي ،فيس ُّمونه امل ْعضل" ،والله أ ْعلم ،".كالم الخطيب البغدادي موجود في
كتابه (الكفاية) ،وخالصة هذا الكالم أن اإلرسال له استخدام أغلبي ،بمعنى أن األغلب
أن يستخدم على ما ينسبه التابعي إلى النبي ،وهذا ل ينفي أن يكون هذا املصطلح
مستخدما في غير ذلك ،وكالم الخطيب هنا دقيق ،دعوني أقرأه عليكم. ً
َّ َّ ْ
يث ِبأنه م ْسن ٌد ،ي ِريدون أ َّن إسناده مت ِص ٌل ْ
يقول في كتاب (الكفاية) " :وصفه ْم ِللح ِد ِ
ْ ب ْين راويه وب ْين م ْن أ ْسند ع ْنه ،إ َّل أ َّن أ ْكثر ْ
اس ِت ْعم ِال ِه ْم ه ِذ ِه ال ِعبارة هو ِفيما أ ْس ِند ع ِن ِ ِ ِ
ْ ْ َّ ً ِّ َّ
اح ٍد ِم ْن روا ِت ِه س ِمعه ِم َّم ْن ف ْوقه، الن ِب ِّ ِي خاصة ،وا ِتصال اإلسناد ِف ِيه أن يكون ك ُّل و ِ
ْ ْ ْ ح َّتى ي ْنتهِي ذلك إلى آخره ،وإ ْن ل ْم يب َّي ْن فيه َّ
السماع ب ِل اقتصر على العنعن ِة .وأ َّما ِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ
ْامل ْرسل ،فهو :ما ْانقطع إسناده ،بأ ْن يكون في رواته م ْن ل ْم ي ْسم ْعه م َّم ْن ف ْوقه ،إ َّل أنَّ
ِ ِ ِِ ِ ِ
َّ َّ ْ ْ
اإل ْرس ِال ِم ْن ح ْيث ِال ْس ِت ْعمال ما رواه الت ِاب ِع ُّي ع ِن الن ِب ِّ ِي .".... ِ ِ ب ف وص ي ام رث ك أ
الرجوع للفهرس-13-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
ً
إذا فخالصة ما قاله إلى الحافظ الخطيب البغدادي في كتاب (الكفاية) والذي
ً
منقطعا نقله عنه اإلمام ابن الصالح أن أئمة الحديث يطلقون "املرسل" على كل ما كان
وإنما كثر في استعمالهم إطالق املرسل على ما رفعه التابعي إلى النبي خاصة ،وهذا
نحتاج إليه عند الحديث عن حجية املرسل فإن العلماء أو املحدثين إنما اختلفوا في
احتجاجهم باملرسل الذي هو رواية التابعية عن النبي وليس هو "املنقطع" أو
أبدا أن املرسل الذي اختلف املحدثون في الحتجاج به يطلق "املعضل" ،يعني ل يقال ً
على كل ما فيه انقطاع وإنما هذا النوع خاصة من اإلرسال وهو "رواية التابعي عن
ّٰ
النبي -وسوف يأتي إن شاء الله الحديث عن املرسل وحجيته.
ْ ْ َّ َّ
قال" :وأ َّما ما رواه ت ِاب ِع ُّي الت ِاب ِع ِّ ِي ع ِن الن ِب ِّ ِي ،فيس ُّمونه املعضل""واملعضل
ّٰ
سيأتي في مبحث خاص -إن شاء الله -وهو ما سقط منه اثنان فأكثر.
هذه العبارة أن تعكس وأن يقول "وهذا املذهب أصل مذهب من ل يسمي املنقطع قبل
ً
الوصول إلى التابعي مرسال" أو يقول "ومذهب من ل يسمي املنقطع قبل الوصول إلى
ٌ ً
متفرع عن هذا املذهب". التابعي مرسال
والحافظ ابن حجر حاول أن يشرح كالم ابن الصالح بطريقة تكون عبارته دقيقة
أو صحيحة فيه لكن فيها نوع من التكلف ،قال" :واملشهور التسوية بين التابعين في اسم
اإلرسال كما تقدم" ألن هذا هو الذي حكاه الخطيب البغدادي كما سبق أن املشهور أن
كبيرا أو من أواسط التابعين -كل ما رواه عنه صغيرا أو ً
ً كل ما رواه التابعي -سواء كان
ً
عن النبي يكون مرسال أو يطلق عليه وصف اإلرسال.
ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ٌ ْ َّ
قال " :الث ِالثةِ :إذا ِقيل ِفي اإلسناد " :فالن ،عن رج ٍل أو عن شي ٍخ عن فال ٍن " أو نحو
ْ ً َّ ْ ذلك ،ف َّالذي ذكره ْالحاكم في "م ْ
يث " أنه ل يس َّمى م ْرسال ب ْل منق ِط ًعا، وم الح ِد ِ ِ لع ة
ِ فرِ ع ِ ِ ِ ِ
َّ ْ ْ وهو في ب ْعض ْاملص َّنفات ْامل ْعتبرة في أصول ْالف ْقه م ْعد ٌ
ود ِم ْن أنو ِاع امل ْرس ِل ،والله أ ْعلم"، ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ً
هذه الصورة نقلها اإلمام ابن الصالح عن كتاب الحاكم ألن في بعض األسانيد -مثال-
يقول الراوي "عن رجل" أو "عن شيخ" أو "عن امرأة" ،أو نحو ذلك من العبارات ،فهل
هذا يصح أن يطلق عليه وصف اإلرسال؟
ً
جزم الحاكم في علوم الحديث بأن هذا ل يسمى مرسال ،وسوف أقرأ لكم عبارة
ً
الحاكم هنا في كتاب (علوم الحديث) ذكر حديثا بإسناده يقول فيه" :عن الجريري عن
أبي العالء وهو ابن الشخير عن رجلين من بني حنظلة" ،قال" :هذا اإلسناد مثل لنوع من
املنقطع لجهالة الرجلين بين أبي العالء ابن الشخير وشداد بن أوس ،وشواهده في
الحديث كثيرة ،وقد يروى الحديث وفي إسناده رجل غير مسم ًى وليس بمنقطع -لحظ
ً
هنا -ليس بمنقطع ومثال ذلك "..ثم ذكر حديثا بإسناده ،ثم قال" :وهكذا رواه عتاب
بن بشير والهياج بن بسطام عن داوود بن أبي هند وإذا الرجل الذي لم يقف على اسمه
الرجوع للفهرس-16-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
أبو عمر الجدلي" لهذا انتقد اإلمام ابن الصالح بأنه لم يسق كالم الحاكم على وجهه،
يطلق على هذه الصورة وصف النقطاع إل بشرط أل توجد رواية أخرى
وأن الحاكم ل ِ
فيها هذا الشخص أو قد جاء مسمى.
ً
إذا فاإلسناد إذا كان فيه راوي مبهم مثل رجل أو شيخ أو فالن أو نحو ذلك ،فإن
ً
الحاكم ل يطلق عليه وصف النقطاع إل إذا لم يجد طريقا آخر له قد سمي فيه هذا
الرجل ،فإن سمي هذا الرجل أو هذا الشيخ أو الفالن أو في إسناد آخر فإنه ل يطلق
عليه وصف النقطاع ،ألجل هذا انتقد ابن الصالح فإنه لم يسق كالم الحاكم على وجهه
الصحيح وأطلق ذلك وقال أن كل ما فيه فالن عن رجل أو عن شيخ أو نحو ذلك فإنه
منقطعا ،وبعض العلماء قال الصواب أنه متصل في إسناده مبهم. ً يكون
وكل هذه اختالفات نظرية ل تفض ي إلى ثمرة أو إلى فائدة ألنه في النهاية الكل متفق
انقطاع في إسناده سواء سميناه "انقطاع" أوًٍ على أن هذا إسناد ضعيف ،وذلك لوجود
سميناه "إبهام" ،فكل هذا يؤثر في الحديث ضعفا.
ْ ْ ْ ْ َّ
ات امل ْعتبر ِة ِفي أصو ِل ال ِفق ِه" يقصد كتاب (البرهان) ض املصنف ِ
ْ
وقوله "وهو ِفي بع ِ
إلمام الحرمين ،وغيره من كتب األصول.
الحافظ مغلطاي شد على الشيخ ابن الصالح في هذه الجزئية واستنكر عليه أن
يصنف ً ِّ
كتابا في علوم الحديث ويغفل عن كتب علوم ينقل عن كتب األصول وهو ِ
الحديث وكتب املحدثين التي فيها هذا الستخدام.
وادعى أن كتاب املراسيل ألبي داوود وعزا ذلك إلى كتاب (املراسيل) ألبي داوودَّ ،
فيه عدد كبير من هذه الصورة أدخلها أبو داوود السجستاني في كتابه (املراسيل) يعني
"عن رجل عن شيخ عن امرأة".
ً
ملا راجعت كتاب املراسيل مراجعة سريعة عن طريق الحاسوب وجدت فعال جملة
كبيرة من األحاديث التي جاء فيها ذكر عن رجل أو عن شيخ ،لكن كل هذه األحاديث ل
ً
يظهر أن اإلمام أبا داود السجستاني ذكرها ألجل هذا ،وإنما هي مرسلة فعال ،يعني عن
َّ
رجل عن الزهري عن النبي ،فال يسلم ألنه اإلمام أبو داوود ذكر هذا لوجود كلمة رجل
في اإلسناد ،وإنما ذكره ألنه الزهري عن النبي .
الرجوع للفهرس-17-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
ً
حديثا ً ِّ
واحدا فقط محقق كتاب (إصالح كتاب ابن الصالح) ملغلطاي قال أنه وجد ِ
فيه راوي مبهم وأدخله اإلمام أبو داوود السجستاني في كتاب املراسيل مما يدل على أنه
يصف هذا الحديث باإلرسال ،أقرأه لكم من ما كتبه املحقق ثم نناقشه فيه.
يقول" :وقد راجعت مراسيل أبي داود فوجدت هذا الش يء الكثير الذي ذكره
عد في كتابه املراسيل اإلسناد الذيالحافظ عالء الدين مغلطاي وهو أن أبا داود قد ِّ
ً
فيه رجل مبهم مرسال ل يوجد إل في حديث واحد وهو حديث مليكة بنت عمرو اليزيدي،
قال أبو داوود في مراسيل كتاب الطب حدثنا النفيلي حدثنا زهير قال حدثتني امرأة من
بقر من وجع كان بحلقها وقالت قال أهلي عن مليكة بنت عمرو أنها وصفت لها سمن ٍ
رسول هللا " :ألبانها شفاء وسبنها دواء ولحومها داء" ،يقول" :فمليكة صحابية ومع
ذلك ذكرها أبو داوود في املراسيل إلبهام هير املرأة التي حدثته في اإلسناد"" ،وهذا ً
أيضا ز
ً َّ
غير مسل ٌم للمحقق ألنه مليكة ليس متفقا على صحبتها ،فبعض العلماء ذهب إلى أنها
تابعية ،وليس هناك ما يمنع أن يكون هذا هو مذهب اإلمام أبي داود ،وأنه ذكره ألن
ً
مليكة هذه ليست صحابية ،وبناء عليه فيكون الحديث مرسال من هذه الجهة ولم يقصد
بإرساله أن فيه امرأة مجهولة.
فالجزم بهذا يحتاج إلى مراجعة الكتاب مراجعة دقيقة ،وهذا لم يتيسر لي ألن
الوقت لم يكن يسعفني لتدقيق النظر في هذه املسألة لكن على كل األحوال ما زال حتى
اآلن ل يظهر أن هناك من املحدثين من أطلق على الحديث الذي فيه راوي مبهم -كأن
يقال "عن رجل" أو "عن شيخ" أو "عن امرأة" -أطلق عليه وصف اإلرسال حتى اآلن لم
يتحقق هذا ،وما ادعاه مغلطاي محل نظر وتأمل وإعادة مراجعة.
ملخص إطالقات المرسل عند المحدثين-:
هذه الصورة التي ذكرها اإلمام ابن الصالح في إطالقات املرسل ونستطيع أن
نستخلص منها أن املرسل عند املحدثين يطلق على عدة أمور:
-1ما أضافه التابعي الكبير إلى النبي ،وهذا محل اتفاق بين العلماء.
ً
صغيرا إلى النبي ،وهذا هو املشهور -2ما أضافه التابعي سواء كان ً
كبيرا أو
الشائع في كتب املحدثين.
الرجوع للفهرس-18-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
-3هو ما لم يتصل إسناده على أي وجه كان هذا النقطاع ،يعني كل سقط في
اإلسناد فهو إرسال.
جدا من صنيع كثير من األئمة كاإلمام البخاري وأبي حاتم وأبي داود وهذا ظاهر ً
وغيرهم ،ولو تذكرون أننا قرأنا اآلن عدة مواضع من صحيح البخاري تشير إلى هذا ،حتى
أنه جاء عن اإلمام أبي نعيم األصفهاني أنه وصف التعليق باإلرسال -أنه وصف الحديث
جدا لم أقف عليه إل على هذا املوضع الذي نقله ابن املعلق بأنه مرسل -وهذا نادر ً
امللقن في كتابه (املق ِنع) نقله عن أبي نعيم يقول " :قلت -يعني ابن امللقن هو الذي يقول
ً
يقول قلت :-وسمى أبو الحافظ في مستخرجه التعليق مرسال -يعني في مستخرجه على
صحيح اإلمام البخاري -فقال في قول البخاري قال إبراهيم ابن طهمان عن موس ى بن
ً
عقبة عن صفوان ابن سليم عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي ،فذكر حديثا رواه
ً
البخاري كذا مرسال" فالظاهر أن هذا النقل الذي نقله أبو نعيم هو معلق وليس مرسل،
واملعلق هو "ما سقط من أول إسناده راو فأكثر على التوالي" ،فجعله اإلمام أبو نعيم
ً
مرسال ،مما يدل على أن استخدام اإلرسال بمعنى مطلق النقطاع موجود ومنتشر وشائع
ً
في كالم املحدثين ول إشكال فيه إطالقا.
ً
اعتراضا على تعريف املرسل بأنه ما أضافه التابعي إلى الحافظ ابن حجر أورد
النبي ،سواء وصفناه بالكبير أو بغير الكبير وهو التابعي الذي روايته عن النبي
ليست مرسلة ،وهذا هو السؤال الذي كنت طرحته عليكم في املجموعة وأجابه أحد
اإلخوة الكرام ،وذلك أن الشخص إذا لقي النبي حال كفره ثم أسلم بعد موت رسول
ً ً هللا فإنه ل يكون
صحابيا وإنما هو تابعي ألن الصحابي هو من لقي النبي مؤمنا
به ومات على اإليمان ،ومع هذا فحديثه متصل ألنه لقي النبي وأخذ عنه مباشرة.
ِّ
التنوخي رسول هرقل إلى النبي ،هذا الحديث أخرجه ويمثلون لهذا بحديث ِ
حسن إسناده ،لكن درجة الحديث ل تعنينا اآلن اإلمام أحمد وغيره ،وبعض أهل العلم َّ
إنما يعنينا أن هذه الصورة -إن صح هذا الحديث -صورة شخص لقي النبي حال
ً ً
واحدا -ثم مات النبي وهذا الشخص ما زال على كفره، كفره وتلقى عنه -ولو حديثا
ً
صحابيا ول يعد في الصحابة ،ومع ثم دخل اإلسالم بعد موت رسول هللا ؛ فال يكون
الرجوع للفهرس-19-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
ٌ
معدود في التابعين، ٌ
متصل برسول هللا رغم أنه ليس من الصحابة ،فهو هذا فحديثه
وحديثه متصل.
يخرج
ألجل هذا اإلمام الحافظ ابن حجر أراد أن يقوم بتعديل في التعريف حتى ِ
هذه الصورة فقال" :ما أضافه التابعي إلى النبي مما سمعه من غيره" حتى يخرج هذه
الصورة -صورة التنوخي هذا الذي ِ
سمع من النبي حال كفره -قال" :ما أضافه التابعي
ِّ
التابعي لو كان قد سمعه من النبي فإنه ل إلى النبي مما سمعه من غيره" ،لكن
ً
يكون مرسال ،بهذا أكون انتهيت من طرح القضايا املتعلقة بتعريف املرسل من خالل ما
ذكره الحافظ ابن الصالح.
مسألة مهمة في التعامل مع المصطلحات-:
كثيرا ،ولكن مناسبته حاضرة وهي أن هذه بقي أن أشير إلى أمر مهم أشرت إليه ً
ً
املصطلحات ل ينبغي أن تؤخذ على أننا نرجح قول على قول ،وإنما هي عرض لطرائق
املحدثين في استخدام املصطلح ،وكما ذكرت لكم قبل ذلك أن أئمة الحديث لم يضعوا
املصطلحات ثم يستخدموها ،وإنما استخدموا هذه املصطلحات من واقع اللغة ،ثم بعد
ذلك جاء العلماء بعدهم فحاولوا أن يفهموا هذه املصطلحات من خالل تطبيقات وكالم
األئمة النقاد.
ً
فال إشكال إطالقا في أن يطلق العالم "املرسل" على الحديث الذي انقطع إسناده
َّ
من طبقة التابعين أو من دونهم ،أو حتى لو كان أطلقه على الحديث املعلق كما فعل أبو
نعيم األصفهاني ،فاألمر في هذا سهل ألن هذه قضية استخدام وليست قضية ترجيح
يعني ل يصح أن نقول قول الصحيح في تعريف املرسل كذا ،ل ،هذا غير صحيح يعني
أجد هذا في بعض كتب علوم الحديث "أن الراجح في تعريف املرسل كذا" أو "الصحيح
في تعريف كذا" ،وإنما الصواب أن يقال "أن أكثر استخدام املحدثين لهذا املصطلح
بمعنى كذا" كما فعل اإلمام اإلمام الخطيب البغدادي.
وأنا أعيد لكم كيف صاغ هذه العبارة ،يقول" :وأما املرسل فهو ما انقطع إسناده
بأن يكون في رواية من لم يسمعه ممن فوقه إل أن أكثر ما يوصف باإلرسال من حيث
ً
الستعمال ما رواه التابعي عن النبي ،"إذا فالقضية هنا قضية استعمال
الرجوع للفهرس-20-
ل
| النَّوْعُ التَّاِسعُ :معْرِفةُ اْلُْرِْس ِ شرح كتاب مقدمة ابن الصالح | د .الدمراني عبد الله | مجلس 33
الرجوع للفهرس-21-