Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 15

‫الخطاب الجماهيري للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي "يحفظه هللا"‬

‫بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف‬

‫األربعاء ‪ 12‬ربيع األول ‪1445‬ه ‪ 27‬سبتمبر ‪2023‬م‬

‫ِبْس ِم ِهَّللا الَّرْح َمِن الَّرِح ْيِم‬

‫حياكم هللا وبارك فيكم وكتب أجركم‪ ،‬أرحب بكم جميًعا‪ ،‬وبالحاضرين من الجاليات العربية‬
‫واإلسالمية‪.‬‬

‫هكذا أنتم بإيمانكم ومحبتكم لرسول هللا "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه َو َس َّلم"‪.‬‬

‫نفسي لكم الفداء‪ ،‬يا أهل الوفاء‪ ،‬يا يمن اإليمان والحكمة‪.‬‬

‫َأ ُعوُذ ِبالَّل ِه ِمَن الَّش ْيَطاِن الَّر ِجيِم‬

‫ِبْس ِم ِهللا الَّرْح مِن الَّرِح يِم‬


‫{ُهَّللا ُنوُر الَّس َم اَو اِت َو اَأْلْر ِض َم َثُل ُنوِر ِه َك ِم ْش َك اٍة ِفيَها ِم ْص َباٌح اْلِم ْص َباُح ِفي ُز َج اَج ٍة الُّز َج اَج ُة‬
‫َك َأَّنَها َك ْو َك ٌب ُد ِّر ٌّي ُيوَقُد ِم ْن َش َج َر ٍة ُمَباَر َك ٍة َز ْيُتوَنٍة اَل َشْر ِقَّيٍة َو اَل َغْر ِبَّيٍة َيَك اُد َز ْيُتَها ُيِض يُء َو َلْو َلْم‬
‫َتْمَس ْسُه َناٌر ُنوٌر َع َلى ُنوٍر َيْهِد ي ُهَّللا ِلُنوِر ِه َم ْن َيَش اُء َو َيْض ِرُب ُهَّللا اَأْلْم َثاَل ِللَّناِس َو ُهَّللا ِبُك ِّل َش ْي ٍء‬
‫َع ِليٌم }[النور‪ ،]35 :‬صدق هللا العلي العظيم‪.‬‬

‫ِبْس ِم ِهللا الَّرْح مِن الَّرِح يِم‬

‫َواْل َحْمُد َّلِلِه َرِّب اْلَعاَلِميَن‪َ ،‬وَأ شَهُد َأ َّن َلا ِإ َلَه ِإ َّل ا الَّل ُه اْلَمِلُك اْلَحُّق الُمبين‪َ ،‬وأشَهُد أَّن َسِّيَدنا ُم َّمَح دًا َعبُدُه‬

‫وَرُسْوُلُه َخاَتُم الَّن ِبِّيين‪َ ،‬أ ْرَس َلُه الَّل ه َرْح َمًة ِللَعاَلِميَن؛ ِلُيخِرَج الَّن اَس ِمْن الُّظ ُلَماِت ِإ َلى الُّن وِر‪ ،‬ولُينِقَذُهم ِمن‬

‫اِهِل ة‪َ ،‬وُي َحِرَرُهم ِمن الُعُبوِدَّي ِة ِللَّط اُغوِت ‪َ ،‬وِلَيهِدَيُهم ِإ َلى ِصَراِط اللِه الُمسَتِقيم‪َ ،‬ف َّلَبَغ َرَسالاِت اللِه‪،‬‬
‫الَج َّي‬

‫َوَجاَهَد ِفي َسِبيِل الله‪َ ،‬وَأ رَسى َدَعاِئَم الَحق‪.‬‬


‫{ِإ َّن الَّل َه َوَمَلاِئ َكَتُه ُيَص ُّل وَن َعَلى الَّن ِبِّي َيا َأ ُّي َها اَّلِذيَن آَمُنوا َص ُّل وا َعَلْيِه َوَس ِّلُموا َتْس ِليًما}[الأحزاب‪ :‬الآية‪.]56‬‬

‫الَّل ُهَّم َص ِّل َعَلى ُم َّمَح ٍد َوَعَلى آِل ُم َّمَح د‪َ ،‬وباِرْك َعَلى ُم َّمَح ٍد َوَعَلى آِل ُم َّمَح د‪َ ،‬ك َما َص َّل ْيَت َوَباَرْك َت َعَلى ِإ ْبَراِهيَم‬

‫َوَعَلى آِل ِإ ْبَراِهيَم ِإ َّن َك َحِميٌد َمِجيٌد‪ ،‬وارَض الَّل ُهَّم ِبِرَضاَك َعْن َأ ْص َحاِبِه اْلَأ ْخ َياِر ِمَن الُمَهاِج ِريَن‬

‫َوالَأ ْنَصار‪َ ،‬وَعْن َساِئِر ِعَباِدَك الَأ ْبَرار‪َ ،‬وَأ ْدِخلَنا ِبَرْح َمِتَك ِفي ِعَباِدَك الَّص اِل ِحين‪.‬‬

‫أُّيها الحضور الكرام من اإلخوة واألخوات‪ ،‬في كل ساحات االحتفال بهذه الذكرى المجيدة‪:‬‬
‫ذكرى مولد رسول هللا‪ ،‬وخاتم أنبيائه‪ ،‬وصفوة خلقه‪ ،‬وخير عباده‪ :‬محمد بن عبد هللا بن عبد‬
‫المطلب بن هاشم " َص َلَو اُت ِهَّللا َع َلـْيِه َو َع َلى آِله"‪.‬‬

‫الَّس ـَلاُم َعَلـْيُكْم َوَرْح ـَمُة الَّل ِه َوَبَرَكاُته؛؛؛‬

‫وأتقدم إليكم‪ ،‬وإلى كاَّفِة أبناء شعبنا العزيز وأمتنا اإلسالمية‪ ،‬بأسمى التهاني وأجِّل التبريكات‪،‬‬
‫في أعظم مناسبة يحتفل بها المجتمع البشري‪ :‬ذكرى المولد المبارك‪ ،‬والقدوم الميمون‬
‫لرسول هللا محمد "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه"‪ ،‬حيث كان مولده مولًدا للنور‪ ،‬وقدوًم ا للخير‬
‫والخالص‪ ،‬في وقٍت كان العالم بأسره في كل أنحاء المعمورة في واقٍع مظلْم ‪ ،‬وجاهليٍة جهالء‪،‬‬
‫وضالٍل مبين‪ ،‬والمجتمعات البشرية في مختلف أنحاء األرض أسيرة الشقاء والضياع‪ ،‬والظلم‬
‫والقهر واالستعباد‪.‬‬

‫وقد كانت إرهاصات ومقدمات المولد المبارك لرسول هللا "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه َو َس َّلم"‪،‬‬
‫هي تلك الحادثة العجيبة؛ حادثة أصحاب الفيل‪ ،‬الجيش الموالي لإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬والذي‬
‫اتجه صوب مكة المكرَّمِة‪ ،‬أثناء سيطرة األحباش على اليمن؛ بهدف تدمير الكعبة المشَّرفِة‪،‬‬
‫والسيطرة على مكة‪ ،‬ومنع قيام المشروع اإللهي المنقذ للبشر‪ ،‬في الحقبة األخيرة والرسالة‬
‫الخاتمة‪ ،‬فجعل هللا كيدهم في تضليل‪ ،‬وأرسل عليهم الطير األبابيل‪ ،‬وأهلكهم‪ ،‬كما بَّيَن ذلك في‬
‫(سورة الفيل)‪ ،‬وكانت تلك آيٌة عجيبة من مصاديق قوله تعالى‪َ{ :‬والَّل ُه َغاِلٌب َعَلى َأ ْمِرِه َوَلِكَّن َأ ْك َثَر‬

‫الَّناِس َلا َيْعَلُموَن}[يوسف‪ :‬من الآية‪.]21‬‬

‫في عام الفيل ولد رسول هللا وخاتم أنبيائه‪ :‬محمد بن عبدهللا بن عبدالمطلب‪ ،‬ونشأ يتيًم ا؛ لوفاة‬
‫والده‪ ،‬وازداد يتمه بعد سنوات بوفاة والدته‪ ،‬وقد توَّلى هللا " َتَباَر َك َو َتَع اَلى" رعايته‪ ،‬كما قال‬

‫تعالى‪َ{ :‬أ َلْم َيِجْدَك َيِتيًما َفآَوى}[الضحى‪ :‬الآية‪ ،]6‬وهيأ له عنايًة خاصًة ومميزة من جده عبدالمطلب‪ ،‬ثم‬

‫من بعد ذلك عمه أبي طالب‪ ،‬ونشأ نشأًة مباركًة طيبًة وفريدًة‪ ،‬بتكامٍل عجيٍب‪ :‬في رشده‪،‬‬
‫وأخالقه‪ ،‬وطهارته من دنس الجاهلية‪ ،‬ومن شركها وآفاتها‪ ،‬وحظي باإلعداد اإللهي للمهمة‬
‫العظيمة‪ :‬الرسالة اإللهية المقَّد سة العالمية‪.‬‬

‫وفي تمام األربعين من عمره الشريف ابتعثه هللا تعالى بالرسالة إلى العالمين‪ ،‬وأنزل عليه‬
‫القرآن الكريم المعجزة الخالدة‪ ،‬الذي يحتوي الرسالة اإللهية‪ ،‬وإرث النبوة والكتب اإللهية‬

‫السابقة؛ إلخراج الناس من الظلمات إلى النور‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬كَتاٌب َأ ْنَزْلَناُه ِإ َلْيَك ِلُتْخ ِرَج الَّناَس‬

‫ِمَن الُّظ ُلَماِت ِإ َلى الُّن وِر ِإِب ْذِن َرِّبِهْم ِإ َلى ِصَراِط اْلَعِزيِز اْل َحِميِد (‪ )1‬الَّل ِه اَّلِذي َلُه َما ِفي الَّس َماَواِت َوَما ِفي‬

‫اْلَأ ْرِض َوَوْيٌل ِلْلَكاِفِريَن ِمْن َعَذاٍب َشِديٍد (‪ )2‬اَّلِذيَن َيْسَتِحُّب وَن اْل َحَياَة الُّد ْنَيا َعَلى اْلآِخَرِة َوَيُص ُّد وَن َعْن‬

‫َسِبيِل الَّل ِه َوَيْبُغوَنَها ِعَوًجا ُأ ِئ‬


‫وَلَك ِفي َضَلاٍل َبِعيٍد}[إبراهيم‪ ،]3-1 :‬صدق هللا العظيم‪.‬‬

‫وقد بدأ "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه َو َس َّلم" حركته بالرسالة اإللهية من مكة المكَّر مة‪ ،‬حيث‬
‫واجهه أكثر قريٍش بالتكذيب‪ ،‬واالتهامات‪ ،‬والعداء الشديد‪ ،‬فوجهوا التهم المتنوعة إليه‪:‬‬
‫بالجنون‪ ،‬والسحر‪ ،‬والشعر‪ ،‬والكذب‪ ،‬ومارسوا االضطهاد للمسلمين المستضعفين‪ ،‬وسعوا‬
‫الغتيال رسول هللا "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه"‪ ،‬واستمروا على ذلك ما بين عشٍر إلى ثالثة‬
‫عشر عاًم ا‪ ،‬ثم أذن هللا له بالهجرة إلى يثرب (المدينة المنَّو رة)‪ ،‬حيث األوس والخزرج‪ ،‬الذين‬
‫آمنوا‪ ،‬وآووا‪ ،‬ونصروا‪ ،‬وحملوا راية اإلسالم‪ ،‬وخرجوا من الظلمات إلى النور‪ ،‬وبدأت مرحلة‬
‫جديدة‪ ،‬ابتنى فيها بنيان األَّم ة المسلمة‪ ،‬مواجًها كل التحديات‪ ،‬وكل المؤامرات‪ ،‬وكل األعداء‪،‬‬
‫ومقِّد ًم ا النموذج الممَّيَز لإلسالم‪ ،‬الذي وَّض َح الفوارق الكبرى عن آثار ظلمات الجاهلية‪.‬‬

‫وواصل الرسول "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه َو َس َّلم" جهوده إلخراج الناس من الظلمات إلى‬
‫النور‪ ،‬من خالل حركته بكتاب هللا تعالى (القرآن الكريم)‪ ،‬متجًها إلى هداية الناس‪ ،‬وتغيير‬
‫مفاهيمهم وأفكارهم الخاطئة‪ ،‬والضاَّلِة‪ ،‬والظالمَّيِة‪ ،‬وساعًيا لتزكية أنفسهم‪ ،‬وتربيتهم على‬
‫مكارم األخالق‪.‬‬

‫وأول العناوين إلخراجهم من الظلمات إلى النور هو‪ :‬تحريرهم من العبودَّيِة لغير هللا تعالى‪،‬‬
‫فلألسف الشديد طرأت على البشر‪ -‬من بعد انحرافهم عن منهج هللا تعالى‪ ،‬ومخالفتهم لرساالته‪،‬‬
‫واتباعهم للمضلين الظالميين‪ -‬معتقدات الشرك‪ ،‬واالعتقاد بالشرك في األلوهية آلخرين‬
‫اعتقدوهم شركاء هلل‪ ،‬واعتبروا أنفسهم عبيًدا لهم‪ ،‬فالبعض اعتقد عبوديته ألصنام‪ ،‬والبعض‬
‫للشمس‪ ،‬والبعض للنجوم‪ ،‬والبعض لحيوانات‪ ،‬والبعض لطغاٍة من البشر‪ ،‬والبعض للمالئكة‪،‬‬
‫والبعض ألنبياء‪ ،‬والبعض لجن‪ ،‬وال تزال تلك العقيدة الباطلة مستمرًة لدى كثيٍر من‬
‫المجتمعات‪ ،‬فكثيٍر من النصارى في أمريكا والغرب يعتبرون أنفسهم عبيًدا لنبي هللا عيسى‬
‫"َع َلْيِه الَّس اَل ُم "‪ ،‬وفي واقع الحال هم يؤِّلهون الماَّد ة والشهوات‪ ،‬وهم على ارتداٍد عن نهج نبي هللا‬
‫عيسى "عليه السالم البريء من الشرك‪ ،‬وفي المجتمعات األخرى عبيًدا لغيره‪ ،‬فكيف يمكن أن‬
‫يكون من يحملون عقيدة العبودَّية لغير هللا تعالى حملًة لراية الحرَّية! كما أنهم‪ -‬ومن يتبعهم‪-‬‬
‫يمنحون اإلنسان حق التشريع والتحكم على أخيه اإلنسان من دون هللا تعالى‪ ،‬وذلك من‬
‫االستعباد للناس‪.‬‬

‫بينما رسالة هللا تعالى وأنبياؤه وكتبه تحرر اإلنسان من كل أشكال العبودية لغير هللا تعالى‪،‬‬
‫من جهة االعتقاد‪ ،‬ومن جهة التوجه والممارسة‪ ،‬فكُّل الناس عبيٌد هلل تعالى وحده‪ ،‬وال يملك أحٌد‬
‫حق األلوهية واالستعباد لهم إاّل هللا تعالى؛ ألنه ربهم الحُّق ‪ ،‬وخالقهم‪ ،‬ومالكهم‪ ،‬وله ما في‬
‫السماوات واألرض‪ ،‬وهذا هو المعنى الحقيقي للحرَّيِة‪ ،‬والواقع الصحيح الذي يترجمها‪،‬‬
‫فالرسالة اإللهية تبني مجتمًعا حًّر ا بكل ما تعنيه الكلمة‪ ،‬ليس فيه أحٌد عبًدا ألحد‪ ،‬والجميع عبيٌد‬

‫فقط هلل رِّب العالمين‪ ،‬ومبدأ التوحيد هو العنون األول لرسالة هللا تعالى‪ ،‬قال تعالى‪ُ{ :‬يَنِّزُل‬

‫اْلَمَلاِئ َكَة ِبالُّر وِح ِمْن َأ ْمِرِه َعَلى َمْن َيَشاُء ِمْن ِعَباِدِه َأ ْن َأ ْنِذُروا َأ َّنُه َلا ِإ َلَه ِإ َّل ا َأ َنا َفاَّتُقوِن}[النحل‪ :‬الآية‪ ،]2‬وكُّل‬

‫ما ُيعِّبُد اإلنسان لغير هللا تعالى‪ ،‬من عقيدٍة‪ ،‬أو ممارسٍة‪ ،‬فهو باطٌل‪ ،‬وضالٌل‪ ،‬وظلمة‪ ،‬يخسر بها‬
‫اإلنسان حريته بمفهومها الحقيقي‪.‬‬

‫وبحركة الرسول "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه َو َس َّلم" بالقرآن‪ ،‬فقد سعى لتحقيق هذا الهدف‬
‫المَقَّد س في تحرير المجتمع البشري‪ ،‬وال تتحقق الحرَّية الحقيقية إاّل باتباعه‪ ،‬واإليمان برسالته‪،‬‬
‫واالهتداء بنور هللا (القرآن الكريم)‪ ،‬وما عدا ذلك ظلماٌت يتيه بها اإلنسان‪ ،‬وُيَع ِّبُد نفسه‬
‫للطاغوت والشيطان‪.‬‬

‫وكما كان من أبرز ظواهر الجاهلية وظلماتها هو‪ :‬الظلم‪ ،‬ظلم اإلنسان ألخيه اإلنسان‪ ،‬حيث‬
‫تحَّو ل إلى سلوٍك عاٍّم لإلمبراطوريات والدول‪ ،‬ومختلف الكيانات‪ ،‬والقبيلة‪ ،‬واألسرة‪،‬‬
‫واألرحام‪ ،‬واألقارب‪ ،‬فتالشت قيم العدالة‪ ،‬وتغَّلب نظام الغابة‪ ،‬فالقوي يأكل الضعيف‪.‬‬

‫فتحرك رسول هللا "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه َو َس َّلم" بنور القرآن‪ ،‬وتعاليمه المباركة‪،‬‬
‫بالتزكية لألنفس‪ ،‬وبترسيخ قيم الرحمة والخير والعدل‪ ،‬وبالجهاد والتصدي للظالمين؛ إلخراج‬
‫الناس من ظلمات الظلم‪ ،‬إلى نور العدل والقسط‪ ،‬الذي هو من أبرز أهداف الرسالة اإللهية‪،‬‬

‫وحظي فيها بمكانٍة عظيمة‪ ،‬ومساحٍة كبيرة من التعليمات والتوجيهات‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬لَقْد‬

‫َأ ْرَس ْلَنا ُرُس َلَنا ِباْلَبِّيَناِت َوَأ ْنَزْلَنا َمَعُهُم اْلِكَتاَب َواْلِميَزاَن ِلَيُقوَم الَّناُس ِباْلِقْسِط َوَأ ْنَزْلَنا اْل َحِديَد ِفيِه َبْأ ٌس َشِديٌد‬

‫َوَمَناِفُع ِللَّناِس َوِلَيْعَلَم الَّل ُه َمْن َيْنُصُرُه َوُرُس َلُه ِباْلَغْيِب ِإ َّن الَّل َه َقِوٌّي َعِزيٌز}[الحديد‪ :‬الآية‪ ،]25‬وقال تعالى‪َ{ :‬يا‬
‫َأ ُّي َها اَّلِذيَن آَمُنوا ُكوُنوا َقَّو اِميَن ِباْلِقْسِط ُشَهَداَء َّلِلِه َوَلْو َعَلى َأ ْنُفِسُكْم َأ ِو اْلَواِلَدْيِن َواْلَأ ْقَرِبيَن ِإ ْن َيُكْن َغِنًّيا َأ ْو‬

‫[النساء‪:‬‬ ‫َفِقيًرا َفالَّل ُه َأ ْوَلى ِبِهَما َفَلا َّتَتِبُعوا اْلَهَوى َأ ْن َتْعِدُلوا ِإَو ْن َتْلُووا َأ ْو ُتْعِرُضوا ِإَف َّن الَّل َه َكاَن ِبَما َتْعَمُلوَن َخِبيًرا}‬

‫الآية‪ ،]135‬وكما قال تعالى‪َ{ :‬يا َأ ُّي َها اَّلِذيَن آَمُنوا ُكوُنوا َقَّو اِميَن َّلِلِه ُشَهَداَء ِباْلِقْسِط َوَلا َي ْجِرَمَّنُكْم َشَنآُن َقْوٍم‬

‫َعَلى َأ َّل ا َتْعِدُلوا اْعِدُلوا ُهَو َأ ْقَرُب ِللَّتْقَوى َواَّتُقوا الَّل َه ِإ َّن الَّل َه َخِبيٌر ِبَما َتْعَمُلوَن}[المائدة‪ :‬الآية‪.]8‬‬

‫وكان من ظواهر الجاهلية وظلماتها‪ :‬امتهان الكرامة اإلنسانَّية بكل أشكال االمتهان‪ ،‬فاإلنسان‬
‫في نظرها وقانونها مهدور الدم‪ ،‬مستباح الحياة‪ ،‬مستباح العرض‪ ،‬مستباح المال‪ ،‬ومستباٌح فيما‬
‫يملك‪ ،‬طالما تعَّلقت بذلك مصالٌح‪ ،‬أو رغباٌت ‪ ،‬أو أطماٌع ‪ ،‬من جهة من يستطيع أن يسلبه شيًئا‬
‫من ذلك بالقهر والغلبة‪ ،‬أو المكيدة والحيلة‪ ،‬فاإلنسان في نظر الجاهلية وطاغوتها ومروجيها‬
‫الظالميين رخيٌص مستباح‪ ،‬والمهم هو مصالحهم‪.‬‬

‫فتحرك رسول هللا "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه َو َس َّلم" بنور القرآن لتغيير تلك المفاهيم‪ ،‬وتغيير‬
‫الواقع المظلم المبني عليها‪ ،‬وإعادة االعتبار لإلنسان بآيات هللا تعالى‪ ،‬التي بَّينت كرامة‬
‫اإلنسان‪ ،‬ومكانته‪ ،‬ودوره الحقيقي‪ ،‬والحرمات المتعلقة به‪ ،‬في نفسه وعرضه وماله‪ ،‬فبَّيَن هللا‬

‫تعالى في كتابه التكريم لإلنسان في خلقه وواقع حياته‪ ،‬قال تعالى‪َ{ :‬لَقْد َخَلْق َنا اْلِإ ْنَساَن ِفي‬

‫َأ ْح َسِن َتْقِويٍم }[التين‪ :‬الآية‪ ،]4‬وقال "َج َّل َش أُنه"‪َ{ :‬وَلَقْد َكَّرْمَنا َبِني آَدَم َوَحَمْلَناُهْم ِفي اْلَبِّر َواْلَبْح ِر َوَرَزْقَناُهْم‬

‫ِمَن الَّط ِّيَباِت َوَفَّض ْلَناُهْم َعَلى َكِثيٍر ِمَّمْن َخَلْق َنا َتْفِض يًلا}[الإسراء‪ :‬الآية‪ ،]70‬وبَّين أنه أمر المالئكة بالسجود‬

‫آلدم أبي البشر "َع َلْيِه الَّس اَل ُم "‪ ،‬وذلك تكريٌم عظيٌم ‪.‬‬

‫ومن التكريم لإلنسان‪ :‬أَّن هللا مَّن على البشرية بأعظم القادة الهداة من أنبيائه ورسله‪ ،‬الذين‬
‫هم على مستوًى عظيم في كمالهم اإلنسانِّي واألخالقي‪ ،‬وفي رشدهم‪ ،‬ومعارفهم‪ ،‬وحكمتهم‪،‬‬
‫وزكاء أنفسهم‪ ،‬وفي منزلتهم عند هللا‪ ،‬وفي رحمتهم بالناس‪ ،‬وحرصهم على هداية الناس‬
‫وإنقاذهم‪ ،‬وأنزل كتبه إليهم‪ ،‬بما فيها من التعليمات والتوجيهات القِّيمِة‪ ،‬والهداية الواسعة التي‬
‫تسموا بهم‪ ،‬وتفيدهم الرشد والحكمة‪ ،‬وترسم لهم طريق الفوز والفالح‪ ،‬والنجاة والعزة‬
‫والكرامة‪ ،‬والخير العظيم في الدنيا واآلخرة‪ ،‬وبَّيَن للناس الهدف المقَّد َس من وجودهم في هذه‬
‫الحياة‪ ،‬التي سَّخ ر لهم فيها ما في السماوات وما في األرض‪ ،‬وعن المسؤولية المرتبطة‬

‫باإلنسان في أعماله‪َ{ :‬فَمْن َيْعَمْل ِمْثَقاَل َذَّر ٍة َخْيًرا َيَرُه (‪َ )7‬وَمْن َيْعَمْل ِمْثَقاَل َذَّر ٍة َشًّر ا َيَرُه}[الزلزلة‪.]8 - 7 :‬‬

‫والتعليمات والتوجيهات اإللهية التي ترعى لإلنسان حقوقه كإنساٍن ‪ ،‬وحقوق كل أبناء‬
‫المجتمع‪ ،‬وحقوق المرأة واليتيم والطفل‪ ،‬ومسئوليات المجتمع تجاه اليتامى والفقراء والمساكين‬
‫وغيرهم‪ ،‬وكذلك ما يرتبط بالمعامالت من التزاماٍت وضوابط‪ ،‬كلها تقوم على العدل والبر‪،‬‬

‫واإلحسان والقسط‪ ،‬وحفظ الحقوق‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الَّل َه َيْأ ُمُر ِباْلَعْدِل َواْلِإ ْح َساِن ِإَو يَتاِء ِذي‬

‫اْلُقْرَبى َوَيْنَه ى َعِن اْلَفْح َشاِء َواْلُمْنَكِر َواْلَبْغِي َيِعُظُكْم َلَعَّلُكْم َتَذَّك ُروَن}[النحل‪ :‬الآية‪ ،]90‬وكما قال تعالى‪:‬‬

‫{َواْعُبُدوا الَّل َه َوَلا ُتْشِرُكوا ِبِه َشْيًئا َوِباْلَواِلَدْيِن ِإ ْح َساًنا َوِبِذي اْلُقْرَبى َواْلَيَتاَمى َواْلَمَساِكيِن َواْل َجاِر ِذي‬

‫اْلُقْرَبى َواْل َجاِر اْل ُجُنِب َوالَّص اِحِب ِباْل َجْنِب َواْبِن الَّس ِبيِل َوَما َمَلَكْت َأ ْيَماُنُكْم ِإ َّن الَّل َه َلا ُي ِحُّب َمْن َكاَن ُمْخَتاًلا‬

‫َفُخوًرا}[النساء‪ :‬الآية‪.]36‬‬

‫وفي القرآن الكريم األسس‪ ،‬والتوجيهات‪ ،‬والتعليمات‪ ،‬والتفاصيل‪ ،‬التي شرعها هللا "ُسْبَح اَنُه‬
‫َو َتَعاَلى" لعباده‪ ،‬والتي تبني المجتمع البشري بناًء راقًيا‪ ،‬على أساٍس من العدل والخير‪،‬‬
‫والمحبة والرحمة‪ ،‬والتعاون والتضامن‪ ،‬بدًء ا من اللبنة األولى للمجتمع‪ ،‬وهي األسرة‪ ،‬فأتت‬
‫التعليمات والتوجيهات المتعلقة بالعالقة بين الزوج والزوجة‪ ،‬ومسؤولية كٍّل منهما تجاه اآلخر‪،‬‬
‫ومسئوليات األبَّو ِة واألمومة‪ ،‬وعالقة األسرة ببعضهم البعض‪ :‬األبناء مع الوالدين‪ ،‬واإلخوة‬
‫واألخوات‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬بتفاصيل دقيقة‪ ،‬وعلى أساس المبادئ اإللهية‪ ،‬والقيم العظيمة‪ ،‬وهكذا‬
‫إلى بقية األرحام والقرابة‪ ،‬وإلى المجتمع عموًم ا‪ ،‬وأعاد االعتبار والكرامة اإلنسانَّية للمرأة بعد‬
‫أن كانت الجاهلية بظلماتها وظلمها قد امتهنتها‪ ،‬وظلمتها‪ ،‬واحتقرتها‪ ،‬وحَّطتها عن قيمتها‬
‫اإلنسانَّية‪ ،‬ورَّسخت نظرًة سلبيًة تجاهها‪ ،‬إلى درجة اإلقدام على الجريمة الشنيعة بوأد البنات‬
‫ودفنهن أحياء‪ ،‬فانتقل اإلسالم بها نقلًة كبيرة‪ ،‬وأنقذها من ذلك الواقع المظلم‪ ،‬وأعاد لها اعتبارها‬
‫كإنساٍن ضمن دورها ومسئولياتها الفطرية‪ ،‬ودورها في إطار المهام المشتركة بين المؤمنين‬
‫والمؤمنات‪.‬‬

‫والقرآن الكريم يرِّس خ لدى اإلنسان اإليمان بقيمة وجوده في هذه الحياة‪ ،‬والهدف المقَّد س‬
‫لذلك‪ ،‬وما يميزه عن غيره من الحيوانات‪ ،‬ويبّين له ما يرتبط به من مسئولياٍت مقَّد سة‪ ،‬وما‬
‫يؤهله على مستوى الرشد والحكمة‪ ،‬وعلى مستوى األخالق والقيم؛ للقيام بتلك المسئوليات‬
‫بشكٍل صحيح‪ ،‬وبالتالي ما يترتب على أعماله من نتائج وعواقب في الدنيا واآلخرة‪ ،‬كما قال هللا‬

‫تعالى‪َ{ :‬مْن َعِمَل َصاِل اًح َفِلَنْفِسِه َوَمْن َأ َساَء َفَعَلْيَها َوَما َرُّب َك ِبَظَّلاٍم ِلْلَعِبيِد}[فصلت ‪ :‬الآية‪ ،]46‬و يربط ذلك‬

‫بمصير اإلنسان ومستقبله في اآلخرة‪ ،‬بينما األطروحات الباطلة الظالمية على العكس من ذلك‬
‫تفرغ اإلنسان من الشعور بكرامته اإلنسانَّية‪ ،‬وُتَح ِّر ُك ُه بالغرائز دون ضوابط وال موازين‪،‬‬
‫وتجرده من األخالق وتدفعه لالستهتار والعبث واالنفالت والفوضى وتبعده عن تعليمات هللا‬
‫تعالى ونوره‪ ،‬وتضرب فيه أي شعور بالمسؤولية‪ ،‬وقدسية المهمة‪ ،‬كما تفعل جاهلية العصر‪،‬‬
‫التي يقودها اللوبي اليهودي الصهيوني وأتباعه‪ ،‬وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل‪ ،‬إلى درجة‬
‫حربهم المعلنة على القيم واألخالق الفطرية‪ ،‬وترويجهم للشذوذ األخالقي والفاحشة الجنسية‪،‬‬
‫وسعيهم المعلن لتقويض األسرة‪ ،‬وتفكيك المجتمع اإلنساني‪ ،‬وقد رَّو جوا باطاًل ‪ :‬أَّن أصل‬
‫اإلنسان قرد‪ ،‬وحاولوا أن يجعلوا عالقته في منزِلِه بالكالب والقطط‪ ،‬أكثر من روابطه وعالقته‬
‫بأسرته‪ ،‬ويدفعون به اآلن في المجتمعات األوروبية إلى ممارسة حياته بطريقة الكالب والقردة‬
‫والحيوانات األخرى‪ ،‬في أسخف مهزلة وأسفه عبث وأسوأ امتهان للكرامة‪ ،‬وهذا من أكبر‬
‫الشواهد‪ :‬أن القرآن الكريم والرسالة اإللهية واالقتداء واالِّتباع لخاتم النبيين ووارث المرسلين‬
‫محمد "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه َو َس َّلم" هو الكفيل بأن يحفظ لإلنسان إنسانيته وكرامته‬
‫واعتباره‪.‬‬

‫والقرآن الكريم كتاب هداية شاملة يستوعب الحياة بكلها‪ ،‬وفي كل مراحلها إلى قيام الساعة‪،‬‬
‫وهو النور الذي تحرك به النبي "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه َو َس َّلم" إلخراج الناس من الظلمات‪،‬‬
‫فسعى إلخراجهم من تعبيد أنفسهم لغير هللا تعالى من األصنام واألهواء والطاغوت‪ ،‬ومن تأليه‬
‫المادة والشهوات؛ وإلخراجهم من المفاسد والرذائل والفواحش والجرائم‪ ،‬ومن كل ما ينحط بهم‬
‫ويسيء إلى كرامتهم اإلنسانية‪ ،‬وسعى إلخراجهم من حالة الشتات والفرقة ومن حالة الضالل‬
‫والضياع‪ ،‬وقد حقق نجاًح ا عظيًم ا في مدة زمنية يسيرة‪ ،‬انتقل فيها بالعرب من نقطة الصفر‬
‫إلى المرتبة األولى عالمًيا آنذاك‪ ،‬وَح َّو َل واقعهم إلى أمة ُمَو ِّح َد ًة هلل تعالى‪ ،‬مستقلٍة وقوية‬
‫وُمَو َّح َد ٍة ومتعاونة وفق المبادئ اإللهية المتميزة باألخالق والشرائع اإللهية‪ ،‬ولكن المشكلة‬
‫الخطيرة‪ -‬ولألسف الشديد‪ -‬التي انحدرت بالمسلمين وأَّثَر ت عليهم فيما بعد‪ ،‬وصواًل إلى هذا‬
‫العصر‪ :‬هو تغييب دور القرآن الكريم في أكثر المراحل التاريخية‪ ،‬وبعدهم عن االقتداء‬
‫واالِّتباع للرسول "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه"‪ ،‬حيث تغيرت النظرة إلى حصر العالقة بالقرآن‬
‫الكريم واالهتداء به‪ ،‬واالقتداء برسول هللا "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه" في مجاالت محدودة‪:‬‬
‫كالجانب الروحي والشعائر العبادية‪ ،‬وبنظرة محدودة وضيقة‪ ،‬وفي بعض األحكام والمسائل‬
‫الشرعية لبعض المعامالت‪ ،‬ولم يستفيدوا من تجربة الرسول "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه" في‬
‫حركته بالقرآن الكريم‪ ،‬بالرغم من أنه تحرك به في واقع مظلم وسلبي للغاية والظلمات معتمة‬
‫في أرجاء العالم فكانت حركته بنور هللا القرآن الكريم هي التي تحققت بها النتائج المهمة‪،‬‬
‫وحظي فيها مع أنصاره بتأييد هللا تعالى ونصره‪ ،‬إَّن َم ْن وراء تجزئة العالقة لألمة بالرسول‬
‫والقرآن في مقام االِّتباع واالهتداء واالقتداء وما ترتب على ذلك من فشل كبير وانحدار رهيب‬
‫لألَّم ة هم الحكام والسالطين الجائرون وعلماء السوء الذين أيدوهم‪ ،‬ومن بعدهم المعتنقون‬
‫لألفكار الظالمية لقوى الطاغوت واالستكبار المعادية لإلسالم‪.‬‬
‫وفي القرآن الكريم أرقى األسس للبناء الحضاري‪ ،‬الذي يتجه فيه اإلنسان لعمارة األرض‪،‬‬
‫ويؤدي دوره كمستخلف استخلفه هللا تعالى فيها‪ ،‬وسخر له في إطار ذلك االستخالف ما في‬
‫السماوات واألرض‪ ،‬وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة‪ ،‬وقدم له التعليمات التي يتعامل على‬
‫ضوئها مع نعم هللا تعالى برشد وانتفاع سليم وبما يحميه من المضار والمفاسد والخبائث‪ ،‬وبما‬
‫يحافظ على سالمته األخالقية‪ ،‬ويسمو به في سلم االرتقاء والكمال اإلنساني‪ ،‬وما يبني األمة‬
‫لتكون قوية عزيزة منيعة تدفع الشر عن نفسها‪ ،‬وتحمل راية الجهاد في سبيل هللا تعالى‪ ،‬وفق‬
‫تعليماته المباركة؛ للنهوض بمسئولياتها المقَّد سة في التصدي لألشرار والطغاة والمستكبرين‬
‫والمجرمين الظالمين على أساٍس من المبادئ والقيم واألخالق والتعليمات اإللهية المبنية على‬
‫الحق والخير والعدل والحكمة‪.‬‬

‫وفي القرآن الكريم األسس والتعليمات القِّيمة والحكيمة‪ ،‬والهداية الواسعة التي تنظم إدارة‬
‫شؤون المجتمع على أساٍس من المبادئ اإللهية والقيم واألخالق والضوابط الشرعية‪ ،‬وضمن‬
‫المهام المقَّدسة لتنفيذ تعليمات هللا تعالى‪ ،‬وإقامة القسط وبناء الحياة‪ ،‬وتحمي المجتمع من‬
‫التسلط والطغيان الفردي والفئوي‪ ،‬وتحرم الظلم وال تعطي شرعية للظالمين‪ ،‬وتمنع االستبداد‬

‫وترسخ مبدأ الشورى في إطار االلتزام بتوجيهات هللا تعالى‪ ،‬كما قال "َج َّل َش َأُنه"‪َ{ :‬وَأ ْمُرُهْم‬

‫ُشوَرى َبْيَنُهْم }[الشورى‪ :‬من الآية‪ ،]38‬وقال تعالى‪َ{ :‬لا َيَناُل َعْهِدي الَّظ اِلِميَن}[البقرة‪ :‬من الآية‪.]124‬‬

‫وكما قدم القرآن الكريم المفهوم الصحيح للمسؤولية كمسؤولية جماعية تتكامل فيها األدوار‪،‬‬
‫وال يمتلك فيها أحٌد صالحية مطلقة بل الكل ملزم بتعليمات هللا تعالى وحدود المسؤولية‪ ،‬وأيًضا‬
‫أتى في القرآن الكريم تنظيم العالقة والمعاملة مع أبناء المجتمع اإلنسانِّي على أسٍس صحيحة‪،‬‬

‫تفِّر ق بين المسالم والمعادي المحارب حتى من الكافرين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬لا َيْنَهاُكُم الَّل ُه َعِن‬
‫اَّلِذيَن َلْم ُيَقاِتُلوُكْم ِفي الِّديِن َوَلْم ُي ْخِرُجوُكْم ِمْن ِدَياِرُكْم َأ ْن َت ُّرَب وُهْم َوُتْقِسُطوا ِإ َلْيِهْم ِإ َّن الَّل َه ُي ِحُّب‬

‫اْلُمْقِسِطيَن}[الممتحنة‪ :‬الآية‪.]8‬‬

‫يا شعبنا العزيز‪ ،‬ويا أمتنا اإلسالمية‪ ،‬إَّن حجم الظلمات والهجمة الظالمية الشيطانَّية‪ ،‬التي‬
‫يقودها اللوبي اليهودي الصهيوني‪ ،‬وأتباعه في الغرب الكافر‪ ،‬ومن يحذو حذوهم قد وصلت إلى‬
‫مستوى خطير في امتهان الكرامة اإلنسانية‪ ،‬واإلفساد في األرض‪ ،‬والظلم والطغيان واإلجرام‪،‬‬
‫واالستهتار باألخالق‪ ،‬ومن ذلك إعالنها العداء هلل تعالى ولرسله وأنبيائه وكتبه وإحراقها‬
‫للمصاحف‪ ،‬وترويجها للشذوذ الجنسي‪ ،‬والفاحشة الجنسية‪ ،‬في حملة مكثفة تتبناها األمم المتحدة‬
‫بمختلف مؤسساتها‪ ،‬والمنظمات الدولية‪ ،‬وأمريكا وإسرائيل‪ ،‬واألنظمة األوروبية؛ لتفكيك‬
‫المجتمع البشري وتهديد النسل‪ ،‬وتدمير األسرة‪ ،‬إضافة إلى سعيهم لتمييع اإلنسان‪ ،‬وتفريغه من‬
‫كل مشاعر الكرامة اإلنسانية‪ ،‬كأسلوب دنيء يسهل السيطرة عليه واستعباده‪ ،‬وفي مقابل تلك‬
‫الهجمة المفضوحة الظالمية المفسدة‪ ،‬وما تعانيه المجتمعات في العالم اإلسالمي وغيره‪ :‬من‬
‫الظلم‪ ،‬والحرمان‪ ،‬ونهب الثروات‪ ،‬وهندسة األزمات‪ ،‬ونشر الفساد‪ ،‬فإن قيمة االنتماء‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وإْر َث الرسالة اإللهية يحتم على المسلمين أن يكون لهم دور متميز في الحركة بنور‬
‫هللا القرآن الكريم‪ ،‬واالقتداء برسول هللا "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه" ‪ ،‬والتصدي بكل الوسائل‬
‫المشروعة لقوى الشر والطاغوت واإلفساد‪ ،‬دول االستكبار الظالمية الموالية للشيطان‪.‬‬

‫وإَّن ذلك هو الدور المشِّر ف والمسؤولية المقدسة للمسلمين‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ{ :‬كْنُتْم َخْيَر ُأ َّم ٍة‬

‫ُأ ْخِرَجْت ِللَّناِس َتْأ ُمُروَن ِباْلَمْعُروِف َوَتْنَهْوَن َعِن اْلُمْنَكِر َوُتْؤِمُنوَن ِبالَّل ِه َوَلْو آَمَن َأ ْهُل اْلِكَتاِب َلَكاَن َخْيًرا‬

‫َلُهْم }[آل عمران‪ :‬من الآية‪ ،]110‬وهذا هو الدور الذي يحمي المسلمين أّو اًل ‪ ،‬ويعزز دورهم العالمي إلنقاذ‬

‫بقية الشعوب واألمم‪ ،‬وبمقدار ما وصل إليه اخطبوط الشر المتمثل في اللوبي اليهودي‬
‫الصهيوني وأمريكا وإسرائيل ومن يواليهم من انكشاف وفضيحة ووضوح تاّم لسوئهم وشرهم‬
‫وفسادهم المخزي‪ ،‬فإنها فرصة تحتم المسؤولية اغتنامها لتوعية شعوبنا‪ ،‬وتأهيلها للقيام بدورها‬
‫في إيصال نور هللا إلى بقية الشعوب والمجتمعات البشرية‪ ،‬وإاّل فإن التفريط في أداء هذه‬
‫المسؤولية واإلعراض عن القرآن الكريم‪ ،‬والقطيعة مع أنبياء هللا ورسله وخاتم النبيين وسيد‬
‫المرسلين محمد بن عبدهللا "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه" عواقبها كارثية ومخاطرها رهيبة‬
‫ونتائجها وخيمة‪ ،‬فهي تمكيٌن للشر وإفساُح مجاٍل للطغيان‪ ،‬واستدعاء لسخط هللا وللعقوبات‬
‫الرهيبة في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫إَّن الجاهلية األولى أطبقت بظلماتها حينما انفصل الناس عن هدى هللا وتعاليمه‪ ،‬وعن اِّتَباِع‬
‫رسله وأنبيائه "صلوات هللا عليهم" وبداًل عن ذلك حملوا أفكاًرا وتصورات أخرى اعتمدوا‬
‫عليها في إدارة شؤونهم وفي أعمالهم ومواقفهم وخالفوا بها تعاليم هللا تعالى‪ ،‬وحتى الذي بقي‬
‫لهم مما هو محسوب على تعاليم هللا وعن أنبيائه دخل فيه التحريف والتزييف واالنحراف‬
‫والتجزئة حتى وصلوا إلى ما صلوا إليه آنذاك‪ ،‬ولوال رحمة هللا تعالى بإرساله خاتم رسله‬
‫وأنبيائه محمد "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه" وإنزاله القرآن الكريم المعجزة الخالدة الذي حفظه هللا‬
‫من تحريف نصه‪ ،‬وحركة الرسول بالقرآن الكريم إلخراج الناس من الظلمات إلى النور لكان‬
‫الضالل قد استحكم على الناس إلى درجة ال يبقى لهم فيها بصيص من نوٍر وال أمٌل في‬
‫خالص‪.‬‬

‫فيا أَّم ة اإلسالم عودي إلى هللا تعالى‪ ،‬إلى نوره وهديه‪ ،‬إلى كتابه ورسوله‪ ،‬فال يصلح آخر‬
‫هذه األمة إال بما صلح به أولها‪.‬‬

‫إَّن شعبنا العزيز‪ ،‬يمن اإليمان والحكمة في إحيائه الكبير وغير المسبوق لذكرى مولد خاتم‬
‫األنبياء وسيد المرسلين‪ ،‬رسول هللا محمد "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه" َلُيْع ِلُن للعالم أجمع‬
‫تمسكه بالرسالة اإللهية‪ ،‬وإيمانه الراسخ بالقرآن الكريم‪ :‬منهًج ا‪ ،‬ودستوًر ا‪ ،‬وبرسول هللا‬
‫"َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه "‪ :‬قدوة وأسوة وقائًد ا‪ ،‬وإَّن مسار التغيير الجذري إلصالح‬
‫مؤسسات الدولة يعتمد على االنتماء الصادق والهوية اإليمانية لشعبنا العزيز‪ ،‬ويستنير بنور هللا‬
‫تعالى وكتابه الكريم‪ ،‬واالتباع لرسوله األكرم "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه" ‪.‬‬
‫لقد عانى شعبنا العزيز معاناة كبيرة‪ ،‬على مدى عقوٍد من الزمن‪ ،‬من الظلم والحرمان‪ ،‬ومن‬
‫السياسات الخاطئة‪ ،‬وانعدام المشروع الحضاري‪ ،‬نتيجًة لمؤامرات أعدائه من الخارج‪،‬‬
‫وأعوانهم من الداخل‪ ،‬وهو شعٌب عزيز‪ ،‬جدير بالخير‪ ،‬وله تاريخه الحضاري العريق‪ ،‬ودوره‬
‫الرائد في مسيرة اإلسالم الخالدة منذ فجر اإلسالم وعلى مدى التاريخ‪ ،‬وكان العدوان الذي شنه‬
‫تحالف اإلثم والعدوان من ضمن أهدافه‪ :‬منع أّي تصحيٍح يبني البلد على أساٍس من هويته‬
‫اإليمانية‪ ،‬ويحقق له االستقالل والحرَّية‪ ،‬ويتجه للنهضة الحضارية‪ ،‬بعد أن عملوا على أن‬
‫يكون بلدنا محكوًم ا بالوصاية الخارجية‪ ،‬وخاضًعا للبند السابع‪ ،‬ومذعًنا للمبادرة الخليجية‪ ،‬التي‬
‫أحّلوها آنذاك محل الدستور اليمني‪ ،‬وكانت بنودها ومقرراتها فوق الدستور اليمني‪ ،‬وبعنوان‬
‫الوفاق ُع ِّلَق ما ال يتفق معها من الدستور آنذاك‪.‬‬

‫شعبنا العزيز‪ ،‬إَّن من المعلوم قطًعا أَّن البناء الصحيح البَّد له من أساٍس صحيٍح وجامٍع‪،‬‬
‫يؤمن به كّل اليمنيين‪ ،‬ويعزز الشراكة فيما بينهم‪ ،‬وال ينحصر لصالح حزٍب أو فئة‪ ،‬وال يدخل‬
‫في حّيز المناطقية‪ ،‬وال العنصرية‪ ،‬وال الفئوية‪ ،‬وفي ظل هذه الظروف التي يعيشها بلدنا‪،‬‬
‫ويعاني فيها من احتالل أجزاء واسعة منه‪ ،‬ويسعى األعداء إلى تمزيق النسيج االجتماعي‬
‫لشعبنا تحت كل العناوين‪ :‬العنصرية‪ ،‬والمذهبية‪ ،‬والمناطقية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬ويسعون القتطاع‬
‫أجزاء من البالد‪.‬‬

‫وبناًء على ما سبق‪ ،‬فإَّن ما يؤمن به الشعب اليمني في كل أرجاء الوطن‪ ،‬في شمال البلد‬
‫وجنوبه‪ ،‬وشرقه وغربه‪ ،‬وفي كل محافظاته‪ ،‬وتجتمع كلمتهم على اإلقرار به‪ :‬هو القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬نور هللا العظيم‪ ،‬وله االعتبار فوق كل المقررات والقرارات‪ ،‬وهو األساس الذي نعتمد‬
‫عليه في مسار التغيير الجذري‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬نؤكد التمسك بالشراكة الوطنية‪ ،‬والمفهوم اإلسالمي للشورى‪ ،‬ووحدة الشعب اليمني‪،‬‬
‫والمفهوم العام للمسؤولية‪ ،‬الذي تتكامل فيه األدوار‪ ،‬ولن نقبل باالستبداد‪ ،‬وال بالتسلط الفردي‪،‬‬
‫وال الحزبي‪ ،‬وال الفئوي‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬إَّن المرحلة األولى في التغيير الجذري‪ :‬هي بإعادة تشكيل الحكومة بحكومة كفاءات‪،‬‬
‫تجسد الشراكة الوطنية‪ ،‬ويتم فيها تحديث الهيكل المتضخم‪ ،‬وتغيير اآلليات واإلجراءات‬
‫العقيمة والمعيقة‪ ،‬ويتم فيها تصحيح السياسات وأساليب العمل‪ ،‬بما يحقق الهدف في خدمة‬
‫الشعب‪ ،‬ويساعد على التكامل الشعبي والرسمي في العمل على النهوض بالبلد‪ ،‬ومعالجة‬
‫المشاكل االقتصادية‪.‬‬

‫كما أن من ضمن المرحلة األولى‪ ،‬مع إعادة تشكيل الحكومة بحكومة كفاءات‪ :‬العمل على‬
‫تصحيح وضع القضاء‪ ،‬ومعالجة اختالالته‪ ،‬ورفده بالكوادر المؤهلة من علماء الشرع‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ومن الجامعيين المؤهلين‪ ،‬وفتح مساٍر فَّعاٍل إلنجاز القضايا العالقة والمتعِّثرة إن شاء‬
‫هللا‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬أنصح تحالف العدوان‪ ،‬بإنهاء عدوانهم على الشعب اليمني‪ ،‬وإنهاء الحصار‪ ،‬والكف‬
‫عن حرمان الشعب اليمني من ثروته النفطية والغازية‪ ،‬التي هو في أمِّس الحاجة إليها؛‬
‫للمرتبات‪ ،‬وللصحة والتعليم‪ ،‬واالحتياجات اإلنسانية والخدمية والتنموية‪ ،‬وكذلك إنهاء‬
‫االحتالل‪ ،‬ومعالجة ملفات الحرب؛ بإنجاز تبادل األسرى‪ ،‬وإعادة اإلعمار‪ ،‬وإاَّل فإن اإلصرار‬
‫على مواصلة الحصار والعدوان واالحتالل ستكون عواقبه وخيمًة على التحالف‪ ،‬فشعبنا‬
‫العزيز يمتلك من عناصر القوة‪ -‬والتي أولها‪ :‬اعتماده على هللا تعالى‪ ،‬وقيمه اإليمانية‪،‬‬
‫وتمسكه بقضيته العادلة‪ -‬ما يؤهله بمعونة هللا تعالى للنصر والتنكيل باألعداء‪ ،‬ولذلك فإن‬
‫المصلحة الحقيقية لدول التحالف هي‪ :‬االستجابة لمساعي السالم‪ ،‬التي تقوم بها سلطنة‬
‫عمان‪.‬‬

‫خامسًا‪ :‬نؤكد ثبات شعبنا في تمُّس كه بقضايا أمته الكبرى‪ ،‬وإدانته لكل أشكال التطبيع مع‬
‫العدو الصهيوني‪ ،‬ووقوفه المبدئي والديني واألخالقي مع الشعب الفلسطيني‪ ،‬ومجاهديه‬
‫األبطال‪ ،‬ومقاومته الباسلة‪ ،‬مع أحرار األمة‪ ،‬ومحور المقاومة‪ ،‬لتحرير فلسطين والمقدسات‪،‬‬
‫وعلى رأسها األقصى المبارك‪ ،‬والقدس الشريف‪.‬‬

‫شعبنا العزيز‪ ،‬إن أساس النجاح‪ -‬بعد معونة هللا تعالى وتوفيقه‪ -‬هو تعاونكم‪ ،‬وتفهمكم‪،‬‬
‫ووعيكم‪ ،‬وحذركم من مساعي األعداء إلعاقة كل مشروٍع بَّناء‪ ،‬وحذركم من الحاقدين‬
‫المفترين‪.‬‬
‫وسنبقى‪ -‬إن شاء هللا تعالى‪ -‬في مواكبٍة مستمرٍة‪ ،‬بالمتابعة العملية‪ ،‬وبالكلمات‪ ،‬حتى اإلنجاز‬
‫للمرحلة األولى‪ ،‬وقد حرصنا على تقديم أهِّم ما تجتمع به الكلمة‪ ،‬ويصلح به الوضع‪ ،‬في حال‬
‫التفهم والتفاعل والتقّبل‪ ،‬وبنصٍح صادٍق‪ ،‬وحرٍص أكيد‪ ،‬على شعبنا الذي نحبه‪ ،‬ونسعى لخدمته‬
‫قربًة إلى هللا تعالى‪ ،‬ومهما كانت التحديات والصعوبات‪ ،‬والمحن والفتن‪ ،‬فإن االتجاه الصحيح‬
‫هو الذي يفيد وينفع‪ ،‬ويحظى شعبنا عن طريقه بمعونة هللا تعالى وتوفيقه‪ ،‬كما ورد في الحديث‬
‫الصحيح‪ ،‬عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالٍب "َع َلْيِه الَّس اَل ُم " قال‪ :‬قال رسول هللا "َص َّلى ُهَّللا‬
‫َع َلْيِه َو آِلِه"‪َ(( :‬أاَل ِإَّنها َس َتُك وُن ِفتَنة‪ُ .‬قلُت ‪َ :‬فَم ا الَم خَر ُج ِم نَها َيا َر ُسوَل ِهللا؟ َقاَل ‪ِ :‬كَتاب ِهللا‪ِ ،‬فيِه َنَبُأ َم ْن‬
‫َقَبَلُك م‪َ ،‬و َخ بُر َم ا َبْع َد ُك م‪َ ،‬و ُحكُم َم ا َبْيَنُك م‪َ ،‬و ُهَو الَفْص ُل َلْيَس ِبالَهزِل ‪َ ،‬م ْن َتَر َك ُه ِم ْن َج َّباٍر َقَص َم ُه هللا‪َ ،‬و َمِن اْبَتَغى‬
‫الُهَدى ِم ْن َغْيِر ِه َأَض َّلُه هللا‪َ ،‬و ُهَو َح ْبُل ِهللا اْلَم ِتين‪َ ،‬و ُهَو الِّذْك ُر الَحِكيم‪َ ،‬و الِّص َر اُط الُم ْسَتِقيم‪ُ ،‬هَو اَّلِذ ي اَل َتِز يُغ‬
‫ِبِه اَألهَو اُء ‪َ ،‬و اَل َتلَتِبُس ِبِه اَأللُسن‪َ ،‬و اَل َيْش َبُع ِم ْنُه الُع َلَم اُء ‪َ ،‬و اَل َيْخ َلُق َع ْن َك ْثَر ِة الَّرد‪َ ،‬و اَل َتْنَقِض ي َع َج اِئُبه‪ُ ،‬هَو‬
‫اَّلِذ ي َلْم َتْنَتِه اْلِج ُّن ِإذ َسِمَع ْتُه ِإاَّل َأْن َقاُلوا ِإَّنا َسِم ْعَنا ُقْر آًنا َع َج ًبا‪َ ،‬م ْن َقاَل ِبِه َص َدق‪َ ،‬و َم ْن َح َك َم ِبِه َعَدل‪َ ،‬و َم ْن‬
‫َدَعا ِإَلْيِه َهَدى ِإَلى ِص َر اٍط ُم ْسَتِقيم))‪ .‬صدق رسول هللا "َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َع َلى آِلِه َو َس َّلم"‪.‬‬

‫َأْس َأُل َهَّللا َتَعاَلى َأْن َيكُتَب َأجَر ُك ْم ‪َ ،‬و ُيَو ِّفَقُك م‪َ ،‬و ُيَباِرَك ِفيُك م‪َ ،‬و ُيصِلَح َشأَنُك م‪.‬‬

‫َو َأْس َأُل َهللا "ُسْبَح اَنُه َو َتَعاَلى" َأْن َيكُتَب َأجَر ُك ِّل الَعاِمِليَن ِفي اِإل عَد اد ِلَهذِه الُم َناَس بِة الُم َباَر كة‪.‬‬

‫َوالَّس ـَلاُم َعَلـْيُكْم َوَرْح ـَمُة الَّل ِه َوَبَرَكاُتُه؛؛؛‬

You might also like