الإجارة على الإجارة وتطبيقها المعاصر د. عبد الله بن موسى العمار

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 78

‫المملكة العربية السعودية‬

‫وزارة التعليم العالي‬


‫جامعة اإلمام محمد بن سعود‬
‫اإلسالمية‬
‫كلية الشريعة‬
‫قسم الفقه‬

‫اإلجارة على اإلجارة‬


‫وتطبيقها المعاصر‬

‫إعداد‬
‫د‪ .‬عبداهلل بن موسى العمار‬
‫عضو هيئة التدريس‬
‫في كلية الشريعة في الرياض‬
‫قسم الفقه‬

‫‪1423‬هـ‬

‫ملخص البحث‬

‫تضمن موضوع اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر تمهيدا وخمسة مباحث وخاتمة ‪.‬‬
‫تناول التمهيد حكم تصرفات المالك الناقلة للملكية‪ ،‬وتبين أنها جائزة وصحيحة ألنها واردة‬
‫على العين ‪ ,‬واإلجارة واردة على المنفعة‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وتناول المبحث األول‪ /‬حكم تأجير المستأجر للعين المؤجرة‪ ،‬وتبين أنه يحق له ذلك على‬
‫الرأي الراجح ‪ ,‬سواء أجرها على المالك أو على غيره‪ ،‬بمثل األجرة أو بأقل أو بأكثر‪ ،‬اشترط‬
‫عليه المؤجر عدم التأجير أو لم يشترط ؛ ألنه مالك لمنفعة العين بمقتضى عقد اإلجارة ‪ ،‬ولكن‬
‫هذا التأجير الثاني وهو ما يعرف بالتأجير من الباطن مفيد بأال يترتب عليه ضرر على العين ‪،‬‬
‫وأن يكون لمن هو مثله في االنتفاع أو دونه ‪.‬‬
‫وتناول المبحث الثاني ‪ /‬حكم تأجير المالك للعين المؤجرة ‪ ،‬وتبين أنه ال يحق له ذلك ‪ ،‬إال‬
‫على مّد ة خارجة عن مّد ة اإلجارة األولى ‪ ،‬وما نسب لشيخ اإلسالم ابن تيمية أنه قال‪ :‬يجوز‬
‫للمالك أن يؤجر العين المؤجرة لمن يحل محله في استيفاء األجرة من المستأجر محل نظر ‪،‬‬
‫والصحيح أن هذه اإلجارة غير جائزة لما يترتب عليها من الربا ‪.‬‬
‫وتناول المبحث الثالث‪ /‬حكم اإلجارة على اإلجارة في إجارة األشخاص وتبين أنها ترد في‬
‫األجير المشترك فقط عند عدم االشتراط ‪.‬‬
‫وتناول المبحث الرابع ‪ /‬حكم الضمان في اإلجارة على اإلجارة وتبين أنه ال ضمان إال في حالة‬
‫التعدي أو التفريط ‪ ،‬أو في حالة األجير المشترك فيما تلف بفعله ‪.‬‬
‫كما تبين في المبحث الخامس ‪ /‬أن اإلجارة على اإلجارة يمكن أن تصبح مجاًال من مجاالت‬
‫االستثمار المعاصر‪ ،‬سواء في إجارة األشياء أو في إجارة األشخاص في التأجير من الباطن عند‬
‫عدم االشتراط ‪ .‬واهلل أعلم ‪.‬‬

‫السيرة الذاتية للباحث‬

‫عبد اهلل بن موسى بن فهد العمار ‪.‬‬


‫أستاذ الفقه المشارك في قسم الفقه في كلية الشريعة في الرياض ‪.‬‬
‫الميالد‪1373 :‬هـ ‪ .‬الزلفي ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ المؤهالت‪:‬‬
‫‪-‬البكالوريوس من كلية الشريعة في جامعة اإلمام ‪1399‬هـ‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪-‬الماجستير ‪ :‬من قسم الفقه في كلية الشريعة جامعة اإلمام ‪1403‬هـ‬


‫عنوان الرسالة‪ :‬تحقيق كتاب تجريد العناية في الفقه ‪.‬‬
‫‪ -‬الدكتوراه ‪ :‬من قسم الفقه في كلية الشريعة جامعة اإلمام ‪1407‬هـ‬
‫عنوان الرسالة ‪ :‬القرعة ومجاالت تطبيقها في الفقه اإلسالمي ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الوظيفة ‪ :‬معيد ثم محاضر ثم أستاذ مساعد ثم أستاذ مشارك في قسم الفقه في كلية‬
‫الشريعة في الرياض ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ اإلنتاج العلمي واألعمال العلمية ‪:‬‬
‫‪ -‬تحقيق كتاب تجريد العناية‪.‬‬
‫‪-‬القرعة ومجاالت تطبيقها في الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫‪-‬اإلحداد ‪ ,‬أحكامه وواقع الناس فيه‪.‬‬
‫‪-‬قسمة األموال المشتركة‪.‬‬
‫‪-‬أحكام الوقف المشترك ‪.‬‬
‫‪-‬اإلجارة على اإلجارة وتطبيقاتها المعاصرة‬
‫‪-‬وقف األسهم‪.‬‬
‫‪-‬وقف النقد‪.‬‬
‫‪-‬اشتراط اإلجارة في البيع وأهم تطبيقاته المعاصرة‬
‫‪-‬استثمار أموال الوقف‪.‬‬
‫‪-‬أحكام الخرف ‪ ( .‬باالشتراك‪).‬‬
‫‪-‬أحكام خدمة الزوجة و إخدامها‪.‬‬
‫‪-‬الوعظ و اإلرشاد وأثره في تأهيل نزالء السجون‪.‬‬
‫‪-‬حكم تداول أسهم الشركات و الصناديق المشتملة على ديون و نقود‬
‫‪-‬السلم بسعر السوق وقت التسليم‪.‬‬
‫‪-‬الشروط الجعلية في الوقف وأثرها في االنتفاع بالوقف المشترك‪.‬‬
‫‪-‬إعادة العضو المقطوع في الجناية و العقوبة‪.‬‬
‫‪-‬اإلشراف على عدد من رسائل الماجستير و الدكتوراه ‪ ,‬داخل الجامعة وخارجها ‪.‬‬
‫‪-‬مناقشة عدد كبير من رسائل الماجستير و الدكتوراه ‪ ,‬داخل الجامعة وخارجها ‪.‬‬
‫‪-‬المشاركة في تأليف عدد من مقررات الفقه في وزارة التربية و التعليم‪.‬‬
‫‪-‬المشاركة في عدد من الندوات و المؤتمرات منها‪:‬‬
‫‪3‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫أ) ندوة الوقف ومجاالته ‪ ,‬الذي أقامته وزارة الشؤو اإلسالمية في الرياض‬
‫ب) ندوة اإلصالح والتأهيل في المؤسسات العقابية وإلصالحية ‪.‬‬
‫ج) الملتقى الفقهي األول والثاني في شركة الراجحي المصرفية ‪.‬‬
‫د) منتدى الوقف األول ‪ .‬الذي أقامته األمانة العامة لألوقاف ‪ ,‬في دولة الكويت‬
‫شعبان ‪ 1424‬هـ‬
‫‪ -‬المشاركة في الدورات العلمية الشرعية المقامة داخل المملكة وخارجها ‪.‬‬
‫‪ -‬القاء عدد من المحاضرات والدروس العلمية الفقهية في عدد من مساجد الرياض‬
‫وغيرها‬
‫‪-‬المشاركة في التوعية اإلسالمية في الحج مع وزارة الشؤون اإلسالمية ومع الحرس‬
‫الوطني ‪.‬‬
‫‪ -4‬عضوية عدد من المجالس واللجان ‪:‬‬
‫‪ -‬عضو في مجلس قسم الفقه ‪.‬‬
‫‪ -‬عضو في مجلس كلية الشريعة ‪.‬‬
‫‪ -‬عضو في المجلس العلمي في جامعة اإلمام ‪.‬‬
‫‪ -‬عضو مجلس اإلدارة في الجمعية الفقهية السعودية ‪.‬‬
‫‪ -‬عضو في اللجنة الدائمة لمركز خدمة المجتمع في جامعة اإلمام ‪.‬‬
‫‪ -‬عضو في لجنة المعادالت في عمادة الدراسات العليا في جامعة اإلمام ‪.‬‬
‫‪ -‬مستشار غير متفرغ في وزارة الشؤون اإلسالمية ‪.‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫مقدمة‬
‫الحمد هلل علم بالقلم‪ ،‬علم اإلنسان مالم يعلم‪ ،‬وأشهد أال إله إال اهلل وحده ال شريك‬
‫له‪ ،‬وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله‪ ،‬صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبه‪ ،‬ومن اهتدى بهديه‬
‫وتمّس ك بسنته إلى يوم الدين‪ ..‬وبعد ‪:‬‬
‫‪4‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫إن البحث في أبواب المعامالت بصفة عامة من األهمّية بمكان؛ لعالقتها بواقع الناس‬
‫في تعاملهم فيما بينهم وال سّيما في هذا الوقت الذي كثرت فيه أنواع التعامل‪ ،‬واستحدثت فيه‬
‫صور متعددة لكل نوع من أنواعه ‪.‬‬
‫واإلجارات باب من أبواب التعامل الحّي بين الناس‪ ،‬له أنواعه المختلفة وصوره‬
‫المتعددة‪ ،‬وأساليبه الجديدة‪ ،‬فالبحث في هذا الباب مما تشتد الحاجة إليه‪ ،‬لتجلية أحكام‬
‫صوره المتعددة ‪.‬‬
‫ولقد تكلم فقهاء اإلسالم عن هذا الباب مؤصلين ألحكامه ومبينين أنواعه‪ ،‬ومفرعين‬
‫عليها المسائل والصور مع بيان أحكام ما ذكروه استنادًا إلى النصوص الشرعية والقواعد‬
‫المرعية‪ ،‬واألعراف المتبعة ‪.‬‬
‫ومما كان موردًا لبحثهم وكتابتهم ‪ :‬تصرف كل من المؤجر والمستأجر في العين‬
‫المستأجرة‪ .‬فبّينوا ما يصح من هذا التصرف وماال يصح‪ ،‬وجماع األمر في هذا أن تصرف‬
‫المالك الوارد على العين صحيح وتصرف المستأجر الوارد على المنفعة صحيح‪ ،‬ألن كًال‬
‫منهما يملك ما ورد عليه تصرفه بمقتضى عقد اإلجارة ويدخل ضمن هذا الموضوع مسألة‬
‫ذكرها تقي الدين البعلي وبرهان الدين ابن القيم رحمهما اهلل اختيارًا لشيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫وهي ‪:‬‬
‫"تأجير المالك للعين المؤجرة لمن يحل محله في استيفاء ما كان له على المستأجر‬
‫األول" ‪.‬‬
‫وهذا االختيار في ظاهره يخالف ما قرره الفقهاء من أن اإلجارة بيع المنفعة‪ ،‬وأن‬
‫اإلجارة عقد الزم للعاقدين يقتضي تمليك المنفعة للمستأجر وتمليك األجرة للمالك‪ .‬بحيث‬
‫يقتصر تصرف كل منهما على ما يملكه‪.‬‬

‫لهذا استوقفتني هذه المسألة‪ ،‬وجلعتني أفكر في بحثهــا‪ ،‬وبحث مالـه عالقــة بهــا‪ .‬فــرأيت‬
‫أن أكتب في المســائل ذات الصــلة بالمســألة ممــا يعين على التوصــل إلى الــرأي الســليم فيهــا ممــا‬
‫سيتضح عند بحث المسألة فكان أن جعلت عنوان البحث يشمل مسائل أخرى ذات صلة وثيقــة‬
‫‪5‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ :‬فأصبح العنوان ‪:‬‬


‫اإلجارة على اإلجارة‬
‫وتطبيقها المعاصر‬
‫وجعلته في خمسة مباحث رئيسة ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬في تأجير المستأجر للعين المؤجرة ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬في تأجير المالك للعين المؤجرة ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬في إجارة األشخاص ‪.‬وفيه مطلبان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬األجير الخاص ‪ .‬الثاني ‪ :‬األجير المشترك‬
‫الرابع ‪ :‬الضمان في اإلجارة على اإلجارة ‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬التطبيق المعاصر لإلجارة على اإلجارة ‪.‬‬
‫ومهدت للبحث بتمهيد عن تصرفات المالك الناقلة للملكية في العين المؤجرة‪.‬‬
‫وختمت البحث بخاتمة بينت فيها نتيجة البحث ‪.‬‬
‫واسأل اهلل أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا‪ ،‬إنه سميع مجيب ‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المنهج المتبع في البحث ‪:‬‬


‫سلكت في إعداد هذا البحث المنهج المتبع في إعداد البحوث العلمية ومن أهم معالم‬
‫هذا المنهج ‪:‬‬
‫‪ -1‬التوثيق من المصادر والمراجع األصيلة موثقًا كل مذهب من مراجع ذلك‬
‫المذهب ‪.‬‬
‫‪ -2‬ذكر أرقام اآليات وعزوها إلى مواضعها من السور ‪.‬‬
‫‪ -3‬تخريج األحاديث وبيان درجة ما ليس في الصحيحين أو أحدهما معتمدًا على ما‬
‫كتبه المتخصصون في الحديث ‪.‬‬
‫‪ -4‬ما كان موضع اتفاق بينته ووثقت هذا االتفاق وبينت ما يدل عليه ‪.‬‬
‫‪ -5‬في المسائل الخالفية اتبعت اآلتي‪:‬‬
‫أ – تحرير محل النـزاع إذا لزم األمر‪.‬‬
‫ب – ذكر األقوال ونسبتها إلى مذاهبها مع توثيقها‪.‬‬
‫ج – االستدالل لآلراء وبيان وجه الداللة إذا خفي‪.‬‬
‫د – ذكر المناقشات الواردة على األدلة والترجيح ووجهه‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫التمهيد‬
‫في تصّر فات المالك الناقلة للملكية‬
‫في العين المؤجرة‬

‫وفيه المسائل اآلتية ‪:‬‬

‫األولى ‪ :‬بيعها ‪.‬‬


‫الثانية ‪ :‬هبتها ‪.‬‬
‫الثالثة وقفها ‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬الوصية بها ‪.‬‬
‫الخامسة ‪ :‬انتفاع المالك بالعين المؤجرة ‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة األولى‬
‫بيع العين المؤجرة‬
‫وفيها فرعان ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬بيع العين المؤجرة على المستأجر ‪:‬‬
‫اتفق الفقهاء في المذاهب األربعة على صحة بيع العين المؤجرة على مستأجرها‪ 1‬لما‬
‫يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن اإلجارة عقد على المنافع ‪ ,‬والبيع عقد على األعيان ‪ ،‬فال تمنع اإلجارة صحة‬
‫‪2‬‬
‫البيع ‪،‬كما لو زوج أمته ثم باعها ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وألن العين المبيعة في يد المشتري وال حائل دون تسليمها له‪.‬‬
‫فهو كما لو باع المغصوب من غاصبه ‪.3‬‬
‫‪ -1‬أن المستأجر قد ملك المنفعة بعقد اإلجارة ثم ملك العين بعقد البيع فيصح كمن‬
‫ملك الثمرة بعقد ثم ملك الشجر بعقد آخر ‪.4‬‬
‫ثم اختلفوا في أثر هذا البيع على اإلجارة على قولين‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أن اإلجارة تنفسخ فيما بقي من المّد ة ‪.‬‬
‫وإليه ذهب الحنفية (‪ ، )5‬والمالكية (‪ ، )6‬وهو وجه عند الحنابلة (‪. )7‬‬
‫مستدلين بقياس المسألة على اجتماع النكاح وملك اليمين فكما أنه ينفسخ النكاح‬

‫‪ -‬ينظر ‪ :‬بدائع الصنائع ‪ 207 / 4‬وفتح القدير ‪ 185/ 5‬والفتاوى اهلندية ‪ 464 /5‬واملعونة على‬ ‫‪1‬‬

‫مذهب عامل املدينة ‪ 1106 / 2‬والكايف للقرطيب ‪ 478 / 2‬والتفريع ‪ 188/ 2‬والشرح الصغري مع بلغة‬
‫السالك ‪ 271 / 2‬واحلاوي الكبري ‪ 403 / 7‬والوجيز ‪ 239/ 1‬واملهذب ‪ 407 / 1‬وروضة الطالبني‪5‬‬
‫‪ 253 /‬ومغين احملتاج ‪ 360/ 2‬والفروع ‪ 442/ 4‬واإلنصاف ‪ 69 / 6‬واملبدع ‪107/ 5‬‬
‫وكشاف القناع ‪ 31 / 4‬والروض املربع‪31/ 5‬‬
‫‪ - 2‬نظر‪ :‬املغين ‪ 48 / 8‬و كشاف اإلقناع ‪. 31 / 4‬‬
‫‪ - 3‬ينظر ‪ :‬مغين احملتاج ‪ 360 / 2‬وهناية احملتاج ‪. 324 / 5‬‬
‫‪ - 4‬ينظر ‪ :‬املغين ‪ 49 / 8‬واملبدع ‪108 / 5‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬الفتاوى اهلندية ‪. 5/464‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) انظر ‪ :‬الكايف للقرطيب ‪ ،2/748‬ومواهب اجلليل ‪. 5/407‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬اإلنصاف ‪. 6/96‬‬ ‫‪7‬‬


‫‪9‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪1‬‬
‫بملك اليمين فكذلك هنا ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أن اإلجارة ال تنفسخ بل هي بحالها حتى انتهاء مّد تها‪ .‬وتكون األجرة باقيًة على‬
‫المشتري فتضاف إلى الثمن وهذا القول هو األصح عند الشافعية (‪ ، )2‬والمذهب المعتمد عند‬
‫الحنابلة(‪.)3‬‬
‫مستدلين بأن عقد اإلجارة عقد الزم مستقل بنفسه وارد على المنفعة يقتضي تمام أثره‬
‫وبلوغ منتهاه ‪ ،‬والبيع كذلك عقد مستقل وارد على الرقبة ‪ ,‬فال يتنافيان كملك الثمرة ثم‬
‫األصل ‪ 4.‬وهذا هو األرجح؛ الختالف مورد العقدين ‪. .‬وإذا اتفق الطرفان على أن الثمن‬
‫يشمل بقية األجرة فهما على ما اتفقا عليه ‪.‬وتكون األجرة الباقية جزءا من الثمن ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬بيعها لغير المستأجر ‪:‬‬


‫وقد اختلف الفقهاء فيه على ثالثة أقوال ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أنه يصح بيع العين المؤجرة لغير المستأجر وال تنفسخ به اإلجارة وللمشتري الخيار إن‬
‫لم يعلم باإلجارة ‪.‬‬
‫وإليه ذهب المالكية (‪ ، )5‬وأكثر الشافعية (‪ ، )6‬وهو المذهب عند الحنابلة (‪. )7‬‬
‫مستدلين بأن البيع وارد على العين والمؤجر مالك لها وثبوت العقد على المنفعة ال‬
‫يمنع بيع الرقبة قياسًا على األمة المزوجة‪ ،‬كما يجوز بيعها مع استحقاق منفعة بضعها للزوج‬

‫‪ -1‬ينظر ‪ :‬الفتاوى اهلندية ‪ 464 / 5‬ومواهب اجلليل ‪ 407 / 5‬واملبدع ‪. 107 /‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬الوجيز ‪ ،1/239‬واملهذب ‪ ،1/417‬وروضة الطالبني ‪ ،5/253‬واألشباه والنظائر‬ ‫‪2‬‬

‫للسيوطي ص‪. 151‬‬


‫(?) اإلنصاف ‪ ،6/69‬واملبدع ‪ ،5/108‬والقواعد البن رجب ص‪. 44‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ - 4‬ينظر املبدع ‪ 108 / 5‬وكشاف القناع ‪. 31 / 4‬‬


‫(?) ينظر ‪ :‬املدونة ‪ ،4/466‬والتفريع البن جالب ‪ ،2/188‬والكايف للقرطيب ‪ ،2/748‬واملعونة‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ،2/1106‬ومواهب اجلليل ‪. 5/408‬‬


‫(?) ينظر ‪ :‬احلاوي الكبري ‪ ،7/403‬والوجيز ‪ ،1/239‬وروضة الطالبني ‪ ،5/255‬وشرح روض‬ ‫‪6‬‬

‫الطالب ‪. 2/435‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬اهلداية أليب اخلطاب ‪ ،1/181‬واإلنصاف ‪ ،6/69‬واملقنع ‪ ،2/215‬وإعالم املوقعني‬ ‫‪7‬‬

‫‪. 1/359‬‬
‫‪10‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫فكذلك هنا (‪. )1‬‬


‫وألنه ليس في بيعها إبطال حق المستأجر ألن المشتري إنما يتسلمها بعد انقضاء مدة‬
‫اإلجارة وكل تصرف ال يمنع حق المستأجر ال ُيمنع (‪. )2‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أنه ال يصح بيع العين المؤجرة لغير المستأجر مطلقًا ‪.‬‬
‫وإليه ذهب الحنفية في قول عندهم(‪ . )3‬ووجه عند الشافعية وعند الحنابلة (‪. )4‬‬
‫مستدلين بأن يد المستأجر مانعة من تسليم العين المؤجرة ‪.‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫أن البيع جائز غير الزم‪ ،‬ويتوقف اللزوم على إذن المستأجر ‪.‬‬
‫وهو المذهب عند الحنفية (‪. )5‬‬
‫ولعلهم راعوا الجانبين كما قال الكاساني‪" :‬ولنا ‪ :‬أن البائع غير قادر على تسليمه‬
‫لتعلق حق المستأجر به‪ ،‬وحق اإلنسان يجب صيانته عن اإلبطال ما أمكن‪ ،‬وأمكن هاهنا‬
‫بالتوقف في حقه‪ ،‬فقلنا ‪ :‬بالجواز في حق المشتري‪ ،‬وبالتوقف في حق المستأجر صيانة‬
‫للحقين‪ ،‬ومراعاة للجانبين"(‪. )6‬‬
‫واألرجح – فيما يظهر – هو القول األول‪ ،‬الختالف مورد العقدين‪ ،‬وصيانة للعقدين‬
‫من اإلبطال أو التوقف‪ ،‬وألن المالك الثاني يحل محل المالك األول في التعامل مع المستأجر ‪.‬‬

‫ينظر ‪ :‬املعونة ‪ ،2/1106‬ومغين احملتاج ‪. 2/360‬‬ ‫(?)‬ ‫‪1‬‬

‫ينظر ‪ :‬املعونة ‪. 2/1106‬‬ ‫(?)‬ ‫‪2‬‬

‫ينظر ‪ :‬حتفة الفقهاء ‪ ،2/49‬وبدائع الصنائع ‪. 4/207‬‬ ‫(?)‬ ‫‪3‬‬

‫ينظر ‪ :‬الوجيز ‪ ،240 ،1/239‬ومغين احملتاج ‪ ،2/360‬واإلنصاف ‪. 6/68‬‬ ‫(?)‬ ‫‪4‬‬

‫ينظر ‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/207‬وحتفة الفقهاء ‪ ،2/47‬وخمتصر الطحاوي ص‪. 131 ،130‬‬ ‫(?)‬ ‫‪5‬‬

‫بدائع الصنائع ‪. 4/408‬‬ ‫(?)‬ ‫‪6‬‬


‫‪11‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة الثانية‬
‫هبة العين المؤجرة‬

‫وقد اتفق فقهاء المذاهب األربعة على أن حكم هبة العين المؤجرة حكم بيعها‪ ،‬بجامع‬
‫أن كًال منهما ناقل لملكية العين المؤجرة (‪. )1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬حتفة الفقهاء ‪ ،3/164‬والقوانني الفقهية ص‪ ،241‬وأسهل املدارك ‪ ،90-3/88‬واملهذب‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1/446‬وروضة الطالبني ‪ ،5/255‬وهناية احملتاج ‪ ،5/328‬واإلنصاف ‪ ،6/39‬والقواعد ص‪،45‬‬


‫وشرح املنتهى ‪. 2/376‬‬
‫‪12‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة الثالثة‬
‫وقف العين المستأجرة‬

‫وفي هذه المسألة ال خالف أيضًا بين فقهاء المذاهب األربعة في جواز وقف العين‬
‫‪1‬‬
‫المؤجرة ‪.‬‬
‫ألن الوقف متوجه إلى العين‪ ،‬حيث يرد على ما يملكه المؤجر من العين المؤجرة وهو‬
‫ذات الرقبة ‪.‬‬
‫واإلجارة واردة على المنفعة‪ ،‬مّد ة معينة وذلك ال يمنع من الوقف ‪.2‬‬

‫‪ 1‬ينظر اهلداية ‪ 15 / 3‬والبناية ‪ 157 / 6‬وحاشية الدسوقي ‪ 77 / 4‬وأسهل املدارك ‪ 101/ 2‬واملهذب ‪/ 1‬‬
‫‪ 441‬واإلقناع للشربيين ‪ 81/ 2‬والقواعد ص‪ 45‬وشرح املنتهى ‪2376‬‬
‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬معونة أويل النهى ‪. 124 / 5‬‬
‫‪13‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة الرابعة‬
‫الوصية بالعين المؤجرة‬

‫وقد اتفق الفقهاء أيضًا على جواز الوصية بالعين المؤجرة ولو كانت في يد المستأجر ‪.‬‬
‫وعلى الموصى له االنتظار حتى تنتهي مّد ة اإلجارة كما ينتظر موت الموصي(‪.)1‬‬
‫وبناًء على ما سبق في هذه المسائل ‪ :‬يتضح أن تصّر فات المالك الناقلة للملكية في‬
‫العين المؤجرة صحيحة نافذة ألنها متجهة إلى العين ‪.‬‬
‫وأنها ال تنافي اإلجارة؛ ألن اإلجارة متجهة إلى المنفعة ‪.‬‬
‫ثم إن المالك الثاني للعين المؤجرة يحل محل المالك األول وينزل منزلته‪ ،‬في التعامل‬
‫مع المستأجر ‪.‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬حتفة الفقهاء ‪ ،3/207‬واملهذب ‪ ،1/452‬وروضة الطالبني ‪ ،5/255‬وهناية احملتاج‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،5/328‬واإلنصاف ‪ ،6/39‬وشرح املنتهى ‪. 2/376‬‬


‫‪14‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة الخامسة‬
‫انتفاع المالك بالعين المؤجرة‬

‫والمقصود ‪ :‬أن يؤجره الدار سنة‪ ،‬ثم يسكن فيها بعد تسليمها للمستأجر وحينئذ فيعتبر‬
‫منتفعًا بما ال يستحق االنتفاع به ألن منفعة الدار ملك للمستأجر بمقتضى عقد اإلجارة‪ ،‬وال‬
‫تنفسخ اإلجارة بذلك‪ ،‬وعلى المستأجر جميع األجرة للمالك‪ ،‬ألن يد المستأجر لم تزل عن‬
‫العين ‪.‬‬
‫وله على المالك أجرة المثل مقابل سكناه في الدار ألنه انتفع في الدار بغير إذن من‬
‫يملك منفعتها وهو المستأجر‪ ،‬فأشبه تصرف البائع للمبيع بعد قبض المشتري ‪.‬‬
‫وإن كان ذلك قبل تسليمها للمستأجر فإن انقضت مّد ة اإلجارة قبل التسليم انفسخت‬
‫اإلجارة؛ ألن العاقد أتلف المعقود عليه قبل تسليمه‪ ،‬وإن سلمها في أثناء المّد ة انفسخت‬
‫اإلجارة فيما مضى وتمت أجرة المّد ة الباقية (‪. )1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،26 ،8/25‬وكشاف القناع ‪. 25 ،4/24‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪15‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المبحث األول‬
‫تأجير المستأجر للعين المؤجرة‬

‫تصرفات المستأجر الناقلة للملكية ال تصح منه مطلقاً؛ ألنها واردة على العين‬
‫المستأجرة ال على منفعتها‪ ،‬وهو إنما يملك المنفعة فقط ‪.‬‬
‫وأّما التصّر فات الواردة على المنفعة أثناء مّد ة اإلجارة‪ ،‬فتشمل االنتفاع بها وإعارتها‬
‫وتأجيرها ‪.‬‬
‫أما االنتفاع بها‪ ،‬فهو مقصود اإلجارة‪ ،‬ألن المقصود باإلجارة االنتفاع بمنفعة العين‬
‫المستأجرة ‪.‬‬
‫وقد ذكر الفقهاء أن المستأجر له االنتفاع بنفسه وبنائبه‪ ،‬بضوابط وقيود ذكروها‪ ،‬ليس‬
‫هذا موضع بحثها ‪.‬‬
‫وأما تأجيرها فيشمل تأجيرها على مالكها وعلى غيره‪ .‬وبيان ذلك في المطلبين اآلتيين‬
‫‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تأجيرها من مالكها ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تأجيرها من غيره ‪.‬‬
‫‪16‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب األول‬
‫تأجيرها من مالكها‪ ،‬وهو المؤجر‬

‫ال يخلو األمر في هذه المسألة من حالتين ‪:‬‬


‫الحالة األولى ‪ :‬أن يؤجرها له قبل قبضها ‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء في حكم إجارة العين من مالكها قبل قبضها على قولين ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أن ذلك ال يصح ‪.‬‬
‫وهو الصحيح في مذهب الحنفية (‪ ، )1‬ووجه عند الشافعية (‪ ، )2‬وعند الحنابلة(‪. )3‬‬
‫واستدلوا بما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن المنافع مملوكة بعقد معاوضة فاعتبر في جواز العقد عليها القبض كاألعيان(‪. )4‬‬
‫ونوقش ‪ :‬بأن ذلك معتبر فيما إذا كانت اإلجارة على غير المالك ‪ ،‬ألنه قد‬
‫يتعذر تقبيض العين وهذا غير معتبر هنا؛ ألن العين المستأجرة في يد مالكها(‪. )5‬‬
‫‪ – 2‬أن إجارتها من مالكها يلزم منه تمليك المالك وهو غير جائز (‪. )6‬‬
‫ونوقش ‪ :‬بأن التمليك الوارد في عقد اإلجارة ليس لما يملكه المالك وهو‬
‫العين‪ ،‬وإنما للمنفعة التي يملكها المستأجر بعقد اإلجارة ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أن إجارة العين قبل قبضها من مالكها تصح ‪.‬‬
‫وإليه ذهب المالكية (‪ ، )7‬وهو وجه عند الشافعية (‪ ، )8‬والحنابلة هو المذهب‬

‫ينظر ‪ :‬البحر الرائق ‪ ،7/304‬ورد احملتار على الدر املختار ‪. 107 ،9/33‬‬ ‫(?)‬ ‫‪1‬‬

‫ينظر ‪ :‬روضة الطالبني ‪. 5/256‬‬ ‫(?)‬ ‫‪2‬‬

‫ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/55‬والفروع ‪. 4/445‬‬ ‫(?)‬ ‫‪3‬‬

‫ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/55‬والكايف البن قدامة ‪. 2/325‬‬ ‫(?)‬ ‫‪4‬‬

‫ينظر ‪ :‬املغين ‪. 8/55‬‬ ‫(?)‬ ‫‪5‬‬

‫ينظر ‪ :‬رد احملتار على الدر املختار ‪. 9/107‬‬ ‫(?)‬ ‫‪6‬‬

‫ينظر ‪ :‬الشرح الكبري للدردير ‪ ،4/9‬ومنح اجلليل ‪ ،7/458‬ومواهب اجلليل ‪. 5/406‬‬ ‫(?)‬ ‫‪7‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬حلية العلماء ‪ ،5/402‬واملهذب ‪. 1/403‬‬ ‫‪8‬‬


‫‪17‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫عندهم(‪. )1‬‬
‫واشترط المالكية والحنابلة أال يكون ذلك حيلة ألمر محرم مما يحرم في بيوع اآلجال‪،‬‬
‫كما إذا استأجرها بعشرة مؤجلة‪ ،‬وأجرها منه بثمانية نقدًا‪ .‬أو عكس ذلك(‪. )2‬‬
‫واستدلوا ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن المعقود عليه في اإلجارة هو المنفعة‪ ،‬والمنفعة ال تصير مقبوضة بقبض العين‪،‬‬
‫فال يؤثر فيها قبض العين (‪. )3‬‬
‫‪ – 2‬أن القبض ال يتعذر عليه باعتبار العين في يده (‪. )4‬‬
‫ولعل الّر اجح – واهلل أعلم ‪ -‬هو القول الثاني‪ ،‬مع مراعاة ما قيده به المالكية‬
‫والحنابلة‪ ،‬تجنبًا لربا النسيئة‪ ،‬ومما يؤيده أن المنفعة تملك بالعقد‪ ،‬ولهذا لو مضت المّد ة‬
‫والمستأجر لم يستوف المنفعة فإنها تجب عليه األجرة ‪.‬‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬أن يؤجرها من مالكها بعد قبضها ‪.‬‬


‫وقد اختلف الفقهاء في حكمها أيضًا على قولين ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أنها تصح إجارة العين من مالكها بعد قبضها ‪.‬‬
‫(‪)7‬‬
‫في‬ ‫وإليه ذهب المالكية (‪ ، )5‬والشافعية (‪ ، )6‬في وجه هو الصحيح عندهم‪ ،‬والحنابلة‬
‫المذهب المعتمد وَقْيُد المالكية والحنابلة معتبر هنا أيضًا‪ :‬أال يترتب على تأجير العين من‬
‫المالك أمر محرم يمنع في بيوع اآلجال (‪. )8‬‬
‫واستدلوا بالقياس على عقد البيع‪ ،‬قالوا ‪ :‬فكما يجوز بيع المبيع بعد قبضه من بائعه‬
‫وغيره فكذلك تجوز إجارة المستأجر بعد قبضه من مؤجره وغيره‪ .‬بجامع أن كًال من المشتري‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/55‬واإلنصاف ‪. 6/35‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ينظر مواهب اجلليل ‪ ،5/406‬ومنح اجلليل ‪ ،5/458‬واإلنصاف ‪ ،6/35‬وشرح املنتهى‪.2/361‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪. 1/403‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪. 8/55‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬مواهب اجلليل ‪ ،5/406‬وشرح الزرقاين على خليل ‪ ،7/10‬ومنح اجلليل ‪. 5/458‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪. 1/403‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/55‬واإلنصاف ‪. 6/35‬‬ ‫‪7‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬اخلرشي ‪ ،7/9‬ومواهب اجلليل ‪ ،5/406‬ومنح اجلليل ‪ ،5/458‬واإلنصاف ‪،6/35‬‬ ‫‪8‬‬

‫وشرح املنتهى ‪. 2/361‬‬


‫‪18‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫والمستأجر مالكًا لما تصرف فيه (‪. )1‬‬


‫وبأن كل عقد جاز من غير العاقد جاز مع العاقد قياسًا على البيع‪ ،‬فكما يجوز بيع‬
‫(‪)2‬‬
‫المبيع بعد قبضه من البائع فكذلك يجوز للمستأجر تأجير ما استأجره على المؤجر بعد قبضه‬
‫‪.‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أنه ال يصح تأجير العين من مالكها بعد قبضها ‪.‬‬
‫وإليه ذهب الحنفية (‪ ، )3‬والشافعية في وجه عندهم (‪. )4‬‬
‫واستدلوا ‪ :‬بأن إجارتها منه يؤدي إلى تناقض األحكام ألن التسليم مستحٌق على‬
‫المؤجر فإذا استأجرها صار مستحقًا له فيصير مستحقًا لما هو مستحق عليه‪ ،‬وذلك تناقض ‪.‬‬
‫والّر اجح – واهلل أعلم – هو القول األول لقوة دليله ‪.‬‬
‫وال تناقض في األحكام هنا في واقع األمر‪ ،‬ألن التسليمين مختلفان واالستحقاق في‬
‫كل منهما له مجاله ‪.‬‬
‫حيث كان التسليم مستحقًا على المؤجر في العقد األول‪ ،‬وفي العقد الثاني أصبح‬
‫التسليم مستحقًا على المستأجر ألنه أصبح مؤجرًا لما يملكه ‪.‬‬
‫والنتيجة من بحث هذه المسألة ‪:‬‬
‫أن المستأجر يملك المنفعة بمجرد لزوم عقد اإلجارة‪ ،‬فله التصرف فيها‪ ،‬وبناء عليه‬
‫ملَكه غيره بعقد اإلجارة ‪.‬‬
‫فليس للمالك التصرف فيها ألنها مملوكة لغيره والتصرف فيها َ‬

‫ينظر ‪ :‬املهذب ‪ ،1/403‬واملغين ‪. 8/55‬‬ ‫(?)‬ ‫‪1‬‬

‫ينظر ‪ :‬روضة الطالبني ‪ ،5/253‬وشرح املنتهى ‪. 2/361‬‬ ‫(?)‬ ‫‪2‬‬

‫ينظر ‪ :‬البحر الرائق ‪ ،7/304‬وحاشية ابن عابدين ‪. 9/107‬‬ ‫(?)‬ ‫‪3‬‬

‫ينظر ‪ :‬احلاوي ‪ ،7/408‬وروضة الطالبني ‪. 5/253‬‬ ‫(?)‬ ‫‪4‬‬


‫‪19‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب الثاني‬
‫تأجير المستأجر للعين من غير مالكها‬
‫ال يخلو عقد اإلجارة إما أن يكون مقيدا بشرط عدم تأجير المستأجر للعين المؤجرة‬
‫‪ ,‬او يكون مطلقا من هذا القيد ‪ ,‬وال يخلو إما أن يؤجرها بمثل ما استأجرها به أوال ‪.‬‬
‫وبيان الحكم في ذلك في المسائل اآلتية ‪:‬‬
‫المسألة األولى ‪ :‬تأجير المستأجر للعين المؤجرة مع اإلطالق ‪.‬‬
‫ولها حالتان ‪:‬‬
‫الحالة األولى ‪ :‬تأجيرها قبل قبضها ‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪ :‬تأجيرها بعد قبضها ‪.‬‬

‫الحالة األولى ‪ :‬إجارتها قبل قبضها من غير المؤجر ‪.‬‬


‫اختلف الفقهاء – رحمهم اهلل – في حكم تأجير العين المستأجرة من قبل المستأجر من‬
‫شخص آخر على ثالثة أقوال ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أنه يجوز إجارتها قبل قبضها ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وإليه ذهب المالكية (‪ ، )1‬وهو وجه عند الشافعية (‪، )2‬و عندالحنابلة هو المذهب‬
‫واستدلوا بأنه ال يقف التصرف على القبض‪ ،‬ألنه ال ينتقل به الضمان (‪. )4‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أنه إن كان المستأجر منقوًال لم يجز تأجيره قبل قبضه وإن كان غير منقول جاز تأجيره‬
‫قبل قبضه ‪.‬‬

‫وإليه ذهب اإلمام أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما اهلل (‪. )5‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬التفريع البن جالب ‪. 2/185‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪. 1/403‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/55‬والكايف البن قدامة ‪ ،2/325‬واإلنصاف ‪ ،6/35‬وشرح املنتهى ‪،2/361‬‬ ‫‪3‬‬

‫وغاية املنتهى ‪. 2/196‬‬


‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪ ،1/403‬واملغين ‪ 8/55‬وكشاف القناع ‪. 566 /3‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬الفتاوى اهلندية ‪ ،4/425‬وحاشية ابن عابدين ‪. 9/107‬‬ ‫‪5‬‬


‫‪20‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫واستدلوا بالقياس على البيع‪ ،‬فما جاز في البيع جاز في اإلجارة وماال فال‪ ،‬ألن كًال‬
‫منهما عوض ُملك في عقد معاوضة (‪. )1‬‬
‫ويناقش ‪ :‬بعدم التسليم بهذا اإلطالق‪ ،‬ألن اإلجارة في حكم المقبوض ألن المنفعة‬
‫تملك بالعقد بخالف المبيع ‪.‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫أنه ال يصح إجارة العين المستأجرة من قبل المستأجر قبل قبضها مطلقًا ‪.‬‬
‫وهو وجه عند الشافعية هو المذهب (‪ ، )2‬ووجه كذلك عند الحنابلة (‪. )3‬‬
‫وقال به محمد بن الحسن من الحنفية (‪. )4‬‬
‫واستدلوا ‪ :‬بالقياس على البيع فكما أن العين المشتراة ال يتصرف فيها قبل القبض‪،‬‬
‫فكذلك العين المستأجرة ‪.‬‬
‫ونوقش ‪ :‬بأن قبض العين المؤجرة ال ينتقل به الضمان إلى المستأجر فلم يقف جواز‬
‫‪5‬‬
‫التصرف فيها على القبض ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫والّر اجح – واهلل أعلم – القول األول لقوة تعليله ‪.‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املرجعان السابقان ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪ ،1/403‬وحلية العلماء ‪. 5/401‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬اإلنصاف ‪. 6/35‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬الفتاوى اهلندية ‪ ،4/425‬وحاشية ابن عابدين ‪. 9/107‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -5‬ينظر ‪ :‬معونة أويل النهى ‪. 58 / 5‬‬


‫‪21‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬إجارتها بعد قبضها ‪.‬‬


‫وفي هذه الحالة ذهب عامة الفقهاء إلى جواز إجارتها بشرط أن يؤجرها لمن هو مثله‬
‫في االنتفاع أو أقل منه ضررًا ‪.‬‬
‫فإليه ذهب الحنفية (‪ ، )1‬والمالكية (‪ ، )2‬والشافعية (‪ ، )3‬والحنابلة في الرواية المعتمدة‬
‫في المذهب (‪. )4‬‬
‫واستدلوا ‪ :‬بأن قبض العين يقوم مقام المنافع بدليل أنه يجوز التصرف فيها باستيفاء‬
‫منافعها‪ ،‬فجاز العقد عليها كبيع الثمرة على الشجرة (‪ . )5‬وقياسًا على البيع وحيث جاز بيع‬
‫المبيع بعد قبضه فكذلك إجارة العقار المستأجر (‪. )6‬‬
‫وفي المسألة قول آخر ‪ :‬أنه ال يجوز للمستأجر تأجير العين المستأجرة بعد قبضها ‪.‬‬
‫وهو رواية عن اإلمام أحمد (‪. )7‬‬
‫ودليلها ‪ :‬أن النبي ‪ ‬نهى عن ربح مالم يضمن‪ ،‬والمنافع لم تدخل في ضمانه‪ .‬فإذا‬
‫آجرها فقد ربح فيما لم يضمن (‪. )8‬‬
‫وقياسًا على بيع المكيل والموزون قبل القبض بجامع أن كًال منهما لم يدخل في‬
‫ضمانه (‪. )9‬‬
‫ونوقش ‪ :‬بأنه قياس فاسد؛ ألن قبض العين يقوم مقام قبض المنافع (‪. )10‬‬
‫وعليه فالّر اجح – واهلل أعلم – هو القول األول‪ ،‬مع اعتبار القيد الذي‬

‫(?) ينظر ‪ :‬خمتصر الطحاوي ص‪ ،129‬والدر املختار ‪ ،9/107‬والفتاوى اهلندية ‪ ،4/425‬وحاشية ابن‬ ‫‪1‬‬

‫عابدين ‪. 9/107‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬املدونة ‪ ،4/515‬والتفريع ‪ ،2/185‬والكايف ‪ ،2/748‬ومواهب اجلليل ‪ ،5/406‬وشرح‬ ‫‪2‬‬

‫الزرقاين على خليل ‪ ،7/10‬ومنح اجلليل ‪. 5/458‬‬


‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪ ،1/403‬وحلية العلماء ‪ ،5/402‬وروضة الطالبني ‪ ،5/256‬وحتفة احملتاج‬ ‫‪3‬‬

‫‪. 6/200‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/54‬واإلنصاف ‪ ،6/35‬وكشاف القناع ‪ ،4/15‬وغاية املنتهى ‪. 2/196‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪. 1/54‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪ ،1/403‬والكايف البن قدامة ‪. 2/325‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬الروايتني والوجهني ‪ ،1/430‬واملغين ‪ ،8/54‬والفروع ‪. 4/445‬‬ ‫‪7‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪. 8/54‬‬ ‫‪8‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املرجع السابق ‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املرجع السابق ‪.‬‬ ‫‪10‬‬


‫‪22‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫ذكروه‪.‬‬
‫ألن المستأجر قد ملك المنفعة بعقد اإلجارة‪ ،‬فله التصرف فيها بمقتضى ذلك ‪.‬‬
‫ولما يترتب على ذلك من نفي الضرر عنه‪ ،‬ألنه قد يستأجر العقار مدة طويلة وال يتمكن‬
‫من استيفاء المنفعة؛ لسفر ونحوه‪ ،‬والعقد الزم‪ ،‬وهو مطالب بأجرته للزومه‪ ،‬فكان تأجيره‬
‫مراعاة لجانبه‪ ،‬كما روعي جانب المؤجر بلزوم عقد اإلجارة ‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬تأجير المستأجر للعين المؤجرة مع اشتراط منعه من ذلك‬

‫اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثالثة أقوال ‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫القول األول ‪ :‬أن اإلجارة فاسدة والشرط باطل ‪ .‬وهوقول عند الحنفية‬
‫‪2‬‬
‫ووجه عند الشافعية‬
‫‪3‬‬
‫‪ ،‬ألن موجبها ان يملك‬ ‫واستدلوا بأن المالك شرط في اإلجارة شرطا ينافي موجبها‬
‫المستأجر المنفعة ‪ ,‬وبالتالي يحق له التصرف فيها ‪.‬‬
‫ويناقش بأن فساد الشرط يبطل الشرط فقط وال يتعداه إلى العقد ألنه يمكن تصحيح العقد‬
‫وإبطال الشرط ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬أن الشرط صحيح واإلجارة جائزة ‪ ,‬وهو قول عند الشافعية‪ 4‬والحنابلة‪, 5‬‬
‫‪6‬‬
‫وهو المعمول به اآلن في نظام العقار ‪ ,‬وعليه بعض الفتاوى العاصرة‬
‫واستدلوا بأن المستأجر إنما يملك المنافع من جهة المؤجر ‪ ,‬فال يملك ما لم‬
‫‪8‬‬
‫يرض به ‪ . 7‬وألن المالك قد يكون له غرض صحيح في تخصيصه ‪.‬‬
‫ويناقش بأن هذا الشرط ينافي ما يقتضيه العقد من أن المستأجر يملك المنفعة فيحق له‬
‫التصرف فيها ‪.‬‬

‫القول الثالث ‪ :‬أن عقد اإلجارة صحيح والشرط باطل ال يلزم الوفاء به ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر البحر الرائق ‪. 17 / 8‬‬


‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬املهذب ‪534 / 1‬‬
‫‪- 3‬ينظر ‪ :‬املصدر السابق‬
‫‪ - 4‬الصدر السابق‬
‫‪ - 5‬ينظر ك املبدع ‪. 92 / 5‬‬
‫‪ - 6‬ينظر املعايري الشرعية الصادر عن هيئة احملاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسالمية ص ‪ 145‬والدليل‬
‫الشرعي لإلجارة ص ‪ 171 ، 27‬وفتوى ندوة الربكة الفقهية رقم ‪. 4 /2‬‬
‫‪ - 7‬ينظر املهذب ‪534 / 1‬‬
‫‪ - 8‬ينظر املبدع ‪93 / 5‬‬
‫‪24‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وإليه ذهب الجمهور ؛ فهو المعتمد عند الحنفية‪، 1‬والمالكية‪ 2‬والشافعية ‪ 3‬والحنابلة‪ . 4‬وعليه‬
‫الفتوى الصادرة عن الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل‬
‫‪5‬‬
‫الكويتي ‪.‬‬
‫واستدلوا باآلتي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬أن هذا الشرط ينافي مقتضى العقد ؛ إذ مقتضاه ملك المنفعة ‪ ،‬ومن ملك شيئا استوفاه‬
‫‪6‬‬
‫بنفسه وبنائبه ‪.‬‬
‫‪ _ 2‬القياس على البيع ؛ فكما أنه إذا باعه عينا واشترط عليه أن ال يبيعها أن الشرط باطل‬
‫فكذلك إذا أجره عينا واشترط عليه أن اليؤجرها ‪ ,‬بجامع أن كال منهما يملك مورد العقد ‪,‬‬
‫المشتري يملك العين ‪ ,‬والمستأجريملك المنفعة ‪.7‬‬

‫والراجح ـ واهلل أعلم ـ هو القول الثالث لما يأتي ‪:‬‬


‫أ ـ قوة أدلته‬
‫ب ـ ماورد على ما استدل به أصحاب القولين اآلخرين من مناقشة ‪.‬‬
‫ج ـ أن حق مالك العين مراعى بشرط يضمن له سالمة العين ‪ ,‬وهو أن ال يترتب على التأجير‬
‫ضرر بالعين ‪ ,‬وأن يؤجرها على من هو مثله في االنتفاع أو دونه ‪ ,‬اللمن هو أكثر منه ضررا‬
‫‘بالعين ‪.‬‬
‫ومع هذا فإذا رأى ولي األمر األخذ بأحد القولين اآلخرين لمصلحة رآها فله ذلك ‪.‬‬

‫المسألة الثالثة ‪ :‬تأجير العين المستأجرة بأكثر من أجرتها ‪:‬‬


‫هذه المسألة محل خالف بين الفقهاء على ثالثة أقوال ‪:‬‬

‫‪ - 1‬البحر الرائق ‪ 17 / 8‬ورد احملتار على الدر املختار ‪. 28 / 6‬‬


‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬عقد اجلواهر الثمينة ‪. 853 / 2‬‬
‫‪ - 3‬ينظر املهذب ‪ 534 / 1‬ومغين احملتاج ‪350 / 2‬‬
‫‪ - 4‬ينظر املدع ‪ 922 / 5‬وكشاف القناع ‪ 15 / 4‬ومعونة أويل النهى ‪. 89 / 5‬‬
‫‪ - 5‬ينظر ‪ :‬الدليل الشرعي لإلجارة ص‪. 174‬‬
‫‪ - 6‬ينظر ‪ :‬املبدع ‪ 92 /5‬وكشاف القناع ‪. 15 / 4‬‬
‫‪ -7‬ينظر ‪ :‬مغين احملتاج ‪. 350 / 2‬‬
‫‪25‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫القول األول ‪ :‬أنه يجوز للمستأجر أن يؤجر العين المؤجرة بمثل ما استأجرها به ‪ ,‬وبأقل ‪,‬‬
‫وبأكثر إال أن الزيادة التطيب له فيتصدق بها إال إذا كان زاد في العين فحينئذ تطيب له الزيادة‬
‫‪2‬‬
‫‪ .‬وهذا هو مذهب الحنفية ‪ 1‬ورواية عن اإلمام أحمد ‪.‬‬
‫واستدلوا تما يأتي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن المنافع لم تدخل في ضمان المستأجر بدليل أن الدر المستأ جرة لو انهدمت لم يلزمه‬
‫‪3‬‬
‫األجر ‪ ،‬فإذا أجرها بأكثر مما استأجرها به فقد ربح فيما ليس من ضمانه ‪.‬‬
‫ونوقش بعدم التسليم ؛ بل قد دخلت في ضمانه ألنه لولم يستوفها كا نت من ضمانه ‪.4‬‬

‫‪ – 2‬القياس على بيع الطعام قبل قبضه ن فكما أنه اليجوز فكذلك هنا ؛ بجامع أن كال منهما‬
‫‪5‬‬
‫غير داخل في ضمانه ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ونوقش بأن القياس مع الفارق ألن بيع الطعام قبل قبضه ممنوع ربح فيه أولم يربح‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫واستدلوا لجواز الزيادة إذا عمل فيها عمال أن الزيادة تكون في مقابل ذلك العمل ‪.‬‬
‫ونوقش بان ذلك منقوض بما إذا كنس الدار فإن ذلك يزيد أجرتها ن وال يجيزون الزيادة في‬
‫‪8‬‬
‫مقابل الكنس ‪.‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬أنه إن أذن له المالك في الزيادة جاز وإال لم يجز ‪ .‬وهو رواية عن اإلمام‬
‫أحمد ‪.‬ولم يذكروا له دليال ‪ ,‬ولعلهم بنوا ذلك على أن للمؤجر أن يشترط على المستأجر‬
‫عدم تأجير العين المؤجرة فمن باب أولى الزيادة في األجرة ‪ .‬ويناقش بما سبق من أن ذلك‬
‫محل خالف ‪ ،‬والجمهور على خالفه ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر املبسوط ‪ 130 / 15‬والفتاوى اهلندية ‪425 / 4‬‬


‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬املغين ‪ 56 / 8‬واملقنع مع شرحه املبدع ‪. 81 / 5‬‬
‫‪ - 3‬ينظر املرجعان السابقان ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ينظر املغين ‪56 / 8‬‬
‫‪ - 5‬املصدر السابق‬
‫‪ - 6‬املصدر السابق‬
‫‪ - 7‬املغين ‪. 56 / 8‬‬
‫‪ - 8‬ينظر الفتاوى اهلندية ‪ 425 / 4‬واملغين ‪. 56 / 8‬‬
‫‪26‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫القول الثالث ‪ :‬أنه يجوز للمستأجر أن يؤجرها بمثل أجرتها وبأقل وبأكثر ‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫والرواية المعتمدة عند الحنابلة‪.‬‬ ‫وإليه ذهب الجمهور ؛ فعليه المالكية‪ 1،‬والشافعية ‪,‬‬
‫واستدلوا بالقياس على البيع ‪ ،‬فكما يجوز للمشتري أن يبيع العين بمثل الثمن وبأقل وبأكثر‬
‫‪4‬‬
‫فكذلك المستأجر بجامع أن كال منهما يملك ما أوقع عليه العقد ‪.‬‬

‫والراجح ـ واهلل أعلم ـ هو القول الثالث لما يأتي ‪:‬‬


‫‪ – 1‬قوة تعليله‬
‫‪ – 2‬ما ورد على ما استدل به أصحاب القولين اآلخرين من مناقشة‬
‫‪ – 3‬أنه يجوز له أن يستوفي المنفعة بنفسه وبغيره بمقابل وبغير مقابل ؛ ألنه يملك المنفعة ‪,‬‬
‫فيحق له أن يؤجرها بما شاء ‪ .‬واهلل أعلم ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫تأجير المالك للعين المستأجرة‬

‫تأجير المالك للعين المستأجرة أثناء مدة اإلجارة إما أن يكون واردا على المدة التي‬
‫ورد عليها العقد األول أو على مدة بعدها ‪ ،‬وإذا كان بعدها فال يخلو إما أن يكون للمستأجر‬

‫‪ - 1‬ينظر عقد اجلواهر الثمينة ‪ , 853 / 2‬والتفريع ‪. 185 / 2‬‬


‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬املهذب ‪ 410 / 1‬وروضة الطالبني ‪256 / 5‬‬
‫‪ - 3‬ينظر املغين ‪ , 56 / 8‬واإلنصاف ‪. 34 / 6‬‬
‫‪ - 4‬ينظر ‪ :‬املهذب ‪ , 410 / 1‬واملغين ‪. 56 / 8‬‬
‫‪27‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫األول أو لغيره ‪.‬‬


‫وبيان ذلك في المطلبين اآلتيين ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تأجيرها غير المستأجر أثناء مدة اإلجارة لمّدة تلي‬
‫مّدة اإلجارة األولى ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تأجيره‪PP‬ا أثن‪PP‬اء م‪ّPP‬دة اإلج‪PP‬ارة غ‪PP‬ير المس‪P‬تأجر نفس‬


‫المّدة أو جزءًا منها ‪.‬‬
‫‪28‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب األول‬
‫تأجير المالك للعين المستأجرة‬
‫أثناء مّدة اإلجارة على مّدة تلي مّدة اإلجارة األولى‬
‫إن كانت اإلجارة على المستأجر األول فال خالف في صحتها (‪. )1‬‬
‫‪ – 1‬ألن المدتين متصلتان كالمّد ة الواحدة‪ ،‬فصار القبض معجًال كما لو جمع بينهما‬
‫في عقد واحد ‪.‬‬
‫‪ – 2‬وألن المستأجر واحد فال تنازع على مورد العقد‪ ،‬ألن اليد واحدة وليس لغيره يد‬
‫تحول بينه وبين ما استأجره (‪. )2‬‬
‫وإن كانت على غير المستأجر األول‪ ،‬فخالف على قولين ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أن اإلجارة صحيحة بشرط القدرة على التسليم وقت وجوب العقد‪ .‬وإليه ذهب‬
‫جمهور الفقهاء ‪.‬‬
‫فهو مذهب الحنفية (‪ ، )3‬والمالكية (‪ ، )4‬والحنابلة (‪ ، )5‬وبعض الشافعية (‪. )6‬‬
‫واستدلوا بما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن المّد ة التي وقع العقد على إجارتها يجوز العقد عليها مع غيرها فجاز العقد‬
‫عليها مفردة كالتي تلي العقد إذ ال فرق بين كونها مضمومة مع غيرها أو منفصلة‬
‫(‪. )7‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬حتفة لفقهاء ‪ ،1/348‬وبدائع الصنائع ‪ ،4/203‬والشرح الكبري للدردير ‪ ،4/10‬ومواهب‬ ‫‪1‬‬

‫اجلليل ‪ ،5/407‬ومنح اجلليل ‪ ،7/461‬واحلاوي الكبري ‪ ،7/408‬واملهذب ‪ ،1/396‬ومغين احملتاج‬


‫‪ ،2/338‬وأسىن املطالب شرح روض الطالب ‪ ،2/408‬والفروع ‪ ،4/439‬واإلنصاف ‪ ،6/41‬وكشاف‬
‫القناع ‪4/6‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬احلاوي الكبري ‪ ،7/409‬وأسىن املطالب ‪. 2/408‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬حتفة الفقهاء ‪ ،1/348‬وبدائع الصنائع ‪ ،4/203‬والفتاوى اهلندية ‪ ،5/415‬والدر املختار‬ ‫‪3‬‬

‫‪. 6/6‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬الشرح الكبري للدردير ‪ ،11 ،4/10‬والشرح الصغري له هبامش بلغة السالك ‪،2/271‬‬ ‫‪4‬‬

‫ومواهب اجلليل ‪ ،5/407‬والتاج واإلكليل هبامشه ومنح اجلليل ‪. 7/461‬‬


‫(?) ينظر ‪ :‬الفروع ‪ ،4/439‬واإلنصاف ‪ ،6/41‬واملبدع ‪ ،5/85‬وكشاف القناع ‪ ،4/6‬وشرح‬ ‫‪5‬‬

‫املنتهى ‪. 2/364‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬مغين احملتاج ‪ ،2/338‬وتكملة اجملموعة الثانية ‪. 15/38‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬الشرح الكبري ‪ ،3/32‬وكشاف القناع ‪ ،4/6‬وشرح املنتهى ‪. 2/364‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪29‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ – 2‬أن االتفاق على إضافة العقد لمّد ة مستقبلة ال يخالف مقتضى عقد اإلجارة‪ ،‬بل هو‬
‫مقرر له ألن المنافع في عقد اإلجارة تحدث شيئًا فشيئا(‪. )1‬‬
‫‪ – 3‬القياس على الطالق والعتق فكما أنه يجوز إضافتهما إلى زمن مستقبل فكذلك‬
‫اإلجارة (‪. )2‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أن إجارة األعيان على مّد ة ال تلي العقد غير صحيحة ‪,‬‬
‫وهو المذهب عند الشافعية (‪. )3‬‬
‫واستدلوا به بما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن يد المستأجر األول حائلة تمنع يد المستأجر الثاني‪ ،‬فبطل عقده لزوال يده(‪.)4‬‬
‫‪ – 2‬أن المعقود عليه إذا كان معينًا وكان قبضه متأخرًا يبطل العقد عليه‪ ،‬كما لو شرط‬
‫تأخير القبض في معين بعقد إجارة أو بيع (‪. )5‬‬
‫ويناقش ما استدلوا بما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن التسليم متأخر والعين المؤجرة تكون وقت التسليم ال يد عليها النتهاء إجارة‬
‫األول‪ .‬والمعتبر هو وقت التسليم ال وقت انتهاء العقد كالسلم ‪.‬‬
‫‪ – 2‬كما يناقش الشافعية باإللزام‪ ،‬حيث قالوا بصحة تأخير العقار لمّد ة مستقبلة من‬
‫المستأجر األول مع أن مّد ة العقد ليست متصلة بالعقد األول (‪ . )6‬فال فرق ‪.‬‬
‫وعلى هذا فالّر اجح – واهلل أعلم – هو ما عليه جمهور الفقهاء في صحة إجارة العين‬
‫أثناء مّد ة اإلجارة على مدة تلي مدة اإلجارة األولى ‪ .‬لما يلي ‪:‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬بدائع الصنائع ‪. 4/203‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) املرجع السابق ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬احلاوي ‪ ،7/408‬واملهذب ‪ ،1/396‬ومغين احملتاج ‪ ،2/338‬وأسىن املطالب شرح روض‬ ‫‪3‬‬

‫الطالب ‪ ،2/407‬وفتح الوهاب ‪. 1/248‬واستثىن الشافعية مسألتني األوىل ‪ :‬إذا أجر املالك العني على‬
‫املستأجر السنة الثانية قبل انقضاء املدة األوىل ‪ .‬وهذه املسألة داخلة فيما ذكر أنه الخالف فيه يف مقدمة‬
‫الكالم عن هذه املسألة ‪ .‬املسألة لبثانية ‪ :‬مسألة كراء العقب ‪ :‬أن يؤجر صاحب الدابة دابته على اثنني‬
‫يعتقبان عليها ‪ ,‬فإهنا تصح مع أن تأجري الثاين على مدة التلي العقد ( ينظر ‪ :‬مغين احملتاج ‪, 238 / 2‬‬
‫‪) . 239‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬احلاوي ‪. 408‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?) املصدر السابق ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬الشرح الكبري ‪. 3/324‬‬ ‫‪6‬‬


‫‪30‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ – 1‬قوة ما استدل به الجمهور ‪.‬‬


‫‪ – 2‬ما ورد على أدلة الشافعية من مناقشة ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ما ذكره شيخ اإلسالم ابن تيمية – رحمه اهلل – من أنه ‪" :‬ليس من شرط القبض‬
‫أن يتعقب العقد بل القبض يجب وقوعه على حسب ما اقتضاه العقد لفظًا‬
‫وعرفًا؛ ولهذا يجوز استثناء بعض منفعة المبيع مّد ة معينة‪ ،‬وإن تأخر بها القبض‬
‫على الصحيح كما يجوز بيع العين المؤجرة‪ ..‬ويجوز عقد اإلجارة لمّد ة ال تلي‬
‫العقد‪ .‬سر ذلك أن القبض هو موجب العقد؛ فيجب في ذلك ما أوجبه العاقدان‬
‫بحسب قصدهما الذي يظهر بلفظهما وعرفهما"(‪. )1‬‬
‫وعلى هذا فتأخير القبض لزمن مستقبل يتفق عليه العاقدان ال يمنع صحة العقد‪.‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬جمموع الفتاوى ‪. 30/275‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪31‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب الثاني‬
‫تأجير المالك للعين المستأجرة‬
‫خالل مّدة اإلجارة من غير المستأجر‬

‫تصوير المسألة ‪:‬‬


‫أن في كالم الفقهاء وجدت أنه يمكن تصوير‬
‫بعد طول بحث وقراءة شاملة ونظر مت ٍّ‬
‫هذه المسألة في جانبين وكل جانب يرد عليه كالم يختلف عما يرد على الجانب اآلخر ‪.‬‬
‫الجانب األول ‪:‬‬
‫تأجير المالك للعين المؤجرة خالل مّد ة اإلجارة من غير المستأجر ليحل المستأجر‬
‫الثاني محل المستأجر األول في االنتفاع بالعين المستأجرة ‪.‬‬
‫وهذه المسألة للفقهاء فيها كالم‪ .‬ولكنها ليست المسألة المقصودة عندنا‪ .‬وإن كان ال‬
‫بد من دراستها‪ ،‬لقربها من مسألتنا وألنها تفيدنا كثيرًا في بيان حكم المسألة المرادة ‪.‬‬
‫الجانب الثاني ‪:‬‬
‫تأجير المالك للعين المستأجرة أثناء مّد ة اإلجارة من غير المستأجر ليحل المستأجر‬
‫الثاني محل المالك في استيفاء األجرة من المستأجر األول ‪.‬‬
‫وهذه هي المسألة المقصودة – أساسًا – بالبحث ‪.‬‬
‫وبحث هذين الجانبين في المسألتين اآلتيتين ‪:‬‬
‫المسألة األولى ‪ :‬تأجير المالك للعين المؤجرة أثناء مّد ة اإلجارة من غير المستأجر‬
‫لالنتفاع‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬تأجير المالك للعين المؤجرة أثناء مّد ة اإلجارة من غير المستأجر‬
‫ليحل محل المالك ‪.‬‬
‫‪32‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة األولى‬
‫تأجير المالك للعين المؤجرة من غير المستأجر لالنتفاع‬

‫مما هو محل اتفاق بين الفقهاء (‪ )1‬؛ بل هو إجماع (‪ : )2‬أن اإلجارة عقد الزم‬
‫للمتعاقدين ال يحل ألحدهما فسخه بدون رضا العاقد اآلخر‪ ،‬ويقتضي استحقاق المستأجر‬
‫للمنفعة واستحقاق المؤجر لألجرة على خالف بينهم في وقت استحقاق األجرة ‪.‬‬
‫وبناًء عليه فليس من حق المالك أن يتصّر ف في منفعة العين المؤجرة خالل مّد ة‬
‫اإلجارة بأّي وجه من وجوه التصّر ف‪ ،‬ال بانتفاع وال بإعارة وال بإجارة وال بغير ذلك‪ .‬ألنها‬
‫أصبحت مملوكة لغيره بمقتضى عقد اإلجارة‪ ،‬كما ال يحق للبائع أن يتصرف بالعين المبيعة؛‬
‫ألنها خرجت من ملكه بالبيع ‪.‬‬
‫وعلى هذا فإذا تصّر ف المالك بالعين المستأجرة بتأجيرها على غير المستأجر أثناء مّد ة‬
‫اإلجارة بحيث تكون اإلجارتان واردتين على مّد ة واحدة‪ ،‬أو تكون اإلجارة الثانية واردة على‬
‫جزء من مّد ة اإلجارة األولى ‪.‬‬
‫كما إذا أجر شخصًا دارًا لمّد ة سنة ابتداء من ‪1/1/1418‬هـ إلى نهاية‬
‫‪30/12/1418‬هـ وتم إجراء العقد بينهما وتفرقا على ذلك فلزم العقد ‪.‬‬
‫ثم أجرها بذاتها على شخص آخر نفس المّد ة‪ ،‬أو أجرها المالك من المستأجر الثاني‬
‫جزءًا من المّد ة أي ‪ :‬من ‪1/6/1418‬هـ إلى ‪30/12/1418‬هـ مثال ً‪.‬‬
‫فهنا تصّر ف المالك بالعين المستأجرة فيما هو وارد على منفعة العين وهو السكنى –‬
‫مثًال – أثناء المّد ة التي يستحق المستأجر األول نفع العين في جميعها ‪.‬‬
‫وقد بين الفقهاء الحكم في هذه المسألة ‪.‬‬

‫فقالوا ‪ :‬ال يخلو األمر من حالتين ‪:‬‬


‫الحالة األولى ‪:‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/195‬واملعونة ‪ ،2/1091‬واملقدمات ‪ ،2/166‬والتفريع البن جالب‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2/185‬والفوائد الفقهية ص‪ ،282‬واحلاوي الكبري ‪ ،7/394‬واملهذب ‪ ،1/400‬ومغين احملتاج‬


‫‪ ،2/355‬واملغين ‪ ،8/23‬واإلنصاف ‪ ،6/58‬وكشاف القناع ‪ ،4/24‬ومطالب أويل النهى ‪. 3/655‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ‪. 30/165‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪33‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫أن يترك المستأجر األول العين المستأجرة كأن يستأجرها ثم يبدو له فيغيرها‪ ،‬أو يسافر‬
‫ويدعها‪ ،‬أو ينتفع بها جزءًا من المّد ة ثم يتركها ‪.‬‬
‫وحينئذ فليس للمالك الحق في تأجيرها‪ ،‬خالل هذه المّد ة المستأجرة‪ ،‬ألنها في واقع‬
‫األمر مشغولة بحق المستأجر األول وألنه تصرف فيما ال يملكه ‪.‬‬
‫فإن أجرها لغير األول فخالف على قولين ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أن عقد اإلجارة األولى صحيح ‪ ،‬فال تنفسخ إجارة األول ‪ ,‬وعلى ذلك فيستحق‬
‫المالك على المستأجر األول جميع األجرة ويستحق المستأجر األول على المالك أجرة المثل‪،‬‬
‫ألنه تصرف فيما يملكه المستأجر بغير إذنه ‪.‬‬
‫وإليه ذهب الحنابلة (‪. )1‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أن تصرف المالك موقوف على إجازة المستأجر األول‪ ،‬فإن أجازه صح العقد الثاني‬
‫وإن لم يجزه بطل ‪.‬‬
‫وإليه ذهب الحنفية (‪. )2‬‬
‫واستدلوا ‪ :‬بأن عقد اإلجارة يقع على المنفعة‪ ،‬إذ هو تمليك المنفعة‪ ،‬وهي ملك‬
‫المستأجر األول بمقتضى العقد األول‪ ،‬فتجوز بإجازته وتبطل بإبطاله ‪.‬‬
‫فإذا أجاز اإلجارة الثانية كانت األجرة له ال لصاحب الدار‪ ،‬ألنه يملك عوضها وهو‬
‫المنفعة فيملك بدلها وهو األجرة ‪.‬‬
‫وحينئذ فال ينفسخ عقد اإلجارة األولى مالم تمض مّد ة اإلجارة الثانية فإذا مضت فإن‬
‫كانت مدتهما واحدة انقضت المدتان‪ ،‬وإن كانت مّد ة الثانية أقل فلألول أن يسكن حتى تتم‬
‫المّد ة (‪. )3‬‬
‫والخالف في هذه المسألة مبني على تصّر ف الفضولي‪ ،‬فمن لم يصححه وهم الحنابلة‬
‫في المعتمد أبطلوا تصرف المؤجر هنا‪ .‬ومن جعله موقوفًا على إجازة المالك‪ ،‬جعل اإلجارة هنا‬
‫موقوفة على إجازة المستأجر األول؛ ألن المالك هنا بمثابة الفضولي والمستأجر بمثابة المالك‬

‫(?) املغين ‪ ،25 ،8/24‬واإلنصاف ‪ ،6/58‬وكشاف القناع ‪ ،4/24‬ومطالب أوىل النهى ‪،3/661‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪. 662‬‬
‫(?) بدائع الصنائع ‪. 4/208‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) املرجع السابق ‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪34‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫يظهر – واهلل أعلم – رجحان القول الثاني القائل بأن الثانية موقوفة على إجازة‬
‫المستأجر األول‪ ،‬لما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن الذي يرجحه أكثر المحققين وعليه جمهور العلماء أن تصرف الفضول‬
‫موقوف على إجازة المالك ‪.‬‬
‫‪ – 2‬نفي الضرر – هنا – عن المستأجر األول حيث جعل األمر بيده يجيز أو يمنع‬
‫حسب ما يراه األصلح له ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أن الحنفية يتفقون مع الحنابلة ومن وافقهم في اإلبطال عند عدم اإلجازة‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪:‬‬
‫أن يؤجرها المالك قبل تسليمها للمستأجر األول‪ ،‬أو يمتنع من تسليمها له حتى‬
‫انقضت مدته ‪.‬‬
‫وحينئذ فتنفسخ اإلجارة ‪.‬‬
‫ألن العاقد وهو المؤجر أتلف المعقود عليه قبل تسليمه فانفسخ العقد‪ ،‬كما لو باعه‬
‫طعامًا فأتلفه قبل تسليمه ‪.‬‬
‫‪35‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫الحالة الثالثة ‪:‬‬


‫أن يسلمها أثناء المّد ة ‪.‬‬
‫وحينئذ فتنفسخ فيما مضى‪ ،‬ويجب على المستأجر أجر باقي المّد ة بقسطه من األجرة‬
‫(‪. )1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/26‬واإلنصاف ‪ ،6/58‬وكشاف القناع ‪ ،4/25‬ومطالب أوىل النهى ‪. 3/662‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪36‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة الثانية‬
‫تأجير المالك للعين المؤجرة من غير المستأجر‬
‫ليحل محله في استحقاق األجرة على المستأجر األول‬

‫بعد بحث طويل في كتب الفقهاء القديمة – قبل البعلي – لم أجد من ذكر هذه‬
‫المسألة‪ .‬ال في المذاهب األخرى وال في المذهب الحنبلي‪ .‬وال حتى عند شيخ اإلسالم في‬
‫كتبه الفقهية التي هي بين أيدينا كالمجموع والفتاوى الكبرى ومختصرها إال ما ذكره البعلي‬
‫في االختيارات الفقهية عن اختيار شيخ اإلسالم في هذه المسألة ‪:‬‬
‫أنه يجوز للمالك أن يؤجر العين المستأجرة خالل مدة اإلجارة لمن يقوم مقامه في‬
‫استيفاء األجرة من المستأجر األول‪ ،‬حيث قال ‪" :‬ويجوز للمؤجر إجارة العين المؤجرة من غير‬
‫المستأجر في مدة اإلجارة‪ ،‬ويقوم المستأجر الثاني مقام المالك في استيفاء األجرة من‬
‫المستأجر األول‪ .‬وغلط بعض الفقهاء فأفتى في نحو ذلك بفساد اإلجارة الثانية ظنًا منه أن هذا‬
‫كبيع المبيع‪ ،‬وأنه تصرف فيما ال يملك‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬بل هو تصّر ف فيما استحقه على‬
‫المستأجر"(‪. )1‬‬
‫ونقله أيضًا برهان الدين ‪ :‬إبراهيم بن شمس الدين ابن قيم الجوزية في "اختيارات شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية النميري حيث قال ‪:‬‬
‫"وإن إجارة العين المأجورة من غير المستأجر في مدة اإلجارة جائزة‪ ،‬ويقوم المستأجر‬
‫الثاني مقام المالك في استيفاء الأجرة من المستأجر األول" ‪.‬‬
‫وقال ‪" :‬ذكر ذلك في مسودته على المحرر"(‪. )2‬‬
‫ونقل هذا االختيار المرداوي في اإلنصاف عن البعلي – رحمهما اهلل ‪. -‬‬
‫ثم نظرت فيمن نقل اختيارات شيخ اإلسالم غير البعلي وبرهان الدين بن القيم فلم أجد‬
‫من ذكر هذا االختيار‪ ،‬وإنما ذكروا في موطن هذا البحث مسألة أخرى وذكروا فيها رأي شيخ‬
‫اإلسالم واإلشارة إلى من أفتى بخالفه من الفقهاء‪ ،‬وهذه المسألة هي إجارة األرض المشغولة‬
‫بغراس أو بناء لغير المستأجر ‪.‬‬
‫وممن ذكر هذه المسألة وبّين اختيار شيخ اإلسالم فيها ‪:‬‬
‫‪ -1‬ابن مفلح في الفروع ‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن عبدالهادي في مغني ذوي األفهام ‪.‬‬
‫(?) االختيارات الفقهية ص‪. 152 ،151‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) بعد البحث مل أجد من عثر على مسودة شيخ اإلسالم على احملرر ‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪37‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ -3‬المرداوي في اإلنصاف وإن كان نقل بعدها كالم البعلي ‪.‬‬


‫‪ -4‬ابن مفلح الحفيد في المبدع ‪.‬‬
‫‪ -5‬الرحيباني في مطالب أولي النهى ‪.‬‬
‫كما ذكر المسألة غيرهم‪ ،‬ولكن ببيان حكمها دون اإلشارة إلى اختيار شيخ اإلسالم‪.‬‬
‫وهي مسألة مشهورة في جميع المذاهب‪ ،‬وسأعرض ما ذكره هؤالء مما يعين في التوصل إلى‬
‫مواطن اللبس في هذه المسألة‪ ،‬عارضًا مختصر ما ذكره كل واحد شافعًا له بنقل النص الفقهي‬
‫موضع البحث ليتضح المراد ‪:‬‬

‫عرض ابن مفلح في الفروع ‪:‬‬


‫ذكر ابن مفلح ما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬قرر أنه ال يتصرف مالك العقار (المؤجر) في المنافع إال بعد انقضاء المّد ة‬
‫واستيفاء المنافع المستحقة عليه بعقد اإلجارة‪ ،‬في نقله كالم ابن عقيل ‪.‬‬
‫‪ – 2‬نفى التناقض عند فقهاء الحنابلة في مسألة إجارة المشغول وقت عقد اإلجارة‪.‬‬
‫بأن مورد العقدين مختلف‪ .‬حيث جاء العقد بإجارة المشغول على مّد ة تختلف‬
‫عن المّد ة في اإلجارة األولى ‪.‬‬
‫‪ – 3‬نفي جواز إجارة المؤجَّر لمن يقوم مقام المؤِّج ر وذكر أن جماعة من الحنابلة‬
‫وغيرهم أفتوا بعدم صحتها وذكر أنه لم يجد في كالم الفقهاء ما يخالف القول‬
‫بعدم الصحة ‪.‬‬
‫‪ – 4‬تعجب ممن فهم من كالم الحنابلة ‪ :‬القول بصحة إجارة المؤّجَر لمن يقوم مقام‬
‫المؤجِر ورد عليهم بما نقله من كالم شيخ اإلسالم ‪ :‬في فتوى بإجارة المشغول‬
‫ّ‬
‫بقصب للغير ‪.‬‬

‫وهذا هو نص كالم ابن مفلح في الفروع ‪:‬‬


‫قال بعد أن بين حكم إجارة العين المؤجرة في مّد ة تلي مّد ة اإلجارة ‪" :‬وال فرق بين‬
‫كونها مشغولة أو ال؛ لما ذكرنا‪ ،‬وكذا قال ابن عقيل في الفنون أو في الفصول ‪ :‬ال يتصرف‬
‫مالك العقار في المنافع بإجارة وال إعارة إال بعد انقضاء المّد ة واستيفاء المستحقة عليه بعقد‬
‫اإلجارة‪ ،‬ألنه مالم تنقِض المّد ة له حق االستيفاء فال تصّح تصرفات المالك في محبوس بحق؛‬
‫ألنه يتعذر التسليم المستحق بالعقد‪ ،‬فمراد األصحاب متفق وهو ‪ :‬أنه تجوز إجارة المؤجر‬
‫‪38‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫ويعتبر التسليم وقت وجوبه‪ ،‬وأنه ال يجوز إيجاره لمن يقوم مقام المؤجر كما يفعله بعض‬
‫الناس‪ ،‬وأفتى جماعة من أصحابنا وغيرهم في هذا الزمان ‪ :‬أن هذا ال يصح‪ ،‬وهذا واضح ولم‬
‫أجد من كالمهم ما يخالف هذا ‪.‬‬
‫ومن العجب ‪ :‬قول بعضهم في هذا الزمان ‪ :‬إن الذي يخطر بباله من كالم أصحابنا ‪:‬‬
‫أن هذه اإلجارة تصح‪ ،‬كذا قال؛ وقد قال شيخنا فيمن استأجر أرضًا من جندي وغرسها قصبًا‬
‫ثم انتقل اإلقطاع عن الجندي ‪ :‬إن الجندي الثاني ال يلزمه حكم اإلجارة األولى‪ ،‬وأنه إن شاء‬
‫أن يؤجرها لمن له فيها القصب أو لغيره"أ‪.‬هـ (‪. )1‬‬

‫عرض كالم ابن عبدالهادي ‪:‬‬


‫‪ – 1‬ذكر مسألة إجارة العين المنقولة بملك الغير بغرس أو بناء ال يمكن تفريغها منه‬
‫في مّد ة اإلجارة األولى‪ ،‬وبين حكم إجارتها حال كونها مشغولة مفصًال الحكم‬
‫باختالف حالة هذا الشاغل هل هو محترم أو غير محترم ‪.‬‬
‫‪ – 2‬بين الحكم أنه إن كان الشاغل غير محترم جازت اإلجارة وإن كان محترمًا‬
‫فخالف على قولين ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ذكر الخالف في المذهب في المسألة بين مجيز وغير مجيز‪ ،‬وبين أن أكثر‬
‫الحنابلة على عدم الجواز‪ ،‬وهو ما اختاره هو‪ ،‬وهو الموافق لمذهب الحنفية‬
‫والشافعية‪ .‬وممن اختار القول بالجواز صاحب الفائق وشيخ اإلسالم ابن تيمية ‪.‬‬
‫‪ – 4‬بين أن المستأجر يقوم مقام المؤجر – المالك – في بقاء الشاغل من غرس أو‬
‫بناء مع من له ذلك الغرس أو البناء ‪.‬‬
‫وبين أن هذا القول موافق لمذهب المالكية ‪ .‬وهذا نصه ‪:‬‬
‫قال ابن عبدالهادي‪ ،‬في معرض حديثه عن إجارة العين المؤجرة مّد ة معينة (بعد فك‬
‫رموز الكتاب)‪" :‬وال نعتبر وفاقًا ألبي حنيفة أن تلي العقد وال أن تكون فارغة على خالف في‬
‫المذهب‪ ،‬فلو كانت مشغولة بملكه أو بملك غيره ‪ :‬نجيزه وفاًق ألبي حنيفة ‪ .‬إذا كانت تتفرغ‬
‫في أول المّد ة ‪.‬‬
‫فأما المشغولة بملك الغير من غرس أو بناء ماال يمكن تفريغها منه في المّد ة‪ ،‬هل يجوز‬
‫إجارتها؟‬
‫إن كان غير محترم جازت خالفًا لألئمة الثالثة ‪.‬‬

‫(?) الفروع ‪. 4/439‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪39‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وإن كان محترمًا فهل يجوز ذلك؟ على قولين عندنا ‪.‬‬
‫المختار ‪ :‬ال وهو المعروف من مذهب الشافعي وأبي حنيفة واختاره جماعة من أئمة‬
‫أصحابنا‪ ،‬وذكره صاحب الفائق‪ ،‬ظاهر كالم أصحابنا ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬يجوز‪ .‬اختاره صاحب الفائق‪ ،‬وأبو العباس ‪.‬‬
‫والمستأجر يقوم مقام من أجره في بقائها مع من له ذلك وعدمه‪ ،‬وهو المعروف عند‬
‫المالكية ‪.‬‬
‫وفائدة الحكم باحترام الغراس والبناء ليس لمتقدمي أصحابنا فيه كالم ‪.‬‬
‫واختلف المتأخرون؛ فقيل ‪ :‬عدم القلع واإلزالة مطلقا ً‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬بل عدمه مجانًا‪ ،‬واألول ‪ :‬المختار"(‪. )1‬‬
‫ثم قال ‪ :‬وإنما خرجت عن قاعدتي في ذكر الخالف في هذه المسألة لكثرة الحاجة‬
‫إليها وخفاء نقلها على أكثر الناس بحيث إن بعضهم توهم أنها المسألة المذكورة في إجارة‬
‫المضاف المشغولة حالة العقد وليست بها وإن كانت من بعض جزئياتها"(‪. )2‬‬

‫عرض المرداوي في اإلنصاف ‪:‬‬


‫‪ – 1‬ذكر مسألة إجارة العين المشغولة وقت العقد لمّد ة مستقبلة بعد انتهاء المدة‬
‫األولى ‪.‬‬
‫وبين الحكم بجوازها بشرطه وهو القدرة على التسليم وقت حلول العقد ‪.‬‬
‫‪ – 2‬نقل كالم ابن عقيل بمنع المالك للعقار المؤجر من التصرف بمنافعه إال بعد‬
‫انقضاء مّد ة اإلجارة األولى ‪.‬‬
‫‪ – 3‬نقل كالم ابن مفلح في الفروع في فقراته السابقة ‪.‬‬
‫‪ - 4‬نقل كالم البعلي في ذكر اختيار شيخ اإلسالم في المسألة دون تعليق عليه‪.‬‬
‫وهذه فقرات من كالمه مما يحتاج إليه ‪:‬‬
‫"إذا علمت ذلك فقال بعض األصحاب ‪ :‬إذا أجره وكانت العين مشغولة صح إن ظن‬
‫التسليم عند وجوبه وقدمه في الفروع‪ ،‬وقال في الرعاية الكبرى ‪ :‬صح إن أمكن تسليمه في‬
‫أولها ‪ .‬وقال المصنف وغيره ‪ - :‬في أثناء بحث لهم – تشترط القدرة على التسليم عند‬

‫(?) مغين ذوي األفهام ص‪. 285‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) يقصد بذلك خروجه عن قاعدته يف استعمال الرموز للمذاهب حيث خرج إىل التصريح؛ ملا ذكره ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫مغين ذوي األفهام ص‪. 285‬‬


‫‪40‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وجوبه‪ .‬وال فرق بين كونها مشغولة أو ال؛ كالَّس َلم؛ فإنه ال يشترط وجود القدرة عليه حال‬
‫العقد ‪.‬‬
‫ثم نقل كالم ابن عقيل وكالم ابن مفلح السابق ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬ظاهر كالم ابن عقيل السابق ‪ :‬أنه ال يجوز إجارة العين إذا كانت مشغولة‪.‬‬
‫وقد قال في الفائق ‪ :‬ظاهر كالم أصحابنا ‪ :‬عدم صحة إجارة المشغول بملك غير المستأجر‪،‬‬
‫وقال شيخنا (‪ : )1‬يجوز في أحد القولين وهو المختار‪ .‬أ‪.‬هـ ‪.‬‬
‫ثم نقل فتوى شيخ اإلسالم في مسألة إجارة األرض المقطعة لجندي‪ ،‬ثم ينتقل اإلقطاع‬
‫إلى جندي آخر ‪.‬‬
‫ثم قال ‪" :‬قلت ‪ :‬قال شيخنا الشيخ تقي الدين البعلي ‪ :‬ظاهر كالم األصحاب ‪ :‬صحة‬
‫إجارة المشغول بملك لغير المستأجر من إطالقهم جواز اإلجارة المضافة‪ ،‬فإن عموم كالمهم‬
‫يشمل المشغولة وقت الفراغ بغرس أو بناء أو غيرهما ‪.‬أ‪.‬هـ ‪.‬‬
‫وقال في الفروع ‪ :‬ال يجوز للمؤجر إجارة العين المشغولة بغراس الغير أو بنائه إال بعد‬
‫فراغ مدة صاحب الغراس والبناء ‪.‬‬
‫وقال أيضًا ‪ :‬ال يجوز إجارة لمن يقوم مقام المؤجر كما يفعله بعض الناس ‪.‬‬
‫ثم نقل كالم ابن مفلح السابق ‪ .‬وبعده نقل كالم البعلي في االختيارات (‪. )2‬‬

‫عرض كالم ابن مفلح صاحب المبدع ‪:‬‬


‫‪ – 1‬ذكر مسألة إجارة المؤجر في مّد ة تلي مّد ة اإلجارة األولى وذكر حكمها بشرطه‬
‫السابق ‪.‬‬
‫‪ – 2‬نقل كالم ابن عقيل السابق‪ ،‬وكالم صاحب الفروع مقررًا القول بأنه ال يجوز‬
‫إيجار المؤجر لمن يقوم مقام المالك ‪.‬‬
‫‪ – 3‬بين أن ظاهر كالم كثير من الحنابلة أنه ال يصح إجارة المشغول بملك غير‬
‫المستأجر ‪.‬‬
‫وبين أن فتوى شيخ اإلسالم تفيد جوازه فيمن استأجر أرضًا من جند وغرسها قصبًا ثم‬
‫انتقل اإلقطاع عن الجندي أن الثاني ال يلزمه حكم اإلجارة وأنه إن شاء أن يؤجرها لمن له‬

‫(?) أي ‪ :‬ابن تيمية ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬اإلنصاف ‪ ،43-6/41‬وانظر ‪ :‬الفروع ‪. 439-4/437‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪41‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫القصب أو لغيره (‪. )1‬‬

‫عرض مرعي والرحيباني في غاية المنتهى وشرحه المطالب ‪:‬‬


‫‪ – 1‬لم يشر إلى الخالف وإنما ذكر مسألة إجارة العين المستأجرة أو المشغولة وأنه‬
‫يجوز إجارتها إذا قدر المؤجر على تسليم ما أجره عند وجوبه ‪.‬‬
‫وعقب بكالم صاحب الفروع ‪" :‬فمراد األصحاب متفق وهو أنه يجوز إجارة‬
‫المؤجر ويعتبر التسليم وقت وجوبه" ‪.‬‬
‫‪ – 2‬رتب على ما ذكره ‪ :‬عدم صحة إجارة األرض المشغولة بغرس أو بناء إذا كانت‬
‫اإلجارة لغير المستأجر صاحب الغرس أو البناء ونحوهما؛ لعدم القدرة على‬
‫تسليمه عند وجوب التسليم ‪.‬‬
‫‪ – 3‬لم يشر إلى القول الثاني عند الحنابلة الذي رجحه شيخ اإلسالم وهو أنه يجوز‬
‫إجارة األرض المشغولة بغرس أو بناء لغير المالك‪ ،‬ويحل المستأجر محل‬
‫المالك في التعامل مع صاحب الغرس والبناء (‪. )2‬‬

‫وبعد فمن خالل هذا العرض يغلب على الظن – ولست أجزم به – بأن تقي الدين‬
‫البعلي وبرهان الدين ابن القيم – رحمهما اهلل – فهما من كالم شيخ اإلسالم غير المراد‪ .‬وأن‬
‫اختيار شيخ اإلسالم الذي أشار إليه ليس فيما قرراه‪ ،‬وإنما هو في مسألة إجارة العين المشغولة‬
‫بملك المستأجر الذي ال يمكن تفريغه بعد انتهاء مّد ة اإلجارة‪ ،‬كالغرس والبناء في األرض ‪.‬‬
‫وذلك لما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أنني لم أجد في كالم شيخ اإلسالم في كتبه ما يشير إلى ما قرره البعلي وبرهان‬
‫الدين ‪.‬‬
‫‪ – 2‬أنني لم أجد في كالم تالميذه الذين اعتنوا عناية فائقة باختياراته‪ ،‬وال سيما ابن‬
‫مفلح في الفروع وابن القيم وابن عبدالهادي وغيرهم ما ُيشير إلى هذا االختيار‬
‫‪.‬‬
‫(?) املبدع ‪. 5/86‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬مطالب أويل النهى ‪. 3/624‬‬ ‫‪2‬‬

‫وقريب مما يف املطالب موجود يف الكشاف ‪ ،4/6‬ويف معونة أوىل النهى بطريقة أكثر بسطًا مع نقل كالم‬
‫ابن مفلح يف الفروع‪ ،‬مث رتب علي ما ذكر عدم صحة إجارة األرض املشغولة بغرس أو بناء للغري‪ ،‬يتعذر‬
‫حتويله وقت التسليم ‪. 70-5/68‬‬
‫‪42‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ - 3‬ما قرره ابن مفلح في الفروع من الرد على من ذهب إلى القول بصحة إجارة‬
‫العين المؤجرة لمن يقوم مقام المالك ‪.‬‬
‫‪ – 4‬ما قرره ابن عبداهلادي من أن املسألة املوافقة ملا حنن فيه‪ ،‬وما حبثه ابن‬
‫مفلح في الفروع هي مسألة المشغول بملك الغير ‪.‬‬
‫‪ – 5‬ما علق على مخطوطة األزهر لكتاب الفروع مما يفصل النزاع في المسألة‪ ،‬قال‬
‫المعلق على قوله ‪" :‬وأنه ال يجوز إيجاره لمن يقوم مقام المؤجر ‪" :‬يعني ال يجوز‬
‫للمؤجر إجارة العين المشغولة بغراس الغير أو بنائه بعد فراغ مدة صاحب‬
‫الغراس والبناء‪ ،‬وال يجوز أن يقيم مقامه غيره"أ‪.‬هـ ‪.‬‬
‫وذلك بناًء على ما ذهب إليه جمهور الحنابلة من عدم الجواز‪ ،‬وأما على القول‬
‫بالجواز الذي اختاره تقي الدين بن تيمية فيجوز أن يقوم مقام المؤجر‪ .‬ومن هنا‬
‫تعرف كيف جاءت عبارة ‪" :‬يجوز إجارة العين لمن يقوم مقام المؤجر‪ ..‬الخ ‪.‬‬
‫‪ – 6‬ما قرره شيخ اإلسالم في مسألة إجارة األرض المشغولة بالقصب إذا تغير مستحق‬
‫األرض فانتهت إجارة األرض‪ ،‬واألرض مشغولة بقصب المستأجر ‪.‬‬
‫أنه إذا استأجرها صاحب القصب صحت اإلجارة وإن استأجرها غيره جازت‬
‫اإلجارة أيضًا على ما اختاره شيخ اإلسالم ويقوم المستأجر الثاني مقام مالك‬
‫األرض مع صاحب القصب ‪ .‬إن شاء أن يبقي قصبه بأجره المثل‪ ،‬وإن شاء أن‬
‫يؤجره إياها برضاه؛ ألنه أصبح مالك منفعة األرض ‪.‬‬
‫وهذا نّص ه في مجموع الفتاوى في معرض فتوى عن حكم إجارة األرض‬
‫المقطعة لشخص أّج رها لشخص آخر وزرع فيها قصبًا‪ ...‬ثم انتقل اإلقطاع إلى‬
‫شخص آخر ‪:‬‬
‫قال "وإذا مات الُم قطع‪ ،‬فالمقطع الثاني ال يلزمه إجارة األول‪ ،‬وليس له أن يقلع‬
‫ما للمستأجر فيها من الزرع والقصب مجانًا؛ بل هو مخّير إن شاء أن يبقي زرعه‬
‫وقصبه بأجرة مستأنفة بمثل األجرة األولى أو أقل أو أكثر‪ ،‬كما يتراضيان به لكن‬
‫ليس له أن يلزم المستأجر بأكثر من أجرة المثل ‪ .‬وإذا استأجرها صاحب‬
‫القصب والزرع ‪ :‬صحت اإلجارة؛ فإنه يتمكن من االنتفاع بها‪ ،‬ولو استأجرها‬
‫غيُر ه جاز على الصحيح وقام غيره فيها مقام المؤجر إن شاء أن يبقي زرعه‬
‫وقصبه بأجرة المثل‪ ،‬وإن شاء أن يؤجره إياها برضاه"(‪. )1‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬جمموع الفتاوى ‪. 247 ،30/170‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪43‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ – 7‬أن هذه المسألة ‪ :‬مسألة جديدة تخالف ما عليه جماهير أهل العلم فلو كان لشيخ‬
‫اإلسالم فيها رأي على نحو ما ُذكر لقررها شيخ اإلسالم ودعم رأيه بالحجج‬
‫القوية على منهجه رحمه اهلل ‪.‬‬
‫‪ – 8‬ما قرره شيخ اإلسالم من أن المالك يجوز له أن يؤجر العين المؤجرة لغير‬
‫المستأجر في مدة تلي مّد ة األول ‪.‬‬
‫ومفهومه أنه ال يرى تأجيرها مّد ًة أثناء مّد ة األول حيث قال ‪" :‬إن كان قد أجر‬
‫المّد ة التي تكون بعد إجارة األول ‪ :‬لم يكن لألول اعتراض عليه في ذلك"(‪. )1‬‬
‫‪ – 9‬ما قرره شيخ اإلسالم في أكثر من موضع من كتبه من أن اإلجارة عقد الزم‬
‫للطرفين ومما قاله ‪:‬‬
‫"فإن اإلجارة إن كانت شرعية فهي الزمة من الطرفين وإن كانت باطلة فهي‬
‫باطلة من الطرفين ومن جعلها الزمة من جانب المستأجر جائزة من جانب‬
‫المؤجر فقد خالف إجماع المسلمين"(‪. )2‬‬
‫‪ – 10‬ما قاله البعلي في آخر كالمه ‪:‬‬
‫"‪ ...‬وأنه تصّر ف فيما ال يملك‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬بل هو تصّر ف فيما استحقه على‬
‫المستأجر"(‪. )3‬‬
‫أي فيما استحقه المالك على المستأجر األول صاحب الغرس والبناء في أرض‬
‫المالك‪ ،‬فاالستحقاق المشار إليه‪ ،‬ليس األجرة‪ ،‬وإنما هو ما يستحقه من حق‬
‫متعلق بالغرس والبناء الذي غرسه أو بناه المستأجر في أرضه وهذا الحق يخول‬
‫له إما المطالبة بقلع الغرس والبناء‪ ،‬أو إبقائه بأجرة المثل – على خالف بين‬
‫الفقهاء في هذه المسألة ‪. -‬‬

‫الخالف في المسألة ‪:‬‬


‫اتضح أيضًا من خالل العرض السابق أن إجارة العين المؤجرة لمن يقوم مقام المؤجر‬
‫في استيفاء األجرة من المستأجر األول‪ ،‬فيها خالف على قولين ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬

‫(?) جمموع الفتاوى ‪. 30/164‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) نفس املصدر ‪. 30/165‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) االختيارات الفقهية ص‪. 275‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪44‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫الجواز ‪.‬‬
‫وإليه ذهب من ذكره ابن مفلح ممن أفتى بجواز إجارة المؤجر لمن يقوم مقام‬
‫المالك(‪ . )1‬وهو اختيار شيخ اإلسالم إن صحت النسبة إليه‪ .‬وال أُر اها تصح لما سبق‪.‬‬
‫ولعلهم استدلوا بما ذكره البعلي في االختيارات من أن تصّر ف المالك في هذه اإلجارة‬
‫ليس تصرفًا فيما ال يملك وإنما هو تصّر ف فيما يستحقه على المستأجر (‪. )2‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫عدم الجواز ‪.‬‬
‫وهو ما عليه عامة الفقهاء‪ ،‬حيث نصوا جميعًا في كتبهم على عدم صحة تصّر ف المالك‬
‫في العين المستأجرة فيما يتجه إلى منفعة العين أثناء مّد ة اإلجارة دون تفريق ‪.‬‬
‫وأدلتهم على هذا تدور حول أن المالك ال يملك المنفعة حال إجارة العين فال يملك‬
‫التصرف فيها قياسًا على العين المبيعة ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫ومن خالل ما سبق يتضح رجحان القول الثاني القائل بعدم الجواز والصحة ‪.‬‬
‫وهذا الخالف على حسب الظاهر من كالم البعلي في االختيارات وابن مفلح في‬
‫الفروع والمرداوي في اإلنصاف ‪.‬‬
‫–‬ ‫وإال فالمتأمل في المسألة يغلب على ظنه عدم وجود هذه المسألة في الواقع‬
‫مطلقًا‪.-‬‬
‫وما أشير إليه في هذه الكتب مقصود به الخالف في إجارة األرض المشغولة بغرس أو‬
‫بناء الغير‪ ،‬وأن قوله ‪ :‬يقوم مقام المؤجر ‪ ..‬الخ‪ .‬يقصد به أن المستأجر الثاني يقوم مقام مالك‬
‫األرض في التعامل مع صاحب الغرس والبناء‪ ...‬الخ‪ .‬ولكن العبارة لم تكن وافية ببيان المراد ‪.‬‬
‫وفيما يلي بيان أوجه القول بعدم جواز تأجير العين المستأجرة أثناء مّد ة اإلجارة لمن‬
‫يحل محل المؤجر في استيفاء األجرة من المستأجر األول ‪.‬‬
‫أوجه القول بعدم جواز إجارة العين المستأجرة لمن يقوم مقام المالك ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن عقد اإلجارة عقد الزم للطرفين ال يحل ألحدهما فسخه بدون رضا العاقد‬

‫(?) مل أجد مستندًا هلذا القول ينسب الفتوى إىل أصحاهبا ورمبا كانت فتاوى معاصرة هلم غري حمررة يف‬ ‫‪1‬‬

‫كتب ‪.‬‬
‫(?) االختيارات العلمية ص‪ ،275‬واإلنصاف ‪ ،6/43‬وانظر ‪ :‬اختيارات ابن تيمية لربهان الدين بن‬ ‫‪2‬‬

‫القيم ص‪.17‬‬
‫‪45‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫اآلخر‪ .‬وهو أمر مجمع عليه (‪. )1‬‬


‫ومن أثر اللزوم االلتزام بمقتضى العقد ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬ما يقتضيه عقد اإلجارة من تمليك المؤجر األجرة وتمليك المستأجر‬
‫المنفعة(‪.)2‬‬
‫مما يخول لكل منهما حق التصّر ف فيما يملك ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬ما اتفق عليه الفقهاء من أن المالك ال يصح له التصّر ف في منافع العين‬
‫المستأجرة أثناء مّد ة اإلجارة ألنه تصرف فيما ال يملك؛ ألن اإلجارة بيع المنافع وبناًء عليه‬
‫فالمنفعة ملك المستأجر بمقتضى عقد اإلجارة فتصرفه فيها تصّر ف فيما ال يلمك‪ ،‬وإنما يصح‬
‫له التصرف فيما يملكه وهو العين‪ ،‬ولذا صحت تصرفاته الواردة على العين كالبيع والهبة‬
‫والوقف والوصية (‪. )3‬‬
‫الرابع ‪ :‬ما ذهب إليه عامة الفقهاء من صحة تصّر ف المستأجر في منفعة العين‬
‫المستأجرة‪ ،‬بتأجير أو بغيره ألنها ملكه بمقتضى عقد اإلجارة ‪.‬‬
‫ولو قيل بصحة تصّر ف المالك بما يتوجه إلى منفعة العين المؤجرة‪ ،‬للزم التعارض‬
‫والتناقض ‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬ما قرره الفقهاء في شروط صحة اإلجارة من أنه يشترط أن يكون المؤجر‬
‫مالكًا للمنفعة‪ ،‬والمالك هنا غير مالك لها؛ ألنها ملك للمستأجر بمقتضى العقد ‪.‬‬
‫السادس ‪ :‬ومما يقرر عدم الجواز ‪ :‬بيان المعقود عليه في هذه اإلجارة ‪.‬‬
‫هل هو العين المستأجرة أو المنفعة‪ ،‬أو هو توكيل في قبض األجرة‪ ،‬أو هو المستَح ق‬
‫على المستأجر وهو األجرة؟ ‪.‬‬
‫ال جائز أن يكون المعقود عليه هو العين؛ ألن اإلجارة ترد على المنفعة‪ ،‬وألن العقد‬
‫الوارد على العين بيع‪ ،‬وهما ال يريدان البيع ‪.‬‬
‫وال جائَز أن يكون متوجهًا إلى المنفعة؛ ألن المنفعة مستحقة للمستأجر فال يملك‬

‫(?) ينظر ‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/195‬ومقدمات ابن رشد ‪ ،166 /2‬واملعونة ‪ ،2/1091‬واحلاوي‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،7/394‬واملهذب ‪ ،1/400‬واملغين ‪ ،8/231‬واإلنصاف ‪ ،6/58‬وكشاف القناع ‪ ،4/24‬وجمموع‬


‫االختيارات ‪. 30/165‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/201‬واملعونة ‪ ،2/1093‬واحلاوي ‪ ،7/395‬واإلنصاف ‪. 6/58‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) انظر ‪ :‬ص ‪ 5‬فما بعدها من هذا البحث ‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪46‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المالك التصّر ف فيها أثناء مّد ة اإلجارة‪ - ،‬وأما بعدها فهي مسألة أخرى عرضناها فيما قبل ‪.‬‬
‫وال جائز أن يكون توكيًال في قبض اإليجار‪ ،‬ألنهما لم يقصداه‪ ،‬وألن المدفوع ال‬
‫يتناسب مع التوكيل‪ ،‬فلم يبق إال أن يكون واردًا على األجرة ‪ ،‬كما نّص وا على ذلك‪ ،‬فيكون‬
‫استأجر األجرة‪ .‬وهو في واقعه بيع نقد مؤجل بنقد حال أقل منه وهذا هو الربا ‪.‬‬
‫السابع ‪ :‬ما نص عليه فقهاء المالكية والحنابلة في مسألة تأجير المستأجر العين‬
‫المؤجرة من المالك بزيادة على األجرة ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬يجوز أن يؤجرها عليه بزيادة بشرط أال يكون حيلة كالعينة ‪ :‬بأن يستأجرها‬
‫بأجرة حالة نقدًا ثم يؤجرها بأكثر منه مؤجًال‪ ،‬فال يصح حسمًا لمادة ربا النسيئة‪ ،‬كمن يؤجر‬
‫الدار – مثًال – خمس سنوات ‪ :‬السنة بعشرين ألف لاير‪ ،‬ثم يؤجرها للمالك بأقل من ذلك نقدًا‬
‫(‪. )1‬‬
‫وهو الذي جعل الحنفية يمنعون تأجير المستأجر للعين المؤجرة من المالك بزيادة‬
‫مطلقًا ‪ .‬حسمًا لمادة الربا‪ ،‬ألنها تشبه مسألة العينة (‪. )2‬‬
‫ولهذا جاء في هامش الموسوعة الكويتية ‪:‬‬
‫"ترى اللجنة أن إباحة إيجار المستأجر للمؤجر نفس العين المستأجرة في أكثر الصور‬
‫تشبه بيع العينة المنهي عنه‪ ،‬ولعل هذا ما دعى الحنفية إلى منع ذلك"(‪. )3‬‬
‫ومسألتنا شبيهة بهذه المسألة؛ ألن المستأجر الثاني استأجر العين بنقد حال بنقد أكثر‬
‫منه نسيئة؛ حيث لم يكن في قصد المستأجر الثاني المنفعة وإنما قصد بيع النقود الحاضرة‬
‫بنقود مؤجلة مع الربح ‪.‬‬
‫الثامن ‪ :‬ما نص عليه فقهاء المالكية في مسألة بيع العين المؤجرة من أن اإلجارة تبقى‬
‫بحالها إلى انتهاء مدة اإلجارة‪ ،‬واألجرة للبائع ‪ ،‬وال يجوز أن يشترطها المشتري؛ ألنه يؤول‬
‫إلى الربا إلا إن كان البيع بعروض"(‪. )4‬‬
‫وكونه يؤول إلى الربا ‪ :‬ألنه يصبح َدَفع نقدًا وهو الثمن بعرض ونقد وهو العين‬
‫المؤجرة واألجرة ‪.‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬مواهب اجلليل ‪ ،5/406‬ومنح اجلليل ‪ ،5/458‬واإلنصاف ‪ ،6/35‬وشرح املنتهى‬ ‫‪1‬‬

‫‪. 2/361‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬رد احملتار ‪. 9/107‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) املوسوعة الكويتية ‪. 1/268‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬مواهب اجلليل ‪ ،5/408‬والقوانني الفقهية ص‪. 282‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪47‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وإذا كان البيع بعروض لم يصبح نقدًا بنقد؛ فانتفى الربا ‪.‬‬
‫وعلى هذا الذي ذكره الفقهاء فالمسألة – موضع البحث – قريبة من هذه؛ ألنها في‬
‫الواقع بيع نقد بنقد مع التأجيل والتفاضل ‪ ،‬فاجتمع فيها ربا الفضل والنسيئة‪.‬‬
‫التاسع ‪ :‬أن المعقود عليه في اإلجارة هو المنفعة ‪.‬‬
‫والقول بجواز تأجير العين المستأجرة من ِقَبل المالك على ذات المّد ة‪ ..‬يترتب عليه‬
‫ورود عقدين من شخص واحد على محل واحد من عاقدين مختلفين‪ ،‬حيث أبرم المالك في‬
‫اإلجارة األولى العقد على منفعة العين مّد ة معينة مع المستأجر األول‪ ،‬ثم أبرم عقدًا آخر على‬
‫نفس المحل وبنفس المّد ة مع شخص آخر‪ .‬والحال أنه مشغول بالعقد األول‪ ،‬فال يصح كما لو‬
‫باع العين من شخص ثم باعها على شخص آخر بعد أن انتقلت من ملكه ‪.‬‬
‫العاشر ‪ :‬أنه يترتب على صحة هذا العقد ‪:‬‬
‫أنه يجوز للمؤجر أن يؤجر العين المستأجرة على غير المستأجر‪ ،‬ويجوز للمستأجر أن‬
‫يؤجر العين المستأجرة لغيره‪ ،‬وهكذا من استأجر من المالك يحق له أن يؤجر العين ومن‬
‫استأجر منه‪ ،‬وهكذا من استأجر من المستأجر األول يحق له أن يؤجرها ومن استأجر منه‪ ...‬الخ‬
‫‪.‬‬
‫وهذا يؤدي إلى التنازع في العين المستأجرة مما ال يتناهى من العاِقدين الذين تعلق‬
‫حقهم بها‬
‫الحادي عشر ‪ :‬أن هذه المعاملة ذريعة إلى الربا بال إشكال إذ يتوصل من خاللها إلى‬
‫بيع نقد مؤجل بنقد حال مع التفاضل والنساء حيث استبيح بهذه اإلجارة الصورية بيع مائة‬
‫وخمسين ألف مؤجلة بمائة ألف حالة – مثًال ‪. -‬‬
‫وهذه الذريعة محّر مة بداللة ما يلي ‪:‬‬
‫‪– 1‬حديث الغالية بنت أْيفع بن شراحيل أنها قالت‪":‬دخلت أنا وأم ولد زيد بن أرقم‬
‫وامرأته على عائشة رضي الله عنها فقالت أم ولد زيد بن أرقم‪ :‬كانت لي جارية‬
‫وإني بعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم إلى عطائه‪ ،‬وإنه أراد بيعها فابتعتها منه‬
‫بستمائة نقدًا‪ .‬فقالت‪ :‬بئس ما شريت وما اشتريت‪ ،‬فأبلغي زيدًا أنه قد أبطل جهاده‬
‫مع رسول الله ‪ ‬إال أن يتوب"(‪. )1‬‬
‫اعترض الشافعي عليه بأنه ال يصح لجهالة الغالية ‪.‬‬
‫(?) أخرجه الدارقطين ‪ ،3/52‬والشافعي يف األم ‪ ،4/78‬وعبدالرزاق يف املصنف ‪ ،8/184‬والبيهقي يف‬ ‫‪1‬‬

‫السنن الكربى ‪. 331 ،5/330‬‬


‫‪48‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وأجاب ابن الجوزي في التحقيق بأنها ‪ :‬جليلة القدر معروفة‪ ،‬ذكرها محمد بن‬
‫سعد في الطبقات قال ‪ :‬الغالية بنت ْأيفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق السبيعي‬
‫سمعت من عائشة (‪ ، )1‬ومال ابن القيم إلى تصحيحه كما في تهذيب السنن (‪.)2‬‬
‫‪ – 2‬ما ورى عن ابن عباس رضي اهلل عنهما أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة‬
‫بمائة ثم اشتراها بخمسين فقال ‪ :‬دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة‪.‬‬
‫وفي لفظ ‪" :‬اتقوا هذه العينة ال تبيعوا دراهم بدراهم بينهما حريرة"(‪. )3‬‬
‫وإن كان هذا األثر في بيع العينة‪ .‬إال أنه فيما يظهر ينطبق على هذه المعاملة في‬
‫مسألتنا‪ ،‬حيث يتم فيها بيع دراهم مؤجلة بدراهم حالة مع التفاضل‪ ،‬والواسطة‬
‫بينهما هذه اإلجارة الصورية ‪.‬‬
‫الثاني عشر ‪ :‬أن المعاملة في هذه المسألة من قبيل بيع الدين لغير من هو عليه ‪.‬‬
‫حيث إن المؤجر يبيع األجرة الواجبة له بالعقد وهي مؤجلة في ذمة المستأجر على‬
‫المستأجر الجديد بنقد حال ‪.‬‬
‫فأصبح بيع دين مؤجل في ذمة المستأجر األول بنقد حال ‪ ،‬ومعلوم تحريم بيع الدين‬
‫الذي في الذمة على غير من هو له‪ ،‬أو على من هو له مع التفرق قبل التقابض ‪.‬‬
‫ومما يدل على ذلك حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما قال ‪ :‬قلت يا رسول اهلل إني أبيع‬
‫اإلبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم‪ ،‬وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير‪ ،‬آخذ هذا من هذا‬
‫وأعطي هذا من هذا؟ فقال رسول اهلل ‪" : ‬ال بأس أن تأخذها بسعر يومها مالم تفترقا وبينكما‬
‫شيء"(‪. )4‬‬
‫وال يعترض على هذا بأنه من قبيل الصرف بخالف ما نحن فيه‪ ،‬حيث هو تأجير على‬
‫تأجير‪ ،‬ألنه يقال ‪ :‬إنه تبّين من خالل ما سبق أن التأجير غير صحيح لوروده على منفعة مملوكة‬

‫(?) ينظر ‪ :‬التحقيق وتنقيح التحقيق هبامشه‪ ،‬البن اجلوزي والذهيب ‪. 129-7/127‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ‪. 5/104‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ذكره ابن حزم يف احمللى ‪ ،9/689‬وذكره ابن القيم يف هتذيب السنن ‪ ،5/101‬وقال ‪ :‬ثبت عن‬ ‫‪3‬‬

‫ابن عباس أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة مبائة مث اشرتاها خبمسني فقال‪ :‬دراهم بدراهم متفاضلة‪،‬‬
‫دخلت بينهما حريرة ‪.‬‬
‫(?) أخرجه أبو داود يف تاب البيوع‪ 3/250 ،‬ورقمه (‪ )3354‬والرتمذي يف كتاب البيوع ‪3/544‬‬ ‫‪4‬‬

‫ورقمه (‪ )1242‬والنسائي يف كتاب البيوع (‪ ،)7/283‬وابن ماجه ‪ 2/760‬ورقمه (‪ .)2262‬واحلديث‬


‫صححه احلاكم ووافقه الذهيب‪ ،‬املستدرك وتلخيص املستدرك ‪ ، 2/44‬وضعفه ابن حزم يف احمللى ‪،7/452‬‬
‫واأللباين يف إرواء الغليل ‪. 5/173‬‬
‫‪49‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫للغري ‪.‬‬
‫فحقيقته ‪ :‬بيع األجرة المستحقة باإلجارة األولى باألجرة المستحقة باإلجارة الثانية‪،‬‬
‫فهو بيع نقد بنقد فدخل في مدلول الحديث ‪.‬‬
‫والحديث يدل على أنه البد من التقابض في مجلس العقد أو ما هو في معنى التقابض‪،‬‬
‫فيما إذا كان أحد النقدين حاضرًا في المجلس واآلخر في الذمة؛ ألنه يشترط أال يفترقا وبينهما‬
‫شيء ‪.‬‬
‫وهنا في هذه المعاملة يحصل االفتراق وبينهما شيء؛ بل إن العوض الذي في الذمة‬
‫مؤجل التْس ليم على أقساط هي اإليجار السنوي ‪.‬‬
‫الثالث عشر ‪ :‬هذه المعاملة‪ ،‬يترتب عليها ربح مالم يضمن ‪.‬‬
‫وقد جاء النهي عن ربح مالم يضمن؛ كما في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‬
‫رضي اهلل عنهم قال ‪ :‬قال رسول اهلل ‪" : ‬ال يحل سلف وبيع وال شرطان في بيع وال ربح ماال‬
‫يضمن‪ ،‬وال بيع ما ليس عندك"(‪. )1‬‬
‫ويدل لهذا المعنى أيضًا حديث عائشة رضي اهلل عنها أن رسول اهلل ‪ ‬قضى أن ‪:‬‬
‫"الخراج بالضمان"(‪. )2‬‬
‫وفي ه ــذه المعامل ــة يتحق ــق ربح م ــاال يض ــمن‪ ،‬ألن العين الم ــؤجرة في مـ ـّد ة اإلج ــارة من‬
‫ضمان المستأجر لـو تعــدى فيهــا أو فــرط‪ ،‬فكـان ينبغي أن يكـون ربحهــا للمســتأجر‪ ،‬ألن الخـراج‬
‫بالضــمان وقــد نهى عن ربح مــاال يضــمن فــإذا مــا أّج رهــا المــؤجر وهي في ملــك المســتأجر األول‬
‫وفي ضمانه فقد ربح ماال يدخل في ضمانه ‪.‬‬

‫(?) أخرجه اإلمام أمحد يف املسند ‪ ،2/179‬وأبو داود يف كتاب البيوع ‪ ،3/769‬والرتمذي يف كتاب‬ ‫‪1‬‬

‫البيوع ‪ ،3/526‬والنسائي يف كتاب البيوع ‪ ،7/295‬واحلاكم يف املستدرك ‪ ،2/17‬وقال ‪ :‬هذا حديث‬


‫على شرط مجلة من أئمة املسلمني ‪ ،‬ووافقه الذهيب ‪.‬‬
‫كما رواه ابن ماجه يف سننه ‪ ،2/737‬والدارقطين ‪ ،3/75‬قال ابن حجر وصححه ابن خزمية‪( .‬بلوغ املرام‬
‫‪. )2/478‬‬
‫(?) أخرجه اإلمام أمحد يف املسند ‪ ،6/49‬وأبو داود يف كتاب البيوع ‪ ،3/777‬والرتمذي يف كتاب‬ ‫‪2‬‬

‫البيوع ‪ ،3/572‬والنسائي يف البيوع ‪ ،7/254‬وابن ماجة يف كتاب التجارات ‪ ،2/754‬واحلاكم يف‬


‫املستدرك ‪ .2/15‬قال ابن حجر ‪ :‬وصححه الرتمذي وابن خزمية وابن اجلاورد وابن حبان واحلاكم وابن‬
‫القطان‪ .‬بلوغ املرام ‪. 2/504‬‬
‫‪50‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المبحث الثالث‬

‫اإلجارة على اإلجارة في إجارة األشخاص‬


‫‪51‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المبحث الثالث‬
‫اإلجارة على اإلجارة في إجارة األشخاص‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫تقسم اإلجارة تقسيمات عديدة باعتبارات مختلفة‪ ،‬فتقسم من حيث ورودها على مّد ة‬
‫أو على عمل إلى قسمين؛ إجارة على مّد ة معينة‪ ،‬وإجارة على عمل معين وُتقّس م من حيث‬
‫ورودها على عين معينة‪ ،‬أو على الذمة إلى قسمين‪:‬‬
‫إجارة األعيان ‪ ،‬واإلجارة في الذمة‪.‬‬
‫وإجارة األعيان تقسم من حيث ورودها على اآلدميين أو غيرهم إلى قسمين‪ :‬إجارة‬
‫األشخاص‪ ،‬وإجارة األشياء‪.‬‬
‫وبحثنا هنا في إجارة األشخاص ‪.‬‬
‫أما إجارة األشياء كاستئجار دابة للركوب عليها أو للحرث ‪ ،‬وكاستئجار دار للسكنى‬
‫‪ ،‬فهذه سبق بحثها – في المبحث األول من هذا البحث ‪ ، -‬وعرفنا من خالله إمكانية ورود‬
‫اإلجارة على اإلجارة في هذا النوع‪ ،‬وكان مدار البحث في المبحث األول على ذلك ‪.‬‬
‫وأما إجارة األشخاص والمراد ‪ :‬استئجار اآلدميين للعمل‪ .‬فلها حالتان ‪ ,‬بيانهما في‬
‫المطلبين اآلتيين ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬األجير الخاص ‪:‬‬
‫المراد به ‪:‬‬
‫عرف األجير الخاص بتعريفات عديدة متقاربة في معناها من أهمها ‪ :‬أنه من قدر نفعه بالزمن ‪, 1‬‬
‫أو هو من يقع العقد علي عينه في مدة معلومة يستحق المستأجر نفعه في جميعها ‪ , 2‬او هو من‬
‫يعمل لواحد ‪ , 3 ,‬أو هو من يستحق األجرة بتسليم نفسه وإن لم يعمل ‪ ، 4.‬سمي بذلك الختصاص‬
‫المستأجر بمنفعته في مدة اإلجارة ‪.‬‬
‫ورود اإلجارة على اإلجارة في األجير الخاص ‪:‬‬
‫في هذه الحالة ال ترد اإلجارة على اإلجارة ؛ ألن ‪ :‬المعقود عليه في إجارة األجير الخاص هو‬
‫منفعة األجير بعينه ‪ ,‬ألداء عمل معين في مدة معينة ‪ ،‬وبناء عليه فإذا تم العقد صحيحا ‪ ,‬فإنه‬
‫‪ - 1‬ينظر الفروع ‪ , 449 / 4‬وكشاف القناع ‪. 32 4‬‬
‫‪ - 2‬ينظر ينظر املغين ‪. 103 / 8‬‬
‫‪ - 3‬ينظر بدائع الصنائع ‪ 174 / 4‬وتبصرة احلكام ‪. 331 / 2‬‬
‫‪ - 4‬ينظر ‪ :‬اهلداية ‪. 244 / 3‬‬
‫‪52‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫يلزم األجير الخاص أن يعمل لدى مستأجره وليس له أن يستأجر شخصًا آخر يحل محله في‬
‫أداء العمل الذي ستؤجر له إال بإذن صاحب العمل ‪.‬‬
‫فإذا استأجر شخص خادمًا أو مزارعًا أو راعيًا‪ ،‬أو سائقًا فليس ألي من هؤالء أن‬
‫يستأجر من يحل محله في هذا العمل إال بإذن المستأجر وهو صاحب العمل (‪.)1‬ألن المعقود‬
‫عليه‪ -‬كماسبق – هو عمل األجير بنفسه ‪ -‬فلزم القيام به على الوجه المطلوب ‪ ,‬كمن‬
‫‪2‬‬
‫استأجر دابة معينة من إنسان لركوبها فإنه ليس له إبدالها ‪.‬‬
‫إنابة المستأجر من يقوم بعمل األجير الخاص عند عدم قيامه بالعمل ‪:‬‬
‫إذا لم يقم األجير الخاص بعمله فال يخلو إما أن يكون ذلك لعذر أو لغير عذر ‪ ,‬فإن كان لعذر‬
‫كمرض أو حدوث أمر غالب منعه من العمل كسيل أو حرب أو حريق ‪...‬الخ فإن األجير ال‬
‫يكلف أن يقيم من يعمل بدله ؛ ألن المعقود عليه معين وهو عين األجير ‪ , 3‬وألنه معذور‬
‫بتخلفه عن العمل ‪.‬‬
‫وإن لم يكن لعذر فإن األجير يجبر على أداء العمل ‪ ،‬وليس له أن ينيب من يعمل بدله‪ ,‬ألن‬
‫العقد وقع على عينه ‪ .‬وليس للمستأجر أن يستأجر من يقوم بعمله على حساب األجير ‪ ،‬بل‬
‫يخير بين فسخ اإلجارة أو الصبر حتى يقوم بالعمل ؛ لتعذر استيفاء المعقود عليه ‪ ,4‬وألن غرض‬
‫المستأجر يفوت بإقامة غير األجير مناب األجير وحينئذ فألفضل له أن يفسخ العقد معه‬
‫ويستأجر غيره ‪.‬وإذا لم يتمكن من إجبار األجير غير المعذور على القيام بالعمل فإن األجير‬
‫اليستحق األجرة ؛ لعدم قيامه بالعمل ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬األجير المشترك ‪.‬‬
‫المراد به ‪:‬‬
‫كما اختلفوا في المراد باألجير الخاص اختلفوا في األجير المشترك فقيل ‪ :‬هو من قــدر نفعــه‬

‫(?) ينظر‪ :‬اهلداية ‪ 234 ،3/245‬وبدائع الصنائع ‪ 208 / 4‬ومنح اجلليل ‪ 441 / 7‬والبهجة شرح‬ ‫‪1‬‬

‫التحفة ‪ 182 / 2‬وروضة الطالبني ‪ 224 5‬والفتاوى الكربى البن حجر ‪. , 148 / 3‬واملغين ‪36 / 8‬‬
‫ومعونة أويل النهى ‪ 71 / 5‬ومطالب أويل النهى ‪. 626 / 3‬‬
‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬جممع األهنر ‪ 374 / 2‬ومعونة أويل النهى ‪. 71 / 5‬‬
‫ومطالب أويل النهى ‪. 658 / 3‬‬ ‫‪ - 3‬ينظر املغين ‪/ 8‬‬
‫‪ - 4‬ينظر املبسوط ‪ 6 / 16‬والبحر ارائق ‪ 6 / 8‬والشرح الكبري مع حاشية الدسوقي ‪ ، 31 / 4‬وروضة الطالبني‬
‫‪ 239 / 5‬وشرح روض الطالب ‪ 418 / 2‬وكشاف القناع ‪ 31 / 4‬ومطالب أيل النهى ‪. 631 / 3‬‬
‫‪53‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫بالعمــل ‪ ، 1‬وقيــل هــو من يقــع العقــد معــه على عمــل معين ‪ ،‬أو على مــدة اليســتحق المســتأجر‬
‫جميــع نفعــه فيهــا ‪ ، 2‬وقيــل غــير ذلــك ‪.‬والمعقــود عليــه في األجــير المشــترك منفعــة في الذمــة‬
‫إلنجاز عمل معين أو موصوف بصفات تضبطه ‪:‬‬
‫وال تكون اإلجارة هنا إال آلدمي؛ ألنها متعلقة بالذمة وال ذمة لغير اآلدمي(‪.)3‬‬
‫سمي األجبر المشترك بهذا االسم ؛ ألن منفعته تكون ألكثر من شخص‪ ،‬حيث إنه يتقبل أعماًال‬
‫لجماعة ‪ ،‬ومنفعته مشتركة بينهم (‪.)4‬‬
‫وروداإلجارة على اإلجارة في األجير المشترك ‪:‬‬
‫اإلجارة على اإلجارة واردة هنا ‪ ،‬وذلك أنه إذا استؤجر األجير المشترك لعمل معين أو‬
‫موصوف فال يخلو من ثالث حاالت ‪:‬‬
‫الحالة األولى‪:‬‬
‫أن يقوم بالعمل بنفسه‪ ،‬وهذا هو األصل‪ ،‬فال إشكال فيه ‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪:‬‬
‫أن تكون طبيعة العمل المستأجر إلنجازه تقتضي أال ينفرد بعمله كأن يستأجره لبناء‬
‫بيت‪ ،‬فظاهر الحال أنه لن يقوم بجميع األعمال الالزمة لبناء البيت بنفسه‪ ،‬وإنما يلزم أن‬
‫يستأجر البناء والنجار والمبلط والسباك والدهان والكهربائي…‬
‫فهنا تحققت اإلجارة على اإلجارة‪ ،‬حيث استأجر صاحب البيت األجير األول‪ ،‬وهذا‬
‫األجير استأجر أجراء للقيام باألعمال الالزمة لبناء المنزل‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪:‬‬
‫أن يحصل لألجير المستأجر لعمل معين مانع يمنعه من القيام بهذا العمل ‪ ،‬وحينئذ فعليه‬
‫أن ينيب من يقوم بالعمل بدله‪ ،‬فإن امتنع أو هرب‪ :‬استأجر صاحب العمل من يقوم بالعمل‪،‬‬
‫وأجرة األجير الثاني على األجير األول‪.‬‬
‫وهذا هو ما قرر الفقهاء في المذاهب األربعة؛ حيث اتفقوا على أنه يجوز لألجير‬
‫المشترك أن يقوم بالعمل الذي استؤجر له بنفسه ‪ ،‬وهذا هو األصل‪ ،‬ويجوز أن يستأجر هو من‬

‫‪ - 1‬ينظر ‪ :‬كشاف القناع ‪32 / 4‬‬


‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬ينظر الغين ‪. 106 / 8‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬املبدع ‪ ،5/89‬وكشاف القناع ‪. 4/11‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬اهلداية للمرغيناين ‪ ،3/244‬وكشاف القناع ‪. 4/11‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪54‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫يقوم بالعمل نيابة عنه بشرطه (‪.)1‬‬


‫وبناًء على ما سبق يتضح أن اإلجارة على اإلجارة واردة في إجارة األشخاص إذا كان‬
‫األجير مشتركًا بالشروط اآلتية ‪:‬‬
‫الشرط األول‪:‬‬
‫أال يشترط صاحب العمل أن يقوم األجير بالعمل بنفسه فإن شرط ذلك ‪ ،‬فليس له أن‬
‫يستأجر من يقوم بالعمل ‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪:‬‬
‫أال يكون العمل المعقود عليه مما يختلف باختالف األشخاص‪ ،‬فإن كان العمل في‬
‫اإلجارة األولى مما يختلف باختالف األجير ‪ ،‬كالخط ونحوه‪ ،‬فال تدخل اإلجارة على اإلجارة‪،‬‬
‫ألن األجير األول حينئذ مقصودًا لعينه‪ ،‬وللمستأجر األول غرض صحيح في قيام األجير األول‬
‫بالعمل ‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪:‬‬
‫أال يكون األجير األول أجيرًا خاصًا ‪ ،‬فإن كان أجيرًا خاصًا ‪ ،‬فليس له أن ينيب غيره‬
‫في القيام بعمله ‪ ،‬وليس له أن يستأجر من يقوم بالعمل بدله ‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪:‬‬
‫أال يكون العقد األول في اإلجارة األولى قد انتهى‪ ،‬ألنه إذا انتهى العقد األول بين‬
‫المستأجر واألجير األول‪ ،‬فال يكون هناك إجارة على إجارة؛ ألن العقد الثاني مبني على العقد‬
‫األول‪ ،‬فإذا انتهى األصل انتفى الفرع (‪.)2‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬اهلداية للمرغيناين ‪ ، 3/234‬وتبيني احلقائق ‪ ،5/111‬ونتائج األفكار ‪ ،8/21‬والذخرية‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،5/500‬والفواكه الدواين ‪ ،2/166‬وشرح احمللى على املنهاج ‪ ، 3/68‬وأسىن املطالب ‪ ،2/409‬واملغين‬


‫‪ ،8/36‬واملبدع ‪ ، 90 ،5/89‬وشرح املنتهى ‪. 2/375‬‬
‫(?) ينظر‪ :‬املصادر السابقة ‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪55‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المبحث الرابع‬

‫الضمان في اإلجارة على اإلجارة‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬في إجارة األشياء‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬في إجارة األشخاص‪.‬‬


‫‪56‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب األول‬
‫الضمان في اإلجارة على اإلجارة في إجارة األشياء‬
‫المراد باألشياء هنا‪ :‬األعيان المـؤجرة من غـير اآلدمـيين ‪ ،‬فيـدخل فيهـا العقـار والـدواب‪،‬‬
‫واآلالت المختلفة ‪ ،‬والمراكب المختلفة‪ ،‬ويدخل في ذلك السفن والطائرات والسيارات ‪… ،‬‬
‫الخ ‪.‬‬
‫والبحث هنا في حكم الضمان إذا حصل تلف كلي أو جزئي للعين المؤجرة‪ ،‬في‬
‫اإلجارة الثانية‪ ،‬إذا أجر المستأجر األول العين المؤجرة على مستأجر ثاٍن فحصل التلف عند‬
‫الثاني‪ ،‬فهل يضمن ‪ ،‬أو ال يضمن؟ وإذا كان يضمن ‪ ،‬فهل يضِّم ن المالُك المستأجَر األول أو‬
‫المستأجر الثاني…؟‬
‫مما اتفق عليه الفقهاء في المذاهب األربعة أن يد المستأجر على العين المؤجرة يد‬
‫أمانة‪ ،‬والمستأجر أمين (‪ ،)1‬فتنطبق عليه قاعدة الضمان على األمناء وهذه القاعدة‪ :‬أن من كانت‬
‫يده يد أمانة فال ضمان عليه إال إذا تعّد ى أو فرط (‪. )2‬‬
‫وعلى ذلك فالمستأجر األول أمام المالك أمين ال يضمن إال إذا تعدى أو فرط‪،‬‬
‫والمستأجر الثاني كذلك أمام المستؤجر األول‪ ،‬ألن المستأجر الثاني‪ ،‬أمام المستأجر األول‬
‫كالمستأجر األول أمام المالك‪.‬‬
‫وعلى ذلك‪ ،‬فإذا حصل من المستأجر الثاني تعد أو تفريط تسبب في تلف العين‬
‫المؤجرة‪ ،‬فإنه يضمنها لمالكها ‪ ،‬وال ضمان على المستأجر األول‪ ،‬لعدم تعديه وعدم تفريطه‪.‬‬
‫وإذا حصل التلف بدون تعٍّد أو تفريط فال ضمان على واحد منهما‪.‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬شرح اجلصاص على خمتصر الطحاوي ‪ ،384 ،1/383‬وجملة األحكام العدلية املادة ‪768‬‬ ‫‪1‬‬

‫بشرح سليم رستم باز وقوانني األحكام الشرعية ص‪ ،350 ،349‬واألشباه والنظائر للسيوطي ‪،759‬‬
‫والكايف البن قدامة ‪ ،2/282‬وكشاف القناع ‪ ،3/485‬والقواعد واألصول اجلامعة ص‪ 50‬القاعدة الرابعة‬
‫عشرة‪.‬‬
‫(?) ينظر‪ :‬شرح جملة األحكام العدلية لسليم رستم املادة ‪ ، )768( :‬والفرائد البهية للحمزاوي ص‪،99‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ، 100‬وقوانني األحكام الشرعية البن جزي ص‪ ،350 ،349‬والكايف البن قدامة ‪. 2/282‬‬
‫‪57‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب الثاني‬
‫الضمان في اإلجارة على اإلجارة في إجارة األشخاص‬

‫البحث هنا في حكم تضمين األجير الثاني‪ ،‬المستأجر من قبل األجير األول‪ .‬فإذا‬
‫استأجر شخص أجيرًا ليعمل له عمًال معينًا‪ ،‬فإن كان األجير أجيرًا خاصا‪ ،‬فليس داخًال في هذا‬
‫البحث ؛ ألن األجير الخاص ليس له أن يستأجر من يقوم بعمله بدله ‪ ،‬فال إجارة على اإلجارة ‪،‬‬
‫كما سبق ‪.‬‬
‫وإن كان األجير أجيرًا مشتركًا ‪،‬ولم يشترط عليه أن يقوم بالعمل بنفسه واستأجر‬
‫شخصًا آخر يقوم بالعمل بدله فال يخلو إما أن يكون األجير الثاني أجيرًا خاصًا عند األجير‬
‫األول‪ ،‬أو أجيرًا مشتركًا‪ ،‬فإن كان خاصًا ‪ ،‬فال ضمان في اإلجارة الثانية ؛ ألن األجير الخاص‬
‫ال يضمن إال بالتعدي أو التفريط ‪.‬‬
‫وحينئذ فيكون الضمان على األجير األول‪.‬‬
‫وإن كان األجير الثاني أجيرًا مشتركًا فينطبق عليه في مسألة الضمان أمام األجير‬
‫األول‪ ،‬ما ينطبق على األجير األول أمام صاحب العمل‪ .‬وقد اتفق الفقهاء في المذاهب األربعة‬
‫على تضمين األجير المشترك إذا حصل منه تعٍد أو تفريط (‪.)1‬‬
‫وأما إذا لم يحصل منه تعد وال تفريط وأقام البينة على ذلك فقد اتفقت المذاهب‬
‫األربعة في المشهور عندهم ‪.‬‬
‫أنه ال يضمن ‪.‬‬
‫ألن األصل عدم تضمين األجراء (‪.)2‬‬
‫وإن لم يقم البينة على عدم التعدي والتفريط وكان التلف بغير فعله فخالف على ثالثة‬
‫أقوال ‪:‬‬
‫القول األول‪:‬‬
‫أنه ال يضمن ‪ ،‬وإليه ذهب اإلمام أبو حنيفة وزفر‪ ،‬والحسن بن زياد (‪ ، )3‬وهو الصحيح‬

‫(?) ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/210‬واالختيار لتعليل املختار ‪ 54 / 2‬املقدمات املمهدات ‪،2/243‬‬ ‫‪1‬‬

‫وحاشية الدسوقي ‪ 26 / 4‬واحلاوي ‪ ،7/426‬واملهذب ‪ 408 / 1‬واإلنصاف ‪ 6/72‬وكشاف القناع‬


‫‪. 33 / 4‬‬
‫(?) ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/210‬والدخرية ‪ ،5/502‬واملهذب ‪ ،1/408‬واإلنصاف ‪. 6/72‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/210‬وتبيني احلقائق ‪. 5/134‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪58‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫عند الشافعية (‪ ،)1‬ومذهب الحنابلة (‪. )2‬‬


‫واستدلوا باآلتي‪:‬‬
‫ما ورد عن علي ‪ ‬أنه قال بعدم تضمين األجير المشترك(‪.)3‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن األصل عدم الضمان إال على المتعدي ‪ .‬ولم يحصل منه تعد؛ ألن التلف‬ ‫‪-2‬‬
‫ليس من صنعه(‪.)4‬‬
‫أن األجير قبض العين بإذن مالكها فال يضمنها قياسًا على الوديعة والعارية‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫والمضاربة (‪.)5‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫أنه يضمن ‪ .‬وإليه ذهب المالكية (‪ ،)6‬وهو قول عند الشافعية (‪ ،)7‬ورواية عند الحنابلة‬
‫(‪.)8‬‬
‫واستدلوا باآلتي‪:‬‬
‫‪ )1‬حديث سمرة ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪" :‬على اليد ما أخذت حتى تؤدي"(‪.)9‬‬
‫ونوقش‪ :‬بأن الحديث ضعيف ‪ .‬وأنه ال يتناول اإلجارة ‪.‬‬
‫‪ )2‬ما ورد عن عمر وعلي أهنما قاال بتضمني األجري املشرتك ‪.‬‬
‫ونوقش‪ ،‬بأنه مل يثبت (‪ )10‬وأنه معارض مبا ورد أن عليًا قال بعدم تضمينه ‪.‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬مغين املختاج ‪. 2/357‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬اإلنصاف ‪. 6/73‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) أخرجه البيهقي يف السنن الكربى يف كتاب اإلجارة باب ما جاء يف تضمني األجراء ‪.60/122‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪. 4/210‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪ ،5/135‬واملغين ‪. 8/113‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬جواهر اإلكليل ‪. 191 ،2/190‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬احلاوي ‪. 7/426‬‬ ‫‪7‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬اإلنصاف ‪. 6/73‬‬ ‫‪8‬‬

‫(?) أخرجه أبو داود هبذا اللفظ يف سننه يف كتاب البيوع‪ ،‬باب يف تضمني العارية ‪ . 3/526‬وأخرجه‬ ‫‪9‬‬

‫الرتمذي يف جامعه يف كتاب البيوع ‪ ،‬باب ما جاء يف أن العارية مؤداه ‪ ، 3/557‬وابن ماجه يف سننه يف‬
‫كتاب الصدقات ‪ ،‬باب العارية ‪ ،2/802‬وذكر أهل السنن ‪ :‬أن هذا احلديث ضعيف ألنه من رواية احلسن‬
‫عن مسرة‪ ،‬واحلسن مدلس رواه عنه بالعنعنة ‪ .‬ينظر‪ :‬نصب الراية ‪ ،4/167‬والتلخيص احلبري ‪،3/53‬‬
‫وإرواء الغليل ‪. 5/348‬‬
‫(?) نصب الراية ‪ ،4/141‬والتلخيص احلبري ‪،3/61‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪59‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ )3‬أن األجير قد قبض العين لمصلحة نفسه ‪ ،‬فلزمه ضمانها كالمستعير (‪. )1‬‬
‫ونوقش ‪ :‬بأن القياس على المستعير قياس مع الفارق؛ ألن المستعير ينفرد بنفع العين‬
‫بخالف األجير ألن النفع مشترك بينه وبين صاحب العين؛ هذا في االنتفاع بالعين وذلك‬
‫باألجرة ‪.‬‬
‫‪ )4‬أن المعقود عليه – هنا – هو الحفظ ‪ ،‬فال بد أن يكون سليمًا من العيب؛ ألن عقد‬
‫المعاوضة يقتضي سالمة المعقود عليه‪ ،‬فإذا هلك تبين أن الحفظ لم يكن سليمًا ‪ ،‬فيجب‬
‫الضمان‪.‬‬
‫ونوقش‪ :‬بعدم التسليم أن المعقود عليه هو الحفظ بل المعقود عليه هو الضمان‪،‬‬
‫والحفظ يجب تبعًا ال قصدًا‪ .‬ولو كان المعقود عليه هو الحفظ لكان له حصة من األجر(‪.)2‬‬
‫‪ )5‬أنه لو قيل بعدم التضمين الدعى كثير من األجراء هالك األموال وأكلوها بالباطل‪.‬‬
‫ونوقش‪ :‬بأن هذا مقصود فيما إذا كان الهالك بفعله والعين تحت يده‪ ،‬أما إذا هلك‬
‫بغير فعله فاألصل أن األجير مؤتمن ‪ ،‬وال يترك هذا األصل من أجل التهمة‪.‬‬
‫القول الثالث‪:‬‬
‫التفصيل‪ :‬إن كان التلف بما يمكن التحرز منه‪ :‬ضمن وإال فال ‪ .‬وإليه ذهب أبو يوسف‬
‫ومحمد بن الحسن (‪ ،)3‬وهو رواية عند الحنابلة (‪.)4‬‬
‫واستدلوا على التضمين في حالة إمكان التحرز بأدلة القائلين بالتضمين مطلقًا‪.‬‬
‫ونفوا الضمان في حالة عدم إمكان التحرز ‪ ،‬النتفاء التهمة ألن التلف حينئذ يكون بأمر‬
‫عام يمكن معرفته (‪.)5‬‬
‫الترجيح‪:‬‬
‫من خالل النظر في هذه األقوال ‪ ،‬وما ورد على أدلتها من مناقشة ‪ ،‬يظهر – واهلل أعلم‬
‫بالصواب – رجحان القول األول القائل بعدم التضمين ‪ .‬لقوة أدلته ‪ ،‬ولما ورد على أدلة‬
‫القولين اآلخرين من مناقشة ‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪:‬‬

‫ينظر‪ :‬املهذب ‪ ،1/408‬واملغين ‪. 8/113‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪1‬‬

‫ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪. 135 ،5/134‬‬ ‫(?)‬ ‫‪2‬‬

‫ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/210‬ورد احملتار ‪. 6/65‬‬ ‫(?)‬ ‫‪3‬‬

‫ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/112‬واإلنصاف ‪. 6/73‬‬ ‫(?)‬ ‫‪4‬‬

‫ينظر‪ :‬البدائع ‪ ،4/210‬وتبيني احلقائق ‪. 5/134‬‬ ‫(?)‬ ‫‪5‬‬


‫‪60‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫أن يكون التلف بفعل األجير المشترك‪.‬‬


‫وحينئذ فللفقهاء تفصيل في التفريق بينما إذا كان األجير يعمل تحت يد صاحب العمل‪،‬‬
‫أو كان يعمل خارج يده فإن كان يعمل تحت يد صاحب العمل فجمهور الفقهاء على أنه ال‬
‫يضمن ألنه حينئذ كاألجير الخاص ‪ ،‬وال ضمان على الخاص‪ ،‬وألنه لم يقبض العين موضع‬
‫العمل‪ ،‬فال تزال يد رب العمل عليها‪ .‬وهذا هو مذهب الحنفية (‪ ، )1‬والمالكية (‪ ، )2‬والشافعية‬
‫(‪ ، )3‬وقول عند الحنابلة (‪.)4‬‬
‫وخالف الحنابلة في مشهور المذهب (‪ )5‬فقالوا بالضمان مستدلين بأن التلف حصل‬
‫بجناية يده فيضمن ‪ ،‬وقياسًا على ضمان الطبيب والختان (‪.)6‬‬
‫ونوقش ذلك بأن التهمة المتوجهة إلى األجير ضعيفة واألصل عدم الضمان‪ ،‬والقياس‬
‫على الطبيب قياس على موضع خالف‪ ،‬فالطبيب والختان ال يضمنان على الراجح إال بالتعدي‬
‫أو التفريط (‪ ، )7‬فيترجح هنا القول بعدم التضمين‪.‬‬
‫وإن كان يعمل خارج يد رب العمل فقد اختلف الفقهاء في تضمينه حينئذ على قولين ‪:‬‬
‫القول األول‪:‬‬
‫أنه يضمن ‪ .‬وإليه ذهب الحنفية (‪ . )8‬وهو مقتضى مذهب المالكية (‪ )9‬وقول عند‬
‫الشافعية (‪ ، )10‬والحنابلة (‪ )11‬واستدلوا باآلتي‪:‬‬
‫‪ )1‬أن األجير قبض العين فوجب عليه ضمانها؛ ألن الضمان يجب بالقبض(‪.)12‬‬

‫بدائع الصنائع ‪. 4/210‬‬ ‫(?)‬ ‫‪1‬‬

‫الشرح الكبري ‪. 4/28‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪2‬‬

‫هناية احملتاج ‪. 5/310‬‬ ‫(?)‬ ‫‪3‬‬

‫املغين ‪. 8/104‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪4‬‬

‫اإلنصاف ‪ ،6/76‬وشرح املنتهى ‪. 2/378‬‬ ‫(?)‬ ‫‪5‬‬

‫املغين ‪ ، 8/105‬والروض املربع ‪. 5/340‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪6‬‬

‫رسالة عقد املقاولة ‪ ،‬للعايد ص‪. 249‬‬ ‫(?)‬ ‫‪7‬‬

‫ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪. 5/134‬‬ ‫(?)‬ ‫‪8‬‬

‫ينظر‪ :‬بداية اجملتهد ‪ ،2/232‬واملنتقى ‪ ، 6/71‬وأسهل املدارك ‪. 2/325‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪9‬‬

‫ينظر‪ :‬املهذب ‪ ،1/408‬وهناية احملتاج ‪. 5/310‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪10‬‬

‫ينظر‪ :‬كشاف القناع ‪ ، 4/34‬وشرح املنتهى ‪. 2/378‬‬ ‫(?)‬ ‫‪11‬‬

‫بدائع الصنائع ‪. 4/210‬‬ ‫(?)‬ ‫‪12‬‬


‫‪61‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ )2‬أن التلف حصل بفعل غير مأذون فيه‪ ،‬فيضمن (‪.)13‬‬


‫القول الثاني‪:‬‬
‫أنه ال يضمن ‪ .‬وإليه ذهب زفر (‪ ، )2‬وهو الصحيح في مذهب الشافعية (‪.)3‬‬
‫واستدلوا باآلتي‪:‬‬
‫‪ )1‬أن الفعل الذي حصل بسببه التلف مأذون فيه فال يجتمع معه الضمان(‪.)4‬‬
‫ونوقش بأن المأذون فيه هو الفعل الصحيح ‪ .‬ال المفسد؛ ألن مطلق عقد المعاوضة‬
‫يقتضي سالمة المعقود عليه فإذا تلف كان التلف حاصًال بفعل غير مأذون فيه (‪.)5‬‬
‫‪ )2‬أن األجير أخذ العين لمنفعة نفسه‪ ،‬ولمنفعة رب العمل‪ ،‬فال يضمن قياسًا على‬
‫المضارب‪.‬‬
‫ونوقش بأن التلف إذا كان بفعله وتحت يده‪ ،‬فإن التهمة تقوى في حقه بأنه تعدى أو‬
‫فرط ‪ .‬فالمصلحة في تضمينه‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫وعلى ما سبق يتضح رجحان القول بتضمينه ‪.‬‬
‫وعلى ما تقرر هنا في تضمين األجير المشترك أمام صاحب العمل أو عدم تضمينه‬
‫يتقرر الحكم في تضمين األجير المشترك الثاني أمام األجير األول؛ ألن األجير الثاني أمام‬
‫األجير األول‪ ،‬كاألجير األول أمام صاحب العمل‪ ،‬يضمن فيما يضمن فيه‪ ،‬وال يضمن فيما ال‬
‫يضمن فيه‪ ،‬وعليه فيتلخص الضمان في اإلجارة الثانية (اإلجارة على اإلجارة) في اآلتي‪:‬‬
‫‪ )1‬في حال التعدي والتفريط مطلقًا‪.‬‬
‫‪ )2‬إذا كان أجيرًا مشتركًا ‪ ،‬والعمل ليس تحت يد صاحب العمل ‪ .‬وال يضمن ‪ :‬إذا‬
‫لم يحصل تعٍّد وال تفريط والعمل تحت يد صاحب العمل ‪.‬‬

‫تبيني احلقائق ‪. 5/135‬‬ ‫(?)‬ ‫‪13‬‬

‫تبيني احلقائق ‪. 5/135‬‬ ‫(?)‬ ‫‪2‬‬

‫ينظر‪ :‬املهذب ‪ ،1/408‬ومغين احملتاج ‪. 2/351‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪3‬‬

‫ينظر ‪ :‬تبيني احلقائق ‪. 5/135‬‬ ‫(?)‬ ‫‪4‬‬

‫ينظر ‪ :‬تبيني احلقائق ‪. 5/135‬‬ ‫(?)‬ ‫‪5‬‬


‫‪62‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المبحث الخامس‬
‫التطبيق المعاصر لإلجارة على اإلجارة‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫عرفنا فيما سبق إن اإلجارة قد تكون واردة على األعيان من غير اآلدميين لمدة معينة ‪،‬‬
‫كاستئجار العقار ‪ ،‬ودواب الركوب ‪ ،‬وآالت الحرث‪ ،‬وجميع األشياء الداخلة تحت ضابط ما‬
‫تصح إجارته ‪.‬‬
‫وقد تكون واردة على عين اآلدمي لمدة معينة‪ ،‬في إجارة األجير الخاص‪ ،‬وقد تكون‬
‫واردة على عمل في الذمة في إجارة األجير المشترك والناظر لإلجارة على اإلجارة في مسائلها‬
‫وصورها القديمة يلحظ أنه يمكن تطبيقها في صور جديدة معاصرة‪ ،‬بل إنها يمكن أن تكون‬
‫مجاًال استثماريًا معاصرًا سليمًا من التعامالت المحّر مة‪.‬‬
‫سواء فيما يتعلق بإجارة األعيان زمنًا معينًا ‪ ،‬أو فيما يتعلق بإجارة األشخاص‪.‬‬
‫وبيان ذلك في المطلبين اآلتيين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التطبيق المعاصر لإلجارة على اإلجارة في إجارة األشياء‪.‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬التطبيق المعاصر لإلجارة على اإلجارة في إجارة‬
‫األشخاص‪.‬‬
‫‪63‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب األول‬
‫في إجارة األشياء‪:‬‬
‫خلص البحث في مسائل اإلجارة على اإلجارة في إجارة األعيان المؤجرة أنه ليس للمالك أن‬
‫يؤجر العين المؤجرة خالل مّد ة اإلجارة لشخص يحل محله أمام المستأجر األول‪ ،‬كما ترجح‬
‫أنه يحق للمستأجر أن يؤجر العين التي استأجرها‪ ،‬مّد ة معينة لشخص آخر يحل محله في‬
‫االنتفاع بهذه العين خالل مّد ة اإلجارة بشروط معينة‪ .‬وهذا اإليجار الثاني هو ما يعرف في‬
‫التعامل المعاصر باإليجار من الباطن ‪ ,‬وإليجار من الباطن يرد في إجارة األشياء ‪ ،‬ويرد كذلك‬
‫في إجارة األشحاص ‪.‬أما في إجارة األشخاص فسيأتي الكالم عنها في المطلب الثاني ‪.‬‬
‫وأما في إجارة األشياء فهو مجال خصب لالستثمار في التطبيقات المعاصرة أمام المستثمرين‬
‫من أصحاب رؤوس األموال والشركات العقارية ‪ ،‬والمؤسسات المصرفية والبنوك اإلسالمية‬
‫وغيرها وعلى سبيل المثال ال الحصر‪.‬‬
‫يقوم البنك أو المصرف أو الشركة أو المؤسسة العقارية أو حتى فرد أو أفراد‬
‫باستئجار منشأة عقارية كعمارة‪ ،‬أو مركز تجاري أو نحوهما‪ ،‬من المالك لمّد ة معينة بأجرة‬
‫معلومة ‪.‬‬
‫ثم يقوم هذا المستثمر بتأجير وحدات العمارة على المنتفعين بالسكنى‪ ،‬وتأجير‬
‫وحدات المركز التجاري على المنتفعين بهذه الوحدات لبيع سلعهم…‬
‫فهنا المستأجر األول استأجر العمارة أو المركز التجاري جملة ‪ ،‬وأجر الوحدات‬
‫تجزئة على المنتفعين ‪ .‬وفي هذا النوع من التعامل مصلحة لكل من المالك والمستثمر ‪.‬‬
‫فمصلحة المالك تتحقق في أمور منها‪:‬‬
‫‪ )1‬التعامل مع شخص واحد‪ ،‬أو جهة واحدة‪ ،‬بدل أن يتشتت ذهنه وجهده أمام العدد‬
‫الكثير من الناس ‪ .‬فتتحق له مصلحة الراحة بالتعامل مع شخص واحد‪.‬‬
‫‪ )2‬تجميع األجرة ‪ ،‬بدل أن يتتبع المستأجرين واحدًا واحدًا ‪ ،‬ويجمع األجرة منهم‪،‬‬
‫بأخذها مجتمعة من واحد‪.‬‬
‫‪ )3‬مصلحة استيعاب جميع الوحدات باإلجارة ‪ ،‬وفي ذلك ضمان من كساد بعض‬
‫الوحدات لعدم الرغبة فيها‪.‬‬
‫‪ )4‬ضمان تسليم كامل األجرة‪ ،‬مقابل امتناع بعض المستأجرين من السداد أو تأخرهم‬
‫‪ ،‬كما هو حاصل عند كثير من المستأجرين ‪.‬‬
‫‪64‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫هذه المصالح وغيرها‪ ،‬يتنازل بموجبها المالك عن كثير من األجرة للمستثمر ‪.‬‬
‫وبالمقابل يتحقق للمستثمر عّد ة مصالح أيضًا‪ :‬منها‪:‬‬
‫‪ )1‬تخفيض كامل األجرة‪ ،‬مما يتحقق به االستثمار المنشود‪.‬‬
‫‪ )2‬تأجير الوحدات بأجرة أكثر مما كلفته مقابل التجزئة ‪ ،‬ومقابل أتعاب مالحقة‬
‫المستأجرين أو كساد بعض الوحدات أو انخفاض أجورها‪.‬‬
‫‪65‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب الثاني‬
‫التطبيق المعاصر لإلجارة على اإلجارة في إجارة األشخاص‬

‫سبق أن عرفنا أن إجارة األشخاص نوعان‪ .‬اإلجارة في استئجار األجير الخاص‪،‬‬


‫واإلجارة في استئجار األجير المشترك ‪.‬‬
‫وعلى ما تقرر في إجارة األجير الخاص‪ ، ،‬وأن المستأجر يستحق نفع األجير خالل‬
‫مّد ة اإلجارة وأن األجير الخاص ليس له أن ينيب من يقوم بالعمل المستأجر له إال بإذن صاحب‬
‫العمل‪ ،‬فيقرر في التطبيقات المعاصرة ذلك‪ ،‬وعليه فليس للموظف في المجال الحكومي أو في‬
‫المجال الخاص ‪ ،‬في الشركات والمؤسسات واألفراد ‪ ،‬أن يستأجر من يقوم بالعمل نيابة عنه‪،‬‬
‫إال بإذن الدولة أو الشركة أو صاحب العمل ألن كل واحد من هؤالء ‪ ،‬أجيرًا خاصًا تستحق‬
‫الدولة أو الشركة أو المؤسسة أو الفرد نفعه في وقت دوامه أو عمله‪.‬‬
‫وعلى ما قرره الفقهاء في إجارة األجير المشترك ‪ ،‬وأنه يحق له أن يقيم بدله من يقوم‬
‫بالعمل المستأجر إلنجازه بشروط معينة يتقرر في التطبيقات المعاصرة لألجير المشترك جواز‬
‫اإلجارة على اإلجارة؛ فكل ما يدخل في التعامالت المعاصرة في األجير المشترك من بنائين‬
‫وسباكين وكهربائيين ومهندسي ورش ومقاولين ومتعهدي أعمال…الخ ‪.‬‬
‫يحق لكل من هؤالء ونحوهم أن يستأجر من يقوم بالعمل الذي استؤجر هو للقيام به‬
‫بالشروط السابقة ‪.‬‬
‫ويعرف هذا النوع من التأجير في التعامل المعاصر‪ :‬التأجير من الباطن‪ - ،‬كما سبق ‪-‬‬
‫أو المقاولة من الباطن (‪.)1‬‬
‫وعرفت المقاولة من الباطن بأنها ‪:‬‬
‫"اتفاق بين المقاول األصلي ومقاول آخر على أن يقوم الثاني بتنفيذ األعمال المسندة‬
‫إلى األول أو جزء منها مقابل أجر" (‪.)2‬‬
‫وعلى هذا يمكن أن تسمى اإلجارة على اإلجارة في إجارة األشخاص إجارة من الباطن‬
‫‪ ،‬ويكون تعريفها ‪:‬‬
‫اتفاق بين األجير األول وأجير ثاٍن على أن يقوم األجير الثاني بالعمل الذي أسند إلى‬
‫األول أو جزء منه مقابل أجرة معينة‪.‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬الوسيط ‪ ،7/208‬وعقد املقاولة حملمد عبدالرحيم عنرب ص‪ ، 247‬وعقد املقاولة للدكتور‬ ‫‪1‬‬

‫عبدالرمحن العايد ص‪. 294‬‬


‫(?) املصادر السابقة‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪66‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وصور هذا النوع من التأجير في الزمن المعاصر كثيرة ومتنوعة والمقصود ‪ :‬التنبيه‬
‫على أصل هذا التأجير وإمكانية تطبيقه في الواقع المعاصر إذا تحققت شروطه‪ ،‬المشار إليها‬
‫(‪. )3‬‬
‫وأن الضمان في ذلك مبني على قاعدة الضمان في إجارة األجير المشترك ‪.‬‬

‫هذا واهلل أعلم وصلى اهلل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬

‫(?) ينظر ‪ :‬ص ‪ 50‬من البحث ‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪67‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫الخاتمة‬

‫الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬والصالة والسالم على خير خلقه محمد بن‬
‫عبداهلل وعلى آله وصحبه‪ ...‬وبعد ‪:‬‬
‫فقد تبين من خالل هذا البحث في مسألة اإلجارة على اإلجارة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن عقد اإلجارة عقد الزم من الطرفين ال يحل ألحدهما فسخه من دون إذن‬
‫اآلخر ‪.‬‬
‫‪ – 2‬أنه إذا لزم العقد فيقتضي ملك المستأجر لمنفعة العين المؤجرة بحيث يحق له‬
‫التصرف فيها باالنتفاع بنفسه أو بنائبه‪ ،‬أو بإجارته على المالك أو غيره بشرط‬
‫عدم تجاوز ما استؤجرت له العين ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أن تصرفات المالك الناقلة لملكية العين المؤجرة صحيحة نافذة وال يمنعها تعلق‬
‫حق المستأجر بمنفعتها‪ ،‬إلمكان المستأجر من استيفاء حقه مع انتقال الملكية ‪.‬‬
‫‪ – 4‬أنه يحق للمالك أن يؤجر العين أثناء ُمدة اإلجارة األولى على شخص آخر مّد ة‬
‫أخرى بعد انتهاء عقد اإلجارة األول ‪.‬‬
‫‪ – 5‬ال يحق للمالك أن يؤجر العين المؤجرة خالل مّد ة اإلجارة على شخص آخر‬
‫بحيث يرد العقد على المدة األولى‪ .‬كما ال يحق له أن يؤجرها على من يحل‬
‫محله ألخذ األجرة من المستأجر األول ‪.‬‬
‫‪ – 6‬أن اإلجارة على اإلجارة في حاالت الجواز يمكن أن تتعدد صور التعامل بها‬
‫لتكون وسيلة من وسائل المؤسسات المالية المعاصرة في االستثمار المباح ‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫فهرس المراجع‬
‫االختيارات الفقهية ‪ ،‬للعالمة الشيخ أبي الحسن علي بن محمد بن عباس‬ ‫‪-1‬‬
‫البعلي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل ‪ ،‬تأليف محمد ناصر الدين‬ ‫‪-2‬‬
‫األلباني‪ ،‬الطبعة األولى‪1399 ،‬هـ‪ ،‬المكتب اإلسالمي ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫أسنى المطالب شرح روض الطالب ‪ ،‬تأليف زكريا األنصاري الشافعي ت (‬ ‫‪-3‬‬
‫‪926‬هـ) ‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي ‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه اإلمام مالك ‪ ،‬ألبي بكر بن حسن‬ ‫‪-4‬‬
‫الكشناوي ‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫األشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية‪ ،‬لإلمام جالل الدين السيوطي‬ ‫‪-5‬‬
‫‪ ،‬تحقيق المعتصم باهلل البغدادي‪ ،‬دار الكتاب العربي ‪ ،‬بيروت الطبعة األولى‪.‬‬
‫إعانة الطالبين ‪ ،‬للعالمة السيد أبي بكر المشهور بالسيد البكري‪ ،‬الطبعة الرابعة‬ ‫‪-6‬‬
‫‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫أعالم الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬لشمس الدين أبي عبداهلل محمد بن أبي بكر‬ ‫‪-7‬‬
‫بن قيم الجوزية‪ ،‬المتوفى سنة ‪751‬هـ)‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد محيي الدين‬
‫عبدالحميد ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ‪ ،‬تأليف ‪ :‬الشيخ محمد بن أحمد الشربيني‪،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫الناشر‪ :‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪.‬‬
‫اإلقناع في فقه اإلمام أحمد بن حنبل ‪ ،‬ألبي النجا شرف الدين موسى‬ ‫‪-9‬‬
‫الحجاوي المقدسي ‪ ،‬المتوفى سنة (‪968‬هـ) ‪ ،‬الناشر ‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫توزيع دار البار‪.‬‬
‫‪ -10‬اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ‪ ،‬للشيخ شمس الدين محمد بن محمد‬
‫الخطيب الشربيني ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -11‬األم‪ ،‬لإلمام محمد بن إدريس الشافعي‪ ،‬طبعة دار الشعب ‪.‬‬
‫‪ -12‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف على مذهب اإلمام أحمد بن حنبل ‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬عالء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1377‬هـ‪1958/‬م‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -13‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق‪ ،‬للعالمة زين الدين ابن نجيم الحنفي‪ ،‬الطبعة‬
‫‪69‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫الثالثة ‪1413‬هـ‪1993/‬م ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت‪.‬‬


‫‪ -14‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام عالء الدين أبوبكر مسعود‬
‫الكاساني الحنفي‪( ،‬ت‪587‬هـ) ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1417‬هـ‪1997/‬م ‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث العربي ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -15‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد ‪ ،‬تأليف ‪ :‬محمد بن أحمد بن رشد القرطبي‪،‬‬
‫أبي الوليد ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1398‬هـ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -16‬بلغة السالك ألقرب المسالك إلى مذهب اإلمام مالك‪ ،‬للصاوي ‪ ،‬دار المعرفة‬
‫‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫‪ -17‬تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لفخر الدين عثمان بن علي الزيلعي (ت‬
‫‪743‬هـ) ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ -18‬تحفة الفقهاء ‪ ،‬لعالء الدين محمد السمرقندي (ت‪÷540‬ـ) ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1414 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -19‬التاج واإلكليل بهامش كتاب مواهب الجليل ‪ ،‬ألبي عبداهلل محمد بن يوسف‬
‫العبدري (ت‪897‬هـ) ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -20‬تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج البن الملقن (ت‪804‬هـ) ‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1406‬هـ‪ ،‬دار حراء ‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -21‬التفريع ‪ ،‬لعبداهلل بن الحسين بن جالب‪( ،‬ت‪378‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور زبن‬
‫سالم الدهماني‪ ،‬الطبعة األولى ‪1408 ،‬هـ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -22‬تهذيب السنن ‪ ،‬البن قيم الجوزية ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬أحمد شاكر‪ ،‬محمد الفقي ‪ ،‬دار‬
‫المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪1400 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -23‬جواهر اإلكليل شرح مختصر خليل في مذهب اإلمام مالك‪ ،‬للشيخ صالح‬
‫عبدالسميع اآلبي الزهري‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -24‬الحاوي الكبير في فقه اإلمام الشافعي‪ ،‬وهو شرح مختصر المزني‪ ،‬تصنيف‬
‫أبي الحسن على بن محمد بن حبيب الماوردي‪ ،‬تحقيق وتعليق الشيخ ‪ :‬علي‬
‫محمدمعوض والشيخ عادل أحمد عبدالموجود‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1414‬هـ‪.‬‬
‫‪ -25‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬تأليف ‪ :‬محمد عرفة الدسوقي‪ ،‬طبعة دار‬
‫الفكر ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪70‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ -26‬حاشية قليوبي وعميرة ‪ ،‬لإلمامين ‪ :‬شهاب الدين القليوبي‪ ،‬والشيخ عميرة‪،‬‬


‫على شرح جالل الدين المحلى على منهاج الطالبين ‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‬
‫‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -27‬رد المحتار على الدر المختار المعروف بحاشية ابن عابدين ‪ ،‬للعالمة ‪ :‬محمد‬
‫أمين بن عمر بن عبدالعزيز عابدين الدمشقي (ت‪1252‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1419‬هـ‪1998/‬م)‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ -28‬الروض المربع بحاشية عبدالرحمن بن قاسم‪ ،‬الطبعة السادسة ‪1414‬هـ‪/‬‬
‫‪1994‬م ‪.‬‬
‫‪ -29‬روضة الطالبين‪ ،‬لإلمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الدمشقي (ت‬
‫‪676‬هـ)‪ ،‬المكتب اإلسالمي للطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪ -30‬سنن ابن ماجة‪ ،‬للحافظ أبي عبداهلل محمد بن يزيد القزويني ‪ ،‬المتوفى سنة (‬
‫‪275‬هـ)‪ ،‬حقق نصوصه‪ ،‬ورقم كتبه وأبوابه وأحاديثه‪ :‬محمد فؤاد عبدالباقي‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ -31‬سنن أبي داود ‪ ،‬لإلمام الحافظ أبي داود سليمان بن األشعث السجتاني‪،‬‬
‫راجعه ‪ ،‬وضبط أحاديثه وعلق عليه‪ :‬محمد محيي الدين عبدالحميد‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫دار إحياء السنة النبوية‪.‬‬
‫‪ -32‬سنن الترمذي وهو الجامع الصحيح ‪ ،‬لإلمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن‬
‫سورة الترمذي (ت‪279‬هـ) ‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -33‬سنن الدراقطني‪ ،‬تأليف شيخ اإلسالم اإلمام الكبير علي بن عمر الدارقطني‪،‬‬
‫المتوفى سنة (‪385‬هـ)‪ ،‬وبذيله التعليق المغني على الدارقطني‪ ،‬تأليف ‪ :‬أبي‬
‫الطيب محمد شمس الحق‪ ،‬عالم الكتب‪.‬‬
‫‪ -34‬السنن الكبرى‪ ،‬لإلمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت‪458‬هـ)‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية في الهند ‪1344‬هـ‪.‬‬
‫‪ -35‬سنن النسائي‪ ،‬مع شرح الحافظ جالل الدين السيوطي‪ ،‬وحاشية اإلمام‬
‫السندي‪ ،‬الناشر ‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ -36‬شرح ألفاظ الواقفين والقسمة على المستحقين ‪ ،‬ألبي زكريا يحيى بن محمد‬
‫الرعيني الطرابلسي المكي‪ ،‬المعروف بالحطاب (ت‪995‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1415‬هـ‪1995/‬م ‪.‬‬
‫‪71‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ -37‬شرح روض الطالب من أسنى المطالب ‪ ،‬لإلمام أبي يحيى زكريا األنصاري‬
‫الشافعي‪ ،‬المكتبة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -38‬شرح الزرقاني على مختصر خليل ‪ ،‬لعبدالباقي الزرقاني‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت‬
‫‪1398‬هـ‪.‬‬
‫‪ -39‬شرح الزركشي على مختصر الخرقي في الفقه على مذهب اإلمام أحمد بن‬
‫حنبل‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين محمد عبداهلل الزركشي المصري‪( ،‬ت‪772‬هـ)‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1410‬هـ‪.‬‬
‫‪ -40‬الشرح الصغير‪ ،‬تأليف ‪ :‬أحمد بن محمد الدردير‪ ،‬موجود بهامش بلغة السالك‬
‫ألقرب المسالك ‪ ،‬طبعة عام ‪1398‬هـ‪ ،‬عن دار المعرفة للطباعة‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫‪ -41‬الشرح الكبير‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي البركات أحمد الدردير‪ ،‬مطبعة دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -42‬الشرح الكبير على متن المقنع‪ ،‬للشيخ ‪ :‬شمس الدين أبي الفراج عبدالرحمن‬
‫أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت‪682‬هـ)‪ ،‬جامعة اإلمام محمد‬
‫بن سعود‪ ،‬كلية الشريعة ‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ -43‬شرح معاني اآلثار‪ ،‬لإلمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي الحنفي‪ ،‬حققه‬
‫وعلق عليه ‪ :‬محمد زهري النجار‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1399‬هـ‪.‬‬
‫‪ -44‬شرح منتهى اإلرادات‪ ،‬للشيخ العالمة‪ :‬منصور بن يونس بن إدريس البهوتي‬
‫(ت‪1051‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -45‬صحيح البخاري مع الفتح تصحيح وتعليق وإشراف عبدالعزيز بن عبداهلل بن‬
‫باز‪ ،‬وترقيم محمد فؤاد عبدالباقي ‪ ،‬نشر إدارات البحوث العلمية واإلفتاء‬
‫والدعوة واإلرشاد في المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ -46‬صحيح مسلم ‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبي الحسن مسلم بن حجاج القشيري النيسابوري‬
‫(ت‪261‬هـ) ‪ ،‬تحقيق وتصحيح ‪ :‬محمد فؤاد عبدالباقي‪ ،‬نشر وتوزيع‪ :‬رئاسة‬
‫إدارة البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد بالمملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫تاريخ الطبعة (‪1400‬هـ‪1980/‬م)‪.‬‬
‫‪ -47‬عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة ‪ ،‬تأليف جالل الدين عبداهلل بن‬
‫نجم بن شاس ‪( ،‬ت‪616‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪1415‬هـ‪1995/‬م ‪ ،‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي ‪.‬‬
‫‪72‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ -48‬عقد المقاولة ‪ ،‬دراسة مقارنة بين تشريعات الدول العربية ‪ ،‬تأليف محمد‬
‫عبدالرحيم عنبر ‪ ،‬طبعة ‪1977‬م‪.‬‬
‫‪ -49‬عقد المقاولة‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬إعداد د‪ .‬عبدالرحمن بن عايد العابد‪ ،‬إشراف‬
‫األستاذ الدكتور صالح بن عثمان الهليل‪.‬‬
‫‪ -50‬الفتاوى الهندية ‪ ،‬المسماة بالفتاوى العالمكيرية للعالمة الشيخ نظام وجماعة‬
‫من علماء الهند األعالم ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬بيروت الطبعة األولى‬
‫‪1406‬هـ‪.‬‬
‫‪ -51‬فتح الباري شرح صحيح اإلمام أبي عبداهلل محمد بن إسماعيل البخاري‪،‬‬
‫لإلمام أحمد بن علي بن حجر العسقالني‪ ،‬نشر وتوزيع ‪ :‬إدارة البحوث العلمية‬
‫واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‪.‬‬
‫‪ -52‬فتح القدير شرح الهداية ‪ ،‬تأليف الشيخ‪ :‬كمال الدين محمد بن عبدالواحد بن‬
‫عبدالحميد السيواسي المعروف بابن همام (ت‪816‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -53‬فتح المعين المطبوع بهامش إعانة الطالبين ‪ ،‬تأليف الشيخ ‪ :‬زين الدين ابن‬
‫الشيخ عبدالعزيز بن أحمد الشافعي الملباري ‪ ،‬الناشر‪ :‬دار إحياء التراث‬
‫العرير ‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ -54‬فتح الوهاب بشرح منهج الطالب ‪ ،‬ألبي يحيى زكريا األنصاري‪( ،‬ت‬
‫‪926‬هـ) ‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية لعيسى البابي الحلبي وشركاه بمصر‪.‬‬
‫‪ -55‬الفروع‪ ،‬لشمس الدين محمد بن مفلح المقدسي ‪ ،‬المتوفى سنة (‪763‬هـ)‪،‬‬
‫ومعه تصحيح الفروع للمرداوي ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1405‬هـ‪1985/‬م ‪ ،‬عالم‬
‫الكتب‪.‬‬
‫‪ -56‬القواعد في الفقه اإلسالمي‪ ،‬للحافظ أبي الفرج عبدالرحمن بن رجب الحنبلي‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1413‬هـ‪.‬‬
‫‪ -57‬قوانين األحكام الشرعية ‪ ،‬للشيخ ‪ :‬محمد بن أحمد بن جزي الغرناطي‬
‫المالكي‪ ،‬تحقيق ومراجعة ‪ :‬عبدالرحمن حسن محمود‪ ،‬الناشر‪ :‬عالم الفكر‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫‪ -58‬الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ‪ ،‬ألبي عمر يوسف بن عبداهلل بن عبدالبر‬
‫النمري القرطبي ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد أحيد ولد ماديك الموريتاني ‪ ،‬مكتبة الرياض‬
‫‪73‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫الحديثة‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1398‬هـ‪.‬‬


‫‪ -59‬الكافي في فقه اإلمام المبجل أحمد بن حنبل ألبي محمد موفق الدين ابن قدامة‬
‫المقدسي‪ ،‬المكتب اإلسالمي ‪ ،‬دمشق – بيروت ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1399‬هـ‪.‬‬
‫‪ -60‬كشاف القناع عن متن اإلقناع‪ ،‬للشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي‪،‬‬
‫عالم الكتب ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -61‬اللباب في شرح الكتاب‪ ،‬تأليف الشيخ ‪ :‬عبدالغني الغنيمي الدمشقي الميداني‬
‫الحنفي‪1400 ،‬هـ‪1980/‬م‪ ،‬المكتبة العلمية بيروت‪.‬‬
‫‪ -62‬المبدع في شرح المقنع ‪ ،‬ألبي إسحاق برهان الدين بن محمد بن عبداهلل بن‬
‫محمد بن مفلح الراميني الحنبلي (ت‪884‬هـ)‪ ،‬طبع المكتب اإلسالمي ‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.‬‬
‫‪ -63‬المبسوط ‪ ،‬لشمس الدين أبي بكر محمد بن أبي سهل السرخسي ‪ ،‬تصنيف‬
‫الشيخ‪ :‬خليل الميس مدير أزهر لبنان ‪ ،‬الناشر‪ :‬دار المعرفة ‪ ،‬بيورت ‪ ،‬طبعة‬
‫‪1414‬هـ‪1993/‬م ‪.‬‬
‫‪ -64‬مجمع األنهر شرح ملتقى األبحر ‪ ،‬تأليف شيخ زادة ‪ :‬عبدالرحمن بن شيخ‬
‫محمد بن سليمان‪ ،‬وملتقى األبحر ‪ ،‬إلبراهيم بن محمد الحلبي (ت‪956‬هـ) ‪،‬‬
‫طبعة عثمانية ‪1327‬هـ‪.‬‬
‫‪ -65‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم أحمد بن عبدالحليم بن تيمية ‪ ،‬جمع وترتيب‬
‫الشيخ عبدالرحمن بن قاسم – رحمه اهلل ‪ ، -‬مطابع دار العربية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫مصور عن الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ -66‬مختصر الطحاوي ألبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي‪ ،‬تحقيق أبي الوفاء‬
‫األفغاني‪ ،‬دار إحياء العلوم ‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى ‪1406‬هـ‪.‬‬
‫‪ -67‬المدونة الكبرى ‪ ،‬لإلمام مالك بن أنس (ت‪679‬هـ) ‪ ،‬رواية سحنون عن ابن‬
‫القاسم ‪ ،‬دار الفكر – بيروت ‪.‬‬
‫‪ -68‬المستدرك على الصحيحين ‪ ،‬للحافظ أبي عبداهلل الحاكم النيسابوري ‪ ،‬دار‬
‫المعرفة – بيروت ‪.‬‬
‫‪ -69‬المصنف ‪ ،‬للحافظ أبي بكر عبدالرزاق بن همام الصنعاني ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬حبيب‬
‫الرحمن األعظمي‪ ،‬من منشورات المجلس العلمي في الهند‪ ،‬توزيع المكتب‬
‫اإلسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1392‬هـ‪.‬‬
‫‪74‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ -70‬المسند ‪ ،‬لإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬الناشر ‪ :‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬


‫‪ -71‬مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى‪ ،‬تأليف العالمة‪ :‬مصطفى السيوطي‬
‫الرحيباني ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1415‬هـ‪1994 /‬م‪.‬‬
‫‪ -72‬معونة أولي النهى شرح المنتهى‪" ،‬منتهى الرادادت" ‪ ،‬تصنيف ‪ :‬تقي الدين‬
‫محمد بن أحمد الفتوحي الحنبلي الشهير بابن النجار ‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1416‬هـ‪1996/‬م ‪ ،‬دار خضر ‪.‬‬
‫‪ -73‬المعونة على مذهب عالم المدينة ‪ ،‬للقاضي عبدالوهاب البغدادي (ت‪422‬هـ)‪،‬‬
‫تحقيق د‪ .‬حميش عبدالحق ‪ ،‬مكتبة نزار مصطفى الباز ‪ ،‬مكة المكرمة ‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1415‬هـ‪.‬‬
‫‪ -74‬المغني‪ ،‬لموفق الدين أبي محمد عبداهلل بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت‬
‫‪620‬هـ) تحقيق د‪ .‬عبداهلل بن عبدالمحسن التركي‪ ،‬د‪ .‬عبدالفتاح الحلو ‪.‬‬
‫هجر للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى ‪1409‬هـ‪.‬‬
‫‪ -75‬مغني ذوي األفهام‬
‫‪ -76‬مغني المحتاج‪ ،‬للشيخ ‪ :‬محمد الشربيني الخطيب‪ ،‬طبعة شركة مكتبة ومطبعة‬
‫مصطفى البابي الحلبي وأوالده بمصر ‪1377 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -77‬المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من األحكام الشرعيات‬
‫والتحصيالت المحكمات ألمهات مسائلها المشكالت‪ ،‬تأليف ‪ :‬أبي الوليد‬
‫محمد بن أحمد بن رشاد القرطبي (ت‪520‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪1408 ،‬هـ‪/‬‬
‫‪1988‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -78‬المقنع في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل الشيباني ‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام موفق الدين‬
‫عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي‪ ،‬مكتبة الرياض الحديثة ‪1400 ،‬هـ ‪.‬‬
‫‪ -79‬منح الجليل شرح مختصر الخليل ‪ ،‬لمحمد عليش ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1404‬هـ‪،‬‬
‫دار الفكر ‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫‪ -80‬المنهاج‪ ،‬لإلمام أبي زكريا بن شرف النووي ‪ ،‬مطبوع مع مغني المحتاج‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪.‬‬
‫‪ -81‬المهذب في فقه اإلمام الشافعي‪ ،‬ألبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف‬
‫الشيرازي‪( ،‬ت‪476‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1379‬هـ‪ ،‬شركة مكتبة ومطبعة مصطفى‬
‫البابي الحلبي وأوالده بمصر‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪75‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ -82‬مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل‪ ،‬ألبي عبداهلل محمد بن حمد بن‬
‫عبدالرحمن المغربي المعروف بالحطاب (ت‪954‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1412‬هـ‪/‬‬
‫‪1992‬م‪ ،‬دار الفكر ‪.‬‬
‫‪ -83‬الموسوعة الكويتية ‪.‬‬
‫‪ -84‬نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج في الفقه على مذهب الشافعي‪ ،‬تأليف ‪:‬‬
‫شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملي‪،‬‬
‫(ت‪1004‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1413‬هـ‪1992/‬م‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪.‬‬
‫‪ -85‬الوجيز في فقه اإلمام الشافعي ألبي حامد الغزالي ‪ ،‬دار الباز ‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -86‬الوسيط في المذهب ‪ ،‬للغزالي‪ ،‬تحقيق ‪ :‬أحمد محمود ‪ ،‬ومحمد ثامر‪ ،‬دار‬
‫السالم ‪ ،‬الطبعة األولى‪1417 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -87‬الهداية ألبي الخطاب الكلوذاني‪ ،‬الطبعة األولى ‪1390 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪76‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫فهرس الموضوعات‬
‫الصفحة‬ ‫المقدمة‬
‫املقدمة ‪1.................................................................‬‬
‫التمهيد ‪ :‬يف تصرفات املالك الناقلة للملكية يف العني املؤجرة‪4................‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬بيع العني املؤجرة ‪5..........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬بيعها للمستأجر ‪5............................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬بيعها لغري املستأجر ‪6..........................................‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬هبة العني املؤجرة ‪8..........................................‬‬
‫املسألة الثالثة‪ :‬وقف العني املستأجرة ‪9.......................................‬‬
‫املسألة الرابعة‪ :‬الوصية بالعني املؤجرة ‪10......................................‬‬
‫املسألة اخلامسة‪ :‬انتفاع املالك بالعني املستأجرة ‪11.............................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تأجري املستأجر للعني املؤجرة ‪12...............................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تأجريها من مالكها ‪13........................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تأجريها من غري مالكها ‪17.....................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬تأجري املالك للعني املؤجرة ‪21..................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تأجري املالك للعني املؤجرة أثناء ملدة اإلجارة‬
‫على مدة تلي مدة اإلجارة األوىل ‪22..........................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تأجري املالك للعني املؤجرة خالل مدة اإلجارة‬
‫من غري املستأجر ‪25.........................................‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬وتأجريها من غري املستأجر لالنتفاع ‪26.........................‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬تأجريها من غري املستأجر ليحل حمله يف استحقاق األجرة‬
‫على املستأجر األول ‪30.......................................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬اإلجارة على اإلجارة يف إجارة األشخاص‪47..................‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬الضمان يف اإلجارة على اإلجارة ‪51...........................‬‬
‫‪77‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫املطلب األول‪ :‬يف إجارة األشياء ‪52.........................................‬‬


‫املطلب الثاين‪ :‬يف إجارة األشخاص ‪53.......................................‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬التطبيق املعاصر لإلجارة على اإلجارة‪59.....................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬يف إجارة األشياء ‪60..........................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬يف إجارة األشخاص ‪62........................................‬‬
‫اخلامتة ‪64.................................................................‬‬
‫فهرس املصادر واملراجع ‪65..................................................‬‬
‫فهرس املوضوعات ‪74.......................................................‬‬

You might also like