Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 116

‫جامعة محمد خيضر بسكرة‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم الحقوق‬

‫مذكرة ماستر‬
‫ميدان‪ :‬احلقوق والعلوم الس ياس ية‬
‫فرع‪ :‬احلقوق‬
‫ختصص‪ :‬قانون دويل عام‪.‬‬
‫رمق‪........... :‬‬

‫اعداد الطالب‪:‬‬
‫فايزة رحميني‬
‫رمازنية عرجونة‬
‫يوم‪2022/06/21 :‬‬

‫دور حممكة العدل ادلولية يف تسوية الزناعات ادلولية‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬
‫رئيسا‬ ‫اجلامعة محمد خيرض بسكرة‬ ‫الرتبة‬ ‫برامهي حنان‬
‫مرشفا‬ ‫اجلامعة محمد خيرض بسكرة‬ ‫اس تاذة‬ ‫شربي عزيزة‬
‫مناقشا‬ ‫اجلامعة محمد خيرض بسكرة‬ ‫الرتبة‬ ‫نوي هناء‬
‫الس نة اجلامعية‪2022 - 2021 :‬‬
‫جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫قسم الحقوق‬

‫مذكرة ماستر‬
‫ميدان‪ :‬احلقوق والعلوم الس ياس ية‬
‫فرع‪ :‬احلقوق‬
‫ختصص‪ :‬قانون دويل عام‪.‬‬
‫رمق‪........... :‬‬

‫اعداد الطالب‪:‬‬
‫فايزة رحميني‬
‫رمازنية عرجونة‬
‫يوم‪.................................................................. :‬‬

‫دور حممكة العدل ادلولية يف تسوية الزناعات ادلولية‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬
‫رئيسا‬ ‫اجلامعة محمد خيرض بسكرة‬ ‫الرتبة‬ ‫العضو ‪1‬‬
‫مرشفا‬ ‫اجلامعة محمد خيرض بسكرة‬ ‫اس تاذة‬ ‫شربي عزيزة‬
‫مناقشا‬ ‫اجلامعة محمد خيرض بسكرة‬ ‫الرتبة‬ ‫العضو ‪3‬‬
‫الس نة اجلامعية ‪2022 - 2021 :‬‬
‫نشكر اهلل العلي القدير و الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬فبعون من اهلل تعالى‬
‫و توفيقه تم إنجاز هذا العمل‪ .‬ونسأل اهلل تعالى المزيد من التوفيق و النجاح‪.‬‬

‫أتقدم بخالص الشكر و التقدير إلى األستاذة الفاضلة المشرفة‪ :‬شبري عزيزة ‪ ،‬التي لم‬
‫تبخل علينا بنصائحها و توجيهاتها‪ ،‬و المعلومات القيمة التي بها تم تخطي الصعاب و‬
‫إتمام هذا البحث‪.‬‬

‫إلى من بث فينا حب التعليم ومواصلة التعلم‬

‫إلى كل من علمني حرفا أساتذة قسم الحقوق والعلوم السياسية بجامعة بسكرة ‪.‬‬

‫كما أتقدم بتحية شكر و تقدير إلى كافة أساتذة لجنة المناقشة ألنها سترى هذا العمل‬
‫بمالحظات قيمة و توجيهات سديدة‪ ،‬فلهم منا كل التقدير و االحترام سلفا وجزاهم اهلل عنا‬
‫خير الجزاء‪.‬‬
‫الإهداء‬

‫اهدي هذا العمل المتواضع‬

‫الى والدي ووالدتي الغاليين اطال اهلل في عمرهما‬

‫واالهداء الموصول‬

‫الى إخوتي وأخواتي األعزاء‪،‬‬

‫والى أساتذتي األفاضل‪،‬‬

‫والى زميل تي وصديقاتي‪،‬‬

‫وكل من يعرفني ‪...‬‬


‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تنشأ النزاعات الدولية تقريبا ألسباب مشابهة التي قد تنشأ عنها نزاعات االفراد مع ان‬
‫نتائج األولى اشد خط ار وأعمق أثر‪ ،‬فإلى جانب الخالفات البسيطة وسوء التفاهم اللذان قد‬
‫توتر‬
‫ا‬ ‫يعكران صفو العالقات بين دولتين أو أكثر لمدة قصيرة أو طويلة هنالك قضايا تسبب‬
‫واحتكاكا بين الدول وتعرض السلم واالمن الدوليين لخطر وتخل بالتوازن في العالقات الدولية‪.‬‬
‫وقضايا كهذه أدت في الماضي إلى الحرب والخراب غير أن العصر الذي نعيشه عصر‬
‫الذرة واألسلحة الفتاكة حمل الدول على االحجام على االندفاع بالنزاع إلى غير منتهاه‪ ،‬بحيث‬
‫في حالة عدم تمكن من حل النزاع قد تكتفي الدول المتنازعة بقطع العالقات الدبلوماسية أو‬
‫االقتصادية فيما بينها من دون أن تلجا احداها الى الحرب التي تبقى نسجا مهددا‪.‬‬
‫فعالم اليوم عالم تكامل وتعاون في شتى الميادين وال تستطيع دولة مهما بلغت من الغنى‬
‫والقوة واالستقرار أن تدعي االكتفاء الذاتي‪ ،‬لذا فسوء العالقات بين دولتين له مضاعفات ال‬
‫على مصالحهما فحسب ‪ ،‬بل على مصالح مجموعة من الدول وقد يؤدي األمر حين يكون‬
‫النزاع بين دولتين كبيرتين إلى مضاعفات تؤثر في اإلنسانية كلها‪.‬‬
‫و نظ ار لحاجة المجتمع الدولي الى االستقرار و التقليل من حدة النزاعات بين الدول كان‬
‫البد من وجود وسائل لتسوية هذه النزاعات بطرق سلمية القضائية ‪ ،‬نذكر منها التحكيم‬
‫الدولي و القضاء الدولي‪ ،‬حيث تعد محكمة العدل الدولية الهيئة القضائية الرئيسية في االمم‬
‫المتحدة ‪ ،‬و قد تم تأسيسها في اعقاب الحرب العالمية الثانية‪ ،‬أي منذ ازيد على ستة عقود‬
‫خلف لمحكمة العدل الدائمة التي كانت تعمل في زمن العصبة و لقد اصدرت محكمة العدل‬
‫الدولية العديد من الق اررات القضائية النهائية والملزمة لطرفي النزاع‪ ،‬ساهمت في ترسيخ عدد‬
‫من المبادئ واألسس والقواعد القانونية التي صار متعارفا عليها في العمل الدولي وأصبحت‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫مرجعا أساسيا للفصل في أي نزاع ينشأ بين دولتين أو أكثر ما يجعل منها المنبر القضائي‬
‫الرئيسي لتسوية النزاعات الدولية وتقديم االستشارات بشأن تفسير أي نص من نصوص الميثاق‬
‫أو المعاهدات الدولية أو أية مسألة يراد تقديم آراء قانونية استشارية في المسائل القانونية‬
‫المحالة اليها من قبل أجهزة األمم المتحدة الجمعية العامة او مجلس االمن بشأنها‪ ،‬و لسائر‬
‫فروع الهيئة و الوكاالت المرتبطة بها ممن يجوز أن تأذن لها الجمعية العامة بذلك في أي‬
‫وقت ‪،‬أن تطلب أيضا من المحكمة افتاءها فيما يعرض لها من المسائل القانونية الداخلة في‬
‫نطاق اعمالها ‪.1‬‬
‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫تتمثل أهمية الموضوع في أن محكمة العدل الدولية جهاز قضائي يحول دون تكوين‬
‫صراعات‪ ،‬وحروب بين الدول التي هي شخص من اشخاص القانون الدولي وتكمن أهمية‬
‫دراسة دور محكمة العدل الدولية من خالل دورها الفعال في إرساء مبادئ السلم واالمن‬
‫الدوليين التي هي من مبادئ ميثاق األمم المتحدة وذلك لتسويتها السلمية القضائية للنزاعات‬
‫بين الدول‪.‬‬
‫أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬
‫يرجع اختيارنا لهذا الموضوع الى األسباب التالية‪ - :‬اهتمامنا بدراسة القانون الدولي العام‬
‫والرغبة الشخصية في البحث في مجال النزاعات الدولية وفي كيفية تسويتها‪.‬‬
‫‪ -‬تقييم دور محكمة العدل الدولية والتعرف على الصعوبات التي واجهتها ومدى تأثيرها على‬
‫مستوى القضاء الدولي‪.‬‬

‫‪1‬انظر المادة (‪ )96‬من ميثاق األمم المتحدة الصادر في ‪ 26‬حزيران ‪ /‬يونيه ‪ ،1945‬سان فرانسيسكو‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫تسليط الضوء على دور محكمة العدل الدولي وذلك من خالل التعرف على نظامها القانوني‬
‫ومن خالل تسويتها الفعلية التطبيقية وذلك ببيان مجال اختصاصها القضائي من جهة ومن‬
‫جهة أخرى مجالها االستشاري‪.‬‬
‫االشكالية ‪:‬‬
‫‪ -‬هل نجحت محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‪ ،‬من خالل التوفيق بين‬
‫اختصاصها والمعالجة الميدانية؟‬
‫هذه اإلشكالية تسوقنا إلى تساؤالت فرعية وهي كالتالي‪:‬‬
‫مرحل نشأة محكمة العدل الدولية؟‬
‫‪ -‬ما هي ا‬
‫‪ -‬ما هي أوجه االختصاص محكمة العدل الدولية؟‬
‫‪ -‬ما هي اهم إنجازات محكمة العدل الدولية في مجال تسوية النزاعات الدولية؟‬
‫‪ -‬ما هي العقبات التي حالت دون تأدية محكمة العدل الدولية دورها في تسوية النزاعات‬
‫الدولية؟‬
‫المنهج المتبع‪:‬‬
‫بما ان طبيعة الموضوع تفرض منهجا معينا فعليه سنتطرق الى األساس القانوني لمحكمة‬
‫العدل الدولية بصفتها وسيلة تسوية وكما سنعرج على مختلف االتفاقيات‪ ،‬والمواقف الفقهية‬
‫ذات عالقة بالموضوع فال يتم ذلك اال باالعتماد على منهج تحليل مضمون‪ ،‬وكذلك المنهج‬
‫الوصفي‪ ،‬والتاريخي بما يتناسب مع سرد األحداث‪.‬‬
‫قسمنا من أجل اإلجابة على اإلشكالية الدراسة إلى فصلين حيث تناولنا في الفصل األول‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية الذي قسمناه بدوره إلى مبحثين‪ ،‬المبحث األول‬

‫ج‬
‫مقدمة‬

‫اإلطار العام الناظم لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬أما المبحث الثاني فيتمثل في مجال اختصاص‬
‫محكمة العدل الدولية‪ ،‬فيما تناولنا في الفصل الثاني الموسوم بفاعلية دور محكمة العدل الدولية‬
‫حيث قسمناه إلى المبحث األول المتمثل في التطبيقات العملية لتسوية النزاعات أمام محكمة‬
‫العدل الدولية‪ ،‬وكذا المبحث الثاني المتمثل في العقبات التي تحد من دور محكمة العدل‬
‫الدولية في تسوية النزاعات الدولية‪.‬‬

‫د‬
‫الفصل األول‬
‫اإلطار المفاهيمي‬
‫لمحكمة العدل الدولية‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬


‫تمهيد‪:‬‬
‫تعد محكمة العدل الدولية من أهم فروع منظمة األمم المتحدة حيث تمارس‬
‫اختصاصات بغية تحقيق أهداف و مقاصد‪ ،‬و التي تتمثل في فض المنازعات بالطرق‬
‫السلمية ‪ ،‬فمحكمة العدل الدولية تستخدم األساليب القضائية رغبة في تحقيق العدالة‪ ،‬و‬
‫تعمل وفق نظامها األساسي المبني على النظام األساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي‪،‬‬
‫و يعتبر نظامها األساسي جزءا ال يتج أز من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬وقد اهتمت األمم‬
‫المتحدة بإنشاء محكمة العدل الدولية اهتماما بالغا‪ ،‬وقد برز هذا االهتمام بتعدد نصوص‬
‫الميثاق بااللتزام بالقانون الدولي في فض المنازعات بين الدول بالوسائل السلمية‪ ،‬إذ‬
‫تضمنت ديباجة الميثاق ضرورة تحقيق العدالة و احترام االلتزامات الناشئة عن المعاهدات‬
‫و غيرها من مصادر القانون الدولي‪.‬‬
‫من المعلوم أن محكمة العدل الدولية تشارك أجهزة األمم المتحدة األخرى في تحقيق‬
‫الوظيفة التي أنشأت من اجلها المنظمة الدولية من خالل تسوية المنازعات الدولية قضائيا‬
‫بما ينسجم و مبادئ العدل و القانون الدولي‪ ،‬فالتسوية القضائية لمحكمة العدل الدولية‬
‫تتيح إمكانية دراسة النزاع دراسة معمقة من مختلف جوانبه القانونية‪ ،‬نظ ار لآللية التي‬
‫يستخدمها كل طرف لمحاولة شرعية موفقه‪ ،‬و إضافة الى دورها هذا في تسوية النزاعات‬
‫ال مقدمة اليها من طرف الدول تؤدي دو ار ال يقل أهمية تتمثل في اصدار اآلراء االستشارية‬
‫حول اية مسألة قانونية تحال اليها من قبل أجهزة االمم المتحدة و الوكاالت المتخصصة‬
‫المرخص لها اصوال‪ ،‬ولمعالجة هذا الموضوع و التعرف اكثر على مفهومها سنقوم بتقسيم‬
‫هذا الفصل الى مبحثين و هما اإلطار الناظم لمحكمة العدل الدولية(المبحث األول) و‬
‫مجال اختصاص محكمة العدل الدولية(المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلطار العام الناظم لمحكمة العدل الدولية‬


‫ارتبط انشاء المحاكم الدائمة ببداية التنظيم الدولي‪ ،‬و يرجع إصرار المنظمات الدولية‬
‫كعصبة األمم وخليفتها منظمة األمم المتحدة على انشاء المحاكم الدولية‪ ،‬الى رغبتها في‬
‫تسوية الخالفات الدولية بوسائل سلمية تحقيقا الهم اهداف المنظمات الدولية‪ ،‬و هو‬
‫المحافظة على السلم و االمن الدوليين‪ ،‬وال شك أن السلم و االمن يعدان الركيزة األساسية‬
‫لقيام مجتمع دولي معاصر مزدهر و متطور تسوده العدالة‪.‬‬
‫ومن ثم فإن المنازعات القائمة في جميع انحاء العالم‪ ،‬وتلك المتوقع وقوعها تتطلب‬
‫وجود نظام دولي جديد محترم للتسوية السلمية لها‪ ،‬وقد عدد ميثاق األمم المتحدة بعض‬
‫الوسائل السلمية لتسوية المنازعات الدولية‪ ،‬ومن بينها التسوية القضائية ‪1‬عن طريق‬
‫القضاء الدولي‪ ،‬والتي تحتل محكمة العدل الدولية المكانة البارزة فيه‪ ،‬ولذلك ومن خالل‬
‫هذا المبحث سوف نحاول القاء الضوء على الموضوع كما يلي‪ :‬مفهوم محكمة العدل‬
‫الدولية (المطلب االول) ثم الهيكل التنظيمي لمحكمة العدل الدولية (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم محكمة العدل الدولية‬
‫ان محكمة العدل الدولية التي انشأها ميثاق األمم المتحدة والتي تعتبر األداة‬
‫القضائية الرئيسية لهذه الهيئة‪ ،‬تباشر وظائفها وفقا ألحكام نظامها األساسي وقد مرت هذه‬
‫المحكمة بمراحل سبقت انشائها‪.‬‬
‫وعليه سيتم إعطاء تعريف لمحكمة العدل الدولية في (الفرع األول) بينما في (الفرع الثاني)‬
‫سنتطرق الى النشأة والتطور التاريخي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬

‫انظر المادة (‪ )33‬من ميثاق األمم المتحدة ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪7‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف محكمة العدل الدولية‬


‫نجد كل ما يتعلق بمحكمة العدل الدولية في نظامها األساسي وتعرف بأنها " مجموعة من‬
‫القضاة المستقلين الذين يتم انتخابهم بغض النظر عن جنسياتهم من بين األشخاص ذوي‬
‫التأهيل العالي والصفات الخلقية العالية‪ ،1‬وتقوم بعملها وفقا لنظامها األساسي الملحق‬
‫الميثاق األمم المتحدة وتتميز محكمة العدل الدولية كجهاز قضائي بخصائص عديدة‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -‬انها األداة القضائية الرئيسة لألمم المتحدة‪ ،‬تقوم بعملها وفق نظامها األساسي‬
‫الملحق بميثاق األمم المتحدة والذي يعد جزءا ال يتج أز منه وهي في ذلك تختلف‬
‫عن محكمة العدل الدولية الدائمة والتي لم تكن فرعا من فروع عصبة األمم‪ ،‬كما‬
‫أن نظامها األساسي لم يكن جزءا ال يتج أز من عهد العصبة‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر جميع أعضاء األمم المتحدة بحكم عضويتهم في المنظمة أطرافا في النظام‬
‫األساسي للمحكمة ويجوز لدولة ليست عضو في األمم المتحدة أن تنظم إلى‬
‫النظام األساسي للمحكمة بشروط تحددها الجمعية العامة بناء على توصية مجلس‬
‫‪2‬‬
‫االمن‪.‬‬
‫‪ -‬كما ال يعد وجود محكمة مانعا من وجود أجهزة قضائية أخرى إذ ينص الميثاق‬
‫على انه ليس فيه ما يمنع أعضاء األمم المتحدة من أن تعهد بحل ما ينشأ بينهم‬
‫من خالف الى محاكم أخرى بمقتضى اتفاقيات قائمة من قبل أو تعقد بينهم‬
‫مستقبال و هذا ما تضمنته المادة ‪ 65‬من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬لذا فإن الدول‬
‫ليست ملزمة باللجوء دائما الى محكمة العدل الدولية ‪ ،‬إذ يمكنهم اللجوء الى محاكم‬

‫‪1‬انظر المادة (‪ )92‬من ميثاق األمم المتحدة ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬


‫‪2‬محمد طلعت الغنيمي‪ ،‬التسوية القضائية للخلفات الدولية‪ ،‬مطبعة البرلمان‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1953 ،‬ص‪.103‬‬

‫‪8‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫أخرى و كذلك فإن انعقاد جلسات محكمة العدل الدولية يكون في مدينة الهاي‬
‫بهولندا أن كانت المحكمة تملك حق االنعقاد و مباشرة وظائفها في أي مكان اخر‬
‫‪1‬‬
‫كلما رأت ذلك مناسبا‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬النشأة والتطور التاريخي لمحكمة العدل الدولية‬
‫من الشروط األساسية في المجتمع الدولي كي يسوده النظام والتناسق‪ ،‬ان تقوم فيه‬
‫هيئة أو جهة قضائية تختص بالنظر في الخصومات التي قد تنشأ بين أعضاء هذا‬
‫المجتمع‪ ،‬وتوطئة للفصل فيها بتطبيق أحكام القانون الدولي‪ ،‬وقد كان هذا الشرط مفقودا‬
‫في المجتمع الدولي مما أدى إلى سيادة الفوضى واالضطراب فيه‪ ،2‬ولذلك سوف نتطرق‬
‫الى مراحل نشأة محكمة العدل الدولية كالتالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬قبل الحرب العالمية االولى‬
‫رغبة في إيجاد نظام قانوني لحل المنازعات ظهرت فكرة التحكيم الدولي ألول مرة في‬
‫معاهدة مايو عام ‪ 1794‬المبرمة بين بريطانيا و الواليات المتحدة االمريكية التي قررت‬
‫انشاء لجنة مختلطة للفصل في عدد من المنازعات القائمة بين الدولتين يعين كل طرف‬
‫نصف األعضاء و يراسها حكم ليكون فيصال بين الطرفين و قد أصدرت هذه اللجنة‬
‫قرارها التحكمي األول بشان قضية االلباما‪.‬‬
‫عام ‪ 1873‬ملزمة بريطانيا بدفع تعويض للواليات المتحدة عن قيامها ببعض االعمال‬
‫‪3‬‬
‫العدوانية و غرق السفن االمريكية و امداد واليات الجنوب االمريكية بالسالح‪.‬‬

‫‪1‬محمد طلعت الغنيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.04‬‬


‫‪2‬هاني حسن العشري‪ ،‬اإلجراءات في النظام القضائي الدولي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ 2011،‬ص ص‬
‫‪.68،67‬‬
‫‪3‬عبد السالم عرفة‪ ،‬التنظيم الدولي‪ ،‬طبعة ‪ ،2‬منشورات الجامعة المفتوحة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1997 ،‬ص‪.120‬‬

‫‪9‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫و بموجب مؤتمر الهاي األول اعام ‪ 1899‬تم إنشاء المحكمة الدائمة للتحكيم‪ ،‬غير انها‬
‫لم تكن محكمة دولية بمدلولها القانوني الصحيح ألنها اكتفت بتشكيل لجان محكمة‪ ،‬لكن‬
‫ذلك المؤتمر قد نجح في وضع إجراءات التحكيم و طبقا لنص المادة ‪ 20‬من اتفاقية‬
‫الهاي األولى و التي تنص على انه تلتزم الدول المتعاقدة بان تشكل محكمة دائمة‬
‫للتحكيم‪.‬‬
‫وبموجب المادة ‪ 22‬من اتفاقية الهاي الثانية لعام ‪ 1907‬م تلتزم الدول األطراف التعاقد‬
‫‪1‬‬
‫بان تحافظ على المحكمة المذكورة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬بداية القرن العشرين‬
‫كانت المرحلة الثانية بإقامة التنظيم الدولي للمجتمع الدولي على أثر انتهاء الحرب‬
‫العالمية األولى‪ ،‬فأنشأت عصبة األمم بمقتضى معاهدة فرساي ‪ 1919‬م‪ ،‬و قد نصت‬
‫المادة ‪ 14‬من عهد العصبة على ان يقوم مجلس العصبة بإعداد مشروع لمحكمة عدل‬
‫دولية دائمة‪ ،‬ووافقت الجمعية العامة للعصبة على هذا المشروع في‪ 3‬ديسمبر ‪1920‬م‪ ،‬و‬
‫صادق الدول األعضاء على البروتوكول الخاص به في ‪ 16‬ديسمبر ‪2 1920‬مو قد بلغ‬
‫عدد الدول الموقعة على هذا البروتوكول أكثر من خمسين دولة‪ ،‬و بذلك كسب العالم شيئا‬
‫من االستقرار في مباشرة الوظيفة القضائية الدولية ‪ ،‬وقد أوقفت الحرب العالمية الثانية‬
‫نشاط المحكمة ‪ ،‬و منع احتالل هولندا من انعقادها حتى عام ‪1946‬م اذ تقرر حلها‬
‫رسميا كنتيجة الختفاء عصبة األمم و حلول هيئة دولية أخرى محلها ‪.‬‬

‫‪1‬محمد صاحب سلطان‪ ،‬العلقات العامة في المنظمات الدولية‪ ،‬طبعة‪ ،1‬دار التوزيع و الطباعة‪ ،2012 ،‬ص‪.32‬‬
‫‪2‬حامد سلطان‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1984 ،‬ص‪.100‬‬

‫‪10‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫ثالثا‪ :‬بعد الحرب العالمية الثانية‬


‫فبعد الحرب العالمية الثانية اتجه المجتمع الدولي نحو تنظيم جديد‪ ،‬وقد وجهت‬
‫الواليات المتحدة االمريكية‪ -‬باالصالة عن نفسها و بالنيابة عن إنجلت ار و االتحاد‬
‫السوفياتي و الصين– دعت الى عقد مؤتمر لبحث امر هذا التنظيم الدولي في مدينة سان‬
‫فرانسيسكو في ‪ 25‬افريل ‪ 1945‬م‪ ،‬و قبل اجتماع هذا المؤتمر إنعقد في مدينة واشنطن‬
‫مؤتمر اخر لوضع النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية و حضره ممثلو ‪ 44‬دولة‪ ،‬و‬
‫قد انتهى مؤتمر واشنطن من وضع احكام النظام األساسي للمحكمة في ‪ 19‬افريل‬
‫‪1945‬م و الحق هذا النظام األساسي بميثاق األمم المتحدة الذي وضعه مؤتمر سان‬
‫فرانسيسكو في ‪ 26‬يونيه ‪ 1945‬م‪ ،‬و صار جزءا ال يتجزآ من هذا الميثاق‪ ،‬و أصبحت‬
‫محكمة العدل الدولية هي الجهاز الرئيسي لمنظمة األمم المتحدة‪ ،‬و قد نص ميثاق األمم‬
‫المتحدة على ذالك في مادته‪ ،92‬حيث نص على ان محكمة العدل الدولية هي األداة‬
‫القضائية الرئيسية لألمم المتحدة‪ ،‬و تقوم بعملها وفق نظامها األساسي الملحق بهذا‬
‫الميثاق‪ ،‬و هو مبني على النظام األساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي و جزء ال يتج أز‬
‫من هذا الميثاق‪.‬‬
‫يتألف النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية من ‪ 70‬مادة موزعة على خمسة فصول‪،‬‬
‫تسبقها المادة األولى التي جاءت لتعرف بالمحكمة بنصها" ان محكمة العدل‪ 1‬الدولية‪،‬‬
‫التي أنشأها ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬كأداة قضائية رئيسية للمنظمة‪ ،‬ستتشكل و تباشر‬
‫وظائفها وفقا ألحكام هذا النظام األساسي " و يتوزع ذلك التقسيم كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الفصل األول‪ :‬تنظيم المحكمة (المواد من ‪ 02‬إلى ‪.)33‬‬

‫‪ 1‬هاني حسن العشري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪. 68 ،69‬‬

‫‪11‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬الفصل الثاني‪ :‬اختصاص المحكمة (المواد من ‪ 34‬إلى ‪.)38‬‬


‫‪ -‬الفصل الثالث‪ :‬اإلجراءات (المواد من ‪ 39‬إلى ‪.)64‬‬
‫‪ -‬الفصل الرابع‪ :‬الفتاوى (المواد ‪ 65‬إلى ‪.)68‬‬
‫‪ -‬الفصل الخامس‪ :‬التعديل ( المادتان ‪ 69‬و ‪.) 70‬‬
‫إن من المالحظ على مضمون النظام األساسي هو الطابع المجمل لقواعده و االختصار‬
‫في معظم أحكامه‪ ،‬حيث يغلب عليها التعميم ‪ ،‬و تكاد تخلو من التفاصيل بشأن القواعد‬
‫اإلجرائية الواجب اتباعها عند النزاعات الدولية و القصل فيها تاركة االمر لالئحة الداخلية‬
‫‪1‬‬
‫للمحكمة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الهيكل التنظيمي لمحكمة العدل الدولية‬
‫ألجل حسن أداء محكمة العدل الدولية لمهامها تولي نظامها األساسي تنظيمها بما‬
‫يتالئم مع طبيعتها‪ ،‬وجعل لها تبعا اطا ار قانونيا واضح المعالم سواء من حيث قضاة‬
‫المحكمة او من األجهزة التي تكونها و لذالك سوف نقوم بمعالجة الموضوع كالتالي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬هيئة القضاة‬
‫تتألف محكمة العدل الدولية من خمسة عشر عضوا وال يجوز ان يكون أكثر من عضو‬
‫واحد من رعايا دولة بعينها‪ ،2‬و ينتخب هؤالء القضاة من بين األشخاص ذوى الصفات‬
‫الخلقية العالية الحائزين في بالدهم للمؤهالت المطلوبة للتعيين في ارفع المناصب‬

‫‪1‬وسيلة شابو‪ ،‬الوجيز في قواعد المنازعات امام محكمة العدل الدولية‪ ،‬دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2011،‬ص‪.39‬‬
‫انظر المادة (‪ )03‬الفقرة ‪ 1‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ .‬الصادر في‪ 19‬افريل ‪ ،1945‬واشنطن ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪12‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫القضائية أو المشرعين المشهود له م بالكفاية في القانون الدولي‪ ،‬كل هذا بغض النظر عن‬
‫‪1‬‬
‫جنسيتهم‪.‬‬
‫و يراعى عند انتخاب أعضاء المحكمة ان ال يكفي ان يكون المنتخبون حاصلين على‬
‫المؤهالت المطلوبة بل ينبغي ان يكون تأليف المحكمة في جملتها كفيال في تمثيل‬
‫المدنيات الكبرى و النظم القانونية الرئيسية في العالم‪ ،2‬و هذا ما يعرف بمبدأ التوزيع‬
‫الجغرافي المتساوي‪ ،‬و يجب ان يتقن المرشحون احدى اللغتين اإلنكليزية أو الفرنسية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬كيفية اختيار القضاة‬
‫يتم اختيار قضاة محكمة العدل الدولية عبر مرحلتين مرحلة الترشيح ومرحلة االنتخاب‪.‬‬
‫‪– 1‬مرحلة الترشح‪:‬‬
‫في هذه الم رحلة تقوم الدول األعضاء في األمم المتحدة و الممثلة في محكمة التحكيم‬
‫الدولية بترشيح أعضاء من الجماعات القومية لهذه الدول‪.‬‬
‫اما بالنسبة للدول األعضاء في األمم المتحدة غير الممثلين في محكمة التحكيم الدولية‬
‫فتقوم بترشيح جماعات قومية خاصة (شعب اهلية) تنشا لهذا الغرض وفقا لنفس الشروط‬
‫الموضوعية ألعضاء محكمة التحكيم الدائمة في المادة الرابعة و األربعين من اتفاقية‬
‫الهاي المعقودة سنة ‪ 1907‬م في شان التسوية السلمية للنزاعات الدولية‪ ،‬و تنص هذه‬
‫المادة على أن تقوم كل دولة باختيار أربعة أشخاص علة األكثر ممن لهم اختصاص‬
‫معترف به في مسائل القانون الدولي و المتمتعين بالصفات الخلقية العالية و المستعدين‬
‫‪3‬‬
‫لقبول وظائف المحكمة‪.‬‬

‫انظر المادة(‪ )02‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫انظر المادة (‪ )09‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫انظرالمادة (‪ )04‬الفقرة ‪ 02‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪13‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫اما بالنسبة للدول المنظمة إلى النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية دون ان تكون‬
‫عضوا في األمم المتحدة كسويس ار مثال فان الجمعية العامة‪ ،1‬بناء على توصية مجلس‬
‫األمن تحدد الشروط التي بموجبها يحق لتلك الدول ان تشترك في انتخاب أعضاء‬
‫المحكمة وذلك في حالة عدم وجود نص خاص‪.2‬‬
‫وفيما يتعلق بإجراءات الترشيح لعضوية المحكمة فإنها تتم قبل ميعاد االنتخاب بثالثة‬
‫أشهر على األقل وفيها يوجه األمين العام لألمم المتحدة طلبا كتابيا الى أعضاء محكمة‬
‫التحكيم الدائمة التابعين الى الدول المشتركة في هذا النظام األساسي لمحكمة العدل‬
‫الدولية والى أعضاء الشعب االهلية المعنيين‪ ،‬يدعوهم فيه الى القيام في ميعاد بتقديم‬
‫‪3‬‬
‫أسماء األشخاص الذين يستطيعون قبول أعباء عضوية محكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫ترسل قوائم المرشحين الى األمين العام لألمم المتحدة ويعد األمين العام قائمة مرتبة حسب‬
‫الحروف االبجدية بأسماء جميع األشخاص المرشحين بعد تنسيقها وهؤالء وحدهم الجائز‬
‫انتخابهم‪.‬‬
‫ال يجوز ألي شعبة ان تسمي أكثر من أربعة مرشحين وال ان يكون بينهم أكثر من اثنين‬
‫من جنسيتها‪ ،‬كما ال يجوز بحال ان يتجاوز عدد مرشحي الشعبة ما ضعف عدد‬
‫‪4‬‬
‫المناصب المراد ملؤها‪.‬‬

‫‪1‬علي يوسف الشكري ‪ ،‬المنظمات الدولية اإلقليمية و المتخصصة‪ ،‬الطبعة ‪ ،2‬ايتراك للطباعة و النشر و التوزيع‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،2004 ،‬ص‪.153‬‬
‫‪2‬انظر المادة (‪ )04‬الفقرة ‪ 03‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع نفسه‪.‬‬
‫‪3‬انظر المادة (‪ )05‬الفقرة ‪ 01‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع نفسه‪.‬‬
‫‪4‬انظر المادة (‪ )05‬الفقرة ‪ 02‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -2‬مرحلة االنتخاب‪:‬‬
‫يعد األمين العام كما سبق اإلشارة اليه قائمة مرتبة حسب الحروف االبجدية بأسماء‬
‫جميع األشخاص المرشحين لعضوية المحكمة‪ ،‬ثم يرفع هذه القائمة إلى كل من مجلس‬
‫االمن والجمعية العامة‪ .1‬ومن ثم تقوم كل من الجمعية العامة ومجلس االمن كل مستقال‬
‫عن االخر بانتخاب أعضاء المحكمة‪ ،2‬من القائمة ويقتضي النظام األساسي للمحكمة‬
‫عدم التفرقة بين أصوات الدول الدائمة العضوية وغير الدائمة العضوية في مجلس االمن‬
‫عند اختيار القضاة‪.‬‬
‫وينتخب أعضا ء المحكمة لمدة تسع سنوات و يجوز إعادة انتخابهم على والية خمسة‬
‫من القضاة الذين وقع عليهم االختيار في اول انتخاب يجب ان تنتهي بعد مضي ثالث‬
‫سنوات ووالية خمسة اخرين بعد ست سنوات و يكون تحديد ذالك بطريق القرعة عقب اول‬
‫انتخاب (المادة ‪.)13‬‬
‫ويعتبر منتخب المرشح الذي ينال األكثرية المطلقة من األصوات في كل من الجمعية‬
‫العامة و مجلس االمن‪ ،‬و اذا حصل أكثر من مرشح من رعايا دولة واحدة على األكثرية‬
‫في الجمعية و المجلس‪ ،‬اعتبر منتخبا اكبرهم سنا‪ ،3‬و ينتخب القضاة من بينهم الرئيس و‬
‫‪4‬‬
‫نائب رئيس لمدة ثالث سنوات‪.‬‬

‫‪1‬محمد مجدوب‪ ،‬التنظيم الدولي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان ‪ 1969‬ص‪. 306‬‬
‫‪2‬انظر المادة (‪ )08‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪3‬انظر المادة (‪ )10‬الفقرة ‪ 03‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪4‬انظر المادة (‪ )21‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع نفسه‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫ثانيا‪ :‬نظام القاضي المؤقت‪.‬‬


‫خالفا للقضاء الداخلي حيث يتنحى القاضي في ظروف معينة حينما تكون له مصلحة‬
‫خاصة في القضية المعروضة عليه‪ ،‬فإنه يجوز للقاضي الدولي ان يجلس للقضاء حتى‬
‫‪1‬‬
‫ولو كانت دولته طرفا في القضية المعروضة امامه‪.‬‬
‫" يحق للقضاة ممن يكونوا من جنسية أحد أطراف الدعوى ان يجلسوا في قضيته‬
‫‪2‬‬
‫المعروضة على المحكمة "‬
‫ثالثا‪ :‬انعقاد المحكمة‪.‬‬
‫األصل ان تنعقد المحكمة بكامل هيئتها‪ ،‬أي بقضاتها الخمسة عشر‪ ،‬أال ان في بعض‬
‫الحاالت الخاصة التي تنص عليها في نظامها األساسي‪ ،‬إذ يسوغ ان تنص الالئحة‬
‫الداخلية للمحكمة على جواز أن يعفى من االشتراك في الجلسات قاض أو اكثر بسب‬
‫ظروف و بطريق المناوبة‪ ،‬على ان يترتب على ذالك أن يقل عدد األعضاء الموجودين‬
‫تحت التصرف لتشكيل المحكمة أحد عشر قاضيا‪ ،‬و يكفي تسعة قضاة لصحة تشكيل‬
‫المحكمة‪ 3 .‬وسوف نعالج هذه الحاالت‪ ،‬كالتالي‪:‬‬
‫‪ -1‬الغرفة المتخصصة‪ :‬تنص المادة (‪ )26‬فقرة ‪ 01‬من النظام األساسي على انه"‬
‫يجوز للمحكمة ان تشكل في أي وقت غرفة أو أكثر‪ ،‬تتألف كل واحدة من ثالث قضاة‬
‫على األقل حسب ما تقرره‪ ،‬و ذالك للنظر في أنواع خاصة من القضايا‪ ،‬مثل قضايا‬
‫العمل و القضايا المتعلقة بالترانزيت و المواصالت‪ ،‬و يجوز أيضا أن تشكل المحكمة في‬

‫‪1‬هاني حسن العشري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 75‬‬


‫‪2‬انظر المادة (‪ )31‬الفقرة ‪ 01‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪3‬انظر المادة ‪ 25‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع نفسه‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫أي وقت دائرة للنظر في قضية معينة و تحدد المحكمة عدد القضاة هذه الدوائر بموافقة‬
‫الطرفين‪ ،‬و تنظر هذه الدوائر في القضايا‪ ،‬و تحكم فيها إذا طلب ذالك أطراف الدعوى‪.‬‬
‫كم يستشف من سيق النص ان القضايا المعنية وردت على سبيل المثال ال الحصر مما‬
‫يجعل القائمة مفتوحة‪ ،‬و بالفعل انتقت المحكمة بعض المسائل الخاصة و أنشأت سنة‬
‫‪ 1993‬غرفة تتشكل من سبعة قضاة‪ ،‬كلفت بالنظر في قضايا البيئة و يتم تجديدها‬
‫بصورة عادية‪ ،‬فيساهم هذا التوجه الجديد في تكريس‪ 1.‬قاعدة االختصاص النوعي مما‬
‫يوحي بانفتاح المحكمة على المشاكل القانونية المعاصرة و سعيها نحو تطوير الوظيفة‬
‫القضائية من خالل مواجهة التداخل بين المواضيع القانونية و التقنية و اعتماد قاعدة‬
‫االختصاص‪ .‬و عليه عندما تقرر المحكمة تشكيل عالقة متخصصة‪ ،‬تحدد فئة القضايا‬
‫المطروحة‪ ،‬عدد القضاة‪ ،‬تحديد اإلطار الزمني للسلطات الموكلة لهم و تاريخ بدية العمل‬
‫‪2‬‬
‫مع مراعاة مستوى الكفاءات التقنية و الخبرة لدى كل قاضي‪.‬‬
‫‪ – 2‬الغرفة الخاصة‪:‬‬
‫"يجوز للمحكمة ان تشكل‪ ،‬في أي وقت‪ ،‬غرفة للنظر في قضية معينة‪ ،‬وتحدد بمحكة‬
‫عدد القضاة هذه الغرفة بمواقة الطرفين" و تتشكل الغرفة الخاصة )‪ (chambre ad-hoc‬في‬
‫أي وقت‪ ،‬قبل انتهاء االجراء الكتابي بشرط ان تتلقى المحكمة طلبا بهذا الخصوص من‬
‫جانب احد األطراف‪ ،‬و تتأكد من موافقة الطرف االخر‪ ،‬حينئذ يتلقى الرئيس وجهة نظرهما‬
‫‪3‬‬
‫بشأن التشكيلة و عدد القضاة‪.‬‬

‫‪1‬وسيلة شابو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55‬‬


‫انظر المادة (‪ )16‬الفقرة‪ 02،01،‬من الالئحة الداخلية لمحكمة العدل الدولية‪ 14 ،‬أفريل ‪. 1978‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬انظر المادة( ‪ )12‬الفقرة ‪ 01،02‬من الالئحة الداخلية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫وبالتالي يمكن اعتبارها غرفة ظرفية ألنها ال تتشكل وال تنعقد اال بوجود قضايا معينة‬
‫حيث تتحكم هذه األخيرة في كينونتها وأسلوب عملها‪ ،‬ورغم ان النظام القانوني للمحكمة لم‬
‫يحدد عدد القضاة اال انه يعتد بالقاعدة العامة المعمول بها حيث تترك ألطراف النزاع‬
‫حرية االتفاق مع المحكمة والتشاور بشأن تحديد العدد المطلوب من القضاة حسب‬
‫موضوع القضية والمشاكل القانونية التي يطرحها‪.‬‬
‫وتهتم الغرفة الخاصة عادة بالنظر في" قضية معينة" و هي عبارة مبهمة و غير محددة‬
‫وردت في الفقرة المذكورة أعاله‪ ،‬بيد ان المتبع لما جرى عليه العمل داخل المحكمة يدرك‬
‫انها تنطوي على نقاط الخالف الغامضة‪ ،‬و يعول أطرافها على الغرفة الخاصة في منحها‬
‫العناية الالزمة و فحص المسألة بدقة كما يدرك مدى تماشي نظام الغرف الخاصة مع‬
‫‪1‬‬
‫إجراءات التقاضي التي تستند على عقد التراضي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬غرفة اإلجراءات المختصرة‪.‬‬
‫" لإلسراع في انجاز القضايا تشكل المحكمة‪ ،‬كل سنة‪ ،‬غرفة من خمسة قضاة يجوز لها‬
‫بناء على طلب أطراف الدعوى‪ ،‬أن تتبع اإلج ارءات المختصرة للنظر في القضايا والفصل‬
‫‪2‬‬
‫فيها‪ ،‬وزيادة على ذلك يختار قاضيان للحلول محل من يتعذر عليه االشتراك في الجلسة"‬
‫يتضح من ظاهر النص أن وظيفة غرفة اإلجراءات المختصرة ) ‪chambre de‬‬

‫‪ )procédures sommaires‬تشبه القضاء االستعجالي في القوانين اإلجرائية المحلية‪ ،‬لكنها‬


‫في الواقع ال تتسم بالطابع المؤقت بل تفصل في موضوع النزاع‪ ،‬و رغم ان النص لم يبين‬
‫نوع القضايا التي تتطلب البت على وجه السرعة من الناحية المنطقية‪ ،‬يمكن االستناد الى‬
‫األدلة و الوقائع الكتشاف المسائل التي تحتاج حال قضائيا سريعا‪ ،‬و تترك للغرفة سلطة‬

‫‪1‬وسيلة شابو‪ ،‬مرجع سابق ص ص ‪. 57 ،56‬‬


‫‪2‬انظر المادة(‪ ) 29‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫الرقابة و تقد ير مدى توفر عناصر العمل القضائي‪ ،‬لذالك تعتمد على إجراءات بسيطة‪،‬‬
‫تراعي في تطبيقها أهمية االجراء و عنصر الزمن كتقصير المواعيد اإلجرائية و رفض‬
‫التأجيل‪ ،‬و ايجاز المناقشات‪ ،‬فهي إجراءات مختصرة لكنها ال تحمل بالضرورة خصائص‬
‫الدعاوي االستعجالية بل تمنع فقط التماطل و إطالة الخصوصية القضائية دون مبرر‬
‫حفاظا على حقوق األطراف‪.‬‬
‫على العموم؛ يرى جانب من الفقه بأن نظام الغرف يعمل على تسهيل اللجوء إلى‬
‫المحكمة العدل الدولية‪ ،‬لكن يعاب عليه إمكانية المساس بسلطة المحكمة واختزالها في‬
‫مجرد تعاقب محاكم ظرفية‪ ،‬على الخصوص في حالة تطبيق نظام الغرف بطريقة‬
‫‪1‬‬
‫منهجية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أجهزة محكمة العدل الدولية‪.‬‬


‫سنركز في دراستنا في هذا الفرع على رئاسة محكمة العدل الدولية وسجلها او ما‬
‫يعرف بقلم المحكمة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬رئاسة المحكمة‪.‬‬
‫ان المحكمة تنتخب رئيسها لمدة ثالث سنوات قابلة للتجديد وينتخب الرئيس ونائبه‬
‫باالقتراع السري بأغلبية األعضاء‪ ،‬تبدأ فترة والية الرئيس ونائبه اعتبا ار من تاريخ بدء والية‬
‫أعضاء المحكمة المنتخبين من االنتخابات التي تجري كل ثالث سنوات‪ ،2‬ويرأس الرئيس‬
‫جميع جلسات المحكمة ويوجه العمل ويشرف على ادارتها المادة (‪ )12‬من الئحة‬
‫المحكمة‪ ،‬ورئيس المحكمة هو أيضا رئيس بقوة القانون لغرفة اإلجراءات الموجزة‪ 3‬يمارس‬

‫وسيلة شابو‪ ،‬المرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.58 ،57‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬انظر المادة (‪ )10‬من الالئحة الداخلية‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬


‫‪3‬انظر المادة (‪ )18‬الفقرة ‪ 01‬من الالئحة الداخلية‪ ،‬مرجع نفسه‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫نائب الرئيس مهام الرئيس عندما تكون الرئاسة شاغرة او عندما يكون الرئيس في حالة‬
‫‪1‬‬
‫تمنعه من ممارسة مهامه‪.‬‬
‫تجدر االشارة ان انتخاب نائب الرئيس يكون تحت اشراف رئيس المحكمة في نفس جلسة‬
‫انتخاب الرئيس او في جلسة الحقة‪ 2،‬إن صوت الرئيس أو ما يخلفه يكون مرجحا في‬
‫‪3‬‬
‫حالة تساوي أصوات األعضاء الحاضرين عند اتخاذ القرار‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬سجل المحكمة‪.‬‬
‫يتكون سجل محكمة العدل الدولية من المسجل و المسجل المساعد و عدد آخر من‬
‫الموظفين‪ ،‬و تختار المحكمة المسجل و المسجل المساعد بطريق االقتراع من بين‬
‫المترشحين الذين يقترحهم أعضاء المحكمة‪ ،‬و ذالك لمدة سبع سنوات‪ ،‬و يتم تعيين‬
‫‪4‬‬
‫موظفي السجل بناء على اقتراح المسجل‪.‬‬
‫و تتمثل اهم وظائف المسجل في انه يعتبر وسيط بالنسبة للمراسالت الصادرة عن‬
‫المحكمة أو المرسلة اليها‪ ،‬و هو الذي يعد قائمة عامة بكل القضايا و يقم بتسجيلها و‬
‫ترقيمها طبقا لتاريخ وصولها الى المحكمة‪ ،‬و هو الذي يرسل الى دولة المقر قائمة‬
‫األشخاص الذين يحق لهم االستفادة من االمتيازات و الحصانات المنصوص عليها في‬
‫النظام األساسي ‪ ،‬أو في أي اتفاق خاص‪.‬‬
‫و يحضر المسجل بشخصه جلسات المحكمة و دوائرها أو يكلف مساعده بالحضور و‬
‫يعد على مسؤوليته محاضر هذه الجلسات‪ ،‬و يقوم باتخاذ اإلجراءات الالزمة للترجمة الى‬
‫اللغات الرسمية للمحكمة‪ ،‬كما انه يوقع على االحكام و الراء االستشارية و األوامر‬

‫‪1‬انظر المادة (‪ )13‬الفقرة ‪ 01‬من الالئحة الداخلية لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪2‬انظر المادة (‪ )11‬الفقرة ‪ 03‬من الالئحة الداخلية لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع نفسه‪.‬‬
‫‪3‬انظر المادة (‪ )55‬الفقرة ‪ 03‬من النظام االساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪4‬انظر المادة (‪ )22‬الفقرة ‪ 03‬من الالئحة الداخلية لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع نفسه‬

‫‪20‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫الصادرة عن المحكمة‪ ،‬و يرد على كل طلبات االستعالمات المتعلقة بالمحكمة و‬


‫‪1‬‬
‫نشاطها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مجال اختصاص محكمة العدل الدولية‪.‬‬


‫يعرف االختصاص بأنه هو مقدار ما لجهة قضائية أو محكمة من والية الحكم في‬
‫‪2‬‬
‫النظر للنزاع‪ ،‬فهو النطاق الذي تملك أن تباشر في حدود واليتها القضائية‪.‬‬
‫ومحكمة العدل الدولية تختص بالنظر في منازعات الدول سواء ما كان منها عضوا في‬
‫األمم المتحدة او الدول غير أعضاء األمم المتحدة‪ ،‬التي يجوز لها االنضمام الى النظام‬
‫‪3‬‬
‫األساسي للمحكمة‪ ،‬و في مجاالت العالقات الدولية تقسم المنازعات الى منازعات قانونية‬
‫وهذه تختص بالنظر فيها محكمة العدل ال دولية و منازعات سياسية خارجة عن اختصاص‬
‫المحكمة‪ ،‬و للتعرف اكثر على مجال اختصاصها سوف نقوم بتقسيم المبحث على‬
‫مطلبين االختصاص القضائي لمحكمة العدل الدولية (المطلب األول) و االختصاص‬
‫االستشاري ( المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬االختصاص القضائي‪.‬‬
‫يتناول االختصاص القضائي لمحكمة العدل الدولية كافة المسائل التي يقوم‬
‫المتقاضون بعرضها على المحكمة و تشمل جميع القضايا القانونية و السياسية‪ ،4‬فضال‬
‫عن المسائل األخرى المنصوص عليها في ميثاق األمم المتحدة و االتفاقيات الدولية‬
‫السارية المفعول‪.‬‬

‫‪1‬هاني حسن العشري‪ ،‬مرجع سابق ص‪.79‬‬


‫مصطفى كامل كيرة‪ ،‬قانون المرافعات الليبي‪ ،‬دار صادر‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.333‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬مفتاح عمر درباش‪ ،‬والية محكمة العدل الدولية في تسوية المنازعات‪ ،‬طبعة ‪ ،1‬دار الجماهرية للنشر و التوزيع و‬
‫اإلعالن‪ ،‬ليبيا‪ ،1999 ،‬ص‪.112‬‬
‫‪4‬انظر المادة (‪ )36‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫والواقع انه يسود مسألة االختصاص القضائي الدولي؛ سواء بالنسبة لمحكمة العدل‬
‫الدولية الدائمة أو محكمة العدل الدولية الحالية مبدأ أساسي هو الرضا المسبق للدول‬
‫األطراف في النزاع و قد انتقل هذا المبدأ للقانون الدولي المعاصر‪ ،‬و عليه سنتطرق إلى‬
‫من يصلح ألن يكون طرفا في دعوى أمام محكمة العدل الدولية االختصاص الشخصي‬
‫لمحكمة العدل الدولية (الفرع األول) ثم نتناول االختصاص االختياري لمحكمة العدل‬
‫الدولية ( الفرع الثاني) ثم نعرج على االختصاص االلزامي لمحكمة العدل الدولية ( الفرع‬
‫الثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االختصاص الشخصي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫يقوم االختصاص الشخصي على معيار ذاتي يحدد طبيعة الكيان الذي يصلح ألن‬
‫يكون طرفا في المنازعة امام محكمة العدل الدولية‪ ،‬و قد حسمت المادة ‪ 34‬فقرة ‪ 01‬من‬
‫النظام األساسي للمحكمة بنصها "للدول وحدها الحق في أن تكون أطرافا في الدعاوى التي‬
‫ترفع إلى المحكمة" و عليه فاالختصاص القضائي هو حق حصري للدول دون سواها من‬
‫أشخاص القانون الدولي‪ ،‬و ال يجوز هذه األخيرة التقاضي أمام المحكمة‪ ،‬مهما كانت‬
‫طبيعة الخالفات القائمة بينهما أو في عالقاتها بالدول‪ ،‬رغم أن قواعد القانون الدولي‬
‫تخاطبها مباشرة ‪.1‬‬
‫و تتمتع المحكمة بسلطة واسعة لرقابة العنصر الشخصي‪ ،‬و التأكد من توفر صفة‬
‫الدولة في أطراف الدعوى‪ ،‬أي أن االمر يتعلق بكيان سياسي منظم صاحب سلطة عليا‬
‫في المجال الوطني و استقالل تام في عالقاته الخارجية‪ ،‬و بالتالي ال تعد كذلك الوحدات‬
‫المشكلة لدولة فيدرالية حيث يفتقر اعضاء االتحاد إلى سلطة مباشرة االختصاصات‬
‫الخارجية بما فيها حق التقاضي أمام أجهزة القضائية الدولية و استنادا إلى نص المادة ‪35‬‬

‫‪1‬وسيلة شابو مرجع سابق ص ‪.11‬‬

‫‪22‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫من النظام األساسي يتضح وجود فئتين تملك حق التقاضي امام المحكمة و لكل ولحدة‬
‫‪1‬‬
‫شروطها و مقتضياتها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الفئة األولى‪.‬‬
‫تخص الفئة األولى الدول األطراف في النظام األساسي‪ ،‬فهي تملك حق التقاضي‬
‫مباشرة‪ ،‬وقد أدرجتها المادة ‪ 93‬من ميثاق األمم المتحدة في مجموعتين‪:‬‬
‫‪_1‬األعضاء األصليين الذين شاركوا في مؤتمر سان فرانسيسكو‪ ،‬ووقعوا على تصريح‬
‫األمم المتحدة في األول من كانون الثاني من عام ‪ 1946‬و صادقوا على الميثاق استنادا‬
‫‪2‬‬
‫للمادة ‪ 110‬منه و قد بلغ عدد األعضاء وقتئذ اثنا و خمسين دولة‪.‬‬
‫‪ _2‬الدول التي قبلت التزام الميثاق و قبلت أعضاء في األمم المتحدة بقرار من الجمعية‬
‫‪3‬‬
‫العامة بناء على توصية مجلس األمن‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الفئة الثانية‪.‬‬
‫تختص الفئة الثانية باقي الدول أي تلك التي ليست أعضاء في األمم المتحدة و لم‬
‫تنظم إلى النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬عندئذ يحدد مجلس االمن شروط‬
‫التقاضي مع مراعاة االحكام الخاصة الواردة في المعاهدات المعمول با ما لم تخل بمبدأ‬
‫المساواة امام المحكمة‪.‬‬
‫وقد وردت تلك الشروط في قرار مجلس االمن رقم ‪ 09‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 1946/10/15‬و تتمثل فيما يلي ‪:‬‬

‫‪1‬وسيلة شابو‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪. 12 ،11‬‬


‫‪2‬علي صادق لبو هيف‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬طبعة ‪ ،11‬منشأ المعارف‪ ،‬د س ن‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.617‬‬
‫‪3‬محمد عزيز شكري‪ ،‬التنظيم الدولي بين النظرية و الواقع‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،1973 ،‬ص‪.256‬‬

‫‪23‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫_تلتزم الدولة المعنية بإيداع تصريح مسبق لدى مسجل المحكة تقبا بموجبه اختصاص‬
‫المحكمة طبقا ألحكام ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬و الشروط الواردة في النظام األساسي و‬
‫الالئحة الداخلية ‪.‬‬
‫_تلتزم بتنفيذ االحكام التي تصدرها المحكمة بحسن نية‪.‬‬
‫_تلتزم بقبول كافة االلتزامات التي وضعتها المادة ‪ 94‬من الميثاق على عاتق الدول‬
‫األعضاء في األمم المتحدة‪.‬‬
‫و يتخذ التصريح احد الطابعين التاليين فقد يكون عاما بموجبه تقبل الدولي المعنية‬
‫اختصاص المحكمة للنظر في كافة النزاعات أو فئة من النزاعات القائمة أو التي قد‬
‫تحد ث مستقبال ‪ ،‬و قد يأخذ طابعا خاصا تقبل بموجبه االختصاص بمناسبة نزاع معين ‪،‬‬
‫قائم بصورة فعلية دون سواه‪.‬‬

‫وفي كل األحوال يحتفظ الم سجل بنسخة االصلية للتصريح و يرسل نسخا مصادق‬
‫عليها إلى الدول األطراف في النظام األساسي و إلى كل الدول التي أودعت تصريحا على‬
‫‪1‬‬
‫أساس هذا القرار‪ ،‬كما ترسل نسخة إلى األمين العام لألمم المتحدة ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االختصاص االختياري لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬


‫محكمة العدل الدولية كما سبق االشارة اليه واليتها في األصل اختيارية أي قائمة على‬
‫رضا جميع المتنازعين بعرض امر الخالف عليها و الفصل فيه‪ ،‬فإذا فقد التراضي بينهم‬

‫‪1‬وسيلة شابو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪24‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫جميعا استحال عرض النزاع على المحكمة بل أن ما يطلق عليه باالختصاص االلزامي‬
‫‪1‬‬
‫لمحكمة العدل الدولية ال يفلت هو االخر من االطار الرادي للدولة المعنية‪.‬‬
‫و لقد أجاز النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية في الفقرة األولى من المادة ‪" 36‬‬
‫بأن تشمل والية المحكمة جميع القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون‪ ،‬كما تشمل جميع‬
‫المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق األمم المتحدة أو المعاهدات و‬
‫االتفاقيات المعمول بها " و يتضح من هذا أن االختصاص االختياري يجب أن يأخذ صورة‬
‫اتفاق و تراضي األطراف المتنازعة‪ ،‬و ال يشترط في ذلك أن يكون هذا االتفاق قبل أو بعد‬
‫وجود النزاع‪.‬‬
‫ولكي تكون محكمة العدل الدولية حق هي األداة القضائية الرئيسة لألمم المتحدة‬
‫بذلت عدة محاوالت من قبل الدول الصغرى في مؤتمر سان فرانسيسكو عام ‪ ،1945‬و‬
‫ذلك من اجل أن يكون للمحكمة والية الزامية حقيقية تستند إلى شكوى التي تتقدم بها الدول‬
‫المعنية الة المحكمة‪ ،‬أي إلى الطلب المقدم من جانب واحد شأنها شأن محكمة وطنية‪ ،‬إال‬
‫أن هذه جاوبتها بالرفض من قبل الدول الكبرى؛ الواليات المتحدة و االتحاد السوفياتي‪،‬‬
‫حيث حال دون إقرارها‪.‬‬
‫استنادا إلى أن والية المحكمة الدولية يجب أن تقوم على رضا طرفي القضية‬
‫المسبق‪ ،‬و أن التقاضي أصال خيار من الخيارات المتاحة للدول لحل نزاعاتها و إال بعد‬
‫‪2‬‬
‫أن تصرح الدول بذالك سلفا و يمكن التعبير عن الرضا بعدة طرق‪.‬‬

‫‪1‬محمد سعيد الدقاق‪ ،‬سلطة المحكمة في اتخاذ تدابير التحفظية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،1977 ،‬‬
‫ص‪. 15‬‬
‫‪2‬مفتاح عمر درباش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪. 126 ،125‬‬

‫‪25‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫أوال‪ :‬عقد التراضي‪:‬‬


‫يعبر عقد التراضي عن اتجاه نية األطراف إلى عرض النزاع الذي ثار بينهم على‬
‫المحكمة‪ ،‬فيتضمن تنازالت متبادلة‪ ،‬و يأخذ شكل معاهدة بسيطة تحرر في احدى اللغتين‬
‫الرسميتين للمحكمة‪ ،‬و تراعى بعض المسائل اإلجرائية الخاصة بميعاد سريان العقد و‬
‫نفاذه‪ ،‬وتتدخل عدة اعتبارات في تحديدها ـو تدفع األطراف إلى إدراج بند شرط دخوله حيز‬
‫‪1‬‬
‫النفاذ من تاريخ التوقيع عليه أو بعد التصديق‪.‬‬
‫و تبعا لذالك تملك المحكمة سلطة الرقابة على االتفاق من تاريخ تبليغه للمسجل‪ ،‬سواء‬
‫بطريقة فردية أو مشتركة‪ ،‬و في وثيقة أصلية مرفقة بنسخة طبق األصل عليها‪ ،‬و قد‬
‫يرفق التبليغ بمحضر تبادل أليات التصديق‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫و تكمن أهمية عقد التراضي في طبيعة عقدية ألنها تجعل المنازعة القانونية مجتمعة‬
‫سلف مما يوفر على األطراف المواعيد اإلجرائية للنظر في الدفوع المتعلقة باالختصاص‬
‫طالما أنه يؤسس اختصاص المحكمة بشكل صريح ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القبول الضمني‪.‬‬
‫يمكن للد ولة المدعية أن ترفع الدعوى بصفة مباشرة أمام محكمة العدل الدولية من‬
‫غير أن يحصل اتفاقفي هذا الشأن مع الدولة األخرى المدعى عليها‪ ،‬و بالتالي تستطيع‬
‫المحكمة أن تعقد لنفسها االختصاص في حالة ما اذا قبلت الدولة المدعى عليها الحضور‬
‫امامها و اذا قبلت مناقشة مضمون النزاع من طرف المحكمة من غير اعتراض على‬

‫‪1‬عمار بوضرسة‪ ،‬دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‬
‫الدولي فرع عالقات دولية و قانون منظمات دولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪ 2013/2012‬ص‪.58‬‬
‫‪2‬انظر المادة (‪ )39‬من الالئحة الداخلية لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫اصدار قرار بهذا الشأن‪ ،‬ففي ظل هذه األوضاع تعتبر المحكمة أن التصرفات الدولة‬
‫‪1‬‬
‫المدعى عليها تفيد القبول الضمني‪.‬‬
‫وقد طبقت هذه الحالة فعليا في قضية "مضيق كورفو" عندما فسرت المحكمة الرسالة‬
‫األلبانية الموجهة الى المحكمة و ذكرت بقولها "ترى المحكمة ان خطاب الحكومة األلبانية‬
‫في ‪ / 2‬تموز عام ‪ 1948‬يتضمن قبوال اراديا ال نزاع فيه الختصاص المحكمة"‪.2‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬االختصاص االلزامي لمحكمة العدل الدولية‬
‫لقد ظل المبدأ االم الختصاص المحكمة وفقا لنص المادة (‪ )36‬الفقرة (‪ ")1‬اما‬
‫االختصاص االلزامي فهو استثناء من األصل‪ ،‬و بالتالي أصبحت الوالية الزامية محصورة‬
‫في بعض المسائل القانونية التي ورد تعدادها في أربع فئات بالفقرة الثانية من المادة ‪36‬‬
‫من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،3‬و االختصاص المستمر الذي تمارسه‬
‫المحكمة بنا ء على نص اتفاقية أو معاهدة سواء كانت تلك االتفاقية أو المعاهدة قد عقدت‬
‫بشأن تسوية المنازعات الدولية أو كانت تنظم موضوعا معينا أو تنص فيه على‬
‫اختصاص المحكمة بالنظر في المنازعات التي يمكن أن تثار بشأن تفسيرها أو تطبيقها‬
‫كما يتأسس هذا االختصاص؛ أيضا بناء على تصريحات أو إعالنات متبادلة تكون قد‬
‫صدرت من جانب واحد عن كل من الدول المتنازعة و تعلن فيه قبولها االختصاص‬
‫االلزامي للمحكمة بموجب الشرط االختياري طبقا للمادة (‪ )36‬الفقرة (‪ )2‬من النظام‬
‫األساسي للمحكمة فيما يلي سنتطرق اتباعا الى حاالت االختصاص االلزامي مع التركيز‬
‫‪4‬‬
‫على دراسة توصية مجلس االمن في النزاعات القانونية ‪.‬‬

‫‪1‬مفتاح عمر درباش‪ ،‬مرجع سابق ص‪127‬‬


‫‪2‬انظر احكام و الفتاوى لمحكمة العدل الدولية (‪ ، )1978،1991‬ص‪ 3‬على الموقع ‪http://www.icj-‬‬
‫‪cij.org/homepage/ar.‬‬
‫‪3‬بوضرسة عمار‪ ،‬مرجع سابق ص‪.15‬‬
‫‪4‬عز الدين الطيب ادم‪( ،‬االختصاص الموضوعي لمحكمة العدل الدولية)‪ ،‬مجلة العدل‪ ،‬العدد الرابع و العشرون‪ ،‬جامعة‬
‫النيلين ص‪. 80‬‬

‫‪27‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫أوال‪ :‬حاالت االختصاص االلزامي‪:‬‬


‫‪-1‬المعاهدات واالتفاقيات‪:‬‬
‫أوضحت المادة (‪ )36‬الفقرة ‪ 01‬من النظام األساسي بأن والية المحكمة تشمل جميع‬
‫المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في المعاهدات و االتفاقيات الدولية المعمول بها‪،‬‬
‫و استنادا الى ذالك أوردت العديد من االتفاقيات المتعددة األطراف أو الثنائية نصوص‬
‫صريحة في احكامها تحيل الى االختصاص محكمة العدل الدولية بشأن تسوية المنازعات‪،‬‬
‫و التي تنظم موضوعا معينا و تنص على اختصاص بالنظر في المنازعات التي تثار‬
‫بشأن تفسيرها و تطبيقها‪.‬‬
‫ومن امثلة هذه الحالة من حاالت االختصاص االلزامي و الذي كان ثابت لمحكمة‬
‫العدل الدولية نجد انه كان لها االختصاص االلزامي بمقتضى اتفاقيات السالم المتعددة‬
‫‪1‬‬
‫األطراف التي ابرمت بعد سنة ‪.1919‬‬
‫‪–2‬االختصاص االلزامي المحال للمحكمة ‪:‬‬
‫تولت محكمة العدل الولية بموجب المادة (‪ )36‬الفقرة ‪ 05‬المادة (‪ )37‬من النظام‬
‫األساسي لمحكمة الدائمة للعدل الدولي النظر في كافة القضايا التي عدتها المعاهدات و‬
‫االتفاقيات المعقودة قبل ‪ ،1945‬و السارية المفعول بعد هذا التاريخ داخلة ضمن نطاق‬
‫الوالية الجبرية لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫من أمثلة ذلك قضية السفينة اليونانية أم باتاليوس عام ‪ 1952‬اليونان ضد المملكة‬
‫المتحدة ‪ ،‬قضية الحادث الجوي عام ‪ 1959‬إسرائيل ضد بلغاريا ‪.‬‬

‫‪1‬عز الدين الطيب ادم مرجع سابق ص‪.79‬‬

‫‪28‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ –3‬حالة التصريح بقبول االختصاص االلزامي‪:‬‬


‫يمكن للدول األطراف في النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية أن تعطي تعهدا واسعا‬
‫في أي وقت تشاء بإعالنها قبول االختصاص االلزامي لمحكمة العدل الدولية تجاه أي‬
‫دولة تقبل بنفس التعهد في ‪1‬المسائل التالية‪:‬‬
‫تفسير معاهدة من المعاهدات‪.‬‬
‫أ_أية مسألة من مسائل القانون الدولي‪.‬‬
‫ج_ تحقيق واقعة من الوقائع التي ثبتت كانت خرقا اللتزام دولي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫د_ نوع التعويض المترتب على خرق التزام دولة و مدى هذا التعويض‪.‬‬
‫‪ –4‬حالة خاصة‪:‬‬
‫ان الممارسة القضائية جاءت بسابقة فريدة على أساس االختصاص على ذات النزاع‬
‫الذي سبق عرضه على المحكمة دون إمكانية الفصل في موضوعه‪ ،‬فقد طرحت مسألة‬
‫إجرائية دقيقة على خلفية لتصريح الذي قدم من طرف السلطات الفرنسية سنة ‪1974‬‬
‫حيث تعهدت باالمتناع عن قيام مجددا بتجارب نووية جنوب المحيط الهادي‪ ،‬و قد صدر‬
‫ذلك التصرف اثناء سير الدعوى التي رفعتها استراليا و زيلندا الجديدة ضدها سنة ‪1973‬‬
‫مما أدى الى افراغ النزاع من محتواه لكن فرنسا لم تحترم التزامها و عاودت تطبيق‬
‫التجارب النووية في ذات المنطقة بتاريخ ‪ 1995/06/13‬مما دفع بزيلندا الجديدة الى‬
‫السعي لمقاضاتها امام محكمة العدل الدولية كما تبعتها استراليا بعريضة تدخل لحماية‬
‫حقوقها المرتبطة مباشرة بموضوع النزاع استنادا على المادة ‪ 62‬من النظام األساسي‪ ،‬في‬
‫حين قدمت سامو‪ ،‬جزر سالمون‪ ،‬جزر مارشال‪ ،‬و دول فيدرالية ميكرونيزيا‪ ،‬عرائض‬

‫‪1‬بوضرسة عمار‪ ،‬مرجع سابق ‪. 16‬‬


‫‪2‬انظر المادة (‪ )36‬الفقرة ‪ 02‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫مرفقة بتصريحات للتدخل من اجل حماية حقوقها إضافة التفسير بعض احكام االتفاقية‬
‫المتعلقة بحماية الموارد الطبيعية لبيئة منطقة جنوب المحيط الهادي الصادرة بتاريخ‬
‫‪1‬‬
‫‪ 1986/11/25‬استنادا على المادة (‪ )63‬من النظام األساسي ‪.‬‬
‫و لقد أسست زيلندا الجديدة اختصاص المحكمة على الفقرة ‪ 63‬من الحـكم التي جاء‬
‫فيها "طالما ان المحكمة قد الحظت بأن دولة ما اخذت على نفسها تعهدا يتعلق بسلوكها‬
‫المستقبلي ‪ ،‬فال يندرج في سياق وظيفتها تصور عدم احترام الدولة له ‪ "...‬و اذا أثير‬
‫أسا س الحكم الحالي من جديد يمكن للجهة التي رفعت الدعوى أن تطلب فحص المسألة‬
‫طبقا ألحكام النظام األساسي‪.‬‬
‫ان تنازل فرنسا بموجب رسالة صادرة بتاريخ ‪ 1974/01/02‬عن اتفاق العام للتسوية‬
‫السلمية للخالفات الدولية الذي اثير كأحد أسس اختصاص المحكمة ال يمكن ان يشكل‬
‫‪2‬‬
‫عائقا لتقديم مثل هذا الطلب ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬توصية مجلس االمن في النزاعات القانونية‪:‬‬
‫هذه التوصية ال تتمتع بالقيمة اإللزامية‪ ،‬الن للدول الحق في قبول أو رفض والية‬
‫محكمة العدل الدولية استنادا على المادة ‪ 36‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية و‬
‫ان األصل في اختصاص المحكمة هو الوالية االختيارية أي ان اختصاص المحكمة‬
‫يرتكز على اتفاق الدول التي تكون طرفا في النزاع المعروض عليها ‪.‬‬
‫و قد استخدم مجلس االمن هذه الرخصة ألول مرة في قضية " مضيق كورفو" بين‬
‫المملكة المتحدة و البانيا حيث أوصى مجلس االمن بالتطبيق للمادة ‪ 36‬فقرة (‪ )3‬من‬
‫ميثاق األمم المتحدة كل من البانيا بعرض النزاع على محمة العدل الدولية‪ ،‬و بناء على‬

‫‪1‬وسيلة شابو‪ ،‬مرجع سابق ص ص‪. 32 ،31‬‬


‫‪2‬بوضرسة عمار‪ ،‬مرجع سابق ص‪. 20‬‬

‫‪30‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫ذالك بادرت المملكة المتحدة بعرض النزاع على المحكمة الدولية بعريضة دعوى منفردة‪،‬‬
‫حيث أسست المملكة المتحدة اختصاص المحكمة على عدد من النصوص منها ‪ 25‬من‬
‫الميثاق‪ ،‬و كذالك قبول البانيا التوصية التي صدرت عن مجلس االمن بعرض النزاع على‬
‫المحكمة‪ ،‬غير ان البانيا مع قبولها الختصاص المحكمة – عارضت فهم المملكة المتحدة‬
‫التوصية مجلس االمن و اعتبرت البانيا ان هذه التوصية ال يمكن ربطها بالمادة ‪ 25‬من‬
‫الميثاق النها ليست ق ار ار ملزما‪ ،‬و بالتالي ال يمكن حالة من الحاالت الوالية الجبرية‬
‫‪1‬‬
‫لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬و ان األثر القانوني للتوصية ال يرقى الى مرتبة الق اررات الملزمة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االختصاص االستشاري لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬


‫لمحكمة العدل ال دولية الى جانب اختصاصها القضائي‪ ،‬اختصاص إفتائي أو‬
‫استشاري‪ ،‬أشار اليه ميثاق األمم المتحدة في مادته ‪ ،96‬و فصله النظام األساسي لمحكمة‬
‫العدل الدولية‪ ،‬يقصد باالختصاص االفتائي السلطة التي تملكها محكمة العدل الدولية في‬
‫إعطاء آراء إفتائية في مسائل قانونية‪ ،2‬و بموجب هذه السلطة الممنوحة للمحكمة يحق‬
‫ألي طرف ان يتقدم بتفسي ر الى المحكمة ‪ ،‬و هذا اذا تم االختالف حول تحديد معنى‬
‫الحكم أو نطاق تطبيقه أو يقصد منه الصالحية الممنوحة لمحكم العدل الدولية بموجبها‬
‫تبدي المحكمة رأيها االستشاري في المسائل القانونية ‪3‬و لذالك سنقوم بدراسة هذا المطلب‬
‫في فروع األشخاص أصحاب الصفة في طلب الفتوى(الفرع االول) ‪ ،‬ثم الموضوعات‬
‫التي يمكن طلب الفتوى بشأنها( الفرع الثاني) ثم الطبيعة القانونية للفتوى(الفرع الثالث )‪.‬‬

‫‪1‬طاهر احمد الزوي‪ ،‬القضاء المستعجل لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.177 ،2013 ،‬‬
‫رشاد السيد‪ ،‬القانون الدولي العام في ثوبه الجديد‪ ،‬الطبعة ‪ ،2‬دار وائل للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬عمان‪2005 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪3‬مفيد محمود شهاب‪ ،‬المنظمات الدولية‪ ،‬الطبعة ‪ ،4‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،1978‬ص‪.351‬‬

‫‪31‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع األول‪ :‬األشخاص أصحاب الصفة في طلب الفتوى‬


‫نالحظ من خالل ميثاق األمم المتحدة انه‪:‬‬
‫‪-1‬ألي من الجمعية العامة أو مجلس األمن أن يطلب إلى محكمة العدل الدولية إفتاء في‬
‫مسألة قانونية ‪.‬‬
‫‪-2‬و لسائر فروع و الوكاالت المتخصصة المرتبطة بها ‪ ،‬مما يجوز أن تأذن لها الجمعية‬
‫العامة بذالك في أي وقت ‪ ،‬ان تطلب أيضا إفتاءها ‪ ،‬فيما يعرض لها من المسائل‬
‫‪1‬‬
‫القانونية الداخلة في نطاق أعمالها‪.‬‬
‫كذالك عند استقرائنا للنظام األساسي لمحكمة العدل الدولية استنتجنا ما يلي للمحكمة‬
‫ان تفتي في أي مسألة قانونية بناء على طلب اية هيئة رخص لها ميثاق األمم المتحدة‬
‫‪2‬‬
‫باستفتائها ‪ ،‬أو حصل الترخيص لها بذالك طبقا ألحكام الميثاق المذكور‬

‫أوال‪ :‬أصحاب الحق المباشر‪:‬‬


‫يعد مجلس االمن و الجمعية العامة الفرعين الرئيسيين لمنظمة األمم المتحدة‬
‫أصحاب الحق في استفتاء المحكمة و هذا الحق ال يمكن الغاءه اال بتعديل الميثاق نفسه‬
‫فهو حق عام و شامل ‪ ،‬إال ان هناك شرطا أساسيا ‪ ،‬و هو أن يكون المسألة المستفتى‬
‫‪3‬‬
‫فيها قانونية و ال تخرج عن نطاق اختصاص مجلس االمن و الجمعية العامة ‪.‬‬
‫وال يشترط على الجمعية العامة في طلب الفتوى ان تحصل على اغلبية الثلثين‪ ،‬بل تكفي‬
‫األغلبية البسيطة ‪ ،‬إذ ال يعتبر طلب فتوى من المسائل العامة كما ال يجوز استعمال حق‬
‫‪4‬‬
‫االعتراض ( الفيتو) في حالة الفتوى الصادرة من مجلس االمن‪.‬‬

‫‪1‬انظر المادة ( ‪ )96‬من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪2‬انظر المادة (‪ )65‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪3‬محمد طلت الغنيمي‪ ،‬التنظيم الدولي‪ ،‬منشأ المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪، 1974 ،‬ص ص‪. 739 ،738‬‬
‫‪4‬هاني حسن العشري‪ ،‬مرجع سابق ص‪. 81‬‬

‫‪32‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫ثانيا‪ :‬أصحاب الحق غير المباشر في استفتاء المحكمة‬


‫نصت المادة (‪ )96‬الفقرة ‪ 02‬من الميثاق على انه " لسائر الفروع الهيئة و الوكاالت‬
‫المتخصصة المرتبطة بها ممن يجوز ان تأذن لها الجمعية العامة بذالك في أي وقت ان‬
‫تطلب أيضا من المحكمة إفتائها فيما يعرض لها من المسائل القانونية الداخلة في نطاق‬
‫اعمالها " و وفقا لما جاء في الفصل الثالث من الميثاق تعد الهيئات االتية فروعا رئيسية‬
‫لألمم المتحدة ‪.‬‬
‫الجمعية العامة‪ ،‬مجلس االمن‪ ،‬المجلس االقتصادي و االجتماعي‪ ،‬مجلس الوصايا‪،‬‬
‫محكمة العدل الدولية‪ ،‬و األمانة‪ ،‬و قد منحت الجمعية العامة للهيئات التي أنشأها الحق‬
‫االستفتاء المحكمة و هذه الهيئات هي لجنة طلبات مراجعة احكام المحكمة اإلدارية التابعة‬
‫‪1‬‬
‫لألمم المتحدة و اللجنة المؤقتة‪.‬‬
‫تعرف الوكاالت المتخصصة حسب ما نصت عليه المادة (‪ )57‬من الميثاق األمم‬
‫المتحدة المشار اليها فيما تقدم انها ( الوكاالت المتخصصة التي تنشأ بمقتضى اتفاق بين‬
‫الحكومات ‪ ،‬و التي تضطلع بمقتضى نظمها األساسية بتبعات دولية واسعة االقتصاد ‪،‬و‬
‫الثقافية و الجتماع و التعليم و الصحة‪ ،‬و ما يتصل بينها و بين األمم ) و طبقا للمادة‬
‫(‪ )96‬من الميثاق فأن الوكاالت المتخصصة و بإذن من الجمعية العامة لها أن تطلب‬
‫إلى المحكمة العدل الدولية إفتاءها في المسائل القانونية الداخلة في نطاق اختصاصها‪ ،‬و‬
‫هذه الوكاالت منحت نفس الحق الممنوح للهيئات الرئيسية التابعة لألمم المتحدة و عليها‬
‫‪2‬‬
‫كذالك نفس القيد ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الموضوعات التي يمكن طلب الفتوى فيها‪.‬‬

‫‪1‬صالح جواد الكاظم‪ ،‬دراسة في المنظمات الدولية‪ ،‬مطبعة الرشاد‪ ،‬بغداد‪ ،1975 ،‬ص‪.17‬‬
‫‪2‬احمد حسن الرشيدي‪ ،‬الوظيفة االفتائية لمحكمة العدل الدولية و دورها في تغيير و تطوير سلطات األجهزة السياسية‬
‫لألمم المتحدة‪ ،‬الهيئة المصرية للكتاب‪ ،‬مصر‪ ، 1993 ،‬ص ص‪. 103،102‬‬

‫‪33‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫إن استقراء نص المادة (‪ )96‬من ميثاق األمم المتحدة بفقرتها األولى و الثانية يفيد ان‬
‫الموضوعات التي يمكن طلب الفتوى بشأنها هي المسائل القانونية و هذا على خالف ما‬
‫سبق ان رأيناه بصدد موضوع الدعاوى التي ترفعها الدول امام المحكمة و التي تشمل ما‬
‫يتفق األطراف على عرضه على المحكمة سواء كان من قبل األمور القانونية أو كانت‬
‫‪1‬‬
‫ذات طابع سياسي ‪.‬‬
‫ومن اهم المسائل القانونية التي طلبت من المحكمة العدل الدولية اصدار اراء افتائية‬
‫بشأنها نجد المسائل المتعلقة بتفسير نصوص المعاهدات الدولية بوجه عام‪ ،‬و نصوص‬
‫الميثاق بوجه خاص‪ ،‬على ان هنالك أمور و ان كانت تندرج تحت المسائل القانونية اال‬
‫انها ال تخلو مع ذالك من طابعها السياسي‪.‬‬
‫هذا الموضوع أثير حين طلبت الجمعية العامة إفتاء المحكمة بصدد قبول األعضاء الجدد‬
‫في األمم المتحدة‪ ،‬فلقد قبل آنذاك أن هذه المسألة ذات طابع سياسي‪ ،‬ألنها تكشف على‬
‫‪2‬‬
‫مدى تناحر المتصارعين في الحرب الباردة ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الطبيعة القانونية للفتوى‪.‬‬


‫تعد الفتوى بمثابة استشارة محصنة ليست لها صفة االلزام إال إذا كان اإلذن الممنوح‬
‫للجهة طالبة الفتوى يعرض الموضوع على المحكمة ‪ ،‬ينص شرط االلزام تلك الجهة بفتوى‬
‫‪3‬‬
‫المحكم و هو ما قد يحصل في بعض األحيان ‪.‬‬

‫مفيد محمود شهاب‪ ،‬المنظمات الدولية‪ ،‬الطبعة ‪ ،3‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1976 ،‬ص‪. 352‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬محمد طلعت الغنيمي‪ ،‬االحكام العامة في قانون األمم‪ ،‬منشأ المعارف اإلسكندرية‪ 1977 ،‬ص‪. 744‬‬
‫‪3‬محمد طلعت الغنيمي‪ ،‬المنظمات الدولية‪ ،‬الطبعة ‪ ،5‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1985 ،‬ص‪.354‬‬

‫‪34‬‬
‫اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫الفصل األول‬

‫و نالحظ أن الفتوى التي تصدرها المحكمة ليست في الحكم المشابه للحكم الذي يصدر‬
‫طبقا للمادة (‪ )59.60‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬فهو ال يلزم الدولة ذات‬
‫المصلحة المباشرة في النزاع و ما لهذه الفتوى إال قيمة معنوية فحسب بل أن النزاع إذا‬
‫عرض على المحكمة للفصل فيه فإن فتواها ال تكون لها حجة امامها و ال تلزم المحكمة‬
‫بالسير على هديها‪ ،‬فالمحكمة العدل الدولية تعتبر اختصاصها اإلفتائي على انه فقط‬
‫وسيلة للمنظمات الدولية من أجل الحصول على فتوى غير ملزمة عكس االحكام الصادرة‬
‫عنها‪ ،‬و عليه فإن الهيئة أو الجهة التي تطلب الحصول على الفتوى تبقى حرة في مدى‬
‫احترامها ألثار هذه الفتوى‪ ،‬زيادة على هذا ال يوجد أي مانع يحول دون أن يعاد عرض‬
‫‪1‬‬
‫النزاع صدرت بشأنه فتوى على محكمة العدل الدولية لتفصل فيه بحكم قضائي ملزم‪.‬‬

‫‪1‬احمد بلقاسم‪ ،‬القضاء الدولي‪ ،‬دار هومة للنشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر‪ ،2005 ،‬ص‪. 99‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية‬
‫في تسوية النزاعات الدولية‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫محكمة العدل الدولية ليست واحدة من األجهزة الرئيسية فحسب بل لها أهمية قضائية‬
‫ذات سمعة عالمية وتتمتع بوالية عامة‪ ،‬فلقد أنشئت لتعزيز المقصد األول لألمم المتحدة‬
‫وهو" تتذرع بالوسائل السلمية وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية‬
‫التي قد تؤدي إلى اإلخالل‪ ،‬كما أن المحكمة هي المرجع الرئيسي في القانون الدولي‬
‫وتفسيره وتطبيقاته‪ ،‬حتى بالسلم أو لتسويتها "‪1‬أنه ال يتم اتخاذ قرار في القانون الدولي دون‬
‫رأيها‪ ،‬ولعل ذلك أهم أدوارها طالما أن التقاضي إليها ال يحمل صفة إلزامية‪.‬‬
‫مما ال شك فيه أن محكمة العدل الدولية قامت منذ أن بدأت في مباشرة وظيفتها‬
‫القضائية واالستشارية ابتداء من شهر أكتوبر سنة ‪ 1946‬بدور ال بأس به في تحقيق‬
‫أهدافها‪ ،‬فال أحد ينكر مدى مساهمتها في تسوية مختلف النزاعات الدولية عبر مراحل‬
‫التاريخ‪ ،‬وكذا سد بعض نواحي النقص في هذا القانون وذلك من خالل الفتاوى التي‬
‫أصدرتها في كثير من المسائل القانونية‪ ،‬هذا كله من أجل منع نشوب الصراعات المسلحة‬
‫ووضع نهاية لها‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك نجد أن دور المحكمة كان متواضعا مقارنة باآلمال‬
‫التي كانت معلقة عليها حيث نجد أن حاالت اللجوء إليها تعتبر قليلة جدا‪ ،‬ويرجع ذلك كله‬
‫في تصورنا إلى عدة أسباب أهمها األبعاد السياسية عند بعض الدول التي ال ترغب في‬
‫أن ترى نفسها مجبرة على النزول إلى حكم القانون الدولي في مسائل ال ترى فيها للقضاء‬
‫الدولي رأي‪ ،‬وسمتها بالمسائل السياسية ما جعلها تفضل اللجوء إلى الوسائل األخرى التي‬
‫عددها الميثاق في المادة ‪. 33‬‬

‫‪ -1‬أنظر المادة (‪ )01‬من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وبناء على ما تقدم سنستعرض هذا الفصل وفق مبحثين‪ ،‬بحيث نتناول في أهم‬
‫التطبيقات العملية لتسوية النزاعات الدولية أمام محكمة العدل الدولية في (المبحث األول)‪،‬‬
‫ثم العقبات التي تحد من دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات في (المبحث‬
‫الثاني )‬

‫المبحث األول‪ :‬التطبيقات العملية لتسوية النزاعات الدولية أمام محكمة العدل‬
‫الدولية‪.‬‬
‫على الرغم من الصعوبات التي تعاني منها محكمة العدل الدولية‪ ،‬فقد لعبت دو ار بار از‬
‫في حل النزاعات من خالل ممارسة الوظيفة في العديد من المنازعات الدولية وبالتالي في‬
‫صون السلم واألمن الدوليين‪ ،‬قد قامت المحكمة بالفصل في العديد من الدعاوي على‬
‫اختالف أنواعها‪ ،‬وقد تنوعت هذه الدعاوي بين فئة تتعلق باألراضي والحدود السيما‬
‫البحرية منها‪ ،‬وأخرى تتناول مسائل والية الدولة والقانون الدبلوماسي القنصلي وفئة رابعة‬
‫تتعلق بقضايا ذات طابع تجاري وغيرها من القضايا‪.‬‬
‫وتعد النزاعات المتعلقة بمسائل األراضي والمسائل البحرية من أكثر النزاعات التي‬
‫تنظرها محكمة العدل الدولية خاصة بعد موجة االستقالل للدول المستعمرة وما ثار من‬
‫نزاعات حدودية بينها‪ .‬باإلضافة الى الوظيفة االستشارية لتفصل في النزاعات المتعلقة‬
‫بالمسائل القانونية حيث تظهر حقيقة المحكمة في مجال التسوية السلمية للنزاعات‬
‫الدولية؛ وعليه سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين وهما‪:‬‬
‫مساهمة محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات من خالل ممارسة الوظيفة القضائية‬
‫(المطلب األول) ثم مساهمة محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات من خالل ممارسة‬
‫الوظيفة االستشارية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المطلب األول‪ :‬مساهمة محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات من خلل ممارسة‬
‫الوظيفة القضائية‪.‬‬
‫كما سبقت اإلشارة إليه فمحكمة العدل الدولية نظرت منذ نشأتها العديد من القضايا‬
‫على مختلف األنواع‪ ،‬وحتى يتسنى لنا التعرف على مدى عمومية وعالمية واستقاللية‬
‫المحكمة‪ ،‬وكذا دورها وأهميتها في تسوية النزاعات‪ ،‬سنتطرق الى النزاع الحدودي بين قطر‬
‫و البحرين و ذلك من خالل فرعين كالتالي وقائع النزاع ( الفرع األول)‪ ،‬ثم عرض الخالف‬
‫أمام محكمة العدل الدولية ( الفرع الثاني) ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬وقائع النزاع‬
‫نحاول من خالل هذه الفقرة التعرف على أسباب النزاع و مرحل تطوره(أوال)‪ ،‬ثم نعرج‬
‫على جهود الوساطة( ثانيا )‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أسباب النزاع ومراحل تطوره‪:‬‬
‫نحاول من خالل هذه الفقرة التعرف على أسباب نشأة النزاع وتاريخه‪ ،‬ثم نقوم بإعطاء نبذة‬
‫وجيزة عن أهم المناطق المتنازع فيها‪.‬‬
‫‪ -1‬أسباب نشأة النزاع وتاريخه‪:‬‬
‫ترجع العالقة بين قطر والبحرين إلى القرن الثامن عشر‪ ،‬وذلك حين انطلقت قبائل‬
‫"العتوب"‪ ،‬بأسطول كبير‪ ،‬من شبه جزيرة قطر؛ واستولت‪ ،‬عام ‪ ،1783‬على البحرين‪،‬‬
‫التي كانت تابعة لسلطة اإليرانيين؛ وعرف عام إذ‪ ،‬بعام الفتح‪ .‬وتحول االهتمام إليها‪،‬‬
‫ألرضها الغنية بالزراعة‪ ،‬وأشجار النخيل‪ ،‬ووفرة مصايد اللؤلؤ‪ ،‬والميناء المزدهر بحركة‬
‫التجارة‪.‬‬
‫وتتألف البحرين من أرخبيل‪ ،‬يضم ثالثا وثالثين جزيرة‪ ،‬أكثرها جزر صخرية صغيرة‪ ،‬ال‬
‫أهمية لها‪ ،‬وأكبرها جزيرة المنامة‪ ،‬التي أطلق عليها اسم البحرين‪ ،‬ويتمتع هذا األرخبيل‬

‫‪40‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بأهمية كبرى في الخليج العربي‪ ،‬وصفها "ديوراند"‪ ،‬مساعد المقيم البريطاني في الخليج‪،‬‬
‫بقوله‪" :‬إن البحرين في الخليج‪ ،‬كقبرص في البحر المتوسط"‪ 1‬وقد تميزت العالقة بين قطر‬
‫والبحرين بالعداء وقيام حروب أهلية في كال البلدين تعود إلى عام ‪ 1840‬خاصة البحرين‪،‬‬
‫وفي عام ‪ 1867‬ثار نزاع بين البلدين على إثر هجوم شنته البحرين على قطر‪ ،‬إال أن‬
‫العالقة بقيت متوترة خاصة بعد مطالبة البحرين بمدينة الزبارة والعديد من األراضي‬
‫القطرية انتهى بعقد معاهدة صلح بينهما بتدخل بريطانيا‪.2‬‬
‫واستمر الوضع على حاله حتى بداية الثالثينات من القرن العشرين‪ ،‬وبمناسبة‬
‫االكتشافات النفطية التي كانت تقوم بها الشركات أجنبية و على رأسها ‪-‬بترو ليوم‬
‫كوربوريشن‪ -‬األمر الذي كان يقتضي التعامل مع الدولة صاحبة المنطقة‪ ،‬مما استدعى‬
‫النظر في مسألة الملكية لجزر حوار باعتبارها المنطقة المعنية بالنفط‪ ،‬فأدى ذلك إلى إثارة‬
‫جدال كبي ار بين قطر والبحرين حول هذه الجزر من قبل حكامها بمناسبة تبادل الرسائل مع‬
‫السلطات البريطانية‪ ،‬وانتهى األمر عام ‪ 1937‬بتسوية النزاع بعد هجوم القوات القطرية‬
‫على الزبارة بتدخل بريطانيا ورسمت الحدود بينهما‪.‬‬
‫في عام ‪ 1947‬ثار النزاع من جديد بمناسبة ضم كل من فشت الديبل و قطعة جرادة إلى‬
‫البحرين بموجب قرار بريطاني‪ ،‬وفي سنة ‪ 1965‬تقدمت قطر إلى البحرين باقتراح يتضمن‬
‫واستمر الوضع على حاله إلى أن حصل كل من البلدين على‬ ‫حل الخالف وديا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫استقاللهما عام ‪ 1971‬عن بريطانيا‬

‫‪1‬انظر‪ :‬موسوعة مقاتل من الصحراء‪ ،‬أسباب النزاع ومراحل تطوره‪ ،‬على موقع االنترنت ‪: :‬‬
‫‪http :// www. moqatel.com.19/04/2022.‬‬
‫‪2‬محمد بن سعيد بن محمد كنعالت العمري‪ ،‬التسوية القانونية لمنازعات الحدود بين دول شبه الجزيرة العربية‪ ،‬المكتب‬
‫الجامعي الحديث ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2007،‬ص ‪.352‬‬
‫‪3‬صالح يحي الشاعري‪ ،‬تسوية النزاعات الدولية سلميا‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪ ، 2006 ،‬ص‪.284‬‬

‫‪41‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪- 2‬المناطق المتنازع فيها ‪:‬‬


‫ينحصر الخالف بين الدولتين حول عدد من الجزر واألراضي الواقعة بين البلدين‬
‫‪ ،‬وهي منطقة الزيارة في اليابسة القطرية‪ ،‬ومجموعة جزر حوار‪ ،‬وجزيرتا قطعة جرادة‪،‬‬
‫وحد جنان‪ ،‬وهما جزيرتان صغيرتان‪ ،‬وفشت الديبل وفشت العزم‪ ،‬وعدد من الفشوت‬
‫الصغيرة األخرى‪ .‬فضال عن مصائد األسماك واللؤلؤ الواقعة بين البلدين‪ ،‬وانتهاء بترسيم‬
‫بحدود المياه اإلقليمية لكل دولة‪ .‬وفيما يلي نبذة عن أهم المناطق المتنازع عليها‪.‬‬
‫أ‪ .‬جزر حوار‪:‬‬
‫تضم جزر حوار ستة عشر جزيرة متالصقة تأخذ شكل ربع دائرة تبعد نحو عشرين كلم‬
‫من الجنوب الشرقي ألقصى جنوب البحرين في رأس البحر‪ ،‬وعلى بعد أقل من ثالثة‬
‫كيلومترات من قطر بحيث يمكن الوصول إليها سي ار على األقدام وهذا ما استندت عليه‬
‫قطر في ادعائها بملكية جزر حوار أي قربها منها مما يعني أن قطر كان سندها جغرافي‬
‫أي عامل القرب‪ ،‬أما البحرين فكان سندها تاريخي فهي تعتبر جزر حوار من ممتلكات آل‬
‫خليفة‪ ،‬وتمثل هذه الجزر ثلث المساحة الجبلية للبحرين‪ ،‬ونظ ار لما تكتسبه هذه الجزر من‬
‫أهمية عرف النزاع باسمها‪.‬‬
‫ب‪ .‬الزبارة ‪:‬‬
‫ا لزبارة عبارة عن آثار قرية كبيرة على الساحل القطري مقابل جزيرة البحرين من جهة‬
‫الجنوب‪ ،‬وتمتد إلى البحرين كرأس عريض تصل بينها وبين العريش شماال طرق معبدة‬
‫يبلغ طولها حوالي‪113‬كلم أول من عمرها هم أسرة آل خليفة‪ ،‬وهم حكام البحرين حاليا‬
‫الذين عملوا على تطوير المنطقة و جعلها ذات أهمية اقتصادية واسعة خاصة في مجال‬

‫‪42‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التجارة‪ ،‬ومن هذا المنطلق التاريخي طالبت البحرين بالزبارة باعتبارها أرض أجدادهم‪ ،‬وهو‬
‫نفس المنطلق لقطر التي اعتبرت هي األخرى أن الزبارة األرض التي بدأت منها سلطنة‬
‫آل ثاني في قطر‬
‫ثانيا‪ :‬جهود الوساطة ‪.‬‬
‫شهدت منتصف الستينات من القرن العشرين المحاولة األولى لعرض الخالف الحدودي‬
‫أمام التحكيم الدولي‪ ،‬فقد طالبت قطر بعرض خالفها الحدودي مع البحرين حول جزر‬
‫حوار وقطعة جرادة وفشت الديبل أمامه ودعت قطر الحكومة البريطانية الى مساندتها في‬
‫هذه الخطوة‪ ،‬وقد بادرت بريطانيا الى اتخاذ اجراءات في اتجاه البدء في التحكيم‪ ،‬ولكن‬
‫‪1‬‬
‫العملية توقفت جراء رفض البحرين القيام بما قامت به قطر‪.‬‬
‫وبعد حصول كل من قطر والبحرين عام ‪ 1971‬على استقاللهما عن بريطانيا‪ ،‬حاولت‬
‫قطر التوصل إلى حل بشأن النزاع مع البحرين من خالل عدة مقترحات كان من بينها‬
‫إنشاء جزيرة في المياه اإلقليمية للبحرين بدال من حوار‪ ،‬باإلضافة إلى إبرام اتفاقيات تعاون‬
‫اقتصادية بين البلدين‪ ،‬إال أن البحرين لم تستجب ألي اقتراح من اقتراحات قطر‪ ،‬مما أدى‬
‫استطاعت الوساطة السعودية ان تحقق نوعا‬ ‫‪2‬‬
‫إلى تدخل المملكة العربية السعودية كوسيط‬
‫من االستقرار بين البلدين حيث تم ابرام اتفاقية بين قطر و البحرين عام ‪ 1978‬تقضي‬
‫بتجميد الوضع في جزر متنازع عليها ‪.‬‬

‫‪1‬بختة حوتة‪ ،‬التسوية القضائية لنزاعات الحدود البحرية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام‪ ،‬مقدمة أمام‬
‫كلية العلوم القانونية و اإلدارية‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي– الشلف‪، 2008/2007 ،‬ص ص ‪. 85 ،84‬‬
‫‪ 2‬محمد حسن القاسمي ‪(،‬حكم محكمة العدل الدولية في النزاع القطري البحريني و انعكاساته على قضية الجزر اإلماراتية‬
‫المحتلة)‪ ،‬مجلة الحقوق الكويتية ‪ ،‬العدد‪ ، 2005، 03‬جامعة الكويت‪ ،‬ص‪. 207‬‬

‫‪43‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عرض الخلف الحدودي بين قطر والبحرين أمام محكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫بعد فشل العديد من المحاوالت لحل النزاع (القطري‪-‬البحريني) المتعلق ببعض المسائل‬
‫اإلقليمية و ترسيم الحدود البحرية‪ ،‬تم اللجوء إلى آخر حل وهو عرض النزاع على محكمة‬
‫العدل الدولية‪ ،‬و لذالك سنتناول اختصاص المحكمة في القضية (أوال) ثم نعرج على أهم‬
‫اإلجراءات المتبعة أمامها في هذا النزاع( ثانيا) ثم الفصل في النزاع (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬إختصاص المحكمة في القضية‪.‬‬
‫سنتناول بالدراسة هذه النقطة كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬انعقاد اختصاص المحكمة ‪:‬‬
‫بالرجوع إلى النزاع القطري‪ -‬البحريني نجد أن قطر قد توجهت إلى محكمة العدل‬
‫الدولية بشكل منفرد يوم ‪ 08‬جويلية‪ 1991‬وقامت برفع دعوى ضد البحرين تطلب فيها‬
‫تسوية جميع المسائل اإلقليمية و السيادية العالقة بين البلدين‪ ،‬إلى جانب تعيين الحدود‬
‫البحرية‪.‬‬
‫أسست قطر اختصاص المحكمة على الرسائل المتبادلة بين المملكة السعودية‪ ،‬قطر‬
‫والبحرين‪ ،‬في ديسمبر‪ 1990‬من قبل وزراء خارجية الدول الثالث‪.1‬‬
‫ردت البحرين بطلب مماثل في ‪ 08‬أوت ‪ ،1991‬ثم اتبعته بطلب ثاني في ‪14‬‬
‫أكتوبر‪ 1991‬اعترضت فيه على الطريقة التي تقدمت بها قطر‪ ،‬كما دفعت بأن محضر‬
‫ديسمبر‪ 1990‬ليس اتفاقية دولية‪ ،‬إنما مجرد سجل المفاوضات مما ال يمكن أن يكون‬
‫اساسا الختصاص المحكمة و في نفس الوقت كانت تطالب بالزبارة‪.‬‬

‫‪1‬عمار بوضرسة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪. 96‬‬

‫‪44‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫درست المحكمة طلبات الطرفين‪ ،‬وقضت في الفاتح جويلية ‪ 1994‬بأن رسائل‬


‫ديسمبر‪ 1987‬ومحضر ديسمبر‪ 1990‬تعتبر اتفاقيات دولية منشئة لحقوق وواجبات‬
‫بالنسبة ألطرافها‪ ،‬كما أن قطر لم تشمل كل النزاع في طلبها المقدم في ‪08‬‬
‫جويلية‪ ،1991‬فقد قررت المحكمة إعطاء مهلة خمسة أشهر للطرفين لالتفاق رفع نزاعهما‬
‫إليها بموجب طلب مشترك أو طلبات منفردة‪ ،‬إال أنها لم تعلن اختصاصها للنظر في‬
‫النزاع‪ ،‬وتركت ذلك الوقت الحق‪.‬‬
‫قام الطرفان بعدها بعدة محاوالت قصد التوصل إلى صيغة مشتركة للطلب المقدم إلى‬
‫المحكمة إال أنهما أخفقا‪ ،‬مما جعل قطر في ‪ 30‬نوفمبر‪ 1994‬تتقدم بطلب منفرد يتضمن‬
‫كل النزاع‪ ،‬غير أن البح رين عاودت اعتراضها بشأن اختصاص المحكمة‪ ،‬ووجهت‬
‫اعتراضها هذه المرة إلى المحكمة حيث قالت أن المحكمة لم تعلن اختصاصها في حكمها‬
‫الصادر في ‪ 01‬جويلية ‪ 1994‬بالنظر في طلب قطر المنفرد بتاريخ ‪ 08‬جويلية ‪،1991‬‬
‫وبما أنها لم تعلن اختصاصها أنذاك‪ ،‬فهذا ال يخولها النظر فيطلب قطر المنفرد في ‪30‬‬
‫‪1‬‬
‫نوفمبر‪ 1994‬في غياب موافقة البحرين‪ ،‬وهو ما جعل المحكمة تبحث‬

‫فيأمر اختصاصها للنظر في النزاع بشكل جدي‪ ،‬وتوصلت إلى إصدار حكمها الثاني‬
‫في‪ 15‬فيفري‪ 1995‬بأغلبية عشرة أصوات مقابل خمسة‪ ،‬والذي قضت فيه بأن لها‬
‫االختصاص للنظر في النزاع المحال إليها بين قطر والبحرين والفصل فيه‪ ،‬وذلك بموجب‬
‫رسائل ديسمبر‪ 1987‬ومحضرديسمبر‪، 1990‬وأن هذا المحضر قد أقر رفع النزاع إلى‬
‫المحكمة بصورة منفردة بعد انتهاء الفترة المحددة للوساطة السعودية‪ ،‬وبهذا تكون المحكمة‬

‫‪1‬بختة خوتة ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪90. 89‬‬

‫‪45‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫قد رفضت اعتراض البحرين على محضر الدوحة عندما أكدت على وجوب رفع النزاع‬
‫بشكل مشترك‪ ،‬بينما قبلت الطلب الذي قدمته قطر في ‪ 30‬نوفمبر‪ 1994‬والذي اشتمل‬
‫‪1‬‬
‫على كل النزاع كما حددته الصيغة البحرينية‪.‬‬
‫‪ -2‬أسس انعقاد اختصاص المحكمة‪:‬‬
‫بعد انعقاد اختصاص المحكمة في النزاع القطري‪ -‬البحريني‪ ،‬نحاول فيما يلي التطرق‬
‫إلى األسس التي اعتمدتها المحكمة في ذلك بشيء من اإليجاز‪.‬‬
‫بنت المحكمة اختصاصها على مجموعة من الرسائل المتبادلة بين المملكة العربية‬
‫السعودية وطرفي النزاع كما سبق ذكره‪ ،‬ومن أهم ما تضمنته هذه الرسائل من مقترحات‬
‫من الملك فهد‪ ،‬اقتراح إحالة األمور المختلف عليها إلى محكمة العدل الدولية بالهاي‬
‫إلصدار حكمها النهائي والملزم للطرفين اللذين يجب عليهما تطبيق شروطه‪ ،‬باإلضافة‬
‫الى اقتراح تشكيل لجنة ممثلين عن كل من البحرين و قطر و السعودية‪ ،‬و تعمل على‬
‫تسهيل االتجاه الى المحكمة الدولية بطريقة تتوافق و اإلجراءات التي يقتضينها النظام‬
‫األساسي للمحكمة ‪،.‬كما اعتمدت المحكمة على تأسيس االختصاص على محضر‬
‫اجتماع ‪ 25‬ديسمبر عام ‪ 1990‬و الذي يتضمن اتفاق الطرفين على ان‪ 2‬محكمة العدل‬
‫الدولية و بمجرد أن تضع يدها تقوم بالنظر و الفصل في اية مسألة حدودية ذات عالقة‬
‫بالنزاع أي إمتياز أو ملكية قد تكون محل خالف بين الطرفين ‪ ،‬و كذلك ترسيم مناطق‬
‫الحدود البحرية للدولتين‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ 1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪90. 89‬‬


‫عمار بوضرسة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪. 97،98‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬ع مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪. 97،98‬‬

‫‪46‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثانيا‪ :‬اإلجراءات المتبعة أمام المحكمة ‪:‬‬


‫بعد صدور حكم محكمة العدل الدولية في ‪ 15‬فيفري‪ 1995‬المتضمن انعقاد إختصاصها‬
‫للنظر في النزاع القطري‪ -‬البحريني بدأ الطرفان إجراءاتهما أمام المحكمة‪ ،‬وقامت قطر‬
‫بتقديم ما يعادل‪ 82‬مستندا لتدعيم موقفها أمام المحكمة‪ ،‬إال أن البحرين قدمت طعنا رسميا‬
‫في ‪ 25‬سبتمبر‪1996‬بشأن المستندات والوثائق المقدمة من طرف قطر إلى المحكمة‬
‫تعتبر مسألة عدم مصداقية الوثائق من المسائل النادرة التي تثار أمام المحكمة‪ ،‬وعليه‬
‫طلبت المحكمة من الدولتين تبيان موقفها‪ -‬في مذكرات مكتوبة‪ -‬من هذه المسألة‪ ،‬حيث‬
‫ردت قطر كتابيا أنها ستغفل اإلستناد إلى تلك الوثائق غير السليمة و هو ما وافقت عليه‬
‫البحرين‪ ،‬كما قدمت اعتذارها للمحكمة والبحرين عن تقديمها لتلك الوثائق التي‪ .‬عطلت‬
‫‪1‬‬
‫سير المحكمة وأثارت قلق البحرين‪ ،‬وتم االستمرار في اإلجراءات‬
‫في فيفري‪ 1999‬سجلت المحكمة رسميا تخلي قطر عن الوثائق التي ثبت أنها مزورة‬
‫وتقدم بعدها كال الطرفين بطلباتهما والمتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬طلبات البلدين‬
‫قدمت البحرين وقطر مطالبات نهائية الى محكمة العدل الدولية بشأن الحدود بينهما وهي‬
‫على النحو اآلتي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬مطالب دولة قطر‬
‫(أ) سيادة قطر على جزر حوار‪ .‬على فشت الديبل وقطعة جراده وعد مياه‪.‬‬
‫(ب) سيادة قطر هما من المرتفعات التي تغمرها المد و تنحسر عنها عند الجزر‪.‬‬
‫(ج) ليس للبحرين سيادة على جزيرة جنان‪.‬‬

‫‪1‬احمد أبو الوفا ‪(،‬التعليق على قضاء محكمة العدل الدولية‪ 2005- 2001‬القضية الخاصة بالحدود البحرية و المسائل‬
‫اإلقليمية بين قطر و البحرين )‪ ،‬المجلة المصرية للقانون الدولي ‪ ،‬مجلد ‪ ، 61‬مصر‪ 2005 ،‬ص‪28‬‬

‫‪47‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫(د) ليس للبحرين سيادة على منطقة الزبارة‪.‬‬


‫(هـ) أن دعوى البحرين فيما يتعلق بحدود األرخبيل وخطوط األساس األرخبيلية ومغاصات‬
‫اللؤلؤ ومصائد األسماك ستكون غير مالئمة لغرض ترسيم الحدود البحرية بين البلدين‪.‬‬
‫(و) رسم خط الحدود البحرية األوحد بين المناطق البحرية بين قطر والبحرين بحسان أن‬
‫الزبارة وجزر حوار وجزيرة جنان تقع ضمن سيادة قطر ال البحرين‪.‬‬
‫ب‪ -‬مطالب دولة البحرين‬
‫طالبت البحرين محكمة العدل الدولية برفض الدعاوى والمطالبات القطرية المضادة جميعها‬
‫وأنت صدر حكمها بإعالن ما يأتي ‪:‬‬
‫(أ) سيادة البحرين على منطقة الزبارة‪.‬‬
‫(ب) سيادة البحرين على جزر حوار التي تضم جنان وحد جنان‪.‬‬
‫(ج) سياد ة البحرين على الجزر والمناطق البحرية التي تفصلها عن قطر بما فيها فشت‬
‫‪1‬‬
‫الديبل وقطعة جرادة‪ ،‬وهي بمجملها تكون األرخبيل البحريني‪.‬‬
‫‪ -2‬مرافعات الجانبين‬
‫بعدما تقدمت كل من قطر والبحرين بطلباتهما‪ ،‬بدأت جولة المرافعات الشفوية لهذه‬
‫الطلبات‬
‫أ ‪ -‬دفاع قطر‬
‫تشكل دفاع ق طر من القاضي" توريز بنادر" بصفته منتدبا‪ ،‬وترأس هيئة الدفاع األمين‬
‫العام لمجلس الوزراء القطري" عبد ااهلل المسلماني" باإلضافة إلى أعضاء آخرين أهمهم‬
‫وزير الدولة للشؤون الخارجية " أحمد عبد ااهلل المحمود"‪ ،‬ووزير العدل القطري السابق‬

‫بخته حوته‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪. 97،98‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪48‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الدكتور "نجيب بن محمد النعيمي“ باعتباره وكيال في القضية‪ ،‬وعدد معتبر من رجال‬
‫القانون الدوليين من فرنسا‪ ،‬وبلجيكا‪ ،‬وبريطانيا‪ .‬والواليات المتحدة األمريكية والهند‪.1‬‬
‫ركزت قطر في مرافعاتها على سيادتها على جزر حوار واعتبرتها جزءا ال يتج أز من‬
‫أراضيها و أنها واقعة في مياهها اإلقليمية‪ ،‬وقامت بتقديم مجموعة من الخرائط العثمانية‬
‫واالنجليزية‪ ،‬والعديد من في المراسالت الرسمية بين قطر والعديد من الدول التي ظلت‬
‫تتعامل معها لفترة طويلة مما يثبت حقها في جزر حوار‪ ،‬أما فيما يتعلق بالحدود البحرية‬
‫‪2‬‬
‫فقد استندت قطر إلى البعد‪ .‬الجغرافي للخالف‬
‫بالرجوع إلى أول مرافعة لقطر والتي قام بها المحامي" رومان بوندي" نجد أنه ركز على‬
‫أن– ما قدمته البحرين إلى محكمة الهاي من إثباتات ال يتفق مع الحقائق التاريخية‪-‬‬
‫وتساءل المحامي أمام المحكمة قائال "كيف يمكن أن تتفق جميع الخرائط البريطانية‬
‫والروسية والفرنسية‪ ،‬وكذلك العثمانية‪ ،‬على أن الجزر المختلف فيها ملكية قطرية في‬
‫الوقت الذي تشكك فيه البحرين في صحة الوثائق القطرية التي تشير إلى المضمون‬
‫نفسه؟"‬
‫أضاف المحامي الهندي "شانكر داس" في مرافعته التأكيد على حق قطر في الجزر‪،‬‬
‫واستبعد كل الشبهات بشأن الخرائط‪ ،‬وركز على عددها حيث قال أن قطر قدمت (‪)82‬‬
‫وثيقة تثبت ملكيتها للجزر بينما البحرين لم تقدم سوى (‪ )05‬وثائق‪ ،‬كما أشار الى فترة‬
‫تواجد بريطانيا كان بدافع شخصي ال قانوني‪ ،‬خاصة وأن المنح تم دون إعالم حكام قطر‪.‬‬

‫مرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪. 93‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬صالح يحي الشاعري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪292‬‬

‫‪49‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أما البروفيسور"جونبياركونديك" أستاذ القانون الدولي في جامعة السربون الفرنسية‪ ،‬فقد ركز‬
‫في مرافعته على مسألة ترسيم الحدود بين البلدين‪ ،‬وتساءل عن رغبة البحرين في السيادة‬
‫على أصغر الفشوت والصخور والمعالم الطبيعية المختلفة في المنطقة المتنازع فيها‪،‬‬
‫واستنادها إلى القوانين األرخبيلية فقط في ذلك‪.‬‬
‫كما بين نقطة مهمة وهي أن قطر ال تعتمد خط تقسيم قيعان البحار بين البلدين‪ ،‬وأنه خط‬
‫وضع لتحاشي الصراعات بين شركات النفط ال غير‪ ،‬وبالتالي ليس لذلك أي قيمة قانونية‬
‫تستند إليها المحكمة‪.‬‬
‫في مرافعة المحامي البريطاني السيد "ايان سينكلير" تم الطعن في قرار بريطانيا عام‬
‫‪1939‬الذي منح البحرين جزر حوار‪ ،‬مبر ار ذلك بأن قرار هيئة التحكيم لم يلق موافقة‬
‫قطر وال رضاها عليه‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ثالثا‪ :‬الفصل في النزاع ‪:‬‬
‫تعمل محكمة العدل الدولية على إصدار أحكام نهائية غير قابلة لالستئناف‪ ،‬تكون ملزمة‬
‫ألطراف النزاع‪ ،‬كما تقوم بتسبيب أحكامها حتى تضفي عليها القوة اإللزامية وتنفيذها من‬
‫قبل األطراف المعنية‪ ،‬وعليه سنقوم بدراسة هذا العنصر كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬مضمون الحكم وأسبابه ‪:‬‬
‫بعد انتهاء طرفي النزاع في قضية جزر حوار‪-‬قطر ضد البحرين‪ -‬من تقديم مذكرتهم‬
‫المكتوبة‪ ،‬والمرافعات الشفوية‪ ،‬دخلت محكمة العدل الدولية في مداوالت كانت األطول من‬
‫نوعها‪ ،‬إذ استمرت تسع سنوات‪ ،‬وفي الساعة الثالثة بعد الظهر بتوقيت هولندا من اليوم‬
‫السادس عشر من شهر مارس ‪ ،2001‬أصدرت المحكمة حكمها الشهير والنهائي في‬

‫‪ 1‬عمار بوضرسة ‪ ،‬مرجع سابق ص‪104‬‬

‫‪50‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫قضية النزاع النزاع القطري البحريني‪ ،‬مسدلة الستار على أحد أطول وأصعب القضايا‬
‫الحدودية التي واجهتها‪ ،‬وقام رئيس المحكمة القاضي الفرنسي "جيلبارغيوم" بقراءة نص‬
‫‪1‬‬
‫الحكم في ساعتين ونصف من الزمن‪.‬‬
‫وقد جاء محتوى الحكم الصادر عن المحكمة في ‪ 16‬مارس‪ 2001‬في جزأين‪ ،‬يتعلق‬
‫الجزء األول بسيادة كل من البلدين على الجزر المتنازع عليها‪ ،‬أما الجزء الثاني فيتعلق‬
‫بترسيم الحدود البحرية بين البلدين‪ ،‬وفيما يلي تفصيل بذلك‪:‬‬
‫أ‪ -‬الحكم في المسائل السيادية واإلقليمية‬
‫‪-‬محتوى الحكم‬
‫(أ) قررت المحكمة باإلجماع أن لدولة قطر السيادة على الزبارة‪( ،‬ب) قررت بأغلبية‬
‫(‪ )12‬صوتا مقابل خمسة أصوات سيادة البحرين على جزر حوار‪( ،‬ج) قررت المحكمة‬
‫باإلجماع أن سفن دولة قطر تتمتع في البحر اإلقليمي للبحرين الذي يفصل جزر حوار‬
‫‪2‬‬
‫عن جزر البحرين األخرى بحق المرور البريء الممنوح بالقانون الدولي العرفي‪،‬‬
‫(د) قررت بأغلبية (‪ )13‬صوتا مقابل أربعة أصوات أن لدولة قطر السيادة على جزيرة‬
‫جنان‪ ،‬بما فيها حد جنان‪( ،‬هـ) قررت بأغلبية (‪ )12‬صوتا مقابل خمسة أصوات أن لدولة‬
‫البحرين السيادة على جزيرة قطعة جرادة‪( ،‬و) قررت باإلجماع أن جزيرة فشت الديبل التي‬
‫ينحسر عنها الماء عند الجزر تقع تحت سيادة قطر (ي) قررت بأغلبية (‪ )13‬صوتا‬
‫مقابل أربعة أصوات‪ ،‬أن يرسم الحد البحري الذي يقسم‬

‫مرجع نفسه‪ ،‬ص‪. 104‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬عمار بوضرسة ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 104‬‬

‫‪51‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مختلف المناطق البحرية لدولة قطر ودولة البحرين كما هو مبين في الفقرة (‪ )250‬من‬
‫هذا الحكم ‪.1‬‬
‫‪ -‬تأسيس الحكم ‪.‬‬
‫أصدرت المحكمة حكمها هذا‪ ،‬وقامت بتأسيسه استنادا إلى نظامها األساسي بموجب المادة‬
‫(‪ )38‬الفقرة األولى والتي حددت المصادر التي تستند إليها محكمة العدل الدولية عند‬
‫قيامها بالفصل في النزاعات بين الدول‪ ،‬وتتمثل هذه المصادر في المعاهدات الدولية‬
‫الخاصة منها والعامة‪ ،‬والعرف الدولي‪ ،‬والمبادئ العامة للقانون باإلضافة إلى مصادر‬
‫احتياطية تشمل أحكام المحاكم وآراء الفقهاء في القانون الدولي يتم اللجوء إليها عند انعدام‬
‫المصادر األصلية او عجزها عن إعطاء القاعدة القانونية واجبة التطبيق‪.‬‬
‫هذا ما اعتمدته المحكمة في النزاع القطري –البحريني عندما استندت في حكمها إلى‬
‫اتفاقيات رسمية موقعة بين أطراف النزاع إلى جانب طرف ثالث «السعودية»‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى معاهدة دولية وهي اتفاقية قانون البحار لعام ‪ 1982‬وذلك بناء على طلب الطرفين‪،‬‬
‫وفيما يلي أهم ما استندت إليه المحكمة في حكمها الصادر في ‪ 16‬مارس ‪2001‬‬
‫‪ ‬الزبارة‪:‬‬
‫أقرت المحكمة بتبعية الزبارة إلى قطر مستندة في ذلك إلى اتفاق عام ‪ 1868‬الذي لم‬
‫تطالب بالزبارة باإلضافة إلى ثبوت عدم ممارسة أي سلطة لعائلة النعيمي باسم البحرين‪،‬‬
‫أثناء ‪ ،‬حكمها للزبارة بل كان أفراد تلك العائلة يؤدون خدماتهم للبحرين دون ممارسة أي‬
‫سلطة ‪2‬كما ان اتفاق الموقع عام ‪ 1937‬بين محافظ البحرين البريطاني وشيخ البحرين‪،‬‬

‫‪1‬موجز األحكام والفتاوي واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية ( ‪ ، )، 2002- 1997‬ص ص ‪176‬‬
‫‪Http:// www . icj-cij.erj /homepage/ar.177،‬‬
‫‪2‬صالح يحي الشاعري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 320 :‬‬

‫‪52‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وأيضا خطابات المحافظ‪،‬لحاكم الهند ‪ ،‬لم تبين أي سلطة للبحرين على منطقة الزبارة‪ 1‬و‬
‫االعتماد على العديد من الرسائل والخطابات األخرى التي كانت تؤكد أن الزبارة قطرية‪،‬‬
‫وهذا أثناء التواجد البريطاني مما أدى بالمحكمة إلى رفض طلب البحرين بتبعية الزبارة لها‬
‫و اسنادها إلى قطر‪.‬‬
‫‪ ‬جزر حوار‪:‬‬
‫استندت المحكمة في حكمها بتبعية "جزر حوار" للبحرين إلى حكم التحكيم البريطاني‬
‫الصادر في ‪ 1939‬الذي يقضي بتبعية الجزر للبحرين‪ ،‬والمالحظ أن قرار بريطانيا لعام‬
‫‪ 1939‬قد أثار جدال قانونيا كبي ار بين قطر و البحرين إذ أن البحرين ترى فيه الحجة‬
‫القاطعة في ملكيتها لجزر حوار‪ ،‬بينما ترفضه قطر وال تعطيه أي قيمة قانونية‪ ،‬ولم تعتبره‬
‫حكما تحكيميا‪.2‬‬
‫واعتمدت علي عامل القرب ترى أنه يجب مراعاته باإلضافة إلى عوامل تاريخية‬
‫ووثائق منها االتفاقية البريطانية العثمانية المبرمة عام ‪ .1913‬التي نصت في بعض‬
‫بنودها على حق قطر في السيادة على جزر حوار‪ ،‬ونظ ار لهذا للتأكد من مدى إلزاميته‪،‬‬
‫قائلة أنه الجدال بين البلدين حول قرار ‪ 1939‬قامت المحكمة بفحص الحكم‪3‬ذا كان‬
‫مجرد قرار إداري إذا كان يمثل حكما فليس للمحكمة أن تنطق بحكم فوق حكم محكمة‬
‫أخرى‪ ،‬فمن حقها النظر فيه‪.‬‬
‫بالرجوع إلى قواعد القانون الدولي‪ ،‬وجدت المحكمة أن مصطلح " تحكيم " يسير على‬
‫تسوية نزاعات الدول‪ ،‬واعتمد في أكثر من معاهدة دولية مثل اتفاقية الهاي‬

‫‪ 1‬محمد بن سعيد بن محمد كنعالت العمري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.353‬‬


‫‪2‬احمد ابو الوفاء قضاء محكمة العدل الدولية (‪)، 2001-2005‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪25 :‬‬
‫عمار بوضرسة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 105‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪53‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪.1907‬والمحكمة الدائمة في‪ 1925‬في المادة الثالثة من معاهدة لوزان‪ ،‬وبذلك اعتبرت‬
‫المحكمة أن حكم التحكيم الصادر في ‪ 11‬جويلية ‪ 1939‬نهائي وملزم للطرفين وال يمكن‬
‫‪1‬‬
‫إعادة النظر فيه‬
‫اعتبرت جزر حوار أرضا بحرينية ورفضت إعتراض قطر على قرار عام ‪، 1939‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك استندت المحكمة إلى مراسالت ممثل بريطانيا الدبلوماسي في المنطقة‬
‫مع شيوخ قطر والبحرين والتي كانت تؤكد ملكية البحرين للجزر‪.‬‬
‫كما أشارت إلى أن قرار بريطانيا السابق الذكر لعام ‪. 1939‬على الرغم من استغراب‬
‫حاكم قطر لصدوره إال أنه لم يعترض عليه وقتها كما أنه لم يقدم الحجج الكافية إلثبات‬
‫‪2‬‬
‫السيادة القطرية على الجزر‪ ،‬وبهذا الشكل تم رفض كل إدعاءات قطر‬
‫أما فيما يتعلق " بجنان " فقد حكمت المحكمة بتبعيتها إلى قطر مستندة في ذلك إلى الحكم‬
‫الذي منح البحرين جزر حوار دون جنان‪ ،‬وبما أن الحكم لم يشمل جنان ولم التحكيمي‬
‫عام ‪ 3.1939‬يعتبرها أرضا بحرينية‪ ،‬فهي إذا تابعة لقطر‪.‬‬
‫‪ ‬جنان وفشت الديبل ‪:‬‬
‫فيما يتعلق بالسيادة على فشت الديبل فقد حكمت المحكمة بذلك لصالح قطر‪ ،‬وهو ما‬
‫يعتبره القطريون انتصا ار لهم وتعويضا عن جزر حوار‪ ،‬والفشت حسب قانون البحار هو‬
‫جزء من األرض تغمره المياه أثناء المد وتنحصر عنه عند الجزر‪ ،‬ويمكن تصنيفه كجزيرة‬
‫من أجل رسم الحدود البحر والفشت ليس له مياه إقليمية لذلك فإن خط االرتكاز ال يمكن‬

‫‪1‬صالح يحيى الشاعري المرجع السابق ص‪. 306‬‬


‫‪ 2‬محمد بن سعيد الكنعالت العمري ‪ ،‬المرجع السابق ص‪353‬‬
‫عمار بوضرسة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪106‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪54‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تحديده وفقا للفشوت وهو ما شكل عائقا بالنسبة للمحكمة خاصة وأن البحرين ركزت على‬
‫هذه المنطقة وأعطتها الطابع األرخبيلي مما يمكنها ممن ممارسة حقوق سيادية على المياه‬
‫اإلقليمية وبالتالي على تلك الفشوت الصغيرة من خالل خطوط اإلرتكاز‪ ،‬إال أن المحكمة‬
‫برجوعها إلى اتفاقية قانون البحار عام ‪ 1982‬وجدت أن خطوط اإلرتكاز ال يمكن أن‬
‫ترسم إرتكاز الفشوت‪ ،‬وال يمكن اعتبارها جزرا‪ ،‬لذلك ترى المحكمة أنه ال يوجد شيء‬
‫يسمح للبحرين باستخدام خط ارتكاز استنادا إلى الفشوت المتداخلة لدى قطر مما ال‬
‫يجعلها نقاط حدود في المناطق األخرى المتساوية‪ ،‬أما فيما يتعلق بالطابع األرخبيلي لتلك‬
‫الفشوت المقدم من قبل البحرين‪ ،‬فالمحكمة ترى أن ما تقدمت به البحرين ال يثبت الطابع‬
‫‪1‬‬
‫األرخبيلي إال إذا أقر ذلك القانون الدولي‪.‬‬
‫بناء على ما تقدم حكمت المحكمة بتبعية فشت الديبل للسيادة القطرية‪ ،‬أما فيما يتعلق‬
‫بمناطق صيد اللؤلؤ في شمال شبه الجزيرة‪ ،‬ترى المحكمة أن عصر صيد اللؤلؤ قد انتهى‬
‫مما جعل البحرين ليس لها الحق في فرض سيادتها على المصايد‪ ،‬وبهذا نجد أن المحكمة‬
‫أخذت بوجهة نظر قطر التي وبهذا كانت ترى بأن تلك المنطقة هي منطقة مشتركة‬
‫‪2‬‬
‫مفتوحة لكل القبائل على طول شواطئ الخليج‬
‫‪3‬‬
‫لم تعد أية أهمية الدعاء البحرين على مناطق صيد اللؤلؤ‪.‬‬

‫‪1‬صالح يحي الشاعري‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪309 :‬‬


‫‪2‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬قضاء محكمة العدل الدولية (‪)، 2001-2005‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪19 :‬‬
‫‪.‬‬ ‫عمار بوضرسة ‪ ،‬مرجع سابق ص ص ‪108 ، 107‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪55‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ب‪ -‬الحكم بترسيم الحدود البحرية بين البلدين‬


‫قامت المحكمة كما سبق اإلشارة إليه بالفصل في المسائل السيادية اإلقليمية كجزء أول من‬
‫حكمها الصادر في ‪ 16‬مارس ‪، 2001‬أما الجزء الثاني من الحكم فقد خصص لترسيم‬
‫الحدود البحرية بين البلدين وهو موضوع بالغ األهمية ال يقل عن المسائل السيادية‪ ،‬وهو‬
‫ما جعل المحكمة تهتم بهو تفصل فيه بشكل نهائي‪.‬‬
‫قررت المحكمة بأن ترسم الحدود البحرية بين قطر والبحرين على أساس الحدود بين‬
‫البلدين وأخذت بعين االعتبار النتوءات البحرية المبالغ فيها‪ ،‬كما أنها لم تصنف الفشوت‬
‫بأنها جزر نظ ار لطبيعتها المختلفة باإلضافة إلى تحديد المياه اإلقليمية وفقا ألقل نقطة‬
‫ارتكاز في عمق المياه البحرية كما راعت المحكمة ممارسة الدولتين لحقهما في المياه‬
‫االقليمية‪ ،‬واعتبرت أن هذه الممارسة تتماشى ومعايير القانون الدولي للبحار المقرر عام‬
‫‪1‬‬
‫‪.1982‬‬
‫بعد مناقشة كل هذه النقاط قررت المحكمة أن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين يكون‬
‫بموجب خط بحري متساوي األبعاد يبدأ من الحدود الشمالية الغربية من فشت الديبل‪،‬‬
‫ويستمر هذا الخط إلى أن يتقاطع مع خط تعيين الحد بين المناطق البحرية بإيران من‬
‫ناحية‪ ،‬والخاصة بالبحرين وقطر‪ ،‬كما وضحت المحكمة بمناسبة تحديد الحد البحري‪ ،‬بأن‬
‫فكرة الحد البحري الوحيد هذا لم تنشأ عن معاهدات إنما هي وليدة سلوك الدول الراغبة في‬
‫رسم خط بحري وحيد يحدد المناطق البحرية الخاضعة لكل منهما ‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالجنوب فيتجه الخط الحدودي إلى الجنوب الغربي حتى يلتقي مع الخط‬
‫الحدودي للمملكة العربية السعودية وقطر والبحرين‪ .‬في ترسيم الخط الحدودي البحريني‬

‫‪ 1‬محمد بن سعيد بن محمد كنعالت العمري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪355‬‬

‫‪56‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫القطري حددت نقاط ارتكاز من كلى الدولتين بشكل تقريبي من أجل تحديد عرض المياه‬
‫اإلقليمية وكانت قطر قد طالبت باألخذ في الحسبان كل النتوءات البحرية الموجودة في‬
‫المنطقة‪.1‬‬
‫نسبة لنقاط االرتكاز المقدمة من كلى البلدين يكون خط ترسيم الحدود البحرية فاصل بين‬
‫جزر حوار‪ ،‬ثم يتواصل نحو الشمال مما يجعل " فشت العزم " على يمين الخط و"جزر‬
‫سترا" على شماله ما ار بين فشت الديبل وقطعة جرادة‪ ،‬بحيث تكون هذه األخيرة في الجانب‬
‫البحريني‪ ،‬أما فشت الديبل فتكون في الجانب القطري‪ ،‬ونبهت المحكمة إلى أنه ال ضرورة‬
‫لتحقيق خطوط مستقيمة من قبل البحرين بين جزرها وجر قطر ألنها جزر يجب‬
‫استخدامها في األغراض السلمية‪.‬‬
‫واستندت المحكمة في قرارها هذا إلى القانون الدولي للبحار لعام ‪، 1982‬حينما تكون‬
‫السواحل متقابلة أو متجاورة ال يجوز ألية دولة إذا لم توجد اتفاقية بينهما تقتضي بعكس‬
‫ذلك أن تمد بحرها اإلقليمي فيما وراء خط الوسط الذي تقع كل نقطة منه على مسافة‬
‫متساوية من أقرب نقطة من خطوط األساس التي يقاس منها عرض البحر اإلقليمي‬
‫للدولتين إال أن هذا النص ال يطبق إال إذا كان من الالزم‪ ،‬بسبب سند تاريخي أو أية‬
‫ظروف خاصة تحديد البحر اإلقليمي للدولتين بطريقة مختلفة‪.2‬‬
‫طبقا لهذا النص رأت المحكمة أن يتم رسم خط وسط مؤقت ثم بعد ذلك معرفة ما إذا كان‬
‫يجب تعديله بالنظر إلى الظروف الخاصة في المنطقة ‪.3‬‬

‫‪1‬بختة خوتة ‪ ،‬المرجع السابق ص‪103‬‬


‫‪2‬انظر المادة (‪) 15‬من اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار‪ ،‬جامايكا ‪. 1982 ،‬‬
‫‪3‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬قضاء محكمة العدل الدولية (‪ )، 2001-2005‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪15:‬‬

‫‪57‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫باإلضافة إلى قواعد القانون الدولي للبحار راعت المحكمة قواعد القانون الطبيعي في‬
‫ترسيم الحدود البحرية من جهة أخرى‪ ،‬إال أن ما يجب التنبيه إليه أن قواعد القانون الدولي‬
‫للبحار أخذت على أساس أنها قواعد عرفية‪ ،‬وذلك ألن كال البلدين‪ -‬قطر والبحرين – لم‬
‫يكونا طرفا في اتفاقية األمم المتحدة في قانون البحار لعام ‪، 1982‬أو باألحرى البحرين‬
‫كانت طرفا ألنها صادقت عليها أما قطر فقد اكتفت بالتوقيع وبالتالي رأت المحكمة أن يتم‬
‫العمل بقواعد القانون الدولي للبحار على أنها قواعد عرفية وذلك بناء على طلب أطراف‬
‫النزاع‪.‬‬
‫‪ -2‬المبادئ المعتمدة في النزاع القطري‪ -‬البحريني‬
‫بعد صدور الحكم في النزاع القطري‪-‬البحريني– بتاريخ ‪ 16‬مارس ‪ 2001‬وتأسيسه من‬
‫قبل المحكمة يتضح أن المحكمة اعتمدت جملة من المبادئ المعمول بها في القانون‬
‫الدولي العام بصفة عامة‪ ،‬والقانون الدولي للحدود بصفة خاصة‪ ،‬ومن أبرز هذه المبادئ "‬
‫مبدأ لكل ما في حوزته" ‪ ،‬وذلك يمنحها جزر حوار للبحرين باعتبار أن بريطانيا قد منحتها‬
‫هذه الجزر بموجب حكم ‪ 1939‬واستمر تحت السيادة البحرينية إلى وقت االستقالل عام‬
‫‪.1 1971‬‬
‫كما طبقت المحكمة في نفس القضية " مبدأ الحجية الذي طالبت به البحرين في مرافعتها‬
‫الشفوية المقدمة في ‪ 21‬جوان ‪ 2000‬حيث أكدت أن جزيرة حوار خضعت للتحكيم‬
‫بموجب قرار ‪ 1939‬الذي منحها للبحرين‪ ،‬وبما أنه حكم قضائي نهائي وفقا لقواعد قانون‬
‫الدولي فهو يحوز حجية الشيء المقضي به‪ ،‬مما ال يجوز معه إصدار حكم فوقه أو إعادة‬

‫‪1‬عمر سعد ااهلل‪ ،‬قانون الدولي للحدود‪ ،،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ، 2003 ،‬ص‪.38‬‬

‫‪58‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫النظر فيه وبالتالي الحكم وفقا له على أساس مبدأ الحجية وهو ما أخذت به المحكمة في‬
‫حكم ‪ 16‬مارس ‪. 2001‬‬
‫باإلضافة إلى المبادئ والقواعد الواردة في بعض االتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية قانون‬
‫البحار لعام ‪ 1982‬عندما اعتبرت المحكمة أن البحرين دولة خليجية‪ ،‬كما طبقت المحكمة‬
‫مبادئ العدالة خاصة فيما يتعلق بتحديد الحدود البحرية بين قطر والبحرين‪ ،‬خاصة وأن‬
‫ترسيم الحدود في القضية لم يكن أم ار عاديا‪ ،‬حيث كان بين دولة قارية‪ ،‬ودولة أرخبيلية‬
‫مكونة من عدة جزر‪ ،‬هذا ويالحظ أن المحكمة اعتمدت في مجمل حكمها على مبادئ‬
‫قانونية بحتة‪ .‬يتضح ذلك عند إغفالها لعامل القرب أو الجوار الذي طالبت به قطر‪،‬‬
‫واالعتماد على مظاهر السيادة الفعلية فيما يتعلق بالمناطق المتنازع عليها‪ ،‬وهو ما يظهر‬
‫جليا بالنسبة لجزر حوار واعتبارها بحرينيه‪ ،1²‬ألن البحرين كانت تمارس سيادة فعلية على‬
‫الجزر‪ ،‬ومنح الزبارة لقطر بالمقابل وطبقا‪ ،‬لنفس المبدأ‪.‬‬

‫بهذا تكون محكمة العدل الدولية قد توصلت إلى حل أصعب نزاع قد واجهها‪ ،‬واألطول من‬
‫نوعه‪ ،‬مؤكدة بذلك تميزها وقدرتها على حل النزاعات الدولية بصفة عامة‪ ،‬والنزاعات‬
‫‪2‬‬
‫الحدودية بصفة خاصة‪ ،‬أمام عجز الطرق السلمية األخرى في حل العديد من النزاعات‬
‫وهو ما جعل اللجوء إلى الوسائل القضائية أم ار ضروريا قي العديد من األحيان من أجل‬
‫التوصل إلى حلول نهائية‪.‬‬

‫‪1‬عمر سعد ااهلل ‪ ،‬مرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.169‬‬


‫‪2‬مصطفى سيد عبد الرحمان‪ ،‬الجوانب القانونية لتسوية نزاعات الحدود الدولية‪،‬الطبعة ‪،1‬دار النهضة العربية‪، ،‬‬
‫القاهرة ‪ ، 1994‬ص ‪.158‬‬

‫‪59‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -3‬التعليق على الحكم ‪:‬‬


‫بعد التطرق لمحتوى الحكم واألسس التي استندت إليها محكمة العدل الدولية يتضح أنها‬
‫أخذت في اعتبارها عند النظر في النزاع التاريخ المعقد لمنطقة الخالف‪ ،‬حيث اكتفت‬
‫ببعض الوثائق التي ال ترق إلى درجة االتفاقيات الدولية الصريحة التي تنشئ اختصاص‬
‫المحكمة للنظر في النزاعات الدولية ‪،‬كما تجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى مسألة توافر‬
‫شرط الموافقة الثنائية إلحالة النزاع إلى المحكمة‪ ،‬حيث ينبغي أن يكون التعامل في هذا‬
‫المجال مرنا حتى يتسنى للمحكمة الوصول إلى أهدافها والمتمثلة في تسوية النزاعات التي‬
‫تشكل تهديدا لألمن والسلم الدوليين‪ ،‬وهذا ما تم العمل وفقه في النزاع القطري البحريني‪،‬‬
‫والغاية من كل هذا هي عدم إضعاف دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات‬
‫الدولية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى هذا نالحظ استناد المحكمة على بعض الوثائق المتوفرة التي تبين نوعا من‬
‫العالقة بين الطرفين‪ ،‬إال أنها لم تصل إلى درجة الحجية القانونية الكاملة في إثبات‬
‫حقوقهما بشأن األ قاليم محل النزاع‪ ،‬فمثال اعتماد المحكمة على قرار عام ‪ 1939‬للحكومة‬
‫البريطانية الذي يقضي بتبعية جزر حوار للبحرين وجزيرة جنان لقطر يدل على وجود‬
‫مؤشر على تبني المحكمة لمعيار تحديد السيادة الفعلية المعتمد على التاريخ الحديث نسبيا‬
‫لوجود وممارسة السلطة ومظاهر أخرى من مظاهر وضع اليد على إقليم ما‪ .‬هذا فضال‬
‫عما تميز به نهج المحكمة من حيث التأكيد على عدم االعتداد بالتجاور معيار اإلثبات أو‬
‫نفي ملكية األقاليم‪ ،‬وبهذا نجد أن المحكمة أكدت أن عامل الجوار أو القرب ال يعتبر مبدأ‬

‫‪60‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫من مبادئ القانون الدولي للحدود‪ ،‬وبالتالي ال يمكن اعتماده في النزاعات الحدودية بين‬
‫الدول‪.1‬‬
‫بهذا نخلص إلى مدى أهمية الحكم‪ ،‬حيث عالج مجموعة واسعة من المسائل القانونية‬
‫وتميز باالهتمام والنطق السليم بالنتائج المعقولة على نحو بارز وواضح‪ ،‬وهكذا حصلت‬
‫البحرين على جزر حوار التي تراها مهمة بالنسبة لها بسبب ممارستها للسيادة على هذه‬
‫الجزر‪ ،‬ومن جهة أخرى حصلت قطر على الزبارة وجنان‪.‬‬
‫نالحظ أن الحكم جاء لصالح البحرين فيما يتعلق بجزر حوار أساس الخالف بين البلدين‪،‬‬
‫إال أن هذا ال يعن خسارة قطر إذ أن محكمة العدل الدولية حاولت من خالل حكمها‬
‫إحداث توازن وهذا ماحصل بالفعل‪ ،‬حيث رحب البلدين بالحكم وعب ار عن رضاهما به‪،‬‬
‫وبهذا نقول أن حكم المحكمة ما هو إال ممارسة حقيقية في الوصول إلى تسوية عامة‬
‫ونهائية مقنعة‪ ،‬ألن المحكمة عالجت كل المسائل القانونية بطريقة جعلت الحكم متوازنا‬
‫ومعقوال ومقبوال للكل‪.2‬‬
‫‪ -4‬تنفيذ الحكم ‪:‬‬
‫ما يمكن مالحظته عن تنفيذ الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية في ‪ 16‬مارس‬
‫‪ 2001‬بشأن النزاع القطري‪ -‬البحريني‪ ،‬أنه ال إشكال فيما يخص تنفيذه‪ ،‬إذ أعربت‬
‫الدولتان عن رضاهما وقبولهما للحكم الصادر ووصفاه بالمنصف لكال الطرفين‪.‬‬
‫ذلك أن المحكمة في حكمها هذا استجابت لمطالب كل من قطر والبحرين‪ ،‬ومن دالئل‬
‫الرضا بقرار المحكمة إعالن يوم السبت ‪ 17‬مارس ‪ 2001‬وهو اليوم التالي لصدور الحكم‬
‫عطلة رسمية في كال البلدين‪ ،‬ثم أمر كل من أمير البحرين‪ ،‬وأمير قطر بالشروع في‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬بختة خوتة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪107:‬‬

‫‪61‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إجراءات التنفيذ كما دعا أمير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة إلى استئناف‬
‫أعمال اللجنة المشتركة من أجل إعادة بناء العالقات بين البلدين وذلك من خالل‬
‫مشروعات التنمية المشتركة على جانبي الحدود‪ ،‬وعلى رأسها مشروع الجسر الذي يربط‬
‫بين البلدين كما قام أمير البحرين بزيارة تهنئة لقطر في ‪1 20‬مارس بعد صدور الحكم وتم‬
‫التأكيد على إعادة بناء العالقات الودية واألخوية بين البلدين خالل هذه الزيارة كل هذا‬
‫يدل على أن مسألة التنفيذ لقرار محكمة العدل الدولية لم يثر أية عوائق أو إشكاالت من‬
‫قبل أطراف النزاع‪ ،‬بل على العكس اعتبروا أن الحكم حدث تاريخي‪ ،‬حيث تم أخي ار وضع‬
‫حد للخالفات بين البلدين‪ ،‬وبشكل نهائي‪ ،‬ويعيد بناء العالقات من جديد بينهما‪ ،‬حيث عبر‬
‫أمير البحرين قائال‪ :‬القرار عبارة عن مكسب يعود بالنفع على كال البلدين ‪.‬‬
‫لقد اشتمل حكم ‪ 16‬مارس ‪ 2001‬لمحكمة العدل الدولية على تطبيق العديد من مبادئ‬
‫القانون الدولي‪ ،‬والتي من بينها مبدأ استقرار الحدود حيث قررت المحكمة أن القبول‬
‫الطويل لحيازة إقليم وممارسة السيادة عليه دليل حاسم على صحة السند والشرعية لتلك‬
‫الدولة‪ ،‬فبعد تعيين خط الحدود البحرية بين البلدين‪ ،‬بحيث يؤدي إلى جعل حق السيادة‬
‫للبحرين على جزر حوار فيما يعطي قطر حق السيادة على الزبارة وحق مرور سفنها في‬
‫المياه بين الجزر البحرينية‪ ،‬وبهذا نجد أن المحكمة طبقت مبادئ قانونية بما في ذلك‬
‫المبادئ العادلة نسبة للظروف الخاصة بالنزاع‪ ،‬ولعل هذا ما سهل تنفيذ الحكم فيما بعد إذ‬
‫أن الطرفان لم يثي ار أي اعتراض على الحكم واعتبروه عادال ومنصفا وباش ار فو ار عملية‬

‫‪1‬صالح يحي الشاعري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.316 :‬‬

‫‪62‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التنفيذ بما في ذلك ترسيم خط الحدود البحرية بين البلدين‪ ،‬مما يعني التسوية النهائية‬
‫للنزاع القطري البحريني ‪.1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مساهمة محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات من خلل ممارسة‬
‫الوظيفة االستشارية‬
‫لم تعرض الحقوق العربية في فلسطين للبث فيها من طرف الجهات القضائية أو من‬
‫جهات تحكيمية محايدة إال مرتين‪ ،‬األولى كانت أيام اإلنتداب البريطاني على فلسطين عام‬
‫‪ 1930‬تتعلق بملكية حائط البراق عندما ثارت نزاعات حول حقوق العرب واليهود بشأنه‬
‫وبناء على قرار من عصبة األمم المتحدة قامت بالنظر في الموضوع لجنة تحقيق محايدة‬
‫مكونة من سويسري‪ ،‬سويدي وهولندي والمرة الثانية كانت في ‪ 21‬كانون األول عام‬
‫‪ 2003‬عندما طلبت الجمعية العامة لألمم المتحدة من محكمة العدل الدولية إصدار فتوى‬
‫بخصوص الجدار الذي أقامته إسرائيل في األراضي الفلسطينية والذي يعتبر جزء من‬
‫النزاع الفلسطيني‪ -‬اإلسرائيلي المحتلة‪.2‬‬
‫وعليه سوف نقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين اثنين‪ ،‬نتناول الجدار العازل ودواعي‬
‫طلب فتوى بشأنه (الفرع األول)‪ ،‬ثم قضية الجدار العازل أمام محكمة العدل الدولية (الفرع‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫‪1‬بختة خوتة‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.109‬‬


‫‪2‬القاسم أنيس مصطفى‪ ،‬الجدار العازل اإلسرائيلي‪ ،‬الطبعة ‪ "،1‬فتوى محكمة العدل الدولية"‪ ،‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية ‪،‬بيروت ‪,2007 ،‬ص ص‪. 28,27‬‬

‫‪63‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع األول‪ :‬الجدار العازل ودواعي طلب فتوى بشأنه‬


‫لقد أدت زيارة آرييل شارون المشؤومة إلى المسجد األقصى إلى اندالع انتفاضة األقصى‬
‫المبارك‪ ،‬التى قدم الشعب الفلسطيني خاللها آالف الشهداء والجرحى‪ ،‬ومنذ تولى شارون‬
‫رئاسة الحكومة اإلسرائيلية بات العدوان اإلسرائيلي وعمليات الدهم والقصف الجوي‬
‫واالغتيال واالعتقال أمو ار روتينية في حياة الشعب الفلسطيني وهو األمر الذى أدى إلى‬
‫تعثر عملية السالم وتدهور األوضاع في األراضي الفلسطينية على نحو غير مسبوق‬
‫وعمد آرييل شارون إلى البدء في بناء جدار فوق األراضي الفلسطينية بدعوى حماية‬
‫إسرائيل من العمليات الفدائية التى يقوم بها المقاومون الفلسطينيون داخل المدن‬
‫اإلسرائيلية‪.‬‬
‫وبالنظر لالنتهاكات الخطيرة لحقوق الشعب الفلسطيني الناجمة عن إقامة الجدار‬
‫العنصري المخالف‪ 1‬لقواعد القانون الدولي إضطرت المجموعة الدولية إلى رفع األمر إلى‬
‫محكمة العدل الدولية من أجل إفتائها عن األثار القانونية الناتجة عن تشييد هذا الجدار‪.‬‬
‫هذا ما سنتطرق إليه بالتفصيل على النحو التالي‪:‬‬
‫اوال ‪ :‬الجدار العازل ‪:‬‬
‫في ضوء تزايد أعمال العنف في األراضي الفلسطينية وأعمال التدمير والخراب وانتهاك‬
‫حقوق الشعب الفلسطيني والحريات األساسية واالستيالء على األراضي الفلسطينية شرعت‬
‫إسرائيل في تجريف األراضي تمهيدا لعملية بناء الجدار الواقي ليفصل بين الشعب‬
‫الفلسطيني واإلسرائيلي على أساس أنه ال يوجد شريك فلسطيني يمكن الوصول معه إلى‬
‫اتفاق سلمي‪.‬‬

‫‪1‬بوضرسة عمار ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 113‬‬

‫‪64‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بدأت قضية الجدار الفصل العنصري الذي شرع اإلسرائيليون في بناءه في السادس عشر‬
‫من حزيران لعام ‪ ،2002‬حيث أطلقت إسرائيل والواليات المتحدة تسميات عدة على كل‬
‫عملية عسكرية تقومان بها فأطلقت أمريكا على حربها ضد ما سمته اإلرهاب اسم "عدالة‬
‫دون حدود"‪ ،‬أما إسرائيل فأطلقت على حربها األخيرة اسم " الجدار األمني" أو (عملية‬
‫السور الواقي)‪ ،‬لكن تسمية السور في عمقها النفسي تعني الفصل واالنفصال‪ ،‬ألن‬
‫اليهودي عبر تاريخه أراد التميز عن غيره واالنفصال عنه‪.‬‬
‫يمكن أن نطلق عليه جدال العزل أو الجدار اإلستعماري لكن ليس الجدار األمني‪ ،‬ويبلغ‬
‫طول الجدار ‪ 703‬كلم ويتكون من قاعدة خراسانية وهيكل من األسالك ارتفاعه خمسة‬
‫أمتار ويوجد على جانبيه أسالك شائكة وحفر يبلغ عمقها أربعة أمتار‪ ،‬ومزود بأجهزة‬
‫الجدار طريق مكسو بالرمل الناعم بحيث يترك من يسير‬ ‫استشعار إلكترونية و بمحاذاة‬
‫عليه آثار أقدام‪.1‬‬
‫‪- 1‬أثار وأبعاد الجدار العازل ‪:‬‬
‫هذا الملف القديم الجديد هو امتداد للمخطط االستيطاني بهدف االستيالء على األرض و‬
‫تشريد السكان وجعل قضيتهم ملفا جديدا يضاف إلى باقي الملفات التفاوضية العالقة‪،‬‬
‫وفرض سياسة القبول باألمر الواقع واجبار فلسطين على التفاوض على ما سيكون فقط‬
‫يؤدي بناء الجدار إلى مصادرة أو عزل أكثر من مائة ألف دونم من خيرة األراضي‬
‫الزراعية األكثر وفرة لمصادرة المياه الجوفية‪ ،‬وتم تجريف آالف الدونمات من األراضي‬
‫الزراعية واقتالع عشرات اآلالف من األشجار‪ ،‬ومئات العائالت صودرت أراضيهم‪ ،‬أو‬

‫‪1‬القاسم أنيس مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.146‬‬

‫‪65‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫دمرت ممتلكاتهم‪ ،‬وتدمير البنية التحتية لها‪ ،‬والفلسطينية كلها وبخاصة األمنية‪ ،‬واستباحة‬
‫الضفة في كل تصنيفا لغاء كل االتفاقات السابقة‬
‫‪ -‬يشكل بناء الجدار العازل تدمي ار كامال لمصدر المياه الفلسطينية في الضفة الغربية‬
‫بشكل يعمل على تأكيد السيطرة اإلسرائيلية على المصادر لكل من الماء واألرض‪.‬‬
‫‪ -‬تلوث الطبقات الفلسطينية عبر اإلغراق المشترك للنفاية القاتلة ‪ ،‬و استخدام الخطر‬
‫لألسمدة الكيماوية ‪.‬‬
‫‪- -‬نقص الصيانة الصحية للبنية الحالية لمنع شرب و فقدان المياه ‪.‬‬
‫‪ -‬منع الفلسطينيين من حفر و بناء تسهيالت نقل المياه‬
‫‪ -‬التأثير على تنقل و حرية الحركة ‪ ،‬و هو مدخل لالنتهاكات االسرائلية لحق الملكية‬
‫و العناية الطبية و التعليم ‪ ،‬و حرمان السكان من السفر و التنقل‪. 1‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للتعليم الذي هو حق لكل البشر فقد أدت سياسة االحتالل إلى تزايد‬
‫‪2‬‬
‫صعوبة وصول الطالب والمعلمين إلى المدارس بسبب تعرض مرافقها لألضرار‪.‬‬
‫‪ -‬يمثل الجدار العازل انتهاكا صريحا وواضحا لحقوق االنسان و القانون الدولي ‪.‬‬
‫ان إسرائيل بررت بناء الجدار باألسباب األمنية مما يعني وضع السكان داخل هذا الجدار‬
‫‪3‬‬
‫و االقفال عليهم كعقاب ‪.‬‬

‫‪ 1‬القاسم أنيس مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 146‬‬

‫‪2‬أبو الخير مصطفى احمد ‪،‬فتوى الجدار العازل و القانون الدولي ‪ ،‬إيتراك للطباعة و النشر و التوزيع ‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ ، 2006،‬ص‪. 83‬‬
‫القاسم انيس ‪ ،‬مرجع سابق ص‪. 95‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪66‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثانيا‪ :‬دواعي طلب الرأي االستشاري بشأن الجدار‪:‬‬


‫بتاريخ ‪ 2003/10/09‬تقدمت المجموعة العربية في األمم المتحدة بمشروع قرار الى‬
‫مجلس االمن ينص على ان" تشييد إسرائيل ‪ ،‬السلطة القائمة باالحتالل ‪ ،‬لجدار في‬
‫األراضي المحتلة ‪ ،‬إخالال بخط هدنة سنة ‪ ، 1949‬هو أمر غير قانوني بموجب أحكام‬
‫القانون الدولي ذات الصلة ‪ ،‬و يجب وقفه و إلغاؤه " ‪ ،‬إال أن الواليات المتحدة االمريكية‬
‫استخدمت حقها في النقض إلسقاط مشروع القرار ‪ ،‬على الرغم من فوزه بغالبية عشرة‬
‫أصوات صالحة ‪،1‬‬
‫و إثر فشل مجلس االمن في اتخاذ قرار ‪ ،‬طرح الموضوع على الجمعية العامة لألمم‬
‫المتحدة التي اتخذت في ‪ 2003/10/21‬قرار بغالبية ‪ 144‬صوتا ‪ ،‬يطالب إسرائيل بوقف‬
‫بناء الجدار ‪،‬كما يطلب من األمين العام تقديم تقارير عن مدى تنفيذ هذا القرار ‪ ،‬و بعد‬
‫نحو شهر ‪،‬قدم األمين العام تقريره األول وقال فيه أن إسرائيل لم تنفذ القرار ‪ ،‬و انها‬
‫مازالت مستمرة في بناء الجدار ‪ ،‬مرفقا بتقريره معلومات عن الجدار و آثاره ‪ ،‬و بعد هذا‬
‫التقرير اتخذت الجمعية العامة قرار بإحالة االمر إلى محكمة العدل الدولية في الهاي‬
‫إلبداء رايها على وجه االستعجال في األثار القانونية المترتبة على إقامة الجدار‪. 2‬‬
‫تقدمت الجمعية العامة لألمم المتحدة بطلب فتوى من محكمة العدل الدولية بتاريخ‬
‫‪ ، 2003/12/10‬بواسطة األمين العام لمنظمة األمم المتحدة ‪ ،‬و في اثناء انعقاد الجلسة‬
‫المحكمة العاشرة االستثنائية و الطارئة ‪ ،‬تلقت المحكمة قرار الجمعية العامة بطلب فتوى‬
‫بموجب قرار رقم ‪ ES -10/14‬الذي اعتمد في ‪ ، 2003/12/08‬و الذي تضمن‬
‫السؤال التالي ‪ " :‬ما االثار القانونية الناتجة عن تشييد الجدار الذي تقوم إسرائيل بإقامته‬

‫‪1‬خالد عابد ابحيص ‪ ،‬مرجع سابق ص‪. 25‬‬


‫‪2‬خالد عابد ابحيص ‪ ،‬مرجع ‪ ،‬نفسه ابق ص‪. 26‬‬

‫‪67‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫في األراضي الفلس طينية المحتلة‪،‬بما في ذالك القدس الشرقية و حولها على النحو المبين‬
‫في تقرير األمين العام ‪، 1949‬و ق اررات مجلس االمن و الجمعية العامة ذات الصلة ؟"‬
‫وتابع المين العام للمم المتحدة القضية بناء على تكليف الجمعية العامة له ‪ ،‬إذ انها‬
‫أوصت بأن يظل الموضوع قيد النظر و أن تدعي مرة أخرى إلى االجتماع في ضوء‬
‫موقف إسرائيل و اجتمعت الجمعية العامة فعال يوم ‪ 03‬كانون األول ‪ ، 2003‬و هي‬
‫عازمة أن تحيل قضية الجدار العازل إلى محكمة العدل الدولية لموافاتها بالرأي االستشاري‬
‫حول القضية ‪ ،‬انعقدت الجمعية العامة في دورتها المستأنفة بناء على تقرير األمين العام‬
‫الذي ادان فيه إسرائيل مؤكدا أن بناء الجدار يتناقض مع التزامات إسرائيل وفقا للقانون‬
‫الدولي و ق اررات األمم المتحدة ‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬قضية الجدار العازل أمام محكمة العدل الدولية‬
‫أصدرت محكمة العدل الدولية في التاسع من تموز عام ‪ 2004‬فتواها بشأن اآلثار‬
‫القانونية المترتبة على تشييد الجدار اإلسرائيلي في األراضي الفلسطينية‪ ،‬وذلك بناء على‬
‫طلب الجمعية العامة لألمم المتحدة‪ ،‬وفي ‪ 13‬تموز‪ /‬يوليو ‪ ،2004‬تلقى األمين العام‬
‫لألمم المتحدة نسخة من فتوى المحكمة موقعة ومختومة‪ ،‬وبعد ذلك أحيل بهذه المذكرة إلى‬
‫الجمعية العامة وكذلك مرفقاتها من اآلراء المستقلة والبيان في الحالة المتعلقة باآلثار‬
‫القانونية الناشئة عن تشييد جدار في األراضي الفلسطينية المحتلة‪.2‬‬
‫وستتم دراسة هذا الفرع وفقا لثالث فقرات‪ ،‬بحيث نتطرق إلى دراسة الفصل في مسألة‬

‫‪1‬القاسم انيس مصطفى ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪145‬‬


‫‪2‬عمار بوضرسة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 120‬‬

‫‪68‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اختصاص المحكمة بإعطاء الرأي أوال‪ ،‬ثم نقوم بدراسة مضمون فتوى محكمة العدل‬
‫الدولية بشأن اآلثار القانونية الناشئة عن تشييد الجدار في األراضي الفلسطينية المحتلة‬
‫ثانيا‪ ،‬وأخي ار نقوم بإبراز األهمية السياسية والقانونية لهذه الفتوى‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الفصل في مسألة إختصاص المحكمة بإعطاء الرأي‪:‬‬
‫يتعين على المحكمة قبل البدء في بحث القضية المطروحة‪ ،‬تحديد ما إذا كانت‬
‫مختصة بإعطاء الرأي المطلوب‪ ،‬أو غير مختصة‪ .‬وعليه سنقوم بدراسة مدى اختصاص‬
‫العدل الدولية بإصدار فتوى في قضية العازل أوال‪ ،‬ثم نتطرق بتفصيل الحجج التي قدمت‬
‫ضد اختصاص المحكمة بإعطاء الرأي االستشاري ثانيـا‪.‬‬
‫‪- 1‬مدى اختصاص محكمة العدل الدولية بإصدار فتوى في قضية الجدار العازل ‪:‬‬
‫لمحكمة العدل الدولية اختصاص في إصدار الفتوى المطلوبة حسب ميثاق األمم‬
‫المتحدة مؤكدة على ما يلي " ألي من الجمعية العامة أو مجلس األمن أن يطلب إلى‬
‫‪1‬‬
‫محكمة العدل الدولية إفتاءه في أية مسألة قانونية"‪.‬‬
‫وحسب النظام األساسي فإن المحكمة لها أن تقضي في أية مسألة قانونية بناء على طلب‬
‫أية هيئة رخص لها ميثاق األمم المتحدة باستفتائها‪ ،2‬أو حصل الترخيص لها بذلك طبق‬
‫األحكام الميثاق المذكور‪.‬‬
‫هذان الحكمان كافيان إلثبات اختصاص الجمعية العامة لطلب فتوى من المحكمة‪،‬‬
‫واختصاص المحكمة في إصدار الفتوى المطلوبة‪.‬‬

‫‪1‬انظر المادة ‪ 96‬من ميثاق األمم المتحدة ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬


‫‪2‬انظر المادة (‪ )65‬الفقرة ‪ 1‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ولكي يكون للمحكمة اختصاص بإصدار فتوى من الضروري بداية أن تكون الهيئة التي‬
‫تطل بالفتوى مرخص لها بموجب ميثاق األمم المتحدة بأن تطلب هذه الفتوى‪ ،‬ذلك أن‬
‫‪1‬‬
‫الجمعية العامة مختصة لطلب فتوى من المحكمة لألسباب التالية ‪:‬‬
‫أ‪ .‬الوالية بسبب الشخص‪:‬‬
‫أي أن الطلب مقدم من هيئة مرخص لها حسب األصول‪ ،‬فقد نصت المادة (‪ )1/96‬من‬
‫الميثاق ع لى أن " ألي من الجمعية العامة أو مجلس األمن أن يطلب إلى المحكمة العدل‬
‫الدولية إفتاءه في أية مسألة قانونية‪".‬‬
‫ب‪ .‬القرار اعتمد بصورة صحيحة من وجهة النظر اإلجرائية‪:‬‬
‫لقد اعتمدت الجمعية العامة قرارها د‪/‬ط – ‪ 14/10‬في ‪ 08‬كانون األول‪ /‬ديسمبر‪2003‬‬
‫بأغلبية ‪ 90‬صوتا مقابل ‪ 8‬أصوات فهو اعتبر بصورة صحيحة باألغلبية الالزمة دستوريا‬
‫من أعضاء األمم المتحدة الذين صوتوا عليه‪ ،‬ويجب اعتباره تعبي ار عن اإلرادة الصحيحة‬
‫شرعا للجمعية العامة وليس لعدد الممتنعين عن التصويت أو الغائبين أي أثر على صحة‬
‫‪2‬‬
‫القرار الذي اعتمد الفتوى أو على نظاميته اإلجرائية‬
‫ج‪ .‬القرار الذي اعتمد الطلب كان في حدود سلطة الجمعية‪:‬‬
‫لقد ذكرت صالحيات الجمعية العامة بوجه عام في الفصل الرابع من ميثاق األمم المتحدة‬
‫وتشمل " أية مسألة أو أمر يدخل في نطاق هذا الميثاق ‪ ( " ...‬المادة ‪ 10‬من الميثاق )‪،‬‬
‫والواضح أن المسألة تقع في نطاق والية الجمعية العامة الواسعة بموجب الميثاق‪ ،‬التي‬

‫‪1‬ريم تيسسر خليل العارضة‪،‬جدار الفصل اإلسرائيلي في القانون الدولي ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‬
‫بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية ‪ ،‬نابلس فلسطين ‪ 2007‬ص‪96‬‬
‫‪2‬انظر المادة (‪ )86‬من النظام الداخلي للجمعية العامة ‪،‬و الفقرتين ‪ 2‬و‪ 3‬من المادة ‪ 18‬من ميثاق األمم المتحدة‬
‫‪. 1945،‬‬

‫‪70‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تشمل نطاقا واسعا من األنشطة‪ ،‬وتشمل هذه الوالية مسائل تتعلق بحقوق اإلنسان‪ ،‬وتقرير‬
‫المصير‪ ،‬وكذلك نهاء االستعمار المادة (‪) 11‬من الميثاق للجمعية العامة بأن تنظر في‬
‫المبادئ العامة للتعاون في حفظ السلم واألمن الدوليين‪ ،‬وتناقش أي مسألة تكون لها صلة‬
‫بحفظ السلم واألمن الدوليين الذي يرفعها إليها أي عضو من أعضاء األمم المتحدة‪ ،‬وهكذا‬
‫فإن القضايا المتعلقة بحقوق اإلنسان وتقرير المصير واستخدام القوة‪ ...‬الخ‪ ،‬في األرض‬
‫الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام ‪ 1967‬بما في ذلك اآلثار القانونية لبناء الجدار‬
‫وتشغيله في األرض الفلسطينية المحتلة تقع في صميم صالحيات الجمعية العامة‬
‫‪1‬‬
‫وأنشطتها المعبر عنها بصراحة‪ ،‬كما تنص عليها وثيقتها التأسيسية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العقبات التي تحد من دور محكمة العدل الدولية في تسوية‬
‫النزاعات‪.‬‬
‫يكمن ا لدور المتواضع لمحكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات في عدم اقتناع بعض‬
‫الدول الكبرى بالدور الذي يمكن أن تقوم به المحكمة كوسيلة فاعلة‪،‬و يرجع السبب إلى‬
‫إعتبارات سياسية و أخرى فنية‪ ،‬و يبدو أن المحكمة غير قادرة على التجاوب مع الواقع‬
‫الذى يعيشه المجتمع الدولي وذلك ألن سلطاتها مرتبطة بإرادة الدول وحدها‪ ،‬بل لو أن‬
‫طرفا يريد رفع النزاع إلى المحكمة واألخر يرفض ال ينعقد االختصاص للمحكمة فتظهر‬
‫المحكمة وأنها تساعد على انتهاك القانون الدولي وال تحكم بما يدل على اسمها كمحكمة‬
‫للعدل الدولي‪ ،‬وربما السبب في ذلك يعود إلى تمسك الدول بالسيادة التي خولها حق رفض‬
‫الخضوع للقانون الدولي بأشكال مختلفة‪ ،‬من ذلك الحق في عدم قبول اختصاص القضاء‬

‫‪1‬عمر حسن حنفي ‪،‬حق الشعوب في تقرير المصير ‪ ،‬الطبعة ‪، 1‬دار النهضة العربية للنشر و التوزيع ‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ، 2005‬ص‪85‬‬

‫‪71‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الدولي والنزول إلى أحكامه‪ ،‬وعند اللزوم الدفع بعدم اختصاصه بالمسائل السياسية التي‬
‫عجز الفقه والقضاء على وضع معيار ضابط لها‪،‬إزاء ما تقدم نقسم هذا المبحث إلى‬
‫المطلبين اآلتيين العقبات المتعلقة بمحكمة العدل الدولية( المطلب األول) ثم الصعوبات‬
‫التي ترجع الى الدول و القانون الدولي( المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب االول‪ :‬عقبات تتعلق بمحكمة العدل الدولية‬
‫لقد طالبت غالبية الدول في مؤتمر سان فرانسيسكو عام ‪ 1945‬بأن يكون اختصاص‬
‫محكمة العدل الدولية إلزاميا‪ ،‬ولكن هذه المطالبة قد رفضت من قبل الدول الكبرى بحجة‬
‫أنها تمس حرية الخيار لديها‪ ،‬ولهذا بقيت الوالية االختيارية هي األساس الذي يقوم عليه‬
‫االختصاص القضائي للمحكمة‪ ،‬ومهما يكن ال خيار أمام الدول سوى أن تحرص على‬
‫إعالن تأييدها التسوية القضائية للمنازعات الدولية وخصوصا القانونية‪ ،‬وتدعم الدور الذي‬
‫يمكن أن تقوم به المحكمة في النظام الدولي المعاصر‪ ،‬وذلك ألنها تعنى ببساطة استبعاد‬
‫الحلول التي تستند إلى استخدام القوة سواء اتخذت فيشكل قوة عسكرية أم اقتصادية فضال‬
‫عن أنها تمكن الدول من تجريد منازعاتها من الطابع السياسي عندما تعالجها بطريقة بعيدة‬
‫عن اإلثارة‪.‬‬
‫فموافقة الدول لعرض النزاع على المحكمة تشكل نقطة ضعف المحكمة فيما يتعلق‬
‫بممارسة اختصاصها بشأن تسوية النزاعات الدولية مادام عرض النزاع يبقى معلقا على‬
‫موافقة مسبقة للدول المتنازعة إذ ال يكفي إقامة الدعوى من قبل الدولة المتضررة في هذا‬
‫‪1‬‬
‫النزاع‪.‬‬

‫‪1‬بوضرسةعمار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 73‬‬

‫‪72‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وهكذا تنقسم دراستنا في هذا المطلب إلى ثالثة فروع نتناول في السلطات المقيدة‬
‫للمحكمة في التصدي للنزاع (الفرع األول) ثم نعرج لدراسة االستثناءات المبدئية كتحديد‬
‫الختصاصات محكمة العدل الدولية (الفرع الثاني) وأخي ار الصعوبات المتصلة باإلجراءات‬
‫امام محكمة العدل الدولية (الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬السلطات المقيدة للمحكمة في التصدي للنزاع المبدأ األساسي في طريقة‬
‫التسوية القضائية سواء التحكيم أو اللجوء إلى القضاء الدولي‪ ،‬هو إرادة الدولة التي يعد‬
‫قبولها شرطا أساسيا ومهما ومسبقا في أي تسوية قضائية ولقد أقرت هذه المبدأ محكمة‬
‫العدل الدولية الدائمة وكذلك محكمة العدل الدولية في حكمها في قضية مضيق كورفو‬
‫والذي صدر في ‪ 28‬آذار ‪، 1948‬ولقد اشترطت المحكمة أن تكون إرادة أطراف النزاع‬
‫قائمة على التراضي في القضية المعروضة أمامها‪ ،‬ومن الممكن أن يكون التراضي‬
‫ضمنيا وال يشترط أن يكون صريحا أو مكتوبا‪.‬‬
‫فمحكمة العدل الدولية ال يمكنها التصدي للنزاعات إال بموافقة الدول إستنادا للفقرة األولى‬
‫والثانية من المادة(‪ )36‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية وهذا ما سنتطرق إليه‬
‫في الفقرتين اآلتيتين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬عدم إمكانية تصدي المحكمة للنزاع إال باختصاص اتفاقي‪:‬‬
‫إ ن اختصاص المحكمة يمتد إلى كل القضايا التي تتفق األطراف في نزاع ما على طرحها‬
‫على المحكمة وأيضا الحاالت الخاصة الواردة في ميثاق هيئة األمم المتحدة أو في‬
‫‪1‬‬
‫اإلتفاقيات والمعاهدات السارية المفعول"‪.‬‬

‫‪1‬انظر المادة (‪ )36‬فقرة ‪ 01‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إذن فبموجب هذه الفقرة تستطيع الدول المتنازعة عقد اتفاق فيما بينها لطرح النزاع على‬
‫محكمة العدل الدولية‪ ،‬كما يمكن إعطاء محكمة الهاي سندا قانونيا للنظر في النزاع‬
‫الدولي عن طريق إدراج بندفي معاهدة يمكنها من ممارسة إختصاصها للنظر في هذا‬
‫النزاع حين نشوبه‪.‬‬
‫‪– 1‬االتفاق بين الدول األعضاء لطرح النزاع على محكمة العدل الدولية‪:‬‬
‫من بين القضايا التي عرضت على محكمة العدل الدولية إلى غاية سنة ‪ ،1984‬تم‬
‫استخدام االتفاق بين الدول األعضاء لعرض النزاع على محكمة العدل الدولية في ثمانية‬
‫قضايا وهي‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ .1‬قضية مضيق كورفو بين بريطانيا وألبانيا‪.‬‬
‫‪ .2‬قضية حق اللجوء السياسي بين البيرو وكولومبيا‪.‬‬
‫‪ .3‬قضية السيادة حول بعض األجزاء الصغيرة على الحدود بين هولندا وبلجيكا‪.‬‬
‫‪ 4‬قضية ( ‪ )Minquiers et des Ecrechous‬بين بريطانيا وفرنسا ‪.‬‬
‫‪ .5‬قضية الجرف القاري لبحر الشمال بين الدانمارك وهولندا وألمانيا الغربية‪.‬‬
‫‪ .6‬قضية الجرف القاري في البحر األبيض المتوسط بين ليبيا وتونس‪.‬‬
‫‪ .7‬قضية الحدود البحرية التي تفصل الجرف القاري ومناطق الصيد بين كندا والواليات‬
‫‪2‬‬
‫المتحدة‪ .‬وذلك في خليج مين"‪"Maine‬‬
‫‪ .8‬قضية النزاع الحدودي بين مالي وبوركينا فاسوا (فولتا العليا سابقا)‪.‬‬

‫‪1‬عبد العزيز محمد سرحان ‪ ،‬دور محكمة العدل الدولية في حل النزاعات الدولية و إرساء مبادئ القانون الدولي مع‬
‫التطبيق على مشكلة الشرق األوسط ‪ ،‬الطبعة ‪ ،2‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪، 1986‬ص ‪. 20‬‬
‫‪2‬غسان الجندي ‪(،‬مدى فعالية محكمة العدل الدولية )‪،‬مجلة الحقوق ‪ ،‬السنة ‪ 09‬العدد (‪ ، 1985، )03‬ص‪. 220‬‬

‫‪74‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وتكم ن الصعوبة في عقد اتفاقيات بين الدول لعرض نزاع ما على محكمة العدل الدولية‬
‫في الفترة الطويلة بين التوقيع على هذه االتفاقيات وسريان مفعولها‪ ،‬فمثال تم التوقيع‬
‫لعرض النزاع بين كندا والواليات المتحدة حول الحدود البحرية في ‪ 29‬مارس ‪1979‬‬
‫وسرى مفعول هذا اإلتفاق في ‪ 20‬نوفمبر‪، 1981‬وفي بعض األحيان فإن وجود خالف‬
‫خطير بين دولتين قد يؤدي إلى تأخير عقد االتفاق لعرض النزاع بين هاتين الدولتين على‬
‫المحكمة‪ ،‬والمثال على ذلك الخالف الحدودي بين مالي وبوركينافاسو الذي أدى إلى‬
‫إشتباكات عسكرية في سنة ‪ 1974‬ولم يتم التوصل إلى إتفاق لعرضه على محكمة العدل‬
‫الدولية إال في‪ 17‬سبتمبر‪ 1983‬بعد تحقيق نوع ما من اإلنفراج في العالقات بين البلدين‪،‬‬
‫كما أنمن أهم الشروط لتوصل األطراف إلى اتفاق لعرض نزاع ما بين دولتين على محكمة‬
‫‪1‬‬
‫العدل الدولية هو توافر حسن النية‪.‬‬
‫‪-2‬االتفاق سلفا بين األطراف في معاهدة لعرض النزاع على المحكمة حين نشوبه‪:‬‬
‫تم استعمال هذه الطريقة لعرض النزاعات على محكمة العدل الدولية في القضايا التالية‪:‬‬
‫( أ) قضية المصائد األيسلندية بين بريطانيا وألمانيا الغربية من جهة ايسلندا من جهة‬
‫أخرى‪ .2‬وبموجب االتفاق األيسلندي‪-‬البريطاني الذي تم التوقيع عليه في ‪ 11‬مارس‬
‫‪ ،1961‬واإلتفاق األيسلندي‪-‬األلماني الغربي الذي تم التوقيع عليه في ‪ 19‬جويلية ‪1961‬‬
‫يتسنى ألحد األطراف رفع النزاع حين نشوبه إلى محكمة العدل الدولية‪ ،‬وبموجب هذين‬

‫‪1‬سليمة موسوني ‪،‬التسوية السلمية في اطار محكمة العدل الدولية ‪ ،‬مذكرة لنيل الماجستير في القانون العام ‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية و االدارية ‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي ‪ ،‬الشلف ‪. 2008/2007 ،‬ص‪.107‬‬
‫‪2‬احمد بلقاسم ‪ ،‬القضاء الدولي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 147‬‬

‫‪75‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اإلتفاقين قامت المحكمة بإصدار حكمين األول بتاريخ ‪ 2 3‬فيفري ‪ 1973‬حول‬


‫‪1‬‬
‫اإلختصاص والثاني يوم ‪ 25‬جويلية ‪ 1974‬في الموضوع‪.‬‬
‫(ب) والقضية الثانية التي استخدام فيها البند في معاهدة‪ ،‬هي قضية إحتجاز الدبلوماسيين‬
‫وفي هذه القضية أعلنت محكمة العدل الدولية عن إختصاصها بناء على المادة ‪4‬‬
‫‪2‬‬
‫األمريكيين في إيران‪.‬‬
‫األولى من البروتوكول الالحق باتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لعام (‪( ،1961‬واتفاقية‬
‫فيينا للعالقات القنصلية لسنة ‪، 1963‬فهذه المادة تنص على حق أية دولة لعرض ن ازع ما‬
‫على محكمة العدل الدولية حين نشوبه ويتعلق األمر بتفسير وتطبيق هاتين المعاهدتين‪.‬‬
‫غير أن هذه الوسيلة التي تعبر من خاللها الدول عن موافقتها على إختصاص المحكمة‬
‫للنظر في النزاعات التي قد تنشأ فيما بينها تبقى محدودة‪ ،‬فمن أصل مائتين وثمانية‬
‫معاهدة جماعية وثنائية عقدت منذ سنة ‪ 1946‬إلى سنة ‪ ، 1978‬تتضمن بندا ينص على‬
‫حق األطراف حين نشوب نزاعات ‪ 5‬فيما بينها في عرضها على محكمة العدل الدولية‪،‬‬
‫نجد أن هذه اإلمكانية لم تستخدم إال قليال‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ثانيا‪ :‬عدم إمكانية تصدي المحكمة للنزاع إلزاميا إال بتصريح إختياري‬
‫نصت الفقرة الثانية من المادة (‪ )36‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬على أن"‬
‫للدول التي هي أطراف في هذا النظام أن تصرح في أي وقت بأنها بذات تصريحها وبدون‬

‫‪1‬غسان الجندي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪. 225‬‬


‫‪2‬إبراهيم شاوش أحمد خوجة ‪ ،‬قضية المحتجزين األمريكيين بطهران و دور الجزائر في حلها في ضوء القانون الدولي ‪،‬‬
‫مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الدولي و العالقات الدولية ‪،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪،‬‬
‫الجزائر ‪ ،‬ماي ‪ ، 1999‬ص‪.73‬‬
‫‪3‬سليمة موسوني ‪ ،‬مرجع سابق ص‪. 108‬‬

‫‪76‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حاجة إلى اتفاق تقر للمحكمة بواليتها الجبرية في نظر جميع المنازعات القانونية التي‬
‫تقوم بينها وبين دولة تقبل االلتزام نفسه متى كانت هذه المنازعات القانونية تتعلق بالمسائل‬
‫‪ ...‬الخ"‪ .1‬يعد قبول الوالية الجبرية لمحكمة العدل الدولية تصرفا أحادي الجانب والذي يتم‬
‫من خالله قبول الوالية الجبرية للمحكمة من قبل الدولة التي قدم الطلب باسمها وتتحدد‬
‫صالحية المحكمة فيما يتعلق بالدعوى ذاتها والذي رفع من أجلها الطلب وفي الحدود‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫وتفتح المادة (‪ )2/ 36‬من النظام األساس للمحكمة الباب تجاه الطلبات األحادية الجانب‬
‫في الوقائع أمام المحكمة ولكن فيما بين الدول التي وافقت على هذا النظام الخاص للقبول‬
‫بالوالية القضائية للمحكمة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لشروط هذا التصرف فانه كتصرف أحادي الجانب يجب أن ينطبق عليه من‬
‫أركان وشروط‪ ،‬والشكلية الوحيدة المطلوبة هي إيداع الموافقة لدى األمين العام لألمم‬
‫المتحدة بموجب الفقرة (‪ ) 4‬من المادة (‪ )36‬من النظام األساسي وتترك اللغة والشكل‬
‫الذي يتم التصرف فيه للدولة المتصرفة وليس هناك أي تصرفات خاصة تقوم بها الدول‬
‫الموافقة على الوالية الجبرية للمحكمة وليس هناك أي إلزام بخصوص الفقرات (‪ 2‬و‪ 3‬و‪)5‬‬
‫من المادة فيما يتعلق بالفترة والشروط‪ ،‬وبواسطة هذا التصرف تقبل الدول االلتزام بحق تام‬
‫دون اتفاقية خاصة السلطة القضائية للمحكمة حول الخصومات ذات الطابع القانوني‬
‫ولكن هذا التصرف ال يكون اجباريا إال بالنسبة للدول األخرى التي تقبل نفس االلت ازم حيث‬
‫ال ينشأ حقوقا بحد ذاته وانما بارتباطه مع إعالن آخر من نفس الطبيعة‪ ،‬وبالرغم من كونه‬

‫‪1‬انظر المادة (‪ )36‬الفقرة ‪ 2‬من النظام االساسي لمحكمة العدل الدولية ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أحادي الجانب في شكله فإن هذا اإلعالن الذي تم بموجب المادة (‪ )36‬يستند إلى النظام‬
‫األساسي لمحكمة العدل‪ ،‬ويجب على الطرف الذي يقدم الطلب أن يقدمه بشكل خطي‬
‫لألمين العام لألمم المتحدة وهو ملزم بتحرير نسخ لجميع األطراف الموقعة على النظام‬
‫‪1‬‬
‫األساس وتسجيل نسخة منه لدى المحكمة‪.‬‬

‫إن الحاجة إلى موافقة الدول لعرض النزاعات على محكمة العدل الدولية قد تكون عقبة‬
‫طفيفة أمام تأكيد سلطة محكمة العدل الدولية في حالة موافقة كل الدول على إختصاصات‬
‫المحكمة‪ ،‬لكن لسوء الحظ فهذه التصريحات قليلة وعند وجودها فإنها تكون مصحوبة‬
‫بتحفظات تساهم بشكل ملموس في تقليص دور المحكمة في التصدي وتسوية النزاعات‪.‬‬
‫وهو ما سنتناوله مفصال على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪- 1‬العدد القليل للتصريحات االختيارية للختصاص اإلجباري للمحكمة‪:‬‬
‫إن المقارنة بين التصريحات االختيارية لالختصاص اإلجباري للمحكمة الدائمة للعدل‬
‫الدولي ومحكمة العدل الدولية يدفعنا إلى القول بأن هناك تراجع خطير وملموس في‬
‫التصريحات اإلختيارية لالختصاص اإلجباري في عهد محكمة العدل الدولية‪ ،‬ففي سنة‬
‫‪ 1936‬إعترفت إحدى وأربعون دولة من أصل تسعة وستين كانت أعضاء في عصبة‬
‫األمم‪ ،‬أي ما يقارب الثلثين من الدول األعضاء في عصبة األمم بهذا التصريح‪ ،‬أما حاليا‬
‫فإنه وبالرغم من دعاوى الجمعية العامة لألمم المتحدة واألمين العام من خالل التقارير‬
‫السنوية حول نشاط المنظمة من عام ‪ 1970‬إلى ‪، 1974‬وتلك المودعة من طرف المعهد‬
‫الدولي للقانون الدولي عام ‪، 1959‬إال أن عدد هذه التصريحات بات ضئيال بالنظر إلى‬

‫بوضرسة عمار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 75‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪78‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫عدد الدول األعضاء في األمم المتحدة وفي النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬فحتى‬
‫جويلية ‪ 1996‬كان عدد الدول المعبرة عن التصريحات االنفرادية (‪)59‬دولة‪ ،‬منها ‪17‬‬
‫دولة إفريقية (‪ )11‬منذ عام ‪ 1966‬و(‪)09‬دول من أمريكا الالتينية و(‪ )05‬من آسيا‬
‫‪1‬‬
‫(‪ )28‬من بين دول أوروبا والدول األخرى‪،‬‬
‫باإلضافة إلى (‪ )12‬دولة تراجعت عن تصريحاتها‪ ،‬من بينها ‪ 07‬بمناسبة وجودها في‬
‫مركز المدعى عليهم‪ ،‬كما أنه فيما يخص الدول التي صرحت بقبول إختصاص المحكمة‬
‫الدائمة للعدل الدولي من قبل عن طريق التصريح االنفرادي في ظل العصبة‪ ،‬فإحدى‬
‫‪2‬‬
‫عشر منها لم تقبل إختصاص محكمة العدل الدولية في ظل األمم المتحدة‪.‬‬
‫ويجب القول بأن تدني التصريحات التي تعطي اختصاصا إجباريا لمحكمة العدل الدولية‬
‫يخفي حقيقة وأهمية وهي أن الدول التي تقوم بهذه التصريحات يحق لها صياغة تحفظات‬
‫حول االختصاص اإلجباري لمحكمة العدل الدولية‪.3‬‬
‫‪- 2‬تقليص فعالية محكمة العدل الدولية بفعل التحفظات الواردة في تصريحات الدول‪:‬‬
‫يمكن القول بأن حصيلة هذه التحفظات سلبية ألن الدول أفرطت في إستخدامها من أجل‬
‫تحديد إختصاصات محكمة العدل الدولية ومن األمثلة على هذه التحفظات‪ ،‬التحفظ‬
‫اإلسرائيلي المرفق بالتصريح الذي قامت به إسرائيل في‪ 17‬أكتوبر ‪ 1956‬والذي يستثنى‬
‫من إختصاص المحكمة كل نزاع بين إسرائيل‪ 3‬ودولة أخرى في حالة حرب معها أو ال‬
‫تعترف بها أو ال تريد إقامة عالقة دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل‪.‬‬

‫‪1‬عمار بوضرسة مرجع سابق ص ص‪77، 76‬‬


‫‪2‬سفيان شعالل ‪ ،‬قرارات محكمة العدل الدولية و دورها في وضع و تطوير قواعد قانون البحار ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجستير ‪ ،‬فرع قانون دولي العام و العالقات الدولية ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪. 2003‬‬
‫ص‪. 16‬‬
‫‪3‬سليمة موسوني ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 110‬‬

‫‪79‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومن األمثلة األخرى على التحفظات التصريح الكندي الذي وضع في أفريل ‪1970‬‬
‫واشتملت الفقرة الثانية من هذا التصريح على عدم إختصاص محكمة العدل الدولية للنظر‬
‫في نزاعات تتعلق بحقوق تطالب بها كندا أو تمارسها من أجل الحفاظ واستغالل المصادر‬
‫الحية أو المتعلقة بالوقاية من التلوث في البيئة البحرية المجاورة لسواحل كندا كما يمكن‬
‫اإلستشهاد بالتحفظات التي وردت في التصريح الهندي‪ 1‬الذي أقر في الثامن عشر من‬
‫سبتمبر ‪ 1974‬والذي يستثني من إختصاص المحكمة النزاعات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬النزاعات بين الهند ودولة من دول الكومنولث‪.‬‬
‫– النزاعات المتعلقة باشتباكات مسلحة أو بتصرفات جماعية أو فردية للدفاع عن النفس‪.‬‬
‫‪ -‬النزاعات حول تعديل حدود الهند أو كل نزاع يتعلق بالحدود‪.‬‬
‫‪ -‬النزاعات المتعلقة بالبحر اإلقليمي أو الجرف القاري أو مناطق الصيد المانعة أو‬
‫المنطقة االقتصادية المانعة الخاضعة للسيادة البحرية الهندية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النزاعات المتعلقة بمجالها الجوي الممتد فوق أراضيها البحرية والبرية‪.‬‬
‫ولعل من أشد التحفظات إثارة للجدل هي التحفظات األوتوماتيكية والتي تقوم باستبعاد من‬
‫إختصاص محكمة العدل الدولية النزاعات المتعلقة بمسائل عائدة إلى السيادة الوطنية‬
‫لدولة كما تحددها هذه الدولة‪ ،‬ولقد تم إدراج هذا التحفظ ألول مرة بالتصريح األمريكي في‬
‫شهر آب ‪ 1946‬فهل يعتبر تحفظا من هذا النوع كتحفظ مقبول في القانون الدولي العام؟‬
‫من المؤسف القول أن محكمة العدل الدولية لم تقم بإبداء رأيها القانوني حول هذه‬
‫التحفظات‪ ،‬ففي قضية القروض النرويجية (فرنسا‪ /‬النرويج) قبلت المحكمة في حكمها‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 06‬جويلية‪1957‬وجهة نظر النرويج التي اعتمدت بناء على مبدأ المعاملة‬

‫مرجع نفسه ‪،‬ص ‪. 111‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬غسان الجندي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.229‬‬

‫‪80‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بالمثل على التحفظ األوتوماتيكي الفرنسي وطالبت النرويج بإبعاد مسألة القروض من‬
‫اختصاص المحكمة ألنها تندرج في مجال إختصاصها الوطني‪ ،‬وقد أعلنت محكمة العدل‬
‫‪1‬‬
‫الدولية عن عدم إختصاصها دون أن تقوم بالنظر في شرعية هذا‪ 2‬التحفظ ‪.‬‬
‫كما أن محكمة العدل الدولية لم تنظر في شرعية هذه التحفظات في حكمها الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 21‬وأيضا لم تبد محكمة الهاي في ‪ 3‬مارس ‪ 1959‬في قضية )‪)Inter Händel‬‬

‫(الواليات المتحدة‪ /‬سويسرا) حكمها الصادر بتاريخ ‪ 12‬أفريل ‪ 1960‬في قضية حق‬
‫‪2‬‬
‫المرور في األراضي الهندية (البرتغال‪ /‬الهند) رأيها في هذه التحفظات‪.‬‬
‫من خالل ما سبق تناوله فيما يخص التحفظات األوتوماتيكية يمكننا القول أن هذه النوع‬
‫من التحفظات يؤدي إلى إضعاف فعالية البند اإلختياري الختصاص محكمة العدل الدولية‬
‫اإلجباري بل إنه قد يؤدي إلى التدمير الجزئي له‪.‬‬
‫ولقد أعرب األمين العام لألمم المتحدة عن قلقه من الفكرة القائلة بأنه إذا لم يوضع حد‬
‫للتحفظات األوتوماتيكية فإن االختصاص اإلجباري لمحكمة العدل الدولية يمكن أن يصبح‬
‫‪3‬‬
‫هشا ووهميا‪.‬‬
‫ومما ال ريب فيه أنه إذا حصل تطور في اللجوء إلى محكمة العدل الدولية بحيث يتحول‬
‫هذا اللجوء من اختياري إلى إجباري فإنه سيحدث تقدم حاسم في المجتمع الدولي‪ ،‬كما أن‬
‫االعتراف باالختصاص اإلجباري لمحكمة العدل الدولية والتأكيد عليه هو الذي يعبر عن‬
‫السيادة الحاسمة والنهائية للقانون‪.‬‬

‫‪1‬سليمة موسوني ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪111‬‬


‫‪2‬عمار بوضرسة ‪ ،‬مرجع نفسه ص ‪.78‬‬
‫‪3‬غسان الجندي ‪،‬مرجع سابق ص‪. 231‬‬

‫‪81‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االستثناءات المبدئية كتحديد االختصاصات محكمة العدل الدولية‬


‫سنقوم بتعريف االستثناءات المبدئية (أوال)‪ ،‬ثم نتطرق إلى االستخدام المفرط لهذه‬
‫االستثناءات (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف االستثناءات المبدئية ‪:‬‬
‫قد تقوم دولة بالتذرع باستثناءات حول إختصاص محكمة العدل الدولية وهذه اإلستثناءات‬
‫تؤدي إلى تأج يل المحكمة إلصدار حكم في الموضوع بحيث تقوم المحكمة بالنظر بشكل‬
‫أولي في هذه االستثناءات وبعدها تقوم بموجب المادة )‪ (79‬من تنظيمها الداخلي الذي‬
‫أقر في أفريل ‪ 1978‬بإصدار حكم يمكن أن يحتوي على االحتماالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬قد تقوم المحكمة باإلقرار باستثناء أو بعدة استثناءات وفي هذه الحالة ال تستطيع‬
‫المحكمة معالجة موضوع النزاع‪.‬‬
‫‪ -‬قد تقوم المحكمة برفض االستثناءات وحينئذ تستطيع المحكمة أن تقوم بالنظر في‬
‫موضوع النزاع‪.‬‬
‫‪ -‬قد ترى المحكمة بأن اعتراض أو عدة اعتراضات ليست باعتراضات مبدئية وعندها‬
‫تقوم المحكمة برفض االستثناء المبدئي أو اإلقرار بأن االعتراض ليس باعتراض مبدئي‬
‫‪1‬‬
‫فإنها تقوم بتحديد موعد الستئناف المرافعة‪.‬‬
‫إن الهدف الرئيسي من تقديم االستثناءات المبدئية هو الحصول على قرار ينهي الخصومة‬
‫القضائية دون الفصل في الموضوع‪ ،‬وسميت كذلك ألنها تكتسي أولوية في ترتيب مراحل‬
‫العمل القضائي وتسبق إجراءات النظر في موضوع النزاع ألن هذا األخير يصبح عديم‬

‫‪1‬غسان الجندي ‪،‬مرجع سابق ص‪. 232‬‬

‫‪82‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الجدوى متى ظهرت عيوب تجعل منطلق المسلك القضائي للمدعي غير سليم‪ ،‬فهي‬
‫تخضع لقواعد إجرائية دقيقة‪.1‬‬
‫في بعض األحيان تطلب الدول من محكمة العدل الدولية أن تقوم بضم االستثناء المبدئي‬
‫إلى معالجة موضوع النزاع‪ ،‬ولقد لقي هذا االجراء موقفا سلبيا بمناسبة قضية برشلونة‬
‫تراكشن في القرار الصادر بتاريخ ‪ 1964/07/24‬حيث قررت المحكمة تطبيق اإلجراء‬
‫وفصلت فيه على أساس صحة الدفع األولي بعدما فرضت األطراف مناقشة عميقة في‬
‫الموضوع مما أدى إلى إطالة اإلجراءات وجعلها مكلفة دون أن تنتج فائدة فبرزت عيوب‬
‫اإلجراء ومحدوديته‪ ،‬وأثيرت سلبيات اإلجراء من جديد بمناسبة قضية النشاطات العسكرية‬
‫وشبه العسكرية بين نيكارغوا والواليات المتحدة األمريكية في الحكم الصادر في‬
‫‪ 1986/06/27‬وواجهت المحكمة المشكلة ذاتها بمناسبة قضية لوكربي حين قدمت‬
‫أنجلت ار والواليات المتحدة األمريكية دفعا بعدم جدوى الدعوى التي رفعتها ليبيا على أساس‬
‫وجود ق اررات أصدرها مجلس األمن تخرج النزاع من والية المحكمة ويفترض إدخال آثارها‬
‫‪2‬‬
‫على النقاش مما يتطلب‪ .‬فحص الموضوع مباشرة‬
‫وعلى الرغم من أن التنظيم الداخلي لمحكمة العدل الدولية الذي أقر في أفريل ‪ 1978‬قد‬
‫ألغى في الفقرة السابعة من المادة ‪ 79‬مبدأ الوصل بين االستثناء المبدئي والنظر في‬
‫موضوع النزاع‪ ،‬إال أن الفقرة الثامنة من المادة ‪ 79‬قد نصت على أن المحكمة يجب أن‬
‫تذعن إلى اتفاق يتم بين األطراف في النزاع يهدف إلى الجمع بين اإلستثناء المبدئي‬
‫والنظر في موضوع النزاع‪.‬‬

‫‪1‬وسيلة شابو ‪ ،‬مرجع سابق ص‪. 88‬‬


‫وسيلة شابو ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص‪. 99، 98‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪83‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثانيا‪ :‬االستخدام المفرط االستثناءات المبدئية‪:‬‬


‫لقد استخدمت اإلستثناءات المبدئية بشكل مفرط من قبل الدول‪ ،‬ففي قضية مضيق كورفو‬
‫(بريطانيا‪ /‬ألبانيا) قامت ألبانيا باالحتجاج أمام محكمة العدل الدولية بأن التوصية الصادرة‬
‫عن مجلس األمن بشأن عرض النزاع على محكمة العدل الدولية ليست إال توصية وال‬
‫تشكل سند الختصاص المحكمة ‪.1‬‬
‫)‪( (AMBTIELOS‬بريطانيا‪ /‬اليونان) قامت بريطانيا‬ ‫كما أنه في قضية إمباتليوس‬
‫باإلحتجاج بعدم اختصاص محكمة العدل الدولية ألن هناك إقرار بأن يعرض النزاع بينها‬
‫وبين اليونان على التحكيم‪.‬‬
‫وفي قضية أنترهندال )‪()INTERHANDE‬الواليات المتحدة‪ /‬سويسرا) تذرعت الواليات‬
‫المتحدة بأربع اعتراضات‪ ،‬أولها أن المحكمة غير مختصة ألن النزاع بين الواليات المتحدة‬
‫وسويس ار قد نشب قبل ‪ 26‬أوت ‪ 1946‬وهو اليوم الذي دخل فيه التصريح األمريكي بشأن‬
‫الوالية الجبرية للمحكمة حي از لتنفيذ الذي نص على أنه ينطبق على النزاعات القانونية التي‬
‫يمكن أن تنشب في المستقبل‪ ،‬ثاني هذه االعتراضات يتمثل في كون أن هذا النزاع سابق‬
‫للتصريح السويسري وأن تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل يقتضي أنه بين الواليات المتحدة‬
‫وسويس ار يجب تحديد اختصاص المحكمة للنظر في النزاعات‬
‫التي نشبت بعد ‪ 28‬جويلية‪ ،1948‬أما اإلعتراض الثالث فيكمن في كون أن شركة‬
‫أنترهندال لم تقم استنفاذ الوسائل القضائية الداخلية األمريكية‪ ،‬في حين أن االعتراض‬
‫الرابع الذي استندت إليه الواليات المتحدة‪ ،‬يتجلى في أن محكمة العدل الدولية غير‬

‫‪1‬سليمة موسوني مرجع سابق ص‪. 114‬‬

‫‪84‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مختصة ألن اإلجراءات التي أتخذت ضد شركة أنترهندال تندرج حسب القانون الدولي‬
‫ضمن إختصاص القانون الداخلي للواليات المتحدة‪.‬‬
‫وفي قضية برشلونة‪ -‬تراكشن ) )‪(BARCELONA-TRACTION‬‬
‫(بلجيكا – اسبانيا) نجد إسبانيا وبغية االعتراض على اختصاص محكمة العدل الدولية‬
‫للنظر في موضوع نزاعها مع بلجيكا قامت باالحتجاج بأن هذه المحكمة غير مختصة‬
‫‪1‬ألن تخلي بلجيكا عن القضية سنة ‪ 1961‬يمنعها من إحالة القضية مرة أخرى إلى‬
‫محكمة العدل الدولية‪،‬كما أن معاهدة ‪ 1927‬التي اعتمدت عليها بلجيكا لعرض الن ازع‬
‫على المحكمة قد أصبحت الغية‪ ،‬واستندت إسبانيا كذلك على أن بلجيكا ليست لديها‬
‫األهلية لحماية المصالح البلجيكية في هذه القضية وأيضا إلى عدم إستنفاذ شركة(‪)T.B‬‬
‫للوسائل القضائية اإلسبانية الداخلية‪.‬‬
‫من هذه األمثلة التي أوردناها يتضح لنا بأن الهدف من اإلستناد إلى اإلستثناءات أو‬
‫اإلعتراضات المبدئية كانت تهدف الدول المتنازعة من خاللها إلى المنازعة في إختصاص‬
‫محكمة العدل الدولية وبالتالي تفادي أن تنظر هذه األخيرة في موضوع النزاعات المثارة‬
‫بين الدول‪ ،‬األمر الذي قد يؤدي إلى تحديد إختصاصاتها ومنه التأثير على دورها في‬
‫تسوية النزاع‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪:‬الصعوبات المتصلة باإلجراءات امام الدول‬
‫ان من الصعوبات األخرى التي تعود الى محكمة العدل الدولية اإلجراءات المتبعة امام‬
‫المحكمة ‪ ،‬فمن المعلوم ان كل قضية تسير وفقا إلجراءات معينة ‪ ،‬و هذه اإلجراءات قد‬

‫إبراهيم شحاتة ‪(،‬محكمة العدل الدولية و متطلبات تطوير نظامها) ‪ ،‬المجلة السياسية الدولية ‪ ،‬مؤسسة االهرام ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫القاهرة ‪ ،‬المجلد ‪ 09‬العدد‪ 1973 ، 31‬ص‪. 257‬‬

‫‪85‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تكون إجراءات مكتوبة و قد تكون شفوية‪ 1‬و قد ذهب راي في الفقه الى ان اإلجراءات امام‬
‫محمة العدل الدولية معقدة و تستغرق فترة طويلة من الزمن ‪ ،2‬و قد تامر محكمة العدل‬
‫الدولية ( إجراءات تحفظية ) قبل ان تكون قد فصلت في االعت ارض حول اختصاصها ‪ ،‬و‬
‫ابلغ مثال على ذالك في قضية شركة النفط االنكلو إيرانية (اعتراض أولي)عام ‪، 1951‬‬
‫اذ أصدرت محكمة العدل الدولية بتاريخ ‪ 1951/07/05‬ام ار ببعض التدابير المؤقتة في‬
‫القضية قبل الفصل االعتراض على اختصاصها من جانب ايران ‪ ،‬حيث أعلنت في‬
‫حكمها الصادر بتاريخ ‪ 1951/07 22‬انها ال تملك االختصاص في هذه القضية ‪ ،‬و‬
‫قررت في ذات الحكم ان امر التدابير المؤقتة السابق لم يعد ساريا و ان التدابير المؤقتة‬
‫قد انقضت مدتها‪.‬‬
‫و بدون شك فان اإلجراءات امام المحكمة تحتاج الى إعادة نظر ‪ ،‬االمر يرجع في ذالك‬
‫الى محكمة العدل الدولية ‪ ،‬الن هذه األخيرة سيدة اختصاصها و سيدة كل اجراء امامها‬
‫‪.‬و هذا ما نصت عليه الفقرة ‪ 06‬من المادة(‪ )36‬من النظام األساسي لمحكمة العدل‬
‫الدولية ‪ ،‬حيث جاء فيها " في حالة قيام نزاع في شأن والية المحكمة تفصل المحكمة في‬
‫هذا النزاع بقرار منها "أحيانا باألمر ببعض التدابير المؤقتة قبل ان تكون قد فصلت في‬
‫االعت ارض حول اختصاصها بالنظر في الموضوع ‪،‬فنعتقد ان الحال المناسب يتمثل فيما‬
‫ي ذهب اليه راي في الفقه من ان على محكمة العدل الدولية ان ال تامر بالتدابير المؤقتة‬
‫‪3‬‬
‫اذا نازع احد الطراف في اختصاصها بنظر موضوع الدعوى ‪،‬‬

‫‪1‬انظر المادة (‪ ) 43‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪2‬إبراهيم شحاتة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 258‬‬
‫‪3‬نايف أحمد ضياحي الشمري ‪،‬دور محكمة العدل الدولية في تطوير وظيفة األمم المتحدة‪،‬الطبعة ‪، 01‬منشورات‬
‫الحلبي الحقوقية ‪،‬البنان ‪ 2015،‬ص‪. 43‬‬

‫‪86‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ورأت محكمة العدل الدولية ألول وهلة‪ ،‬إن هذا الدفع بني على أسباب معقولة ‪ ،‬الن‬
‫سلطة االمر بالتدابير المؤقتة منحت لمحكمة العدل الدولية بالنظر الى اختصاصها في‬
‫‪1‬‬
‫موضوع الدعوى فاذا انعدم هذا االختصاص فقدت المحكمة سلطة االمر بهذه التدابير‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عقبات التي ترجع الى الدول والقانون الدولي‬
‫إضافة الى الصعوبات التي ترجع الى محكمة العدل الدولية نفسها و المذكورة انفا هناك‬
‫طائفة من الصعوبات و التي سوف نتطرق اليها في فرعين الصعوبات التي تعود الى‬
‫الدول(الفرع االول ) ثم الصعوبات التي تعود الى القانون الدولي( الفرع الثاني ) ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الصعوبات التي تعود الى الدول‬


‫يكمن الدور المتواضع لمحكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات في عدم إقتناع بعض‬
‫الدول الكبرى بالدور الذي يمكن أن تقوم به المحكمة كوسيلة فاعلة‪ ،‬ويرجع السبب في‬
‫ذلك إلى اعتبارات سياسية وأخرى فنية‪ ،‬حيث تحرص هذه الدول عادة على التمسك‬
‫بسيادتها واستقاللها‪ ،‬ولهذا إذا رأت ‪-‬وفقا ألسباب سياسية‪-‬ترك النزاع معلقا دون حل‬
‫خاصة إذا كان اللجوء إلى المحكمة قد يؤدي الصدور حكم النهائي في غير صالحها ال‬
‫تستطيع التهرب من تنفيذه بحجج سياسية‪ ،‬أما األسباب الفنية فتبدو عادة في إجراءات‬
‫التقاضي أمام المحكمة والتي قد تستغرق كثي ار من الوقت والنفقات المالية‪ .‬كما يرجع األمر‬
‫أيضا الى الشكوك حول توافر عنصر العدالة في حكم المحكمة المستند إلى قواعد القانون‬
‫الدولي المستندة على العرف الدولي أو االتفاقيات الدولية التي نشأت في ظروف كانت‬

‫المرجع نفسه ص‪. 44‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪87‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فيها الدول اإلستعمارية هي المسيطرة في توجيه العالقات الدولية‪ .‬وأن هذه القواعد بحد‬
‫ذاتها ال تضمن العدالة والمساواة امام المحكمة ‪.‬‬
‫ويرى بعض الشراح أن عدم إقتناع بعض الدول الكبرى بالدور الذي يمكن أن تقوم به‬
‫المحكمة كوسيلة فاعلة في تسوية المنازعات الدولية عائد في األصل إلى حرص هذه‬
‫الدول على التمسك بسيادتها على الرغم من إدعائها بالسعي نحو صيانة السلم واألمن‬
‫الدوليين وغيرها من العبارات التي تخفي بها مصالحها المادية والتي تملي عليها خياراتها‬
‫ومواقفها في ظل تفاقم النزاعات الدولية التي قد تصبح على درجة من اإلستمرار‪1 ،‬وقد‬
‫تؤدي إلى عدم إستقرار العالقات الدولية وتخلق مناخا سياسيا قد يغري دوال كانت محبة‬
‫للسالم باستخدام أساليب القوة أو وسائل قد تفضي إلى إستخدامها من غير أن‪ .‬تكون‬
‫‪2‬‬
‫راغبة ذلك ابتداء‬
‫ويتجلى هذا اإلقتناع من قلة القضايا المعروضة عليها وهذا يرجع لوجود أجهزة قضائية‬
‫غيرها (محكمة الجماعات اإلقتصادية‪ ،‬التحكيم الدولي‪...‬إلخ)‪ ،‬وأيضا عدم رغبة الدول‬
‫لطرح منازعاتهم الجدية عليها‪.‬‬
‫إزاء ما تقدم سوف نعالج الموضوع كالتالي ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬قلة القضايا المطروحة على محكمة العدل الدولية‬
‫إن قلة القضايا المطروحة على محكمة العدل الدولية يمكن تفسيرها برغبة الدول في‬
‫عرض خالفاتها على أجهزة قضائية غير هذه المحكمة‪ ،‬أو عدم الرغبة نهائيا في عرضها‬
‫على القضاء الدولي‪ .‬والمالحظ أن الدول تفضل استخدام وسائل أخرى في تسوية خالفاتها‬

‫بوضرسة عمار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 81‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬صالح جواد الكاظم‪ (،‬دور جامعة الدول العربية من المنازعات العربية )‪ ،‬مجلة الجامعة المستنصرية ‪ ،‬العدد‪، 05‬‬
‫العراق ‪ ،‬ص‪. 74‬‬

‫‪88‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ال وأكثر إمكانية للتسوي ـة‬


‫بحيث تكون أقل كلف ًة‪ ،‬ذلك أن المنظمات إذا لم يكن الحل مقبو ً‬
‫ويترك المجال مفت ـ ـ ـ ـوحا وأقصر زمناً إجراءات ال قضائية كحل سريع كي ال تتهم بالتفريط‬
‫ال لمجازفة التورط في إجراءات المحكمة ترى‬
‫بمصالح شعوبها أو اإلقليمية قد تعرض حلو ً‬
‫الحكومات أن تترك تعرضها لضغوط القوى الكبرى‪ ،‬وتفاديًا ‪ ،‬ويمكن للوسائل الدبلوماسية‬
‫النزاع بال حل أو تسويته خارج المحكم من مغامرة الحكم القضائية بدال أن تتوصل إلى‬
‫تسوية أو اتفاقية أفضل من الترافع إلى المحكمة وصدور حكم ال يمكن االلتفاف حوله أو‬
‫التملص منه بسهولة مع احتمال تغير األوضاع التي نشب فيها النزاعً يتراوح بين سنة‬
‫بل طويال مسألة أخرى هي أن الترافع إلى المحكمة يستغرق وقتاً‪ ،‬كما يجب‬
‫إلى ثالث ً‬
‫على الدول دفع مصاريف الدعوى‪ ،‬إلى جانب ذلك استغرق في بعض القضايا ‪11‬عاما‬
‫هناك عدد من الدول تجمعها روابط خاصة تفضل عرض خالفاتها فيما بينها على محكمة‬
‫‪1‬‬
‫دولية إقليمية‪ ،‬وأهم مثال على ذلك هي محكمة العدل األوروبية‪.‬‬
‫هناك أيضا تزايد ملحوظ في التجاء الدول إلى التحكيم الدولي لحل خالفاتها إذ نجد عددا‬
‫من المعاهدات الثنائية تؤكد على ضرورة لجوء الدول إلى التحكيم الدولي لحل نزاعاتها‪،‬‬
‫فمثال حتى ‪1978‬وقعت سويس ار على (‪ )28‬معاهدة لحماية االستثمارات مع دول العالم‬
‫الثالث وهذه المعاهدات تتضمن بندا يتعلق بعرض النزاعات بين الدول األعضاء على‬
‫التحكيم‪ ،‬كما نجد عددا من المعاهدات الجماعية تتضمن اللجوء إلى التحكيم في حالة‬
‫نشوء نزاع بين الدول األعضاء في هذه المعاهدات‪ ،‬فمثال نصت المادة (‪ )16‬من‬
‫المعاهدة التي تم التوقيع عليها في عام ‪ 1965‬حول تجارة الترانزيت للدول المحرومة من‬

‫‪1‬غسان الجندي مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 240‬‬

‫‪89‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫سواحل مطلة على البحار بأن النزاعات بين الدول حول تفسير وتطبيق هذه المعاهدة‬
‫‪1‬‬
‫يمكن طرحها على لجنة تحكيم مكونة من ثالثة أعضاء‪.‬‬
‫لقد تطور اللجوء إلى التحكيم في حل النزاعات بين الدول إذا أنه بين سنتي (‪-1977‬‬
‫‪ )1978‬تم إصدار أحكام في بعض القضايا من قبل التحكيم الدولي من هذه القضايا‬
‫نذكر‪:‬‬
‫‪ - 1‬قضية قناة بيغل(‪ )Beagle‬بين األرجنتين وتشيلي‪ 2‬حول السيادة على هذه القناة‪.‬‬
‫‪ - 2‬قضية تحديد الجرف القاري بين بريطانيا وفرنسا في الجزر األنجلو سكسونية‪.‬‬
‫‪ - 3‬القضية المتعلقة بتفسير االتفاق الجوي بين فرنسا والواليات المتحدة الذي تم التوقيع‬
‫عليه سنة ‪.1946‬‬
‫أما بخصوص عدم رغبة الدول في عرض نزاعاتها على محكمة العدل الدولية فإنه لو‬
‫نظرنا إلى قائمة القضايا التي عرضت على محكمة العدل الدولية ألدركنا أن محكمة‬
‫الهاي لم يطلب منها النظر في النزاعات التي وقعت في األجزاء الخطيرة من المجتمع‬
‫الدولي‪ ،‬وفي العديد من المناسبات تم التفكير بعرض نزاعات دولية خطيرة على هذه‬
‫المحكمة لكن هذه األفكار بقيت ميتة‪ ،‬فلقد اقترحت الهند على الصين الشعبية عرض‬
‫النزاع الحدودي بين البلدين الذي أدى إلى اشتباكات خطيرة سنة ‪ 1962‬على محكمة‬
‫العدل الدولية غير أن الصين الشعبية رفضت هذا الطلب برسالة موجهة إلى الحكومة‬
‫الهندية بتاريخ ‪ 20‬أفريل ‪. 1963‬‬

‫مرجع نفسه ‪،‬ص ص‪.242 ،241‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬احمد بلقاسم ‪ ،‬القضاء الدولي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص‪. 217، 216‬‬

‫‪90‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فأغلب النزاعات التي نظرتها المحكمة كانت قضايا عادية حين نشوبها وال تهدد السالم‪.‬‬
‫كما أن النزاعات التي أصدرت المحكمة فيها أحكاما كانت بعيدة كل البعد عن المشاكل‬
‫الدولية الكبيرة‪.‬‬
‫وخالل الفترة بين ‪ 1946‬و ‪ 1957‬وكان هناك ‪ 26‬نزاعا دوليا فقط رفع أمام المحكمة‬
‫وعدا سنتي (‪ )1946،1975‬كانت هناك ‪ 12‬سنة لم تصدر المحكمة خاللها ق ار ار مهما‬
‫كان نوعه كانت هناك ‪ 17‬عاما‪ ،‬لم تعط المحكمة خاللها رأيا استشاريا‪ ،‬وأثناء عهد‬
‫التحرر من اإلستعمار وصراع الشرق والغرب بين الشعوب المستعمرة والقوى اإلستعمارية‬
‫والتي صاحبتها تغيرات جذرية في النظام العالمي وأدت إلى نشوء العديد من الدول‬
‫المستقلة لم تنظر المحكمة سوى في ثالثة نزاعات فقط من النزاعات الدولية العديدة التي‬
‫‪1‬‬
‫لم تخلو منها دولة من دول العالم الثالث‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد يمكن االستشهاد بجواب فرنسا على األسئلة التي وجهت إلى الدول حول‬
‫دور المحكمة ضمن إطار هيئة األمم والتي أ وضحت بأن العامل األول لحل النزاعات‬
‫الدولية بواسطة محكمة‪ 1‬العدل الدولية يكمن في رغبة الدول في اللجوء إلى هذه‬
‫‪2‬‬
‫المحكمة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عزوف الدول عن المثول أمام المحكمة العدل الدولية‬
‫إن ظاهرة عدم مثول الدول األطراف في نزاع أمام محكمة العدل الدولية ليست بظاهرة‬
‫جديدة فقد مرت سليفتها بهذه الظاهرة مرتين‪ ،‬ففي قضية نقض (االتفاقية الصينية‪-‬‬
‫البلجيكية) التي طرحتها بلجيكا ضد الصين لم تمتثل الصين أمام المحكمة الدائمة للعدل‬
‫الدولي‪ ،‬وفي قضية شركة كهرباء صوفيا وبلغاريا تغيب ممثل الحكومة البلغارية عن‬

‫احمد بلقاسم ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪. 218. 217،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬غسان الجندي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪. 244‬‬

‫‪91‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المحكمة الدائمة للعدل الدولي ومع أن الحكومة البلغارية قامت بتفسير غياب ممثلها‬
‫ألسباب غير إرادية‪ ،‬إال أن المحكمة رفضت األخذ بوجهة نظر بلغاريا نظ ار لتصرفاتها‬
‫السلبية السابقة أمام المحكمة‪.‬‬
‫هناك حاالت تغيبت فيها الدول عن المثول أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬والحالة األولى‬
‫يمكن إيجادها في قضية مضيق كورفو في سنة ‪ 1949‬إذ طعنت ألبانيا في اختصاص‬
‫المحكمة في تحديد التعويض لبريطانيا‪ ،‬وطبقت محكمة العدل الدولية ألول مرة المادة‬
‫(‪ )53‬من نظامها األساسي‪ ،‬وفي سنة ‪ 1951‬قامت بريطانيا بعرض نزاعها مع إيران‬
‫حول تأميم الشركة األنجلو إيرانية على محكمة العدل الدولية ورفضت إيران المثول أمام‬
‫المحكمة‪ ،‬وفي سنة ‪ 1953‬خالل قضية نوت بوهم قامت غواتيماال بتقديم إعتراضات‬
‫حول اختصاص المحكمة دون تعيين ممثل لها‪ ،‬وقامت المحكمة بالنظر في هذه‬
‫اإلعتراضات خالل مرحلة مبدئية‪ ،‬ولم تمتثل غواتيماال أمام محكمة العدل الدولية خالل‬
‫هذه المرحلة المبدئية‪.‬‬
‫كما رفضت إيسلندا في قضية المصائد اإليسلندية المثول أمام محكمة العدل الدولية بحجة‬
‫أن اتفاقيات ‪ 1961‬التي أعطت االختصاص للمحكمة للنظر في أي نزاع بين األطراف‬
‫قد انتهى مفعولها وفي قضية محاكمة مجرمي الحرب الباكستانيين قامت الهند بتسليم عدد‬
‫من الضباط الباكستانيين األسرى الذين ارتكبوا جرائم حرب‪ 1‬في البنغال الشرقية إلى‬
‫بنغالديش ولقد تقدمت باكستان بشكوى إلى محكمة الهاي ورفضت الهند المثول أمام‬
‫محكمة العدل الدولية‪.‬‬

‫غسان الجندي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪248 ،247‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪92‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وفي قضية التجارب النووية الفرنسية بعد أن تلقت الحكومة الفرنسية إخطار بدعوى‬
‫أستراليا ونيوزلندا ضدها في ‪ 1973‬قامت بإرسال رسالة موجهة إلى محكمة العدل الدولية‬
‫تعلمها فيها بأنها لن تمتثل أمامها‪.‬‬
‫كما أن تركيا لم تقم بإرسال ممثلها في قضية النزاع على الجرف القاري لبحر إيجة بينها‬
‫وبين اليونان أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬وقامت محكمة الهاي في حكمها الصادر‬
‫‪1‬‬
‫في ‪ 19‬ديسمبر ‪1978‬‬
‫بتطبيق المادة ( ‪ )53‬من نظامها األساسي‪ ،‬وفي قضية إحتجاز الدبلوماسيين األمريكيين‬
‫في إيران تلقت محكمة العدل الدولية برقية من إيران بتاريخ ‪ 9‬ديسمبر ‪ 1979‬مفادها أنها‬
‫‪2‬‬
‫لن تقوم بحضور جلسات محكمة العدل الدولة حول هذه القضية‪.‬‬
‫في األخير‪ ،‬من المفيد أن نذكر بأن األسباب الكامنة وراء عدم إقتناع الدول بالمحكمة‬
‫السيما الفنية منها كانت مثار مناقشات جرت في اللجنة القانونية السادسة للجمعية العامة‬
‫في أواخر عام ‪ 1970‬وكانت وراء العديد من التعديالت التي أجرتها المحكمة في قواعد‬
‫اإلجراءات‪ ،‬حيث أشار أحد تقارير المحكمة لعام ‪ 1996‬إلى تعاظم دورها عندما ذكرت‬
‫(أن من دواعي سرورها ان الدول باتت في السنوات األخيرة ترفع إليها بصورة متزايدة‬
‫المنازعات الدولية لتسويتها)‪.3‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.248 ،247‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬مرجع السابق ص ص‪246،247‬‬


‫‪3‬تقارير محكمة العدل الدولية ‪ 31‬تموز ‪ /‬يونيو ‪/‬آب‪/‬أغسطس ‪ ،2000‬الجمعية العامة الدورة ‪ 56‬نيويورك ‪ 2001‬ص‬
‫‪. 67،68‬‬

‫‪93‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الصعوبات التي تعود الى القانون الدولي‬


‫في أحيان كثيرة ل اتكون المشكلة في جهاز التسوية‪ ،‬بل في القانون الواجب التطبيق‬
‫‪ ،‬الذي هو ليس دائما موضوع اتفاق فعندما تختلف المصالح فإن القانون يصبح محال‬
‫لالختالف أيضا‪ ،‬فهناك أيضا صعوبات تواجه محكمة العدل الدولية في طريقها ألداء‬
‫رسالتها المنشودة‪،‬تعود الى المشاكل التي يعاني منها القانون الدولي‪ ،1‬و التي سنطرحها‬
‫كالتالي ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مشكلة عدم تقنين كثير من قواعد القانون الدولي ‪:‬‬
‫من المعلومان كثي ار من قواعد القانون الدولي غير مقننة وهذا بال ريب يؤدي الى إعاقة‬
‫محكمة العدل الدولية عن أداء دورها المأمول‪ ،‬فعلى سبيل المثال فإن مشكلة اثبات القاعدة‬
‫‪2‬‬
‫العرفية ظهرت لمام محكمة العدل الدولية في عدة قضايا عرضت عليها‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ان عملية التقنين تسير ببطء كما هو مالحظ‪ ،‬إال انها ضرورية لالنتهاء‬
‫من الصعوبات التي تعترض طريق محكمة العدل الدولية في اثبات و تحديد مضمون‬
‫القاعدة القانونية الواجبة التطبيق على موضوع النزاع المطروح عليها ‪،‬فالتقنين كما هو‬
‫معلوم يؤدي الى توحيد القواعد القانونية و يقضي على صعوبة اثباتها و تحديد مضمونها‬
‫‪ ،‬و هذا بال ريب سيسهل على محكمة العدل الدولية تطبيق قواعد القانون الدولي المعنية‬
‫على القضايا و المسائل التي تعرض عليها نطاق اختصاصها القضائي و االستشاري بكل‬
‫‪3‬‬
‫يسر ووضوح‪.‬‬

‫‪1‬مصطفى سالمة حسن ‪،‬العلقات الدولية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1984 ،‬ص ‪.259‬‬
‫‪2‬نايف احمد ضياحي الشمري ‪ ،‬المرجع السابق ص ص‪.50، 49‬‬
‫‪3‬محمد سامي عبد الحميد ‪،‬أصول القانون الدولي العام القاعدة الدولية‪ ،‬الطبعة ‪ ، 06‬الدار الجامعية ‪ ،‬اإلسكندرية‬
‫‪ 1984،‬ص‪. 165‬‬

‫‪94‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثانيا‪ :‬مشكلة النقص في قواعد القانون الدولي‪:‬‬


‫مماال شك في أن قواعد القانون الدولي يشوبها النقص‪ ،‬فالنظام القانوني الدولي‬
‫نظام غير متكامل‪ ،‬وتتجلى هذه المشكلة عند عدم كمال أو سكوت القواعد السارية ـ أو‬
‫عد م تحديد القواعد القابلة التطبيق‪ ،1‬ويمكن عالج مشكلة النقص عن طريق اللجوء الى‬
‫المبادئ العامة للقانون‪ ،‬أو اللجوء الى مبادئ العدل و االنصاف بعد موافقة اطراف النزاع‬
‫على ذالك‪ ،2‬أو بدون موافقتهم‪ ،‬و ذالك عند إحالة القانون اليها أو بوصفها مصد ار مكمال‬
‫للقانون أو باعتبارها وصفا للقانون‪ .3‬واذا نظرنا الى موقف محكمة العدل الدولية من‬
‫مشكلة النقص في قواعد القانون الدولي‪ ،‬نجدها أحيانا ترفض إكمال النقص‪ ،‬وفي أحيان‬
‫أخرى حاولت سد النقص‪ ،‬ففي حكميها الصادر عام ‪ 1974‬في جوهر قضيتي الوالية‬
‫على مصايد األسماك (بين المملكة المتحدة وجمهورية ألمانيا االتحادية من جهة وايسلندا‬
‫من جهة أخرى) قررت محكمة العدل الدولية انها ال يمكنها أن تصدر حكمها في أمور‬
‫‪4‬‬
‫تتعلق بالمستقبل‪ ،‬كما ال يمكنها أن تقرر القانون قبل أن يصدره المشرع‬
‫ومن الحوال التي حاولت فيها محكمة العدل الدولية سد النقص ما حدث في قضية‬
‫التعويض عن االضرار المتكبدة في خدمة األمم المتحدة‪ ،‬حيث أعلنت في رأيها‬
‫االستشاري الصادر عام ‪ ،1949‬وأن تمتع األمم المتحدة بالشخصية القانونية امر‬

‫‪1‬أحمد أبو الوفا ‪،‬الوسيط في القانون الدولي العام‪ ،‬الطبعة ‪ ، 01‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪، 1996،‬ص‪. 58‬‬
‫انظر المادة (‪ ) 38‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ‪ ،.‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫صالح الدين عامر‪،‬مقدمة لدراسة القانون العام ‪ ،‬الطبعة ‪ ، 01‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1984 ،‬ص‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪. 433 ، 430‬‬


‫‪ 4‬موجز االحكام و الفتاوى و األوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية ‪) 1991 ،1948( ،‬منشورات األمم المتحدة‬
‫ص‪. 123‬‬

‫‪95‬‬
‫فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ضروري لتحقيق مقاصد و مبادئ الميثاق فهنا لجأت محكمة العدل الدولية إلى نظرية‬
‫‪1‬‬
‫االختصاصات الضمنية و الى مبدأ التفسير للميثاق لسد النقص‪.‬‬

‫‪1‬نايف احمد ضياحي الشمري‪ ،‬مرجع سابق ص‪.52، 51‬‬

‫‪96‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪97‬‬
‫الخاتمة‬

‫تعد محكم ة العدل الدولية أداة مالئمة لضمان السالم الدولي من خالل تسوية‬
‫المنازعات الدولية سلميا و ذلك بوصفها الهيئة القضائية الرئيسية الوحيدة في المنظمة‬
‫األمم المتحدة وفقا للمادة (‪ ) 92‬من الميثاق و في الواقع فان محكمة العدل الدولية ماهية‬
‫اال امتداد لمحكمة العدل الدولية الدائمة و التي أسست سنة ‪ 1920‬تنفيذا لمقتضيات‬
‫اتفاقية األمم ‪ ،‬و قد جاءت محكمة العدل الدولية متبنية نظامها الداخلي من جهة و من‬
‫جهة أخرى االتفاقيات المبرمة سابقا بشان التزامها بعرض منازعاتها على محكمة العدل‬
‫الدولية ‪‘ ،‬إلى جانب ذلك ساهمت محكمة العدل الدولية في تطوير قواعد القانون الدولي‬
‫من خالل تصديها للعديد من النزاعات الدولية ‪ ،‬و ممارستها الختصاصها القضائي و‬
‫االستشاري ‪،‬و منه نستخلص النتائج األتية ‪:‬‬
‫إن دور محكمة العدل الدولية يبدو متواضعا ‪ ،‬بالنسبة لما يعارض الدول من‬ ‫‪-‬‬
‫منازعات تهدد التمن و السلم الدوليين و مع ذلك تبقى هذه المحكمة هي المكان األول‬
‫لنصرة الحق و حل النزاعات على المستوى الدولي ‪،‬و انها ساهمت الى حد ما في تعزيز‬
‫السلم و االمن الدوليين ‪.‬‬
‫‪ -‬إن محكمة العدل الدولية لها مشكل تنفيذ آرائها االستشارية و أحكامها القضائية فهل‬
‫تم تنفيذ ما جاءت به المحكمة في قضية كورفو سنة ‪ 1949‬و كذلك نيكاراغو سنة‬
‫‪ ، 1986‬و هل تم تنفيذ راي المحكمة االستشاري حول األسلحة النووية سنة ‪ 1996‬؟‬
‫‪ -‬ان حق طلب الفتوى محصور في الجمعية العامة و مجلس االمن و كذللك باقي فروع‬
‫األمم المتحدة و الوكاالت المتخصصة بعد الترخيص لها من الجمعية العامة و حرمان كل‬
‫من األمانة العامة و المنظمات الدولية من ممارسة هذا الحق ‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -‬اما فيما يخص الوظيفة القضائية فالمشكل يكمن في كون المحكمة تمارس‬
‫اختصاصها القضائي بناء على القبول المسبق من الدول التي تقبل االختصاص االجباري‬
‫للمحكمة ‪ ،‬و هذا ما يمثل عائقا لممارسة المحكمة الختصاصها القضائي ‪.‬‬
‫‪ -‬فيما يخص النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية نقترح تعديله حيث يصبح‬
‫االختصاص القضائي الزاميا ‪ ،‬نرى ضرورة توسع حق طلب الفتوى بحيث يصبح هذا‬
‫الحق يشمل كل من األمين العام والمنظمات و األجهزة الدولية األخرى و الدول كاقتراح‬
‫لتطوير هذا االختصاص ‪.‬‬
‫لقد اثبتت التجربة استحداث بعض القضايا التي تتطلب وقتا كبير للتقاضي امام محكمة‬
‫العدل الدولية مما انعكس سلبا على فعاليتها وعليه يتوجب تبسيط و تسريع اإلجراءات من‬
‫اجل اقناع الدول بالمحكمة كوسيلة سلمية لتسوية النزاعات التي تنشب فيما بينها ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫المصادر ‪:‬‬
‫‪ -‬الالئحة الداخلية لمحكمة العدل الدولية ‪ 14 ، 1978‬افريل ‪. 1978،‬‬
‫‪ -‬القانون الدولي للبحار ‪،‬اتفاقية جامايكا ‪. 1982،‬‬
‫‪ -‬النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ‪ ،‬الصادر في ‪ 19‬افريل ‪ ، 1945‬واشنطن‪.‬‬
‫‪ -‬ميثاق األمم المتحدة ‪ ،‬الصادر في ‪ 26‬حزيران ‪ /‬يونيه ‪ ،1945‬سان فرانسيسكو ‪.‬‬
‫‪ -‬احكام و الفتاوى لمحكمة العدل الدولية الصادر في(‪،) 1991، 1978‬‬
‫‪ -‬تقارير محكمة العدل الدولية ‪ 31‬تموز ‪ /‬يونيو ‪/‬الى آب‪ /‬أغسطس ‪ ، 2000‬الجمعية‬
‫العامة الدورة ‪ 56‬نيويورك‪. 2001‬‬
‫‪ -‬موجز األحكام والفتاوي واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية (‪.)1997-2002‬‬
‫الكتب ‪:‬‬

‫‪ -‬أبو الخير مصطفى احمد ‪ ،‬فتوى الجدار العازل و القانون الدولي ‪ ،‬إيتراك للطباعة و‬
‫النشر و التوزيع ‪ ،‬القاهرة ‪، 2006،‬‬
‫‪ -‬احمد بلقاسم ‪ ،‬القضاء الدولي ‪ ،‬دار هومة للنشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪. 2005 ،‬‬
‫‪ -‬احمد حسن الرشيدي ‪ ،‬الوظيفة االفتائية لمحكمة العدل الدولية و دورها في تغيير و‬
‫تطوير سلطات األجهزة السياسية لألمم المتحدة ‪ ،‬الهيئة المصرية للكتاب ‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪1993.‬‬
‫‪ -‬حامد سلطان ‪ ،‬القانون الدولي العام ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1984 ،‬‬
‫‪ -‬خالد عابد حسن ابحيص ‪ ،‬الجدار العازل في الضفة الغربية ‪،‬الطبعة ‪ ، 1‬مركز‬
‫الزيتونة للدراسات و االستشارات بيروت ‪ ،‬لبنان ‪. 2010 ،‬‬

‫‪101‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ -‬رشاد السيد ‪ ،‬القانون الدولي العام في ثوبه الجديد ‪ ،‬الطبعة ‪ ،2‬عمان ‪، 2005 ،‬‬
‫‪ -‬صالح جواد الكاظم ‪ ،‬دراسة في المنظمات الدولية ‪ ،‬مطبعة الرشاد ‪ ،‬بغداد ‪، 1975،‬‬
‫‪-‬صالح يحي الشاعري‪ ،‬تسوية النزاعات الدولية سلميا‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪. 2006‬‬
‫‪ -‬صالح الدين عامر‪ ،‬مقدمة لدراسة القانون العام ‪ ،‬الطبعة ‪ ، 01‬دار النهضة العربية‬
‫القاهرة ‪1984 ،‬‬
‫‪ -‬طاهر احمد الزوي ‪ ،‬القضاء المستعجل لمحكمة العدل الدولية ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬‬
‫القاهرة ‪.2013‬‬
‫‪ -‬عبد السالم عرفة‪ ،‬التنظيم الدولي‪ ،‬طبعة ‪ ، 2‬منشورات الجامعة المفتوحة ‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪. 1997،‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز محمد سرحان ‪ ،‬دور محكمة العدل الدولية في حل النزاعات الدولية و‬
‫إرساء مبادئ القانون الدولي مع التطبيق على مشكلة الشرق األوسط ‪ ،‬الطبعة ‪، 2‬‬
‫دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1986 ،‬‬
‫‪ -‬علي صادق ابوهيف ‪ ،‬القانون الدولي العام ‪ ،‬الناشر منشأ المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية‬
‫الطبعة ‪ ،11‬د س ن ‪،‬‬
‫‪ -‬علي يوسف الشكري ‪ ،‬المنظمات الدولية اإلقليمية و المتخصصة ‪ ،‬الطبعة ‪ ، 2‬ايت ارك‬
‫للطباعة و النشر و التوزيع ‪ ،‬القاهرة ‪.2004،‬‬
‫‪ -‬عمر حسن حنفي ‪ ،‬حق الشعوب في تقرير المصير ‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬دار النهضة العربية‬
‫للنشر و التوزيع‪ ،‬القاهرة ‪. 2005،‬‬
‫‪ -‬عمر سعد ااهلل‪ ،‬قانون الدولي للحدود‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬األسس والتطبيقات‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪. 2003 ،‬‬
‫‪ -‬القاسم أنيس مصطفى‪ ،‬الجدار العازل اإلسرائيلي " فتوى محكمة العدل الدولية"‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية ‪ ،‬بيروت ‪.2007 ،‬‬
‫‪102‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ -‬محمد بن سعيد بن محمد كنعالت العمري‪ ،‬التسوية القانونية لمنازعات الحدود بين دول‬
‫شبه الجزيرة العربية‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث ‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2007،‬‬
‫‪ -‬محمد سامي عبد الحميد ‪ ،‬أصول القانون الدولي العام القاعدة الدولية‪ ،‬الطبعة ‪، 06‬‬
‫الدار الجامعية ‪ ،‬اإلسكندرية ‪. 1984،‬‬
‫‪ -‬محمد سعيد الدقاق ‪ ،‬سلطة المحكمة في اتخاذ تدابير التحفظية ‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية ‪ ،‬اإلسكندرية ‪.1977،‬‬
‫‪ -‬محمد صاحب سلطان ‪ ،‬العالقات العامة في المنظمات الدولية ‪،‬طبعة‪ ، 1‬دار التوزيع‬
‫و الطباعة ‪. 2012،‬‬
‫‪ -‬محمد طلت الغنيمي ‪ ،‬التنظيم الدولي‪ ،‬منشأ المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية ‪، 1974،‬‬
‫‪ -‬محمد طلعت الغنيمي ‪ ،‬االحكام العامة في قانون األمم ‪ ،‬منشأ المعارف‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬‬
‫‪ -‬محمد طلعت الغنيمي ‪ ،‬المنظمات الدولية ‪ ،‬الطبعة ‪ ، 5‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة‬
‫‪.1985،‬‬
‫‪ -‬محمد طلعت الغنيمي التسوية القضائية للخالفات الدولية ‪ ،‬مطبعة البرلمان ‪.1953 ،‬‬
‫‪ -‬محمد عزيز شكري ‪ ،‬التنظيم الدولي بين النظرية و الواقع ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق‬
‫‪.1973،‬‬
‫‪ -‬محمد مجدوب ‪ ،‬التنظيم الدولي ‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪ ،‬بيروت لبنان ‪. 1969،‬‬
‫‪ -‬مصطفى سالمة حسن ‪ ،‬العالقات الدولية ‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية ‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬‬
‫‪.1984‬‬
‫‪ -‬مصطفى سيد عبد الرحمان‪ ،‬الجوانب القانونية لتسوية نزاعات الحدود الدولية‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬القاهرة ‪.1994‬‬
‫‪ -‬مصطفى سيد عبد الرحمان‪ ،‬الجوانب القانونية لتسوية نزاعات الحدود الدولية‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬القاهرة‪. 1994 ،‬‬
‫‪103‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ -‬مصطفى كامل كيرة ‪ ،‬قانون المرافعات الليبي ‪ ،‬دار صادر بيروت ‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن ‪،‬‬
‫جامعة قار يونس‪.‬‬
‫‪ -‬مفتاح عمر درباش ‪ ،‬والية محكمة العدل الدولية في تسوية المنازعات ‪ ،‬دار الجماهرية‬
‫للنشر و التوزيع و اإلعالن ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1‬ليبيا ‪.1999 ،‬‬
‫‪ -‬مفيد محمود شهاب ‪ ،‬المنظمات الدولية ‪ ،‬الطبعة ‪ ، 3‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪،‬‬
‫‪ 1976‬ـ‬
‫‪ -‬مفيد محمود شهاب ‪ ،‬المنظمات الدولية ‪ ،‬الطبعة ‪ ، 4‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة‬
‫‪. 1978‬‬
‫‪ -‬نايف أحمد ضياحي الشمري ‪ ،‬دور محكمة العدل الدولية في تطوير وظيفة األمم‬
‫المتحدة ‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪،‬الطبعة ‪ ، 01‬لبنان ‪.2015،‬‬
‫‪ -‬هاني حسن العشري ‪،‬اإلجراءات في النظام القضائي الدولي ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة ‪،‬‬
‫اإلسكندرية ‪.2011،‬‬
‫‪ -‬وسيلة شابو ‪،‬الوجيز في قواعد المنازعات امام محكمة العدل الدولية ‪ ،‬دار هومة‬
‫للطباعة و النشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪. 2011،‬‬
‫الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ -‬إبراهيم شاوش أحمد خوجة ‪،‬قضية المحتجزين األمريكيين بطهران و دور الجزائر في‬
‫حلها في ضوء القانون الدولي ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الدولي و‬
‫العالقات الدولية ‪ ،‬الجزائر ‪،‬ماي ‪.1999‬‬
‫‪ -‬بختة حوتة ‪،‬التسوية القضائية لنزاعات الحدود البحرية ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‬
‫في القانون العام ‪ ،‬مقدمة أمام كلية العلوم القانونية و اإلدارية ‪ ،‬جامعة حسيبة بن‬
‫بوعلي– الشلف‪. 2008/2007 ،‬‬
‫‪104‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ -‬بوضرسة عمار دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية ‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماجستير في القانون الدولي فرع عالقات دولية و قانون منظمات دولية ‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق ‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪.. 2013/2012‬‬
‫‪ -‬ريم تيسر خليل العارضة ‪،‬جدار الفصل اإلسرائيلي في القانون الدولي ‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماجستير في القانون بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية ‪ ،‬نابلس‬
‫فلسطين‪.2007 ،‬‬
‫‪ -‬سفيان شعالل ‪ ،‬ق اررات محكمة العدل الدولية و دورها في في وضع و تطوير قواعد‬
‫قانون البحار ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير ‪ ،‬فرع قانون دولي العام و العالقات‬
‫الدولية ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪. 2003‬‬
‫‪ -‬سليمة موسوني ‪،‬التسوية السلمية في اطار محكمة العدل الدولية ‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫الماجستير في القانون العام ‪،‬مقدمة أمام كلية العلوم القانونية و اإلدارية ‪ ،‬جامعة‬
‫حسيبة بن بوعلي ‪ ،‬الشلف ‪. 2008/2007 ،‬‬
‫المقاالت و الدوريات‪:‬‬

‫‪ -‬إبراهيم شحاتة محكمة العدل الدولية و متطلبات تطوير نظامها ‪ ،‬المجلة السياسية‬
‫الدولية ‪ ،‬مؤسسة االهرام ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬المجلد ‪ 09‬العدد‪1973 ، 31‬‬
‫‪ -‬احمد أبو الوفا ‪ ،‬التعليق على قضاء محكمة العدل الدولية (‪ ،) 2001-2005‬القضية‬
‫الخاصة بالحدود البحرية و المسائل اإلقليمية بين قطر و البحرين ‪ ،‬المجلة المصرية‬
‫للقانون الدولي ‪ ،‬مجلد ‪. 2005 ، 61‬‬
‫‪105‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ -‬صالح جواد الكاظم دور جامعة الدول العربية من المنازعات العربية ‪ ،‬مجلة الجامعة‬
‫المستنصرية ‪ ،‬العدد‪ 05‬بغداد‪.‬‬
‫‪ -‬عز الدين الطيب ادم ‪ ،‬االختصاص الموضوعي لمحكمة العدل الدولية ‪ ،‬مجلة العدل‬
‫الدولية العدد الرابع و العشرون‪.‬‬
‫‪ -‬غسان الجندي ‪ ،‬مدى فعالية محكمة العدل الدولية ‪،‬مجلة الحقوق ‪ ،‬السنة ‪ 09‬العدد‬
‫(‪. 1985، )03‬‬
‫‪ -‬محمد حسن القاسمي ‪ ،‬حكم محكمة العدل الدولية في النزاع القطري البحريني و‬
‫انعكاساته على قضية الجزر اإلماراتية المحتلة‪،‬مجلة الحقوق الكوييتية ‪ ،‬العدد‪03‬‬
‫‪، 2005،‬‬

‫‪106‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫المراجع االلكترونية ‪-‬‬


‫‪http://scholer.najah.edu/sites/files/allhesis/israil_apartheid_wall_in_inte‬‬
‫‪http://www.icj-cij/homepage/ar/summry.php‬‬
‫‪http://www.moqatel.com‬‬

‫‪ -‬ريم تسير خليل العارضة‪ ,‬جدار الفاصل اإلسرائيلي في القانون الدولي‪ ,‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماجستي ر في القانون بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية ‪ .‬نابلس‬
‫‪ .‬فلسطين‪ ,‬لعام ‪ 2007‬على الموقع‬
‫‪ -‬موجز األحكام والفتاوي لمحكمة العدل الدولية (‪ )1991-1948‬علي الموقع‬
‫االنترنيت ‪:‬‬
‫‪ -‬موسوعة مقاتل من الصحراء‪ ,‬على موقع االنترنيت‬

‫‪107‬‬
‫فهرس المحتويات‬
‫محتويات الموضوع‪…………………………………………………………………….‬الصفحة‬
‫الشكر و العرفان………………………‪....………………………………………….......‬‬

‫اإلهداء…………‪..............………………………………………………………......‬‬
‫مقدمة…‪................………………………………………………………………......‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمحكمة العدل الدولية‬


‫تمهيد‪06 .........................................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلطار العام الناظم لمحكمة العدل الدولية‪07 ............................‬‬
‫المطلب األول ‪.:‬مفهوم محكمة العدل الدولية‪20 ........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف محكمة العدل الدولية‪08.............................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬النشأة و التطور التاريخي لمحكمة العدل الدولية ‪09.........................‬‬

‫المطلب الثاني‪ .:‬الهيكل التنظيمي لمحكمة العدل الدولية‪12 ............................‬‬


‫الفرع األول ‪ :‬هيئة القصاة‪.12...........................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪:‬اجهزة محكمة العدل الدولية ‪19.............................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مجال اختصاص محكمة العدل الدولية‪21 ..............................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬االختصاص القضائي‪21 ................................................‬‬


‫الفرع األول‪ :‬االختصاص الشخصي لمحكمة العدل الدولية‪22.............................‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬االختصاص االختياري لمحكمة العدل الدولية‪24..............................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬االختصاص االلزامي لمحكمة العدل الدولية‪27..............................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االختصاص االستشاري لمحكمة العدل الدولية‪31.........................‬‬


‫الفرع األول‪ :‬األشخاص أصحاب الصفة في طلب الفتوى‪32..............................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الموضوعات التي يمكن طلب الفتوى فيها‪34................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الطبيعة القانونية للفتوى‪35.................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬فاعلية دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية ‪38...........‬‬
‫تمهيد ‪38...............................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التطبيقات العملية لتسوية النزاعات الدولية أمام محكمة العدل الدولية‪39...‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مساھمة محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات من خالل ممارسة‬
‫الوظيفة القضائية ‪40...................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬وقائع النزاع‪40............................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عرض الخالف الحدودي بين قطر والبحرين أمام محكمة العدل الدولية‪44..‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مساھمة محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات من خالل ممارسة‬
‫الوظيفة االستشارية‪63..................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الجدار العازل ودواعي طلب فتوى بشأنه‪64.................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬قضية الجدار العازل أمام محكمة العدل الدولية‪68..........................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العقبات التي تحد من دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات‪71‬‬

‫المطلب االول‪ :‬عقبات تتعلق بمحكمة العدل الدولية‪72..................................‬‬

‫الفرع األول‪:‬السلطات المقيدة للمحكمة في التصدي للنزاع‪73.............................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االستثناءات المبدئية كتحديد االختصاصات محكمة العدل الدولية‪82.......‬‬


‫الفرع الثالث ‪:‬الصعوبات المتصلة باإلجراءات امام الدول‪85...........................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عقبات التي ترجع الى الدول والقانون الدولي‪87.......................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الصعوبات التي تعود الى الدول‪87 .....................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الصعوبات التي تعود الى القانون الدولي ‪94.............................‬‬

‫الخاتمة‪97...........................................................................‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪101.........................................................‬‬

‫فهرس المحتويات‪109................................................................‬‬
‫فهرس المحتويات‬

You might also like