مدخـــل: يتميز اإلنسان عن باقي الكائنات بالعقل ،وهو ما جعله كائنا ثقافيا بامتياز ،وتتجلى ثقافته في العديد من المظاهر والتجليات ،ومن أبرزها :اللغة ،والمؤسسات ،وأنماط العيش ،والتبادل. فبأي معنى يمكن اعتبار اإلنسان كائنا لغويا؟ وما الذي يميز اللغة اإلنسانية عن اللغة الحيوانية؟ ما هي المؤسسة؟ وكيف ظهرت؟ وبأي معنى يمكن اعتبار المؤسسة مظهرا من مظاهر الثقافة لدى اإلنسان؟ مؤلف النص: كلود ليفي ستراوس :هو مفكر أنثروبولوجي فرنسي معاصر ،ولد في بروكسيل سنة ،1908زعيم البنيوية في فرنسا ،اهتم باألنثروبولوجيا خصوصا وبالعلوم اإلنسانية عموما ،حيث اهتم بالخصوص بدراسة المجتمعات التي يطلق عليها المجتمعات البدائية /قام بتحليل الثقافات القديمة غير الغربية ،درس األساطير والنظم الثقافية ،وقارن فيما بينها ،من أهم مؤلفاته” :األنثروبولوجيا البنيوية” والبنى األولية للقرابة”. إشكالية النص: ما الذي يجعل من اإلنسان كائنا ثقافيا؟ و كيف السبيل إلى وضع خط فاصل بين الثقافة والطبيعة؟ أطروحة النص: حسب كلود ليفي ستراوس اإلنسان كائن لغوي بامتياز ،وما يجعله فريدا ومميـزا هو امتالكه للغة ،إذن فالصناعة حسبه ليست عالمة مميزة للثقافة بل اللغة المنطوقة. بنية النص: رفض صاحب النص معيار صنع األدوات باعتباره عالمة مميـزة للثقافة ،ألننا نجد الحيوانات أيضا تقوم بمحاوالت لصنع األدوات ،أي رفض فكرة تعريف اإلنسان بأنه صانع كعالمة مميـزة للثقافة ،كما اعتبـر ستراوس بأن اللغة هي الظاهرة الثقافية بامتياز ،وهي العالمة المميـزة للثقافة عن الطبيعة ،ذلك ألننا نتعلم ثقافة المجتمع وعاداته من خالل تعلم اللغة ،كما أنها (اللغة) هي الوسيلة األساسية للتواصل وتبادل األفكار ونقلها من جيل إلى آخر ،ويمكن النظر إلى المظاهر الثقافية كسنن ،ذلك أن الثقافة ظاهرة رمزية لها قوانينها الخاصة يمكن فهمها من خاللها ،ما يجعل اإلنسان منتميا إلى عالم الثقافة هي قدرته على التواصل اللغوي مع أفراد جماعته البشرية. البنية المفاهمية: أ – الثقافة :هي مجموع األنشطة الفكرية التـي ينتجها اإلنسان في مجتمع معين (فن ،تقنية ،لغة ،مؤسسات ،تقاليد ،عادات…). ب – اإلنسان الصانع :هو الكائن الذي يصنع األدوات عن طريق تحويله للمواد الطبيعية إلى منتوجات صناعية وثقافية قابلة لالستعمال. ج – اللغة :سلسلة من األصوات الدالة المتوافق عليها عند جماعة لغوية معينة تستعملها كأداة للتبليغ والتواصل. البنية الحجاجية: أ – أسلوب الدحض :انتقد كلود ليفي ستراوس األطروحات األنثروبولوجيا والفلسفية التي تعتبـر أن صنع األدوات هو ما يميز الثقافة عند اإلنسان ،وذلك من خالل المؤشرات اللغوية التالية: – إنني لست متفقا مع هذا الرأي… – ال في صنع األدوات… ب – أسلوب المثال االفتراضي“ :لنفترض أننا التقينا ” والهدف من هذا المثال هو بيان أن صنع األدوات ال يشكل ميزة لإلنسان عكس اللغة. د -أسلوب العرض :وتدل عليه المؤشرات اللغوية التالية: – وإنما في اللغة المنطوقة… – يبدو لي أن اللغة هي الظاهرة الثقافية بامتياز… – إن اللغة هي األداة األساسية… استنتاج: كلود ليفي ستراوس يتناول من خالل هذا النص إشكالية الحد الفاصل بين الطبيعة والثقافة إذ يدحض التصور السائد وسط األنتروبولوجيين لمدة زمنية طويلة والقائل بأن صنع األدوات هو الحد الفاصل بين الطبيعة والثقافة وفي المقابل ال يقدم ستراوس اإلنسان باعتباره صانعا ،فالصناعة ليست عالمة مميزة للثقافة ،بل ما يجعل اإلنسان إنسانا وينتمي إلى عالم الثقافة هو قدرته على التواصل اللغوي اللساني مع أفراد مجموعته البشرية ،وبهذا فاللغة هذه األداة األساسية والوسيلة التي تميـز اإلنسان عن باقي الموجودات باعتباره كائن ثقافي ،ويرجع ال سبب في اعتراضه على معيار صنع األدوات كحد فاصل بين الطبيعة والثقافة هو قدرة بعض الحيوانات على محاولة صنع األدوات ورغم ذلك لن تتمكن من تخطي حالة الطبيعة لولوج حالة الثقافة.بينما تعتبـر اللغة خاصية إنسانية محضة لذا يُكنَى اإلنسان بالكائن اللغوي.