Anbiyah Odt

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 54

‫مفتتح السورة‬ ‫سورة االنبياء‬ ‫على هامش التفاسير‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم ‪ ‬‬


‫سورة األنبياء مكية (‪ )١‬وهي مائة وإحدى او اثنتا عشرة اية (بسم هللا الرحمن الرحيم)‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫في مفتتح السورة‬
‫(‪ - )١‬واس‪+‬تثىن يف االتق‪++‬ان قول‪+‬ه تع‪+‬اىل ‪" :‬افال ي‪+‬رون ان‪+‬ا ت‪+‬أيت االرض‪ " ....‬من اواخ‪+‬ر م‪++‬ا ن‪+‬زل يف العه‪+‬د‬
‫املكي‪.‬‬
‫وتع ‪++‬اجل ه ‪++‬ذه الس ‪++‬ورة املوض ‪++‬وع الرئيس ‪++‬ي ال ‪++‬ذي تعاجله الس ‪++‬ور املكي ‪++‬ة‪ -‬موض ‪++‬وع العقي ‪++‬دة ومبادئه ‪++‬ا من‬
‫التوحيد والرسالة والبعث واجلزاء – جتول بقلوب الناس وابصارهم وافكارهم‪.‬‬
‫ومسيت كذلك لتضمنها امساء ستة عشر نبيا مع اشارة وج‪+‬يزة ايل ت‪+‬ارخيهم‪ .‬واحلديث عن جه‪+‬ادهم م‪++‬ع‬
‫اقوامهم الوثنيني ‪.‬‬
‫بدأ بقصة ايب االنبياء ابراهيم عليه السالم باسهاب وتفصيل ‪ ,‬مث اس‪++‬حاق ويعق‪++‬وب ول‪+‬وط ون‪++‬وح وداود‬
‫وسليمان وأيوب وامساعيل وإدريس وذي الكف‪+‬ل وذي الن‪+‬ون – ي‪+‬ونس – وزكري‪+‬ا وعيس‪+‬ى ايل خ‪+‬امت النب‪+‬يني حمم‪+‬دا‬
‫صلوات اهلل وسالمه عليهم‪ .‬وذلك باجياز يدل على مدى ما تعرض‪+‬وا ل‪+‬ه من اه‪+‬وال وش‪+‬دائد ‪ ,‬فص‪+‬ربوا وض‪+‬حوا يف‬
‫سبيل اهلل السعاد البشرية‪.‬‬
‫ومطلع السورة يدل على ان مشركي مكة كانوا م‪+‬وغلني يف الض‪+‬الل‪ ,‬وعب‪+‬ادة ال‪+‬دنيا‪ .‬وك‪+‬انت مع‪+‬رفتهم‬
‫باهلل غامضة‪ .‬ومعرفتهم لشركائه املوهومني قوية‪.‬‬
‫ك‪++‬انت بداي‪++‬ة مرهب‪++‬ة مرعب‪++‬ة من‪++‬ذرة‪ ,‬وحمذرة بق‪++‬رب الس‪++‬اعة‪ .‬والن‪++‬اس عنه‪++‬ا غ‪++‬افلون اله‪++‬ون معرض‪++‬ون عن‬
‫مساع القران مفتونون بلذائذ احلياة الدنيا‪ .‬الهنم كانوا ينكرون البعث واجلزاء وال حييون اال ليومهم احلاضر‪.‬‬
‫ختمت الس‪++‬ورة الس‪++‬الفة ب‪++‬أن الن‪++‬اس ق‪++‬د ش‪++‬غلتهم زه‪++‬رة ال‪++‬دنيا ال‪++‬يت جعله‪++‬ا اهلل هلم فتن‪++‬ة ‪ .‬وهنى رس‪++‬وله ان‬
‫يتطلع اليها بقوله‪" :‬وال متدن عينيك ايل متعنا ب‪+‬ه‪ "....‬وام‪++‬ره بالص‪+‬الة والص‪+‬رب عليه‪+‬ا‪ ,‬وان العاقب‪+‬ة للمتقني‪ .‬وب‪+‬دأت‬
‫ه ‪++‬ذه الس ‪++‬ورة مبث ‪++‬ل م ‪++‬ا ختمت الس ‪++‬الفة‪ .‬ف ‪++‬ذكر فيه ‪++‬ا ان الن ‪++‬اس غ ‪++‬افلون عن الس ‪++‬اعة واحلس ‪++‬اب‪ .‬اله ‪++‬ون عن الق ‪++‬ران‬
‫واالستماع اليه‪.‬‬
‫وقال سبحانه وتعاىل يف سورة طه‪" :‬ولو ال كلمة سبقت من ربك لك‪+‬ان لزام‪+‬ا واج‪+‬ل مس‪+‬مى" (‪)١٢٩‬‬
‫مث ق‪++‬ال ‪" :‬ك‪++‬ل م‪++‬رتبص فرتبص‪++‬وا" (‪ . )١٣٥‬وق‪++‬ال هن‪++‬ا يف مفتتح الس‪++‬ورة ‪" :‬اق‪++‬رتب للن‪++‬اس حس‪++‬اهبم ‪ " ...‬وق‪++‬ال يف‬
‫تل‪++‬ك‪" :‬وال متدن ‪ "...‬وأي‪++‬دهنا ‪:‬بـ "اق‪++‬رتب للن‪++‬اس ‪ "...‬ف‪++‬ان ق‪++‬رب الس‪++‬اعة يقتض‪++‬ي االع‪++‬راض ح‪++‬ىت عن زه‪++‬رة ال‪++‬دنيا‬
‫لدنوها من الزوال والفناء‪.‬‬
‫وقوله تعاىل‪":‬ان الذين كفروا سواء عليهم اءن‪++‬ذرهتم أم مل تن‪++‬ذرهم ال يؤمن‪++‬ون‪ ...‬عظيم" (البق‪++‬رة ‪)٧-٦‬‬
‫جند تفص‪++‬يل ه‪++‬اتني االي‪++‬تني يف االي‪++‬ات الثالث‪++‬ة‪" :‬اق‪++‬رتب للن‪++‬اس حس‪++‬اهبم ‪ ...‬تبص‪++‬رون" مث ت‪++‬أيت اي‪++‬ة ق‪++‬ال ‪" :‬ريب يعلم‬
‫الق ‪++ +‬ول يف الس ‪++ +‬ماء واالرض وه ‪++ +‬و الس ‪++ +‬ميع العليم"‪( .‬االنبي ‪++ +‬اء ‪ )٣‬ه ‪++ +‬ذا م ‪++ +‬ا قال ‪++ +‬ه رس ‪++ +‬ول اهلل ‪" ‬وهم يف غفل ‪++ +‬ة‬
‫معرضون ‪ ,‬بل قالوا أضغاث احالم‪ .‬بل افرتاه بل هوشاعر‪ .‬فليأتنا باية كما ارسل االولون‪.‬‬
‫وجند س‪++‬ورة القم‪++‬ر مب‪++‬دوءة –ك‪++‬ذلك – بـ "اق‪++‬رتبت" ‪ .‬فه‪++‬ذه البداي‪++‬ة املش‪++‬رتكة ت‪++‬وحي باملوض‪++‬وع املش‪++‬رتك‬
‫يف اهنا تفص‪++‬ل قول‪++‬ه تع‪++‬ايل‪ .‬ان ال‪++‬ذين كف‪++‬روا س‪++‬واء عليهم اءن‪++‬ذرهتم ام مل تن‪++‬ذرهم ال يؤمن‪++‬ون‪" .‬اق‪++‬رتبت الس‪++‬اعة ‪...‬‬
‫فما تغن النذر"‪ .‬الح‪+‬ظ ص‪+‬لة "فم‪+‬ا تغن الن‪+‬ذر" بقول‪+‬ه تع‪+‬اىل "س‪+‬واء عليهم‪ ...‬ال يؤمن‪+‬ون" ‪ .‬مث الح‪+‬ظ قول‪+‬ه تع‪+‬اىل ‪:‬‬

‫اآليات‪٦-١‬في غفلة الناس عن الحساب‬ ‫الجزء السابع عشرة‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬
‫اقرتبللناس حساهبم وهم يف غفلة معرضون‪١‬مايأتيهم من ذكر من رهبم حمدث االاستمعوه وهم يلعبون‪‬‬
‫‪٢‬‬

‫(اقترب) قرب (للناس) أي‪ :‬اه‪++‬ل مك‪++‬ة منك‪++‬ري البعث(‪( )١‬حسابهم)(‪ )٢‬ي‪++‬وم القيام‪++‬ة (وهم في غفلة)‬
‫عنه(‪( )٣‬معرضون) عن الت ‪++‬أهب ل ‪++‬ه باالميان(‪( .)٤‬ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) ش ‪++‬يئا فش ‪++‬يئا(‬
‫‪ ،)٥‬أي‪ :‬لفظ قرآن (اال استمعوه وهم يلعبون) يستهزئون(‪)٦‬‬

‫"كذبت مثود بالنذر" ‪ ",‬كذبت قوم لوط بالنذر"‪" ,‬ولقد جاء آل فرع‪+‬ون الن‪+‬ذر"‪" ,‬ك‪+‬ذبوا بآياتن‪+‬ا كله‪+‬ا فأخ‪+‬ذناهم‬
‫اخ‪+‬ذ عزي‪+‬ز مقت‪+‬در" (القم‪+‬ر ‪ ) ٤٢-٤١ ,٣٣-٢٣‬مث الح‪+‬ظ قول‪+‬ه تع‪++‬اىل‪" :‬فكي‪+‬ف ك‪+‬ان ع‪+‬ذايب ون‪+‬ذر" (‪" )٣٠‬وق‪+‬د‬
‫انذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر" (‪ )٣٦‬جند الص‪+‬لة واض‪+‬حة بقول‪+‬ه تع‪++‬اىل "ان ال‪+‬ذين كف‪++‬روا س‪+‬واء ‪ ...‬ال يؤمن‪+‬ون" ان‬
‫هن ‪++‬اك ان ‪++‬ذارا ومن ‪++‬ذرا ومن ‪++‬ذرين ‪ .‬فم ‪++‬ا ه ‪++‬و االن ‪++‬ذار؟ وم ‪++‬ا هي ح ‪++‬ال املن ‪++‬ذرين؟ وم ‪++‬اذا يق ‪++‬ول الن ‪++‬ذير ؟ وم ‪++‬ا ذا يق ‪++‬ول‬
‫املنذرون؟ وما هو الرد عليهم ؟ معان نظر فيها السورة وكلها نوع تفصيل لقوله تعاىل‪" :‬ان الذين كفروا‪"....‬‬
‫قصارى ما يف ختامها بيان كون النيب ‪ ‬رمحة للعاملني‪ .‬وانه اوحي اليه ‪ ,‬بان االله واحد ال ش‪+‬ريك ل‪+‬ه‬
‫‪ .‬وانه جيب االنقياد حلكمه‪ ,‬وانه ينذر الناس بعذاب قريب‪ .‬وان جميء الساعة واق‪+‬ع حمتم‪ .‬وان االمه‪+‬ال ب‪+‬ه وت‪+‬أخري‬
‫العقوب‪++ + +‬ة امتح‪++ + +‬ان واختب‪++ + +‬ار‪.‬وان اهلل حيكم بني الن‪++ + +‬يب‪ ‬وبني اعدائ‪++ + +‬ه املش‪++ + +‬ركني‪ ,‬وان‪++ + +‬ه املس‪++ + +‬تعان على اف‪++ + +‬رتاءاهتم‬
‫واهتاماهتم‪.‬‬
‫ويس‪++‬تغرق الس‪++‬ورة كله‪++‬ا ب‪++‬الرد عليهم‪ .‬وختتم باي‪++‬ة على لس‪++‬ان رس‪++‬ول اهلل ‪ ‬بكلم‪++‬ة ‪" :‬ق‪++‬ال رب احكم‬
‫باحلق وربنا الرمحن املستعان على ما تصفون" (االنبياء ‪)١١٢‬‬
‫ورد يف فضلها احاديث‪ ,‬منهاحديث عن عبد اهلل بن مسعود قال‪ :‬بنوا اسرائيل‪ ,‬والكه‪+‬ف‪ ,‬وم‪+‬رمي‪ ,‬وط‪+‬ه‪,‬‬
‫واالنبياء‪ :‬هن من العتاق االول‪،‬وهن من تالدي‪,‬أي‪:‬من قدمي ماحفظ من القرآن كاملال التالد‪.‬رواه البخاري‪.‬‬
‫االيات ‪ ٦-١‬في غفلة الناس عن يوم الحساب‬
‫(‪ - ) ١‬والظاهر ‪ :‬ان لفظ الناس عام يشمل اجلميع ‪ .‬وان كان املشار اليه يف ذلك الوقت كف‪++‬ار ق‪+‬ريش‬
‫ب ‪++‬دليل م ‪++‬ا بع ‪++‬د ذل ‪++‬ك من اآلي ‪++‬ات ‪ .‬ق ‪++‬ال ال ‪++‬رازي ‪ :‬جيب ان يك ‪++‬ون املراد بالن ‪++‬اس من ل ‪++‬ه م ‪++‬دخل يف احلس ‪++‬اب‪ .‬وهم‬
‫املكلفون دون من ال مدخل له‪ .‬فتكون االية لوقف االطماع واحلث على االقبال على االميان‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬أي ‪ :‬دنا للناس وقت حماسبة اهلل اياهم ‪ .‬فمن علم اق‪+‬رتاب الس‪+‬اعة ب‪+‬ادر ايل التوب‪+‬ة ‪ ,‬ومل ي‪+‬ركن‬
‫ايل ال‪++‬دنيا‪ .‬وص‪++‬فه ب‪++‬االقرتاب لقل‪++‬ة م‪++‬ا بقي باالض‪++‬افة اىل م‪++‬ا مض‪++‬ى ‪ .‬واملوت ال حمال‪++‬ة آت ‪ .‬وم‪++‬وت ك‪++‬ل انس‪++‬ان قي‪++‬ام‬
‫ساعته ‪ .‬او ما عند اهلل تعاىل‪":‬اهنم يرون‪+‬ه بعي‪+‬دا ون‪+‬راه قريب‪+‬ا" (املع‪+‬ارج ‪ )٧ :‬او الن ك‪+‬ل آت ق‪+‬ريب‪ .‬وامنا البعي‪+‬د م‪+‬ا‬
‫انقرض ومضى‪ ,‬عن انس قال‪ :‬قال ‪" :‬بعثت انا والساعة كهاتني" رواه االمام امحد والشيخان والرتمذي‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬أي‪ :‬عن حساهبم وعما يفعل هبم هناك‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬واآلي ‪++‬ات تع ‪++‬رض وهم معرض ‪++‬ون عن الت ‪++‬أهب ل ‪++‬ذلك الي ‪++‬وم‪ .‬واملوق ‪++‬ف ج ‪++‬د‪ .‬وهم ال يش ‪++‬عرون‬
‫باملوقف وخطورته‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬تنزيل ‪++‬ه ليك ‪++‬رر على امساعهم التنبي ‪++‬ه‪ .‬كي يتعظ ‪++‬وا‪ .‬عن ابن عب ‪++‬اس ق ‪++‬ال‪ :‬م ‪++‬ا لكم تس ‪++‬ألون اه ‪++‬ل‬
‫الكتاب عما بأيديهم؟ وق‪+‬د حرف‪+‬وه وب‪+‬دلوه وزادوا في‪+‬ه ونقص‪+‬وا من‪+‬ه؟ وكت‪+‬ابكم اح‪+‬دث كتب اهلل تقرؤون‪+‬ه حمض‪+‬ا مل‬
‫يشب‪ .‬قال ابن كثري‪ :‬روى البخاري حنوه ‪.‬‬
‫وقول ‪++‬ه حمدث ال ي ‪++‬وهم ك ‪++‬ون الق ‪++‬ران خملوق ‪++‬ا‪ .‬ف ‪++‬ان احلروف املنط ‪++‬وق هبا والص ‪++‬وت املس ‪++‬موع ح ‪++‬ادث بال‬
‫شك ‪ .‬واما اصل القرآن الذي هو كالم اهلل تعاىل النفسي فهو قدمي بقدم اهلل تعاىل وصفاته القدسية‪.‬‬
‫(‪ -) ٦‬به ويسخرون منه‪ ,‬لتناهي غفلتهم‪ ،‬وفرط اعراضهم عن النظر يف األمور‪ ،‬والتفكر يف العواقب‪.‬‬
‫والعلة فيهم ومنهم‬ ‫‪٤٥٢‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬
‫الهية قلوهبم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إال بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون‪٣‬‬
‫(الهية) غافلة (قلوبهم) عن معناه(‪()١‬وأسروا النجوى) أي‪ :‬الكالم (الذين ظلموا)(‪ )٢‬ب‪++ +‬دل من واو‬
‫"وأس ‪++‬روا النج ‪++‬وى"(‪( )٣‬هل هذا) أي‪ :‬حمم ‪++‬د (إال بش‪F‬ر مثلكم)(‪ )٤‬فم ‪++‬ا ي ‪++‬أيت ب ‪++‬ه س ‪++‬حر(‪( )٥‬أفت‪F‬أتون‬
‫السحر) تتبعونه (وأنتم تبصرون) تعلمون أنه سحر؟‬

‫(‪ - )١‬م‪++‬ا ي‪++‬أتيهم ش‪++‬يء من الق‪++‬رآن جدي‪++‬د انزال‪++‬ه ي‪++‬ذكرهم ب‪++‬ه اس‪++‬تمعوه ‪ ,‬وهم العب‪++‬ون اثن‪++‬اء الس‪++‬ماع !‬
‫ف‪++‬ان قل‪++‬وهبم الهي‪++‬ة ‪ .‬والقل‪++‬وب امليت‪++‬ة املغفل‪++‬ة اخلام‪++‬دة ال‪++‬يت تكفن ميتته‪++‬ا ب‪++‬اللهو‪ .‬وت‪++‬وارى مخوده‪++‬ا باالس‪++‬تهتار ‪ .‬فن‪++‬اس‬
‫ه ‪++‬ذا ش ‪++‬أهنم كي ‪++‬ف يص‪++‬لحهم االن ‪++‬ذار وينفعهم؟ الن قل ‪++‬وهبم خاوي ‪++‬ة من مفهوم ‪++‬ات احلي‪++‬اة وال تت ‪++‬أثر بال‪++‬ذكر‪ .‬مث هم‬
‫اوالء! يتامرون على الرسالة وهم ظاملون‪!.....‬‬
‫ذك‪++‬ر النس‪++‬في م‪++‬ا قال‪++‬ه أب‪++‬و بك‪++‬ر ال‪++‬وراق يف تفس‪++‬ري القلب الالهي‪ :‬املش‪++‬غول بزين‪++‬ة احلي‪++‬اة وزهرهتا ‪ ،‬الغاف‪++‬ل‬
‫عن اآلخرة وأهواهلا‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬أي‪ :‬وأس‪++‬ر ه‪++‬ؤالء الاله‪++‬ون الالعب‪++‬ون الس‪++‬اخرون التن‪++‬اجي بينهم‪ ،‬وب‪++‬الغوا يف إخف‪++‬اء تن‪++‬اجيهم عن‬
‫سواهم ‪ .‬وإمنا أسروا به تشاورا يف استنباط ما يهدم أمره ويظهر فساده للناس عامة ‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬أو مبتدأ ‪ .‬واجلملة املتقدمة خربه ‪،‬أو فاعل له ‪ .‬والواو لعالمة اجلمع‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬كلمة ختفي وراءها ضيق النفس بكل من آثره اهلل مبوهبة جليلة‪ ،‬أو اختصاص كرمي‪.‬‬
‫والعلة فيهم ومنهم‬
‫(‪ - )٥‬ه ‪++‬ذا الكالم يعن ‪++‬ون ب ‪++‬ه رس ‪++‬ول اهلل ص ‪++‬لى اهلل علي ‪++‬ه وس ‪++‬لم يس ‪++‬تبعدون كون ‪++‬ه نبي ‪++‬ا! إذ الرس ‪++‬ول ال‬
‫يكون إال ملكا ‪ -‬على زعمهم ‪ !-‬فكل من ادعى الرسالة من البشر فهو كاذب! وإن ج‪+‬اء ب‪+‬املعجزة فه‪+‬و س‪+‬احر!‬
‫ومعجزت‪++‬ه س‪++‬حر! يتمحل‪++‬ون وحياولون أن يلج‪++‬ؤوا يف مقاوم‪++‬ة ت‪++‬أثريه الط‪++‬اغي إىل أن يعلل‪++‬وا أث‪++‬ره املزل‪++‬زل يف نفوس‪++‬هم‬
‫بش‪++‬ىت التعالت! أفتحض‪++‬رون الس‪++‬حر؟ وأنتم ش‪++‬اهدون وتنق‪++‬ادون ل‪++‬ه؟ وفيكم عي‪++‬ون وأنتم تبص‪++‬رون؟ ال يثبت‪++‬ون على‬
‫ص‪++ +‬فة وال على رأي يرون‪++ +‬ه فينتقل‪++ +‬ون من ادع‪++ +‬اء ومن تعلي‪++ +‬ل إىل تعلي‪++ +‬ل! ح ‪++‬ائرين غ‪++ +‬ري مس‪++ +‬تقرين! وه‪++ +‬ؤالء ال ‪++‬ذين‬
‫يواجهون ما ينزل من الق‪+‬رآن ليك‪+‬ون دس‪+‬تورا للحي‪+‬اة ومنهاج‪+‬ا للعم‪+‬ل ‪ ،‬وقانون‪+‬ا للتعام‪+‬ل‪ .‬ق‪+‬د قع‪+‬د نف‪+‬ع اإلن‪+‬ذار هبم‪.‬‬
‫ألن تصوراهتم خاطئة‪ .‬والعلة فيهم ومنهم‪ .‬ومن مث ختم اهلل على قلوهبم‪.‬‬
‫والكالم كل ‪++ + +‬ه عن املوص ‪++ + +‬وفني ب ‪++ + +‬الظلم‪ .‬فهم ال ‪++ + +‬ذين يس ‪++ + +‬تمعون ال ‪++ + +‬ذكر واجلس ‪++ + +‬م العب والقلب اله‪.‬‬
‫ويتناجون سرا متآمرين‪.‬‬
‫وأمث ‪++‬ال ه ‪++‬ؤالء موج ‪++‬ودون يف ك ‪++‬ل زم ‪++‬ان ومك ‪++‬ان ‪.‬فحيثم ‪++‬ا قلت ال ‪++‬روح عن اجلد واالحتف ‪++‬ال والقداس ‪++‬ة‬
‫صارت إىل هذه التصورات املريضة الشائهة اليت يرمسها الق‪++‬رآن ‪ ،‬وال‪+‬يت حتي‪+‬ل احلي‪+‬اة كله‪+‬ا إىل ه‪+‬زل ف‪+‬ارغ ال ه‪+‬دف‬
‫له وال قوام ‪.‬‬
‫عن عامر بن ربيعة أنه نزل به رجل من العرب فأكرم عامر مثواه‪ .‬وكلم في‪++‬ه رس‪++‬ول اهلل ص‪++‬لى اهلل علي‪++‬ه‬
‫وسلم فجاءه الرجل‪ .‬فق‪+‬ال ‪ :‬إين اس‪+‬تقطعت رس‪+‬ول اهلل ص‪+‬لى اهلل علي‪+‬ه وس‪+‬لم وادي‪+‬ا م‪+‬ا يف الع‪+‬رب واد أفض‪+‬ل من‪+‬ه ‪.‬‬
‫وق‪+‬د أردت أن أقط‪+‬ع ل‪+‬ك من‪+‬ه قطع‪++‬ة تك‪+‬ون ل‪+‬ك ولعقب‪+‬ك من بع‪++‬دك‪ .‬فق‪++‬ال ع‪+‬امر ‪ :‬ال حاج‪+‬ة يل يف قطيعت‪+‬ك‪ .‬ن‪+‬زلت‬
‫اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا ‪" :‬اقرتب للناس" إىل آخره ‪ .‬رواه ابن مردويه‪ ،‬وأبو نعيم يف احللية وابن عساكر‪.‬‬
‫وهذه الصورة نراها في المقاهي والنوادي والمجالس‪.‬‬
‫وه‪++‬ذه الص‪++‬ورة ‪ -‬ص‪++‬ورة اس‪++‬تماع ال‪++‬وحي واجلس‪++‬م يلعب والقلب اله ‪ -‬ص‪++‬ورة نراه‪++‬ا كث‪++‬ريا يف املق‪++‬اهي‬

‫اآليات ‪ ٦-١‬في غفلة الناس عن يوم الحساب‬ ‫‪٤٥٣‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫ق‪++ +‬ل ريب يعلم الق‪++ +‬ول يف الس‪++ +‬ماء واألرض وهوالس‪++ +‬ميع العليم‪ ٤‬ب‪++ +‬ل قالواأض‪++ +‬غث أحلم ب‪++ +‬ل اف‪++ +‬رتاه ب‪++ +‬ل‬
‫هوشاعر‬
‫(قل) هلم (ربي يعلم القول) كائن‪++ +‬ا (في السماء واألرض وهو الس‪FF‬ميع) ملا أس‪++ +‬روه (العليم) ب‪++ +‬ه(‪.)١‬‬
‫(بل) لالنتق ‪++‬ال من غ ‪++‬رض إىل آخ ‪++‬ر يف املواض ‪++‬ع الثالث ‪++‬ة (قالوا) فيم ‪++‬ا أتى ب ‪++‬ه من الق ‪++‬رآن ه ‪++‬و (أض‪F‬غاث‬
‫أحالم) أخالط رآها يف النوم (بل افتراه) اختلقه (بل هو شاعر) فما أتى به شعر(‪)٢‬‬

‫والن‪++‬وادي واجملالس ‪ .‬يش‪++‬رتك فيه‪++‬ا الك‪++‬افرون واملؤمن‪++‬ون ‪ .‬فعلى املس‪++‬لم أن يالح‪++‬ظ نفس‪++‬ه وقلب‪++‬ه‪ .‬وإذا م‪++‬ر على خل‪++‬ق‬
‫للكافرين فتش يف نفسه وسلوكه أن يكون متخلقا به وهو ال يشعر‪.‬‬
‫(‪ - )١‬أي‪ :‬يعلم ق ‪++‬ول ك ‪++‬ل قائ ‪++‬ل يف الس ‪++‬ماء أو يف األرض‪ .‬س ‪++‬را ك ‪++‬ان أو جه ‪++‬را‪ .‬فإهنم ‪++‬ا عن ‪++‬د اهلل على‬
‫وترية واحدة ال تفاوت باجلالء واخلفاء‪.‬‬
‫ي‪++‬أمر س‪++‬بحانه وتع‪++‬اىل أن يعلن رس‪++‬ول اهلل ص‪++‬لى اهلل علي‪++‬ه وس‪++‬لم ه‪++‬ذا اإلعالن بتف‪++‬ويض أم‪++‬رهم وأم‪++‬ره إىل‬
‫رب‪+‬ه ال‪+‬ذي يعلم الق‪+‬ول يف الس‪+‬ماء واألرض‪ ...‬وه‪+‬ذا اإلعالن ميث‪+‬ل املوق‪+‬ف اجلدي من م‪+‬وقفهم اهلازل اهلازئ‪ .‬فلعل‪+‬ه‬
‫يثريهم أكثر فأكثر من اإلعالن الرصني مباشرة‪ .‬ألهنم ال ينتفعون به ‪ .‬ومن مث ينتقلون من موقف التن‪++‬اجي الس‪++‬ري‬
‫والتآمر اخلفي إىل اإلعالن السافر واالهتام القذر‪.‬‬
‫قرأ محزة والكسائي وحفص "قال" باإلخبار عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬أي‪ :‬أديب نسج هذا القرآن على هذا الشاكلة ‪ .‬أو املراد‪ :‬أنه شاعر العواط‪++‬ف ب‪++‬التعبري‪ .‬ومن مث‬
‫يقول هذا الكالم ‪ .‬ويعرب الكافرون يف عصرنا عن ذلك "إنه عاطفي" وليس موض‪+‬وعيا‪ .‬وه‪+‬ذا االض‪+‬طراب وال‪+‬رتدد‬
‫يف القول دأب احملجوج املغل‪+‬وب على أم‪+‬ره ال ي‪+‬رتدد إال بني باط‪+‬ل وأبط‪+‬ل من‪+‬ه ‪ ،‬ويتذب‪+‬ذب بني فاس‪+‬د وأفس‪+‬د من‪+‬ه‪،‬‬
‫وص‪++‬فوا الق ‪++‬رآن أوال بأن‪++‬ه س‪++‬حر‪ .‬فه‪++‬و آوب من كوهنا أض‪++‬غاث أحالم ‪ .‬وق‪++‬د يق ‪++‬ال ‪ :‬إن البي‪++‬ان لس‪++‬حرا‬
‫خبالف ختاليط الكالم ال‪+‬يت ال تض‪+‬بط‪ .‬مث أض‪+‬ربوا إىل أن‪+‬ه ختالي‪+‬ط الكالم ‪ .‬رآه‪+‬ا يف نوم‪+‬ه فتومهه‪+‬ا وحي‪+‬ا من اهلل إلي‪+‬ه‪.‬‬
‫مث إىل أنه كالم مفرتى من عنده !‬
‫وه‪++‬ذا أبع‪++‬د املدى ألن‪++‬ه ص‪++‬لى اهلل علي‪++‬ه وس‪++‬لم مش‪++‬تهر بينهم باألمان‪++‬ة والص‪++‬دق‪ .‬مث إىل أن‪++‬ه ق‪++‬ول ش‪++‬اعر ‪.‬‬
‫وهم أع‪++‬رف الن‪++‬اس ب‪++‬الفرق بني النظم والن‪++‬ثر‪ ،‬وبني م‪++‬ا س‪++‬اق ل‪++‬ه الش‪++‬عر‪ ،‬وم‪++‬ا س‪++‬يق ل‪++‬ه ه‪++‬ذا الكالم ‪ .‬وه‪++‬و أبع‪++‬د من‬
‫كون‪++‬ه مف‪++‬رتى ‪ ،‬ألن‪++‬ه مش‪++‬حون باحلق‪++‬ائق واحلكم ‪ ،‬وليس في‪++‬ه م‪++‬ا يناس‪++‬ب ق‪++‬ول الش‪++‬عراء ‪ .‬وهك‪++‬ذا فالباط‪++‬ل ال يس‪++‬تقر‬
‫على قول‪ .‬واملبطل متناقض ال يثبت على قول واحد بل يرتدد‪....‬‬
‫وت‪++‬أيت س‪++‬ورة األنبي‪++‬اء لت‪++‬بني لن‪++‬ا من ه‪++‬ؤالء الك‪++‬افرون ال‪++‬ذين ه‪++‬ذا ش‪++‬أهنم ‪" :‬اق‪++‬رتب للن‪++‬اس‪ ...‬كم‪++‬ا أرس‪++‬ل‬
‫األول ‪++‬ون" إن من اجتمعت في ‪++‬ه ه ‪++‬ذه الص ‪++‬فات ال ميكن أن ي ‪++‬ؤمن‪ .‬ف ‪++‬إذا نقص واح ‪++‬د منه ‪++‬ا فرمبا فل ‪++‬و ك ‪++‬ان عن ‪++‬ده‬
‫اس‪+‬تعداد للس‪+‬ماع أو مل يكن ممن يت‪+‬آمر على اإلس‪+‬الم‪ .‬أوك‪+‬ان ممن ال جيه‪+‬ر بالس‪+‬وء يف الرس‪+‬ول والق‪+‬رآن ك‪+‬ل ه‪+‬ؤالء‬
‫ميكن أن يؤمن ‪++‬وا‪ .‬وإذا ك ‪++‬ان اجتم ‪++‬اع ه ‪++‬ذه املع ‪++‬اين غيب ‪++‬ا ف ‪++‬إن الن ‪++‬ذار ال ب ‪++‬د من ‪++‬ه‪ .‬وإقام ‪++‬ة احلج ‪++‬ة ال ب ‪++‬د منه ‪++‬ا‪ .‬ومن مث‬
‫الحظنا‪ :‬أن السورة ردت وأنذرت اإلنذار الكايف ليؤمن من كان يف قلبه شيء من اخلري‪ .‬ومن مث فإن مالحظ‪+‬ة م‪+‬ا‬
‫ورد يف السورة مهم جدا يف خطاب الكافرين عامة الستخراج م‪++‬ا يف قل‪+‬وهبم من خ‪+‬ري ‪ .‬أم‪++‬ا الن‪+‬وع اآلخ‪+‬ر ال‪+‬ذي ال‬
‫فائ ‪++ +‬دة من ‪++ +‬ه بتات ‪++ +‬ا‪ ،‬فه ‪++ +‬ذا أدبن ‪++ +‬ا في ‪++ +‬ه آيت ‪++ +‬ان يف الس ‪++ +‬ورة‪" :‬ق ‪++ +‬ال ريب يعلم الق ‪++ +‬ول‪ .....‬الس ‪++ +‬ميع العليم" "ق ‪++ +‬ال رب‬
‫احكم ‪ ........‬على ما تصفون"‬
‫والس‪++‬ورة ق‪++‬د فص‪++‬لت ك‪++‬ذلك كي‪++‬ف يك‪++‬ون علي‪++‬ه ح‪++‬ال الن‪++‬ذير مبا قص اهلل من خالل ذك‪++‬ر األنبي‪++‬اء كم‪++‬ا‬
‫ثبتت الس‪++‬ورة قلب الن‪++‬ذير بالكلم‪++‬ة والقص‪++‬ة والبش‪++‬ارة والع‪++‬ربة وجنبت‪++‬ه مزال‪++‬ق الطري‪++‬ق ال‪++‬يت ميكن أن يق‪++‬ع فيه‪++‬ا كم‪++‬ا‬

‫اآليات ‪ ١٠-٧‬في بشرية الرسل وإنجاز الوعد‬ ‫‪٤٥٤‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫فليأتنا بآية كما أرسل األولون‪ ٥‬ماءامنت قبلهم من قري‪+‬ة أهلكنه‪+‬ا أفهم يؤمن‪+‬ون‪ ٦‬وم‪+‬ا أرس‪+‬لنا‬
‫قبلك إال رجاال نوحي إليهم‬
‫(فليأتنا بآية كما أرسل األولون)(‪ )١‬كالناق ‪++‬ة والعص ‪++‬ا والي ‪++‬د‪ .‬ق ‪++‬ال تع ‪++‬اىل‪( :‬ما آمنت قبلهم من قرية)‬
‫أي‪ :‬أهله ‪++‬ا(أهلكناها)(‪ )٢‬بتك ‪++‬ذيبها م ‪++‬ا أتاه‪++‬ا من اآلي ‪++‬ات (أفهم يؤمنون)؟ ال(‪( )٣‬وما أرسلنا قبلك إال‬
‫رجاال يوحى) ويف قراءة بالنون وكسر احلاء(‪( )٤‬إليهم)(‪ )٥‬ال مالئكة(‪)٦‬‬

‫ح‪+‬دث من ي‪++‬ونس علي‪++‬ه الس‪++‬الم ‪ .‬ويف الس‪++‬ورة إن‪++‬ذار أله‪++‬ل اإلميان حيررهم من أخالق الكف‪++‬ر وس‪++‬لبياته وي‪++‬رفعهم إىل‬
‫أخالق اإلميان وإجيابياته‪.‬‬
‫ما يقول الكافرون في عصرنا‬
‫وقول‪++‬ه تع‪++‬اىل‪" :‬ب‪++‬ل ق‪++‬الوا أض‪++‬غاث أحالم ب‪++‬ل اف‪++‬رتاه ب‪++‬ل ه‪++‬و ش‪++‬اعر" ه‪++‬و تلخيص لك‪++‬ل م‪++‬ا يقول‪++‬ه الك‪++‬افر يف‬
‫كل األعصار يف هذا الدين ويف رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬والسورة قد ردت على هذه األقوال كلها‪.‬‬
‫وجيدر بنا أن نلفت النظر ‪ :‬أن‪+‬ه مل يق‪+‬ل الك‪+‬افرون يف ك‪+‬ل العص‪+‬ور مث‪+‬ل م‪+‬ا ق‪+‬ال الك‪+‬افرون يف عص‪+‬رنا من‬
‫ق‪+‬ول مزخ‪+‬رف عرض‪+‬وه مباليني الص‪+‬بغ واألش‪+‬كال يف القص‪+‬ة‪ ،‬والقص‪+‬يدة‪ ،‬والبحث‪ ،‬واخلطاب‪+‬ة‪ ،‬واحملاض‪+‬رة‪ ،‬والكت‪+‬اب‬
‫العلمي ‪ .‬ولكن مرجع هذا كله إىل ما قاله الكافرون من قبل ‪ ،‬وهو ما قصه اهلل علينا يف هذه السورة باختصار ‪.‬‬
‫ولقد زعم هؤالء أن قضية النبوة والرسالة ختيالت ومرائي منامي‪+‬ة ! وأن حمم‪+‬دا ‪ -‬ص‪+‬لى اهلل علي‪+‬ه وس‪+‬لم‬
‫‪ -‬ك‪++‬اذب يف‪++‬رتي على اهلل م‪++‬ا مل يقل‪++‬ه! وإن‪++‬ه ‪ -‬ص‪++‬لى اهلل علي‪++‬ه وس‪++‬لم ‪ -‬إنس‪++‬ان بلي‪++‬غ ش‪++‬اعري العواط‪++‬ف! تع‪++‬اىل اهلل‬
‫عما يقول الظاملون علوا كبريا‪ .‬وعظم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عما يقوله اجلاحدون‪.‬‬
‫(‪ - )١‬وقوهلم هذا يدل على أن تل‪+‬ك اآلي‪+‬ات مس‪+‬لم هبا عن‪+‬دهم ‪ .‬مث إهنم يطلب‪+‬ون عن‪+‬ادا ‪ -‬كي خيلص‪+‬وا‬
‫من احلرج ‪ -‬بدل القرآن خارقة من اخلوارق اليت جاء هبا األولون‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬ولق‪++‬د ج‪++‬اءت اخلوارق من قب‪++‬ل‪ .‬فلم ي‪++‬ؤمن هبا من ج‪++‬ائتهم‪ .‬فح‪++‬ل هبم اهلالك وفق‪++‬ا لس‪++‬نة اهلل ال‪++‬يت‬
‫ال ختلف يف إهالك من يكذب باخلوارق ‪.‬ذلك أن من يبل‪+‬غ ب‪+‬ه العن‪+‬اد ال ي‪+‬ؤمن باخلارق‪+‬ة احملسوس‪+‬ة ال يبقى ل‪+‬ه ع‪+‬ذر‪،‬‬
‫وال يرجى له صالح‪ .‬فيحق عليه اهلالك‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬ولق ‪++‬د تك ‪++‬ررت اآلي ‪++‬ات وتك ‪++‬رر التك ‪++‬ذيب‪ .‬وتك ‪++‬رر ك ‪++‬ذلك إهالك املك ‪++‬ذبني‪ .‬فم ‪++‬ا ب ‪++‬ال ه ‪++‬ؤالء‬
‫يؤمنون باخلارقة لو جاءهتم دون أولئك؟ وهم ليسوا سوى بشر كهؤالء اهلالكني‪.‬‬
‫فه ‪++‬دم تلبي ‪++‬ة اقرتاح ‪++‬اهتم ه ‪++‬و يف ص ‪++‬احلهم إذ ل ‪++‬و أتى مبا طلب ‪++‬وا مث بق ‪++‬وا على كف ‪++‬رهم وعن ‪++‬ادهم اس ‪++‬توجبوا‬
‫ع ‪++‬ذاب االستئص ‪++‬ال كمن قبلهم ‪ .‬وحكم ‪++‬ة اهلل اقتض ‪++‬ت ت ‪++‬أخري الع ‪++‬ذاب عنهم ‪ -‬إبق ‪++‬اء عليهم ‪ -‬إىل اآلخ ‪++‬رة‪" :‬إن‬
‫الذين حقت عليهم كلمة ربك ال يؤمنون ولو جائتهم كل آية حىت يروا العذاب األليم" (يونس‪)٩٧-٩٦ :‬‬
‫اآليات ‪ ١٠-٧‬في بشرية الرسل وإنجاز الوعد‬
‫(‪ - )٤‬وقرأ حفص عن عاصم "نوحي" بالنون ‪ .‬واجلمهور "يوحى" بالياء‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬بوس‪++‬اطة الن‪++‬اموس ‪ -‬م‪++‬ا ن‪++‬وحي إلي‪++‬ه فهم بش‪++‬ر كبقي‪++‬ة البش‪++‬ر إال أهنم ميت‪++‬ازون عن البش‪++‬ر ب‪++‬الوحي‪.‬‬
‫فتلك سنة اهلل القائمة ‪ .‬إذن فلماذا يستنكرون أن يكون حممد صلى اهلل عليه وسلم رسوال بشرا ال ملكا؟‬
‫(‪ - )٦‬وملا كان ق‪+‬وهلم ه‪+‬ل ه‪+‬ذا إال بش‪+‬ر مثلكم يتض‪+‬من أهنم يتص‪+‬ورون أن الرس‪+‬ل ينبغي أن يك‪+‬ون غ‪+‬ري‬
‫جنس البشر ‪ .‬أو أن يكون له وضع خاص‪ ،‬كأن ال يأكل وال يشرب إذا كان من جنس البشر‪.‬‬
‫وغفلوا عن تكرمي اهلل للجنس البشري كله باختيار الرسل منه ليتصلوا ب‪++‬املأل األعلى ‪ .‬وإن الرس‪++‬ل جيب‬

‫اآليات ‪ ١٠-٧‬في بشرية الرسل وإنجاز الوعد‬ ‫‪٤٥٥‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫فس‪++‬ئلوا أه‪++‬ل ال‪++‬ذكر إن كنتم ال تعلم‪++‬ون‪ ٧‬وم‪++‬ا جعلنهم جس‪++‬دا ال ي‪++‬أكلون الطع‪++‬ام وم‪++‬ا ك‪++‬انوا خل‪++‬دين‬
‫‪ ٨‬مث ص ‪++‬دقنهم الوع ‪++‬د ف ‪++‬أجنينهم ومن نش ‪++‬اء وأهلكن ‪++‬ا املس ‪++‬رفني‪ ٩‬لق ‪++‬د أنزلن ‪++‬ا إليكم كتب ‪++‬ا في ‪++‬ه‬
‫ذكركم أفال تعقلون‪١٠‬‬

‫(فاسألوا أهل الذكر) العلم ‪++‬اء ب ‪++‬التوراة واإلجني ‪++‬ل (إن كنتم ال تعلمون) ذل ‪++‬ك ف ‪++‬إهنم يعلمون ‪++‬ه‪ ،‬وأنتم إىل‬
‫تصديقهم (‪ )١‬أق‪++‬رب من تص‪++‬ديق املؤم‪++‬نني مبحم‪++‬د ‪-‬ص‪++‬لى اهلل علي‪++‬ه وس‪++‬لم ‪( -‬وما جعلناهم) أي‪ :‬الرس‪++‬ل‬
‫(جسدا) مبع ‪++‬ىن ‪ :‬أجس ‪++‬ادا (ال يأكلون الطعام) ب ‪++‬ل يأكلون ‪++‬ه (وم‪FF‬ا ك‪FF‬انوا خال‪F‬دين) يف ال ‪++‬دنيا(‪( . )٢‬ثم‬
‫ص‪FF‬دقناهم الوع‪FF‬د) بإجنائهم(‪( )٣‬فأنجين‪FF‬اهم ومن نش‪FF‬اء) أي‪ :‬املص ‪++ +‬دقني هلم (وأهلكن‪FF‬ا المس‪FF‬رفين)‬
‫املكذبني هلم‪( .‬لقد أنزلنا إليكم) يا معشر قريش (كتابا فيه ذكركم)(‪ )٤‬ألن ‪++‬ه بلغتكم (أفال تعقلون)(‪)٥‬‬
‫فتؤمنون به‪.‬‬

‫أن يكون ‪++‬وا بش ‪++‬را ‪ -‬وك ‪++‬انوا ك ‪++‬ذلك ‪ -‬جمانس ‪++‬ني لن ‪++‬ا حيس ‪++‬ون أش ‪++‬واقنا وآالمن ‪++‬ا ويتعرض ‪++‬ون بأب ‪++‬داهنم وغرائ ‪++‬زهم إىل‬
‫االبتالء واجملاهدة حىت يكون سلوكهم منوذجا حيا ملا يدعوننا إليه‪ .‬فيكون حياهتم الواقعية مصداق ش‪++‬ريعتهم ح‪++‬ىت‬
‫يرسم حبياته دستور احلياة العملي ملتبعيه من الناس‪ .‬فيمكن االقتداء هبم واألخذ عنهم‪.‬‬
‫(‪ - )١‬واإلحال ‪++‬ة عليهم ألن املش‪++ +‬ركني يش‪++ +‬اوروهنم يف أم‪++ +‬ر الن‪++ +‬يب ص‪++ +‬لى اهلل علي‪++ +‬ه وس‪++ +‬لم‪ .‬ويس‪++ +‬تيقنون‬
‫بقوهلم‪ .‬أو ألن إخبار اجلم الغفري يوجب العلم وإن كانوا كفارا‪ .‬راجع صفحة‪ ١٨٣ :‬رقم اآلية ‪ ٤٣ :‬النحل‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬وم ‪++ +‬ا جعلهم اهلل ذوي جس ‪++ +‬د مث جعلهم ال ي ‪++ +‬أكلون الطع ‪++ +‬ام ! فأك ‪++ +‬ل الطع ‪++ +‬ام من مقتض‪++ + +‬يات‬
‫اجلس ‪++‬مية‪ .‬واجلس ‪++‬دية من مقتض ‪++‬يات البش ‪++‬رية ‪ .‬فهم بش ‪++‬ر خملوق ‪++‬ون ومل يكون ‪++‬وا خال ‪++‬دين بأجس ‪++‬ادهم ‪ .‬ب ‪++‬ل ك ‪++‬انوا‬
‫يعيشون مث يطويهم الثرى ‪ .‬وأنت واحد منهم فلم يستغربون أن يكون بشر رسوال؟!‬
‫ومن الال معق ‪++‬ول‪ :‬أن يأخ‪++‬ذ البش‪++‬ر ش‪++‬يئا من مل‪++‬ك أو من بش‪++‬ر ‪ -‬غ‪++‬ري ع‪++‬ادي ‪ -‬ال يأك‪++‬ل وال ميش‪++‬ي يف‬
‫األسواق وال يعاشر النساء وال ينبلج يف ص‪+‬دره عواط‪+‬ف البش‪+‬ر وانفع‪+‬االهتم ‪ .‬إذ ال وش‪+‬يجة ‪ -‬هن‪+‬اك ‪ -‬بينهم وبني‬
‫الن ‪++‬اس‪ .‬فال هم حيس ‪++‬ون دواف ‪++‬ع اجلس ‪++‬د ومقتض ‪++‬ياته ال ‪++‬يت حتركهم ‪ ،‬وال مبا ش ‪++‬اء على املخل ‪++‬وق اآلدمي ذي التك ‪++‬وين‬
‫اخلاص ‪ .‬وال الناس يتأس‪+‬ون هبم ويقت‪+‬دون‪ .‬فمهم‪+‬ا مسعوا من قول‪+‬ه ال حيركهم للعم‪+‬ل مبا يق‪++‬ول ‪ ،‬ملا بين‪+‬ه وبينهم من‬
‫قطيع ‪++‬ة يف احلس والش ‪++‬عور‪ .‬وأميا داعي ‪++‬ة ال يص ‪++‬دق فعل ‪++‬ه قول ‪++‬ه ف ‪++‬إن كلمات ‪++‬ه تق ‪++‬ف على أب ‪++‬واب اآلذان ال تتع ‪++‬داها إىل‬
‫القلوب مهما تكن كلماته بارعة وعباراته بليغة‪.‬‬
‫والذين كانوا يقرتحون أن يكون الرسول من املالئكة كالذين يق‪++‬رتحون الي‪+‬وم أن يك‪+‬ون الرس‪+‬ول منزه‪+‬ا‬
‫عن انفعاالت البشر! كلهم يتعنتون ويغفلون عن هذه احلقيقة‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬ومن آمن معهم مما حل بقومهم‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬شرفكم ‪" :‬وإنه لذكر ل‪+‬ك ولقوم‪+‬ك" أو عظتكم أو م‪+‬ا تطلب‪+‬ون ب‪+‬ه من حس‪+‬ن ال‪+‬ذكر من مك‪+‬ارم‬
‫األخالق‪ ،‬وفاضل اآلداب‪ ،‬وسديد الشرائع واألحكام مما منه سعادة البشر يف حياهتم الدنيوية واألخروية‪.‬‬
‫فما استمسك العرب بهذا الكتاب سعدوا‬
‫(‪ )٥‬هذه النعمة وتتلوهنا بالقبول بدال أن تصفوها مبا تصفوهنا به ‪.‬‬
‫رد على م ‪++‬ا زعم ‪++‬وه ‪ :‬أن ‪++‬ه أض ‪++‬غاث أحالم وأك ‪++‬اذيب أو ش ‪++‬عر ‪ .‬وعلى أن املراد ب ‪++‬ه الش ‪++‬رف ؛ فاخلط ‪++‬اب‬
‫للعرب‪ .‬إذ ي‪+‬ذكرهم اهلل بنعمت‪+‬ه عليهم إذ ش‪+‬رفهم هبذا الق‪++‬رآن ‪ .‬والتعب‪+‬ري يفي‪+‬د أن‪+‬ه ش‪+‬رفهم الوحي‪+‬د إذ تق‪++‬دمي "في‪+‬ه" ‪.‬‬
‫وهو جار وجمرور على املبتدأ ‪ ،‬يفيد االختصاص‪.‬‬
‫اآليات ‪ ٢٠-١١‬في اإلنذار والتذكير‬ ‫‪٤٥٦‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وكم قص‪++‬منا من قري‪+‬ة ك‪+‬انت ظاملة وأنش‪++‬أنا بع‪++‬دها قوم‪++‬ا ءاخ‪+‬رين‪ ١١‬فلم‪++‬ا احس‪++‬وا بأس‪++‬نا إذا هم منه‪++‬ا‬
‫يركضون ‪ ١٢ ‬ال تركضوا وارجعوا إىل ما اترفتم فيه ومسكنكم لعلكم تسئلون‪١٣‬‬
‫(وكم قص‪FF‬منا) أهلكن‪++ +‬ا (من قري‪FF‬ة) أي‪ :‬أهله‪++ +‬ا (ك‪FF‬انت ظالم‪FF‬ة) ك‪++ +‬افرة(‪( )١‬وأنش‪FF‬أنا بع‪FF‬دها قوم‪FF‬ا‬
‫آخرين)‪( .‬فلما احسوا بأسنا) اي‪ :‬ش ‪++‬عر اه ‪++‬ل القري ‪++‬ة ب ‪++‬االهالك (‪( )٢‬اذا هم منها يركضون) يهرب ‪++‬ون‬
‫مس ‪++‬رعني (‪ .)٣‬فق ‪++‬الت هلم املالئك ‪++‬ة اس ‪++‬تهزاء (‪( :)٤‬ال تركضوا وارجعوا الى ما اترفتم) نعمتم (فيه‬
‫ومساكنكم(‪ )٥‬لعلكم تسألون)(‪ )٦‬شيئا من دنياكم على العادة ‪.‬‬
‫لماذا صارت العرب ذبلة؟‬
‫ولقد كان به ذكرالعرب حني محلوا رسالته فشرقوا وغربوا‪ .‬فلم يكن هلم قبله ذكر‪ .‬وقادوا به البش‪++‬رية‬
‫قرون‪++‬ا طويل‪++‬ة‪ .‬ول‪++‬و أن‪++‬ك ت‪++‬أملت ش‪++‬يئا يش‪++‬رف ب‪++‬ه الع‪++‬رب يف ه‪++‬ذا الع‪++‬امل مل جتد ش‪++‬يئا غريه‪++‬ذا الق‪++‬رآن‪ .‬فم‪++‬ا من ش‪++‬يء‬
‫قدمه العرب للعامل إالوهم فيه عالة علىغريهم‪.‬ولق‪++‬دظلت البش‪+‬رية ت‪+‬ذكرهم وت‪+‬رفعهم طاملا استمس‪+‬كواهبذا الكت‪+‬اب؛‬
‫فسعدوا مبا معهم من ذلك الكتاب‪ .‬فإنه الشرف الذي ال ينازعهم فيه غريهم‪ .‬وعن‪+‬دما ي‪+‬رفض الع‪++‬رب ه‪+‬ذا الق‪++‬رآن‬
‫وختل‪++‬وا ختلت عنهم البش‪++‬رية رفض‪++‬وا ش‪++‬رفهم واحنط فيه‪++‬ا ذك‪++‬رهم‪ .‬وص‪++‬اروا ذبال للقافل‪++‬ة يتخطفهم الن‪++‬اس‪ .‬وك‪++‬انوا‬
‫بكتاهبم يتخطف الناس من حوهلم وهم آمنون‪ .‬إن البشرية مل تعرفهم ألهنم عرب فحسب‪ .‬فذلك اليس‪++‬اوي ش‪++‬يئا‬
‫من تاريخ البشرية والمدلول له يف معجم احلضارة‪ .‬فإذاتقدموا إليها عربا فحسب‪ -‬جبنسية العرب‪ -‬فم‪+‬ا هم؟ وم‪+‬ا‬
‫ذاك؟ وما قعة هذا النسب بغري هذا الكتاب؟ إمنا ع‪+‬رفهم ألهنم حيمل‪+‬ون حض‪+‬ارة اإلس‪+‬الم ومثل‪+‬ه وفكرت‪+‬ه‪ .‬وه‪+‬ذا أم‪+‬ر‬
‫له مدلوله يف تاريخ البشرية ومعجم احلضارة؛ فإذا تقدموا للبشرية بكتاهبم ذاك عرفتهم‪ ،‬وذكر فيهم ورفعتهم‪.‬‬
‫وجند كفار عصرنا من العرب ‪ -‬وك‪+‬ذلك من غ‪+‬ري الع‪++‬رب ‪ -‬مص‪+‬رين على أال يبقى هلذا الق‪++‬رآن دور يف‬
‫احلي ‪++‬اة! ون ‪++‬راهم مص ‪++‬رين على إنك ‪++‬اره! واالس ‪++‬تهزاء ب ‪++‬ه دأب ك ‪++‬افر الع ‪++‬رب األولني م ‪++‬ع أن الع ‪++‬رب احملدثني رأوا من‬
‫آيات اهلل يف هذه األمة ‪ -‬بربك‪+‬ة ه‪+‬ذا الق‪+‬رآن ‪ -‬م‪+‬ا مل ي‪+‬ره األول‪+‬ون! وم‪+‬ع ذل‪+‬ك يص‪+‬رون على أن يكون‪+‬وا بال ش‪+‬رف‬
‫وأن جيردوا أمتهم من أسباب شرفها‪ .‬وما ذلك بضار هذا القرآن شيئا‪.‬‬
‫اآليات ‪ ٢٠-١١‬في اإلنذار والتذكير‬
‫(‪ - )١‬أهلكن‪++ +‬ا أهله‪++ +‬ا بكف‪++ +‬رهم باهلل وتك‪++ +‬ذيبهم رس‪++ +‬له‪ ،‬مث أنش‪++ +‬أنا بع‪++ +‬د إهالكهم أمما أخ‪++ +‬رى س‪++ +‬كنت‬
‫مساكن األولني ‪" :‬وإن تتولوا يستبدل قوما غريكم مث ال يكونوا أمثالكم"‬
‫ونظ‪+‬ري االي‪+‬ة ‪" :‬وكم اهلكن‪+‬ا من الق‪++‬رون من بع‪++‬د ن‪+‬وح" (االس‪+‬راء ‪" )١٧‬فك‪+‬أين من قري‪+‬ة اهلكناه‪+‬ا وهي‬
‫ظاملة فهي خاوية على عروشها" (احلج‪ )٤٥ :‬والتعبري بالقصم يوحي شدة االهالك‪ .‬الن القصم افظع الكسر‪.‬‬
‫(‪ - ) ٢‬اي‪ :‬علموا علم حس ومشاهدة‪ .‬وتيقنوا ان العذاب واقع هبم ال حمالة ملا وعدهم نبيهم‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬راكض ‪++‬ني دواهبم‪ .‬اومش ‪++‬بيهن هبم من ف ‪++‬رط اس ‪++‬راعهم‪ .‬يس ‪++‬ارعون ب ‪++‬اخلروج من القري ‪++‬ة ركض ‪++‬ا‬
‫وع‪++‬دوا‪ -‬كامنا ال‪++‬ركض ينجيهم من ب‪++‬أس اهلل! ‪ -‬يلح‪++‬ق هبم حيث يركض‪++‬ون‪ .‬ولكنه‪++‬ا حرك‪++‬ة الث‪++‬أر يف املص‪++‬يدة بال‬
‫تفكري وال شعور‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬او من مث من املؤمنني‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬أي‪ :‬عودوا اىل مقامكم اهلينء وعيشكم الرغيد وسكنكم املريح…‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬عن ذل ‪++ +‬ك كل ‪++ +‬ه فيم انفقتم ‪++ +‬وه‪ .‬وم ‪++ +‬ا ع ‪++ +‬اد هنال ‪++ +‬ك جمال لس ‪++ +‬ؤال وال جلواب‪ .‬امنا ه ‪++ +‬و التهكم‬
‫واالستهزاء هبم‪ .‬اما بلسان احلال او املقال‪.‬‬
‫اآليات ‪ ٢٠-١١‬في اإلنذار والتذكير‬ ‫‪٤٥٧‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫ق‪+‬الوا يويلن‪+‬ا إن‪+‬ا كن‪+‬ا ظلمني‪ ١٤‬فم‪+‬ا زالت تل‪+‬ك دعوـهم ح‪+‬يت جعلنهم حص‪++‬يدا مخدين ‪ ١٥‬وم‪+‬ا‬
‫خلقنا السماء واالرض ومابينهما لعبني‪ ١٦‬لوأردن‪+‬ا أن نتخ‪++‬ذ هلوا الختذن‪+‬ه من ل‪++‬دنا إن كن‪+‬افعلني‪١‬‬
‫‪ ٧‬بل نقذف باحلق على البطل فيدمغه‬

‫(قالوايا) للتنبي ‪++‬ه (ويلنا) هالكن ‪++‬ا (اناكناظالمين)ب ‪++‬الكفر(‪( )١‬فمازالت تلك)الكلم ‪++‬ات (دعواهم)(‪)٢‬‬
‫ي‪++ +‬دعون هبا ويرددوهنا (ح‪FF‬تى جعلن‪FF‬اهم حص‪FF‬يدا) اي‪ :‬ك‪++ +‬الزرع احملص‪++ +‬ود باملناج‪++ +‬ل ب‪++ +‬ان قتل‪++ +‬وا بالس‪++ +‬يف‬
‫(خامدين) مي ‪++‬تني كخم‪++ +‬ود الن ‪++‬ار اذا طفئت(‪( )٣‬وما خلقن‪FF‬ا الس‪FF‬ماء واالرض وم‪FF‬ا بينهم‪FF‬ا الع‪FF‬بين)‬
‫عابثني(‪ ،)٤‬بل دالني على قدرتنا ونافعني عبادنا‪( .‬لو اردنا ان نتخذ لهوا) ما يلهى به من زوجة او ولد‬
‫(التخذناه من لدنا) من عن‪++‬دنامن احلور العني واملالئك‪++‬ة(‪( ،)٥‬ان كنا فاعلين) ذل‪++‬ك (‪ ,)٦‬لكن‪++‬ا مل نفعل‪++‬ه‬
‫فلم نرده‪( .‬بل نقذف) نرمي (بالحق) االميان (على الباطل) الكفر (فيدمغه) يذهبه‬

‫(‪ - )١‬أي‪ :‬عن ‪++‬د ذل ‪++‬ك هم يفيق ‪++‬ون فيش ‪++‬عرون ب ‪++‬ان ال مف ‪++‬ر وال مه ‪++‬رب من ب ‪++‬أس اهلل احملي ‪++‬ط‪ .‬ال ينفعهم‬
‫ركض وال ينقذهم فرار‪ .‬فيحاولون االعرتاف بذنوهبم والدعاء حني ال ينفعهم ذلك‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬اي ‪ :‬دعائهم ‪ .‬وهو اعرتافهم بظلمهم‪ .‬وقد فات االوان يف هذا املقام‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬شبههم بالنار اذا مخدت ملماثلة احلص‪+‬د واخلم‪++‬ود ‪ .‬اي‪ :‬م‪++‬ا زالت تل‪+‬ك املقال‪+‬ة – وهي االع‪+‬رتاف‬
‫بالظلم ‪ -‬حىت حصدناهم حصدا ومخدت حركاهتم وسكنت اصواهتم مخودا كالنار اليت اصبحت خام‪++‬دة ال حي‪++‬اة‬
‫فيها وال حركة ‪ .‬وكان منذ حلظة ميوج باحلركة‪ .‬وتضطرب فيه احلياة‪.‬‬
‫"تلك" اشارة اىل قوهلم" يا ويلن‪+‬ا" الهنا دع‪+‬وى كان‪+‬ه قي‪+‬ل‪ :‬فم‪+‬ا زالت تل‪+‬ك ال‪+‬دعوى دع‪+‬واهم‪ .‬وال‪+‬دعوى‬
‫هن ‪++‬ا مبع ‪++‬ىن ال ‪++‬دعوة اي‪ :‬املطلب‪" :‬وآخ ‪++‬ر دع ‪++‬واهم ان احلم ‪++‬د هلل رب الع ‪++‬املني" (ي ‪++‬ونس ‪ . )١٠‬ومسيت دع ‪++‬وى الهنم‬
‫ك‪++‬انوا دع‪++‬وا بالوي‪++‬ل‪" :‬فق‪++‬الوا ي‪++‬ا ويلن‪++‬ا" واملول‪++‬ول كان‪++‬ه ي‪++‬دعو الوي‪++‬ل فيق‪++‬ول‪ :‬تع‪++‬ال ي‪++‬ا وي‪++‬ل‪ .‬فه‪++‬ذا وقت‪++‬ك‪ .‬واحلص‪++‬يد‬
‫الزرع احملصود ‪ ,‬اي‪ :‬جعلن‪+‬اهم مث‪+‬ل احلص‪+‬يد تش‪+‬بيها هلم ب‪+‬ه يف استئص‪+‬اهلم ‪ .‬كم‪+‬ا تق‪+‬ول جعلن‪+‬اكم رم‪+‬ادا‪ ,‬أي‪ :‬مث‪+‬ل‬
‫الرماد فهم يشبهون احلصيد واخلمود ‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬أي‪ :‬م ‪++‬ا س‪++‬وينا ه‪++‬ذا الس‪++‬قف املرف‪++‬وع‪ .‬وه‪++‬ذا امله‪++‬اد املوض‪++‬وع‪ .‬وم ‪++‬ا بينهم‪++‬ا من اص‪++‬ناف اخلالئ‪++‬ق‬
‫مش‪++‬حونة بض‪++‬روب الب‪++‬دائع والعج‪++‬ائب ‪ ,‬لعب‪++‬ا وال هلوا‪ ,‬كم‪++‬ا تس‪++‬وي اجلب‪++‬ابرة س‪++‬قوفهم وفرش‪++‬هم‪ ،‬وس‪++‬ائر زخ‪++‬ارفتهم‬
‫الله‪++‬و واللعب‪ .‬ب‪++‬ل تبص‪++‬رة للنظ‪++‬ار ‪ ,‬وت‪++‬ذكرة ل‪++‬ذوي االعتب‪++‬ار‪ ،‬وتس‪++‬ببا ملا ينتظم ب‪++‬ه ام‪++‬ور العب‪++‬اد يف املع‪++‬اش واملع‪++‬اد‪.‬‬
‫فاجلد اصيل يف طبيعة هذا الكون ويف تدبريه‪ .‬اصيل يف العقيدة اليت ارادها اهلل للناس‪ .‬ويف احلساب ال‪+‬ذي تأخ‪+‬ذهم‬
‫به بعد املمات ‪ .‬فينبغي ان يصرفوا هبا اىل حتصيل الكمال‪ .‬وال يغرتوا بزخارفتها فاهنا سريعة الزوال‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬ول‪++‬و اراد اهلل س‪++‬بحانه وتع‪++‬اىل ان يتخ‪++‬ذ هلوا الختذه من لدن‪++‬ه هلوا ذاتي‪++‬ا‪ -‬ال ملك‪++‬ا وال ح‪++‬ور العني‬
‫كم ‪++‬ا زعم ‪++‬ه املفس ‪++‬ر‪ -‬من جه ‪++‬ة قدرت ‪++‬ه مما يلي ‪++‬ق حبض ‪++‬رة قدس ‪++‬ه‪ .‬وال يتعل ‪++‬ق بش ‪++‬يء من خملوقات ‪++‬ه احلادث ‪++‬ة الفاني ‪++‬ة من‬
‫االجسام املرفوعة واالجرام املبسوطة كعادتكم يف رفع السقوف وتزويقه‪+‬ا ‪ ,‬وتس‪++‬وية الف‪++‬رش وتزيينه‪+‬ا ‪ ,‬وه‪++‬و جمرد‬
‫فرض جديل‪.‬‬
‫و"لو" تفيد امتناع وقوع فع‪+‬ل اجلواب المتن‪+‬اع وق‪+‬وع فع‪+‬ل الش‪+‬رط‪ .‬فاهلل تع‪+‬اىل مل ي‪+‬رد ان يتخ‪+‬ذ هلوا فلم‬
‫يكن هناك هلو ال من لدنه وال من شيء خارج عنه‪ .‬واهلل تعاىل مل يرده ابتداء ومل يوجه اليه إرادته فلن يكون‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬ك‪++‬التقرير ل‪++‬ذلك املع‪++‬ىن مبالغ‪++‬ة يف االمتن‪++‬اع على ان "أن" ح‪++‬رف ش‪++‬رط‪ .‬أي‪ :‬ل‪++‬و كن‪++‬ا ف‪++‬اعلني ‪ .‬او‬
‫تصريح بنتيجة السابق علة ان "ان" حرف نفي مبعىن "ما"‪ .‬والصيغة لنفي ارادة الفعل ابتداء‪.‬‬
‫والباطل زاهق ربما كان منتفخا‬ ‫‪٤٥٨‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫ف‪++‬إذا ه‪++‬و زاه‪++‬ق ولكم الوي‪++‬ل مما تص‪++‬فون‪ ١٨‬ول‪++‬ه من يف الس‪++‬موت واالرض ومن عن‪++‬ده ال يس‪++‬تكربون‬
‫عن عبادته وال يستحسرون‪ ١٩‬يسبحون الليل والنهار ال يفرتون ‪٢٠‬‬

‫(فإذا هو زاهق) ذاهب(‪ .)١‬ودمغه يف االصل‪ :‬اصاب دماغه بالضرب(‪ )٢‬وهو مقتل (ولكم) ي‪++‬ا كف‪++‬ار‬
‫مك ‪++‬ة (الويل) الع ‪++‬ذاب الش ‪++‬ديد (مما تصفون)(‪ )٣‬اهلل ب ‪++‬ه من الزوج ‪++‬ة او الول ‪++‬د‪( .‬وله) تع ‪++‬اىل (من في‬
‫السماوات واالرض) ملك‪++ +‬ا(‪( )٤‬ومن عنده) أي‪ :‬المالئك‪FF‬ة (‪ )٥‬مبت‪FF‬دأ‪ ،‬خ‪FF‬بره (ال يس‪FF‬تكبرون عن‬
‫عبادته وال يستحسرون)(‪ )٦‬ال يعيون (يسبحون الليل والنهار ال يفترون) عن‪++‬ه‪ .‬فه‪++‬و منهم ك‪++‬النفس‬
‫منا ال يشغلنا عنه شاغل(‪)٧‬‬

‫(‪ - )١‬ب‪++‬ل من س‪++‬نتنا املط‪++‬ردة ان ن‪++‬رمي ونس‪++‬لط ب‪++‬احلق على الباط‪++‬ل ‪ -‬ال ان نتخ‪++‬ذ هلوا – فيغلب احلق‬
‫االصيل على الباطل العارض‪.‬‬
‫بل لإلضراب عن احلديث يف موضوع اللهو‪ ،‬والعدول عن‪+‬ه اىل احلديث يف الواق‪+‬ع املق‪+‬رر ال‪+‬ذي جتري ب‪+‬ه‬
‫السنة ويقتضيه الناموس‪ .‬وهو غلبة احلق وزهق الباطل‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬متثي‪+‬ل لغلب‪+‬ة احلق على الباط‪+‬ل ح‪+‬ىت يذهب‪+‬ه ب‪+‬رمي ج‪+‬رم ص‪+‬لب على رأس دم‪++‬اغ رخ‪+‬و لينس‪+‬فه وم‪++‬ا‬
‫في‪++‬ه‪ .‬كامنا احلق قذيف‪++‬ة يف ي‪++‬د الق‪++‬درة تق‪++‬ذف ب‪++‬ه على الباط‪++‬ل فيش‪++‬ق دماغ‪++‬ه‪" .‬ف‪++‬إذا ه‪++‬و زاه‪++‬ق" هال‪++‬ك ذاهب‪ .‬ي‪++‬وحي‬
‫علو احلق وتسفل الباطل ‪ ,‬وان جانب االول باق والثاين فان‪.‬‬
‫والباطل زاهق مهما كان منتفشا‬
‫ويف بعض الفرتات اليت يبدو الباطل منتفشا يف واقع احلياة! كان‪+‬ه غ‪+‬الب‪ ،‬ويب‪+‬دو فيه‪+‬ا احلق منزوي‪+‬ا كان‪+‬ه‬
‫مغل‪++‬وب! خيي‪++‬ل لض‪++‬عاف القل‪++‬وب ان ه‪++‬ذا خيالف احلقيق‪++‬ة ال‪++‬يت يقرره‪++‬ا العليم اخلب‪++‬ري! وان هي يف احلقيق‪++‬ة اال ف‪++‬رتة من‬
‫الزمان ميد اهلل فيها ما يشاء للفتنة واالبتالء‪ ,‬مث جتري السنة االزلية املطردة‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬أي‪ :‬ولكم الع‪++‬ذاب الش‪+‬ديد من وص‪+‬فكم ربكم بغ‪++‬ري ص‪+‬فته‪ ،‬وقيلكم ‪" :‬ان‪+‬ه اختذ ول‪+‬دا وزوج‪+‬ة"‬
‫وافرتائكم ذلك عليه‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬أي‪ :‬وله سبحانه وتعاىل خاصة مجيع املخلوق‪+‬ات خلق‪+‬ا وملك‪+‬ا – عرفن‪+‬ا منهم من نع‪+‬رف وتركن‪+‬ا‬
‫علم من ال نعلم خلالق الس ‪++‬موات واالرض ومن فيهن – دون ان يك ‪++‬ون الح ‪++‬د يف ذل ‪++‬ك س ‪++‬لطان ال اس ‪++‬تقالال وال‬
‫استتباعا‪.‬جيء بالسموات هنا مجعا إلظهار مزية العظمة علىمعىن‪:‬له كل من ه‪++‬و يف واح‪++‬دة واح‪++‬دة من الس‪++‬موات‪.‬‬
‫وافرد مثه لشأن اشتمال هذا السقف املرفوع والفراش املمهد‪ ،‬وما استقر بينهما على احلكمة اليت ال حتصى‪.‬‬
‫والنص يشمل المالئكة وغيرهم‬
‫(‪ - )٥‬عطف على "من يف السماوات"‪ .‬املفهوم القريب اهنم املالئكة‪ .‬ولكنن‪+‬ا ال حندد وال نقي‪+‬د م‪+‬ا دام‬
‫النص عام‪++ +‬ا يش‪++ +‬مل املالئك‪++ +‬ة وغ‪++ +‬ريهم‪ .‬ونس‪++ +‬تفيد من التعب‪++ +‬ري اهنم االقرب‪++ +‬ون اىل اهلل‪ .‬ومن يف الس‪++ +‬ماء واالرض ال‬
‫يعلمهم اال اهلل‪ .‬وال حيصيهم اال اهلل ‪ .‬والعلم البشري ال يستيقن من وجود البشر‪ .‬واملؤمنون يس‪+‬تيقنون من وج‪+‬ود‬
‫املالئك ‪++‬ة واجلن ك ‪++‬ذلك ل ‪++‬ذكرها يف الق ‪++‬رآن‪ .‬ولكنن ‪++‬ا ال نع ‪++‬رف عنهم اال م ‪++‬ا اخربن ‪++‬ا ب ‪++‬ه خ ‪++‬القهم‪ .‬وق ‪++‬د يك ‪++‬ون هن ‪++‬اك‬
‫غريهم من العقالء بطبائع واشكال تتناسب طبيعة الكوكب اليت هم فيه‪ .‬وعلم ذلك عند اهلل ‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬ال يتعظم ‪++ +‬ون عن عبادت ‪++ +‬ه وال يكل ‪++ +‬ون وال يتعب ‪++ +‬ون وال يستحس ‪++ +‬رون ‪ .‬كم ‪++ +‬ا يس ‪++ +‬تكرب ه ‪++ +‬ؤالء‬
‫املشركون ‪ .‬فحياهتم كلها عبادة وتسبيح بالليل والنهار دون انقطاع وفتور‪.‬‬
‫(‪ - )٧‬أي‪ :‬تس‪++‬بيحهم دائم متص‪++‬ل يف مجي‪++‬ع اوق‪++‬اهتم‪ ،‬ال تتخلل‪++‬ه ف‪++‬رتة بف‪++‬راغ او ثق‪++‬ل‪ .‬فتس‪++‬بيحهم ج‪++‬ار‬

‫اآليات ‪ ٢٩-٢١‬في مناقشة المشركين في عقائدهم‬ ‫‪٤٥٩‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫أم اختذوا ءاهلة من االرض هم ينشرون ‪ ٢١‬لو كان فيهما ءاهلة اال اهلل لفسدتا‬
‫(ام) مبع ‪++‬ىن"ب ‪++‬ل" لالنتق ‪++‬ال ومهزة االنك ‪++‬ار (اتخذواآلهة) كائن ‪++‬ة (من االرض)(‪ )١‬كحج ‪++‬ر وذهب وفض ‪++‬ة‬
‫(هم) أي‪:‬اآلهلة (ينشرون) أي‪:‬حيي ‪++‬ون املوتى(‪)٢‬؟ ال‪ .‬واليك ‪++‬ون اهلا اال من حييي املوتى‪(.‬لوكان فيهم‪F‬ا)‬
‫أي‪ :‬السماوات واالرض (آلهة اال هللا) أي‪ :‬غريه(‪( )٣‬لفسدتا)(‪ )٤‬خرجتا عن نظامهما املش‪++‬اهد لوج‪++‬ود‬
‫التمانع بينهم‪ ،‬علىوفق العادة عند تعدد احلاكم من التمانع يف الشيء وعدم االتفاق عليه(‪)٥‬‬
‫جمرى التنفس من االنسان‪ .‬فهم دائبون يف العمل ليال وهنارا‪ ،‬مطيعون قصدا وعمال‪ ،‬قادرون عليه‪.‬‬
‫والـ استحس‪++‬ار حيث ال طلب ابل‪++‬غ من احلس‪++‬ور ‪ .‬والتعب‪++‬ري ب‪++‬ه ي‪++‬وحي ان عب‪++‬ادهتم بثقله‪++‬ا ودوامه‪++‬ا حقيق‪++‬ة‬
‫ب‪++‬ان يتحس‪++‬ر منه‪++‬ا‪ .‬وم‪++‬ع ذل‪++‬ك ال يتحس‪++‬رون ‪ .‬واف‪++‬راده بال‪++‬ذكر للتعظيم ‪ .‬او املراد ب‪++‬ه ن‪++‬وع من املالئك‪++‬ة متع‪++‬ال عن‬
‫التبوء يف السماء واالرض‪.‬‬
‫االيات ‪ ٢٩-٢١‬في مناقشة المشركين في عقائدهم‬
‫(‪ - )١‬فبسبب ذلك غفل‪+‬وا عن الي‪+‬وم االخ‪+‬ر وعن احلس‪+‬اب واعرض‪+‬وا عن ال‪+‬وحي وعن ال‪+‬ذكر ‪ .‬حكاي‪+‬ة‬
‫اخ‪++‬رى عن جناي‪++‬ات اولئ‪++‬ك الكف‪++‬رة‪ .‬هي اعظم من جناي‪++‬ة طعنهم يف النب‪++‬وة‪" .‬ام" منقطع‪++‬ة وتق‪++‬در بـ"ب‪++‬ل" االض‪++‬رابية‪.‬‬
‫واهلم‪++ + +‬زة لالنك‪++ + +‬ار‪" .‬من االرض" ص‪++ + +‬فة االهلة‪ .‬او متعلق‪++ + +‬ة بالفع‪++ + +‬ل على مع‪++ + +‬ىن االبت‪++ + +‬داء‪ .‬وفائ‪++ + +‬دهتا التحق‪++ + +‬ري دون‬
‫التخصيص‪ .‬والسؤال عن اختاذهم اهلة هو سؤال انكار للواقع منهم‪.‬‬
‫فهل االلهة المزعومة تحيي الموتى؟‬
‫(‪ )٢‬أي‪ :‬ه‪++‬ل ه‪++‬ذه اآلهلة حتيي وتعي‪++‬د احلي‪++‬اة ح‪++‬ىت عب‪++‬دوها؟ أفهم مطمئن‪++‬ون اذا بعثن‪++‬اهم اهنا ال تع‪++‬ذهبم؟‬
‫ووص‪++‬ف ه‪++‬ؤالء ب‪++‬اهنم "ينش‪++‬رون" من يف االرض في‪++‬ه هتكم بتل‪++‬ك االهلة ال‪++‬يت اختذوها‪ .‬واملراد جتهيلهم والتهكم هبم‪.‬‬
‫وزيد الضمري املوهم الختصاص االنتشار هبم للمبالغة يف ذلك‪.‬‬
‫واالله احلق ال بد ينشراملوتى من االرض‪ .‬فهل االهلة املزعومة حتيي املوتى؟ اهنا التفعل ابدا‪.‬وهم الي‪++‬دعون‬
‫اهنا ختلق حياة او تعيد حياة‪ .‬فهي اذن فاقدة للصفة االوىل من صفات االله‪ .‬ذلك منطق الواقع املشهود يف االرض‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬أي‪":‬اال" مبنزل‪++‬ة "غ‪++‬ري"بال‪++‬ذات او بالص‪++‬فة‪.‬وص‪++‬ف لتعذراالس‪++‬تثناء ملغ‪++‬ايرة م‪++‬ا بع‪++‬دها ملا قبله‪++‬ا‪ .‬الن‬
‫االهلة مجع منكور غري حمصور‪ .‬ولوجعل اال مبعىن االستثناء به يكون املعىن لوكان فيهما اهلة يستثىن منهااهلل لفسدتا‪.‬‬
‫فيلزم منه لوكان فيهما اهلة مل يستثن منهااهلل سبحانه مل يلزم من‪+‬ه الفس‪+‬اد‪.‬واملقص‪+‬ود ل‪+‬زوم الفس‪+‬اد من تع‪++‬دد االهلة من‬
‫غري تقييد‪.‬والجيوز ان يكون الرفع علىالبدل النه مرتب علىاالستثناء ومشروط بان يكون يف النفي اليف االثبات‪.‬‬
‫في برهان التمانع‬
‫(‪- )٤‬والوجود كله بنظامه وسالمته من اخلل‪+‬ل والفس‪+‬اديكذهبم فيم‪+‬ايقولون‪.‬وهوكقول‪+‬ه‪" :‬ولعالبعض‪+‬هم‬
‫علىبعض" (املؤمن‪++‬ون‪)٩١:‬وقدص‪++‬رح اهلل تعالىبكلم‪++‬ة "الال‪++‬ه االه‪++‬و"يف س‪++‬بعة وثالثني موض‪++‬عامن الق‪++‬رآن‪ ،‬وبالوحداني‪++‬ة‬
‫يف موضعني فقط‪ .‬ومها قوله تعاىل "واهلكم اله واحد" (البقرة ‪" )١٦٣‬قل هو اهلل احد" (االخالص‪)١:‬‬
‫(‪ - )٥‬وذلك انه لو كان فيهما اهلان‪ .‬فاما ان خيتلفا او يتفقا يف التص‪+‬ريف يف الك‪++‬ون‪ .‬وعلى االول ام‪++‬ا‬
‫ان ينفذ مرادمها معا فرييد احدمها االجياد‪ ,‬والثاين ال يري‪+‬ده فيثبت الوج‪+‬ود والع‪++‬دم لش‪+‬يء اختلف‪++‬ا في‪+‬ه‪ .‬وام‪++‬ا ان ينف‪++‬ذ‬
‫مراد احدمها دون الثاين‪ .‬فيكون هذا مغلول اليد عاجزا‪ .‬وهذا كما ترى‪ .‬الن االله ال يكون كذلك‪ .‬وعلى الثاين‬
‫لو اوجداه معا وجب ت‪+‬وارد اخلل‪+‬ق من اخلالقينن على خمل‪+‬وق واح‪+‬د! او اوج‪+‬د اح‪+‬دمها واالخ‪+‬ر س‪+‬اكت ام‪+‬ا لعج‪+‬ز ‪,‬‬
‫او ال فيدور‪ .‬ومجيع التقادير ظاهر البطالن‪.‬‬
‫ومن استبد به الغرور يسأل سؤال المنكر المتعجب‬ ‫‪٤٦٠‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫فسبحن اهلل رب العرش عما يصفون ‪ ٢٢‬ال يس‪+‬ئل عم‪+‬ا يفع‪+‬ل وهم يس‪+‬ئلون ‪ ٢٣‬أم اختذوا من‬
‫دونه ءاهلة قل هاتوا برهنكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي‬

‫(فسبحان) تنزي ‪++‬ه (هللا رب) خ ‪++‬الق (العرش) الكرس ‪++‬ي(‪( )١‬عما يصفون)(‪ )‍٢‬أي‪ :‬الكف ‪++‬ار اهلل ب ‪++‬ه من‬
‫الش ‪++‬ريك ل ‪++‬ه وغ ‪++‬ريه‪( .‬ال يسأل عما يفعل(‪ )٣‬وهم يسألون) عن افع ‪++‬اهلم (‪( .)٤‬ام اتخ‪F‬ذوا من دون‪F‬ه)‬
‫تعاىل أي ‪ :‬سواه (آلهة) فيه استفهام توبيخ(‪( )٥‬قل هاتوا برهانكم) على ذلك(‪ )٦‬وال سبيل اليه (هذا‬
‫ذكر من معي) أي‪ :‬اميت وهو القران (وذكر من قبلي) من االمم (‪،)٧‬وهو التوراة واالجنيل‬

‫(‪ - )١‬واجلالالن كأمنا ذهب‪++‬ا إىل أن الع‪++‬رش ه‪++‬و الكرس‪++‬ي فه‪++‬ل مها ش‪++‬يء واح‪++‬د؟ راج‪++‬ع ص‪++‬فحة ‪٤١٤ :‬‬
‫رقم االية‪ ١٢٩ :‬التوبة‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬أي‪ :‬فتنزيها هلل رب العرش – احمليط هبذا الكون مرك‪+‬ز ت‪+‬دبري الع‪+‬امل – عم‪+‬ا يق‪+‬ول ه‪+‬ؤالء من ان‬
‫له ولدا او شريكا‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬أي‪ :‬وه ‪++ +‬و احلاكم ال ‪++ +‬ذي ال معقب حلكم ‪++ +‬ه وال مع ‪++ +‬رتض لعظمت ‪++ +‬ه‪ ,‬وجالل ‪++ +‬ة قدرت ‪++ +‬ه ‪ ,‬وعلم ‪++ +‬ه‬
‫وحكمته ‪ ,‬وعدله ولطفه‪ ,‬وتفرده بااللوهية‪ ,‬والسلطنة الذاتية‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬وهو سائل خلقه عما يعملون‪ .‬الهنم مملوكون معبودون‪ .‬وم‪+‬ىت ك‪+‬ان املس‪+‬يطر على الوج‪+‬ود كل‪+‬ه‬
‫يسأل؟ ومن ذا الذي يسئله ؟ وهو القاهر فوق عباده‪ .‬وهو وحده االله الذي حييي املوتى وهو وحده الذي ي‪++‬دبر‬
‫امر السماء واالرض‪ .‬وهو وحده الذي يسأل وال يسأل‪.‬‬
‫والضمري لالهلة او للعباد‪" :‬فورب‪+‬ك لنس‪+‬ئلنهم امجعني عم‪+‬ا ك‪+‬انوا يعمل‪+‬ون" (احلج‪+‬ر‪" )٩٢ :‬وه‪+‬و جيري وال‬
‫جيار عليه" (املؤمنون ‪)٨٨‬‬
‫ومن استبد به الغرور يسأل سؤال المنكر المتعجب‬
‫وان اخلل ‪++‬ق ليس ‪++‬تبد هبم الغ ‪++‬رور احيان ‪++‬ا! فيس ‪++‬ئل س ‪++‬ؤال املنك ‪++‬ر املتعجب‪ :‬وملا ذا ص ‪++‬نع اهلل هك ‪++‬ذا؟! وم ‪++‬ا‬
‫احلكمة يف هذا التصنيع ؟! وكامنا يريدون ليقولوا اهنم ال جيدون احلكمة يف هذا التص‪+‬نيع! وهم يتج‪+‬اوزون يف ه‪++‬ذا‬
‫ح‪++‬دود االدب ال‪++‬واجب يف ح‪++‬ق املعب‪++‬ود ! كم‪++‬ا يتج‪++‬اوزون ح‪++‬دود االدراك االنس‪++‬اين القاص‪++‬ر ال‪++‬ذي ال يع‪++‬رف العل‪++‬ل‬
‫واالس‪+‬باب والغاي‪+‬ات‪ .‬وه‪+‬و حمص‪+‬ور يف ح‪+‬يزه احملدود – وال تق‪++‬در – مبا تض‪+‬ع من احلدود واملق‪++‬اييس اال كم‪+‬ا تري‪+‬د‪.‬‬
‫واخللق ماخوذون مبا تضع هلم من تلك احلدود فهم يسئلون‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬كرر االنكار مرة اخرى استفظاعا لكفرهم واستعظاما لشأهنم ‪ .‬واظهارا جلهلهم وتبكيتا‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬من عقل او نقل‪ .‬واىل جانب ال‪+‬دليل الك‪+‬وين املس‪+‬تمد من طبيع‪++‬ة الوج‪+‬ود وواقع‪++‬ه ‪ ,‬يس‪+‬ئلهم عن‬
‫الدليل الذي ينشرون اليه يف دعوى الشرك الذي ال يعتمد على دليل‪ .‬اذ ال يص‪+‬ح الق‪++‬ول مبا ال دلي‪+‬ل علي‪+‬ه‪ .‬كي‪+‬ف؟‬
‫وقد تطابقت احلجج على بطالنه عقال ونقال‪ .‬واذن‪ :‬ليس هلم اال العجز مركبا‪.‬‬
‫(‪ - )٧‬والكتب االهلي ‪++‬ة قاطب ‪++‬ة ناطق ‪++‬ة بوحدانيت ‪++‬ه‪ .‬وليس فيم ‪++‬ا ج ‪++‬اؤوا ب ‪++‬ه ذك ‪++‬ر الش ‪++‬ركاء‪ .‬فمن اين ج ‪++‬اء‬
‫املشركون بدعوى الشرك اليت تنقضها طبيعة الكون‪.‬؟ وال يوجد يف كتاب من الكتب االهلية السابقة عليها دليل‪.‬‬
‫وحيتم‪++‬ل ان يك‪++‬ون املراد الق‪++‬ران يف املرتني‪ .‬ف‪++‬القرآن في‪++‬ه ذك‪++‬ر ه‪++‬ذه االم‪++‬ة ‪ .‬وفي‪++‬ه ال‪++‬ذكر ال‪++‬ذي ان‪++‬زل على‬
‫كل االمم السابقة‪ .‬زيادة هتييج هلم على اقامة الربهان الظهار كمال عجزهم ‪.‬‬
‫وينب ‪++‬ه اهلل س ‪++‬بحانه الع ‪++‬رب اىل ان ‪++‬ه اخت ‪++‬ار حمم ‪++‬دا ‪ ‬منهم ل ‪++‬ريفع ش ‪++‬أهنم يف الع ‪++‬املني‪ .‬وجيعلهم اص ‪++‬حاب‬
‫رسالة حتوهلم من رعاة الغنم اىل رعاة االمم‪ .‬وم‪++‬ع ذل‪+‬ك فق‪++‬د دخ‪+‬ل الع‪++‬رب االس‪+‬الم بش‪+‬ق النفس! ولكنهم بع‪++‬د م‪++‬ا‬

‫اآليات ‪ ٢٩-٢١‬في مناقشة المشركين في عقائدهم‬ ‫‪٤٦١‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫بل أكثرهم ال يعلمون احلق فهم معرضون‪ ٢٤‬وما أرسلنا من قبلك من رسول اال ن‪++‬وحي الي‪++‬ه ان‪++‬ه ال‬
‫ال ‪++‬ه اال أن ‪++‬ا فاعب ‪++‬دون‪ ٢٥‬وق ‪++‬الوا اختذ ال ‪++‬رمحن ول ‪++‬دا س ‪++‬بحنه ب ‪++‬ل عب ‪++‬اد مكرم ‪++‬ون‪ ٢٦‬ال يس ‪++‬بقونه‬
‫بالقول وهم بأمره يعملون‪٢٧‬‬

‫وغريمها من كتب اهلل(‪ ،)١‬ليس يف واح‪++‬د منه‪++‬ا ان م‪++‬ع اهلل اهلا مما ق‪++‬الوا‪ ،‬تع‪++‬اىل عن ذل‪++‬ك (بل اكثرهم ال‬
‫يعلمون الحق) أي‪ :‬توحي‪++ +‬د اهلل (‪( )٢‬فهم معرضون )(‪ )٣‬عن النظ ‪++‬ر املوص ‪++‬ل الي ‪++‬ه‪( .‬وما ارسلنا من‬
‫قبلك من رسول اال يوحى)‪ ،‬ويف قراءة بالنون وكسر احلاء(‪( )٤‬اليه انه ال اله اال انا فاعبدون) أي‪:‬‬
‫وح ‪++‬دوين(‪( )٥‬وقالوا اتخذ الرحمن ول‪FF‬دا) من املالئك‪++ +‬ة (‪( )٦‬س‪FF‬بحانه(‪ )٧‬ب‪FF‬ل) هم (عب‪FF‬ادمكرمون)‬
‫عنده(‪ ،)٨‬والعبودية تنايف الوالدة (اليسبقونه بالقول) اليأتون بقوهلم إالبعد قوله(‪)٩‬‬
‫اطمئنوا اليه افتدوه بالنفس والنفيس‪ ,‬وطوفوا به يف ارجاء العاملني‪.‬‬
‫(‪ - )١‬وم‪++‬ا ذك‪++‬ره ش‪++‬يء ب‪++‬ديهي يف الكتب الس‪++‬ابقة‪ .‬وم‪++‬ع اهنا االن حمرف‪++‬ة ومبدل‪++‬ة – كم‪++‬ا م‪++‬ر معن‪++‬ا اك‪++‬ثر‬
‫من مرة – فانه بقي فيها حىت االن ما يدل على ان التوحيد اخلالص هو دعوة االنبياء مجيعا‪.‬‬
‫ق‪+‬ال س‪+‬يف اهلل الفاض‪+‬ل‪ :‬وق‪+‬د وردت ال ال‪+‬ه اال اهلل يف اس‪+‬فار العه‪+‬د الق‪+‬دمي واجلدي‪+‬د‪ -‬الكتب ال‪+‬يت ي‪+‬ؤمن هبا‬
‫اليهود واملسيحيون حاليا‪ :‬ال تصنعوا لكم اوثانا وال تقيموا لكم متث‪+‬اال او نص‪+‬با وال جتعل‪+‬وا يف ارض‪+‬كم حج‪+‬را مص‪+‬ورا‬
‫لتسجدوا له الين انا الرب اهلكم (سفر الالوبني ‪ )١:٢٦‬أي‪ :‬ان احلجر املصور ال ميكن ان يكون اهلا بل هو وثن‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬أي‪ :‬بل اكثر هؤالء المييزون بني احلق والباطل‪ .‬فالتؤثر فيهم احلجة والربهان واليعتقدون به‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬فاذا كان االمر ك‪+‬ذلك فكي‪+‬ف يع‪+‬رض املعرض‪+‬ون؟ وكي‪+‬ف ينس‪+‬ى حس‪+‬ابه الن‪+‬اس امجعني؟ وكي‪+‬ف‬
‫ايل ذكره ال يستمعون واجفني؟! ال‪ .‬بل هبذا اجلهل اعرضوا عن قبول احلق‪ ،‬وعن النظر املوص‪++‬ل الي‪++‬ه‪ .‬فال يت‪++‬أملون‬
‫حجة‪ ،‬وال يتدبرون برهانا‪ ،‬وال يتفكرون يف دليل‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬وقرأ حفص ومحزة والكسائي "نوحي اليه" بالنون وكسر احلاء ‪ .‬والباقون بالياء وفتح احلاء‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬تعميم بعد ختصيص‪ .‬ف‪+‬ان "ذك‪+‬ر من قبلي" من حيث ان‪+‬ه خ‪+‬رب باس‪+‬م االش‪+‬ارة خمص‪+‬وص ب‪+‬املوجود‬
‫بني اظهرهم ‪ .‬وهو الكتب الثالثة ‪ .‬فبعثة ك‪+‬ل ن‪+‬يب لل‪+‬دعوة اىل عب‪+‬ادة اهلل وح‪+‬ده – بال ش‪+‬ركة‪ . -‬والفط‪+‬رة ش‪+‬اهدة‬
‫ب‪++‬ذلك ‪ .‬وحنو االي‪++‬ة ‪" :‬واس‪++‬أل من ارس‪++‬لنا من قبل‪++‬ك من رس‪++‬لنا اجعلن‪++‬ا من دون ال‪++‬رمحن اهلة يعب‪++‬دون" (الزخ‪++‬رف ‪:‬‬
‫‪" )٤٥‬ولقد بعثنا يف كل امة رسوال ان اعبدوا اهلل واجتنب‪+‬وا الط‪+‬اغوت" (النح‪+‬ل‪ )٣٦ :‬فتوحي‪+‬د االلوهي‪+‬ة ه‪+‬و قاع‪+‬دة‬
‫العقي‪+‬دة من‪+‬ذ ان بعث اهلل الرس‪+‬ل للن‪+‬اس‪ .‬ال تب‪+‬ديل فيه‪+‬ا وال حتوي‪+‬ل‪ .‬توحي‪+‬د االل‪+‬ه وتوحي‪+‬د املعب‪+‬ود‪ .‬فال انفص‪+‬ال بني‬
‫االلوهية والربوبية‪ .‬وال جمال للشرك يف االلوهية‪ ،‬وال يف العبادة‪ .‬قاعدة ثابتة ثبوت النواميس الكونية‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬وق ‪++‬ال مش ‪++‬ركوا اليه ‪++‬ود ببن ‪++‬وة العزي ‪++‬ر هلل‪ ,‬والنص ‪++‬ارى ببن ‪++‬وة املس ‪++‬يح هلل‪ ,‬ومش ‪++‬ركوا الع ‪++‬رب ببن ‪++‬وة‬
‫املالئكة هلل‪ .‬والذي يعىن السياق هنا هو دعوى بعض العرب يف بنوة املالئكة‪.‬‬
‫(‪ - )٧‬نزه اهلل سبحانه عن ذلك‪ .‬الن الولد ال بد يكون شبيها بالوالد‪ .‬فلو كان له ول‪++‬د ألش‪++‬بهه ‪ ,‬وال‬
‫جمانسة بني اخلالق واملخلوق‪.‬‬
‫(‪ - )٨‬فلما نزه س‪+‬بحانه نفس‪+‬ه عن الول‪+‬د رد عليهم ببي‪+‬ان طبيع‪++‬ة املالئك‪+‬ة‪ .‬هم ليس‪+‬وا بن‪+‬ات اهلل ب‪+‬ل عب‪+‬اد‬
‫مكرم ‪++‬ون مقرب ‪++‬ون عن ‪++‬د اهلل‪ .‬فه ‪++‬و إذا اختذ يتخ ‪++‬ذ عب ‪++‬ادا ‪-‬وهم مكرم ‪++‬ون مقرب ‪++‬ون عن ‪++‬د اهلل‪ -‬ويك ‪++‬رمهم وال يتخ ‪++‬ذ‬
‫أوالدا‪.‬‬
‫(‪ - ) ٩‬أي‪ :‬اليقرتحون عليه شيئا‪ .‬فهم يف غاية األدب واإلجالل‪ .‬ويدخل يف ذلك املالئكة واألنبياء‪.‬‬
‫اآليات‪ ٣٣-٣٠‬في األدلة الكونية على وجودالواحد‬ ‫‪٤٦٢‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫يعلم ما بني أيديهم وما خلفهم وال يشفعون إال ملن ارتضى وهم من خشيته مشفقون‪ ٢٨‬ومن يق‪++‬ل‬
‫منهم إين إل‪++ +‬ه من دون‪++ +‬ه ف‪++ +‬ذلك جنزي‪++ +‬ه جهنم ك‪++ +‬ذلك جنزي الظ‪++ +‬املني‪ ٢٩‬أومل ي‪++ +‬ر ال‪++ +‬ذين كف‪++ +‬روا أن‬
‫السموت واألرض كانتا رتقا‬

‫(وهم ب‪FF‬أمره يعمل‪FF‬ون)(‪ )١‬أي‪ :‬بع ‪++ +‬ده‪( .‬يعلم م‪FF‬ا بين أي‪FF‬ديهم وم‪FF‬ا خلفهم) أي‪ :‬م‪++ +‬ا عمل‪++ +‬وا وم‪++ +‬ا هم‬
‫ع ‪++ +‬املون(‪( )٢‬وال يش‪FF‬فعون إال لمن ارتض‪FF‬ى) تع ‪++ + +‬اىل أن يش ‪++ +‬فع ل ‪++ +‬ه(‪( )٣‬وهم من خش‪FF‬يته) تع ‪++ + +‬اىل‬
‫(مشفقون) أي‪ :‬خائفون(‪()٤‬ومن يقل منهم إني إله من دونه) أي‪ :‬اهلل(‪ ،)٥‬أي‪:‬غريه وهوإبليس‪ ،‬دع‪++‬ا‬
‫إىل عب ‪++‬ادة نفس‪++ +‬ه وأم‪++ +‬ر بطاعته‪++ +‬ا (فذلك نجزي‪FF‬ه جهنم ك‪FF‬ذلك) كماجنزي ‪++‬ه (نج‪FF‬زي الظ‪FF‬المين)(‪ )٦‬أي‪:‬‬
‫املش‪++ +‬ركني‪( .‬أولم) ب‪++ +‬واو وتركه‪++ +‬ا(‪( )٧‬ير) يعلم (الذين كفروا(‪ )٨‬أن السموات األرض كانتا رتق‪FF‬ا)‬
‫أي‪ :‬سدا مبعىن مسدودة‬
‫(‪ - )١‬فهم يف غاي ‪++‬ة الطاع ‪++‬ة ‪ .‬فكم ‪++‬ا أن ق ‪++‬وهلم ت ‪++‬ابع لقول ‪++‬ه "فهم يعمل ‪++‬ون" ب ‪++‬أمره وال يناقش ‪++‬ون ‪ ،‬وال‬
‫يعملون عمال مل يؤمروا به‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬أي‪ :‬ما قدموا وما أخروا من أعماهلم‪ ،‬فال يزالون يراقبونه يف مجيع شؤوهنم‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬أي‪ :‬ملن رضي اهلل عن‪++‬ه ‪ .‬وهم أه‪++‬ل ش‪++‬هادة أن ال إل‪+‬ه إال اهلل‪ .‬واآلي‪+‬ة الكرمية وإن دلت على أهنم‬
‫ال يشفعون إال ملن ارتضى الشفاعة له‪ .‬لكن ان عدم شفاعة املالئكة ال تدل على عدم شفاعة غريهم‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬أي‪ :‬وهم من خوف اهلل واإلش‪+‬فاق من عقاب‪+‬ه ح‪+‬ذرون أن يعص‪+‬وه وخيالفوا أم‪++‬ره وهني‪+‬ه ‪ .‬وأص‪+‬ل‬
‫اخلش ‪++‬ية خ ‪++‬وف م ‪++‬ع تعظيم ‪.‬ول ‪++‬ذا خص هبا العلم ‪++‬اء ‪ .‬واإلش ‪++‬فاق خ ‪++‬وف م ‪++‬ع اعتن ‪++‬اء ‪ .‬وهم بط ‪++‬بيعتهم خ ‪++‬ائفون هلل‬
‫مشفقون من خشيته على قرهبم وطهارهتم وطاعتهم اليت ال استثناء منها‪ ،‬وال احنراف عنها‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬وهم ال ي ‪++‬دعون األلوهي ‪++‬ة قطع ‪++‬ا ‪ .‬ول ‪++‬و ادعوه ‪++‬ا ج ‪++‬دال لك ‪++‬ان ج ‪++‬زائهم ج ‪++‬زاء من ي ‪++‬دعي األلوهي ‪++‬ة‬
‫كائنا ما كان‪ .‬وهو جهنم‪ .‬وهذا التهديد واضح الداللة ‪.‬‬
‫ف‪++‬أي إل‪++‬ه ه‪++‬ذا ال‪++‬ذي يه‪++‬دد جبهنم؟ وم‪++‬ع ذل‪++‬ك يس‪++‬تكني ويستس‪++‬لم؟! ل‪++‬و ك‪++‬انت في‪++‬ه ألوهي‪++‬ة لث‪++‬ار لكرامت‪++‬ه‬
‫وه ‪++‬اج حمدثا فتن ‪++‬ة يف املإل األعلى! بي ‪++‬د أن ش ‪++‬يئا من ذل ‪++‬ك مل حيدث‪ .‬وبقي النظ ‪++‬ام الك ‪++‬وين على العه ‪++‬د ب ‪++‬ه من ب ‪++‬دء‬
‫اخلليق‪++‬ة‪ .‬ملاذا ؟ ألن ص‪++‬احب الكلم‪++‬ة احلامسة يف األرض والس‪++‬موات واح‪++‬د‪ .‬م‪++‬ا ش‪++‬اء ك‪++‬ان وم‪++‬ا مل يش‪++‬أ مل يكن‪ .‬م‪++‬ا‬
‫عداه خامد الرأس أمام جالله وجمده‪ .‬ال ينبس بكلمة واحدة‪ .‬فما يتبع املعبودون إال أصفارا‪ .‬وله ما يف الس‪++‬موات‬
‫واألرض‪...‬‬
‫(‪ - )٦‬الذين يدعون هذا الدعوى الظاملة لكل حق ‪ ،‬ولكل أحد ولكل شيء يف هذا الوجود ‪.‬‬
‫فاملالئكة وإن أكرموا بالعصمة فهم كس‪+‬ائر املكلفني مس‪+‬ؤولون موج‪+‬ه هلم الوع‪+‬د والوعي‪+‬د ‪ ،‬فال يتص‪+‬ور‬
‫كوهنم آهلة‪ .‬وهذه اآلية تدل على كون املالئكة مكلفني وعلى أهنم معصومون‪ ،‬وعلى أهنم متوعدون‪.‬‬
‫اآليات ‪ ٣٣-٣٠‬في األدلة الكونية على وجود الواحد األحد‬
‫(‪ - )٧‬قرأ ابن كثري بغري الواو ‪ .‬والباقون بالواو‪.‬‬
‫كأن اآلية تشير إلى أن الكافرين سيكتشفون‬
‫(‪ - )٨‬وجيدر بن‪++‬ا االلتف‪++‬ات ‪ :‬أن‪++‬ه كلم‪++‬ا ورد ‪" :‬أو مل ي‪++‬ر" ‪-‬أمل ت‪++‬ر‪" -‬أو مل ي‪++‬روا‪ "...‬يف الق‪++‬رآن الك‪++‬رمي‬
‫يع ‪++‬ين ب ‪++‬ذلك‪ :‬أن اإلنس ‪++‬ان س ‪++‬ريى ع ‪++‬اجال أو آجال م ‪++‬ا أنب ‪++‬أت ب ‪++‬ه اآلي ‪++‬ة‪ .‬س ‪++‬واء ج ‪++‬اء فع ‪++‬ل "رأى" بص ‪++‬يغة املاض ‪++‬ي أم‬
‫احلاض ‪++ + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + +‬ر‬

‫في الرتق والفتق‬ ‫‪٤٦٣‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫ففتقنهما‬
‫(ففتقناهما) جعلن ‪++‬ا الس ‪++‬ماء س ‪++‬بعا واألرض س ‪++‬بعا‪ .‬أو فت ‪++‬ق الس ‪++‬ماء ‪ :‬أن ك ‪++‬انت ال متط ‪++‬ر ف ‪++‬أمطرت‪ ،‬وفت ‪++‬ق‬
‫األرض‪ :‬أن كانت ال تنبت فأنبتت(‪)١‬‬

‫أم املستقبل ‪ .‬ولو تيسر لباحث يف معتقدات العلماء الذين رأوا هذه احلقيقة الفلكية لوجد أهنم من ال‪+‬ذين ط‪+‬رحت‬
‫هلم هذه النظرية وهم الكافرون ‪" :‬أومل ير الذين كف‪+‬روا أن الس‪+‬ماوات واألرض كانت‪+‬ا رتق‪+‬ا ففتقنامها" كأن‪+‬ه إش‪+‬ارة‬
‫إىل أن الك‪++‬افرين سيكتش‪++‬فون ه‪++‬ذه احلق‪++‬ائق وي‪++‬ربهنون عليه‪++‬ا! فك‪++‬ان اهلل تع‪++‬اىل خياطب الك‪++‬افرين من الن‪++‬اس ممن ق‪++‬د‬
‫اتضحت هلم هذه احلقيقة ‪.‬‬
‫وهي ت‪++‬أنيب هلم على ع‪++‬دم إمياهنم رغم انكش‪++‬اف آي‪++‬ات اهلل تع‪++‬اىل املعج‪++‬زة هلم‪ .‬ولئن ك‪++‬ان املؤمن‪++‬ون من‪++‬ذ‬
‫زمن التنزي ‪++‬ل يؤمن ‪++‬ون هبذه اآلي ‪++‬ة من قب ‪++‬ل ظه ‪++‬ور النظري ‪++‬ة احلديث ‪++‬ة خلل ‪++‬ق املنظوم ‪++‬ة الشمس ‪++‬ية‪ .‬فلق ‪++‬د ش ‪++‬اء احلق تب ‪++‬ارك‬
‫وتعاىل أن يفجأ الناس هبا من جديد‪.‬‬
‫ويف هذا العصر آية هي حقيقة علمية باهرة شهد هبا‪ ،‬وأمجع عليها علماء الفلك احلديث‪ .‬وال ش‪++‬ك أن‬
‫يف ذل ‪++‬ك إقام ‪++‬ة للحج ‪++‬ة على الك ‪++‬افرين يف ه ‪++‬ذا الزم ‪++‬ان على ع ‪++‬دم إمياهنم ‪ .‬وكفى مبظ ‪++‬اهر إعج ‪++‬از الق ‪++‬رآن ال ‪++‬ذي ال‬
‫تتناهى عجائبه ‪ .‬فسبحان الذي ال تبديل لكلماته‪.‬‬
‫(‪ - )١‬أو كانت‪++‬ا مرتوق‪++‬تني‪ .‬أي‪ :‬ملتحم‪++‬تني ملتزق‪++‬تني ففص‪++‬لنا الس‪++‬ماء عن األرض‪ .‬وكلم‪++‬ة "رت‪++‬ق" تع ‪++‬ين‬
‫ضم ومجع‪ .‬وكلمة "فتق" تعين فصل أي‪ :‬أن السموات واألرض كانت‪+‬ا جمموع‪+‬تني ففص‪+‬لهما املوىل‪ .‬ومل يثن "رتق‪++‬ا"‬
‫ألنه مصدر واحلمل لقصد املبالغة أو بتأويله مبشتق‪ .‬أو بتقدير مضاف‪ .‬أي‪ :‬ذايت رتق‪.‬‬
‫وقد وصلوا أخريا إىل أن السدمي غاز غالق به مواد صلبة ‪ .‬وهلذا فإن‪++‬ه ال ميكن إطالق لف‪++‬ظ الس‪++‬دمي على‬
‫أي ش‪++‬يء من الوجه‪++‬ة العلمي‪++‬ة س‪++‬وى ال‪++‬دخان‪ .‬وليس عجيب‪++‬ا أن يك‪++‬ون ه‪++‬ذا ه‪++‬و م‪++‬ا ج‪++‬اء ب‪++‬ه الق‪++‬رآن الك‪++‬رمي ‪ .‬ألن‪++‬ه‬
‫حيوي الغاز والصلب‪ .‬ومن عجب‪ :‬أن ه‪+‬ذا م‪+‬ا يف الق‪+‬رآن ‪" :‬مث اس‪+‬توى إىل الس‪+‬ماء وهي دخ‪+‬ان فق‪+‬ال هلا ولألرض‬
‫ائتي‪++‬ا طوع‪++‬ا أو كره‪++‬ا قالت‪++‬ا آتين‪++‬ا ط‪++‬ائعني" (فص‪++‬لت‪ )١١ :‬ال‪++‬دخان ال‪++‬ذي انكمش مث انفص‪++‬ل لتك‪++‬وين األج‪++‬رام‪ .‬ف‪++‬إن‬
‫الرتق ال يكون إال بني شيئني منفصلني‪.‬‬
‫في الرتق والفتق‬
‫ونالحظ هناالبالغة العلمية اإلعجازية يف كلميت"رتق‪،‬وفتق" فكل رتق قابل للفتق‪.‬وكل فتق قابل للرت‪++‬ق‪.‬‬
‫والسموات واألرض ستعودان كماكانتا عند قيام الساعة‪ .‬كما أنبأنا التنزيل وكما يفرتض علماء الكونية اليوم‪.‬‬
‫والرتق مجع ملا تفرق من بعد ما وصل‪ .‬والفتق تشري إىل انفصال شيئني كانا قد وص‪+‬ال من بع‪++‬د تف‪++‬رق ‪.‬‬
‫إذن‪ :‬فالرتق سبقه فتق ‪ .‬ومعىن اآلية الكرمية توحي بالتشابه الشديد بني السماء واألرض وبأهنم‪++‬ا أف‪++‬راد ملنظوم‪++‬ة أو‬
‫جمموعة واحدة خلقت معا ‪.‬‬
‫في االنفجار الكبير‬
‫والي‪++‬وم جيم‪++‬ع اك‪++‬ثر علم‪++‬اء الفل‪++‬ك على الق‪++‬ول‪ :‬ان نظري‪++‬ة االنفج‪++‬ار الكب‪++‬ري مل تع‪++‬د نظري‪++‬ة‪ .‬ب‪++‬ل هي حقيق‪++‬ة‬
‫علمي ‪++‬ة ‪ .‬أم ‪++‬ا األقلي ‪++‬ة ال ‪++‬يت تعارض ‪++‬ها فهي بعض العلم ‪++‬اء املاديني يف معتق ‪++‬داهتم ‪ .‬رمبا ألن الق ‪++‬رار علمي ‪++‬ا حبقيق ‪++‬ة ب ‪++‬دء‬
‫الكون وتوسعه يتعارض م‪+‬ع معتق‪+‬داهتم القائل‪+‬ة بأزلي‪+‬ة املادة وق‪+‬دم الع‪+‬امل‪ .‬فعن‪+‬دما يثبت العلم أن للك‪+‬ون بداي‪+‬ة ف‪+‬ذلك‬
‫يعين أن له هناية ‪ .‬وإنه خملوق وليس أزليا كما ظن املاديون‪.‬‬
‫وق ‪++‬د أثبت العلم احلديث م ‪++‬ا ج ‪++‬اء ب ‪++‬ه الق ‪++‬رآن بع ‪++‬د جه ‪++‬د ش ‪++‬اق طوي ‪++‬ل تق ‪++‬دمت في ‪++‬ه أحباث اجليولوجي ‪++‬ا‬
‫والتحالي‪++‬ل األرض‪++‬ية متخض‪++‬ت عن أن األرض والش‪++‬مس وخمتل‪++‬ف الك‪++‬واكب واألج‪++‬رام إمنا ك‪++‬انت س‪++‬دميا يف الفض‪++‬اء‬

‫في أن كل شيء حي خلق من الماء‬ ‫‪٤٦٤‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وجعلنا من املاء كل شيء حي‬


‫(وجعلنا من الماء) الن‪++ +‬ازل من الس‪++ +‬ماء والن‪++ +‬ابع من األرض (كل ش‪FF‬يء حي) نب ‪++‬ات وغ ‪++‬ريه‪ ،‬أي‪ :‬فاملاء‬
‫سبب حلياته(‪)١‬‬

‫وأن األرض انفصلت عن هذا السدمي‪ .‬واألدلة على ذلك كثرية ‪ .‬ومنها أن نفس العناصر اليت تتكون منها األرض‬
‫هي نفسها اليت تتكون منها الشمس‪.‬‬
‫والنظرية القائمة اليوم أن اجملموعات النجمية كانت ملتزقة كتلة واحدة ‪ .‬مث تسلطت عيها قوى كوني‪++‬ة‬
‫جبارة أحدثت فيها تغريات هائل‪+‬ة ‪ ،‬فانفص‪+‬لت‪ ،‬وأخ‪+‬ذت أش‪+‬كاهلا الكروي‪+‬ة‪ ،‬وأدت إىل ظه‪+‬ور ه‪+‬ذا الك‪+‬ون بص‪+‬ورته‬
‫اليت نعرفها اآلن‪.‬‬
‫وإن األرض ك‪++‬انت قطع‪++‬ة من الش‪++‬مس‪ ،‬مث انفص‪++‬لت عنه‪++‬ا ‪ .‬فم‪++‬ا فس‪++‬ره يتف‪++‬ق ايض‪++‬ا م‪++‬ع م‪++‬ا يقول‪++‬ه العلم‪++‬اء‬
‫من أن األرض كانت كتلة نارية وهلم يف ذلك أدلة وقد مر معن‪+‬ا ‪ -‬ف‪+‬إذا ك‪+‬ان األم‪++‬ر ك‪+‬ذلك ف‪+‬إن األرض أي‪+‬ام ذل‪+‬ك‬
‫ال تنبت وال السماء متطر ‪ .‬راجع صفحة‪ ١١١ :‬رقم اآلية ‪ ٢٩ :‬سورة البقرة‬
‫وال ننسى أن هذه ليست سوى نظرية فلكية‬
‫وجيدر بنا أن نتذكر ‪ :‬أن ه‪+‬ذه ليس‪+‬ت س‪+‬وى نظري‪+‬ة فلكي‪+‬ة تق‪++‬وم الي‪+‬وم وق‪+‬د تنقض غ‪+‬دا‪ .‬أو تق‪++‬وم أخ‪+‬رى‬
‫تص‪++ +‬لح لتفس ‪++ +‬ري الظ‪++ +‬واهر الكوني ‪++ +‬ة‪ .‬فعلين ‪++ +‬ا‪ :‬أن ال حناول أن حنم ‪++ +‬ل النص الق ‪++ +‬رآين املس ‪++ +‬تيقن ملوافق ‪++ +‬ة النظري ‪++ +‬ات أو‬
‫الكشوف العلمية له غري املستيقنة‪.‬‬
‫والق‪+‬رآن ليس كت‪+‬اب نظري‪+‬ات علمي‪+‬ة‪ .‬إمنا ه‪+‬و منهج احلي‪+‬اة كله‪+‬ا‪ .‬منهج لتق‪+‬دمي العق‪+‬ل ليعم‪+‬ل وينطل‪+‬ق يف‬
‫ح‪++‬دوده‪ ،‬ولتق‪++‬ومي اجملتم‪++‬ع يس‪++‬مح للعق‪++‬ل بالعم‪++‬ل واالنطالق دون أن ي‪++‬دخل يف جزئي‪++‬ات وتفص‪++‬يليات علمي‪++‬ة حبت‪++‬ة ‪.‬‬
‫فهذا مرتوك للعقل بعد تقوميه وإطالق سراحه‪.‬‬
‫وامللحوظ ‪ :‬أنه قد نوه القرآن حبقائق كونية قبل ثالثة عشر قرنا ليوجه أنظار الكفار إىل عجائب ص‪++‬نع‬
‫اهلل يف الكون‪ ،‬استنكروا أو ال يؤمنوا هبا‪ ،‬وهم يروهنا مبثوثة يف الوجود ‪.‬‬
‫وحنن مستيقنون هبذه احلقيقة جملرد ورودها يف القرآن‪ ،‬ألنه من عند اهلل ‪ ،‬وإن كن‪++‬ا ال نع‪++‬رف من‪++‬ه كي‪++‬ف‬
‫كان فتق السماوات واألرض؟ أو فتق السماوات عن األرض؟ ونتقبل النظريات اليت ال ختالف هذه احلقيقة اجململة‬
‫اليت قررها القرآن ‪ .‬ولكنا ال جنري بالنص القرآين وراء أنه نظري‪++‬ة فلكي‪++‬ة ‪ ،‬وال نطلب تص‪+‬ديقا للق‪++‬رآن يف نظري‪++‬ات‬
‫البش‪++‬ر ‪ ،‬وه‪++‬و مس‪++‬تيقنة‪ .‬وقص‪++‬ارى م ‪++‬ا يق ‪++‬ال‪ :‬النظري‪++‬ة الفلكي‪++‬ة القائم‪++‬ة الي‪++‬وم ال تع ‪++‬ارض املفه‪++‬وم اإلمجايل هلذا النص‬
‫السابق عليها بأجيال‪.‬‬
‫في أن كل شيء حي خلق من الماء‬
‫(‪ - )١‬أي‪ :‬خلقن ‪++‬ا من املاء ك ‪++‬ل حي ‪++‬وان‪ .‬أو كأمنا خلقن ‪++‬ا ك ‪++‬ل ش ‪++‬يء من املاء لف ‪++‬رط احتياج ‪++‬ه إلي ‪++‬ه وقل ‪++‬ة‬
‫ص‪++‬ربه عن‪++‬ه ‪ .‬فق‪++‬ول املفس‪++‬ر‪" :‬فاملاء س‪++‬بب حليات‪++‬ه" تفس‪++‬ريا لـ"ش‪++‬يء" ص‪++‬حيح‪ .‬وإن مل يط‪++‬ابق لنص اآلي‪++‬ة ‪ .‬وال ينافي‪++‬ه‬
‫جميء لفظ "حي" باجلر ص‪+‬فة لـ"ش‪+‬يء" ‪ .‬ويفس‪+‬ره قول‪+‬ه تع‪+‬اىل ‪" :‬واهلل خل‪+‬ق ك‪+‬ل داب‪+‬ة من م‪+‬اء" ألن‪+‬ه ال ي‪+‬دل على أن‬
‫خلق احليوان فقط من املاء‪ .‬ملا ثبت أن املاء له دخل يف كل شيء يف حياته وقوامه‪.‬‬
‫عن أيب هري‪++‬رة رض‪++‬ي اهلل عن‪++‬ه مرفوع‪++‬ا‪" :‬ك‪++‬ل ش‪++‬يء خل‪++‬ق من املاء" رواه اإلم‪++‬ام أمحد وال‪++‬بيهقي واحلاكم‬
‫وغريهم ‪ .‬وعنه قال‪ :‬قلت يا رسول اهلل إذا رأيتك طابت نفسي ‪ ،‬وقرت عي‪+‬ين ف‪+‬انبئين عن ك‪+‬ل ش‪+‬يء‪ .‬ق‪+‬ال‪" :‬ك‪+‬ل‬
‫ش ‪++‬يء خل ‪++‬ق من املاء" ق ‪++‬ال‪ :‬قلت أنبئ ‪++‬ين عن أم ‪++‬ر إذا عملت ب ‪++‬ه دخلت اجلن ‪++‬ة ‪ .‬ق ‪++‬ال‪" :‬أفش الس ‪++‬الم وأطعم الطع ‪++‬ام‬
‫وصل األرحام وقم بالليل والناس نيام مث ادخل اجلنة بسالم" رواه اإلمام أمحد‪.‬‬
‫في الجبال الراسيات‬ ‫‪٤٦٥‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫أفال يؤمنون‪ ٣٠‬وجعلنا يف األرض روسي أن متيد هبم وجعلنا فيها فجاجا سبال‬
‫(أفاليؤمنون) بتوحي‪++ +‬دي؟(‪( )١‬وجعلن‪FF‬ا في األرض رواس‪FF‬ي) جب‪++ +‬اال ث‪++ +‬وابت(‪ )٢‬لـ (أن) ال (تمي‪FF‬د)‬
‫تتحرك (بهم(‪ )٣‬وجعلنافيها) أي‪ :‬الرواسي (فجاجا) مسالك (سبال) ب‪+‬دل‪ .‬أي‪ :‬طرق‪++‬ا ناف‪++‬ذة واس‪++‬عة(‪)٤‬‬

‫يق‪++ +‬رر العلم احلديث يف تفس‪++ +‬ري ه‪++ +‬ذه اآلي‪++ +‬ة الكرمية‪ :‬أن املاء ي‪++ +‬دخل يف بن‪++ +‬اء أي جس‪++ +‬م حي‪ .‬إذ ه‪++ +‬و يف‬
‫احلقيقة قوام حياته‪ .‬فاملاء يف نظر العلم هو املكون األصلي يف تركيب مادة اخللية احلية‪.‬‬
‫واخللية هي وحدة البناء يف كل شيء حي نباتا كان أو حيوانا‪ .‬كما أن علم الكيمي‪+‬اء يف أحباث‪+‬ه احلديث‪+‬ة‬
‫ق‪++‬د أثبت ان املاء عنص‪++‬ر الزم وفع‪++‬ال يف ك‪++‬ل م‪++‬ا حيدث من التح‪++‬والت والتف‪++‬اعالت ال‪++‬يت تتم داخ‪++‬ل األجس‪++‬ام ‪ .‬فه‪++‬و‬
‫إما وسط أو عامل مساعد أو داخل يف هذا التفاعل أو ناتج عنه‪.‬‬
‫إذن‪ :‬املاء هو سر احلي‪+‬اة ال‪+‬ذي أودع‪+‬ه اهلل يف كوكبن‪+‬ا األرض‪+‬ي ‪ .‬وال غ‪+‬ىن عن‪+‬ه ألي ك‪+‬ائن حي ‪ .‬وبدون‪+‬ه‬
‫ال تقوم قائمة مهما كان شكله أو حجم‪+‬ه‪ ،‬تض‪+‬ائل أم تض‪+‬خم‪ ،‬ط‪+‬ريا ك‪+‬ان أو حيوان‪+‬ا‪ ،‬أو داب‪+‬ة تزح‪+‬ف على األرض‬
‫أو قوقع‪++ +‬ة يف ق‪++ +‬اع حبر جلي ‪ .‬ابت‪++ +‬داء من امليكروب‪++ +‬ات الدقيق‪++ +‬ة ال‪++ +‬يت ال ميكن للعني اجملردة أن تراه‪++ +‬ا وإهناء باألفي‪++ +‬ال‬
‫واحليتان أضخم الكائنات احلية املوجودة على األرض ويف البحار‪.‬‬
‫والف‪++‬ارق بني العناص‪++‬ر املكون‪++‬ة هلذا الك‪++‬ون إمنا ه‪++‬و يف ع‪++‬دد الربوتون‪++‬ات وااللكرتون‪++‬ات‪ .‬وأبس‪++‬ط العناص‪++‬ر‬
‫على اإلطالق ه ‪++‬و عنص ‪++‬ر اهلي ‪++‬دروجني ال ‪++‬ذي تت ‪++‬ألف ذرت ‪++‬ه من إلك ‪++‬رتون واح ‪++‬د وبروت ‪++‬ون واح ‪++‬د‪ .‬ومن املعل ‪++‬وم‪ :‬أن‬
‫اهليدروجني هو العنصر األصيل يف املاء‪ .‬فال تعجب أن يكون أصل هذا الكون هو املاء‪.‬‬
‫(‪ - )١‬م‪++‬ع رؤيتهم ه‪++‬ذا ال‪+‬ذي ي‪++‬دل على وج‪+‬ود اهلل بش‪++‬كل قطعي ‪.‬وك‪++‬ل م‪++‬ا ح‪+‬وهلم يق‪++‬ودهم إىل اإلميان‬
‫باخلالق املدبر احلكيم‪.‬‬
‫في الجبال الراسيات‬
‫(‪ - )٢‬من رس ‪++ +‬ى الش ‪++ +‬يء إذا ثبت‪ .‬أي‪ :‬جب ‪++ +‬اال أرس ‪++ +‬ى اهلل هبا األرض وثقله ‪++ +‬ا‪ .‬والرواس ‪++ +‬ي‪ :‬اجلب ‪++ +‬ال‪.‬‬
‫والراسي هو الداخل يف األرض‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬وتضطرب على حذف "ال" المن اللبس‪ ،‬او كراهة ان متيل هبم تضطرب‪.‬‬
‫فق‪++‬ول بعض‪+‬هم ‪ :‬ان االرض ال ت‪++‬دور‪ .‬اس‪++‬تدالال بقول‪+‬ه تع‪++‬اىل ان متي‪++‬د هبم واملي‪+‬دان ه‪++‬و ال‪+‬دوران ال يص‪+‬ح‪.‬‬
‫والصواب ان اجلبال متنع من حدوث امليدان ‪ -‬وهو االضطراب – عن الدوران‪.‬‬
‫يق‪++‬رر العلم أن ه‪++‬ذه اجلب‪++‬ال حتف‪++‬ظ ت‪++‬وازن االرض فال متي‪++‬د هبم وال تض‪++‬طرب‪ .‬وحف‪++‬ظ الت‪++‬وازن ق‪++‬د بك‪++‬ون‬
‫توازنا بني الضغط اخلارجي على االرض والضغط الداخلي يف جوفها‪ .‬وهو خيتلف من بقع‪++‬ة اىل بقع‪++‬ة‪ .‬وق‪+‬د يك‪+‬ون‬
‫بروز اجلبال يف موضع معادال الخنفاض يف موضع آخر‪.‬‬
‫وعلى اية حال فهذا النص يثبت ان للجبال عالقة بتوازن االرض واس‪+‬تقرارها‪ .‬فلن‪+‬رتك للبح‪+‬وث العلمي‪+‬ة‬
‫كشف الطريقة اليت يتم هبا هذا التوازن‪ .‬فذلك حماهلا االصيل‪ .‬راجع ص‪+‬فحة‪ ٧١ :‬رقم االي‪+‬ة‪ ٣ :‬الرع‪+‬د وص‪+‬فحة‪:‬‬
‫‪ ١٧٣‬رقم االية‪ ١٥ :‬النحل‪.‬‬
‫في الـ "فجاج"‬
‫(‪ - )٤‬أي‪ :‬طرقا يهتدون اىل البالد املقصودة‪.‬‬
‫الـ "فجاج" مجع "فج"‪ .‬وهو الفجوة بني اجلبلني‪ .‬وتتخ‪+‬ذ س‪+‬بال وطرق‪+‬ا‪ .‬الن الفج ق‪+‬د يك‪+‬ون طريق‪+‬ا ناف‪+‬ذا‬
‫مس ‪++‬لوكا‪ .‬وذك ‪++‬ر الفج ‪++‬اج م ‪++‬ع االش ‪++‬ارة اىل االهت ‪++‬داء يص ‪++‬ور احلقيق ‪++‬ة الواقع ‪++‬ة اوال م ‪++‬ع االش ‪++‬ارة اىل ش ‪++‬أن آخ ‪++‬ر يف‬

‫في وزن غاز‬ ‫‪٤٦٦‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫لعلهم يهتدون‪ ٣١‬وجعلنا السماء سقفا حمفوظا وهم عن ءايتها‬


‫(لعلهم يهت‪FF‬دون) اىل مقاص ‪++ + +‬دهم يف االس ‪++ + +‬فار‪( .‬وجعلن‪FF‬ا الس‪FF‬ماء س‪FF‬قفا) لالرض كالس ‪++ + +‬قف لل ‪++ + +‬بيت‬
‫(محفوظا) عن الوقوع(‪( ،)١‬وهم عن ءاياتها) من الشمس والقمر والنجوم‬

‫ع‪++‬امل العقي‪++‬دة‪ .‬فلعلهم يهت‪++‬دون اىل س‪++‬بيل يق‪++‬ودهم اىل االميان كم‪++‬ا يهت‪++‬دون يف فج‪++‬اج اجلب‪++‬ال‪ .‬وق‪++‬دم "فجاج‪++‬ا" وه‪++‬و‬
‫وص ‪++‬ف ل‪++‬ه ليص‪++‬ري ح‪++‬اال‪ .‬في ‪++‬دل على ان ‪++‬ه حني خلقه‪++‬ا خلقه‪++‬ا ك ‪++‬ذلك‪ .‬او ليب ‪++‬دل منه‪++‬ا "س ‪++‬بال" في ‪++‬دل منه‪++‬ا على ان ‪++‬ه‬
‫خلقها ووسعها للسابلة مع ما يكون فيه من التوكيد‪.‬‬
‫وال ننس‪+‬ى‪ :‬ان وج‪+‬ود الطرق‪+‬ات لالهت‪+‬داء هبا اىل الس‪+‬ري يف االرض نعم‪+‬ة عظمى‪ .‬ون‪+‬درك ه‪+‬ذه النعم‪+‬ة اذا‬
‫الحظن‪++‬ا م‪++‬ا تنفق‪++‬ه ال‪+‬دول احلديث‪++‬ة من النفق‪++‬ات الباهظ‪+‬ة على تعبي‪++‬د الط‪+‬رق‪ ،‬وش‪++‬قها لرب‪++‬ط االق‪+‬اليم واالمص‪+‬ار واج‪+‬زاء‬
‫البالد بشبكة من الطرق تسهل االنتقال بينها واالتصال معها‪.‬‬
‫(‪ - )١‬فال متكن احلي‪++‬اة يف االرض ب‪++‬دون ه‪++‬ذا الس‪++‬قف‪ .‬وه‪++‬ذا م‪++‬ا تق‪++‬رره النظ‪++‬رة العلمي‪++‬ة من ان الغالف‬
‫اهلوائي مبثاب ‪++‬ة حائ ‪++‬ل حيف ‪++‬ظ اه ‪++‬ل االرض من كث ‪++‬ري من اه ‪++‬وال الفض‪++‬اء ال‪++‬يت ال تس ‪++‬تقيم معه‪++‬ا احلي ‪++‬اة ب ‪++‬اي ح‪++‬ال‪ .‬مث ‪++‬ل‬
‫الشهب اليت يسبح يف اس‪+‬راب متتابع‪++‬ة‪ ،‬والني‪+‬ازك واالش‪+‬عة الكوني‪+‬ة‪ .‬وحيمين‪+‬ا من ش‪+‬رورها غالف االرض اجلوي‪ ،‬اذ‬
‫حترتق يف اغياله‪ ،‬ويرى وميضها كالنجوم اهلاوية‪ .‬ف‪+‬اذا س‪+‬قط على الن‪+‬اس بعض الكت‪+‬ل الناري‪+‬ة او االج‪+‬رام الس‪+‬ماوية‬
‫كان الدمار واهلالك اجلزئي‪ .‬فكيف اذا سقطت السماء كلها؟ ‪ .‬وبرغم ان الفضاء يعج بالشهب فاننا ال نراها اال‬
‫اذا دخلت الغالف اجلوي‪.‬‬
‫ان كل انواع االشعاع تتكون من موجات كهرو مغناطيسية‪ .‬وكلها تسري يف الفض‪++‬اء بس‪++‬رعة الض‪++‬وء ‪.‬‬
‫والف‪++‬رق بينه‪++‬ا ميكن يف اختالف تردداهتا‪ .‬أي‪ :‬يف مع‪++‬دل تك‪++‬ون موج‪++‬ات طاقته‪++‬ا‪ .‬وحنن ال ميكنن‪++‬ا ان ن‪++‬رى منه‪++‬ا اال‬
‫موجات تقع ضمن مدى حمدود‪ .‬وهو ما نعرفه باالشعة املرئية او (الضوء) ‪ .‬واشعات الشمس ذات الطاقة العالي‪++‬ة‬
‫كاالش ‪++‬عة ف ‪++‬وق البنفس ‪++‬جية‪ ،‬واالش ‪++‬عة الس ‪++‬نية ‪ ,‬وح ‪++‬ىت االش ‪++‬عات االق ‪++‬وى ‪ -‬االش ‪++‬عة الكوني ‪++‬ة – تعم الفض ‪++‬اء يف‬
‫املنظومة الشمسية ‪.‬‬
‫وميكن ان تقتل الكائن‪+‬ات احلي‪+‬ة‪ .‬وهي ت‪+‬دخل الغالف احملي‪+‬ط ب‪+‬االرض بكمي‪+‬ات مميت‪+‬ة‪ .‬ولكنه‪+‬ا توق‪+‬ف قب‪+‬ل‬
‫ان تصل سطح االرض مبسافة بعيدة‪ .‬اذ اهنا م‪+‬ىت م‪+‬ا وص‪+‬لت اىل الغالف اهلوائي اص‪+‬طدمت جبس‪+‬يمات اهلواء الدقيق‪+‬ة‬
‫اليت متتصها‪ .‬فال تصل اىل االرض ابدا‪ .‬واما القليل الذي يتسرب الينا من االشعة فوق البنفسجية فهو الذي يشعرنا‬
‫بلس‪++‬عة على جلودن‪++‬ا‪ .‬وميكنن‪++‬ا ان ن‪++‬رى اث‪++‬ره على بش‪++‬رتنا باس‪++‬تمرارها من دون ان ميكن لن‪++‬ا رؤيت‪++‬ه بذات‪++‬ه‪ .‬وه‪++‬و يص‪++‬لنا‬
‫بالق‪+‬در ال‪+‬ذي يكفي الفادتن‪+‬ا بالعم‪+‬ل على بش‪+‬رة اجلل‪+‬د ح‪+‬ىت تص‪+‬نع الفيت‪+‬امني (د) من م‪+‬ادة االرغوس‪+‬رتول املوج‪+‬ودة يف‬
‫اجللد‪ .‬واما التعرض الزائد هلا فانه يسبب حدوث سرطانات اجللد‪ .‬واعتام عدسة العني وقصور املناعة‪.‬‬
‫إن مفع‪++‬ول ه‪+‬ذه ال‪+‬درع املكين‪+‬ة يف رد ه‪+‬ذه االش‪+‬عاعات القاتل‪+‬ة عن االرض ه‪+‬و مع‪++‬ىن من مع‪++‬اين (الرج‪+‬ع)‬
‫يف قسمه تعايل‪" :‬والسماء ذات الرجع" وانظر كيف ان ما قد ذكرن‪+‬اه ق‪+‬د اح‪+‬اطت ب‪+‬ه االي‪+‬ة الكرمية احاط‪+‬ة بليغ‪++‬ة‬
‫معج‪++‬زة يف ه‪++‬ذه االي‪++‬ة الكرمية‪ .‬ولق‪++‬د امسى س‪++‬بحانه وتع‪++‬اىل ه‪++‬ذا الغالف م‪++‬رة اخ‪++‬رى بالس‪++‬قف املرف‪++‬وع واقس‪++‬م ب‪++‬ه ‪:‬‬
‫"والسقف املرفوع" (الطور ‪)٥‬‬
‫في وزن غاز‬
‫يق‪++‬در العلم‪++‬اء وزن غ‪++‬از الغالف اجلوي حبوايل ‪ ٥‬ملي‪++‬ون بلي‪++‬ون طن‪ .‬والض‪++‬غط اجلوي يع‪++‬ادل وزن الغ‪++‬از‬
‫هذا مقسوما على وح‪+‬دة املس‪+‬احة ويبل‪+‬غ ‪ ١٠‬طن ق‪+‬دم يف مس‪+‬توى س‪+‬طح البح‪+‬ر‪ .‬وه‪+‬و م‪+‬ا يس‪+‬اوي ض‪+‬غط عم‪+‬ود من‬

‫اآليات ‪ ٤١-٣٤‬في مواقف المشركين مع النبي‪‬‬ ‫‪٤٦٧‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫معرض‪++‬ون‪ ٣٢‬وه‪++‬و ال‪++‬ذي خل‪++‬ق اللي‪++‬ل والنه‪++‬ار والش‪++‬مس والقم‪++‬ر ك‪++‬ل يف فل‪++‬ك يس‪++‬بحون‪ ٣٣‬وم‪++‬ا‬
‫جعلنا لبشر من قبلك اخللد أفإين مت فهم اخلالدون ‪ ٣٤‬كل نفس ذائقة املوت‬

‫(معرضون) ال يتفك‪++‬رون فيه‪++‬ا(‪ )١‬فيعلم‪++‬ون ان خالقه‪++‬ا ال ش‪++‬ريك ل‪++‬ه‪( .‬وهو الذي خلق الليل والنهار‬
‫والشمس والقمر كل) تنوين‪++‬ه ع‪++‬وض عن املض‪++‬اف الي‪++‬ه من الش‪++‬مس والقم‪++‬ر (‪ )٢‬وتابع‪++‬ه وه‪++‬و النج‪++‬وم(‪)٣‬‬
‫(في فلك)(‪ )٤‬أي‪ :‬مس ‪++‬تدير كالطاحون ‪++‬ة يف الس ‪++‬ماء (يسبحون) يس ‪++‬ريون بس ‪++‬رعة كالس ‪++‬ابح يف املاء(‪,)٥‬‬
‫وللتشبيه اتى بضمري مجع من يعقل‪ .‬ونزل ملا قال الكفار‪ :‬ان حمم ‪++‬دا س ‪++‬يموت (‪( )٦‬وما جعلنا لبشر من‬
‫قبلك الخل‪F‬د) أي‪ :‬البق ‪++‬اء يف ال ‪++‬دنيا(‪( )٧‬اف‪F‬إن مت فهم الخال‪F‬دون) فيه ‪++‬ا(‪)٨‬؟ ال‪ ،‬فاجلمل ‪++‬ة االخ ‪++‬رية حمل‬
‫االستفهام االنكاري ‪( .‬كل نفس ذائقة الموت) يف الدنيا(‪)٩‬‬

‫املاء ارتفاع ‪++‬ه ‪ ١٠‬امت ‪++‬ار على ك ‪++‬ل ق ‪++‬دم مرب ‪++‬ع من س ‪++‬طح االرض‪ .‬ان ه ‪++‬ذه الدرج ‪++‬ة من كش ‪++‬افة الغالف اجلوي حتول‬
‫دون وصول املاليني من الشهب القاتلة الينا منقضة بسرعة ‪ ٥٠‬كم يف الثانية‪ .‬وهومعىن آخر للسماء ذات الرجع‪.‬‬
‫وحنن ن ‪++‬رى فوقن ‪++‬ا م ‪++‬ا يش ‪++‬به الس ‪++‬قف حمفوظ ‪++‬ا من اخلل ‪++‬ل بالنظ ‪++‬ام الك ‪++‬وين ال ‪++‬دقيق‪ .‬وحمفوظ ‪++‬ا من ال ‪++‬دنس‬
‫باعتب‪+‬اره رم‪+‬زا للعل‪+‬و ال‪+‬ذي تت‪+‬نزل من‪+‬ه اي‪+‬ات اهلل‪ .‬فالفض‪+‬اء الك‪+‬وين الق‪+‬ريب ليس فراغ‪+‬ا تام‪+‬ا كم‪+‬ا يتب‪+‬ادر اىل االذه‪+‬ان‪.‬‬
‫ولكنه يفيض باالسرار والغوامض!‬
‫تعرب هذه االية الكرمية عن بعض اح‪+‬وال الفض‪+‬اء ال‪+‬يت اعرتض‪+‬ت س‪+‬بيل رواده من اجلن ال‪+‬يت تع‪+‬رتض س‪+‬بيل‬
‫رواده من االنس‪.‬‬
‫(‪ - )١‬أي‪ :‬يف تلك االيات الدالة على عظيم قدرتنا واحاطة علمنا‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬أي‪ :‬كلهم أي االرض والش ‪++‬مس والقم ‪++‬ر او اللي ‪++‬ل والنه ‪++‬ار نفس ‪++‬هما – او حملهم ‪++‬ا وه ‪++‬و االرض‬
‫اذمها ليسا جبرمني – والشمس والقمر‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬ونلح ‪++‬ظ‪ :‬ان ‪++‬ه مل ي ‪++‬رد ذك ‪++‬ر النج ‪++‬وم‪ .‬فارج ‪++‬اع ك ‪++‬ل اىل م ‪++‬ا اس ‪++‬لفنا ه ‪++‬و اوىل‪ .‬وان ك ‪++‬انت النج ‪++‬وم‬
‫كذلك يف السباحة‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬أي‪ :‬يف السماء ‪ ,‬عن ابن عباس الـ "فلك" هو السماء‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬س‪++‬ائرون‪ .‬والتأم‪++‬ل يف ت‪++‬وايل اللي‪++‬ل والنه‪++‬ار‪ ،‬ويف حرك‪++‬ة الش‪++‬مس والقم‪++‬ر هبذه الدق‪++‬ة ال‪++‬يت ال ختت‪++‬ل‬
‫م‪++‬رة‪ ،‬وهبذا االط‪++‬راد ال‪+‬ذي ال يك‪++‬ف حلظ‪+‬ة! ج‪+‬دير ب‪++‬ان يه‪+‬دي القلب اىل وح‪+‬دة الن‪++‬اموس‪ ،‬ووح‪+‬دة االرادة‪ ،‬ووح‪+‬دة‬
‫اخلالق املدبر القدير‪.‬‬
‫االيات ‪ ٤١-٣٤‬في مواقف المشركين مع النبي ‪‬‬
‫(‪ - ) ٦‬وكانوا يؤملون ان ميوت ويعيشوا بعده! فنفى اهلل عنه الشماتة فقال ‪ :‬افإن مت أيبقى هؤالء؟‬
‫(‪ - )٧‬أي‪ :‬وم‪++‬ا كتب الح‪++‬د من قبل‪++‬ك البق‪++‬اء يف ال‪++‬دنيا ح‪++‬ىت نبقي‪++‬ك فيه‪++‬ا‪ .‬ب‪++‬ل ق‪++‬در ل‪++‬ك ان متوت كم‪++‬ا‬
‫مات رسلنا من قبلك‪.‬‬
‫(‪ - )٨‬أي‪ :‬افه ‪++‬ؤالء املش ‪++‬ركون ب ‪++‬رهبم هم اخلال ‪++‬دون بع ‪++‬دك؟ ال‪ .‬م ‪++‬ا ذل ‪++‬ك ك ‪++‬ذلك ب ‪++‬ل هم اىل الفن ‪++‬اء ‪,‬‬
‫عش‪++‬ت او مت‪ .‬عن عائش‪++‬ة رض‪++‬ي اهلل عنه‪++‬ا ق‪++‬الت‪ :‬دخ‪++‬ل اب‪++‬وبكر على الن‪++‬يب ‪ ‬وق‪++‬د م‪++‬ات فقبل‪++‬ه وق‪++‬ال وا نبي‪++‬اه وا‬
‫خلياله وا صفياه‪ .‬مث تال‪" :‬وما جعلنا لبشر من قبلك اخللد‪ "...‬رواه البيهقي وغريه‪.‬‬
‫في الموت والحياة‬
‫(‪-)٩‬ذائقة مرارة املوت وشدة مفارقة الروح للجسد‪":‬ان للموت لس‪+‬كرات"رواه البخ‪+‬اري‪.‬فال يف‪++‬رحن‬

‫في االبتالء‬ ‫‪٤٦٨‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫ونبلوكم بالشر واخلري فتنة وإلينا ترجعون ‪ ٣٥‬وإذا رءاك ال‪+‬ذين كف‪+‬روا إن يتخ‪+‬ذونك إال ه‪+‬زوا أه‪+‬ذا‬
‫الذي يذكر ءاهلتكم وهم بذكر الرمحن هم كفرون‪٣٦‬‬

‫(ونبلوكم) خنت ‪++‬ربكم (بالشر والخير) كفق ‪++‬ر وغ ‪++‬ىن‪ ،‬وس ‪++‬قم وص ‪++‬حة (فتنة)(‪ )١‬مفع ‪++‬ول ل ‪++‬ه‪ .‬أي‪ :‬لننظ ‪++‬ر‬
‫اتص ‪++ +‬ربون وتش ‪++ +‬كرون؟ او ال (والين‪FF‬ا ترجع‪FF‬ون) فنج ‪++ +‬ازيكم(‪( .)٢‬واذا رآك ال‪FF‬ذين كف‪FF‬روا إن) م ‪++ +‬ا‬
‫(يتخذونك اال هزوا) أي‪ :‬مه‪++ +‬زوؤا ب‪++ +‬ه(‪ ،)٣‬يقول‪++ +‬ون (أهذا الذي يذكر آلهتكم) أي‪ :‬يعيبه‪++ +‬ا (‪( )٤‬وهم‬
‫بذكر الرحمن) هلم (هم) تأكيد (كافرون) به(‪ )٥‬اذ قالوا‪ :‬ما نعرفه‬

‫احد ملوت احد‪ ،‬وال يظهرن التشفي منه كما ال ينبغي ان تبدو عليه عالمات اجلزع واحلسرة ملوت احد‪.‬‬
‫والـموت هو كيفية وجودية تضاد احلياة كما يشري اليه قوله تعاىل ‪" :‬الذي خل‪++‬ق املوت واحلي‪++‬اة ‪ "...‬او‬
‫عدم احلياة عما من شأنه احلياة بالفعل او بال قيد‪ .‬واالول اظهر‪.‬‬
‫وملا ذك‪++‬ر اهلل تع‪++‬اىل‪" :‬وم‪++‬ا جعلن‪++‬اهم جس‪++‬دا" يف اول رد على من يتص‪++‬ور ان الرس‪++‬ول ال ينبغي ان يك‪++‬ون‬
‫بشرا وكمل الرد بقوله "وما كانوا خالدين" يبني اهلل عز وجل ههنا ان سنته يف البشرية كلها املوت ‪ ,‬وانه جع‪++‬ل‬
‫احلياة‪ ،‬وما فيها اختبارا وابتالء لالنسان‪ .‬ف‪+‬العربة يف النج‪+‬اح يف االمتح‪+‬ان ‪ .‬اذن انتظ‪+‬ار الك‪+‬افرين م‪++‬وت رس‪+‬ول اهلل‬
‫‪ ‬مشاتة خطأ يف التصور‪ .‬كما ان تصورهم ان الرسول ال ميوت خطأ‪.‬‬
‫في االبتالء‬
‫(‪ - )١‬أي ‪ :‬ونع‪+‬املكم معامل‪+‬ة املخت‪+‬رب باملض‪+‬ار الدنيوي‪+‬ة ونعم ال‪+‬دنيا ل‪+‬نرى اتص‪+‬ربون يف احملن وتش‪+‬كرون‬
‫يف املنح؟ ف‪++‬يزداد ث‪++‬وابكم عن‪++‬د ربكم اذا قمتم ب‪++‬اداء ذل‪++‬ك‪ .‬والقي‪++‬ام حبق‪++‬وق الص‪++‬رب أيس‪++‬ر من القي‪++‬ام حبق‪++‬وق الش‪++‬كر ‪,‬‬
‫فاملنحة اعظم البالئني ‪.‬‬
‫واالبتالء بالش ‪++‬دة يك ‪++‬ون ليكش ‪++‬ف م ‪++‬دىاحتمال املبتلىوص ‪++‬ف ص ‪++‬ربه علىالض ‪++‬ر ومدىتيقن ‪++‬ه يف رب ‪++‬ه ورجائ ‪++‬ه يف‬
‫رمحته‪ ,‬النه قديثري الكربياء ويستحث املقاومة‪ ,‬وحينذ االعصاب فتتهيئ القوى كلها الستقبال الشدة والصمود هلا‪.‬‬
‫أما الرخاء فهو اشد وطأة‪ .‬وان خي‪+‬ل للن‪+‬اس أن‪+‬ه دون االبتالء بالش‪+‬ر‪ .‬الن‪+‬ه ي‪+‬رخي هلا االعص‪+‬اب وينميه‪+‬ا‬
‫ويفق ‪++‬د الق ‪++‬درة على اليقظ ‪++‬ة واملقاوم ‪++‬ة‪ .‬ل ‪++‬ذا يص ‪++‬مد لالبتالء بالش ‪++‬ر الكث ‪++‬ريون ح ‪++‬ىت اذا ج ‪++‬ائهم الرخ ‪++‬اء س ‪++‬قطوا على‬
‫االبتالء‪ .‬وذلك شأن البشر االمن عصمه اهلل‪ .‬فاهنم يكبحون مجاح القوة اهلائجة يف كياهنم اجلاحمة يف اوصاهلم‪.‬‬
‫قال رسول اهلل ‪" : ‬عجبا المر املؤمن ان امره كله خ‪+‬ري وليس ذاك اال ملؤمن‪ .‬اذا اص‪+‬ابته س‪+‬راء ش‪+‬كر‬
‫فك‪++‬ان خ‪++‬ريا ل‪++‬ه‪ .‬وان اص‪++‬ابته ض‪++‬راء ص‪++‬رب فك‪++‬ان خ‪++‬ريا ل‪++‬ه" رواه مس‪++‬لم وابن حب‪++‬ان وغريمها‪ .‬وهم قلي‪++‬ل‪ .‬فاليقظ‪++‬ة يف‬
‫االبتالء باخلري اوىل من اليقظة يف االبتالء بالشر‪ .‬والصلة باهلل تعاىل يف احلالني هي وحدها الضمان‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬حسب ما يظهر من اعماهلم من الصرب والشكر‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬أي‪ :‬يس‪++‬تهزؤون ب‪++‬ك وينتقص‪++‬ونك‪ .‬وك‪++‬ان ج‪++‬ديرا هبم التفك‪++‬ري يف س‪++‬لوكك واخالق‪++‬ك وفيم‪++‬ا ي‪++‬نزل‬
‫عليك من آيات كلهاعظة وذكرىللعقالء‪.‬وهم الذين محىاهلل نبيهم منهم بقوله‪:‬اناكفيناك املستهزئني(احلجر‪.)٩٥ :‬‬
‫(‪ - )٥‬وامنا اطلق الذكر لداللة احلال على السوء‪ .‬فإن ذكر العدو ال يكون اال بسوء‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬أي ‪ :‬واحلال اهنم ك ‪++‬افرون ب ‪++‬الرمحن خ ‪++‬الق الك ‪++‬ون وم ‪++‬دبره‪ ,‬ال يص ‪++‬دقون اص ‪++‬ال! أي‪ :‬يقول ‪++‬ون‬
‫تعجب ‪++‬ا واس ‪++‬تنكارا على رس ‪++‬ول اهلل ‪ ‬اه ‪++‬ذا ال ‪++‬ذي يعيب آهلتكم ويس ‪++‬فه احالمكم؟ يس ‪++‬تكثرون علي ‪++‬ه ان ين ‪++‬ال من‬
‫اصنامهم! بينما هم ال يستكثرون على انفسهم ان يكف‪+‬روا ب‪+‬الرمحن! ويعرض‪+‬وا عم‪+‬ا أن‪+‬زل هلم من ق‪+‬رآن !! دون ان‬
‫يتحرجوا او يتلوموا‪ .‬أمر عجيب جدا عجيب‪.‬‬
‫اآليات ‪ ٤١-٣٤‬في مواقف المشركين مع النبي‪‬‬ ‫‪٤٦٩‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫خل ‪++‬ق االنس ‪++‬ان من عج ‪++‬ل س ‪++‬أوريكم ءاي ‪++‬يت فال تس ‪++‬تعجلون ‪ ٣٧‬ويقول ‪++‬ون م ‪++‬ىت ه ‪++‬ذا الوع ‪++‬د ان كنتم‬
‫ص ‪++‬دقني ‪ ٣٨‬ل ‪++‬و يعلم ال ‪++‬ذين كف ‪++‬روا حني ال يكف ‪++‬ون عن وج ‪++‬وههم الن ‪++‬ار وال عن ظه ‪++‬ورهم وال هم‬
‫ينصرون ‪ ٣٩‬بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فال يستطيعون ردها وال هم ينظرون‪٤٠‬‬

‫ونزل يف استعجاهلم العذاب‪( :‬خلق االنسان من عجل) أي ‪ :‬انه لكثرة عجله يف احواله كانه خلق منه(‬
‫‪( )١‬ساريكم آياتي) مواعي‪++‬دي بالع‪++‬ذاب (فال تستعجلون) في‪++‬ه(‪ ،)٢‬ف‪++‬أراهم القت‪++‬ل بب‪++‬در‪( .‬ويقولون(‪)٣‬‬
‫متى هذا الوعد) بالقيام‪++ +‬ة (ان كنتم ص‪FF‬ادقين) في ‪++‬ه(‪ )٤‬ق‪++ +‬ال تع ‪++‬اىل ‪( :‬ل‪FF‬و يعلم ال‪FF‬ذين كف‪FF‬روا حين ال‬
‫يكفون) يدفعون (عن وجوههم النار وال عن ظهورهم وال هم ينصرون) مينع ‪++‬ون منه ‪++‬ا يف القيام ‪++‬ة ‪،‬‬
‫وجواب "ل ‪++‬و" م ‪++‬ا ق ‪++‬الوا ذل ‪++‬ك ‪( .‬بل تاتيهم) القيام ‪++‬ة (بغتة فتبهتهم) حتريهم(‪( )٥‬فال يستطيعون ردها(‬
‫‪ )٦‬وال هم ينظرون) ميهلون لتوبة او معذرة (‪)٧‬‬

‫وحنو االية‪" :‬واذا رأوك ان يتخذونك اال هزوا اهذا ال‪+‬ذي بعث اهلل رس‪+‬وال‪ ........‬ان ك‪+‬اد ليض‪+‬لنا عن‬
‫آهلتنا لوال ان صربنا عليها وسوف يعلمون حني يرون العذاب من اضل سبيال" (الفرق‪+‬ان ‪ )٤٢-٤١‬وتكري‪+‬ر "هم"‬
‫لتوكيد كفرهم والتخصيص‪ ،‬وحليلولة الصلة بينه وبني اخلرب‪ .‬أي‪ :‬فهم الكافرون مبالغة يف وصفهم بالكفر‪.‬‬
‫عن الس‪++‬دى ق‪++‬ال‪ :‬م ‪++‬ر الن‪++‬يب ‪ ‬على ايب جه‪++‬ل وايب س‪++‬فيان ومها يتحادث‪++‬ان فلم‪++‬ا رآه ابوجه‪++‬ل ض‪++‬حك‪.‬‬
‫وقال أليب سفيان ‪ :‬ه‪+‬ذا ن‪+‬يب ب‪+‬ين عب‪+‬د من‪+‬اف‪ .‬فغض‪+‬ب اب‪+‬و س‪+‬فيان‪ .‬وق‪+‬ال‪ :‬اتنك‪+‬رون ان يك‪+‬ون لب‪+‬ين عب‪+‬د من‪+‬اف ن‪+‬يب؟‬
‫فسمع النيب ‪ . ‬فرجع اىل ايب جهل فوقع به وخوفه وقال‪ :‬ما أراك منتهيا حىت يصيبك ما اصاب عمك الوليد‬
‫بن املغ‪++ +‬رية؟ وق‪++ +‬ال اليب س‪++ +‬فيان‪ :‬ام‪++ +‬ا ان‪++ +‬ك مل تق‪++ +‬ل م‪++ +‬ا قلت اال محي‪++ +‬ة‪ .‬ف‪++ +‬نزلت االي‪++ +‬ة "واذا رآك ال‪++ +‬ذين كف‪++ +‬روا ان‬
‫يتخذونك اال هزوا" رواه ابن ايب حامت‪.‬‬
‫(‪ - )١‬أي‪ :‬ان‪++‬ه س‪++‬بحانه وتع‪++‬اىل خل‪++‬ق ه‪++‬ذا الن‪++‬وع البش‪++‬ري على العجل‪++‬ة ‪ .‬وجعله‪++‬ا يف طبع‪++‬ه وتكوين‪++‬ه‪.‬‬
‫يري‪+‬د ان يستحض‪+‬ر ك‪+‬ل م‪++‬ا يوع‪+‬د ب‪+‬ه‪ .‬ول‪+‬و ك‪+‬ان يف ذل‪+‬ك ض‪+‬رره وايذائ‪+‬ه‪ .‬فليس بعجب من املش‪+‬ركني ان يس‪+‬تعجلوا‬
‫العذاب ونزول النقمة هبم‪ .‬واهلل تعاىل ميلي للظامل حىت اذا اخذه مل يفلته‪ .‬يؤجل مث يعجل‪ .‬وينظر مث ال يؤخر‪.‬‬
‫(‪ -)٢‬أي‪ :‬ان نقم‪++‬يت ستص‪++‬يبكم ال حمال‪++‬ة فال تس‪++‬تعجلوا االتي‪++‬ان هبا‪ ،‬واص‪++‬ربوا ح‪++‬ىت ي‪++‬أيت وع‪++‬د اهلل ان اهلل‬
‫ال خيلف امليعاد‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬تكذيبا وجحودا‪ ,‬وكفرا وعنادا واستبعادا ‪.‬‬
‫(‪ -)٤‬مىت جييء هذاالعذاب الذي تعدوننا به؟ان كنتم صادقني‪.‬يعنون النيب‪ ‬واصحابه رضي اهلل عنهم‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬أي‪ :‬ب ‪++‬ل ت ‪++‬أتيهم الس ‪++‬اعة – او الن ‪++‬ار – فج ‪++‬أة ‪ .‬فتح ‪++‬ريهم وت ‪++‬ذعرهم فيستس ‪++‬لمون هلا ح ‪++‬ائرين ال‬
‫يدرون م‪+‬ا يص‪+‬نعون ‪ .‬وه‪+‬ذه املباغت‪+‬ة ج‪+‬زاء االس‪+‬تعجال ‪ .‬فلق‪+‬د ك‪+‬انوا يقول‪+‬ون م‪+‬ىت ه‪+‬ذا الوع‪+‬د ‪ ...‬فك‪+‬ان ال‪+‬رد ه‪+‬ذه‬
‫البغتة اليت تذهل العقول وتشل االرادة وتعجز عن التفكر والعمل وحترم مهلة االنظار والتأجيل‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬أي‪ :‬ليس هلم حيلة يف ذلك‪ ,‬أي‪ :‬فال يقدرون على دفعها‪.‬‬
‫(‪ - )٧‬أي‪ :‬ال ي‪++ + +‬ؤخر عنهم ذل ‪++ +‬ك س‪++ + +‬اعة ‪ .‬وحني مفع‪++ + +‬ول "يعلم" أي ‪ :‬ل ‪++ +‬و يعلم‪++ + +‬ون ال ‪++ +‬وقت ال ‪++ +‬ذي‬
‫يس‪++‬تعجلون من‪++‬ه بق‪++‬وهلم ‪ :‬م‪++‬ىت ه‪++‬ذا الوع‪++‬د ؟ ال‪++‬وقت احملدد هلم – وه‪++‬و وقت حتي‪++‬ط هبم في‪++‬ه الن‪++‬ار من وراء وق‪++‬دام –‬
‫حني تنوشهم النار من كل جانب‪.‬فيحاولون يف حركة خميلة ان يكفوا النار عن وجوههم وعن ظه‪++‬ورهم‪.‬ولكنهم‬
‫ال يس ‪++‬تطيعون‪ .‬وكامنا تلقفهم الن ‪++‬ار من ك ‪++‬ل ج ‪++‬انب فال هم يس ‪++‬تطيعون رده ‪++‬ا‪ ،‬وال هم ي ‪++‬ؤخرون عنه ‪++‬ا‪ ،‬وال هم‬
‫ميهل‪+‬ون اىل اج‪+‬ل ق‪+‬ريب‪ .‬وج‪+‬واب "ل‪+‬و" حمذوف أي ‪ :‬ل‪+‬و يعلم‪+‬ون م‪+‬ا س‪+‬يكون لك‪+‬ان هلم ش‪+‬أن غ‪+‬ري ش‪+‬أهنم وانكف‪+‬وا‬

‫اآليات ‪ ٤٦-٤٢‬في حراسة هللا على كل نفس‬ ‫‪٤٧٠‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫ولقداس ‪++‬تهزئ برس ‪++‬ل من قبل ‪++‬ك فح ‪++‬اق بال ‪++‬ذين س ‪++‬خروا منهم ماك ‪++‬انوا ب ‪++‬ه يس ‪++‬تهزءون ‪ ٤١‬ق ‪++‬ل من‬
‫يكل‪++‬ؤكم باللي‪++‬ل والنه‪++‬ار من ال‪++‬رمحن ب‪++‬ل هم عن ذك‪++‬ررهبم معرض‪++‬ون‪ ٤٢‬أم هلم ءاهلة متنعهم من دونن‪++‬ا‬
‫اليس ‪++‬تطيعون نص ‪++‬ر أنفس ‪++‬هم وال هم من ‪++‬ا يص ‪++‬حبون‪ ٤٣‬ب ‪++‬ل متعن ‪++‬ا ه ‪++‬ؤالء وءاب ‪++‬اءهم ح ‪++‬ىت ط ‪++‬ال عليهم‬
‫العمر‬

‫(ولقد استهزئ برسل من قبلك) فيه تسلية للنيب ‪( ‬فحاق) ن ‪++ + +‬زل (بالذين سخروا منهم ما كانوا به‬
‫يستهزؤون)(‪ )١‬وه ‪++‬و الع ‪++‬ذاب‪ .‬فك ‪++‬ذا حيي ‪++‬ق مبن اس ‪++‬تهزأ ب ‪++‬ك‪( .‬قل) هلم (من يكلؤكم) حيفظكم (بالليل‬
‫والنهار من الرحمن) (‪ )٢‬من عذابه ان نزل بكم ‪ ,‬أي‪ :‬ال احد يفعل ذلك(‪ .)٣‬واملخ‪+‬اطبون ال خيافون‬
‫ع ‪++‬ذاب اهلل النك ‪++‬ارهم ل ‪++‬ه‪( .‬بل هم عن ذكر ربهم) أي‪ :‬الق ‪++‬رآن (معرضون) ال يتفك ‪++‬رون في ‪++‬ه‪( .‬ام)‬
‫فيه‪++ +‬ا مع‪++ +‬ىن مهزة االنك‪++ +‬ار أي ‪ :‬أ(لهم آلهة تمنعهم) مما يس‪++ +‬وؤهم (من دونن‪FF‬ا) أي ‪ :‬اهلم من مينعهم من‪++ +‬ه‬
‫غرين‪++ +‬ا (‪)٤‬؟ (ال يس‪FF‬تطيعون) أي ‪ :‬االهلة (نص‪FF‬ر انفس‪FF‬هم) فال ينص‪++ +‬روهنم (‪( )٥‬وال هم) أي‪ :‬الكف‪++ +‬ار‬
‫(منا) من ع ‪++‬ذابنا (يصحبون) جيارون (‪ ,)٦‬يق‪++ +‬ال ‪ :‬ص ‪++‬حبك اهلل‪ .‬أي‪ :‬حفظ ‪++‬ك واج ‪++‬ارك‪( .‬ب‪FF‬ل متعن‪FF‬ا‬
‫هؤالء وآبائهم) مبا انعمنا عليهم (حتى طال عليهم العمر)(‪ )٧‬فاغرتوا بذلك‬

‫عن استهزائهم واستعجاهلم ‪ .‬ولكن جهلهم به هو الذي هوجه عندهم‪.‬‬


‫(‪ - )١‬فام ‪++ +‬ا يف ال ‪++ +‬دنيا فق ‪++ +‬د ح ‪++ +‬ل الع ‪++ +‬ذاب باملس ‪++ +‬تهزئني قبلهم‪ .‬ف ‪++ +‬اذا ك ‪++ +‬انوا هم مل يق ‪++ +‬در هلم ع ‪++ +‬ذاب‬
‫االستئص ‪++‬ال فع ‪++‬ذاب القت ‪++‬ل واالس ‪++‬ر والغلب غ ‪++‬ري ممن ‪++‬وع‪ .‬فليح ‪++‬ذروا االس ‪++‬تهزاء برس ‪++‬وهلم‪ .‬واال فمص ‪++‬ري املس ‪++‬تهزئني‬
‫بالرسل معروف جرت به السنة اليت ال تتخلف وهتددت به مصارع املستهزئني‪.‬‬
‫االيات ‪ ٤٦-٤٢‬في حراسة هللا على كل نفس‬
‫(‪ - )٢‬ان اهلل ه‪++‬و احلارس على ك‪++‬ل نفس باللي‪++‬ل والنه‪++‬ار‪ .‬وص‪++‬فته الرمحة الك‪++‬ربى‪ .‬وليس من دون‪++‬ه راع‬
‫وال حام‪ .‬فاسئلهم هل هلم حارس سواه؟ وهو سؤال لالنكار وللتوبيخ على غفلتهم عن ذكر اهلل‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬ولكن ملا كانوا من الغفلة واالعراض والتصامم حبيث ليس عندهم استعداد حىت للس‪+‬ماع فض‪+‬ال‬
‫عن الفهم فضال عن االجاب‪+‬ة الص‪+‬حيحة ق‪+‬ال تع‪+‬اىل‪" :‬ب‪+‬ل هم عن ذك‪+‬ر رهبم معرض‪+‬ون" ال خيطرون‪+‬ه بب‪+‬اهلم فض‪+‬ال ان‬
‫خيافوا بأسه‪ ,‬حىت اذا كلؤوا منه عرفوا الكالئ وصلحوا للسؤال عن‪+‬ه‪ .‬ولف‪+‬ظ ال‪+‬رمحن ي‪+‬وحي ان ال ك‪+‬الئ غ‪+‬ري رمحت‪+‬ه‬
‫العامة الشاملة وان اندفاعه مبهلته‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬أي‪ :‬أهلم آهلة متنعهم وتكل‪+‬ؤهم غرين‪+‬ا؟ فتك‪+‬ون هي ال‪+‬يت حترس‪+‬هم اذن وحتفظهم‪ .‬كال ليس االم‪+‬ر‬
‫كما تومهوا وزعموا ‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬أي‪ :‬فهؤالء االهلة ال يستطيعون من باب اوىل نصر سواهم‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬فيس‪++‬تمدوا الق‪++‬وة من ص‪++‬حبة الق‪++‬درة هلم كم‪++‬ا اس‪++‬تمدها ه‪++‬ارون وموس‪++‬ى عليهم‪++‬ا الس‪++‬الم ورهبم‪++‬ا‬
‫يقول هلما ‪ :‬انين معكما امسع وارى – وهذه االهلة املزعومة جمردة من القوة بذاهتا‪ .‬وليس مبصحوب من اهلل بنصر‬
‫وتأييد تستمد منه القوة‪ .‬فهي عاجزة عاجزة ‪.‬‬
‫(‪ - )٧‬فه‪++‬و املت‪++‬اع الطوي‪++‬ل املوروث ال‪++‬ذي افس‪++‬د فط‪++‬رهتم‪ .‬واملت‪++‬اع ت‪++‬رف ‪ .‬وال‪++‬رتف يفس‪++‬د القلب ويبل‪++‬د‬
‫احلس‪ ,‬وينتهي اىل ضعف احلساسية باهلل ‪ ,‬وانطم‪+‬اس البص‪+‬رية دون تأم‪++‬ل يف ايات‪+‬ه‪ .‬وه‪+‬ذا ه‪+‬و االبتالء بالنعم‪+‬ة حني‬
‫ال يستيقظ االنسان لنفسه ويراقبها ويصلها دائما باهلل فال ينساه‪.‬‬
‫اآلية ‪ ٤٧‬في موازين القسط‬ ‫‪٤٧١‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫أفال يرون أنا نأيت االرض ننقصها من أطرافها أفهم الغلبون ‪ ٤٤‬قل امنا ان‪++‬ذركم ب‪++‬الوحي وال يس‪++‬مع‬
‫الصم الدعاء إذا ماينذرون‪ ٤٥‬ولئن مستهم نفحة من ع‪+‬ذاب رب‪+‬ك ليق‪+‬ولن يويلناإن‪+‬ا كن‪+‬اظلمني ‪٤‬‬
‫‪ ٦‬ونضع املوازين القسط ليوم القيمة فال تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل اتينا هبا‬

‫(أفال يرون انا نأتي االرض) نقص‪++‬د ارض‪++‬هم (ننقصها من اطرافها)(‪ )١‬ب‪++‬الفتح على الن‪++‬يب ‪( ‬افهم‬
‫الغالبون)(‪)٢‬؟ ال‪ ،‬بل النيب واص ‪++‬حابه ‪( .‬قل) هلم (انما انذركم بالوحي) من اهلل ال من قب ‪++‬ل نفس ‪++‬ي(‪)٣‬‬
‫(وال يسمع الصم الدعاء اذا) بتحقيق اهلمزتني‪ ،‬وتسهيل الثاني‪++‬ة بينه‪++‬ا وبني الي‪++‬اء (ما ينذرون)(‪ )٤‬أي‪:‬‬
‫هم ب ‪++‬رتكهم العم ‪++‬ل مبا مسعوه من االن ‪++‬ذار كالص ‪++‬م‪(.‬ولئن مستهم نفحة) وقع ‪++‬ة خفيف ‪++‬ة (من عذاب ربك‬
‫ليقولن يا) للتنبي ‪++‬ه (ويلنا) هالكن ‪++‬ا(انا كنا ظالمين)(‪ )٥‬باالش ‪++‬راك وتك ‪++‬ذيب حمم ‪++‬د‪( .‬ونضع الموازين‬
‫القسط) ذوات الع‪++ +‬دل (ليوم القيامة) أي‪ :‬في‪++ +‬ه (‪( ,)٦‬فال تظلم نفس ش‪FF‬يئا) من نقص حس‪++ +‬نة او زي‪++ +‬ادة‬
‫سيئة (وان كان) العمل (مثقال) زنة (حبة من خردل اتينا بها) مبوزوهنا(‪)٧‬‬
‫في نقص االرض‬
‫(‪ - )١‬بتس‪+‬ليط املس‪+‬لمني عليه‪+‬ا فتقلص س‪+‬لطاهنم عليهم‪ .‬كم من دول متغلب‪+‬ة ط‪+‬ويت رفعته‪+‬ا؟ فص‪+‬ارت‬
‫دويالت صغرية مغلوبة على امرها‪ .‬وكانت غالبة ‪ .‬فاذا هي قليلة العدد‪ .‬وكانت كثرية‪ ,‬واذا هي قليلة اخلريات‪.‬‬
‫وك‪++‬انت فائض‪++‬ة ب‪++‬اخلريات ‪ .‬تص‪++‬وير ملا جيري‪++‬ه اهلل وان االم‪++‬ر ام‪++‬ر اهلل وال م‪++‬انع من ام‪++‬ره من اح‪++‬د‪ .‬فليح‪++‬ذروا من ان‬
‫يعمه‪++‬وا‪ .‬فتط‪++‬وى رفع‪++‬ة االرض حتت أق‪++‬دامهم ونقص ي‪++‬د الق‪++‬درة اط‪++‬رافهم وتتحيلهم وم‪++‬اهم في‪++‬ه من مت‪++‬اع ‪ .‬راج‪++‬ع‬
‫صفحة‪ ١٠٣:‬رقم االية ‪ ٤١‬الرعد‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬ال‪+‬ذين يغلب‪++‬ون جن‪++‬د اهلل ورس‪++‬له؟ ال ب‪++‬ل اهلل ورس‪++‬وله وجن‪++‬دمها هم الغ‪++‬البون‪ .‬أي‪ :‬افبع‪++‬د ظه‪+‬ور م‪++‬ا‬
‫ذكر ورؤيتهم اياه يتومهون غلبتهم؟!‬
‫(‪ - )٣‬أي‪ :‬ليس من عن ‪++‬دي وليس كالم ‪++‬ا كبقي ‪++‬ة الكالم‪ .‬ب ‪++‬ل ه ‪++‬و كالم اهلل الق ‪++‬ادر القه ‪++‬ار احملي ‪++‬ط بك ‪++‬ل‬
‫شيء علما‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬أي‪ :‬اذا ما خيوفون‪ .‬فعندهم صمم عن االنذار ‪ ,‬وال يسمعون ما تدعوهم اليه‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬أي‪ :‬ولئن مس ه ‪++‬ؤالء ال ‪++‬ذين هم على ه ‪++‬ذه املنهجي ‪++‬ة والك ‪++‬رب اذا مس ‪++‬هم ادىن ش ‪++‬يء من ال ‪++‬ذي‬
‫ينذرون به لذلوا ودعوا بالويل على انفس‪+‬هم واق‪+‬روا واع‪+‬رتفوا‪ .‬فاحلماق‪+‬ة واجله‪+‬ل والك‪+‬رب جتعلهم يس‪+‬تمرون على م‪+‬ا‬
‫هم عليه فاثبت على ما انت عليه وانتظر فيهم ما وعدناك‪.‬‬
‫االية ‪ ٤٧‬في الموازين القسط‬
‫(‪ - ) ٦‬وها هو آت ‪ .‬ومجع امليزان باعتبار تعدد االعمال املوزونة فيه‪ .‬او لتعظيم شأهنا‪.‬‬
‫واملع ‪++‬ىن ‪ :‬وحنض‪++‬ر ي ‪++‬وم القيام ‪++‬ة املوازين العادل ‪++‬ة ال ‪++‬يت ت ‪++‬وزن هبا ص ‪++‬حائف االعم ‪++‬ال‪ .‬وعلي ‪++‬ه ائم ‪++‬ة الس ‪++‬لف‪.‬‬
‫وق ‪++‬ال بعض ‪++‬هم ‪ :‬املراد من ال ‪++‬وزن الع ‪++‬دل بينهم‪ .‬فال يظلم عب ‪++‬اده مثق ‪++‬ال ذرة فمن اح ‪++‬اطت حس ‪++‬ناته بس ‪++‬يئاته ثقلت‬
‫موازينه ‪ ,‬أي‪ :‬ذهبت حسناته بسيئاته‪ .‬ومن احاطت سيئاته حبسناته خفت موازينه‪ .‬أي‪ :‬ذهبت سيئاته حبسناته‪.‬‬
‫(‪ - )٧‬أي‪ :‬وان ك‪++‬ان العم‪++‬ل ال‪++‬ذي فعلت‪++‬ه النفس ص‪++‬غريا مثق‪++‬ال حب‪++‬ة اخلردل‪ .‬واحلب‪++‬ة من خ‪++‬ردل تص‪++‬ور‬
‫اصغر ما تراه العيون واخفه يف امليزان – جازينا عليه‪ .‬وهي ال ترتك يوم احلساب وال تضيع‪ .‬وامليزان الدقيق يشيل‬
‫هبا او مييل‪.‬‬
‫اآليات ‪ ٥٠-٤٨‬في التوراة والفرقان‬ ‫‪٤٧٢‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وكفى بنا حسبني ‪ ٤٧‬ولقد ءاتينا موسى وهرون الفرقان وضياء وذكرا للمتقني‪٤٨‬‬
‫(وكفى بنا حاسبين) حمصني كل شيء(‪( )١‬ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان) أي‪ :‬الت‪++‬وراة الفارق‪++‬ة‬
‫بني احلق والباطل واحلالل واحلرام (وضياء) هبا (وذكرا) أي ‪ :‬عظة هبا (للمتقين)(‪. )٢‬‬
‫ما هو الميزان؟‬
‫(‪ - )١‬أي‪ :‬وحس ‪++‬ب من ش ‪++‬هدوا ذل ‪++‬ك املوق ‪++‬ف بن ‪++‬ا حاس ‪++‬بني العم ‪++‬اهلم حمص ‪++‬ني هلا الن ‪++‬ه ال اح ‪++‬د اعلم‬
‫باعماهلم وما سلف منهم يف الدنيا من صاحل او سيئ منها‪.‬‬
‫وامليزان ه‪++‬و آل‪++‬ة ال‪++‬وزن املعروف‪++‬ة ملعرف‪++‬ة املق‪++‬دار‪ .‬وه‪++‬و الع‪++‬دل او املق‪++‬دار‪ .‬ويطل‪++‬ق امليزان يف الفلس‪++‬فة على‬
‫قاعدة فكرية تعني على متييز احلق من الباطل‪ .‬لذا يسمى علم املنطق بعلم امليزان‪ .‬ويف االقتصاد هو بيان ما للدول‪++‬ة‬
‫وم‪++‬ا عليه‪++‬ا من ال‪++‬ديون قب‪++‬ل ال‪++‬دول االخ‪++‬رى‪ .‬وامليزاني‪++‬ة هي س‪++‬جل تع‪++‬ادل في‪++‬ه املوارد‪ .‬واملص‪++‬روفات‪ .‬ويف الرياض‪++‬ات‬
‫هو طريقة للتحقق من صحة عملية حسابية‪.‬‬
‫فم ‪++‬ا يتب ‪++‬ادر لل ‪++‬ذهن يف مع ‪++‬ىن االي ‪++‬ة ه ‪++‬و امليزان املع ‪++‬روف‪ .‬ولكن تعطين ‪++‬ا النظ ‪++‬رة االعم ‪++‬ق فيه ‪++‬ا مع ‪++‬ىن اخ ‪++‬ر‬
‫يضاف اىل سابقه ويكمله وهو اهم منه النه اعم وامشل ‪ .‬وهو العدل الذي شرعه احلق سبحانه وام‪++‬ر ب‪++‬ه‪ .‬وق‪++‬د م‪++‬ر‬
‫معنا هذان التفس‪+‬ريان للعلم‪+‬اء‪ .‬واهلل س‪+‬بحانه وتع‪+‬اىل خل‪+‬ق ك‪+‬ل ش‪+‬يء مبق‪+‬دار ووزن خلق‪+‬ه متوازن‪+‬ا م‪+‬ع غ‪+‬ريه‪ .‬وخل‪+‬ق‬
‫االشياء لنا متوازنة مع حاجاتنا رمحة منه وفضال‪ .‬راجع (صفحة ‪ ٧‬رقم االية ‪ ٨‬االعراف)‪.‬‬
‫والعالق‪++‬ة بني انس‪++‬ان وآخ‪++‬ر من نوع‪++‬ه ‪ .‬وبين‪++‬ه وبني م‪++‬ا س‪++‬واه من املخلوق‪++‬ات حيكمه‪++‬ا ت‪++‬وازن دقي‪++‬ق ‪ ,‬ول‪++‬و‬
‫اختل هذا الضطربت امورهم ‪ .‬واهلل يق‪++‬در ال‪+‬رزق على عب‪+‬اده ‪" :‬وك‪+‬ل ش‪+‬يء عن‪+‬ده مبق‪++‬دار" (الرع‪+‬د‪ )٨ :‬واذا ك‪+‬ان‬
‫س‪+‬بحانه ق‪+‬د اغ‪+‬دق علين‪+‬ا من نعم‪+‬ه الظ‪+‬اهرة والباطن‪+‬ة م‪+‬ا ال نع‪+‬ده وال حنص‪+‬يه‪ .‬فان‪+‬ه ق‪+‬د ان‪+‬زل من النعم ومن ال‪+‬رزق م‪+‬ا‬
‫يويف باحتياجات مجيع املخلوقات بل واكثر من ذلك‪.‬‬
‫وه‪++‬ذا ه‪++‬و ش‪++‬أن ك‪++‬ل نعم اهلل تع‪++‬اىل على عب‪++‬اده يف االرض‪ .‬ول‪++‬و زاد احلق س‪++‬بحانه من نعم‪++‬ه على البش‪++‬ر‬
‫ف‪++‬اغرقهم هبا اغراق‪++‬ا لطغ‪++‬وا‪ ،‬ولبغى بعض‪++‬هم على بعض‪ ،‬وعت‪++‬وا يف االرض مفس‪++‬دين ‪ .‬وهك‪++‬ذا هي ش‪++‬يمة املخل‪++‬وقني‬
‫اال من رحم ريب‪ .‬وذل‪++ +‬ك امليزان العظيم العجيب يل‪++ +‬ف ك‪++ +‬ل املخلوق‪++ +‬ات ابت‪++ +‬داء من ال‪++ +‬ذرة واص‪++ +‬غر منه‪++ +‬ا وانته‪++ +‬اء‬
‫باجملرات واكرب منها ‪ ,‬ينتظمها كلها يف سلسلة من القوانني الرياض‪++‬ية والكيماوي‪++‬ة‪ ,‬والفيزاوي‪++‬ة واالحيائي‪++‬ة ال تنتهي‬
‫هي ن ‪++‬واميس ض ‪++‬رورية حلف ‪++‬ظ احلي ‪++‬اة ولس ‪++‬عادة اجلمي ‪++‬ع‪ .‬واذا ك ‪++‬ان ك ‪++‬ل ش ‪++‬يئ يف الك ‪++‬ون ال جييء إال وه ‪++‬و م ‪++‬وزون‬
‫وحمسوب يف نفسه‪ ,‬فانه ال جييء هكذا مغلقا وحده وال معزوال عن غ‪+‬ريه‪ .‬ب‪+‬ل ه‪+‬و حيت‪+‬اج ايض‪+‬ا اىل الت‪+‬وازن م‪++‬ع م‪++‬ا‬
‫حييط به من اشياء وظروف‪( .‬راجع صفحة‪١٤٤ :‬رقم االية ‪ ١٩‬احلجر)‬
‫االيات ‪ ٥٠-٤٨‬في التوراة والفرقان‬
‫(‪ - )٢‬فهم املنتفعون به‪ .‬وصف اهلل سبحانه وتعايل التوراة باهنا فرقان وضياء وذكر‪ .‬ويس‪++‬مي الكت‪++‬اب‬
‫الفرق ‪++‬ان – وهي ص ‪++‬فة الق ‪++‬ران ‪ ,‬فهن ‪++‬اك وح ‪++‬دة ح ‪++‬ىت يف االس ‪++‬م ‪ .‬وذل ‪++‬ك ان الكتب املنزل ‪++‬ة كله ‪++‬ا فرق ‪++‬ان بني احلق‬
‫والباطل ‪ ,‬وبني اهلدى والضالل ‪ .‬وضياء يستضاء به يف ظلمات احلرية واجلهالة‪ .‬ظلمات القلب والعقيدة‪.‬‬
‫والقلب البشري ليظل مظلما حىت تشرق فيه شعلة االميان‪ .‬فتنري جوانبه وينكشف له منهجه فال ختتل‪++‬ط‬
‫عليه القيم واملعاين والتقديرات‪ .‬وه‪+‬و ك‪+‬ذلك ذك‪+‬ر للمتقني‪ .‬ت‪+‬ذكرهم باهلل وتبقي هلم ذك‪+‬را يف الن‪+‬اس ‪ .‬وم‪+‬اذا ك‪+‬ان‬
‫بن ‪++‬و اس ‪++‬رائيل قب ‪++‬ل الت ‪++‬وراة؟ ك ‪++‬انوا اذالء حتت س ‪++‬ياط فرع ‪++‬ون ي ‪++‬ذبح ابن ‪++‬ائهم ويس ‪++‬تحي نس ‪++‬ائهم ويس ‪++‬تذهلم بالس ‪++‬خرة‬
‫وااليذاء‪.‬‬
‫اآليات ‪ ٧٣-٥١‬في إبراهيم عليه السالم‬ ‫‪٤٧٣‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫الذين خيشون رهبم بالغيب وهم من الساعة مشفقون‪٤٩‬وه‪+‬ذا ذك‪+‬ر مب‪+‬ارك أنزلن‪+‬ه أف‪+‬أنتم ل‪+‬ه منك‪+‬رون‬
‫‪ ٥٠‬ولقد ءاتينا ابرهيم رشده من قبل و كنا به علمني‪٥١‬‬

‫(ال‪FF‬ذين يخش‪FF‬ون ربهم ب‪FF‬الغيب) عن الن‪++ + +‬اس‪ .‬أي‪ :‬يف اخلالء عنهم (وهم من الس‪FF‬اعة) أي‪ :‬اهواهلا‬
‫(مشفقون) خ ‪++‬ائفون(‪( )١‬وهذا) أي‪ :‬الق ‪++‬ران (ذكر مبارك(‪ )٢‬انزلناه(‪( )٣‬أفأنتمم ل‪F‬ه منك‪F‬رون)(‪)٤‬‬
‫االستفهام فيه للتوبيخ‪( .‬ولقدآتينا ابراهيم رشده من قبل) أي‪ :‬هداه قبل بلوغ‪++ +‬ه(‪( )٥‬وكنا به عالمين)‬
‫أي‪ :‬بانه اهل لذلك (‪. )٦‬‬

‫(‪ - )١‬بطري‪++‬ق االعتن‪++‬اء‪ .‬خيص‪++‬هم ب‪++‬ذلك الن ال‪++‬ذين تش‪++‬عر قل‪++‬وهبم خش‪++‬ية اهلل يف خل‪++‬وهتم عن العب‪++‬اد او م‪++‬ع‬
‫كون‪++‬ه غيب‪++‬ا بالنس‪++‬بة هلم خ‪++‬افقون من الس‪++‬اعة فيعمل‪++‬ون هلا ويس‪++‬تعدون‪ .‬فه‪++‬ؤالء هم ال‪++‬ذين ينتفع‪++‬ون بالض‪++‬ياء ويس‪++‬ريون‬
‫علىهداه‪ .‬فيكون كتاب اهلل يف حقهم ذكرا ملاحتدثه يف القلوب من خوف وانابة وخشية‪ .‬ويرفع هلم ذكرايف الناس‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬أي‪ :‬كثري اخلري غزير النفع‬
‫(‪ - )٣‬على حمم‪++‬د ‪ ‬واذا ك‪++‬ان ه‪++‬ذا ش‪++‬أن الت‪++‬وراة وش‪++‬أن موس‪++‬ى وه‪++‬ارون‪ .‬فليس ب‪++‬دعا وال عجب‪++‬ا ان‬
‫ينزل على حممد ‪ ‬امنا هو امر مسبوق وسنة معروفة‪" .‬انزلناه" صفة ثانية او خرب اخر لـ "هذا" ‪ .‬وعلى التق‪++‬ديرين‬
‫فيه من تعظيم امر القرآن الكرمي ما ال خيفى‪.‬‬
‫بعد ان ذكرت االيتان التوراة عقبت بذكر القران ‪ ,‬ووص‪+‬فه بأن‪+‬ه ذك‪+‬ر مب‪+‬ارك وانك‪+‬رت على من ينك‪+‬ره‬
‫ووخبته‪ .‬الن انكاره يف غري حمله‪.‬‬
‫فه ‪++‬ذا اذن دلي ‪++‬ل جدي ‪++‬د وحج ‪++‬ة جدي ‪++‬دة على ص ‪++‬دق الرس ‪++‬الة وص ‪++‬حة ال ‪++‬وحي‪ .‬ونقض جدي ‪++‬د الق ‪++‬وال‬
‫الكافرين ‪ .‬ومن هنا يظهر انسجامها مع سياق السورة اخلاص‪.‬‬
‫وهاتان االيتان يف حيز قول‪+‬ه تع‪+‬اىل‪" :‬امل ذل‪+‬ك الكت‪+‬اب‪ .....‬وم‪+‬ا ان‪+‬زل من قبل‪+‬ك" (البق‪+‬رة ‪ .)٤-١‬حيث‬
‫اشارت – على قصرها – اىل هذا كله وانكرت على الكافرين الذين ينكرون هذا القران وال يؤمنون به‪.‬‬
‫وقال تعالىفي وصفه الق‪+‬ران يف موض‪+‬ع آخ‪+‬ر‪:‬وان‪+‬زل الت‪+‬وراة واالجني‪+‬ل من قب‪+‬ل ه‪+‬دىللناس وان‪+‬زل الفرق‪+‬ان (ال‬
‫عمران‪" )٤-٣ :‬تبارك الذي نزل الفرق‪+‬ان على عب‪+‬ده ليك‪+‬ون للع‪+‬املني ن‪+‬ذيرا"(الفرق‪+‬ان‪ )١:‬وق‪+‬ال س‪+‬بحانه‪" :‬ق‪+‬د ج‪+‬اءكم‬
‫من اهلل ن‪+‬ور وكت‪+‬اب م‪+‬بني" (املائ‪+‬دة ‪")١٥‬واتبع‪+‬وا الن‪+‬ور ال‪++‬ذي ان‪+‬زل مع‪+‬ه"(االع‪+‬راف‪ )١٥٧ :‬وق‪++‬ال ج‪++‬ل ش‪+‬أنه‪" :‬وانزلن‪+‬ا‬
‫اليك الذكر لتبني للناس ما نزل اليهم" (النحل‪" )٤٤:‬وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون" (الزخرف ‪.)٤٤‬‬
‫(‪ - )٤‬أي‪ :‬افبع‪++‬د ان اس‪++‬تبان لكم جلي‪++‬ل خط‪++‬ره وعظيم ام‪++‬ره تنك‪++‬رون وتقول‪++‬ون ‪ :‬ه‪++‬و اض‪++‬غاث احالم؟‬
‫ب‪++‬ل اف‪++‬رتاه ب‪++‬ل ه‪++‬و ش‪++‬اعر ؟ فليأتن‪++‬ا بآي‪++‬ة كم‪++‬ا ارس‪++‬ل االول‪++‬ون ؟ م‪++‬ع ان في‪++‬ه خص‪++‬ائص الت‪++‬وراة وزي‪++‬ادة‪ .‬فم‪++‬اذا تنك‪++‬رون‬
‫منه‍؟ وقد سبقت به الرساالت مع كون‪+‬ه يف غاي‪+‬ة اجلالء والظه‪+‬ور على ان‪+‬ه من عن‪+‬د اهلل‪ .‬فه‪+‬ذا م‪+‬ا ال يستس‪+‬يغه عق‪+‬ل‬
‫سليم وال فكر صحيح‪.‬‬
‫ورمبا يك ‪++‬ون املع ‪++‬ىن‪ :‬كي ‪++‬ف تنك ‪++‬رون كون ‪++‬ه م ‪++‬نزال من عن ‪++‬د اهلل؟ وانتم من اه ‪++‬ل اللس ‪++‬ان ت ‪++‬دركون مزاي ‪++‬ا‬
‫الكالم ولطائفه‪ ،‬وتفهمون من بالغة القرآن ما ال يدركه غريكم‪ .‬وفيه شرفكم وصيتكم‪.‬‬
‫االيات ‪ ٧٣ -٥١‬في ابراهيم عليه السالم‬
‫(‪ - )٥‬او قب‪++ +‬ل اس‪++ +‬تنبائه حيث ق‪++ +‬ال ‪ :‬اين وجهت ‪ ....‬او اهتدائ‪++ +‬ه لوج‪++ +‬وه الص‪++ +‬الح من قب‪++ +‬ل موس‪++ +‬ى‬
‫وهرون‪ .‬او حممد ‪‬‬
‫(‪ - )٦‬أي‪ :‬علمنا انه اهل ملا اتيناه‪ .‬او جامع حملاسن االوصاف ومكارم اخلصال ‪ .‬اض‪++‬افة "رش‪++‬ده" لي‪++‬دل‬

‫في اللعب بالشطرنج‬ ‫‪٤٧٤‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫اذ قال ألبيه وقومه ما هذه التماثيل اليت انتم هلا عكفون‪ ٥٢‬قالوا وجدنا ءاباءن‪++‬ا هلا عب‪++‬دين‪٥٣‬‬
‫قال لقد كنتم أنتم وءاباؤكم يف ض‪+‬لل م‪+‬بني‪ ٥٤‬ق‪+‬الوا أجئتن‪+‬ا ب‪+‬احلق أم أنت من اللع‪+‬بني‪ ٥٥‬ق‪+‬ال‬
‫بل ربكم رب السموت واألرض الذي فطرهن‬

‫(اذ قال ألبيه وقومه ما هذه التماثيل) االص‪++ +‬نام (التي انتم له‪FF‬ا ع‪FF‬اكفون) أي‪ :‬على عبادهتا مقيم‪++ +‬ون(‬
‫‪)١‬؟ (قالوا وجدنا آباءنا له‪F‬ا عاب‪F‬دين) فاقت ‪++‬دينا هبم(‪( .)٢‬ق‪F‬ال) هلم (لق‪F‬د كنتم أنتم وآب‪F‬اءكم) بعبادهتا‬
‫(في ضالل مبين) بني(‪( .)٣‬قالوا أجئتنا بالحق) يف قولك ه ‪++‬ذا (أم أنت من الالعبين) في ‪++‬ه(‪( )٤‬قال‬
‫بل ربكم) املستحق للعبادة (رب) مال‪++‬ك (السماوات واألرض الذي فطرهن) خلقهن على غ‪++‬ري مث‪++‬ال‬
‫سبق(‪)٥‬‬

‫على انه رشد مثله‪ .‬وان له شأنا‪ .‬ولفظة الرشد تنصرف يف هذا املقام اىل الرشد االكرب‪ .‬وهو اهلداية اىل التوحيد‪.‬‬
‫(‪ - )١‬فكانت مقالته‪ :‬هذه التماثيل دليل رشده‪ .‬حيث مسى تلك االحجار بامسها‪ .‬ومل يق‪++‬ل‪ :‬اهنا آهلة‪.‬‬
‫واستنكر ان يعكفوا عليها بالعبادة‪.,‬‬
‫و"ع‪++‬اكفون" يفي‪++‬د االنكب‪++‬اب ال‪++‬دائم املس‪++‬تمر‪ .‬الهنم وان مل يقض‪++‬وا وقتهم كل‪++‬ه يف عبادهتا – يتعلق‪++‬ون هبا‬
‫فهو عكوف معنوي ال زمين‪ .‬وهو يستحق هذا التعلق ويشبهه لتصويرهم منكبني ابدا على هذه التماثيل‪.‬‬
‫وقد اراد عليه السالم هبذا السؤال تنبيه اذهاهنم اىل التأمل يف شأهنا‪ .‬وحتقري امرها متجاهال حقيقتها مع‬
‫علم‪++‬ه بتعظيم هلا م‪++‬ع ت‪++‬وبيخ الجالهلا‪ .‬وكأن‪++‬ه ي‪++‬ومئ ب‪++‬ذلك اىل اهنم ل‪++‬و ت‪++‬املوا قليال الدرك‪++‬وا ان مث‪++‬ل ه‪++‬ذه االحج‪++‬ار‬
‫واخلشب ال تغين عنهم قال وال كثرا‪ .‬والـ "متثال" صورة ال روح فيها ال يضر وال ينفع‪.‬‬
‫والالم لالختص ‪++‬اص‪ .‬ال للتعدي ‪++‬ة ف ‪++‬ان تعدي ‪++‬ة العك ‪++‬وف بـ "على"‪ .‬اال ان ت ‪++‬ؤول الالم بـ"على"‪ .‬او يض ‪++‬من‬
‫العكوف مبعىن العبادة‪.‬‬
‫في اللعب بالشطرنج‬
‫عن االصبع بن نبات‪+‬ة ق‪+‬ال‪ :‬م‪++‬ر علي رض‪+‬ي اهلل عن‪+‬ه على ق‪+‬وم يلعب‪+‬ون بالش‪+‬طرنج فق‪++‬ال‪" :‬م‪++‬ا ه‪+‬ذه التماثي‪+‬ل‬
‫اليت أنتم هلا عاكفون"؟ ألن ميس أحدكم مجرا حىت يطفأ خري له من أن ميسها" رواه ابن أيب حامت‪ .‬رمبا يكون هذا‬
‫م ‪++‬ذهب علي رض ‪++‬ي اهلل عن ‪++‬ه يف الش ‪++‬طرنج ‪ .‬وب ‪++‬ه أخ ‪++‬ذ احلنفي ‪++‬ة إال أب ‪++‬ا يوس ‪++‬ف ‪ .‬ك ‪++‬أهنم اعت ‪++‬ربوا اللعب بالش ‪++‬طرنج‬
‫كاللعب بالنرد ‪ .‬والكثريون على أنه ال بأس به ما مل يكثر أو يله عن واجب ورافقته نية صاحلة‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬وقل ‪++‬دناهم وس ‪++‬رنا على هنجهم ‪.‬أي‪ :‬وليس لن ‪++‬ا بره ‪++‬ان على ص ‪++‬حة م ‪++‬ا نفع ‪++‬ل‪ .‬ج ‪++‬واب ي ‪++‬دل على‬
‫التحج‪++‬ر العقلي‪ .‬والنفس داخ‪++‬ل ق‪++‬والب التقلي‪++‬د امليت‪++‬ة يف مقاب‪++‬ل حري‪++‬ة اإلميان وانطالق‪++‬ه للنظ‪++‬ر والت‪++‬دبر‪ .‬وكفى هبذا‬
‫سبة هلم! ‪.‬والتقليد هو العصا اليت يتوكأ عليها العاجز ‪ ،‬واحلبل الذي يتثبث به كل غريق‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬أراد أن املقلدين واملقل‪+‬دين منخرط‪+‬ون يف س‪+‬لك ض‪+‬الل ظ‪+‬اهر ال خيفى على عاق‪+‬ل ؛ لع‪+‬دم اس‪+‬تناد‬
‫الف‪++‬ريقني إىل دلي‪++‬ل ‪ .‬وإمنا جيوز التقلي‪++‬د ملن علم يف اجلمل‪++‬ة أن‪++‬ه على ح‪++‬ق ي‪++‬دل على الباط‪++‬ل‪ .‬والباط‪++‬ل ال يص‪++‬ري حق‪++‬ا‬
‫بكثرة املتمسكني به ‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬أجبد تقول ‪++‬ه؟ أم تلعب ب ‪++‬ه؟ اس ‪++‬تعظاما منهم إنك ‪++‬اره عليهم‪ .‬واس ‪++‬تبعادا ألن يك ‪++‬ون م ‪++‬ا هم علي ‪++‬ه‬
‫ض‪++‬الل ‪ .‬س‪++‬ؤال املزع‪++‬زع العقي‪++‬دة ال‪++‬ذي ال ي‪++‬دري أي األق‪++‬وال ح‪++‬ق؟! ه‪++‬ذا ه‪++‬و الش‪++‬به ال‪++‬ذي خيب‪++‬ط في‪++‬ه من ال ي‪++‬دينون‬
‫دين احلق الناصح الواضح املستقيم يف العقل والضمري‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬أو خل‪++ +‬ق التماثي‪++ +‬ل ‪ .‬ف‪++ +‬أىن يعب‪++ +‬د املخل‪++ +‬وق وي‪++ +‬رتك اخلالق ؟! فه‪++ +‬و رب واح‪++ +‬د رب الن‪++ +‬اس ورب‬

‫في جعل األصنام جذاذا‬ ‫‪٤٧٥‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وأنا على ذلكم من الشهدين‪ ٥٦‬وتاهلل ألكيدن أصنمكم‬


‫(وأنا على ذلكم) الذي قلته (من الشاهدين) به(‪(.)١‬وتاهلل ألكيدن أصنامكم)(‪)٢‬‬
‫الس‪+‬موات واألرض‪ .‬ربوبيت‪+‬ه ناش‪+‬ئة عن كون‪+‬ه اخلالق ‪ .‬فهم‪+‬ا ص‪+‬فتان ال تنكف‪+‬ان ‪ ،‬ال كم‪+‬ا يعتق‪+‬د املش‪+‬ركون أن اآلهلة‬
‫أرباب بينما هم يقرون أهنا ال ختلق‪ .‬وإن اخلالق هو اهلل‪ .‬مث هم يعبدون تلك اآلهلة اليت ال ختلق شيئا وهم يعلمون!‬
‫(‪ - )١‬وإب‪++‬راهيم علي‪++‬ه الس‪++‬الم مل يش‪++‬هد خلقهم‪++‬ا وال خل‪++‬ق نفس‪++‬ه وال قوم‪++‬ه ‪ .‬ولكن األم‪++‬ر من الوض‪++‬وح‬
‫والثب‪+‬وت إىل ح‪+‬د أن يش‪+‬هد املؤمن‪+‬ون علي‪+‬ه واثقني؛ ألن ك‪+‬ل م‪+‬ا يف الك‪+‬ون لينط‪+‬ق بوح‪+‬دة اخلالق املدبر‪ .‬وإن ك‪+‬ل م‪+‬ا‬
‫يف كيان البشر ليهتف به إىل اإلقرار بوحدانية اخلالق املدبر‪.‬‬
‫وقص‪++ +‬ارى م‪++ +‬ا يق‪++ +‬ول‪ :‬لس‪++ +‬ت من الالع‪++ +‬بني اهلازلني ب‪++ +‬ل من الع‪++ +‬املني ب‪++ +‬ذلك ب‪++ +‬الرباهني القاطع‪++ +‬ة واحلجج‬
‫الساطعة ‪ ،‬كالشاهد الذي يكون قوله الفصل يف إثبات الدعوى وإحقاق احلق‪.‬‬
‫وض ‪++‬مري "هن" للس ‪++‬موات واألرض‪ ،‬أو للتماثي ‪++‬ل‪ .‬وه ‪++‬و أدخ ‪++‬ل يف حتقي ‪++‬ق احلق وإرش ‪++‬اد املخ ‪++‬اطبني إلي ‪++‬ه ‪.‬‬
‫وليس ه ‪++‬ذا الض‪++‬مري من الض‪++‬مائر ال‪++‬يت ختتص مبن يعق ‪++‬ل من املؤنث ‪++‬ات‪" .‬ب ‪++‬ل ربكم" إض ‪++‬راب عن كون ‪++‬ه العب ‪++‬ا بإقام ‪++‬ة‬
‫الربه‪++‬ان على م‪++‬ا ادع‪++‬اه ‪ .‬أو إض‪++‬راب عم‪++‬ا بن‪++‬وا علي‪++‬ه مق‪++‬اهلم من اعتق‪++‬اد ك‪++‬ون تل‪++‬ك التماثي‪++‬ل أرباب‪++‬ا هلم ‪ ،‬كأن‪++‬ه قي‪++‬ل‪:‬‬
‫ليس األمر كذلك بل ربكم ‪.....‬‬
‫وأتى هبذا ومل يق ‪++‬ل‪" :‬ب ‪++‬ل أن ‪++‬ا من احملقني" كي يتنبه ‪++‬وا‪ :‬أن تض ‪++‬ليلي إي ‪++‬اكم مما ال حاج ‪++‬ة في ‪++‬ه إىل بره ‪++‬ان‬
‫لوضوحه ‪ .‬بل انظروا أنكم ترتكون عبادة خالقكم ومال‪+‬ك أم‪++‬ركم ورازقكم ومال‪+‬ك الع‪++‬املني‪ .‬وال‪+‬ذي فط‪+‬ر م‪++‬ا أنتم‬
‫له عاكفون! فأي باطل أظهر من ذلك ؟! وأي ضالل أبني منه ؟!‬
‫وجيدر بن‪++‬ا االلتف‪++‬ات ‪ :‬أن‪++‬ه مهم‪++‬ا ذك‪++‬ر الس‪++‬موات ذك‪++‬رت األرض‪ .‬كم‪++‬ا هن‪++‬ا ‪" :‬أومل ي‪++‬ر ال‪++‬ذين كف‪++‬روا أن‬
‫السموات واألرض‪( "...‬األنبياء‪ )٣٠ :‬و"لقد خلقنا السموات واألرض وما بينهما يف ستة أي‪++‬ام" (ق‪ )٣٧ :‬و"ه‪++‬و‬
‫ال ‪++‬ذي خل ‪++‬ق لكم م ‪++‬ا يف األرض مجيع ‪++‬ا ‪ ،‬مث اس ‪++‬توى إىل الس ‪++‬ماء فس ‪++‬واهن س ‪++‬بع مسوات‪( "...‬البق ‪++‬رة‪ ،)٢٨ :‬وه ‪++‬ذا‬
‫يعطينا وحدة اخللق واإلنشاء ‪.‬‬
‫فالس ‪++‬موات ع ‪++‬امل هائ ‪++‬ل ال يع ‪++‬رف كنه ‪++‬ه وال ي ‪++‬درك عمق ‪++‬ه‪ .‬ويف ه ‪++‬ذه اآلي ‪++‬ات وم ‪++‬ا يش ‪++‬اهبها احلديث عن‬
‫بداية خلق الكون‪ .‬وقد جاءت متفرقة يف عدة سور‪ .‬وهي مبجموعتها تروي قصة املراحل املختلفة واهلامة اليت مر‬
‫هبا هذا الكون إىل أن وصل إىل ما هو عليه اآلن‪.‬‬
‫ويف سورة فص‪+‬لت آي‪+‬ة ‪ ١١‬يق‪+‬ول س‪+‬بحانه ‪" :‬مث اس‪+‬توى إىل الس‪+‬ماء وهي دخ‪+‬ان فق‪+‬ال هلا ولألرض ائتي‪+‬ا‬
‫طوعا أو كرها قالت‪+‬ا أتين‪+‬ا ط‪+‬ائعني" وه‪+‬ذا ي‪+‬بني أن الس‪+‬ماء قب‪+‬ل خلقه‪+‬ا ك‪+‬انت دخان‪+‬ا‪ .‬أي ‪ :‬مفكك‪+‬ة األج‪+‬زاء مظلم‪+‬ة‬
‫وخفيفة منتشرة يف الفضاء‪ .‬وقول‪+‬ه تع‪+‬اىل ‪" :‬وهي دخ‪+‬ان" ي‪+‬وحي أن‪+‬ه ال متاس‪+‬ك هلا‪ .‬وإن اهلل س‪+‬بحانه خل‪+‬ق األج‪+‬زاء‬
‫اليت ال تتجزأ‪ ،‬مث ركبها مسوات وكواكب ومشسا وقمرا ‪" ...‬‬
‫والعلم احلديث يثبت نشأة العامل املادي من غاز كوين أول مظلم شديد التخلخل‪ ،‬وس‪+‬اخن إىل ح‪+‬د م‪++‬ا‬
‫وميأل الفضاء العاملي‪ .‬ومكون من دقائق أنواع املواد املختلف‪++‬ة ‪ .‬واألرض ج‪+‬رم فض‪+‬ائي ك‪+‬وين ك‪+‬روي‪ .‬وهي مص‪+‬در‬
‫نشأة املخلوقات اليت نعرفها ‪ .‬وهي مقر حياتنا منها خرجنا وفيها نعود ‪ .‬وأرضنا ه‪++‬ذه الك‪++‬وكب ال‪+‬ذي تك‪++‬ون م‪++‬ع‬
‫النجم اخلاص هبا الذي يسمى الشمس‪ .‬وهي إحدى جنوم جمرة طريق "التبانة" ‪.‬‬
‫في جعل األصنام جذاذا‬
‫(‪ - )٢‬ع‪++‬زم على انتق‪++‬ال من احملاج‪++‬ة القولي‪++‬ة إىل تغي‪++‬ري املنك‪++‬ر‪ ،‬وحمو آث‪++‬اره بالفع‪++‬ل‪ .‬ثق‪++‬ة باهلل وحمم‪++‬اة عن‬
‫دينه مجعا بني القول والفعل ‪.‬‬
‫في النقاش الحاد بين إبراهيم وقومه‬ ‫‪٤٧٦‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫بع‪++‬د أن تول‪++‬وا م‪++‬دبرين‪ ٥٧‬فجعلهم ج‪++‬ذذا إال كب‪++‬ريا هلم لعلهم إلي‪++‬ه يرجع‪++‬ون‪ ٥٨‬ق‪++‬الوا من فع‪++‬ل‬
‫هذا بآهلتنا إنه ملن الظلمني ‪ ٥٩‬قالوا مسعنا فىت يذكرهم يقال له إبرهيم‪ ٦٠‬ق‪++‬الوا ف‪++‬أتوا ب‪++‬ه على‬
‫أعني الناس لعلهم يشهدون‪ ٦١‬قالوا ءأنت فعلت هذا بآهلتنا يإبرهيم‪٦٢‬‬

‫(بعدأن تولوا مدبرين)(‪( )١‬فجعلهم) بع ‪++‬د ذه ‪++‬اهبم إىل جمتمعهم يف ي ‪++‬وم عي ‪++‬د هلم (ج‪FF‬ذاذا) بض ‪++‬م اجليم‬
‫وكس‪++ + +‬رها(‪ )٢‬فتات‪++ + +‬ا بف‪++ + +‬أس(‪( )٣‬إال كب‪FF‬يرا لهم) عل‪++ + +‬ق الف‪++ + +‬أس يف عنق‪++ + +‬ه(لعلهم إلي‪FF‬ه) أي‪ :‬إىل الكب‪++ + +‬ري‬
‫(يرجعون)(‪ )٤‬فريوا ما فعل بغريه‪(.‬قالوا) بعد رجوعهم ورؤيتهم مافعل (من فعل هذابآلهتنا(‪ )٥‬إن‪FF‬ه‬
‫لمن الظالمين) في‪++ +‬ه(‪( .)٦‬قالوا) أي‪:‬بعض‪++ +‬هم لبعض(‪( )٧‬سمعنا فتى يذكرهم) أي‪ :‬يعيبهم(‪( )٨‬يق‪FF‬ال‬
‫له إبراهيم)‪(.‬قالوا فأتوا به علىأعين الناس) أي‪:‬ظاهرا (لعلهم يشهدون) عليه أنه الفاع ‪++‬ل(‪( )٩‬قالوا)‬
‫بعد إتيانه (ءأنت) بتحقيق اهلمزتني‪ ،‬وإبدال الثانية ألفا ‪ ،‬وتسهيلها ‪ ،‬وإدخال ألف بني املسهلة واألخ‪++‬رى‬
‫‪ ،‬وتركه (فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم) ‪.‬‬

‫(‪ - )١‬وي‪++‬رتك م‪++‬ا اعتزم‪++‬ه من الكي‪++‬د لألص‪+‬نام مبهم‪++‬ا ال يفص‪+‬ح عن‪++‬ه ‪ . ...‬وال ي‪++‬ذكر الس‪++‬ياق كي‪++‬ف ردوا‬
‫علي‪++‬ه؟ ولعلهم ك‪++‬انوا مطمئ‪++‬نني إىل أن‪++‬ه ليس يف وس‪++‬عه كي‪++‬د آهلتهم! ف‪+‬رتكوه ‪ .‬ولف‪++‬ظ "الكي‪++‬د" ي‪++‬وحي بص‪+‬عوبة انته‪+‬از‬
‫الفرص‪++‬ة وتوقف‪++‬ه على اس‪++‬تعمال ن‪++‬وع من احلي‪++‬ل يف زمن منرود وعت‪++‬وه وق‪++‬وة س‪++‬لطانه وهتالك‪++‬ه على نص‪++‬رة دين‪++‬ه ‪ .‬رمبا‬
‫يكون أنه قال ذلك سرا أو مسع البعض ‪ .‬ولكن‪.....‬‬
‫(‪ - )٢‬قرأ الكسائي ‪" .‬جذاذا" بكسر اجليم ‪ .‬واجلمهور بضمها‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬وحتولت اآلهلة املعبودة إىل قطع صغرية من احلجارة واألخشاب املهشمة‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬إىل الكب ‪++‬ري فيس ‪++‬ألونه كي ‪++‬ف وقعت الواقع ‪++‬ة وه ‪++‬و حاض ‪++‬ر؟ فلم ي ‪++‬دفع عن ص ‪++‬غار اآلهلة؛ فت ‪++‬بني هلم‬
‫عجزه ‪ .‬فريجعوا إىل اهلل ‪ .‬أو لعلهم يراجعون القضية كلها ف‪+‬ريجعون إىل ص‪+‬واهبم وي‪+‬دركون س‪+‬خفهم وهتافتهم يف‬
‫عبادة األصنام‪ .‬ولكنهم مل يرجع‪++‬وا إلي‪+‬ه يس‪+‬ألونه‪ ،‬وال إىل أنفس‪+‬هم يس‪+‬ألوهنا‪ :‬إن ك‪+‬انت ه‪+‬ذه آهلة فكي‪+‬ف وق‪+‬ع هلا؟!‬
‫ألن اخلرافة قد عطلت عقوهلم عن التفكري‪ .‬وألن التقليد قد غل أفكارهم عن التأمل والتدبر‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬وهم ما يزالون يصرون على أهنا آهلة ‪ .‬وهي جذاذ مهشمة!‬
‫في النقاش الحاد بين إبراهيم وقومه‬
‫(‪ - )٦‬أي‪ :‬حني رجع ‪++‬وا وش ‪++‬اهدوا ‪ -‬م ‪++‬ا ح ‪++‬ل ب ‪++‬آهلتهم من اإلهان ‪++‬ة واإلذالل ال ‪++‬دال على ع ‪++‬دم إهليته ‪++‬ا‬
‫وعلى سخافة عقول عابديها‪ .‬وهم يسألون هذا السؤال لينقموا على من حطم آهلتهم وصنع هبا هذا الصنيع‪.‬‬
‫(‪-) ٧‬ممن مسع ينكرعلىأبيه ومن معه عبادة هذه التماثيل‪ ،‬ويتوعدهم أن يكيدآلهلتهم بعدانصرافهم عنها‪.‬‬
‫(‪ - )٨‬ويستهزئ هبم ‪ .‬رمبا يكون قوهلم "مسعنا فىت" قصد تصغري شأنه يش‪++‬ري إلي‪++‬ه جتهيلهم ألم‪++‬ره حيث‬
‫ق‪++‬الوا ‪" :‬يق‪++‬ال ل‪++‬ه إب‪++‬راهيم" إف‪++‬ادة أن‪++‬ه جمه‪++‬ول ال خط‪++‬ر ل‪++‬ه‪ .‬والظ‪++‬اهر‪ :‬أن‪++‬ه ك‪++‬ان ح‪++‬ديث الس‪++‬ن حينم‪++‬ا أت‪++‬اه اهلل تع‪++‬اىل‬
‫رشده؛ بالوحي إليه بالرسالة‪ ،‬أو بإهلام إلي‪+‬ه ه‪+‬داه إىل احلق قب‪+‬ل الرس‪+‬الة ‪ ،‬فاس‪+‬تنكر على قوم‪++‬ه م‪++‬ا هم في‪+‬ه من عب‪+‬ادة‬
‫األصنام ودعا أباه إىل احلق‪.‬‬
‫عن ابن عب‪++‬اس ق‪++‬ال‪" :‬م‪++‬ا بعث اهلل نبي‪++‬ا إال ش‪++‬ابا‪ ،‬وال أويت العلم ع‪++‬امل إال وه‪++‬و ش‪++‬اب‪ ،‬وتال ه‪++‬ذه اآلي‪++‬ة‪:‬‬
‫"مسعنا فىت يذكرهم يقال له إبراهيم" رواه ابن أيب حامت‪.‬‬
‫(‪ - )٩‬أي‪ :‬عليه مبا يسمع منه أو مبا فعل‪+‬ه ك‪+‬أهنم كره‪+‬وا عقاب‪+‬ه بال بين‪+‬ة ‪ .‬وق‪+‬د قص‪+‬دوا ب‪+‬ه إىل التش‪+‬هري ب‪+‬ه‬

‫هل كذب إبراهيم عليه السالم‬ ‫‪٤٧٧‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫ق ‪++‬ال ب ‪++‬ل فعل ‪++‬ه كب ‪++‬ريهم ه ‪++‬ذا فس ‪++‬لوهم إن ك ‪++‬انوا ينطق ‪++‬ون ‪ ٦٣‬فرجع ‪++‬وا إىل أنفس ‪++‬هم فق ‪++‬الوا إنكم أنتم‬
‫الظلمون‪٦٤‬‬

‫(قال) س ‪++‬اكتا عن فعل ‪++‬ه (بل فعله كبيرهم هذا(‪ )١‬فاسألوهم) عن فاعل ‪++‬ه (إن كانوا ينطقون) (‪ )٢‬في ‪++‬ه‬
‫تق‪++ +‬دمي ج‪++ +‬واب الش‪++ +‬رط ‪ ،‬وفيم‪++ +‬ا قبل‪++ +‬ه تع‪++ +‬ريض هلم ب‪++ +‬أن الص‪++ +‬نم املعل‪++ +‬وم عج‪++ +‬زه عن الفع‪++ +‬ل ال يك‪++ +‬ون إهلا‪.‬‬
‫(فرجعواإلىأنفسهم) بالتفكر (فقالوا)ألنفسهم (إنكم أنتم الظالمون) أي‪:‬بعبادتكم من الينطق(‪)٣‬‬

‫وإعالن فعلته على رؤوس األشهاد‪ .‬وميكن أن يكون املعىن‪ :‬لعلهم حيضرون عقوبتنا له لنريهم كيف ننتقم لآلهلة‪.‬‬
‫(‪ - )١‬وش ‪++‬أن الكب ‪++‬ري محاي ‪++‬ة االتب ‪++‬اع والص‪++‬غار ‪ .‬أو ألن‪++‬ه غض‪++‬ب أن تعب ‪++‬د مع ‪++‬ه ه ‪++‬ذه الص‪++‬غار فكس ‪++‬رها ‪.‬‬
‫وإبراهيم عليه السالم يتهكم هبم ويسخر منهم ‪ .‬وهو فرد وحده وهم كثري‪.‬‬
‫هل كذب إبراهيم عليه السالم؟‬
‫عن أيب هريرة أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬إن إبراهيم علي‪++‬ه الس‪++‬الم مل يك‪++‬ذب غ‪++‬ري ثالث‪:‬‬
‫ثن‪++‬تني يف ذات اهلل قول‪++‬ه‪" :‬ب‪++‬ل فعل‪++‬ه كب‪++‬ريهم ه‪++‬ذا" وقول‪++‬ه ‪" :‬إين س‪++‬قيم" ق‪++‬ال‪ :‬وبينم‪++‬ا ه‪++‬و يس‪++‬ري يف أرض جب‪++‬ار من‬
‫اجلب‪++‬ابرة ومع‪++‬ه س‪++‬ارة إذ ن‪++‬زل م‪++‬نزال ف‪++‬أتى اجلب‪++‬ار رج‪++‬ل فق‪++‬ال ‪ :‬إن‪++‬ه ق‪++‬د ن‪++‬زل ه‪++‬ا هن‪++‬ا رج‪++‬ل بأرض‪++‬ك مع‪++‬ه ام‪++‬رأة أحس‪++‬ن‬
‫الناس ‪ .‬فأرسل إليه فج‪+‬اء فق‪+‬ال‪ :‬م‪+‬ا ه‪+‬ذه املرأة من‪+‬ك؟ ق‪+‬ال‪ :‬أخ‪+‬يت‪ .‬ق‪+‬ال‪ :‬ف‪+‬اذهب فأرس‪+‬ل هبا إيل‪ .‬ف‪+‬انطلق إىل س‪+‬ارة‬
‫فق ‪++‬ال‪ :‬إن ه ‪++‬ذا اجلب ‪++‬ار ق ‪++‬د س ‪++‬ألين عن ‪++‬ك فأخربت ‪++‬ه أن ‪++‬ك أخ ‪++‬يت فال تك ‪++‬ذبيين عن ‪++‬ده‪ .‬فإن ‪++‬ك أخ ‪++‬يت يف اهلل‪ .‬وإن ‪++‬ه ليس يف‬
‫األرض مس ‪++‬لم غ ‪++‬ريي وغ ‪++‬ريك ف ‪++‬انطلق هبا إب ‪++‬راهيم علي ‪++‬ه الس ‪++‬الم مث ق ‪++‬ام يص ‪++‬لي ‪ .‬فلم ‪++‬ا أن رآه ‪++‬ا أه ‪++‬وى إليه ‪++‬ا فتناوهلا‬
‫فأخ‪++‬ذ أخ‪++‬ذا ش‪++‬ديدا‪ .‬فق‪++‬ال‪ :‬ادعي اهلل يل وال أض‪++‬رك ‪ ،‬ف‪++‬دعت ل‪++‬ه ‪ .‬فأرس‪++‬ل‪ .‬ف‪++‬أهوى إليه‪++‬ا فتناوهلا فأخ‪++‬ذ مبثله‪++‬ا أو‬
‫أش‪++‬د ‪ .‬ففع‪++‬ل ذل‪+‬ك الثالث‪++‬ة فأخ‪+‬ذ ف‪+‬ذكر مث‪++‬ل املرتني األول‪+‬يني‪ .‬فق‪++‬ال‪ :‬ادعي اهلل فال أض‪++‬رك ف‪+‬دعت ل‪+‬ه فأرس‪++‬ل مث دع‪++‬ا‬
‫أدىن حجاب‪++‬ه‪ .‬فق‪++‬ال‪ :‬إن‪++‬ك مل ت‪++‬أت بإنس‪++‬ان! ولكن‪++‬ك أتيت‪++‬ين بش‪++‬يطان! أخرجه‪+‬ا وأعطه‪+‬ا ه‪++‬اجر‪ .‬ف‪+‬أخرجت وأعطيت‬
‫ه‪+‬اجر ف‪+‬أقبلت‪ .‬فلم‪+‬ا أحس إب‪+‬راهيم مبجيئه‪+‬ا انفت‪+‬ل من ص‪+‬الته‪ .‬وق‪+‬ال‪ :‬مهيم ؟ ق‪+‬الت‪ :‬كفى اهلل كي‪+‬د الك‪+‬افر الف‪++‬اجر‬
‫وأخدمين هاجر" رواه الشيخان‪.‬‬
‫والفعل كما يسند إىل مباشره يس‪+‬ند إىل املتس‪+‬بب في‪+‬ه‪ .‬وق‪+‬د نس‪+‬ب هن‪+‬ا إىل ه‪+‬ذا الص‪+‬نم باعتب‪+‬اره املتس‪+‬بب‬
‫أو الباعث على الفعل ‪ .‬أو أنه أق‪+‬ر بفعل‪+‬ه بأس‪+‬لوب تعريض‪+‬ي إلل‪+‬زامهم احلج‪+‬ة وتبكيتهم‪ .‬كم‪+‬ا يق‪++‬ول الص‪+‬انع احلاذق‬
‫الشهري أو اخلطاط املشهور ملن يسأله عن هذه الص‪+‬نعة الرائع‪+‬ة أو اخلط اجلمي‪+‬ل ؛ ب‪+‬ل أنت ص‪+‬نعت ذل‪+‬ك أو ب‪+‬ل أنت‬
‫كتبت ذل‪++ +‬ك‪ .‬والقص‪++ +‬د هبذا اجلواب تقري‪++ +‬ر الس‪++ +‬ائل على س‪++ +‬ؤاله م‪++ +‬ع االس‪++ +‬تهزاء ب‪++ +‬ه‪ .‬ال نفي‪++ +‬ه عن ص‪++ +‬احبه واثبات‪++ +‬ه‬
‫للسائل ‪.‬‬
‫فال داعي لتس‪++‬مية ه‪++‬ذه كذب‪++‬ة من إب‪++‬راهيم علي‪++‬ه الس‪++‬الم ‪ .‬والبحث عن تعليله‪++‬ا بش‪++‬ىت العل‪++‬ل ال‪++‬يت اختل‪++‬ف‬
‫عليها املفسرون ‪ .‬فإن األمر أيسر من هذا بكثري‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬أي‪ :‬فاسألوهم عن كاسرها ليخربوهم به إن كانوا ممن ينطق‪.‬‬
‫(‪ - ) ٣‬وال يضر وال ينفع ‪.‬وهذا آهلتكم الساخر من إبراهيم عليه السالم ‪ -‬وكأمنا القمهم حج‪+‬را‪ -‬ق‪+‬د‬
‫هزهم هزا وردهم إىل شيء من التدبر والتفكر‪ .‬فرجعوا إىل أنفس‪+‬هم ‪ ..‬باملالم‪+‬ة ‪" :‬أنتم الظ‪+‬املون" إذ علم‪+‬وا أن م‪++‬ا‬
‫ال ميلك لنفسه شيئا كيف ينفع عابدي‪+‬ه جبلب منفع‪+‬ة هلم أو رف‪+‬ع مض‪+‬رة ؟! كي‪+‬ف ي‪+‬دفع عنهم الب‪+‬أس من ال ي‪+‬رد عن‬
‫راس‪+‬ه الف‪++‬أس؟! إذن فكي‪+‬ف يس‪+‬تحق أن يك‪+‬ون معب‪+‬ودا؟! وم‪++‬ا ه‪+‬ذا منكم إال غ‪+‬رور وجه‪+‬ل مبا ينبغي أن تك‪+‬ون ح‪+‬ال‬
‫املعبود‪ .‬أو هبذا السؤال‪ .‬ال من ظلمتم‪+‬وه بق‪+‬ولكم "إن‪+‬ه من الظ‪+‬املني" وإمنا ق‪+‬ال‪ :‬إن ك‪+‬انوا ينطق‪+‬ون ألن ع‪+‬دم نطقهم‬
‫أبلغ يف تبكيتهم ‪ .‬ال كالسمع واألبصار‪.‬‬
‫تلك معجزة مروعة‬ ‫‪٤٧٨‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫مث نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤالء ينطقون‪ ٦٥‬ق‪++‬ال أفتعب‪++‬دون من دون اهلل م‪++‬ا ال ينفعكم‬
‫ش ‪++ + +‬يئا وال يض ‪++ + +‬ركم‪ ٦٦‬أف لكم وملا تعب ‪++ + +‬دون من دون اهلل أفال تعقل ‪++ + +‬ون‪ ٦٧‬ق ‪++ + +‬الوا حرق ‪++ + +‬وه‬
‫وانصروا ءاهلتكم إن كنتم فعلني‪ ٦٨‬قلنا ينار كوين بردا وسلما على إبرهيم‪٦٩‬‬

‫(ثم نكس‪FF‬وا) من اهلل (علىرؤوس‪FF‬هم) أي‪ :‬ردوا إىل كف ‪++ + +‬رهم(‪ )١‬وق ‪++ +‬الوا‪:‬واهلل (لق‪FF‬د علمت م‪FF‬اهؤالء‬
‫ينطقون) أي‪ :‬فكي ‪++‬ف تأمرن ‪++‬ا بس ‪++‬ؤاهلم؟ (قال أفتعبدون من دون هللا) أي‪:‬بدل ‪++‬ه (ماالينفعكم شيئا) من‬
‫رزق وغ ‪++‬ريه (واليضركم) ش ‪++‬يئا إذا مل تعب ‪++‬دوه‪( .‬أف) بكس ‪++‬ر الف ‪++‬اء وفتحه ‪++‬ا(‪ )٢‬مبع ‪++‬ىن مص ‪++‬در‪ .‬أي‪ :‬نتن ‪++‬ا‬
‫وقبحا(‪( )٣‬لكم ولماتعبدون من دون هللا) أي‪ :‬غريه (أفال تعقلون) أن هذه األصنام ال تس‪++‬تحق العب‪++‬ادة‬
‫والتص‪++‬لح هلاوإمنايس‪++‬تحقها اهلل تع‪++‬اىل‪( .‬قالواحرقوه) أي‪ :‬إب‪++‬راهيم(‪( )٤‬وانصروا آلهتكم) أي‪ :‬بتحريق‪++‬ه‬
‫(إن كنتم فاعلين) نص ‪++‬رهتا(‪ ،)٥‬فجمع ‪++‬وا ل ‪++‬ه احلطب الكث ‪++‬ري‪ ،‬واض ‪++‬رموا الن ‪++‬ار يف مجيع ‪++‬ه‪ ،‬وأوثق ‪++‬وا إب ‪++‬راهيم‬
‫وجعلوه يف منجنيق ورموه يف النار‪ .‬قال تعاىل‪( :‬قلنا يانار كوني برداوسالماعلى إب‪FF‬راهيم) فلم حترق‬
‫منه غري وثاقه‪،‬وذهبت حرارهتا وبقيت إضاءهتا‪ ،‬وبقوله‪" :‬وسالما" سلم من املوت بربدها(‪)٦‬‬

‫(‪ - )١‬وحق‪++‬ا ك‪++‬انت األوىل رجع‪++‬ة إىل النف‪++‬وس للنظ‪++‬ر والت‪++‬دبر ‪ .‬وك‪++‬انت إنس‪++‬انية ‪ .‬والثاني‪++‬ة نكس‪++‬ة على‬
‫الرؤوس وانقالبا على الرأس فالنظر والتفكري! وإال فإن قوهلم‪" :‬لقد علمت ما هؤالء ينطقون" هو احلجة عليهم‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬ق ‪++‬رأ ابن كث ‪++‬ري "أف لكم" ب ‪++‬الفتح ‪ .‬وأب ‪++‬و عم ‪++‬رو ومحزة والكس ‪++‬ائي وعاص ‪++‬م يف رواي ‪++‬ة أيب بك ‪++‬ر‬
‫بالكسر ‪ ،‬وترك التنوين فيهما ‪ .‬ونافع وحفص عن عاصم "أف" بالكسر والتنوين‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬ملعب‪++ +‬وداتكم ال‪++ +‬يت اختذمتوها آهلة ‪ .‬قول‪++ +‬ة يظه‪++ +‬ر فيه‪++ +‬ا ض‪++ +‬يق الص‪++ +‬در وغي‪++ +‬ظ النفس والعجب من‬
‫السخف الذي يتجاوز كل مألوف ‪.‬والالم لبيان املستأنف له‪.‬‬
‫أخذت الطغاة العزة باإلثم‬
‫(‪ - )٤‬أي‪ :‬قال بعضهم لبعض ‪ -‬حينما لزمتهم احلجة ‪ ،‬وعجزوا عن اجلواب ‪ -‬حرقوا إب‪++‬راهيم بالن‪++‬ار‬
‫‪ .‬فإن‪++‬ه أه‪++‬ون م‪++‬ا يع‪++‬اقب ب‪++‬ه ‪ .‬ك‪++‬ذلك تأخ‪++‬ذ الطغ‪++‬اة دائم‪++‬ا الع‪++‬زة ب‪++‬االمث والع‪++‬دوان ‪ .‬حني يفق‪++‬دون ال‪++‬دليل ويع‪++‬وزهم‬
‫املخرج إىل منطق البغي والظلم والقوة الغامشة والعذاب الغليظ‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬وال تري‪++‬دون خ‪++‬ذالهنا وت‪++‬رك عبادهتا‪ .‬عجب‪++‬ا هلم ينص‪++‬رون آهلة! وهي ال متل‪++‬ك ألنفس‪++‬ها ض‪++‬را وال‬
‫نفعا ! وال حتاول هلا وال لعبادها نصرا!!‬
‫تلك معجزة مروعة‬
‫(‪ - )٦‬وك‪++‬انت وس‪++‬طا ال حامي‪++‬ة وال ب‪++‬اردة ‪ .‬ق‪++‬ال ابن عب‪++‬اس رض‪++‬ي اهلل عنهم‪++‬ا ‪ :‬ل‪++‬و مل يق‪++‬ل "وس‪++‬الما"‬
‫ألهلكته بربدها‪ .‬وقال أبو العالية ‪ :‬ولو مل يقل "بردا وسالما" لكان بردها أشد عليه من حرها ‪ .‬وبرودهتا ح‪++‬دثت‬
‫حيث سلخ اهلل تعاىل من الن‪+‬ار خاص‪+‬ية اإلح‪+‬راق م‪+‬ع بقائه‪+‬ا على اإلض‪+‬اءة واإلش‪+‬راق واالش‪+‬تعال كم‪+‬ا ك‪+‬انت ‪ .‬وجنا‬
‫إب ‪++‬راهيم وخ ‪++‬رج من الن ‪++‬ار كأن ‪++‬ه خيرج من محام أم ‪++‬ام اجلم ‪++‬وع الغف ‪++‬رية املش ‪++‬اهدة! ومل حترق الن ‪++‬ار إال وثاق ‪++‬ه يف أول‬
‫مالمس ‪++‬تها ل ‪++‬ه‪ .‬وتل ‪++‬ك النتيج ‪++‬ة معج ‪++‬زة مروع ‪++‬ة ‪ ،‬مذهل ‪++‬ة م ‪++‬دعاة للعجب واالس ‪++‬تغراب! وف ‪++‬وق ح ‪++‬دود التص ‪++‬ورات‬
‫البشرية! تدعو إىل اإلميان حبق‪ ،‬وتس‪+‬تدعي التأم‪+‬ل يف ت‪+‬دبري البش‪+‬ر ومك‪+‬رهم‪ ،‬ويف ت‪+‬دبري اهلل األعظم ال‪+‬ذي يب‪+‬دد ك‪+‬ل‬
‫تدبري‪ ،‬وحيبط كل مسعى شرير‪ ،‬فنجاه اهلل من النار‪.‬‬
‫عن ابن عباس‪:‬أن إبراهيم ملاألقوه يف النار قال‪":‬حسيب اهلل ونعم الوكيل"وقاهلاحممدصلىاهلل عليهماوسلم‬
‫ارتد كيد الكافرين إلى نحورهم‬ ‫‪٤٧٩‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وأرادوا به كيدا فجعلنهم األخسرين‪ ٧٠‬وجنينه ولوطا إىل األرض ال‪++‬يت بركن‪+‬ا فيه‪++‬ا للعلمني‪٧١‬‬
‫ووهبنا له اسحق ويعقوب نافلة وكال جعلنا صلحني ‪٧٢‬‬

‫(وأرادوا به كيدا) وه‪++‬و التحري‪++‬ق (فجعلناهم األخسرين) يف م‪++‬رادهم(‪( )١‬ونجيناه ولوطا) ابن أخي‪++‬ه‬
‫"هاران"من العراق (إلىاألرض التي باركنافيهاللعالمين) بكثرة األهنار واألش‪+‬جار وهي الش‪+‬ام(‪ ،)٢‬ن‪+‬زل‬
‫اب ‪++‬راهيم بفلس ‪++‬طني ول ‪++‬وط باملؤتفك ‪++‬ة (‪ )٣‬وبينهم ‪++‬ا ي ‪++‬وم‪( .‬ووهبنا له) أي‪ :‬الب ‪++‬راهيم‪ -‬وك ‪++‬ان س ‪++‬أل ول ‪++‬دا‬
‫كماذكر يف الصافات– (اسحاق ويعقوب نافلة) أي‪ :‬زيادة على املسؤول‪ ,‬اوهو ول‪++‬د الول‪++‬د(‪( )٤‬وكال)‬
‫أي‪ :‬هو وولداه (جعلنا صالحين) انبياء (‪.)٥‬‬

‫حني ق ‪++‬الوا‪" :‬إن الن ‪++‬اس ق ‪++‬د مجع ‪++‬وا لكم فاخش ‪++‬وهم ف ‪++‬زادهم إميان ‪++‬ا وق ‪++‬الوا حس ‪++‬بنا اهلل ونعم الوكي ‪++‬ل" رواه البخ ‪++‬اري‪،‬‬
‫وعن أيب هري‪++‬رة ق‪++‬ال‪ :‬ق‪++‬ال رس‪++‬ول اهلل ص‪++‬لى اهلل علي‪++‬ه وس‪++‬لم ‪ " :‬ملا ألقي إب‪++‬راهيم علي‪++‬ه الس‪++‬الم يف الن‪++‬ار ق‪++‬ال‪ :‬اللهم‬
‫إن‪++‬ك يف الس‪++‬ماء واح‪++‬د وأن‪++‬ا يف األرض واح‪++‬د أعب‪++‬دك" رواه احلاف‪++‬ظ أب‪++‬و يعلى ‪ ،‬وروي عن أيب بن كعب رض‪++‬ي اهلل‬
‫عنه عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬كأن إبراهيم حني قي‪+‬دوه وألق‪+‬وه يف الن‪+‬ار ق‪+‬ال‪ :‬ال إل‪+‬ه إال أنت س‪+‬بحانك‬
‫رب الع‪++‬املني ل‪++‬ك احلم‪++‬د ول‪++‬ك املل ‪++‬ك ال ش‪++‬ريك ل‪++‬ك ‪ ،‬ق‪++‬ال‪ :‬مث رم ‪++‬وا ب‪++‬ه يف املنج‪++‬نيق من مض‪++‬رب شاس‪++‬ع فاس‪++‬تقبله‬
‫جربيل فقال‪ :‬يا إبراهيم؟ ألك حاجة؟ قال‪ :‬أما إليك فال" فقال جربيل‪ :‬فاسأل ربك ‪ ،‬فق‪++‬ال ‪" :‬حس‪++‬يب من س‪++‬ؤايل‬
‫علمه حبايل" فقال اهلل تعاىل ‪" :‬يا نار كوين بردا وسالما على إبراهيم"‬
‫ارتد كيد الكافرين إلى نحورهم‬
‫(‪ - )١‬وهاهو خسراهنم يبني هلم بأن كيدهم ارتد إىل حنورهم ‪ .‬فإذا النار اليت أرادوا هبا حرق إبراهيم‬
‫تت‪++‬أجج هليب‪++‬ا يف قل‪++‬وهبم ‪ .‬فانص‪++‬رفوا خمذولني مقه‪++‬ورين‪ ،‬وخ‪++‬رج إب‪++‬راهيم من بينهم منص‪++‬ورا عزي‪++‬زا‪ .‬وب‪++‬وأه اهلل مكان‪++‬ة‬
‫كرمية وس ‪++‬امية‪ .‬وأم ‪++‬ره أن خيرج إىل أرض الش ‪++‬ام‪ ،‬مث إىل أرض احلج ‪++‬از‪ .‬وجعل ‪++‬ه األب األك ‪++‬رب للمرس ‪++‬لني واألنبي ‪++‬اء‬
‫أمجعني عليهم السالم ‪ .‬عن عائشة إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬إن إب‪+‬راهيم حني ألقي يف الن‪+‬ار مل يكن‬
‫يف األرض دابة إال تطفئ النار غري الوزغ فإنه كان ينفخ على إبراهيم" رواه ابن ايب حامت‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬ال‪++‬يت ه‪++‬اجر إليه‪++‬ا ه‪++‬و وابن أخت‪++‬ه ل‪++‬وط‪ .‬فك‪++‬انت مهب‪++‬ط ال‪++‬وحي ف‪++‬رتة طويل‪++‬ة ‪ ،‬ومبعث الرس‪++‬ل من‬
‫نسل إبراهيم عليه السالم‪ .‬وفيه‪+‬ا األرض املقدس‪+‬ة‪ .‬وث‪+‬الث احلرمني‪ .‬وفيه‪+‬ا برك‪+‬ة اخلص‪+‬ب وال‪+‬رزق إىل ج‪+‬انب برك‪+‬ة‬
‫الوحي والنبوة جيال بعد جيل‪.‬‬
‫وقد خرج ابراهيم من كوثى من ارض العراق‪ .‬ومعه لوط وسارة يلتمس الفرار بدينه واالمان على عب‪++‬ادة‬
‫ربه حيت نزل حران‪ .‬فمكث هبا ما شاء اهلل‪ .‬مث خرج منها وجاء اىل مصر‪ .‬مث رجع ايل الشام ونزل بفلسطني‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬وك ‪++‬انت م ‪++‬دائنهم مخس ‪++‬ا او س ‪++‬تا ‪ ,‬ع ‪++‬رفت بـ "ق‪++‬رى ق‪++‬وم ل‪++‬وط" وبـ "املؤتفك ‪++‬ة" اكربه ‪++‬ا "س ‪++‬دوم"‬
‫وهي اليت كان يقيم فيها لوط‪ ,‬من بالد االردن على البح‪+‬ر امليت‪ .‬ويف معجم البل‪+‬دان ‪" :‬س‪+‬دوم" مدين‪+‬ة من م‪++‬دائن‬
‫قوم لوط‪ .‬وقال ابو حامت ‪ :‬امنا هو "سذوم" بالذال املعجمة والدال خطأ ‪ .‬قال االزهري‪ :‬وهو الصحيح‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬والنافل ‪++‬ة الزي ‪++‬ادة على املس ‪++‬ؤول ‪ -‬كم ‪++‬ا فس ‪++‬ر‪ -‬وه ‪++‬و يعق ‪++‬وب علي ‪++‬ه الس ‪++‬الم‪ .‬أو ول ‪++‬د الول ‪++‬د وه ‪++‬و‬
‫كذلك يعقوب عليه السالم‪ .‬ولو قال‪" :‬هي" بدل "هو" لكان األليق‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬لقد ت‪+‬رك اب‪+‬راهيم علي‪+‬ه الس‪+‬الم وطن‪+‬ا واهال وقوم‪+‬ا‪ .‬فعوض‪+‬ه اهلل تع‪+‬اىل االرض املبارك‪+‬ة وطن‪+‬ا خ‪+‬ريا‬
‫من وطن ‪++‬ه‪ ،‬ووهب ل ‪++‬ه اس ‪++‬حاق ول ‪++‬دا وحفي ‪++‬ده يعق ‪++‬وب اهال خ ‪++‬ريا من اهل ‪++‬ه‪ .‬وجع ‪++‬ل كال منهم مطيع ‪++‬ا لرب ‪++‬ه جمتنب ‪++‬ا‬
‫حمارمه‪ .‬وجعل من ذريته امة عظيمة العدد قوما خريا من قومه‪.‬‬
‫اآليات ‪ ٧٥-٧٤‬في لوط عليه السالم‬ ‫‪٤٨٠‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وجعلنهم أئم‪++‬ة يه‪++‬دون بأمرن‪++‬ا وأوحين‪++‬ا اليهم فع‪++‬ل اخلريات وإق‪++‬ام الص‪++‬الة وإيت‪++‬اء الزك‪++‬اة وك‪++‬انوا لن‪++‬ا‬
‫عبدين‪ ٧٣‬ولوطا ءاتيناه حكما وعلما وجنين‪+‬ه من القري‪+‬ة ال‪+‬يت ك‪+‬انت تعم‪+‬ل اخلبئث إهنم ك‪+‬انوا‬
‫قوم سوء فسقني ‪ ٧٤‬وأدخلنه يف رمحتنا إنه من الصلحني ‪٧٥‬‬

‫(وجعلناهم ائمة) بتحقيق اهلمزتني وابدال الثاني‪++‬ة ي‪++‬اء(‪ ،)١‬يقت‪++‬دى هبم يف اخلري (يهدون) الن‪++‬اس (بامرنا)‬
‫اىل ديننا (واوحينا اليهم فعل الخيرات وإقام الصالة وايتاء الزكاة) أي‪ :‬أن تفع‪++‬ل وتق‪++‬ام وت‪++‬ؤتى منهم‬
‫ومن اتب‪++‬اعهم ‪ .‬وح‪++‬ذف ه‪++‬اء "اقام‪++‬ة" ختفي‪++‬ف(‪( )٢‬وكانوا لنا عابدين)(‪( )٣‬ولوطا آتيناه حكما) فص‪++‬ال‬
‫بني اخلصوم(‪( )٤‬وعلما(‪ )٥‬ونجيناه من القرية التي كانت تعمل) أي‪ :‬اهله‪++‬ا االعم‪++‬ال (الخبائث) من‬
‫الل‪++‬واط ‪ ,‬وال‪++‬رمي بالبن‪++‬دق‪ ,‬واللعب ب‪++‬الطيور وغ‪++‬ري ذل‪++‬ك(‪( )٦‬انهم كانوا قوم سوء) مص‪++‬در س‪++‬اءه نقيض‬
‫سره (فاسقين)(‪( .)٧‬وادخلناه في رحمتنا)(‪ )٨‬بان اجنيناه من قومه (انه من الصالحين) (‪)٩‬‬

‫(‪ - )١‬ول‪++‬و ق‪++‬ال او تس‪++‬هيل الثاني‪++‬ة‪ .‬لك‪++‬ان ق‪++‬راءة مت‪++‬واترة من الس‪++‬بع‪ .‬فم‪++‬ا قال‪++‬ه ليس بص‪++‬حيح ‪ ,‬وان ك‪++‬ان‬
‫جائزا يف العربية ‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬ألن‪++‬ه ق‪++‬د ت‪++‬رك الت‪++‬اء مطلق‪++‬ا وه‪++‬و ال‪++‬راجح ‪.‬أو ح‪++‬ذفت لقي‪++‬ام املض‪++‬اف إلي‪++‬ه مقامه‪++‬ا ‪ .‬وال‪++‬ذي حس‪++‬ن‬
‫احلذف هنا للمشاكلة‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬أي‪ :‬وكانوا خاشعني ال يس‪+‬تكربون عن طاعتن‪+‬ا وعبادتن‪+‬ا‪ .‬او موح‪+‬دين خملص‪+‬ني يف العب‪+‬ادة‪ .‬فنعم‬
‫الع ‪++‬وض ونعم اجلزاء ‪ ,‬ونعمت اخلامتة ال ‪++‬يت قس ‪++‬مها اهلل تع ‪++‬اىل الب ‪++‬راهيم‪ .‬لق ‪++‬د ابتاله بالض ‪++‬راء فص ‪++‬رب‪ ,‬فك ‪++‬انت اخلامتة‬
‫الكرمية الالئقة بصربه اجلميل‪.‬‬
‫وق‪++‬د خص الص‪++‬الة بال‪++‬ذكر الهنا اش‪++‬رف العب‪++‬ادات البدني‪++‬ة‪ ،‬والزك‪++‬اة افض‪++‬ل العب‪++‬ادة املالي‪++‬ة‪ .‬واملال ش‪++‬قيق‬
‫الروح‪ .‬وجمموع العبادتني تعظيم اخلالق‪ ،‬والشفقة على املخلوق‪.‬‬
‫واالية الكرمية تدل على انه كان يف االمم السالفة صالة وزك‪+‬اة‪ .‬والنص‪+‬وص متض‪+‬افرة علي‪+‬ه‪ .‬لكن ليس‪+‬تا‬
‫كهما هلذه االمة‪ .‬على نبينا افضل الصلوات والتسليم‪.‬‬
‫االيتان ‪ ٧٥-٧٤‬في لوط عليه السالم‬
‫(‪ - )٤‬يف القضاء او حكمة ‪ ,‬وهو ما جيب فعله من العمل‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬بامر دينه وما جيب عليه هلل تعاىل من واجب الطاعات واالخبات له‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬وق‪++‬د ع ‪++‬د النس ‪++‬في من اخلب ‪++‬ائث ال‪++‬يت ك ‪++‬انت تعمله‪++‬ا‪ :‬اللواط ‪++‬ة والض‪++‬راط وق‪++‬ذف املارة باحلص‪++‬ى ‪.‬‬
‫فاهلك اهلل القرية واهلها‪ .‬وقد مرت قصته مفصلة ‪ .‬ويشري هنا جمرد اش‪+‬ارة ‪ .‬راج‪+‬ع ص‪+‬فحة‪ ٦٨ :‬رقم االي‪+‬ة ‪٨٠ :‬‬
‫–‪ ٨٤‬االعراف‪.‬‬
‫(‪ - )٧‬أي‪:‬اهنم كانوا مجاعة سوء وقبح‪.‬خارجني عن طاعة اهلل مرتكبني معاصيه‪ .‬والفسوق‪ :‬اخلروج‪.‬‬
‫(‪ - )٨‬أي‪ :‬وجعلن‪++‬اه من اه‪++‬ل رمحتن‪++‬ا او يف جنتن‪++‬ا ‪ ,‬ويف احلديث الص‪++‬حيح ‪ :‬ق‪++‬ال اهلل ع‪++‬ز وج‪++‬ل للجن‪++‬ة‪:‬‬
‫انت رمحيت ارحم بك من اشاء من عبادي‪ .‬وقيل‪ :‬الرمحة ‪ :‬هي النبوة او الثواب‪.‬‬
‫(‪ - )٩‬دل ذلك على ان ادخاله يف الرمحة ‪ ,‬واهالك قومه كان جزاء له على صالحه‪.‬‬
‫اآليتان ‪ ٧٧-٧٦‬في نوح عليه السالم‬ ‫‪٤٨١‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا ل‪+‬ه فنجين‪+‬ه وأهل‪+‬ه من الك‪+‬رب العظيم ‪ ٧٦‬ونص‪+‬رنه من الق‪+‬وم ال‪+‬ذين‬
‫ك ‪++‬ذبوا بئايتن ‪++‬ا إهنم ك ‪++‬انوا ق ‪++‬وم س ‪++‬وء ف ‪++‬أغرقنهم أمجعني‪ ٧٧‬وداود وس ‪++‬ليمن إذ حيكم ‪++‬ان يف احلرث إذ‬
‫نفشت فيه غنم القوم وكنا حلكمهم شهدين ‪٧٨‬‬

‫(و) اذك ‪++‬ر (نوحا) ومابع ‪++‬ده ب ‪++‬دل من ‪++‬ه (اذنادى) دعاعلىقوم ‪++‬ه بقول ‪++‬ه‪" :‬رب الت ‪++‬ذر" اخل (من قبل) أي‪ :‬قب ‪++‬ل‬
‫ابراهيم ولوط (فاستجبناله فنجيناه واهله) الذين يف سفينته(من الكرب العظيم)(‪ )١‬أي‪:‬الغ‪++‬رق وتك‪++‬ذيب‬
‫قوم‪++‬ه ل‪++‬ه‪(.‬ونصرناه) منعن‪++‬اه(من القوم الذين كذبوابآياتنا)الدال‪++‬ة علىرس‪++‬الته‪ ،‬ان ال يص‪++‬لوا الي‪++‬ه بس‪++‬وء (انهم‬
‫ك‪FFFF‬انواقوم س‪FFFF‬وء فاغرقن‪FFFF‬اهم اجمعين)(‪()٢‬و) اذك ‪++ + + + +‬ر (داود وس‪FFFF‬ليمان) أي‪ :‬قص ‪++ + + + +‬تهما ويب ‪++ + + + +‬دل‬
‫منهم‪++ +‬ا(اذيحكم‪FF‬ان في الح‪FF‬رث) ه‪++ +‬وزرع اوك‪++ +‬رم (اذنفش‪FF‬ت في‪FF‬ه غنم الق‪FF‬وم) أي‪:‬رعت‪++ +‬ه ليالبالراع ب‪++ +‬ان‬
‫انفلتت(وكنالحكمهم شاهدين)(‪ )٣‬فيه استعمال ضمرياجلمع الث‪+‬نني‪،‬ق‪+‬ال داودلص‪+‬احب احلرث رق‪+‬اب الغنم‪،‬‬
‫وقال سليمان ينتفع بدرهاونسلها وصوفها اىل ان يعود احلرث‪ .‬كما كان باصالح صاحبها فريدها اليه(‪)٤‬‬
‫االيتان ‪ ٧٧-٧٦‬في نوح عليه السالم‬
‫(‪ - )١‬وهي جمرد اش‪+‬ارة ك‪+‬ذلك – ال تفص‪+‬يل فيه‪+‬ا – لبي‪+‬ان اس‪+‬تجابة اهلل تع‪++‬اىل ل‪+‬ه حني دع‪+‬اه ان يهل‪+‬ك‬
‫قوم‪++‬ه ال‪++‬ذين ك‪++‬ذبوا اهلل وك‪++‬ذبوه ‪":‬فق‪++‬ال رب ال ت‪++‬ذر على االرض من الك‪++‬افرين دي‪++‬ارا" (ن‪++‬وح ‪ )٢٦ :‬وق‪++‬ال ‪" :‬اين‬
‫مغل‪++‬وب فانتص‪++‬ر" (القم‪++‬ر ‪ )١٠ :‬وك‪++‬ان دع‪++‬اؤه علي‪++‬ه الس‪++‬الم ب‪++‬امر من اهلل واذن‪++‬ه‪ .‬والك‪++‬رب العظيم ه‪++‬و اهالك قوم‪++‬ه‬
‫بالطوفان ‪ .‬وقد مر تفصيل قصته يف سورة هود راجع صفحة ‪ ٥٢٧‬رقم االية ‪.٢٥‬‬
‫(‪ - )٢‬ذك ‪++‬ورهم وان ‪++‬اثهم ص ‪++‬غريهم وكب ‪++‬ريهم‪ .‬الهنم ك ‪++‬انوا يس ‪++‬يئون االعم ‪++‬ال‪ ،‬يعص ‪++‬ون اهلل وخيالفون‬
‫اوامره‪ ،‬ويتصدون الذى نبيهم‪ .‬ويتواصون جيال بعد جيل مبخالفة امره ورفع راية العصيان يف وجهه‪.‬‬
‫ويف ذكر القصص الثالث – ابراهيم ولوط ون‪+‬وح عليهم الس‪+‬الم – بي‪+‬ان لعاقب‪+‬ة مك‪+‬ر الك‪+‬افرين اذ فش‪+‬ل‬
‫اهلل مكرهم يف قصة ابراهيم‪ .‬وعوقبوا بسببه يف قص‪+‬ة ل‪+‬وط ون‪+‬وح عليهم الس‪+‬الم‪ .‬ويف عقوب‪+‬يت ق‪+‬وم ل‪+‬وط وق‪+‬وم ن‪+‬وح‬
‫تذكري مبا قصه اهلل علينا يف السورة عن حال املعرضني اذ ينزل هبم العقاب‪.‬‬
‫ان اول ش ‪++‬يء يرب ‪++‬ط قصص ‪++‬هم بس ‪++‬ياق الس ‪++‬ورة ه ‪++‬و ك ‪++‬وهنم بش ‪++‬را رس ‪++‬ال‪ .‬وه ‪++‬و ال ‪++‬ذي حياول املش ‪++‬ركون‬
‫استبعاده‪ .‬كما ذكر اهلل ذلك يف اول السورة‪":‬واسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا اال بشر مثلكم" ‪.‬‬
‫ويف ذكرقص‪+‬ة اب‪+‬راهيم ‪ ‬م‪+‬ع قوم‪+‬ه وكس‪+‬ره االص‪++‬نام واقام‪+‬ة احلج‪+‬ة عليهم ت‪+‬ذكريللعرب– ال‪++‬ذين يقدس‪+‬ون‬
‫ابراهيم ويعرفونه ابا هلم – بالتوحيد‪ ،‬وان ما هم عليه من الشرك هو السفه واجلهل الكامالن‪ .‬وليس له أي مربر‪.‬‬
‫وملا كانت التوراة اشيع بدأت السورة – هنا عكس ما يف سورة مرمي – ب‪++‬ذكر موس‪++‬ى وه‪++‬رون مث ثنت‬
‫ب‪++‬الكالم عن اب‪++‬راهيم عليهم الس‪++‬الم‪ -‬ومها من ذريت‪++‬ه – متهي‪++‬دا للح‪++‬ديث عن الق‪++‬رآن الك‪++‬رمي ‪":‬وه‪++‬ذا ذك‪++‬ر مب‪++‬ارك‬
‫انزلناه افأنتم له منكرون"‬
‫االيات ‪ ٨٢ -٧٨‬في داود وسليمان عليهما السالم‬
‫(‪ - )٣‬أي ‪ :‬كان ذلك حكم داود وسليمان واملتحاكمان اليهما ‪ -‬بعلمنا ومرأى من‪+‬ا‪ .-‬وكي‪+‬ف؟ وال‬
‫ختفى عليه سبحانه خافية‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬كم ‪++‬ا ذكره ‪++‬ا بعض ‪++‬هم‪ .‬وق ‪++‬ريب من ه ‪++‬ذه القص ‪++‬ة‪ :‬م ‪++‬ا ج ‪++‬اء عن ايب هري ‪++‬رة ق ‪++‬ال‪ :‬ق ‪++‬ال رس ‪++‬ول اهلل‬
‫‪ : ‬بينم‪++‬ا امرأت‪++‬ان معهم‪++‬ا ابن‪++‬ان هلم‪++‬ا‪ ,‬اذ ج‪++‬اء ال‪++‬ذئب فاخ‪++‬ذ اح‪++‬د االب‪++‬نني‪ ,‬فتحاكم‪++‬ا اىل داود فقض‪++‬ى ب‪++‬ه للك‪++‬ربى‪.‬‬
‫فخرجت ‪++ + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + +‬ا‬

‫االيات ‪٨٢ -٧٨‬في داودوسليمان عليهما السالم‬ ‫‪٤٨٢‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫ففهمنها سليمن‬
‫(ففهمناها) أي‪ :‬احلكوم‪++‬ة (سليمان)(‪ )١‬وحكمهم‪++‬ا باجته‪++‬اد‪ ،‬ورج‪++‬ع داود اىل س‪++‬ليمان‪ ,‬وقي‪++‬ل‪ :‬ب‪++‬وحي‪،‬‬
‫والثاين ناسخ لالول(‪)٢‬‬

‫فدعامها سليمان‪ .‬فقال ‪ :‬هاتوا السكني اشقه بينكما‪ .‬فقالت الص‪+‬غرى ‪ :‬يرمحك اهلل ه‪++‬و ابنه‪+‬ا‪ .‬ال تش‪++‬قه فقض‪+‬ى ب‪++‬ه‬
‫للصغرى‪ .‬رواه االمام امحد يف مسنده والشيخان والنسائي‪.‬‬
‫(‪ - )١‬أي ‪ :‬ففهمن‪++‬ا احلكوم‪++‬ة او الفق‪++‬ه س‪++‬ليمان دون داود‪ .‬وك‪++‬ل منهم‪++‬ا فيص‪++‬ل يف اخلص‪++‬ومات ذا علم‬
‫بالدين والتشريع‪.‬‬
‫ولم يخطئ داود في حكمه ولكن‪....‬‬
‫لق‪++‬د اجته داود يف حكم‪+‬ه اىل جمرد التع‪++‬ويض لص‪+‬احب احلرث وه‪+‬ذا ع‪+‬دل ‪ .‬وليس يف قض‪+‬ائه من خط‪+‬أ ‪.‬‬
‫ولكن حكم سليمان كان اصوب‪ .‬النه تض‪+‬من م‪++‬ع الع‪++‬دل البن‪+‬اء والتعم‪+‬ري‪ ,‬وجع‪++‬ل الع‪++‬دل دافع‪++‬ا اىل البن‪+‬اء والتعم‪+‬ري‪.‬‬
‫وهذا هو العدل احلق االجيايب يف صورته الباقية الدافعة ‪ .‬وهو فتح من اهلل تعايل واهلام يهبه من يشاء‪.‬‬
‫وقوله تعايل ‪ :‬ففهمناها سليمان يوحي اظهار ما تفضل اهلل عليه به يف صغره‪.‬‬
‫اما في شريعتنا‬
‫(‪- )٢‬قال اجلصاص‪:‬والخالف بني اهل العلم ان حكم داود وس‪+‬ليمان مباحكم‪+‬ا ب‪+‬ه من ذل‪+‬ك منس‪+‬وخ‪.‬‬
‫وذلك الن داود عليه السالم حكم بدفع الغنم الىصاحب احلرث‪ .‬وحكم سليمان له باوالدمها واصوافها‪.‬‬
‫وال خالف بني املسلمني ان من نفشت غنم‪+‬ه يف ح‪+‬رث رج‪+‬ل ان‪+‬ه ال جيب علي‪+‬ه تس‪+‬ليم الغنم وال تس‪+‬ليم‬
‫اوالدها والباهنا واصوافها اليه‪ .‬فثبت ان احلكمني مجيعا منسوخان بشريعة نبينا ‪‬‬
‫وعند املالكية والشافعية واحلنابل‪+‬ة ‪ :‬وج‪+‬وب ض‪+‬مان املتل‪+‬ف باللي‪+‬ل عمال مبا قض‪+‬ى ب‪+‬ه الن‪+‬يب ‪ ‬ملا دخلت‬
‫ناق‪++‬ة ال‪++‬رباء حائط‪++‬ا – بس ‪++‬تانا – وافس ‪++‬دت فق ‪++‬ال ‪ :‬على اه ‪++‬ل االم ‪++‬وال حفظه‪++‬ا بالنه‪++‬ار وعلى اه ‪++‬ل املاش ‪++‬ية حفظه‪++‬ا‬
‫بالليل‪ .‬رواه االمام امحد وابوداود وابن ماجه عن حرام بن سعد بن حميصة‪.‬‬
‫وعن ‪++‬د االم ‪++‬ام ايب حنيف ‪++‬ة ‪ :‬ال ض ‪++‬مان اال ان يك ‪++‬ون معه‪++‬ا حاف‪++‬ظ ح‪++‬ارس‪ :‬لقول‪++‬ه ‪ : ‬العجم ‪++‬اء جرحه‪++‬ا‬
‫جبار رواه اجلماعة‪ -‬امحد واصحاب الكتب الستة – عن ايب هريرة رضي اهلل عنه ‪.‬‬
‫ومعل‪+‬وم ان ه‪+‬ذا احلديث ع‪+‬ام‪ .‬وح‪+‬ديث ال‪+‬رباء خ‪+‬اص‪ .‬وال خالف ان الع‪+‬ام يق‪+‬دم علي‪+‬ه اخلاص‪ .‬والن‪+‬ه ال‬
‫اشكال يف ان من اتلف شيئا فعليه الضمان ‪ ,‬ويكون الضمان بالقيمة ‪ ,‬وان زادت على قيمة املواشي‪.‬‬
‫ق‪+‬ال ابن الع‪++‬ريب‪ :‬من اراد ان يتخ‪+‬ذ م‪++‬ا ينتف‪++‬ع ب‪++‬ه مما ال يض‪+‬ر بغ‪++‬ريه مكن من‪++‬ه‪ .‬مث‪++‬ل النح‪+‬ل واحلم‪++‬ام واالوز‬
‫وال‪++‬دجاج ‪ ,‬وذل‪++‬ك كاملاش‪++‬ية ‪ .‬وام‪++‬ا انتفاع‪++‬ه مبا يتخ‪++‬ذه باض‪++‬راره باح‪++‬د فال س‪++‬بيل الي‪++‬ه‪ .‬عن ابن عب‪++‬اس ق‪++‬ال ‪ : ‬ال‬
‫ضرر وال ضرار‪ .‬رواه االمام امحد وابن ماجة‪..‬‬
‫فق‪++‬د ثبت عن عم‪++‬رو بن الع‪++‬اص ان‪++‬ه ق‪+‬ال ‪ :‬ق‪+‬ال رس‪++‬ول اهلل ‪ : ‬اذا اجته‪+‬د احلاكم فاص‪++‬اب فل‪++‬ه اج‪+‬ران‪,‬‬
‫واذا اجتهد فاخطأ فله اجر رواه البخاري‪.‬‬
‫وق ‪++‬ال احلس ‪++‬ن البص ‪++‬ري ‪ :‬ل ‪++‬و ال ه ‪++‬ذه االي ‪++‬ة ل ‪++‬رأيت القض ‪++‬اة ق ‪++‬د هلك ‪++‬وا‪ .‬ولكن ‪++‬ه تع ‪++‬اىل اث ‪++‬ىن على س ‪++‬ليمان‬
‫بصوابه وعذر داود باجتهاده‪.‬‬
‫والصواب ال يتعدد‬
‫واحلق‪ :‬ان الصواب واحد ال يتعدد‪ .‬وعليه اكثر الفقهاء ‪ .‬وال يقتضي هذا ان يكون يف مجي‪++‬ع اق‪++‬واهلم‪..‬‬

‫وغير المستأهل ال يعذر في الخطأ‬ ‫‪٤٨٣‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وكالءاتيناحكم ‪++‬ا وعلم ‪++‬ا وس ‪++‬خرنا م ‪++‬ع داوداجلب ‪++‬ال يس ‪++‬بحن والط ‪++‬ري وكن ‪++‬ا فعلني ‪ ٧٩‬وعلمن ‪++‬ه ص ‪++‬نعة‬
‫لبوس‬

‫(وكال) منهم ‪++‬ا (آتنيا) ه (حكما) نب ‪++‬وة (وعلما) ب ‪++‬امور ال ‪++‬دين‪( .‬وس‪F‬خرنا م‪F‬ع داود الجب‪F‬ال يس‪F‬بحن‬
‫والطير)(‪ ،)١‬ك ‪++‬ذلك س ‪++‬خر لتس ‪++‬بيحه مع ‪++‬ه الم ‪++‬ره ب ‪++‬ه اذا وج ‪++‬د ف ‪++‬رتة لينش ‪++‬ط ل ‪++‬ه (وكنا فاعلين) تس ‪++‬خري‬
‫تس‪++‬بيحهما مع‪++‬ه‪ ,‬وان ك‪++‬ان عجب‪++‬ا عن‪++‬دكم‪ ,‬أي ‪ :‬جماوبت‪++‬ه للس‪++‬يد داود(‪( )٢‬وعلمناه صنعة لبوس) وهي‬
‫الدرع الهنا تلبس‪ ,‬وهو اول من صنعها‪ ,‬وكان قبلها صفائح (‪)٣‬‬

‫اذ ال م ‪++‬انع من اخلط ‪++‬أ يف االجته ‪++‬اد‪ .‬ول ‪++‬و ك ‪++‬ان الك ‪++‬ل مص ‪++‬يبا مل يكن لتخص ‪++‬يص س ‪++‬ليمان علي ‪++‬ه الس ‪++‬الم هبذا التفهيم‬
‫فائ ‪++‬دة‪ .‬وليس ل ‪++‬ه احلكم قب ‪++‬ل االجته ‪++‬اد‪ .‬واجملته ‪++‬د ال ب ‪++‬د جيدد النظ ‪++‬ر عن ‪++‬د وق ‪++‬وع احلادث ‪++‬ة‪ .‬وليس ل ‪++‬ه ان يعتم ‪++‬د على‬
‫اجته‪++‬اده الس‪++‬ابق الحتم‪++‬ال ان يظه‪++‬ر ل‪++‬ه خالف م‪++‬ا ظه‪++‬ر ل‪++‬ه اوال‪ .‬ه‪++‬ذا امنا يك‪++‬ون اذا ك‪++‬ان عاملا باالجته‪++‬اد والس‪++‬نن‬
‫والقياس‪ ,‬وقضاء من مضى من السلف‪ .‬الن اجتهاده عبادة وال يؤجر على اخلطأ‪ ,‬بل ال امث عليه‪.‬‬
‫وغير المستأهل ال يعذر في الخطأ‬
‫فغ‪+‬ري املس‪+‬تأهل متكل‪+‬ف ال يع‪+‬ذر يف اخلط‪+‬أ يف احلكم‪ .‬ب‪+‬ل خياف علي‪+‬ه اعظم ال‪+‬وزر‪ .‬ويف احلديث‪":‬القض‪+‬اة‬
‫ثالثة قاض يف اجلنة وقاضيان يف النار" رجل علم احلق وقضى به فهو يف اجلنة‪ .‬ورجل حكم بني الن‪+‬اس على جه‪+‬ل‬
‫فهو يف النار‪ .‬ورجل علم احلق وقضى خبالفه فهو يف النار‪ .‬رواه اصحاب السنن‪.‬‬
‫هل لالنبي‪+‬اء االجته‪+‬اد؟ ام ال ؟ ج‪+‬وزه بعض‪+‬هم‪ .‬الن‪+‬ه دلي‪+‬ل ش‪+‬رعي وال م‪++‬انع عقال ان يس‪+‬تدل ب‪+‬ه االنبي‪+‬اء‪.‬‬
‫واهلل تعاىل قال‪" :‬فاعتربوا‪( "...‬احلش‪+‬ر ‪ )٢‬وه‪+‬و امرللك‪+‬ل باالعتب‪+‬ار‪ .‬وذل‪+‬ك يش‪+‬مل رس‪+‬ل اهلل ص‪+‬لىاهلل عليهم وس‪+‬لم‪.‬‬
‫فلوج‪++ +‬از هلم االجته‪++ +‬اد – واحملقق‪++ +‬ون على املن‪++ +‬ع – لثبت لك‪++ +‬ل واح‪++ +‬دمن ام‪++ +‬ة الن‪++ +‬يب‪ ‬ش‪++ +‬ريطة كون‪++ +‬ه اهال ل‪++ +‬ه من‬
‫الفضيلة‪.‬‬
‫في تسخير الجبال والطير لداود‬
‫(‪ - )١‬أي‪ :‬وسخرنا اجلبال والطري لداود تقدس اهلل تعاىل معه تسبيحه كذلك‪ ،‬حبيث تتمثل له مسبحة‬
‫– اما بلسان احلال او بصوت يتمثل له او خبلق اهلل تع‪++‬اىل فيه‪+‬ا الكالم – وق‪+‬دمت اجلب‪+‬ال على الط‪+‬ري الن تس‪+‬خريها‬
‫اعجب واغرب وادخل يف االعجاز الهنا مجاد‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬او وكن‪+‬ا خ‪+‬القني ذل‪+‬ك‪ .‬وق‪+‬د ع‪+‬رف داود مبزام‪+‬ريه‪ .‬وهي تس‪+‬ابيح هلل ك‪+‬ان يرتله‪+‬ا بص‪+‬وته احلن‪+‬ون‪.‬‬
‫فيشهد عن نفسه وهتيم روحه يف ظالل اهلل تعاىل يف هذا الكون وجماليه وخملوقاته‪ .‬اجلوامد معها واالحياء‪ .‬فيحس‬
‫ترجيعها ويتجاوب معها كما تتجاوب معه‪ .‬واذا الكون كله فرق‪+‬ة مرتل‪+‬ة عازف‪+‬ة مس‪+‬بحة جلالل اهلل س‪+‬بحانه وح‪+‬ده‬
‫"وان من شيئ اال يسبح حبمده ولكن ال تفقهون تسبيحهم‪ (" ...‬االسراء ‪)٤٤‬‬
‫وال يفقه ذلك اال من اتصل بربه‬
‫امنا يفق‪++‬ه من يتج‪++‬رد من احلواجز والفواص‪++‬ل‪ .‬وينطل‪++‬ق م‪++‬ع ارواح الكائن‪++‬ات املثم‪++‬ر ب‪++‬ه كله‪++‬ا اىل اهلل ‪ .‬الن‬
‫قلب العبد حينما يتصل بربه تتالقى ضمائرها وحقائقها يف ضمري الك‪+‬ون وحقيقت‪+‬ه‪ .‬وحيس االتص‪+‬ال ب‪+‬الوجود كل‪+‬ه‬
‫وينبض قلب الوج‪++‬ود مع ‪++‬ه‪ .‬فعندئ‪++‬ذ العوائ‪++‬ق تنش‪++‬أ عن الش‪++‬عور ب‪++‬الفوارق والفواص‪++‬ل ال‪++‬يت متيز االن‪++‬واع واالجن‪++‬اس‪.‬‬
‫وتقيم بينه ‪++‬ا احلدود واحلواجز‪ .‬فتحس ال ‪++‬روح بان ‪++‬دماجها يف الك ‪++‬ل يف حلظ ‪++‬ات االش ‪++‬راق واحتوائه ‪++‬ا علىالك ‪++‬ل‪ .‬فال‬
‫حتس بان هنالك ما هو خارج عن ذاهتا وال باهنا متميزة عما حوهلا‪ .‬فكل ماحوهلا مندمج فيها‪ ،‬وهي مندجمة فيه‪.‬‬
‫في صنعة اللبوس‬
‫(‪ - ) ٣‬إىل ان جاء عهد داود عليه السالم ‪ ,‬وعلمه اهلل تعاىل هذه الصنعة "صنعة الدروع" الزردي‪+‬ة ال‪+‬يت‬
‫تت‪++‬الف من سلس‪++‬لة من احللق‪++‬ات املعدني‪++‬ة الص‪++‬لبية ‪ .‬وه‪++‬و ايس‪++‬ر اس‪++‬تعماال واك‪++‬ثر مرون‪++‬ة‪" :‬والن‪++‬ا ل‪++‬ه احلدي‪++‬د ان اعم‪++‬ل‬

‫والحرفة شرف وكرامة‬ ‫‪٤٨٤‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫لكم لتحص‪+‬نكم من بأس‪+‬كم فه‪+‬ل أنتم ش‪+‬كرون‪ ٨٠‬ولس‪+‬ليمان ال‪+‬ريح عاص‪+‬فة جتري ب‪+‬أمره إىل االرض‬
‫اليت بركنا فيها‬

‫(لكم) يف مجل‪++ +‬ة الن‪++ +‬اس (لنحص‪FF‬نكم) ب‪++ +‬النون هلل‪ ،‬وبالتحتاني‪++ +‬ة لـ "داود"‪ ،‬وبالفوقاني‪++ +‬ة لـ "لب‪++ +‬وس"(‪( .)١‬من‬
‫بأسكم) ح‪++‬ربكم م‪++‬ع اع‪++‬دائكم (فهل انتم) ي‪++‬ا اه‪++‬ل مك‪++‬ة (شاكرون)(‪ )٢‬نعم‪++‬يت بتص‪++‬ديق الرس‪++‬ول ؟ أي‪:‬‬
‫اشكروين بذلك‪( .‬و) س‪++‬خرنا (لسليمان الريح عاصفة) ويف اي‪++‬ة اخ‪++‬رى "رخ‪++‬اء"‪ ،‬أي‪ :‬ش‪++‬ديدة اهلب‪++‬وب(‬
‫‪ )٣‬حبسب ارادته (تجري بأمره(‪ )٤‬الى االرض التي باركنا فيها) وهي الشام (‪)١‬‬

‫سابغات‪( ".....‬سبأ ‪ )١١-١٠‬أي‪ :‬ال توسع احللقة وال تغلظ املسمار‪.‬‬


‫(‪ - )١‬وض‪++ +‬مري ليحص‪++ +‬نكم لـ "داود" او لـ "ل‪++ +‬بيوس" وه‪++ +‬و ق‪++ +‬راءة ن‪++ +‬افع ‪ .‬ويف ق‪++ +‬راءة ابن ع‪++ +‬امر وحفص‬
‫لتحصنكم بالتاء‪ .‬لـ "صنعة" أو لـ "لبوس" على تأويل الدرع ‪ .‬ويف قراءة ايب بكر ورويس بالنون هلل عز شأنه‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬هلل تعاىل على نعمه عليكم بتعليمه داود هذه الصنعة اهلامة من اجلكم‪.‬‬
‫وهذا استفهام معناه االمر للمبالغ‪++‬ة والتقري‪+‬ع‪ .‬أي‪ :‬اش‪+‬كروا هلل على ه‪+‬ذه الص‪+‬نعة ‪ ,‬فـ "من بأس‪+‬كم" ب‪+‬دل‬
‫اشتمال ‪ .‬والبأس ‪ :‬احلرب‪.‬‬
‫والحرفة شرف وكرامة‬
‫واالي ‪++‬ة الكرمية ش ‪++‬هادة للعم ‪++‬ال واه ‪++‬ل احلرف والص ‪++‬نائع ب ‪++‬ان العم ‪++‬ل ش ‪++‬رف‪ ،‬واختاذ احلرف ‪++‬ة كرام ‪++‬ة‪ .‬ويف‬
‫احلديث ان‪++‬ه ‪ ‬ق‪++‬ال ‪ :‬ان‪++‬ه – داود علي‪++‬ه الس‪++‬الم – ك‪++‬ان يأك‪++‬ل من عم‪++‬ل ي‪++‬ده‪ .‬رواه البخ‪++‬اري‪ .‬وك‪++‬ان آدم حراث‪++‬ا ‪,‬‬
‫وكان نوح يصنع السفن وكان جنارا‪ .‬وكان ادريس ولقمان خياطني‪ .‬وكان طالوت دباغا ‪ ,‬او سقاء‪.‬‬
‫وكل ذلك يدل على ان العمل كان منهج االنبياء والصاحلني وطريق للمؤم‪++‬نني االقوي‪+‬اء‪ .‬واالس‪+‬الم دين‬
‫حيب العمل ويوجبه‪ ،‬ويكره البطالة والكسل‪ ،‬وحيارب العطلني واخلاملني اذا كانوا قادرين على العمل‪.‬‬
‫ويف احلديث عن ايب هري ‪++‬رة ان الن ‪++‬يب ‪ ‬ق ‪++‬ال‪ :‬الن يأخ ‪++‬ذ اح ‪++‬دكم حبل ‪++‬ه ‪ ,‬مث يغ ‪++‬دو اىل اجلب ‪++‬ل فيحتطب‬
‫فيبيع فيأكل ويتصدق خري له من ان يس‪+‬أل الن‪+‬اس‪ .‬رواه الش‪+‬يخان والنس‪+‬ائي ‪ .‬وعن ايب هري‪+‬رة ‪ :‬ان اهلل حيب العب‪+‬د‬
‫املؤمن احملرتف الضعيف املتعفف‪ ,‬ويبغض السائل امللحق‪ .‬رواه الرتمذي واحلاكم والطرباين والبيهقي‪ .‬وفيه ض‪++‬عف‬
‫‪ .‬وبالصنعة يكف االنسان نفسه عن الناس ويدفع هبا الضرر والبأس عن نفسه‪.‬‬
‫في تسخير الريح لسليمان عليه السالم‬
‫(‪ - )٣‬شديدة الس‪+‬رعة من حيث اهنا تبع‪++‬د ب‪+‬ه يف م‪++‬دة يس‪+‬رية‪" :‬غ‪+‬دوها ش‪+‬هر ورواحه‪+‬ا ش‪+‬هر ‪( "...‬س‪+‬بأ‬
‫‪ )١٢‬جعلناها طائعة منقادة له مع كوهنا يف نفسها رخاء ايضا‪ .‬أي‪ :‬لطيفة لين‪+‬ة‪" : .‬فس‪+‬خرنا ل‪+‬ه ال‪+‬ريح جتري ب‪+‬أمره‬
‫رخاء حيث اصاب" (ص ‪ )٣٦‬أي ‪ :‬ان تلك الريح رخاء يف نفسها وعاصفة يف عملها مع طاعته‪+‬ا لس‪++‬ليمان علي‪++‬ه‬
‫السالم ‪ ,‬وهبوهبا على حسب ما يريد‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬مبش‪++‬يئته ‪ ,‬وختض‪++‬ع حلكم‪++‬ه وتنقل‪++‬ه اىل اج‪++‬زاء االرض املقدس‪++‬ة املبارك‪++‬ة ‪ .‬وجيوز ان يامره‪++‬ا حقيق‪++‬ة‬
‫وخيلق اهلل تعاىل هلا فهما المره‪ .‬واجلملة حال ثانية ‪ ,‬او بدل من االوىل على ما قيل‪ .‬او حال من خربها‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬وتفسريه بالشام لسبق االشارة اليها هبذه الصفة يف قصة ابراهيم ‪.‬‬
‫وكيف كان هذا التسخري ؟ وحيتمل ان الريح مسخرة له لش‪+‬ؤون اخ‪+‬رى‪ .‬فم‪+‬ا هي ه‪+‬ذه الش‪+‬ؤون ؟ ه‪+‬ل‬
‫هي محل ‪++‬ه وحاش ‪++‬يته وجن ‪++‬ده مع ‪++‬ه من مك ‪++‬ان اىل مك ‪++‬ان او محل ‪++‬ه منف ‪++‬ردا؟ يف دورة تس ‪++‬تغرق ش ‪++‬هرا ط ‪++‬ردا وعكس ‪++‬ا‪.‬‬
‫فيخرج مع صحبه او منفردا يف الغداة حيث شاؤوا‪ .‬مث يرجعون يف يومهم اىل منزله‪ .‬وحيتمل ان الريح تأيت باملطر‬
‫اآلية ‪ ٨٤-٨٣‬في أيوب عليه السالم‬ ‫‪٤٨٥‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وكن ‪++‬ا بك ‪++‬ل ش ‪++‬يء علمني‪ ٨١‬ومن الش ‪++‬يطني من يغوص ‪++‬ون ل ‪++‬ه ويعمل ‪++‬ون عمال دون ذل ‪++‬ك وكن ‪++‬ا هلم‬
‫حفظني‪ ٨٢‬وأيوب‬

‫(وكنا بكل شيء عالمين )(‪ )١‬من ذلك علمه تعاىل بان ما يعطيه سليمان يدعوه للخض‪++‬وع لرب‪+‬ه‪ ،‬ففعل‪+‬ه‬
‫تع‪++ +‬اىل على مقتض‪++ +‬ى علم‪++ +‬ه ‪( .‬و) س‪++ +‬خرنا (من الش‪FF‬ياطين(‪ )٢‬من يغوص‪FF‬ون ل‪FF‬ه) ي‪++ +‬دخلون يف البح‪++ +‬ر‬
‫فيخرج ‪++‬ون من ‪++‬ه اجلواهر لس ‪++‬ليمان (ويعملون عمال دون ذلك) أي‪ :‬س ‪++‬وى الغ ‪++‬وص من البن ‪++‬اء وغ ‪++‬ريه(‪)٣‬‬
‫(وكنا لهم حافظين) من ان يفس‪++‬دوا م‪++‬ا عمل‪++‬وا‪ ،‬الهنم ك‪++‬انوا اذا فرغ‪++‬وا من عم‪++‬ل قب‪++‬ل اللي‪++‬ل افس‪++‬دوه ان مل‬
‫يشغلوا بغريه(‪( . )٤‬و) اذكر (ايوب)(‪)٥‬‬

‫واخلصب كما يشاء بامره ‪ .‬ولكنه ال يصلح نصا يف املوضوع النه ليس تفسريا نبويا وال توصل اليه اللغة‪.‬‬
‫فه ‪++‬و اذن يف الغ ‪++‬الب من الرواي ‪++‬ات ال ‪++‬يت مرج ‪++‬ع اكثره ‪++‬ا اس ‪++‬رائيليات وختيالت واوه ‪++‬ام ال تص ‪++‬لح معتم ‪++‬دا‬
‫لفهم النصوص ‪ .‬وعلم تفصيل ذلك ال يرتتب عليه شيء‪ .‬ومن مث مل يذكر اهلل لنا شيئا عن بساط الريح ذاك وال‬
‫رس‪++ +‬وله‪ .‬ومل ي‪++ +‬رد يف أي اث‪++ +‬ر مس‪++ +‬تيقن‪ .‬فال تض‪++ +‬ل يف ه‪++ +‬ذا التي‪++ +‬ه‪ .‬والع ‪++ +‬ربة حاص‪++ +‬لة كي‪++ +‬ف ك‪++ +‬ان ه‪++ +‬ذا التس‪++ +‬خري‪.‬‬
‫فعلينا ان نقف عند حدود النص القرآين‪ .‬والنص القراين يقرر تسخري الريح‪ .‬وهو عاصفة جتري ب‪++‬أمره‬
‫اىل االرض اليت باركنا فيها‪.‬‬
‫واما فكيف ؟ القدرة االهلي‪+‬ة الطليق‪++‬ة – ال تس‪+‬أل كي‪+‬ف؟ وال ميتن‪+‬ع ان تك‪+‬ون هن‪+‬اك ن‪+‬واميس خفي‪+‬ة تعم‪+‬ل‬
‫وتظهر آثارها عند ما يؤذن هلا بالظهور‪.‬‬
‫واملعلوم للبشر من نواميس الوجود قليل‪ .‬فاما ما قال االلوسي ‪ :‬ال اظن انه يتم ذل‪+‬ك ظن من‪+‬ه ص‪+‬حيح‪.‬‬
‫فان الظن ال يغين من احلق شيئا ‪ .‬الننا جند السفن اجلوية – الط‪+‬ائرات واملنط‪+‬ادات والبالون‪++‬ات – جتري بالري‪++‬اح او‬
‫باملكنة ‪ .‬فال عجب يف خارقة تسخري الرياح لسليمان عليه السالم‪.‬‬
‫(‪ - )١‬أي ‪ :‬وقد احاط علمنا بكل شيء فنجري االشياء كلها على ما يقتضيه علمنا‪.‬‬
‫في تسخير الشياطين له عليه السالم‬
‫(‪ - )٢‬والشياطني – كاجلن– اليس‪+‬تبعد حص‪+‬ول الق‪+‬درة هلم علىاالعم‪+‬ال الش‪+‬اقة م‪+‬ع ك‪+‬وهنم جس‪+‬ما لطيف‪+‬ا‪.‬‬
‫النانشاهد الرياح تقلع االجسام الثقيلة‪ .‬وقدمرالكالم يف الشياطني (راجع صفحة ‪ ٤٣١‬رقم االية ‪ ٧١ :‬االنعام )‬
‫(‪ – )٣‬وتس ‪++‬خري اكث ‪++‬ف االجس ‪++‬ام ل ‪++‬داود علي ‪++‬ه الس ‪++‬الم‪ .‬وه ‪++‬و تس ‪++‬بيح احلج ‪++‬ر‪ ،‬وتل ‪++‬يني احلدي ‪++‬د‪ ،‬وتس ‪++‬خري‬
‫الط‪++‬ف االجس‪++‬ام البن‪++‬ه س‪++‬ليمان علي‪++‬ه الس‪++‬الم‪ .‬وه‪++‬و ال‪++‬ريح والش‪++‬ياطني‪ .‬وهم من ن‪++‬ار‪ .‬وك‪++‬انوا يغوص‪++‬ون يف املاء فال‬
‫يضرهم‪ .‬دليل واضح على باهر قدرته سبحانه ‪ ,‬وابراز الضد من الضد‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬وق‪++‬د ق‪++‬ررت النص‪++‬وص القرآني‪++‬ة ان هن‪++‬اك خلق‪++‬ا يس‪++‬مون اجلن خ‪++‬افني عن‪++‬ا‪ .‬فمن ه‪++‬ؤالء س‪++‬خر اهلل‬
‫تع ‪++‬اىل لس ‪++‬ليمان من يغوص ‪++‬ون ل ‪++‬ه ويعمل ‪++‬ون عمال دون ذل ‪++‬ك فال يهرج ‪++‬ون وال يفس ‪++‬دون وال خيرج ‪++‬ون على طاع ‪++‬ة‬
‫عب ‪++‬ده‪ .‬فق ‪++‬د ك ‪++‬انوا رهن اش ‪++‬ارته وط ‪++‬وع ارادت ‪++‬ه‪ .‬ال جيرؤ اح ‪++‬د منهم على االق ‪++‬رتاب من ‪++‬ه‪ .‬وه ‪++‬و الق ‪++‬اهر ف ‪++‬وق عب ‪++‬اده‬
‫يسخرهم حني يشاء كيف يشاء‪.‬‬
‫لق‪++‬د ابتلي داود وس‪++‬ليمان بالس‪++‬راء وفتنتهم‪++‬ا يف ه‪++‬ذا النعم‪++‬ة‪ .‬ولق‪++‬د ص‪++‬ربا لالبتالء بالنعم‪++‬ة واس‪++‬تغفروا من‬
‫الفتنة ‪ ,‬واجتازا االمتحان يف النهاية بسالم‪ .‬فكانا الشاكرين لنعمة اهلل‪.‬‬
‫االيتان ‪ ٨٤-٨٣‬في ايوب عليه السالم‬
‫(‪ ) ٥‬وهو ايوب بن انوص ‪ ,‬وامه من ولد لوط عليه السالم‪ .‬وكان عليه السالم روميا من ولد يعق‪++‬وب‬
‫فما أورده مما ال أصل له‬ ‫‪٤٨٦‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫إذ نادى ربه أين مسين الضر وأنت أرحم الرمحني‪ ٨٣‬فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر‬
‫ويب‪++‬دل من‪++‬ه (اذ نادى ربه) ملا ابتلي بفق‪++‬د مجي‪++‬ع مال‪++‬ه وول‪++‬ده‪ ,‬ومتزي‪++‬ق جس‪++‬ده‪ ,‬وهج‪++‬ر مجي‪++‬ع الن‪++‬اس ل‪++‬ه اال‬
‫زوجت ‪++‬ه س ‪++‬نني ثالث ‪++‬ا او س ‪++‬بعا‪ ,‬او مثاين عش ‪++‬رة وض ‪++‬يق عيش ‪++‬ه( ‪( )١‬أني) بفتح اهلم ‪++‬زة بتق ‪++‬دير الب ‪++‬اء (مسني‬
‫الضر) أي‪ :‬الشدة (وانت ارحم الراحمين)(‪( )٢‬فاستجبنا له) نداءه (فكشفنا ما به من ضر(‪)٣‬‬

‫بن اسحاق عليهما السالم‪ .‬كان موطنه ارض ع‪+‬وص من جب‪+‬ل ص‪+‬غري او بالد ادوم‪ .‬قي‪+‬ل ‪ :‬ان‪+‬ه ك‪+‬ان قب‪+‬ل موس‪+‬ى او‬
‫قبل ابراهيم اك‪+‬ثر من مائ‪+‬ة س‪+‬نة ‪ .‬ق‪+‬ال ابن اس‪+‬حاق ‪ :‬الص‪+‬حيح‪ :‬ان‪+‬ه ك‪+‬ان من ب‪+‬ين اس‪+‬رائيل ومل يص‪+‬ح يف نس‪+‬به ش‪+‬يء‬
‫اال ان اسم ابيه ‪ :‬انوص‪.‬‬
‫ورد اسم ايوب عليه السالم يف القرآن اربع مرات – يف سور النساء واالنعام واالنبياء وص‪.‬‬
‫فما اورده مما ال اصل له‬
‫(‪ )١‬أي‪ :‬ان اهلل سلط الشيطان على مال‪+‬ه واهل‪+‬ه ابتالء ل‪+‬ه‪ .‬فاهل‪+‬ك الش‪+‬يطان مال‪+‬ه وول‪+‬ده‪ .‬مث س‪+‬لطه على‬
‫بدنه ابتالء له‪ .‬فنفخ يف جسده نفخة اشتعل منها‪ .‬فصار يف جسده ثآليل فحكها باظفاره حىت دميت‪ .‬مث بالفخ‪++‬ار‬
‫حىت تساقط حلمه! وعص‪+‬م اهلل قلب‪+‬ه ولس‪+‬انه!! أي‪ :‬ان ال‪+‬دود اكل‪+‬ه اال قلب‪+‬ه ولس‪+‬انه ‪ -‬وان‪+‬ه القي على مزبل‪+‬ة! ومث‪+‬ل‬
‫ه‪++‬ذا الكالم ال تص‪++‬ح روايت‪++‬ه‪ ،‬وال جيوز اعتم‪++‬اده‪ ،‬اذ ال اص‪++‬ل ل‪++‬ه اال كالم اه‪++‬ل الكت‪++‬اب‪ .‬وكالمهم مليء بالس‪++‬فه يف‬
‫حق االنبياء كما مر معنا غري مرة‪.‬‬
‫فكيف يعتم‪+‬د علي‪+‬ه؟ الس‪+‬فر ال‪+‬ذي ي‪+‬ذكر يف كتب العه‪+‬د الق‪+‬دمي ويس‪+‬مى س‪+‬فر اي‪+‬وب في‪+‬ه ابش‪+‬ع م‪+‬ا ميكن‬
‫ان ينس‪++‬ب ايل االنبي‪++‬اء‪ .‬ويظه‪++‬ر من مراجعت‪++‬ه ان‪++‬ه من خي‪++‬ال بعض كت‪++‬اب اليه‪++‬ود‪ .‬اذ في‪++‬ه ح‪++‬وار بني اي‪++‬وب وص‪++‬احبني‬
‫ل‪++‬ه‪ .‬يظه‪++‬ر في‪++‬ه مبظه‪++‬ر املع‪++‬رتض على اهلل يف ابتالئ‪++‬ه ل‪++‬ه – وحاش‪++‬اه – وال‪++‬ذي حنب ان نق‪++‬رره ان‪++‬ه ليس عن‪++‬دنا يف قص‪++‬ة‬
‫ايوب ما نستطيع اعتماده اال ما يفهمنا اياه النص القرآين‪ .‬وما ص‪+‬ح عن رس‪+‬ول اهلل ‪ ‬يف ه‪+‬ذا االم‪+‬ر وه‪+‬و قلي‪+‬ل ‪.‬‬
‫والثابت املؤكد ان مرضه مل يكن منفرا‪.‬‬
‫واهلدف ان قصته عربة‪ ،‬وتعريف ان الدنيا مزرعة االخرة‪ .‬وان الواجب على االنسان ان يص‪++‬رب على م‪++‬ا‬
‫يناله من البالء فيها‪ .‬وجيتهد يف القي‪+‬ام حبق اهلل تع‪++‬اىل واال يض‪+‬جر من ش‪+‬يء واال يتس‪+‬خط وال يت‪+‬ربم وامنا يص‪+‬رب على‬
‫حاليت الضراء والسراء‪.‬‬
‫والشكاية الى هللا تعالى ال ينافي الصبر‬
‫(‪ )٢‬واي‪++‬وب هن‪++‬ا يص‪++‬ف حال‪++‬ه يف دعائ‪++‬ه مبا يس‪++‬تحق ب‪++‬ه الرمحة‪ .‬ويص‪++‬ف رب‪++‬ه بغاي‪++‬ة الرمحة فحس‪++‬ب ‪ .‬وال‬
‫ي‪++‬دعو بتغي‪++‬ري حال‪+‬ه ص‪++‬ربا على بالئ‪+‬ه ‪ ,‬تادب‪++‬ا م‪++‬ع رب‪++‬ه واجالال‪ .‬وامياء من‪++‬ه ب‪++‬ان رب‪++‬ه ب‪++‬ه عليم‪ .‬وقص‪+‬ة ابتالئ‪++‬ه هن‪++‬ا دعائ‪++‬ه‬
‫واس‪+‬تجابة اهلل تع‪++‬اىل ل‪+‬ه‪ .‬الن الس‪+‬ياق س‪+‬ياق رمحة اهلل بانبيائ‪+‬ه ورعايت‪+‬ه هلم يف االبتالء‪ .‬س‪+‬واء ك‪+‬ان االبتالء بتك‪+‬ذيب‬
‫ق‪+‬ومهم هلم واي‪++‬ذائهم كم‪++‬ا يف قص‪+‬ص اب‪++‬راهيم ول‪+‬وط‪ .‬او بالنعم‪++‬ة كم‪++‬ا يف قص‪+‬ة داود وس‪++‬ليمان ‪ .‬او بالص‪+‬رب كم‪++‬ا يف‬
‫قصة ايوب ‪ .‬والضر الذي مسه كان بالء اصابه يف بدنه واهله وماله من اروع االبتالء‪.‬‬
‫ركض وماء بارد‬
‫(‪ – )٣‬وملا اراد اهلل س ‪++‬بحانه اذه ‪++‬اب الض ‪++‬ر عن ‪++‬ه ام ‪++‬ره ان ي ‪++‬ركض برجل ‪++‬ه ففع ‪++‬ل‪ .‬فنبعت ل ‪++‬ه عني م ‪++‬اء‬
‫فاغتسل منه فزال كل ما بظاهر بدنه من الضر‪ .‬وشرب منها ف‪+‬زال ك‪+‬ل م‪++‬ا بباطن‪+‬ه‪" :‬اركض برجل‪+‬ك ه‪+‬ذا مغتس‪+‬ل‬
‫بارد وشراب"‬
‫ويف سورة ص ‪" :‬اذ نادى ربه اين مسين الشيطان بنصب وعذاب" ‪ .‬والقول‪" :‬ان هذا يوحي انه ضجر‬
‫ينصح األطباء بممارسة الركض‬ ‫‪٤٨٧‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وءاتينه أهله ومثلهم معهم رمحة من عندنا وذكرى للعبدين‪٨٤‬‬


‫وآتيناه اهله) اوالده ال‪+‬ذكور واالن‪+‬اث ب‪+‬ان احي‪+‬وا ل‪+‬ه‪ ،‬وك‪+‬ل من الص‪++‬نفني ثالث او س‪+‬بع (ومثلهم معهم)(‬
‫‪ ) ١‬من زوجته وزيد يف شباهبا‪ ،‬وكان له اندر للقمح واندر للشعري‪ ,‬فبعث اهلل سحابتني‪ ,‬اف‪++‬رغت اح‪++‬دامها‬
‫على ان‪+‬در القمح ال‪+‬ذهب‪ ,‬واف‪+‬رغت االخ‪+‬رى على ان‪+‬در الش‪+‬عري ال‪+‬ورق ح‪+‬ىت ف‪+‬اض(‪( )٢‬رحمة) مفع‪+‬ول ل‪+‬ه‬
‫(من عندنا)(‪ )٣‬صفة (وذكرى للعالمين)(‪)٤‬‬

‫من املرض فش‪++‬كا من‪++‬ه" ينافي‪++‬ه قول‪++‬ه تع‪++‬اىل‪" :‬ان‪++‬ا وج‪++‬دناه ص‪++‬ابرا نعم العب‪++‬د ان‪++‬ه اواب" الن‪++‬ه ي‪++‬دل على كم‪++‬ال ص‪++‬ربه‪.‬‬
‫ومعل‪++‬وم ان‪++‬ه ش‪++‬كا حال‪++‬ه اىل اهلل تع‪++‬اىل ‪ .‬وكي‪++‬ف تك‪++‬ون الش‪++‬كاية الي‪++‬ه س‪++‬بحانه ض‪++‬جرا؟! اذا ك‪++‬ان يف ش‪++‬كواه راض‪++‬يا‬
‫بقضاء اهلل تعاىل؟ اذ ليس من شرط الص‪+‬رب اس‪+‬تجالء البالء‪ .‬وق‪+‬ال يعق‪+‬وب علي‪+‬ه الس‪+‬الم ‪" :‬امنا اش‪+‬كوا ب‪+‬ثي وح‪+‬زين‬
‫اىل اهلل"‪.‬‬
‫الـ "نصب" التعب واملشقة والعذاب االليم‪.‬‬
‫وكيف نسب ما اصابه اىل الشيطان ؟ وليس للش‪+‬يطان س‪+‬لطان على ال‪+‬ذين آمن‪+‬وا ‪" :‬ان‪+‬ه ليس ل‪+‬ه س‪+‬لطان‬
‫علي ال‪++‬ذين آمن‪++‬وا وعلى رهبم يتوكل‪++‬ون امنا س‪++‬لطانه على ال‪++‬ذين يتولون‪++‬ه وال‪++‬ذين هم ب‪++‬ه مش‪++‬ركون" "وم‪++‬ا ك‪++‬ان ل‪++‬ه‬
‫عليهم من س‪+‬لطان ‪" "...‬وان عب‪+‬ادي ليس ل‪+‬ك عليهم س‪+‬لطان اال من اتبع‪++‬ك من الغ‪++‬اوين" والش‪+‬يطان نفس‪+‬ه يق‪++‬رر‬
‫بع‪++‬دم س‪++‬لطة ل‪++‬ه كم‪++‬ا حيكي‪++‬ه اهلل س‪++‬بحانه عن‪++‬ه‪" :‬وم‪++‬ا ك‪++‬ان يل عليكم من س‪++‬لطان اال ان دع‪++‬وتكم فاس‪++‬تجبتم يل‪" ...‬‬
‫فكيف يكون له سلطان على مثل ايوب من االنبياء الكرام‪‍‍‍‍.‬؟‬
‫(‪ - )١‬رفع عنه الضر يف بدنه فاذا هو معاىف ص‪+‬حيح ‪ .‬ورف‪+‬ع عن‪+‬ه الض‪+‬ر يف اهل‪+‬ه ف‪+‬ردهم الي‪+‬ه‪ .‬او عوض‪+‬ه‬
‫عمن فقد منهم ورزقه مثلهم‪.‬‬
‫ينصح االطباء بممارسة الركض‬
‫وقد توصل العلم احلديث بعددراسات مستفيضة يف حماولة معرفة اسرارالعالج ال‪+‬ذي ذك‪+‬ره الق‪+‬رآن الك‪+‬رمي‬
‫يف تلك االية الكرمية‪.‬الىان عالجه من االمراض اليت ابتلي هباميكن يف جمردالركض مث املغتسل والشراب الباردين‪....‬‬
‫ومن املعل ‪++‬وم ان ال ‪++‬ركض – الع ‪++‬دو واجلري – رياض ‪++‬ات انتش ‪++‬رت يف العص ‪++‬ر احلديث وينص ‪++‬ح االطب ‪++‬اء‬
‫االخص‪++‬ائيون مبمارس‪++‬تها‪ .‬الهنا تنش‪++‬ط االعض‪++‬اء وتكس‪++‬ب اجلس‪++‬د املرون‪++‬ة مما يع‪++‬ىن‪ :‬ان‪++‬ه يف اثن‪++‬اء أي جمه‪++‬ود لالنس‪++‬ان‬
‫تف ‪++‬رز ك ‪++‬رات ال ‪++‬دم البيض ‪++‬اء مبع ‪++‬دل اك ‪++‬رب‪ .‬وهي ال ‪++‬يت متث ‪++‬ل جه ‪++‬از الوقاي ‪++‬ة يف جس ‪++‬م االنس ‪++‬ان‪ .‬فتزي ‪++‬ل م ‪++‬ا عل ‪++‬ق ب ‪++‬ه من‬
‫شوائب او ميكروبات‪ .‬وتستمرتلك الكرات البيضاء يف االفراز طوال تعرض اجلسد الي تغيري يف درجة حرارته‪.‬‬
‫مث يأيت دور االغتسال باملاء البارد‪ .‬فعندما يغتسل االنسان فان مجيع خاليااجلسد مبا فيهامن شرايني تع‪++‬اود‬
‫االنكماش بعد التمدد‪ .‬ويف ذلك استجابة ملا حتتاج اليه من مرونة تقيها الكثري من امراض القلب والدورة الدموية‪.‬‬
‫مث شرب املاء البارد‪ ,‬وهوحيقق تلطيفا لدرجة حرارة البلعوم‪ ،‬كما ان هذا الشربة الباردة تغس‪++‬ل الكلي‪++‬تني‬
‫وتنظفهمامماص‪++‬ب فيهم‪++‬امن ش‪++‬وائب ال‪++‬دم‪ .‬وب‪++‬ذلك يف‪++‬رغ جسداالنس‪++‬ان متام‪++‬ا من امليكروب‪++‬ات‪ ،‬وت‪++‬رده تل‪++‬ك الش‪++‬ربة‬
‫معافىقدبرئ مما اصابه من مرض‪.‬كماحدث لنيب اهلل ايوب عليه السالم‪ :‬الركض مث االغتسال مث شرب املاء البارد‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬هذا معىن ما رواه ابو يعلى والبزار عن انس بن مالك مرفوعا‪ .‬واالندر ‪ :‬البيدر‬
‫(‪ - )٣‬فكل نعمة فهي رمحة من عند اهلل ومنة‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬فالعاب‪++‬دون معرض‪++‬ون للبالء واالبتالء‪ ,‬وتل‪++‬ك تك‪++‬اليف العب‪++‬ادة والعقي‪++‬دة واالميان‪ .‬واالم‪++‬ر ج‪++‬د ال‬
‫لعب‪ .‬وال ب‪++‬د من الص‪++‬رب ليجت‪++‬از العاب‪++‬دون البالء‪ .‬ويف ص‪" :‬وآتين‪++‬اه اهل‪++‬ه ومثلهم معهم رمحة من‪++‬ا وذك‪++‬رى الويل‬

‫اآليتان ‪ ٨٦-٨٥‬في إسمعيل وإدريس وذي الكفل‬ ‫‪٤٨٨‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬
‫وامسعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصربين‪ ٨٥‬وأدخلنهم يف رمحتن‪++‬ا اهنم من الص‪++‬لحني ‪٨٦‬‬
‫وذا النون إذ ذهب مغضبا‬

‫ليصربوا فيثابوا(‪( . )١‬و) اذكر (اسماعيل وادريس وذا الكفل كل من الصابرين)(‪ )٢‬على طاع ‪++‬ة اهلل‬
‫وعن معاصيه‪( .‬وادخلناهم في رحمتنا) مع النبوة (انهم من الصالحين) هلا (‪ , )٣‬ومسي ذا الكفل النه‬
‫تكف‪++‬ل بص‪++‬يام مجي‪++‬ع هناره وقي‪++‬ام مجي‪++‬ع ليل‪++‬ه ‪ ،‬وان يقض‪++‬ي بني الن‪++‬اس وال يغض‪++‬ب ‪ ،‬ف‪++‬وىف ب‪++‬ذلك ‪ ,‬وقي‪++‬ل‪ :‬مل‬
‫يكن نبي ‪++‬ا(‪( .)٤‬و) اذك ‪++‬ر (ذا النون) ص ‪++‬احب احلوت(‪ )٥‬وه ‪++‬و ي ‪++‬ونس بن م ‪++‬ىت‪ ،‬ويب ‪++‬دل من ‪++‬ه (اذ ذهب‬
‫مغاضبا) لقومه‪،‬‬

‫االلباب" بدل "وذكرى للعابدين"‪.‬‬


‫اعقل الناس االتقى هلل‬
‫ونتلقى من هن‪++ +‬ا‪ :‬ان اص‪++ +‬حاب العق‪++ +‬ول الس‪++ +‬ليمة من ش‪++ +‬وائب االختالل هم ال‪++ +‬ذين يعب‪++ +‬دون اهلل وح‪++ +‬ده‬
‫ويطيعون‪++‬ه ‪ .‬وه‪++‬ذا يؤي‪++‬د الق‪++‬ول‪ :‬ان من اوص‪++‬ى بش‪++‬يء من مال‪++‬ه العق‪++‬ل الن‪++‬اس ان تل‪++‬ك الوص‪++‬ية تص‪++‬رف التقى الن‪++‬اس‬
‫واشدهم طاعة هلل تعاىل‪ .‬الهنم هم اولو االلباب‪ .‬أي‪ :‬العقول الصحيحة اليت مل ختتل‪.‬‬
‫(‪ - )١‬ومل أر اغىب وال أنذل ممن تنزل به الض‪+‬راء فيس‪+‬أل العب‪+‬اد ويق‪++‬ف بب‪+‬اهبم! م‪++‬ا يص‪+‬نع فقي‪+‬د لفقي‪+‬د؟!‬
‫او ض ‪++‬عيف لض ‪++‬عيف؟! ان االبتالء طبيع ‪++‬ة احلي ‪++‬اة‪ .‬وه ‪++‬ل خل ‪++‬ق االنس ‪++‬ان اال لالبتالء؟ ف ‪++‬اذا ص ‪++‬ربوا واعتص ‪++‬موا باهلل مما‬
‫يؤودهم يوشك ان يرسل اليهم فرجه‪.‬‬
‫االيتان ‪ ٨٦ – ٨٥‬في اسماعيل وادريس وذي الكفل عليهم السالم‬
‫(‪ )٢‬على مش‪++‬اق التك‪++‬اليف وش‪++‬دائد الن‪++‬وب‪ .‬ف‪++‬اىل اين جلؤوا؟ ومبن اس‪++‬تجاروا؟ باهلل وح‪++‬ده‪ .‬ف‪++‬ان امسعيل‬
‫فقد صرب على ابتالء ربه له بالذبح فاستسلم هلل‪ .‬وقال‪" :‬يا ابت افعل ما تؤمر‪"....‬‬
‫وام‪++‬ا ادريس فق‪++‬د س‪++‬بق ان زمان‪++‬ه جمه‪++‬ول‪ .‬وك‪++‬ذلك مكان‪++‬ه‪ .‬وان هن‪++‬اك ق‪++‬وال بان‪++‬ه "اوزريس" ال‪++‬ذي عب‪++‬ده‬
‫املص ‪++‬ريون بع ‪++‬د موت ‪++‬ه‪ .‬وص ‪++‬اغوا حول ‪++‬ه االس ‪++‬اطري بوص ‪++‬ف املعلم االول للبش ‪++‬ر الزراع ‪++‬ة والص ‪++‬ناعة‪ .‬وليس لن ‪++‬ا مس ‪++‬تند‬
‫نعتمد عليه اال ما يف كتاب اهلل "انه كان من الصابرين" راجع صفحة ‪ ٣٧٩ :‬رقم االية ‪ ٥٦‬مرمي ‪.‬‬
‫واماذوالكفل مسي به النه كان ذاحظ من اهلل تعاىل‪ .‬اوتكلف امته‪،‬اوله ضعف عمل انبياء زمانه ونواهبم‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬اي‪ :‬ممن ال يشوب صالحهم كدر الفساد‪.‬‬
‫"رمحتنا" نبوتن‪+‬ا ‪ .‬او النعم‪+‬ة يف االخ‪+‬رة‪ .‬اي ‪ :‬وادخلن‪+‬ا ك‪+‬ل ه‪+‬ؤالء جن‪+‬ات النعيم ج‪+‬زاء هلم على م‪+‬ا فعل‪+‬وا‬
‫من صاحل االعمال‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬بل هو من صاحليهم ‪ .‬واالكثرون على انه من انبياء بين اسرائيل‪ .‬يعين ‪ :‬الياس ‪ ,‬او يوش‪+‬ع او ‪:‬‬
‫زكريا ‪ ,‬وقالوا انه ابن ايوب عليه السالم بعثه اهلل نبيا بعد ابيه‪ .‬واقام عم‪+‬ره بالش‪+‬ام‪ .‬فم‪+‬ا ذك‪+‬روه ليس اال اق‪+‬واال ال‬
‫تستند ‪ .‬الن ذا الكفل جمهول زمانه وكذلك مكانه‪.‬‬
‫ونتلقي من السياق ان‪+‬ه م‪++‬ا ق‪+‬رن م‪++‬ع االنبي‪+‬اء اال وه‪+‬و ن‪+‬يب ‪ ,‬وال‪+‬ذي اس‪+‬تقر علي‪+‬ه الت‪+‬اليف يف العقائ‪+‬د‪ :‬ان ذا‬
‫الكفل احد اخلمسة والعشرين رسوال الذين نص عليهم القرآن‪ .‬والكف‪++‬ل جييء مبع‪++‬ين النص‪+‬يب والكفال‪+‬ة والض‪+‬عف‪.‬‬
‫وابتالء االنبياء رفع لدرجاهتم وتعليم الممهم‪.‬‬
‫االيتان ‪ ٨٨-٨٧‬في يونس عليه السالم‬
‫(‪ - )٥‬الن احلوت التقمه مث نبذه‪.‬‬
‫اآليتان ‪ ٨٨-٨٧‬في يونس عليه السالم‬ ‫‪٤٨٩‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫فظن أن لن نقدر عليه فنادى يف الظلمت أن ال إله اال أنت سبحنك إين كنت من الظلمني‪٨٧‬‬
‫اي‪ :‬غضبان عليهم (‪ )١‬مما قاسى منهم ومل يؤذن له يف ذلك (فظن ان لن نقدر عليه) اي‪ :‬نقض‪++‬ي علي‪++‬ه‬
‫م ‪++‬ا قض ‪++‬يناه من حبس ‪++‬ه يف بطن احلوت‪ ،‬او نض ‪++‬يق علي ‪++‬ه ب ‪++‬ذلك(‪( )٢‬فنادى في الظلم‪F‬ات) ظلم ‪++‬ة اللي ‪++‬ل‪,‬‬
‫وظلم‪++ + + +‬ة البح‪++ + + +‬ر‪ ,‬وظلم‪++ + + +‬ة بطن احلوت(‪( )٣‬ان) أي‪ :‬ب‪++ + + +‬ان (ال ال‪FFF‬ه اال انت س‪FFF‬بحانك اني كنت من‬
‫الظالمين) يف ذهايب من بني قومي بال إذن‬

‫(‪ - )١‬من املفاعل ‪++‬ة ال ‪++‬يت ال تقتض ‪++‬ي االش ‪++‬راك حنو "ع ‪++‬اقبت اللص وس ‪++‬افرت"‪ .‬او ان ‪++‬ه اغض ‪++‬بهم مبفارقت ‪++‬ه‬
‫وخوفهم حلول العذاب هبم‪ .‬وأغضبوه حني دعاهم اىل م‪+‬دة طويل‪+‬ة فلم جييب‪+‬وه‪ .‬ب‪+‬ل متادى اص‪+‬رارهم على العص‪+‬يان‬
‫فضاق هبم صدرا حرج النفس ومل يصرب على معاناة الدعوة معهم‪ ،‬والقى عبئ الدعوة! وغادرهم مغاضبا مه‪++‬اجرا‬
‫عنهم على عادة االنبياء عند نزول العذاب‪.‬‬
‫ولكن ك ‪++ +‬ان ه ‪++ +‬ذا اخلروج من غ ‪++ +‬ري اذن‪ .‬فأوقع‪++ + +‬ه اهلل يف الض ‪++ +‬يق ال ‪++ +‬ذي تس ‪++ +‬هل اىل جانب ‪++ +‬ه مض ‪++ +‬ايقات‬
‫املك‪++‬ذبني ‪ .‬ول‪++‬وال ت‪++‬اب اىل رب‪++‬ه واع‪++‬رتف بظلم لنفس‪++‬ه ودعوت‪++‬ه وواجب‪++‬ه ملا ف‪++‬رج اهلل عن‪++‬ه ه‪++‬ذا الض‪++‬يق‪ .‬ولكن الق‪++‬درة‬
‫حفظت ‪++‬ه وجنت ‪++‬ه من الغم ال ‪++‬ذي يعاني ‪++‬ه‪" :‬وان ي ‪++‬ونس ملن املرس ‪++‬لني‪ .‬اذ اب ‪++‬ق اىل الفل ‪++‬ك املش ‪++‬حون‪ .‬فس ‪++‬اهم فك ‪++‬ان من‬
‫املدحضني‪ .‬فالتقمه احلوت وهو مليم‪ .‬فلو ال انه كان من املسبحني‪ .‬للبث يف بطن‪++‬ه اىل ي‪++‬وم يبعث‪++‬ون فنب‪++‬ذناه ب‪++‬العراء‬
‫وهو سقيم…‪ ...‬فآمنوا فمتعناهم اىل حني" (الصافات ‪)١٤٨-١٣٩‬‬
‫"اذ اب‪+‬ق" اي‪ :‬حني اب‪+‬ق ‪ .‬يق‪+‬ال‪ :‬عب‪+‬د آب‪+‬ق ‪ ,‬وي‪+‬ونس ق‪+‬د خ‪+‬رج قب‪+‬ل االذن من رب‪+‬ه‪ .‬واذا اطل‪+‬ق علي‪+‬ه اس‪+‬م‬
‫االباق‪ .‬وهو مليم ‪ .‬واملليم اسم فاعل أالم اذا فعل ما يستوجت املالم‪ .‬وهو قد اس‪++‬تحق املالم‪++‬ة ملا م‪++‬ر من خروج‪+‬ه‬
‫من غري إذن‪" .‬فساهم" أي ‪ :‬قارع‪ .‬أي ‪ :‬انه رضخ م‪+‬ع اص‪+‬حاب الس‪+‬فينة س‪+‬هام القرع‪+‬ة ليخ‪+‬رج س‪+‬هم من يلقى يف‬
‫البح ‪++‬ر‪ .‬فك ‪++‬ان من املدحض ‪++‬ني ‪ .‬أي‪ :‬املغل ‪++‬وبني يف القرع ‪++‬ة‪ .‬الن ‪++‬ه خ ‪++‬رج ل ‪++‬ه الس ‪++‬هم ال ‪++‬ذي يلقى ص ‪++‬احبه يف البح ‪++‬ر‪.‬‬
‫"فنب‪++‬ذناه" أي ‪ :‬طرحن‪++‬اه ب‪++‬ان امرن‪++‬ا احلوت ان يلقي‪++‬ه بالس‪++‬احل‪ .‬و"الع‪++‬راء" الص‪++‬حراء‪ .‬وق‪++‬وهلم ‪" :‬الع‪++‬راء" الفض‪++‬اء او‬
‫املتسع من االرض او املكان اخلايل او وجه االرض راجع اىل ذلك ‪ .‬وشجرة اليقطني هي الدباء ‪" ...‬وهو س‪++‬قيم"‬
‫أي ‪ :‬مريض ملا اصابه من التقام احلوت اياه‪.‬‬
‫وق‪++‬ال تع‪++‬اىل يف القلم‪" :‬وال تكن كص‪++‬احب احلوت اذ ن‪++‬ادى وه‪++‬و مكظ‪++‬وم ‪ .....‬من الص‪++‬احلني" فـ "اذ‬
‫ن‪+‬ادى" أي‪ :‬ن‪+‬ادى ان ال ال‪+‬ه اال انت س‪+‬بحانك اين كنت من الظ‪+‬املني ‪ ..‬و "وه‪+‬و مكظ‪+‬وم" أي‪ :‬ممل‪+‬وء غم‪+‬ا كم‪+‬ا‬
‫يفس‪+‬ره "وجنين‪+‬اه من الغم"‪ .‬او "مكظ‪+‬وم" ممل‪+‬وء كرب‪+‬ا‪ .‬قي‪+‬ل ‪ :‬الف‪+‬رق بني الغم والك‪+‬رب‪ :‬ان الغم يف القلب والك‪+‬رب‬
‫يف االنفاس‪ .‬وقيل‪ :‬مكظوم حمبوس والكظم احلبس‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬أي‪ :‬نض‪++‬يق علي ‪++‬ه يف بطن احلوت‪ .‬وقي ‪++‬ل‪ :‬لن تعم ‪++‬ل في ‪++‬ه ق‪++‬درتنا ‪ .‬وه ‪++‬ذا ق‪++‬ول باط ‪++‬ل الن ن ‪++‬يب اهلل‬
‫يونس عليه السالم ال يشك يف قدرة اهلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫وق ‪++‬اده ض ‪++‬يقه اخلانق اىل ش ‪++‬اطئ البح ‪++‬ر‪ .‬فوج ‪++‬د س ‪++‬فينة مش ‪++‬حونة‪ .‬ف ‪++‬ركب فيه ‪++‬ا فلم ‪++‬ا ك ‪++‬انت يف اللج ‪++‬ة‬
‫اض ‪++‬طربت هبم وثقلت‪ .‬وق ‪++‬ال رباهنا‪ :‬ال ب ‪++‬د من الق ‪++‬اء اح ‪++‬د ركاهبا يف البح ‪++‬ر‪ .‬لينج ‪++‬و س ‪++‬ائر من فيه ‪++‬ا من الغ ‪++‬رق‪.‬‬
‫ف ‪++‬اقرتعوا على رج ‪++‬ل يلقون ‪++‬ه من بينهم يف البح ‪++‬ر‪ .‬فج ‪++‬اء الس ‪++‬هم على ي ‪++‬ونس ف ‪++‬القوه ‪ .‬او القى ه ‪++‬و نفس ‪++‬ه فالتقط ‪++‬ه‬
‫احلوت مضيقا عليه اشد الضيق‪ .‬او تضيق عليه االرض فهي فسيحة‪ .‬والقرى كثرية واالقوام متعددون‬
‫(‪ - )٣‬أي‪ :‬فدعا ربه يف اعم‪+‬اق الظلم‪+‬ات املتكاثف‪+‬ة‪ .‬او من حتت الظلم‪+‬ات الثالث‪ :‬ظلم‪+‬ة بطن احلوت‬
‫وظلمة البحر ‪ ,‬وظلمة الليل‪ .‬تنزيها لك يا رب انت االله وحدك ال شريك لك ‪ ,‬تفعل ما تشاء وحتكم م‪++‬ا تري‪++‬د‪,‬‬

‫اآليتان ‪ ٨٨-٨٧‬في يونس عليه السالم‬ ‫‪٤٩٠‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫فاستجبنا له وجنينه من الغم وكذلك ننجي املؤمنني‪٨٨‬‬


‫(فاس‪FF‬تجبنا ل‪F‬ه ونجين‪F‬اه من الغم) بتل ‪++‬ك الكلم ‪++‬ات (وك‪FF‬ذلك) كم ‪++‬ا جنين ‪++‬اه (ننجي(‪ )١‬المؤم‪FF‬نين) من‬
‫كرهبم اذا استغاثوا بنا داعني(‪.)٢‬‬
‫ال يعجزك شيء يف االرض وال يف السماء ‪.‬‬
‫على أصحاب الدعوة الثبات ال الهجر‬
‫نتلقى من هن‪++‬ا‪ :‬ان على اص‪++‬حاب ال‪++‬دعوة الص‪++‬رب واملث‪++‬ابرة والثب‪++‬ات مهم‪++‬ا واجه‪++‬وا من انك‪++‬ار وتك‪++‬ذيب‪,‬‬
‫ومن عتو وجحود ‪ .‬فال ييأسوا من صالح النفوس واستجابة القلوب بل يكرروا الدعوة ويعي‪+‬دوا‪ .‬وق‪+‬د تص‪+‬ل املرة‬
‫الواحدة بعد االلف لتفتتح هلم ارصاد القلوب‪ .‬وهن‪+‬اك الباط‪+‬ل والض‪+‬الل والتقالي‪+‬د والع‪+‬ادات والنظم واالوض‪+‬اع ق‪+‬د‬
‫تراكمت على القلوب‪ .‬فال بد من ازالة هذه الركام كي تستحي القلوب من جديد‪.‬‬
‫ومن الس‪++ +‬هل ‪ :‬الغض‪++ +‬ب وهج‪++ +‬رهم اذا مل يس‪++ +‬تجيبوا‪ .‬الن‪++ +‬ه عم‪++ +‬ل م‪++ +‬ريح ق‪++ +‬د يفش‪++ +‬و الغض‪++ +‬ب ويه‪++ +‬دئ‬
‫االعص ‪++‬اب‪ .‬ولكن اين هي ال ‪++‬دعوة‪.‬؟‪ .‬وم ‪++‬ا ال ‪++‬ذي ع ‪++‬اد عليه ‪++‬ا من هج ‪++‬ران املك ‪++‬ذبني املعارض ‪++‬ني؟ ان ال ‪++‬دعوة هي‬
‫االص ‪++‬ل ال ش ‪++‬خص الداعي ‪++‬ة فال يض ‪++‬ق ص ‪++‬دره‪ .‬ولكن ليكظم ‪++‬ه وميض ‪++‬ي‪ .‬وخ ‪++‬ري ل ‪++‬ه ان يص ‪++‬رب فال يض ‪++‬يق ص ‪++‬دره مبا‬
‫يقول‪++‬ون‪ .‬ان الداعي‪++‬ة اداة يف ي‪++‬د الق‪++‬درة‪ .‬واهلل ارعى لدعوت‪++‬ه واحف‪++‬ظ‪ .‬فلي‪++‬ؤد ه‪++‬و واجب‪++‬ه على ك‪++‬ل ظ‪++‬رف ويف ك‪++‬ل‬
‫جو‪ .‬والبقية على اهلل سبحانه واهلدى هدى اهلل جل شأنه‪.‬‬
‫قصة يونس عليه السالم مذكورة هنا‪ ,‬ويف سورة الصافات‪ ,‬ويف سورة ن وهناك اش‪++‬ارة اليه‪++‬ا يف س‪++‬ورة‬
‫يونس ‪ .‬راجع صفحة ‪ ٤٩٨‬رقم االية ‪ ٩٨‬يونس‪.‬‬
‫مالحظ‪++‬ة ‪ :‬ان ح‪++‬وت العن‪++‬رب ق‪++‬د يص‪++‬ل طول‪++‬ه اىل ان يك‪++‬ون تس‪++‬عني م‪++‬رتا‪ .‬وه‪++‬و يس‪++‬تطيع ان ي‪++‬زدرد مسكة‬
‫القرش اهلائلة ويهضمها على مهل‪.‬‬
‫(‪" - )١‬جني" ق‪++‬رأ ابن ع‪++‬امر واب‪++‬وبكر بتش‪++‬ديد اجليم على ان اص‪++‬له "ننجي" فح‪++‬ذفت الن‪++‬ون الثاني‪++‬ة‪ .‬كم‪++‬ا‬
‫ح ‪++‬ذفت الت ‪++‬اء الثاني ‪++‬ة يف "تظ ‪++‬اهروا" ‪ .‬فلفظ ‪++‬ة "املؤم ‪++‬نني" مفع ‪++‬ول ب ‪++‬ه لـ "جني" او "جني" فع ‪++‬ل م ‪++‬اض مب ‪++‬ين للمفع ‪++‬ول‬
‫والن‪++‬ائب عن الفاع‪++‬ل ض‪++‬مري املص‪++‬در‪ .‬أي ‪ :‬جني ه‪++‬و‪ .‬أي‪ :‬االجناء ‪ .‬ونظ‪++‬ريه ‪" :‬ليج‪++‬زى قوم‪++‬ا" عن‪++‬د من ق‪++‬رأ"جيزى"‬
‫بالبناء للمفعول والنائب ضمري املصدر‪ .‬أي‪" :‬ليجزى ه‪+‬و" أي‪ :‬اجلزاء‪ .‬ونياب‪+‬ة املص‪+‬در عن الفاع‪+‬ل للفع‪++‬ل املتع‪++‬دي‪.‬‬
‫وج‪++‬وز ذل‪++‬ك بعض‪++‬هم‪ .‬واجلمه‪++‬ور بن‪++‬ونني‪ .‬ولكن الث‪++‬ابت يف املص‪++‬احف بن‪++‬ون واح‪++‬دة‪ .‬ولع‪++‬ل الص‪++‬حابة ح‪++‬ذفوا الن‪++‬ون‬
‫لتمكن موافقة قراءة ابن عامر خلفائها‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬عن سعد بن ايب وقاص رضي اهلل عنه قال‪ :‬مررت بعثمان بن عف‪++‬ان رض‪+‬ي اهلل عن‪+‬ه يف املس‪+‬جد‬
‫فسلمت عليه‪ ,‬فمأل عينيه مين‪ ,‬مث مل يرد علي السالم‪ .‬فاتيت عمر بن اخلطاب‪ .‬فقلت‪ :‬يا امري املؤمنني هل حدث‬
‫يف االسالم شيء ؟ مرتني‪ .‬قال‪ :‬ال وماذاك ؟ قلت ‪ :‬ال اال اين مررت بعثمان آنفا يف املسجد فسلمت عليه فمأل‬
‫عيني‪++‬ه م‪++‬ين فلم ي‪++‬رد علي الس‪++‬الم‪ .‬ق‪++‬ال‪ :‬فارس‪++‬ل عم‪++‬ر اىل عثم‪++‬ان ف‪++‬دعاه‪ .‬فق‪++‬ال‪ :‬م‪++‬ا منع‪++‬ك ان ال تك‪++‬ون رددت على‬
‫اخي‪++‬ك الس‪++‬الم؟ ق‪++‬ال‪ :‬م‪++‬ا فعلت‪ .‬ق‪++‬ال س‪++‬عد‪ .‬قلت‪ :‬بلىح‪++‬ىت حل‪++‬ف وحلفت‪ .‬ق‪++‬ال‪ :‬مث ان عثم‪++‬ان ذك‪++‬ر‪ .‬فق‪++‬ال‪ :‬بلى‬
‫واستغفراهلل واتوب اليه انك مررت يب آنفا وانا احدث نفسي بكلمة مسعتها من رس‪++‬ول اهلل ‪ ‬ال واهلل م‪++‬ا ذكرهتا‬
‫قط اال ان تغشى بصري وقليب غشاوة‪ .‬قال سعد ‪ :‬فانا انبئك هبا ‪ :‬ان رسول اهلل ‪ ‬ذكر لنا اول دع‪++‬وة‪ .‬مث ج‪++‬اء‬
‫اعرايب فشغله ح‪+‬ىت ق‪+‬ام رس‪+‬ول اهلل ‪ ‬فاتبعت‪+‬ه فلم‪+‬ا اش‪+‬فقت ان يس‪+‬بقين اىل منزل‪+‬ه ‪ ,‬ض‪+‬ربت بق‪+‬دمي االرض ف‪+‬التفت‬
‫ايل رس ‪++‬ول اهلل ‪ : ‬من ه ‪++‬ذا اب ‪++‬و اس ‪++‬حق؟ ق ‪++‬ال ‪ :‬قلت ‪ :‬نعم ي ‪++‬ا رس ‪++‬ول اهلل‪ .‬ق ‪++‬ال‪ :‬فم ‪++‬ه‪ .‬قلت ‪ :‬ال واهلل اال ان ‪++‬ك‬
‫ذكرت لنا اول دعوة مث جاء ه‪+‬ذا االع‪+‬رايب فش‪+‬غلك ؟ ق‪+‬ال نعم دع‪+‬وة ذي الن‪+‬ون اذ ه‪+‬و يف بطن احلوت‪" .‬ال ال‪+‬ه اال‬
‫انت سبحانك اين كنت من الظاملني"‪ .‬فانه مل يدع هبا مسلم ربه يف شيء فقد اال استجاب له‪ .‬رواه االمام امحد‪.‬‬
‫اآليات ‪ ٩١-٨٩‬في زكريا ويحيى عليه السالم‬ ‫‪٤٩١‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وزكري ‪++‬ا إذ ن ‪++‬ادى رب ‪++‬ه رب ال ت ‪++‬ذرين ف ‪++‬ردا وأنت خ ‪++‬ري ال ‪++‬وارثني ‪ ٨٩‬فاس ‪++‬تجبنا ل ‪++‬ه ووهبن ‪++‬ا ل ‪++‬ه حيىي‬
‫وأصلحنا له زوجه إهنم كانوا يسرعون يف اخلريت ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لناخشعني ‪ ٩٠‬واليت‬
‫احصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا‬
‫(و) اذك ‪++‬ر (زكريا) ويب ‪++‬دل من ‪++‬ه (اذ نادىربه) بقول ‪++‬ه (رب الت‪F‬ذرني ف‪F‬ردا) أي‪:‬بالول ‪++‬د يرث ‪++‬ين (وانت‬
‫خيرالوارثين) الب‪++‬اقي بع‪++‬د فن‪++‬اء خلق‪++‬ك(‪()١‬فاستجبناله) ن‪++‬داءه (ووهبناله يحيى) ول‪++‬دا (واصلحنا له‬
‫زوجه) ف‪++‬اتت بالول‪++‬د بع‪++‬د عقمه‪++‬ا(‪( )٢‬إنهم) أي‪ :‬من ذك‪++‬ر من االنبي‪++‬اء(‪( )٣‬كانوا يسارعون) يب‪++‬ادرون‬
‫(في الخيرات)الطاع ‪++‬ات(ويدعوننا رغبا)يف رمحتن ‪++‬ا(ورهبا)من ع ‪++‬ذابنا(وكانوالناخاشعين) متواض ‪++‬عني‬
‫يف عبادهتم(‪(.)٤‬و)اذكرمرمي(التي احصنت فرجها)حفظته من انينال(‪()٥‬فنفخنافيهامن روحنا)(‪)٦‬‬
‫االيات ‪ ٩١ -٨٩‬في زكريا ويحيى ومريم عليهم السالم‬
‫(‪ - )١‬أي ‪ :‬ف‪++‬ان مل ترزق‪++‬ين من يرث‪++‬ين فال اب‪++‬ايل ‪ ,‬فان‪++‬ك خ‪++‬ري وارث‪ .‬أي‪ :‬ب‪++‬اق‪ .‬يري‪++‬د ه‪++‬و ان يك‪++‬ون من‬
‫ذريت‪++‬ه من حيس‪++‬ن اخلالف‪++‬ة بع‪++‬ده يف اهل‪++‬ه ودين‪++‬ه ومال‪++‬ه‪ .‬مث رد ام‪++‬ره اىل اهلل مستس‪++‬لما ‪ .‬وم‪++‬ا يئس زكري‪++‬ا الن اهلل ه‪++‬و‬
‫وارث العقيدة ووارث املال‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬وكانت عقيمة ال تصلح للنسل‪ .‬واالستجابة كانت سريعة ومباشرة‪.‬‬
‫(‪ - ) ٣‬سابقا عليهم السالم‪ .‬فضمائر اجلميع لالنبياء املتقدمني‪ .‬وقيل لزكريا وزوجه وحيىي‪.‬‬
‫واغلب االنبياء الذين عرفناهم ظهروا شرق البحر املتوسط وجنوبه يف مناطق ف‪++‬اقت هبا اهم احلض‪++‬ارات‬
‫القدمية‪ .‬وك‪++‬أهنم اعض‪++‬اء هيئ‪++‬ة ت‪++‬دريس يف معه‪++‬د عمي‪++‬ده حمم‪++‬د ‪ ‬وطالب‪++‬ه اه‪++‬ل االرض كلهم‪ .‬وخالص‪++‬ة تع‪++‬اليمهم‬
‫مودعة يف القرآن الكرمي‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬أي‪ :‬اهنم اس ‪++ + +‬تحقوا االجاب ‪++ + +‬ة اىل طلب ‪++ + +‬اهتم ملب ‪++ + +‬ادرهتم اب ‪++ + +‬واب اخلري ومس ‪++ + +‬ارعتهم يف حتص ‪++ +‬يلها‪.‬‬
‫ودع‪++‬اءهم رغب‪++‬ا ورهب‪++‬ا وخش‪++‬وعهم‪ .‬وال يع‪++‬ين ه‪++‬ذا ان اهلل ال يس‪++‬تجيب اال ملن ه‪++‬ذا ش‪++‬أنه‪ .‬الن اهلل قص علين‪++‬ا ه‪++‬ذا‬
‫لريفع مهمنا اليه‪.‬‬
‫عن عبد اهلل بن حكيم قال‪ :‬خطبنا ابو بكر رضي اهلل عنه‪ .‬مث ق‪+‬ال‪ :‬ام‪+‬ا بع‪+‬د ‪ ,‬ف‪+‬اين اوص‪+‬يكم بتق‪+‬وى اهلل‬
‫وتثن‪++‬وا علي‪++‬ه مبا ه‪++‬و ل‪++‬ه اه‪++‬ل وختلط‪++‬وا الرغب‪++‬ة بالرهب‪++‬ة وجتمع‪++‬وا االحلاف باملس‪++‬ألة ف‪++‬ان اهلل ع‪++‬ز وج‪++‬ل اث‪++‬ين علي زكري‪++‬ا‬
‫واهل بيته‪ ,‬فقال ‪" :‬اهنم كانوا يسارعون يف اخلريات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعني" رواه ابن ايب حامت‪.‬‬
‫واهلل جييب دع ‪++‬اء ال‪++‬داعني يف أي مك ‪++‬ان‪ .‬ل‪++‬ذا ق‪++‬ال ‪" :‬ال تفض‪++‬لوين على ي ‪++‬ونس بن م ‪++‬ىت ف‪++‬اين مل اكن‬
‫وان ‪++‬ا يف س ‪++‬درة املنتهى ب ‪++‬أقرب اىل اهلل من ‪++‬ه وه ‪++‬و يف قع ‪++‬ر البح ‪++‬ر يف بطن احلوت"‪ .‬رواه الش ‪++‬يخان وأب ‪++‬وداود عن إبن‬
‫عباس بلفظ آخر‪.‬‬
‫(‪ - ) ٥‬أي‪ :‬احصنته وصانته من كل مباشرة شرعية اوغري شرعية‪ .‬كما يدل عليه ‪" :‬ومل ميسس‪+‬ين بش‪+‬ر‬
‫ومل أك بغيا" (مرمي ‪ )٢٠‬ويطلق االحصان على الزوج بالتبعي‪+‬ة الن‪+‬ه حيص‪+‬ن من الوق‪+‬وع يف الفاحش‪+‬ة ‪ .‬ام‪+‬ا هن‪+‬ا املراد‬
‫معناه االصيل‪ .‬وه‪+‬و الص‪+‬ون واحلف‪+‬ظ‪ .‬ومل ي‪+‬ذكر اس‪+‬م م‪+‬رمي الن املقص‪+‬ود يف سلس‪+‬لة االنبي‪+‬اء ه‪+‬و ابنه‪+‬ا علي‪+‬ه الس‪+‬الم‪.‬‬
‫وقد جائت هي تبعا له يف السياق‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬أي ‪ :‬من روح خلقن‪++‬اه بال توس‪++‬ط اص‪++‬ل‪ .‬واض‪++‬يف اىل اهلل تع‪++‬اىل تش‪++‬ريفا‪ .‬راج‪+‬ع ص‪++‬فحة ‪٤٧٨ :‬‬
‫رقم االي‪++‬ة‪ ٤٥ :‬آل عم‪++‬ران) ‪ .‬وجيوز ان يك‪++‬ون املراد ب‪++‬ه جربي‪++‬ل علي‪++‬ه الس‪++‬الم‪" :‬فارس‪++‬لنا اليه‪++‬ا روحن‪++‬ا" كم‪++‬ا ج‪++‬رى‬
‫عليه الشارح‪ .‬فالنفخ اذن حقيقة ‪ ,‬واسناده اليه سبحانه جماز‪.‬‬
‫اآليات‪٩٧-٩٢‬في الوحدة الكبرىعندالرسل جميعا‬ ‫‪٤٩٢‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وجعلنه‪+‬ا وابنه‪+‬ا ءاي‪+‬ة للعلمني‪ ٩١‬إن ه‪+‬ذه أمتكم أم‪+‬ة واح‪+‬دة وأن‪+‬ا ربكم فاعب‪+‬دون‪ ٩٢‬وتقطع‪+‬وا‬
‫أمرهم بينهم‬

‫أي‪ :‬جربي‪++ +‬ل حيث نفخ يف جيب درعه‪++ +‬ا فحملت بعيس‪++ +‬ى(‪( )١‬وجعلناها وابنها آي‪FF‬ة للع‪FF‬المين) اإلنس‬
‫واجلن واملالئك ‪++ +‬ة‪ ،‬حيث ولدت ‪++ +‬ه من غ ‪++ +‬ري فح ‪++ +‬ل(‪( ،)٢‬إن ه‪FF‬ذه) أي‪ :‬مل‪++ +‬ة اإلس‪++ +‬الم (أمتكم) دينكم أيه ‪++ +‬ا‬
‫املخ ‪++‬اطبون‪،‬أي‪:‬جيب أن تكون ‪++‬وا عليه ‪++‬ا(أمة واحدة)(‪)٣‬ح ‪++‬ال الزم ‪++‬ة (وأناربكم فاعبدون) وح ‪++‬دون(‪)٤‬‬
‫(وتقطعوا) أي‪ :‬بعض املخاطبني(‪( )٥‬أمرهم بينهم) أي‪ :‬تفرقواأمر دينهم متخالفني فيه(‪،)٦‬‬

‫(‪ - )١‬أي‪ :‬نفخنا الروح يف عيسى ‪ -‬احلمل ‪ -‬يف بطنها ‪ .‬أي‪ :‬أحييناه يف جوفها ‪ -‬وليس هن‪++‬اك نفخ‬
‫حقيقة‪ .‬كما أشرنا إليه‪.‬‬
‫ويالح‪++‬ظ ‪ :‬أن الض‪++‬مري هن‪++‬ا عائ‪++‬د إىل م‪++‬رمي‪ .‬واملقص‪++‬ود إحي‪++‬اء عيس‪++‬ى يف جوفه‪++‬ا ال إحي‪++‬اء م‪++‬رمي كم‪++‬ا ه‪++‬و‬
‫الظاهر ‪ .‬والنفخ هنا شائع فال حيدد موضعه كما يف سورة التحرمي‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬وهي آي‪++‬ة ف‪++‬ذة يف ت‪++‬اريخ البش‪++‬رية مجيع‪++‬ا غ‪++‬ري مس‪++‬بوقة وال ملحوق‪++‬ة‪ .‬يكفي الواح‪++‬د من ه‪++‬ذا الن‪++‬وع‬
‫لندرك يد القدرة الطليقة اليت ختل‪+‬ق الن‪+‬واميس ‪ .‬ونظ‪+‬ري اآلي‪+‬ة قول‪+‬ه س‪+‬بحانه ‪" :‬ولنجعل‪+‬ه آي‪+‬ة للن‪+‬اس" (م‪++‬رمي‪ )٢١ :‬ومل‬
‫يقل آيتني ‪ :‬ألن معىن الكالم‪ :‬وجعلنا شأهنما وأمرمها وقصتهما آية للعاملني‪ .‬أو أن اآلية واحدة ‪.‬وهي ال‪++‬والدة من‬
‫غري مباشرة رجل ‪.‬‬
‫اآليات ‪ ٩٧-٩٢‬في الوحدة الكبرى عند الرسل جميعا‬
‫(‪ - )٣‬أي‪ :‬إن ه ‪++‬ذه األم ‪++‬ة ‪ -‬أي‪ :‬مل ‪++‬ة التوحي ‪++‬د أو مل ‪++‬ة اإلس ‪++‬الم ‪ -‬املتمثل ‪++‬ة بالرس ‪++‬ل عليهم الس ‪++‬الم من‬
‫ل‪++‬دن آدم إىل حمم‪++‬د ص‪++‬لى اهلل علي‪++‬ه وس‪++‬لم هي مل‪++‬ة واح‪++‬دة وش‪++‬ريعة واح‪++‬دة ‪ -‬غ‪++‬ري خمتلف‪++‬ة فيم‪++‬ا بني األنبي‪++‬اء ‪ -‬ت‪++‬دين‬
‫بعقي‪++‬دة واح‪++‬دة وهنج واح‪++‬د ‪ .‬ه‪++‬و االجتاه إىل اهلل دون س‪++‬واه ‪.‬فال اختالف يف أص‪++‬ول العقي‪++‬دة واألخالق والعب‪++‬ادة ‪.‬‬
‫وإمنا االختالف يف الف‪++‬روع واجلزئي‪++‬ات واألش‪++‬كال حبس‪++‬ب اختالف األزمن‪++‬ة والعص‪++‬ور كم‪++‬ا يش‪++‬ري إلي‪++‬ه قول‪++‬ه تع‪++‬اىل ‪:‬‬
‫"لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" (املائدة‪)٤٨ :‬‬
‫وقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬حنن معاشر األنبياء أوالد عالت ديننا واحد" رواه اإلمام أمحد‬
‫والشيخان وأبو داود ‪ .‬يعين أن املقصود هو عبادة اهلل وحده ال شريك له بشرائع متنوعة لرسله‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬أم ‪++‬ة واح ‪++‬دة يف األرض ورب واح ‪++‬د يف الس ‪++‬ماء ال إل ‪++‬ه غ ‪++‬ريي وال معب ‪++‬ود إال إي ‪++‬اي‪ .‬فاعب ‪++‬دوين‬
‫وحدي وال تشركوا معي شيئا آخر من ملك أوبشر أوحجر أو صنم ‪ .‬بعد استعراض مناذج من الرسل واالبتالء‪.‬‬
‫ورمحة اهلل يعقب بالغرض الذي هو هدف هذا االستعراض‪.‬‬
‫(‪ - ) ٥‬واصل الكالم‪ .‬وتقطعتم أمركم بينكم ‪-‬على اخلطاب‪ -‬فالتفت إىل الغيبة لينعى عليهم ما فعل‪++‬وا‬
‫من التف‪++‬رق يف ال‪++‬دين وجعل‪++‬ه قطع‪++‬ا موزع‪++‬ة ‪ .‬وينهى ذل‪++‬ك إىل اآلخ‪++‬رين‪ .‬كأن‪++‬ه قي‪++‬ل ‪ :‬أال ت‪++‬رون إىل عظم م‪++‬ا ارتكب‬
‫هؤالء يف دين اهلل تعاىل الذي أمجعت عليه كافة األنبياء عليهم السالم‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬أي‪ :‬وتقطع اتباع الرس‪+‬ل أم‪++‬رهم بينهم فك‪+‬ل أخ‪+‬ذ جبزء وقطع‪++‬ة ‪ .‬فمن موح‪+‬د ومن يه‪+‬ودي ومن‬
‫نص‪++‬راين ومن عاب‪++‬د مل‪++‬ك أوص‪++‬نم ‪ -‬م‪++‬ع وح‪++‬دة أم‪++‬ة الرس‪++‬ل ووح‪++‬دة القاع‪++‬دة ال‪++‬يت تق‪++‬وم عليه‪++‬ا الرس‪++‬االت ‪ -‬وذهب‬
‫هتاونا بينهم اجلدل وكثر بينهم اخلالف‪ .‬وهاجت هبم العداوة والبغض‪+‬اء ح‪+‬ىت ليقت‪+‬ل بعض‪+‬هم بعض‪+‬ا باس‪+‬م العقي‪+‬دة ‪.‬‬
‫والعقيدة واحدة وأمة الرسل كلها واحدة‪ ،‬إال هذه األمة املسلمة فقد أخذت أمر األنبياء كله‪.‬‬
‫وزاد يف موضع آخر أن كل حزب من األحزاب املختلفة فرحون مبا عندهم ‪" :‬يا أيها الرسل كل‪++‬وا من‬

‫اآليات‪٩٧-٩٢‬في الوحدة الكبرىعندالرسل جميعا‬ ‫‪٤٩٣‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫كل إلينا رجعون‪ ٩٣‬فمن يعم‪+‬ل من الص‪+‬لحات وه‪+‬و م‪+‬ؤمن فال كف‪+‬ران لس‪+‬عيه وإن‪+‬ا ل‪+‬ه كتب‪+‬ون‪٩٤‬‬
‫‪‬‬
‫وهم ‪ :‬طوائ ‪++‬ف اليه ‪++‬ود والنص ‪++‬ارى ‪ ،‬ق ‪++‬ال تع ‪++‬اىل ‪( :‬كل إلينا راجعون)(‪ )١‬أي‪ :‬فنجازي ‪++‬ه بعمل ‪++‬ه‪( .‬فمن‬
‫يعمل من الصالحات وهو مؤمن فال كفران) أي‪ :‬ال جح ‪++‬ود (لسعيه(‪ )٢‬وإنا له كاتبون) ب ‪++‬أن ن ‪++‬أمر‬
‫احلفظة بكتبه(‪ ،)٣‬فنجازيه عليه‪.‬‬
‫الطيبات واعملوا صاحلا إين مبا تعملون عليم وإن هذه أمتكم أم‪++‬ة واح‪+‬دة وأن‪++‬ا ربكم ف‪+‬اتقون فتقطع‪++‬وا أم‪++‬رهم بينهم‬
‫زبرا كل ح‪+‬زب مبا ل‪+‬ديهم فرح‪+‬ون ف‪+‬ذرهم يف غم‪+‬رهتم ح‪+‬ىت حني" (املؤمن‪+‬ون‪ )٥٤-٥١ :‬قول‪+‬ه يف ه‪+‬ذه اآلي‪+‬ة "زب‪+‬را"‬
‫أي‪ :‬قطع ‪++‬ا كزب ‪++‬ر احلدي ‪++‬د والفض ‪++‬ة أي‪ :‬قطعه ‪++‬ا‪ .‬وقول ‪++‬ه "ك ‪++‬ل ح ‪++‬زب مبا ل ‪++‬ديهم فرح ‪++‬ون" أي‪ :‬ك ‪++‬ل فرق ‪++‬ة من ه ‪++‬ؤالء‬
‫الفرق الضالني املختلفني املنقطعني دينهم قطعا ‪ -‬فرحون بباطلهم مطمئنون إليه معتقدون أنه هو احلق‪.‬‬
‫وق‪++‬د بني ج‪++‬ل وعال يف غ‪++‬ري ه‪++‬ذا املوض‪++‬ع ‪ :‬إن م‪++‬ا فرح‪++‬وا ب‪++‬ه واطم‪++‬أنوا إلي‪++‬ه باط‪++‬ل‪" .‬فلم‪++‬ا ج‪++‬اءهتم رس‪++‬لهم‬
‫بالبين ‪++‬ات فرح ‪++‬وا مبا عن ‪++‬دهم من العلم وح ‪++‬اق هبم م ‪++‬ا ك ‪++‬انوا ب ‪++‬ه يس ‪++‬تهزؤون فلم ‪++‬ا رأوا بأس ‪++‬نا ق ‪++‬الوا آمن ‪++‬ا باهلل وح ‪++‬ده‬
‫وكفرنا مبا كنا به مشركني" وقال‪" :‬إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم يف شيء إمنا أم‪++‬رهم إىل اهلل مث‬
‫ينبئهم مبا كانوا يفعلون"‬
‫واالختالف يف الدين ظاهرة شائعة ‪ -‬املسلمون واليهود والنصارى وغريهم س‪+‬واء ‪ -‬ل‪+‬ذا نعى اهلل تع‪+‬اىل‬
‫التفرق يف أمر الدين ‪ ،‬وذمهم ملخالفتهم احلق وندد بغري املسلمني اختاذهم آهلة من دون اهلل‪.‬‬
‫قال رسول اهلل ‪":‬تفرقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعني فرقة فهلكت سبعون وخلصت فرق‪++‬ة وإن‬
‫أم‪++‬يت س‪++‬تفرتق على‪++‬اثنني وس‪++‬بعني فرق‪++‬ة فتهل‪++‬ك إحدىوس‪++‬بعون فرق‪++‬ة وختلص فرق‪++‬ة واح‪++‬دة‪ .‬ق‪++‬الوا‪:‬يارس‪++‬ول اهلل من تل‪++‬ك‬
‫الفرقة الناجية؟ قال‪ :‬اجلماعة‪ ،‬اجلماعة"رواه اإلمام أمحد‪ .‬وهذايفس‪+‬ر قول‪+‬ه تع‪+‬اىل‪" :‬إن ه‪+‬ذه أمتكم" املرادب‪+‬ه اجلماع‪+‬ة‬
‫املتمسكة مبا بينه اهلل تعاىل يف هذه السورة من التوحيد والنبوات‪ .‬وقوله ‪ ‬إهنا‪ -‬أي‪:‬الناجية ‪ -‬اجلماع‪++‬ة يش‪++‬ري إىل‬
‫أمة اإلميان‪ ،‬ولكن املراد بقوله‪" :‬ستفرتق أميت" أي‪ :‬يف حال من األحوال وال يدل على أهنم يدخلون يف النار‪.‬‬
‫(‪ - )١‬فمرجع اجلميع من هؤالء الفرق املختلفة إىل حكم اهلل وحده‪ .‬وهو الذي يت‪+‬وىل حس‪+‬اهبم ويعلم‬
‫ما كانوا عليه من هدى أو ضالل ‪ .‬فيجازيهم‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬ه ‪++‬ذا ه ‪++‬و ق ‪++‬انون العم ‪++‬ل الص ‪++‬احل ‪ -‬فرض ‪++‬ا أو نفال ‪ -‬واجلزاء ‪ .‬ال جح ‪++‬ود وال كف ‪++‬ران لعمل ‪++‬ه ال‬
‫ض‪+‬ياع لس‪+‬عيه ‪ -‬مهم‪+‬ا ص‪+‬غر ‪ -‬وال بطالن لث‪+‬واب عمل‪+‬ه وال يغيب ‪ .‬م‪++‬ىت ق‪+‬ام على قاع‪+‬دة اإلميان موافق‪++‬ا ملنه‪+‬اج اهلل‬
‫تع‪++ +‬اىل وه‪++ +‬و مكت‪++ +‬وب عن‪++ +‬د اهلل ‪" :‬فاس‪++ +‬تجاب هلم رهبم أين ال أض‪++ +‬يع عم‪++ +‬ل عام‪++ +‬ل منكم من ذك‪++ +‬ر أو أن‪++ +‬ثى" (آل‬
‫عمران ‪" )١٩٦ :‬إن الذين آمن‪+‬وا وعمل‪+‬وا الص‪+‬احلات إن‪+‬ا ال نض‪+‬يع أج‪+‬ر من أحس‪+‬ن عمال" (الكه‪+‬ف‪ )٢٠ :‬ومنه‪+‬ا ‪:‬‬
‫"ومن أراد اآلخرة وسعى هلا سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا" (اإلسراء‪)١٩ :‬‬
‫"من" للتبعيض ال للجنس‪ .‬إذ ال قدرة للمكل‪+‬ف أن ي‪+‬أيت جبمي‪+‬ع الطاع‪+‬ات كله‪+‬ا فرض‪+‬ها ونفله‪+‬ا ‪ .‬واملراد‬
‫بـ"فال كفران لسعيه" نفي اجلنس‪.‬‬
‫وال قيمة للعمل الصاحل إال إذا قام على أسس اإلميان‪ .‬وما ال يربط مبنهج مرسوم ليس إال مصادفة ع‪++‬ابرة‬
‫وإن ه‪+‬و ش‪+‬هوة أو ن‪+‬زوة غ‪+‬ري موص‪+‬ولة بالب‪+‬اعث األص‪+‬يل للعم‪+‬ل الص‪+‬احل يف ه‪+‬ذا الوج‪+‬ود‪ .‬واإلميان بال مثرة إميان خام‪+‬د‬
‫كال إميان فالجزاء عليه إذن‪ .‬فال بد من قيام األعمال الصاحلة على اإلميان لتكون مثرة اإلميان‪ .‬فهناك حيازة الفوز‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬والك ‪++‬اتبون هم احلفظ ‪++‬ة ب ‪++‬أمر اهلل ‪ .‬واملكت ‪++‬وب ه ‪++‬و الس ‪++‬عي‪ .‬واملكت ‪++‬وب في ‪++‬ه ص ‪++‬حائف األعم ‪++‬ال‪.‬‬
‫(راج‪++‬ع ص‪++‬فحة ‪ ، ١٥٤ :‬رقم اآلي‪++‬ة ‪ ١٧٢ :‬األع‪++‬راف ‪ ،‬وص‪++‬فحة‪ ، ٢٤١ :‬رقم اآلي‪++‬ة ‪ ١٣ :‬اإلس‪++‬راء ‪ ،‬وص‪++‬فحة ‪:‬‬
‫‪ ، ٣٢٤‬رقم اآلية ‪ ٤٩ :‬الكهف‪.‬‬
‫اآليات‪٩٧-٩٢‬في الوحدة الكبرىعندالرسل جميعا‬ ‫‪٤٩٤‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وح ‪++‬رام على قري ‪++‬ة أهلكنه ‪++‬ا أهنم ال يرجع ‪++‬ون‪ ٩٥‬ح ‪++‬ىت إذا فتحت ي ‪++‬أجوج وم ‪++‬أجوج وهم من ك ‪++‬ل‬
‫حدب ينسلون‪ ٩٦‬واقرتب الوعد احلق فإذا هي شخصة أبصر الذين كفروا‬

‫(وحرام على قرية أهلكناها) أريد أهلها (أنهم ال) زائ‪++‬دة (يرجعون) أي‪ :‬ممتن‪++‬ع رج‪++‬وعهم إىل ال‪++‬دنيا(‬
‫‪( )١‬حتى) غاي‪++ +‬ة المتن‪++ +‬اع رج‪++ +‬وعهم (إذا فتحت) ب‪++ +‬التخفيف والتش ‪++‬ديد(‪( )٢‬يأجوج ومأجوج) ب ‪++‬اهلمز‬
‫وترك‪++‬ه(‪ ،)٣‬امسان أعجمي‪++‬ان لقبيل‪++‬تني‪ ،‬ويق‪++‬در قبل‪++‬ه مض‪++‬اف‪ ،‬أي‪ :‬س‪++‬دمها ‪ ،‬وذل‪++‬ك ق‪++‬رب القيام‪++‬ة (وهم(‪)٤‬‬
‫من كل حدب) مرتفع من األرض (ينسلون) يسرعون(‪( )٥‬واقترب الوعد الحق) أي‪ :‬ي‪++‬وم القيام‪++‬ة(‪)٦‬‬
‫(فإذا هي) أي‪ :‬القصة (شاخصة أبصار الذين كفروا)(‪ )٧‬يف ذلك اليوم لشدته‪.‬‬

‫(‪ - )١‬فاملعىن هي نفي رجعة الق‪+‬رى إىل احلي‪+‬اة يف ال‪+‬دنيا بع‪+‬د إهالكه‪+‬ا ‪ .‬أو املع‪+‬ىن ‪ -‬بإض‪+‬مار يف الكالم‬
‫‪ -‬ح‪++‬رام على قري‪++‬ة حكمن‪++‬ا باستئص‪++‬اهلا أو ب‪++‬اخلتم على قلوهبا أن يتقب‪++‬ل منهم‪ .‬ألهنم ال يرجع‪++‬ون أي ‪ :‬ال يتوب‪++‬ون ‪.‬‬
‫وكالمها تأويل ال داعي له‪ .‬إذ ال فائدة يف أن املراد ‪ :‬وحرام على قرية أهلكناها أن يرجعوا إىل الدنيا ‪.‬‬
‫والظ ‪++‬اهر أن "ال" غ ‪++‬ري زائ ‪++‬دة ‪ .‬كم ‪++‬ا ه ‪++‬و ال ‪++‬راجح عن ‪++‬د بعض ‪++‬هم‪ .‬ف ‪++‬املعىن ‪ :‬الق ‪++‬رى ال ‪++‬يت أهلكت بع ‪++‬ذاب‬
‫االستئص‪+‬ال س‪++‬تعود ك‪++‬ذلك حتم‪++‬ا لتن‪++‬ال جزائه‪+‬ا األخ‪+‬ري ‪ .‬وع‪++‬دم عودهتا ممتنع‪++‬ة ‪ .‬وأف‪+‬رد الس‪++‬ياق ه‪++‬ذه الق‪++‬رى بال‪+‬ذكر‬
‫بعد "كل إلينا راجعون" ألنه خيطر للذهن أن هالكها يف الدنيا كان هناية أمرها وهناية حساهبا وجزائها‪.‬‬
‫وقرأ أبوبكر ومحزة والكسائي "وحرم" بكسر احلاء وسكون الراء‪.‬‬
‫"ال يرجعون" مرفوع باالبتداء ‪ ،‬خربه " حرام" أو "حرام" مبتدأ ‪ .‬و"أهنم " فاعل س‪++‬اد مس‪++‬د خ‪+‬ربه وإن‬
‫مل يعتمد على نفي ‪ ،‬أو استفهام على مذهب األخفش والكوفيني‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬قرأ ابن عامر ويعقوب "فتحت" بالتشديد واجلمهور بالتخفيف‪.‬‬
‫"ح‪++‬ىت" غاي‪++‬ة ملا ي‪++‬دل علي‪++‬ه م‪++‬ا قبله‪++‬ا أو غاي‪++‬ة للحرم‪++‬ة‪ .‬أي‪ :‬يس‪++‬تمر امتن‪++‬اع رج‪++‬وعهم إىل التوب‪++‬ة ح‪++‬ىت إذا‬
‫ق ‪++‬امت القيام ‪++‬ة يرجع ‪++‬ون إليه ‪++‬ا‪ .‬أو غاي ‪++‬ة للحرم ‪++‬ة‪ .‬أي‪ :‬يس ‪++‬تمر امتن ‪++‬اع رج ‪++‬وعهم إىل التوب ‪++‬ة ح ‪++‬ىت إذا ق ‪++‬امت القيام ‪++‬ة‬
‫يرجعون إليها‪ .‬أو غاية لعدم الرجوع عن الكفر أي‪ :‬ال يرجعون عنه إىل قيام الساعة وظه‪++‬ور أماراهتا ‪ -‬وه‪++‬و فتح‬
‫سد يأجوج ومأجوج ‪ -‬فإذا قامت القيامة يرجعون عنده وهو حني ال ينفعهم ذلك‪ .‬مبين على األقوال السابقة‪.‬‬
‫وحيتم ‪++‬ل أن تك ‪++‬ون "ح ‪++‬ىت" متعلق ‪++‬ة بـ"تقطع ‪++‬وا" ‪ .‬أي‪ :‬ال يزال ‪++‬ون خمتلفني غ ‪++‬ري جمتمعني على دين احلق إىل‬
‫ق‪++‬رب جميء الس‪++‬اعة‪ .‬ف‪++‬إذا ج‪++‬اءت انقط‪++‬ع االختالف وعلم اجلمي‪++‬ع أن م ‪++‬والهم احلق ‪ .‬وإن ال‪++‬دين املنجي ك‪++‬ان دين‬
‫التوحيد‪ .‬وهذا أوىل لوال كثرة الفصل‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬قرأ عاصم وحده "يأجوج ومأجوج" باهلمز‪ ،‬واجلمهور بالتسهيل‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬أي‪ :‬يأجوج وم‪++‬أجوج‪ .‬أو الن‪+‬اس مجيع‪++‬ا ‪ .‬أي‪ :‬إىل خ‪+‬روج الن‪+‬اس من قب‪+‬ورهم مقبلني من ح‪+‬دب‬
‫‪ -‬مرتفع من األرض ‪ -‬وذلك حيصل عند قيام الساعة‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬ويظل املنع من رجوعهم إىل فتح سد يأجوج وم‪+‬أجوج ‪ .‬واملقص‪+‬ود هن‪+‬ا ه‪+‬و وص‪+‬ف ذل‪+‬ك الي‪+‬وم‬
‫حني جييء بص ‪++‬ورة هي ت ‪++‬دفق ي ‪++‬أجوج وم ‪++‬أجوج من ك ‪++‬ل نش ‪++‬ز يف األرض يف س ‪++‬رعة واض ‪++‬طراب ‪ .‬راج ‪++‬ع ص ‪++‬فحة‪:‬‬
‫‪ ٣٤٨‬رقم اآلية ‪ ٩٧ :‬الكهف‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬فإنه إذا تفتح يأجوج ومأجوج يكون قد تشارف‪.‬‬
‫(‪ - )٧‬أي‪:‬مرتفع‪++‬ة األجف‪++‬ان التك‪++‬اد تط‪++‬رف‪ .‬وهوتفج‪++‬ع املفج‪++‬وء ال‪++‬ذي تنكش‪++‬ف ل‪++‬ه احلقيق‪++‬ة املروع‪++‬ة بغت‪++‬ة‪.‬‬
‫فيذهل ويشخص بصره‪.‬فاليطرف من هول ماهوفيه‪.‬ويدعوبالويل واهلالك‪.‬ويعرتف ويندم‪ ،‬ولكن بعدفوات األوان‪.‬‬
‫اآليات ‪ ١٠٠-٩٨‬في نهاية الكافرين‬ ‫‪٤٩٥‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫يويلنا قد كنا يف غفلة من هذا بل كنا ظلمني‪ ٩٧‬إنكم وما تعبدون من دون اهلل حص‪++‬ب جهنم أنتم‬
‫هلا وردون‪ ٩٨‬لو كان هؤالء ءاهلة ما وردوها وكل فيه‪+‬ا خل‪+‬دون‪ ٩٩‬هلم فيه‪+‬ا زف‪+‬ري وهم فيه‪+‬ا‬
‫ال يسمعون‪١٠٠‬‬

‫يقول ‪++‬ون (يا) للتنبي ‪++‬ه (ويلنا) هالكن ‪++‬ا (قد كنا) يف ال ‪++‬دنيا (في غفلة من هذا) الي ‪++‬وم (ب‪F‬ل كن‪F‬ا ظ‪F‬المين)‬
‫أنفس‪++ +‬نا بتك‪++ +‬ذيبنا الرس‪++ +‬ل (إنكم) ي ‪++‬ا أه ‪++‬ل مك‪++ +‬ة (وما تعب‪FF‬دون من دون هللا) أي‪ :‬غ ‪++‬ريه من األوث ‪++‬ان(‪)١‬‬
‫(حصب جهنم) وقوده ‪++‬ا(‪( )٢‬أنتم لها واردون) داخل ‪++‬ون فيه ‪++‬ا(‪( )٣‬لو كان ه‪F‬ؤالء) األوث ‪++‬ان (آله‪F‬ة)‬
‫كم‪++ +‬ا زعمتم (ما وردوه‪FF‬ا) دخلوه ‪++‬ا(‪( )٤‬وك‪FF‬ل) من العاب ‪++‬دين واملعب ‪++‬ودين (فيه‪FF‬ا خال‪FF‬دون)(‪( )٥‬لهم)‬
‫للعاب ‪++‬دين (فيها زفير)(‪ )٦‬ص ‪++‬وت ش ‪++‬ديد (وهم فيها ال يسمعون) ش ‪++‬يئا لش ‪++‬دة غلياهنا(‪ )٧‬ون ‪++‬زل ملا ق ‪++‬ال‬
‫ابن الزبعري ‪ :‬عبد عزير واملسيح وامللئكة فهم يف النار‪ .‬على مقتضى ما تقدم(‪)٨‬‬

‫مالحظ‪++‬ة ‪ :‬إذا مس‪++‬تهم نفح‪++‬ة الع‪++‬ذاب يف ال‪++‬دنيا ‪" :‬ق‪++‬الوا ي‪++‬ا ويلن‪++‬ا إن‪++‬ا كن‪++‬ا ظ‪++‬املني" وإذا ج‪++‬اء ي‪++‬وم القيام‪++‬ة‬
‫ق‪++‬الوا ‪ :‬ي‪++‬ا ويلن‪++‬ا إن‪++‬ا كن‪++‬ا ظ‪++‬املني" ‪ .‬أال ت‪++‬رى الص‪++‬لة واض‪++‬حة بني م‪++‬ا ورد قب‪++‬ل قص‪++‬ص األنبي‪++‬اء وبني م‪++‬ا حنن في‪++‬ه اآلن‪.‬‬
‫وبني بداي ‪++‬ة الس ‪++‬ورة وبني م ‪++‬ا حنن في ‪++‬ه اآلن ‪" :‬اق ‪++‬رتب للن ‪++‬اس حس ‪++‬اهبم وهم يف غفل ‪++‬ة معرض ‪++‬ون" يف أول الس ‪++‬ورة ‪.‬‬
‫وههنا يذكر اهلل عز وج‪+‬ل موض‪+‬ع اق‪+‬رتاب ي‪+‬وم القيام‪+‬ة وق‪+‬ول الك‪+‬افرين إذا ج‪+‬اء‪" :‬ق‪+‬د كن‪+‬ا يف غفل‪+‬ة من ه‪+‬ذا ب‪+‬ل كن‪+‬ا‬
‫ظاملني" وهم يعرتفون بتقصريهم حيث ال ينفع التقصري ‪.‬‬
‫اآليات‪ ١٠٠-٩٨‬في نهاية الكافرين‬
‫(‪ - )١‬وس‪++‬ائر املعب‪++‬ودين‪ .‬وحيتم‪++‬ل أن يك‪++‬ون املراد إبليس وأعوان‪++‬ه‪ .‬ألهنم ك‪++‬انوا بط‪++‬اعتهم ل‪++‬ه يف حكم‬
‫عبدهتم‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬واحلصب ما يرمى به إليها هتيج ب‪+‬ه‪ .‬من "حص‪+‬به حيص‪+‬به" إذا رم‪++‬اه باحلص‪+‬باء‪ .‬وكأمنا هم اللحظ‪+‬ة‬
‫يف ساحة العرض يقذفون يف جهنم هم وآهلتهم املدعاة قذفا بالرفق والأناة‪ .‬حتصب هبم حصباكماحتصب بالنواة‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬اس‪++‬تئناف ‪ ،‬أو ب‪++‬دل من "حص‪++‬ب جهنم" والالم معوض‪++‬ة من "على" لالختص‪++‬اص والدالل‪++‬ة على‬
‫أن ورودهم ألجلها‪.‬‬
‫(‪ - ) ٤‬وعندئذ يوجه إليهم الربهان على كذب ما يدعون هلا من كوهنا آهلة من هذا الواضح املشهود‪.‬‬
‫(‪- )٥‬أي‪ :‬وكل من اآلهلة ومن عبدوها ماكثون يف النار أبدا ال خالص هلم منها‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬أي‪ :‬هلم فيها أنني وبكاء وعويل ونفس متقط‪+‬ع من ش‪+‬دة م‪+‬ا ين‪+‬اهلم من الع‪++‬ذاب‪ .‬من إض‪+‬افة فع‪++‬ل‬
‫البعض إىل الكل إن أري‪+‬د مبا تعب‪+‬دون األص‪+‬نام ‪.‬وق‪+‬د م‪+‬ر معن‪+‬ا الكالم يف الزف‪+‬ري والش‪+‬هيق‪ .‬راج‪+‬ع ص‪+‬فحة‪ ٥٧٤ :‬رقم‬
‫اآلية ‪ ١٠٦ :‬هود‪.‬‬
‫(‪ - )٧‬أي‪ :‬وهم يف النار ال يسمع بعضهم زفري بعض لعظم اهلول وفظاعة العذاب‪.‬‬
‫(‪ - )٨‬ويف احلديث ‪" :‬أن‪++‬ه ‪ ‬ملا ق‪++‬رأ اآلي‪++‬ة على املش‪++‬ركني ق‪++‬ال ل‪++‬ه ابن الزبع‪++‬ري ‪ :‬ق‪++‬د خص‪++‬متك ورب‬
‫الكعبة أليس اليهود عبدوا عزيرا؟ والنصارى عبدوا املس‪+‬يح ؟ وبن‪+‬و مليح عب‪+‬دوا املالئك‪+‬ة؟ فق‪++‬ال ‪ :‬ب‪+‬ل هم عب‪+‬دوا‬
‫الشياطني اليت أمرهتم بذلك فأنزل اهلل‪ " :‬إن الذين سبقت هلم منا احلسىن‪ "....‬رواه الطرباين يف الكبري‪.‬‬
‫فـ"ما" م‪++‬ؤول بـ"من" على الث‪+‬اين ومبا يعم‪+‬ه على األول‪ .‬ملا روي‪ :‬أن ابن الزبع‪++‬ري ق‪+‬ال‪ :‬ه‪+‬ذا ش‪+‬يء آلهلتن‪+‬ا‬
‫خاصة؟ أو لكل من عبد من دون اهلل؟ فقال صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬بل لكل من عبد من دون اهلل‪.‬‬
‫اآليات ‪ ١٠٣-١٠١‬في بشرى المؤمنين‬ ‫‪٤٩٦‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫إن ال ‪++‬ذين س ‪++‬بقت هلم من ‪++‬ا احلس ‪++‬ىن أولئ ‪++‬ك عنه ‪++‬ا مبع ‪++‬دون ‪ ١٠١‬ال يس ‪++‬معون حسيس ‪++‬ها وهم يف م ‪++‬ا‬
‫اش‪++ +‬تهت أنفس‪++ +‬هم خل‪++ +‬دون‪ ١٠٢‬الحيزهنم الف‪++ +‬زع األك‪++ +‬رب وتتلقيهم امللئك‪++ +‬ة ه‪++ +‬ذايومكم ال‪++ +‬ذي كنتم‬
‫توعدون‪ ١٠٣‬يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب‬

‫(إن ال‪F‬ذين س‪FF‬بقت لهم من‪F‬ا) املنزل ‪++‬ة (الحس‪FF‬نى) (‪ )١‬ومنهم من ذك ‪++‬ر (أولئ‪F‬ك عنه‪FF‬ا مبع‪FF‬دون)‪( .‬ال‬
‫يسمعون حسيسها) صوهتا(‪( )٢‬وهم في ما اشتهت أنفسهم) من النعيم (خالدون)‪(.‬ال يحزنهم الفزع‬
‫األكبر) وه ‪++‬و أن ي ‪++‬ؤمر بالعب ‪++‬د إىل الن ‪++‬ار (وتتلق‪FF‬اهم) تس ‪++‬تقبلهم (المالئك‪FF‬ة) عن ‪++‬د خ ‪++‬روجهم من القب ‪++‬ور‬
‫يقول ‪++‬ون هلم‪( :‬هذا ي‪F‬ومكم ال‪F‬ذي كنتم توع‪FF‬دون) يف ال ‪++‬دنيا(‪( )٣‬ي‪F‬وم) منص ‪++‬وب بـ"اذك ‪++‬ر" مق ‪++‬درا قبل ‪++‬ه‬
‫(نطوي السماء كطي السجل) اسم ملك (للكتاب)(‪ )٤‬صحيفة ابن آدم عند موته‪،‬‬
‫اآليات ‪ ١٠٣ - ١٠١‬في بشرى المؤمنين‬
‫(‪ - )١‬أي‪ :‬اخلصلة املتصفة ‪ .‬وهي السعادة أو البشرى بالثواب ‪ .‬أو التوفيق للطاعة ‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬الذي حيس أو حركة هلبه‪+‬ا ‪.‬ولفظ‪+‬ة "حسيس‪+‬ها" متث‪+‬ل ص‪+‬وت الن‪+‬ار‪ .‬وهي تس‪+‬ري وخيرق وحتدث‬
‫ذلك الصوت املفزع الذي يتف‪++‬زع ل‪+‬ه اجلل‪+‬د ويقش‪+‬عر ‪ .‬وق‪+‬د جني ال‪+‬ذين س‪+‬بقت هلم احلس‪+‬ىن من مساعه ‪ -‬فض‪+‬ال على‬
‫معاناته ‪ -‬جنوا من الفزع األكرب الذي يذهل املشركني‪.‬‬
‫واآلي‪++‬ة الكرمية يف أمث‪++‬ال املس‪++‬يح وعزي‪++‬ر ممن عب‪++‬د من دون اهلل وه‪++‬و ال يرض‪++‬ى ب‪++‬ذلك‪ .‬أو يف ك‪++‬ل م ‪++‬ؤمن‬
‫واملسيح وعزير من أسياد املؤمنني ‪ .‬ويشهد لذلك ما ورد عن نعمان بن بشري أنه مسر مع علي ذات ليلة فق‪++‬رأ "إن‬
‫الذين سبقت هلم منا احلسىن أولئك عنها مبعدون" قال‪ :‬أن‪+‬ا منهم وعم‪+‬ر منهم وعثم‪+‬ان منهم والزب‪+‬ري منهم وطلح‪+‬ة‬
‫منهم وعبد الرمحن منهم أو قال‪ :‬سعد منهم قال‪ :‬وأقيمت الص‪+‬الة فق‪++‬ام وأظن‪+‬ه جير ثوب‪+‬ه وه‪+‬و يق‪++‬ول " ال يس‪+‬معون‬
‫حسيسها " رواه ابن أيب حامت ‪ .‬والتعميم أوىل وأليق‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬وتتوىل امللئكة استقباهلم بأكثر حبيب‪ .‬ومصاحبتهم لتطمئن قلوهبم يف الفزع املرهوب‪.‬‬
‫اآلية ‪ ١٠٤ -‬في يوم طي السماء‬
‫(‪ - )٤‬كطي الس ‪++‬جل مبع ‪++‬ىن أن الس ‪++‬موات واألرض س ‪++‬تعودان جمتمعني كم ‪++‬ا كانت ‪++‬ا يف ب ‪++‬دء نش ‪++‬أهتما ‪-‬‬
‫كانت‪++‬ا رتق‪++‬ا ففتقنامها ‪ -‬مث يب‪++‬دأ النش‪++‬أة األخ‪++‬رى غ‪++‬ري الك‪++‬ون ال‪++‬ذي نعرف‪++‬ه الي‪++‬وم‪ .‬وإذا ع‪++‬امل جدي‪++‬د ! وك‪++‬ون جدي‪++‬د!‪:‬‬
‫"يوم تبدل األرض غري األرض والسموات" (إبراهيم ‪)٤٨ :‬‬
‫وظ‪++‬اهر اللف‪++‬ظ أن الس‪++‬جل ش‪++‬يء يوض‪++‬ع في‪++‬ه كتب مث يط‪++‬وى عليه‪++‬ا فتنط‪++‬وى ب‪++‬ه ‪ .‬والس‪++‬جل ه‪++‬و احلاف‪++‬ظ‬
‫للوقائع واألحداث ‪ ،‬أي‪ :‬سجل التاريخ لكل فرد عاش يف هذه الدنيا ‪ .‬وهذا واضح من السياق‪.‬‬
‫عندما ينطوي الكون ينطوي السجل‬
‫فالس ‪++‬ماء س ‪++‬تنطوي كم ‪++‬ا وع ‪++‬د اهلل‪ .‬واكتش ‪++‬ف اإلنس ‪++‬ان أن ‪++‬ه س ‪++‬تنطوي "كطي الس ‪++‬جل للكتب" وعن ‪++‬دما‬
‫ينط‪++‬وي الك‪++‬ون ينط‪++‬وي الس‪++‬جل على الكتب ‪ .‬والكتب هي حص‪++‬يلة عم‪++‬ل اإلنس‪++‬ان طيل‪++‬ة حيات‪++‬ه ‪ .‬راج‪++‬ع ص‪++‬فحة ‪:‬‬
‫‪ ٢٤١‬رقم اآلية ‪ ١٣-١٤‬اإلسراء‪.‬‬
‫ذك ‪++‬روا ‪ :‬إن م ‪++‬ادة ه ‪++‬ذا الك ‪++‬ون كل ‪++‬ه وال ‪++‬ذي يق ‪++‬در امت ‪++‬داد حميط ‪++‬ه اآلن مبق ‪++‬دار ‪ ١٢٥‬أل ‪++‬ف ملي ‪++‬ون س ‪++‬نة‬
‫ض ‪++‬وئية ‪ ..‬ه ‪++‬ذه ك ‪++‬انت من ‪++‬ذ أك ‪++‬ثر من عش ‪++‬رة آالف ملي ‪++‬ون س ‪++‬نة ض ‪++‬وئية متجمع ‪++‬ا مع ‪++‬ا حبيث أن حمي ‪++‬ط ه ‪++‬ذه الكتل ‪++‬ة‬
‫الكوني‪++‬ة مل ي‪++‬زد عن أرب‪++‬ع س‪++‬نوات ض‪++‬وئية‪ .‬وك‪++‬انت م‪++‬ادة ه‪++‬ذا الك‪++‬ون هي جس‪++‬يمات من الفوتون‪++‬ات واإللكرتون‪++‬ات‬
‫والنيوترون ‪++ + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + +‬ات‬

‫وعند العودة سترى كل أحداث الماضي‬ ‫‪٤٩٧‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫‪.......................................................................................................‬‬
‫‪.......................................................................................................‬‬
‫واجلسيمات املضادة هلذه اجلسيمات‪.‬‬
‫أم ‪++‬ا درج ‪++‬ة احلرارة فك ‪++‬انت ال هنائي ‪++‬ة! وك ‪++‬ذلك الكثاف ‪++‬ة ك ‪++‬انت أيض ‪++‬ا ال هنائي ‪++‬ة ! وه ‪++‬ذه احلال ‪++‬ة مل تس ‪++‬تمر‬
‫ألكثر من جزء من مائة جزء من الثانية! بعدها اخنفضت درجة احلرارة إىل مائة ألف مليون درجة مطلقة!‬
‫وعلى م ‪++‬دى ثالث دق ‪++‬ائق وس ‪++‬ت وأربعني ثاني ‪++‬ة فق ‪++‬ط ‪ ،‬ح ‪++‬دثت تغ ‪++‬ريات رهيب ‪++‬ة يف ه ‪++‬ذه الكتل ‪++‬ة الكوني ‪++‬ة‬
‫الواحدة! أدت إىل ظهور ألف مليون درجة مطلقة ! وأخذت أجزاء هذا الكون تتمدد يف الفضاء وتبتعد وتتجمع‬
‫يف شكل جمرات وجنوم وظواهر كونية مثرية!!‬
‫أي‪ :‬إن األرض وب‪++‬اقي أج‪++‬زاء الك‪++‬ون ‪ -‬بن‪++‬اء على ه‪++‬ذه النظري‪++‬ة ‪ -‬ك‪++‬ان مجيع‪++‬ا كتل‪++‬ة واح‪++‬دة متص‪++‬لة ! مث‬
‫تس‪++‬لطت عليه‪+‬ا ق‪+‬وى كوني‪++‬ة جب‪++‬ارة أح‪+‬دثت فيه‪+‬ا تغي‪++‬ريات هائل‪++‬ة أدت إىل ظه‪+‬ور ه‪++‬ذا الك‪++‬ون بص‪+‬ورته ال‪+‬يت نعرفه‪+‬ا‬
‫اآلن!‪ .‬راجع صفحة ‪ ١٧١ :‬اآلية ‪ ١٨٧ :‬األعراف‪.‬‬
‫وعند العودة سترى كل احداث الماضي‬
‫وه ‪++‬ذا م ‪++‬ا يعتق ‪++‬د اك ‪++‬ثر العلم ‪++‬اء‪ :‬ان الك ‪++‬ون سيص ‪++‬ل اىل درج ‪++‬ة من االتس ‪++‬اع مث يع ‪++‬ود لينط ‪++‬وي على ذات ‪++‬ه‬
‫لريجع اىل نقطة البداية! أي‪ :‬ليصبح كتلة واحدة! كما كان من قبل‪ .‬فإذا عاد حجم الكون إىل نقط‪++‬ة البداي‪++‬ة ع‪++‬اد‬
‫الزمان معه اىل نقطة البداية!‬
‫إذن‪ :‬ال ميكن التمييز بني املكان – اوالفضاء – والزمان ‪ ,‬اال من حيث التعبري الغيب املألوف فقط‪ .‬ويف‬
‫طريق العودة سرتى كل احداث املاضي بدأت تعودللظهور بصورة معاكسة! الن الكون يصبح يف طريق العودة!‬
‫ف ‪++‬املراقب ال ‪++‬ذي يتجلى على عرش ‪++‬ه خ ‪++‬ارج اط ‪++‬ار الك ‪++‬ون ال ‪++‬ذي نعيش في ‪++‬ه س ‪++‬ريى الش ‪++‬يخ اهلرم يع ‪++‬ود ايل‬
‫طفولته! بل ايل وضعه جنينا! بل اىل وضعه نطفة! بل اىل وضعه خلية واحدة!‬
‫فلو استعملنا اخليال ‪ ,‬وقمنا برحلة ما من بلدة اىل اخرى وحفظنا يف الذاكرة كل ما رأين‪++‬اه على طري‪++‬ق‬
‫الع ‪++‬ودة س ‪++‬نراه من النهاي ‪++‬ة اىل البداي ‪++‬ة فتع ‪++‬ود اح ‪++‬داث املاض ‪++‬ي كله ‪++‬ا للظه ‪++‬ور بطريق ‪++‬ة معكوس ‪++‬ة‪ .‬أي‪ :‬من النهاي ‪++‬ة اىل‬
‫اليداية باالمس فقط!‬
‫ولقد تأكد هذا عن‪+‬د معظم العلم‪+‬اء‪ .‬وان ك‪+‬ان البعض حياول أن ي‪+‬رى خمرج‪+‬ا من ه‪+‬ذه الص‪+‬ورة ال‪+‬يت متث‪+‬ل‬
‫الواقع احلتمي النط‪+‬واء الك‪+‬ون نتيج‪+‬ة اتس‪+‬اعه مما س‪+‬يؤدي النطوائ‪+‬ه على ذات‪+‬ه والع‪+‬ودة وال‪+‬رتاجع – اىل م‪+‬ا ك‪+‬ان علي‪+‬ه‬
‫– اىل البداي‪++‬ة‪ .‬وج‪++‬اء يف موض‪++‬ع آخ‪++‬ر‪" :‬وم‪++‬ا ق‪++‬دروا اهلل ح‪++‬ق ق‪++‬دره واالرض مجيع‪++‬ا قبض‪++‬ته ي‪++‬وم القيام‪++‬ة والس‪++‬موات‬
‫مطويات بيمينه سبحانه وتعاىل عما يشركون" (الزمر ‪)٦٧ :‬‬
‫فطي الس‪++‬جل للكتب يع‪++‬ين اهناء الت‪++‬اريخ لك‪++‬ل ف‪++‬رد بانته‪++‬اء افعال‪++‬ه واعمال‪++‬ه على ه‪++‬ذه االرض واالس‪++‬تعداد‬
‫للحس‪++‬اب" "أإذا متن‪++‬ا وكن‪++‬ا تراب‪++‬ا وعظام‪++‬ا اءن‪++‬ا ملبعوث‪++‬ون ‪ ...‬ق‪++‬ل نعم وانتم داخ‪++‬رون فامنا هي زج‪++‬رة واح‪++‬دة ف‪++‬اذاهم‬
‫ينظرون" (الصافات ‪)١٩ ,١٨ ,١٦ :‬‬
‫وكل ما يلزم للعودة من ال مكان من بطن الرتاب عندما تنطوي السماء والزمان ويعود املاض‪++‬ي ليص‪++‬بح‬
‫حاضرا‪ .‬أي‪ :‬ال آن سننظر لنرى اننا هنا ‪ ,‬فاآلن يف الزمان تعين هنا يف املكان ايضا‪.‬‬
‫والع ‪++‬ودة هي ال ‪++‬يت وع ‪++‬دنا اهلل هبا‪" .‬كم ‪++‬ا ب ‪++‬دأنا اول خل ‪++‬ق نعي ‪++‬ده وع ‪++‬دا علين ‪++‬ا ان ‪++‬ا كن ‪++‬ا ف ‪++‬اعلني"‪( .‬راج ‪++‬ع‬
‫صفحة ‪ ٤٥٧ :‬رقم االية ‪ ٩٤ :‬االنعام )‬
‫ولقدجاء الذكر العظيم ليذكر هبذه احلق‪+‬ائق من‪+‬ذ اك‪+‬ثر من ‪ ١٤٠٠‬س‪+‬نة مض‪+‬ت على االنس‪+‬ان – بالنس‪+‬بة‬

‫الفلسفة القديمة‬ ‫‪٤٩٨‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فعلني ‪١٠٤‬‬
‫والالم زائ ‪++‬دة‪ ،‬او الس ‪++‬جل الص ‪++‬حيفة ‪ ،‬والكت ‪++‬اب مبع ‪++‬ىن املكت ‪++‬وب ‪ ,‬والالم مبع ‪++‬ىن على ويف ق ‪++‬راءة "للكتب"‬
‫مجعا‪( .‬كما بدأنا اول خلق) عن عدم (نعيده) بعد اعدامه‪ ,‬فالكاف متعلقة بـ "نعيده"‪ ،‬وضمريه عائ‪+‬د اىل‬
‫"اول" ‪ ،‬و"ما" مصدرية (‪( )١‬وعدا علينا) منصوب بـ "وعدنا" مقدرا قبله‪ ,‬وهو مؤك‪+‬د ملض‪+‬مون م‪+‬ا قبل‪+‬ه‬
‫(إنا كنا فاعلين) ما وعدنا (‪. )٢‬‬

‫لن‪++‬ا طبع‪++‬ا – من بع‪++‬د نزول‪++‬ه فق‪++‬ال‪" :‬والس‪++‬ماء بنيناه‪++‬ا باي‪++‬د وان‪++‬ا ملوس‪++‬عون" (ال‪++‬ذاريات ‪ , )٤٧ :‬وازدادت املع‪++‬ارف‬
‫وتق ‪++‬دمت احلض ‪++‬ارات ووص ‪++‬لنا اىل م ‪++‬ا وص ‪++‬لنا الي ‪++‬ه يف العص ‪++‬ر احلديث! فوص ‪++‬لنا اىل القم ‪++‬ر! فه ‪++‬ل اتى العلم ‪++‬اء بش ‪++‬يء‬
‫جديد إال من الذكر؟ لقد تذكروا اآلن ‪ :‬ان العامل يتسع بصورة مستمرة وانه كان كتلة واح‪++‬دة بالفع‪++‬ل ف‪++‬انفتقت‪.‬‬
‫اذ يقول اهلل يف كتابه الكرمي‪" :‬اومل ير الذين كفروا ان السموات واالرض كانتارتقا ففتقنامها" ‪( ...‬االنبياء‪)٣٠:‬‬
‫وج‪++‬اءت ك ‪++‬ل ال‪++‬دالئل العلمي ‪++‬ة لتتح‪++‬دث عن عظم ‪++‬ة الق ‪++‬رآن وص‪++‬دق كلمات ‪++‬ه الكلم ‪++‬ة ال‪++‬يت تع ‪++‬ادل ال‪++‬وف‬
‫السنني من التفكري واالختيارات والتجارب واجمللدات من االحباث‪ .‬جاءت احلقائق لتؤك‪+‬د ان الن‪+‬يب الع‪++‬ريب الك‪+‬رمي‬
‫‪ ‬مل يكن ش‪++‬اعرا ب‪++‬ل اتى مبا اوحي الي‪++‬ه من رب‪++‬ه‪" :‬ب‪++‬ل ق‪++‬الوا اض‪++‬غاث احالم ب‪++‬ل اف‪++‬رتاه‪( "....‬االنبي‪++‬اء ‪ )٥:‬ب‪++‬ل اتى‬
‫بآي‪++‬ات بين‪++‬ات مل يس‪++‬تطع عق‪++‬ل االنس‪++‬ان ان يس‪++‬توعب مق‪++‬دار عظمته‪+‬ا فوق‪+‬ف ع‪++‬اجزا قاص‪++‬را جمادال يتهم ليثبت لذات‪++‬ه‬
‫انه مفكر! ومل يكن هذا الوصف من صفاته! وعندما فكر التقى باحلق الذي هو القرآن شاء او أىب!‬
‫الفلسفة القديمة‬
‫ول ‪++‬و ع ‪++‬دنا بال ‪++‬ذاكرة قليال اىل ت ‪++‬اريخ الفلس ‪++‬فة ال ‪++‬يت س ‪++‬بقت ميالد رس ‪++‬ول اهلل ‪ ‬وتل ‪++‬ك ال ‪++‬يت عاص ‪++‬رته‬
‫واطلعنا على نظرهتا اىل الكون من حيث بنائه الدركنا قيمة ما تضمنته آي‪+‬ات الق‪++‬رآن من علم ص‪+‬ادق ال خي‪+‬ال في‪+‬ه‬
‫وال وهم‪ .‬وما ظنه االنسان نوعا من االساطري يرجع لسوء فهمه وتقديره وختلفه يف طيات الزمان‪.‬‬
‫"ف‪++‬ارجع البص‪++‬ر ه‪++‬ل ت‪++‬رى من فط‪++‬ور‪ ....‬وه‪++‬و حس‪++‬ري" (املل‪++‬ك ‪ )٤-٣‬لق‪++‬د نظ‪++‬رت الفالس‪++‬فة بابص‪++‬ارهم‬
‫عرب الفضاء منذ بداية التاريخ‪ .‬ومن اتى بعدهم وحىت "ني‪++‬وتن" ومن اتى من بع‪++‬ده فظن‪++‬وا ان االرض مرك‪++‬ز الك‪++‬ون!‬
‫ولكن احلق‪++‬ائق ج‪++‬اءت لتجنب ه‪++‬ذا الظن‪ .‬ف‪++‬االرض ال متث‪++‬ل مرك‪++‬ز الك‪++‬ون اال من وجه‪++‬ة نظ‪++‬ر س‪++‬كاهنا فق‪++‬ط‪ .‬فاينم‪++‬ا‬
‫كنت ويف أي موق‪+‬ع يف الع‪++‬امل انظ‪+‬ر بواس‪+‬طة أي جه‪+‬از ت‪+‬رى الع‪++‬امل متش‪+‬اهبا متس‪+‬قا من مجي‪+‬ع جهات‪+‬ه‪ ,‬وتظن ان‪+‬ك يف‬
‫املرك‪++‬ز الرئيس‪++‬ي من االرض‪ .‬الن‪++‬ك لن تس‪++‬تطيع ان ت‪++‬رى أي تف‪++‬اوت ال‪++‬ذي خل‪++‬ق س‪++‬بع مسوات طباق‪++‬ا‪" :‬م‪++‬ا ت‪++‬رى يف‬
‫خلق ال‪+‬رمحن من تف‪++‬اوت" واخ‪+‬رتع االنس‪+‬ان اجه‪+‬زة مل يس‪+‬مع هبا اح‪+‬د يص‪+‬ورها من قب‪+‬ل ف‪+‬اثبت ه‪+‬ذه االجه‪+‬زة ه‪+‬ذا‬
‫التناسق والتكامل الذي ال يوجد فيه ثغرات او تفاوت‪ .‬وارتد البصر الينا وهو حسري فعال‪.‬‬
‫"يوم نطوي السماء" منصوب بقوله ‪" :‬ال حيزهنم الفزع" او بقوله ‪" :‬تتلق‪++‬اهم" ‪ ,‬وق‪+‬د ص‪+‬رح ج‪+‬ل وعال‬
‫يف الزمر‪ :‬بان االرض مجيع‪+‬ا قبض‪+‬ته ي‪+‬وم القيام‪+‬ة‪ ،‬وان الس‪+‬موات مطوي‪+‬ات بيمين‪+‬ه ‪ ,‬وذل‪+‬ك يف قول‪+‬ه‪" :‬وم‪+‬ا ق‪+‬دروا اهلل‬
‫حق قدره ‪ " ...‬وما ذكره من كون السموات مطوي‪+‬ات بيمين‪+‬ه يف ه‪+‬ذه االي‪+‬ة ج‪+‬اء يف الص‪+‬حيح ايض‪+‬ا عن الن‪+‬يب ‪‬‬
‫وعلينا امراره كما جاء‪ .‬والتصديق به مع اعتقاد ان صفة اخلالق اعظم من ان متاثل صفة خملوق‪.‬‬
‫(‪ - )١‬أو كاف ‪++‬ة‪ ,‬و "اول" مفع ‪++‬ول لـ"ب ‪++‬دأنا" او لفع ‪++‬ل يفس ‪++‬ره "نعي ‪++‬ده"‪ .‬او موص ‪++‬ولة ‪ .‬والك ‪++‬اف متعلق ‪++‬ة‬
‫مبح‪++‬ذوف يفس‪++‬ره "نعي‪++‬ده" أي‪ :‬نعي‪++‬د فع‪++‬ل ال‪++‬ذي ب‪++‬دأنا‪ .‬و"اول خل‪++‬ق" ظ‪++‬رف لـ "ب‪++‬دأنا" او ح‪++‬ال من ض‪++‬مري املوص‪++‬ول‬
‫احملذوف‪ .‬وقد مر الكالم يف اعادة اخللق‪ .‬راجع صفحة (‪)...........‬‬
‫(‪ - )٢‬أي ‪ :‬وعدا لنا كائنا ال حمالة انا كنا فاعلني ذلك‪ .‬أي‪ :‬حمققني هذا الوعد فاستعدوا له وق‪++‬دموا‬

‫اآليات ‪ ١١٢-١٠٥‬في موقف النبي‪‬من الناس‬ ‫‪٤٩٩‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫ولقد كتبنا يف الزبور من بعد الذكر‬


‫(ولقد كتبنا في الزبور) مبع ‪++‬ىن الكت ‪++‬اب‪ ,‬أي‪ :‬كتب اهلل املنزل ‪++‬ة(‪( )١‬من بعد ال‪FF‬ذكر) يع ‪++‬ين‪ :‬ام الكت ‪++‬اب‬
‫الذي عند اهلل (‪)٢‬‬

‫ل‪++‬ه ص‪++‬احل االعم‪++‬ال‪ ,‬ف‪++‬ان الس‪++‬ماء مطوي‪++‬ة كم‪++‬ا تط‪++‬وى الص‪++‬حائف‪ ,‬وق‪++‬د قض‪++‬ي االم‪++‬ر وانتهى الع‪++‬رض وط‪++‬وي الك‪++‬ون‬
‫الذي يألفه االنسان‪.‬‬
‫االيات ‪ ١١٢-١٠٥‬في موقف النبي ‪ ‬من الناس‬
‫(‪ - )١‬واصل الزبور كل كتاب غليظ الكتابة من "زبرت الكتاب ازبر" بفتح املوحدة وضمها – كم‪+‬ا‬
‫يف احملكم – اذا كتبته كتابة غليظة‪ .‬وخص – يف املشهور – بالكتاب املنزل على داود عليه السالم‪.‬‬
‫وق‪++‬ال بعض‪++‬هم ‪ :‬ه ‪++‬و اس ‪++‬م الكت ‪++‬اب املقص‪++‬ور على احلكم ‪++‬ة العقلي ‪++‬ة دون االحك ‪++‬ام الش ‪++‬رعية‪ .‬ول‪++‬ذا يق ‪++‬ال‪:‬‬
‫املنزل على داود علي‪++‬ه الس‪++‬الم‪ .‬اذ ال يتض‪++‬من ش‪++‬يئا من االحك‪++‬ام الش‪++‬رعية‪ .‬والظ‪++‬اهر‪ :‬ان‪++‬ه اس‪++‬م ع‪++‬ريب مبع‪++‬ىن املزب‪++‬ور‪.‬‬
‫ولذا جوز تعلق "من بعد" به كما كان تعلقه بـ "كتبنا"‪ .‬وقال محزة ‪ :‬هو اس‪+‬م س‪+‬رياين‪ .‬وايام‪++‬ا ك‪+‬ان ف‪+‬اذا اري‪+‬د من‪+‬ه‬
‫الكتب كان الالم فيه للجنس‪ .‬أي‪ :‬كتبنا يف جنس الزبور‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬كما عليه االكثرون ‪ .‬ويرشدنا اليه قوله تعاىل‪ :‬واورثنا االرض نتب‪+‬وأ من اجلن‪+‬ة حيث نش‪+‬اء فنعم‬
‫اجر العاملني‪( .‬الزمر ‪)٧٤ :‬‬
‫رمبا تك ‪++‬ون ارض ال ‪++‬دنيا‪" :‬وع ‪++‬د اهلل ال ‪++‬ذين آمن ‪++‬وا منكم وعمل ‪++‬وا الص ‪++‬احلات ليس ‪++‬تخلفنهم يف االرض"‬
‫(الن ‪++‬ور ‪" )٥٥ :‬ق ‪++‬ال موس ‪++‬ى لقوم‪++ +‬ه اس ‪++‬تعينوا باهلل واص ‪++‬ربوا ان االرض هلل يورثه ‪++‬ا من يش ‪++‬اء من عب ‪++‬اده والعاقب ‪++‬ة‬
‫للمتقني" (االع ‪++‬راف ‪ . )١٢٨ :‬او االرض املقدس ‪++‬ة يرثه ‪++‬ا الص ‪++‬احلون ‪" :‬واورثن ‪++‬ا الق ‪++‬وم ال ‪++‬ذين ك ‪++‬انوا يستض ‪++‬عفون‬
‫مشارق االرض ومغارهبا اليت باركنا فيها" (االعراف ‪)١٣٧ :‬‬
‫لق‪++‬د اس‪++‬تخلف اهلل ادم يف االرض لعمارهتا واص‪++‬الحها وتنميته‪++‬ا وحتريره‪++‬ا‪ .‬ولق‪++‬د وض‪++‬ع ل‪++‬ه منهج‪++‬ا يق‪++‬وم‬
‫على االميان والعم ‪++ + +‬ل الص ‪++ + +‬احل‪ .‬وق ‪++ + +‬د يغلب على االرض جب ‪++ + +‬ارون‪ ,‬وظلم ‪++ + +‬ة وطغ‪++ + +‬اة ‪ .‬وق ‪++ + +‬د يغلب عليه ‪++ + +‬ا مهج‬
‫ومترببرون‪ ,‬وقد يغلب عليها كفار وفجار‪ ,‬حيسنون استغالل االرض ‪ ,‬ولكن ليست ه‪+‬ذه س‪+‬وى جتارب الفري‪+‬ق ‪.‬‬
‫والوراثة االخرية هي للعباد الصاحلني‪.‬‬
‫وحيثم‪++‬ا اجتم‪++‬ع اميان القلب ونش‪++‬اط العم‪++‬ل يف ام‪++‬ة فهي الوارث‪++‬ة لالرض يف اي‪++‬ة ف‪++‬رتة من ف‪++‬رتات الت‪++‬اريخ‪.‬‬
‫ولكن حني يفرتق هذان العنصران ‪ ,‬فامليزان يرتجح‪ .‬وق‪+‬د تق‪+‬ع الغلب‪+‬ة لالخ‪+‬ذين بالوس‪+‬ائل املادي‪+‬ة حني يهم‪+‬ل االخ‪+‬ذ‬
‫هبا من يتظاهر باالميان‪ .‬وقلوهبم فارغة من االميان الصحيح ال‪+‬دافع اىل العم‪++‬ل الص‪+‬احل ‪ ,‬واىل عم‪++‬ارة االرض والقي‪++‬ام‬
‫بتكاليف اخلالفة اليت وكلها اهلل اىل هذا االنسان‪.‬‬
‫فم‪++‬ا على اص‪++‬حاب االميان اال ان حيقق‪++‬وا م‪++‬دلول امياهنم‪ .‬وه‪++‬و العم‪++‬ل الص‪++‬احل والنه‪++‬وض بتبع‪++‬ات اخلالف‪++‬ة‬
‫ليحقق وعد اهلل وجتري سنته‪" ...‬ان االرض يرثها عابدي الصاحلون" فاملؤمنون العاملون هم العباد الصاحلون‪....‬‬
‫عن ثوبان قال‪ :‬ق‪+‬ال رس‪+‬ول اهلل ‪" :‬ان اهلل تع‪++‬اىل زوى يل االرض ف‪+‬رأيت مش‪+‬ارقها ومغارهبا وان ام‪++‬يت‬
‫سيبلغ ملكها ما زوي يل منها" رواه مسلم وابو داود والرتمذي‪.‬‬
‫وه‪++‬ذه ع‪++‬دة من‪++‬ه س‪++‬بحانه وتع‪++‬اىل وبش‪++‬ارة هلذه االم‪++‬ة باظه‪+‬ار ال‪+‬دين واع‪++‬زاز اهل‪++‬ه واس‪++‬تيالئهم وبقي‪++‬ام دول‪+‬ة‬
‫االس‪+‬الم العاملي‪+‬ة‪ .‬وال ب‪+‬د ان حيم‪+‬ل على اك‪+‬ثر املعم‪+‬ورة‪ ,‬واال فمن االرض م‪+‬ا مل يطأه‪+‬ا املؤمن‪+‬ون‪ .‬ك‪+‬االرض الش‪+‬هرية‬
‫بالدنيا اجلديدة ‪ .‬ومنها والية مهاراشرتا باهلند الغريب ‪.‬‬
‫والقول بان مجيع ذلك يكون يف حوزة املؤمنني ايام املهدي رضي اهلل عنه ونزول عيسى علي‪++‬ه الس‪++‬الم‬

‫اآليات ‪ ١١٢-١٠٥‬في موقف النبي‪‬من الناس‬ ‫‪٥٠٠‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫أن االرض يرثها عبادي الصلحون‪ ١٠٥‬ان يف هذا لبلغا لقوم عبدين‪١٠٦‬‬
‫(ان االرض) أرض اجلن‪++ +‬ة (‪( )١‬يرثه‪FF‬ا عب‪FF‬ادي الص‪FF‬الحون ) ع ‪++‬ام يف ك ‪++‬ل ص ‪++‬احل (‪()٢‬ان في ه‪FF‬ذا)‬
‫القران (لبالغا) كفاية يف دخول اجلنة (لقوم عابدين) عاملني به(‪)٣‬‬

‫فال حاجة اىل ما ذكر ‪ .‬وفيه انه مل يثبت انه تكون سلطة مجيع االرض يف حوزة املهدي وعيسى عليه السالم‪.‬‬
‫وكان القائل ان املراد هبا ارض الش‪+‬ام اخ‪+‬ذها من ك‪+‬ون الت‪+‬وراة بش‪+‬رت ب‪+‬ين اس‪+‬رائيل هبا عن‪+‬دما يكون‪+‬ون‬
‫صاحلني‪ .‬والزبور خطاب لبين اسرائيل يف ارض الشام‪.‬‬
‫وكون رسول اهلل ‪ ‬حتدث كثريا عن الشام واهنا ارض االس‪++‬الم اىل قي‪++‬ام الس‪++‬اعة ‪ .‬وذل‪+‬ك وج‪+‬ه ق‪+‬وي‪.‬‬
‫وتكون االية بشارة للمسلمني يف كل العصور اذا اجتمعت هلم صفة الصالح ان يرثوا الشام ‪ ,‬فمىت كانت مجاع‪+‬ة‬
‫هلا ه ‪++‬ذه الس ‪++‬مة ف ‪++‬ان اهلل يرع ‪++‬اه رعاي ‪++‬ة خاص ‪++‬ة‪ .‬وان فس ‪++‬دوا س ‪++‬لط عليهم‪ .‬ويف احلديث ‪ :‬ال ت ‪++‬زال طائف ‪++‬ة من ام ‪++‬يت‬
‫ظ‪++‬اهرين على احلق ال يض‪+‬رهم من خ‪+‬ذهلم ح‪+‬ىت ي‪++‬ايت ام‪++‬ر اهلل‪ .‬رواه االم‪++‬ام امحد والش‪++‬يخان وغ‪++‬ريهم‪ .‬ويف رواي‪++‬ة عن‬
‫معاذ ‪ :‬وهم يف الشام‪ .‬فعلى العاملني يف هذه االرض ان يثقوا برهبم ويضاعفوا جهودهم‪.‬‬
‫واملراد بالش‪++‬ام هن‪++‬ا الش‪++‬ام الكب‪++‬رية ‪ -‬أي‪ :‬س‪++‬وريا وفلس‪++‬طني ولبن‪++‬ان واالردن يف تقس‪++‬يمات يومن‪++‬ا ه‪++‬ذا‪-‬‬
‫وعلى ه ‪++‬ذا ‪ :‬ان م ‪++‬يزان اخلريي ‪++‬ة يف املس ‪++‬لمني يف الع ‪++‬امل ه ‪++‬و الش ‪++‬ام لقول ‪++‬ه ‪ ‬يف احلديث الص ‪++‬حيح ‪ :‬اذا افس ‪++‬د اه ‪++‬ل‬
‫الشام فال خري فيكم‪ .‬ومن مث فالعمل لالسالم يف بالد الشام خدمة للمسلمني واالسالم يف االرض كلها‪.‬‬
‫فم‪++‬ا ورد ‪ :‬ال تق‪++‬وم الس‪++‬اعة ح‪++‬ىت ال يق‪++‬ال يف االرض ‪ :‬اهلل اهلل رواه االم‪++‬ام امحد ومس‪++‬لم والرتم‪++‬ذي عن‬
‫انس ‪" .‬ال تق ‪++‬وم الس ‪++‬اعة اال على ش ‪++‬رار الن ‪++‬اس" رواه االم ‪++‬ام امحد ومس ‪++‬لم عن ابن مس ‪++‬عود‪ .‬ي ‪++‬وحي بق ‪++‬اء الكف ‪++‬ار‬
‫وح‪++‬دهم يف مجي‪++‬ع احناء االرض عن‪++‬د ق‪++‬رب الس‪++‬اعة‪ .‬وه‪++‬ذا ال يض‪++‬ر يف ه‪++‬ذه الوراث‪++‬ة ملا ان بني اس‪++‬تقالهلم يف االرض‬
‫وقيام الساعة زمنا ضئيال ال يعتد به‪ .‬وقد عد ذلك من املبادي القريبة ليوم القيامة‪.‬‬
‫(‪ - )١‬أي‪ :‬ولقد قضينا قضاء حمتما يف كتاب الزبور الذي انزل على داود من بعد الت‪++‬وراة ‪ ,‬او الق‪++‬ران‬
‫‪ :‬أن وراثة االرض يف ال‪+‬دنيا واالخ‪+‬رة ال تك‪+‬ون اال للعب‪+‬اد الص‪+‬احلني‪ ,‬وهم املؤمن‪+‬ون الع‪+‬املون بطاع‪+‬ة اهلل تع‪+‬اىل‪ .‬ويف‬
‫ح‪++‬ديث عن‪++‬ه ‪ " : ‬ك‪++‬ان اهلل تع‪++‬اىل ومل يكن قبل‪++‬ه ش‪++‬يء وك‪++‬ان عرش‪++‬ه علي املاء مث خل‪++‬ق اهلل الس‪++‬ماوات واالرض‬
‫وكتب يف الذكر كل شيء"‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫رمبا يك‪++‬ون التق‪++‬دير‪ :‬ولق‪++‬د كتبن‪++‬ا يف الزب‪++‬ور املنزل بع‪++‬د الت‪++‬وراة ان االرض يرثه‪++‬ا عب‪++‬ادي الص‪++‬احلون‪ .‬فعلى‬
‫هذا ال يكون مكتوبا يف التوراة هذه البشارة‪ .‬ورمبا تكون هذه البشارة مكتوبة يف التوراة والزبور‪.‬‬
‫ويف املزمور السابع والثالثني لداود‪:‬والذين ينتظرون الرب هم يرث‪++‬ون االرض‪ .‬اماال‪+‬دعاة ف‪+‬ريثون االرض‬
‫ويتل‪++ +‬ذذون يف ك‪++ +‬ثرة الس‪++ +‬المة‪ -‬الن املب‪++ +‬اركني منهم يرث‪++ +‬ون االرض – الص‪++ +‬ديقون يرث‪++ +‬ون االرض ويس‪++ +‬كنوهنا اىل‬
‫االبد‪.‬‬
‫(‪ )٢‬يع‪++‬ين عام‪++‬ة املؤم‪++‬نني‪ .‬وجيوز ان ي‪++‬راد ب‪++‬ه ال‪++‬ذين ك‪++‬انوا يستض‪++‬عفون مش‪++‬ارق االرض ومغارهبا‪ .‬او ان‪++‬ه‬
‫حممد صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫والص‪++‬احلون لالخ‪++‬رة هم املؤمن‪++‬ون الع‪++‬املون بطاع‪++‬ة اهلل‪ .‬والص‪++‬احلون لل‪++‬دنيا ‪ :‬من يص‪++‬لح لعمارهتا والقي‪++‬ام‬
‫حبقها‪ :‬وفيه نقاش‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬هذا يعود على ما ورد يف االية السابقة من البشارة او يعود على القران كله‪.‬‬
‫ونتلقى من هن ‪++‬ا ان االتص ‪++‬اف بالعب ‪++‬ادة ش ‪++‬رط لالكتف ‪++‬اء بكت ‪++‬اب اهلل او ش ‪++‬رط لتحق ‪++‬ق البش ‪++‬ارة‪ .‬فلن ي ‪++‬رث‬
‫املسلمون االرض كلها اوبالد الشام منها اال بالعبادة‪ .‬ولن جيد انسان يف القران كفاية له عن سواه اال اذاكان عابدا‬
‫هو رحمة للعالمين صلى هللا عليه وسلم‬ ‫‪٥٠١‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وما ارسلنك اال رمحة للعلمني ‪١٠٧‬‬


‫(وم‪FFFF‬ا ارس‪FFFF‬لناك) ي ‪++ + + + +‬ا حمم ‪++ + + + +‬د (اال رحم‪FFFF‬ة) أي‪ :‬للرمحة (للع‪FFFF‬المين) االنس واجلن ب ‪++ + + + +‬ك(‪)١‬‬
‫والبالغ ‪ :‬الكفاية وما تبلغ به البغية‪ .‬وما ذكره هنا من ان هذا القران فيه الكفاية للعاب‪++‬دين وم‪++‬ا يبلغ‪++‬ون‬
‫به بغيتهم‪ .‬أي‪ :‬من خري الدنيا واالخرة ذكره يف غري هذا املوضع كقوله ‪" :‬هذا بالغ للناس ولين‪+‬ذروا ب‪+‬ه وليعلم‪+‬وا‬
‫امنا هو اله واحد وليذكر اولو االلباب" وخص القوم العابدين بذلك الهنم هم املنتفعون به‪.‬‬
‫هو رحمة للعالمين صلى هللا عليه وسلم‬
‫(‪ - )١‬ويف حق املالئكة عليهم السالم ايضا‪ .‬وذكر صاحب الشفاء ان النىب ص‪+‬لى اهلل علي‪+‬ه وس‪+‬لم ق‪+‬ال‬
‫جلربي‪++‬ل علي‪++‬ه الس‪++‬الم ‪ :‬ه‪++‬ل اص‪++‬ابك من ه‪++‬ذه الرمحة ش‪++‬يء؟ ق‪+‬ال‪ :‬نعم‪ .‬كنت اخش‪++‬ى العاقب‪++‬ة ف‪+‬امنت بثن‪++‬اء اهلل تع‪++‬اىل‬
‫علي يف القران بقوله سبحانه ‪" :‬ذي قوة عند ذي العرش مكني مطاع مث أمني" وعلى صحة ه‪+‬ذا يش‪+‬مل "الع‪+‬املني"‬
‫امللئكة عليهم السالم ‪.‬وقد ذكر اإلمام السيوطي يف تزيني االرائك‪ :‬انه مل يقف له على اسناد‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬املراد بالعاملني مجيع اخللق ‪ .‬فان العامل ما سوى اهلل تعاىل وصفاته ج‪++‬ل ش‪++‬انه ‪ .‬ومجع مجع العقالء‬
‫تغليبا لالش‪+‬رف على غ‪+‬ريه‪ .‬وه‪+‬و ك‪+‬ذلك‪ .‬الن‪+‬ه ص‪+‬لى اهلل علي‪+‬ه وس‪+‬لم امنا بعث رمحة لك‪+‬ل ف‪+‬رد من الع‪++‬املني ملئكتهم‬
‫وانسهم وجنهم‪ .‬وال فرق بني املؤمن والكافر من االنس واجلن يف ذلك‪ .‬والرمحة متفاوتة ‪.‬‬
‫ولق ‪++‬د ارس ‪++‬ل اهلل رس ‪++‬وله لالنس واجلن كاف ‪++‬ة بكت ‪++‬اب مفت ‪++‬وح للعق ‪++‬ول حينم ‪++‬ا بلغت س ‪++‬ن الرش ‪++‬د العقلي‬
‫مستعدا لتلبية احلاجات املتجددة اليت يعلمها خالق البشر‪ .‬وهو اعلم مبن خلق ومبا خلق وهو اللطيف اخلبري‪.‬‬
‫وق ‪++‬د وض ‪++‬ع ه ‪++‬ذا الكت ‪++‬اب اص ‪++‬ول املنهج ال ‪++‬دائم للحي ‪++‬اة االنس ‪++‬انية املتج ‪++‬ددة‪ .‬وت ‪++‬رك للبش ‪++‬رية ان تس ‪++‬تنبط‬
‫االحك‪+‬ام اجلزئي‪+‬ة ال‪+‬يت حتت‪+‬اج اليه‪+‬ا يف حياهتا املتج‪+‬ددة دون اص‪+‬طدام باص‪+‬ول املنهج‪ .‬فرس‪+‬الته رمحة يف نفس‪+‬ه‪ ،‬ورمحة‬
‫لقومه‪ ،‬ورمحة للبشرية‪ ،‬ورمحة للعاملني كلها‪.‬‬
‫واملب‪++‬ادئ ال‪++‬يت ج‪++‬اء هبا ك‪++‬انت غريب‪++‬ة يف اول االم‪++‬ر على ض‪++‬مري البش‪++‬رية لبع‪++‬د م‪++‬ا ك‪++‬ان بينه‪++‬ا و بني واق‪++‬ع‬
‫احلي ‪++‬اة الواقعي ‪++‬ة والروحي ‪++‬ة من مس ‪++‬افة‪ .‬ولكن البش ‪++‬رية اخ‪++‬ذت من يومه‪++‬ا تق ‪++‬رب ش ‪++‬يئا فش ‪++‬يئا من اف‪++‬اق ه ‪++‬ذه املب ‪++‬ادئ‬
‫فتزول غرابتها يف حسها‪ ،‬ووتتبناها وتنفذها ولو حتت عنوانات اخرى‪.‬‬
‫وق‪+‬د ج‪+‬اء لين‪++‬ادي بانس‪++‬انية واح‪+‬دة ت‪++‬ذوب فيه‪+‬ا الف‪++‬وارق اجلنس‪++‬ية واجلغفرافي‪++‬ة حتت عقي‪++‬دة واح‪+‬دة ونظ‪+‬ام‬
‫اجتم‪++‬اعي واح‪++‬د‪ .‬ويس‪++‬توي بني محي‪++‬ع الن‪++‬اس ام ‪++‬ام القض‪++‬اء والق ‪++‬انون يف ال‪++‬وقت ال‪++‬ذي ك‪++‬انت البش‪++‬رية تف ‪++‬رق الن‪++‬اس‬
‫طبق‪++‬ات كامنا االش‪++‬راف من طين‪++‬ة غ‪++‬ري طين‪++‬ة العبي‪++‬د! وجتع‪++‬ل ارادة الس‪++‬يد هي الق‪++‬انون يف عه‪++‬دي الرف‪++‬ه واال قط‪++‬اع!!‬
‫فكان غريبا يف ضمري البشرية!!!‬
‫ولكنه‪++‬ا تص‪++‬ل اىل ش‪++‬يء من ذل‪++‬ك املنهج‪ .‬ول‪++‬و يف ال‪++‬دعوى واالق‪++‬وال ومن ه‪++‬ذا وذل‪++‬ك كث‪++‬ري يش‪++‬هد ب‪++‬ان‬
‫الرسالة احملمدية كانت رمحة للبشرية وان حمم‪+‬دا ص‪+‬لى اهلل علي‪+‬ه وس‪+‬لم امنا ارس‪+‬ل اهلل رمحة للع‪+‬املني من امن ب‪+‬ه ومن‬
‫مل ي ‪++‬ؤمن ب ‪++‬ه على الس ‪++‬واء‪ .‬اذ البش ‪++‬رية كله ‪++‬ا ق ‪++‬د ت ‪++‬اثرت ب ‪++‬املنهج ال ‪++‬ذي ج ‪++‬اء ب ‪++‬ه طائع ‪++‬ة‪ ،‬او كاره ‪++‬ة ش ‪++‬اعرة‪ ،‬او غ ‪++‬ري‬
‫ش ‪++‬اعرة‪ .‬وم ‪++‬ا ت ‪++‬زال ظالل ه ‪++‬ذه الرمحة والرأف ‪++‬ة ملن يري ‪++‬د ان يس ‪++‬تظل ب ‪++‬ه ويس ‪++‬رتوح فيه ‪++‬ا بنس ‪++‬ائم الس ‪++‬ماء الرخي ‪++‬ة يف‬
‫هج ‪++‬ري االرض احملرق‪ .‬وخباص ‪++‬ة يف ه ‪++‬ذه االي ‪++‬ام‪ .‬وان ه ‪++‬ذه البش ‪++‬رية الي ‪++‬وم لفي اش ‪++‬د احلاج ‪++‬ة إىل حس ه ‪++‬ذه الرمحة‬
‫ونداها‪ .‬وهي قلقة حائرة شاردة يف متاهات املادية‪ .‬وجحيم املروب وجفاف االرواح والقلوب‬
‫عن ايب هري ‪++‬رة ق ‪++‬ال ‪ :‬ي ‪++‬ا رس ‪++‬ول اهلل ادع على املش ‪++‬ركني ‪ .‬ق ‪++‬ال‪ ":‬اين مل ابعث لعان ‪++‬ا وامنا بعثت رمحة"‬
‫رواه مس‪++‬لم‪ .‬ولعل‪++‬ه يؤي‪++‬د نص‪++‬ب "رمحة" يف االي‪++‬ة على احلال كم‪++‬ا يف ح‪++‬ديث ايب هري‪++‬رة‪ :‬ان‪++‬ه ص‪++‬لى اهلل علي‪++‬ه وس‪++‬لم‬
‫ق‪++‬ال‪" :‬امنا ان‪++‬ا رمحة مه‪++‬داة" رواه ال‪++‬بيهقي يف ال‪++‬دالئل ‪ .‬وعن ابن عب‪++‬اس رض‪++‬ي اهلل عن‪++‬ه يف قول‪++‬ه "وم‪++‬ا ارس‪++‬لناك اال‬

‫اآليات ‪ ١١٢-١٠٥‬في موقف النبي‪‬من الناس‬ ‫‪٥٠٢‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫قل امنا يوحى ايل أمنا اهلكم اله واحد‬


‫(قل انما يوحى الي انما الهكم اله واحد) أي ‪ :‬ما يوحى ايل يف امر االله اال وحدانيته(‪)١‬‬
‫رمحة للع ‪++‬املني" ق ‪++‬ال‪ " :‬من آمن باهلل والي ‪++‬وم االخ ‪++‬ر كتب ل ‪++‬ه الرمحة يف ال ‪++‬دنيا واالخ ‪++‬رة ومن مل ي ‪++‬ؤمن باهلل ورس ‪++‬وله‬
‫عويف مما اصاب االمم من اخلسف والقذف" رواه ابن جرير وابن أيب حامت‪.‬‬
‫وعن جبري بن مطعم عن ابيه قال ‪ :‬قال ابو جه‪+‬ل حني ق‪+‬دم مك‪+‬ة منص‪+‬رفه عن "مخرة"‪ :‬ي‪+‬ا معش‪+‬ر ق‪+‬ريش‬
‫ان حمم‪++‬دا ن‪++‬زل ي‪++‬ثرب وارس‪++‬ل طالئع‪++‬ه وامنا يري‪++‬د ان يص‪++‬يب منكم ش‪++‬يئا فاح‪++‬ذروا ان متروا طريق‪++‬ه او تق‪++‬اربوه‪ .‬فان‪++‬ه‬
‫كاالس‪++‬د الض‪+‬اري‪ .‬ان‪++‬ه حن‪++‬ق عليكم ألنكم نفيتم‪++‬وه نفي الق‪++‬ردان عن املناس‪++‬م‪ .‬واهلل إن ل‪+‬ه لس‪++‬حرة م‪++‬ا رأيت‪++‬ه ق‪+‬ط وال‬
‫اح‪++‬دا من اص‪++‬حابه اال رأيت معهم الش‪++‬ياطني‪ .‬وانكم ق‪++‬د ع‪++‬رفتم ع‪++‬داوة اب‪++‬ين قيل‪++‬ة – يع‪++‬ين االوس واخلزرج – فه‪++‬و‬
‫عدو استعان بعدو‪.‬‬
‫فق ‪++‬ال ل ‪++‬ه مطعم بن ع ‪++‬دي ‪ :‬ي ‪++‬ا اب ‪++‬ا احلكم واهلل م ‪++‬ا رأيت اح ‪++‬دا اص ‪++‬دق لس ‪++‬انا‪ ،‬وال اص ‪++‬دق موع ‪++‬دا من‬
‫اخيكم الذي طردمت‪ .‬واذا فعلتم الذي فعلتم فكونوا اكف الناس عنه‪ .‬قال ابو سفيان بن احلارث‪ :‬كونوا اش‪++‬د م‪++‬ا‬
‫كنتم علي ‪++‬ه‪ .‬ان اب ‪++‬ين قيل ‪++‬ة ان ظف ‪++‬روا بكم مل يرقب ‪++‬وا فيكم اال وال ذم ‪++‬ة‪ .‬وان اطمعتم ‪++‬وين احلمتم ‪++‬وهم خ ‪++‬رب كنان ‪++‬ة او‬
‫خترج‪++‬وا حمم ‪++‬دا من بني ظه‪++‬رانيهم فيك ‪++‬ون وحي ‪++‬دا مط‪++‬رودا‪ .‬وام ‪++‬ا ابن ‪++‬ا قيل ‪++‬ة فواهلل م ‪++‬ا مها واه ‪++‬ل دهل ‪++‬ك قي املذل‪++‬ة اال‬
‫سواء واكفيكم حدهم وقال ‪:‬‬
‫سامنح جانبا مين غليظا =على ما كان من قرب وبعد‬
‫رجال اخلزرجية اهل ذل = اذا ما كان هزل بعد جد‬
‫فبلغ ذلك رس‪+‬ول اهلل ص‪+‬لى اهلل علي‪+‬ه وس‪+‬لم ق‪+‬ال‪" :‬وال‪+‬ذي نفس‪+‬ي بي‪+‬ده القتلنهم والص‪+‬لبنهم‪ ،‬واله‪+‬دينهم‬
‫وهم ك ‪++‬ارهون‪ .‬اين رمحة بعث ‪++‬ين اهلل وال يتوف ‪++‬اين ح ‪++‬ىت يظه ‪++‬ر اهلل دين ‪++‬ه‪ .‬يل مخس ‪++‬ة امساء ان ‪++‬ا حمم ‪++‬د وامحد وان ‪++‬ا املاحي‬
‫ال‪++‬ذي ميح‪++‬و اهلل يب الكف‪++‬ر‪ .‬وأن‪++‬ا احلاش‪++‬ر ال‪++‬ذي حيش‪++‬ر الن‪++‬اس على ق‪++‬دمي وان‪++‬ا الع‪++‬اقب" رواه الط‪++‬رباين‪ .‬ق‪++‬ال امحد بن‬
‫صاحل ‪ :‬ارجو ان يكون احلديث صحيحا‪.‬‬
‫وعن عم‪++‬ر بن ايب ق‪+‬رة الكن‪++‬دي ق‪+‬ال‪ :‬ك‪++‬ان حذيف‪++‬ة باملدائن فك‪++‬ان ي‪++‬ذكر اش‪++‬ياء قاهلا رس‪++‬ول اهلل ص‪++‬لى اهلل‬
‫عليه وسلم فجاء حذيف‪++‬ة اىل س‪+‬لمان فق‪++‬ال س‪+‬لمان ‪ :‬ي‪+‬ا حذيف‪++‬ة ان رس‪+‬ول اهلل ص‪+‬لى اهلل علي‪+‬ه وس‪+‬لم خطب فق‪++‬ال ‪:‬‬
‫"اميا رج ‪++‬ل س ‪++‬ببته يف غض ‪++‬يب او لعنت ‪++‬ه لعن ‪++‬ة فامنا ان ‪++‬ا رج ‪++‬ل من ول ‪++‬د آدم اغض ‪++‬ب كم ‪++‬ا تغض ‪++‬بون وامنا بعث ‪++‬ين اهلل رمحة‬
‫للعاملني فاجعلها صالة عليه يوم القيامة" رواه االمام امحد وابوداود‪ .‬وعن ايب هريرة قال صلى اهلل عليه وسلم "اين‬
‫مل ابعث لعانا وامنا بعثت رمحة" رواه مسلم ورواه احلاكم بلفظ "امنا انا رمحة مهداة"‬
‫وال يشني احتمال التعليل م‪++‬ا ذهب الي‪+‬ه اال ش‪+‬اعرة من ع‪+‬دم تعلي‪+‬ل افعال‪+‬ه عزوج‪+‬ل‪ .‬ف‪+‬ان املاتريدي‪+‬ة وك‪+‬ذا‬
‫احلنابل‪++‬ة ذهب‪++‬وا اىل خالف‪++‬ه وردوه مبا ال مزي‪++‬د علي‪++‬ه على ان‪++‬ه ال م‪++‬انع من ان يق‪++‬ال في‪++‬ه كم‪++‬ا قي‪++‬ل يف س‪++‬ائر م‪++‬ا ظ‪++‬اهره‬
‫التعليل ووجود املانع هنا توهم حمض‪ .‬فتدبر‪ .‬مث ال خيفى ان تعلق "للعاملني" برمحة هو الظاهر‪.‬‬
‫(‪ - )١‬فعنص‪++‬ر الرمحة االص‪++‬يل يف تل‪++‬ك الرس‪++‬الة ه‪++‬و عنص‪++‬ر التوحي‪++‬د ال‪++‬ذي يكف‪++‬ل بك‪++‬ل انس‪++‬ان ان يق‪++‬ف‬
‫مرفوع الراس‪ .‬فال تنحين الرؤوس اال هلل الواحد القهار‬
‫وه ‪++‬و ينق ‪++‬ذ البش ‪++‬رية من اوه ‪++‬ام اجلاهلي ‪++‬ة‪ ،‬ومن اثق ‪++‬ال الوثني ‪++‬ة‪ .‬ومن ض ‪++‬غط اخلراف ‪++‬ات واالوه ‪++‬ام ‪ .‬وحيت ‪++‬اط‬
‫ص‪++‬يانة من مظ‪++‬اهر الش‪++‬رك اعظم احليط‪++‬ة ح‪++‬ىت يبقى مص‪++‬ون احلمى بعي‪++‬دا عن عوام‪++‬ل الزي‪++‬غ واالحنراف‪ .‬ل‪++‬ذا هني عن‬
‫الف‪++‬اظ ت‪++‬وهم املس‪++‬اواة بني اهلل تع‪++‬اىل وبني اح‪++‬د من خلق‪++‬ه كق‪++‬ول ‪":‬ان‪++‬ا يف محى اهلل وفالن" او "ان‪++‬ا متك‪++‬ل على اهلل‬
‫وعليك" ‪ ,‬او "ما شاء اهلل وفالن" او "باسم اهلل وباسم فالن"‪.‬‬
‫اآليات ‪ ١١٢-١٠٥‬في موقف النبي‪‬من الناس‬ ‫‪٥٠٣‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫فهل انتم مسلمون ‪ ١٠٨‬ف‪+‬ان تول‪+‬وا فق‪+‬ل ءاذنتكم على س‪+‬واء وان ادري اق‪+‬ريب أم بعي‪+‬د م‪+‬ا توع‪+‬دون‬
‫‪ ١٠٩‬إنه يعلم اجلهر من القول ويعلم ما تكتمون ‪١١٠‬‬

‫(فهل انتم مسلمون) منقاذون ملا يوحى ايل من وحداني‪++‬ة االل‪++‬ه؟(‪ )١‬واالس‪++‬تفهام مبع‪++‬ىن األم‪++‬ر (فان تولوا)‬
‫عن ذلك (فقل آذنتكم) اعلمتكم ب‪++‬احلرب (على سواء) ح‪++‬ال من الفاع‪++‬ل واملفع‪++‬ول(‪ ،)٢‬أي‪ :‬مس‪++‬توين يف‬
‫علم ‪++‬ه ال اس ‪++‬تبد ب ‪++‬ه دونكم‪ ،‬لتت ‪++‬اهبوا(‪( )٣‬وان) م ‪++‬ا (ادري اقريب أم بعيد ما توعدون) من الع ‪++‬ذاب او‬
‫القيام ‪++‬ة املش ‪++‬تملة علي ‪++‬ه‪ ،‬وامنا يعلم ‪++‬ه اهلل(‪( .)٤‬إنه) تع ‪++‬اىل (يعلم الجهر من القول) والفع ‪++‬ل‪ ،‬منكم ومن‬
‫غريكم(‪( )٥‬ويعلم ما تكتمون) انتم وغريكم من السر(‪)٦‬‬
‫وهني عن الفاظ فيها تعظيم غرياهلل تعالىكاحللف باآلباء واالبناء‪ .‬وح‪+‬رم ك‪+‬ل وس‪+‬يلة تفض‪+‬ي اىل االخالل‬
‫بقواع‪++‬ده ممايوحي االلوهي‪++‬ة مماهو ذريع‪++‬ة الىالش‪++‬رك كبن‪++‬اء املس‪++‬اجدعلىالقبور‪ ،‬او اخ‪++‬ذ املس‪++‬اجد قب‪++‬ورا‪ .‬فق‪++‬د ثبت عن‬
‫رسول اهلل‪ ‬انه قال‪" :‬لعن اهلل اليهود والنصارىاختذوا قبورانبيائهم مساجد"رواه االمام امحدوالبخاري وغريمها‪.‬‬
‫(‪ - )١‬هذا هو طريق الرمحة – الس‪+‬ؤال الواح‪+‬د – ال‪+‬ذي يكل‪+‬ف رس‪+‬ول اهلل ‪ ‬ان يلقي‪+‬ه على املك‪+‬ذبني‬
‫املستهزئني‪.‬‬
‫وكم ‪++‬ا ب ‪++‬دأت الس ‪++‬ورة بال ‪++‬دعوة اىل التوحي ‪++‬د‪ ،‬واالس ‪++‬تعداد لالخ ‪++‬رة واالنتف ‪++‬اع ب ‪++‬الوحي ختمت باملع ‪++‬اين‬
‫نفسها "قل امنا يوحى ايل‪".....‬‬
‫ق‪++‬ال تع‪++‬اىل مبين‪++‬ا خس‪++‬ارة اجلاح‪++‬دين ‪" :‬امل ت‪++‬ر اىل ال‪++‬ذين ب‪++‬دلوا نعم‪++‬ة اهلل كف‪++‬را واحل‪++‬وا ق‪++‬ومهم دار الب‪++‬وار‬
‫جهنم يص ‪++‬لوهنا وبئس الق ‪++‬رار" (اب ‪++‬راهيم ‪ )٢٩-٢٨‬وق ‪++‬ال يف ص ‪++‬فة الق ‪++‬رآن ‪" :‬ق ‪++‬ل ه ‪++‬و لل ‪++‬ذين آمن ‪++‬وا ه ‪++‬دى وش ‪++‬فاء‬
‫والذين ال يؤمنون يف آذاهنم وقر وهو عليهم عمى اولئك ينادون من مكان بعيد" (فصلت ‪)٤٤ :‬‬
‫(‪ - )٢‬مع‪++‬ا – يع‪++‬ىن‪ :‬موض‪++‬ع احلال – أي‪ :‬مس‪++‬تويا ان‪++‬ا وانتم يف املع‪++‬اداة‪ .‬او يف العلم مبا اعلمتكم ب‪++‬ه من‬
‫وحدانية اهلل تعاىل لقيام االدلة عليه‪+‬ا‪ .‬او من املفع‪++‬ول االول‪ .‬أي ‪ :‬ك‪+‬ائنني على س‪+‬واء يف االعالم ب‪+‬ذلك‪ .‬وجيوز ان‬
‫يكون اجلار واجملرور يف موضع الصفة ملصدر مقدر‪ ,‬أي ‪ :‬ايذانا على سواء‪.‬‬
‫(‪ - )٣‬أي‪ :‬ليكن علم ‪++‬ك وعلمهم بنب ‪++‬ذ العه ‪++‬د على الس ‪++‬واء‪ .‬وق ‪++‬ال بعض ‪++‬هم ‪ :‬ه ‪++‬ذا مع ‪++‬ىن االي ‪++‬ة‪ ,‬لقول ‪++‬ه‬
‫تع ‪++‬اىل‪" :‬وام ‪++‬ا ختافن من ق ‪++‬وم خيان ‪++‬ة ‪( "....‬االنف ‪++‬ال‪ )٥٨ :‬اوكش ‪++‬فت لكم م ‪++‬ا عن ‪++‬دى‪ .‬فان ‪++‬ا وانتم على علم س ‪++‬واء‪.‬‬
‫فاالي‪++‬ذان يك‪++‬ون ال يف احلرب الهنا ف‪++‬رتة الس‪++‬لم واعالم الفري‪++‬ق االخ‪++‬ر اهنا ح‪++‬رب ال س‪++‬الم‪" .‬وان ك‪++‬ذبوك فق ‪++‬ل يل‬
‫عملي ولكم عملكم ‪( "....‬يونس ‪)٤١‬‬
‫(‪ - )٤‬آذنتكم علي س‪++‬واء‪ ,‬ولس‪++‬ت ادرى م‪++‬ىت حيل بكم م‪++‬ا توع‪++‬دون ‪ ,‬فه‪++‬و غيب من غيب اهلل ‪ ,‬وه‪++‬و‬
‫واقع كائن ال حمالة‪ .‬ولكن ال علم يل بقربه وال ببعده‪ .‬وحني يعذبكم يعذبكم مبا يعلم من امركم ظاهره وخافيه‪,‬‬
‫واذا اخ‪+‬ر عنكم الع‪+‬ذاب فحكم‪+‬ة ت‪+‬اخريه عن‪+‬د اهلل‪ .‬وم‪+‬ا ادري م‪+‬ا يري‪+‬د هبذا الت‪+‬اخري‪ ،‬فلعل‪+‬ه يري‪+‬د ان يك‪+‬ون فتن‪+‬ة لكم‬
‫وابتالء فيمتعكم اىل اجل مث ياخذكم اخذ عزيز مقتدر‪.‬‬
‫واملقصود هو ان يعلنهم بانه قد نفض يده منهم وت‪+‬ركهم ع‪+‬املني مبص‪+‬ريهم فلم يع‪+‬د هلم بع‪+‬د ذل‪+‬ك ع‪+‬ذر‪.‬‬
‫الن السورة مكية ومل يكن القتال قد فرض بعد‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬من الطعن يف االسالم وتكذيب اآليات اليت من مجلتها ما نطق مبجيئ املوعود‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬من االحن واحلق‪++ +‬د والكي‪++ +‬د على املس‪++ +‬لمني ‪ ,‬فيج‪++ +‬ازيكم علي‪++ +‬ه ‪ .‬أي‪ :‬ان اهلل يعلم الغيب مجيع‪++ +‬ا‬
‫ويعلم ما يظهره العباد وما يسرون ‪ .‬وسيجزيكم على قليل ذلك وكثريه ‪.‬‬
‫في شرع هللا تعالى ودينه‬ ‫‪٥٠٤‬‬ ‫على هامش التفاسير سورة األنبياء ‪٢١‬‬

‫وان أدري لعله فتنة لكم ومتع إىل حني‪ ١١١‬قل رب احكم باحلق وربنا ال‪++‬رمحن املس‪++‬تعان على م‪++‬ا‬
‫تصفون‪١١٢‬‬

‫(وان) م‪++‬ا (ادري لعله) أي ‪ :‬م‪++‬ا اعلمتكم ب‪++‬ه ومل يعلم وقت‪++‬ه (فتنة) اختب‪++‬ار (لكم) ل‪++‬ريى كي‪++‬ف ص‪++‬نعكم‬
‫(ومتاع) متتيع (الى حين) أي‪ :‬انقض‪++‬اء آج‪++‬الكم(‪ ،)١‬وه‪++‬ذا مقاب‪++‬ل االول املرتجى بـ "لع‪++‬ل" وليس الث‪++‬اين‬
‫حمال لل ‪++‬رتجي‪( .‬قل) ويف ق ‪++‬راءة "ق ‪++‬ال"(‪( )٢‬رب احكم) بي ‪++‬ين وبني مك ‪++‬ذيب (بالحق)(‪ )٣‬بالع ‪++‬ذاب هلم او‬
‫النص‪++ +‬ر عليهم‪ ,‬فع‪++ +‬ذبوا بب‪++ +‬در واح‪++ +‬د وح‪++ +‬نني واالح‪++ +‬زاب واخلن‪++ +‬دق ونص‪++ +‬ر عليهم‪( .‬وربن‪FF‬ا ال‪FF‬رحمن(‪)٤‬‬
‫المستعان(‪ )٥‬على ما تصفون) من ك ‪++‬ذبكم على اهلل يف ق ‪++‬ولكم‪" :‬اختذ ول ‪++‬دا" ويف ق ‪++‬ولكم ‪" :‬س ‪++‬احر"‬
‫وعلى القران يف قولكم‪" :‬شعر" (‪)٦‬‬
‫(‪ - )١‬أي‪ :‬وم‪++‬ا ادري لع‪++‬ل ت‪++‬أخري الع‪++‬ذاب عنكم ابتالء‪ ،‬واختب‪++‬ار لكم ‪ ،‬ومتتيع بل‪++‬ذات ال‪++‬دنيا اىل اج‪++‬ل‬
‫مقدر تقتضيه مشيئته ‪ .‬والقلب البشري ليغفل عما ينتظره من غيب اهلل‪ .‬وان املتاع ليخدع فينسى االنس‪++‬ان ان م‪++‬ا‬
‫وراء الس ‪++‬تار ال يدري ‪++‬ه ‪ .‬وال يكش ‪++‬ف عن ‪++‬ه اال اهلل موع ‪++‬ده املغيب اجمله ‪++‬ول‪ .‬فه ‪++‬ذا االن ‪++‬ذار ي ‪++‬رد القل ‪++‬وب اىل اليقظ ‪++‬ة‬
‫ويعذر إلينا بني يدي اهلل قبل فوات االوان‪.‬‬
‫(‪ - )٢‬قرأ حفص "قال" على حكاية قول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫في شرع هللا تعالى ودينه‬
‫(‪ - )٣‬يق‪++‬وم ش‪++‬رع اهلل ودين‪++‬ه على عقي‪++‬دة التوحي‪++‬د اخلالص من ش‪++‬وائب الش‪++‬رك‪ ،‬وعلى الع‪++‬دل والقس‪++‬ط‬
‫فاهلل س‪++‬بحانه يقض‪++‬ي ب‪++‬احلق‪ ،‬وينص‪++‬ر اه‪++‬ل احلق واالميان باهلل‪ .‬وخيذل الظلم‪++‬ة والكف‪++‬ار‪ ,‬وي‪++‬دحر الظلم واهل‪++‬ه‪ ,‬ويعني‬
‫املظل‪++‬وم وينص‪++‬ر الض‪++‬عيف‪ ،‬وينتص‪++‬ف للفق‪++‬ري من الغ‪++‬ين‪ ،‬ويس‪++‬وي بني اخلص‪++‬مني ‪ -‬ولوك‪++‬ان اح‪++‬دمها مس‪++‬لما واآلخ‪++‬ر‬
‫كافرا‪ -‬ويدعو اىل الرمحة واالحسان‪ .‬وينهى عن الفحشاء واملنكر والبغي‪.‬‬
‫وه‪+‬ذه هي اص‪+‬ول احلض‪+‬ارة الص‪+‬حيحة ون‪+‬واة – الدميقراطي‪+‬ة – الس‪+‬ديدة‪ .‬فال تعص‪+‬ب في‪+‬ه وال ظلم ‪ ,‬وال‬
‫جهل وال فوضى‪ .‬وامنا العلم واملعرفة والوعي منهاج احلياة االسالمية وطريق الدعوة القرآنية ومصباح العامل كله‪.‬‬
‫(‪ - )٤‬كثري الرمحة على خلقه‪.‬‬
‫(‪ - )٥‬املطلوب منه املعرفة‪.‬‬
‫(‪ - )٦‬أي‪ :‬على م ‪++ +‬ا تقول ‪++ +‬ون وتف ‪++ +‬رتون من الك ‪++ +‬ذب‪ .‬يتوج ‪++ +‬ه اىل رب ‪++ +‬ه ال ‪++ +‬رمحن يطلب احلق بين ‪++ +‬ه وبني‬
‫املس‪++‬تهزئني الغ‪++‬افلني‪ .‬ويس‪++‬تعينه على كي‪++‬دهم وتك‪++‬ذيبهم ‪ .‬وه‪++‬و وح‪++‬ده املس‪++‬تعان ‪ .‬وص‪++‬فة الرمحة الكب‪++‬رية هن‪++‬ا ذات‬
‫م‪++‬دلول ‪ .‬فه‪++‬و ال‪++‬ذي ارس‪++‬له رمحة للع‪++‬املني‪ .‬فك‪++‬ذب ب‪++‬ه املك‪++‬ذبون واس‪++‬تهزأ ب‪++‬ه املس‪++‬تهزؤون‪ .‬وه‪++‬و الكفي‪++‬ل ب‪++‬ان ي‪++‬رحم‬
‫رس ‪++ +‬وله ويعين ‪++ +‬ه على م ‪++ +‬ا يص‪++ +‬فون ‪ .‬واالحتك ‪++ +‬ام اىل اهلل ان ‪++ +‬ذار واظه‪++ +‬ار للح‪++ +‬ق‪ ,‬وتوع ‪++ +‬د للكف ‪++ +‬ار وهتدي ‪++ +‬د باهلزمية‬
‫واالندحار امام جند االميان وايضاح احلق‪.‬‬
‫اللهم اجعلن ‪++‬ا ظ ‪++‬اهرين على احلق أينم ‪++‬ا كن ‪++‬ا مهم ‪++‬ا كن ‪++‬ا وال جتع ‪++‬ل مص ‪++‬يبتنا يف دينن ‪++‬ا وال يف دنيان ‪++‬ا وال‬
‫تؤاخ ‪++‬ذنا مبا كس ‪++‬بت أي ‪++‬دينا وإلي ‪++‬ك نش ‪++‬كو وخنض ‪++‬ع أحس ‪++‬ن س ‪++‬ريرتنا كم ‪++‬ا أحس ‪++‬نت س ‪++‬ريتنا وال جتعلن ‪++‬ا حمال للبل ‪++‬وى‬
‫واجعلنا ممن مسع القول واتبع أحس‪+‬نه ‪ .‬وص‪+‬ل الس‪+‬ري إىل هن‪+‬ا مبحض فض‪+‬ل اهلل وكرم‪+‬ه وج‪+‬وده راجي‪+‬ا من‪+‬ه أن يوفقن‪+‬ا‬
‫يف املض‪+‬ي فيم‪++‬ا بع‪++‬د‪ .‬ربن‪++‬ا تقب‪++‬ل من‪++‬ا إن‪++‬ك أنت الس‪++‬ميع العليم وتب علين‪++‬ا إن‪++‬ك أنت الت‪++‬واب ال‪+‬رحيم وص‪++‬لى اهلل على‬
‫خري خلقه سيدنا حممد وآله وصحبه وسلم واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

You might also like