Professional Documents
Culture Documents
Qesas Alanbeyaa
Qesas Alanbeyaa
من هذا المنطلق ،سعى مركز المعارف للمناهج والمتون التعليم ّية إلى العمل على
تدريسي ،يتناول قصص األنبياء ،Rبالتركيز في الجانب الدعويّ العقديّ ، ّ إصدار كتاب
والسنني في حياتهم وسيرتهم ،واستلهام الدروس وال ِع َبر والتعاليم ّ والتشريعي
ّ والقيمي
ّ
منها ،فكان هذا الكتاب «قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم» خطوة من الخطوات
والوجداني به ،بعد
ّ والمسلكي
ّ المعرفي
ّ المبذولة في سبيل العودة إلى القرآن ،واالرتباط
إصدار سلسلة من الكتب القرآن ّية« :مفردات القرآن الكريم» ،و«دروس في علوم القرآن
الكريم» ،و«أساسيّات علم التفسير» ،و «التفسير التربويّ الميسّ ر» ،و«هدى القرآن»،
و«بيّنات في معرفة القرآن» ،على أمل استكمال العمل على دراسات قرآن ّية أخرى في
المستقبل القريب ،بإذن الله تعالى.
والروحي بأنبياء الله
ّ الوجداني
ّ ُتوخى من هذا الكتاب المساهمة في تعزيز االرتباط وي ّ
تعالى ورسله ،Rومعرفة قصص أبرز األنبياء Rالمذكورين في القرآن الكريم،
إضافة إلى الوقوف عند خصائص قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم ،وإدراك األبعاد
التبليغ ّية والعقديّة والقيم ّية والتشريع ّية في حياة األنبياء .R
وقد راعينا في تأليف الكتاب المنهج ّية التالية:
-رصد اآليات المتع ّلقة بقصص األنبياء Rالذين ورد ِذ ْكرهم في القرآن
كل نبي من األنبياء ،Rوإيراد الكريم ،والعمل على جمعها وتصنيفها بحسب ّ
التاريخي لهم.
ّ قصصهم Rبحسب التسلسل
-االستناد في بيان قصص أيّ نبي من األنبياء الواردة في القرآن على المصادر
التفسيريّة والحديث ّية والتاريخ ّية.
النبيQوخصائص الموضوعي منها؛ (نبذة عن حياة ّّ القرآني
ّ -استخالص البحث
بيئة قومه /جهوده على مستوى الدعوة /األبعاد العقديّة والقيم ّية والتشريع ّية
ني).الس َن ّ
النبي /Qاالستنتاج /التوظيف ُ والسنن ّية في حركة ّ
النبي.Q -استلهام الدروس وال ِع َبر والتعاليم السنن ّية من قصص هذا ّ
13 ةمّدقملا
-تقسيم الكتاب إلى س ّتة عشر درساً ،ومراعاة التقارب قدر اإلمكان في حجم
الدروس ،من خالل إيراد القصص المفصّ لة في القرآن لنبي من األنبياء Rفي
أكثر من درس ،وإيراد القصص الموجزة لمجموعة من األنبياء Rفي القرآن
في درس واحد.
لكل درس ،مستقاة من األهداف العامّة للكتاب. -وضع أهداف ّ
كل درس ،تتض ّمن أبرز األفكار الرئيسة المطروحة فيه. -وضع خاتمة في نهاية ّ
تتوخى فحص نسبة فهم الطالب له. لكل درسّ ، -وضع أسئلة ّ
النبي.Q -وضع فقرة مطالعة تحتوي على رواية تشير إلى نبذة من حياة ّ
العلمي.
ّ -توثيق المصادر والمراجع توثيقاً منهج ّياً علم ّياً ،وفق قواعد توثيق البحث
وح ّتى نکون موضع عناية رسول الله « :Pخياركم من تعلّم القرآن وعلّمه»((( ،نضع
بين أيديكم هذا الجهد المتواضع ،عسى أن يتق ّبله الله -تعالى ،-ويكون خطوة في طريق
العودة إلى القرآن واالرتباط به.
والحمد لله رب العالمين
الطوسي ،الشيخ محمّد بن الحسن ،األمالي ،تحقيق قسم الدراسات اإلسالم ّية في مؤسّ سة البعثة ،ط ،1قمّ
ّ (((
المق ّدسة ،دار الثقافة1414 ،هـ.ق ،ص.357
الدرس األ ّول
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
َ َّ َ َ َ ُ ْ َ ُ َۡ ُ َ َ َ ۡ َ َّ ُ ّ ّ ُ ٗ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ٌ
اي فل خ ۡوف َعل ۡي ِه ۡم َول ه ۡم ي َزنون ٣٨وٱلِين كفروا يأت ِينكم م ِِن هدى فمن تبِع هد
َ َ َّ ُ ْ َ ٰ َ ٓ ُ ْ َ ٰٓ َ َ ۡ َ ٰ ُ َّ ُ ۡ َ َ ٰ ُ َ
ون﴾(((. وكذبوا أَِبيتِنا أولئِك أصحب ٱنلارِۖ هم فِيها خ ِل
النبي آدم ،Qوفي
ومن خالل التأمّل والتدبّر في هذه اآليات التي تحكي قصّ ة ّ
آيات أخريات ،ومن خالل ربط بعضها ببعضها ،يمكن تقديم قصّ ته ،Qواستخالص
ّ
المحطات التالية: التعاليم منها ،ضمن
َخ ْلق آدمQ
كشف القرآن الكريم عن كيف ّية خلق آدمQ؛ وذلك ضمن ثالث مراحل ،هي:
أ .المرحلة الطين ّية:
تشكالتهاب ّين القرآن الكريم ابتداء خلق آدم Qمن هذه المرحلة ،التي ع ّبر عنها بأحد ُّ
َ َ َ ُ َّ ٓ َ ۡ َ َ ُ َّ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ
ِني ٧ث َّم َج َعل ن ۡسل ُهۥ ٖ ط ِن م ن ٰ
ٱل ِ
نس في قوله تعالى﴿ :ٱلِي أحسن ك ش ٍء خلقه ۖۥ وبدأ خلق ِ
تشكالت متتالية ،هي: مِن ُس َلٰلَةٖ ّمِن َّمآءٖ َّم ِه ٖني﴾((( .وقد م ّرت هذه المرحلة بس ّتة ُّ
ََ َ َّ َ َ التراب :من دون إضافة أيّ عنصر آخر له﴿ :إ ِ َّن َم َث َل ع َ ٰ
ِيس عِند ٱللِ ك َمث ِل َءادم ۖ *
ُ ُ َ َ ُ ُ َ َ َ َّ ُ َ ُ ُ َ َ َ
اب ثم قال لۥ كن فيكون﴾(((. خلقهۥ مِن تر ٖ
* الطين :وهو التراب الممتزج بالعناصر الما ّديّة األخرى (الماء /الهواء /الحرارة):
ٰ َّ ٓ َ ۡ َ َ ُ َّ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ
ِني﴾(((.ٖ ط ِن م ن
ٱل ِ
نس ﴿ٱلِي أحسن ك ش ٍء خلقه ۖۥ وبدأ خلق ِ
* طين الزب :وهو الطين الشديد التماسك ،الملتصق بعضه ببعض ،المالزم له(((:
ب﴾(((. ز ل
َّ
ِنيط ِن ٱس َت ۡفته ۡم أَ ُه ۡم أَ َش ُّد َخ ۡل ًقا أَم َّم ۡن َخلَ ۡق َنا ٓۚ إنَّا َخلَ ۡق َنٰ ُهم ّ
م ﴿ َف ۡ
ٖ ِ ِۢ ِ ِِ
* ساللة من طين :وهي صفوة الطين وخالصته((( ،بعد سلسلة من التغ ّيرات التي م ّر
نس َن مِن ُس َلٰلَة ّٰ َََ ۡ َ ََۡ ۡ َ
ِني﴾(((. ٖ ط ِنم ٖ ٱل بها﴿ :ولقد خلقنا ِ
* حمأ مسنون :وهو الطين األسود المتغ ّير ،المصبوب والمف َّرغ ح ّتى صارت له
ون﴾(((. حإ َّم ۡس ُ
ن نس َن مِن َص ۡل َصٰل ّم ِۡن َ َ ٰ ((( َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ِ ۡ َ
صورة ﴿ :ولقد خلقنا ٱل
ٖ ٖ ٖ
ّ
كالفخار: الجاف اليابس الذي يُسمع له صوت عند نقره(((؛ ّ * صلصال :وهو الطين
ۡ َ
ون﴾(((َ ﴿ ،خل َق ِٱل َ ٰ حإ َّم ۡس ُ ۡ
نس َن مِن َصل َصٰل ّم ِۡن َ َ َََ ۡ َ ََۡ ۡ َ
نس َن مِن ٖ ن ٖ ٖ
ٰ ٱل
﴿ولقد خلقنا ِ
َ ۡ ۡ
َصل َص ٰ ٖل كٱل َف َّخارِ﴾(((.
تشكالت المرحلة الطين ّية لخلق آدم ،Qويته ّيأ للمرحلة الثانية، وبذلك تكتمل ُّ
وهي مرحلة التصوير والتسوية.
ب .مرحلة التصوير والتسوية:
تشكالت المرحلة الطين ّية ،تأتي المرحلة الثانية لخلق آدم ،Qوهي مرحلة بعد اكتمال ُّ
لئ َكةِ إ ّن َخٰل ُ ِۢق ب َ َ ٗ
شا ّمِن
ۡ َ َ َ ُّ َ ۡ َ َ
تصويره وتسويته الما ّديّة على هيئة وصورة مخصوصةِ﴿ :إَوذ قال ربك ل ِلم ٰٓ ِ ِ ِ
ك ۡم﴾(((.َ َ َ َّ ۡ ُ ُ ((( َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ٰ ُ ۡ ُ َّ َ َّ ۡ َ ٰ ُ َ ۡ َ ّ ۡ َ َ َّ ۡ ُ
ون ٢٨فإِذا سويتهۥ﴾ ﴿ ،ولقد خلقنكم ثم صورن صلص ٰ ٖل مِن حإ ٖ مسن ٖ
األصفهاني،
ّ ((( انظر :ابن فارس ،معجم مقاييس اللغة ،مصدر سابق ،ج ،3مادّة «صل» ،ص277-276؛ الراغب
مفردات ألفاظ القرآن ،مصدر سابق ،مادّة «سل» ،ص.418
((( سورة المؤمنون ،اآلية .12
ائي ،ط ،2ال م،
المخزومي؛ إبراهيم السامر ّ
ّ ((( انظر :الفراهيديّ ،الخليل بن أحمد ،كتاب العين ،تحقيق مهدي
مؤسّ سة دار الهجرة؛ مطبعة الصدر1410 ،هـ.ق ،ج ،3مادّة «حما» ،ص312؛ ج ،7مادّة «سن» ،ص197؛ الراغب
الطريحي ،فخر
ّ األصفهاني ،مفردات ألفاظ القرآن ،مصدر سابق ،مادّة «حمى» ،ص ،259مادّة «سنن» ،ص429؛
ّ
الدين :مجمع البحرين ،ط ،2طهران ،مطبعة چاپخانهء طراوت؛ مرتضوي1362 ،هـ.ش ،ج ،1مادّة «حمأ» ،ص.107
((( سورة الحجر ،اآلية .26
األصفهاني،
ّ ((( انظر :ابن فارس ،معجم مقاييس اللغة ،مصدر سابق ،ج ،3مادّة «صل» ،ص277-276؛ الراغب
مفردات ألفاظ القرآن ،مصدر سابق ،مادّة «صلل» ،ص.488
((( سورة الحجر ،اآلية .26
((( سورة الرحمن ،اآلية .14
((( سورة الحجر ،اآليتان .29-28
((( سورة األعراف ،اآلية .11
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 20
َّ ُ َّ َۡ
عالم المادّة الزمان ّية والمكان ّية ،من التغيير والتبديل والتحويل والتدريج﴿ :إِنا ك ش ٍء
ۡ َ َ ((( َّ َ ٓ َ ۡ ُ ُ ٓ َ ٓ َ َ َ َ ۡ ً َ َ ُ َ ۡ َ َ ٓ َ ۡ ُ َ ٓ َّ َ َ َ َ ٞ َ َۡ َ ُ َ َ
يا أن يقول ص﴾ ﴿ ،إِنما أمرهۥ إِذا أراد ش ٔ خلقنٰه بِقدرٖ ٤٩وما أمرنا إِل وٰحِدة كمِۢح بِٱل ِ
ون﴾(((. َۡ ُۡ َ ُ َ
شءٖ ِإَولهِ ترجع ك َ ۡ َ َ ُ ُ ُّ
وت ك ل م ِۦ ه د ِ حٰ َن َّٱلِي ب َ
ي
َُ ُ َ َ ُ ُ
ون ٨٢فَ ُس ۡب َ لۥ كن فيك
ِ ِ
وإن كانت العبادة الزماً الالمستخ َلف ،وليس بالعبادة التي يلزمها التسبيح والتقديسْ ،
ّ
ينفك عن العلم.
وثانياًّ :إن هذا المستخ َلف ليس موجوداً أرض ّياً؛ أي ليست نشأته نشأة ما ّديّة
منحصرة بعالم المادّة المحدود ،بل هو موجود من عالم األمر ،وهو عالم ثابت محيط
َّ
ومهيمن على العوالم ك ّلها -كما تق ّدم بيان ذلك ،-وكما يشير إليه قوله تعالىَ ﴿ :و َعل َم
ه ُؤ َلٓءِ إن ُك ُ َ كةِ َف َق َال أَ ُ
َ َ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ُ َّ َ ُ َّ َ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ ٰٓ َ
نت ۡم ِ ون بِأ ۡس َمآءِ َ ٰٓ
ِ
ٔ ۢنب
ِ ءادم ٱلسماء كها ثم عرضهم ع ٱلملئ ِ
مسمياتها هو علم ال تطيقه المالئكة َصٰ ِدق َِني﴾؛ ف ِع ْلمُ آد َم باألسماء في ظرف وجود َّ
في ظرف وجودها ،فعالم المالئكة أدنى رتبة من عالم حقائق هذه األسماء ،وهذا ما
ك أَ َ
نت ۡٱل َعل ُ
ِيم
َ ُ ْ ُ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ َ َ َ ٓ َّ َ َ َّ ۡ َ َ ٓ َّ َ
أق ّرت به المالئكة أنفسها﴿ :قالوا سبحنك ل عِلم لا إِل ما علمتنا ۖ إِن
وإن كان ينشأ نشأة أرض ّيةّ ،إل ّأن فيه استعداداً ِيم﴾ .فالموجود المستخ َلفْ ، ٱلك َُۡ
للعروج والقرب إلى حيث ال يمكن لموجود آخر غيره أن يصل إليه ،ح ّتى المالئكة.
وثالثاًّ :إن هذا الموجود المستخ َلف ال تصرفه خصائص النشأة األرض ّية الما ّديّة
بحق االستخالف(((. المحدودة عن القيام ّ
اإللهي آلدم ،Qهو استخالف للنوع ّ وتجدر اإلشارة إلى ّأن هذا االستخالف
اإلنساني؛ فلو كانت الخالفة آلدم Qوحده ،لما كان هناك وجه لسؤال المالئكة، ّ
ودعواهم اإلفساد وسفك الدماء في األرض ،والحال ّأن آدم Qلم يصدر عنه ذلك:
اب َعلَ ۡيهِ َو َه َد ٰى﴾((( .كما ّأن القرآن الكريم ص ّرح في مواضع ع ّدة ّ
بأن ٱج َت َبٰ ُه َر ُّب ُهۥ َف َت َ﴿ ُث َّم ۡ
ۡ َ ُ َّ َ
االستخالف ليس لشخص آدم Qفحسب ،كما في قوله تعالى﴿ :ي ٰ َد ُاوۥد إِنا َج َعل َنٰك
كمۡ ُّ ٓ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ُ ُ ۡ ُ ۡ َ َّ َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ َّ َ َۡ َ َٗ
ۡرض﴿ ، ﴾...أمن ِييب ٱلمضطر إِذا دعه ويكشِ ف ٱلسوء ويجعل (((
خل ِيفة ِف ٱل ِ
َ َ ٰ َ ُ َّ َ َ َّ ٗ َ َّ َ َّ ٞ ُ ََ ٓ َۡ
ون﴾((( .على ّأن هذا االستخالف هو للمتح ِّمل ۡرض أءِله مع ٱللِۚ قل ِيل ما تذكر خلفا َء ٱل ِۗ
اإلسالمي
ّ الطباطبائي ،السيد محمّد حسين ،الميزان في تفسير القرآن ،ال ط ،قم المق ّدسة ،مؤسّ سة النشر
ّ ((( انظر:
التابعة لجماعة المدرّسين ،ال ت ،ج ،1ص.119 – 117
((( سورة طه ،اآلية .122
((( سورة ص ،اآلية .26
((( سورة النمل ،اآلية .62
ّ
النبي آدمQ ّ
قصة
23
وذر ّيته
عداوة إبليس آلدمّ Q
اإللهي بالسجود آلدم،Q ّ بعد إباء إبليس -باختياره وإرادتــه -امتثال األمر
ۡ
ٱس َتك َ َب َو ۡ َ َ ٓ َّ
ج ُد ٓوا إل إبۡل َْ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ ٰٓ َ ۡ ُ ُ ْ َ
ٓأِلد َم فَ َس َ
ب ِيس أ ٰ ِ ِ واستكباره وكفرهِ﴿ :إَوذ قلنا ل ِلملئِكةِ ٱسجدوا
َ َ َ ۡ ََ َ َ ۡ َ
ين﴾((( ،طرده الله تعالى من رحمته وغضب عليه﴿ :قال فٱهب ِ ۡط م ِۡن َها كٰفِر َ
َِ وكن مِن ٱل
َ َ َّ َ َ َ ۡ ُ ۡ َّ َ َ َّ َ َ
ُ ُ َ َ
ين﴾((( ،فما كان منه ّإل ْأن أعلن ٱلصٰغِر َ
ِ ف َما يَكون لك أن تتكب فِيها فٱخرج إِنك مِن
عداوته آلدم Qوذ ّريّته ،وطلب من الله تعالى إمهاله لغوايتهم وص ْرفهم عن التح ّقق
َ َ نظر َ َ َ َّ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ ۡ ٓ َٰ َ ۡ ِ ُ ۡ َ ُ َ
ين ١٥قال ِ م ٱل ِن
م ك نِ إ ال ق ١٤ ون اإللهي﴿ :قال أن ِظر ِن إِل يوم يبعث
ّ بحقيقة االستخالف
ُ َّ َ َّ ُ ّ َ ۡ َ َ َ ٓ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ َ َّ َ ُ ۡ َ ٰ َ َ
َ ۡ
ي أيۡدِي ِه ۡم َوم ِۡن خلفِ ِه ۡم ب ۢ
ن ِ
م م ه ن ِي ت ٓأَل م ث ١٦ ك ٱل ۡ ُم ۡس َتقِ َ
يم صرط فبِما أغويت ِن لقعدن لهم ِ
ِ
َ َ ۡ َ َ َ ٰ َ َّ َ َ َ ۡ َُ ۡ َ َ َ َو َع ۡن َأيۡ َمٰنِه ۡم َو َعن َش َمآئلِه ۡم َول ت ُ
َ َ
ٱلي ين﴾(((﴿ ،قال أرءيتك هذا ِ شكِر َ ٰ م هث ك أ د ِ ِ ۖ
ِ ِ ِ
َّ َ َ
ٗ َ
ِك َّن ذ ّرِ َّي َت ُه ٓۥ إِل قل ِيل﴾((( ،فكان له ذلك ،مع
ُ َۡ َ َ ۡ َ َّ َ
ع لئ ِ ۡن أخ ۡرت ِن إ ِ ٰل يَ ۡو ِم ٱلقِ َيٰ َمةِ لحتن
َ ت َ َ ََّك َّر ۡم َ
ٱخ ُر ۡج م ِۡن َها َم ۡذ ُء َٗ َ ۡ
وما توعُّ ده ومن تبعه منهم (أي آدم وذريته) بج ّنهم وبئس المصير﴿ :قال
ُ ۡ َ ۡ َ َ ((( َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َّ َّ ۡ ُ ٗ َّ َ َ
ب ف َمن تب ِ َعك م ِۡن ُه ۡم وراۖ ل َمن تب ِ َعك م ِۡن ُه ۡم ل ۡملن َج َه َّن َم مِنكم أجعِني﴾ ﴿ ،قال ٱذه مدح
َ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ ۡ َ َۡ ٓ
ك ۡم َج َزا ٗء َّم ۡوفُ ٗ ٓ
َ َّ َ َ َّ َ َ َ ُ ُ
ورا ٦٣وٱستف ِزز م ِن ٱستطعت مِنهم بِصوت ِك وأجل ِب علي ِهم فإِن جهنم جزاؤ
َّ ُ َّ
ٱلش ۡي َطٰ ُن إل غ ُر ً ۡ َ ٰ َ ۡ ٰ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ُ ُ ُ َّ َ َ ۡ َ ۡ ۡ َۡ َ َ َ َ َ
ورا ٦٤إِن ِ جل ِك َوشارِك ُه ۡم ِف ٱلمو ِل وٱلول ِد وعِده ۚم وما يعِدهم ِبيل ِك ور ِ
ٗ َ َ َ ۡ َ َ َ َ
ف ب ِ َر ّبِك َوك ِيل﴾(((. ع َِبادِي ل ۡي َس لك َعل ۡي ِه ۡم ُسل َطٰ ٞنۚ َوك ٰ
ألن الداخل فيها ال يخرج منها؛ ّ ٱلظٰل ِ ِم َني﴾(((؛ وهذه الج ّنة ليست الج ّنة األخرويّة؛ َّّ
وألن
إبليس اللعين ال يدخلها أبداً بضرورة الشرع والعقل ،وهي ليست من عالم الدنيا؛ ّ
ألن
وألن القرآن قد ذكر لها آدم Qهبط منها إلى األرض﴿ :قُ ۡل َنا ۡٱهب ِ ُطوا ْ م ِۡن َها َج ِٗيعاۖ﴾(((ّ ،
َ ُ ۡ َ َ ٰٓ َ َّ َ َ َ َ َّ ٞ
ي َـٔاد ُم إِن هٰذا ع ُد ّو لك األرضي﴿ :فقلنا
ّ من الخصائص المختلفة عن خصائص العالم
َ َّ َ َ ِيها َو َل َت ۡع َر ٰ َّ َ َ َ َّ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َّ ُ َ َ ۡ َ َ
ى َ ١١٨وأنك ل وع ف َ ٱل َّنةِ فتَ ۡش َ ٰٓ
ق ١١٧إِن لك أل ت جك فل ي ِرجنكما مِن ول ِزو ِ
َۡ َُْ َ َ
ح﴾(((؛ فتحصّ ل بذلك أ ّنها ج ّنة غير أرض ّية ،بل سماويّة غير أخرويّة. ِيها َول تَ ۡض َ ٰ تظمؤا ف
وقد ظهرت ُأولى مكائد عداوة إبليس اللعين آلدم Qفي هذه الج ّنة السماوية،
اإللهي اإلرشاديّ ،
ّ حيث أتى آدم Qوزوجه بصورة الناصح ،وأوقعهما في مخالفة األمر
َ َ ۡ َ َ َ ۡ َّ ۡ َ ٰ ُ َ َ
فتركا العمل باألولى لهما ،وهو اجتناب األكل من الشجرة﴿ :فوسوس إِلهِ ٱلشيطن قال
َ ۡ َ ََ َ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ ُّ َ َ َ ٰ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ ۡ َّ
ُ
ل ١٢٠فأكل م ِۡن َها ف َب َدت ل ُه َما َس ۡوَٰءت ُه َما ك ل َي ۡب َ ٰ ل ومل ٖ يـٔادم هل أدلك ع شجرة ِ ٱل ِ ٰٓ
َّ َ َ اد ُم َر َّب ُهۥ َف َغ َو ٰ َ َ ۡ َ َّ َ َ َ ٰٓ َ َ َ ََ َ َۡ َ
ى﴾(((﴿ ،ف َو ۡس َو َس ل ُه َما ٱلش ۡي َطٰ ُن ان َعل ۡي ِه َما مِن ور ِق ٱلنةِۚ وعص ء وطفِقا ي ِصف ِ
َّ َ َ َّ ٓ ُ َ َ َ ُ َ َ َۡ ُۡ َ َ
ِي ل ُه َما َما ُوۥرِ َي عن ُه َما مِن َس ۡوَٰءت ِ ِه َما َوقال َما ن َهىٰك َما َر ُّبك َما ع ۡن هٰ ِذه ِ ٱلشجرة ِ إِل ِلبد
ٱلنٰصح َ َ َّ َ َ ُ َ ّ ٓ َ ُ َ َ َ َ ۡ
َ َ َ َ
َ ۡ ۡ َ ُ َ َ َ َ َ ُ
ني ٢١ ِ ِ ن م
ِ ل ا م ك ل ن إ ا م ه م اس ق و ٢٠ َ
ِين ل ِ ٰ خ ٱل ِن
م ا ون ك ت و أ ي ك ل م ا ون ك أن ت
ِِ ِ
َ َ َ َّ ُ َ ُ ُ َ َ َّ َ َ َّ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ
ان َعل ۡي ِه َما مِن َو َر ِق فدلىٰهما بِغرورٖۚ فلما ذاقا ٱلشجرة بدت لهما سوَٰءتهما وطفِقا ي ِصف ِ
ٞ َ ُ َ ُ َّ ُ ٓ َّ َّ ۡ َ َّ َ َ َ ٰ ُ َ َ ُّ ُ َ ٓ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ َ َّ
ج َرة ِ َوأقل لك َما إِن ٱلش ۡي َطٰ َن لك َما َع ُد ّو ٱلش َ ٱلنةِۖ ونادىهما ربهما ألم أنهكما عن ت ِلكما
اإللهي ،وهو ني﴾(((؛ فكانت هذه الغواية الشيطان ّية ألجل إخراج اإلنسان من العهد ُّمب ٞ
ّ ِ
ٰٓ َ َ ٓ َ َ
َ ۡ َ َۡ
ل َءاد َم مِن إدامة ذكره تعالى ،وعدم الغفلة عنه ،وااللتفات إلى غيره﴿ :ولقد ع ِهدنا إ ِ
ن ۡد َ ُلۥ َع ۡز ٗما﴾((( .فقد أراد الله تعالى بها ََّۡ َ
محطة تحذيريّة لإلنسان من س ولم َِق ۡب ُل فَنَ ِ َ
االستخالفي في األرض ،قبل هبوطهما إلى األرضّ عدواة الشيطان له على امتداد مشروعه
كم ّم َِن ۡ َ َ ٰ َ ٓ َ َ َ َ َ ۡ َ َّ ُ ُ َّ ۡ َ ٰ ُ َ َ ٓ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ ُ
ٱل َّنةِ دار التكليف واالمتحان﴿ :يب ِن ءادم ل يفتِننكم ٱلشيطن كما أخرج أبوي
َّ ُ َ َ َ ُ ُ َ ُ ٓ َّ يَ ُ َ ۡ ُ َ َ َ ُ َ ُ
ِي َي ُه َما َس ۡوَٰءت ِ ِه َما ۚ إِن ُهۥ يَ َرىٰك ۡم ه َو َوقبِيل ُهۥ م ِۡن َح ۡيث ل ت َر ۡون ُه ۡمۗ إِنازنع عنهما لِ اسهما ل ِِ
َ ُ ۡ ُ َ َّ ٓ ۡ َ َ ۡ َ َّ َ َ َ
َ
جعلنا ٱلشيٰ ِطني أو ِلَا َء ل ِلِين ل يؤمِنون﴾(((.
بحق آدم Qأو على وتجدر اإلشارة إلى ّأن ما ورد من تعابير في القرآن الكريم ّ
َ ٓ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ ُ َ َ َّ َ َۡ
ٱلظٰل ِ ِم َني﴾(((﴿ ،قال َر َّب َنا َظل ۡم َنا أ ُنف َس َنا﴾(((، َ
لسانهَ ﴿ :ول تق َر َبا هٰ ِذه ِ ٱلشجرة فتكونا مِن
َ
ص َء َاد ُم َر َّب ُهۥ ف َغ َو ٰى﴾((( ،يمكن فهمها بنا ًء على ّأن النهي الوارد هو نهي إرشاديّ ﴿ َو َع َ ٰٓ
للهداية واإلرشاد إلى مورد الصالح والخير ،والتحذير من عداوة الشيطان وأساليبه الخف ّية
الخ ّداعة ،وليس نهياً مولو ّياً .ويشهد له أ ّنه تعالى ف ّرع على النهي في مورد آخر من
َ ُ ۡ َ َ ٰٓ َ َ ُ َّ َ ٰ َ َ ُ ّ َ َ ۡ َ َ ُ َّ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ َّ ٞ
قٱل َّنةِ فتَ ۡش َ ٰٓ جك فل ي ِرجنكما مِن القرآن بقوله﴿ :فقلنا يـٔادم إِن هذا عدو لك ول ِزو ِ
َ
ِيها َول تَ ۡض َ ٰ ك َل َت ۡظ َم ُؤا ف َ
ْ َ َ َّ َ ِيها َو َل َت ۡع َر ٰ
وع ف َ َّ َ َ َ َّ َ ُ َ
ح﴾((( ،فع ّرف الشقاء ى ١١٨وأن ١١٧إِن لك أل ت
بالتعب الحاصل من النشأة الدنيويّة ،من جوع وظمأ وح ّر ،كما يشهد لكون النهي نهياً
ديني في الج ّنة بعدۡ تشريعٌ ّ إرشاد ّياً كون بيئة التكليف هي في النشأة األرض ّية ،ولم ينزل ُ
ُٗ َ ُ َ ٞ ُ ُ ٱهب َطا م ِۡن َها َج َ َ َ ۡ
ِيعۢا ۖ َب ۡعضك ۡم لِ َ ۡع ٍض َع ُد ّو ۖ فإ ِ َّما يَأت َِي َّنكم ّم ِِّن هدى ف َم ِن السماوية﴿ :قال ِ
َ َّ َ ُ َ َ ٗ َ ٗ َ َ ۡ
ن ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ
ض ُّل َول ي َ ۡش َ ٰ َّٱت َب َع ُه َد َ َ َ َ
شهُۥ ق َ ١٢٣و َم ۡن أع َرض َعن ذِك ِري فإِن لۥ م ِعيشة ضنك و اي فل ي ِ
َ ۡ
م﴾((( ،كما يشهد لذلك ّأن التوبة من المعصية ترفع العقوبة عن العاصي، يَ ۡو َم ٱلقِ َيٰ َمةِ أ ۡع َ ٰ
فيعود بذلك إلى ما كان فيه ،والحال ّأن الله تعالى تاب على آدم ،Qولم يُرجعه إلى
الج ّنة التي كان فيها! كما ّأن لمفردات «العصيان» ،و«الظلم» ،و«الغواية» معاني مختلفة
لغة((( ع ّما اصطلح عليه المتش ّرعة من معنى .فالمراد بالظلم وضع الشيء في غير ً
موضعه ،والمراد بالعصيان عدم االنفعال عن األمر ،أو االنفعال بصعوبة ،والمراد بالغواية
معان تختلف
عدم اقتدار اإلنسان على حفظ المقصد ،وتدبير نفسه في معيشته .وهي ٍ
عن المعاني التي عليها المتش ّرعة(((.
هبوط آدم Qإلى األرض
َ ۡ َ َ
﴿ِإَوذ قال َر ُّبك اإلنساني خليفة له في األرض:
ّ لقد قضى الله تعالى جَ ع َْل النوع
َ َٗ َۡ ٞ ََۡ َ ّ
ۡرض خل ِيفة﴾...؛ فكان إسكانه -تعالى -آد َم Qوزوجَ ه ۖ لئِكةِ إ ِ ِن َجاعِل ِف ٱل ِ
ل ِلم ٰٓ
اإلنساني
ّ ً
مرحلة برزخ ّية تنزّل ّية مؤ ّقتة ،لتحقيق مشروع االستخالف للنوع الج ّن َة السماويّة
ٞ َ ُ ۡ َ َ ٰٓ َ َّ َ َ
ي َـٔاد ُم إِن هٰذا َع ُد ّو في نشأة أرض ّية ،فيها ما فيها من التزاحم والشقاء والعناء﴿ :فقلنا
ِيها َو َل َت ۡع َر ٰ َّ َ َ َ َّ َ ُ َ
وع ف َ َّ َ َ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َّ ُ َ َ ۡ َ َ
ٱل َّنةِ فتَ ۡش َ ٰٓ
ى ١١٨ ق ١١٧إِن لك أل ت جك فل ي ِرجنكما مِنلك ول ِزو ِ
َ ٰ (((
َ َ َّ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ
َ ْ
وأنك ل تظمؤا فِيها ول تضح﴾ .تلك النشأة األرض ّية التي تتيح له تفتح استعداداته
ّ
وقابل ّياته للعروج إلى عالم األمر عن إرادة واختيار منه ،فكان هذا الهبوط من منزلة
الج ّنة السماويّة إلى النشأة األرض ّية ،هبوطاً تكوين ّياً متر ّتباً على اختيار اإلنسان لحمل
َ ۡ َ َََۡ َ َ َۡ ع َّ َ َ َّ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ
ي أن ٱلبا ِل فأبۡرض و ِ ت َوٱل ِ ٱلسمٰو ٰ ِ األمانة اإلله ّية في األرض﴿ :إِنا عرضنا ٱلمانة
ّ ٗ ُ َ ٗ ُ َ ۡ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ٰ ُ َّ ُ َ َ َ
ٱلنسنۖ إِنهۥ كن ظلوما جهول﴾ ،وقد تمثل هذا االختيار
(((
ي ِملنها وأشفقن مِنها وحلها ِ
في الفعل الصادر عن آدم Qوزوجه.
ومن لطيف تعبير القرآن عن هذا الهبوط ،ما ذكره في نهي الله تعالى آدمQ
َ َ ٰٓ َ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ
ٱل َّنة وزوجه عن األكل من الشجرة الموجودة في الج ّنة﴿ :ويـٔادم ٱسكن أنت وزوجك
َّ َ َ َ َ َ ُ َ َ َّ َ َ َۡ ُ ۡ َ َُ
ٱلظٰل ِ ِم َني﴾((( ،ونداؤه إيّاهما قبل فك م ِۡن َح ۡيث شِئ ُت َما َول تق َر َبا هٰ ِذه ِ ٱلشجرة فتكونا مِن
األكل من الشجرة بنداء القريب ،مع الحضور في التك ّلم والمخاطبة ﴿ َو َ ٰٓ
ي َـٔ َاد ُم﴾ ،وبعد
ٓ
األكل منها بنداء البعيد مع الغيبة في التك ّلم والمخاطبة ﴿ َونَ َادى ٰ ُه َما َر ُّب ُه َما﴾ ،وكذلك
ۡ ُ َّ
ٱلش َ َ َ
ج َرة﴾ قبل األكل ،وباسم اإلشارة البعيد ﴿ت ِلك َما التعبير باسم اإلشارة القريب ﴿هٰ ِذه ِ
ٱلش َج َرة ِ﴾ بعد األكل ،واستشعار ّ َّ
كل من آدم Qوزوجه طبيعتهما الما ّديّة األرض ّية بعد
َ ََ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َُ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ َۡ َ
ان َعل ۡي ِه َمااألكل من الشجرة مباشرة﴿ :فأكل مِنها فبدت لهما سوَٰءتهما وطفِقا ي ِصف ِ
َ
ان َعل ۡي ِه َما مِن
َ َ َّ َ َ َّ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ مِن َو َرق ۡ َ َّ
ٱلنةِۚ﴾(((﴿ ،فلما ذاقا ٱلشجرة بدت لهما سوَٰءتهما وطفِقا ي ِصف ِ ِ
َ َ
َّ ُ ۡ ُ ۡ َ ٓ َ َو َر ِق ۡ َ
ٱل َّنةِۖ َون َادى ٰ ُه َما َر ُّب ُه َما أل ۡم أن َهك َما َعن ت ِلك َما ٱلش َج َرة ِ﴾(((.
وتجدر اإلشارة إلى ّأن اإلنسان إذا لبث في النشأة األرض ّية ،مقتصراً عليها في سعيه،
وظ َلمها بخيار خروجه من الج ّنة السماوية: يكون قد ض ّيع على نفسه فرصة االستخالفَ ،
َ ُ ۡ َ َ ٰٓ َ َ ُ َّ َ ٰ َ َ ُ ّ َ َ ۡ َ َ ُ َّ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ َّ ٞ
وإن تزوّد ق﴾(((ْ ، ٱل َّنةِ فتَ ۡش َ ٰٓ جك فل ي ِرجنكما مِن ﴿فقلنا يـٔادم إِن هذا عدو لك ول ِزو ِ
َۡ ّ َ ٞ
ۡرض منها لسيره نحو عالم األمر ،يكون قد ا ّتصف بحقيقة االستخالف﴿ :إ ِ ِن جاعِل ِف ٱل ِ
ٗ
َخل َِيفة ۖ﴾ .وفي ذلك يحتاج اإلنسان إلى هداية ربّان ّية ،ترشده نحو مقصده ،وتأخذ بيده
َ َ ۡ اب َعلَ ۡيهِ َو َه َد ٰ نحو اال ّتصاف بحقيقة االستخالفُ ﴿ :ث َّم ۡ
ٱج َت َبٰ ُه َر ُّب ُهۥ َف َت َ
ى ١٢٢قال ٱهب ِ َطا م ِۡن َها
َ
ض ُّل َول ي َ ۡش َقٰ اي فَ َل يَ َ ُ ّ ُ َّ َ ۡ َ َّ َ ٞ
كم ّم ِّن ُه ٗدى َف َمن َّٱت َب َع ُهدَ ُ ُ َج َ
ِ َ
ِ ِ ِيعۢا ۖ َب ۡعضك ۡم لِ َ ۡع ٍض عدو ۖفإِما يأت ِين
َ ۡ َ َّ َ ُ َ َ ٗ َ ٗ َ َ ۡ ۡ َ ۡ َ
م﴾(((. شهُۥ يَ ۡو َم ٱل ِق َيٰ َمةِ أ ۡع َ ٰ
ن ُ ُ َ ١٢٣و َم ۡن أع َرض َعن ذِك ِري فإِن لۥ م ِعيشة ضنك و
التبليغية
ّ سيرة آدمQ
بعد ْأن قضى الله تعالى هبوط آدم Qوزوجه إلى األرض ،بدأت مسيرة التكليف
اإللهي لإلنسان في األرض ،وتح ّدد هذا التكليف من خالل تعاليم الدين النازلة عبر ّ
النبي آدم ،Qبعد ْأن اإللهي .وقد ابتدأ نزول هذه التعاليم الوحيان ّية على ّ ّ الوحي
َ
اب َعل ۡيهِ َو َه َد ٰ َ ُ
اجتباه الله تعالى واختاره لهذه المهمة الرسالية﴿ :ث َّم ۡ
ٱج َت َبٰ ُه َر ُّب ُهۥ ف َت َ
ى ١٢٢ ّ ّ
كم ّم ِّن ُه ٗدى َف َمن َّٱت َب َع ُه َد ََ ُ ّ ُ َّ َ ۡ َ َّ َ ٞ ُ ُ ٱهب َطا م ِۡن َها َج َ َ َ ۡ
اي ِ ِ ِيعۢا ۖ َب ۡعضك ۡم لِ َ ۡع ٍض عدو ۖ فإِما يأت ِين قال ِ
ۡ َ َّ َ ُ َ َ ٗ َ ٗ َ َ ۡ
ن ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ
ض ُّل َول ي َ ۡش َ ٰ ََ َ
شهُۥ يَ ۡو َم ٱلقِ َيٰ َمةِ ق َ ١٢٣و َم ۡن أع َرض َعن ذِك ِري فإِن لۥ معِيشة ضنك و فل ي ِ
َ
النبي آدم ،Qولكن ورد في الروايات أ ۡع َ ٰ
م﴾((( .ولم يَر ْد في القرآن ِذ ْك ٌر لتفاصيل دعوة ّ
عشر صحائف ،وقيل :خمسين صحيفة ،وقيل: ّأن الله تعالى أنزل على نب ّيه آدمْ Q
لم يكن لديه Qصحف منزلة((( .وقد استم ّر آدم Qفي دعوته بنيه حتى ارتحل
بالوفاة عن دار الدنيا ،وقيلّ :إن وفاته Qكانت في األلف األوّل في العام نفسه الذي
النبي نوح.(((Q ُولِ َد فيه ّ
النبي آدمQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي آدم Qالواردة في القرآن الكريم ،يستلهم جملة من ّإن المتأمّل في قصّ ة ّ
الدروس والعبر والسنن اإلله ّية التي يحتاج إليها اإلنسان في حياته؛ منها:
ّ َ ٞ
اإللهي﴿ :إ ِ ِن جاعِل ِف ّ -الحرص على أن يكون اإلنسان على قدر التكريم والتشريف
َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ ٰٓ َ ۡ ُ ُ ْ َ
ٓأِلد َم﴾﴿ ،فَإذا َس َّو ۡي ُت ُهۥ َونفخ ُ
ۡ َ َ َ َٗ َۡ
ت فِيهِ ِ واد جٱس ة
ِ كِ ئل م ِل ل ا نل ق ِإَوذ ﴿ ،﴾ۖ ة ِيف لخ ِ
ۡرضٱل
سجد َ ُّ ِ َ َ ُ ْ َ ُ َ
ِين﴾. وح فقعوا لۥ ٰ ِ مِن ر
ۡ ُ َ َ
-عدم زجر السائل أو اإلعراض عن جوابه ،والرفق به؛ ليفهم حقائق األمور﴿ :أت َعل
َ َ ََ َ َ َ َ َ َ َ َ ّٓ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َُ َ
ونَ ...ف َق َال أَ ُ
ي َـٔاد ُم أۢنب ِ ۡئ ُهم ...قال أل ۡم
ون ...قال ٰٓ
ٔ
ِ ِ ۢنب فِيها ...قال إ ِ ِن أعلم ما ل تعلم
َ ُ َّ ُ
ك ۡم﴾. أقل ل
ۡ َُۡ َۡ َ َ ۡ ُ ُ ْ
لئِكةِ ٱسجدوا للحق ،والتسليم له بعد تل ّقي الجوابِ﴿ :إَوذ قلنا ل ِلم ٰٓ -إذعان السائل ّ
ْ َ َ
ٓأِلد َم ف َس َج ُد ٓوا﴾.
ِيها َمن ُي ۡفس ُِد ف َت َع ُل ف َ َ ُْٓ َ َۡ
ِيها -عدم التس ّرع في االستنتاج والحكم على األمور﴿ :قالوا أ
َ َ َۡ ُ ّ َ َٓ َ َۡ ُ
ن ُن ن َس ّب ِ ُح ِبَ ۡمد َِك َو ُن َق ّد ُِس ل َكۖ﴾. ويسفِك ٱدلِماء و
ينفك وجوداً عن الغيب نفسه: -معيار التفاضل يدور مدار العلم بالغيب ،وهو ال ّ
َ ۡ َ َ َ ٓ َّ َ َ َّ ۡ َ َ ٓ َ َ َ َّ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ُ َّ َ َ ّٓ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َُ َ
﴿قال إ ِ ِن أعلم ما ل تعلمون ٣٠وعلم ءادم ٱلسماء كها ...ل عِلم لا إِل ما علمتنا ۖ
َۡ ن أَ ۡعلَ ُم َغ ۡي َ ك أَ َ
ت َوٱل ِ
ۡرض﴾. ٱلس َم ٰ َو ِٰ
ب َّ ِيم ...إ ِ ِ ّ ٓٱلك ُ ِيم ۡ َ
نت ۡٱل َعل ُ َّ َ
إِن
َ ۡ ۡ كٰفِر َ َّ ٓ ۡ َ َ ٰ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ
ين﴾﴿ ،فٱخ ُرج ِ -االستكبار هالك وخسران﴿ :إِل إِبل ِيس أب وٱستكب وكن مِن ٱل
َ َ ۡ ۡ ۡ َ َ ۡ ٗ َّ ۡ ُ ٗ َّ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ ََّ ٱلصٰغِر ََّ َ َ َّ
ين﴾﴿ ،قال ٱخ ُرج مِنها مذ ُءوما مدحوراۖ لمن تبِعك مِنهم لملن َ ِ إِنك مِن
َ َّ
َّ َ ۡ َ ۡ َ َ ٰ َ ۡ ّ َ ُ ۡ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ ۡ َ َ َّ َ
ِين﴾. جيم ِ ٣٤إَون عليك ٱللعنة إِل يو ِم ٱدل ِ
ك َر ٞ
ِ َج َه َّن َم مِنكم أجعِني * فٱخرج مِنها فإِن
وحب النفس والنظرة الدون ّية إلى اآلخرين والحسد ،هي من دوافع االستكبار: -الجهل ّ
َ
كن ّ ِل ۡس ُ َ
َ َ َۡ ُ ﴿قَ َال َأنَا ۠ َخ ۡيّ ٞم ِۡن ُه َخلَ ۡق َتن مِن نَّار َو َخلَ ۡق َت ُ
ج َد ِني﴾﴿ ،قال لم أ ٖ ط ِن م ۥ ه ٖ ِ
َ َّ ۡ َ َ ََّ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َّ ُ ۡ َّ َ َ ۡ ّ َ ۡ َ ل ِبَ َش َخلَ ۡق َت ُ
ون﴾﴿ ،قال أرءيتك هٰذا ٱلِي كرمت ع ٖ ن س م إح ِن م ل ٰ ص ل ص ِن م ۥه
ٖ ٖ ٍ
َ ۡ َ َّ ۡ َ َ ٰ َ ۡ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َّ ُ ّ َّ َ ُ ٓ َّ َ ٗ
لئِن أخرت ِن إِل يو ِم ٱلقِيٰمةِ لحتن ِكن ذرِيتهۥ إِل قل ِيل﴾.
َ َ ُ َ ُ
واألماني المعسولةَ ﴿ :ما ن َهىٰك َما َر ُّبك َما ع ۡن هٰ ِذه ِ ّ -عدم االنخداع بظواهر األمور
ٓ ّ َ ُ َ ِين َ ٢٠وقَ َ َّ َ َ َّ ٓ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ
اس َم ُه َما إ ِ ِن لك َما ل ِم َن خٰ ِل َ ي أو تكونا مِن ٱل ٱلشجرة ِ إِل أن تكونا ملك ِ
َ َّ
ٱلنٰ ِص ِح َني ٢١ف َدلى ٰ ُه َما ب ِ ُغ ُرورٖۚ﴾.
َّ
َ َ ۡ ُ َ َّ َ ُ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ ٓ َٰ َ ۡ ِ ُ ۡ َ ُ َ
صرطك -الشيطان عد ّو دائم لإلنسان﴿ :أن ِظر ِن إِل يوم يبعثون﴾﴿ ،لقعدن لهم ِ
َ َ َّ ُ ّ َ ۡ َ
ٓ ۡ
ي أيۡدِي ِه ۡم َوم ِۡن َخل ِف ِه ۡم َو َع ۡن أيۡ َمٰن ِ ِه ۡم َو َعن َش َمائِل ِ ِه ۡمۖ﴾، ُۡ ۡ َ َ
ٱلمست ِقيم﴾ٓ﴿ ،أَلت ِينهم ِم ۢن ب ِ
ك ۡم لِ َ ۡع ٍض َع ُد ّ ٞو ۖ﴾.َۡ ُ ُ
﴿بعض
َ
َ ٓ ُ َ َ َ
-إدامة الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة وطلب المغفرة﴿ :قال َر َّب َنا ظل ۡم َنا أنف َس َنا ِإَون
ّ
النبي آدمQ ّ
قصة
31
األفكار الرئيسة
.1النبي آدم Qهو أبو البشر ،وأوّل األنبياء اإلله ّيين الذين ارتضاهم الله تعالى ّ
لهداية البشريّة.
.2خلق الله تعالى آدم ،Qوأمر مالئكته وم َْن دونهم ِم ْن َخلقه بالسجود له،Q
اإلنساني من ذ ّريّته.
ّ تكريماً وتشريفاً له ،وللحاملين ألمانة االستخالف ،من النوع
اإلنساني خليفة له في األرض ،فكان إسكانه آدمQ ّ .3قضى الله تعالى جعل النوع
ً
مرحلة برزخ ّية تنزّل ّية مؤ ّقتة .لتحقيق مشروع االستخالف وزوجه الج ّنة السماويّة
اإلنساني.
ّ للنوع
.4بعد ْأن قضى الله تعالى هبوط آدم Qوزوجه إلى األرض ،بدأت مسيرة التكليف
اإللهي لإلنسان في األرض ،وتح ّدد هذا التكليف من خالل تعاليم الدين النازلة عبر ّ
النبي آدم ،Qبعد اإللهي .وقد ابتدأ نزول هذه التعاليم الوحيان ّية على ّ ّ الوحي
ْأن اجتباه الله تعالى ،واختاره لهذه المه ّمة الرسال ّية.
ّ
فكر وأجب
.1ما المر ُ
احل التي م ّر فيها َخ ْلق آدمQ؟
.2ب ّين حقيقة األمر بالسجود آلدم ،Qوالحكمة منه؟
.3تك ّلم عن مجريات إسكان آدم Qالج ّنة ،وخروجه منها؟
ّ
النبي آدمQ ّ
قصة
33
مطالعة
عن أبي الصلت الهرويّ ،عن الرضا Qقال« :إنّ آدم صلوات الله عليه ،لمّا أكرمه
الله تعالى بإسجاده مالئكته له ،وبإدخاله الجنّة ،ناداه الله :ارفع رأسك يا آدم ،فانظر
إلى ساق عرشي ،فنظر ،فوجد عليه مكتوباً :ال إله ّإل الله ،محمّد رسول الله ،عليّ بن
أبي طالب أمير المؤمنين ،وزوجته فاطمة سيّدة نساء العالمين ،والحسن والحسين
رب ،من هؤالء؟ قال ع ّز وجلّ :هؤالء سيّدا شباب أهل الجنّة ،فقال آدمQ؛ يا ّ
ذ ّريّتك ،لوالهم ما خلقتك»(((.
((( قطب الدين الراوندي ،سعيد بن هبة الله ،قصص األنبياء ،تحقيق غالم رضا عرفانيان اليزدي الخراساني ،ط ،1قم
المق ّدسة ،مؤسّ سة الهادي1418 ،هـ.ق1376 /هـ.ش ،ص.50-48
الدرس الثاني
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
النبي نوح((( .Qوقيل: ليبشرهم بقدوم المخ ِّلص لهم ،وهو ّ قومه ،ثمّ أعاده إليهم ّ
رفعه الله تعالى إلى السماء الرابعة والخامسة لقبض روحه ،وفاقاً لما ورد في الروايات
المأثورة((( .ويمكن أن ُيراد بالرفع رفع منزلته ومقامه المعنويّ تكريماً له ،وال س ّيما
َ َ
ّأن اآليةَ ﴿ :و َرف ۡع َنٰ ُه َمكنًا َعل ًِّيا﴾ جاءت في سياق ِذ ْكر مواهب النب ّوة والوالية ،وهي
مقامات إله ّية معنويّة((( .وقد ش ّرفه الله تعالى في اآلخرة بإدخاله في رحمته الخاصّ ة
ۡ َ ٰ َ ۡ َ َ َ ۡ ۡ ُ ّ َّ َ ّ ٞ
ٱلصٰب َ
ين ٨٥ ِِ بعباده الصالحين لصالحه في نفسهِ﴿ :إَوسمعِيل ِإَودرِيس وذا ٱلكِف ِلۖ ك مِن
َ ٰ َ َ ۡ َ ۡ َ ٰ ُ ۡ َ ۡ َ َ ٓ َّ ُ ّ َ َّ
وأدخلنهم ِف رحتِنا ۖ إِنهم مِن ٱلصل ِ ِحني﴾.
النبي إدريسQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي إدريس Qالواردة في القرآن الكريم ،يستلهم جملة ّإن المتأمّل في قصّ ة ّ
من الدروس والعبر والسنن اإلله ّية التي يحتاج إليها اإلنسان في حياته ،منها:
َ
يس إِنَّ ُهۥ ك َن ِص ّد ِٗيقا نَّب ِ ّٗيا﴾. ٱذ ُك ۡر ف ۡٱلك َِتٰب إ ۡدر َ َ ۡ
الصدق مدعا ُة مدح وثناء﴿ :وُ -
ِ ِ ِ ۚ ِ
-الله تعالى يحفظ الصادقين والمص ّدقين من عباده ،ويحميهم ويرفع شأنهم
َ َ َ ۡ َ َ ۡ ُۡ
يس إِنَّ ُهۥ ك َن ِص ّد ِٗيقا نَّب ِ ّٗيا َ ٥٦و َرف ۡع َنٰ ُه َمكنًا َعل ًِّيا﴾. ۡ َ
ب إِدرِ ۚ ومنزلتهم﴿ :وٱذكر ِف ٱلكِتٰ ِ
ۡ َٰ َ ۡ
ِإَودر َ
يس ِ -يحتاج الداعي إلى الله تعالى في دعوته إلى التح ّلي بالصبرِ﴿ :إَوسمعِيل
َ َ ۡ ۡ ُ ّ َّ َ ّ ٞ
ٱلصٰب َ
ين﴾. ِِ وذا ٱلكِف ِلۖ ك مِن
ّ َ َّ ٞ ّ ُ ۡ ۡ َ ۡ َ
ين ٨٥ٱلصٰب َ
ِِ يس َوذا ٱلكِف ِلۖ ك مِن ِإَودر َ
ِ ِإَوس َمٰعِيل
-الصبر يستنزل الرحمة اإللهيةۡ ﴿ :
ّ
َّ ۡ َ َ ٓ َّ ّ َۡ َ َۡ
َوأدخلنٰ ُه ۡم ِف َرحتِنا ۖ إِن ُهم م َِن ٱلصٰل ِ ِ
حني﴾
َ َ ۡ َ ۡ َ ٰ ُ ۡ َ ۡ َ ٓ َّ
حت ِ َنا ۖ إِن ُهم الذاتي لإلنسان ّ
محط تنزُّل رحمة إله ّية خاصّ ة﴿ :وأدخلنهم ِف ر ّ -الصالح
ّ َ َّ
ٱلصٰل ِ ِحني﴾. مِن
ّ
النبي نوحQ قصة ّ
النبي؛ أي إدريس ،Qلم يرسل الله هو نوح بن ملك بن متوشلخ بن أخنوخ ّ
النبي إدريس Qأحداً من األنبياء .ولد في العام الذي مات فيه تعالى بينه وبين ّ
النبي آدم Qفي األلف األولى .وقيل :إ ّنه كان نجّ اراً(((.
النبي آدم ،Qقبل موت ّ ّ
َ
َ َ َ ۡ ۡ َ َۡ
وقد ورد ِذ ْكره في مواضع ع ّدة من القرآن الكريم((( ،منها :قوله تعالى﴿ :ولقد أرسلنا
ك ۡم َع َذ َ َ َ
َّ َ ۡ ُ ُ ٓ ْ َّ َّ َ ّ ٓ َ ُ َ َ ۡ ُ ِير ُّمب ٌ ك ۡم نَذ ٞ ُ ً َٰ َ ۡ ٓ ّ َ ُ
اب ني ٢٥أن ل تعبدوا إِل ٱللۖ إ ِ ِن أخاف علي ِ نوحا إِل قو ِمهِۦ إ ِ ِن ل
َ َ َّ َ َ ََ ٗ ۡ َّ َ َ َ ْ َ ََ َّ ُ َ ََ َ ۡ َ
شا ّمِثل َنا َو َما ن َرىٰك ٱت َب َعك ِين كف ُروا مِن ق ۡو ِمهِۦ َما ن َرىٰك إِل ب يَ ۡو ٍم أ ِل ٖم ٢٦فقال ٱل َمل ٱل
كٰذِب َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُّ ُ ۡ َ ك ۡم َعلَ ۡي َ َّ َّ َ ُ ۡ َ َ ُ َ َ َ َّ ۡ َ َ َ َ ٰ َ ُ
ني ٢٧ ِ م ك ن ظ ن ل ب ِۢل ض ف ِن م ا ن إِل ٱلِين هم أراذِلا بادِي ٱلرأ ِي وما نرى ل
ََُّ ۡ َ ُ ُ ُ َ َ ٰ َ ّ َ ّ َّ ّ َ َ َ ٰ َ ۡ َ ٗ َ َ َ َ َ
ت َعل ۡيك ۡم حة ّم ِۡن عِن ِده ِۦ فع ِمي قال يٰق ۡو ِم أ َر َء ۡي ُت ۡم إِن كنت ع بيِنةٖ مِن ر ِب وءاتى ِن ر
َّ َ َ َّ ً ۡ َ ََ َۡ َٓ ََُۡ ُ ََ َ ُ َ َُۡ ُ ُ ُ َ ََ ُ َ
سلك ۡم عل ۡيهِ َمال ۖ إِن أ ۡج ِر َي إِل ع ٱللِۚ نت ۡم ل َها ك ٰ ِرهون ٢٨ويٰقو ِم ل أ ٔ أنل ِزمكموها وأ
َ
َ َ ۡ َ ُ
ِن أ َرىٰك ۡم ق ۡو ٗما ت َهلون َ ٢٩ويٰق ۡو ِم َمن
َ ُ َ َ ْ َ ْ
ِين َء َام ُن ۚ ٓوا إ ِ َّن ُهم ُّمل ٰ ُقوا َر ّب ِ ِه ۡم َولٰك ِّ ٓ َو َما ٓ َأنَا ۠ ب َطاردِ ٱل َ
َّ
ِ ِ
َ َ ٓ ُ َّ َ َ ٓ َ ۡ َُ ُ َ ُ ُ َ ٓ َ َ َّ َ َ َ َ َ ُّ َّ يَ ُ ُ
نص ِن م َِن ٱللِ إِن َط َردت ُه ۡ ۚم أفل تذك ُرون َ ٣٠ول أقول لك ۡم عِندِي خزائِن ٱللِ ول أعلم
ۡ َ ۡ َ َ َ ٓ َ ُ ُ ّ َ َ َ ۡ َ ُ َّ ً ۡ َ ُ َّ ُ ُ َ ۡ ُ َ ۡ ُ ُ ُ ۡ َ ٓ َ ۡ َ َ َّ ُ ُ َ ٓ َ َ ٞ
ٱلل أعل ُم ٱلغيب ول أقول إ ِ ِن ملك ول أقول ل ِلِين تزدري أعينكم لن يؤتِيهم ٱلل خياۖ
َ ُ ْ َ ِ ُ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َۡ َ َ ٓ َ ُ ۡ ّ ٓ ٗ َّ َ َّ
جدٰلَا فأت ِنا ب ِ َما َ
ن إِذا ل ِمن ٱلظٰل ِ ِمني ٣١قالوا يٰنوح قد جٰدلنا فأكثت ِ س ِهم إ ِ ِ بِما ِف أنف ِ
َ ٓ ٓ
ٱلل إن َشا َء َو َما أ ُ ِيكم بهِ َّ ُ ُ ۡ َ َّ َ ُ َ َ َّ َ َٓ
ين ٣٣ نتم ب ُم ۡعجز َ ِني ٣٢قال إِن َما يَأت ٱلص ٰ ِدق َ تعِ ُدنا إِن كنت مِن
ِِ ِ ِ ِ
ُ ُ ُ َ َ َّ ُ ُ ُ َ ۡ َ َ َ َ ُ ُ ۡ ُ ۡ ٓ ۡ َ َ ُّ َ ۡ َ َ َ ُ
يد أن ُيغوِ َيك ۡ ۚم ه َو َر ُّبك ۡم نص َح لك ۡم إِن كن ٱلل ي ِر ول ينفعكم نص ِح إِن أردت أن أ
ُۡ َ َۡ َ ُ ُ َ ۡ ََ ُٰ ُۡ َۡ ُۡ َ ُ َ
َ
يءّ ٞم َِّما ت ِر ُمون ام َوأنَا ۠ بَر ٓ ل إ ِ ۡج َ
ر َّ ََُُۡۡ َ َ َ
ع ف ۥ ه ت ي
ِ ِ ت ٱف نِإَولهِ ترجعون ٣٤أم يقولون ٱفتىهۖ ق ِ ِ
إ ل
ِني ٤٣ ٱللِ إ َّل َمن َّرح َِم َو َح َال بَ ۡي َن ُه َما ٱل ۡ َم ۡو ُج فَ َك َن م َِن ٱل ۡ ُم ۡغ َرق َ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ۡ َّ
صم ٱلوم مِن أم ِر
ۚ ِ قال ل ع ِ
ۡ ۡ ُ َ ۡ ََ ۡ ََ َ ۡ َ َ َ َ ٰٓ َ ُ
ع ُ ّ
ٱلود ِِيۖ ض ٱلمر وٱستوت ِيض ٱل ۡ َما ٓ ُء َوقُ ِ َ َ َ َ ٓ ۡ
يأۡرض ٱبۡل ِع َما َءكِ َوي ٰ َس َما ُء أقل ِِع وغ
ٓ َ
وقِيل
َ ۡ َّ ۡ َ َّ َ ََ ى نُ ٞ ََ َ ۡ ّ
َ َ ُ ۡ ٗ َ ۡ ِ َّ
نت ٱل ُّق َوأ َِإَون َو ۡع َد َك َ وح َّر َّب ُهۥ فقال َر ّ ِب إِن ٱبۡ ِن م ِۡن أه ِل اد ٰ ني ٤٤ون ٱلظٰلِم َ
ِ وقِيلبعدا ل ِلقوم
َ ۡ َ ُ ۡ َ ٰ َ َ َ َ ُ ُ َّ ُ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َّ ُ َ َ ٌ َ ۡ ُ َ ٰ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ََ
سل ِن ما ليس لك ك ِمني ٤٥قال يٰنوح إِنهۥ ليس مِن أهل ِكۖ إِنهۥ عمل غي صل ِٖحۖ فل ت ٔ أحكم ٱلح ِ
َ َۡ ََ َ ۡ َ َ ُ َ ّ َ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ ٌ ّٓ َ ُ َ
سلك َما ل ۡي َس ِل بِهِۦ ن أ ُعوذ بِك أن أ ٔ ِني ٤٦قال َر ّ ِب إ ِ ِ ٓ كون م َِن ٱل َجٰهل َ
ِ ت ن أ ك بِهِۦ عِلمۖ إ ِ ِن أعِظ
َ
ۡ ُ ٓ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ۡ َ َّ ٞ
َ َ َ
وح ٱهب ِ ۡط ب ِ َسل ٰ ٖم ّم َِّنا َو َب َرك ٰ ٍت َعل ۡيك
َ َ َُٰ ُ ۡ
ين ٤٧قِيل ين كن ّم َِن ۡٱل َخٰ ِس َ عِلمۖ ِإَول تغفِر ِل وترح ِن أ
ِ
َ َ ٰ َ ۡ ِ َ ۡ َ َّ ُ َ َ ع أُ َمم ّم َِّمن َّم َع َك َوأُ َم ٞم َس ُن َم ّت ِ ُع ُه ۡم ُث َّم َي َم ُّس ُهم ّم َِّنا َع َذ ٌ َ ََ
ك ۡم ش َِق ِ ٓ
اق اب أ ِل ٞم ﴾ ﴿ ،ويقوم ل ي ِرمن ۚ و ٰٓ ٖ
َ َ ُ َ ُ ُّۡ َ ٓ َ َ َ ََۡ ُ ٍ َۡ ََۡ ُ َۡ ََۡ َ ٰ َ َ َُۡ ُ ّ ُ
وط مِنكم بِبعِي ٖد﴾ .
(((
أن ي ِصيبكم مِثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هو ٍد أو قوم صل ٖ ِۚح وما قوم ل ٖ
يجد المتأمّل في هذه المواضع على كثرتها ،ش ّدة عناية القرآن الكريم ببيان قصّ ة
النبي نوح Qقومه ،وقصّ ة النبي نوح ،Qحيث عرض فيها بنحو مجمل ،دعوة ّ ّ
ّ
المحطات التالية: الطوفان وما بعده .لذا يمكن تقديم قصّ ته Qوفق
النبي نوح Qورسالته
ّ نبوة
ّ
َ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ
ك َك َما ٓ أ ۡو َح ۡي َنا ٓ إ ِ َلٰ النبي نوح Qورسالته﴿ :إِنا أوحينا إِل بنب ّوة ّ ص ّرح القرآن الكريم
َ ۡ ُ َ َ ٓ َ ُ
َ
اط َوع ٰ ۡ
وب َوٱلس َب ِ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ
ِيم ِإَوسمٰعِيل ِإَوسحٰق َويعق َ َ ۡ
ل إبرٰه َ َ َ
َ ۡ ۡ َۡ وح َوٱنلَّب ّ َ
ِيس يۧن ِم ۢن بع ِدهۚ ِۦ وأوحينا إ ِ ٰٓ ِ ِِ ن ٖ
َ َ ٗ َ َ َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ َ ٰ ُ َ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ
ورا َ ١٦٣و ُر ُسل ق ۡد ق َص ۡص َنٰ ُه ۡم َعل ۡيك مِن ۥد َز ُب ٗ وأيوب ويونس وهرون وسليمنۚ وءاتينا داو
َ َ َّ ٗ
ِيما ُّ ١٦٤ر ُسل ُّمبَ ّ ِش َ َ ۡ ُ َ ُ ُ ٗ َّ ۡ َ ۡ ُ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َّ َ َّ ُ ُ َ ٰ َ ۡ
ين َو ُمنذِرِين لِ ل ِ
كل ٗ قبل ورسل لم نقصصهم عليكۚ وكم ٱلل موس ت
ۡ َ َ َ
ِيما﴾(((﴿ ،لق ۡد أ ۡر َسل َنا نُ ً ٱلر ُسل َو َك َن َّ ُ َ َ َّ ُ َ
وحا ٱلل َعز ً
يزا َحك ٗ ٱللِ ُح َّجُۢة َب ۡع َد ُّ اس ع يَكون ل َِّلن ِ
ِ ِۚ
ّ َ ُ ۡ َُ ٌ َ َ َ
ول أمِني ،(((﴾ٞوبأ ّنه أوّل األنبياء Rمن أولي العزمّ ،
وأن إ ِ ٰل ق ۡو ِمهِۦ﴾(((﴿ ،إ ِ ِن لكم رس
وحا َو َّٱل ٓص بهِۦ نُ ٗ َ َ َ َ ُ ّ َ ّ َ َ َّ
ِي ِين ما و ٰ ِ كم َمِن ٱدل ِ شريعته أوْلى الشرائع اإلله ّية على األرض﴿ :شع ل
ْ َ ْ َ َۡ َ َۡٓ َۡ َ
ِين َول َت َت َف َّرقُوا فِي ۚهِ﴾(((، ِيموا ّ
ٱدل َ ِيس أ ۡن أق ُ ِيم َو ُم َ ٰ َ َ
وس وع ٰٓ ۖ
ك َو َما َو َّص ۡي َنا بهِۦٓ إبۡ َرٰه َ
ِ ِ أوحينا إِل
وورد في الروايات المأثورة أ ّنه بُعث بالرسالة وهو بعمر ثمانمئة وخمسين عاماً((( ،ولم
ّ َُّ ُ ُ ۡ َٰ َ
ت َر ِب سل ٰ ِ التشريعي﴿ :أبل ِغكم رِ
ّ يذكر القرآن اسم رسالته ،ولم يفصّ ل في بيان محتواها
َ َ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َّ َ َ َ ۡ َ ُ َ
ون﴾((( ،وب ّين أ ّنها تض ّمنت ما تشترك فيه الشرائع وأنصح لكم وأعلم مِن ٱللِ ما ل تعلم
اإلله ّية من أصول الدين ،من الدعوة الخالصة إلى التوحيد ،وعبادة الله الواحد األحد،
ٱع ُب ُدوا ْ َّ ََ َ َ ََٰ ۡ ِ ۡ ََ ۡ َۡ َ َۡ ُ ً َ َ
ٱلل َما وحا إ ِ ٰل ق ۡو ِمهِۦ فقال يقوموالنهي عن الشرك بالله تعالى﴿ :لقد أرسلنا ن
َّ َ ۡ َ َ َ َ َ ُ
ت ق ۡو ُم والحث على طاعة الله تعالى ومالزمة التقوى﴿ :كذب ّ كم ّم ِۡن إِلٰ ٍه غ ۡ ُيهُ ٓۥ﴾(((، ل
َ َّ ُ ْ
ِني ١٠٧فٱتقوا ول أَم ٞ ّ َ ُ ۡ َُ ٌ
وح أل ت َّتقون ١٠٦إ ِ ِن لكم رس
ۡ َ َ َُ ۡ َ ُ ُ ۡ ُ ٌ ََ َ ُ َ
ِني ١٠٥إِذ قال لهم أخوهم ن وح ٱل ۡ ُم ۡر َسل َ ن ٍ
ُ
َ َّ ُ ْ ع َر ّب ۡٱل َعٰلَم َ ٰ َ َ ٓ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ َّ َ َ ٱلل َوأَط ُ
َّ َ
ني ١٠٩فٱتقوا ِ َِ لِ إ ي ر
ِ ج أ ن ِ إ ۖرٍ ج أ ِن
م ِ ه ي ل ع م ك ل
ٔ س أ ا م و ١٠٨ ون
ِ ِيع
وحا إ ِ ٰ َ
ل قَ ۡو ِمهِۦٓ ِيعون﴾((( ،والوعد والوعيد والتذكير بيوم المعادَ ﴿ :ولَ َق ۡد أ ۡر َس ۡل َنا نُ ً ٱلل َوأَط ُ
َّ َ
ِ
َ ك ۡم َع َذ َ َ َّ َ ۡ ُ ُ ٓ ْ َّ َّ َ ّ ٓ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ك ۡم نَذ ٞ
ِير ُّمب ٌ ّ َ ُ
اب يَ ۡو ٍم أ ِل ٖم﴾(((، ني ٢٥أن ل تعبدوا إِل ٱللۖ إ ِ ِن أخاف علي ِ إ ِ ِن ل
َّ ٓ َ ۡ َ َۡ َ َ ُّ
اب يزيه َو َيحل َعل ۡيه َعذ ٞ ۡ ُ َ ۡ َ
﴿فَ َس ۡوف ت ۡعل ُمون َمن يَأتِيه َعذ ٞ
َ َ َ
يم﴾(﴿ ،((1إِنا أرسلنا اب ُّم ِق ٌ ِ ِ ِ ِ ِ
النبي نوح Qالتبليغ ّية في قومه ،حيث بالغ وب ّين القرآن الكريم معالم سيرة ّ
َۡ ُ ََ َ َّ َ ۡ َ َ س َلٰت َر ّب َوأَ َ َُُّ ُ
ون﴾(((، نص ُح لك ۡم َوأعل ُم م َِن ٱللِ َما ل تعلم
ُ
ِ ك ۡم رِ َ ٰ في النصح لهم﴿ :أبل ِغ
َ ِ
َ
ك ۡم َعذ َ َ ۡ َُ ُ ّ
ُ ّ ۡ ٰ ُُۡٓ ٓ َ َ َ َ َّ َ َ ْ َ َۡ ُُۡ
اب ن أخاف علي والتبشير واإلنذار﴿ :يٰقو ِم ٱعبدوا ٱلل ما لكم مِن إِل ٍه غيهۥ إ ِ ِ
ون ٣ َو َّٱت ُقوهُ َوأَط ُ
ِيع
َ ُُۡ ْ ك ۡم نَذ ٞ
ِير ُّمب ِ ٌني ٢أ ِن ٱعبدوا
((( َ َ َ ٰ َ ۡ ِ ّ َ ُ
يم﴾ ﴿ ،قال يقوم إ ِ ِن ل َۡ َ
ِ يو ٍم ع ِظ ٖ
ٱللِ إ َذا َجا ٓ َء َل يُ َؤ َّخ ُر ل َ ۡو ُك ُ َ ۡ ۡ َ ُ ّ ُ ُ ُ ۡ َ ُ َ ّ ۡ ُ ۡ َ ٰٓ َ َ ُّ َ ًّ َّ َ َ َ َّ
نت ۡم ۚ ِ م إِن أجل يغفِر لكم مِن ذنوبِكم ويؤخِركم إِل أج ٖل مس ۚ
ُ َ ٓ ك ۡم إنَّ ُهۥ َك َن َغ َّف ٗ َ ۡ َ ُ َ َ ُ ۡ ُ ۡ َ ۡ ُ ْ َ َّ ُ
ٱلس َما َء َعل ۡيكم ّم ِۡد َر ٗارا ١١ ارا ١٠يُ ۡرسِل َّ
ِ ِ تعلمون * فقلت ٱستغفِروا رب
ٗ َ ُ ۡ ۡ َ َّ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َّ َّ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ َُۡ ۡ ُ َ
ٰ
ويمدِدكم بِأمو ٖل وبنِني ويجعل لكم جن ٖت ويجعل لكم أنهرا﴾ .وقد عانى منهم
((( ٰ ٰ
َ ُّ ْ َ
كثيراً ،وال س ّيما من كبراء قومه الذين أعرضوا عن دعوته الح ّقة وأنكروها﴿ :ف َرد ٓوا أيۡد َِي ُه ۡم
لهِ ُ ون َنا ٓ إ ِ َ ۡ
َّ َ َ ّ ّ َّ َ ۡ ُ َ ك َف ۡرنَا ب َما ٓ أُ ۡرس ِۡل ُ ٓ َ ۡ َ ٰ ۡ َ َ ُ ٓ ْ َّ َ
يب﴾(((، ِ ٖ ر م ع د ت ا ِمم ك
ٖ ش ف ِ ل ا ِإَون ِۦ ه ِ ب م ت ِ ِف أفوهِ ِهم وقالوا إِنا
َ َّ
َ َُُۡ ۡ َۡ َ ُ ۡ َ َ ٓ َٰ َُ ۡ ٓ َ
ف َءاذان ِ ِه ۡم
ْ ُ َ ّ َ ٗ ََۡ َ ۡ ُ ۡ ُ َٓ ٓ
دعوتهم لِ غفِر لهم جعلوا أصبِعهم ِ ِإَون ﴿فلم ي ِزدهم دعءِي إِل ف ِرارا ِ ٦
ٗ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ْ َ َ ُ ۡ َ َ َ ُّ ْ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ ۡ ۡ
وٱستغشوا ثِيابهم وأصوا وٱستكبوا ٱستِكبارا﴾ ،واسترسلوا في الجحود والضالل (((
َُ ْ َ ٗ َ َ َ َ ْ
َّ
س ِق َني﴾(((﴿ ،إِن ُه ۡم غ﴾(((﴿ ،إِن ُه ۡم كنوا ق ۡوما ف ٰ ِ
َّ واإلضالل والمكر﴿ :إ ِ َّن ُه ۡم َكنُوا ُه ۡم أ ۡظل َم َوأ ۡط َ ٰ
ارا الۥ َو َو َ ُلهُ ٓۥ إ َّل َخ َس ٗ وح َّر ّب إ َّن ُه ۡم َع َص ۡون َو َّٱت َب ُعوا ْ َمن ل َّ ۡم يَز ۡدهُ َم ُ ُ ﴾﴿ ،قَ َال نُ ٞ َ ُ ْ َ
كنوا ق ۡو ًما
ِ ِ ِ ِ ِ
َ َ ُ ْ َ َ َ ُ َّ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ َّ َ ّٗ َ َ ُ َ ٗ َ ُ َ ك ٗرا ُك َّب ٗ ََ َُ ْ َ ۡ
اع َول َيغوث ارا ٢٢وقالوا ل تذرن ءال ِهتكم ول تذرن ودا ول سو ٢١ومكروا م
ٗ َ َّ َّ َ َ َ ْ ُّ
سا َ ٢٣وقَ ۡد أ َضلوا كث ِ ٗ َ وق َون َ ۡ ٗ ََُ َ
ٱلظٰل ِ ِم َني إِل َضلٰل﴾((( ،وقاموا بالسخرية رياۖ َول ت ِزدِ ويع
ْ َ ٞ َ َ َّ ُ ۡ ُ ۡ
منهَ ﴿ :و َي ۡص َن ُع ٱلفل َك َوك َما َم َّر َعل ۡيهِ َمل ّمِن ق ۡو ِمهِۦ َس ِخ ُروا م ِۡن ُ ۚه﴾((( ،وتهديده بالقتل
ِني﴾( ،((1وكالوا له صنوف التهمّ ون َّن م َِن ٱل ۡ َم ۡر ُجوم َ ً َ ُ ْ َ َّ ۡ َ َ َ ٰ ُ ُ َ َ ُ َ
رجما﴿ :قالوا لئِن لم تنتهِ ينوح لك
ينفض الناس من حوله ،فرمَوه بالضاللة: الباطلة والمزيّفة ،وأثاروا الشكوك حوله ،ح ّتى ّ
ُۢ َّ ۡ ُ ك ف َض َلٰل ُّ َ ۡ ٓ َّ َ َ َ ٰ َ َ َ َۡ َ ُ
ني﴾((( ،والجنون﴿ :إِن ه َو إِل َر ُجل بِهِۦ ٖ ِ بم ٖ ِ ى ن ل ا نِ إ ِۦ ه ِ
م و ق ِن م ﴿قال ٱلمل
َُ ٞ ۡ ْ ُ َ َ َ ْ َّ َ َ ْ ج َّنةَ ٞف َ َ
ون َو ۡٱز ُد ِج َر﴾((( ،وطلب الجاه ِني﴾(((﴿ ،فكذبُوا ع ۡب َدنا َوقالوا من تح ٖ ت َّب ُصوا بِهِۦ َح َّ ٰ ِ
َ َ ٰ َ ٓ َّ َ َ َ َّ َ َ َ َ ُ ُ ۡ ُ ُ ۡ ّ ٞ َۡ َ َ َ ۡ َ َ ُ ْ َّ َ َ َ ُ ْ
والمال﴿ :فقال ٱلملؤا ٱلِين كفروا مِن قو ِمهِۦ ما هذا إِل بش مِثلكم ي ِريد أن يتفضل
َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َّ َ َ َ ْ ََ ُ
ين كف ُروا مِن ق ۡو ِمهِۦ َما عل ۡيك ۡم﴾((( ،وعدم الفضل واالمتياز له عليهم﴿ :فقال ٱلمل ِ
ٱل
َ َ َ َ َ َ ٰٓ َ ٗ َ َ ٓ َ ۡ ََ ََ ٰ َ ُ َ َ َ َ ٰ َ َّ َ َ ٗ ۡ َ
لئِكة ى لك ۡم عل ۡي َنا مِن فضِۢل﴾(((َ ﴿ ،ول ۡو شا َء لنزل م شا ّمِثل َنا ...وما نر نرىك إِل ب
َۡ َ َُ ُ ۡ َ ۡ ٓ َ
ِني﴾((( ،والكذب واالفتراء﴿ :بَل نظ ُّنك ۡم كٰذِب ِ َني﴾(((﴿ ،أم ف َءابَائ َنا ٱل َّول َ
ِ
َّما َس ِم ۡع َنا ب ِ َهٰذا ِ ٓ
ٱل َ َ َ َ َ ٰ َ َّ َ َ َ َّ َّ ون ۡٱف َ َتى ٰ ُهۖ﴾(((ّ ، َُ ُ َ
ين وأن أتباعه من العوا ّم ضعاف الرأي﴿ :وما نرىك ٱتبعك إِل ِ يقول
ۡ
((( َ ُ ٓ ْ ُ ۡ ُ َ َ َ َّ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ
النبي
ّ ون﴾( .((1وقد واجه ٱلرأ ِي﴾ ﴿ ،قالوا أنؤمِن لك وٱتبعك ٱلرذل ُه ۡم أ َراذ ُِلَا بَاد َِي َّ
نوح Qهذه االفتراءات الباطلة بحكمة وبصيرة وصبر ،مف ّنداً إيّاها بالحكمة
والموعظة الحسنة والجدال باألحسن ،كاشفاً للناس زيف هذه االفتراءات بالدليل
ضال وهو والحُ جّ ة ،ضمن منطق قويّ ،وأسلوب مؤ ّثر ،وحوار رصين ،فكيف يكون ّ ً
َ َ َ ّ َّ ّ ٞ ُ َ ّ َ َ ٞ َ َ َ َ ۡ َۡ َ
ب ُرسل من الله تعالى لهدايتهم! ﴿قال يٰقو ِم ليس ِب ضلٰلة ولٰك ِِن رسول مِن ر ِ م َ
َۡ ُ َ َ َ َّ َ ۡ َ َ َ
س َلٰت َر ّب َوأ َ َ ُ ُ ّ ُ َ ۡ
ون﴾(،((1 نص ُح لك ۡم َوأعل ُم م َِن ٱللِ َما ل تعلم
ُ
ِ ك ۡم رِ َ ٰ ِغ ل بأ ٦١ ٱل َعٰلم َ
ني ِ
ِ
وتحداهم، ّ وكيف يكون مجنوناً وهو الذي أتاهم بالحجج والبراهين الساطعة،
وصدر عن ثبات موقف تجاههم ،بما ال يُعهَد صدوره ّإل عن رجل عاقل وحكيم!
حدوث الطوفان
عالمة على اقتراب الوعد ،وهي بعد أن قضى الله تعالى عليهم الهالك بالطوفان ،جعل ً
النبي نوح ،Qبوحي من الله تعالى ،بحمل المؤمنين من فوران التن ّور بالماء((( ،فقام ّ
كل صنف من أصناف الحيوانات فيها، أهله وغيرهم ،كما قام بحمل زوجين اثنين من ّ
َ َّ ٰٓ َ َ ٓ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ َّ ُّ ُ ُ ۡ ۡ ۡ
ور قل َنا ٱحِلمضافاً إلى ما يحتاجون إليه من طعام وشراب﴿ :حت إِذا جاء أمرنا وفار ٱتلن
َّ ٓ َ َۡ ُ ُ ّ َ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ َّ
ي َوأهلك إِل َمن َس َب َق َعل ۡيهِ ٱلق ۡول َو َم ۡن َء َام َنۚ َو َما َء َام َن َم َع ُه ٓۥ إِل ي ٱثن ِ ك زوج ِ فِيها مِن ٖ
َ
َََ َۡٓ َ ٞ
قل ِيل﴾((( ،وحدث الطوفان بانهمار الماء من السماء ،وتفجُّ ر ينابيع األرض﴿ :ففتحنا
َ َ َّ ۡ َ ۡ َ َ ُ ُ ٗ َ ۡ َ َ ۡ َ ٓ ُ َ َ ٰٓ َ َ ٓ َ ۡ َ َ َّ ٓ
ع أ ۡم ٖر ق ۡد قُد َِر﴾((( ،في ٱلس َماءِ ب ِ َماءٖ ُّم ۡن َه ِم ٖر ١١وفجرنا ٱلۡرض عيونا فٱلق ٱلماء أبوٰب
ى نُ ٌ ََ َ ۡ َۡ َ ۡ َ َ َۡ
وح اد ٰ ٱل َبا ِل﴾((( ،فغرق الحجر والبشر﴿ :ون ه ت ِري ب ِ ِهم ِف مو ٖج ك ِ مشهد مهيب﴿ :و ِ
َ َ
ين ٤٢قَال َ َ ۡ
َّ َ َ َ َ ُ َّ َ َ َ َ ۡٱب َن ُهۥ َو َك َن ف َم ۡعزل َي ٰ ُب َ
ي إ ِ ٰل َج َب ٖل ساو ٓ
ِ
ٔ كٰفِر َ
ِ ٱل ع م ن ك ت ل و ا ن ع م ب ك ن ۡ
ٱر َّ ِٖ ِ
ََ َ ۡ َ َّ َّ َ ۡ َ َ َ ٓ ۡ
ص َم ٱلَ ۡو َم م ِۡن أ ۡم ِر ٱللِ إِل َمن َّرح َ ِۚم َو َحال بَ ۡي َن ُه َما ٱل َم ۡو ُج فكن م َِن َ
َيع ِص ُم ِن م َِن ٱل َماءِ ۚ قال ل ع ِ
ۡ
َ َ ۡ ۡ
النبي نوح Qالتي سارت على اسم الله تعالى وبركتهَ ﴿ :وقال ٱل ُمغ َرق َِني﴾(((؛ ّإل سفينة ّ
َّ َ ۡ ٰ َ َ ُ ۡ َ ٰ َ ٓ َّ َ ّ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ٰ ُ َ ۡ َ َ َ ((( ٞ َّ ٞ ٱر َك ُبوا ْ ف َ
ات أل َو ٰ ٖح ِيها ِمۡسِب ٱللِ مٜرىها ومرسىها ۚ إِن ر ِب لغفور رحِيم﴾ ﴿ ،وحلنٰه ع ذ ِ ۡ
َ ۡ ُ َ َ َٓٗ َّ َ َ ُ َۡ َُ ُ
اإللهي
ّ كفِ َر﴾((( ،حاملة بذلك مشروع االستخالف س ١٣ت ِري بِأعينِنا جزاء ل ِمن كن ود ٖ
نت َو َمن ت أَ َ ٱس َت َو ۡي َ أن تعرض للخطر بفعل الكفر والطغيان﴿ :فَإ َذا ۡ
ِ لإلنسان في األرض ،بعد ْ ّ
َ ُ َّ ّ َ ۡ ُ َ ٗ َ َّ ٰ َ َ ۡ َ ۡ ِ َّ
ٱلظٰلِم َ ۡ َ ۡ ُ َّ َّ َّ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ
زنل نزل ِن م ِ أ ب ِ ر ل قو ٢٨ ني ِ مو ق ٱل ِن م ا نى ن ِي ٱل ِ ل ِ د م ٱل ل
كف ِ
ق معك ع ٱلفل ِ
((( انظر :الشيخ العياشي ،تفسير العياشي ،مصدر سابق ،ص ،146ص.147
((( سورة هود ،اآلية .40
((( سورة القمر ،اآليتان .12-11
((( سورة هود ،اآلية .42
((( سورة هود ،اآليتان .43-42
((( سورة هود ،اآلية .41
((( سورة القمر ،اآليتان .14-13
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 48
َ
ُّ َ َ ٗ َ َ َ ۡ ُ ۡ ُ
زنل َِني﴾((( ،وقد عمّ الطوفان بقاع األرض ك ّلها((( ،ثمّ أذن الله تعالى مبارك وأنت خي ٱلم ِ
للسماء باإلقالع عن المطر ،ولألرض باالحتفاظ بالماء في جوفها ،لترسو السفينة بعد حين
َ ۡ ٓ ُ َ َۡ
ض ٱل ۡم ُر قوۡرض ٱبۡلَع َما ٓ َءكِ َو َي ٰ َس َما ٓ ُء أَ ۡقل ِع َوغِيض ٱل َما ُء َ((( َ َ َ ٰٓ َ ُ
على جبل الجوديّ ﴿ :وقِيل يأ
ِ ِ ِ
َ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ّ َ َ ُ ۡ ٗ َ ۡ ِ َّ
ۡ ّ
ٱلظٰل ِ ِم َني﴾(((. وٱستوت ع ٱلود ِِيۖ وقِيل بعدا ل ِلقوم
ى نُ ٞاد ٰ َ
َ َ
وح النبي نوح Qالل َه تعالى لينجّ ي ابنه﴿ :ون وتجدر اإلشارة إلى ّأن دعاء ّ
ني ٤٥قَ َال َي ٰ ُن ُ كم َ ٱل ُّق َوأَ َ َ ۡ َ ۡ َ ِإَون َو ۡع َد َك ۡ َ
َّ َۡ َّ َّ ُ َ َ َ َ ّ َّ
ب إِن ٱبۡ ِن م ِۡن أه ِل
وح نت أحك ُم ٱلحٰ ِ ِ ربهۥ فقال ر ِ
ۡ ّ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ
ۡ ۡ َ َّ ُ َ َ ٌ َ ۡ ُ َ ٰ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َّ َ
ن أعِظك أن ك بِهِۦ عِل ٌمۖ إ ِ ِ ٓ سل ِن ما ليس ل إِن ُهۥ ل ۡي َس مِن أهل ِك ۖ إِنهۥ عمل غي صل ِٖحۖ فل ت ٔ
ۡ َّ ٞ
ِإَول َت ۡغفِرۡ َ ۡ َ َ َ ّ ّٓ َ ُ ُ َ َ ۡ َۡ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ
سلك ما ليس ِل بِهِۦ عِلمۖ ب إ ِ ِن أعوذ بِك أن أ ٔ تكون مِن ٱلجٰ ِهل ِني ٤٦قال ر ِ
خٰ ِس َ ََۡ َۡ ٓ َ ُ ّ َ ۡ َ
يظن ّأن ابنه من المؤمنين ،وقد ين﴾((( ،يظهر منه أ ّنه كان ّ ِ ِل وترح ِن أكن مِن ٱل
وعد الله تعالى نوحاً Qبإنجائه وأهلهّ ،إل من سبق عليه القول بكفره ،كامرأته:
ُّ َ ۡ َ ۡ َۡۡ ََ ۡ َ َ
ك إ َّل َمن َس َب َق َعلَ ۡيهِ ۡٱل َق ۡو ُل﴾(((َ َ ﴿ ، َُۡ ۡ
ٱح ِۡل ف َ
ض َب ي وأهل ِ ي ٱثن ِ
ك زوج ِ
ٖ ِن
م اِيه ﴿قلنا
ۡ َ َ َ َۡ َ ََ َۡ َ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َ ُ َّ ُ َ َ ٗ ّ َّ َ َ َ ُ ْ ۡ َ َ َ ُ
وطۖ كنتا تت عبدي ِن مِن عِبادِنا صٰل ِح ِ
ي وح َوٱم َرأت ل ٖ
تن ٖ ٱلل مثل ل ِلِين كفروا ٱمرأ
َّ َ َ َ َ َ َ ُ ََ ۡ
يا َوقِيل ۡٱد ُخل ٱنلَّ َار َم َع ٱلد ٰ ِخل َِني﴾((( ،فلم يكن َّ ۡ ٗ َ
فخان َتاه َما فل ۡم ُيغن َِيا ع ۡن ُه َما م َِن ٱللِ ش ٔ
يعلم أ ّنه من الكافرين ،ولو علم ذلك لما سأل الله تعالى في أمر ابنه ،وهو الذي دعا
َ ۡ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ّ َّ ٞ
كٰفِر َ
ين ٱل ِن
م ِ
ۡرض ب ل تذر ع ٱل
ِ الله تعالى على الكافرين باالستئصال﴿ :وقال نوح ر ِ
ِيم َو ُم َ ٰ
وح ِإَوبۡ َرٰه َ ُّ ََٰ ُ ۡ َ َ ّ ۡ َ َ َۡ َُ ٗ
وس ِنك َومِن ن ٖ ي َۧن مِيثقهم وم ك ّيا﴾ِ﴿ ،إَوذ أخذنا م َِن ٱنلَّب ِ ِ وب ِ
سن َ ۡ ۡ َّ َ َ َ َ ۡ َ َۡ ۡ ّ َ ً َ ٗ َ َ ۡ َ
ني ٨٠ َوعِيس ٱب ِن م ۡر َي َمۖ َوأخذنا مِن ُهم مِيثٰقا غل ِيظا﴾﴿ ،إِنا كذٰل ِك ن ِزي ٱل ُمح ِ ِ
ۡ
إِنَّ ُهۥ م ِۡن ع َِبادِنَا ٱل ُم ۡؤ ِمن َِني﴾.
ُ َّ َ َ َُۡ ُ ۡ ۡ ْ
ٱس َتغفِ ُروا َر َّبك ۡم إِن ُهۥ كن التبشير واإلنذار س ّنة إله ّية ثابتة في الدعوة﴿ :فقلت -
َّ ُ َ َُۡ ۡ ُ َّ ٓ َ َ ُ َغ َّف ٗ
ني َو َي ۡج َعل لك ۡم كم بأ ۡم َوٰل َو َبن َ
ِ ٖ ِ ٱلس َما َء عل ۡيكم ّم ِۡد َر ٗارا ١١ويمدِد ارا ١٠يُ ۡرس ِِل
ۡ
َ َ
وح َو َعدٖ َوث ُمود
َ ُ َ
ِين مِن ق ۡبل ِ ِه ۡم ق ۡو ِم ن ٖ ك ۡم َأنۡ َه ٰ ٗرا﴾َ ﴿ ،أل َ ۡم يَأتِه ۡم َن َبأُ َّٱل ََ َّ ٰ َ َ ۡ َ َّ ُ
ت ويجعل ل
ِ جن ٖ
ت َف َما َك َن َّ ُ َّ ۡ ُ َ
كٰ ِ َ ۡ ُ ۡ ُ ُ ُ ۡ
ََۡ َۡ َ َ ۡ َٰ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ
ٱلل ت أتتهم رسلهم بِٱلَيِنٰ ِ ۖ ب مدين وٱلمؤتفِ ۚ وقو ِم إِبرٰهِيم وأصح ِ
َ ُْٓ ُ َ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ
ون﴾. كن كنوا أنفسهم يظل ِم ِلَظل َِم ُه ۡم َول ٰ ِ
-إعراض الناس عن دعوة األنبياء Rوتكذي ُبهم من السنن الجارية في االجتماع
ود َو َّٱل َ
َۡ ُ ۡ َِۡ ُ ٖ َ َ ََُ َ ََۡ َۡ ُ
ِك ۡم َن َب ُؤا ْ َّٱل َ
ِين ِم ۢن ِين مِن قبل ِكم قوم نوح وعدٖ وثم البشريّ ﴿ :ألم يأت
َ َ ُّ ٓ ْ َ ۡ َ ُ ۡ ٓ َ ۡ َ ۡ َ َ ُ ٓ ْ ۡ َ ُ َ ۡ ۡ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َّ َّ ُ َ ٓ ۡ
ت فردوا أيدِيهم ِف أفوٰهِ ِهم وقالوا ٱللۚ جا َءت ُه ۡم ُر ُسل ُهم بِٱلَ ّيِنٰ ِ بع ِدهِم ل يعلمهم إِل
ّ
كذِبُ َ
وك
ُ َ
يب﴾ِ﴿ ،إَون ي ر م
َ ٓ َ ّ ّ َّ َ ۡ ُ َ
ون َنا إ ِ ۡ
لهِ ُ ع د ت ا ِم
م ك ش ف
َ
ل ا
َّ
ِإَون ِۦ ه ب م ك َف ۡرنَا ب َما ٓ أُ ۡرس ِۡل ُ
ت
َّ َ
إِنا
ِ ٖ ٖ ِ ِ ِ
َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ُ ٗ ۡ َ َ َ َ َ َۡ ُ َ ٞ ُ َ َ َ َّ َ
َف َق ۡد كذبَ ۡ
وح َو َعد َوث ُمود﴾﴿ ،ولقد أرسلنا نوحا ِإَوبرٰهِيم وجعلنا ِف ت ق ۡبل ُه ۡم ق ۡو ُم ن ٖ
ُ ّ َّ َ ُّ ُ َّ َ َ ۡ َ ٰ َ َ ۡ ُ ُّ ۡ َ َ َ َ ُ ٰ َ ۡ ُ ۡ ّ ٞ
ون﴾. ذرِيت ِ ِهما ٱنلبوة وٱلكِتبۖ ف ِمنهم مهتدٖۖ وكثِري مِنهم فسِق
والمال واالستعال ُء هي من موانع اإلعراض عن تصديق ِ وحب الجاه -سوء ّ
الظن ّ
َّ ٓ َ ْ
ك َف ُروا مِن قَ ۡو ِمهِۦ َما َهٰذا إل ب َ َ ٞ
َ َ َّ ْ ُ َ ۡ َ ََ
ش ِ دعوات األنبياء ﴿ :Rفقال ٱل َملؤا ٱلِين
ّ ۡ ُ ُ ۡ ُ ُ َ َ َ َ َّ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ ٓ َ َّ ُ َ َ َ َ َ َ ٰٓ َ
ك ٗة َّما َس ِم ۡع َنا ب ِ َه ٰ َذا ِ ٓ
ف مِثلكم ي ِريد أن يتفضل عليكم ولو شاء ٱلل لنزل ملئ ِ
َ
َ ُ ْ ُۡ ِني ٢٤إ ۡن ُه َو إ َّل َر ُج ُ ۢل بهِۦ ج َّنةَ ٞف َ َ
ت َّب ُصوا ْ بهِۦ َح َّ َءابَآئ َنا ۡٱلَ َّول َ
ِني﴾﴿ ،قال ٓوا أنؤم ُِن ٖ ح ت ٰ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َ َ َ َّ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ
لك وٱتبعك ٱلرذلون﴾.
-العناد والتحجّ ر واالستكبار يختم على قلب اإلنسان؛ بحيث ال يعود يطيق سماع
ّ ُ َّ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ُ ٓ ْ َ َ ٰ َ ُ ۡ ٓ َ
ف َءاذان ِ ِه ۡمِإَون كما دعوتهم لِ غ ِفر لهم جعلوا أصبِعهم ِ الحق وال رؤية أهلهِ ﴿ : كالم ّ
ۡ ۡ ْ َ
َ ۡ َ ۡ َ ۡ ْ َ َ ُ ۡ َ َ ُّ ْ
صوا َو ۡٱس َتك َ ُبوا ۡٱستِك َب ٗارا﴾. وٱستغشوا ثِيابهم وأ
-مواجهة األنبياء Rبالتهم الزائفة والباطلة من السنن اإلله ّية الجارية في
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 52
َ َ َ َ َ ٰ َ َّ َ َ ٗ ۡ َ َ َ ُّ َّ َ َ َ ٰ َ
شا ّمِثل َنا َو َما ن َرىٰك ني﴾﴿ ،ما نرىك إِل ب االجتماع البشريّ ﴿ :إِنا لنىك ِف ض ۡل ٰ ٖل مب ِ ٖ
َ ۡ ۡ َُ ُ َ َّ َ َ َ َّ َّ َ ُ ۡ َ َ ُ َ َ َ َّ َ َ َ َ ٰ َ ُ
ى لك ۡم َعل ۡي َنا مِن فضِۢل بَل نظ ُّنك ۡم ٱتبعك إِل ٱلِين هم أراذِلا بادِي ٱلرأ ِي وما نر
َ
كٰذِب ِ َني﴾.
-عندما يبلغ كفر أقوام األنبياء Rوحجودهم مبلغاً عظيماً ،بحيث يه ّدد مشروع
َّ َ
اإللهي لإلنسان في األرض ،فإ ّنه تجري فيهم س ّنة االستئصال﴿ :إِنك إِن ّ االستخالف
ُّ َ ْ َّ َ َّ َ ُ َ
ل ٓوا إل فَاج ٗرا ك َّف ٗ َّ ْ َ
َ َ َ َ َ ُ ْ ُّ ََُۡ ۡ ُ
ٱلر ُسل وح ل َّما كذبُوا ارا﴾َ ﴿ ،وق ۡو َم ن ٖ ِ تذرهم ي ِضلوا عِبادك ول ي ِ ِ
رياۢك ب ُذنُوب ع َِبادِه ِۦ َخب َ ۢ َۡ ُ ٖ َََٰ َّ َ ُ ََ ۡ َۡ َ َۡ َ ُۡ ۡ ُ ٰ َ َ َۡۡ
ِ وح وكف بِرب ِ ِ ِ ون ِمن بع ِد ن ۗ أغرقنهم﴾﴿ ،وكم أهلكنا مِن ٱلقر ِ
ُ ُّ ُ اب ِم ۢن َب ۡع ِده ِۡم َو َه َّم ۡ َ ۡ
وح َوٱل ۡح َز ُ َ َّ َ ۡ َ َ َ ُ
ت ك أ َّمة ِۢ ب ِ َر ُسول ِ ِه ۡم ۖ ت ق ۡبل ُه ۡم ق ۡو ُم ن ٖ ريا﴾﴿ ،كذب بَ ِص ٗ
اب﴾. ۡ َ َّ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ
ِق ع ن ك ف ي ك ف م ه ت ذ خ أ ف ق ٱل ِ ه ب
ُۡ ُ ْ
وا ِض ح د ل
ِ ل ط ٰ ِلَأۡ ُخ ُذوهُ َو َج ٰ َدلُوا ْ ب ۡٱل َ
ب
ِ ۖ ِ ِ ِ ِ ۖ
ۡ َ َ
ص َم ٱلَ ۡو َم م ِۡن كل شيء ،وبيده األسباب ك ّلها﴿ :ل ع ِ -الله تعالى قاهر وغالب فوق ّ
َ َ َّ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ٗ َ َ ۡ ُّ َ َ َ ۡ َ ٓ ۡ َ َ َّ َ ٓ َ ٓ َ َّ َ َ ۡ َّ َّ
أم ِر ٱللِ إِل من رح ِۚم﴾﴿ ،ففتحنا أبوب ٱلسماءِ بِماءٖ منه ِم ٖر ١١وفجرنا ٱلۡرض عيونا ٰ َ
َ ۡ َۡ ات َأ ۡل َو ٰ ٖح َو ُد ُ َ َ َ ۡ َٰ ُ َ َٰ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ٓ ُ َ َ ٰٓ َ ۡ َ ۡ ُ
س ١٣ت ِري بِأع ُين ِ َنا ٖ ِ ذ ع ه ن لح و ١٢ َ
ِرد فٱلق ٱلماء ع أم ٖر قد ق
َ َٓٗ َّ َ َ ُ
كفِ َر﴾. جزاء ل ِمن كن
َّ َّ َ َّ ُ ْ َ ُ
وح لما كذبوا إهالك األقوام السابقة فيه موعظة وعبرة لألمم الالحقةَ ﴿ :وق ۡو َم ن ٖ -
َََ ٗ َ َ َ ً َ َ َ ٗ َ َ ۡ َ ۡ َ َّ َّ ۡ ُ َ ُّ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ
اس ءاية وأعتدنا ل ِلظل ِ ِمني عذابا أ ِلما﴾﴿ ،ولقد ٰ ۖ ٱلرسل أغرقنٰهم وجعلنهم ل ِلن ِ
ٰ
ۡ ٓ ٗ َ ۡ
تَّ َرك َنٰ َها َءايَة ف َهل مِن ُّم َّدك ِٖر﴾.
ََ َ َ َ ََ ۡ َۡ َ َۡ ُ ً َ َ
وحا إ ِ ٰل ق ۡو ِمهِۦ فقال يٰق ۡو ِم ضرورة الدعوة إلى الله تعالى بالنصح﴿ :لقد أرسلنا ن -
يم... يهُ ٓۥ إ ّ ٓ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ كم ّم ِۡن إ َلٰه َغ ۡ ُ ۡ ُ ُ ْ َّ َ َ َ ُ
ن أخاف عليكم عذاب يو ٍم ع ِظ ٖ ِِ ِ ٍ ٱعبدوا ٱلل ما ل
كمۡ ُ َ ّ َۡ ُ َ َ َ َ َ
ُ ۡ َ ۡ ُ َ َّ َ َ ُ َ َ َ ُ َ ّ ُ ُ ۡ َ ٰ َٰ َ ّ
ت ر ِب وأنصح لكم وأعلم مِن ٱللِ ما ل تعلمون﴾﴿ ،إ ِ ِن ل أبل ِغكم رِسل ِ
ول أَم ٞ
ِني﴾.
َُ ٌ
رس
-يحتاج الداعي إلى الله تعالى إلى التبشير واإلنذار في إيصال الدعوة وتهيئة
َ َّ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ُ ً َٰ َ ۡ ٓ ّ َ ُ
ك ۡم نَذ ٞ
ِير ُّمب ٌ
ني ٢٥أن ل ِ النفوس لاللتزام بها﴿ :ولقد أرسلنا نوحا إِل قو ِمهِۦ إ ِ ِن ل
َ ۡ ُ ُ ٓ ْ َّ َّ َ ّ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ
تعبدوا إِل ٱللۖ إ ِ ِ ٓن أخاف عليكم عذاب يو ٍم أ ِل ٖم﴾.
ّ
النبي نوح Q ّ
النبي إدريس- Q
53
-يحتاج الداعي إلى الله تعالى ح ّتى ينجح في دعوته إلى اعتماد أسلوب حكيم
َ َ َ َ َ
قوامه :الحكمة والبرهان ،والموعظة الحسنة ،والجدال باألحسن﴿ :قال يٰق ۡو ِم أ َر َء ۡي ُت ۡم
َ ُ َّ ۡ َ َۡ ُ ۡ َُۡ ُ ُ ُ َ ُ ُ َ َ ٰ َ ّ َ ّ َّ ّ َ َ َ ٰ َ ۡ َ ٗ
حة ّم ِۡن عِن ِده ِۦ فع ِميت عليكم أنل ِزمكموها إِن كنت ع بيِنةٖ مِن ر ِب وءاتى ِن ر
َ َ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َ ً ۡ َ ۡ َ َّ َ َ َّ َ َ ٓ َ َ ۠ َ ُ َ ََ ُ َ
نت ۡم ل َها ك ٰ ِرهون ٢٨ويٰقو ِم ل أسٔلكم عليهِ مال ۖ إِن أج ِري إِل ع ٱللِۚ وما أنا وأ
َۡ ُ َ َ َّ
َ َ ُ َ
ِن أ َرىٰك ۡم ق ۡو ٗما ت َهلون َ ٢٩ويٰق ۡو ِم َمن ِين َء َام ُن ۚ ٓوا ْ إ ِ َّن ُهم ُّم َل ٰ ُقوا ْ َر ّب ِ ِه ۡم َو َلٰك ِّ ٓ
ب َطاردِ ٱل َ
ِ ِ
َ َ ٓ ُ َّ ۡ ََ ٓ َُ ُ َ ُ َ َ ُّ ُ ۡ َ َ َ َ َ َّ ُ َ َ َّ يَ ُ ُ
نص ِن مِن ٱللِ إِن طردته ۚم أفل تذكرون ٣٠ول أقول لكم عِندِي خزائِن ٱللِ
ك ۡم لَن يُ ۡؤت َِي ُهمُ َ َ ٓ َ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ٓ َ ُ ُ ّ َ َ ُ ُ ُ ۡ َ ٓ َ ۡ َ َ َّ ُ ُ َ ٓ َ َ ٞ
ول أعلم ٱلغيب ول أقول إ ِ ِن ملك ول أقول ل ِلِين تزدرِي أعين
ۡ َ
وح ق ۡد َ ني ٣١قَالُوا ْ َي ٰ ُن ُ َّ ُ َ ۡ ً َّ ُ َ ۡ َ ُ َ ٓ َ ُ ۡ ّ ٓ ٗ َّ َ َّ
ج ٰ َدلَ َنا ٱلظٰلِم َ
ِ س ِهم إ ِ ِن إِذا ل ِمن ٱلل خياۖ ٱلل أعلم بِما ِف أنف ِ
ُ ۡ َ َ َّ ُ َ َ َّ َ َٓ ََ ۡ َۡ َ َ َ َۡ
ِني ٣٢قال إِن َما يَأتِيكم بِهِ ٱلص ٰ ِدق َ جدٰلَا فأت َِنا ب ِ َما تعِ ُدنا إِن كنت مِن فأكثت ِ
ُ َ َ
دت أ ۡن أ ََ َ
َ َ َ ُ ُ ۡ ُ ۡ ٓ ۡ َ ُّ َ َ
ٱلل إن َشا ٓ َء َو َما أ ُ
ٓ َّ ُ
نص َح لك ۡم إِن ين ٣٣ول ينفعكم نص ِح إِن أر نتم ب ُم ۡعجز َ
ِِ ِ ِ
َ َ َّ ُ ُ ُ َ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ َ َ ُّ ُ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ
كن ٱلل ي ِريد أن يغوِيك ۚم هو ربكم ِإَولهِ ترجعون﴾.
-على الداعي أن يصبر في دعوته ،وال ييأس سريعاً من عدم استجابة الناس له ،وأن
ََ َ ۡ
كل الفرص المتاحة؛ إليصالها وإتمام الحجّ ة عليهمَ ﴿ :ولق ۡد أ ۡر َسل َنا يستفيد من ّ
ۡ َ ّ ُ َّ َ ُ
ِإَون ك َما د َع ۡوت ُه ۡم لِ َغفِ َر ل ُه ۡم ۡ َ ۡ َ َ َ َّ َ ۡ َ ََ َ ُ ً َ َۡ
نوحا إ ِ ٰل قو ِمهِۦ فلبِث فِي ِهم ألف سن ٍة إِل خسِني﴾ِ ﴿ ،
ُ َّ ّ ٗ َ َ َ ُ ٓ ْ َ َ ٰ َ ُ ۡ ٓ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ْ َ َ ُ ۡ َ َ َ ُّ ْ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ ۡ ۡ
جعلوا أصبِعهم ِف ءاذان ِ ِهم وٱستغشوا ثِيابهم وأصوا وٱستكبوا ٱستِكبارا ٧ثم إ ِ ِن
َ ن أَ ۡعلَ ُ
س ٗارا﴾. ت ل َ ُه ۡم إ ۡ َ
ِ
س ۡر ُنت ل َ ُه ۡم َوأ ۡ َ ارا ُ ٨ث َّم إ ِ ِ ّ ٓ َد َع ۡو ُت ُه ۡم ج َه ٗ
ِ
َ ۡ َ َ َ
نت َو َمن تأ َ ٱست َوي َ المؤمن دائم الذ ْكر والشكر لله تعالى في السراء والضراء﴿ :فإذا ۡ
ِ ّ ّ ِ
َ ُ َّ ّ َ ۡ َ َ َّ ٰ َ َ َ ۡ ِ َّٰ
ۡ ۡ َ ۡ ُ َّ َّ َّ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ
نزل ِن بأ ِ ك فق ِل ٱلمد ِلِ ٱلِي نىنا مِن ٱلقوم ٱلظل ِ ِمني ٢٨وقل ر ِ معك ع ٱلفل ِ
ٗ ُ َ َۡٗ َ َ ُ َّ َ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ ٗ ُّ َ َ ٗ َ َ َ َ
مزنل مبارك وأنت خي ٱلمزنِل ِني﴾﴿ ،إِنهۥ كن عبدا شكورا﴾.
َ َ ٰ ُ ُ ۡ ۡ َ َٰ
عناية الله تعالى محيطة بعباده المؤمنين والمخلصين﴿ :قِيل ينوح ٱهبِط بِسل ٖم -
َ َ َ ۡ َ َ َٰ ُ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ ٞ ّ َّ َ َ َ َ ٰ َ َ ۡ َ َ َ َ ٰٓ ُ َ ّ َّ َّ َ َ
يبون ٧٥ ج ِ م ٱل م ِع ن ل ف وح ن ا ن ى اد ن د ق ل و ﴿ ، ﴾ ت عليك وع أم ٖم مِمن مع ۚ
ك مِنا وبرك ٍ
َۡ َ ۡ َ َ َ َ َّ
ن ۡي َنٰ ُه َوأ ۡهل ُهۥ م َِن ٱلك ۡر ِب ٱلع ِظي ِم﴾. و
-الله تعالى يستجيب دعاء أنبيائه Rورسله ،Rوينصرهم على القوم
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 54
ب كۡ
ر
َ ۡ َ
ٱل ِن
م ۥ هج ۡب َنا َ ُلۥ َف َن َّج ۡي َنٰ ُه َوأَ ۡهلَ ُ ى مِن َق ۡب ُل فَ ۡ
ٱس َت َ اد َُٰ ً ۡ َ َ
الكافرين﴿ :ونوحا إِذ ن
ِ
َ ۡ َۡ ْ
َّ َ ُ َ ٓ َ ْ َ
َ َّ َّ َ ۡ ََ َ َۡ ۡ
ِين كذبُوا أَِبيٰت ِ َنا ۚ إِن ُه ۡم كنوا ق ۡو َم َس ۡوءٖ فأغ َرق َنٰ ُه ۡم صنٰ ُه م َِن ٱلق ۡو ِم ٱل ٱل َع ِظي ِم ٧٦ون
ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َّ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َٰ ُ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ ٞ َ َ َۡ
ب جيبون ٧٥ونينه وأهلهۥ مِن ٱلكر ِ ٰ أجعِني﴾﴿ ،ولقد نادىنا نوح فلن ِعم ٱلم ِ
ۡ
ٱل َع ِظي ِم﴾.
-على اإلنسان أن يتأدّب في سؤال الله تعالى ،بأدب األنبياء ،Rفال يقطع أمراً
ََ َ
اد ٰ
ى قبل أن ت ّتضح له حقيقته ،ويق ّر بضعفه وجهله في حضرة الله تعالى﴿ :ون
َّ َ ۡ َ َ ۡ َ ُّ َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ ۡ َۡ َ َ
وح َّر َّب ُهۥ ف َقال َر ّ ِب إ ِ َّن ٱبۡ ِن مِن أه ِل ِإَون وعدك ٱلق وأنت أحكم ٱلح ِك ِمني ...
َ ٰ َ نُ ٞ
ۡ ُ َ ٓ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ۡ َ َّ ٞ َ ك َما لَ ۡ َ َ َ ّ ّٓ َ ُ ُ َ َ ۡ َۡ َ َ َ
ن أكن ِ ح ر ت و ل ر
ِ ِ فغ ت ِإَول ۖم ِل
ع ِۦ ه ب
ِ ِل س ي سلب إ ِ ِن أعوذ بِك أن أ ٔقال ر ِ
خٰ ِس َ ّ َ ۡ َ
ين﴾. ِ مِن ٱل
َّ
صل شيئاً حال كفره﴿ :إِن ُهۥ اال ّتصال باألنبياء Rبالنسب والسبب ال ينفع الم ّت َ -
َ َ َّ ُ َ َ ٗ ّ َّ َ َ َ ْ ۡ ََ ۡ َ ۡ َ َّ ُ َ َ ٌ َ ۡ ُ َ َ
ل ۡي َس مِن أهل ِك ۖ إِنهۥ عمل غي صل ِٖحۖ﴾﴿ ،ضب ٱلل مثل ل ِلِين كفروا ٱمرأت
َ ُ َ ٰ
ۡ َ َ َٰ َۡ َ َ َ ُ ََ ۡ ت َع ۡب َديۡ ُ ٖ َ ۡ ََ َ ُ ۖ َ ََ َۡ
ي فخان َتاه َما فل ۡم ُيغن َِيا ِ ِح ل ص ا ِن دا ِبع ِنم نِ
ت َ وط كنتانوح وٱمرأت ل ٖ
َ ۡ ُ َ َ َّ َ ۡ ٗ َ َ ۡ ُ َ َّ َ َ َ َّ
ٱلد ٰ ِخل َِني﴾. يا وقِيل ٱدخل ٱنلار مع عنهما مِن ٱللِ ش ٔ
ّ
النبي نوح Q ّ
النبي إدريس- Q
55
األفكار الرئيسة
النبي نوح ،Qوكان أوّل من أرسل الله تعالى نب ّيه إدريسQ؛ وهو ج ّد أبي ّ .1
ُب ِعث إلى قومه ،فدعاهم إلى الدين ،فأبوا ،فأهلكهم الله تعالى ،ورفعه إليه.
أرسل الله تعالى نب ّيه نوحاً Qبالرسالة إلى قومه ،وهو أوّل األنبياء Rمن .2
أولي العزم ،وشريعته أولى الشرائع اإلله ّية على األرض.
لبث نوح Qفي قومه تسعمئة وخمسين سنة ،يدعوهم إلى التوحيد ،وعبادة .3
الله تعالى ،واإليمان برسالته ،ولك ّنهم كفروا بها ،وك ّذبوه.
النبي نوح Qقومَه ،وبعد إلقائه الحجّ ة عليهم ،ح ّتى لم بعد ْأن طالت دعوة ّ .4
يعد ينفع معهم نصح وال إنذار ،أمره الله تعالى بصنع السفينة ،وبحمل من آمن
معه فيها ،وعمّ الطوفان األرض ،فغرق الكافرون وهلكوا.
بعد ْأن رست السفينة على جبل الجوديّ ،بدأ فصل جديد في حياة البشريّة .5
االستخالفي.
ّ ومشروعها
ّ
فكر وأجب
النبي إدريس Qوسيرته التبليغ ّية ،والدروس وال ِع َبر المستفادة منها. .1ب ّين قصّ ة ّ
للنبي نوح.Q .2تك ّلم عن ِّ
الس َير التبليغ ّية ّ
.3لماذا حدث الطوفان؟ وما مجريا ُته التي ب ّينها القرآن؟
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 56
مطالعة
النبي هود
Q ّ
النبي صالحQ
ّ
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
النبي هود ،Qوغيرها من ومن خالل التأمّل في هذه المواضع التي ورد فيها ِذ ْكر ّ
المواضع التي ورد فيها ِذ ْكر قومه ،يمكن تناول قصّ ته وفق التفصيل التالي:
التبليغية
ّ النبي هودQ
ّ سيرة
النبي هود Qالتبليغ ّية؛ حيث أرسله الله تعالى تح ّدث القرآن الكريم عن سيرة ّ
َ
ۡ َ ُ ُ ٗ
ِإَول َع ٍد أخاه ۡم هوداۚ﴿ ،(((﴾...إِذ النبي نوحٰ َ ﴿ :Q إلى قومه عاد ،وكان على شريعة ّ
ََ ۡ َ َ َ َ ُ ُ ُ ٌ ََ َ ُ َ
ّم ِۡن ُه ۡم﴾((( .وكانت عاد تقطن في قال ل ُه ۡم أخوه ۡم هود أل ت َّتقون﴾(((﴿ ،فأ ۡر َسل َنا فِي ِه ۡم
ََۡۡ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ
اف﴾(((؛ وهي منطقة في جنوب جزيرة األحقافَ ﴿ :وٱذك ۡر أخا ع ٍد إِذ أنذ َر ق ۡو َم ُهۥ بِٱلحق ِ
العرب ،ال أثر لها اليوم .وقد ُاخت ِل َف فيها ،فقيل :وا ٍد بين عمان ومهرة ،وقيل :رمال في
ما بين عمان إلى حضرموت ،وقيل :رمال مشرفة على البحر بالشحر من ساحل أرض
اليمن ،وقيل غير ذلك((( ،وقد كانوا موحِّ دين ،استخلفهم الله تعالى بعد قوم نوح،Q
فأنعم عليهم بصنوف النعم ،من ق ّوة واقتدار في البدن والعمران ،ومن الرزق في األوالد
ۡ ٗ َۡ ۡ َ ُ َ ُ ََ ٓ َ ۡ ُ ُ ْٓ ۡ َ َ َ ُ
ٱلل ِق بَ ۜص َطة ۖ وح َو َزادك ۡم ِف ك ۡم ُخلفا َء ِم ۢن َب ۡع ِد ق ۡو ِم ن ٖ والثمرات﴿ :وٱذكروا إِذ جعل
ُ َ َ َ َ ُ َ َّ ْ ُ َّ َ َ ۡ ُ ْ َ ٓ َّ َ َّ ُ ُ ۡ
ي أ َم َّدكم ب ِ َما ت ۡعل ُمون ١٣٢أ َم َّدكم ٱل ٓ فٱذك ُر ٓوا َءال َء ٱللِ ل َعلك ۡم تفل ُِحون﴾(((َ ﴿ ،وٱتقوا ِ
ون﴾((( ،ثمّ استغرقوا في النعم ،ونسوا ِذ ْكر الله ،فكفروا ني َ ١٣٣و َج َّنٰت َو ُع ُ
ي ب َأنۡ َعٰم َو َبن َ
ٍ ٖ ِ ٖ ِ
َ ُ َ َّ
َ َ َّ ُ َ َ َ َ َ ُ ۡ ۡ ُ ََ ٗ َۡ ُ َ ُّ َُۡ َ َ
لون ِ ١٢٩إَوذا خذون مصان ِع لعلكم ت يع َءايَة تع َبثون ١٢٨وتت ِ بأنعمه﴿ :أتبنون بِك ِل رِ ٍ
ليذكرهم بالله واليوم اآلخر، النبي هودّ Q ين﴾((( ،فأتاهم ّ َب َط ۡش ُتم َب َط ۡش ُت ۡم َج َّبار َ
ِ
َٰ َ َ َ ُ ۡ ُ ٗ َ َ
ويدعوهم لعبادته تعالى وحده ،وطاعته ،ومالزمة التقوىِ﴿ :إَول ع ٍد أخاهم هوداۚ قال
ك ۡم َع َذ َّٓ َ َ ُ َ َ ۡ ُ َ ٰ َ ۡ ِ ۡ ُ ُ ْ َّ َ َ َ ُ ّ ۡ َ ٰ َ ۡ ُ َ َ َ َ ُ َ
اب يَ ۡو ٍم يهُ ۚ ٓۥ أفل ت َّتقون﴾(((﴿ ،إ ِ ِن أخاف علي يقوم ٱعبدوا ٱلل ما لكم مِن إِل ٍه غ
ون﴾((( ،مب ّيناً لهم سبيل الرجوع إلى ّ َوأَط ُ
ِيع
((( َ َّ ُ ْ
يم﴾ ﴿ ،فٱتقوا َ
الحق باالستغفار ،وما ِ ع ِظ ٖ
َ َ
يتر ّتب على مالزمته من خيرات وبركات ،وعلى اإلعراض عنه من خسران مبينَ ﴿ :ويٰق ۡو ِم
ۡ ُ ُ َ ُ ُ َّ ٓ َ ُ وب ٓوا ْ إ ِ َ ۡك ۡم ُث َّم تُ ُ ۡ َ ۡ ُ ْ َ َّ ُ
ٱلس َما َء َعل ۡيكم ّم ِۡد َر ٗارا َو َي ِزدك ۡم ق َّوةً إ ِ ٰل ق َّوت ِك ۡم لهِ يُ ۡرس ِِل ٱستغفِروا رب
َ ُْٓ مرم َ َ َ َ َ َ َّ ۡ ْ ۡ
ُ
ِني﴾((( ،ولك ّنهم تمادوا في كفرهم وتع ّنتهم وعبادتهم األوثان﴿ :قالوا َول تتولوا ِ
ُ ٓ َ َ
ٱلل َو ۡح َدهُۥ َونَذ َر َما ك َن َي ۡع ُب ُد َءابَاؤنَا﴾((( ،وال س ّيما كبار قومه الكافرين أج ۡئتَ َنا لِ َ ۡع ُب َد َّ َ
ِ
َ َ ُ ُ ۡ َ َّ ُۡ َ ْ َ َ َّ َ َ
ِين كف ُروا مِن ق ۡو ِمهِۦٓ﴾((( ،والمك ّذبين بلقائه﴿ :أيعِدكم أنكم ٱل َ بالله﴿ :قال
َّ ُ ُّ ۡ َ َ ُّ ۡ َ ُ ُ ُ
ه ون ٣٦إ ِ ۡن ِ َ ََۡ َ ََۡ َ َ ُ َ ُ َ َ
نت ۡم ت َر ٗابا َوعِظٰ ًما أنكم م َر ُجون ۞ ٣٥هيهات هيهات ل ِما توعد
َ
إِذا مِتم وك
َّ َ َ َ ُ ْ َ َ َ ن ُن ب َم ۡب ُعوث َ َّ َ َ ُ َ ُّ ۡ َ َ ُ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ
َ َ
ٱلين كفروا مِن ق ۡو ِمهِ ِ ِني﴾(((َ ﴿ ،وقال ِ إِل حياتنا ٱدلنيا نموت ونيا وما
ُ َ ُ َ ۡ ُ َّ َ َ ُ َ َّ َ َّ ْ َ ٓ
حب ون﴾((( ،والغارقين في ّ خذون َم َصان َِع ل َعلك ۡم تل َوكذبُوا بِل ِقاءِ ٱٓأۡلخ َِرة ِ﴾(((َ ﴿ ،وتت ِ
َ َٗ َ َُۡ َ ََُۡ َ ُ ّ ُّ ۡ َ
الدنياَ ﴿ :وأتۡ َر ۡف َنٰ ُه ۡم ِف ۡ َ
ون﴾( ،((1والظالمين يع ءاية تعبث ٱل َي ٰوة ِ ٱدلن َيا﴾(﴿ ،((1أتبنون بِك ِل رِ ٍ
ِإَوذا َب َط ۡش ُتم َب َط ۡش ُت ۡم َج َّبار َ َ
ين﴾( ،((1الذين سخروا منه ،وكالوا له صنوف التهم ِ الج َّبارين﴿ :
الباطلة ،ووواجهوه بالدعاوى الواهية ،ليصرفوا الناس عن دعوته ،بمكر وخداع ،فا ّتهموه
َ َ َ َ ۡ ٓ َّ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ ُ َّ َ َ َ ْ
اه ٖة﴾( ،((1وبالكذبنىٰك ِف سف ِين كف ُروا مِن قو ِمهِۦ إِنا ل
بالسفاهة﴿ :قال ٱلمل ٱل
ۡ َّ َ ۡ ُ َ َّ َ ُ ٌ ۡ
ٱف َ َ َّ َ َ ُ ُّ َ َ ۡ َ
ٱلل كذ ِٗبا َو َما نَ ُنِ ىت ٰ ني﴾(((﴿ ،إِن هو إِل رجل كٰذِب َ
ِ واالفتراءِ﴿ :إَونا لظنك مِن ٱل
َ َ ۡ ٓ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َۡ َ ُلۥ ب ُم ۡؤ ِمن َ
سلكم عليهِ أج ًراۖ﴾((( ،وبعدم الفضل ِني﴾((( ،وبطلب الجاه والمال﴿ :يٰقو ِم ل أ ٔ ِ
ۡ ُ َ ۡ ُ ّ ُ َ ۡ ُ ّ َّ ّ ٞ ۡ ۡ ُ ٓ َ ََ َ ُۡ ۡ َ
واالمتياز عليهم﴿ :أوع ِجبتم أن جا َءكم ذِكر مِن ربِكم رج ٖل مِنكم ِلُنذِرك ۚم﴾(((،
ون َ ٣٣ولَئ ۡن أَ َط ۡعتمَُ َ ٰ َ ٓ َّ َ َ َ ُ َ ۡ َ َّ ُ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َّ ُ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ ۡ ّ ٞ
ِ ﴿ما هذا إِل بش مِثلكم يأكل مِما تأكلون مِنه ويشب مِما تشب
َّ ُ ُ َ َ ٗ ّ ۡ َ ُ ۡ َّ ُ ۡ ٗ َّ َ ٰ ُ َ
مسه سوء من آلهتهم﴿ :إِن نقول ون﴾((( .وبكونه قد ّ بشا مِثلكم إِنكم إِذا لخ ِس
َّ ۡ َ
النبي هود Qتهمهم ،وف ّندها بالدليل إِل ٱع َتى ٰ َك َب ۡع ُض َءال َِهت ِ َنا ب ِ ُس ٓوءٖۗ﴾((( .وقد ر ّد ّ
والموعظة الحسنة؛ فكيف يكون سفيهاً وهو ناصح لهم ،أمين عليهم ،وهم لم يعهدوا
ُ ُّ ُ ول ّمِن َّر ّب ۡٱل َعٰلَم ََ َ َ ٞ ُ َ ّ َٰ َ ٞ َ َ َ َ َ
ني ٦٧أبَل ِغك ۡم ِ ِ منه غير ذلك؟! ﴿قال يٰق ۡو ِم ل ۡي َس ِب سفاهة ولك ِِن رس
ِني﴾((( ،وكيف يكون كاذباً ،في دعواه ،وهو مرسل إليهم اص ٌح أَم ٌ َ ٰ َٰ َ ّ َ َ َ ۠ َ ُ ۡ َ
ت ر ِب وأنا لكم ن ِ رِسل ِ
من ربّهم لهدايتهم ،والحال أ ّنهم هم المفترون في دعواهم األلوه ّية ،والعبادة لمن هم
كم ّم ِۡن إ َلٰه َغ ُ ۡ ّ َ ُ ۡ َ ُ ٌ َ ُ َ َ َّ َ ْ ُ ُ ۡ ِ ۡ َ ٰ َ ((( ٞ
يهُ ۖ ٓۥ ِ ٍ دون الله تعالى! ﴿إ ِ ِن لكم رسول أمِني﴾ ﴿ ،يقوم ٱعبدوا ٱلل ما ل
ً ً ۡ َ ُ ۡ َّ ُ ۡ َ ُ َ
إِن أنتم إِل مفتون﴾ ،وكيف يكون طالبا للجاه والمال ،وهو لم يسألهم أجرا على (((
النبي هودQ
ّ نزول العذاب على قوم
النبي
النبي هود Qبالتبليغ والوعد والوعيد ،دعا ّ بعد ْأن ت ّمت الحجّ ة على قوم ّ
َ َ
هودٌ Qالل َه تعالى ،طالباً النصرة على قومه ،بإهالكهم بعد تكذيبهم وجحودهم﴿ :قال
َّ َ َ َ َّ َ َ َ َّ ُ
ِيل لُ ۡصبِ ُح َّن َنٰ ِدم َِني﴾((( ،فأتاهم العذاب الذي كانوا
ون ٣٩قال عما قل ٖ
َر ّ ُ ۡ
ب ٱنص ِن بِما كذب ِ
ِ
يوعدون ،فأرسل الله تعالى عليهم سحاباً أسود ،فيه ريح باردة عاتية ،استم ّرت سبع ٍ
ليال
َ َ َّ َ َ ۡ ُ َ ٗ ُّ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ َ ٰ َ َ ٞ
وثمانية أيّام ،فأتت عليهم ،فأهلكتهم﴿ :فلما رأوه عرِضا مستقبِل أودِيت ِ ِهم قالوا هذا عرِض
ْ ُ َ ۡ َ َ َ ّ َ ۡ َ ۡ َ َّ ُ ُ ّ َ ُ ٞ َ ٌ َ َ َ ٞ ۡ ُّم ۡمط ُرنَا ۚ بَ ۡل ُه َو َما ۡ
ٱس َت ۡع َجل ُتم بِهِۖۦ رِيح فِيها عذاب أ ِلم ٢٤تدمِر ك شء ِۢ بِأم ِر ربِها فأصبحوا ِ
ُ َ َ َّ
ص ص ٍ َ يح ۡ َ ْ ُ ۡ َ ٞ َ َّ ۡ َ ۡ َۡ َۡ
سكِنه ۚم كذٰل ِك ن ِزي ٱلقوم ٱل ُمج ِرمِني﴾(((﴿ ،وأما عد فأهل ِكوا ب ِ ِر ٖ
َ
َ َٰ ُُ ۡ َ َ َ ۡ
ى إِل م َل يُ َر ٰٓ
ازع َك َأ َّن ُه ۡم أَ ۡع َج ُ ص َٰ ِيها َ ۡتى ۡٱل َق ۡو َم ف َ َعت َِية َ ٦س َّخ َر َها َعلَ ۡيه ۡم َس ۡب َع َلَال َوثَ َمٰن َِي َة َأيَّام ُح ُس ٗ
وماۖ َف َ َ
ٍ ٖ ِ ٖ
َ ٓ َ ُ ۡ َ َ ُ َ َ َ
ى ل ُهم ّ ِم ۢن بَاق َِية﴾(((﴿ ،فأ َخذ ۡت ُه ُم َّ َ ۡ َ َۡ
ٗ
ٱل ّ ِق ف َج َعل َنٰ ُه ۡم غثا ٗء ۚ ف ُب ۡعدا ٱلص ۡي َحة ب ۡ
ِ ٖ نل َخاو َيةٖ ٧ف َهل تَ َر ٰ
ِ ٍ
يبق منهم أحدّ ،إل النبي هود Qومن آمن معه﴿ :فَأَ َجن ۡي َنٰهُ لِل َقو ِم ٱلظٰلِ ِمني﴾ ،فلم َ
َ َّ ۡ ّۡ
ّ (((
ٓ َ َ َّ َ َ َ ُ َ ۡ َ ّ َّ َ َ َ ۡ َ َ َ َّ َ َ َّ ُ ْ َ
أَِبيٰت َناۖ َو َما َكنُوا ْ ُم ۡؤ ِمن َ
ِني﴾(((َ ﴿ ،ول َّما َجا َء ِ وٱلِين معهۥ بِرحةٖ مِنا وقطعنا دابِر ٱلِين كذبوا
َ َ ۡ ُ َ َ َّ ۡ َ ُ ٗ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ َ ۡ َ ّ َّ َ َ َّ ۡ َ ٰ ُ ّ ۡ َ َ
ِيظ﴾(((. اب غل ٖ أمرنا نينا هودا وٱلِين ءامنوا معهۥ بِرحةٖ مِنا ونينهم مِن ع ٍ
ذ
النبي هودQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
هودQ النبي
يمكن استخالص مجموعة من الدروس والعبر والسنن من قصّ ة ّ
الواردة في القرآن الكريم ،منها:
َٰ
رسل إليهمِ﴿ :إَول -من السنن اإلله ّية في إرسال الرسل ،كون الرسول من قومه المُ َ
َ َّ ُ َ َ َ ۡ َ َ َُ ۡ َ ُ ُ
وه ۡم ُه ٌ ٗ ََ ۡ َ َ ُ ُ ٗ
ون﴾. ود أل تتق َع ٍد أخاه ۡم هوداۚ ﴾﴿ ،فأ ۡر َسل َنا فِي ِه ۡم َر ُسول ّم ِۡن ُه ۡم﴾﴿ ،إِذ قال لهم أخ
-من السنن اإلله ّية الجارية في إنذار األقوام ،عدم إهالكهم ّإل بعد إتمام الحجّ ة
ّ َ ۡ ُ ٓ َۡ ُ
لك ۡ ۚم َوي َ ۡس َتخل ِف َر ِب ق ۡو ًما َ َ َ َّ ۡ ْ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ُ َّ ٓ ُ ۡ ۡ ُ
عليهم بالتبليغ﴿ :فإِن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسِلت بِهِۦ إ ِ
ۡ َ َ َ ْ ُ َ َ ٞ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ ُ ُّ َ ُ َ ۡ ً َّ َ ّ َ َ ٰ ُ ّ َ ۡ َ ٞ
ت َر ّب ِ ِه ۡم
ش ٍء حفِيظ﴾َ ﴿ ،وت ِلك عد ۖ جحدوا أَِبي ٰ ِ كيا ۚ إِن ر ِب ع ِ غيكم ول تضونهۥ ش ٔ
ُّ ۡ َ َ ۡ َ ٗ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ٓ ُۡ ْ َ َ َ َ ۡ ْ ُ ُ َ ُ َ َّ َ ُ ٓ ْ َ ۡ َ ُ ّ
ار َعن ِي ٖد َ ٥٩وأتب ِ ُعوا ِف هٰ ِذه ِ ٱدلنيا لعنة ويوم ٱل ِقيٰمةِۗ أل ٍ
ك َج َّ
ب وعصوا رسلهۥ وٱتبعوا أمر ِ
َ ّ ََ َّ َ ٗ َ ْ
ك َف ُروا َر َّب ُه ۡمۗ أل ُب ۡع ٗدا ل َِعادٖ ق ۡو ِم ُهو ٖد﴾. إِن عدا
َ َ َّ ُ ٓ َ َ ۡ َ
ِني ٱلص ٰ ِدق َ -الله تعالى ينصر رسله ويستجيب لهم﴿ :فأت َِنا ب ِ َما تعِ ُدنا إِن كنت مِن
نتمۡ وها ٓ أَ ُٓ َ ۡ َ ٓ َ َّ ۡ ُ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ ُ ّ َّ ّ ُ ۡ ۡ َ ُ ٰ َ ُ َ ٌ َ َ َ ٞ
٧٠قال قد وقع عليكم مِن ربِكم رِجس وغضبۖ أتجدِلون ِن ِف أسماءٖ سميتم
َ َ َ َ ُ ْٓ ّ َ َ ُ ّ َ ُۡ َ ُ َۡ َ َ َ ٓ ُ ُ َّ َ َّ َ َّ ُ َ
ين ٧١فأجنَ ۡي َنٰ ُه نت ِظر َ
وءاباؤكم ما نزل ٱلل بِها مِن سلطٰ ٖ ۚن فٱنت ِظروا إ ِ ِن معكم مِن ٱلم ِ
ٱنصن ب َما َك َّذبُ َ َّ َ َ َ ُ َ ۡ َ ّ َّ َ َ َ ۡ َ َ َ َّ َ َ َّ ُ ْ َ
أَِبيٰت ِ َناۖ﴾﴿ ،قَ َال َر ّب ُ ۡ
ونِ ِ ِ ِ وٱلِين معهۥ بِرحةٖ مِنا وقطعنا دابِر ٱلِين كذبوا
َُ َ ٗ ٓ
ج َعل َنٰ ُه ۡم غثا ٗء ۚ ف ُب ۡعدا
ۡ ٱل ّق فَ َ ۡ
ح ُة ب َ ِني ٤٠فَأَ َخ َذ ۡت ُه ُم َّ
ٱلص ۡي َ ح َّن َنٰ ِدم َ ٣٩قَ َال َع َّما قَل ِيل َّلُ ۡصب ُ
ِ ِ ِ ٖ
ّ ۡ َ ۡ ِ َّ
ٱلظٰل ِ ِم َني﴾. ل ِلقوم
-على الداعي أن يتدرّج في أسلوب دعوته بالنصح والموعظة الحسنة ،ثمّ الوعد ،ثمّ
ۡ ُ ْ ۡ َ ُ ُ ََ ٓ اص ٌح أَم ٌ
ِني﴾َ ﴿ ،وٱذك ُر ٓوا إِذ َج َعلك ۡم خلفا َء ِم ۢن
ّ ََ۠ َ ُ َ
ت َر ِب َوأنا لك ۡم ن ِ
َُّ ُ ُ ۡ َٰ َ
سل ٰ ِ الوعيد﴿ :أبل ِغكم رِ
َ َ َ ُ ُۡ َّ َ َّ ٓ َ ْ ُ ۡ ٗ َ ۡ ۡ ۡ
ك ۡم ف َ َۡ َِۡ ُ ٖ َ َ َ ُ
ٱلل ِق بَ ۜص َطة ۖفٱذك ُر ٓوا َءال َء ٱللِ ل َعلك ۡم تفل ُِحون﴾َ ﴿ ،ويٰق ۡو ِم ِ بع ِد قوم نوح وزاد
ۡ ُ ُ َ ُ ُ َّ ٓ َ ُ وب ٓوا ْ إ ِ َ ۡ ك ۡم ُث َّم تُ ُ ۡ َ ۡ ُ ْ َ َّ ُ
ٱلس َما َء َعل ۡيكم ّم ِۡد َر ٗارا َو َي ِزدك ۡم ق َّوةً إ ِ ٰل ق َّوت ِك ۡم لهِ يُ ۡرس ِِل ٱستغفِروا رب
ُ َ َ َ َ َ َ
َ ۡ ُ ۡ َ َ َۡ َ َ ُ ٓ َ َ ّ ۡ َ َ َ َ َ َّ ۡ ْ ُ
يم﴾﴿ ،قال ق ۡد َوق َع َعل ۡيكم ن أخاف عليكم عذاب يو ٍم ع ِظ ٖ
َ
ول تتولوا م ِرمِني﴾﴿ ،إ ِ ِ
كم َّما نَ َّز َل َّ ُٓ َ ۡ َ ٓ َ َّ ۡ ُ ُ َ ٓ َ ُ ۡ َ َ َ ٓ ُ ُ ّ َّ ّ ُ ۡ ۡ َ ُ َ ُ َ ٌ َ َ َ ٞ
ٱلل ب ِ َها جٰدِلون ِن ِف أسماءٖ سميتموها أنتم وءاباؤ مِن ربِكم رِجس وغضبۖ أت
ۡ
كم ّم َِن ٱل ُم َ
نت ِظر َ ُ َۡ ٰ َ َ ُ ْٓ ّ َ َ ُ
ين﴾. ِ مِن سلط ٖ ۚن فٱنت ِظروا إ ِ ِن مع
َ َ َ َ
-على الداعي أن يتح ّلى بالصبر ،وأن يتح ّمل أذى المدع ّوين في دعوته﴿ :قال يٰق ۡو ِم
ۡ َ َ ََٰ ۡ ِ َ ٓ َ ۡ َ ُ ُ ول ّمِن َّر ّب ۡٱل َعٰلَم َ َ َ َ ٞ ُ َ ّ َٰ َ ٞ َ
سلك ۡم َعل ۡيهِ أ ۡج ًراۖ إِن ني﴾﴿ ،يقوم ل أ ٔ ِ ِ ل ۡي َس ِب سفاهة ولك ِِن رس
َ َ َ ٓ َََ َۡ ُ َ َّ َ َ َّ َ
ون﴾. أ ۡج ِر َي إِل ع ٱلِي فطر ِن ۚ أفل تعقِل
-على الداعي أن يصدر في دعوته من منطلق النصح للمدع ّوين والحرص عليهم:
ّٓ َ َ ُ ٞ ّ َ ُ ۡ َُ ٌ َ ٌ َُّ ُ ُ ۡ َ َ َ ّ َََ۠ َ ُ ۡ َ ٌ َ
اصح أمِني﴾﴿ ،إ ِ ِن لكم رسول أمِني﴾﴿ ،إ ِ ِن أخاف سل ٰ ِ
ت ر ِب وأنا لكم ن ِ ﴿أبل ِغكم رِ ٰ
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 66
َّ ٓ
ٱلس َما َء لهِ يُ ۡرس ِِل وب ٓوا ْ إ ِ َ ۡ
ك ۡم ُث َّم تُ ُ َ َ ٰ َ ۡ ِ ۡ َ ۡ ُ ْ َ َّ ُ
يم﴾﴿ ،ويقوم ٱستغ ِفروا رب َ َۡ ُ ۡ َ َ َ َۡ َ
عليكم عذاب يو ٍم ع ِظ ٖ
َ َ ۡ ُ ّ ۡ َ ٗ َ َ ۡ ُ ۡ ُ َّ ً َ ٰ ُ َّ ُ
ِك ۡم﴾. عليكم مِدرارا وي ِزدكم قوة إِل قوت
َ َ َ َ َ
-على الداعي أن يصدر في دعوته عن حكمة وبصيرة وق ّوة برهان﴿ :قال يٰق ۡو ِم ل ۡي َس
اص ٌح أَمِنيٌ ُ َ ّ ُ ُ ۡ َ ٰ َٰ َ ّ َ َ َ ۠ َ ُ ۡ َ
ت ر ِب وأنا لكم ن ِ ب ٱلعٰل ِمني ٦٧أبل ِغكم رِسل ِ
ول ّمِن َّر ّ ۡ َ َ َ َ َ َ ٞ ُ َ ّ َٰ َ ٞ
ِب سفاهة ولك ِِن رس
ِ
ُ َ ۡ ْ ُ ۡ ُ ُ َ َ ُ ّ َّ ّ ٞ ۡ ٓ ُ َ ٦٨أَ َو َ
ع َر ُج ٖل ّمِنك ۡم ِلُنذ َِرك ۡ ۚم َوٱذك ُر ٓوا إِذ َج َعلك ۡم ك ۡم ٰ ج ۡب ُت ۡم أن َجا َءك ۡم ذِكر مِن ر ِب ِ ع
ۡ َ ۡ َ ۡ َ ٗ َ ۡ ُ ُ ٓ ْ َ َ ٓ َ َّ َ َ َّ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ ُ َ ُ َ ََ ٓ
وح َو َزادك ۡم ِف ٱلل ِق ب ۜصطة ۖفٱذكروا ءالء ٱللِ لعلكم تفل ِحون﴾، ُخلفا َء ِم ۢن َبع ِد ق ۡو ِم ن ٖ
ۡ
ۡ ٓ َ ۡ َ ٓ َ َّ ۡ ُ ُ َ ٓ َ ُ ۡ َ َ َ ٓ ُ ُ
كم َّما نَ َّز َل َّ ُ َُ َ ُ َ
ٱلل ب ِ َها مِن ُسل َطٰ ٖ ۚن﴾. جٰدِلون ِن ِف أسماءٖ سميتموها أنتم وءاباؤ ﴿أت
-على الداعي أن ّ
يتوكل على الله تعالى في دعوته ،وال ينتظر عليها أجراً من الناس:
اص َيت ِ َها ٓۚ إ ِ َّن َر ّب َ َ ٰ ُۢ َ َ َّ َّ ُ ّ ُ َّ ّ َ َ َّ ۡ ُ َ َ َّ ّ
ص َر ٰ ٖط
ع ِ َ ِ ت ع ٱللِ َر ِب َو َربِك ۚم ما مِن دٓاب ٍة إِل ه َو َءاخِذ بِن ِ﴿إ ِ ِن توك
ََ َ ٓ ََ َۡ ُ َ َّ َ َ َّ َ ۡ َ َ َ
ََٰ ۡ ِ َ ٓ ۡ َ ُ ُ
ون﴾. سلك ۡم َعل ۡيهِ أ ۡج ًراۖ إِن أ ۡج ِر َي إِل ع ٱلِي فطر ِن ۚ أفل تعقِل يم﴾﴿ ،يقوم ل أ ٔ ُّ ۡ َ
مستقِ ٖ
-االستغراق في متاع الحياة الدنيا ،واالنشغال بها ،ينسي اإلنسان لقاء الله تعالى:
َ
ِإَوذا َب َط ۡشتمُ َ َ َّ ُ َ َ َ َ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َ َٗ َ َُۡ َ ُّ ََُۡ َ
خذون مصان ِع لعلكم تلون ١٢٩ يع ءاية تعبثون ١٢٨وتت ِ ﴿أتبنون بِك ِل رِ ٍ
َ َ َ َّ ْ َ ْ َ
ُ َ َ ُ
ِي أ َم َّدكم ب ِ َما ت ۡعل ُمون ١٣٢أ َم َّدكم
ُ َّ َّ َ َ ُ
ِيعون َ ١٣١وٱتقوا ٱل ٓ ُ َّ َ َ ۡ ُ ۡ َ َّ َ
بطشتم جبارِين ١٣٠فٱتقوا ٱلل وأط ِ
ون﴾. ني َ ١٣٣و َج َّنٰت َو ُع ُ
ي ب َأنۡ َعٰم َو َبن َ
ٍ ٖ ِ ٖ ِ
وإصالح النفس ،ومدعا ُة نزول البركات:
ِ -االستغفار باب للرجوع إلى الله تعالى،
ۡ ُ ُ َ َّ ٓ َ ُ وب ٓوا ْ إ ِ َ ۡ
ك ۡم ُث َّم تُ َُ َ ٰ َ ۡ ِ ۡ َ ۡ ُ ْ َ َّ ُ
ٱلس َما َء َعل ۡيكم ّم ِۡد َر ٗارا َو َي ِزدك ۡم ق َّوةً إ ِ ٰل لهِ يُ ۡرس ِِل ﴿ويقوم ٱستغفِروا رب
مرم َ ُ َّ ُ ۡ َ َ َ َ َ َّ ۡ ْ ُ ۡ
ِني﴾. ِ قوت ِكم ول تتولوا
ََ َ
الحق﴿ :قَال ُ ٓوا ْ أج ۡئتَ َنا لِ َ ۡع ُب َد َّ َ
ٱلل َو ۡح َدهُۥ َونذ َر ِ -التقليد األعمى من موانع قبول دعوة ّ
َ َ ۡ َ ْ ُ ُ َ َ َّ َ َ َ َ ُۡ ُ َ ََُٓ َۡ َ َ َ ُ َٓ
َ
ج ۡئت َنا لِ َأف ِك َنا ع ۡن َ ٓ َ
ما كن يعبد ءاباؤنا فأت ِنا بِما تعِدنا إِن كنت مِن ٱلص ٰ ِدقِني﴾﴿ ،قالوا أ ِ
َ ٰ ُ َ َ َّ َ َ َ َۡ َ َ َ ُ َٓ
ءال ِهتِنا فأت ِنا بِما تعِدنا إِن كنت مِن ٱلص ِدقِني﴾.
الحق يص ّير اإلنسان جاه ًال ،يجادل من دون منطق وال حجّ ة:
-اإلصرار على معاندة ّ
َ َ َ َ َۡ َ َ َ َۡ ُ َ َ
ك ب ُم ۡؤ ِمن َ ود َما ۡ َ َ َ ّ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ ُ ْ َُٰ ُ
ِني ٥٣ جئتنا بِبيِنةٖ وما نن بِتارِ ِكٓ ءال ِهتِنا عن قول ِك وما نن ل ِ ِ ﴿قالوا يه
َ ُ َ َ َّ َّ ُ ُ
ُ ۡ َ ُ َ ك َب ۡع ُض َءال َِهت ِ َنا ب ِ ُس ٓوءٖۗ﴾َ ﴿ ،و َلٰك ِّ ٓ
ِن أ َرىٰك ۡم ق ۡو ٗما ت َهلون﴾﴿ ،أيَعِ ُدك ۡم
ۡ ََ ٰ َ
إِن نقول إِل ٱعتى
ّ
النبي صالحQ ّ
النبي هود-Q
67
((( انظر :الطبريّ ،محمّد بن جرير ،تاريخ الملوك واألمم ،مراجعة وتصحيح وضبط نخبة من العلماء ،ط ،4بيروت،
األعلمي للمطبوعات1403 ،هـ.ق1983 /م ،ج ،1ص158؛ ابن كثير ،إسماعيل ،قصص األنبياء ،تحقيق ّ مؤسّ سة
مصطفى عبد الواحد ،ط ،1مصر ،دار التأليف؛ دار الكتب الحديثة1388 ،هـ.ق1968 /م ،ج ،1ص145؛ األندلسي،
أبو ح ّيان ،تفسير البحر المحيط ،تحقيق عادل أحمد عبد الموجود ،وآخرون ،ط ،1بيروت ،دار المكتبة العلم ّية،
1422هـ.ق2001 /م ،ج ،4ص.330
((( انظر :الشيخ الصدوق ،الخصال ،مصدر سابق ،ص524؛ الشيخ المفيد ،االختصاص ،مصدر سابق ،ص.264
((( انظر :سورة األعراف ،اآليات 79-73؛ سورة هود ،اآليات 68-61؛ سورة الشعراء ،اآليات 158-141؛ سورة النمل،
نص هذه اآليات في آخر الكتاب ،آيات قصص األنبياء اآليات 53-45؛ سورة الشمس ،اآليات .15-11وقد أوردنا ّ
النبي صالح.Qّ ،R
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 68
ٓ ۡ ُ َ ٰ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ ٰ ٗ َ َ َ ٰ َ ۡ ۡ ُ ُ ْ َّ َ َ َ ُ ّ ۡ َ ٰ َ ۡ ُ َ
يهُ ۖۥ ق ۡد َجا َءتكم ﴿ِإَول ثمود أخاهم صل ِحا ۚ قال يقو ِم ٱعبدوا ٱلل ما لكم مِن إِل ٍه غ
َّ َ َ ُّ َ َ
ك ۡل ِ َٓ َ ُ َّ َ ُ ۡ َ َ ٗ ۖ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ُ َ ٞ
ۡرض ٱللِۖ َول ت َمسوها ب ِ ُس ٓوءٖ فأ ِ بَ ّي ِ َنة ّمِن َّر ّبِك ۡمۖ هٰ ِذه ِۦ ناقة ٱللِ لكم ءاية فذروها تأ
َۡ َ ُ َ ُ ُ ََ ٓ ۡ ُ ْ ۡ ََۡ ُ َ ُ ۡ َ َ ٌ َ
ۡرض اب أ ِل ٞم َ ٧٣وٱذك ُر ٓوا إِذ َج َعلك ۡم خلفا َء ِم ۢن َب ۡع ِد َعدٖ َو َب َّوأك ۡم ِف ٱل ِ فيأخذكم عذ
ُ ُ َ ُ ُ ٗ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ ُ ُ ٗ َ ۡ ُ ٓ ْ َ ٓ َّ َ َ َ ۡ َ ۡ ْ ۡ َ َ َّ ُ َ
ۡرض ٱلبال بيوتاۖ فٱذك ُروا َءال َء ٱللِ ول تعثوا ِف ٱل ِ حتون ِ خذون مِن سهول ِها قصورا وتن ِ تت ِ
َّ َ ۡ ُ ۡ ُ ْ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َۡ َ َ ۡ َ َ ُ َّ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ ۡ
ِين ٧٤قال ٱلمل ٱلِين ٱستكبوا مِن قو ِمهِۦ ل ِلِين ٱستض ِعفوا ل ِمن ءامن مِنهم أتعلمون سد َ ُمف ِ
ب ٓوا ْ إنَّا ب َّٱل ٓ
كََُ َ َّ َ ۡ َ ۡ ُۡ ُ َ َ َّ َ ٰ ٗ ُّ ۡ َ َ ۡ ُ ٓ َ َّ ْ ٓ ُ َ ّ َّ ّ ٞ
ِي ِ ِ ت ٱس ِين ٱل ال ق ٧٥ ون ِنمؤ م ِۦ هأن صل ِحا مرسل مِن ربِهِۚۦ قالوا إِنا بِما أرس ِ
ب ِل
َ َٓ ۡ َ َ َْ ُ َ َ َ ْ ََ َ ْ َ َ َ
نتم بِهِۦ كٰفِ ُرون ٧٦ف َعق ُروا ٱنلَّاقة َوع َت ۡوا ع ۡن أ ۡم ِر َر ّب ِ ِه ۡم َوقالوا يٰصٰل ُِح ٱئت ِ َنا ب ِ َما تعِ ُدنا إِن َء َام ُ
َ َ َ َّ ٰ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ٰ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ ُ َّ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ ُ ْ َ نت م َِن ٱل ۡ ُم ۡر َسل َ
ُك َ
ِني ٧٧فأخذتهم ٱلرجفة فأصبحوا ِف دارِهِم جث ِ ِمني ٧٨فتول عنهم وقال
َّ ُ ُّ َ َّ َ َ ۡ ََ ۡ ََُۡۡ ُ ۡ َ ََ َّ ََ َ ۡ ُ َ ُ ۡ ََ
ٱلنٰ ِص ِح َني﴾(((. كن ل تِبون ٰ
يٰقو ِم لقد أبلغتكم رِسالة ر ِب ونصحت لكم و ِ
ل
وبالتأمّل في هذه المواضع التي ورد فيها ِذ ْكر ّ
النبي صالح ،Qيمكن تقديم قصّ ته
وفق التالي:
التبليغية
ّ النبي صالحQ
ّ سيرة
َ ۡ ُ ُ ْ ۡ
ـر ٓوا إِذ
﴿وٱذكـ بعد إهالك الله تعالى قو َم عاد ،اس َتخلف من بعدهم قوم ثمود:
َۡ َ َ ََ ُ ۡ ُ ََ ٓ
شمالي
ّ جعلكم خلفا َء ِم ۢن بع ِد ع ٖد﴾((( ،وكانوا يسكنون في منطقة تس ّمى ِ
بالحجْ ر
وادي القرى ،في ما بين الحجاز والشام((( ،فأنعم عليهم بصنوف نعمه ،وأم ّدهم بالق ّوة
اني ،ولك ّنهم فرحوا ورزقهم من الثمرات ،فعاشوا في أمن ورخاء وازدهار حضاريّ وعمر ّ
بما أوتوا ،واغت ّروا بأنفسهم ،فنسوا ِذ ْكر الله ،وكفروا بأنعمه ،وأصبحوا من المسرفين
ََُُۡ َ
ون ف َما َهٰ ُه َنا ٓ َءا ِمن َ
ِني ١٤٦ف َج َّنٰت َو ُع ُ
ون َ ١٤٧و ُز ُروعٖ
ٖ ي ٖ ِ ِ المفسدين في األرض﴿ :أتتك
َ
ون َ ١٥٠ول ٱلل َوأَط ُ
ِيع ٱت ُقوا ْ َّ َ
َ َّ
ف ١٤٩ ِني
ََۡ ُ َ َ ۡ َ ُُ ٗ
وتا َفٰره َ ي ب ل ا ب ٱل ِن
م ون تح ن ت و ١٤٨ ض ٞ
يم
َ َۡ َ ۡ ُ َ َ
ه ون ٖل طلعها
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َ ُ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ ُۡ ُ َ َّ َ ۡ ُ ۡ ۡ ُ ُ ْ َ
ۡرض ول يصل ِحون﴾ ،فأرسل الله تعالى سفِني ١٥١ٱلِين يفسِدون ِف ٱل ِ َ ٓ
ت ِطيعوا أمر ٱلم ِ
(((
َ ۡ َ َ َ َ َ َ
وه ۡم َصٰل ٌِح﴾(((، ُ ۡ ُ ُ َ َ ُ َ
ِإَول ث ُمود أخاه ۡم صٰل ِٗحا ۚ﴾(((﴿ ،إِذ قال لهم أخ إليهم نب ّيهم صالحاًٰ ﴿ :Q
ُرجعهم إلى ميثاق النبي نوحQ؛ ليدعوهم إلى الله تعالى ،وي ِ وكان على شريعة ّ
ذكرهم بنعم الله تعالى النبي صالح Qفي دعوتهم؛ حيث ّ التوحيدي َّة ،فاجتهد َ ّ فطرته
َ َّ ُ َ ۡ َ َ ُ ۡ َُ َ ُ َ
خذون مِن ۡرض تت ِ ف ٱل ِ َ َ َّ ُ ۡ كم ّم َِن ٱل ِ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ
ۡرض وٱستعمركم فِيها﴾(((﴿ ،وبوأكم ِ عليهم﴿ :هو أنشأ
ٓ َ
ُ ٓ َ َ َّ ْ ُ ۡ َ ٗ َ ۡ َ َ
ورا َوت ۡن ُُس ُهول َِها قُ ُص ٗ
ٱللِ﴾((( ،ودعاهم إلى عبادته تعالى ٱل َبال ُب ُيوتاۖ فٱذكروا ءالء
حتون ِ ِ
َ َّ ُ ْ َ َّ كم ّم ِۡن إ َلٰه َغ ۡ ُ َ َ َ ٰ َ ۡ ِ ۡ ُ ُ ْ َّ َ َ َ ُ
يهُ ۖۥ﴾(((﴿ ،فٱتقوا ٱلل ِ ٍ وحده ،وطاعته وتقواه﴿ :قال يقوم ٱعبدوا ٱلل ما ل
َ ۡ َ ۡ ُ ُ ُ َّ ُ ُ ٓ ْ ۡ َ َّ
ون﴾((( ،وإلى الرجوع إليه تعالى باالستغفار والتوبة﴿ :فٱستغ ِفروه ثم توبوا إِل ۚهِ إِن َوأَط ُ
ِيع
ِ
َ ّ َ َّ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ّ َّ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ ِ ۡ َ ٰ َ َ َ ((( ٞ ُّ ٞ
جلون بِٱلسيِئةِ قبل ٱلسنةِۖ لول تستغفِرون ٱلل ميب﴾ ﴿ ،قال يقوم ل ِم تستع ِ ر ِب ق ِريب ِ
ۡ ۡ َ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ ۡ ُ ۡ َ ُ
ِين﴾(((، سد َ ۡرض ُمف ِف ٱل ِ َ َۡۡ
لعلكم ترحون﴾((( ،ونهاهم عن اإلفساد في األرض﴿ :ول تعثوا ِ
َ ُ ْ ولك ّنهم أعرضوا عن دعوتهّ ،
وشككوا بها ،وحملهم الطغيان على التكذيب بها﴿ :قالوا
َ ٰ َ ٰ ُ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ ُ ّٗ َ ۡ َ َ ٰ َ ٓ َ َ ۡ َ ٰ َ ٓ َ َّ ۡ ُ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ٓ ُ َ َّ َ َ َ ّ
ك يصل ِح قد كنت فِينا مرجوا قبل هذاۖ أتنهىنا أن نعبد ما يعبد ءاباؤنا ِإَوننا ل ِف ش ٖ
ٓ (ُ ُ َ ۡ َ َّ َ ((1( َ َ ۡ ُ ۡ ُ ُ َ ۡ َ َّ َ ((1 ّم َِّما تَ ۡد ُعونَا ٓ إ ِ َ ۡ
ود ب ِ َط ۡغ َوى ٰ َها﴾(،((1يب﴾ ﴿ ،كذبت ثمود ٱلمرسل ِني﴾ ﴿ ،كذبت ثم ٖ لهِ ُم ِر
بوا ْ مِن قَ ۡو ِمهِۦ﴾(َ ﴿ ،((1و َك َن ف ٱل ۡ َمد َ َ َ ۡ َ َ ُ َّ َ ۡ َ ۡ
كَُ
ِينةِ ِ وال س ّيما كبراء قومه﴿ :قال ٱلمل ٱلِين ٱست
ََ ُ ۡ ُ َ َۡ َ ۡ ُ ۡ
ون﴾( ،((1الذين كالوا له صنوف التهم الباطلة، ت ِۡس َعة َره ٖط ُيفس ُِدون ِف ٱل ِ
ۡرض ول يصل ِح
الحق ،بمكر وخداع.ليصرفوا الناس عن االستجابة لدعوته الح ّقة ،فا ّتهموه وجادلوه بغير ّ
َ ُ ٓ ْ َّ َ ٓ لهِ ُ َ ٓ
ك ّم َِّما تَ ۡد ُعونَا إ ِ ۡ َّ َ َ َ ّ
يب﴾((( ،وبالجنون بفعل السحر﴿ :قالوا إِنما ر م ٖ بالكذبِ﴿ :إَوننا ل ِف ش
ِ ٖ َ َ ٓ َۡ َ ُ ُ ۡ َ َۡ ۡ َ أَ َ
ۡ
سلكم عليهِ مِن أج ٍرۖ﴾((( ،وبعدم ين﴾((( ،وبطلب المال والجاه﴿ :وما أ ٔ نت م َِن ٱل ۡ ُم َس َّحر َ
ََٓ ِ
َ ُ ۡ ّ َّ َ
الفضل واالمتياز عليهم﴿ :ما أنت إِل مِثلنا﴾((( ،وبأ ّنه ومن آمن معه مصدر مصائبهم
َ ُ ْ
النبي صالح Qبحكمة ب ِ َك َوب ِ َمن َّم َع َكۚ﴾((( .وقد واجههم ّ ومحنهم﴿ :قالوا
وبصيرة نافذة ،ف ّند بها تهمهم ،ووهّ ن حججهم ،فكيف يكون كاذباً ،وهو رسول أمين
ِني﴾((( ،وكيف يكون مجنوناً ،وقد جاءهم ول أَم ٞ ّ َ ُ ۡ َُ ٌ
ُرسل إليهم من ربّهم! ﴿إ ِ ِن لكم رس م َ
ُ ْ ُ
بالحكمة والموعظة الحسنة ،وهم يشهدون له بالفضل والرشد! ﴿قَالوا َي ٰ َصٰل ُِح قَ ۡد ك َ
نت
َ َ َٓ
ف َِينا َم ۡر ُج ّٗوا ق ۡبل َهٰذاۖ﴾((( ،وكيف يكون طالباً للمال والجاه ،وهو لم يسألهم ذلك ،وأجره
َ َ َ ٓ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ َّ َ َ ٰ َ ّ ۡ َ ٰ َ
سلكم عليهِ مِن أج ٍرۖ إِن أج ِري إِل ع ر ِب ٱلعل ِمني﴾ ،
(((
على الله تعالى وحده! ﴿وما أ ٔ
وكيف يتعجّ بون من كونه بشراً مثلهم ،وقد خلت ال ُر ُسل من قبله ،وهو على ب ّينة من
َ َّ ُ َ َ ُۡ ََۡٗ َ ُ ُ َ َ ٰ َ ّ َ ّ َّ ّ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َۡ َ
ُ ٰ
ربّه! ﴿قال يٰقو ِم أرءيتم إِن كنت ع بيِنةٖ مِن ر ِب وءاتى ِن مِنه رحة فمن ينص ِن مِن ٱللِ َ
ۡ َ َ ُُۡ َ َ َ ُ َ َ َۡ َۡ
ِري﴾((( ،وكيف يتشاءمون منه وم ّمن آمن معه على ما إِن عصيته ۖۥ فما ت ِزيدون ِن غي تس ٖ
يصيبهم من محن وباليا ،والحال أ ّنهم لم ُي ِدركوا ّأن الله تعالى الذي بيده جميع األسباب
َ َ َ ٰٓ ُ ُ ۡ َ َّ َ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ ٞ
ون﴾(.((1 وإليه تنتهي ،أراد اختبارهم وامتحانهم! ﴿قال طئِركم عِند ٱللِۖ بل أنتم قوم تفتن
كل فرصة لحرف الناس عن دعوته ،طلبوا منه -من النبي صالحّ Q وبعد أن أفقدهم ّ
منطلق تعجيزه -أن يأتي بمعجزة على صدق دعواه النب ّوة واال ّتصال بالغيب ،واقترحوا
ت أَِبيَة إن ُك َ َۡ
نت م َِن ٍ ِ عليه أن يُخ ِرج لهم من الصخرة ناقة عشراء ،على أن يؤمنوا به(((﴿ :فأ ِ
َ ُ َ َُ ُ َ ٞ ٓ ۡ ُ َ َّ
ِني﴾((( ،فأتاهم بما اقترحوا﴿ :ق ۡد َجا َءتكم بَ ّي ِ َنة ّمِن َّر ّبِك ۡمۖ هٰ ِذه ِۦ ناقة لك ۡم ٱلص ٰ ِدق َ
ََ َ ٗ
يمسوها بأذى ،فيصيبهم عذاب أليم من ربّهم﴿ :فذ ُروها َءايَة ۖ﴾((( ،وطلب منهم أن ال ّ
َّ َ َ َ َ ُّ َ ُ ٓ َ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُ َ َ ((( ٞ َ ٞ َ َۡ ُ ۡ
ۡرض ٱللِۖ ول تمسوها بِسوءٖ فيأخذكم عذاب ق ِريب﴾ ﴿ ،فذروها تأكل تأكل أ ِ
ُ ُ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ ۡ
َّ َ َ َ ُّ َ ُ ٓ َ ُ ُ
َ َ َ
اب أ ِل ٞم﴾(((َ ﴿ ،ول ت َم ُّسوها ب ِ ُس ٓو ٖء ف َيأخذك ۡم ك ۡم َعذ ٌ ۡرض ٱللِۖ ول تمسوها بِسو ٖء فيأخذ أ ِ
يم﴾((( ،فانقسم الناس عندها إلى طائفتين :طائفة آمنوا بصالح،Q َ َ ُ َۡ َ
عذاب يو ٍم ع ِظ ٖ
ََ َ ۡ ٓ َ َ َ َ َ ُ َ
وطائفة أخرى لم يؤمنوا به؛ وقوامها كبراء قومهَ ﴿ :ولق ۡد أ ۡر َسل َنا إ ِ ٰل ث ُمود أخاه ۡم صٰل ًِحا
ۡ َ َ ۡ َ ُ َ ((( َ َ ۡ َ ُ َ َّ َ ۡ َ ۡ ُ َ ْ ۡ ُ ُ ْ َّ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ
ٱلين ٱستكبوا مِن قو ِمهِۦ ان يت ِصمون﴾ ﴿ ،قال ٱلمل ِ أ ِن ٱعبدوا ٱلل فإِذا هم ف ِريق ِ
َّ َ ۡ ُ ۡ ُ ْ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ َّ َ ٰ ٗ ُّ ۡ َ َ ۡ ُ ٓ َ َّ ْ ٓ ُ َ ّ َّ ّ ٞ
ل ِلِين ٱستض ِعفوا ل ِمن ءامن مِنهم أتعلمون أن صل ِحا مرسل مِن ربِهِۚۦ قالوا إِنا بِما أرسِل
ون﴾((( .وقد امتحنهم َٰ ُ َ ِي َء َام ُ
نتم بِهِۦ كفِر ب ٓوا ْ إنَّا ب َّٱل ٓ
كَُ َ َ َّ َ ۡ َ ۡ َ ۡ
بِهِۦ ُمؤم ُِنون ٧٥قال ٱلِين ٱست
ِ ِ
بأن يتناوبوا معها على االستفادة من ماء النهر ،فيومٌ الله تعالى في أمر الناقة ،فأمرهم ْ
ٱلل َو ُس ۡق َيٰ َها﴾(((﴿ ،قَ َال َهٰذه ِۦ نَاقَة ٞل َّ َها ۡش ُٞ َّ َ َ َ َّ ََ َ َ
ب ِ ِ لهم ويوم لها﴿ :فقال ل ُه ۡم َر ُسول ٱللِ ناقة ِ
ُ ََ ُ
ش ُب يَ ۡو ٖم َّم ۡعلو ٖم﴾( ،((1على أن يشربوا من لبن الناقة في اليوم الذي ال يشربون ك ۡم ِ ۡ ول
ولكن كبراء قومه فيه من ماء النهر ،فكانوا يشربون من لبن الناقة جميعاً ،فيكفيهم(ّ ،((1
َۡ َ ۡ ُ ۡ الذين كفروا بدعوته لم يرتضوا بذلكَ ﴿ :و َك َن ف ٱل ۡ َمد َ
ۡرضِينةِ ت ِۡس َعة َره ٖط ُيفس ُِدون ِف ٱل ِ ِ
َ ُ ۡ ُ َ َ
ون﴾((( ،فتآمروا عليه ،وأرادوا به كيداً ،فدبّروا له مؤامرتين :األولى :مباغتته ول يصل ِح
َ
ٱللِ َلُبَ ّيتَ َّن ُهۥ َوأ ۡهلَ ُهۥ ُث َّم َلَ ُقولَ َّن ل َِو ِ ّ َ ُ ْ َ َ َ ُ ْ َّ
لِهِۦ ِ وأهله لي ًال ،وقتلهم أجمعين﴿ :قالوا تقاسموا ب ِ
َّ َ َ ٰ ُ َ َ َۡ َ َ
ون﴾((( ،فأنجاه الله تعالى برحمته ،وأمره بالخروج َما ش ِه ۡدنا َم ۡهل ِك أهلِهِۦ ِإَونا لصدِق
ََ َُ ْ َ ۡٗ ََ ََۡ َ ۡٗ َُ ۡ َ َۡ ُُ َ
ون﴾((( .الثانية :عقر الناقة ،معجزة منهم﴿ :ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم ل يشعر
َ ۡ َ
ٱۢنب َع َث أشقى ٰ َها﴾((( ،فقام النب ّوة ،حيث انتدبوا شخصاً لذلك؛ وهو قدار بن سالف(((﴿ :إذِ َ
ِ
َ ْ َ َ ْ ََ
بتنفيذ الجريمة ،وعقر الناقة﴿ :ف َعق ُروا ٱنلَّاقة َو َع َت ۡوا َع ۡن أ ۡم ِر َر ّب ِ ِه ۡم﴾((( ،فأنذرهم ّ
النبي
َ َ ْ َ ُ ََََ َ ََ َ َ
صالح Qوقوع العذاب بهم بعد ثالثة أيّام﴿ :فقال ت َم َّت ُعوا ِف دارِك ۡم ثلٰثة أيَّامٖۖ ذٰل ِك
ۡ َ ُ ْ َ َ َ ۡ ٌ َ ُۡ َ ۡ ُ
وب﴾((( ،ولك ّنهم استخ ّفوا بال ُن ُذر ،وطلبوا وقوعهَ ﴿ :وقالوا يٰصٰل ُِح ٱئت ِ َنا ب ِ َما وعد غي مك ٖ
ذ
َ ٰ َ ۡ تَ ِع ُدنَا ٓ إن ُك َ
ِني﴾((( ،فت ّمت الحجّ ة عليهم بالتبليغ وال ُن ُذر﴿ :ف َت َو َّل ع ۡن ُه ۡم نت م َِن ٱل ُم ۡر َسل َ
ِ
َّ َ ُ َّ َ ُ َ ۡ َ ّ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ
َوقَ َال َيٰق ۡو ِم لقد أبلغ ُتك ۡم ر َسالة َرب َون َصح ُ
ۡ َ َ َ
كن ل ت ُِّبون ٱلنٰ ِص ِح َني﴾(((. ت لك ۡم َول ٰ ِ ِ ِ
النبي صالحQ
ّ نزول العذاب بقوم
النبي صالح Qبالتبليغ وال ُن ُذر ،أتاهم العذاب
بعد أن ت ّمت الحجّ ة على قوم ّ
الذي كانوا يوعَدون ،فأرسل الله تعالى عليهم صاعقة من السماء فيها نار فأحرقتهم:
َ ََ َ ُ ْ ْ َ َ َ ۡ ْ َ ۡ َ ۡ َ ّ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ ُ َّ ٰ َ ُ َ ُ ۡ َ ُ ُ َ
ون َ ٤٤ف َما ۡ
ٱس َت َطٰ ُعوا مِن قِيا ٖم وما كنوا ﴿فعتوا عن أم ِر رب ِ ِهم فأخذتهم ٱلصعِقة وهم ينظر
َ َ َ ُ َ
ين﴾( ،((1ولها صوت شديد أرجفت قلوبهم وأرعدت فرائصهم من الخوفَ ﴿ :وأخذ ص َ
منت ِ ِ
َ َ َ َ َ ۡ ُ ُ َّ َ ُ َّ َ َ َ ُ ْ َّ ۡ َ ُ
ٱلر ۡجفة﴾(((﴿ ،ف َد ۡم َد َم حة﴾((( ،و ُزلزلت األرض من تحتهم﴿ :فأخذتهم ٱلِين ظلموا ٱلصي
َ ۡ َ ُ ْ َ َ َ ۡ ۡ َ ُّ ُ َ ۡ َ َ َّ َ
فعلي ِهم ربهم بِذۢنب ِ ِهم فسوىٰها﴾((( ،فخ ّروا صرعى منك ّبين على وجوههم﴿ :فأصبحوا ِ
َّ َ ُ َ ْ َ َ َّ ۡ َ ۡ َ ۡ ْ َ ٓ حوا ْ ف د َِيٰره ِۡم َ ني﴾(((﴿ ،فَأَ ۡص َب ُ َ
ِيها ۗ إِن ثمودا جٰث ِ ِم َني ٦٧كأن لم يغنوا ف ِ ِ
جٰثم َ َ
دارِه ِۡم ِ ِ
كره ِۡم َأنَّا َد َّم ۡر َنٰ ُه ۡم َوقَ ۡو َم ُهمۡ َ َ ُ ْ َ َّ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ٗ ّ َ ُ َ ((( َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ٰ َ ُ َ ۡ
َكفروا ربهمۗ أل بعدا ِلمود﴾ ﴿ ،فٱنظر كيف كن عقِبة م ِ
َ َ ٗ َّ َ َ ْ َّ ُ َ ۡ أَۡ
ج ِع َني ٥١فتِل َك ُب ُيوت ُه ۡم َخاوِ َيَۢة ب ِ َما َظل ُم ۚ ٓوا إِن ِف ذٰل َِك ٓأَليَة ل ِق ۡو ٖم َي ۡعل ُمون﴾((( .و ُنجِّ ي ّ
النبي
ن ۡي َنا َصٰل ِٗحا َو َّٱل َ صالح Qومن آمن معه برحمة من الله تعالىَّ َ َ ُ ۡ َ َ ٓ َ َّ َ َ ﴿ :
ِين فلما جاء أمرنا
َ َ
َّ َ َّ َ ُ َ ۡ َ ُّ ۡ َ ُ ((( َ ۡ َ َّ َء َام ُنوا ْ َم َع ُهۥ ب َر ۡ َ
ين ٱل َ حةٖ ّم َِّنا َوم ِۡن خ ِۡز ِي يَ ۡو ِمئ ِ ٍ ۚذ إِن ربك هو ٱلقوِي ٱلع ِزيز﴾ ﴿ ،وأجنينا ِ ِ
َ ُ ْ َ ْ
َء َام ُنوا َوكنُوا َيتقون﴾(((.
َّ
النبي صالحQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي صالح الواردة في القرآن الكريم ،يمكن استخالص جملة بعد التأمّل في قصّ ة ّ
من الدروس وال ِع َبر والسنن ،منها:
َ
ٰ َُ َ َ ُ َ
اه ۡم َصٰل ِٗحا ۚ﴾، -من السنن اإلله ّية :إرسال ال ُر ُسل من أقوامهم وبلسانهمِ﴿ :إَول ثمود أخ
ٌ ٰ ۡ َ َ َُ ۡ َ ُ ُ ۡ َ
﴿إِذ قال لهم أخوهم صل ِح﴾.
ُ ۡ ٓ َ
-من السنن اإلله ّية إرسال الب ّينات والمعاجز مع األنبياء وال ُر ُسل ﴿ :Rق ۡد َجا َءتكم
ٗ َ َ ُ َّ َ ُ ُ َ ٞ
ك ۡم َءايَة ۖ﴾. بَ ّي ِ َنة ّمِن َّر ّبِك ۡمۖ هٰ ِذه ِۦ ناقة ٱللِ ل
ّ
بالحق: -الطغيان والتقليد األعمى يص ّدان عن الهداية ،ويقودان إلى التكذيب
َ َ ۡ َ ٰ َ ٓ َ َّ ۡ ُ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ٓ ُ َ َّ َ َ َ ّ ّ َّ َ ۡ ُ َ ٓ َ َّ َ ۡ َ ُ ُ َ ۡ َ َ ٓ
ك مِما تدعونا ﴿كذبت ثمود بِطغوىٰها﴾﴿ ،أتنهىنا أن نعبد ما يعبد ءاباؤنا ِإَوننا ل ِف ش ٖ
يب﴾. رم إِ َ ۡ
لهِ ُ
ِ ٖ
-االسترسال في المعاندة والجدال العقيم يوجب حجب القلب ،وعدم انتفاع اإلنسان
نتبدعوات الهدايةَ ﴿ :ف َع َق ُروا ْ ٱنلَّاقَ َة َو َع َت ۡوا ْ َع ۡن أَ ۡمر َر ّبه ۡم َوقَالُوا ْ َي ٰ َصٰل ُِح ٱئۡت ِ َنا ب َما تَعِ ُدنَا ٓ إن ُك َ
ِ ِ ِ ِِ
َ َّ ُ ُّ َ َّٰ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ َ َ ّ َ َ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ َٰ َ ۡ
كن ل تِبون ٱلن ِص ِحني﴾. م َِن ٱل ُم ۡر َسل ِني﴾﴿ ،لقد أبلغتكم رِسالة ر ِب ونصحت لكم ول ِ
ََُُۡ َ
ون ف َما َهٰ ُه َنا ٓ َءا ِمن ِنيَ
حب الدنيا وزخارفها ينسي اإلنسان ذكر الله تعالى﴿ :أتتك ِ ّ -
وتا َفٰره َ ََۡ ُ َ َ ۡ َ ُُ ٗ ُۡ َ َۡ ُ ١٤٦ف َج َّنٰ َ ُ ُ
ِني ِ ٱلبا ِل بي حتون مِن ِ يم ١٤٨وتن ِ ض ٞ ون َ ١٤٧وز ُروعٖ َون ٖل َطلع َها ه ِ ت وعي ٖ ٖ ِ
َ َ ُ َ َّ ْ ُ َّ َ
ون﴾. ١٤٩فٱتقوا ٱلل وأطِيع ِ
َ ۡ ُ ْ َ ٓ َّ َ
الخ ْلق﴿ :فٱذك ُر ٓوا َءال َء ٱللِ َول -اإلفساد في األرض خالف مقتضى الفطرة وهدف َ
ََ َ ۡ َّ َ ُ ۡ ُ َ ََ ُ ُ ْٓ َۡ َ ۡ ُۡ َۡ َ َ ْ
ۡرض ول سفِني ١٥١ٱلِين يفسِدون ِف ٱل ِ َ ۡ ُ
سدِين﴾﴿ ،ول ت ِطيعوا أمر ٱلم ِ
َ ۡرض مف ِ ت ۡعث ۡوا ِف ٱل ِ
ََ ُ ۡ ُ َ َۡ َ ۡ ُ ۡ ون﴾َ ﴿ ،و َك َن ف ٱل ۡ َمد َ ُ ۡ ُ َ
ون﴾. ۡرض ول يصل ِح ِينةِ ت ِۡس َعة َره ٖط ُيفس ُِدون ِف ٱل ِ ِ يصل ِح
َ ۡ َ َُۡ ْ َّ ُ َ َ ۡ َ
بوا مِن الحق﴿ :قال ٱل َمل ٱلِين ٱستك -التعالي والكبر يعميان القلب ،ويص ّدان عن ّ
َّ َ ۡ ُ ۡ ُ ْ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ َّ َ ٰ ٗ ُّ ۡ َ ٓ َ َّ ْ ٓ ُ َ ّ َّ ّ ٞ َ
ق ۡو ِمهِۦ ل ِلِين ٱستضعِفوا ل ِمن ءامن مِنهم أتعلمون أن صل ِحا مرسل مِن ربِهِۚۦ قالوا إِنا بِما
َٰ ُ َ ُ َ َ ٓ َ َ َّ َ ۡ َ ۡ َ ُ ٓ ْ َّ َّ ُۡ ُ َ ُۡ َ
أرسِل بِهِۦ مؤمِنون ٧٥قال ٱلِين ٱستكبوا إِنا بِٱلِي ءامنتم بِهِۦ كفِرون﴾.
َ ُ ْ
ين﴾﴿ ،قالوا نت م َِن ٱل ۡ ُم َس َّحر َ -على الداعي الصبر على األذى في دعوته﴿ :قَال ُ ٓوا ْ إ َّن َما ٓ أَ َ
ِ ِ
َّٱط َّ ۡينَا ب ِ َك َوب ِ َمن َّم َع َكۚ﴾.
ٓ ۡ ُ َ
-على الداعي أن يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة ،ويجادل باألحسن﴿ :ق ۡد َجا َءتكم
ُ ُ َ َ ٰ َ ّ َ ّ َّ ّ َ َ َ َۡ َ ٗ َ َ ُ َّ َ ُ ُ َ ٞ
بَ ّي ِ َنة ّمِن َّر ّبِك ۡمۖ هٰ ِذه ِۦ ناقة ٱللِ لك ۡم َءايَة ۖ﴾﴿ ،قال يٰقو ِم أرءيتم إِن كنت ع بيِنةٖ مِن ر ِب
ۡ ُ ۡ َ َ
َ َ َ َّ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ ۡ ح ٗة َف َمن يَ ُ ُ َو َءاتَىٰن م ِۡن ُه َر ۡ َ
ِري َ ٦٣ويٰق ۡو ِم ٖ ي تس نص ِن مِن ٱللِ إِن عصيته ۖۥ فما ت ِزيدون ِن غ ِ
َ َ ٓ َۡ َ ُ ُ ۡ َ َۡ ۡ َ ۡ ۡ ٞ ّ َ ُ ۡ َُ ٌ َ َ َ ُ َّ َ ُ ۡ َ َ ٗ َ
سلكم عليهِ مِن أج ٍرۖ إِن هٰ ِذه ِۦ ناقة ٱللِ لكم ءاية ۖ﴾﴿ ،إ ِ ِن لكم رسول أمِني﴾﴿ ،وما أ ٔ
َ
ۡ َ
ع َر ّ ِب ٱل َعٰل ِم َني﴾. أ ۡجر َي إ ِ َّل َ َ ٰ
ِ
َ ۡ ُ ُ ٓ ْ َ َ ٓ َ َّ
-على اإلنسان أن يشكر الله تعالى على نعمه ،وال ينسى ذكره﴿ :فٱذكروا ءالء ٱللِ﴾.
ّ
النبي صالحQ ّ
النبي هود-Q
75
ٱس َت ۡغ ِف ُروهُ -االستغفار والتوبة يوجبان تطهير اإلنسان وشموله بالرحمة اإللهية﴿ :فَ ۡ
ّ
َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َّ ّ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ يب ُّ ٞ لهِ إ َّن َر ّب قَر ٞ ُ َّ ُ ُ ٓ ْ َ ۡ
جلون بِٱلسيِئةِ قبل ٱلسنةِۖ لول ميب﴾﴿ ،قال يٰقو ِم ل ِم تستع ِ ِ ثم توبوا إ ِ ۚ ِ ِ ِ
َ ۡ َ ۡ ُ َ َّ َ َ َ َّ ُ ۡ ُ ۡ َ ُ َ
ون﴾. تستغفِرون ٱلل لعلكم ترح
َ َ َ َ َ َّ ُ ْ
-الله تعالى يستجيب لدعاء عباده المخلصين ،وينصرهم وينجّ يهم﴿ :فقال تمتعوا
َ َ َّ َ ٓ َ َ ۡ ُ َ َ َّ ۡ َ َ ٰ ٗ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ ُ ۡ َ َ ٰ َ َ َ َّ َ ٰ َ َ ۡ ٌ َ ۡ ُ َ ۡ ُ
وب ٦٥فلما جاء أمرنا نينا صل ِحا وٱلِين ءامنوا
َ ِف دارِكم ثلثة أيامٖۖ ذل ِك وعد غي مك ٖ
ذ
َ َ ۡ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ ْ ك ُه َو ۡٱل َقو ُّي ۡٱل َعز َُّ َ َّ َ َم َع ُهۥ ب َر ۡ َ
يز﴾﴿ ،وأجنينا ٱلِين ءامنوا وكنوا ِ ِ حةٖ ّم َِّنا َوم ِۡن خ ِۡز ِي يَ ۡو ِمئ ِ ٍ ۚذ إِن رب ِ
َ َّ ُ َ
ون﴾. يتق
َ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ْ
ان المبين في الدنيا واآلخرة﴿ :وأخذ ٱلِين ظلموا -عاقبة الظلم والكفر الخسر ُ
َ َ َّ ۡ َ ۡ َ ۡ ْ َ ٓ َ َ ٓ َّ َ ُ َ ْ َ َ ْ َ َّ ُ ۡ ََ جٰثم َ حوا ْ ف د َِيٰره ِۡم َ ح ُة فَأَ ۡص َب ُ َّ
ٱلص ۡي َ
ني ٦٧كأن لم يغنوا فِيها ۗ أل إِن ثمودا كف ُروا ربهمۗ أل ِِ ِ ِ
ُۡٗ َُّ َ
ود﴾. بعدا ِلم
َ َ ۡ ْ َ
-الله تعالى ال يهدي كيد الظالمين ،ويأخذهم بألوان العذابَ ﴿ :و َمك ُروا َمك ٗرا َو َمك ۡرنا
َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ٰ َ ُ َ ۡ ۡ َ َّ َ َّ ۡ َ ٰ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ ۡٗ َُۡ َ َۡ ُُ َ
ون ٥٠فٱنظر كيف كن عقِبة مك ِرهِم أنا دمرنهم وقومهم أجعِني﴾. مكرا وهم ل يشعر
امي ،وفي عقوبته: -المعاون للمجرم والراضي بفعله ،يشتركان معه في فعله اإلجر ّ
َ َ َ َ َ
ٱۢنب َع َث أ ۡش َقى ٰ َها . . .ف َد ۡم َد َم َعل ۡي ِه ۡم َر ُّب ُهم بِذۢنب ِ ِه ۡم ف َس َّوى ٰ َها﴾.
﴿إذِ َ
ِ
َ ُ ْ
ب األسباب﴿ :قالوا إلى الله تعالى .مس ّب ِ -ما يصيب اإلنسان من محن وباليا ،ينتهي
َ
َّ َّ ۡ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ ٰٓ ُ ُ ۡ َ َّ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ ٞ
ۡ
ون﴾. ٱطينا بِك وبِمن معكۚ قال طئِركم عِند ٱللِۖ بل أنتم قوم تفتن
ٗ َ َ َّ
اب إِن ِف ذٰل ِك ٓأَليَة ۖ َو َما -على اإلنسان االعتبار بمصير األمم الغابرة﴿ :فَأَ َخ َذ ُه ُم ۡٱل َعذ ُ
َ
ۚ
َ ۡ َ ُ ُ ُ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ ٓ ْ َّ َ ٰ َ َ ٗ ّ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ
ك ُث ُهم ُّم ۡؤ ِمن َِني﴾﴿ ،فتِلك بيوتهم خاوِيَۢة بِما ظلم ۚوا إِن ِف ذل ِك ٓأَلية ل ِقو ٖم يعلمون﴾. كن أ
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 76
األفكار الرئيسة
.1أرسل الله تعالى نب ّيه هوداً ،Qوهو من األنبياء العرب ،إلى قومه عاد ،وكان
النبي نوح .Qوكانت عاد تقطن في األحقاف؛ وهي منطقة في على شريعة ّ
جنوب جزيرة العرب ،ال أثر لها اليوم.
النبي
النبي هود Qبالتبليغ والوعد والوعيد ،دعا ّ .2بعد ْأن ت ّمت الحجّ ة على قوم ّ
هود Qالل َه تعالى ،طالباً النصرة على قومه ،بإهالكهم بعد تكذيبهم وجحودهم،
فأتاهم العذاب الذي كانوا يوعدون ،حيث أرسل الله تعالى عليهم سحاباً أسود فيه ريح
ليال وثمانية أيّام ،فأتت عليهم ،فأهلكتهم.
باردة عاتية ،استم ّرت سبع ٍ
.3بعد إهالك الله تعالى قوم عاد ،استخلف من بعدهم قوم ثمود ،وكانوا يسكنون في
شمالي وادي القرى في ما بين الحجاز والشام ،فأرسل الله تعالى
ّ بالحجْ ر،
منطقة تس ّمى ِ
النبي نوح.Q إليهم نب ّيهم صالحاً ،Qوهو من األنبياء العرب ،وكان على شريعة ّ
النبي صالح Qبالتبليغ وال ُن ُذر ،أتاهم العذاب .4بعد أن ت ّمت الحجّ ة على قوم ّ
الذي كانوا يوعدون ،فأرسل الله تعالى عليهم صاعقة من السماء ،فيها نار فأحرقتهم،
ولها صوت شديد أرجفت قلوبهم ،وأرعدت فرائصهم من الخوف ،و ُزلزلت األرض
من تحتهم ،فخ ّروا صرعى منك ّبين على وجوههم.
ّ
فكر وأجب
للنبي هود ،Qوالدروس وال ِع َبر المستفادة منها.ّ .1تكلم عن السيرة التبليغ ّية ّ
للنبي صالح ،Qوالدروس وال ِع َبر المستفادة منها. ّ .2تكلم عن السيرة التبليغ ّية ّ
ُ
موقف قومه منها؟ .3ما معجز ُة ّ
النبي صالح؟ وما
ّ
النبي صالحQ ّ
النبي هود-Q
77
مطالعة
علي بن أبي حمزة ،عن أبي بصير ،عن علي بن مح ّمد الخ ّياط ،عن ّعن ابن أورمة ،عن ّ
َ َّ َ ۡ َ ُ ُ ُّ ُ
أبي عبد الله صلوات الله عليه ،في قوله تعالى﴿ :كذبت ثمود بِٱنلذرِ﴾ ،قال« :هذا لمّا
كذّبوا صالحاً صلوات الله عليه ،وما أهلك الله تعالى قوماً قطّ حتّى يبعث إليهم الرسل قبل
ذلك ،فيحتجّ وا عليهم ،فإذا لم يجيبوهم ُأهلكوا ،وقد كان بعث الله صالحاً ،Qفدعاهم
إلى الله ،فلم يجيبوه ،وعتوا عليه ،وقالوا :لن نؤمن لك حتى تخرج لنا من الصخرة ناقة
عشراء ،وكانت صخرة يعظّ مونها ويذبحون عندها في رأس كلّ سنة ،ويجتمعون عندها،
فقالوا له :إنْ كنت كما تزعم نب ّياً رسوالً ،فادع الله يُخرج لنا ناقة منها ،فأخرجها لهم كما
طلبوا منه فأوحى الله تعالى إلى صالح أنْ قل لهم :إنّ الله تعالى جعل لهذه الناقة شرب
يوم ولكم شرب يوم ،فكانت الناقة إذا شربت يومها شربت الماء كلّه ،فيكون شرابهم ذلك
اليوم من لبنها ،فيحلبونها ،فال يبقى صغير وال كبير إال شرب من لبنها يومه ذلك ،فإذا كان
الليل وأصبحوا ،غدوا إلى مائهم ،فشربوا هم ذلك اليوم ،وال تشرب الناقة ،فمكثوا بذلك ما
شاء الله ،حتّى عتوا ودبّروا في قتلها ،فبعثوا رج ًال أحمر أشقر أزرق ،ال يُعرف له أب ،ولد
الزنا ،يقال له قذار؛ ليقتلها ،فلمّا توجّ هت الناقة إلى الماء ،ضربها ضربة ،ثمّ ضربها أخرى،
فقتلها ،وف ّر فصيلها حتّى صعد إلى جبل ،فلم يبقَ منهم صغير وال كبير إال أكل منها ،فقال
لهم صالح :Qأعصيتم ربّكم! إنّ الله تعالى يقول :إنْ تُبتم ُق ِبلَت توبتكم ،وإنْ لم
ترجعوا بعثت إليكم العذاب في اليوم الثالث ،فقالوا :يا صالح ،ائتنا بما تعدنا إنْ كنت من
الصادقين ،قال :إنّكم تصبحون غداً وجوهكم مصفرّة ،واليوم الثاني محمرّة ،واليوم الثالث
مسودّة ،فاصفرّت وجوههم ،فقال بعضهم :يا قوم ،قد جاءكم ما قال صالح ،فقال العتاة:
ال نسمع ما يقول صالح ولو هلكنا ،وكذلك في اليوم الثاني والثالث ،فلمّا كان نصف الليل
أتاهم جبرئيل ،فصرخ بهم صرخة خرقت أسماعهم ،وقلقلت قلوبهم ،فماتوا أجمعين في
طرفه عين ،صغيرهم وكبيرهم ،ثمّ أرسل الله عليهم ناراً من السماء ،فأحرقتهم»(((.
((( الراوندي ،قصص األنبياء ،Rمصدر سابق ،ص.103-102
الدرس الرابع
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
((( انظر :الطبريّ ،تاريخ األمم والملوك ،مصدر سابق ،ج ،1ص163-162؛ ابن كثير ،قصص األنبياء ،مصدر سابق ،ج،1
ص168-167؛ األندلسي ،تفسير البحر المحيط ،مصدر سابق ،ج ،4ص.339
((( انظر :سورة البقرة ،اآليات 260-258 ،140 ،136-124؛ سورة آل عمران ،اآليات 97-95 ،68-65 ،33؛ سورة النساء،
اآليات 165 ،163 ،125 ،54؛ سورة األنعام ،اآليات 89-75؛ سورة التوبة ،اآليات 114 ،70؛ سورة هود ،اآليات -69
76؛ سورة يوسف ،اآليتان 38 ،6؛ سورة إبراهيم ،اآليات 41-35؛ سورة الحجر ،اآليات 60-51؛ سورة النحل ،اآليات
123-120؛ سورة مريم ،اآليات 50-41؛ سورة األنبياء ،اآليات 50-71؛ الحج ،اآليات 34-26؛ سورة الشعراء ،اآليات
89-69؛ سورة العنكبوت ،اآليات 32-31 ،27-24 ،18-16؛ سورة األحزاب ،اآلية 7؛ سورة الصافات ،اآليات 113-83؛
سورة ص ،اآليات 47-45؛ سورة الشورى ،اآلية 13؛ سورة الزخرف ،اآليات 28-26؛ سورة الذاريات ،اآليات 37-24؛
سورة النجم ،اآليات 38-36؛ سورة الحديد ،اآلية 26؛ سورة الممتحنة ،اآليات 6-4؛ سورة األعلى ،اآليات .19-14
النبي إبراهيم.Q
وقد أوردنا هذه اآليات في آخر الكتاب ،آيات قصص األنبياء ّ ،R
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 82
ٓ ۡ َ َ َ ُ َ ٰ َ َ َ ۡ َ ُ ْ ّ َ َ َ َ َ َ َّ ُ ْ
ك َو َما َو َّص ۡي َنا بِهِۦ إِبرٰهِيم وموس وع ٰٓ َ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ
ِيسۖ أن أقِيموا ٱدلِين ول تتفرقوا وٱلِي أوحينا إِل
ٗ ُ ۡ ۡ َّ َ
ه َۧم َحن ِيفاۖفِي ۚهِ﴾((( ،وبعثه بشريعة خاصّ ة؛ هي الحنيف ّية اإلبراهيم ّية﴿ :قل بَل مِلة إِبۡ َر ٰ ِ
ََ َ َ َ ُۡ ۡ
شك َِني﴾((( ،التي نسخت شريعة م َْن قبله ،وتض ّمنت دعوة إلى االعتقاد وما كن مِن ٱلم ِ
َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َّٰ
بأصول الدين ،وااللتزام بمكارم األخالق ،وبعض األحكام والتشريعات﴿ :قد أفلح من تزك
َ
َّ َ َ
ق ١٧إِن هٰذا ٱدل ۡن َيا َ ١٦وٱٓأۡلخ َِرةُ َخ ۡيَ ٞوأ ۡب َ ٰٓ ون ۡ َ
ٱل َي ٰوةَ ُّ َۡ ُۡ ُ َ
ل ١٥بل تؤث ِر َ ١٤و َذ َك َر ۡ
ٱس َم َر ّبِهِۦ فَ َص َّ ٰ
ِيم َو ُم َ ٰ ح ِف إبۡ َرٰه َ ول ُ ١٨ص ُ ُۡ َ لَف ُّ
ٱلص ُ
الناس با ّتباع الدين الحنيف: وس﴾((( .وقد ُأمر ُ ِ ٰ ح ِف ٱل ِ
ٗ َ َ ۡ َ َّ َ َ َّ َ ٞ ۡ ُ ُ َ َّ ُ َ ۡ َ َ ۡ ٗ ّ َّ ۡ َ َ ۡ ََ ۡ َ
َ
﴿ومن أحس ُن دِينا مِمن أسلم وجههۥ ِلِ وه َو مسِن وٱتبع مِلة إِبرٰهِيم حن ِيفاۗ﴾((( ،ووصى َ
َ َ ۡ ُ ُ َ ٰ َ َّ َّ َّ َ ۡ َ َ ٰ َ ُ َ َ َّ ٰ ٓ
ف لك ُم ه ُۧم بَنِيهِ ويعقوب يب ِن إِن ٱلل ٱصط ص ب ِ َها إِبۡ َر ٰ ِ إبراهيم Qبنيه به﴿ :وو
َ ّ َ َ َ َ ُ ُ َّ َ
وت َّن إِل َوأ ُنتم ُّم ۡسل ُِمون﴾((( ،كما َّأن جزاء من يتخ ّلف عنه هو الخسران ٱدلِين فل تم
َّ َّ المبينَ ﴿ :و َمن يَ ۡر َغ ُ
ه َۧم إِل َمن َسفِ َه َن ۡف َس ُه ۚۥ﴾(((. ب َعن ّمِلةِ إِبۡ َر ٰ ِ
النبي إبراهيم Qفي دعوته عن يقين وتصديق وصبر وحلم وشكر وقد صدر ّ
َ ۡ ُ ۡ
ِيم إِنَّ ُهۥ ك َن ِص ّد ِٗيقا نَّب ِ ًّيا﴾(((، وتسليم ،ورجوع إلى الله تعالىَ ﴿ :وٱذك ۡر ف ٱلك َِتٰ ۡ َ
ب إِبرٰه َ ۚ ِ ِ
َ َ َ ۡ ۡ ِيم َلَ َّوٰهٌ َحل ٞ
ِيم﴾(((﴿ ،إ ۡذ َجا ٓ َء َر َّب ُهۥ بقلب َ
َ
َر ُّب ُه ٓۥ أ ۡسل ۡ ِۖم ِيم﴾(((﴿ ،إِذ قال ل س ﴿إ َّن إبۡ َرٰه َ
ٍ ِ ٖ ِ ِ ِ
إب َرٰه َ
ِيم ۡ ذ
َ َّ
ٱت
َ ني﴾(((1؛ فا ّتخذه الله تعالى لنفسه خلي ًالَ ﴿ :
و
َ َ ۡ
ت ل َِر ّب ٱلعٰلم َ
ِ قَ َال أَ ۡسل ۡم ُ
َ
ِ ِ
ل ۡن ُعمهِ ۡ
ٱج َتبَى ٰ ُه َو َه َدىٰهُ َ ٗ َّ َ ٗ
خل ِيل﴾( ،((1واجتباه وهداه إلى صراط مستقيم﴿ :شاكِرا ِ ِ ۚ
ي ص َر ٰ ٖط ُّم ۡس َت ِقيم﴾((( ،وأراه ملكوت السماوت واألرض ،وجعله من الموقنينَ ﴿ :و َك َذٰل َِك نُر ٓ ِ
ِ ٖ
ۡ َ ُ َ ۡ َ َ ُ َ
ۡرض َو ِلَكون م َِن ٱل ُموقِن َِني﴾((( ،واصطفاه وأدخله برحمته ت َوٱل ِ ِيم َملكوت َّ َ
ٱلسمٰو ٰ ِ إبۡ َرٰه َ
ِ
َّ َ َّ َ َ ُ َّ َ ۡ ُّ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ
حني﴾(((﴿ ،إِن في عباده الصالحين﴿ :ولق ِد ٱصطفينٰه ِف ٱدلنياۖ ِإَونهۥ ِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ ل ِمن ٱلصٰل ِ ِ
ٱدلن َيا
ُّ ۡ ََ ََۡ ُ ٱص َط َ ٰٓ َ َ َ َ ُ ٗ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ٱلل َّۡ َ
ف ف ءادم ونوحا وءال إِبرٰهِيم وءال عِمرٰن ع ٱلعٰل ِمني﴾(((﴿ ،وءاتينٰه ِ
وب أُ ْ حٰ َق َو َي ۡع ُق َ ِإَوس َ ِيم ۡ ٱذ ُك ۡر ع َِبٰ َدنَا ٓ إبۡ َرٰه َ َ ((( َ ۡ َّ َ َ َ ٗ َّ ُ
ل
ِ و ِ حني﴾ ﴿ ،و ح َسنة ِۖإَونهۥ ِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ ل ِم َن ٱلصٰل ِ ِ
ِندنَا لَم َن ٱل ۡ ُم ۡص َط َف ۡ َ ِإَون ُه ۡم ع َ َّ بال َِصة ذ ِۡك َرى َّ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٰ ُ َ ۡ َۡ َ ۡ َۡ
ي ِ ٱدلارِ ٤٦ ٖ ٱليدِي َوٱلبص ٰ ِر ٤٥إِنا أخلصنهم ِ
حٰ َق ۡٱلَ ۡخ َيار﴾((( ،وآتاه والطاهرين من ذريّته الكتاب والحكمة والملكَ ﴿ :و َو َه ۡب َنا ُ َل ٓۥ إ ۡس َ
ِ َ ّ ِ
َ َ وب َو َج َع ۡل َنا ف ُذ ّر َّيتِهِ ٱنلُّ ُب َّوةَ َو ۡٱلك َِتٰ َ
ٱدل ۡن َياۖ ِإَونَّ ُهۥ ف ٱٓأۡلخ َِرة ِ ل ِمنَ ب َو َء َات ۡي َنٰ ُه أ ۡج َرهُۥ ف ُّ َو َي ۡع ُق َ
ِ ِ ِ ِ
ۡ ً َ ((( َ َ ۡ َ َ ۡ َ ٓ َ َ ۡ َ ٰ َ ۡ َ ٰ َ َ ۡ ۡ َ
ٱلك َمة َو َء َات ۡي َنٰ ُهم ُّملك َع ِظ ٗيما﴾(((، حني﴾ ﴿ ،فقد ءاتينا ءال إِبرهِيم ٱلكِتب و ِ
َّ
ٱلصٰل ِ ِ
ِيم َعل ٞ ك َحك ٌ َ ۡ َ ُ َ َ َ ٰ َّ َّ َ ٓ ُ َّ َ َّ َ َۡ َ ۡ َ ُ َّ ُ َ ٓ َ َ ۡ َ َ ٓ ۡ َ َ
ِيم ٨٣ ت من نشاء ۗ إِن رب ﴿وت ِلك حجتنا ءاتينٰها إِبرٰهِيم قو ِمهِۚۦ نرفع درج ٖ
َ َ َ ُ
وحا ه َد ۡي َنا مِن ق ۡبل ۖ َومِن ذ ّرِ َّيتِهِۦ د ُاوۥد َو ُسل ۡي َم ٰ َن
َ ُ َ ََۡ َُ ً َ َ َ َ َۡ َُ ٓ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ
وب هدينا ۚ ون ووهبنا لۥ إِسحٰق ويعق ۚ
ِيسٰ ي َوع َ ني َ ٨٤و َزك ِر َّيا َو َي ۡح َ ٰ
َ سن َ نزي ٱل ۡ ُمحۡ َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ ٰ َ َ ٰ ُ َ َ َ َ ٰ َ َ ۡ
ِ ِ ون وكذل ِك ِ وأيوب ويوسف وموس وهر ۚ
َ ۡ َ َ ۡ َ ّ ٗ ُ
ِإَوس َمٰعيل َوٱل َي َس َع َو ُيون َس َولوطا ۚ َوك ف َّضل َنا ع ٱل َعٰلم َ ٗ ُ ُ ۡ َ ني ۡ ٨٥ ٱلصٰلِح َ ۡ َ َ ُ ّ َّ َ ّ ٞ
ني ٨٦ ِ ِ ِ اس ك مِن ِإَول ۖ
يم ٨٧ذٰل ِك ه َدى
َ َ ُ ٱج َتبَ ۡي َنٰ ُه ۡم َو َه َديۡ َنٰ ُه ۡم إ َ ٰل َ ُّ ۡ َ ِإَوخ َوٰنِه ۡم َو ۡ َ ۡ َ َ ٓ ۡ َ ُ ّ َّ ٰ ۡ ۡ
صر ٰ ٖط مستقِ ٖ ِ ِ ِ ۖ ومِن ءابائ ِ ِهم وذرِيت ِ ِهم
َ ُ ُ ْ َ ْ ُ َ َ
َ َ
لب ِ َط ع ۡن ُهم َّما كنوا َي ۡع َملون ٨٨أ ْو ٰٓلئِك
َ ُ َ شكوا َ ٱللِ َي ۡهدِي بهِۦ َمن ي َ َشا ٓ ُء م ِۡن ع َِبادِه ِۦ َول ۡو أ ۡ َ َّ
ۚ ِ
َّ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُّ ُ َّ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ٰٓ ُ َ ٓ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ َ َ ۡ ٗ َّ ۡ ُ ْ
ٱلِين ءاتينٰهم ٱلكِتٰب وٱلكم وٱنلبوة ۚ فإِن يكفر بِها هؤلءِ فقد وكنا بِها قوما ليسوا
ك ٰ ِفر َ َ َ
ين﴾(((. بِها ب ِ ِ
النبي إبراهيم Qمن موطنه إلى الشام؛ أرض الكنعان ّيين ،إلى أرض وهاجر ّ
َّ ُ ُ َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ ((( َ َ َ َُ ّ َ ُ ُ
((( َ َ َ َ َ َ َ ٞ
إِنهۥ هو ٱلع ِزيز ٱلكِيم﴾ ﴿ ،وقال ج ٌرفامن لۥ لوطۘ وقال إ ِ ِن مها ِ فلسطين ٔ ﴿ :
َ ۡ ۡ َّ ُ ِب إ َ ٰل َر ّب َس َي ۡهدِين﴾(((َ ﴿ ،و َّ
إ ّن َذاه ٌ
ت َب ٰ َرك َنا ف َِيها ل ِل َعٰل ِم َني﴾(((؛
ِ ٱل نَ ۡي َنٰ ُه َول ً
وطا إ ِ َ
ل ِ ِ ِ ِِ
(((
لكل البشريّة آنذاك ،وبقي فيها ح ّتى وافته المن ّية لنشر رسالته التي كانت رسالة عامّة ّ
عن مئة وخمس وسبعين ،وقيل :مئة وتسعون سنة ،وقيل :مئتا سنة .ودفن في المغارة
الحيثي من أرض كنعان ،عند امرأته سارة التي كانت في مزرعة ّ التي كانت بحبرون
الحيثي ،وتو ّلى دفنه إسماعيل وإسحاق .(((L ّ عفرون
النبي إبراهيم Qأسلوباً إله ّياً في الدعوة إلى الله تعالى قوامه :الحكمة، اعتمد ّ
والموعظة الحسنة ،والجدال باألحسن ،وقد تج ّلى ذلك في أجلى صوره ،من خالل
المناظرات التي دارت بينه وبين ع ّمه آزر ،وقومه وملك بابل.
النبي إبراهيم Qومواجهاته مع طغاة عصره
ّ مناظرات
للنبي إبراهيم ،Qفي دعوته حكى القرآن الكريم أربع مناظرات ومواجهات ّ
َ
المخاطبين بقضايا إلى الله تعالى ،اعتمد فيها على إثارة الفطرة والعقل والوجدان لدى
واضحة وجل ّية ،يستجيب لها من له أدنى ّ
حظ من االلتفات والنظر ،وهي:
-1مناظرته مع آزر:
النبي إبراهيم Qآزر مناظرتين :األولى كانت مناظرة له بنحو منفرد ،والثانية
ناظر ّ
النبي إبراهيم Qفي دعوته مناظرة له هو وقومه من عبدة األصنام واألوثان .واعتمد ّ
آزر أسلوباً حكيماً عاطف ّياً خاصّ اً ،يحفظ حقوق الرحم بينه وبين ع ّمه ،حيث كشف له
((( انظر :الطبريّ ،تاريخ األمم والملوك ،مصدر سابق ،ج ،1ص206؛ ابن كثير ،قصص األنبياء ،مصدر سابق ،ج،1
ص.168
((( سورة العنكبوت ،اآلية .26
((( سورة الصافات ،اآلية .99
((( سورة األنبياء ،اآلية .71
((( انظر :الشيخ الصدوق ،علل الشرائع ،مصدر سابق ،ج ،1ص.38
((( ابن كثير ،قصص األنبياء ،مصدر سابق ،ج ،1ص.250-249
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 86
ۡ َ َ َ
من خالله كشفاً واضحاً ال لبس فيه ،عن واقع األصنام وضعفها وعجزها﴿ :إِذ قال ِلبِيهِ
َ َ ۡٗ َ َُُۡ َ َ َۡ َ ُ ََ ُۡ ُ َ ۡ َ َ
يا﴾((( ،ودعاه إلى عبادة الله ص َول ُيغ ِن َعنك ش ٔ ت ل ِم تعبد ما ل يسمع ول يب ِ يأبَ ِ
ٰٓ
ۡ َ َ
ت إ ِ ِ ّن قَ ۡد َجا ٓ َء ِن م َِن ۡٱلعِ ۡل ِم َما ل َ ۡم يَأت َِك فَٱتَّب ِ ۡع ِ ٓ
ن يأبَ ِتعالى ،وح ّذره من عاقبة الشركٰٓ ﴿ :
َ ََ
ٰٓ ّ َ ٗ َّ َّ ۡ َ ٰ َ َّ َّ ۡ َ ٰ َ َ َ ُ ۡ َ ٰٓ َ َ َ َ ّ َۡ َ َ ٗ َ ٗ
تت ل تعب ِد ٱلشيطنۖ إِن ٱلشيطن كن ل ِلرِنَٰمۡح ع ِصيا ٤٤يأب ِ صرٰطا سوِيا ٤٣يأب ِ
أهدِك ِ
َّ َ ُ َ َ َ َ َّ َ َ ّٓ َ َ ُ
ولكن آزر كفر بدعوته، ٱلرِنَٰمۡح ف َتكون ل ِلش ۡي َطٰ ِن َو ِ ّٗلا﴾(((ّ ، اب ّم َِن َّك َعذ ٞ ن أخاف أن يمس إِ ِ
ولم ير ِاع حقوق الرحم ،ولم تتح ّرك عاطفته تجاه ابن أخيه ،فواجهه بغلظة وقسوة،
ٱه ُ َ َ َ َ ٌ َ َ َ ۡ َ َ َ ٰٓ ۡ َ ٰ ُ َ َّ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ َّ َ َ ۡ
ج ۡر ِن وه ّدده بالقتل﴿ :قال أراغِب أنت عن ءال ِه ِت يإِبرهِيمۖ لئِن لم تنتهِ لرجنك ۖ و
الخاص مع ع ّمه ودعا له ّ َمل ِّٗيا﴾((( ،ومع ذلك حافظ إبراهيم Qعلى أسلوبه الدعويّ
ََ ۡ َ ُ ُ ب إنَّ ُهۥ َك َن ب َح ِف ّٗ ك َر ّ ۖ ِٓ َ َ َ َٰ ٌ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ
تلك ۡم ِ ع أو ٤٧ ا ي ِ بالمغفرة والهداية﴿ :قال س َلم عليك ۖ سأستغ َ ِفر ل َ ِ
َّ َ َ ٓ ّ َ ٗ َّ َ ۡ ُ ْ َ ّ َ َ ٰٓ َّ ٓ ُ َ ُ ََ َۡ ُ َ
س أل أكون ب ِ ُد َعءِ َر ِب شقِ ّيا﴾(((﴿ ،إِل ق ۡول ون ٱللِ وأدعوا ر ِب ع وما تدعون مِن د ِ
ٱللِ مِن َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َّ َ َ َ َ ٓ َ ۡ ُ َ َ َ َّ َۡ َ َ
شءٖۖ﴾((( .وبعد ْأن أعمى آزر ِيم ِلبِيهِ لستغفِرن لك وما أمل ِك لك مِن إِبرٰه
حب الجاه والمكانة االجتماع ّية بين الناس ،بفعل كونه الجهل والتقليد ،وأغشى قلبه ّ
أشهر نحّ اتي تماثيل األصنام في عصره ،وله حظوة خاصّ ة عند النمرود ملك بابل ،فأوصد
الحق ،ما كان من إبراهيم Qإال ْأن تب ّرأ منه؛ لعلمه آذان عقله وقلبه أمام دعوة ّ
َ َّ َ َّ َ ََ َ َ ۡ َۡ ُ
ِيم ِلبِيهِ إِل عن م ۡوعِدة ٖ ار إبۡ َرٰه َ
الحق أبداً﴿ :وما كن ٱستِغف ِ بضالله ،وعدم اهتدائه إلى ّ
َ َّ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ٓ َّ ُ َ َ َّ َ َ َّ َ َ ُ ٓ َ َّ ُ َ ُ ّ َّ ُ ۡ َّ َ َ َّ ّ ٞ
َ
((( ٞ ٌ ٰ َ ٰ
وعدها إِياه فلما تبي لۥ أنهۥ عدو ِلِ تبأ مِن ۚه إِن إِبرهِيم لوه حل ِيم﴾ .
ألن العرب استعملت النبي إبراهيمQ؛ ّ وتجدر اإلشارة إلى ّأن آزر ليس والد ّ
لفظ األب في الوالد وغيره من األعمام واألخوال؛ لكونهم بمنزلة اآلباء .وكذلك ورد
في القرآن الكريم نسبة أب ّوة إسماعيل Qإلى يعقوب ،Qمع أ ّنه واقعاً ع ّمه:
ٰٓ
ن بَ ۡر ٗدا َو َس َل ٰ ًما َ َ َُۡ َ َ ُ ُ
ٰ َ ۡ ُ ۡ ُ ْ َُ ُ ۡ َٰٗ ََ ۡ ُ
ع ِ و ك ار ن ي ا ن ل ق ﴿ تعالى: الله فأنجاه ، (((
﴾ م
ِ ِيح ٱل فٱبنوا لۥ بنينا فأل ِ
وه ق
ون﴾((( ،ور ّد كيدهم ،فباءوا َ َّ َّ َ ٰ َ َ ٰ ّ َ ۡ ُ ۡ ُ َ
ت ل ِقو ٖم يؤمِن ٓأَلي ِك لذ ف ن إ ار ٱنل ِن م هِيم﴾(((﴿ ،فَأَ َجنى ٰ ُإبۡ َرٰه َ
ٖ ِۚ ِ ِ ِ
ج َع ۡل َنٰه ُمُادوا ْ بهِۦ َك ۡي ٗدا فَ َ َ ۡ ٗ َ َ َ ۡ َ ٰ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ ((( َ َ َ ُ َََ ُ ْ
ِ سين﴾ ﴿ ،فأر بالخسران﴿ :وأرادوا بِهِۦ كيدا فجعلنهم ٱلخ ِ
َ َ َ َّ َ َ َّ ُۡ
أن أنبأهم بمصيرهم﴿ :وقال إِنما ٱتذتم النبي إبراهيم Qبعد ْ ﴾((( ،فتركهم ّ
ُ ُ ۡ ُ ۡ ۡ َ َ ٰ ُّ ۡ ُ َّ َ ۡ َ ٰ ٗ َّ َ َّ َ َ ۡ ُ ّ ُ
ٱدلن َياۖ ث َّم يَ ۡو َم ٱل ِق َيٰ َمةِ يَكف ُر َب ۡعضكم ب ِ َب ۡع ٖض ِك ۡم ِف ٱليوة ِ ون ٱللِ أوثنا مودة بين مِن د ِ
َ َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ ُ َ ۡ ٗ َ َ ۡ َ ٰ ُ ُ َّ ُ َ َ ُ ّ َّ
ين﴾((( ،وهاجر مع ابن أخيه ص َ ار َوما لكم مِن نٰ ِِ ويلعن بعضكم بعضا ومأوىكم ٱنل
َ
ُ َ ٌ ٰ َ ّ ٓ َّ ّ َ ُ
ََ َ َ ُ ََ ٞ َ
بۖ إِن ُهۥ جر إِل ر ِ فامن لۥ لوطۘ وقال إ ِ ِن مها ِ لوط Qإلى الشام ،إلى أرض فلسطينٔ ﴿ :
ِين﴾(((. د ل َر ّب َس َي ۡ
ه ِب إ ِ ٰ َ
ِيم﴾(((َ ﴿ ،وقَ َال إ ّن َذاه ٌ
ِ ِ
ٱلك ُ يز ۡ َ
ُه َو ۡٱل َعز ُ
ِ ِ ِ
- 3مناظرته مع عبدة النجوم والكواكب:
ا ّتبع إبراهيم Qأسلوباً حكيماً خاصّ اً في دعوته عبد َة النجوم والكواكب ،حيث
س َّلم معهم جدالً بم ّدعاهم ربوب ّية الكواكب والنجوم ،ثمّ أخذ شيئاً فشيئاً يكشف لهم
عن عجزها وضعفها ،وعدم لياقتها للعبادة؛ ليوصلهم إلى ّأن الله وحده هو أهل للعبادة
ٱل ُل َر َءا َك ۡو َك ٗباۖ قَ َال َهٰ َذا َر ّب فَلَ َّما ٓ أَفَ َل قَ َال َلٓ أُح ُّ
ِب ٱٓأۡلفِل ِنيَ دون ما سواه﴿ :فَلَ َّما َج َّن َعلَ ۡيهِ َّ ۡ
ِۖ
َۡ ّ ََ ُ َ ٗ َ َ َ َ ّ َ َ ٓ َ َ َ َ َ َ َّ َۡ ََ
٧٦فل َّما َر َءا ٱلق َم َر بَازِغ قال هٰذا َر ِبۖ فل َّما أفل قال لئِن ل ۡم َي ۡهد ِِن َر ِب لكون َّن م َِن ٱلق ۡو ِم
ّ َ َ َّ َ َ َّ ۡ َ َ َ ٗ َ َ َ ٰ َ َ ّ َ ٰ َ ٓ َ ۡ َ ُ َ َ َّ ٓ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َّ ّ
ٓال َ
ت قال يٰق ۡو ِم إ ِ ِن ِني ٧٧فلما رءا ٱلشمس بازِغة قال هذا ر ِب هذا أكب ۖ فلما أفل ٱلض
۠ َ َ ٓ ٗ َ َ ۡ َّ
ه ل ِلِي َف َط َر َّ َ َ ّ َ ُ َ ٓ ۡ ُ َّ ّ ٞ
ت َوٱلۡرض َحن ِيفاۖ َو َما أنا م َِن ٱلسمٰو ٰ ِ ت َو ۡج ِ َ
ون ٧٨إن َو َّج ۡه ُ شك
ِِ ب ِريء مِما ت ِ
ون بِهِۦٓ َّ َ َ ۡ َ َ ٰ َ َ ٓ َ َ ُ َ ُ ۡ ُ َ َ َ ٓ َّ ُ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ َ ُّ ٓ ّ ٱل ۡ ُم ۡشك َ
شك حجو ِن ِف ٱللِ وقد هدى ِ ۚن ول أخاف ما ت ِ ِني ٧٩وحاجهۥ قومه ۚۥ قال أت ٰٓ ِ
كان من إبراهيمّ Qإل ْأن اعتزلهم ،وعزم على تركهم والهجرة إلى فلسطين ،تلك
األرض المباركة التي هاجر إليها مع ابن أخيه لوطّ ،Q
وظل يدعو فيها برسالته إلى
مرحلة ّ
متأخرة من عمره.
- 5طلب رؤية إحياء الموتى:
يمن عليه بإرا َءته النبي إبراهيم Qمن الله تعالى أن ّ حكى القرآن الكريم طلب ّ
َ ۡ ََۡ ُۡ َ ِإَوذ قَ َال إبۡ َر ٰ ِ ُ َ ّ
ۡ
ح ٱل َم ۡو ٰتۖ﴾((( ،فيرفع درجة يقينه من ب أرِ ِن كيف ت ِ هۧم ر ِ ِ إحياء الموتى﴿ :
ّ َ َ َ َ َ
كن ِلَ ۡط َمئ ِ َّن
ل َول ٰ ِ اليقيني إلى مرتبة المعاينة اليقين ّية﴿ :قَال أ َو ل ۡم تُ ۡؤ ِمنۖ قَال بَ َ ٰ ّ مرتبة العلم
َۡ
قل ِبۖ﴾((( ،فاستجاب الله تعالى له ذلك؛ الستعداد إبراهيم Qلنيل هذه المرتبة في
يقطعها ويف ّرقها نفسه .وقد أمره الله تعالى أن يحضر أربعة طيور مختلفة األجناس ،وأن ّ
المقطعة ،ثمّ يدعوها ،فتأتيه مجتمعة ّ كل جبل جزءاً من الطيور على أجزاء ،ثمّ يضع على ّ
َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ ٗ ّ َ َّ ۡ َ ُ ۡ ُ َّ َ ۡ َ ُ َّ ۡ َ ۡ َ َ ٰ ُ ّ
كي فصهن إِلك ثم ٱجعل ع ِ جديد﴿ :قال فخذ أربعة مِن ٱلط ِ قد دبّت فيها الحياة من
َ َ ۡ
َ َ ّ ۡ ُ َّ ُ ۡ ٗ ُ َّ ۡ ُ ُ َّ َ َ َ َ ۡ ٗ َ ۡ
ٱعل ۡم أ َّن َّ َ
ِيم﴾(((. يز َحك ٞ ٱلل َعز ٌ جب ٖل مِنهن جزءا ثم ٱدعهن يأت ِينك سعيا ۚ و
ِ
النبي إبراهيمQ
ّ ابتالءات
ً
جملة النبي إبراهيم Qبابتالءات ع ّدة ،وقد ص ّرح القرآن الكريم ابتلى الله تعالى ّ
َ َ ََۡ
كل َِم ٰ ٖت فأ َت َّم ُه َّنۖ﴾((( .ويمكن استنتاج
َ ل إبۡ َر ٰ ِ َ َ ُّ ُ
هۧم ربهۥ ب ِ بوقوع هذه االبتالءاتِ﴿ :إَوذِ ٱبت ٰٓ ِ
مصاديقها من خالل بعض المواقف التي تع ّرض لها القرآن الكريم من محن واختبارات،
حصلت مع إبراهيم ،Qوامتدحه القرآن الكريم على صبره ونجاحه فيها .ومن هذه
االبتالءات:
- 1إحراقه Qبالنار:
حطم إبراهيم Qاألصنام التي كان يعبدها قومه ،وبعد فشل النمرود في بعد أن ّ
إبطال حججه ،Qلم يجدوا محيصاً ّإل قتله ،Qفبدا للنمرود ْأن يقتله حرقاً ،وقد
أع ّد لذلك الع ّدة ،فأمر بإيقاد نا ٍر عظيمة ،وجمع الناس ليشهدوا إحراق إبراهيم،Q
َ
ٱل ِحي ِم﴾(((ّ ،
ولكن وأمر بإلقائه بواسطة المنجنيق في النار﴿ :قَالُوا ْ ۡٱب ُنوا ْ َ ُلۥ ُب ۡن َيٰ ٗنا فَأ ۡل ُقوهُ ِف ۡ َ
ُۡ
إبراهيم Qبصبره في جنب الله تعالى ،وتسليمه له ،نجا من االحتراق بالنار﴿ :قل َنا
ع إبۡ َرٰه َ َۡٗ َ َ َ ً ََ َ َ ُ ُ
ِيم﴾((( ،ونجح في هذا االبتالء الصعب ،فكان هذا المشهد ون بردا وسلٰما ٰٓ ِ يٰنار ك ِ
النبي إبراهيم :Q المهيب حجّ ة أخرى بالغة على النمرود وقومه بصدق دعوة ّ
َٰ َ َ ٰ ّ َ ۡ ُ ۡ ُ َ َ َ َ ٰ ُ َّ ُ َ َّ َّ
ون﴾(((. ت ل ِقو ٖم يؤمِن ٖ ٓأَلي ِك لذ ف ﴿فأجنىه ٱلل مِن ٱنلارِۚ إ ِ ِ
ن
- 2هجرته من وطنه:
بعد ْأن علم إبراهيم Qعدم اهتداء قومه ،وإصرارهم على أذيّته وقتله ،هاجر
ليحط في دار غربة في الشام؛ متوك ًال على الله تعالى في أمرهّ ، من وطنه ،صابراً محتسباً ّ
َ َ َ َ َ ُ ُ ُ َّ ٓ ّ َ ٰ َ ٌ َ ُ ّ َ َ َ ۘ ٞ
بۖ إِن ُهۥ ه َوجر إِل ر ِفامن لۥ لوط وقال إ ِ ِن مها ِ أن رفضه قومهٔ ﴿ : في أرض فلسطين ،بعد ْ
َر ّب َس َي ۡ ِيم﴾(((َ ﴿ ،وقَ َال إ ّن َذاه ٌ
ٱلك ُ
َ َۡ ُ ۡ
ِين﴾(((.
ِ د ه ِ ِب ِ ِ ٱلع ِزيز
- 3إسكان زوجه وابنه إسماعيل ّ
مك َة:
بعد ْأن تزوّج إبراهيم Qسارة ،لم يرزق منها أوالداً م ّدة طويلة من الزمن ،ح ّتى
بلغ مرحلة متق ّدمة من العمر ،ثمّ تزوّج بعد ذلك هاجر ،وكانت جارية لسارة ،فدعا الله
ب ِل م َِن تعالى أن يرزقه ذ ّريّة من الصالحين ،فرزق منها بإسماعيلَ ﴿ :Qر ّب َه ۡ
ِ ُِ
َ َ ۡ َّ
ٱل ۡم ُد ِ َّل ِ ِ َ َ َ َ
ش َنٰ ُه ب ُغلٰم َحل ِيم﴾(((ۡ ﴿ ،ني ١٠٠فبَ َّ ۡ َ َّ َ
ع ٱلك ِ َِب إ ِ ۡس َم ٰ ِعيل﴾(((،
ل َ
ٱلي وهب ِ ٖ ِ ٍ
ٱلصٰلِح َ
ِ
بأن يسافر من فلسطين مع هاجر وابنه إسماعيل ،وأن يسكنهما اإللهي ْ ّ ثمّ أتاه الوحي
مكة -وكانت آنذاك وادياً ال زرع فيه وال ماء -ثمّ يعود على الفور إلى فلسطين .وقد في ّ
النبي إبراهيم Qلهذا األمر وس ّلم لله تعالى فيه ،ودعاه أن يتو ّلى أمر زوجه امتثل ّ
َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َّ َ َّ َ ُ ُ ْ ۡ َ ُ َ َ ّ
َّ َّ َ ٓ ۡٓ
ي ذِي َز ۡر ٍع عِند بيتِك ٱلمحر ِم ربنا ِل ِقيموا َ ّ َّ ُ
وابنه﴿ :ربنا إ ِ ِن أسكنت مِن ذرِي ِت بِوا ٍد غ ِ
َ َّ َ ٓ ۡ ُ َ َ ۡ ٓ َ ۡ ۡ َ ۡ ُ ۡ ُ ّ َ َّ َ َ َ َّ َّ َ ٰ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ٗ
ت ل َعل ُه ۡم يَشك ُرون ٣٧ربنااس تهوِي إِل ِهم وٱرزقهم مِن ٱثلمر ٰ ِ ٱج َعل أفٔ َِدة ّم َِن ٱنلَّ ِ ٱلصلوة ف
َّ ٓ َ َ ۡ َ ُ
َّ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ ٰ َ
ٱلس َماءِ﴾((( ،ثمّ ۡرض َول ِفشءٖ ِف ٱل ِ ٱللِ مِن َ ۡ
َّ
فع إِنك تعلم ما ن ِف وما نعل ِنۗ وما ي
غاب عنهما ،وكان يتردّد إليهما بين الحين واآلخر.
- 4األمر بذبح ابنه إسماعيل:Q
بعد ْأن ترك إبراهيم Qزوجه هاجر ،وابنه إسماعيل ،Qبعد عودته إلى ّ
مكة،
ورفعه بناء البيت الحرام مع ابنه إسماعيل ،Qالذي بلغ حينها مبلغاً من العمر يسعى
بأن يذبح ابنه إسماعيل:Q اإللهي في منامه ،وأمره ْ
فيه لطلب حوائج الحياة ،أتاه الوحي ّ
َ َ َ َ َ ََۡ ِ َ ّٓ َۡ َُ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ ُ َّ ۡ َ َ َ ُ َ ّ َ
ت ٰٓ
ى قال يأب ِ ٰ َ ٰ َ ن إِ ِ ٓع قال يٰب َّ ﴿فلما بلغ معه ٱلس َ
ن أرى ِف ٱلمنام أ ِن أذبك فٱنظر ماذا تر ۚ
ٱلصٰب َ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ َ ُ ٓ َ ٓ َ َّ ُ َ َّ
ين﴾((( ،فس ّلم إبراهيم Qألمر الله تعالى، ِِ جد ِن إِن شاء ٱلل مِن ٱفعل ما تؤمر ۖ ست ِ
َ
ََ َ َۡ ُ َ َ
َ َ َّ ٓ ۡ َ َ َ َ َّ ُ ۡ َ
يإبۡ َرٰه ُ
ِيم﴾((( ،فجاءه الوحي ني ١٠٣ونٰدينٰه أن ٰٓ ِ وعزم على تنفيذه﴿ :فلما أسلما وتلهۥ ل ِلجب ِ ِ
َ ۡ َ َّ ۡ َ ُّ ٓ
ٱلر ۡءيَا ۚ﴾((( ،وامتدحه على تسليمه وإخالصه اإللهي ،وأمره بالتو ّقف عن ذلك﴿ :قد صدقت ّ
سن َ ۡ ۡ َ
َ ۡ َ َ َّ
ني ١٠٥ لله تعالى ،وأمره بذبح كبش فدا ًء البنه إسماعيل﴿ :Qإِنا كذٰل ِك نزِي ٱل ُمح ِ ِ
ين َ ١٠٨س َل ٰ ٌم َ َ ٰٓ
ع ني َ ١٠٦وفَ َديۡ َنٰ ُه بذِبۡ ٍح َع ِظيم َ ١٠٧وتَ َر ۡك َنا َعلَ ۡيهِ ف ٱٓأۡلخِر َ
ِ ٖ ِ
ل ُؤا ْ ٱل ۡ ُمب ُ
ِ
َ ۡ
إ ِ َّن َهٰ َذا ل ُه َو ٱلَ َ ٰٓ
ِ
ِيم﴾((( .ومع انتهاء إبراهيم Qوابنه إسماعيل Qمن رفع بناء البيت ٱلك ُ يز ۡ َ
ۡٱل َعز ُ
ۡ ِ
ۡ َ ۡ
الحرام ،أمره الله تعالى بتطهير البيت الحرام ،وتهيئته للوافدين إليهِ﴿ :إَوذ بَ َّوأنا ِلب َرٰه َ
ِيم ِ
ٱلر َّكعِ ُّ ني َو ۡٱل َقآئم َ
ِلطآئف َ يا َو َط ّ ِه ۡر بَ ۡي ِ ََ ۡٗ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َّ ُ ۡ ۡ
ٱلس ُجودِ﴾(((، ني َو ُّ ِِ ت ل َّ ِ ِ شك ِب ش ٔ ت أن ل ت ِ مكن ٱلي ِ
َّ َ ۡ ٓ َ َ
َ َ ۡ َ ٓ ٰٓ ۡ َ ٰ َ ۡ َ ٰ َ
ٱلس ُجودِ﴾(((، ٱلركعِ ُّني َو ُّكف َ َ
ِلطائِفِني َوٱلع ٰ ِ ِ ت ل َّ يل أن َط ّ ِه َرا بَ ۡي ِ َ هۧم ِإَوسمعِ
﴿وع ِهدنا إِل إِبر ِ
الناس من جميع األقطار بتشريع الحجّ ،ويدعوهم إلى تأدية مناسكه: ْ
وبأن يُع ِلم بعد ذلك َ
َّ ۡ َ ُ ْ ك فَ ّج َ ُّ ك َضامِر يَأۡت َ َۡ ّ َ ۡ ُ َ َ ٗ َ َ َٰ ُ ّ ﴿ َوأَ ّذِن ف ٱنلَّ
يق ٢٧ل ِيشهدوا ٖ م ِ ع ِ ٍ ِن
م ِني ٖ ِ ع و ال ج ِ ر وك ت أ ي ج
ِ ٱلِ ب ِ
اس ِ
يمةِ ۡٱلَنۡ َع ٰ ِم فَ ُكُوا ْ م ِۡنهاَ ع َما َر َز َق ُهم ّ ِم ۢن بَه َ َ َٰ
ت
َ َ ٰ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ ْ ۡ َ َّ ٓ َ َّ َّ ۡ ُ َٰ
ۖ ِ منفِع لهم ويذكروا ٱسم ٱللِ ِف أيا ٖم معلوم ٍ
َ ۡ ۡ َ ۡ ْ ُ َّ ۡ َ ۡ ُ ْ َ َ َ ُ ۡ َ ُ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َّ َّ ُ
ۡ ُ ْ ۡ َ ََۡ ُ ْ َۡٓ َ َۡ
يق﴾ ،
(((
ت ٱلعت ِ ِ وأطعِموا ٱلائِس ٱلفقِري ٢٨ثم لقضوا تفثهم ولوفوا نذورهم ولطوفوا بِٱلي ِ
الحقْ ،
بأن فامتثل Qألمره تعالى ،وطلب منه تهيئة بيئة جذب الناس لسماع دعوة ّ
مكة مكاناً آمناً ،ومزدهراً اقتصاد ّياً ،وخصباً ،ينتفع منه الناس جميعاً ،وينجذبون إليه يجعل ّ
َّ لا َءام ِٗنا َو ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ِإَوذ قَ َال إبۡ َر ٰ ِه ُۧم َر ّب ۡ
ٱج َع ۡل َهٰ َذا بَ َ ً ۡ
ت ٱرزق أهلهۥ م َِن ٱثل َم َر ٰ ِ ِ ِ كل مكان بعيد﴿ : من ّ
ن ل َءام ِٗنا َو ۡ
ٱج ُن ۡ
ب ٱج َع ۡل َهٰ َذا َ ۡ
ٱل َ َ ِيم َر ّب ِۡإَوذ قَ َال إبۡ َرٰه ُ
ۡ
ِر خٱٓأۡل م ِ ٱللِ َو ۡٱلَ ۡ
و
َّ َ ۡ َ َ َ ُۡ
ِ ِ ِ ﴿ ، (((
﴾ ۚ ِ من ءامن مِنهم ب ِ
َ َّ َ َ ام َ ٣٥ر ّب إ َّن ُه َّن أَ ۡضلَ ۡل َن َكث ِ ٗ
ريا ّم َِن ٱنلَّ ِۖ
اس ف َمن تب ِ َع ِن فإِن ُهۥ م ِِّنۖ َو َم ۡن ن أَن َّن ۡع ُب َد ۡٱلَ ۡص َن َ
َو َب َّ
ِ ِ ِ
ۡ َ َ َۡ َۡۡ َ َ َ َٗ ُ َ َ َّ
َع َصان فإنك غفورَّ ٞرح ٞ َ
ِيم﴾((( ،فاستجاب الله تعالى له دعوتهِ﴿ :إَوذ جعلنا ٱليت مثابة ِ ِ
طمأنته بأ ّنهم ر ُُسل الله تعالى إلى قوم لوط ،Qويحملون له ولزوجه البشرى بأ ّنهما
((( َ ُ ْ َ ُ ْ َ َ ۡ َ ۡ َّ ُ َ ّ ُ َ ُ َ َ
ِيم﴾ ﴿ ،قالوا سيرزقان بغالم عليم ،وسيكون له ذ ّريّة﴿ :قالوا ل توجل إِنا نب ِشك بِغل ٰ ٍم عل ٖ
((( َ ُ ْ َ َ َ ۡ َّ ٓ ُ ۡ ۡ َ ٓ ٰ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ َّ ُ ُ ُ َ َ
وط﴾((( ،وكانت ل ق ۡو ِم ل ٖ ِيم﴾ ﴿ ،قالوا ل تف إِنا أرسِلنا إ ِ ل تفۖ وبشوه بِغل ٰ ٍم عل ٖ
حٰ َق َومِن َو َرآءِ إ ۡس َ ش َنٰ َها بإ ۡس َ ت فَبَ َّ ۡ َ ۡ ََُُ َٓ َ َ َ َ ٞ
حٰ َق ِ ِِ
ك ۡ ح
امرأته واقفة بالباب﴿ :وٱمرأتهۥ قائِمة فض ِ
وب﴾((( ،فاستعجبا من رزقهما بالولد على كبر س ّنهما ،وهذا أمر يكاد يكون غير واقع َي ۡع ُق َ
َ َ ٰٓ َ َّ َّ َ ۡ َ ُ َ َ ُ َ ّ ُ َ بحسب المعهود من األسباب﴿ :قَ َال َأب َ َّ ۡ
ش ُت ُ
ون﴾(((، ون ع أن مس ِن ٱلكِب فبِم تب ِش ِ م
ت
َ َ ۡ َ َ ((1( ٞ َ شٌ ۡ َ َ
ل ا
َ
ذ ٰ َ
ه ن
َّ
إ اۖ خ
ً جوزَ ٞو َهٰ َذا َب ۡعل َش ۡ
ي ت َءأَ ِ ُل َو َأنَا ۠ َع ُ َ ﴿قَالَ ۡ
ت َي ٰ َو ۡيل َ ٰٓ
جيب﴾ ﴿ ،فأقبل ِ ِ ع ء ِ ِ
وز َعقِ ٞ ت َع ُ ت َو ۡج َه َها َوقَالَ ۡ ك ۡ َ َّ َ َ َّ ۡ َُ
بأن الله يم﴾( ،((1فأجابتهما المالئكة ّ ج ٌ ٱم َرأت ُهۥ ِف صة ٖ فص
َ ُ ْ َ َّ ۡ َ َ ۡ َ ّ َ َ َ ُ ّ َ ۡ َ ٰ َ (ْ ٓ ُ َ ((1
تعالى قد أذن لهما بهذا الرزق﴿ :قالوا بشنٰك بِٱل ِق فل تكن مِن ٱلقن ِ ِطني﴾ ﴿ ،قالوا
َّ ُ َ ٞ َّ ٞ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َّ َ ۡ َ ُ َّ َ َ َ َ ٰ ُ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ
يد﴾(،((1 م
ِ ِيد ح ۥ ه ن إ
ِۚ ِ ت ي ٱل أتعجبِني مِن أم ِر ٱللِۖ رحت ٱللِ وبركتهۥ عليكم أهل
َ ُ ْ َ َ ٰ َ َ َ ُّ َّ ُ ُ َ ۡ َ ُ ۡ
ِيم ٱل َعل ُِيم﴾( ،((1ففرحا ،واستبشرا ،وشكرا الله تعالى ك إِنهۥ هو ٱلك ﴿قالوا كذل ِِك قال رب ِ ۖ
ل ََ
ع ون﴾(((ۡ َ ﴿ ،
ٱل ۡم ُد ِ َّل ِ ِ َّ َ َ َ َّ ُّ َ َّ
حةِ َر ّبِهِۦٓ إِل ٱلضٓال عليه﴿ :قَ َال َو َمن َي ۡق َن ُط مِن َّر ۡ َ
ٱلي وهب ِ
ُ َّ َ ّ ۡ َ ۡ ُ َ َّ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َّ َ ّ َ َ ُ ُّ َ ٓ
يم ٱلصل ٰوة ِ َومِن ذ ّرِي ِت ۚ ب ٱجعل ِن مقِ ِ ر ٣٩ ِ ء ِب إِسمٰعِيل ِإَوسحٰق ۚ إِن ر ِب لس ِميع ٱدلع ٱلك ِ
ۡ
وم ٱل َِس ُ ُ ۡ ۡ ٓ ۡ َ َ
َر َّب َنا َوتق َّبل ُد َعءِ َ ٤٠ر َّب َنا ٱغف ۡر ل َول َِو ٰ ِ َل َّي َول ِل ُم ۡؤ ِمن َ
ِني يَ ۡو َم َيق ُ
اب﴾((( .وبعد ْأن ِ ِ
ذهب عن إبراهيم Qالخوف والوجل ،وسمع بشرى المالئكة برزقه بإسحاق ،ومن
َ َ َّ َ َ َ َ
ب ع ۡن النبي لوط﴿ :Qفلما ذه بعده بيعقوب ،سألهم عن أمر الله تعالى في قوم ّ
َ َ َ ُ ۡ َ َ َّ ۡ ُ َ َ ٓ َ ۡ ُ ۡ ُ ۡ َ ٰ ُ َ ُ
ِيب﴾(((، ِيم أ َّوٰه ُّ ٞمن ٞ لل ٌ ِيم َ وط ٧٤إ َّن إبۡ َرٰه َ ى يجٰدِلَا ِف ق ۡو ِم ل ٍ إِبرٰهِيم ٱلروع وجاءته ٱلبش
ِ ِ
بأن الله تعالى أرسلهم ل ُين ِزل بهم عذاباً ون﴾((( ،فأجابوه ّ َ َ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ُّ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ
﴿قال فما خطبكم أيها ٱلمرسل
َّ َ ۡ ُ ۡ َ َ ْ َّ ْ ُ ۡ
َ َ َّ َ ٓ َ ۡ ُ ُ ُ َ ٓ ۡ َ ٰ َ ُ ۡ َ ٰ َ
ى قال ٓوا إِنا ُم ۡهل ِك ٓوا أه ِل هٰ ِذه ِ ٱلق ۡر َيةِۖ إِن غير مردود﴿ :ولما جاءت رسلنا إِبرهِيم بِٱلبش
َ ۡ َ
ٰٓ ۡ َ ٰ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ُ ْ َ ٰ َ ((( َ ُ ٓ ْ َّ ٓ ُ ۡ ۡ َ ٓ
ِيم أع ِرض ع ۡن ﴾(((﴿ ،يإِبره أهلها كنوا ظل ِ ِمني﴾ ﴿ ،قالوا إِنا أرسِلنا
ٰ ۡ ُ ْ ُ َ
ل ق ۡو ٖم
ۡ َ َ ٌ َ ۡ ُ َ ۡ ُ ((( َ ٓ َّ ٓ ۡ َ ٓ َ َ َ َ ٓ َّ ُ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ ّ َ َّ ُ ۡ َ
هٰذاۖ إِنهۥ قد جاء أم ُر ربِك ۖ ِإَونهم ءاتِي ِهم عذاب غي مردو ٖد﴾ ﴿ ،قالوا إِنا أرسِلنا إ ِ
سف َِني﴾((( ،فسألهم ك ل ِۡل ُم ۡ ُّ َ َّ َ ً َ َ ّ َ
ِني ٣٣مسومة عِند رب ارة ّمِن ط
ُۡ َ َ َۡ ۡ َ َٗ
ِني ٣٢ل ِنسِل علي ِهم حِج مرم َ ُّ ۡ
ِ ِ ٖ ِ
َ َ َّ َ ُ ٗ َ ُ ْ َ ۡ َ ۡ َ
ِيها لوطا ۚ قالوا ن ُن أعل ُم النبي لوط﴿ :Qقال إِن ف النبي إبراهيم Qعن مصير ّ ّ
ۡ ََ َّ َ ۡ َ ُ
ٱم َرأت ُهۥ ج َي َّن ُهۥ َوأهل ُه ٓۥ إِل ََ ّ
بأن الله منجّ يه وأهلهّ ،إل امرأته﴿ :لن ِ ب ِ َمن ف َِيهاۖ﴾((( ،فأجابوه ّ
َّ ۡ َ َ َ َ ٓ َّ َ ُ َ َۡ َّ َ َ ُ ت م َِن ۡٱل َغٰب َ َكنَ ۡ
ٱم َرأت ُهۥ ق َّد ۡرنا إِن َها ل ِم َن وط إِنا ل ُم َن ُّجوه ۡم أجعِ َني ٥٩إِل ين﴾(َ ﴿ ،((1ءال ل ٍ ِِ
َب ۡيت ّمِنَ ِيها م َِن ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َِني َ ٣٥ف َما َو َج ۡدنَا فِيهاَ ين﴾(﴿ ،((1فَأَ ۡخ َر ۡج َنا َمن َك َن ف َ ۡٱل َغٰب َ
ٖ ِِ
َ ۡ َ ۡ َ
ِين يافون ٱل َعذ َ ُ َ َ َّ ّ ٗ ٓ ۡ
ني َ ٣٦وتَ َرك َنا ف َ ٱل ۡ ُم ۡسلِم َ
اب ٱل ِل َم﴾(.((1 ِيها َءايَة ل ِل َ ِ
النبي إبراهيمQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي إبراهيم ،Qيمكن استخالص بالتأمّل في ما ورد في القرآن الكريم من قصّ ة ّ
جملة من الدروس والعبر والسنن ،منها:
َ َ ُ ٓ َ َ ُ ٓ َّ ْ
-وحدة الدين عند الله تعالى﴿ :قُول ُ ٓوا َء َام َّ
ل إِبۡ َر ٰ ِه َۧم
نزل إ ِ ٰٓ
ِ أ ا ل َنا َو َ
م ٱللِ َو َما أنزل إ ِ ۡ
ِ ِ ب ان
َ
وت ٱنلَّب ِ ُّيون مِن َّر ّب ِ ِه ۡم
ُ
ِيس َو َما ٓ أ َ
ٰ وس َوع َ وت ُم َ ٰ
ُ
اط َو َما ٓ أ َ
ِ وب َو ۡٱلَ ۡس َ
ب حٰ َق َو َي ۡع ُق َِإَوس َ
يل ۡ ۡ َٰ َ
ِإَوسمعِ
ِ ِ
ص بهِۦ نُ ٗ َ َ َ ُ ّ َ ّ َ َ َّ َ َ َُ ّ ُ ََۡ َ ُّۡ ۡ َ ۡ ُ ُ ُ ۡ ُ َ
َ َ َ
وحا ِين ما و ٰ ِ ِ ٱدل ِن م م ك ل ع ش ﴿ ، ﴾ ونل نف ِرق بي أح ٖد مِنهم ونن لۥ مسل ِم
ٓ ۡ َ َ َ ُ َ ٰ َ َ َ ۡ َ ُ ْ ّ َ َ َ َ َ َ َّ ُ ْ
ك َو َما َو َّص ۡي َنا بِهِۦ إِبرٰهِيم وموس وع ٰٓ َ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ
ِيسۖ أن أقِيموا ٱدلِين ول تتفرقوا وٱلِي أوحينا إِل
فِي ۚهِ﴾.
ُ َ َّ ين َو ُمنذِر َ ٗ
-الرسل Rحجج الله تعالى على خلقهُّ ﴿ :ر ُسل ُّمبَ ّ ِش َ
ين لِ َل يَكون ِ ِ
ٱلر ُسل َو َك َن َّ ُ َ َ َّ
ٱلل َع ِز ًيزا َحك ِٗيما﴾. ِۚ
ٱللِ ُح َّجُۢة َب ۡع َد ُّ اس ع ل َِّلن ِ
ََۡ ُۡ ۡ َ ّ َ ِإَوذ قَ َال إبۡ َ
تۖ ح ٱل َم ۡو َ ٰ ِ ت ف ي ك ن ر
ِ ِِ أ ب ر هُ
ۧم ِ ٰ ر ِ
ۡ
-عين اليقين أعلى مرتبة من علم اليقين﴿ :
ّ َ ۡ َ َّ َ ۡ َ َ ُ ۡ ۡ َ َ ٗ ّ َ َّ ۡ َ ُ ۡ ُ َّ ۡ َ ُ
َ َ َ َ َ ََ ََ َ َ ََ َۡ ُۡ
لك ث َّم ي فصهن إ ِ ِ ٱلط ِن م ة ع ب ر أ ذ خ ف ال ق ۖ ب ِ ل ق ن ِ ئ م ط ل
ِ ن ك
ِ ٰ ل و لٰ ب ال ق ۖن ِ
م ؤ قال أو لم ت
َ
ٱعل ۡم أ َّن َّ َ َ ۡ
ۡ َ ۡ َ َ ٰ ُ َ َ ّ ۡ ُ َّ ُ ۡ ٗ ُ َّ ۡ ُ ُ َّ َ َ َ َ ۡ ٗ َ ۡ ّ
ِيم﴾، يز َحك ٞ ٱلل َعز ٌ ك جب ٖل مِنهن جزءا ثم ٱدعهن يأت ِينك سعيا ۚ و
ِ ٱجعل ع ِ
ۡ َ َ ُ َ َ ۡ وت َّ َ َ ك َ َ َ َٰ َ ُ ٓ ۡ َ َ َ ُ
َ
ون م َِن ٱل ُموقِن َِني﴾. ۡرض و ِلك ت َوٱل ِ ٱلسمٰو ٰ ِ ﴿وكذل ِك ن ِري إِبرٰهِيم مل
لا ٱج َع ۡل َهٰ َذا بَ َ ً ِإَوذ قَ َال إبۡ َر ٰ ِه ُۧم َر ّب ۡ ۡ
-خيرات البيت الحرام وبركاته للمؤمنين خاصّ ة﴿ :
ِ ِ
ُ ََ َ َ َ ۡ
ت َم ۡن َء َام َن م ِۡن ُهم بِٱللِ َوٱلَ ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِِرۚ قال َو َمن كف َر فأ َم ّت ِ ُع ُهۥ
َّ َّ َءام ِٗنا َو ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ُ
ٱرزق أهلهۥ م َِن ٱثل َم َر ٰ ِ
ۡ ۡ َ ٗ ُ َّ َ ۡ َ ُّ ُ ٓ َ ٰ َ َ
اب ٱنلَّارِۖ َوبِئ َس ٱل َم ِص ُري﴾. قل ِيل ثم أضطرهۥ إِل ع ِ
ذ
-البيت الحرام مكان للعبادة والتق ّرب إلى الله تعالى ،وليس ّ
محطة ل ّلهو والتسلية:
ِلطآئف َ َّ َ ۡ َ َ ُ َ ّٗ َ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َّ ُ ْ
ني يل أن َط ّ ِه َرا بَ ۡي ِ َ
ت ل َّ ِ ِ ل إِبر ٰ ِهۧم ِإَوسم ٰ ِع
هۧم مصل ۖ وع ِهدنا إ ِ ٰٓ ﴿ َوٱتِذوا مِن مق ِ
ام إِبر ٰ ِ
ٱلس ُجودِ﴾.ٱلر َّكعِ ُّ كف َ
ني َو ُّ َۡ
َوٱلع ٰ ِ ِ
-على اإلنسان أن يصبر على االبتالء ،ويس ّلم ألمر الله تعالى؛ ح ّتى يته ّيىأ ويصبح
ُ َ َ َ ّ َ َٰ ََ َ ل إبۡ َر ٰ ِ َ َ ُّ ُ ََۡ
ت فأت َّم ُه َّنۖ قال إ ِ ِن َجاعِلك هۧم ربهۥ بِكل ِم ٖ اإللهيِ﴿ :إَوذِ ٱبت ٰٓ ِ ّ مستع ّداً لتل ّقي الفيض
َ ۡ َ َّ ۡ َ ُّ ٓ َ اماۖ﴾﴿ ،فَلَ َّما ٓ أَ ۡسلَ َما َوتَ َّل ُهۥ ل ِۡل َ
ٱلر ۡءيَا ۚ ِيم ١٠٤قد صدقت ني َ ١٠٣و َنٰ َديۡ َنٰ ُه أن َ ِٰٓ
يإبۡ َرٰه ُ
ِ ِ ب ج اس إ َم ٗ َّ
ل ِلن ِ ِ
ّ
النبي إبراهيمQ
101
َّ ني ٥٥قَ َال َو َمن َي ۡق َن ُط مِن َّر ۡ َ كن ّم َِن ۡٱل َقٰنِط َ َۡ ّ َ َ َ ُ َ ُ ْ َ َّ ۡ َ َ
حةِ َر ّبِهِۦٓ إِل ِ شنٰك بِٱل ِق فل ت ٥٤قالوا ب
َّ ُّ َ
ون﴾. ٱلضٓال
َََ ۡ َ َٓ ۡ ُ ُ َُٓ َۡ َ ُۡ ۡ َ ٰ َ ُ ْ َ َ َ
ى قالوا َسل ٰ ٗماۖ قال -إكرام الضيف من ِش َيم الرجال﴿ :ولقد جاءت رسلنا إِبرٰهِيم بِٱلبش
ٓ َ َ َ َ
َسل ٰ ٞمۖ ف َما ل ِ َث أن َجا َء بِعِ ۡج ٍل َحن ِي ٖذ﴾.
ُ َّ َّ َ ٓ ّ ٓ َ ۡ َ
نت مِن ذ ّرِ َّي ِت ب ِ َوا ٍد ك ُ كل أمر﴿ :ربنا إ ِ ِن أس يتوكل على الله تعالى في ّ -على اإلنسان أن ّ
ي إِ َ ۡ
اس َت ۡهو ٓ ف َِد ٗة ّم َِن ٱنلَّ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َّ َ َّ َ ُ ُ ْ َّ َ ٰ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َۡ
ل ِه ۡم ِ ِ
ٔ ي ذِي َز ۡر ٍع عِند بيتِك ٱلمحر ِم ربنا ِلقِيموا ٱلصلوة فٱجعل أ غ ِ
َ َّ َ ٓ َّ َ َ ۡ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ ُ ّ َ َّ َ َ ٰ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ
فع ون ٣٧ربنا إِنك تعلم ما ن ِف وما نعل ِنۗ وما ي ٰ ت لعلهم يشكر وٱرزقهم مِن ٱثلمر ِ
َّ ٓ َ َۡ
ٱلس َماءِ﴾ ۡرض َول ِف شءٖ ِف ٱل ِ ٱللِ مِن َ ۡ َّ
َ ّ ۡ َ ۡ ُ َ َّ َ
ٱلصل ٰوة ِ ب ٱجعل ِن مقِيم -مالزمة نهج الدعاء بالصالح والخير للنفس ولآلخرين﴿ :ر ِ
ۡ
وم ٱل َِس ُ ِني يَ ۡو َم َي ُق ُ ٱغف ۡر ل َول َِو ٰ ِ َل َّي َول ِۡل ُم ۡؤ ِمن َ
َ َّ َ ۡ ُ ّ َّ َ َّ َ َ َ َ َّ ۡ ُ َ ٓ َ
اب﴾. ومِن ذرِي ِت ۚ ربنا وتقبل دعءِ ٤٠ربنا ِ ِ
َ ُ ْ َ ُّ ُ َ ُ ُ ْٓ
-الله تعالى يدافع عن عباده المخلصين ،وينصرهم وينجّ يهم﴿ :قالوا ح ِرقوه وٱنصوا
َ ٗ َ ُ ْ ع إبۡ َرٰه َ َۡٗ َ َ َ ً ََ َُۡ َ َ ُ ُ نت ۡم َفٰعل َ ك ۡم إن ُك ُ َ ََ ُ
ِيم َ ٦٩وأ َرادوا بِهِۦ ك ۡيدا ون بردا وسلٰما ٰٓ ِ ِ ك ار نٰ ي ا ن ل ق ٦٨ ِني ِ ِ ءال ِهت
َ ۡ ۡ فَ َ
ين﴾. ج َعل َنٰ ُه ُم ٱل ۡخ َس َ
ِ
-على اإلنسان أن ّ
يتذكر دومـاً نعم الله تعالى وعطاياه ،ويق ّر بها ،ويشكره عليها:
َ
ِإَوذا َمر ۡض ُ َُ ُۡ ُ ََۡ َ َّ ني َّ ٧٧ٱلِي َخلَ َقن َف ُه َو َي ۡ ﴿ إ َّل َر َّب ۡٱل َعٰلَم َ
ت ِ ني ٧٩
ِين ٧٨وٱلِي هو يط ِعم ِن ويس ِق ِ ِ د ه ِ ِ ِ
ۡ َ
ِي أ ۡط َم ُع أن َيغ ِف َر ل َخط ٓ َٔ َ ۡ َ ّ َ َّ ُ
ُ ُ َّ ۡ ُ َّ ۡ ََُ َ
ِين﴾. ييني َ ٨١وٱل ٓ َ
ي ِت يوم ٱدل ِ ِ ِ ني ٨٠وٱلِي ي ِميت ِن ثم ِ ِ فهو يش ِف ِ
ب َ ّ
-سالمة قلب اإلنسان وارتباطه بالله تعالى سبيل فالحه وأمنه من الخسران﴿ :ر ِ
َ ۡ ۡ ص ۡدق ف ٱٓأۡلخِر َ َ ۡ َ ّ َ َ َّ ُ ۡ ٗ ََ ۡ ۡ َ ۡ
ٱج َعل ِن مِن ين ٨٤و ِ ٖ ِ ِ ان ِس ل ل
ِ ل عٱج و ٨٣ ٱلصٰلِح َ
ني ِ هب ِل حكما وأل ِ ِ
ب ن ِق
َ ُ َ َ ُۡ َ ۡ ۡ َ ٓ َّ ُ َ َ َ َّ ّ َ
ِني َ ٨٦ول ت ِز ِن يَ ۡو َم ُي ۡب َعثون ٨٧يَ ۡو َم ل ٓال َ َو َرثةِ َج َّنةِ ٱنلَّعِي ِم ٨٥وٱغفِر ِل ِب إِنهۥ كن مِن ٱلض
َ
ِيم﴾﴿ ،ق ۡد ل ٱلل ب َق ۡلب َسل ِيم﴾﴿ ،إ ۡذ َجا ٓ َء َر َّب ُهۥ ب َق ۡلب َ
س ون ٨٨إ َّل َم ۡن َأ َت َّ َ َ َ ُ َ َ َُ ََ ٞ
ينفع مال ول بن
ٍ ِ ٖ ِ ٖ ِ ٖ ِ
َ
َ َّ َ َ
ك َ ١٤وذك َر ۡٱس َم َر ّبِهِۦ ف َص ٰل﴾. أ ۡفلَ َح َمن تَ َز َّ ٰ
َ َ َ َ َُ ُ َ َ ٞ
وطۘ َوقال فامن لۥ ل -ال ُم َقام للمؤمنين في بيئة ُق ِض َي على أهلها بالكفر والضاللٔ ﴿ :
ِيم﴾. ٱلك ُ يز ۡ َ ِ ج ٌر إ ِ َ ٰل َر ّ ٓ
بۖ إنَّ ُهۥ ُه َو ۡٱل َعز ُ
ِ ا ه إ ّن ُم َ
ِِ
ِ ِ
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 104
السببي باألنبياء Rوحده ال يعصم اإلنسان من العذاب فيما ّ النسبي أو
ّ -االرتباط
َ ٓ
ۡ َ َ َ َّ َ َّ َ
َّ َ ُّ ُ ۡ ََ ُ َ ٓ َّ
ٱم َرأت ُهۥ ق َّد ۡرنا إِن َها ل ِم َن جع َ
ني ٥٩إِل وط إِنا ل ُمنجوه ۡم أ ِلو كان من الكافرين﴿ :إِل َءال ل ٍ
ين﴾. ۡٱل َغٰب َ
ِِ
َ
ب َعن -تح ّري عقالن ّية اإلنسان في ا ّتباعه للدين الحنيف أو إعراضه عنهَ ﴿ :و َمن يَ ۡرغ ُ
َّ َّ
ه َۧم إِل َمن َسفِ َه َن ۡف َس ُه ۚۥ﴾.
ّمِلةِ إِبۡ َر ٰ ِ
-االنبهار بالملك والسلطة يعمي قلب اإلنسان عن الحقيقة ،ويدفعه للمجادلة من
ه ُۧم َر ّبَ َ ۡ َ ٓ َّ ۡ َ َ َ ّ ٓ َ ۡ َ َ ٰ ُ َّ ُ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َّ
ٰ
هۧم ِف ربِهِۦ أن ءاتىه ٱلل ٱلملك إِذ قال إِبر ِ ِ ٰ
حق﴿ :ألم تر إِل ٱلِي حاج إِبر ِ غير ّ
َ َۡ ۡ ۡ َّ َ َّ َّ َ َ ۡ ِيتۖ قَ َال إبۡ َُ ُۡ َُ ُ َ َ ََ۠ ُ ۡ َُ َّ
ش ِق م ٱل ِن
م س م ٱلش ب ت أ ي ٱلل ن إف ُ
ۧم
ه ٰ ر م حۦ وأ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ حۦ وي ِميت قال أنا أ ِ ٱلِي ي ِ
ۡ َ ۡ َ َّ َ َ َ َ َّ ُ َ َ ُ َ َّ َ َ َۡ ۡ َۡ
ٱلظٰل ِ ِم َني﴾. ٱلل ل َي ۡهدِي ٱلقوم ت ٱلِي كفر ۗ و ب فب ِه
ِ ِ رغ م ٱل ِن
م ا هفأ ِ
ب ت
ِ
تنفك تزول وتبطل بزوال الدنيا ،فال يبقى ألهلها يوم -الروابط الدنيويّة الباطلة ال ّ
َ
ِك ۡم ِف ۡ َ
ٱل َي ٰوة ِ َّ ۡ َ ٰ ٗ َّ َ َّ َ َ ۡ ُ
ون ٱللِ أوثنا مودة بين
َ َ َ َّ َ َّ َ ۡ ُ ّ ُ
القيامة ّإل وزرها والخصام﴿ :وقال إِنما ٱتذتم مِن د ِ
َََۡ ُ َۡ ُ ُ َۡ ٗ َََۡ ٰ ُ ُ ُ ۡ ُ ۡ ُّ ۡ ُ
ار َو َما
ك ُم ٱنلَّ ُ ٱدلن َياۖ ث َّم يَ ۡو َم ٱل ِق َيٰ َمةِ يَكف ُر َب ۡعضكم ب ِ َب ۡع ٖض ويلعن بعضكم بعضا ومأوى
ص َ َ ُ ّ َّ
ين﴾. لكم مِن نٰ ِ ِ
ّ
النبي إبراهيمQ
105
األفكار الرئيسة
.1بعث الله تعالى نب ّيه إبراهيم Qبالرسالة ،وجعله من أنبياء أولي العزم ،وبعثه
بشريعة خاصّ ة هي الحنيف ّية اإلبراهيم ّية.
النبي إبراهيم Qبأربع مناظرات ومواجهات مع ع ّمه آزر ومع عبدة األصنام .2قام ّ
واألوثان والكواكب والنجوم من قومه ،ومع النمرود ملك بابل ،اعتمد فيها على
المخاطبين بقضايا واضحة وجل ّية يستجيب َ إثارة الفطرة والعقل والوجدان لدى
حظ من االلتفات والنظر. لها من له أدنى ّ
النبي إبراهيم Qعن دعوته ،وحاولوا قتله ،هاجر من .3بعد ْأن أعرض قوم ّ
موطنه إلى الشام؛ أرض الكنعان ّيين؛ إلى أرض فلسطين؛ لنشر رسالته التي كانت
لكل البشريّة آنذاك ،وبقي فيها ح ّتى وافته المن ّية. رسالة عامّة ّ
.4ابتلى الله تعالى نب ّيه إبراهيم Qبابتالءات ع ّدة ،وبعد نجاحه في اجتياز هذه
ّ
استحق نيل مقام اإلمامة. االبتالءات واالختبارات ،وإتمامه األوامر اإلله ّية،
.5أمر الله تعالى نب ّيه إبراهيم Qبرفع بناء البيت الحرام ،فقام Qبامتثال
اإللهي ،وعاونه ابنه إسماعيل Qفي ذلك. ّ األمر
ّ
فكر وأجب
مطالعة
علي ماجيلويه ،عن ع ّمه مح ّمد بن أبي القاسم ،عن عن ابن بابويه ،ح ّدثنا مح ّمد بن ّ
أحمد بن أبي عبد الله ،عن أحمد بن مح ّمد بن أبي نصر ،عن أبان بن عثمان ،عن مح ّمد
بن مروان ،عن أبي جعفر صلوات الله عليه ،قال« :كان دعاء إبراهيم Qيومئذٍ:
(يا أحد يا صمد ،يا من لم يلد ولم يولد ،ولم يكن له كفواً أحد) ،ثمّ (توكّلت على
ع إبۡ َرٰه َ َۡٗ َ َ َ ً ََ ُ
ِيم﴾،
ون بردا وسلٰما ٰٓ ِ الله) ،فقال :كُفيت .وقال :لمّا قال الله تعالى للنار﴿ :ك ِ
لم تعمل يومئ ٍذ نار على وجه األرض ،وال انتفع بها أحد ثالثة أيّام ،قال :ونزل جبرئيل
يحدّثه وسط النار .قال نمرود :من اتّخذ إلهاً ،فليتّخذ مثل إله إبراهيم ،فقال عظيم من
فخرجت عنق من النار فأحرقته. ْ عظمائهم إنّي عزم ُْت على النيران أنْ ال تحرقه ،قال:
وكان نمرود ينظر بشرفة على النار ،فلمّا كان بعد ثالثة أيام ،قال نمرود آلزر :اصعد بنا
حتّى ننظر ،فصعدا ،فإذا إبراهيم في روضة خضراء ،ومعه شيخ يحدّثه ،قال :فالتفت
نمرود إلى آزر ،فقال :ما أكرم ابنك على الله ،والعرب تسمّي العمّ أباً ،قال تعالى في
َ ُ ْ َ ۡ ُ ُ َٰ َ َ َٰ َ َ َ ٓ َ ۡ َٰ َ ۡ َ ٰ َ
ِإَوس َحٰ َق﴾ ،وإسماعيل يل ۡ
هۧم ِإَوسمعِ
قصّ ة يعقوب﴿ :قالوا نعبد إِلهك ِإَوله ءابائِك إِبر ِ
كان عمّ يعقوب ،Qوقد سمّاه أباً في هذه اآلية»(((.
النبي لوط
Q ّ
النبي إسماعيلQ
ّ
النبي إسحاقQ
ّ
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
((( انظر :الطبريّ ،تاريخ األمم والملوك ،مصدر سابق ،ج ،1ص.206-205
((( انظر :سورة األنعام ،اآليات 89 ،87-86؛ سورة األعراف ،اآليات 89 ،84-74،80 ،70؛ سورة هود ،اآليات 83-77؛
سورة الحجر ،اآليات 74-59؛ سورة األنبياء ،اآليات 75-74 ،71؛ سورة الشعراء ،اآليات 173-160؛ سورة النمل،
اآليات 58-54؛ سورة العنكبوت ،اآليات 38-28 ،26؛ سورة الصافات ،اآليات 138-133؛ سورة القمر ،اآليات 39-33؛
النبي لوط .Q
سورة التحريم ،اآلية .10وقد أوردنا هذه اآليات في آخر الكتاب ،آيات قصص األنبياء ّ ،R
((( سورة الشعراء ،اآليات .173-160
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 110
ّ َ ُ ۡ َ َ َُ ۡ َ ُ ُ ۡ ُ ٌ ََ َ ُ َ
وط أل ت َّتقون ١٦١إ ِ ِن لك ۡم لعبادة الله تعالى وطاعته وتقواه﴿ :إِذ قال لهم أخوهم ل
َ َ ٓ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ َّ َ َٰ َ َّ ُ ْ َّ َ َ َ ُ َُ ٌ َ ٞ
سلكم عليهِ مِن أج ٍرۖ إِن أج ِري إِل ع ون ١٦٣وما أ ٔ رسول أمِني ١٦٢فٱتقوا ٱلل وأطِيع ِ
ۡ َ
َر ّ ِب ٱل َعٰل ِم َني﴾((( ،و َت ْر ِك ما ح ّرمه الله تعالى عليهم من الخبائث إلى ما أح ّله لهم من
َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُّ ُ ّ ۡ َ ۡ َ ٰ ُ ان م َِن ۡٱل َعٰلَم َ َ َ ۡ ُ َ ُّ ۡ َ َ
جك ۚم ِ و ز أ ِن م م ك ب ر م ك ل ق ل خ ا م ون ر ذ ت و ١٦٥ ني ِ الط ّيبات﴿ :أتأتون ٱذلكر
َ َّ َ ۡ َ ُ ُ َۡ َ ُ ۡ َ ٌ َ ُ َ
وط بل أنتم ق ۡوم عدون﴾((( ،وح ّذرهم من عاقبة أمرهم ،ولك ّنهم ك ّذبوه﴿ :كذبت ق ۡوم ل ٍ
َ
وط بِٱنلُّذرِ﴾((( ،وواجهوه باالستخفاف بدعوته وإنذاره﴿ :ف َما
ُ َ َّ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ
ٱل ُم ۡرسل ِني﴾(((﴿ ،كذبت ق ۡوم ل ِۢ
َََ ۡ َ َ َ ُ َ ٰ ُ َ َ َّ َّ َ َ َ َ َ َ ۡ ٓ َّ ٓ َ َ ُ ْ ۡ َ َ َ
اب ٱللِ إِن كنت مِن ٱلص ِدقِني﴾﴿ ،ولقد أنذرهم كن جواب قو ِمهِۦ إِل أن قالوا ٱئتِنا بِعذ ِ
َّ َ ْ
ار ۡوا ْ بٱنلُّ ُذر﴾((( ،بتهديده بإبعاده ونفيه من أرضهم﴿ :قالوا لئن ل ۡم تَ َ
ُ َ َ
نتهِ ِ َب ۡط َشتَ َنا ف َت َم َ ِ ِ ثمّ
ُ َ َ ُ ْ َ ۡ اب قَ ۡو ِمهِۦٓني﴾(((َ ﴿ ،و َما ك َ َن َج َو َ ون َّن م َِن ٱل ۡ ُم ۡخ َرج َ
َٰ ُ ُ ََ ُ َ
أن قال ٓوا أخ ِر ُجوهم ّمِن ِ يلوط لك
ُ
َ ۡ َ ُ ۡ َّ ُ ۡ َ َ ُ َّ َ َ َ ٞ
ون﴾((( ،فأعرض عنهم ،وطلب من الله تعالى نزول العذاب قريتِكمۖ إِنهم أناس يتطهر
ۡ ۡ َ ۡ َ
ِني﴾(((﴿ ،قَال َر ّ ۡ ُ ۡ
ِكم ّم َِن ٱل َقال َ َ َ ّ ََ ُ
ِين﴾(((. سد َ ن ٱلق ۡو ِم ٱل ُمف ِ ب ٱنص ِ ِ عليهم﴿ :قال إ ِ ِن ل ِعمل
النبي لوطQ
ّ نزول العذاب على قوم
ً
مالئكة النبي لوط Qبالتبليغ واإلنذار ،أرسل الله تعالى ل ّما ت ّمت الحجّ ة على قوم ّ
النبي إبراهيم Qضيوفاً في صورة رس ًال إلحالل العذاب بهم واسئصالهم ،فجاءوا إلى ّ
َ
لهِرجال؛ ليخبروه بما أمر الله تعالى في قوم لوط﴿ :Qفَلَ َّما َر َءا ٓ أيۡد َِي ُه ۡم َل تَ ِص ُل إ ِ َ ۡ
َ َ ُ ۡ ََۡ َ َ ُۡ ۡ َ
ِيف ٗة ۚقَالُوا ْ َل َتَ ۡف إ َّنا ٓ أُ ۡرس ِۡل َنا ٓ إ َ ٰل قَ ۡو ِم لُوط ٧٠فَلَ َّما َذ َه َ
ب َع ۡن إبۡ َرٰهِيمَ
ِ ٖ ِ ِ كرهم وأوجس مِنهم خن ِ
ُ
ع َو َجا َءتۡ ُه ٱلبُ ۡ َ
ش ٰ ُ َ َ
َّ ۡ ُ ُ ۡ ٓ
النبي لوطاً ،Qودخلوا عليه وط﴾((( ،ثمّ قصدوا ّ ى يجٰدِلَا ِف ق ۡو ِم ل ٍ ٱلرو
َ
اق به ۡم َذ ۡر ٗع َوقَال َهٰ َذا يَ ۡو ٌم َعص ٞٓ َ ۡ َ َ َ ُ ُ
َ َّ َ ٓ َ ۡ ُ ُ َ ٗ َ
يب﴾(((، ِ ضيوفاً﴿ :ولما جاءت رسلنا لوطا ِسء ب ِ ِهم وض ِ ِ
َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ ُّ ٞ ۡ ُ َ ََ َٓ َ ُ
ون﴾((( ،فقامت امرأته -وهي من وط ٱل ُم ۡر َسلون ٦١قال إِنكم قوم منكر ﴿فل َّما جا َء َءال ل ٍ
َ َ َ ُ َّ َ َ ّ َّ
ِل َ
ين النبي لوط﴿ :Qضب ٱلل مثل ٗ ل ِ الكافرين -بإعالم القوم((( بنزول ضيوف على ّ
ۡ َ َ َٰ َۡ َ َ َ ُ ََ ت َع ۡب َديۡ َ َ ُ ْ ۡ ََ َ ُ ٖ َ ۡ ََ َ ُ ۖ َ ََ َۡ
ي فخان َتاه َما فل ۡم ِ ِح لص ا ِن د ا ِب
ع ِنم ن ِ
ت َ وط كنتا كفروا ٱمرأت نوح وٱمرأت ل ٖ
َّ َ َ َ َّ َ َ ۡ ُ َّ َ ۡ ٗ َ ۡ
ٱلد ٰ ِخل َِني﴾((( ،فأقبلوه إليه Qيريدون يا َوقِيل ٱدخل ٱنلار مع ُيغن َِيا ع ۡن ُه َما م َِن ٱللِ ش ٔ
َ ۡ ُ َ ُ ْ َ ۡ َ ُ َ َّ ّ ون إ ِ َ ۡ َ َ َُٓ َُۡ ُ َُۡ ُ َ
ات﴾(((، ي ِۚ ٱلس ِ َٔ لهِ َومِن قبل كنوا يعملون ضيوفه بفاحشتهم﴿ :وجاءهۥ قومهۥ يهرع
َ َ َٓ َُۡ َۡ َ َۡ َۡ ُ َ
النبي لوط ،Qواستنصحهم أن شون﴾((( ،وقد جادلهم ّ ﴿وجاء أهل ٱلمدِينةِ يستب ِ
َ َ َ َ
يعرضوا عن فعلتهم هذه ،ولك ّنهم لم يستمعوا لوعظه ،وأصروّا على طلبهم﴿ :قال يٰق ۡو ِم
ٞ ٞ ُ َ ۡ ٓ ََ َ ٰٓ ُ َ ٓ َ َ ُ َّ َ ۡ َ ُ َ ُ ۡ َ َّ ُ ْ َّ َ َ َ ُ ۡ
فۖ أل ۡي َس مِنك ۡم َر ُجل َّرشِيد ٧٨ ِ ي ض ف ِ ون ِ
تُ
ز ات هن أطهر لكمۖ فٱتقوا ٱلل ول هؤلءِ بن ِ
ُ ۡ ُ َّ ً َۡ َ َ َ ۡ َ َّ ك لَ ۡعل ُم َما نُر ُ َ َ َ َّ َ َ قَالُوا ْ لَ َق ۡد َعل ِۡم َ
يد ٧٩قال لو أن ِل بِكم قوة أو ِ ت َما لَا ِف َب َنات ِك م ِۡن َح ّ ٖق ِإَون
ون َ َّ ُ ْ َ َّ َ َ ۡ ُ ُ لءِ َض ۡي َ َ َ ۡ َ ُ ((( َ َ َّ َ ٰٓ ُ ٓ َ َ ٓ َٰ ُ ۡ َ
ون ٦٨وٱتقوا ٱلل ول تز ِ ف فل تفضح ِ ِ ؤ ه ن ِ إ ال ق ﴿ ، ﴾ د
ٖ ِي
د ش ءاوِي إِل رك ٖن
َ َ ۡ ُ َ َّ ُ ۡ َ َ
نت ۡم فٰعل َ ُ
ات إن ك ُ ٓ ه ُؤلءِ َب َ ٓ َ
ٰٓ َ َ َ َ ۡ
ك َعن ٱل َعٰلم َ َ ُْٓ ََ َۡ َۡ َ َ
ِني ٧١لعمرك إِنهم ل ِف ِ ِ ِ ن ال ق ٧٠ ني ِ ِ ٦٩قالوا أو لم ننه
َ َۡ ۡ ََُۡ َ
النبي لوط ،Qطمس الله تعالى على ّ ون﴾((( .فل ّما ه ّموا بدخول بيت سكرت ِ ِهم يعمه
ََ َ ۡ َٓ َ ۡ َُُ ۡ َ ُ ُ ْ َ ُ َ َ
أعينهم ،فلم يبصروا بعد حينهم هذاَ ﴿ :ولق ۡد َر ٰ َودوهُ َعن ض ۡي ِفهِۦ فطمسنا أعينهم فذوقوا
َ ُ ْ َ ٰ ُ ُ َّ ُُ َ
وط إِنا للنبي لوط﴿ :Qقالوا يل َعذ ِاب َونذرِ﴾( ،((1وكشف المالئكة عن حقيقتهم ّ
َّ ۡ َ
ين﴾( .((1وبعد خروجهم ،وحلول الصباح ببزوغ ٱم َرأتَ ُهۥ قَ َّد ۡرنَا ٓ إ َّن َها ل َ ِم َن ۡٱل َغٰب َ ٥٩إِل
ِِ ِ
مطروا بحجارة من نار ،وأصابهم ُ
الشمس ،نزل العذاب بقومه ،فأصابتهم الصيحة ،وأ ِ
َُ ُ ْ َ ٞ ك َرةً َع َذ ٞ َ َ َ ۡ َ َّ َ ُ ُ ۡ
اب ُّم ۡس َتقِ ّر ٣٨فذوقوا َعذ ِاب الخسف ،و ُق ِل َبت عليهم األرض﴿ :ولقد صبحهم ب
ّ ّ َ َٗ َ ۡ َ ُ ُ (َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ٰ َ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َ ٓ َ َّ َ َ ((1
َ
يل
ِج ٖ ونذرِ﴾ ﴿ ،فلما جاء أمرنا جعلنا عل ِيها ساف ِلها وأمطرنا عليها حِجارة مِن س ِ
َ ُ
ّ َ َ ُۡ َۡ َۡ ٞ َ ۡ َ ٓ َّ ُ ۡ َ ُ َ ّ َ َ ۡ َ ٗ ّ ُ َ َ ۡ َ ُۡ ُۡ ُ َ َ َ
ون﴾. ون ٱلنِساءِ ۚ بل أنتم قوم تهل ٱلرجال شهوة مِن د ِ صون ٥٤أئِنكم لأتون ِ وأنتم تب ِ
َ ُْٓ ّ
ويتنكر لها﴿ :قالوا -استغراق المجتمع في الخبائث يجعله ينفر من القيم الفطريّة،
َ ُ ْ َ ۡ
ك َعن ٱل َعٰلم َ َ ُْٓ ََ َۡ َۡ َ َ َ ۡ ُ ُ ّ َ ۡ َ ُ ۡ َّ ُ ۡ ُ َ َ ُ َّ َ َ َ ٞ
ني﴾﴿ ،قالوا ِ ِ ه نن م ل و أ ا و الق ﴿ ، ﴾ ون أخ ِرجوهم مِن قريتِكمۖ إِنهم أناس يتطهر
يد﴾.
َ
ك لَ ۡعل ُم َما نُر َُ َ َ َ ۡ َ ّ َّ َ
ِإَون ق ح ِن
م ِك ت ان ب ف ات َما َلَ
لَ َق ۡد َعل ِۡم َ
ِ ٖ ِ
-االنصياع للشهوة المح ّرمة يص ّير اإلنسان عبداً لها ،ه ّمه البحث عن ُس ُبل إشباعها:
َ َ َٓ َُۡ َۡ َ َۡ َۡ ُ َ ون إ ِ َ ۡ
َ َ َُٓ َُۡ ُ َُۡ ُ َ
ون﴾. لهِ﴾﴿ ،وجاء أهل ٱلمدِينةِ يستب ِش ﴿وجاءهۥ قومهۥ يهرع
-االنصياع للشهوة المح ّرمة يطمس على القلب ،ويمنع العقل من التأثير ،فال يرجى
ُ َ َ َ ٰ َ ۡ َ ٰٓ ُ َ ٓ َ َ ُ َّ َ ۡ َ ُ َ ُ ۡ َ َّ ُ ْ َّ َ َ َ ُ ۡ
ون
ات هن أطهر لكمۖ فٱتقوا ٱلل ول تز ِ حق﴿ :قال يقو ِم هؤلءِ بن ِ معه استجابة لدعوة ّ
َّ َ َ َ ِيد ٧٨قَالُوا ْ لَ َق ۡد َعل ِۡم َ ُ ۡ َ ُ ٞ َّ ٞ َ ۡ ٓ ََ
ت َما لَا ِف َب َنات ِك م ِۡن َح ّ ٖق ِإَونك فۖ أل ۡي َس مِنكم رجل رش ِف ضي ِ
َ َّ ُ ْ َّ َ َ َ ُ ۡ ُ يد﴾﴿ ،قَ َال إ َّن َ ٰٓ ُ َ ٓ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ َلَ ۡعلَ ُم َما نُر ُ
ون ٦٩ ون ٦٨وٱتقوا ٱلل ول تز ِ هؤلءِ ضي ِف فل تفضح ِ ِ ِ
َ َ
َ َ ۡ ُ َ َّ ُ ۡ َ َ
ات إِن كنتم فعِل ِني ٧١لعمرك إِنهم ل ِف
ُ ُ ۡ َٰ َ َ ٓ
هؤلءِ بن ِ ٓ ُ قَال ُ ٓوا ْ أ َو ل َ ۡم َننهك عن ٱلعٰل ِمني ٧٠قال ٰٓ
َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ
ِ
َ َۡ ۡ ََُۡ َ
ون﴾. سكرت ِ ِهم يعمه
َ ُ ٓ ْ َّ
-معارضة السنن اإلله ّية الحاكمة في الخلق تستتبع الهالك واالستئصال﴿ :قالوا إِنا
َۡ َّ ُ ُ َ َ َ ٰٓ َ ۡ َ ُم ۡهل ُِك ٓوا ْ أَ ۡهل َهٰ ِذه ِ ۡٱل َق ۡر َيةِۖ إ َّن أَ ۡهلَ َها َكنُوا ْ َظٰلِم َ
ع أه ِل هٰ ِذه ِ ٱلق ۡر َيةِ رِ ۡج ٗزا زنلون
ِ م ا نِ إ ﴿ ، ﴾ ني ِ ِ ِ
ّ َ َّ َ ٓ َ َ ُ ْ َ ۡ ُ ُ َ
مِن ٱلسماءِ بِما كنوا يفسقون﴾.
السببي باألنبياء Rال يغني المرتبط عن عذاب الله تعالى إذا كان من ّ -االرتباط
َ
َ ۡ َ َ َ َ ُ َ
ت نُ ٖ ۡ َ َ
ٱم َرأ َ ْ َ
كف ُروا َۡ َ َّ ّ ٗ َ َ َ َّ ُ َ
ت ع ۡب َديۡ ِن وح َوٱم َرأت ل ٖ
وطۖ كنتا ت ٱلل َمثل ل ِلِين الكافرين﴿ :ضب
ار َم َع ٱد ُخ َل ٱنلَّ َ ۡ َ َ َ ٰ َ ۡ َ َ َ َ ُ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ َّ َ ۡ ٗ َ َ ۡ
يا وقِيل
ي فخانتاهما فلم يغن ِيا عنهما مِن ٱللِ ش ٔ مِن عِبادِنا صل ِح ِ
َّ
ٱلد ٰ ِخل َِني﴾.
َ ّ َّ ََ ۡ
ن ِن وأه ِل ب ِ -الله تعالى يستجيب دعوة عباده المخلصين ،وينصرهم وينجّ يهم﴿ :ر ِ
ينٱٓأۡلخر ََ
ا
َ
ن ر وزا ف ۡٱل َغٰب َ
ين ُ ١٧١ث َّم َد َّم ۡ ج ٗني ١٧٠إ َّل َع ُ
جع َ ون َ ١٦٩ف َن َّج ۡي َنٰ ُه َوأَ ۡهلَ ُه ٓۥ أَ ۡ َ
َّ َ ۡ َ ُ َ
مِما يعمل
ِ ِِ ِ ِ ِ
َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َّ َ ٗ َ َ ٓ َ َ َ ُ ۡ ُ َ
نذر َ
ين﴾. ١٧٢وأمطرنا علي ِهم مطراۖ فساء مطر ٱلم ِ
َ َ َ َّ َ َۡ
-العاقل من يقف عند مواضع العبرة والموعظة من قصص األمم الغابرة﴿ :ولقد تركنا
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 116
ُ َّ َّ َ ٓ ّ ٓ َ ۡ َ
نت مِن ذ ّرِ َّي ِت ك ُ -الله تعالى وحده هو الذي يتك ّفل برزق عباده وأمنهم﴿ :ربنا إ ِ ِن أس
اس َت ۡهو ٓ ف َِد ٗة ّم َِن ٱنلَّ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َّ َ َّ َ ُ ُ ْ َّ َ ٰ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َۡ
ي ِ ِ
ٔ ي ذِي َز ۡر ٍع عِند بيتِك ٱلمحر ِم ربنا ِلقِيموا ٱلصلوة فٱجعل أ بِوا ٍد غ ِ
يَٰ َ َّ َ ٓ َّ َ َ ۡ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ َ َ ۡ ۡ ُ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ُ ۡ ُ ّ َ َّ َ َ َ َّ
ف ت ل َعل ُه ۡم يَشك ُرون ٣٧ربنا إِنك تعلم ما ن ِف وما نعل ِنۗ وما إِل ِهم وٱرزقهم مِن ٱثلمر ٰ ِ
َّ َ ٓ ََ َۡ َ َ َّ
ۡرض ول ِف ٱلسماءِ﴾. شءٖ ِف ٱل ِ ٱللِ مِن َ ۡ ع
ّ
النبي إسحاقQ قصة ّ
هو إسحاق بن إبراهيم .Qورد ِذ ْكر قصّ ته في القرآن الكريم مقترناً ْ
بذكر قصّ ة
سن أبيه،Q أبيه ،Qمن والدته Qبعد أخيه إسماعيل ،Qعلى كبر ّ
وتبشير المالئكة أباه Qوأمّه سارة بوالدته ،وتعجّ بهما من ذلك.
وقد اجتباه الله تعالى فيمن اجتباهم من عباده ،وأتمّ نعمته عليهم ،وجعلهم
َُۡ على صراط مستقيمَ ﴿ :و َو َه ۡب َنا َ ُل ٓۥ إ ۡس َ
حٰ َق َو َي ۡع ُق َ ُ ًّ َ َ ۡ َ َ ُ ً َ َ ۡ َ
وب ك هدينا ۚ ونوحا هدينا مِن قبل ۖ ۚ ِ
ُ َّ ٓ َ ُ َ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ ٰ َ َ ُ
ون َ ٨٤وم ِۡن َءابَائ ِ ِه ۡم َوذ ّرِيٰت ِ ِه ۡم وس َوهٰ ُر ۚ َومِن ذ ّرِ َّيتِهِۦ داوۥد وسليمن وأيوب ويوسف وم
ّ َ َ َ َ َ َ ۡ
يم﴾(((َ ﴿ ،وكذٰل ِك يَ َتبِيك َر ُّبك َو ُي َعل ُِمك ٱج َتبَ ۡي َنٰ ُه ۡم َو َه َديۡ َنٰ ُه ۡم إ َ ٰل َ ُّ ۡ َ ۡ
ِإَوخ َوٰنِه ۡم َو ۡ
صر ٰ ٖط مستقِ ٖ ِ ِ ِ ۖ
َ ُ
ع أبَ َو ۡيك مِن ق ۡبل
َ ُ ُّ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ ٰٓ َ َ ۡ ُ َ َ َ ٓ َ َ َّ َ َ َ ٰٓ َ َ
ِيث ويتِم ن ِعمتهۥ عليك وع ءا ِل يعقوب كما أتمها مِن تَأۡو ۡ َ َ
يل ٱلحاد ِ ِ ِ
ْ َ ۡ ُ ۡ َ َ َٓ َۡ َ ۡ َ َ ََُۡ َ ُ ٞ َ َ َ َّ َ َّ َ َ ۡ َۡ َ
ٌ
إِبرٰهِيم ِإَوسحٰق ۚ إِن ربك عل ِيم حكِيم﴾(((﴿ ،وٱذكر عِبٰدنا إِبرٰهِيم ِإَوسحٰق ويعقوب أو ِ
ل
ِندنَا لَم َن ٱل ۡ ُم ۡص َط َف ۡ َ َّ
ِإَون ُه ۡم ع َ بال َِصة ذ ِۡك َرى َّ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٰ ُ َ ۡ َۡ َ ۡ َۡ
ي ِ ٱدلارِ ٤٦ ٖ ٱليدِي َوٱلبص ٰ ِر ٤٥إِنا أخلصنهم ِ
ُ ُ ّ َّ َ ۡ ُ ۡ َّ ٞ َ َ ٞ َ َ ٰ َ ۡ ۡ ۡ َ ۡ َ ((( َ َ َ ۡ َ َ َ
ٱلخيارِ﴾ ﴿ ،وبٰركنا عليهِ إِسحق ۚ ومِن ذرِيت ِ ِهما مسِن وظال ِم ِلف ِسهِۦ مبِني﴾ ،
(((
ٞ
حٰ َق ه فيمن هم من ذريّة النبي إبراهيم Qبمقام اإلمامةَ ﴿ :و َو َه ۡب َنا َ ُل ٓۥ إ ۡس َ
ِ ّ ّ خصّ وخصّ
َ َ َ ّ ٗ
َ
ل ِه ۡم ف ِۡعل ون بأ ۡمرنَا َوأ ۡو َح ۡي َنا ٓ إ ِ َ َۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ َّ ٗ َ ۡ ُ َ وب نَاف ِلَ ٗة ۖ َو ُك َج َع ۡل َنا َصٰل ِ َ َو َي ۡع ُق َ
حني ٧٢وجعلنٰهم أئِمة يهد ِ ِ ِ
ِين﴾((( ،وجعله في اآلخرة من الصالحين: ٱلز َك ٰوةِۖ َو َكنُوا ْ َلَا َعٰبد َ ٱلصلَ ٰوة ِ َ
ِإَويتا ٓ َء َّ ام َّ ٱل ۡي َرٰت ِإَوقَ َ َۡ
ِ ِ
َ َ َّ ۡ َ ٰ ُ ۡ َ ٰ َ َ ّٗ ّ َ َّ
ٱلصٰل ِ ِح َني﴾(((. ﴿وبشنه بِإِسحق نبِيا مِن
ُ ُ
ٱللِ َو َما ٓ أنز َل َعلَ ۡي َنا َو َما ٓ أنز َل َ َ ٰٓ
ع
ً ُ ۡ َ َ َّ َّ
وقد ص ّرح القرآن الكريم بكونه نب ّياً رسوال﴿ :قل ءامنا ب ِ
ِ ِ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٓ ۡ َ َ ٓ َ
ّ ُ ٓ ۡ َٰ َ ۡ َٰ َ
ي َۧن ِم ۢن َب ۡع ِدهۚ ِۦ
وح َوٱنلَّب ِ ِ ك ك َما أ ۡو َح ۡي َنا ن ٖ حٰ َق﴾(((﴿ ،إِنا أوحينا إِلَ ِإَوس َ
يل ۡ
إِبرهِيم ِإَوسمعِ
َّ َ َ َّ َ ُ َ ُ َ َ ُّ ُ ٗ ُّ َ ّ َ ٰ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ٰٓ ۡ َ ٰ َ ۡ َ ٰ َ
اس شين ومنذِرِين لِ ل يكون ل ِلن ِ وأوحينا إِل إِبرهِيم ِإَوسمعِيل ِإَوسحق ١٦٣رسل مب ِ ِ
َ َ َّ ُ َّ َ ۡ َ ُّ ُ َ َ َ َّ ُ َ ً َ ٗ ((( َ َ ۡ َ ُ َ ٓ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ ُ َ َ ّٗ ُ
ع ٱللِ حجُۢة بعد ٱلرس ِلۚ وكن ٱلل ع ِزيزا حكِيما﴾ ﴿ ،وهبنا لۥ إِسحق ويعقوبۖ وك
حٰ َق ان ص ۡدق َعل ِّٗيا﴾(((َ ﴿ ،و َو َه ۡب َنا ُ َل ٓۥ إ ۡس َ َ َ َ ۡ َ َ ُ ّ َّ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ ّٗ
ِ جعلنا نبِيا ٤٩ووهبنا لهم مِن رحتِنا وجعلنا لهم ل ِس ِ ٍ
ُ ْ َ ٰٓ َ َّ َ َ َ ۡ َ ٰ ُ ُ ۡ َ ٰ َ َ ۡ ُ ۡ
ك َم َوٱنلُّ ُب َّوةَ ۚ﴾((( ،وكونه على شريعة أبيه ّ
النبي ٨٤أولئِك ٱلِين ءاتينهم ٱلكِتب وٱل
ۡ َ ۢ َۡ ُ ُۡ ُ َ ََٓ ۡ َ َ َ َُۡ َ َۡ ُ َ َ َ َُُۡ َ
َ ۡ ۡ
إبراهيم﴿ :Qأم كنتم شهداء إِذ حض يعقوب ٱلموت إِذ قال لِ نِيهِ ما تعبدون ِمن بع ِديۖ
َ ُ ْ َ ۡ ُ ُ َٰ َ َ َٰ َ َ َ ٓ َ ۡ َٰ َ ۡ َ ٰ َ ۡ َ ٰ َ َٰ ٗ َ ٰ ٗ َ َ ۡ ُ َ ُ ُ ۡ ُ َ
ون﴾(((، هۧم ِإَوسم ِعيل ِإَوسحق إِلها وحِدا ونن لۥ مسل ِم قالوا نعبد إِلهك ِإَوله ءابائِك إِبر ِ
وكون النب ّوة والرسالة بعد أبيه إبراهيم Qفي ذ ّريّته إلى وقت مجيء الرسول الخاتم
َ َ َ ۡ َ َ ُ ٓ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ ُ َ ُ ًّ َ َ ۡ َ َ ُ ً َ
وحا ه َد ۡي َنا مِنوب ك هدينا ۚ ون من ذ ّريّة أخيه إسماعيل﴿ :Qووهبنا لۥ إِسحق ويعق ۚ
سننيَ نزي ٱل ۡ ُمحۡ َ ُ َ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ ٰ َ َ ٰ ُ َ َ َ َ ٰ َ َ ۡ َق ۡب ُل َومِن ُذ ّر َّ
ِ ِ ِ ِك لذ ك و ون
ۚ ر ه و وس م و ف وس ي و وب يأو ن م ي ل س و ۥد اود ِۦ هِ تي ِ ۖ
ك ٱل َ َّ ْ ٰٓ َ َ ُ َ
ٱج َتبَ ۡي َنٰ ُه ۡم َو َه َديۡ َنٰ ُه ۡم إ ٰل َ ُّ ۡ َ ِإَوخ َوٰنِه ۡم َو ۡ ُ
َ ۡ َ َ ۡ َ ّ َّ ٰ ۡ ۡ ٓ
ِين يم ...أولئ ِ صر ٰ ٖط مست ِق ٖ ِ ِ ِ ۖ ...ومِن ءابائ ِ ِهم وذرِيت ِ ِهم
َ َّ ْ ۡ َ َ ۡ َ ٰ ُ ُ ۡ َ ٰ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُّ ُ َّ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ٰٓ ُ َ ٓ َ َ َّ
هؤلءِ فق ۡد َوك َنا ب ِ َها ق ۡو ٗما ل ۡي ُسوا ب ِ َها ءاتينهم ٱلكِتب وٱلكم وٱنلبوة ۚ فإِن يكفر بِها
َّ ُ َ ُ َ ٰ ُ ُ ۡ َ ۡ ُ َّ ٓ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َ ۡ ً ۡ ُ َ َّ ُ ْ َ ٰٓ َ َّ َ َ َ
ِين ه َدى ٱللۖ فبِهدىهم ٱقتدِه ۗ قل ل أسٔلكم عليهِ أجراۖ إِن هو إِل ين ٨٩أولئِك ٱل كٰفِر َ
ِ بِ
ََ َ َ َ َّ ٗ ٗ ُ ٓ ُ َ ۡ
َ ٰ َ ٰ َ ((( َ َّ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ۡ
ي لك َومِن ذ ّرِ َّيت ِ َنا أ َّمة ُّم ۡسل َِمة لك َوأرِنا َم َناسِكنا ذِكرى ل ِلعل ِمني﴾ ﴿ ،ربنا وٱجعلنا مسل ِم ِ
َ َ َ ْ ُ ٗ ۡ
ِيم َ ١٢٨ر َّب َنا َو ۡٱب َعث فِي ِه ۡم َر ُسول ّم ِۡن ُه ۡم َي ۡتلوا َعل ۡي ِه ۡم َءايٰتِك ٱلرح ُ اب َّٱتل َّو ُ
نت َّ ك أَ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ٓ َّ َ
وتب علينا ۖ إِن
ۡ َ ۡ
َ ُ َ ّ ُ ُ ُ ۡ َ ٰ َ َ ۡ َ َ َ ُ َ ّ ۡ َّ َ
ِيم﴾(((. ٱلك ُ يز َ نت ۡٱل َعز ُكأ َ ويعل ِمهم ٱلكِتب وٱل ِكمة ويزك ِي ِهمۖ إِن
ِ
النبي إسحاقQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي إسحاق Qفي القرآن الكريم ،يمكن بعد التأمّل في ما ورد من ِذ ْكر قصّ ة ّ
استلهام مجموعة من الدروس والعبر والسنن ،منها:
َ ََ ۡ َ ُ ْ َ َّ ۡ َ َ
ٱل ّ ِق فل كل أمر﴿ :قالوا بشنٰك ب ِ -على اإلنسان أن ال يقنط من رحمة الله تعالى في ّ
ني م ِۡنجب َ َ ُْٓ ََ ۡ َ َّ ۡ َ َ ّ َّ َّ ُّ َ َ َ ََ ََُۡ َ َ ُ ّ َ َۡ
تكن مِن ٱلقٰن ِ ِطني ٥٥قال ومن يقنط مِن رحةِ ربِهِۦٓ إِل ٱلضٓالون﴾﴿ ،قالوا أتع ِ
َ ۡ َّ َ ۡ َ ُ َّ َ َ َ َ ٰ ُ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َّ ُ َ ٞ َّ ٞ
ميد﴾. ت إِنهۥ حِيد ِأمرِ ٱللِۖ رحت ٱللِ وبركتهۥ عليكم أهل ٱلي ِ ۚ
َ َّ
ٱل ۡم ُد ِلِ ٱلِي َوه َ َّ ۡ
-على اإلنسان أن يشكر الله تعالى دوماً على نعمه ومواهبهَ ﴿ :
ب
َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َّ َ ّ َ َ ُ ُّ ٓ
ٱدل َعءِ﴾. ِب إِسمٰعِيل ِإَوسحٰق ۚ إِن ر ِب لس ِميع
ِل ع ٱلك ِ
َ ٱع َ َ َ َّ ۡ َ
تل ُه ۡم َو َما -تأخر نزول النعم والمواهب اإلله ّية لحكمة ومصلحة واقع ّية﴿ :فلما ّ
حتناَ ك َج َع ۡل َنا نَب ّٗيا َ ٤٩و َو َه ۡب َنا ل َ ُهم ّمِن َّر ۡ َ َّ َ َ ۡ َ َ ُ ٓ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ ُ َ َ ُ ّٗ ُ َُُۡ َ
ِ ِ ون ٱللِ وهبنا لۥ إِسحق ويعقوبۖ و يعبدون مِن د ِ
َ ُ ْ َ َ ٰ َ َ َ ُّ َّ ُ ُ َ ۡ َ ُ ۡ ان ِ ۡ َ ّٗ َ َ َ َۡ َُ ۡ َ َ
ِيم ٱل َعل ُِيم﴾. ك إِنهۥ هو ٱلك صد ٍق عل ِيا﴾﴿ ،قالوا كذل ِِك قال رب ِ ۖ وجعلنا لهم ل ِس
َ َ َّ ۡ َ
شنٰ ُه السببي باألنبياء Rال يستلزم صالح الذ ّريّة بالضرورة﴿ :وب ّ -االرتباط
ُ ّ َّ َ ُ ۡ َ ٞ ع إ ۡس َ َ َ
ََ َ َ ۡ َ َ ۡ ۡ َ ٰ َ َ ّٗ ّ َ َّ
ِن َوظال ِٞم حٰ َق ۚ َومِن ذرِيت ِ ِهما مس حني ١١٢وب ٰ َركنا عليهِ و ٰٓ ِ
ٱلصٰل ِ َ
ِ بِإِسحق نبِيا مِن
ني﴾.ّ ِلَ ۡفسهِۦ ُمب ٞ
ِ ِ
ّ
النبي إسحاقQ ّ
النبي إسماعيل- Q ّ
النبي لوط- Q
121
األفكار الرئيسة
النبي لوط Qمسؤول ّيته التبليغ ّية؛ بنشر الدين الحنيف في أرض سدوم .1تح ّمل ّ
النبي إبراهيم ،Qوقد بالغ في نصح قومه ودعوتهم وجوارها ،وكان على شريعة ّ
لعبادة الله تعالى وطاعته وتقواه .وقد كان أهل سدوم وجوارها كافرين بالله تعالى،
مقيمين على ركوب الفاحشة في ما بينهم ،بإتيان الرجال واعتزال النساء ،قاطعين
النبي لوط Qبالتبليغ سبيل م َْن يرد إليهم بفاحشتهم .ول ّما ت ّمت الحجّ ة على قوم ّ
واإلنذار ،أرسل الله تعالى مالئكة رس ًال؛ إلحالل العذاب بهم واسئصالهم ،فأصابتهم
مطروا بحجارة من نار ،وأصابهم الخسف ،و ُق ِل َبت عليهم األرض. ُ
الصيحة ،وأ ِ
للنبي إبراهيم Qمن زوجته هاجر، النبي إسماعيل Qهو االبن األكبر ّ ّ .2
مكة ،التي كانت حينها منطقة ال زرع فيها حمله إبراهيم Qمع أمّه إلى ّ
وال ماء ،فتح ّمل مصاعب الحياة منذ طفولته .وكان با ّراً بوالديه ،وصابراً ومس ّلماً
المتحان الذبح ،ومشاركاً ألبيه Qفي رفع بناء البيت الحرام وتهيئته الستضافة
الحجّ اج.
للنبي إبراهيم Qبعد أخيه إسماعيل ،على كبر ّ
سن أبيه وأمّه سارة، .3ولد إسحاق ّ
وقد حكى القرآن الكريم تبشير المالئكة أباه Qوأمّه سارة بوالدته ،وتعجّ بهما
من ذلك.
ّ
فكر وأجب
مطالعة
المتوكل ،ح ّدثنا عبد الله بن جعفر الحميري،ّ عن ابن بابويه ،عن مح ّمد بن موسى بن
عن أحمد بن مح ّمد ،عن الحسن بن محبوب ،عن داوود بن كثير الرقي ،قال :قلت
ألبي عبد الله :Qأيّهما كان أكبر ،إسماعيل أم إسحاق؟ وأيّهما كان الذبيح؟ قال:
«كان إسماعيل أكبر بخمس سنين ،وكان الذبيح إسماعيل ،Qوكانت مكّة منزل
إسماعيل ،Qولمّا أراد إبراهيم أنْ يذبح إسماعيل أيّام الموسم بمنى ،قال الله
َ َْ َ ِ َ ّ َ ْ َُ َ َ ُ َ َ َّ َ َ َ َ َ ُ َّ ْ َ َ َ ُ َ ّ َ
انظ ْر َماذا تَ َرى﴾،ن إ ِ ِن أ َرى ِف المنام أ ِن أذبك فع قال يا ب َّ تعالى﴿ :فلما بلغ معه الس َ
ال َِني﴾ .فمن زعم أنّ إسحاق أكبر من إسماعيل، ح َق نَب ًّيا ّم َِن َّ
الص ِ شنَاهُ بإ ْس َ
ثمّ قالَ ﴿ :وب َ َّ ْ
ِ ِِ
وأنّه كان الذبيح ،فقد كذّب بما أنزل الله تعالى في القرآن من نبأهما صلوات الله
عليهما».
علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن وعن ابن بابويه ،عن أبيه ،ح ّدثنا ّ
هشام بن سالم ،عن أبي عبد الله ،Qقال« :كان إلبراهيم ابنان ،فكان أفضلهما ابن
»(((.
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
ويعقوب.Q
.3يستلهم الدروس وال ِع َبر والتعاليم اإلله ّية من قصص
النب َّيين شعيب Qويعقوب.Q
ّ
النبي شعيبQ قصة ّ
هو شعيب بن توبة بن مدين بن إبراهيم .Qوقيل :هو شعيب ،بن ميكيل (وهو
النبي لوط ،)Qبن يشحب ،بن مدين ،بن إبراهيم((( ،Qوهو من األنبياء ابن بنت ّ
َٰ
العرب((( .وقد ورد ِذ ْكره في القرآن الكريم في مواضع ع ّدة((( ،منها :قوله تعالىِ﴿ :إَول
ّ َ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ ُ َ ۡ ٗ َ َ َ ٰ َ ۡ ۡ ُ ُ ْ َّ َ َ َ ُ ّ ۡ َ ٰ َ ۡ ُ ُ َ ۡ َ ٓ َ ۡ ُ َ ّ َ ٞ
مدين أخاهم شعيبا ۚ قال يقو ِم ٱعبدوا ٱلل ما لكم مِن إِل ٍه غيه ۖۥ قد جاءتكم بيِنة مِن
َۡ ْ َّ ّ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ْ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ْ َّ َ َ ۡ ٓ ُ َ ُ ۡ
ۡرض َب ۡع َد اس أش َيا َءه ۡم َول تفس ُِدوا ِف ٱل ِ ربِكمۖ فأوفوا ٱلكيل وٱل ِمزيان ول تبخسوا ٱنل
َ َ َ ُ َۡ ُ ُ ْ ُّ َ ُ ُ ُّ ۡ َ َ ُ َ ۡ َّ ُ ۡ َ
ص َر ٰ ٖط توع ُِدون َوت ُص ُّدون ح َها ۚ ذٰل ِك ۡم خي ٞلك ۡم إِن كنتم مؤ ِمن ِني َ ٨٥ول تقعدوا بِك ِل ِ إِصل ٰ ِ
ُ ْ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ ٗ َ ۡ ُ ُ ٓ ْ ۡ ُ ُ ۡ َ ٗ َ َ َّ َ ُ َّ َ َ
ثك ۡمۖ َوٱنظ ُروا ك ۡيف يل ٱللِ َم ۡن َء َام َن بِهِۦ وتبغونها عِوجا ۚ وٱذكروا إِذ كنتم قل ِيل فك ِ عن س ب ِ
َ َ ٓ َ ْ ُ ۡ ُ ۡ َّ ٞ ُ َ َ َ ٓ َ ۡ ۡ ُ ٓ َّ ْ ُ َ َ ۡ ُ ّ ٞ َك َن َعٰقِ َب ُة ٱل ۡ ُم ۡف ِسد َ
ِين ِ ٨٦إَون كن طائِفة مِنكم ءامنوا بِٱلِي أرسِلت بِهِۦ وطائِفة لم يؤمِنوا
َ َ ۡ َ َ ُ َّ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ َ كم َ ٱلل بَ ۡي َن َنا َو ُه َو َخ ۡ ُ ۡ َك َم َّ ُ َ ۡ ُ ْ َ َّ ٰ َ ۡ ُ
بوا مِن ق ۡو ِمهِۦ ني ۞ ٨٧قال ٱلمل ٱلِين ٱستك ي ٱلحٰ ِ ِ ۚ فٱص ِبوا حت ي
كٰره َ َّ َ َ َ َ َ ۡ ُ َّ َ َ َ
َ ۡ َ َ ٓ ۡ َ َ ُ ُ َّ َّ
َ ُ ۡ َ َّ َ َ ُ َ ۡ ُ َ َ َ َ ُ ْ َ َ َ
ِني لخ ِرجنك يٰشعيب وٱلِين ءامنوا معك مِن قريتِنا أو لعودن ِف مِلتِنا ۚ قال أولو كنا َ ِ
ُ ُ َ ٓ َّ َ َّ ُ َ ۡ َ ۡ َ َّى ٰ َنا َّ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َّ َ
ٱلل مِن َها ۚ َو َما يَكون لَا أن ن ُعود ت ۡي َنا ع ٱللِ كذِبًا إِن ُع ۡدنا ِف مِلتِكم بعد إِذ ن ٨٨ق ِد ٱف
َ ۡ ۡ َّ
ٱللِ تَ َوك َنا ۚ َر َّب َنا ٱف َت ۡح بَ ۡي َن َنا َو َب ۡ َ َّ َ َ ۡ َ َّ ُ ٓ َ
ِيها ٓ إ َّلٓ أن ي َ َشا َء َّ ُ
ي ق ۡوم َِنا ش ٍء عِل ًما ۚ ع ٱلل َر ُّب َنا ۚ َوس َِع َر ُّب َنا ك ۡ ف ِ
َ
َّ ُ ُ َ َّ
ِين كف ُروا مِن ق ۡو ِمهِۦ لئ ِ ِن ٱت َب ۡع ُت ۡم ش َع ۡي ًبا إِنك ۡم
َ َ َ َ ۡ َ َ ُ َّ َ َ َ ْ
ني ٨٩وقال ٱلمل ٱل ي ۡٱل َفٰتح َ
ِ ِ نت َخ ۡ ُ ٱل ّق َوأَ َ ب َۡ
ِ ِ
َّ َ َ َّ ُ ْ ُ َ ۡ ٗ َ َ َّۡ َ َ َ ْ ُ ۡ َ َ ُ َ ۡ ۡ َ َ َ َ َ َ َّ ٗ
ٱلرجفة فأص َبحوا ِف دارِه ِۡم جٰث ِ ِمني ٩١ٱلِين كذبوا شعيبا كأن لم سون ٩٠فأخذت ُه ُم َّ إِذا لخٰ ِ ُ
الطبرسي ،تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن ،مصدر سابق ،ج ،4ص.303-302
ّ ((( انظر :الشيخ
((( انظر :الشيخ الصدوق ،الخصال ،مصدر سابق ،ص524؛ الشيخ المفيد ،االختصاص ،مصدر سابق ،ص.264
((( انظر :سورة األعراف ،اآليات 93-85؛ سورة هود ،اآليات 95-84؛ سورة الشعراء ،اآليات 189-176؛ سورة العنكبوت،
النبي شعيب.Q اآليتان .37-36وقد أوردنا هذه اآليات في آخر الكتاب ،آيات قصص األنبياء ّ ،R
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 126
َ َ َ َ ََ َ َۡ ُ َ َّ َ ِيها ۚ َّٱل َ
ِين َك َّذبُوا ْ ُش َع ۡي ٗبا َكنُوا ْ ُه ُم ۡٱل َخٰ ِس َ َي ۡغ َن ۡوا ْ ف َ
ين ٩٢ف َت َو ٰل ع ۡن ُه ۡم َوقال يٰق ۡو ِم لق ۡد أبۡلغ ُتك ۡم ِ
كٰفِر َ َ ٰ َٰ َ ّ َ َ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ٰ َ َٰ َ ۡ َ
ين﴾(((. ِ ت ر ِب ونصحت لكمۖ فكيف ءاس ع قو ٖم رِسل ِ
وبالتأمّل في هذه اآليات التي ورد فيها ِذ ْكر ّ
النبي شعيب ،Qيمكن استخالص
قصّ ته وفق التالي:
التبليغية
ّ النبي شعيبQ
ّ سيرة
َٰ َ ۡ َ َ َ َ ُ
اه ۡم ُش َع ۡي ٗبا ۚ﴾(((؛ أرسل الله تعالى نب ّيه شعيباً Qإلى قومه مدينِ﴿ :إَول مدين أخ
َ َّ َ َ ۡ َ ٰ ُ ۡ َ ۡ َ
كةِ ٱل ۡ ُم ۡر َسل َ
ِني ١٧٦إ ۡذ قَ َال ل َ ُه ۡم ُش َع ۡيبٌ
ِ ليوقيل :هم أصحاب األيكة أنفسهم﴿ :كذب أصحب ٔ
ّ َ َ َ َّ ُ َ
الملتف بعضه على بعض((( .وقيل: ون﴾((( ،واأليكة من األيك؛ وهو الشجر الكثيف أل تتق
ّإن الله تعالى أرسله إليهم بعد هالك أهل مدين ،وكانت مدين في أطراف الشام م ّما يلي
النبي شعيب قومَه الحجاز ،على مقربة من بحيرة قوم لوط((( ،Qويشهد َ بذلك تذكير ّ
َ
َ َ ٰ َ ۡ َ َ ۡ َ َّ ُ ۡ َ ٓ ُ َ ُ ّ ۡ ُ َ ٓ َ َ َ
اب ق ۡو َم اق أن ي ِصيبكم مِثل ما أص حل بقوم لوط﴿ :Qويقو ِم ل يرِمنكم شِق ِ بما ّ
ۡ ََۡ َٰ ََ َُۡ ُ ّ ُ َ ُ ٍ َۡ َ َ ُ
ِنكم ب ِ َبعِي ٖد﴾((( .وكان من أمر مدين ّأن الله وط موح أو ق ۡوم هو ٍد أو قوم صل ٖ ِۚح وما قوم ل ٖ ن
ُ ۡ ْ ُ ۡ
تعالى أنعم عليهم ،فك ّثرهم وزادهم عُ ّدة ،وبارك في خيرات أرضهمَ ﴿ :وٱذك ُر ٓوا إذ ك ُ
نت ۡم ِ
َ ٗ َ َ َّ ُ
قل ِيل فك َثك ۡمۖ﴾((( ،ولك ّنهم استغرقوا في هذه النعم ،ونسوا ِذ ْكر الله تعالى ،وجحدوا
َ ٰ َ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ ُ َ ۡ ٗ َ َ َ ٰ َ ۡ ِ ۡ ُ ُ ْ َّ َ َ َ ُ
أنعمه ،وعاثوا في األرض فساداًِ﴿ :إَول مدين أخاهم شعيبا ۚ قال يقوم ٱعبدوا ٱلل ما لكم
ك ۡم َع َذ َ ّ ۡ َٰ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ ُ ْ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ّ ٓ َ َ ٰ ُ َ ۡ ّ ٓ َ َ ُ َ َ ۡ ُ
اب ِإَون أخاف علي
ي ِمِن إِل ٍه غيه ۖۥ ول تنق َصوا ٱل ِمكيال وٱل ِمزيانۖ إ ِ ِن أرىكم ِب ٖ
َ َ َ ۡ َ ُ ْ َّ َ َ ۡ َ ٓ َ ُ ۡ َ َ ََ َۡ ُۡ ْ ۡ َۡ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ ُّ
ط ول تبخسوا ٱنلاس أشياءهم ول زيان بِٱلقِ ۡس ِ ۖ ِيط ٨٤ويٰقو ِم أوفوا ٱل ِمكيال وٱل ِم
يو ٖم م ٖ
ۡ َ َ ْ َۡ
سد َ
ِين﴾(((. ت ۡعث ۡوا ِف ٱل ِ
ۡرض ُمف ِ
النبي شعيب Qمسؤول ّية دعوة قومه إلى الله تعالى ،وكان على شريعة وقد تح ّمل ّ
ُ َّ
َٰ ُ ۡ َ ۡ ُ ٞ
ك ۡم إِن ك ُنتم ُّم ۡؤ ِمن َِني﴾(((، النبي إبراهيم ،Qفاجتهد في نصحهم﴿ :ذل ِكم خي ل ّ
َ َ ٓ ُ ُ َۡ َ َ ۠ َ ٓ
ُ ُّ ۡ َ َ َ َ َ ۡ ُ ُ َّ
َ َّ ُ َّ َ ۡ ۡ ُ ٞ
يظ﴾(((﴿ ،وما أرِيد أن ﴿بقِيت ٱللِ خي لكم إِن كنتم مؤ ِمن ِنيۚ وما أنا عليكم ِبفِ ٖ
َّ َ َ َّ
ت َو َما تَ ۡوف ِ ٓ ٱس َت َط ۡع ُ ُ َ َ ُ ۡ َٰ َ ٓ َ ۡ َ ٰ ُ
ك ۡم َع ۡن ُه إ ۡن أُر ُ
يد إ َّل ۡٱل ۡص َل ٰ َح َما ۡ
ِيق إِل بِٱللِۚ عل ۡيهِ ۚ ۚ ِ ِ ِ ِ أخال ِفكم إِل ما أنهى
ِيب﴾((( ،ودعاهم إلى عبادة الله تعالى خال ِقهم وح َده ،وطاعته ،ومالزمة ِإَولهِ أُن ُ
ت َۡ تَ َو َّكۡ ُ
َ َ َ َ َ ٰ َ ۡ ِ ۡ ُ ُ ْ َّ َ َ َ ُ
كم ّم ِۡن إِلٰ ٍه غ ۡ ُيهُ ۖۥ﴾(((، تقواه ،والحذر من يوم اآلخرة﴿ :قال يقوم ٱعبدوا ٱلل ما ل
((( َ َّ ُ ْ َ َ ((( َ َّ ُ ْ َ َ َ َ َ ۡ ۡ ُ ُ ْ َّ َ َ ۡ ْ ۡ
ون﴾ ﴿ ،وٱتقوا َ ُ
وأطِيع ِ ٱر ُجوا ٱلَ ۡو َم ٱٓأۡلخِر﴾ ﴿ ،فٱتقوا ﴿فقال يٰقو ِم ٱعبدوا ٱلل و
َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َّ َ ۡ َ َّ
ٱلبِلة ٱل َّول َِني﴾((( ،وح ّثهم على الرجوع إلى الله تعالى باالستغفار: ٱلِي خلقكم و ِ
ِيم َو ُدود ،(((﴾ٞوح ّذرهم من خطورة التع ّدي لهِ إ َّن َر ّب َرح ٞ َ ۡ َ ۡ ُ ْ َ َّ ُ ۡ ُ َّ ُ ُ ٓ ْ َ ۡ
﴿وٱستغفِروا ربكم ثم توبوا إ ِ ۚ ِ ِ
على الحقوق المال ّية للناس؛ لما له من أثر في اختالل التوازن االجتماعي ،وبالتالي اختالل
االجتماعي ،ونشوب االختالف والتنازع في ما بينهم ،واإلفساد في األرض ،وإحاطة ّ األمن
َ َ ۡ ُ ْ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ْ َّ َ َ ۡ َ ٓ َ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ُ ْ
العذاب بهم في اآلخرة﴿ :فأوفوا ٱلكيل وٱل ِمزيان ول تبخسوا ٱنلاس أشياءهم ول تفسِدوا
ۡ َ َ ُ ُ َ ۡ َ ۡ َ ٰ َ َ ٰ ُ ۡ َ ۡ ُ َّ ٞ
ك ۡم إن ُك ُ
نتم ُّم ۡؤ ِمن َ َۡ
ِني﴾(((َ ﴿ ،مد َي َن أخاه ۡم ش َع ۡي ٗبا ۚ ِ ل ي خ م ِك ل ذ ۚ اه ح
ِ ل ص ِ إ د ع ب ِ
ۡرضِف ٱل
َ َ َ ٰ َ ۡ ِ ۡ ُ ُ ْ َّ َ َ َ ُ ّ ۡ َ ٰ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ ُ ْ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ّ ٓ َ ُ
ن أ َرىٰكم قال يقوم ٱعبدوا ٱلل ما لكم مِن إِل ٍه غيه ۖۥ ول تنقصوا ٱل ِمكيال وٱل ِمزيانۖ إ ِ ِ
َ َ َ ۡ َُۡ ْ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ۡ ۡ ََ َ ۡ ّ ٓ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ ُّ
ط ول ِ ٰ
ِيط ٨٤ويقوم أوفوا ٱل ِمكيال وٱل ِمزيان بِٱلقِس ِ ِۖإَون أخاف عليكم عذاب يو ٖم م ٖ ي ِ ِب ٖ
َ (ْ ُ ُ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ْ ُ ۡ َ ((1 ُۡ َۡ َ ۡ َ ُ ْ َّ َ َ ۡ َ ٓ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ ْ
سدِين﴾ ﴿ ،أوفوا ٱلكيل ول تكونوا تبخسوا ٱنلاس أشياءهم ول تعثوا ِف ٱل ِ
ۡرض مف ِ
َ
َ َ َ ۡ َ ُ ْ َّ َ ۡ َ ٓ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ ْ ۡ
اس ٱل ُم ۡس َتقِي ِم ١٨٢ول تبخسوا ٱنلاس أشياءهم ول تعثوا
ُ ْ ۡ م َِن ٱل ۡ ُم ۡخ ِس َ
ين َ ١٨١وزِنوا بِٱلقِ ۡس َط ِ ِ
النبي شعيبQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي شعيب Qالواردة في القرآن الكريم ،يمكن استلهام بعد التأمّل في قصّ ة ّ
جملة من الدروس وال ِع َبر والسنن ،منها:
َ ُ َ َ
ِإَول َم ۡد َي َن أخاه ۡم -من السنن اإلله ّية في اإلرسال ،إرسال ال ُر ُسل Rمن أقوامهمٰ ﴿ :
َ َ
ُش َع ۡي ٗبا ۚ﴾﴿ ،قال َي ٰ َق ۡو ِم﴾.
-اإلتيان بالب ّينات والمعاجز على يد ال ُر ُسل اإلله ّيين Rمن السنن اإلله ّية الجارية
ّ نت َ َ ٰ
ع بَ ّي ِ َن ٖة ّمِن َّر ِب ك ۡمۖ﴾﴿ ،قَ َال َي ٰ َق ۡو ِم أَ َر َء ۡي ُت ۡم إن ُك ُ َ ٓ َ ۡ ُ َ ّ َ ُ ّ َّ ّ ٞ
ِ في اإلرسال﴿ :جاءتكم بيِنة مِن رب ِ
ً َ
َو َر َزق ِن م ِۡن ُه رِ ۡزقا َح َس ٗنا ۚ﴾.
-من السنن اإلله ّية في سيرة األنبياء وال ُر ُسل اإلله ّيين Rتكذي ُبهم من ِق َبل
ۡ َ َ َ ۡ َ َ ُ َّ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ
أقوامهم ،وال س ّيما أكابرهم﴿ :قال ٱلمل ٱلِين ٱستكبوا مِن قو ِمهِۦ﴾.
-من السنن اإلله ّية في سيرة األنبياء وال ُر ُسل اإلله ّيين Rتوجي ُه التهم الباطلة
َُٓٓ َ َ َ ُ ْ َ ُ َۡ ُ َ َ َ ُ َ ۡ
ت َك َما َي ۡع ُب ُد َءابَاؤنا أ ۡو أن ك تَأ ُم ُر َك أَن َّن ۡ ُ إليهم ،والسخريّة منهم﴿ :قالوا يٰشعيب أصل ٰوت
ين ١٨٥ نت م َِن ٱل ۡ ُم َس َّحر َ ِيد﴾﴿ ،قَال ُ ٓوا ْ إ َّن َما ٓ أَ َ ٱلرش ُ ٱلل ُ
ِيم َّ نت ۡ َ ك َلَ َ َّ ۡ َ َ ٓ َ ۡ َ ٰ َ َ َ َ ٰٓ ُ ۖ ْ َّ َ
نفعل ِف أمولِ ا ما نشؤا إِن
ِ ِ
َ ٰ َ ۡ َ َ َّ ُ ُّ َ َ َ َ ٓ َ َ َّ َ َ ُ ۡ ّ ٞ
وما أنت إِل بش مِثلنا ِإَون نظنك ل ِمن ٱلكذِبِني﴾.
مواجهة أقوامهم لهم ُ -من السنن اإلله ّية في سيرة األنبياء وال ُر ُسل اإلله ّيين R
َ َۡ ُ ُ ْ ُّ
ص َر ٰ ٖطبقسوة وش ّدة بالغة ،تنتهي بهم إلى ح ّد نفيهم أو قتلهمَ ﴿ :ول تقعدوا بِك ِل ِ
ون َها ع َِو ٗجا ۚ﴾﴿ ،قَ َال ٱل ۡ َم َلُ َّٱل َ
ِين
ََُۡ َ
يل ٱللِ َم ۡن َء َام َن بِهِۦ وتبغ
َّ ُ ُ َ َ َ ُ ُّ َ َ َ
توعِدون وتصدون عن سب ِ ِ
َ ۡ َ َ ٓ َ ۡ َ َ ُ ُ َّ َ ْ ب َو َّٱل َ ك َي ٰ ُش َع ۡي ُ َ ُ ۡ َ َّ َ َ ۡ َ َُۡ ْ
ِين َء َام ُنوا َم َعك مِن قريتِنا أو لعودن ِف بوا مِن ق ۡو ِمهِۦ لخرِجن ٱستك
َ
َ َٰ َ َ َ َ َۡ َ َ ٓ َ ۡ َ َ َ ۡ
َ ۡ َ ُ َ َ َّ َ
يز﴾. مِلتِنا ۚ﴾﴿ ،ولول رهطك لرجنك ۖ وما أنت علينا بِع ِز ٖ
ْ َ ُۡ
الس ّنة اإلله ّية؛ وهي اإلصالحَ ﴿ :ول تفس ُِدوا ِف -اإلفساد في األرض خالف مقتضى ُّ
ُ َ ۡ َ ۡ َ ٰ َ َ ٰ ُ ۡ َ ۡ ُ َّ ٞ َۡ
ك ۡم إِن ك ُنتم ُّم ۡؤ ِمن َِني﴾. حها ۚ ذل ِكم خي ل ٱل ِ
ۡرض بعد إِصل ِ
والنفسي
ّ واالجتماعي
ّ -االرتباط الوثيق والتأثير المتبادل بين األمن االقتصاديّ
َۡ َ َ ۡ ُ ْ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ْ َّ َ َ ۡ َ ٓ َ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ُ ْ
والروحي﴿ :فأوفوا ٱلكيل وٱل ِمزيان ول تبخسوا ٱنلاس أشياءهم ول تفسِدوا ِف ٱل ِ
ۡرض ّ
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 132
ََ َ ُ ُ ْ ۡ َۡ َ َ ۡ َ َ
انۖ إ ِ ِ ّ ٓ نتم ُّم ۡؤ ِمن َ ك ۡم إن ُك َُ ۡ َ ۡ َ ٰ َ َ ٰ ُ ۡ َ ۡ ُ َّ ٞ
ن ِني﴾﴿ ،ول تنقصوا ٱل ِمكيال وٱل ِمزي ِ حها ۚ ذل ِكم خي ل بعد إِصل ِ
َ ََٰ ۡ ِ ۡ ُ ْ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ ّ ٓ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ ُّ َ بََۡ ٰ ُ َ
زيان ِيط ٨٤ويقوم أوفوا ٱل ِمكيال وٱل ِم ٖ م م
ٖ و ي اب ذ ع م ك ي لع اف خ أ ِإَون
أرىكم ِ ٖ ِ
ي
ٱللِ َخ ۡيٞ َ َّ ُ َّ ۡ َ ۡ ْ َ َ َ َ
َّ َ ۡ ٓ ُ ْ َ َ َ ۡ
ِين ٨٥بقِيت سد َ اس أش َيا َءه ۡم َول ت ۡعث ۡوا ِف ٱل ِ
ۡرض ُمف ِ ط َول ت ۡبخ ُسوا ٱنل بِٱلقِ ۡس ِ ۖ
َ ُ ُ ُّ ۡ َ َ َ ٓ َ َ ۠ َ َ ۡ ُ َّ ُ ۡ
يظ﴾. لكم إِن كنتم مؤ ِمن ِنيۚ وما أنا عليكم ِبفِ ٖ
ۡ ُ ْ ۡ
-تذكر المواهب اإلله ّية يقتضي الرجوع إلى الله تعالى ،ولزوم طاعتهَ ﴿ :وٱذك ُر ٓوا إِذ ّ
َ ٗ َ َ َّ ُ ُ
ك ُنت ۡم قل ِيل فك َثك ۡمۖ﴾.
ُ ُ َ ۡ ۡ ْ
ٱس َتغفِ ُروا َر َّبك ۡم ث َّم -االستغفار سبيل الرجوع إلى الله تعالى والشمول برحمته﴿ :و
لهِ إ َّن َر ّب َرح ٞ
ِيم َو ُدود.﴾ٞ ِ ۚ وب ٓوا ْ إ ِ َ ۡ
تُ ُ
ِ
والرجوع إلى جادّة الصواب:
ِ -معاندة ّ
الحق وجحوده تسلب اإلنسان فرصة الهداية،
اس َ َ ٰ َ َ َ َّ ٰ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ٰ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ٰ َ ٰ َ ّ َ َ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ َ
ك ۡي َف َء َ ٰ
ع ت ر ِب ونصحت لكمۖ ف ﴿فتول عنهم وقال يقو ِم لقد أبلغتكم رِسل ِ
َ َ
كٰفِر َ
ين﴾. ِ ق ۡو ٖم
-التقليد األعمى يطمس على القلب ،ويمنع العقل من التأثير؛ فيص ّيره جاه ًال سفيهاً:
َ ُ َ َ ُ ْ
﴿قالوا َي ٰ ُش َع ۡي ُب َما َن ۡف َق ُه كث ِ ٗريا ّم َِّما َت ُقول ِإَونَّا ل َ َنى ٰ َك ف َِينا َض ِع ٗيفاۖ﴾.
َ َ َ َ ُ
-على الداعي أن يصدر في دعوته عن إيمان راسخ وق ّوة موقف ﴿ :قال أ َول ۡو ك َّنا
نى ٰ َنا َّ َُّ ُ َ ۡ َ ۡ َ َّ َ ۡ َ َ َّ َ َ ۡ
ٱف َ َ َ
ٱلل م ِۡن َها ۚ َو َما ت ۡي َنا ع ٱللِ كذِبًا إِن ُع ۡدنا ِف مِلتِكم بعد إِذ ِني ٨٨ق ِد كٰره َ
ِ
ٱللِ تَ َو َّكۡ َنا ۚ َر َّبناَ ۡ ً َ َ َّ ۡ َ ُ ُ َ َ ٓ َ َّ ُ َ َ ٓ َّ ٓ َ َ َ ٓ َ َّ ُ َ ُّ َ َ َ َ ُّ َ ُ َّ َ
يكون لا أن نعود فِيها إِل أن يشاء ٱلل ربنا ۚ وسِع ربنا ك ش ٍء عِلما ۚ ع
ُ َ َ َ َ َ َ َ ۡ ي ۡٱل َفٰتح َ نت َخ ۡ َۡ ۡ َََۡ َََۡ َۡ َ ۡ ّ ََ
ني﴾﴿ ،قال يٰق ۡو ِم أ َره ِط ٓي أ َع ُّز َعل ۡيكم ّم َِن ِ ِ ُ َ ٱفتح بيننا وبي قومِنا ب َ
ٱل ِق وأ ِ
ُۡ َ َٰ َ ۡ ِ ۡ َ ُ ْ َ َٰ َ َ َ ٞ َّ َ َّ َ ۡ ُ ُ ُ َ َ ٓ َ ُ ۡ ۡ ًّ َّ َ ّ َ َ ۡ َ ُ َ ُ
ٱللِ وٱتذتموه وراءكم ظِه ِرياۖ إِن ر ِب بِما تعملون مِيط ٩٢ويقوم ٱعملوا ع مكنتِكم
ُ َ َ ۡ ُ َ َٰ ّ ْ َ ۡ َ ٞ َ َ ُۡ ٞ ۡ َ َ َ َ ّ َ ٞ
ٱرتقِ ُب ٓوا إ ِ ِن َم َعك ۡم اب ي ِزيهِ ومن هو كذِبۖ و إ ِ ِن ع ٰ ِمل ۖ َس ۡوف ت ۡعل ُمون َمن يَأتِيهِ عذ
ِيب﴾.َرق ٞ
َ ََٓ ََُۡ ُ
سلك ۡم َعل ۡيهِ م ِۡن أن ينطلق في دعوته من إخالص لله تعالى﴿ :وما أ ٔ -على الداعي ْ
َ َ
ۡ َ
ع َر ّ ِب ٱل َعٰل ِم َني﴾.أ ۡجرۖ إ ِ ۡن أ ۡجر َي إ ِ َّل َ َ ٰ
ِ ٍ
ن ۡيناَ يهمَّ َ َ ُ ۡ َ َ ٓ َ َّ َ َ ﴿ :
ولما جاء أمرنا -الله تعالى يدافع عن عباده المخلصين ،وينصرهم وينجّ
ّ
النبي يعقوبQ ّ
النبي شعيب-Q
133
َ َّ َ َ َ ُ ْ َّ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ ُ ْ ُ َ ۡ ٗ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ َ ۡ َ ّ َّ َ َ َ َ
حوا ِف دِي ٰ ِره ِۡم ت ٱلِين ظلموا ٱلصيحة فأصب شعيبا وٱلِين ءامنوا معهۥ بِرح ٖة مِنا وأخ ِ
ذ
ْ ٓ َ َ َّ
َجٰث ِ ِم َني ٩٤كأن ل ۡم َي ۡغ َن ۡوا ف َِيها ۗ﴾.
ُ ْ َ َ َ َ
-على اإلنسان أخذ العبرة والموعظة من أحوال األمم الغابرةَ ﴿ :وٱنظ ُروا ك ۡيف كن
وح أَوۡ َ َ ٰ َ ۡ ِ َ َ ۡ َ َّ ُ ۡ َ ٓ َ ُ َ ُ ّ ۡ ُ َ ٓ َ َ َ َ ۡ َ ُ
اق أن ي ِصيبكم مِثل ما أصاب قوم ن ٍ َعٰقِ َب ُة ٱل ۡ ُم ۡف ِ َ
سدِين﴾﴿ ،ويقوم ل ي ِرمنكم شِق ِ
ََۡ ُ َۡ ََۡ َ ٰ َ َ َُۡ ُ ّ ُ
ِنكم ب ِ َب ِعي ٖد﴾. وط مقوم هو ٍد أو قوم صل ٖ ِۚح وما قوم ل ٖ
ّ
النبي يعقوبQ قصة ّ
ّ َ َ َ َ َ َۡ َ
هو يعقوب ،بن إسحاق ،بن إبراهيم َ ﴿ :Rوكذٰل ِك ي َتبِيك َر ُّبك َو ُي َعل ُِمك مِن
َُۡ َ ُ ُّ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ ٰٓ َ َ ۡ ُ َ َ َ ٓ َ َ َّ َ َ َ ٰٓ َ َ َ ۡ َ َ َۡ َۡ
ِيث ويتِم ن ِعمتهۥ عليك وع ءا ِل يعقوب كما أتمها ع أبويك مِن قبل يل ٱلحاد ِ تأوِ ِ
ِيم َحك ٞ َ َّ
حٰ َق إن َر َّبك َعل ٌ َۡ َ ۡ َ
ُنسب ِيم﴾((( .ومن أسمائه -أيضاً -إسرائيل ،وإليه ي َ إِبرٰهِيم ِإَوس ۚ ِ
ِيل َ َ ٰ ُ ُّ َّ َ َ َ ّٗ ّ َ ٓ ۡ َ ٰٓ َ َّ َ َ َّ َ ۡ َ ٰٓ ُ
ع ام كن حِل ِل ِن إِسرءِيل إِل ما حرم إِسرء جميع أنبياء بني إسرائيل﴿ :ك ٱلطع ِ
ۡ ُ ّ َّ َ َ
اد َم َوم َِّم ۡن َ َ ّ َ ((( ُ ْ َ ٰٓ َ َّ َ َ ۡ َۡ
حل َنا َم َع ي َۧن مِن ذرِيةِ ء َعل ۡي ِهم ّم َِن ٱنلَّب ِ ِ ين أن َع َم ٱل سهِۦ﴾ ﴿ ،أولئِك ِ نف ِ
ت َّ
ٱلرِنَٰمۡح ل َعلَ ۡيه ۡم َء َاي ٰ ُ ٓ َ
ٱج َتبَ ۡي َنا ۚ إِذا ُت ۡت َ ٰ ُ ّ َّ ۡ َ ٰ َ ۡ َ ٰٓ َ
ِيل َوم َِّم ۡن َه َد ۡي َنا َو ۡ وح َومِن ذرِيةِ إِبرهِيم ِإَوسرء ن ٖ
ُ
ِ
ك ّٗيا﴾ .ورد ذ ْكره في القرآن الكريم في مواضع ع ّدة ،منها ما يرتبط بقصّ ة ِ َو ُب ِ
ابنه يوسف ،Qوسوف نؤجّ ل البحث فيها إلى موضعه هناك ،عندما نتناول قصّ ة
َ َ ٰ َّ ٓ
ص ب ِ َها إِبۡ َر ٰ ِ
ه ُۧم النبي يوسف ،Qوأمّا المواضع األخرى((( ،فمنها :قوله تعالى﴿ :وو
ّ
نتمۡ ون ١٣٢أَ ۡم ُك ُ َ َ َ ۡ ُ ُ َ ٰ َ َّ َّ َّ َ ۡ َ َ ٰ َ ُ ُ ّ َ َ َ َ ُ ُ َّ َّ َ َ ُ ُّ ۡ ُ َ
بنِيهِ ويعقوب يب ِن إِن ٱلل ٱصطف لكم ٱدلِين فل تموتن إِل وأنتم مسل ِم
َ ُ ْ َ ۡ ُ ُ َ ٰ َ َ ٰ ََ َ َ ُ َ ََٓ ۡ َ َ َ َ ُۡ َ َۡ ۡ ُ ۡ َ َ
ت إِذ قال لِ َنِيهِ َما ت ۡع ُب ُدون ِم ۢن َب ۡع ِديۖ قالوا نعبد إِلهك ِإَوله شهداء إِذ حض يعقوب ٱلمو
َّ ُ ُ ْ َ َ ۡ َ ٗ َ َ َ ٓ َ ۡ َٰ َ ۡ َٰ َ
حٰ َق إِل ٰ ٗها َوٰحِدا َون ُن ُلۥ ُم ۡسل ُِمون ...١٣٣قول ٓوا َء َام َّنا بِٱللِ ِإَوس َ
يل ۡ
هۧم ِإَوسمعِ ءابائِك إِبر ِ
ُ َ ۡ َ ُ ُ
وت ُم َ ٰ
وس
ٓ
اط َو َما أ َ ِ ب حٰ َق َو َي ۡع ُق َ
وب َوٱل ۡس َ ِإَوس َ
يل ۡ ٰٓ ۡ َ ٰ َ ۡ َ ٰ َ
ع
ِ م ِإَوس ۧم
ه ِ ر بِ إ ل ِ إ ل
َ
نز أ
ٓ
ا م َو َما ٓ أنز َل إ ِ َ ۡ
ل َنا َو َ
ِ ِ ِ
َ َ
َّ ّ ۡ ُ َ ّ ُ َ ۡ َ َ ّ ۡ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ ُ ۡ ُ َ َ َ َ ُٓ
ون﴾(((. وت ٱنلَّب ِ ُّيون مِن رب ِ ِهم ل نف ِرق بي أح ٖد مِنهم ونن لۥ مسل ِم ِيس َو َما أ َ
َوع َ ٰ
ِ
ّ ٓ َ ُ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ َ َ ٓ َ
ك ك َما أ ۡو َح ۡي َنا إ ِ ٰل ن ٖ
وح َوٱنلَّب ِ ِ
ي َۧن النبي يعقوب Qنب ّياً مرس ًال﴿ :إِنا أوحينا إ ِ ۡ
ل كان ّ
ِيس َو َأيُّ َ اط َوع َ ٰ
ۡ َ َ ََُۡ َ َۡ
وب َوٱل ۡس َب ِ ِإَوس َمٰعِيل ِإَوسحٰق ويعق
َ ِيم ۡ ل إبۡ َرٰه َ ََۡ َ َۡٓ َ َۡ
وب ِم ۢن بع ِدهۚ ِۦ وأوحينا إ ِ ٰٓ ِ
ُ َ
ين لِ َل يَكون
َ َّ
ين َو ُمنذ ِِر ورا ُّ ١٦٣ر ُس ٗل ُّمبَ ّ ِش َ ۥد َز ُب ٗ َ ُ ُ َ َ َُٰ َ َ ُ َۡ َٰ َ َ َ ََۡ َ ُ َ
ويونس وهرون وسليمنۚ وءاتينا داو
ِ
ٱلر ُسل َو َكن َّ ُ
َ َ َ َّ
النبي ٱلل َع ِز ًيزا َحك ِٗيما﴾((( ،على شريعة ج ّده ّ ِۚ
ٱللِ ُح َّجُۢة َب ۡع َد ُّ اس ع ل َِّلن ِ
َ َ َۡ ُ ُۡ ُ َ ََٓ ۡ َ َ َ َ ُۡ َ َۡ ۡ ُ ۡ َ َ
ت إِذ قال لِ َنِيهِ َما ت ۡع ُب ُدون ِم ۢن إبراهيم﴿ :Qأم كنتم شهداء إِذ حض يعقوب ٱلمو
ۡ َ َ َ ٰ ٗ َ ٗ َ َ ۡ ُ َُ َ ٓ َ َ َ َ َ ُ ْ َ
ِإَوس َمٰعِيل ِإَوسحٰق إِلها وٰحِدا ونن لۥ ه َۧم ۡ َب ۡع ِديۖ قالوا ن ۡع ُب ُد إِل ٰ َهك ِإَول ٰ َه َءابَائِك إِبۡ َر ٰ ِ
ُ ۡ ُ َ
ون﴾((( ،وقد اجتباه الله تعالى ،واصطفاه وأخلصه لنفسه ،وهداه إلى صراط مسل ِم
َ َ ُ ُ َ َ ََۡ َُ ً َ ًّ ُ ُ
َ َ ََۡ ُٓ ۡ َ َ ََۡ َ َ
وحا ه َد ۡي َنا مِن ق ۡبل ۖ َومِن ذ ّرِ َّيتِهِۦ د ُاوۥد وب ك هدينا ۚ ون مستقيم﴿ :ووهبنا لۥ إِسحٰق ويعق ۚ
ُ َّ ٓ سن َ ۡ ۡ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ ٰ َ َ ٰ ُ َ َ َ َ َ ۡ
ني َ ...وم ِۡن َءابَائ ِ ِه ۡم َوذ ّرِيٰت ِ ِه ۡم ون َوكذٰل ِك ن ِزي ٱل ُمح ِ ِ وسليمن وأيوب ويوسف وموس وهر ۚ
َۡ َ َ َ
َّ ٓ ۡ ٱج َتبَ ۡي َنٰ ُه ۡم َو َه َديۡ َنٰ ُه ۡم إ َ ٰل َ ُّ ۡ َ ۡ
ِإَوخ َوٰنِه ۡم َو ۡ
يم﴾(((﴿ ،إِنا أخل ۡص َنٰ ُهم بِال َِصةٖ ذِكرى صر ٰ ٖط مستقِ ٖ ِ ِ ِ ۖ
َ َّ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َّ
النبي ٱدلارِ ِ ٤٦إَونهم عِندنا ل ِمن ٱلمصطفي ٱلخيارِ﴾ ،واختصّ ه فيمن اختصّ هم من ذ ّريّة ّ (((
ۡ ُ َ ُ ْ َ ٰٓ َ َّ َ َ َ ۡ َ ٰ ُ ُ ۡ َ ٰ َ َ ۡ ُ ۡ
ٱلك َم َوٱنلُّ ُب َّوةَ ۚ فإِن يَكف ۡر إبراهيم Qباإلمامة﴿ :أولئِك ٱلِين ءاتينهم ٱلكِتب و
َ َ ٰٓ ُ َ ٓ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ َ َ ۡ ٗ َّ ۡ ُ ْ َ َ ٰ َ ((( َ َ َ ۡ َ ُ َ ٓ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ ٗ
وب ناف ِلة ۖ بِها هؤلءِ فقد وكنا بِها قوما ليسوا بِها بِكفِ ِرين﴾ ﴿ ،ووهبنا لۥ إِسحق ويعق
له ۡم ف ِۡع َل ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َّ ٗ َ ۡ ُ َ َ َ ُ ّٗ
ٱل ۡي َرٰت ِإَوقَ َ
ام ِ ون بأ ۡمرنَا َوأ ۡو َح ۡي َنا ٓ إ ِ َ ۡ د ه ي ة م ئ أ م هٰ ن ل ع ج و ٧٢ ك َج َع ۡل َنا َصٰلِح َ
ني ِ و
ِ ِ ِ ِ
ۡ َّ َّ َ ْ َ
ٱلزك ٰوةِۖ َوكنُوا لَا َعٰبد َ َ ٓ َ
ٱلصل ٰوة ِ َ َّ
كد ِن ّياًِ﴿ :إَون ُهۥ عِل ٖم ل ِما ِين﴾((( ،وأفاض عليه علماً ُ ِ
ِإَويتا َء َّ
َ ََُۡ َ كَََ َّ ۡ َ ٰ ُ َ َ ٰ َّ َ ۡ
ون﴾((( ،وحكى القرآن الكريم عنه Qحرصه اس ل يعلم ث ٱنلَّ ِ كن أ علمنه ول ِ
َ َ َّ ٰ َ ٓ ۡ َ ٰ ُ َ َ َ ۡ ُ ُ َ ٰ َ َّ َّ
ن إِن هۧم بنِيهِ ويعقوب يب ِ على الدعوة إلى الدين الحنيف وااللتزام به﴿ :ووص بِها إِبر ِ
األفكار الرئيسة
.1أرسل الله تعالى نب ّيه شعيباً Qإلى قومه مدين .وكانت مدين في أطراف
النبي لوط .Qوقد تح ّمل الشام م ّما يلي الحجاز ،على مقربة من بحيرة قوم ّ
النبي
النبي شعيب Qمسؤول ّية دعوة قومه إلى الله تعالى ،وكان على شريعة ّ ّ
إبراهيم ،فاجتهد في نصحهم .وبعد أن ت ّمت الحجّ ة عليهم بالتبليغ وال ُن ُذر ،أتاهم
العذاب الذي كانوا يوعدون ،حيث جمع الله تعالى لهم ألوان العذاب؛ فزلزل
أرضهم ،وأرسل عليهم صيحة أرجفتهم ،وريحاً فيها نار ظ ّللت ديارهم وأحاطت
بهم ،فخروّا على وجوههم صرعى ،فأصبحوا ج ّثة هامدة.
.2هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل ،Qومن أسمائه -أيضاً -إسرائيل،
ُنسب جميع أنبياء بني إسرائيل .بعثه الله تعالى بالرسالة إلى قومه؛ أهل وإليه ي َ
كنعان ،وكان على شريعة ج ّده إبراهيم.Q
ّ
فكر وأجب
للنبي شعيب ،Qوعن الدروس وال ِع َبر المستفادة .1تك ّلم عن السيرة التبليغ ّية ّ
منها.
حل بهم؟ النبي شعيبQ؟ وما العذاب الذي ّ .2ما معصية قوم ّ
.3ب ّين ثناء الله تعالى على نب ّيه يعقوب ،Qوب ّين ما اختصّ ه به.
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 138
مطالعة
الطوسي ،عن الشيخ ّ الحسيني ،عن الشيخ أبي جعفر ّ أخبرنا السيد ذو الفقار بن معبد
المتوكل ،قال:ّ الشيخ المفيد ،عن أبي جعفر بن بابويه ،ح ّدثنا مح ّمد بن موسى بن
البرقي ،عن الحسن بن ّ علي بن الحسين السعد آبادي ،عن أحمد بن أبي عبد الله ح ّدثنا ّ
علي بن الحسين صلوات الله عليه ،قال: اإلسكافي ،عن ّ
ّ محبوب ،عن هشام ،عن سعد
«إنّ أوّل مَنْ عمل المكيال والميزان شعيب النبيّ ،Qعمله بيده ،فكانوا يكيلون
َ
ويوفون ،ثمّ إنّهم بعد أن طفّفوا في المكيال ،وبخسوا في الميزان﴿ ،فَأ َخ َذ ۡت ُه ُم َّ
ٱلر ۡج َف ُة﴾،
ْ ََ
فعُ ذِّبوا بها﴿ ،فأ ۡص َب ُحوا ِف َدارِه ِۡم َجٰث ِ ِم َني﴾».
وعن ابن بابويه ،عن أبيه ،عن سعد بن عبد الله ،عن أحمد بن مح ّمد ،عن الحسن بن
علي ،عن حنان بن سدير ،عن أبيه ،قال :قلت ألبي جعفر صلوات الله عليه :أخبرني عن ّ
ُ ُ َ ََ ْ َ ْ ۡ
ن ٱذ َه ُبوا ف َت َح َّس ُسوا مِن يوسف وأخِيهِ﴾ ،أكان عالماً َ
﴿ي ٰ َب َّ
ِ يعقوب Qحين قال ل ِو ْلده:
حي؟ قال :نعم .قلت :فكيف ذلك؟ قالْ :أن هبط عليه ملك الموت. بأ ّنه ّ
المتوكل ،ح ّدثنا عبد الله بن جعفر ّ وعن ابن بابويه ،ح ّدثنا مح ّمد بن موسى بن
الحميريّ ،عن أحمد بن مح ّمد ،عن الحسن بن محبوب ،عن عال ،عن مح ّمد بن مسلم،
قال :قلت ألبي جعفر :Qأخبرني عن يعقوب ،Qكم عاش مع يوسف بمصر
بعدما جمع الله ليعقوب شمله ،وأراه تأويل رؤيا يوسف الصادقة؟ قال :عاش حولين.
فمن كان الحجّ ة في األرض ،يعقوب أم يوسف؟ قال :كان يعقوب الحجّ ة ،وكان قلتْ :
الملك ليوسف ،فل ّما مات يعقوب ،Qحمله يوسف في تابوت إلى أرض الشام،
فدفنه في بيت المقدس ،وكان يوسف بعد يعقوب الحجّ ة ،قلت :فكان يوسف رسوالً
ۡ َ َََ ۡ َ َٓ ُ
وس ُف مِن ق ۡب ُل بِٱلَ ّي ِ َنٰ ِت﴾(((. ك ۡم يُ ُ نب ّياً؟ قال :نعم ،أما تسمع قول الله تعالى﴿ :ولقد جاء
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
((( انظر :سورة األنعام ،اآليات 89 ،87 ،84؛ سورة يوسف ،اآليات 102-4؛ سورة غافر ،اآلية .34وقد أوردنا هذه
والنبي يوسف.Q ّ النبي يعقوبQ اآليات في آخر الكتاب ،آيات قصص األنبياء ّ ،R
((( سورة يوسف ،اآليات .7-4
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 142
يرسل أخاهم يوسف Qمعهم غداً إلى الرعي للتنزّه واللعب ،على أن يحفظوه من
َٗ َ ۡ َّ َ ُ َ َ ٰ ُ َ َ ُ ْ َ ٰٓ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َّ َ َ ٰ ُ ُ َ
حون ١١أ ۡرسِل ُه َم َع َنا غدا وسف ِإَونا لۥ لن ِص كل سوء﴿ :قالوا يأبانا مالك ل تأَ۬منا ع ي ّ
ون﴾(((ّ ، َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َّ َ ُ َ َ ٰ ُ َ
ولكن أباهم يعقوب Qلم يستجب لطلبهم، يرتع ويلعب ِإَونا لۥ لحفِظ
َ َ ّ ََ ۡ ُُ ٓ َ َ ۡ َ ُ ْ
معتذراً بخوفه على يوسف Qمن الذئب أن يأكله﴿ :قال إ ِ ِن لحزن ِن أن تذهبوا بِهِۦ
ََ َ ُ َ َۡ ُ َ ُ ّ ۡ ُ ََ ُ ۡ َ ۡ ُ َٰ ُ َ
ون﴾((( ،فألحّ وا عليه كثيراً في طلبهم ،وتعهّدوا وأخاف أن يأكله ٱذلِئب وأنتم عنه غفِل
َ ُ ْ َ ۡ َ َ َ ُ ّ ۡ ُ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ٌ َّ ٗ َ ٰ ُ َ
َّ ٓ َ
ون﴾((( ،فأجازهم بحفظه وصيانته﴿ :قالوا لئِن أكله ٱذلِئب ونن عصبة إِنا إِذا لخ ِس
في ذلك ،فأخذوه وذهبوا به إلى مراتع أغنامهم ،وع ّنفوه وضربوه بقسوة ،ثمّ نزعوا منه
ٱل ّ ۡ َ ي َعلُوهُ ف َغ َ ََ ۡ َ ُ ْٓ َ َۡ ََ َ َ ْ
ب﴾((( .وقد ِۚ ُ تِ ب ٰ ي ِ الجب﴿ :فل َّما ذه ُبوا بِهِۦ وأجعوا أن
قميصه ،وألقوه في ّ
الجب ،وأخبره بما سيجري عليه، أوحى الله تعالى إلى نب ّيه يوسف ،Qوهو في ّ
وما سيؤول إليه أمره في مستقبل األيّام ،إ ْذ أرادوا إنساء ذكره ومحوه ،والله تعالى يريد
َ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ ُ َ ّ َ َّ ُ َ ۡ ۡ َ ٰ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ
إعالءه وإعزازه﴿ :وأوحينا إِلهِ لنبِئنهم بِأم ِرهِم هذا وهم ل يشعرون﴾ .ثمّ رجعوا إلى
(((
أبيهم؛ ليستكملوا فصول المؤامرة ،فجاءوه في حالة بكاء وعويل ،ومعهم قميص أخيهم
لطخوه بدم مزيّف ،وأخبروه بأ ّنهم تركوا أخاهم عند متاعهم؛ فأكله يوسف ،Qوقد ّ
ُ َ َ ٓ ٓ َ ُ
الذئب ،وهم لم يشعروا بذلك ّإل بعد فوات األوانَ ﴿ :و َجا ُء ٓو أبَاه ۡم عِشا ٗء َي ۡبكون ١٦
ب َو َما ٓ أَ َ
نت ب ُم ۡؤمِن َّلاَ َ َ َٰ َ ََ َ َ ُ ّ
ٱذلِئۡ ُۖ َ ُ ْ َ ٰٓ َ َ َ ٓ َّ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ ُ َ
ٖ ِ قالوا يأبانا إِنا ذهبنا نستبِق وتركنا يوسف عِند متعِنا فأكله
َ َ َ َ ٓ ُ َ َٰ َ َول َ ۡو ُك َّنا َص ٰ ِدق َ
النبي يعقوب Qعلى ِب﴾((( ،فبكى ّ يصهِۦ بِد ٖم كذ ٖ ۚ
ع ق ِم ِ ِني ١٧وجاءو
يوسف ،Qوعلى ما وصلت إليه أنفس أبنائه ،من سوء وفساد وتفريط في جنب
َ َ َ ۡ َ َّ َ ۡ َ ُ
ت لك ۡم الله تعالى ،ودعا الله تعالى أن يص ّبره ويعينه على هذا البالء﴿ :قال بل سول
ََ
َ َّ ُ ُ ۡ َ َ ُ ٰ َ َ ُ َ ۡ َ ٞ َ ُ َ ُ َ
ون﴾((( .ثمّ مضى إخوة يوسف أنف ُسك ۡم أ ۡم ٗراۖ ف َص ۡب ٞجِيل ۖ وٱلل ٱلمستعان ع ما ت ِصف
الجب ،ح ّتى جاءت قافلة من القوافل ،فأرسلوا نفراً منهم لالستقاء لهم من البئر، ليراقبوا ّ
فل ّما أدلى دلوه ،تع ّلق يوسف Qبالدلو ،فخرج من البئر ،واستبشر أصحاب القافلة
ٰ ((( ٞ
َ َ ٓ َ ۡ َ َّ َ َ ُ َ ٰ َ ٰ َ ۡ ُ ٰ َ َ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ ْ ُ َ ۡ َ َ ٞ
به﴿ :وجاءت سيارة فأرسلوا وارِدهم فأدل دلوه ۖۥ قال يبشى هذا غل ۚم﴾ ،فدنا منهم
أبناء يعقوب ،Qم ّدعين أ ّنه عبد لهم ،ثمّ ساوموهم على أخيهم يوسفQ؛ ح ّتى
َۡ َ ون َ ١٩و َ ََ َ َ ُّ ُ َ ٰ َ ٗ َ َّ ُ َ ُ ۢ َ َ ۡ َ ُ َ
ش ۡوهُ بِث َمِۢن ب ٖس باعوه لهم بثمن بخس﴿ :وأسوه بِضعة ۚ وٱلل عل ِيم بِما يعمل
ودة َو َكنُوا ْ فِيهِ م َِن َّ
ٱلزٰهِد َ َۡ ُ َ ََ
ِين﴾(((. درٰه َِم معد ٖ
النبي يوسف من أرض كنعان إلى أرض مصر
ّ رحلة
بالنبي يوسف Qفي سفر طويل إلى أرض الفراعنة في مصر ،وبعد ّ سارت القافلة
حطوا الرحال ،عرضوه للبيع في سوق العبيد ،فاشتراه عزيز مصر بعد أن ُأ ِ
عج َب ْأن ّ
ۡ
ٱش َ َ
تى ٰ ُه مِن ّم ۡ َ َ َ َّ
ِص هو وامرأته زليخا به؛ لجماله وأدبه وصفاء روحه وذكائهَ ﴿ :وقال ٱلِي
َ َ َٓ َۡ ُ َ َ َ ۡ ََ ٓ َ ۡ
س أن يَ َنف َع َنا أ ۡو َن َّت ِخذهُۥ َو ٗلاۚ﴾(((.
ك ِر ِم مث َوىٰه ع ٰٓ ِلمرأتِهِۦ أ
النبي يوسف Qفي بيت عزيز مصر
ّ حياة
ً َ َ َ ٰ َ َ َّ َّ ُ ُ َ
وسف ِف استق ّر يوسف Qفي بيت عزيز مصر مع ّززاً مك ّرما﴿ :وكذل ِك مكنا ِل
َ كَََ َ ٰ َّ َ ۡ ٱلل َغل ٌِب َ َ ٰٓ َ ۡ
ِيث َو َّ ُ ََۡ َۡ ۡرض َولِ ُ َع ّل َِم ُ َۡ
اس ل ث ٱنلَّ ِ كن أ ع أم ِره ِۦ ول ِ يل ٱلحاد ِ ۚ
ِ ِ و أ ت ِنم ۥه ِ ٱل
َ
َ ََ ُ ََُۡ َ
أن كبر وبلغ أش ّده ،فآتاه الله تعالى حكماً وعلماًَ ﴿ :ول َّما بَلغ أش َّدهُ ٓۥ ون﴾((( ،إلى ْ يعلم
ۡ َ َ ۡ
َ َ ۡ َ ٰ ُ ُ ٗ َ ٗ َ َٰ َ ۡ ۡ
ن ِزي ٱل ُم ۡح ِسن ِ َني﴾((( .وقد س ّول الشيطان المرأة العزيز ءاتينه حكما وعِلما ۚ وكذل ِك
الفاحشة والخيانة لزوجها ،فعشقت يوسف ،Qوشغف قلبها ح ّبه ،ح ّتى بلغت مبلغاً
َ ۡ َّ ُ
راودته عن نفسه ،وغ ّلقت األبواب ،ودعته إلى الفاحشةَ ﴿ :و َر ٰ َودت ُه ٱل ِت ه َو ِف بَ ۡيت ِ َها
ۡ ُ ۡ َّ
ٱلك ُم إِل
ۡ نز َل َّ ُ
ٱلل ب ِ َها مِن ُسل َطٰ ٍ ۚن إ ِ ِن كم َّما ٓ أَ َ
ُ ٓ َّ ٓ َ ۡ َ ٓ ٗ َ َّ ۡ ُ ُ َ ٓ َ ُ ۡ َ َ َ ٓ ُ ُ
مِن دونِهِۦ إِل أسماء سميتموها أنتم وءاباؤ
َ ََُۡ َ كََ َ
َّ َ َ َ َ َّ َ ۡ ُ ُ ٓ ْ َّ ٓ َّ ُ َ ٰ َ ّ ُ ۡ َ ّ ُ َ َ ٰ َّ ۡ
ون﴾((( ،وأجاب اس ل يعلم ث ٱنلَّ ِ كن أ ِلِ أمر أل تعبدوا إِل إِياهۚ ذل ِك ٱدلِين ٱلقيِم ول ِ
األو َّل بأ ّنه سيخرج من السجن ،فيصير ساقياً للملك ،وأجاب الثاني بأ ّنه س ُيصلب ،فتأكل
ٱٓأۡلخ ُر َف ُي ۡصلَبَُ خ ٗرا َوأَماَّ َ َّ ُ َ ۡ ۡ َ ّ ۡ َ َّ ٓ َ َ ُ ُ َ َ
ب ٱلسِج ِن أما أحدكما فيس ِق ربهۥ الطير من رأسهَ ﴿ :ي ٰ َص ٰ ِ َ
ۖ ح ِ
ٱلي فِيهِ ت َ ۡس َت ۡفت ِ َ َّ ُ َ ۡ
َّ ُ ٱلط ۡ
َّ ََۡ ُ ُ
ان﴾(((.ِ ي ِ ض
ِ ق ﴿ لهما: قال كما فكان ؛ (((
﴾ ِۦ ه
ِ ۚ س أر ِن
م ي ل فتأك
ناج منهما :اذكرني عند الملك ،فأنساه الشيطان ِذ ْكر وقال يوسف Qللذي رأى أ ّنه ٍ
أمر يوسف Qومظلوم ّيته للملك ،فلبث يوسف Qفي السجن بضع سنين أخرى:
َ َ ّ َ َ َ َ ٰ ُ َّ ۡ َ ٰ ُ ۡ َ َ ّ َ َ َ َ َّ َ َّ ُ َ ّ ۡ ُ َ ۡ ُ َ َ َّ
اج مِنهما ٱذكر ِن عِند ربِك فأنسىه ٱلشيطن ذِكر ربِهِۦ فلبِث ِف ۡ ﴿ َوقال ل ِلِي ظن أنهۥ ن ٖ
ٱلس ِۡج ِن ب ِ ۡض َع ِسن ِ َني﴾((( .ثمّ بعد مرور السنين ،رأى الملك رؤيا هالته ،فذكرها لكبار قومه ّ
ان ى َس ۡب َع َب َق َرٰت س َ
ِم ٰ رن أَ َمن المع ّبرين ،مستفتياً إيّاهم في تعبيرهاَ ﴿ :وقَ َال ٱل ۡ َمل ُِك إ ِ ِ ّ ٓ
ٖ ٖ
َ ي َأ ُّي َها ٱل ۡ َم َلُ أَ ۡف ُ َ ۡ ُ ُ ُ َّ َ ۡ ٌ َ َ ٰ َ َ َ َ ُ َ ۡ ُ ٰ َ ُ ُ َ ۡ َ َ ٞ
ون ِف ُر ۡءي ٰ َي إِن ِ ت ٰٓ ت
ض وأخر يابِس ٖ ۖ تخ ٖ يأكلهن سبع عِجاف وسبع سۢنبل ٍ
َ ُ ٓ ْ َ ۡ َ ٰ ُ َ ۡ َٰ ُ ُ ۡ ُّ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ
كنتم ل ِلرءيا تعبون﴾((( ،فأجابوه بأ ّنها أضغاث أحالم ،فال تعبير لها﴿ :قالوا أضغث أحلمٖۖ
َۡ َ َ َۡ َۡ
يل ٱل ۡحل ٰ ِم ب ِ َعٰل ِ ِم َني﴾((( ،ولم يستسغ الملك هذا الجواب ،وطلب البحث ُ
وما نن بِتأ ِ ِ
و َ
النبي يوسف Qوتعبيره تذكر الساقي ّ َع ّم ْن يملك تعبيراً لهذه الرؤيا ،فعند ذلك ّ
لمنامه في السجن ،فذكر ذلك للملك ،واستأذنه ْأن يذهب للقائه ويستفتيه في شأن
ََۡ ُ َّ َ َ ۡ َ ُ َّ َ َ ۠ ُ َ ّ ُ ُ َ ۡ َ َ َ َّ
ون﴾ ، ََ ُۡ َ َ َ
(((
رؤية الملك﴿ :وقال ٱلِي نا مِنهما وٱدكر بعد أم ٍة أنا أنبِئكم بِتأوِيلِهِۦ فأرسِل ِ
ِيق وس ُف َأ ُّي َها ّ
ٱلص ّد ُ فأذن له وأرسله إليه .ول ّما جاءه ،طلب منه أن يفتيه في أمر الرؤيا﴿ :يُ ُ
ِ
ٰ ُ ۡ َُ َ َ َ َ ٰ َ َ ۡ ُ ُ ُ َّ َ ۡ ٌ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ٞ أَ ۡفت ِ َنا ف َس ۡبعِ َب َق َ
تس
ِ ٖ اب ي رخ أو ض
ٖ خ ت
ٍ ل ۢنب س عِ ب سو اف ِج
ع ع ب س ن ه لك أ ي ان
ٖ ِم
س ت
ٖ ٰ ر ِ
َ
َ َۡ َُ ََ َ َ َ ۡ َّ َ ۡ ۡ َ َ َ ۠ ُ
ون﴾(((، ُ ۡ ۡ ۡ َ ُ ي ٱل ُم َ أوف ٱلك ۡيل َوأنَا َخ ۡ ُ
ون بِهِۦ فل كيل لكم عِندِي ول تقرب ِ زنل ِني ٥٩فإِن لم تأت ِ ِ ِ
َ ُ َ َ َّ َ ۡ َ ُ ْ ُ َ
فأعطوه العهد بذلك﴿ :قالوا َس ُن َرٰوِد عن ُه أبَاهُ ِإَونا لفٰعِلون﴾((( ،وأمر فتيانه بإكرامهم
وإيفاء كيلهم والزيادة لهم ،وجعل بضاعتهم التي جاءوا بها في رحالهم ،ح ّتى إذا ما
ۡ َُ ْ َ َ
رجعوا وجدوها ،فيطمعون بالرجوع من جديد ،ففعلوا ذلكَ ﴿ :وقال لِفِ ۡت َيٰنِهِ ٱجعلوا
َ ۡ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ ٓ َ َ َ ُ ٓ ْ َ ٰٓ َ ۡ ۡ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ ََُ ۡ
ون﴾((( .ول ّما رجعوا بِضٰعتهم ِف رِحال ِ ِهم لعلهم يع ِرفونها إِذا ٱنقلبوا إِل أهل ِ ِهم لعلهم ير ِ
جع
إلى أبيهم ،أخبروه بما جرى عليهم وإكرام الملك لهم .ثمّ بعد أن نفدت مؤونتهم ،طلبوا
ََ
من أبيهم السماح لهم بالذهاب من جديد إلى أرض مصر ومعهم أخوهم بنيامن﴿ :فل َّما
َ َ ُ ٓ ْ َ ٰٓ َ ۡ َ ُ ْ َ ٰٓ َ َ َ ُ َ َّ ۡ َ ۡ ُ َ َ ۡ ۡ َ َ َ ٓ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َّ َ ُ َ َ ٰ ُ َ
رجعوا إِل أبِي ِهم قالوا يأبانا من ِع مِنا ٱلكيل فأرسِل معنا أخانا نكتل ِإَونا لۥ لحفِظون﴾ ،
(((
َ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َّ َ َ ٓ َ ُ ُ ۡ َ َ َ
ع أخِيهِ مِن فلم يسمح يعقوب Qبذلك﴿ :قال هل َءامنكم عليهِ إِل كما أمِنتكم ٰٓ
ٱلر ٰ ِح َِني﴾((( ،ولك ّنهم ألحّ وا عليه كثيراً مق ّدمين له حٰف ٗظاۖ َو ُه َو أَ ۡر َح ُم َّ َق ۡب ُل فَ َّ ُ
ٱلل َخ ۡ ٌ َ
ي ِ
بأن الملك ال يريد بهم وبأخيهم سوءاً ،وأ ّنهم سوف يبذلون ّ
كل التطمينات والضمانات ّ
َ
َ َ َّ َ َ ُ ْ َ َ ٰ َ ُ ۡ َ َ ُ ْ َ ٰ َ َ ُ ۡ ُ َّ ۡ َ ۡ ۡ َ ُ ْ َ ٰٓ َ
يأبَانا الجهد في حفظه وصيانته﴿ :ولما فتحوا متعهم وجدوا بِضعتهم ردت إِل ِهمۖ قالوا
َ َ َ ٞ َ ٰ َ ُ َ ُ َّ ۡ َ ۡ َاۖ َ َ ُ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ
اد َك ۡي َل ب َِ َ َ
ريۖ ذٰل ِك ك ۡيل ٖ ع َما ن ۡب ِغۖ هٰ ِذه ِۦ بِضعتنا ردت إِلن ون ِمري أهلنا ونفظ أخانا ونزد
يَسِري ،(((﴾ٞح ّتى سمح لهم بأخذه معهم ،بعد أن أخذ منهم موثقاً بأن يأتوا به معهم عندما
َّ َ ۡ ُ َّ ٗ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ َ ُ ۡ َ َّ ٰ ُ ۡ ُ
ون َم ۡوث ِقا ّم َِن ٱللِ لَأتن ِن ت تؤت ِ يرجعونّ ،إل أن يُحاط بهم﴿ :قال لن أرسِلهۥ معكم ح
ُ ۡ َ َ َّ ٓ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َّ ُ َ َ ٰ َ َ ُ ُ َ ٞ َ َ ٓ َّ ٓ َ ُ
بِهِۦ إِل أن ياط بِكمۖ فلما ءاتوه موث ِقهم قال ٱلل ع ما نقول وك ِيل﴾ ،وأوصاهم
(((
ۡ ُ ُ ْ َ َ َ َ َ َ َّ َ َ ۡ ُ ُ ْ
ح ٖد َوٱدخلوا م ِۡن اب َو ٰ ِ ن ل تدخلوا ِم ۢن ب ٖ َبدخول أرض مصر ُمن أبواب متف ّرقة﴿ :وقال يٰب ِ
ۡ
ُ ۡ ُ َّ َّ َ َ ۡ َ َ َّ ُ َ َ ۡ ٱللِ مِن َ ۡ
ۡ َ ٰ ُّ َ َ ّ َ َ َ ٓ ۡ َ ُ ّ َ َّ
تۖ َوعل ۡيهِ ش ٍءۖ إ ِ ِن ٱلكم إِل ِلِۖ عليهِ توك ب متف ِرقةٖۖ وما أغ ِن عنكم مِن أبو ٖ
َّ َ َ َ ۡ ُ َ ُ َ ُ َ َ َ ُ ْ َ ۡ َ َ َ َّ ۡ ّ ُ َ
ك ٱل ُم َت َو ِكون َ ٦٧ول َّما دخلوا م ِۡن َح ۡيث أ َم َره ۡم أبُوهم َّما كن ُيغ ِن ع ۡن ُهم ّم َِن ٱللِ مِن
فليتو ِ
َ
ۡ ّ َ َ َّ ۡ َ ٰ ُ َ َ ٰ َّ ۡ
كََ َّ َ ُ َُۡ َ َ َ َ ۡ َّ َ َ ٗ َ ۡ
اسث ٱنلَّ ِ كن أ وب قضى ٰ َها ۚ ِإَون ُهۥ لو عِل ٖم ل ِما علمنه ول ِ اجة ِف نف ِس يعق ش ٍء إِل ح
َ ََُۡ َ
ون﴾((( .ول ّما تجهزوا للسفر ثانية إلى أرض مصر ومعهم أخوهم بنيامين ،دخلوا ل يعلم
على أخيهم يوسف ،Qفأكرمهم وأحسن ضيافتهم ،وآوى إليه أخاه بنيامين وع ّرفه
بنفسه ،وقال له إ ّني أنا أخوك يوسف ،وأخبره بما يريد أن يفعله بإخوته بحبسه عنده:
َ َ َّ َ َ ُ ْ َ َ ٰ ُ ُ َ َ َ ٰٓ َ ۡ َ َ ُ َ َ ّ ٓ َ َ ۠ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ُ ْ َ ۡ َ ُ َ
ون﴾(((. ﴿ولما دخلوا ع يوسف ءاوى إِلهِ أخاه ۖ قال إ ِ ِن أنا أخوك فل تبتئِس بِما كنوا يعمل
ُ ََ
ول ّما جهّزهم بجهازهم ،جعل السقاية في رحل أخيه بنيامين﴿ :فل َّما َج َّه َزهم ِبَ َهازِه ِۡم
َ ۡ َ َ ََ ّ َ
ٱلس َِقايَة ِف رح ِل أخِيهِ﴾ ،وناداهم أحد فتيان الملك مستوقفا إيّاهم ،ومتهمهم
ّ ً (((
جعل
َ ُ َ َّ ۡ َ ّ َ َّ َ ُ
بسرقة صواع الملك﴿ :ث َّم أذن ُم َؤذ ٌِن أ َّي ُت َها ٱل ِع ُ
س ِرقون﴾((( ،فأجابوه بأ ّنهم ليسوا ك ۡم ل َ ٰ
ُ
ري إِن
َ َ َۡ َ ُ ْ َۡ ُ ْ َ
سارقين ،وأ ّنهم ال يبغون الفساد في أرض مصر﴿ :قالوا َوأق َبلوا َعل ۡي ِهم َّماذا تفقِ ُدون ٧١
َ ُ ْ َ َّ َ َ ح ُل بَعِري َو َأنَا ۠ بهِۦ َزع ٞ
ِيم ٧٢قالوا تٱللِ لق ۡد َعل ِۡم ُتم
ِۡ
ِۦ ه ب ِك َول َِمن َجا ٓ َ
ء ِ ل اع ٱل ۡ َ
م
َ ُ ْ َۡ ُ ُ َ َ
قالوا نفقِد صو
ِ ٖ ِ
ُ َ ۡ ۡ
س ِرق َِني﴾((( ،فما كان من الملك إال ْأن أنزلهم على ۡرض َو َما ك َّنا َ ٰ ج ۡئ َنا لِ ُفس َِد ِف ٱل ِ
ما ِ
َّ
رق الحكم المعمول به في أرض مصر ،وأ ّنه من تثبت عليه جريمة السرقة ،فإ ّنه يُس َت ّ
َ
ج َد ِف َر ۡحلِهِۦ ف ُه َو ني ٧٤قَالُوا ْ َج َ ٰٓ ُ ُ َ ُ
كٰذِب َ ُ ُۡ َ
زؤهُ ٓۥ إِن كنتم
َ ُ ْ ََ ََ ُ
لل َم ِلك﴿ :قالوا فما ج ٰٓ
زؤهۥ من و ِ ِ
َّ َ َ ٰٓ ُ َ َ َ َ ۡ
ٱلظٰل ِ ِم َني﴾((( .فبدأ بتفتيش أمتعتهم قبل متاع أخيه ،ثمّ استخرجها زؤهُ ۚۥ كذٰل ِك ن ِزيج
َٓ َ َّ ۡ ۡ ُ َ ٓ َ َ َ َ َ
ٱس َتخ َر َج َها مِن وِعءِ أخِي ۚهِ منه ،فقبض عليه واستر ّقه﴿ :ف َب َدأ بِأ ۡوع َِيت ِ ِه ۡم ق ۡبل وِ َعءِ أخِيهِ ثم
ِك إ َّلٓ أَن ي َ َشا ٓ َء َّ ُ
ٱلل نَ ۡر َف ُع َد َر َ ۡ َ َٰ َ ۡ َ ُ ُ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ
ت َّمن
ٖ ٰ ج ۚ ِ ِ ل َ
م ٱل ِين
ِ د فِ
ُ اهخ كذل ِك كِدنا ِلوسفۖ ما كن ِلأخذ أ
ِيم﴾((( ،فقال إخوته :إن يسرق فقد سرق ٌأخ له من قبل؛ ك ذِي ع ِۡلم َعل َّٞ َ ٓ ُ َ َ ۡ َ ُ ّ
ٍ نشاء ۗ وفوق ِ
َ ۡ ُ َ َ َ َّ َ ُ ُ ُ َ ُ ٓ ْ َ ۡ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َّ ٞ
وسف سق أخ ُلۥ مِن قبل ۚ فأسها ي سق فقد
ويقصدون بذلك يوسف﴿ :Qقالوا إِن ي ِ
َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ّ َ ُ َ َ ُ َ ۡ ُ َّ َ ٗ َ َّ ٞ
َ َۡ
ون﴾((( ،ورجَ وه مل ّياً في سهِۦ ولم يبدِها له ۚم قال أنتم ش مكناۖ وٱلل أعلم بِما ت ِصف ِف نف ِ
َ ُ ْ َ َ ُّ َ ۡ َ ُ َّ َ
يز إِن ُل ٓۥ يأيها ٱلع ِز أمر أخيهم بنيامين ،حتى طلبوا منه أن يأخذ أحدهم مكانه﴿ :قالوا ٰٓ
َ َ َ ۡ ُ َ ٗ َ ۡ ٗ َ ٗ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ َ ُ ٓ َّ َ َ ٰ َ َ ۡ
سنِني﴾ ،فلم يقبل منهم﴿ :قال (((
أبا شيخا كبِريا فخذ أحدنا مكنه ۖۥ إِنا نرىك مِن ٱلمح ِ
ٓ ٗ َّ أَن نَّأۡ ُخ َذ إ َّل َمن َو َج ۡدنَا َم َتٰ َع َنا ع َ
ِندهُ ٓۥ إ ِ َّنا إِذا ل َظٰل ُِمون﴾((( ،فق ّرروا الرجوع إلى
َ َ
َم َعاذ
ِ
أبيهم بعد أن يئسوا من استرجاع أخيهمّ ،إل كبيرهم الذي بقي في أرض مصر؛ التزاماً منه
َ َ َّ ۡ َ ۡ َ ُ ْ ۡ ُ َ َ ُ ْ َ ّٗ َ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ٓ ْ
نياۖ قال كبِريهم ألم تعلموا يسوا مِنه خلصوا ِ بميثاق أبيه الذي أخذه عليهم﴿ :فلما ٱست ٔ
َ َّ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ ُ َّ ۡ ٗ ّ َ َّ َ َ ۡ ُ َ َ َّ ُ ۡ ُ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ
أن أباكم قد أخذ عليكم موث ِقا مِن ٱللِ ومِن قبل ما فرطتم ِف يوسفۖ فلن أبرح ٱلۡرض
ۡ ُ ٓ ْ َ ٰٓ َ ُ ۡ َ ُ ُ ْ َ ٰٓ َ َ َ ٓ كم َ ٰ ي ۡٱل َ
ُ ٱلل ل َو ُه َو َخ ۡ
ُ َ َّ ٰ َ ۡ َ َ ٓ َ ٓ َ ۡ َ ۡ ُ َ َّ
جعوا إِل أبِيكم فقولوا يأبانا ِ ٱر ٨٠ ني ِ ِ ح ِۖ حت يأذن ِل أ ِب أو يكم
َ ۡ َ ۡ َ َ َّ ُ
س ِل ٱلق ۡر َية ٱل ِت ك َّنا حٰفظ َ َ َّ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ٓ َّ َ َ ۡ َ َ َ ُ َّ ۡ َ ۡ
ني ٨١و ٔ ب ِ ِ إِن ٱبنك سق وما ش ِهدنا إِل بِما عل ِمنا وما كنا ل ِلغي ِ
َ َ ۡ َ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ َ َّ َ َ ٰ ُ َ
ون﴾((( .فل ّما رجعوا إلى أبيهم ،وأخبروه بما حصل، فِيها وٱلعِري ٱل ِت أقبلنا فِيهاۖ ِإَونا لصدِق
حزن حزناً شديداً ،وانطفأ بصره ،وقال لهم :بل س ّولت لكم أنفسكم أمراً ،ودعا الله تعالى
ك ۡم أَ ۡم ٗراۖ فَ َص ۡبٞ
َ َ َ ۡ َ َّ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ُ ُ
ويمن عليه بعودة أوالده﴿ :قال بل سولت لكم أنفس
أن يص ّبره ويعينهّ ،
ف
َ َ َّ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َ
يأ َس َ ِٰيم ٨٣وت َو ٰل عنهم وقال ٰٓ ٱلك ُ ِيم ۡ َ ِيعا ۚ إنَّ ُهۥ ُه َو ۡٱل َعل ُ ٱلل أَن يَأۡت َِين به ۡم َج ً َ ٌ
ِيل َع َس َّ ُ
ِ ِ ِِ ج ۖ
ٱللِ َت ۡف َت ُؤا ْ تَ ۡذ ُك ُر يُ َُ ُ ْ َ َّ ٱل ۡزن َف ُه َو َك ِظ ٞ َ َ ُ ُ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ ۡ َ ُ َ ۡ
وس َف َح َّ ٰ
ت يم ٨٤قالوا ت ع يوسف وٱبيضت عيناه مِن ُ ِ ٰ
َۡ َ َ َ َّ َ ٓ ۡ ُ ْ َ ّ َ ُ ۡ ٓ َ َّ َ َ َ
َ ُ َ َ َ ً ۡ َ ُ َ َ َۡ
ن إِل ٱللِ َوأعل ُم م َِن تكون حرضا أو تكون مِن ٱلهٰلِكِني ٨٥قال إِنما أشكوا ب ِث وحز ِ
َّ َ َ َ ۡ َ ُ َ
ون﴾((( .ثمّ أمرهم بالذهاب إلى أرض مصر من جديد للتفتيش عن ٱللِ ما ل تعلم
ُ ُ َ ََ ْ ٱذ َه ُبوا ْ َف َت َ
َ ٰ َ َّ ۡ
ح َّس ُسوا مِن يوسف وأخِيهِ أخويهما ،وأن ال ييأسوا من رحمة الله تعالى﴿ :يب ِن
َ ُۡ َٰ ُ َ ۡ ۡ َّ َّ َّ َّ َ ْ ۡ َ َ َْۡ َ ْ
ون﴾((( ،فامتثل ي ُس مِن َّر ۡو ِح ٱللِ إِل ٱلقوم ٱلكفِر ي ُسوا مِن َّر ۡو ِح ٱللِۖ إِن ُهۥ ل يَا َٔ ول تا ٔ
أبناء يعقوب Qألمر أبيهم ،وساروا من جديد إلى أرض مصر ،فل ّما وصلوا استأذنوا
النبي يوسف ،Qفأذن لهم بالدخول ،فاسترحموه ،وتض ّرعوا إليه في أمر أخيهم ّ
َ َ ۡ َ ْ ُ َ ْ ُ َ
ٱلض َو ۡ َ َ َ
جئنا بِبِضٰعةٖ
ِ
يز َم َّس َنا َوأ ۡهل َنا ُّ ُّ
يأ ُّي َها ٱل َعز ُ
ِ وأنفسهم وأهليهم﴿ :فَل َّما َد َخلوا َعل ۡيهِ قَالوا َ ٰٓ
ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َّ ۡ َ َ ۡ َ ٓ َّ َّ َ َ ۡ ََ
ي ِزي ٱل ُم َت َص ّ ِدق َِني﴾((( ،عندها بدأ ُّم ۡز َجى ٰ ٖة فأ ۡو ِف لا ٱلكيل وتصدق علينا ۖ إِن ٱلل
يوسف Qبالكشف لهم من خالل مساءلتهم عن نفسه ،وتأنيبهم على ما فعلوا به
َ ُْٓ ۡ َ ُۡ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َّ َ َ ۡ ُ ُ ُ َ َ
ج ٰ ِهلون ٨٩قالوا وسف َوأخِيهِ إِذ أنتم وبأبيه ،ح ّتى عرفوه﴿ :قال هل عل ِمتم ما فعلتم بِي
َ َّ َ َ َ َ ُ ُ ُ َ َ َ َ ۠ ُ ُ ُ َ َ ٰ َ ٓ َ َ ۡ َ َّ َّ ُ َ َ ۡ َ ٓ َّ ُ َ َ َّ َ َ ۡ ۡ َ َّ
أءِنك لنت يوسفۖ قال أنا يوسف وهذا أ ِخۖ قد من ٱلل علينا ۖ إِنهۥ من يت ِق ويص ِب فإِن
ۡ َّ َ َ ُ ُ َ
يع أ ۡج َر ٱل ُم ۡح ِسن ِ َني﴾((( ،وقال لهمَّ :إن الله تعالى يحفظ عباده ويصونهم من ضٱلل ل ي ِ
َّ ُ َ َ َّ َ َ ۡ ۡ َ َّ َّ َ َ ُ ُ َۡ
ضيع أج َر السوء ،ويع ّوضهم لصبرهم على المكاره﴿ :إِنهۥ من يت ِق ويص ِب فإِن ٱلل ل ي ِ
َ ُ َّ َ ََ
لق ۡد َءاث َر َك ٱلل َعل ۡي َنا
َ ُ ْ سن َ ۡ ۡ
ني﴾((( ،فعندها أق ّروا أمامه بجرمهم وخطيئتهم﴿ :قالوا ٱل ُمح ِ ِ
َ َ َ َ ۡ َ َ ُ ُ َّ َ َ
يب َعل ۡيك ُم ِني﴾((( ،عفا عنهم ،ودعا لهم باالستغفار والقبول﴿ :قال ل ت ِث خٰطٔ َ
ِإَون كنا ل ِ
ٱلر ٰ ِح َِني﴾((( ،وطلب منهم أن يرجعوا إلى أرض كنعان، ك ۡم َو ُه َو أَ ۡر َح ُم َّ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ َّ ُ َ ُ
ٱلل ل ۖ ٱلوم ۖ يغ ِفر
ويُلقوا قميصه على وجه أبيهم ،ف ُير ّد إليه بصره ،وأن يأتوا به وبأهله أجمعين إلى أرض
ِك ۡم أَ ۡ َ
َۡ ُ َٰ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َٰ َ ۡ َ َ ۡ َ ٗ َ ۡ ُ ۡ َُ ْ َ
جعِ َني﴾(((. ون بِأهل
ِ ت أو اري ص
ِ ب ت
ِ أ ي بِ أ ِ ه جو ع وه ق ل أف ا ذ ه يص
ِ م
ِ قمصر﴿ :ٱذهبوا ب ِ
َ ََّ
تحسس وصولهم قبل أن يصلوا إليه ،وذكر يوسف﴿ :Qولما فل ّما رجعوا إلى أبيهمّ ،
َ ُ ْ َ َّ َّ َ َ
ون ٩٤قالوا تٱللِ إِنك ل ِف وس َف ل َ ۡو َلٓ أَن ُت َف ّن ُ
ِد يح يُ ُ وه ۡم إ ّن َلَج ُد ر َ
ۡ ُ َ َ َُ ُ
ت ٱل ِعري قال أب
َ َ َ
ِ ۖ ِ ِ ِِ فصل ِ
ۡ َ
َضلٰل َِك ٱل َقدِي ِم﴾((( ،فما لبث أن وصلوا إليه ،وألقوا قميص يوسف Qعلى وجهه،
َ ۡ َ َّ َ ٗ َ َ َ َ ۡ َ ُ َّ ُ
ك ۡم إ ِ ِ ّ ٓ
َ َ َّ ٓ َ َ ٓ ۡ َ ُ َ
ري أ ۡل َقى ٰ ُه َ َ ٰ
ن ع َو ۡج ِههِۦ فٱرتد ب ِصرياۖ قال ألم أقل ل فارت ّد له بصره﴿ :فلما أن جا َء ٱلبشِ
ۡ َ ُ َ َّ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ
ون﴾((( ،فاعترف أبناء يعقوب له بخطيئتهم ،وتض ّرعوا إليه ْ
بأن أعلم مِن ٱللِ ما ل تعلم
أحس منهم الندم على ما فعلوه ،وصدق الن ّية على يدعو لهم بالمغفرة ،فأجابهم بعدما ّ
َ َ ُ
وب َنا ٓ إنَّا ك َّنا َخٰطٔ َ َ
ٱس َت ۡغفِ ۡر لَا ُذنُ َ َ ُ ْ
ِني ٩٧قال ِ ِ
يأبَانَا ۡ التوبة والرجوع عن خطيئتهم﴿ :قَالوا َ ٰٓ
ِيم﴾((( .ثمّ حملوا أباهم وأهلهم جميعاً، ٱلرح ُ ور َّ ب إنَّ ُهۥ ُه َو ۡٱل َغ ُف ُ ٓ َ َۡ َۡ َۡ ُ َ ُ ۡ َّ
سوف أستغفِر لكم ر ِ ۖ ِ
ورجعوا إلى أرض مصر من جديد ،فل ّما حضروا ،أجلس يوسف Qأباه وأمّه (أي
ََ ۡ َ َ َ َ
وس َف َء َاو ٰٓى إ ِ ۡلهِ أبَ َو ۡيهِ َو َرف َع أبَ َو ۡيهِ ع ٱل َع ۡر ِش﴾(((، ع يُ ُ خالته) على العرش﴿ :فَلَ َّما َد َخلُوا ْ َ َ ٰ
النبي يعقوب Qأبناءه األحد عشر وزوجته بالسجود لله ،تكريماً ومن ثمّ أمر ّ
َ ْ
ليوسف ،Qوسجد معهمَ ﴿ :و َخ ُّروا ُلۥ ُس َّج ٗداۖ﴾((( ،ثمّ قال يوسف Qألبيه:Q
ومن عليه ،وعلى آل ّإن ما حصل هو تأويل رؤياه في صغره ،فقد جعلها الله تعالى ح ّقاًّ ،
ۡ
َ َ َ َ ٰٓ َ َ َ َ َ ُ َ
ت هٰذا تأوِيل ُر ۡءي ٰ َي مِن يعقوب بالملك والعلم ،فشكر الله تعالى على نعمه﴿ :وقال يأب ِ
ۡ ُ ٓ
ِج ِن َو َجا َء بِكم ّم َِن ٱلَ ۡدوِ ِم ۢن ٱلس ۡب إ ۡذ أَ ۡخ َر َجن م َِن ّ َ
َق ۡب ُل قَ ۡد َج َعلَ َها َر ّب َح ّٗقاۖ َوقَ ۡد أ ۡح َس َن ٓ
ِ ِ ِ ِ
ُ َ َ ۡ َ َّ َ َ َّ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َّ َ ّ َ ۡ ُ َ ۡ َ ُ ُ َّ ُ ٓ َ َ َ ّ ٞ
بع ِد أن نزغ ٱلشيطٰن بي ِن وبي إِخو ِت ۚ إِن ر ِب ل ِطيف ل ِما يشاء ۚ إِنهۥ هو ٱلعل ِيم ٱلكِيم ١٠٠
نتۡرض أَ َ َۡ
ت َوٱل ِ ِيث فَاط َِر َّ
ٱلس َم ٰ َو ِٰ د اح۞ر ّب قَ ۡد َءاتَ ۡي َتن م َِن ٱل ۡ ُم ۡلك َو َع َّل ۡم َتن مِن تَأۡويل ۡٱلَ َ َ
ِۚ ِ ِ َِ ِ ِ ِ
َّ ۡ ۡ َ َّ ُّ ۡ
ٱلصٰل ِ ِح َني﴾((( ،وق ّرب إليه إخوته ،وأعطاهم ٱدلن َيا َوٱٓأۡلخ َِرةِۖ ت َوف ِن ُم ۡسل ِٗما َوأل ِق ِن ِب لۦ ِف و ِ ِّ
َ
ٱلل َءا ِمن َِني﴾((( ،وقد بقي بنو ِص إن َشا ٓ َء َّ ُ ٱد ُخلُوا ْ م ۡ َ ََ َ ۡ
أرض مصر﴿ :وقال األمان ،وأسكنهم َ
ِ
إسرائيل فيها إلى ْأن أرسل الله تعالى نب ّيه موسى ،Qفأخرجهم منها إلى أرض
فلسطين.
التبليغية
ّ النبي يوسفQ
ّ سيرة
النبي يوسف ،Qكما أثنى على نوح QوإبراهيمQ
أثنى القرآن الكريم على ّ
وآل إبراهيم ،Qالذين آتاهم الله تعالى العلم والكتاب والحكم والنب ّوة ،وأتمّ نعمته
َ َ َ ۡ َ َ ُ ٓ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ ُ َ ُ ًّ َ
وب ك ه َد ۡي َنا ۚ عليهم ،واجتباهم ،وهداهم إلى صراط مستقيم﴿ :ووهبنا لۥ إِسحق ويعق ۚ
َ ُ َ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ ٰ َ َ ٰ ُ َ َ َ َ ُ َّ َُۡ ُ ً َ ََۡ
ون َوكذٰل ِك َونوحا هدينا مِن قبل ۖ َومِن ذ ّرِيتِهِۦ داوۥد وسليمن وأيوب ويوسف وموس وهر ۚ
َ َ َ َۡ ََۡ َ َۡ ُ َّ ٓ نزي ٱل ۡ ُم ۡح ِ َ َۡ
ص َر ٰ ٖط سنِني َ ٨٤وم ِۡن َءابَائ ِ ِه ۡم َوذ ّرِيٰت ِ ِه ۡم ِإَوخوٰن ِ ِه ۡمۖ َوٱجتب ۡينٰ ُه ۡم َوهدينٰ ُه ۡم إ ِ ٰل ِ ِ
ُ ْ َ ٰٓ َ َّ َ َ َ ۡ َ ٰ ُ ُ ۡ َ ٰ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُّ ُ َّ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ٰٓ ُ َ ٓ َ َ
هؤلءِ فق ۡد يم ٨٧أولئِك ٱلِين ءاتينهم ٱلكِتب وٱلكم وٱنلبوة ۚ فإِن يكفر بِها مستقِ ٖ
ُّ ۡ َ
َ ََ َُ ۡ ۡ َ َ َّ ۡ َ َ َ ۡ ٗ َّ ۡ ُ ْ َ َ ٰ َ ((( َ ّ َ
ك﴾(((َ ﴿ ،ول َّما بَلغ أش َّدهُ ٓۥ ن م َِن ٱل ُمل ِ ِ ب ق ۡد َءات ۡي َت وكنا بِها قوما ليسوا بِها بِكفِ ِرين﴾ ﴿ ،ر ِ
َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ َّ ُ ُ َ َ ََۡ ُ ُ ۡ ٗ َ ۡٗ
﴾(((َ ﴿ ،وكذٰل ِك ي َتبِيك َر ُّبك ءاتينٰه حكما وعِلما ۚ﴾(((﴿ ،وكذٰل ِك مكنا ل ِوسف ِ
ف
َّ َ ِإَوس َ ك مِن َق ۡب ُل إبۡ َرٰه َ َ ُ ُّ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ ٰٓ َ َ ۡ ُ َ َ َ ٓ َ َ َّ َ َ َ ٰٓ َ َ َ ۡ َ
حٰ َق ۚإِن َر َّبك ِيم ۡ
ِ ويتِم ن ِعمتهۥ عليك وع ءا ِل يعقوب كما أتمها ع أبوي
ۡ ۡ َ َ
ِيم﴾((( ،وع ّده الله تعالى من المحسنينَ ﴿ :وكذٰل َِك نَ ِزي ٱل ُم ۡح ِسن ِ َني﴾((( ،ومن ِيم َحك ٞ َعل ٌ
ٱلص ّد ُ ّ ني﴾((( ،ومن الص ّديقين﴿ :يُ ُ ُ َ ُّ المخ َلصين﴿ :إنَّ ُهۥ م ِۡن ع َِبادِنَا ٱل ۡ ُم ۡخلَص َ
ِيق﴾(((، وسف أي َها ِ ِ ِ
ٗ ۡ ُ َّ َ َ َ ۡ ُّ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َّ َ
َ َ
ۡرض أنت و ِ ّ ِلۦ ِف ٱدلنيا وٱٓأۡلخِرةِۖ توف ِن مسل ِما﴾(((، ت وٱل ِ َ
ومن المسلمين﴿ :فاطِر ٱلسمٰو ٰ ِ
َۡ (َ ۡ َّ َ َ ((1 َ ۡ
وع ّلمه من تأويل األحاديثَ ﴿ :ولِ ُ َع ّل َِم ُهۥ مِن تَأو ۡ َ
يلِيث﴾ ﴿ ،وعلمت ِن مِن تأوِ ِ يل ٱلحاد ِ ۚ ِ ِ َۡ َۡ
ِيث﴾ ،وألحقه في اآلخرة بالصالحين: َ (َ ُ ّ َ ُ َ ((1 ۡٱلَ َ
(((1
يل ٱلحاد ِ ِ ِ و أ ت ِن م ك ِم ل ع ي و ﴿ ، ﴾ ِيث
ۚ ِ د اح
َّ َ ۡ ۡ
ٱلصٰل ِ ِح َني﴾(.((1 ﴿ َوأل ِق ِن ِب
النبي يوسف Qفي الدعوة إلى الله تعالى وتوحيده ،في بيئة كانت وقد اجتهد ّ
عاكفة على عبادة األصنام ،موقظاً فيهم الفطرة ،ومستثيراً فيهم العقل بأسلوب حكيم
وموعظة حسنة ،فاستطاع أن يح ّولها إلى بيئة توحيد لله تعالى ،وأقام حكم الله تعالى
ّ َ َ ۡ ُ َّ َ النبي إبراهيم ،Qإلى ْ
ت مِلة أن اختاره الله تعالى لجواره﴿ :إ ِ ِن ترك فيها على شريعة ّ
ِإَوس َ ِي إبۡ َرٰه َ ت م َِّل َة َءابَآء ٓ ون َ ٣٧و َّٱت َب ۡع ُ َ ُ ۡ َٰ ُ َ َ ۡ َّ ُ ۡ ُ َ َّ َ ُ
حٰ َق ِيم ۡ
ِ ر ف
ِ ك م ه ِ ةِر خٱٓأۡل قو ٖم ل يؤمِنون بِٱللِ و ِ
ب م ه
َ َ َ َ َّ َ ۡ َ ۡ َ َ َّ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ َ َ ٓ َ ُّ ۡ
ك َّناس َول ٰ ِ شءٖ ۚ ذٰل ِك مِن فض ِل ٱللِ َعل ۡي َنا َوع ٱنلَّ ِ ش َك بِٱللِ مِن وب ما كن لا أن ن ِ ويعق ۚ
ۡ
ٱلل ٱل َوٰحِدُ ي أ ِم َّ ُ َ ون َخ ۡ ٌ ّ ۡ َ ۡ َ َ ُ ّ َ َ ُّ ٞ َ َ ٰ َٰ َ َۡ ُ َ ُ َ َّ َ َ ۡ َ
ب ٱلسِج ِن ءأرباب متف ِرق ح ِ اس ل يشكرون ٣٨يص ِ أكث ٱنل ِ
نزل َّ ُ َ َ ٓ ُ ٓ َ
ۡ َ ٗ َ َّ ۡ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َ ُٓ ٓ َ ٓ َّ ُ َ َ ۡٱل َق َّه ُ
ٱلل ب ِ َها مِن كم َّما أ َ ار َ ٣٩ما ت ۡع ُب ُدون مِن دونِهِۦٓ إِل أسماء سميتموها أنتم وءاباؤ
كََ ۡ ُ ۡ ُ َّ َّ َ َ َ َ َّ َ ۡ ُ ُ ٓ ْ َّ ٓ َّ ُ َ ٰ َ ّ ُ ۡ َ ّ ُ َ َ ٰ َّ َ ۡ ۡ
اس ث ٱنلَّ ِ كن أ ُسل َطٰ ٍ ۚن إ ِ ِن ٱلكم إِل ِلِ أمر أل تعبدوا إِل إِياهۚ ذل ِك ٱدلِين ٱلقيِم ول ِ
َ ََُۡ َ
ون﴾((( .وحكى القرآن الكريم عن أتباعه من بني إسرائيل ظ ّنهم بعدم إرسال ل يعلم
َ ُ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ ُ ُ ُ ٓ َ
وسف مِن ق ۡبل الله تعالى رسوالً بعد يوسف ،Qو َذمَّهم على ذلك﴿ :ولقد جاءكم ي
ٱلل ِم ۢن َب ۡع ِده ِۦ ث َّ ُ َ َّ ٰٓ َ َ َ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ
ك ّم َِّما َجا َءكم بِهِۖۦ حت إِذا هلك قلتم لن يبع
ٓ ُ َ ّ ٱلَ ّي َنٰ ِ َ َ ۡ ُ ۡ ۡ
ت فما زِلم ِف ش ٖ بِ ِ
ٱلل َم ۡن ُه َو ُم ۡس ٞف ُّم ۡرتَ ٌ ض ُّل َّ ُ ٗ َ َ َ ُ
اب﴾(((. ِ َر ُسول ۚ كذٰل ِك ي ِ
النبي يوسفQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
في القرآن الكريم ،يمكن النبي يوسفQ
بعد التأمّل في ما ورد من قصّ ة ّ
استخالص جملة من الدروس وال ِع َبر والسنن ،منها:
-الرؤيا الح ّقة تحكي عن أمر واقع في مستقبل األيّام ،وتأوي ُلها هو وقوع هذا األمر:
َ َۡ َّ ّ ََۡ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ﴿إ ۡذ قَ َال يُ ُ
ش ك ۡوك ٗبا َوٱلش ۡم َس َوٱلق َم َر َرأ ۡي ُت ُه ۡم ِل ت إ ِ ِن رأيت أحد ع وس ُف ِلبِيهِ ٰٓ
يأبَ ِ ِ
ّ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ
َ َ ُّ ُ ُ َّ ٗ َ َ َ ٰٓ َ َ َ َ ُ َ ْ َ
ت هٰذا تأوِيل ُر ۡءي ٰ َي مِن ق ۡبل ق ۡد َج َعل َها َر ِب ِين﴾﴿ ،وخروا لۥ سجداۖ وقال يأب ِ سجد َ
ٰ ِ
ٗ
َح ّقاۖ﴾.
َۡ َ ََُُّ
يل
خواص عباده﴿ :ولِ عل ِمهۥ مِن تأ ِ ِ
و ّ إلهي ،يؤتيه الله تعالى
-تأويل الرؤيا والمنام علم ّ
-الله تعالى يتو ّلى عباده المخلصين ،ويتعهّدهم برعايته ،ويدفع عنهم األذى:
ۡ
ٱش َ َ َ َ َّ َ َ َ ُ َ ۡ َ ََۡ َ َۡٓ َۡ َ َ َ
تى ٰ ُه مِن ّم ۡ َ
ِص لهِ لُن ّبِئ َّن ُهم بِأ ۡم ِره ِۡم هٰذا َوه ۡم ل يَش ُع ُرون﴾َ ﴿ ،وقال ٱلِي﴿وأوحينا إ ِ
َۡ َ ۡ َ ٰ ُ َ َ ٰٓ َ َ َ َ َ ٓ َ ۡ َ َّ َ ُ َ َ ٗ َ َ َ ٰ َ َ َّ َّ ُ ُ َ ۡ ََ ٓ َ ۡ
ۡرض خذهۥ ولاۚ وكذل ِك مكنا ِلوسف ِف ٱل ِ ِلمرأتِهِۦ أك ِر ِم مثوىه عس أن ينفعنا أو نت ِ
َ ََُۡ َ
اس ل يعلمون ٢١ ث ٱنلَّ ِ
َ
ك َ َ
َ ٰ َّ ۡ
كن أ ل
َ
و ِۦ هر مع أَ ۡ ٰٓ َ َّ ُ َ ٌ َ َ
ِب ل غ ٱلل و ِيث د ا َولِ ُ َع ّل َِم ُهۥ مِن تَأۡويل ۡٱلَ َ
ح
ِ ِ ِۚ ِ ِ
ۡ ُ
ني﴾َ ﴿ ،وقال ٱل َمل ِك ٱئ ُتون بِهِۦٓ ۡ َ َ سن َ
ِ ِ حۡ َول َ َّما بَلَ َغ أَ ُش َّدهُ ٓۥ َء َات ۡينٰ ُه ُحك ٗما َوعِل ٗما ۚ َوكذٰل ِك نزي ٱل ُ
م
ۡ ۡ َ َ َ َ ۡ ۡ َ
ِ
َ َ ۡ َ ۡ َ َٰ َ َ ٓ َ َ َّ َ َّ َ ُ َ َ َّ َ ۡ ۡ َ َ َ ۡ ِ َ َ ٌ َ ۡ َ ۡ
أ ۡس َتخل ِۡص ُه لِ َف ِسۖ فلما كمهۥ قال إِنك ٱلَوم لينا مكِني أمِني ٥٤قال ٱجعل ِن ع خزائ ِ ِن
ٞ
ث ي َ َشا ٓ ُء نُ ِصيبُ َ َ َ َّ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َۡ َ َ َ ٰ َ َ َّ َّ ُ ُ َ ٞ َ ّ َ ٌ َۡ
ۚ ۡرض يتبوأ مِنها حي ۡرض إ ِ ِن حفِيظ عل ِيم ٥٥وكذل ِك مكنا ِلوسف ِف ٱل ِ ٱل ِ ۖ
َ َ ۡ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َ َ َّ ّ ٞ َ َ َۡ سن َ ۡ ۡ َ َ
حت َنا َمن نشا ُء َول نُض ُ ۡ ٓ َ َّ َۡ
ني ٥٦ولج ُر ٱٓأۡلخِرة ِ خي ل ِلِين ءامنوا وكنوا يع أج َر ٱل ُمح ِ ِ ِ ۖ ب ِ َر ِ
َ َّ ُ َ
ون﴾. يتق
ل أب َ َ َ َ
ُ ُ ُ َ ُ ُ َ ُّ َ َ ْ ُ ۡ َ
ينا -الخوض في رذيلة يستتبع الوقوع في أخرى﴿ :إِذ قالوا لوسف وأخوه أحب إ ِ ٰٓ ِ
ك ۡم َو ۡجهُ ُُۡ ْ ُ ُ َ َ ۡ َ ُ ُ َ ٗ َُۡ َ ُ ُّ ٰ َّ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ٌ َّ َ َ َ َ َ َ
ني ٨ٱقتلوا يوسف أوِ ٱطرحوه أۡرضا يل ل مِنا ونن عصبة إِن أبانا ل ِف ضل ٖل مب ِ ٍ
َ َ َ َ َ ٓ ُ َ َٰ َ ٰ َۡٗ َ كونُوا ْ ِم ۢن َب ۡ َ ُ ۡ ََ ُ
ِب﴾. ٖۚ ذ ك م دب
ِ ِ ِ ٖ ِۦ ه يص م ق ع و ء ا ج و ني حِ ِ ل ص ا مو ق ِۦ ه د
ِ ع أبِيكم وت
ُ َ َ َّ ُ الذل والمهانة﴿ :فَلَ َّما َر َءا قَم َ
يص ُهۥ ق َّد مِن دبُ ٖر قال إِن ُهۥ مِن ِ -اإلذعان للشهوات يُورث ّ
َّ ُ َ ُ ُ ُ َ ۡ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َۡ َ ۡ ُ َّ َّ َ ۡ َ ُ َّ َ ٞ
نت م َِن كك ِ ك إِن ِ كيدِكنۖ إِن كيدكن ع ِظيم ٢٨يوسف أع ِرض عن هٰذاۚ وٱستغفِ ِري ِلۢنب ِ ِ ۖ
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 158
ِج ُن ٱلس ۡ -اإلنسان اإللهي جُ ُّل ه ّمه رضا الله تعالى ،ال راحة نفسه ورضاها﴿ :قَ َال َر ّب ّ
ِ ّ
جٰهل َ ۡ
كن ّم َِن ٱل َ َ
َ ّ ۡ َ ُ َّ ۡ ُ ۡ َّ َ ُ َ َ َ ۡ لهِ ِإَول تَ ۡ َّ َ َ ب إ َ َّل م َِّما يَ ۡد ُ أَ َح ُّ
ِني ٣٣ أو ن ه ل إ ب ص أ ن ه د ي ك ن ع ف ص ۡ إ ن ٓ ون ع
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ۖ ِ
ۡ ُ َّ ُ َ ۡ َ َ َ َ ٱس َت َ فَ ۡ
يع ٱل َعل ُِيم﴾. ٱلس ِم ُ صف عن ُه ك ۡي َده َّن إن ُهۥ ه َو َّ
ۚ ِ
اب ُلۥ َر ُّب ُهۥ ف َ َ ج َ
ب -على الداعي أن يستفيد من جميع الظروف في الدعوة إلى الله تعالىَ ﴿ :ي ٰ َص ٰ ِ َ
ح ِ
ون مِن ُدونِهِۦٓ إ َّلٓ أَ ۡس َمآءٗ َ َُُۡ َ ُ َّ ّ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ٰ َ ۡ ُ َّ ِ َ ٌ ۡ َ َ ُ ّ َ َ ُّ ٞ
ٱلسِج ِن ءأرباب متف ِرقون خي أم ٱلل ٱلوحِد ٱلقهار ٣٩ما تعبد
ِ
ۡ ُ ۡ ُ َّ َّ َ َ َ َ َّ َ ۡ ُ ُ ٓ ْ َّ ٓ
ٱلل ب ِ َها مِن ُسل َطٰ ٍ ۚن إ ِ ِن ٱلكم إِل ِلِ أمر أل تعبدوا إِل
ۡ نز َل َّ ُ كم َّما ٓ أَ َ َ َّ ۡ ُ ُ َ ٓ َ ُ ۡ َ َ َ ٓ ُ ُ
سميتموها أنتم وءاباؤ
َ ََُۡ َ كََ َ
َّ ُ َ ٰ َ ّ ُ ۡ َ ّ ُ َ َ ٰ َّ ۡ
ون﴾. اس ل يعلم ث ٱنلَّ ِ كن أ إِياهۚ ذل ِك ٱدلِين ٱلقيِم ول ِ
-على الداعي أن ينظر بعين الحكمة والبصيرة إلى طبيعة االبتالء وم ّدته ،ودورهما
ك ۡم أَ ۡمراَۖٗ َ َ ۡ َ َّ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ُ ُ
في تهيئة الظروف المؤاتية؛ للدعوة إلى الله تعالى﴿ :قال بل سولت لكم أنفس
ك ۡم أَ ۡم ٗراۖ ف َص ۡبٞ
َ َ َ َ ۡ َ َّ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ُ ُ
ع َما ت ِصفون﴾﴿ ،قال بل سولت لكم أنفس
َ َ ۡ َ ُ َ ٰ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ ُ َّ َ ٞ َ ٞ
فصب جِيل ۖوٱلل ٱلمستعان
َ َّ ُ َ َ َ َ َّ ۡ ٱلل أَن يَأۡت َِين به ۡم َج ً
ِيعا ۚ إنَّ ُهۥ ُه َو ۡٱل َعل ُ َ ٌ
ِيل َع َس َّ ُ
اج ِيم﴾َ ﴿ ،وقال ل ِلِي ظ َّن أنهۥ ن ٖ ٱلك ُ
ِيم َ ِ ِ ِِ ج ۖ
َ َ ّ َ َ َ َ ُ َّ ۡ َ ُ ۡ َ ّ َ َ َ َُّۡ ۡ ُۡ
ٱلس ِۡج ِن ب ِ ۡض َع ِسن ِ َني﴾.
ثف ّ
مِنهما ٱذكر ِن عِند ربِك فأنسىٰه ٱلشيطٰن ذِك َر ربِهِۦ فلب ِ ِ
َ َ َ َ
-االلتزام بتوجيهات المعصوم Qيحول دون هالك الحرث والنسل﴿ :قال ت ۡز َر ُعون
ُ ۡ َۡ ُ ُ َ َّ َ ٗ دت ۡم فَ َذ ُروهُ ف ُس ُ َ َ َ ٗ َ َ َ َ ُّ
ۢنبلِهِۦٓ إِل قل ِيل ّم َِّما تأكلون ٤٧ث َّم يَأ ِت ِم ۢن َب ۡع ِد ِ َس ۡب َع ِسنِني دأبا فما حص
َ َ ُ ۡ َ ُۡ َّ َ ٗ َ َ ۡ ُ ۡ ٞ َ َ
ذٰل ِك َس ۡب ٞع ش َِداد يَأكل َن َما ق َّد ۡم ُت ۡم ل ُه َّن إِل قل ِيل ّم َِّما ت ِص ُنون ٤٨ث َّم يَأ ِت ِم ۢن َب ۡع ِد ذٰل ِك
َۡ ُ َ ُ َ ُ َ
ون﴾. ص عم ٞفِيهِ ُيغاث ٱنلَّاس َوفِيهِ يع ِ
ّ
النبي يوسفQ ّ
قصة
159
َ َ َ َ
اتيجي في مواجهة الحوادث المستقبل ّية﴿ :قال ت ۡز َر ُعون َس ۡب َع -ضرورة التخطيط االستر ّ
ُ
ّ َّ َ ُ َ ۡ ٗ َ َّ دت ۡم فَ َذ ُروهُ ف ُس ُ َ َ َ ٗ َ َ َ َ ُّ
ون﴾. ۢنبلِهِۦٓ إِل قل ِيل مِما تأكل ِ ِسنِني دأبا فما حص
ُ ۡ َ َ
-على المظلوم أن يَنشد إثبات الحقيقة ،ال رفع العقوبة عنه فحسبَ ﴿ :وقال ٱل َمل ِك
ن ٱلن ِ ۡس َوة ِ َّٱلٰت َق َّط ۡع َن َأيۡد َِي ُه َّ
َ َ َّ َ ٓ َ ُ َّ ُ ُ َ َ ۡ ۡ َ ٰ َ ّ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ ُ ّ
سله ما بال جع إِل ربِك ف ٔ ُۡ
ۚ ِ ون بِهِۖۦ فلما جاءه ٱلرسول قال ٱر ِ ٱئت ِ
ُ ۡ َ َ َ َّ َ َ َ َ ۡ ُ ُ َّ ۡ َ ٰ َ ُّ َّ ُ ُ َ َ َّ ۡ َ
ك ۡي ِده َِّن َعل ٞ َّ َ ّ
حٰش ِلِ سهِۚۦ قلنوسف عن نف ِ ِيم ٥٠قال ما خطبكن إِذ رودتن ي إِن ر ِب ب ِ
ُّ َ َّ ۡ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ُّ َ َ ۠ ت ۡٱل َ ٱم َرأَ ُ
َما َعل ِۡم َنا َعلَ ۡيهِ مِن ُس ٓوء قَالَت ۡ
سهِۦ ٱلق أنا َر ٰ َودت ُهۥ عن نف ِ يز ٱلَٰٔـن حصحص َِ ِ زع ِ ٖۚ
ٓ ۡ َ
ٱلل ل َي ۡهدِي ك ۡي َد َ َ َ ۡ َ ّ َ َ
ِني َ ٥١ذٰل َِك ِلَ ۡعل َم أن ل ۡم أ ُخ ۡن ُه بٱل َغ ۡيب َوأ َّن َّ َ َّ ُ َ َ َّ
ٱلائِن َِني﴾. ِ ِ ِ
ٱلص ٰ ِدق َ ِإَونهۥ ل ِمن
-على اإلنسان أن يق ّر بشمول لطف الله تعالى له في التزامه بالطاعة ،واجتنابه
س إ َّن ٱنلَّ ۡف َس َلَ َّم َ
ارةُ ۢ ٓ ِ
ََ َُّٓ ُ َۡ
ف المعصية ،ويشكره على التوفيق لهما ،وال يغت ّر بذلك﴿ :وما أب ِرئ ن
ۚ ِ
ِيم﴾. ِ ٱلس ٓوءِ إ ِ َّل َما َرح َِم َر ّ ٓ
ب ۚ إ َّن َر ّب َغ ُفورَّ ٞرح ٞ ب ُّ
ِ
ِ ِ
وس َف ماَ -الله تعالى ينصر المظلوم الصابر والم ّتقي ،ولو بعد حينَ ﴿ :ك َذٰل َِك ك ِۡدنَا ِلُ ُ
ۖ
ۡ َّ ٓ َ َ َ ٓ َ َّ ُ َ ۡ َ ُ َ َ َ ٰ َّ َّ َ ٓ ُ َ َ ۡ َ ُ ّ َ ۡ ُ َ َ َۡ ُ َ َ َ
ك ذِي عِل ٍم ِ ق و ف و ۗ ء ا ش ن ن م ت
ٖ ج رد ع فر ن ۚ ٱلل ء اش ي ن أ ل إ
ِ ِ ِك ل م ٱل ِين
ِ د ف ِ اه خ كن ِلأخذ أ
َ َ
َ َ ُّ َ
جئنا بِبِضٰعةٖ م ۡزجىٰةٖ
ٱلض َو ۡ َ يز َم َّس َنا َوأ ۡهلَ َنا ُّ ُّ يأ ُّي َها ۡٱل َعز ُ ُ ْ ْ َ
ِيم﴾﴿ ،فَل َّما َد َخلُوا َعل ۡيهِ قَالوا َ ٰٓ
َ َعل ٞ
ِ ِ
َ ۡ َ َ َۡ يزي ٱل ۡ ُم َت َص ّ ِدق َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َّ ۡ َ َ ۡ َ ٓ َّ َّ َ َ ۡ
ِني ٨٨قال هل َعل ِۡم ُتم َّما ف َعل ُتم فأو ِف لا َٱلكيل و َتصدق علينا ۖ إِن ٱلل َ ِ
َ َ ٓ َ َ ۠ َ
َ ُ ُ ُ َ َ ُ ُ ُ َ َ َ َ ُ ْ َّ َ ۡ ُۡ َ ُ َ ُ ُ َ
وسف َوهٰذا أ ِخۖ ق ۡد ج ٰ ِهلون ٨٩قال ٓوا أءِنك لنت يوسفۖ قال أنا ي وسف َوأخِيهِ إِذ أنتم بِي
َ ُ ْ َ َّ َ َۡ سن َ ۡ ۡ َ
ٱلل ل يُض ُ ۡ َ ب فإن َّ َ َّ َ َ َّ َّ ُ َ ۡ َ ُ َ َ َّ َ َ ۡ ۡ َّ ٓ َ
ني ٩٠قالوا تٱللِ لقد يع أج َر ٱل ُمح ِ ِ ِ من ٱلل علينا ۖ إِنهۥ من يت ِق ويص ِ ِ
ُ َ َ َ َ َ َّ ُ َ
ٱلل َعل ۡي َنا ِإَون ك َّنا ل َخٰ ِطٔ َِني﴾. ءاثرك
َ
كل أمرَ ﴿ :وقَال َي ٰ َب َّ -الجري في األمور وفق األسباب ،مع ّ
ن ِ التوكل على الله تعالى في ّ
ۡ َ َ ۡ ُ ُ ْ ۡ َ ۡ َ ٰ ُّ َ َ ّ َ َ َ ٓ ۡ َ ُ ّ َ َّ
ُ
ٰ َل تَ ۡد ُخلُوا ْ ِم ۢن بَاب َ
ب متف ِرقةٖۖ وما أغ ِن عنكم مِن ٱللِ مِن ش ٍءۖ ٖ و ب أ ِن م وا ل خ ٱدو د
ٖ ح
ِ و ٖ
ث أَ َم َر ُهمۡ َ َ َّ َ َ ُ ْ ۡ َ ۡ ُ
ك ٱلمتو ِكون ٦٧ولما دخلوا مِن حي
ۡ ُ ۡ ُ َّ َّ َ َ ۡ َ َ َّ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َّ ۡ ُ َ َ ّ ُ َ
إ َِ ِن ٱلكم إِل ِلِۖ عليهِ توكتۖ وعليهِ فليتو ِ
َّ َ ُ َُۡ َ َ َ َۡ َ َٗ َّ ٱللِ مِن َ ۡ َ ۡ ُ ّ َ َّ َ َ ۡ ُ
وب قضى ٰ َها ۚ ِإَون ُهۥ لو اجة ِف نف ِس يعق ش ٍء إِل ح أبُوهم َّما كن ُيغ ِن عنهم مِن
َ ََُۡ َ كََۡ ّ َ َ َّ ۡ َ ٰ ُ َ َ ٰ َّ َ ۡ
ون﴾. اس ل يعلم ث ٱنلَّ ِ كن أ عِل ٖم ل ِما علمنه ول ِ
َ َ َ ُ ُ ۡ ََۡ َ ۡ َ ُ ْٓ
-تبعات الذنب تالحق المذنب طيلة حياته ،وتن ّغص عيشه﴿ :قال كبِريهم ألم تعلموا
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 160
ِيث ۞ر ّب قَ ۡد َءاتَ ۡي َتن م َِن ٱل ۡ ُم ۡلك َو َع َّل ۡم َتن مِن تَأۡو ۡ َ َ ِيم َ ١٠٠ ٱلك ُ ِيم ۡ َ ي َ َشا ٓ ُء ۚ إنَّ ُهۥ ُه َو ۡٱل َعل ُ
يل ٱلحاد ِ ۚ ِ ِ َِ ِ ِ ِ ِ
َ َّٰ َ َ َ َّ ُ ۡ ٗ َ ۡ ۡ َ َ ُّ ۡ َ َ َ َّ َ َ َ ۡ َ َ
ۡرض أنت و ِ ّ ِلۦ ِف ٱدلنيا وٱٓأۡلخِرةِۖ توف ِن مسل ِما وأل ِق ِن بِٱلصل ِ ِحني﴾. ت وٱل ِ فاط َِر ٱلسمٰو ٰ ِ
َ َ
-على اإلنسان البصير أن يعتبر وينتفع من أحوال األنبياء Rوأممهم﴿ :ذٰل ِك م ِۡن
َۡ َ َ َ ُ َ ََ ۡ ۡ ۡ َ ۡ َ ُ ْٓ َۡ َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َ َٓ َۡۡ ُ
ون﴾. ب نوحِيهِ إِلك ۖ وما كنت لي ِهم إِذ أجعوا أمرهم وهم يمكر أۢنباءِ ٱلغي ِ
ّ
النبي يوسفQ ّ
قصة
161
األفكار الرئيسة
للنبي
ّ النبي يوسف Qهو االبــن الحادي عشر من األبناء االثني عشر ّ .1
يعقوب ،Qاجتباه الله تعالى منذ صغره ،واختصّ ه بعنايته ،ف ّبشره في صغره
برؤيا ،رأى فيها ّأن أحد عشر كوكباً والشمس والقمر يسجدون له ،فقصّ ها على
أبيه ،فأوصاه بكتم هذه الرؤيا عن إخوته؛ لكي ال يحسدوه ،وقد أوّلها له ّ
بأن الله
تعالى سيجتبيه ،ويع ّلمه من تأويل األحاديث ،ويتمّ نعمته عليه ،كما أت ّمها على
آبائه .R
.2أضمر إخوة يوسف Qله حسداً ،وق ّرروا قتله ،ثمّ استق ّر أمرهم على إبعاده عن
أبيهم ،فعمدوا إلى إلقائه في بئر ،ثمّ بيعه لقافلة متوجّ هة إلى أرض مصر.
.3عاش يوسف Qفي مصر في قصر العزيز ،ثمّ ما لبث ْأن لحقه أذى من زوجة
العزيز التي ألقته في السجن ظلماً وعدواناً ،فلبث فيه بضع سنين ،ثمّ خرج منه
فمن الله تعالى عليه بمنصب وزارة مصر.بعد تأويله رؤيا الملك وثبوت براءته؛ ّ
مكن الله تعالى لنب ّيه يوسف Qفي أرض مصر ،وانتصر له على ظلم إخوته، ّ .4
وح ّقق له رؤيته بعد ْأن جاء بأهله وإخوته من أرض كنعان إلى أرض مصر.
ّ
فكر وأجب
مطالعة
عن الص ّفار ،عن أيوب بن نوح ،عن محمد بن أبي عمير ،عن هشام بن سالم ،قال :قلت
ألبي عبد الله صلوات الله عليه :ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ قال« :حُ زن سبعين
ثكلى ،قال :ولمّا كان يوسف صلوات الله عليه في السجن ،دخل عليه جبرئيل ،Q
فقال :إنّ الله تعالى ابتالك وابتلى أباك ،وإنّ الله ينجيك من هذا السجن ،فاسأل الله
بحقّ محمّد وأهل بيته أنْ يخلّصك ممّا أنت فيه ،فقال يوسف :اللهمّ إنّي أسألك بحقّ
محمّد وأهل بيتهّ ،إل عجّ لت فرجي ،وأرحتني ممّا أنا فيه ،قال جبرئيل :Qفأبشر
أيّها الصدّيق ،فإنّ الله تعالى أرسلني إليك بالبشارة ،بأنّه يخرجك من السجن إلى ثالثة
أيام ،ويملّكك مصر وأهلها ،تخدمك أشرافها ،ويجمع إليك إخوتك وأباك ،فأبشر أيّها
الصدّيق ،إنّك صفيّ الله وابن صفيّه .فلم يلبث يوسفّ Qإل تلك الليلة حتّى رأى
الملك رؤيا أفزعته ،فقّصها على أعوانه ،فلم يدروا ما تأويلها .فذكر الغالم الذي نجا من
يوسف ،فقال له :أيّها الملك ،أرسلني إلى السجن ،فإنّ فيه رج ًال لم ُي َر مثله حلماً َ السجن
وعلماً وتفسيراً ،وقد كنت أنا وفالن ،غضبت علينا ،وأمرت بحبسنا ،رأينا رؤيا ،فعبّرها
لنا ،وكان كما قال ،ففالن صُ لب ،وأمّا أنا فنجوت ،فقال له الملك :انطلق إليه ،فدخل
ت﴾ .فلمّا بلغ رسالة يوسف الملك ،قالۡ ﴿ :ٱئ ُتون بِهِۦٓ ٰ وقال :يا يوسف﴿ :أَ ۡفت ِ َنا ف َس ۡبعِ َب َق َ
ر
ِ ٖ ِ
َ
أ ۡس َت ۡخل ِۡص ُه لِ َ ۡف ِسۖ﴾ ،فلمّا بلغ يوسف رسالة الملك ،قال :كيف أرجو كرامته وقد عرف
ُۡ
براءتي وحبسني سنين .فلمّا سمع الملك ،أرسل إلى النسوة ،فقال :ما خطبكنّ ﴿ ،قل َن
َ
َح ٰ َش ِ َّلِ َما َعل ِۡم َنا َعل ۡيهِ مِن ُس ٓوءٖ ۚ﴾ ،فأرسل إليه وأخرجه من السجن .فلمّا كلّمه ،أعجبه
كماله وعقله ،فقال له :أقصص رؤياي ،فإنّي أريد أنْ اسمعها منك ،فذكره يوسف كما
رأى وفسّ رها .قال الملك :صدقت ،فمَن لي بجمع ذلك وحفظه؟ فقال يوسف :إنّ الله
تعالى أوحى إليّ إنّي مدبّره والقيّم به في تلك السنين ،فقال له الملك :صدقت ،دونك
خاتمي وسريري وتاجي .فأقبل يوسف على جمع الطعام في السنين السبع الخصيبة
يكبسه في الخزائن في سنبله ،ثمّ أقبلت السنون المجدبة ،أقبل يوسف Qعلى بيع
ّ
النبي يوسفQ ّ
قصة
163
الطعام ،فباعه في السنة األولى بالدراهم والدينار ،حتّى لم يبقَ بمصر وما حولها دينار
وال درهم ّإل صار في مملكة يوسف ،وباعه في السنة الثانية بالحلي والجواهر ،حتّى
بالدواب
ّ لم يبقَ بمصر حليّ وال جوهر ّإل صار في مملكته ،وباعه في السنة الثالثة
والمواشي حتّى لم يبقَ بمصر وما حولها دابّة وال ماشية ّإل صارت في مملكة يوسف،
وباعه في السنة الرابعة بالعبيد واإلماء ،حتّى لم يبقَ بمصر وما حولها عبد وال أَمَة ّإل
وصار في مملكة يوسف ،وباعه في السنة الخامسة بالدور والعقار حتّى لم يبقَ بمصر
وما حولها دار وال عقار ّإل صار في مملكة يوسف ،وباعهم في السنة السادسة بالمزارع
واألنهار ،حتّى لم يبقَ بمصر وما حولها نهر وال مزرعة ّإل صار في مملكة يوسف،Q
وباعه في السنة السابعة برقابهم ،حتّى لم يبقَ بمصر وما حولها عبد وال ح ّر ّإل صار في
مملكة يوسف ،Qوصاروا عبيداً له .فقال يوسف للملك :ما ترى فيما خوّلني ربّي؟
قال :الرأي رأيك ،قال :إنّي أشهد الله وأشهدك أيّها الملك أنّي أعتقت أهل مصر كلّهم،
ورددت عليهم أموالهم وعبيدهم ،ورددت عليك خاتمك وسريرك وتاجك ،على أنْ ال
تسير ّإل بسيرتي ،وال تحكم ّإل بحكمي ،فالله أنجاهم على يدَي ،فقال الملك :إنّ ذلك
لديني وفخري ،وأنا أشهد أنْ ال إله ّإل الله ،وحده ال شريك له ،وأنّك رسوله ،وكان من
إخوة يوسف وأبيه ما ذكرته»(((.
النبي أ ّيوب
Q ّ
النبي هارونQ
ّ
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
((( انظر :الطبريّ ،تاريخ األمم والملوك ،مصدر سابق ،ج ،1ص226؛ ابن كثير ،قصص األنبياء ،مصدر سابق ،ج،1
ص.360
((( سورة النساء ،اآليتان .165 ،163
((( سورة األنعام ،اآليات .89 ،87 ،84
((( سورة األنبياء ،اآليتان .84-83
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 168
َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ ٓ َ ُّ َ ۡ َ َ
ى َر َّب ُه ٓۥ
اد ٰ الناس من ا ّتهام بالسوء ،وبالتفريط في جنب الله﴿ :وٱذكر عبدنا أيوب إِذ ن
َ َ َ َ ّ َ َّ َ َّ
ٱلش ۡي َطٰ ُن ب ُن ۡ
اب﴾((( ،فاستحباب الله تعالى له ،وورفع عنه بالءه في ٍ ذ ع و ب ص
ِ ٖ أ ِن مس ِن
نفسه وماله وولده ،فأمره بأن يضرب برجله األرض ،فيخرج منها ماء بارد؛ ليغسل بدنه
ۡ ُ ۡ
ٱركض به ويشرب منه ف ُيشفى ،وأعاد له ماله وأوالده الذين ماتوا ،ورزقه ِضعفهم﴿ :
اب َ ٤٢و َو َه ۡب َنا َ ُل ٓۥ أَ ۡهلَ ُهۥ َوم ِۡثلَ ُهم َّم َع ُه ۡم َر ۡ َ
ح ٗة ّم َِّنا َوذ ِۡك َرىٰ ش ٞبر ۡجل َِك ۖ َهٰ َذا ُم ۡغتَ َس ُ ۢل بَاردَ ٞو َ َ
ِ َ ِ ُِ
ۡ ۡ
للنبي أيّوب زوجة الزمته أثناء ِل ْو ِل ٱلل َبٰ ِب﴾((( ،ودحض بذلك ُتهَم قومه له .وقد كان ّ
محنته وابتالئه ،ولك ّنها فعلت أمراً ساء زوجَ ها أثناء مرضه ،لم يذكره القرآن ،تأدّباً ورعاية
يمن الله تعالى عليه بالشفاء للنبي أيوب ،Qالذي حلف ْأن يعاقبها عليه ،بعد أن ّ ّ
والعافية .ولصالحها وصبرها مع زوجها ،ورعاية لحفظ األيمان ،أمره الله تعالى بعد شفائه
ْأن يأخذ ملء ك ّفه خليطاً من الحشيش وأوراق األشجار والعيدان وما شابهها ،ويرميها به:
ّ َ َ َ ۡ َ ۡ َّ َ َ ۡ َ ٰ ُه َصاب ٗرا ّن ِۡع َم ۡٱل َع ۡب ُد إنَّ ُه ٓۥ أَ َّو ٞ َ ُ ۡ َ َ ۡٗ َ ۡ
اب﴾(((. ِ ِ ۚ ٱضب بِهِۦ ول تنثۗ إِنا وجدن
ضغثا ف ِ
﴿وخذ بِيدِك ِ
النبي ّأيوبQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي أيوب ،Qيمكن استلهام بعد التأمّل في ما ورد في القرآن الكريم من قصّ ة ّ
جملة من الدروس وال ِع َبر والسنن ،منها:
َ َ ّ َ َ ۡ -البالء اختبار وامتحان إلهيَ ﴿ :و َأيُّ َ
نت أ ۡر َح ُم ن ُّ ُّ
ٱلض َوأ َ ى َر َّب ُه ٓۥ أ ِن َم َّس ِ َاد َٰ
وب إِذ ن ّ
َّ
ٱلر ٰ ِح َِني﴾.
َّ
-على اإلنسان أن يصبر على البالء في جنب الله تعالى ،وينقطع إليه وال يجزع﴿ :إِنا
َ َ ۡ َ ٰ ُه َصاب ٗرا ّن ِۡع َم ۡٱل َع ۡب ُد إنَّ ُه ٓۥ أَ َّوابٞ
﴾. ِ ِ ۚ وجدن
-الله تعالى يستجيب دعوة المبتلى الصابر المنقطع إليه ،ويرفع عنه البالء ،ويجزيه
َ ۡ َ َ َ
ج ۡب َنا ُلۥ ِني ٨٣فٱست ٱلر ٰ ِح َنت أَ ۡر َح ُم َّٱلض َوأَ َ ن ُّ ُّ َ
ى َر َّب ُه ٓۥ أ ِ ّن َم َّس ِ َاد ٰ َ َ ُّ َ ۡ َ َ
على صبره﴿ :وأيوب إِذ ن
ۡ ۡ َ َ َ َ َ َ َۡ َ
ِين﴾، ِ ح ٗة ّم ِۡن عِندِنَا َوذِك َر ٰ
ى ل ِل َعٰبد َ ض َو َء َات ۡي َنٰ ُه أ ۡهل ُهۥ َوم ِۡثل ُهم َّم َع ُه ۡم َر ۡ َ ُ
فكشفنا ما بِهِۦ مِن ّ ٖۖ
اب َ ٤٢و َو َه ۡب َنا َ ُل ٓۥ أَ ۡهلَ ُهۥ َوم ِۡثلَ ُهم َّم َع ُه ۡم َر ۡ َ
ح ٗة ّمِناَّ ش ٞٱر ُك ۡض بر ۡجل َِك ۖ َهٰ َذا ُم ۡغتَ َس ُ ۢل بَاردَ ٞو َ َ﴿ ۡ
ِ ِ ِ
ۡ َۡ ُ ۡ
َوذِك َر ٰى ِل ْو ِل ٱلل َبٰ ِب﴾.
َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َٓ
الظن بالمبتلى الصابر؛ لثنيه عن صبره﴿ :وٱذكر عبدنا -الشيطان يس ّول للناس سوء ّ
َ َ َ ٱلش ۡي َطٰ ُن ب ُن ۡ َ ُّ َ ۡ َ َ ٰ َ َّ ُ ٓ َ ّ َ َّ َ َّ
اب﴾.ٍ ذ ع و ب ٖ ص ِ أيوب إِذ نادى ربهۥ أ ِن مس ِن
َ ُ ۡ َ َ ۡٗ َ ۡ
ٱضب ضغثا ف ِ -إعانة المبتلى الصابر على بلواه ال تضيع عند الله تعالى﴿ :وخذ بِيدِك ِ
ّ َ َ َ ۡ َ ۡ َّ َ َ ۡ َ ٰ ُه َصاب ٗرا ّن ِۡع َم ۡٱل َع ۡب ُد إنَّ ُه ٓۥ أَ َّوابٞ
﴾. ِ ِ ۚ بِهِۦ ول تنثۗ إِنا وجدن
ّ
النبي هارونQ قصة ّ
هو هارون بن عمران بن يصهر بن فاهث بن الوي بن يعقوب بن إسحاق بن
النبي موسى،Q ذكره في القرآن الكريم مقترناً ب ِذ ْكر قصّ ة أخيه ّإبراهيم .(((Qورد ْ
َ ۡ ّ
ٱج َعل ِلوسوف يجري تفصيل الكالم فيها((( .ومن المواضع التي ُذ ِكر فيها ،قوله تعالى﴿ :و
ك َكث ِ ٗ َۡ َُ ّ َ َ ََۡ ۡ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ
ريا ف أ ۡم ِري ٣٢ك نسبِح ٱش ُد ۡد بِهِۦٓ أ ۡزري ٣١وأشكه ِ ٓ ٣٠ خ ِ أ ون يرا ّم ِۡن أ ۡهل ٢٩هٰ ُ
ر َوز ٗ
ِ ِ ِ ِ
ب أَنتَ ٱذ َه ۡ ۡ
وس ٣٦ َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ
َ ٣٣ونذك َرك كثِريا ٣٤إِنك كنت بِنا ب ِصريا ٣٥قال قد أوتِيت ُسؤلك ي ٰ ُم ٰ ٗ َ َ َ ُ َ َّ ً َ َ ُ ۡ َ
َ ُ َ َ َ ٗ َّ َّ َّ َ
ٱذ َه َبا ٓ إ ِ ٰل ف ِۡر َع ۡو َن إِنَّ ُهۥ َط َ ٰ ۡ ۡ َ َ ََ ُ َ َ
غ ٤٣فقول ُلۥ ق ۡول ّل ِ ٗنا ل َعل ُهۥ وك أَِبي ٰ ِت َول تن ِ َيا ِف ذِك ِري ٤٢ وأخ
ٓ َ َ َ َ َ ٓ َ َ ُ َ ٓ َ َ َّ
َّ َ َ
غ ٤٥قال ل تافا ۖ إِن ِن
َ ناف أن َيف ُر َط َعل ۡي َنا أ ۡو أن َي ۡط َ ٰ ۡ َ َّ َ َّ َ َ
ش ٤٤قال ربنا إِننا
َ َي َت َذك ُر أ ۡو ي َ ٰ
ۡ َ
َ َ ُ ّ َ ۡ َ ُ َ ُ َ ٓ َّ َ ُ َ َ ّ َ َ َ ََ ُ َ
ن إ ِ ۡس َرٰٓءِيل َول ت َعذ ِۡب ُه ۡ ۖم ك فَأ ۡرس ِۡل َم َع َنا بَ ِ ٓ ى ٤٦فأتِياه فقول إِنا رسول ر ِب ك َما ٓ أ ۡس َم ُع َوأ َر ٰ مع
َّ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ ٓ َ َّ ۡ َ َ َ َ َٰ ۡ
ع َمن َّٱت َب َع ٱل ُه َد ٰٓ َ
ٱلس َل ٰ ُم َ ٰ ك َو َّ َ ۡ ۡ َ َ َ ّ َّ ّ َ
وح إِلنا أن ٱلعذاب ع ى ٤٧إِنا قد أ ِ ِ جئنٰك أَِبيةٖ مِن رب ِ ۖ قد ِ
َّ َ َّ ُ ون مِن َق ۡب ُل َي ٰ َق ۡو ِم إ َّن َما فُت ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ َُٰ ُ َ َ َ َّ َ َّ َ
ٱلر ۡح َم ٰ ُن ك ُم َّ نتم بِهِۖۦ ِإَون رب ِ ِ َمن كذ َب َوت َو ٰل ٤٨ولقد قال لهم هر
َ َ َ ُ َ َ ُ ْ َ َّ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ٰ َ َ َّ َ ۡ َ َ ۡ ََ ُ ْ َ َ َّ
جع إِلنا موس ٩١قال ٰ ۡ ٰ
كفِني حت ير ِ ون وأطِيع ٓوا أمرِي ٩٠قالوا لن نبح عليهِ ع ِ ِ فٱتب ِ ُع
ُ َ َۡ ُ ۡ َ َ َ َّ َ َّ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ُّ ْ َ ۡ َ ُ َ
ت أ ۡم ِري ٩٣قال يَ ۡب َنؤ َّم ل تأخذ ي ٰ َه ٰ ُرون َما َم َن َعك إِذ َرأ ۡي َت ُه ۡم ضل ٓوا ٩٢أل تتبِع ِنۖ أفعصي
َ َ َ ول فَ َّر ۡق َ ُ َ َُ َ ۡ َ ََ َۡ ِ ٓ ّ َ
ن إ ِ ۡس َرٰٓءِيل َول ۡم تَ ۡرقُ ۡب ق ۡو ِل﴾(((. ي بَ ِ ٓ ت َب ۡ َ سۖ إ ِ ِن خشِ يت أن تق بِل ِحي ِت ول بِرأ
للنب ّوة ،واختصّ ه في من اختصّ ه عمرانQ النبي هارون بن
اختار الله تعالى ّ
َ َ َ ّ ّ ٓ َ َ ۡ ُ َّ َ ۡ َّ َ
س ٱلر ٰ ِحِني﴾((( ،ثمّ عزم معه على دخول أرض فلسطين﴿ :قال ر ِ
ب إ ِ ِن ل أمل ِك إِل ن ِ
ف
ي ۡٱل َق ۡو ِم ۡٱل َفٰ ِ َ ََ َ ۡ
ٱف ُر ۡق بَ ۡي َن َنا َو َب ۡ َ
سقِني﴾((( .وسوف يأتي مزيد تفصيل وبيان لقصّ تهQ وأ ِخۖ ف
النبي موسى.Q
عندما نتناول قصّ ة أخيه ّ
النبي هارونQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي هارون ،Qيمكن استخالص مجموعة من بعد التأمّل في ما ورد من قصّ ة ّ
الدروس وال ِع َبر والسنن ،منها:
اإلنساني وعدم ترك الناس من دون مرجع في أمر دينهم ّ -س ّنة االستخالف في المجتمع
ۡ ۡ َ َّ َ َ َ ۡ ُ َ ََ َ ُ َ َ
ِين﴾.وس ِلخِيهِ َهٰ ُرون ٱخلفن ف ق ۡو ِم َوأ ۡصل ِۡح َول تتب ۡع َسبيل ٱل ُمف ِسد َ
َ ۡ ودنياهم﴿ :وقال م ٰ
ِ ِ ِ ِ
َ َ َ َ ۡ ُۡ ََ َ ُ َ َ
وس ِلخِيهِ هٰ ُرون ٱخلف ِن ِف ق ۡو ِم َوأ ۡصل ِۡح -ضرورة حفظ أمانة المستخ ِلف﴿ :وقال م ٰ
َ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ َّ َ َ ۡ ُ ۡ ۡ َ َ َ َ َ َ َّ ۡ َ َ
َُ َ
يت أن تقول س إ ّن َخشِ ُ ٓ ِ َ يل ٱل ۡ ُم ۡف ِ َ
سدِين﴾﴿ ،قال يبنؤم ل تأخذ بِل ِحي ِت و ِ ۖ ِ ِ
أر ب ل ول تتبِع سب ِ
َ َ َ فَ َّر ۡق َ
ن إ ِ ۡس َرٰٓءِيل َول ۡم تَ ۡرقُ ۡب ق ۡو ِل﴾.
ي بَ ِ ٓت َب ۡ َ
َ ُ ُ َۡ َ
-المؤازة في الدعوة أبلغ في التأثير ،وآكد في إتمام الحجّ ةَ ﴿ :وأ ِخ هٰ ُرون ه َو أف َص ُح
ُ َ َ َ ُ
ون ٣٤قال َسنش ُّد َعض َد َك نإ ّٓ َ َ ُ َ ُ َ ّ ُ ّ َ ٗ ََۡ ُۡ َ َ ۡٗ ُ َ ّ ُ
ن أخاف أن يكذِب ِ ع رِدءا يصدِق ِ ٓ ۖ ِ ِ م ِِن ل ِسانا فأرسِله م ِ
َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ُ َ ُ ۡ َ ٰ ٗ َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ َ َ ٰ َ ٓ َ ُ َ َ َ َّ َ َ ُ َ ۡ َ ٰ ُ َ
بِأخِيك ونعل لكما سلطنا فل ي ِصلون إِلكما أَِبيتِنا ۚ أنتما وم ِن ٱتبعكما ٱلغل ِبون﴾.
َََ ۡ َ َ
الحق ،ح ّتى لو خالفه كثير من الناس﴿ :ولقد قال -على الداعي أن يصبر على نصرة ّ
َ َ ُ ْ َۡ َ َّ َّ َ َّ ُ ون مِن َق ۡب ُل َي ٰ َق ۡو ِم إ َّن َما فُت ُ َُ ۡ َُٰ ُ
ون وأطِيع ٓوا أم ِري﴾. ِ ٱلر ۡح َم ٰ ُن فٱتب ِ ُع
ك ُم َّ نتم بِهِۖۦ ِإَون رب ِ ِ لهم هر
ۡ
َّ َ ُ
-على الداعي أن يبذل قصارى جهده في ثني الناس عن الباطلۡ ﴿ :ٱب َن أ َّم إِن ٱلق ۡو َم
ُ َ َ َ َ ۡ َ ُ َّ َ َ ۡ ُ ۡ ۡ َ َ َ َ ۡ ِ ٓ ّ َ َ ُ ْ ۡ ُ َ ۡ َ ۡ َُ
يت أن سۖ إ ِ ِن خشِ ون َوكدوا َيق ُتلون ِن﴾﴿ ،قال يبنؤم ل تأخذ بِل ِحي ِت ول بِرأ ٱستضعف ِ
َ َ َ َُ َ
ول فَ َّر ۡق َ
ن إ ِ ۡس َرٰٓءِيل َول ۡم تَ ۡرقُ ۡب ق ۡو ِل﴾. ي بَ ِ ٓ ت َب ۡ َ تق
َ َ َ ّ ّ َ ٓ َ ۡ ُ َّ
ب إ ِ ِن ل أمل ِك إِل الحق لق ّلة سالكيه﴿ :قال ر ِ -على الداعي أن ال يستوحش طريق ّ
ۡ ۡ َ َ ۡ
َن ۡف ِس َوأ ِخۖ فٱف ُر ۡق بَ ۡي َن َنا َو َب ۡ َي ٱل َق ۡو ِم ٱل َفٰ ِسقِ َني﴾.
األفكار الرئيسة
النبي أيّوب Qهو من أنبياء بني إسرائيل .يرجع نسبه إلى إبراهيم الخليل.Q ّ .1
كان كثير األوالد والمال من األنعام والعبيد والمواشي واألراضي الم ّتسعة بأرض
الثنية من أرض حوران في بالد الشام .وقد ابتاله الله تعالى في نفسه وماله وولده،
فذهبت أمواله ،ومات أوالده ،وابتلي في بدنه بمرض شديد م ّدة طويلة من الزمن،
حتى أصبح ضعيفاً ،ال معين له من نفسه وماله وولده ،فهجره قومه ،ورغبوا عنه،
وا ّتهموه في دينه بسبب ش ّدة البالء الذي أصابه ،وقد دعا الله تعالى ،وشكى إليه
ما ألمّ به من بالء ،فكشف عنه ذلك ،ور ّد عليه عافيته وماله وولده ،وبارك له فيهم.
النبي هارون بن عمران Qللنب ّوة ،واختصّ ه في من اختصّ ه .2اختار الله تعالى ّ
بوحيه ،وجعله وزيراً ألخيه موسى ،Qومعيناً له في دعوته ،فكان نعم األخ
المواسي والمعين ألخيه .وقد رافقه إلى أرض مصر ،وفي خروجه منها إلى أرض
سيناء.
ّ
فكر وأجب
.1بماذا ابتلى الله تعالى نب ّيه أيّوبQ؟ وما موقف قومه من ابتالئه؟
النبي أيّوبQ؟
.2كيف كشف الله تعالى البالء عن ّ
النبي موسى Qفي دعوته؟ النبي هارون Qأخاه ّ .3كيف عاون ّ
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 174
مطالعة
الحسيني ،عن جعفر الدوريستي ،عن أبيه ،عن ابن ّ عن الس ّيد المرتضى بن الداعي
بابويه ،عن أبيه ،ح ّدثنا سعد بن عبد الله ،ح ّدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ،عن الحسن
بن علي الخزّاز ،عن فضل األشعريّ ،عن الحسين بن المختار ،عن أبي بصير ،عن أبي
عبد الله صلوات الله عليه ،قال« :ابتُلي أيّوب Qسبعَ سنين بال ذنب .وقال :ما سأل
أيّوب Qالعافية في شيء من بالئه .وقال :قال أبي :Qإنّ أيّوب ابتلي من غير
ذنب ،وإنّ األنبياء صلوات الله عليهم ال يذنبون؛ ألنّهم معصومون ،وال يزيغون ،وال
يرتكبون ذنباً صغيراً وال كبيراً .وقال« :إنّ الله تعالى ابتلى أيوب بال ذنب ،فصبر حتّى
عُ يِّر ،واألنبياء ال يصبرون على التعيير».
علي ،عن داوود بن وعن سعد بن عبد الله ،ح ّدثنا يعقوب بن يزيد ،عن الحسن بن ّ
جل جالله« :إنّ سرحان ،عن أبي عبد الله ،Qقالُ :ذكر أيّوب ،Qفقال :قال الله ّ
عبدي أيّوب ما ُأنعِم عليه بنعمهّ -إل ازداد شكراً ،فقال الشيطان :لو نصبت له البالء،
فابتليته كيف صبره؟! فسلّطه على إبله ورقيقه ،فلم يترك له شيئاً غير غالم واحد .فأتاه
الغالم ،فقال :يا أيّوب ،ما بقي من إبلك وال من رقيقك أحد ّإل وقد مات ،فقال أيّوب:
الحمد لله الذي أعطى ،والحمد لله الذي أخذ ،فقال الشيطان :إنّ خيله أعجب إليه،
فسلّط عليها ،فلم يبقَ منها شيء ّإل هلك ،فقال أيّوب :الحمد لله الذي أعطى ،والحمد
لله الذي أخذ .وكذلك بقره ،وغنمه ،ومزارعه ،وأرضه ،وأهله ،وولده ،حتّى مرض مرضاً
شديداً ،فأتاه أصحاب له ،فقالوا :يا أيّوب ،ما كان أحد من الناس في أنفسنا ،وال خير
عالنية خيراً عندنا منك ،فلعلّ هذا لشيء كنت أسررته فيما بينك وبين ربّك ،لم تُطْ لع
عليه أحداً ،فابتالك الله من أجله ،فجزع جزعاً شديداً ،ودعا ربّه ،فشفاه الله تعالى ،ور ّد
َ َ
عليه ما كان له من قليل أو كثير في الدنيا .قال :وسألته عن قوله تعالىَ ﴿ :و َوه ۡب َنا ُل ٓۥ
َ ۡ َ ُ َ ۡ َ ُ َّ َ ُ ۡ َ ۡ َ ٗ
أهلهۥ ومِثلهم معهم رحة﴾ ،فقال :الذين كانوا ماتوا» .
(((
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
القبطي
ّ واآلخر من بني إسرائيل ،فاستغاثه الذي من بني إسرائيل ،مستنصراً إيّاه على
ع حِني َغ ۡفلَة ّم ِۡن أَ ۡهل َِها فَ َو َج َد ف َ
ِيها ِين َة َ َ ٰ
الذي يريد أن يبطش به ظلماًَ ﴿ :و َد َخ َل ٱل ۡ َمد َ
ٖ ِ
َ َ َّ ٱس َت َغ ٰ َث ُه َّٱلِي مِن ش َ
ِيعتهِۦ َو َهٰ َذا م ِۡن َع ُد ّوه ِۦ فَ ۡ
َ َ َ َ ُ َۡ ۡ َ َ
ِيعتِهِۦ ع ٱلِي ِۖ ي َيقتتِل ِن هٰذا مِن ش ِ رجل ِ
َ َ
م ِۡن َع ُد ّوِه ِۦ﴾((( ،فقام موسى Qبدفع القبطي بملء ك ّفه ،م ّما أدّى إلى قتله﴿ :ف َوك َزهُۥ
َ
للقبطي إلى قتله،
ّ النبي موسى Qأن تفضي وكزته ض َعل ۡيهِۖ﴾((( .ولم يقصد ّ وس َف َق َ ٰ
ُم َ ٰ
فع ّد ذلك من عمل الشيطان الذي يريد أن يق ّلب عليه األمور في هذا الوقت العصيب:
ب َ َ َ ّ ٱلش ۡي َطٰن إنَّ ُهۥ َع ُد ّ ٞو ُّم ّ ٞ ُّ ٞ َّ َ َ َ َ َ
﴿قال هٰذا م ِۡن ع َم ِل
ضل مبِني﴾((( ،فاستعظم ما صدر منه﴿ :قال ر ِ ِ ِۖ ِ
ِيم﴾((( ،وشكر الله تعالى على ٱلرح ُ
ور َّٱغفِ ۡر ل َف َغ َف َر َ ُل ۚ ٓۥ إنَّ ُهۥ ُه َو ۡٱل َغ ُف ُ َ ۡ ّ َ َۡ ُ َۡ
ت نف ِس ف إ ِ ِن ظلم
ِ ِ
تجنيبه السوء ،وجعله إيّاه نصيراً للمظلومين ،ودعاه أن ال يجعله نصيراً للمجرمين ،وهم
ريا ّل ِۡل ُم ۡجرم َ َ َ َ ّ َ ٓ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َّ َ َ ۡ َ ُ َ
ون َظه ٗ
ِني﴾(((. ِ ِ ب بِما أنعمت ع فلن أك فرعون وأعوانه وجنوده﴿ :قال ر ِ
النبي موسى Qيمشي في المدينة خائفاً من انكشاف أمره: وفي اليوم الثاني ،كان ّ
َّ ٓ ۡ ََ
﴿فأ ۡص َب َح ِف ٱل َمد َِينةِ َخائ ِ ٗفا َي َتق ُب﴾((( ،فلقي الرجل الذي استغاثه باألمس يستنجده
َ
ُ َۡ َ ۡ ُ ۡ ۡ َ َ ُ َۡ َ َ َّ
صخه ۚۥ﴾ ،فالمه َ
على رجل آخر من األقباط﴿ :فإِذا ٱلِي ٱستنصهۥ بِٱلم ِس يست ِ
(((
موسى Qعلى هذه التص ّرفات غير المسؤولة التي تثير المشاكل ،وتستف ّز األعداء:
ي ُّمب ٞ َ َ َ ُ ُ َ ٰٓ َّ َ َ َ ّ ٞ
القبطي عنه،
ّ ني﴾((( ،ولك ّنه ما لبث ْأن أراد دفع ظلم ِ ﴿قال لۥ موس إِنك لغوِ
القبطي
ّ فظن الرجل أ ّنه يريد أن يقتله ،فقال له أتريد أن تقتلني كما قتلت الرجل ّ
ََ ُ َ َ ُ ّ َ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ ٰٓ َ ُ َ َ َ َ ُ َّ ٞ َ َ َّ ٓ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َّ
باألمس﴿ :فلما أن أراد أن يب ِطش بِٱلِي هو عدو لهما قال يٰموس أت ِريد أن تقتل ِن كما
ََ ُ ُ َ َ ُ َ
يد أن تكون م َِن
َۡ ُ ُ َّ ٓ َ َ ُ َ
ون َج َّب ٗ
ارا ِف ٱل ِ ٱلَ ۡ
َ َ ۡ َ َ ۡ َۢ ۡ
ۡرض وما ت ِر س إِن ت ِريد إِل أن تك
ۖ ِ م قتلت نفسا ب ِ
ۡ
القبطي اآلخر باألمر ،فذهب مسرعاً إلى فرعون وأخبره باألمر،
ّ ٱل ُم ۡصل ِ ِحني﴾((( ،فعرف
فبعث فرعون جنوده يبحثون عن موسى ،Qوطلب منهم إحضاره إليه ،فجاءه
رجل مؤمن ناصحاً له بالخروج من أرض مصر؛ ّ
ألن فرعون وجنوده يريدون به سوءاً:
َ َ ٓ َ َ ُ ۡ ۡ َ َ ُ ُ ۡ َ َ َ ُ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َّ ٰٓ َ ُ ٰ َ َ َ ٰ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ّ ٞ
وك فٱخ ُرج ﴿وجاء رجل مِن أقصا ٱلمدِينةِ يسع قال يموس إِن ٱلمل يأت ِمرون بِك ِلقتل
ّ َ َ َ َّ
ٱلنٰ ِص ِح َني﴾((( ،فف ّر موسى Qهارباً متوجّ هاً إلى أرض َم ْديَن ،يدعو الله إ ِ ِن لك مِن
َ َ
تعالى أن يه من القوم الظالمينّ ّ َ َ ُ َّ َ َ َ ٗ ٓ َ َ ۡ َ َ َ َ ﴿ :
ن ِن م َِن ب ِ فخرج مِنها خائ ِ َفا يتقبۖ قال ر ِ ينجّ
ٓ
َ ۡ َ َ َ َ َّ َ َ ٓ َ ۡ َ
ني َ ٢١ول َّما تَ َو َّج َه ت ِلقا َء َم ۡد َي َن قال َع َ ٰ َ ّ ٓ
ٱلظٰلِم َ ۡ َ ۡ ِ َّ
يل﴾(((، س ر ِب أن يهدِي ِن سواء ٱلسب ِ ِ ِ ٱلقوم
َ َ َّ َ ُ ٗ ۡ َ َََ َ َۡ َ ۡ
(((
ت نف ٗسا ف َن َّج ۡي َنٰك م َِن ٱلغ ِّم َوف َتنٰك ف ُتونا ۚ﴾ فأنجاه الله تعالى برحمته ولطفه﴿ :وقتل
هجرته Qإلى َم ْد َين
النبي شعيب ،Qعلى ل ّما وصل موسى Qإلى مدين ،وهي مدينة قوم ّ
الغربي للبحر األحمر ،وجد مجموعة من الرجال الرعاة يستقون مواشيهم ّ الساحل
امرأتان تنتظران جانباً ،فسألهما عن حاجتهما ،فأجابتاه ِ على ماء البئر ،ومن دونهم
ينفض الرعاة عن الماء ل َت ِرداه وتستقيا بأن لهما أباً شيخاً كبيراً((( ،وهما تنتظران ح ّتى ّ ّ
ُ ُ َ ٗ ُ َ َ ٓ َ
مواشيهماَ ﴿ :ول َّما َو َرد َما َء َم ۡد َي َن َو َج َد َعل ۡيهِ أ َّمة ّم َِن ٱنلَّ ِ
اس ي َ ۡسقون َو َو َج َد مِن دون ِ ِه ُم
((( ٞ
َ َّ ُ ۡ َ ّ َ ٓ ُ َ َ ُ َ َ ۡ َ ٞ ۡ ۡ َََۡ َ ُ َ َ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ََ َ َ
ٱلرعء ۖ وأبونا شيخ كبِري﴾ ، ٰ
انۖ قال ما خطبكماۖ قالا ل نس ِق حت يصدِر ِ ي تذود ِٱمرأت ِ
َ َ َ
فأعانهما بسقايته مواشيهما﴿ :ف َس ٰق ل ُه َما﴾((( ،ثمّ تو ّلى عنهما إلى مكان ليستريح فيه
ويستظل من ش ّدة الح ّر ،حامداً لله تعالى ،وشاكراً له على إعانته إيّاه ،وتك ّفله برحمته: ّ
عليه أمره ،وما جرى عليه في مصر ،فقال له الشيخ الكبير :لقد أنجاك الله تعالى بلطفه
َۡ من القوم الظالمينۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ ۡ َ َ َّ َ َ ُ َ ٓ َ َّ َ َ ﴿ :و َ
ت م َِن ٱلق ۡو ِم فلما جاءهۥ وقص عليهِ ٱلقصص قال ل تفۖ ن
َّ
ٱلظٰل ِ ِم َني﴾((( .وقد طلبت إحدى ابنتيه منه أن يستأجر موسى ،Qويزوّجه من
ُ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ُّ ۡ َ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ۡ ُ َّ َ َ َ َ ۡ ۡ َ ُ َ َ
تجرت ٱلقوِي ٱلمِني﴾ ،
(((
جره ۖ إِن خي م ِن ٱس ٔ ت ِت ٱس ٔ
يأب ِإحداهما﴿ :قالت إِحدىٰه َما ٰٓ
بأن يخدمه ويتو ّلى رعاية فعرض الشيخ عليه ْأن يزوّجه إحدى ابنتيه ،وطلب منه مهراً لها ْ
َ َ ُ َ ُ
ً َ َ ّٓ ُ ۡ
حك ك
ن أرِيد أن أن ِ تفض ًال وتك ّرما﴿ :قال إ ِ ِ فإن أتمّ عشراً فمن عنده ّ مواشيه ثماني سنينْ ،
شا فَم ۡن عِند َِك ۖ َو َما ٓ أُر ُ ِجج فَإ ۡن َأ ۡت َم ۡم َ
ت َع ۡ ٗ نح َ
َ ٰ ع أَن تَأۡ ُج َرن ثَ َٰٓ ََۡ َ َۡ ََ
إ ِ ۡح َدى ٱبن َّ
يد ِ ِ ِ ٖۖ ِ م ِ ي ت هٰت ِ
َ ٰ َ ٓ َ َّ ُ َ َّ ٓ ُ َ َ َ ۡ َ ُ َّ َ َ ۡ َ
أن أشق عليكۚ ست ِجد ِن إِن شاء ٱلل مِن ٱلصل ِ ِحني﴾ ،فقبل موسى Qبذلك ،مع
(((
َ َ َ ٰ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َّ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ تعليقه َ
ت فل ي قضي قبول الزيادة على قادم األيّام﴿ :قال ذل ِك بي ِن وبينك ۖ أيما ٱلجل ِ
ٞ ُ
ع َما َن ُقول َوك ِيل﴾(((. ٱلل َ َ ٰ ع ۖ َو َّ ُُع ۡد َو ٰ َن َ َ َّ
لِ َ ۡف ِس﴾((( ،فرجع مع أهله إلى أرض مصر عبر الصحراء ،فتا َه فيها لي ًال ،وكانت ليلة
مظلمة شاتية ،فوجد ناراً تضيء من جانب الجبل ،فطلب من أهله المكوث؛ ليسير
ك ُث ٓوا ْ إ ِ ِ ّ ٓ
ۡ ُ ۡ ََ َ ٗ ََ َ َۡ ً َ َۡ ََٰ َ َ ُ
ِيث ُم َ ٰٓ
ن ارا فقال ِلهلِهِ ٱم وس ٩إِذ رءا ن با ّتجاه النار ،مستطلعا﴿ :وهل أتىك حد
َلِ ۡهلِهِۦٓ ۡ َ َ ُ ّ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ َّ ُ ٗ
َ
ارا َّل َع ّ ٓ َ َءان َ ۡس ُ
ت نَ ٗ
جد ع ٱنلارِ هدى﴾ ﴿ ،إِذ قال
(((
ل ءاتِيكم مِنها بِقب ٍس أو أ ِ ِ
َّ َ َّ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ ُ ۡ ُ َّۡ ََ َ َ ّٓ َ َۡ ُ َ ٗ َ
اب قب ٖس لعلكم تصطلون﴾ ، َ
ب أو ءاتِيكم بِشِ ه ٖ ساتِيكم مِنها ِب ٍ
إ ِ ِن ءانست نارا ٔ
(((
يتفضل عليه ،ويزيل من أمامه العقبات التي تعترض موسى Qمن الله تعالى أن ّ
وأن يجعل معه أخاه هارون Qوزيراً ومعيناً له دعوته ،وال سيما أ ّنه قتل منهم نفساًْ ،
ََ ۡ ََ َ َ ُ َ َ َ َ ّ ّٓ َ َ ُ َ ُ َ
ك ّذِبُون َ ١٢و َي ُ َ ۡ
ان فأ ۡرسِل ضيق صدرِي ول ينطل ِق ل ِس ِ ِ ِ ب إ ِ ِن أخاف أن ي في دعوته﴿ :قال ر ِ
َ َ َ َ َٰ َ ٰ ُ َ
ل َص ۡدرِي َ ٢٥وي َ ّۡ ِس
((( َ َ ّ َ ۡ ۡ
ب ٱشح ِ ون﴾ ﴿ ،قال ر ِ
ُ َُۡ ُ َ َ ٞ
ع ذۢنب فأخاف أن يقتل ِ
َ ون َ ١٣ول َ ُه ۡم َ َّ إِل هر
َ َ َۡ ٱج َعل ّل َوز ٗ ل أَ ۡمري َ ٢٦و ۡ
ٱحلُ ۡل ُع ۡق َد ٗة ّمِن ّل َِسان َ ٢٧ي ۡف َق ُهوا ْ قَ ۡول َ ٢٨و ۡ
يرا ّم ِۡن أه ِل ٢٩هٰ ُرون ِ ِ ِ ِ ِ
ِٓ
ريا َ ٣٣ونَ ۡذ ُك َر َك َكث ِ ً ك َكث ِ ٗ َۡ َُ ّ َ َ ََۡ ۡ ُ َ َ ۡ َ
ريا ٣٤ ف أ ۡم ِري ٣٢ك نسبِح ٱش ُد ۡد بِهِۦٓ أ ۡزري ٣١وأشكه ِ ٓ ٣٠ خ ِ أ
ِ ِ
ََ َّ َ ُ َ َ َ ٗ ((( َ َ َ ّ ّ َ َ ۡ ُ ۡ ُ ۡ َ ۡ ٗ َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ُ
خ ون ٣٣وأ ِ ب إ ِ ِن قتلت مِنهم نفسا فأخاف أن يقتل ِ إِنك كنت بِنا ب ِصريا﴾ ﴿ ،قال ر ِ
ُ ّ ُ َ َ ُ َُٰ ُ ُ َ َۡ َ ُ ّ َ ٗ ََۡ ُ َ َ ۡ ٗ ُ َ ّ ُ ٓ ٓ َ
َ ّ ۡ
ون﴾ ،
(((
هرون هو أفصح م ِِن ل ِسانا فأرسِله م ِع رِدءا يصدِق ِنۖ إ ِ ِن أخاف أن يكذِب ِ
ك َم َّرةً َ َ َ ۡ َ َ َّ َ َ ۡ َ َ َ َۡ ُ َ َۡ َ
٣٦ولقد مننا علي ِيت ُسؤلك فاستجاب الله تعالى له ذلك﴿ :قال قد أوت
َ ٓ ُ َ ۡ ُ ۡ ٗ َ َ َ َ َ ُ ُّ َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ َ ُ ُ
أ ۡخ َر ٰٓ
ى﴾(((﴿ ،قال َسنشد عض َدك بِأخِيك َون َعل لك َما ُسل َطٰنا فل يَ ِصلون إِلَك َما أَِبيٰت ِ َنا ۚ
َ ُ َ َ َ َّ َ َ ُ َ ۡ َ ٰ ُ َ
ون﴾((( ،وأوحى إليه وإلى أخيه هارون Qبالذهاب إلى أنتما وم ِن ٱتبعكما ٱلغل ِب
َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ٱذ َه ۡۡ
وك أَِبي ٰ ِت َول تن ِ َيا ِف ب أنت وأخ فرعون ،ودعوته إلى الله تعالى بأسلوب ل ّين﴿ :
َ
َ ُ َ َُ َ ۡ ّٗ َ ُ َ َ ُ ۡ َۡ
َّ َّ َّ َّ ٗ َ ۡ
ش﴾(((، ي َ ٰ َ
غ ٤٣فقول لۥ قول لِنا لعلهۥ يتذكر أو ٱذ َه َبا ٓ إ ِ ٰل ف ِۡر َع ۡو َن إِنَّ ُهۥ َط َ ٰ
ۡ
ذِك ِري ٤٢
َۡ َ َ ُ ۡ َ َّ َ
﴾((( ،وطمأنهما بأ ّنه معهما َ ١٨وأهدِيَك ﴿فقل هل لك
َ َ َ ََ َٓ َ َ َ َ َ َ َّ َ ٓ َّ َ َ َ ُ َ
غ ٤٥قال ل تافا ۖ اف أن َي ۡف ُر َط َعل ۡي َنا ٓ أ ۡو أن َي ۡط َ ٰ يحميهما ويس ّددهما﴿ :قال ربنا إِننا ن
ۡ َ ٓ َّ َ َ ََّ َ ۡ َ َ َّ َ َ ُ َ
َ َ َ ُ
ى﴾(((﴿ ،قال ك فٱذه َبا أَِبيٰت ِ َنا ۖ إِنا َم َعكم ُّم ۡس َت ِم ُعون ١٥فأت َِيا ف ِۡر َع ۡون ك َما ٓ أ ۡس َم ُع َوأ َر ٰ إِن ِن مع
َ ۡ ۖ َ َ ۡ
ولٓ إنَّا َر ُسول َر ّب ٱل َعٰلم َ
َ ُ َُ َ
ن إ ِ ۡس َرٰٓءِيل﴾((( ،فقصد موسى Qأرض ني ١٦أ ۡن أ ۡرسِل َم َع َنا بَ ِ ٓ ِ ِ فق ِ
مصر ،ثمّ دخل مع أخيه هارون Qعلى فرعون ،داعياً إيّاه وقومَه إلى التوحيد وعبادة
وفك أسر بني إسرائيل ،ومح ّذراً إيّاه من عاقبة الكفر والتكذيب:
الله تعالى وحدهّ ،
َ ك فَأَ ۡرس ِۡل َم َع َنا بَ ٓ ۡ َ َ َ َ ُ َ ّ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ ُ َ ٓ َّ َ ُ َ َ ّ َ
ج ۡئ َنٰك أَِبيَةٖ ّمِن ن إِسرٰٓءِيل ول تعذِبهمۖ قد ِ ُ ِ ﴿فأتِياه فقول إِنا رسول رب ِ
َ َ
َّ َّ
ع َمن كذ َب َوتَ َو ٰل﴾(((،
َ اب َ ٰ َ ۡ ٓ
ل َنا أ َّن ٱل َعذ َ َ
وح إ ِ ۡى ٤٧إِنَّا قَ ۡد أ ِ َ ۡ ٱلس َل ٰ ُم َ َ ٰ
ع َمن َّٱت َب َع ٱل ُه َد ٰٓ ك َو َّ َّ ّ َ
رب ِ ۖ
ِ
َ ٌ َ َ ٰٓ َ َّ ٓ َ ُ َ َ َ َّ َّ ول ّمِن َّر ّب ۡٱل َعٰلَم َ َ ۡ َۡ ُ ّ َُ ٞ َ َ
ع أن ل أقول ع ٱللِ إِل ني ١٠٤ح ِقيق ِ ِ ي ٰ ِفرعون إ ِ ِن رس ﴿ َوقال
ۡ َّ َ ۡ ۡ ُ ُ َ ّ َ ّ َّ ّ ُ َ
ن إ ِ ۡس َرٰٓء َِيل﴾(((ّ ، ع بَ ِ ٓ ك ۡم فَأ ۡرس ِۡل َم ِ َ َ
ولكن فرعون وكبار قومه جئتكم بِبيِنةٖ مِن رب ِ ٱلق ۚقد ِ
النبي موسى بحكمة أظهروا جه ًال بدعوته ،وأثاروا الشكوك عليه وعلى دعوته ،فواجههم ّ
ََ َ ۡ َ َ ۡ ََ َ َ َ ُ َ َ ََۡ َُّ َ َ َ ٗ ََ ۡ َ َ ۡ ُ
وبصيرة نافذة﴿ :قال ألم نربِك فِينا و ِلدا ولِثت فِينا مِن عم ِرك ِسنِني ١٨وفعلت فعلتك
ُ َ ِني َ ٢٠ف َف َر ۡر ُ َ َ َ َ ۡ ُ َ ٓ ٗ َ َ َ ۠ َ َّ ّ
ٓال َ َّ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ
ت مِنك ۡم ل َّما ين ١٩قال فعلتها إِذا وأنا مِن ٱلض ك ٰ ِفر َ
ِ ٱل ِت فعلت وأنت مِن ٱل
َ
َ ۡ َ ۡ َ َّ َ ۡ َّ َ َ َ ُّ ُ َ ٞ ك ٗما َو َج َعلَن م َِن ٱل ۡ ُم ۡر َسل ََّ ُ ۡ ك ۡم فَ َو َه َ
ُۡ ُ
ع أن ع َّبدت ِني ٢١وت ِلك ن ِعمة تمنها ِ ب ِل ر ِب ح خِفت
ٓ َۡ ني ٢٣قَ َال َر ُّب َّ َ َ ِيل ٢٢قَ َال ف ِۡر َع ۡو ُن َو َما َر ُّب ۡٱل َعٰلَم َ َ ٓ ۡ َ ٰٓ َ
ۡرض َو َما بَ ۡي َن ُه َما ۖ إِن ت َوٱل ِ ٱلسمٰو ٰ ِ ِ ب ِن إِسرء
َ
ك ُم ٱل َّول َۡ َ َ َ ُّ ُ ۡ َ َ ُّ َ َ ٓ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َُ ٓ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ُ ُ ُّ
ِني ٢٦ كنتم موقِن ِني ٢٤قال ل ِمن حولۥ أل تست ِمعون ٢٥قال ربكم ورب ءابائ ِ
ٓ َ َۡ ۡ َ َ َ ُّ ۡ َ ۡ َ َ َّ َ ُ َ ُ ُ َّ ٓ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ٞ
ب َو َما بَ ۡي َن ُه َما ۖ إِن ِ ِ ر غ م ٱل و قِ ش
ِ م ٱل ب ر ال ق ٢٧ ون قال إِن رسولكم ٱلِي أرسِل إِلكم لمجن
َ َ َ ۡ ۡ ُ َّ َ
َ َ ُّ َ َّ ٓ ۡ َ ُ ُ ۡ َ ۡ ُ َ ((( َ َ َ َ َّ ُّ ُ
ش ٍء خلق ُهۥ ي أع َط ٰى ك ٱلوس ٤٩قال ربنا ِ ك َما َي ٰ ُم ٰ َ كنتم تعقِلون﴾ ﴿ ،قال فمن رب
َ َّ َ ُّ َ ّ َ َ ۡ َ ُ ۡ
َ َّ َُ َ َ ون ٱل ٰ َ َ َ َ َ ُ ُۡ ُ ُث َّم َه َد ٰ
ضل ر ِب ول بلي ِ ول ٥١قال عِلمها عِند ر ِب ِف كِتٰ ٖ ۖ ى ٥٠قال فما بال ٱلقر ِ
َ َ َ َ ُ ُ ۡ َ َ َ ۡ ٗ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ ُ ٗ َ َ َ َ َ َّ ٓ ٓ َّ
ٱلس َماءِ َما ٗء نس ٥٢ٱلِي جعل لكم ٱلۡرض مهدا وسلك لكم فِيها سبل وأنزل مِن يَ َ
ت ِل ْو ِل ٱنلُّ َ ٰ
َ َ َ ُّ ُ ُ ْ َ ۡ َ ۡ ْ َ ۡ َ َ ُ ۡ َّ ات َش َّ ٰ َ ۡ َ ٗ ّ َّ َ ََ ۡ ۡ َ
ه ت ٥٣كوا وٱرعوا أنعٰمك ۚم إِن ِف ذٰل ِك ٓأَلي ٰ ٖ فأخ َرجنا بِهِۦٓ أزوٰجا مِن نب ٖ
ٓ ُ ََ َۡ َ َۡ َ ُ ۡ َ َ ُ ُ ُ ۡ َ َۡ ُۡ ُ ُ ۡ َ َ ُ
ى﴾(((﴿ ،فل َّما َجا َءهم ارةً أ ۡخ َر ٰ ۞ ٥٤مِنها خلقنٰكم وفِيها نعِيدكم ومِنها ن ِرجكم ت
َ
ف َءابَآئ َنا ۡٱل َّول َ أَِبيٰت َنا َب ّي َنٰت قَالُوا ْ َما َهٰ َذا ٓ إ َّل س ۡ
ِني ٣٦ تى َو َما َس ِم ۡع َنا ب ِ َه ٰ َذا ِ ٓ ِح ٞر ُّم ۡف َ ٗ
ِ ِ ِ ٖ
َ
ِ
َ َ َ ُ ُ َ ُ َ ٰ َ ُ َّ َّ َ ۡ ََ َ ُ َ َّ َ
ٱدلارِۚ إِن ُهۥ ل ُيفل ُِح ى م ِۡن عِن ِده ِۦ ومن تكون لۥ عقِبة ب أ ۡعلَ ُم ب ِ َمن َجا ٓ َء بِٱل ۡ ُه َد ٰ وس ر ٓ وقال م ٰ
ِ
ََ َ ٰ ۡ َۡ ُ َ َّ
ف ى ف ِرعون ِ ٱلظٰل ُِمون﴾((( ،وقد عملوا على تضليل الناس واالستخفاف بعقولهم﴿ :وناد
َۡ ََ۠ َۡ ٓ َََ ُۡ ُ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َ َٰ ۡ َۡ َٰ ُ َۡ ۡ َ َ َ َ ۡ ََ َ
صون ٥١أم أنا ق ۡو ِمهِۦ قال يٰقو ِم أليس ِل ملك مِص وه ِذه ِ ٱلنهر ت ِري مِن ت ِت ۚ أفل تب ِ َ
َََۡ ٓ ُۡ َ َ َۡ َ ۡ َ ٓ َ َ َ ّ ٞ َُ َ ُ ُ ُ َ َ ََ ٞ َ ۡ َّ َ َ ۡ ّ ٞ
ب أ ۡو َجا َء خي مِن هٰذا ٱلِي هو م ِهني ول يكاد يبِني َ ٥٢فلول أل ِق عليهِ أسوِرة مِن ذه ٍ
ََ َ سق َ َ ۡ َ َ َّ َ َ ُ َ ُ َّ َ ُ ْ َ ٗ َ ك ُة ُم ۡق َ َ َ َ ُ ۡ َ َ ٰٓ َ
ني﴾(((﴿ ،فقال تنِني ٥٣فٱستخف ق ۡومهۥ فأ َطاعوهُۚ إِن ُه ۡم كنوا ق ۡوما ف ٰ ِ ِ ِ معه ٱلملئ ِ
َّ ٓ َۡ َ َّ ُ َ ََ۠
َ
ى َو َما أهدِيك ۡم إِل َسبِيل
ُ يك ۡم إِل َما ٓ أ َر ٰ ُ ُ ٓ
﴾(((﴿ ،قال ف ِۡر َع ۡون َما أ ِر
َ ُ
أنا َر ُّبك ُم
َ ٓ َ ُ ٓ ُ ََ َّ َ
ٱلرشادِ﴾((( ،ثمّ إ ّنهم سخروا من موسى﴿ :Qفل َّما َجا َءهم أَِبيٰت ِ َنا إِذا هم ّم ِۡن َها
َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ((( َ ۡ َ َ ۠ َ ۡ ُ َّ َ ٰ َ ۡ ّ ٞ
ك ُاد يُب ِ ُني﴾((( ،وا ّتهموه بالكذب: ٱلي ه َو َم ِهني ٞول ي يضحكون﴾ ﴿ ،أم أنا خي مِن هذا ِ
ح ٞر ون َف َقالُوا ْ َ ٰ َٰ ۡ َ ۡ َ َ َ ٰ َ ٰ َ َ َٰ ُ َ
ني ٢٣إِل ف ِرعون وهمن وقر أَِبيٰت َنا َو ُس ۡل َطٰن ُّ َ ﴿ َولَ َق ۡد أَ ۡر َس ۡل َ
س ِ ٖ ِ ٍب م ِ ا ن
َ
ً َ َ ُ َ ٰٓ َ ُ ُ َ ۡ َ ّ َ َّ َ ٓ َ ُ ۡ ۡ ٌ َ ٰ َ َ َ ُ ۡ ُ َّ ٰ ُ َ َ
ون﴾(((، حر وليس سحرا﴿ :قال موس أتقولون ل ِلح ِق لما جاءكمۖ أسِحر هذا ول يفل ِح ٱلس ِ
وسوح ّذرهم من عذاب االستئصال إذا ما أص ّروا على كفرهم وجحودهم﴿ :قَ َال ل ُهم ُّم َ ٰ
َ
ۡ كم ب َع َذاب َوقَ ۡد َخ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ ْ َ َ َّ َ ٗ َ ُ ۡ َ ُ
اب َم ِن ٱف َ َت ٰى﴾((( .وقد أشار ِ ٖۖ حتويلكم ل تفتوا ع ٱللِ كذِبا فيس ِ
بأن يجمعوا له السحرة الماهرين من أرض مصر؛ ليتح ّدى بهم أعوان فرعون عليه ْ
َ ُ ْ ۡ َ َ َ َ َ َ
س َ ُ َ
ى ٦٢قال ٓوا إِن هٰذ ٰ ِن ل ٰ ِ موسىَ ﴿ :Qف َت َنٰ َز ُع ٓوا ْ أ ۡم َر ُهم بَ ۡي َن ُه ۡم َوأ َ ُّ
سوا ْ ٱنلَّ ۡج َو ٰ
حر ٰ ِن ي ِريد ِ
ان
ُ ُ ََۡ ْ َ ۡ َ ََۡ ََ َ َ ُ ۡ َ ُۡ َ ُ ّ َ
ل ٦٣فأج ُِعوا ك ۡي َدك ۡم ث َّم ك ُم ٱل ُم ۡث َ ٰ ۡرضكم بِسِح ِرهِما ويذهبا بِط ِريقت ِ
ُ
أن ي ِرجاكم م ِۡن أ ِ
ح ٌر َعل ِيمٞ َ ۡ ِ ۡ َ ۡ َ َّ َ ٰ َ َ َ َ َ َۡ ُ َ
ۡ َ ۡ ٰ (((
َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ْ َ ّٗ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ
ٰ
ٱئتوا صفا ۚ وقد أفلح ٱلوم م ِن ٱستعل﴾ ﴿ ،قال ٱلمل مِن قوم ف ِرعون إِن هذا لس ِ
َۡ َٓ َ َ َ ۡ ون ١١٠قَال ُ ٓوا ْ أَ ۡ ُ ۡ َ َ َ َُۡ ُ َ ُ ُ َ ُۡ َ ُ ّ ۡ َ
ج ۡه َوأخاهُ َوأ ۡرسِل ِف ٱلمدائ ِ ِن ِ ر رم أ ت ااذ م ف ۖم ك ۡرض
١٠٩ي ِريد أن ي ِرجكم مِن أ ِ
ِيم ٣٤ ح ٌر َعل ٞ َح ۡو ُ َل ٓۥ إ ِ َّن َهٰ َذا لَ َ ٰ َ َ سحر َ ٰ ُّ َ ين ١١١يَ ۡأتُ َ
ح ٰ ِش َ َ
س ِ ِيم﴾(((﴿ ،قال ٖ ل ع ٍ ِ ل ِ ك ِ ب وك ِ
ۡ َ َ َ ُْٓ َۡ َ َ َ َُۡ ُ َ ُ ُ َ ُۡ َ ُ ّ َ
ج ۡه َوأخاهُ َو ۡٱب َعث ِف ۡرضكم بِسِح ِره ِۦ فماذا تأمرون ٣٥قالوا أر ِ
ۡ
يُ ِريد أن ي ِرجكم م ِۡن أ ِ
َ َّ َ ُّ َ َُۡ ح ٰ ِش َ ٱل ۡ َم َدآئن َ
ِيم﴾ ،فوافق فرعون على فكرتهم ،وطلب (((
ار عل ٖ ٍ ح س ل
ِ ك ِ ب وك ت أ ي ٣٦ ين ِ ِِ
َ كل َ ٰ ّ ُ ُ ۡ ُ ۡ َۡ َ َ َ
ِيم﴾((( ،فل ّما جاءه ح ٍر عل ٖ س ِ ون ب ِ ِ إتيا َنه بجميع السحرة الماهرين﴿ :وقال ف ِرعون ٱئت ِ
السحرة طلب منهم أن يتح ّدوا موسى ،Qوأن يأتوا بأعظم م ّما أتى به ،فوافقوا على
َ َ َ ُ ْ َّ َ ذلك ،وطلبوا الحظوة عند الملك ،فتعهّد لهم بذلكَ ﴿ :و َجا ٓ َء َّ
ح َرةُ ف ِۡرع ۡون قال ٓوا إِن لَا
ٱلس َ
َ َ َ َ َ ۡ َّ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ ُ َّ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ ََ
ْ َّ
لجرا إِن كنا نن ٱلغلِبِني ١١٣قال نعم ِإَونكم ل ِمن ٱلمقربِني﴾ ،ثمّ اختاروا أن يُجَ مع
((( ٰ ً
وسحَ رتهالناس في يوم عيد من أعياد أهل مصر؛ وهو يوم الزينة؛ ليشهدوا لعبة الملك َ
َ َ ۡ َ ُ ُّ ۡ َ ُ َ ُ َ َّ َ ُ َ
نتم م َت ِم ُعون اس هل أ ت يَ ۡو ٖم َّم ۡعلو ٖم َ ٣٨وقِيل ل َِّلن ِ
ٱلسح َرة ل ِ ِميقٰ ِ على موسى﴿ :Qفج ِمع
ُ ُ ۡ َّ ٗ َ َ ۡ ۡ ۡ ْ
ح َرةَ إن َكنُوا ُه ُم ٱل َغٰلِب َ ٣٩لَ َع َّل َنا نَ َّتب ُع َّ
ٱج َعل بَ ۡي َن َنا َو َب ۡي َنك َم ۡوعِدا ل نل ِف ُهۥ ني﴾((( ﴿ ،ف ِ ِ
ٱلس َ
ِ
َ
ُ ٓ َ ۡ َ ٓ َ َ
ون ٥٠إِنَّا َن ۡط َم ُع أن َي ۡغ ِف َر لَا َر ُّب َنا َخ َطٰ َيٰ َنا أن ك َّنا أ َّول ٱل ُم ۡؤ ِمن ِني﴾((( ،فما كان منه ّإل
ُ َ ُ َ
منقل ِب
ْأن أمر بصلبهم وتقطيع أيديهم وأرجلهم .ولم يؤمن لموسىّ Qإل قليل من قومه
َ َٰ َ َ َ َ ٓ َ َ َ ُ َ ٰٓ َّ ُ ٞ
ع خ ۡو ٖف ّمِن وس إِل ذ ّرِ َّية ّمِن ق ۡو ِمهِۦ على خوف من فرعون وجنوده﴿ :فما ءامن ل ِم
َ ۡ ُ ۡ َ ُ َّ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ْ ۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ َّ ۡ َ ۡ َ َ
سفِني﴾ ،وقد عمل َ لي ِهم أن يفتِنه ۚم ِإَون ف ِرعون لعا ٖل ِف ٱل ِ
ۡرض ِإَونهۥ ل ِمن ٱلم ِ ف ِرعون وم ِ
(((
النبي موسى Qعلى تثبيت إيمانهم ،وح ّثهم على الصبر ،ودعا الله تعالى لهم بذلك ّ
ُّ
نتم م ۡسلِم َ ُ ْ ُ َّ َ َ
نتم بٱللِ ف َعل ۡيهِ ت َوك ٓوا إن ك ُ َ َّ نت ۡم َء َام ُ ُ َ َ
وس يٰق ۡو ِم إن ك ُ َ َ َ
وبخزي عدوهمَ ﴿ :وقال ُم ٰ
ني ِ ِ ِ ِ
َۡ َ ََّ َ َۡ َ َ َ َ ُ ْ َ َ َّ َ َ َّ ۡ َ َ َّ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ٗ ّ ۡ َ ۡ َّ
حتِك م َِن ٱلق ۡو ِم ٨٤فقالوا ع ٱللِ توكنا ربنا ل تعلنا ف ِتنة ل ِلقو ِم ٱلظٰل ِ ِمني ٨٥و ِ
ننا بِر
كمۡ ۡ َ ُُ ٗ َ ۡ َُ ْ ُُ َ ُ َ َ َ َ َّ َ َ ۡ ُ ََۡ َ َۡٓ َ ُ َ ََ ۡ َ
وس وأخِيهِ أن تبوءا ل ِقومِكما ب ِ ِمص بيوتا وٱجعلوا بيوت ين ٨٦وأوحينا إ ِ ٰل م ٰ كٰفِر َ ٱل
َ ِ
َ َ َ ُ َ ٰ َ َّ َ ٓ َّ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ ُ َ ٗ ۡ ّ َ
ٱلصل ٰوةَ ۗ َوبَش ٱل ُم ۡؤ ِمن َ ْ
ِيموا َّ ٗ َ
ق ِۡبلة َوأق ُ
ِني ٨٧وقال موس ربنا إِنك ءاتيت ف ِرعون وملهۥ زِينة ِ ِ
َ َ َّ َ ۡ ۡ َ َ ٰٓ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ ٰ ُ ُ ۡ َ َ ٰ ُّ ۡ َ َ َّ َ ُ ُّ ْ ََۡٗ
ع قلوب ِ ِه ۡم ضلوا َعن َسبِيل ِك ۖ ربنا ٱط ِمس ع أموٰل ِ ِهم وٱشدد َوأموٰل ِف ٱليوة ِ ٱدلنيا ربنا ِل ِ
َ َ َ ۡ ُ َ َّ ۡ َ ُ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ َّ ٓ ّ
يما َول تتب ِ َعا ِن جيبت دعوتكما فٱستقِ فَ َل يُ ۡؤم ُِنوا ْ َح َّ ٰ َ َ ُ ْ ۡ َ َ َ ۡ َ َ
ت يروا ٱلعذاب ٱل ِلم ٨٨قال قد أ ِ
َ َ َّ َ َ َ ۡ َ ُ َ
ون﴾((( .وتس ّرب اإليمان بدعوته إلى داخل القصر ،فآمنت به زوجة سبِيل ٱلِين ل يعلم
فرعون (آسية بنت مزاحم) ،فنهاها فرعون عن ذلك ،فلم تنت ِه ،وأعلنت براءتها من
الشرك ،فأمر بتعذيبها وقتلها ،فأوكلت أمرها إلى الله تعالى وأسلمت له ،وطلبت منه أن
ت ف ِۡر َع ۡو َن إ ۡذ قَالَ ۡٱم َرأَ َ ٱلل َم َث ٗل ّل َِّل َ
ِين َء َام ُنوا ْ ۡ ض َب َّ ُ ينجّ يها من ظلم فرعونَ ﴿ :و َ َ
ب ٱبۡ ِن
ِ
ت َر ّ
ِ
ٱلظٰل ِ ِم َني﴾((( .وبعد ْأن َ ۡ َ ۡ ِ َّ
ن ِن مِن ٱلقوم َ َّ ۡ َۡ َ َ َ َ ۡ َ َّ َ َ ّ َ َ َۡٗ
ن ِن مِن ف ِرعون وعملِهِۦ و ِ ِل عِندك بيتا ِف ٱلنةِ و ِ
ذاع خبر إيمان ث ّلة من الناس بموسى ،Qقام أعــوان فرعون باستفزازه على
ْ ۡ َۡ ۡ َۡ َ َََ ُ ُ َ ٰ َ َ َ ۡ َُ
وس َوق ۡو َم ُهۥ ِلُفس ُِدوا ِف موسى Qومَن آمن معهَ ﴿ :وقال ٱل َمل مِن قو ِم ف ِرعون أتذر م
َ ٓ َ ُ ۡ َّ َ ۡ َ ُ ۡ َ ٰ ُ َ ََ َ َ َ ََ ََ َ َ َ َ َُُّ َََۡٓ ُ ۡ ََۡ َۡ َۡ
ون﴾(((، حۦ ن ِساءهم ِإَونا فوقهم ق ِهر ِ ت س ن و م ه ء ا ن ب أ لِ ت قن س ال ق ۚ ك ت ِه لا ءو كر ذ ي و ِ
ۡرضٱل
َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َّ ّ ۡ َ َ ُ ۡ َ َّ َ َ َ َ ُ ۡ َ َّ َ َ َ َ ٓ ۡ َ ٰٓ َ ((( َ َ ُ ْ
ٱلرجز لؤمِن لك ولنسِلن معك ب ِن إِسرءِيل﴾ ﴿ ،وقالوا بِما َ ع ِهد عِندك ۖ لئِن كشفت عنا ِ
َ َ َّ َ َ ُ ۡ َ ُ َ ۡ ُ َ
ون﴾((( ،وعند ارتفاع العذاب كانوا َ
ٱلساح ُِر ٱدع لَا َر َّبك ب ِ َما َع ِه َد عِندك إِننا لمهتد َ ٰٓ
يأيُّ َه َّ
ۡ َ َ
َ ُ ُ ُ
ل أ َج ٍل هم َبٰل ِغوهُ إِذا ه ۡم كل م ّرة﴿ :فَلَ َّما َك َش ۡف َنا َع ۡن ُه ُم ّ
ٱلرج َز إ ِ ٰٓ ينقضون عهدهم في ّ
ِ
َ ُ ُ َ ((( َ َ َّ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ ُ َ
ون﴾((( .وقد بلغ حقد فرعون ومن ينكثون﴾ ﴿ ،فلما كشفنا عنهم ٱلعذاب إِذا هم ينكث
معه مبلغاً إلى ْأن ق ّرروا القضاء على موسى Qومن معه من بني إسرائيل ،فانبرى
ۡ ٞ َ َ
مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه عنهم؛ لنصحهم وصرفهم عن ذلكَ ﴿ :وقال َر ُجل ُّمؤم ِٞن
ب َّ ُ َ ۡ َ ٓ ُ ۡ َ ول َر ّ َ ّ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ ََٰ ُ ٓ ََ ۡ ُ ُ َ َ ُ ً َ َ ُ َ
ت مِن ٱلل َوقد جا َءكم بِٱلَ ّيِنٰ ِ ِ مِن ءا ِل ف ِرعون يكتم إِيمنهۥ أتقتلون رجل أن يق
ك ۡم إ َّن َّ َ َ ُ ُ َّ َ ُ َ ٗ ُ ۡ ُ َۡ ُ َ ُ َ ٗ َ َ َۡ َ ُُ َّ ّ ُ ۡ
ٱلل ربِكمۖ ِإَون يك كٰذِبا فعليهِ كذِبه ۖۥ ِإَون يك صادِقا ي ِصبكم بعض ٱلِي يعِد ۖ ِ
َۡ َل َي ۡهدِي َم ۡن ُه َو ُم ۡ ٞ َّ َ ٞ
ََ َ ُ َُ
نصنا ۡرض فمن ي ين ِف ٱل ِ ك ۡٱلَ ۡو َم َظٰهر َ ََٰ ۡ ِ َ ُ ُ ۡ ُ ۡ ُ
سف كذاب ٢٨يقوم لكم ٱلمل
ِ ِ ِ
َ ۡ َ َ ّ َّ َ َۡ
اب ٣٠ ۡ َ ۡ
ن أخاف عل ۡيكم مِثل يَ ۡو ِم ٱلح َ
ز ّ ُ َ ُ َ ٓ إ مِ َ َ
ِي َء َام َن يٰق ۡ
و ٱللِ إن َجا ٓ َءنا ۚ َوقال ٱل ٓ
َ َ َّ
س ِ ِم ۢن بأ
ِ ِِ ِ
َ َ َ ۡ ّٓ ۡ ّ ۡ ۡ َ َ َ ۡ ِ ُ َ َ َ َ ُ َ َ َ ۢ َ ۡ ۡ َ َ َّ ُ ُ ُ ُ َّ ۡ
يد ظل ٗما ل ِلعِ َبادِ ٣١ويٰقو ِم إ ِ ِن وح وعدٖ وثمود وٱلِين ِمن بع ِده ِۚم وما ٱلل ي ِر ب قوم ن ٖ مِثل دأ ِ
ََ ُ ۡ َ ۡ ُ ّ َ َّ َ َ َ ۡ ُ ُّ
ََۡ َُ َ َ َّ َ ۡ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ ُ
َ
صمٖۗ ومن يضل ِِل أخاف عليكم يوم ٱتلنادِ ٣٢يوم تولون مدب ِ ِرين ما لكم مِن ٱللِ مِن ع ِ
ك ّم َِّما
ّ َ ٱلَ ّي َنٰ ِ َ َ ۡ ُ ۡ َُۡ ۡ َََ ۡ َ َٓ ُ ۡ ُ ُ ُ َّ ُ َ َ َ ُ ۡ َ
ت فما زِلم ِف ش ٖ ٱلل فما لۥ مِن ها ٖد ٣٣ولقد جاءكم يوسف مِن قبل ب ِ ِ
ُ
ٱلل َم ۡن ه َو ض ُّل َّ ُ ٗ َ َ َ ُ ۡ ث َّ ُ َ َّ ٰٓ َ َ َ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ
َجا َءكم بِهِۖۦ حت إِذا هلك قلتم لن يبع
ٓ ُ
ٱلل ِم ۢن َبع ِده ِۦ َر ُسول ۚ كذٰل ِك ي ِ
َ َّ َّ َ ۡ ُ ۡ َ ٰ َ َ ٰ ُ ۡ َ ُ َ ۡ َّ َ ُ َ ٰ ُ َ ٓ َ َ ُم ۡس ٞف ُّم ۡرتَ ٌ
ِند ٱللِ ب َمق ًتا ع ي سلط ٍن أتىهمۖ ك ِ ِ غ ب ِ ٱلل تِ ٰ اي اب ٣٤ٱلِين يجدِلون ِف ء ِ
َّ َ ّ َ َ ُ ۡ َ ّ ُ َ َ ُ َّ ُ َ ۡ َ َ
َوعِند ٱلِين ءامن ۚوا كذٰل ِك يطبع ٱلل ٰ َ َ ْ ُ َ َ َ َّ َ
ب جبارٖ﴾((( ،ولك ّنهم لم ينتصحوا ب متك ِ ٖ ك قل ِ ع ِ
بكالمه ،بل عمد فرعون إلى تضليل الناس ،وحرفهم عن مقولة مؤمن آل فرعون ،فأمر
عال ليرتقيه ،باحثاً عن إله موسى ،Qمع حكمه المسبق وزيره هامان ببناء برج ٍ
َ َ ُ َ ۡ َ َ
ُ
ت لكم ّم ِۡن إِل ٰ ٍهيأ ُّي َها ٱل َمل َما َعل ِۡم ُبكذب موسى Qفي دعواهَ ﴿ :وقَال ف ِۡر َع ۡو ُن َ ٰٓ
ِإَون َلَ ُظ ُّنهۥُ
َ ۡ َ ّ َ ۡ ٗ َّ َ ّ َ َّ ُ َ َ ٰ ُ َ ٰ ّ ََ ۡ َ َ َ ََ ّ َۡ
ل أطل ِع إ ِ ٰٓ
ل إِلهِ موس ِ ني فٱجعل ِل صحا لع ِ ٓ يي فأ ۡوق ِد ِل يٰهٰم ٰ ُن ع ِ
ٱلط ِ غ ِ
((( سورة األعراف ،اآلية .134
((( سورة الزخرف ،اآلية .49
((( سورة األعراف ،اآلية .135
((( سورة الزخرف ،اآلية .50
((( سورة غافر ،اآليات .35-28
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 194
موسى Qومن معه ،انطبق الماء على فرعون وجنوده ،فماتوا غرقاً ،وجعلهم الله
ك ۡم َوأَ ۡغ َر ۡق َنا ٓ َء َال ف ِۡر َع ۡو َن َوأَ ُ
نت ۡم
ُ ُ َۡ ۡ َ ََ َۡ َٰ ُ ۡ َ ۡ
تعالى آية للعالمينِ﴿ :إَوذ ف َرق َنا بِكم ٱلحر فأجنين
َ َ َ ۡ َ ُ َٰ َ َ َّ َ َ َ ُ ّ َ َ ۡ ّ َ َ َ ُ ۡ ((( َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ َ
تنظ ُرون﴾((( ﴿ ،فغشِ يهم مِن ٱل ِم ما غشِ يهم﴾ ﴿ ،وأزلفنا ثم ٱٓأۡلخ ِرين ٦٤وأجنينا موس
َۡ َ ُ
ٱل ّمِۖ فٱنظ ۡر ف م
َ َ ((( َ َ َ ۡ َ ٰ ُ َ ُ ُ َ
ودهُۥ َف َن َب ۡذ َنٰ ُه ۡ نج و ه ن ذ خأف ينر ٱٓأۡلخ انني ُ ٦٥ث َّم أَ ۡغ َر ۡق َ
جع َ َو َمن َّم َع ُه ٓۥ أَ ۡ َ
ِ ﴿ ، ﴾ ِ ِ
َ َ َ ۡ َ ٰ ُ ۡ َ َّ ٗ َ ۡ ُ َ َ َّ َ َ ۡ َ ۡ َ ٰ َ َ ُ َ ُ َ ٱلظٰلِم ََ ۡ َ َ َ َ ٰ َ ُ َّ
نصون ٤١ ني ٤٠وجعلنهم أئِمة يدعون إِل ٱنلارِۖ ويوم ٱلقِيمةِ ل ي ِ كيف كن عقِبة
ِني﴾((( ،فأَت ّمت الحجّ ة على
ۡ
ِ
ۡ َ َو َأ ۡت َب ۡع َنٰ ُه ۡم ف َهٰ ِذه ِ ُّ
ٱدل ۡن َيا ل ۡع َن ٗة ۖ َو َي ۡو َم ٱلق َيٰ َمةِ ُهم ّم َِن ٱل َم ۡق ُبوح َ
ِ
َ ۡ َۡ َ َ َ َ ُّ َ ٰ َ َ ُ َ ۡ ُ
ليْهِۦ وس وهٰرون إ ِ ٰل ف ِرعون وم ِ فرعون وقومه بالتبليغ واإلنذار﴿ :ث َّم َب َعث َنا ِم ۢن َب ۡع ِدهِم م
َ ٓ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ َّ ٓ َ َ َ ٰ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ َ َ ُ ْ َ ۡ ٗ ُّ ۡ
نت أن ُهۥ ل إِل ٰ َه ِني﴾((( ﴿ ،إِذا أدركه ٱلغرق قال ءام مرم َ
ِ أَِبيتِنا فٱستكبوا وكنوا قوما
َ
نت م َِن ت َق ۡب ُل َو ُك َ َٰٔـن َوقَ ۡد َع َص ۡي َ
ٓال ََ ۡ
ني ٩٠ء ِيل َوأنَا ۠ م َِن ٱل ۡ ُم ۡسلِم َ
ِ
َ ُ ٓ ْ ۡ َ ٰٓ َ
ت بِهِۦ بنوا إِسرء إ َّل َّٱل ٓ
ِي َء َام َن ۡ
ِ
اس َعنۡ َّ َ ّ ٗ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ ّ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ٗ َّ َ َ ُۡۡ
جيك بِبدن ِك لِ كون ل ِمن خلفك ءاية ۚ ِإَون كثِريا مِن ٱنل ِ سدِين ٩١فٱلوم نن ِ ٱلمف ِ
َ َّ َ ُ
َ َٰ َ َٰ َ َ
ون﴾(((َ ﴿ ،وأ َضل ف ِۡر َع ۡو ُن ق ۡو َم ُهۥ َو َما َه َد ٰى﴾(((. ءايتِنا لغفِل
األفكار الرئيسة
النبي موسى بن عمران ،Qهو من أنبياء بني إسرائيل ،من ِو ْلد الوي بن ّ .1
يعقوب ،Qومن األنبياء أولي العزم ،وصاحب شريعة التوراة.
.2حكى القرآن الكريم قصّ ة والدته وإلقاء أمّه إيّاه في البحر ،والتقاط آل فرعون له،
وتربيته ،إلى ْأن بلغ أش ّده واستوى.
النبي موسى Qمن أرض مصر ،متوجّ هاً إلى أرض مدين ،بعد ْأن قضى .3خرج ّ
على رجل ظالم من األقباط ،كان يهمّ بقتل رجل من بني إسرائيل.
النبي موسى Qإلى أرض مصر ،بعد ْأن أرسله الله تعالى إليها مع أخيه .4عاد ّ
هارونQ؛ لدعوة فرعون وقومه إلى رسالته التوراة ،وأتاهم من الب ّينات
بسحَ رتهم ،فنصره اللهوالمعاجز المص ّدقة له ،ولك ّنهم كفروا بدعوته ،وتح ّدوه َ
تعالى عليهم ،ولحقهم -بسبب كفرهم -البالءُ .ول ّما رفعه الله تعالى عنهم ،ق ّرروا
قتل موسى Qومن معه ،فأوحى الله تعالى إليه بالخروج ببني إسرائيل من
شق اللهأرض مصر إلى سيناء ،فلحقه فرعون وقومه ،وغرقوا في البحر ،بعد ْأن ّ
تعالى له البحر ،وجاوزه ومن آمن معه ،وأهلك فرعون وجنوده.
ّ
فكر وأجب
مطالعة
علي بن عبد الصمد ،عن أبيه ،حدثنا الس ّيد أبو البركات الخوزيّ ،عنأخبرنا الشيخ ّ
الشيخ أبي جعفر مح ّمد بن بابويه ،عن أبيه ،ح ّدثنا سعد بن عبد الله ،ح ّدثنا أحمد بن
البزنطي ،عن أبان بن عثمان ،عن مح ّمد
ّ مح ّمد بن عيسى ،ح ّدثنا أحمد بن أبي نصر
الحلبي ،عن أبي عبد الله صلوات الله عليه ،قال« :إنّ يوسف بن يعقوب صلوات الله ّ
عليهما حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب؛ وهم ثمانون رجالً ،فقال :إنّ هؤالء القبط
سيظهرون عليكم ،ويسومونكم سوء العذاب ،إنّما ينجّ يكم الله برجل من ولد الوي
بن يعقوب ،اسمه موسى بن عمران بن فاهث بن الوي ،غالم طوال ،جعد الشعر ،آدم
اللون ،فجعل الرجل من بني إسرائيل يسمّي ابنه عمران ،ويسمّي عمران ابنه موسى».
فذكر أبان ،عن أبي الحصين ،عن أبي بصير ،عن أبي عبد الله صلوات الله عليه أ ّنه
قال« :ما خرج موسى حتّى خرج ثمانون كذّاباً من بني إسرائيل ،كلّهم يدّعي أنّه موسى
بن عمران ،فبلغ فرعون أنّهم يرجفون به ،ويطلبون هذا الغالم ،فقال له كهنته وسحرته:
إنّ هالك دينك وقومك على يدَي هذا الغالم الذي يولد العام من بني إسرائيل ،قال:
فوضع القوابل على النساء ،فلمّا رأى ذلك بنو إسرائيل ،قالوا :تعالوا ال نقرب النساء،
فقال عمران أبو موسى :آتوهن ،فإنّ أمر الله واقع ولو كره المشركون .اللهمّ من تركه
فإنّي ال أتركه .ووقع على أ ّم موسى فحملت ،فوُضع على أ ّم موسى قابلة تحرسها ،فإذا
قامت قامت وإذا قعدت قعدت .قال :فلمّا حملته أمّه وقعت عليها المحبّة .وكذلك
حجج الله على خلقه ،فقالت لها القابلة :ما لك يا بنت ،تصفرّين وتذوبين؟ فقالت :ال
تلوميني ،فإنّي إذا ولدت أُخذ ولدي فذُ بح ،قالت :فال تحزني فإنّي سوف أكتم عليك،
فلم تصدّقها ،فلمّا أنْ ولدت ،التفتت إليها وهي مقبلة ،فقالت :ما شاء الله ،فقالت :ألم
أقل :إنّي سوف أكتم عليك! ثمّ حملته فأدخلته المخدع وأصلحت أمره ،ثمّ خرجت إلى
الحرس وكانوا على الباب ،فقالت :انصرفوا ،فإنّما خرج دم مقطع ،فانصرفوا ،فأرضعته،
فلمّا خافت عليه ،أوحى الله إليها :اجعليه في تابوت ،ثمّ أخرجيه ليالً ،فاطرحيه في نيل
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 198
مصر ،فوضعته في التابوت ،ثمّ دفعته في اليمّ ،فجعل يرجع إليها ،وجعلت تدفعه في
الغمر ،وإنّ الريح ضربته ،فانطلقت به ،فلمّا رأته قد ذهب به الماء ،فهمَّ ت أنْ تصيح،
فربط الله على قلبها .وقد كانت الصالحة امرأة فرعون ،وهي من بني إسرائيل ،قالت:
إنّها أيّام الربيع ،فأخرجني ،فاضرب لي قبّة على شاطئ البحر حتّى أتنزّه هذه األيّام،
شط النيل ،إذ أقبل التابوت يريدها ،فقالت :هل ترون ما أرى على فضرب لها قبّة على ّ
الماء؟ قالوا :إي والله يا سيّدتنا ،إنّا لنرى شيئاً ،فلمّا دنا منها ثارت إلى الماء فتناولته
بيدها ،وكاد الماء يغمرها حتّى صاحوا عليها ،فجذبته ،فأخرجته من الماء ،فأخذته،
فوضعته في حجرها ،فإذا غالم أجمل الناس ،فوقعت عليها له محبّة ،وقالت :هذا ابني،
فقالوا :إي والله يا سيّدتنا ،ما لك ولد وال للملك ،فاتّخذي هذا ولداً ،فقالت لفرعون :إنّي
أصبت غالماً طيّباً نتّخذه ولداً ،فيكون قرّة عين لي ولك ،وال تقتله ،قال :ومن أين هذا
الغالم؟ قالت :ما أدري ّإل أنّ الماء جاء به ،فلم تزل به حتّى رضي.(((» . . .
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
َُ َۡ ۡ ۡ َ ۡ َٰ ُ َ ٰ َ
ٱضب
ِ وس ل ِق ۡو ِمهِۦ فقلنافروع بني إسرائيل من أبناء يعقوبِ﴿ :Qإَوذِ ٱستسق م
َّ ۡ َ َ ُ ۡ ُ ُ ْ َ ۡ َ ْ ّ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ ۡ ۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ ٗ َ ۡ َ ُ ُّ ُ َ
ٱش ُبوا مِن اس مشبهمۖ كوا و شة عيناۖ قد عل َِم ك أن ٖ بِعصاك ٱلجر ۖ فٱنفجرت مِنه ٱثنتا ع
ۡ َۡ َّ َ َ َ ْ
حط بنو إسرائيل ِين﴾((( ،فشربوا واستقوا .وبعد أن ّ سد َۡرض ُمف ِّرِ ۡز ِق ٱللِ َول ت ۡعث ۡوا ِف ٱل ِ
رحالهم في هذه المنطقة ،وتأمّنت لهم البيئة االجتماع ّية اآلمنة ،أمر الله تعالى نب ّيه
ب وس ۡٱلك َِتٰ َ ۡ
ِإَوذ َءاتَ ۡي َنا ُم َ موسى Qبالذهاب إلى ميقاته؛ لتل ّقي شريعة التوراة﴿ :
َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ
بأن الله تعالى ق ّربه وناجاهَ ﴿ :ونٰ َديۡ َنٰ ُه مِن ون﴾((( ،فل ّما أخبرهم ّ وٱلفرقان لعلكم تهتد
ن ّٗيا﴾((( ،قالوا له لن نؤمن لك ح ّتى نسمع كالمه تعالى كما
َ ۡ َ ۡ َ َ َ َّ ۡ َ ُ ُّ َ
ِب ٱلطورِ ٱليم ِن وقربنٰه ِ جان ِ
سمعته((( .وقد اختار موسى Qسبعين رج ًال من قومه وأخذهم معه إلى ميقات ربّه؛
ٗ ّ َ َۡ َ ُ َ ٰ َ
وس ق ۡو َم ُهۥ َس ۡب ِع َني َر ُجل ل ِ ِم َيقٰت ِ َناۖ﴾((( ،وكان الميقات ليشهدوا تل ّقيه التوراة﴿ :وٱختار م
َۡ َٗ َ ۡ َ ۡ ََٰ َ ۡ َ َ َ
ش ف َت َّم للة وأتممنها بِع ٖ ثالثين ليلة ،ثمّ ُأتمّ إلى أربعين ليلةَ ﴿ :و َو ٰ َع ۡدنا
َ َٗ َ
م َِيقٰ ُت َر ّبِهِۦٓ أ ۡر َبعِ َني ۡللة ۚ﴾((( .ول ّما ك ّلم الله تعالى موسى ،Qوأوحى إليه التوراة،
شككوا في ذلك ،وطلبوا منه أمراً ممتنعاً ومحاالً ،وهو رؤية الله عياناً؛ لتصديقه في ما ّ
ت نَ َرى َّ َ ۡ ُ ۡ ُ ۡ َ ٰ ُ َ ٰ َ ُّ ۡ َ َ َ
ٱلل َج ۡه َر ٗة﴾((( ،فأصابتهم صاعقة ك َح َّ ٰ ُأوحي إليهِ﴿ :إَوذ قلتم يموس لن نؤمِن ل
َّ َ ُ َ ُ َ ُ َ ََ َ َۡ ُ
أرجفتهم ،فخ ّروا صرعى﴿ :فأخذتك ُم ٱلصٰعِقة َوأنت ۡم تنظ ُرون﴾((( ،ثمّ سأل موسىQ
َ َ َّ ٓ َ َ َ ۡ ُ ُ َّ ۡ َ ُ َ َ َ ّ َ ۡ ۡ َ َ ۡ َ ۡ
ت أهلك َت ُهم ب لو شِئ أن يعيد إحياء م َْن هلك من قومه ﴿ :فلما أخذتهم ٱلرجفة قال ر ِ ربّه ْ
ۡ ّ َ ۡ ُ َّ ٰ َ َ ُ ۡ ُ َ َ َ َ َ ُّ َ َ ٓ ُ َّ ٓ ۡ َ َّ ۡ َ ُ َ ُ ُّ َ َ َ َ ٓ ُ َ َ
ضل بِها من تشاء وتهدِي مِن قبل ِإَويي ۖ أتهل ِكنا بِما فعل ٱلسفهاء مِنا ۖ إِن ِه إِل ف ِتنتك ت ِ
عادوا إلى جهلهم ،وسألوا موسى Qأن يتوجّ ه إلى ربّه بسؤاله الرؤية لنفس .ومع
إيقانه Qباستحالة رؤيته تعالى وفق ما يريدون((( ،توجّ ه إليه تعالى بالسؤال؛ إلتمام
الحجّ ة عليهم ،فأجابه الله تعالى بالنفي ،وأعطاه عالمة على عدم تح ّمل ذلك ،واستحالته
َ ٰ َ َ َ َّ َ ُ َ ُّ ُ َ َ َ ّ َ ٓ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ َ باندكاك الجبلَ ﴿ :ول َ َّما َجا ٓ َء ُم َ ٰ
لكۚ قال لن وس ل ِ ِميقتِنا وكمهۥ ربهۥ قال ر ِ
ب أرِ ِن أنظر إ ِ
َ َ َ ُ ۡ َ َۡ َ َ
ٱل َب ِل فإ ِ ِن ۡٱس َت َق َّر َمكنَ ُهۥ ف َس ۡوف تَ َرى ٰ ِن ۚ﴾((( ،فل ّما تج ّلى الله تعالى ك ِن ٱنظر إِل ت َرى ٰ ِن َول ٰ ِ
َ
ََ
اندك الجبل ،وخ ّر موسى Qمغش ّياً عليه﴿ :فل َّما بارتفاع بعض حُ جُ ب العوالم العلويّةّ ،
َ َ َّ ٰ َ ُّ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ َ ّٗ
وس َص ِع ٗقا ۚ﴾((( ،فل ّما أفاق عاين بعين اليقين ،بعد كا َو َخ َّر ُم َ ٰ تل ربهۥ ل ِلجب ِل جعلهۥ د
َ َ
َ َ َّ ٓ َ َ َ َ ُ ۡ َ ٰ َ َ ُ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ ۠
أن كان عالماً بعلم اليقين استحالة رؤيته تعالى﴿ :فلما أفاق قال سبحنك تبت إِلك وأنا ْ
َ
ِني﴾((( ،فاصطفاه الله تعالى برسالته ،وأنزل عليه شريعة التوراة﴿ :قَال َي ٰ ُم َٰٓ
وس أَ َّول ٱل ُم ۡؤ ِمن َ
ۡ ُ
ٱلشكِر َ َ ٰ َ ٰ َ َ َ ٰ َ ُ ۡ َ ٓ َ َ ۡ ُ َ َ ُ ّ َ َّ ع ٱنلَّ ّ ۡ َ َُۡ َ ََ
ين ١٤٤ ِ ٰ ِن م ن ك و ك ت ي ات ء ا م ذ خ ف مِ ل ك ب و
ِ ِ ِ ت ل سر ِ ب ِ
اس إ ِ ِن ٱصطفيتك
ُ ۡ َ َ ّ ُ ّ ٗ ۡ َ ٗ َ ّ ُ ۡ َ ۡ َ َ
ش ٖء ف ُخذ َها بِق َّوة ٖ﴾((( .وكانش ٖء َّم ۡوع َِظة َوتف ِصيل ل ِك ۡ
ِ
اح مِن ك ۡ
ِ َوك َت ۡب َنا ُلۥ ِف ٱلل َو ِ
َ
وس ِلخِيهِ موسى Qقد استخلف أخاه هارون Qفي بني إسرائيلَ ﴿ :وقَ َال ُم َ ٰ
َ ۡ ۡ َ َ َّ َ ۡ َ َ َ ۡ ُۡ
ِين﴾((( ،فل ّما ذهب إلى الميقات سد َ هٰ ُرون ٱخلف ِن ِف ق ۡو ِم َوأصل ِۡح َول تتب ِ ۡع َسبِيل ٱل ُمف ِ
الذي طال غيابه فيه أربعين ليلة ،قام السامريّ بصنع عجل من ذهب ،وجعل له خواراً،
ۡ َ ٰ َ ۡ َ ُ َ ٰٓ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ٗ ُ
للة ث َّم فاف ُتتن به بنو إسرائيل ،وعبدوه من دون الله تعالىِ﴿ :إَوذ وعدنا موس أرب ِعني
َ َ َ َّ ُ ُ ُ ََ َ َ ََ ُ َ َّ َ ۡ ُ ۡ َ
نت ۡم ظٰل ُِمون ٥١ث َّم عف ۡونا َعنكم ّ ِم ۢن َب ۡع ِد ذٰل ِك ل َعلك ۡم ٱتذت ُم ٱلعِ ۡجل ِم ۢن َب ۡع ِده ِۦ وأ
ردعهم عن فعلتهم ،وبالغ في تنبيههم على خطورة ما قاموا به من كفر ،ولك ّنهم لم
َّ َ َّ ُ َ ََ ۡ َ َ َُ ۡ َُٰ ُ
ون مِن َق ۡب ُل َي ٰ َق ۡو ِم إ َّن َما فُت ُ
ٱلر ۡح َم ٰ ُن
ك ُم َّ نتم بِهِۖۦ ِإَون رب ِ ِ يطيعوا أوامره﴿ :ولقد قال لهم هر
وس﴾((( .وقد ت يَ ۡرج َع إ ِ َ ۡ
ل َنا ُم َ ٰ ٰ ني َح َّ
كف َ ٰ َ ُ ْ َ َّ ۡ َ َ َ َ ۡ َ
ع ِ ه ي ل ع ح ب ن ن ل واالق ٩٠ ير ِيع ٓوا ْ أَ ۡ
م فَٱتَّب ُعون َوأَط ُ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
أوحى الله تعالى لموسى Qارتداد قومه وعبادتهم العجل ،فرجع موسىQ
ََٓ َ ۡ َ َ َ َ َۡ َ
سابقاً في سيره لمن كان معه من بني إسرائيل في الميقات﴿ :وما أعجلك عن قومِك
َ َ َ َّ َ َ َ َ ب ل َ ِۡت َ ٰ َ َ ۡ ُ َۡ َ َ َ ُ ۡ ُ ْ َ ٓ َ َ ٰٓ َ َ َ ُ َ ٰ
ض ٨٤قال فإِنا ق ۡد ف َت َّنا ق ۡو َمك ِ
ك َر ّ ل ِ إ ت ل جِ ع و ي يٰموس َ ٨٣قال هم أولءِ ع أث ِ
ر
َ ِم ۢن َب ۡعد َِك َوأ َض َّل ُه ُم َّ
غضبان ساخطاً عليهمَ ﴿ :ول َّما َر َج َع َ ٱلسام ِِر ُّي﴾((( ،متوجّ هاً إلى قومه،
ۢ َۡ ٓ َ َ ُۡۡ َۡ َ َّ ُ وس إ َ ٰل قَ ۡو ِمهِۦ َغ ۡض َبٰ َن أَس ِٗفا قَ َال ب ۡئ َس َما َخلَ ۡف ُت ُ ُ َ
ك ۡمۖ﴾(((، جلتم أمر ر ِبون ِمن بعدِيۖ أع ِ ِ م ِ م ٰٓ ِ
َ ۡ َ َ َ ٗ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ُّ ُ ۡ َ ۡ ً َ َ ً َ َ َ َ َ َ
ق ۡو ِمهِۦ غضبٰن أسِفا ۚ قال يٰقو ِم ألم يعِدكم ربكم وعدا حسنا ۚ أفطال ﴿ف َر َج َع
َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ ُّ ۡ َ َ َّ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ ّ َّ ّ ٞ
ك ۡم فأ ۡخل ۡف ُتم َّم ۡو ِعدِي﴾(((، عليكم ٱلعهد أم أردتم أن يِل عليكم غضب مِن رب ِ
فأجابوه بأ ّنهم افتتنوا بما صنع لهم السامريّ من الذهب الذي حملوه معهم من أرض
َ َۡ ََ َۡ َ ُ ْ َ ٓ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ َّ ُ ّ ۡ ٓ َ
ينةِ ٱلق ۡو ِم فقذف َنٰ َهاحِل َنا أ ۡو َز ٗارا ّمِن ِز مصر﴿ :قالوا ما أخلفنا موعِدك بِملكِنا ولٰكِنا
َ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ ۡ ٗ َ َ ٗ َّ ُ ُ َ َ ۡ ُ ُ ٰ َ ٓ َ ٰ َ ْ ُ َ َ ٞ
ِإَولٰهُ ُّ َّ َ َ َٰ َ َ ۡ َ
فكذل ِك ألق ٱلسام ِِري ٨٧فأخرج لهم عِجل جسدا لۥ خوار فقالوا هذا إِلهكم
َ َ َ َ َ ۡ َ َ َّ َ ۡ ُ َ ۡ ۡ َ ۡ ٗ َ َ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ ّٗ َ
ضا َول َن ۡف ٗعا﴾((( ،ثمّ عاتب جع إِل ِهم قول ول يمل ِك لهم س ٨٨أفل يرون أل ير ِ وس فَنَ ِ َ
ُم َ ٰ
أخاه هارون Qعلى عدم ا ّتخاذه الموقف الحاسم من ارتدادهمَ ﴿ :و َأ ۡل َق ۡٱلَل ۡ َو َ
اح
َ ُ ْ
بأن يدفع عنه أذى الج ّبارين وليدخلها﴿ :قالوا فليدع الله تعالى ْ ُ كان ال ب ّد من الدخول،
َّ َ ٰ ُ َ َ ٰ ُ َ ٓ َ َ ََ َ َ َ ۡ
ٱذ َه ۡ ْ َ َ
َ ٰ ُ َ ٰٓ َّ َ َّ ُ َ ٓ ٗ
ون﴾(((. نت َو َر ُّبك فقٰتِل إِنا ههنا قعِد
بأ َ وس إِنا لن ن ۡدخل َها أبَدا َّما د ُاموا فِيها فيم
وكانوا قد طلبوا من موسىْ Qأن يدعو الله تعالى بأن ينزّل عليهم شيئاً م ّما تنبته
المن والسلوى: والخ َضر والحبوب من القمح والعدس ،بدالً من ّ
األرض من البقول ّيات ُ
َ ۡ ُ َ َ َ َّ َ ُ ۡ ۡ َ َ َّ ُ ُ ۡ َ ُ ب َ َٰ ِإَوذ قُ ۡل ُت ۡم َي ٰ ُم َ ٰ
وس لَن نَّ ۡص َ ۡ
ت ٱلۡرض ع َط َعا ٖم َو ٰ ِ
ح ٖد فٱدع لا ربك ي ِرج لا مِما تۢن ِب ِ ﴿
ٓ
ِم ۢن َب ۡقل َِها َوق َِّثائ ِ َها َوفُوم َِها َو َع َدس َِها َو َب َصل َِهاۖ﴾((( ،فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير
َ ۡ ٌ ((( َ ُ ُ َ َ ۡ َ َّ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َّ
ٰ
بجهلهم وظلمهم ألنفسهم﴿ :قال أتستبدِلون ٱلِي هو أدن بِٱلِي هو خيۚ﴾ ،فأشار
إليهم موسى Qبدخول األرض المق ّدسة ،ففيها ما سألوه من األطعمة ،وزيادة لهم
ۡ ُۡ َۡ ۡ ُ ْ ۡ ٗ َ َّ َ ُ
ِصا فإِن لكم َّما َسألُ ۡمۗ﴾(((ِ﴿ ،إَوذ قل َنا في الرزق ،ومغفرة من الله تعالى﴿ :ٱهبِطوا م
ۡ َّ ٞ ٗ ُ ُ ْ
اب ُس َّجدا َوقولوا ح َِّطة نغفِ ۡر ٱد ُخلُوا ْ ۡٱلَ َ
ۡ ُ ُ ْ َٰ َۡ ۡ َ َ َ ُُ ْ ۡ َ َ ۡ ُ ُۡ ۡ َ َ ٗ َ ۡ
ٱدخلوا ه ِذه ِ ٱلقرية فكوا مِنها حيث شِئتم رغدا و
َ ً ْ َ
ين َظل ُموا قَ ۡول غ َ ۡ َّ َ َ
ني﴾((( ،ولك ّنهم رفضوا﴿ :ف َب َّدل ِ سن َ َ ُ ۡ ۡ َ ُ َ َ ُ
ي ٱل َ لك ۡم خ َطٰيٰك ۡ ۚم َو َسنِيد ٱل ُمح ِ ِ
َ َ َ ّ ّ َ َُ ۡ َّ
ب إ ِ ِنٱلِي قِيل لهم﴾((( ،فدعا موسى Qربّه شاكياً عصيان قومه له﴿ :قال ر ِ
َ َ
ذل وهوان، أ ۡمل ُِك إ ِ َّل َن ۡف ِس َوأ ِخۖ فَ ۡٱف ُر ۡق بَ ۡي َن َنا َو َب ۡ َي ۡٱل َق ۡو ِم ۡٱل َفٰ ِسقِ َني﴾((( ،فلحقهم بعدها ّ
َ ُ َ ۡ َ َ ۡ ُ ّ َّ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ ُ َ َ ٓ ُ َ َ
ب ضبت علي ِهم ٱذلِلة وٱلمسكنة وباءو بِغ ٖ
ض بغضب من الله تعالى عليهم﴿ :و ِ ورجعوا
َّ َ َ ۡ ُ ُ َ َّ ّ َ َ ۡ ۡ َ ّ َ ٰ َ َ َ َ ْ ۡ ُ َ َ ْ ُ َ َ
َّ َ َ َّ ّ
ي ٱل ِقۗ ذل ِك بِما عصوا يۧن بِغ ِ ت ٱللِ ويقتلون ٱنلب ِ ِ م َِن ٱللِۗ ذٰل ِك بِأن ُه ۡم كنوا يَكف ُرون أَِبي ٰ ِ
َّ َ ُ ْ َ ۡ َ ُ َ ((( َ َ َ َ ۡ َ َ َّ َ َ َ ُ ْ ۡ ٗ ّ َ َّ َ ٓ َ َ ُ ْ َ ۡ ُ ُ َ
ون﴾(((، ٱلين ظلموا رِجزا مِن ٱلسماءِ بِما كنوا يفسق وكنوا يعتدون﴾ ﴿ ،فأنزلا ع ِ
وح ّرم الله تعالى عليهم دخول األرض المق ّدسة أربعين سنة ،يتيهون في أرض سيناء ،ال
َ َ ۡ ُ َ َ َ ٓ َ ٰ ُ َّ َّ َ
ٱلش ۡي َطٰ ُن أ ۡن أ ۡذ ُك َرهُ ۚۥ َو َّٱتَ َذ َسبِيلَ ُهۥ ِف ۡٱلَ ۡح ِر َع َج ٗبا﴾((( ،فرجعا فوراً ٱلوت وما أنسىن ِيه إِل
َ َ َ َ ٰ َ َ ُ َّ َ ۡ َ ۡ َ َّ َ َ ٰٓ َ
ع َءاثارِه َِما ق َص ٗصا إلى مكان الصخرة ،فوجدا العبد الصالح﴿ :قال ذل ِك ما كنا نب ِ ۚغ فٱرتدا
ۡ َّ َّ َ َ َ َ َ ۡ ٗ ّ ۡ َ َٓ َ َۡ َُٰ َ ۡ َٗ
حة ّم ِۡن عِندِنَا َو َعل ۡم َنٰ ُه مِن ُلنَّا عِل ٗما﴾((( ،فطلب منه ٦٤فوجدا عبدا مِن عِبادِنا ءاتينه ر
َ َ َ ُ ُ َ َ ۡ َ َّ ُ َ َ َ َ
ع أنوس هل أتبِعك ٰٓ موسى Qأن يرافقه ويع ّلمه م ّما ع ّلمه الله تعالى﴿ :قال لۥ م ٰ
ّ ّ
ُت َعل َِم ِن م َِّما ُعل ِۡم َت ُر ۡش ٗدا﴾((( ،فأجابه بأ ّنه ال يستطيع أن يصبر على ما يواجهه من أحداث
ع َص ۡ ٗ ك لَن ت َ ۡس َت ِط َ
يع َم ِ َ َ َ َّ َ
با ٦٧ أثناء مرافقته له؛ لعدم علمه بتأويلها وحقيقتها﴿ :قال إِن
َ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ َٰ َ ُ
ع َما ل ۡم ت ِۡط بِهِۦ ُخ ۡ ٗبا﴾((( ،ثمّ وافق العبد الصالح على مرافقته وتعليمه، وكيف تص ِب
واشترط عليه ْأن ال يُح ِّدثه طيلة مرافقته إيّاه ،وال ينكر عليه فع ًال وال قوالً ،إلى أن يبادر
َ َّ ُ
َ َ َ
ت أ ۡحدِث لك م ِۡن ُه ش ٍء ح ٰٓ س ۡلن َعن َ ۡ َّ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ
هو بكشف حقيقته له﴿ :قال فإ ِ ِن ٱتبعت ِن فل ت ٔ ِ
نجد ِ
ً َ َ َ َ ُ ٓ
أن يصبر وال ينكر عليه أمرا﴿ :قال ست ِ ذ ِۡك ٗرا﴾((( ،فأجابه موسى Qبأ ّنه سيحاول ْ
َ َ َٓ َ إن َشا ٓ َء َّ ُ
ٱلل َصاب ِ ٗرا َول أ ۡع ِص ل َك أ ۡم ٗرا﴾((( .فل ّما سارا ،اختبره العبد الصالح باالختبار ِ
َ َ َ َ َ َ ََّ
ٱلسفِ َينةِ َخ َرق َهاۖ﴾((( ،فأنكر عليه ت إذا َرك َِبا ف َّ
ِ األوّل ،حيث قام بخرق سفينة﴿ :فٱنطلقا ح ٰٓ ِ
َ َ َ َ َََۡ ُۡ َ َۡ ََ ََ ۡ ۡ َ َ ۡ
يا إ ِ ۡم ٗرا﴾((( ،فأجابه ت ش ًٔ جئ
موسى Qهذا الفعل﴿ :قال أخرقتها لِ غ ِرق أهلها لقد ِ
َ َ العبد الصالح ّ
مذكراً إيّاه بما اخبره به من عدم صبره على ما يواجهه من أحداث﴿ :قال
َ َ َ َُ ۡ ع َص ۡ ٗ َ ك لَن ت َ ۡس َت ِط َ
يع َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َّ َ
ن ِ ِذ
خ اؤ ت ل ال ق ﴿ منه: Q موسى فاعتذر ، (((
﴾ اب ِ م ألم أقل إِن
َ
ِيت َول تُ ۡره ِۡقن م ِۡن أ ۡمري ُع ۡ ٗ َ ب َما نَس ُ
سا﴾(.((1ثمّ جاء االختبار الثاني ،فقام العبد الصالح ِ ِ ِ
َ َ َ
الصالح مفارقته له﴿ :قال َهٰذا ف َِر ُاق بَ ۡي ِن َو َب ۡين َِكۚ﴾((( ،ولك ّنه َق ْب َل أن يفارقه ،أنبأه بحقيقة
َ َ َ َ َُّ ُ َ َۡ
يل َما ل ۡم ت ۡس َت ِطع َّعل ۡيهِ َص ۡ ًبا﴾((( ،فأمّا ما قام به من أفعال لم يصبر عليها﴿ :سأنبِئك بِتأ ِ ِ
و
خرق السفينة فكان ضمان عدم أخذ الملك لها ،حيث كانت لمساكين يعملون في البحر،
سكِنيَ ت ل َِم َ ٰ ين ُة فَ َكنَ ۡ
ٱلسف َ َّ كل سفينة سليمة غصباً من أصحابها﴿ :أَماَّ وكان الملك يأخذ ّ
ِ
َ ُ ُ َّ ۡ ٓ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ُّ ُ َ
دت أ ۡن أع َِيب َها َوك َن َو َرا َء ُهم َّمل ِٞك يَأ ُخذ ك َس ِف َين ٍة غ ۡص ٗبا﴾((( ،وأمّا َي ۡع َملون ِف ٱلح ِر فأر
الغالم الذي قتله ،فقد كان أبواه مؤمنين ،وكان ولدهما غير صالح ،فأراد الله تعالى أن
َ َ َّ ۡ ُ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ٓ َ
َ ُ
ينا أن ي فخشِ يج ّنبهما سوء أعماله ،ويبدلهما خيراً منه﴿ :وأما ٱلغلٰم فكن أبواه مؤمِن ِ
َ َ َ ۡ َ ٓ َ ُ ۡ َ ُ َ َ ُّ ُ َ َ ۡ ٗ ّ ۡ ُ َ َ ٰ ٗ َ ۡ َ َ ُ ۡ ٗ
َ ُ
يُ ۡره َِق ُه َما ُط ۡغ َيٰ ٗنا َوك ۡف ٗرا ٨٠فأردنا أن يبدِلهما ربهما خيا مِنه زكوة وأقرب رحا﴾ ،وأمّا
(((1
الحائط ،فكان لغالمين يتيمين ،وكان أبوهما صالحاً ،قد ترك لهما كنز تحته ،فأراد الله
َۡ َ َ َ َ َ َّ ۡ َ ُ َ َ َ ُ َ ٰ َ ۡ َ َ ۡ
ِينةِ َوكن
ي ِف ٱلمد
ي يتِيم ِ
ٱلدار فكن ل ِغلم ِ تعالى ْ
أن يكبرا ويستخرجا كنزهما﴿ :وأما ِ
َ ۡ َ ُ َ ٗ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ َّ ُ َ ٓ َ ُ ۡ َ َ َ ُّ َ َ َ َ َ ٗ ٰ َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ ُ َّ ٞ
تتهۥ كزن لهما وكن أبوهما صل ِحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخ ِرجا كزنهما رحة
ّمِن َّر ّب ِ َكۚ﴾((( .ثمّ أبلغه ّأن ما فعله من أفعال لم يكن عن أمره ،بل كان عن أمر الله
َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ
تعالىَ ﴿ :و َما ف َعل ُت ُهۥ َع ۡن أ ۡم ِر ۚي ذٰل َِك تَأوِ ُيل َما ل ۡم ت ۡس ِطع َّعل ۡيهِ َص ۡ ٗبا﴾(((.
التبليغية
ّ النبي موسىQ
ّ سيرة
ّ ۡ َ َ ََ
ٱص َطف ۡي ُتك ع اصطفى الله تعالى نب ّيه موسى Qبالرسالة﴿ :قَ َال َي ٰ ُم َ ٰٓ
وس إ ِ ِن
ين﴾((( ،وأرسله بشريعة ٱلشكِر َ
ِ ك َو ُكن ّم َِن َّ ٰ َ ٰ َٰ َ َ َٰ َ ُ ۡ َ ٓ َ َ ۡ ُ َ
اس بِرِسل ِت وبِكل ِم فخذ ما ءاتيت ٱنلَّ ِ
ۡ َ
ُ ّ َ ۡ َّ ۡ َ ٗ َ َ ۡ ٗ ّ ُ ّ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ
شءٖ فخذها بِق َّوة ٖ َوأ ُم ۡر ِك ل يل ص
ِ ف ت و ة ِظ ع وم ء
ٖ ش ك ِن م اح ِ والتوراةَ ﴿ :و َك َت ۡب َنا َ ُلۥ ف ۡٱلل ۡ َ
ِ ِ ِ
َ َ َّ َ َ َ َ ُّ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َٰ ْ َۡ َ َ َۡ ُ ُ ْ َ ۡ َ َ َ ُ
سقِني ١٤٥ولما سكت عن موس ٱلغضب أخذ قومك يأخذوا بِأحسن ِها ۚ سأورِيكم دار ٱلف ِ
ۡ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َ ُ ٗ َ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ ۡ ّ َ ۡ ُ َ َّ ّ ٞ
ون﴾((( ،وهو أحد األنبياء أولي ٱللواح ۖ و ِف نسختِها هدى ورحة ل ِلِين هم ل ِرب ِ ِهم يرهب
ك َو َما َو َّص ۡي َنا بهِۦٓ إبۡ َرٰهِيمَ ُ ٗ َ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ
َ ٓ ٱدلِين َما َو َّ ٰ كم ّم َِن ّ َ َ َ َ ُ
ِ ِ ص بِهِۦ نوحا وٱلِي أوحينا إِل ِ العزم﴿ :شع ل
لهِ َّ ُ َ َ
َ َ ۡ ُ ُ ۡ ۡ ۡ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ْ َ ۡ َ
ٱلل شك ِني ما تدعوهم إ ِ ۡ ۚ
ُ َُ َ َّ ّ َ َ ُ وس َوع َ ٰٓ َو ُم َ ٰ
ِيسۖ أن أقِيموا ٱدلِين ول تتفرقوا فِي ۚهِ كب ع ٱلم ِ
يب﴾((( .ومن خصائص شريعته أ ّنها هدى ونور: لهِ َمن يُن ِ ُ ِي إ ِ َ ۡ لهِ َمن ي َ َشا ٓ ُء َو َي ۡهد ٓ ب إِ َ ۡ ي َت ٓ َۡ
ِ
َّ ٓ َ َ َ ۡ َّ ۡ َ ٰ َ َ ُ ٗ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ ۡ ُ َ َ َ َّ ُ َ
ِيها هدى ب َوٱلف ۡرقان ل َعلك ۡم ت ۡه َت ُدون﴾(((﴿ ،إِنا أنزلا ٱتلورىة ف ﴿ِإَوذ ءاتينا موس ٱلكِت
ُ ۡ
ب ُ ٥٣ه ٗدى َوذِك َر ٰ ْ ۡ َ
ى َوأ ۡو َرث َنا بَ ٓن إ ۡس َرٰٓءِيل ٱلك َِتٰ َ ۡ َ ۡ َ ََ ُ
ى لِو ِ
ل ِ ِ ٱل ُه َد ٰ َونورَ ﴿ ،(((﴾ۚ ٞولق ۡد َءات ۡي َنا
ُ َ
ب﴾((( ،وأ ّنها تتض ّمن بياناً ووعظاً وتفصي ًال للعقائد والقيم والتشريعاتَ ﴿ :وك َت ۡب َنا َلۥ ٰ بۡٱلَ ۡل َ
ِ
ُ ّ َ ۡ َّ ۡ َ ٗ َ َ ۡ ٗ ّ ُ ّ َ ۡ ((( َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ ۡ َ ٓ َ َّ ۡ ۡ َۡ
ِيها أن ٱنلَّف َس ِك ش ٖء﴾ ﴿ ،وكتبنا علي ِهم ف ُِ ل يل صِ ف ت و ة ِظ ع و م ء
ٖ ش ك ِ ِن م احِ َ
و ِف ٱلل
ّ ّ َ ُُ َ َ ٞ ۡ ُ َ ّ َّ ُ ۡ َ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ََۡۡ َۡۡ َّ ۡ
اص
نف وٱلذن ب ِ َٱلذ ِن وٱلس ُِن بِٱلس ِِن وٱلروح ق ِص ۚ ي َوٱلنف بِٱل ِ بِٱنلف ِس وٱلعي بِٱلع ِ
َ َ ُ َ َ َّ َ َّ ُ َ َ َ ُ َّ َ َ ٓ َ ُ ۡ َ ۡ َّ َ َ ُ َّ ٞ َ َ َ
ٱلل فأ ْو ٰٓلئِك ه ُم ٱلظٰل ُِمون﴾(((﴿ ، ف َمن ت َص َّدق بِهِۦ فهو كفارة ل ۚۥ ومن لم يكم بِما أنزل
َ ۡ َ ُ َ َّ َ َّ ۡ َ ٰ ُ ۡ َ ٰٓ َ َّ َ َ َّ َ ۡ َ ٰٓ ُ َ َ ٰ َ ۡ َّ َ َ َ ّٗ
سهِۦ مِن قب ِل أن تنل ٱتلورىة ۚ ع نف ِ إِسرءِيل إِل ما حرم إِسرءِيل ام كن حِل ٱلطع ِ
ُ ُ ۡ َ ۡ ُ ْ َّ ۡ َ ٰ َ ۡ ُ َ ٓ
وها إِن ك ُنت ۡم َصٰ ِدق َِني﴾((( ،وأ ّنها تشهد على الشرائع الالحقة ،وال قل فأتوا بِٱتلورىةِ فٱتل
َ َ ّ َّ َّ ُ ۡ َّ َ َ َّ ُ َ َّ ُ َ
ي ُدون ُهۥ م ٱلِي ِ ب ٱل ِ ول ٱنلَّ َّ
ِ س ّيما الشريعة الخاتمة ورسولها الخاتم﴿ :ٱلِين يتبِعون ٱلرس
َ ُ َ َ ُ ُّ ۡ َ َۡ ۡ ۡ ۡ ُ َّ ۡ َ ٰ َ ۡ ِند ُه ۡ
وبا ع َ ك ُت ً َ ۡ
حل ل ُه ُم وف َوين َهى ٰ ُه ۡم ع ِن ٱلمنك ِر وي ِ يل يَأ ُم ُرهم بِٱل َمع ُر ِ ِ ِ جن
ِ ٱل و ة
ِ ى ر و ٱتل ف ِ م م
َّ َ َ َّ َ ۡ َ ۡ ۡ َ
ت َعل ۡيه ۡم فَٱل َ ص ُه ۡم َوٱلغل ٰ َل ٱلت كنَ ۡ ث َو َي َض ُع َع ۡن ُه ۡم إ ۡ َ َّ ّ َ ٰ َ ُ َ ّ ُ َ ۡ ُ َ َ ٰٓ َ
ِين ِ ۚ ِ ِ ت ويح ِرم علي ِهم ٱلبئ ِ ٱلطيِب ِ
َ ۡ ۡ َ ُ َ ُ َّ ْ َّ َ َ َُ ْ
نزل َم َع ُه ٓۥ أ ْو ٰٓلئ ِ َك ُه ُم ٱل ُمفل ُِحون﴾(((. ٓ ُّ َ َ َ َّ ُ ُ َ َ ُ ُ َ َ ُ
ءامنوا بِهِۦ وعزروه ونصوه وٱتبعوا ٱنلور ٱلِي أ ِ
ثالثي الكفر والجحود ،وهم :فرعون مم ِّث ًال
النبي موسى Qفي دعوته ّ وقد واجه ّ
وتحكمها برقاب الناس ،وقارون الحتكار لتس ّلط الحكم وبطشه ،وهامان لخداع السياسة ّ
المال واالقتصاد ،فك ّذبوه وكالوا له صنوف التهم الباطلة والزائفة؛ ليص ّدوا الناس عن
دعوته ،ول ّما يئسوا من ذلك ،ه ّموا بقتله ومن آمن معه ،فأنجاه الله تعالى منهم ،وأظهر
ََ
الحق وأهله ،وأدحض الباطل وأهله ،ور ّد كيدهم ،وع ّذبهم في الدنيا واآلخرةَ ﴿ :ولق ۡد
ّ
سح ٞر َك َّذ ٞ َ َ ََ ُ ْ َ َ َ َ َ َ َۡ َ َۡ ُ َ ٰ َ
أَِبيٰت َنا َو ُس ۡل َطٰن ُّ
اب ٢٤ ني ٢٣إ ِ ٰل ف ِۡرع ۡون َوهٰم ٰ َن َوق ٰ ُرون فقالوا ٰ ِ ٍ ِ بم ٖ ِ أرسلنا موس
ْ ْ َّ َ ْ ْ ُ ۡ
ُ ٓ
ٱس َت ۡح ُيوا ن َِسا َءه ۡ ۚم َو َماِين َء َام ُنوا َم َع ُهۥ َو ۡ ٓ ُ ۡ
ٱل ّق م ِۡن عِندِنَا قَالوا ٱق ُتل ٓوا أ ۡب َنا َء ٱل َ فَلَ َّما َجا ٓ َء ُهم ب َ
ۡ َ ِ ِ
َ ۡ َ ْ ُ َ ۡ ُ ۡ َّ َ َّ ين إ َّل ف َضلٰل﴾(((َ ﴿ ،ونُر َُ َُۡ ۡ َ
ۡرض َونَ َعل ُه ۡم ف ٱل ِ ٱلين ٱستض ِعفوا ِ ع ِ يد أن ن ُم َّن َ
ِ ٖ ِ ِ
ك ٰ ِفر َ
ِ كيد ٱل
َ ُ َ َ َ ُ َ ۡ ََُ ّ َ َۡ َ َ ٗ ََۡ َ
ۡرض َون ِر َي ف ِۡرع ۡون َوهٰ َم ٰ َن َو ُج ُنوده َما م ِۡن ُهم ك َن ل ُه ۡم ِف ٱل ِ أئ ِ َّمة َونعل ُه ُم ٱلوٰرِثِني ٥ونم ِ
َ َۡ ۡ َ َ ََۡ ُ َ ۡ ُ ُ َ ٓ َ َّ َ َ َ َ َ ُ ْ َۡ َ َ
علي ِهمۖ وءاتينٰه مِن ٱلكنوزِ ما َّما كنوا يذ ُرون﴾(((﴿ ،إِن ق ٰ ُرون كن مِن ق ۡو ِم
ِإَوذ قَ َال ُم َ ٰ
وس ل َِق ۡو ِمهِۦٓ ۡ
-اإلنسان الجاهل هو الذي يتس ّرع بالحكم على األشياء﴿ :
ُ َ َ َ َ َ ُ َّ ۡ
َ َّ َّ َ َ ۡ ُ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ ْ َ َ َ ٗ َ ُ ٓ ْ َ َ َّ ُ َ ُ
خذنا ه ُز ٗواۖ قال أ ُعوذ بِٱللِ أن أكون م َِن إِن ٱلل يأمركم أن تذبوا بقرة ۖ قالوا أتت ِ
ۡ
ٱل َجٰ ِهل َِني ﴾.
َ ّ َّ َ ُ ْ ۡ ُ َ
-اإلنسان الجاهل المعاند يصعّب على نفسه األمور﴿ :قالوا ٱدع لَا َر َّبك يُبَ ِي لَا َما
ه .﴾٧٠ ك يُبَ ّ ِي َّلَا َما ِ َ
َ ُ ْ ۡ ُ َ َ َ َّ َ َ ُ َّ َ َ ُ ْ ۡ ُ َ
هۚ ٦٨قالوا ٱدع لَا َر َّبك يُبَ ّ ِي لَا َما ل ۡون َها ۚ ٦٩قالوا ٱدع لا رب َِ
َ
-اإلتيان بمعاجز ب ّينات على أيدي الرسل Rهو من السنن اإلله ّية في إرسالهم
َ ُ ََ َ ْ ُّ َ ٰ َ َ ٓ َ ٰ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َۡ ُ َّ َ َ ۡ َ
ليْهِۦ فظل ُموا ب ِ َهاۖ فٱنظ ۡرإلى أقوامهم﴿ :ثم بعثنا ِم ۢن بع ِدهِم موس أَِبيٰتِنا إِل ف ِرعون وم ِ
َ َ َ َ َ ُ ۡ ۡ
سد َ
ِين﴾. ك ۡيف كن عٰقِ َبة ٱل ُمف ِ
ۡ َ َ َۡ َ َ ُ
تثبيت وتقوية إليمان المؤمنينِ﴿ :إَوذ أخذنا مِيثٰقك ۡم -في اإلتيان باآليات الب ّينات ٌ
َ َ َّ ُ ۡ َ َّ ُ َ ۡ ُ ْ ُ ُ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ُ ُّ َ ُ ُ ْ ٓ َ
ون﴾. ور خذوا َما َءات ۡي َنٰكم بِق َّوة ٖ َوٱذك ُروا َما فِيهِ لعلكم تتق ورفعنا فوقكم ٱلط
ٓ ۡ َ َ
-في اإلتيان باآليات الب ّينات إلقا ُء حجّ ة على الجاحدين المنكرين﴿ :فل َّما َجا َءت ُه ۡم
َ َ َ ُ ْ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ٓ َ ُ ُ ُ ۡ ُ ۡ ٗ َ ُ ُ ّٗ َ ُ
ٱنظرۡ ص ٗة قَالُوا ْ َهٰ َذا س ۡ
ِح ٞر ُّمب ٞ َء َاي ٰ ُت َنا ُم ۡب ِ َ
ني ١٣وجحدوا بِها وٱستيقنتها أنفسهم ظلما وعلو ۚا ف ِ
َ َ َ َ َ ُ ۡ ۡ
ِين﴾. ك ۡيف كن ع ٰ ِق َبة ٱل ُمف ِ
سد َ
-من السنن الجارية في دعوات الرسل اإلله ّيين Rمواجهة أكابر القوم لهم،
ۡ ُ
َ َ ح ٌر َعل ٞ
ِيم﴾َ ﴿ ،وقال والتحريض على قتلهم ونفيهم﴿ :قَ َال ٱل َم َل مِن قَ ۡو ِم ف ِۡر َع ۡو َن إ ِ َّن َهٰ َذا لَ َ ٰ
س ِ
َۡ ۡ َۡ َ َََ ُ ُ َ َََۡ ُ ۡ ُ ْ َۡ ُ
ََ َ َ َ ََ ََ َ َ َ َ َُُّ
ۡرض ويذرك وءال ِهتكۚ قال سنقتِل وس وقومهۥ ِلُفسِدوا ِف ٱل ِ ٱل ۡ َم َل مِن قو ِم ف ِرعون أتذر م ٰ
َ ٓ َ ُ ۡ َّ َ ۡ َ ُ ۡ َ ٰ ُ َ َََۡٓ ُ ۡ ََۡ َۡ
ون﴾. حۦ ن ِساءهم ِإَونا فوقهم ق ِهر أبناءهم ونست ِ
َ َ
-استراتيج ّية تحويل التهديد إلى فرصة في الدعوة إلى الله تعالىَ ﴿ :وأ ۡو َح ۡي َنا ٓ إ ِ ٰل ُم َ ٰٓ
وس
َُ ُ ْ ُ َ َ ُ ْ َ ون ١١٧فَ َو َق َع ۡ َ َ ۡ َۡ َ َ َ َ َ َ ََۡ ُ َ َۡ ُ َ
ٱل ُّق َو َب َطل َما كنوا َي ۡع َملون ١١٨فغل ِبوا أن أل ِق عصاك ۖ فإِذا ِه تلقف ما يأف ِك
َ ّ َ َ ۡ
َ ٓ َ َ َّ َ ّ َ ْ ُ ح َرةُ َ ٰ ٱلس َ
ق َّ ُۡ ٱنقلَ ُبوا ْ َصٰغِر َ
َُ َ َ َ
ب ب ٱلعٰل ِمني ١٢١ر ِ جدِين ١٢٠قالوا ءامنا بِر ِ
َ
س ِ ين َ ١١٩وأل ِ َ ِ هنال ِك و
ُ َ ۡ َ َ َ َّ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ
وس َو َهٰ ُرون ١٢٢قال ف ِۡر َع ۡون َء َام ُ
نتم بِهِۦ ق ۡبل أن َءاذن لك ۡمۖ إِن هٰذا ل َمك ٞر َّمك ۡرت ُموهُ ِف ُم َ ٰ
َۡ َ ُ ۡ ُ ْ َۡٓ َۡ ََ َ َ َۡ َۡ َُ َ
ون﴾. ٱلمدِينةِ لِ خ ِرجوا مِنها أهلهاۖ فسوف تعلم
()2 ّ
النبي موسىQ
217
للذل واالستبداد طوي ًال ،يص ّيرها خاضعة مستع َبدة ،ال تستسيغ إرادة -استسالم األمّة ّ
َ َ ۡ َ ُ ُْ
التغيير والثورة﴿ :قال ٓوا أوذ َِينا مِن ق ۡب ِل أن تَأت َِي َنا َو ِم ۢن َب ۡع ِد َما ِج ۡئتَ َنا ۚ﴾.
-ضعف اإليمان ،والخوف والجبن ،وعدم إطاعة األوامر اإلله ّية ،تع ّرض اإلنسان
َ ٰ َ ۡ ِ ۡ ُ ُ ْ ۡ َ َ ۡ ُ َ َّ َ َ َّ َ َ َ َّ ُ َ ُ
ك ۡم َو َل تَ ۡرتَ ُّدوا ْ َ َ ٰٓ
ع للخسران والهالك﴿ :يقوم ٱدخلوا ٱلۡرض ٱلمقدسة ٱل ِت كتب ٱلل ل
َ
ين ِإَونَّا لن نَّ ۡد ُخل َها َح َّ ٰ
َ ِيها قَ ۡو ٗما َج َّبار َ وس إ َّن ف َ ٰٓ ين ٢١قَالُوا ْ َي ٰ ُم َ نقل ُِبوا ْ َخ ٰ ِس َ ََۡ ُ ۡ ََ َ
ت ِ ِ ِ أدبارِكم فت
َ َّ
ِين يافون أن َع َم َّ ُ
ٱلل
ۡ َ ُ َ َ ي ُر ُجوا ْ م ِۡن َها فإن ي ُر ُجوا م ِۡن َها فإنا َدٰخِلون ٢٢قال َر ُجلن م َِن ٱل َ
َ َ َ َ ُ َّ َ ْ ۡ َ َ َۡ
ِ ِ ِ
ٱللِ َف َت َو َّكُ ٓوا ْ إن ُك ُ َ َ ۡ َ ۡ ُ ُ ْ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ ُ ُ َ َّ ُ ۡ َ ٰ ُ َ َ َ َ َّ
نتم ِ ون وع علي ِهما ٱدخلوا علي ِهم ٱلاب فإِذا دخلتموه فإِنكم غل ِب ۚ
َ ُ ْ َ ٰ ُ َ ٰٓ َّ َ َّ ۡ ُ َ َ ٓ َ َ ٗ َّ َ ُ ْ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ُّ َ َ َ ٰ َ ٓ َّ ُّم ۡؤ ِمن َ
ِني ٢٣قالوا يموس إِنا لن ندخلها أبدا ما داموا فِيها فٱذهب أنت وربك فقتِل إِنا
َ َ ۡ ۡ ََۡ َۡ َۡ َۡ َ َ َ ّ ّ َ ٓ َ ۡ ُ َّ َ ۡ َ َ َ
ني سق َ
ب إ ِ ِن ل أمل ِك إِل نف ِس َوأ ِخۖ فٱف ُرق بَيننا َو َبي ٱلق ۡو ِم ٱلفٰ ِ ِ ِ هٰ ُه َنا قٰعِ ُدون ٢٤قال ر
ۡ ََ ۡ ََ ۡ َۡ َ َ َ َّ َ ُ َ َّ َ ٌ َ َ ۡ ۡ ۛ َ ۡ َ َ َ َ ٗ ۛ َ ُ َ
ۡرض فل تَأ َس ع ٱل َق ۡو ِم ٱل َفٰ ِس ِق َني﴾. يهون ِف ٱل ِۚ ٢٥قال فإِنها مرمة علي ِهم أرب ِعني سنة يت ِ
ن َءان َ ۡس ُ ّ ْ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ََ َ ٗ ََ
ت ك ُث ٓوا إ ِ ِ ٓ ارا فقال ِلهلِهِ ٱم -بعض االبتالءات طريق لنيل الكرامات﴿ :إِذ رءا ن
ّٓ َ َ ُ َّۡ َ َ َۡ َ
وس ١١إ ِ ِن
ُ ٓ َ
ج ُد َع ٱنلَّارِ ُه ٗدى ١٠فل َّما أتَى ٰ َها نود َِي َي ٰ ُم َ ٰٓ َ ارا َّل َع ّ ٓ َ
نَ ٗ
ل ءاتِيكم مِنها بِقب ٍس أو أ ِ ِ
ٱس َت ِم ۡع ل َِما يُ َ ٰٓ ك فَ ۡ َََ ۡ َُۡ َ َ َ ۠ َ َ ۡ َ َ َ َ َّ َ ۡ ۡ َ
وح﴾. أنا َر ُّبك فٱخل ۡع ن ۡعل ۡيك إِنك بِٱل َوادِ ٱل ُمق َّد ِس ُط ٗوى ١٢وأنا ٱختت
َ ُ ْ َّ ٓ َ
-المؤمن المُ و ِقن ال يخاف وال يتراجع عن إيمانه أمام البالء﴿ :قال ٓوا إِنا إ ِ ٰل َر ّب ِ َنا
َ َ َ ُ َّ ٓ َّ ٓ َ ۡ َ َ َّ َ ٰ َ ّ َ َ َّ َ ٓ َ ۡ َ َ َّ َ ٓ َ ۡ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ ٗ َ َّ ُ َ َ
با َوت َوف َنا ت ربِنا لما جاءتنا ۚ ربنا أف ِرغ علينا ص منقل ُِبون ١٢٥وما تنقِم مِنا إِل أن ءامنا أَِبي ِ
ََٓ َ َ ََ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ َ ُ ْ َ ُّ ۡ َ َ َ َ ٰ َ َ ٓ َ ُم ۡسلِم َ
ت وٱلِي فط َرناۖ فٱق ِض ما أنت ق ٍ ۖ
اض ع ما جا َءنا م َِن ٱلَ ّيِنٰ ِ ني﴾﴿ ،قالوا لن نؤث ِرك ِ
ۡ َّ َ ۡ َ ُ َ َ َ ٓ َّ َ ْ ُ َ ٓ ۡ ۡ ۡ
َ َ ُ
ٱلي ٰوة ٱدلنيا﴾﴿ ،قالوا ل ضي ۖ إِنا إ ِ ٰل ربِنا منقل ِبون ٥٠إِنا نطمع أن يغفِ َر ُ َ ّ َ َ ۡ َ َ ُّ َ َ إ ِ َّن َما َتق ِض هٰ ِذه ِ َ
َ
َ َ َ َ ُّ َ َ َ ٰ َ ٰ َ ٓ َ ُ َّ ٓ َ َّ َ ۡ ُ ۡ
لا ربنا خطينا أن كنا أول ٱلمؤ ِمن ِني﴾.
-الصبر واالستعانة بالله عامل له األثر البالغ في تجاوز المحن واالبتالءات والفوز
ُ ۡ َ ُ ْ َّ َ ۡ ُ ْ َّ ۡ َ َ َّ بالمواهب اإلله ّية﴿ :قَ َال ُم َ ٰ َ ۡ
ب ٓۖوا إِن ٱلۡرض ِلِ يُورِث َها َمن
وس ل ِقو ِمهِ ٱستعِينوا بِٱللِ وٱص ِ
ۡ
َۡ
جئت َنا ۚ َۡ َ َۡ َ َ ََ َ َ ُْٓ ُ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ ُ َّ َ ََ ُٓ ۡ َ
يشاء مِن عِبادِهِۖۦ وٱلعٰقِبة ل ِلمتقِني ١٢٨قالوا أوذِينا مِن قب ِل أن تأت ِينا و ِم ۢن بع ِد ما ِ
ََ ُ َ ََۡ ََُۡ َ َۡ ۡ َ َ َ َ ٰ َ ُّ ُ ۡ َ ُ ۡ َ َ ُ َّ ُ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ
ۡرض فينظر كيف تعملون﴾، قال عس ربكم أن يهل ِك عدوكم ويستخل ِفكم ِف ٱل ِ
َ ۡ َّ
ۡرض َو َم َغٰر َب َها ٱلت َب ٰ َرك َنا ف َ
ِيهاۖ َوت َّم ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َّ َ َ ُ ْ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ
ت ِ ِ ِ ش ِرق ٱل ﴿وأورثنا ٱلقوم ٱلِين كنوا يستضعفون م ٰ
ْ َ
ن إ ِ ۡس َرٰٓءِيل ب ِ َما َص َ ُب ۖوا﴾. ن َ َٰ
ع بَ ِ ٓ ك ُۡ
ٱل ۡس َ ٰ َ َ ُ َّ َ
ك ِمت رب ِ
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 218
-على اإلنسان أن تصدر أقواله وأفعاله عن بصيرة ورؤية للواقع ،واستشراف للمستقبل
َ ۡ َ ّ ۡ َ ۡ َ ََ َ َ َ َ ُ َۡ ۡ َ ِين َة َ َ ٰ
لتفادي الخسائرَ ﴿ :و َد َخ َل ٱل ۡ َمد َ
ي َيق َتتِل ِن
ِني غفلةٖ مِن أهل ِها فوجد فِيها رجل ِ
عح ِ
َ َ َ َ َّ ٱس َت َغ ٰ َث ُه َّٱلِي مِن ش َ ِيعتهِۦ َو َهٰ َذا م ِۡن َع ُد ّوه ِۦ فَ ۡ َ َ
ِيعتِهِۦ ع ٱلِي م ِۡن َع ُد ّوِه ِۦ ف َوك َزهُۥ ِۖ
َ
هٰذا مِن ش ِ
َ َ َ ّ ّ
ب إ ِ ِن ٱلش ۡي َطٰن إنَّ ُهۥ َع ُد ّ ٞو ُّم ّ ٞ ُّ ٞ َّ َ ُ َ ٰ ََ َ ٰ ََ َ َ َ َ
ض عل ۡيهِۖ قال هٰذا م ِۡن ع َم ِل موس فق
ضل مبِني ١٥قال ر ِ ِ ِۖ ِ
َ َ
َ َ َ ّ َ ٓ ۡ َ ۡ َ َ َّ َ َ
ع فل ۡن ب بِما أنعمت َ ۡ ۡ َ َ َ َ َ ُ ٓ َّ ُ ُ َ ۡ َ ُ ُ َّ ُ َ َۡ ُ َۡ
ظلمت نف ِس فٱغفِر ِل فغفر ل ۚۥ إِنهۥ هو ٱلغفور ٱلرحِيم ١٦قال ر ِ
ريا ّل ِۡل ُم ۡجرم َ ون َظه ٗ َ ُ َ
ِني﴾. ِ ِ أك
ٓ َ َ
-الحياء قيمة فطريّة تصون المجتمعات من االنحرافَ ﴿ :ول َّما َو َرد َما َء َم ۡد َي َن َو َج َد
َ ُ َ َ َ ُ ُ ۡ َََۡ َ ُ َ َ َ َۡ ُ َ َعلَ ۡيهِ أُ َّم ٗة ّم َِن ٱنلَّ
انۖ قال َما خ ۡط ُبك َماۖ قالَا ل ِ ود ذ ت ي ِ تأ ر ٱم م ه
ِ ِ ن ود ِن م دون َو َو َج َ ق س ي اسِ
ََ ۡ ۡ َٓ َ َّ ٰ ُ ۡ َ ّ َ ٓ ُ َ َ ُ َ َ ۡ َۡ َ ُ ٰ َ ۡ ُ ۡ َ ٓ َ َ ٞ َ ٞ َ
ٱلرعء ۖ وأبونا شيخ كبِري فجاءته إِحدىهما تم ِش ع ٱستِحياءٖ﴾. ِ ن ۡس ِق حت يصدِر
تج ۡرهُ إ َّن َخ ۡ َ ۡ َۡ َ َ ۡ ۡ َ ُ َ َ
ي ت ٱس ٔ ِ ۖ ِ يأبَ ِ -الحياء ال يمنع من طلب حالل الله تعالى﴿ :قالت إِحدىٰه َما ٰٓ
َ َ ۡ َ ۡ َ َ َّ َ ٰ َ ۡ َ َ ّ ُ ُ َۡ ُ ُ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ُّ ۡ َ
كحك إِحدى ٱبنت هت ِ
ي﴾ . ٓ
تجرت ٱلقوِي ٱلمِني ٢٦قال إ ِ ِن أرِيد أن أن ِ م ِن ٱس ٔ
َ َ ُ َ َ
يأ ُّي َها وحب النفس يدفعان اإلنسان الدّعاء الربوب ّية لنفسهَ ﴿ :وقال ف ِۡر َع ۡون ٰٓ -االستكبار ّ
َ َ َ َ َ ۠ َ ُّ ُ ُ ۡ َ ۡ َٰ كم ّم ِۡن إ َلٰه َغ ۡ َۡ َ ُ َ َ ۡ ُ َ ُ
يي﴾﴿ ،فقال أنا ربكم ٱلع﴾. ِ ٍ ِ ٱلمل ما عل ِمت ل
َ َ
-المستكبرون والمتج ّبرون يتس ّلطون على رقاب الناس باستخفاف عقولهم﴿ :قال
اعوهُ خ َّف قَ ۡو َم ُهۥ فَأَ َط ُ َ ۡ َ َ ُ ۡ َّ َ َ َّ َ ۡ َ ۡ ُ َ ٓ ُ ُ ۡ َّ َ ٓ َ َ ٰ َ َ ٓ َ ۡ
ف ِرعون ما أرِيكم إِل ما أرى وما أهدِيكم إِل سبِيل ٱلرشادِ﴾﴿ ،فٱست
ۚ
َ ْ َ
إ ِ َّن ُه ۡم كنُوا ق ۡو ٗما َف ٰ ِس ِق َني﴾.
َ َ َّ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ ْ
-الله تعالى للكافرين بالمرصاد﴿ :ودمرنا ما كن يصنع ف ِرعون وقومهۥ وما كنوا
َۡ ُ َ
ون﴾. يع ِرش
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 222
األفكار الرئيسة
النبي موسى Qببني إسرائيل إلى سيناء ،وه ّيأ لهم البيئة المناسبة لتل ّقي .1خرج ّ
دعوته ،والعمل بها ،والتخ ّلص من رواسب الشرك والوثن ّية.
.2أجرى الله تعالى على ي َدي نب ّيه موسى Qمعاجز ع ّدة لبني إسرائيل ،كإنزال
وشق اثني عشر نبعاً لهم بعدد أسباطهم ،وإحياء الميت في قصّ ة المن والسلوىّ ، ّ
البقرة.
النبي موسى Qتحجّ راً وصالفة وعصياناً من بني إسرائيل ،فح ّرم الله .3واجه ّ
تعالى عليهم دخول األرض المق ّدسة ،وتاهوا في صحراء سيناء أربعين سنة.
النبي موسى Qالعب َد الصالح ،Qورافقه للتع ّلم منه م ّما آتاه الله .4لقي ُّ
تعالى من العلم.
ّ
فكر وأجب
.1ما المعاج ُز التي أجراها الله تعالى على ي َدي نب ّيه موسى Qفي صحراء سيناء؟
.2ما قصّ ة البقرة؟ وما عالقتها بالقتيل من بني إسرائيل؟
النبي موسى Qبالعبد الصالح.Q أحداث لقاء َّ .3ب ّين
()2 ّ
النبي موسىQ
223
مطالعة
العطار ،عن الحسين بن إسحاق التاجر ،عن عن ابن بابويه ،ح ّدثنا مح ّمد بن يحيى ّ
علي بن مهزيار ،وعن الحسين بن سعيد ،عن عثمان بن عيسى ،عن ابن مسكان ،عن ّ
منذر ،عن أبي جعفر صلوات الله قال« :لمّا لقي موسى العالمَ ،Qوكلّمه وسأله ،نظر
إلى خطّ اف يصف ّر ويرتفع في الماء ويسفل في البحر ،فقال العالم لموسى :أتدري ما
ورب البحر،
ورب السماوات واألرضّ ، تقول هذه الخطّ افة؟ قال :وما تقول؟ قال ،تقولّ :
ما علمكما من علم اللهّ ،إل قدر ما أخذت بمنقاري من هذا البحر وأكثر .ولمّا فارقه
موسى ،قال له موسى :أوصني ،فقال الخضر :الزم ما ال يضرّك معه شيء ،كما ال ينفعك
من غيره شيء ،وإيّاك واللجاجة ،والمشي إلى غير حاجة ،والضحك في غير تعجّ ب .يا
بنَ عمران ال تع ِّيرَنَّ أحداً بخطيئة ،وابكِ على خطيئتك»(((.
النبي يوشع
Q ّ
النبي إسماعيل Q
ّ
النبي إشموئيلQ
ّ
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
َ َّ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ
ِين يافون أن َع َم النبي موسى Qعلى دخول أرض فلسطين﴿ :قال َر ُجل ِن مِن ٱل قوم ّ
ُ ْ ُ
ٱللِ َف َت َو َّك ٓوا إن ك ُ َ ۡ
َ ۡ ُ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ُ َ َّ ُ ۡ َ ٰ ُ َ َ َ َّ ۡ َ ْ ُ ۡ ُ َّ ُ َ َ
نتم ِ ون وع ٱلل عل ۡي ِه َما ٱدخلوا علي ِهم ٱلاب فإِذا دخلتموه فإِنكم غل ِب ۚ
النبي موسى Qمن بعده في بني إسرائيل ،وهو الذي ُّم ۡؤ ِمن َِني﴾((( .وقد استخلفه ّ
َ َ َ َّ
دخل بهم إلى األرض المق ّدسة((( بعدما تاهوا في أرض سيناء أربعين سنة﴿ :قال فإِن َها
ۡ ََ ۡ ََ ۡ َۡ َُ َ ٌ َ َۡ ۡ ََۡ َ َ َٗ َ ُ َ
ۡرض فل تَأ َس ع ٱل َق ۡو ِم ٱل َفٰ ِسقِ َني﴾(((.
م َّرمة علي ِه ۛم أربعِني سنة ۛ يتِيهون ِف ٱل ِ ۚ
النبي يوشع بن نونQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي يوشع بن نون Qالواردة في القرآن الكريم ،يمكن بعد التأمّل في قصّ ة ّ
استخالص جملة من الدروس وال ِع َبر والسنن ،منها:
َ َ َ ۡ
-الصحبة في الله تورث المُ صَ احب أخالق ّيات صاحبه وشمائلهِ﴿ :إَوذ قال ُم َ ٰ
وس ل ِف َتى ٰ ُه
َ ٓ َ ۡ َ ُ َ َّ ٰٓ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ٗ َ َ َ ٰ َ َ ُ َّ َ ۡ َ ۡ َ َّ َ َ ٰٓ َ
ع َءاثارِه َِما ل أبرح حت أبلغ ممع ٱلحري ِن أو أم ِض حقبا قال ذل ِك ما كنا نب ِ ۚغ فٱرتدا
َ
ق َص ٗصا﴾.
ُ َ َ َ َ َ
-الصحبة تجعل المتصاحبين يعيشون وحدة الهمّ والمسؤول ّية﴿ :قال ذٰل ِك َما ك َّنا ن ۡب ِ ۚغ
َ َ ۡ َ َّ َ َ ٰٓ َ
ع َءاثارِه َِما ق َص ٗصا﴾. فٱرتدا
َّ
-المؤمن المُ وقن يخاف الله تعالى ،ويخشاه خشية استعظام﴿ :قَ َال َر ُج َلن م َِن ٱل َ
ِين ِ ِ
َ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َّ ُ َ َ
يافون أنعم ٱلل علي ِهما ﴾.
الحق ال يخاف القتل في سبيل الله ،وال يهاب النوازل: -المؤمن المُ و ِقن بدعوة ّ
َ َ َّ ُ َ ٱد ُخلُوا ْ َعلَ ۡيه ُم ۡٱلَ َ َ َ َ َ ۡ ُ
ۡ
اب فإِذا دخلت ُموهُ فإِنك ۡم غٰل ُِب ۚ
ون﴾. ِ ﴿
َ َّ ُ َ َ َ َ ۡ
كل أمر﴿ :فإِذا دخل ُت ُموهُ فإِنك ۡم الظن باللهّ ،
ويتوكل عليه في ّ -المؤمن المُ و ِقن حَ َس ُن ّ
ُ َ ٰ ُ َ َ َ َ َّ َ َّ ُ ْ
ٱللِ ف َت َوك ٓوا إِن ك ُنتم ُّم ۡؤ ِمن َِني﴾. ون وع غل ِب ۚ
ّ
النبي إسماعيل بن حزقيلQ قصة ّ
هو إسماعيل بن حزقيل((( Q،بن بوذى ،وهو من أنبياء بني إسرائيل .وقد ورد
ۡ َ
ِذ ْكره في القرآن الكريم في هذا الموضع؛ وهو قوله تعالى:
َۡ َ َ ٗ َّ ٗ َ ۡ ۡ َ َ َ َّ َ َ ۡ َ َ ۡ ُۡ
ب إ ِ ۡس َمٰعِيل ۚ إِن ُهۥ كن َصادِق ٱل َوع ِد َوكن َر ُسول نب ِ ّيا َ ٥٤وكن يَأ ُم ُر أهل ُهۥ ﴿وٱذكر ِف ٱلكِتٰ ِ
ٱلز َك ٰوة ِ َو َك َن ع َ
ِند َر ّبِهِۦ َم ۡر ِض ّٗيا﴾(((. ٱلصلَ ٰوة ِ َو َّ
ب َّ
ِ
النبي إسماعيل بن حزقيل((( ،Qوحكى لم يتع ّرض القرآن ل ِذ ْكر تفاصيل حياة ّ
ول نَّب ّٗيا﴾((( ،وارتضاءه لهَ ﴿ :وك َ َن ع َ ََ َ َ ُ ٗ
ِند ِ اصطفاء الله تعالى له للنب ّوة والرسالة﴿ :وكن رس
ۡ َ
َر ّبِهِۦ َم ۡر ِض ّٗيا﴾((( ،وثناءه عليه؛ لصدقه ووفائه بوعده ۡ(((﴿َ :إِن ُهۥ كن َصادِق ٱل َوع ِد﴾(((،
ۡ َ َ َّ
َّ َ ٰ َ َّ َ َۡ َ َ
ٱلزك ٰوة ِ﴾(((. وأمره قومه وعشيرته وعترته بالصالة والزكاةَ ﴿ :وكن يَأ ُم ُر أهل ُهۥ بِٱلصلوة ِ و
النبي موسى Qمن بعده في بني إسرائيل .ويُقال له -أيضاً -حزقيل بن النبي حزقيل Qهو ثالث أوصياء ّ ((( ّ
العجوز ،نسبة إلى أمّه التي كانت عجوزا ،فدعت الله تعالى بأن يرزقها ولدا ،فرزقها بحزقيل .وقيل :هو َ َ
الذي ً ْ ً
تهم﴿ :أل ۡم
وحكى القرآن الكريم ْقصُّ َ
ائيلَ َ َ .
ُ ُ َّ ُ ُ بني إسر َ أحيا َالله َّتعالى على يديه ْ األلوف الذين أماتهم ُ ُ
الله ٌتعالى َمن ۡ ُ َ َ َ َ
ٱلل ُموتوا ث َّم أ ۡح َيٰ ُه ۡ ۚم ت ۡفق ُال ل َهم َ
وف َ حذ َر ٱل َم ۡوَ ِ
ۡ َ خ َر ُج َوا َمِن دِي ٰ ِره ِۡم َ َوه ۡم أل
ۡ َ ٱل ُِين
َ ل
َّ ِ ت َ َّر إ
َ ك َّن أك َ إن َ
اس ل يشك ُرون﴾ (سورة البقرة ،اآلية .)243 ث ٱنلَّ ِ اس َول ٰ ِ ٱلل لو فض ٍل ع ٱنلَّ ِ ِ
الطبرسي ،مجمع البيان في تفسير القرآن ،مصدر سابق ،ج ،2ص133؛ ابن كثير ،قصص األنبياء، ّ (راجع :الشيخ
مصدر سابق ،ج ،2ص.)248
((( سورة مريم ،اآليتان .55-54
((( ورد في الروايات ّأن الله تعالى أرسله إلى قومه من بني إسرائيل ،فسلخوا فروة رأسه ووجهه ،فخ ّيره الله فيما
شاء من عذابهم ،فاستعفاه ،ورضي بثوابه ،وفوّض أمرهم إلى الله تعالى في عفوه ،وتأسّ ى بما سيجري على اإلمام
الطبرسي ،مجمع البيان في
ّ الحسين( .Qانظر :الشيخ الصدوق ،علل الشرائع ،مصدر سابق ،ج ،1ص78؛ الشيخ
تفسير القرآن ،مصدر سابق ،ج ،6ص.)429
((( سورة مريم ،اآلية .54
((( سورة مريم ،اآلية .55
((( ورد في الروايات أ ّنه واعد رج ًال للقياه ،فانتظره في مكانه حتى م ّر عليه الحول ،وهو ينتظره( .انظر :القمي،
تفسير القمي ،مصدر سابق ،ج ،2ص51؛ الشيخ الصدوق ،علل الشرائع ،مصدر سابق ،ج ،1ص.)77
((( سورة مريم ،اآلية .54
((( سورة مريم ،اآلية .55
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 230
ۡ َ ۡ ُ َ ٰٓ ۡ َ ُ ْ َ ّ َّ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ۢ َ ٓ ۡ َ ٰٓ َ
ب ل ُه ُم ۡٱب َعث ِٖ لِ واال ق ذِ إ وس م دِ ع ب ۢ
ن ِ
م ِيل ل ِمن ب ِن إِسرء قوله تعالى﴿ :ألم تر إِل ٱلم ِ
َ
ُ َ َ ُ ۡ ُ َّ ُ َ ُ ْ َ ُ ْ َّ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ ٗ ُّ َ ۡ
ب َعل ۡيك ُم ٱلقِ َتال أل تقٰتِل ۖوا قالوا َو َما يل ٱللِۖ قال هل ع َسيت ۡم إِن كت ِ ِ
َ
لا مل ِك نقٰتِل ِف سب ِ
َ َ َ َ ۡ َ ٓ َ َ َ َّ ُ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ َ َّ ۡ ْ َّ َ ُ ۡ َلَا ٓ َأ َّل نُ َقٰت ِ َل ف َ
يل ٱللِ َوق ۡد أخ ِر ۡج َنا مِن دِي ٰ ِرنا وأبنائِناۖ فلما كتِب علي ِهم ٱلقِتال تولوا ِ ِ ب س ِ
ُ
ك ۡم َطال َ ُ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُّ ُ ۡ َّ َّ َ َ َ َ َّ َ ٗ ّ ۡ ُ ۡ َ َّ ُ َ ُ ۢ َّ
وت ٱلل ق ۡد َب َعث ل ني ٢٤٦وقال لهم نبِيهم إِن ٱلظٰلِم َ
ِ إِل قل ِيل مِنه ۚم وٱلل عل ِيم ب ِ
ُۡ ََۡ ُۡ َ َ َٗ ّ َ َۡ َ َ َ ٗ َ ُ ٓ ْ َ َّ ٰ َ ُ ُ َ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ َ َ ُّ ۡ ُ ۡ
ك مِنه ولم يؤت سعة مِن ٱلما ِل ۚ قال مل ِكۚ قالوا أن يكون ل ٱلملك علينا ونن أحق بِٱلمل ِ
ك ُهۥ َمن ي َ َشا ٓ ُء َو َّ ُ ۡ ۡ َ ۡ ۡ َ َّ ُ ُ ۡ ُ ۡ َ َّ َّ َ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ُ َ ۡ َ ٗ
ٱلل ۚ ٱلس ِمۖ وٱلل يؤ ِت مل إِن ٱلل ٱصطفىٰه عليكم وزادهۥ بسطة ِف ٱلعِل ِم و ِ
ُ َ َ ٞ ٱتلابُ ُ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُّ ُ ۡ َّ َ َ َ ُ ۡ ٓ َ َ ۡ َ ُ َوٰس ٌِع َعل ٞ
ِينة ّمِن َّر ّبِك ۡم وت فِيهِ سك ك ُم َّ كهِۦ أن يأتِي ِيم ٢٤٧وقال لهم نبِيهم إِن ءاية مل ِ
ك ۡم إن ُك ُ َ ٰ َ َ ٗ َّ ُ َ َ َّ َّ ُ َ ٰٓ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ ُ ٰ َ ُ َ َ ٰ َ ُ ُ َ َ َ َ َّ ّ ٞ
نتم ِ لئِكة ۚ إِن ِف ذل ِك ٓأَلية ل وبقِية مِما ترك ءال موس وءال هرون ت ِمله ٱلم
ُّم ۡؤ ِمن َِني﴾(((.
النبي
وصي ّ ّ النبي يوشع بن نون،Q كانت النب ّوة في بني إسرائيل من بعد ّ
موسى ،Qفي بيت من بيوتهم ،والملك والسلطان في بيت آخر ،ولم يجمع الله لهم
الملك والنب ّوة من بعده في بيت واحد ،فكانت النب ّوة في ولد الوي ،والملك في ولد
النبي إشموئيل ،Qسألوه أن يبعث الله تعالى يوسف((( .ول ّما بعث الله تعالى إليهم َّ
َ ََۡ ََ َ َۡ َ
ن إ ِ ۡس َرٰٓءِيل ل ِم ۢن بَ ِ ٓ عليهم ملكاً يقاتلون معه لرفع الظلم والقهر عنهم﴿ :ألم تر إِل ٱلم ِ
َّ ث َلَا َمل ِٗك نُّ َقٰت ِ ۡل ف َ ۢ َ ۡ ُ َ ٰٓ ۡ َ ُ ْ َ ّ َّ ُ ُ ۡ َ ۡ
ٱللِۖ﴾((( ،فأجابهم إلى ذلك، يل
ِ ِ ب س ِ ب لهم ٱبع ِمن بع ِد موس إِذ قالوا لِ ِ ٖ
ُ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ُ َ َّ ۡ َ َ َ
مستشرفاً حالهم في التقاعس عن القتال﴿ :قال هل َع َس ۡي ُت ۡم إِن كتِب عليكم ٱلقِتال أل
ُ َ ٰ ُ ْ َ َ َّ ُ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ َ َّ ۡ ْ َّ َ ٗ ّ ۡ ُ ۡ َ َّ ُ َ ُ ۢ َّ
ٱلظٰل ِ ِم َني﴾((( ،فما كان تقتِل ۖوا فلما كتِب علي ِهم ٱل ِقتال تولوا إِل قل ِيل مِنه ۚم وٱلل عل ِيم ب ِ
منهم ّإل إن أنكروا تقاعسهم؛ مع ّللين ذلك بما هم عليه من مب ّررات اندفاعهم إلى القتال
َ ٓ َّ َ ُ لرفع الظلم عنهم﴿ :قَالُوا ْ َو َما َلَا ٓ َأ َّل نُ َقٰت ِ َل ف َ
ٱللِ َوق ۡد أ ۡخ ِر ۡج َنا مِن د َِي ٰ ِرنَا َوأ ۡب َنائ ِ َناۖ﴾(((، يل
ِ ِ ب س ِ
بأن الله تعالى ارتضى لهم طالوت َم ِلكاً عليهم ،وكان من ولد بنيامين ول ّما أخبرهم نب ّيهم ّ
((( سورة البقرة ،اآليات .248-246
القمي ،مصدر سابق ،ج ،1ص.81
ّ القمي ،تفسير
ّ (((
((( سورة البقرة ،اآلية .246
((( سورة البقرة ،اآلية .246
((( سورة البقرة ،اآلية .246
ّ
النبي إشموئيلQ ّ
النبي إسماعيل بن حزقيل-Q ّ
النبي يوشع بن نون-Q
231
النبي إشموئيلQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي إشموئيل في القرآن الكريم ،يمكن استلهام بعد التأمّل في ما ورد من قصّ ة ّ
جملة من الدروس وال ِع َبر والسنن ،منها:
مطلب فطريّ يصدر عنه المظلوم ٌ -المقاومة والوقوف في وجه الظلم واالستبداد
ْ ُ
وس إ ِ ۡذ قَالوا لِ َ ّ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ۢ َ ٓ ۡ َ ٰٓ َ
ِيل ِم ۢن َب ۡع ِد ُم َ ٰٓ
ب
ِٖ ل ِمن ب ِن إِسرء
بأدنى التفات إلى فطرته﴿ :ألم تر إِل ٱلم ِ
َ ۡ َّ َ َ ۡ ُ ۡ َ َّ َ ُ ْ َ َ َ َ ٓ َ َّ ُ َ ٰ َ َ َّ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ٗ ُّ َ ٰ ۡ
يل ٱللِۖ قالوا وما لا أل نقتِل ِف سب ِ ِ
يل ٱللِ وقد أخرِجنا مِن لهم ٱبع َث لا مل ِك نقتِل ِف سب ِ ِ
ٓ
د َِي ٰ ِرنَا َوأ ۡب َنائ ِ َناۖ﴾.
يمكنان اإلنسان من -الفهم العميق للتجارب السابقة ،والوعي والتبصّ ر في الواقعّ ،
ُ َ َ َ ُ ۡ ُ َ َّ ُ َ ُ ْ َ َ َۡ َ ُۡ
ب عل ۡيك ُم ٱلقِ َتال أل تقٰتِل ۖوا. . . المستقبلي﴿ :قال هل ع َسيت ۡم إِن كت ِ ّ استشراف الموقف
ّ ۡ ُ ۡ َ َّ ُ َ ُ ۢ َّ ٗ َ َّ ْ َّ ُ ۡ
َ َ َّ ُ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ
ٱلظٰل ِ ِم َني﴾. فلما كتِب علي ِهم ٱلقِتال تولوا إِل قل ِيل مِنه ۚم وٱلل عل ِيم ب ِ
-الملك والحكم وإدارة المجتمع تحتاج إلى شرطين أساس ّيين؛ هما :القدرة الجسم ّية،
ۡ ۡ َ ۡ َ َ َّ َّ َ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ُ َ ۡ َ ٗ
ٱل ۡس ِمۖ﴾. والقدرة العلم ّية﴿ :قال إِن ٱلل ٱصطفىٰه عليكم وزادهۥ بسطة ِف ٱلعِل ِم و ِ
ك ُهۥ َمن ي َ َشا ٓ ُء َو َّ ُ َ َّ ُ ُ ۡ ُ ۡ َ
ٱلل َوٰس ٌِع ۚ مختص به وحده﴿ :وٱلل يؤ ِت مل ّ -النب ّوة والملك جَ ع ٌْل ّ
إلهي
َعل ٞ
ِيم﴾.
َ
ن-انصياع المجتمع لحكومة أصحاب المال والجاه سبب لتخ ّلفه ومذ ّلته﴿ :قَال ُ ٓوا ْ أ َّ ٰ
ۡ ٗ َ ۡ ۡ َ ُ ُ َُ ُۡ ۡ ُ َ ََۡ َ َۡ َ
ن ُن أ َح ُّق بِٱل ُمل ِك م ِۡن ُه َول ۡم يُ ۡؤ َت َس َعة ّم َِن ٱل َما ِلۚ﴾. يكون ل ٱلملك علينا و
ّ
النبي إشموئيلQ ّ
النبي إسماعيل بن حزقيل-Q ّ
النبي يوشع بن نون-Q
233
األفكار الرئيسة
النبي موسى Qمن بعده في النبي يوشع بن نون Qأوّل أوصياء ّ .1كان ّ
بني إسرائيل .وقد حكى القرآن الكريم قصّ ة مرافقته له في رحلته للقاء العبد
الصالح .Qوهو الذي أدخل بني إسرائيل إلى أرض فلسطين بعد التيه أربعين
سنة في صحراء سيناء.
.2أرسل الله تعالى نب ّيه إسماعيل بن حزقيل Qإلى بني إسرائيل ،وهو ثالث
النبي موسى Qمن بعده فيهم .وقد أثنى القرآن الكريم عليه؛ لصدقه أوصياء ّ
ووفائه بوعده ،وأم ِره قومَه وعشيرته وعترته بالصالة والزكاة.
.3أرسل الله تعالى نب ّيه إشموئيل إلى بني إسرائيل ،بعد ّ
الذل الذي أصابهم في أرض
فلسطين ،فطلبوا منه أن يدعو الله تعالى؛ ليرسل إليهم ملكاً يقاتلون معه لرفع
بأن الله تعالى اختار لهم طالوت ،وجعل معه آية ْ
بأن يأتيهم الظلم عنهم ،فأجابهم ّ
بتابوت السكينة الذي ُف ِق َد منهم ،وكانوا يستبشرون به في حروبهم.
ّ
فكر وأجب
.1ما قصّ ُة ّ
النبي يوشع بن نونQ؟ وما الدروس وال ِع َبر المستفادة منها؟
النبي إسماعيل بن حزقيلQ؟ وما الدروس وال ِع َبر المستفادة منها؟
.2ما قصّ ة ّ
النبي إشموئيلQ؟ وما الدروس وال ِع َبر المستفادة منها؟
.3ما قصّ ة ّ
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 234
مطالعة
عن ابن بابويه ،ح ّدثنا أحمد بن الحسن العطار ،ح ّدثنا الحسن بن ّ
علي السكريّ ،
ح ّدثنا مح ّمد بن زكريا البصريّ ،ح ّدثنا جعفر بن مح ّمد بن عمارة ،عن أبيه ،قال :قال
الصادق« :Qإنّ يُوشع بن نون قام باألمر بعد موسى ،صابراً من الطواغيت على
الألْواء والضرّاء والجهد والبالء ،حتّى مضى منهم ثالثة طواغيت ،فقوي بعدهم أمره،
فخرج عليه رجالن من منافقي قوم موسى بصفراء امرأة موسى في مئة ألف رجل،
فقاتلوا يُوشع ،فغلبهم وقتل منهم مقتلة عظيمة ،وهرب الباقون بإذن الله ،وأسر صفراء،
وقال :قد عفوت عنك في الدنيا إلى أنْ ألقى نبيّ الله موسى ،فأشكو إليه ما لقيت منك،
فقالت صفراء :واوياله ،والله لو أُبيحت لي الجنّة الستحييت أنْ أرى رسول الله ،وقد
هتكت حجابه على وصيّه بعده»(((.
النبي داوود
Q ّ
النبي سليمانQ
ّ
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
وسليمان.Q
.3يستلهم الدروس وال ِع َبر والتعاليم اإلله ّية من قصص
النب َّيين داوود Qوسليمان.Q
ّ
النبي داوودQ قصة ّ
هو داوود بن آسي ،من ِو ْلد الوي بن يعقوب((( ،Qوهو من أنبياء بني إسرائيل.
ُ ُ َ ۡ ۡ
َما َيقولون ورد ِذ ْكره في القرآن الكريم في مواضع ع ّدة ،منها :قوله تعالى﴿ :ٱص ِ
ب (((
َ َ َ َۡ ُ ۡ َ ُ َ َ َۡ َُٰ ۡ ۡ َ َّ ۡ ُ ْ َ َ
ٱلك َمة ومكن الله تعالى له ملكه فيهم﴿ :وشددنا ملكهۥ وءاتينه ِ ين﴾(((ّ ، ك ٰ ِفر َ
ِ ليسوا بِها ب ِ
َۡ َ ٰ َ ُ ُ َّ َ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ٗ ٱل َ ََ ۡ َ ۡ
ۡرض﴾(((، ف ٱل ِ ِ ة ِيف لخ ك ن ل ع ج انِ إ ۥداو دي ﴿ األرض: في واستخلفه ، (((
﴾ اب ِ ِط وفصل
َ ۡ ُۡ
وأثنى عليه ،فع ّده من األوّابين الدائمي الرجوع واالنقطاع إلى الله تعالى﴿ :وٱذكر
َ ُ َ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ ٌ َّ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ۡ َّ ُ ٓ َ
عبدنا داوۥد ذا ٱلي ِدۖ إِنهۥ أواب﴾ ،ومن المحسنين ﴿ :داوۥد وسليمن وأيوب ويوسف (((
َ َ ۡ
ِندنَا ل ُزل ٰ َ
َّ ُ ۡ ۡ َ ُ َ ٰ َ َُٰ َ َ َ َ َۡ
ف َو ُح ۡس َن ني﴾((( ،فق ّربه منهِ﴿ :إَون َلۥ ع سن َ
ون َوكذٰل ِك ن ِزي ٱل ُمح ِ ِ وموس وهر ۚ
َ ۡ َ َ ٓ ۡ َ ُ ّ َّ ٰ ۡ ۡ
ٱج َتبَ ۡي َنٰ ُه ۡم
ِإَوخ َوٰنِه ۡم َو ۡ
ِ ۖ اب﴾((( ،وجعله على صراط مستقيم﴿ :ومِن ءابائ ِ ِهم وذرِيت ِ ِهم َ َٔ
م ٖ
َو َه َديۡ َنٰ ُه ۡم إ َ ٰل َ ُّ ۡ َ
صر ٰ ٖط مستقِ ٖ
يم﴾(((. ِ ِ
وقد لقي داوود Qمن بعض قومه الذين كفروا عناداً وعصياناً ،ح ّتى استوجبوا
َ َ
ِيس ٱبۡ ِن َم ۡر َي َ ۚم ذٰل ِك
َ ُ َ
ۥد َوع َان داو ِيل َ َ ٰ َ
ُ َ َّ َ َ َ ُ ْ ۢ َ ٓ ۡ َ ٰٓ َ
لعنه لهم﴿ :ل ِعن ٱلِين كفروا ِمن ب ِن إِسرء
ع ل ِس ِ
َ َ َ ْ َّ َ ُ ْ َ ۡ َ ُ َ
ون﴾(((. بِما عصوا وكنوا يعتد
النبي داوود Qالزبور
ّ إيتاء
اختص الله تعالى نب ّيه داوود
ّ على شريعة موسى ،Qوقد داوودQ كان
َّ ّ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ َ ۡ َ َّ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ُّ َ َ ۡ َ
عٰ يۧنۡرض ولقد فضلنا بعض ٱنلب ِ ِ ت وٱل ِ ۗ ٰ ٰ ُ
بكتاب الزبور﴿ :وربك أعلم بِمن ِف ٱلسمو ِ
َ َ ََۡ َ ُ َ
ۥد َز ُب ٗ َۡ
ورا﴾((( ،وهو كتاب ال يشتمل على األحكام والتشريعات ،وفيه ِذ ْكر ض وءاتينا داو
بع ٖ ۖ
سنن إله ّية ،ومواعظ وزواجر ،وأمور وحوادث مستقبل ّيةَ ﴿ :ولَ َق ۡد َك َت ۡب َنا ف َّ
ٱلز ُبورِ ِم ۢن َب ۡع ِد ِ
ّ ۡ َ َّ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ َّ ٰ ُ َ
ون ١٠٥إ َّن ف َهٰ َذا َلَ َل ٰ ٗغا ّل َِق ۡوم َعٰبد َ
ِين﴾(.((1 ٍ ِ ِ ِ ٱذلِك ِر أن ٱلۡرض ي ِرثها عِبادِي ٱلصل ِح
النبي داوودQ
ّ معاجز
ۡ َ َ َ َ َ َ ََ
من الله تعالى على نب ّيه داوود بسعة العلمَ ﴿ :ولق ۡد َءات ۡي َنا د ُاوۥد َو ُسل ۡي َم ٰ َن عِل ٗماۖ َوقال ّ
َ
يأ ُّي َها
َ َ َ ُ َۡ َٰ ُ َ ُ َ َ
ۥد ۖ َوقَال َ ٰٓ ِني ١٥وورِث سليمن داو ع َكثري ّم ِۡن ع َِبادِه ِ ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ َۡ
ٱل ۡم ُد ِ َّلِ َّٱلِي فَ َّضلَ َنا َ َ ٰ
ُِ ٖ
ۡ َ َ ۡ ك َ ۡ ُّ اس ُع ّل ِۡم َنا َمنط َق َّ
ش ٍءۖ إ ِ َّن َهٰذا ل ُه َو ٱل َف ۡض ُل ٱل ُمب ِ ُني﴾((( ،واختصّ ه ٱلط ۡ َ َ
ي وأوت ِينا مِن ِ ِ ِ
ٱنلَّ ُ
َ ََ
بجملة من المعاجز ،منها :تسخير الجبال والطير له ،تس ّبح معه لل َه تعالىَ ﴿ :ولق ۡد َءات ۡي َنا
ٱلط َيۡ ٱل َب َال ي ُ َس ّب ۡح َن َو َّ َ ُ َ َّ َ ۡ ٗ َ ٰ َ ُ َ ّ َ َ ُ َ َّ ۡ َ ((( َ َ َّ ۡ َ َ َ َ ُ َ
ۥد ِ ۡ
ِ جبال أوِ ِب معهۥ وٱلطي ۖ﴾ ﴿ ،وسخرنا مع داو داوۥد مِنا فضل ۖ ي ِ
َّ َ َّ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ُ ُ َ ّ ۡ َ ۚ َ َّ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ َو ُك َّنا َفٰعل َ
ٱلبال معهۥ يسبِحن اب ١٧إِنا سخرنا ِ ِني﴾(((َ ﴿ ،وٱذك ۡر ع ۡب َدنا د ُاوۥد ذا ٱليۡ ِد إن ُه ٓۥ أ َّو ٌ ِ
ِۖ
َ َّ ٞ
َ َّ ۡ َ َ ۡ ُ َ ٗ ُ ّ ُ ٓۥ أ َّو ٞ ۡ َۡ
ش َو ۡ َ
اب﴾((( ،وتليين الحديد له؛ الستخدامه في اق ١٨وٱلطي مشورة ۖ ك ل ٱلش ِ بِٱلع ِ ِّ ِ
ََ َ
صناعة الدروع الحرب ّية الواسعة المتناسقة النسج والمناسبة لمواجهة األعداءَ ﴿ :وألَّا ُل
((( ٞ َ َّ ۡ َ ۡ َ ُ ْ َ ٰ ً ّ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ ّ َ ۡ َ ۡ َٰ َٰ َ َ ٱلد َ َۡ
اۖ
ِيد ١٠أ ِن ٱعمل سبِغ ٖت وقدِر ِف ٱلسدِۖ وٱعملوا صل ِح إ ِ ِن بِما تعملون ب ِصري﴾ ،
َّ ُ ۡ ُ ۡ َ ُ ّ ۢ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ٰ ُ َ َ َّ َ ُ َ ۡ َ َ َ
ون﴾(((. وس لكم لِ ح ِصنكم ِمن بأسِكمۖ فهل أنتم شكِر ﴿ َوعل ۡمنٰه صنعة لُ ٖ
النبي داوود Qبين الناس
ّ قضاء
َۡ َ كم َب ۡ َ َ ۡ ُ
ٱل ّ ِق َول اس ب ِي ٱنلَّ ِ بالحق﴿ :فٱح
ّ أمر الله تعالى نب ّيه داوود بالحكم بين الناس
اب َشد ُ
ِيد ۢ ب ِ َما
َ
ٱلل ل ُه ۡم َع َذ ٞ
َّ
يل ِ ب س
َ
ون َعن َ ُّ
ل ض
ِ ٱللِ إ َّن َّٱل َ
ِين يَ َّ
يل ب س
َ َّ ۡ َ َ ٰ َ ُ َّ َ
ك َعن َ ضل تتبِعِ ٱلهوى في ِ
ِ ِ ِ ۚ ِ ِ
اب﴾((( .وقد حكى القرآن الكريم قضاء داوود Qفي قض ّيتين ،كانتا َُ ْ ََۡ ۡ َ
نسوا يوم ٱل ِس ِ
امتحاناً له من الله تعالى ،األولى :قض ّية التنازع في النعاج ،وحقيقتها ّأن الله تعالى أرسل
النبي داوود Qجالساً في محرابه، ملكين من المالئكة متم ّثلين في رجلين((( ،فبينما ّ
َۡ
تخطيا سور قصره من دون أن يراهما أحد من ح ّراسهَ ﴿ :وهل إذ دخل عليه الرجالن ،وقد ّ
ۡ َ َ ُ ْ َ َٰ َ ُ َ َ ٱل ۡص ِم إ ۡذ ت َ َس َّو ُروا ْ ٱل ۡ ِم ۡح َر َ ََٰ َ
ك َن َب ُؤا ْ ۡ َ
ۥد ف َف ِز َع م ِۡن ُه ۡمۖ﴾((( ،فبادرا إلى اب ٢١إِذ دخلوا ع داو ِ أتى
َۡ َ ۡ َ َ َ ْ ُ َ
ان َب َ ٰ
غ بالحق﴿ :قالوا ل تفۖ خصم ِ ّ طمأنته وطلبا منه الحكم في قض ّية يتنازعا فيها
ٱلص َر ٰ ِط﴾((( ،فشرعّ ٓ َ ٓ َ ۡ كم بَ ۡي َن َنا ب ۡ َ ّ َ ُ ۡ ۡ َ ۡ ُ
ع َب ۡع ٖض فٱح َب ۡع ُض َنا َ َ ٰ
ٱل ِق َول تش ِطط َوٱهدِنا إ ِ ٰل َس َواءِ ِ ِ
أحدهما في تفصيل القضية بأسلوب يستثير العاطفة؛ بأ ّنه يملك نعجة واحدة ،ويملك
أخوه تسعاً وتسعين نعجة ،فطلب منه أخوه أن يضمّ نعجته إلى نعاجه ،وألحّ عليه
َّ َ ٰ َ ٓ َ َ ُ ۡ ٗ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ ٞ
في طلبه ،ح ّتى غلبه في الجدال ،وأخذها منه﴿ :إِن هذا أ ِخ لۥ ت ِسع وت ِسعون نعجة
ۡ
ٱل َ َّ ِيها َو َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ٞ َ َٰ ٞ
ك ِف ۡلن َ
النبي داوودQ ّ فانفعل ،(((
﴾ اب
ِ ِط ف ن
ِ ِ ز ع و ِل نعجة وحِدة فقال أ
بكالمه ،وأصدر موقفاً أوّل ّياً على فرض السؤال ،من دون الرجوع إلى سؤال الم ّدعى عليه:
ريا ّم َِن ۡ ُ
ٱللَ َطآءِ َلَ ۡب ِغ َب ۡع ُض ُه ۡم َ َ ٰ ِإَون َكث ِ ٗ
َّ َ َ ََ ۡ َ ََ َ ُ َ َۡ َ َ َ َ
ع ﴿قال لقد ظلمك بِسؤا ِل نعجتِك إ ِ ٰل ن ِعا ِ
جهِۖۦ
ت َوقل ِيل ما ه ۡمۗ﴾((( .ول ّما صدر من داوودQ
َ ُ َّ ٞ َب ۡعض إ َّل َّٱل َ َ ُ ْ َ ُ ْ َّ َ
ِين َءامنوا َوع ِملوا ٱلصٰل ِحٰ ِ ٍ ِ
هذا الموقف األوّلي قبل اختتام الدعوى ،علم عندها ّأن الله تعالى امتحنه وابتاله بها،
فاستغفر الله تعالى على تس ّرعه في الموقف منها قبل سؤال الم ّدعى عليه ،ورجع إلى
اب﴾((( ،فتق ّبله َو َأنَ َ َ َ َّ َ ُ ُ َ َّ َ َ َ َّ ٰ ُ َ ۡ ۡ َ
ٱس َتغف َر َر َّب ُهۥ الله تعالى في أمره﴿ :وظن داوۥد أنما فتنه ف
اب﴾(((.
ٔ ف َو ُح ۡس َن َ َ
م ٰ
ۡ
ل ز
َ
ََ ُ َ
ل ان ِند
ع ۥلِإَون َ ُ
َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ٰ َ َّ
الله تعالى وق ّربه﴿ :فغفرنا لۥ ذل ِك ۖ
ٖ
واالختبار الثاني في قض ّية الحرث والغنم ،حيث جاء رجالن متخاصمان يتقاضيان
حل بزرعه بفعل لديه ،أحدهما صاحب زرع ،واآلخر صاحب غنم ،فشكا صاحب الزرع ما ّ
َ ٱل ۡرث إ ۡذ َن َف َش ۡ ۡ َ َ ُ َ َ ُ ََۡ َ ۡ َۡ ُ َ
ت فِيهِ غ َن ُم ان ِف َ ِ ِ ما قامت به غنم الرجل اآلخر﴿ :وداوۥد وسليمٰن إِذ يكم ِ
شهد َ ۡ َ ۡ
َ ۡ َ َّ ُ ُ ۡ
ِين﴾((( ،فرأى داوود Qأن يأخذ صاحب الزرع غنم اآلخر ٱلقو ِم وكنا ِلك ِم ِهم ٰ ِ
عوض زرعه التالف ،ورأى ابنه سليمان Qأن يأخذ صاحب الزرع الغنم ،وصاحب
الغنم األرض ،فينتفع صاحب الزرع بالغنم ،ويتعهّد الثاني األرض ح ّتى ينبت الزرع من
كل منهما ما له من األرض والغنم((( .وقد تناظرا في ذلك ،ثمّ وافق جديد ،ثمّ يسترجع ّ
النبي داوود Qعلى ما ذهب إليه ابنه سليمانQ؛ وهو ما أوحاه الله تعالى ّ
َ َ َ َ َ
لسليمان(((﴿ :Qفف َّه ۡمنٰ َها ُسل ۡيم ٰ َنۚ﴾(((.
ۡ َ ًُّ
حق(((َ ﴿ :وك َءات ۡي َنا ُحك ٗما
وتجدر اإلشارة إلى ّأن كال الحُ ْكمَين الصادرَين هما ّ
ۡ
َوعِل ٗما ۚ﴾((( ،والفارق ّأن الثاني الذي حكم به سليمان Qفيه رفق ولين في التعويض
كل من ملك ّية الغنم واألرض على األصل ،وانتقال منافعهما في للحرث التالف ،مع بقاء ّ
فترة التعويض.
النبي داوودQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي داوود Qفي القرآن الكريم ،يمكن استلهام بعد التأمّل في ما ورد من قصّ ة ّ
جملة من الدروس وال ِع َبر والسنن ،منها:
َّ ۡ ُ َ
ٱللِ﴾. -النصر والهزيمة من عند الله تعالى﴿ :ف َه َز ُموهم بِإِذ ِن
َ َ ۡ َ َ ۡ ُ َّ
ٱللِ ٱنلَّ َ
اس -التدافع بين الناس س ّنة إله ّية رادعة للفساد في األرض﴿ :ولول دفع
ََ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ٰ َّ َّ َ ُ َ ۡ َّ َ َ
ٱلل ذو ف ۡض ٍل ع ٱل َعٰل ِم َني﴾. كنت ٱلۡرض ول ِ
ۡ َ
َبعض ُهم ب ِ َبع ٖض لف َسد ِ
َ َ ۡ َ َ ۡ ُ َّ
اس َب ۡع َض ُهم ب ِ َب ۡع ٖض﴾.
ٱللِ ٱنلَّ َ -المقاومة ودفع الفساد أمر فطريّ ﴿ :ولول دفع
ّ
النبي سليمانQ قصة ّ
َ َ ََۡ َ ُ ََ
ۥد ُسل ۡي َم ٰ َنۚ﴾ ،وهو من أنبياء بني إسرائيل. هو سليمان بن داوود﴿ :Qووهبنا ِلاو
َ
َ ُ َۡ َ ّ
ٱلر َ
ورد ِذكره في القرآن الكريم في مواضع ع ّدة ،منها :قوله تعالى﴿ :ول ِسليمٰن ِ
يح ((( ْ
ۡ ٱل ّن َمن َي ۡع َم ُل َب ۡ َُ ُ ُّ َ َ ۡ ۡ َ َ ۡ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ٞ ۡ َ َ ُ َ َ َ ٞ
ي يَ َديۡهِ بِإِذ ِن غدوها شهر ورواحها شهر ۖ َوأسلنا لۥ عي ٱلقِط ِرۖ ومِن ِ ِ
َ ٓ َ ُ َ غ م ِۡن ُه ۡم َع ۡن أ ۡمرنَا نُذ ِۡق ُه م ِۡن َع َذاب َّ َّ ََ َ ۡ
ري َ ١٢ي ۡع َملون ُلۥ َما يَشا ُء مِن ِ ع
ِ ٱلس ِ ِ ربِهِۖۦ ومن ي ِز
َ ٞ ۡ َ َ ُ َ ْ ُ ۡ َُُ ۡ َ َّ َ ٰ َ َ َ َ ٰ َ َ َ
ت ٱع َمل ٓوا َءال د ُاوۥد شك ٗر ۚا َوقل ِيل ّم ِۡن َّ َ
اب وقدورٖ راسِيٰ ٍ ۚ
ََ
ان كٱلو ِ جف ٖ مح ِريب وتمثِيل و ِ
َۡ ُ ُ َّ َ َّ ُ ۡ َ َ َ َّ
ت َما َدل ُه ۡم ٰ ۡ َ َ َ َ
ور ١٣فل َّما ق َض ۡي َنا َعل ۡيه ٱل َم ۡو َ َ َ َّ ُ
ۡرض تأكل ع َم ۡوتِهِۦٓ إِل دٓابة ٱل ِ ِ ك ُ عِبادِي ٱلش
((( سورة البقرة ،اآلية 102؛ سورة النساء ،اآليتان 165 ،163؛ سورة األنعام ،اآليات 89 ،87 ،84؛ سورة األنبياء ،اآليات
نص
82-81 ،79-78؛ سورة النمل ،اآليات 44-15؛ سورة سبأ ،اآليات 14-12؛ سورة ص ،اآليات .40-30وقد أوردنا ّ
النبي سليمان.Q هذه اآليات في آخر الكتاب ،آيات قصص األنبياء ّ ،R
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 244
ۡ
َ ۡ َ ْ
ۡ ُ َۡ ُ َ َۡ َ َ َُ ۡ َ ََ ََ ْ َ َّ َ م َ َُ ۡ ََ َ
ني﴾(((. ُ
اب ٱلم ِه ِ
ُّ
ٱلن أن لو كنوا يعلمون ٱلغيب ما لِثوا ِف ٱلعذ ِت ِ ِنسأته ۖۥ فل َّما خ َّر تب َّين ِ
النبي سليمان ،Qيمكن استخالص وبالتأمّل في هذه اآليات التي ورد فيها ِذ ْكر ّ
قصّ ته وفق التفصيل التالي:
النبي سليمان Qوترعرعه
ّ نشأة
النبي
النبي سليمان Qفي بيت النب ّوة والحكم ،وترعرع في كنف أبيه ّ نشأ ّ
داوود ،Qفتعهّده بالتربية والتعليم ،ح ّتى بلغ مبلغاً يناظر فيه أباه Qفي القضاء
َ َ
النبي داوودَ ﴿ :Qود ُاوۥد
في الخصومات بين الناس .وقد تق ّدم ِذ ْكر ذلك في قصّ ة ّ
ََ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َّ ُ ۡ ۡ َ ٱل ۡر ۡ َ َ َ ۡ ۡ َ ُ ََۡ َ ۡ َۡ ُ َ
ِين ٧٨فف َّه ۡم َنٰ َها
شهد َ
ث إِذ نفشت فِيهِ غنم ٱلقو ِم وكنا ِلك ِم ِهم ٰ ِ ان ِف َ ِ وسليمٰن إِذ يكم ِ
ۡ ۡ ُ ًّ َ
ُسل ۡي َم ٰ َنۚ َوك َءاتَ ۡي َنا ُحك ٗما َوعِل ٗما ۚ﴾(((.
النبي سليمان QألبيهQ
ّ وراثة
النبي سليمان ،Qفع ّده من األوّابين ،الدائمي الرجوع أثنى القرآن الكريم على ّ
َ ۡ
ۥد ُسلَ ۡي َم ٰ َن ن ِۡع َم ٱل َع ۡب ُد إنَّ ُه ٓۥ أ َّو ٌ
َ َ ََۡ َ ُ َ
اب﴾((( ،ومن ِ ۚ واالنقطاع إلى الله تعالى﴿ :ووهبنا ِلاو
ۡ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ ٰ َ َ ٰ ُ َ َ َ ٰ َ ۡ
َ َ
ن ِزي ٱل ُم ۡح ِسن ِ َني﴾(((، ون وكذل ِك المحسنين ﴿ :وسليمن وأيوب ويوسف وموس وهر ۚ
َّ ٓ َ َ ۡ َّ َ
اب﴾((( ،واصطفاه لوحيه﴿ :إِنا م ٖ ف َو ُح ۡس َن َ َِٔندنَا ل ُزل َ ٰ
فق ّربه الله تعالى منهِ﴿ :إَون ُلۥ ع
ِإَوس َ َ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ٰٓ ۡ َ ٰ َ ۡ َ ٰ َ ۡ ّ ٓ َ ُ َۡ َ َۡٓ َ َ َ َٓ
حٰ َق يل ۡ
ي َۧن ِم ۢن َبع ِدهۚ ِۦ وأوحينا إِل إِبرهِيم ِإَوسمعِ وح َوٱنلَّب ِ ِ ك ك َما أ ۡو َح ۡي َنا إ ِ ٰل ن ٖ أوحينا إ ِ ۡ
ل
َ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ٰ َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ َ ٰ ُ َ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ
ۥد َز ُب ٗ
ورا﴾((( ،وجعله اط وعِيس وأيوب ويونس وهرون وسليمنۚ وءاتينا داو ويعقوب وٱلسب ِ
َ َ َ َۡ ََۡ َ َۡ ُ َّ ٓ
ص َر ٰ ٖط
على صراط مستقيمَ ﴿ :وم ِۡن َءابَائ ِ ِه ۡم َوذ ّرِيٰت ِ ِه ۡم ِإَوخوٰن ِ ِه ۡمۖ َوٱجتب ۡينٰ ُه ۡم َوهدينٰ ُه ۡم إ ِ ٰل ِ
ُ ْ َ ٰٓ َ َّ َ َ َ ۡ َ ٰ ُ ُ ۡ َ ٰ َ َ ُ ۡ ۡ ُّ ۡ َ
ٱلك َم ٱلين ءاتينهم ٱلكِتب و يم﴾((( ،وآتاه الكتاب والحكم والنب ّوة﴿ :أولئِك ِ مست ِق ٖ
َ َ َ َ َ َ
َوٱنلُّ ُب َّوة ۚ﴾((( ،وأورثه أباه داوود Qفي نب ّوته ورسالته وملكهَ ﴿ :و َورِث ُسل ۡيم ٰ ُن د ُاوۥد ۖ
ۡ َ َ ۡ ك َ ۡ
ش ٍءۖ إ ِ َّن َهٰذا ل ُه َو ٱل َف ۡض ُل ٱل ُمب ِ ُني﴾(((.
ُّ
ِن
م ا ٱلط ۡي َوأُوت َ
ِين ي َأ ُّي َها ٱنلَّ ُ
اس ُع ّل ِۡم َنا َمنط َق َّ َ
َوقَال َ ٰٓ
ِ ِ ِ
اختبار الله تعالى لسليمانQ
اختبر الله تعالى نب ّيه سليمان في ولد من أوالده ،أح ّبه ح ّباً كبيراً ،وكان شديد الحرص
عَ ((( َ َ َ ۡ َ َ َّ ُ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ٰ َ
كرسي عرشه ﴿ :ولقد فتنا سليمٰن وألقينا ّ عليه ،فتو ّفاه الله تعالى ،وجعله على
ُ ٗ ُ
ك ۡرس ِّيِهِۦ َج َسدا﴾((( ،فس ّلم سليمان Qلمشيئة ربّه في ولده ،وانقطع إليه تعالى﴿ :ث َّم
يتفضل عليه ،ويهبه ملكاً مختصّ اً به من عنده، ٱغفِ ۡر ِل﴾((( ،وسأله أن ّ َ َ َ ّ ۡ
ب ر ال ق ٣٤ َأنَ َ
اب
ِ
ّ َ ُ ۡ ٗ َّ َ َ َ ۡ َ َ
غ لِح ٖد ِم ۢن ل ملك ل يۢنب ِ لكن ال بالغلبة والجور((( ،فآتاه الله تعالى ملكاً عظيماً﴿ :وهب ِ ْ
ۡ
نت ٱل َو َّه ُ
كأ ََ َ ۡ ٓ َّ َ
اب﴾(((. بعدِيۖ إِن
العسكرية
ّ وقوته
ّ النبي سليمان Qالواسع،
ّ ملك
ك ّرم الله تعالى نب ّيه سليمان ،Qواستجاب دعاءه ،فآتاه ملكاً واسعاً واقتداراً ال
َ ب ل ُم ۡل ٗك َّل يَ َ ََ ۡ
ۢنب ِغ ِل َح ٖد نظير له ،ليكون ذلك ب ّينة واضحة على صدق نب ّوته﴿ :وه ِ
اب﴾((( .ولم يكن في ما ُأوتي من الملك مستنداً إلى السحر، ك أَ َ
نت ٱل ۡ َو َّه ُ ّ ۢ َ ۡ ٓ َّ َ
ِمن بعدِيۖ إِن
َ ۡ َ َ َّ ْ ُ ْ
بحسب ما زعم بعض بني إسرائيلَ ﴿ :و َّٱت َب ُعوا َما َت ۡتلوا ٱلش َيٰط ُ
ك ُسل ۡي َم ٰ َنۖ َو َما ني ٰ ُ
ع مل ِ ِ
َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ َ َ ٰ َّ َّ َ َ َ ْ
ك َف ُروا .(((﴾...وقد حكى القرآن الكريم مشه َدين كن ٱلشيٰ ِطني كفر سليمٰن ول ِ
النبي
من هذا االقتدار :األوّل :استعراض الخيول مسا ًء في مشهد مهيب ،حيث شغف ّ
سليمان Qبمشاهدتها واستعراضها ح ّباً لله تعالى؛ لكونها خيوالً للجهاد في سبيله،...
((( سورة األنعام ،اآلية .89
((( سورة النمل ،اآلية .16
الطبرسي ،التبيان في تفسير القرآن ،مصدر سابق ،ج ،8ص.563
ّ ((( انظر :الشيخ
((( سورة ص ،اآلية .34
((( سورة ص ،اآليتان .35-34
((( انظر :الشيخ الصدوق ،علل الشرائع ،مصدر سابق ،ج ،1ص.71
((( سورة ص ،اآلية .35
((( سورة ص ،اآلية .35
((( سورة البقرة ،اآلية .102
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 246
تذكره بالله ،فأمر أحب الخيل؛ أل ّنها خيل الجهاد في سبيل الله ،وهي ّ وقيل إ ّنهّ Q
باستعراضها ح ّتى غابت عنه ،فأمر بردّها إليه ،ح ّتى إذا جاءت قام بمسح أعناقها وسيقانها،
ۡ ٌ َّ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ َّ ُ ٓ َ
لاوۥد سليمٰنۚ ن ِعم ٱلعبد إِنهۥ أواب ٣٠إِذ واشتغل بتهيئتها وتحضيرها للجهاد(((﴿ ،ووهبنا ِ
ۡ
ي َعن ذِك ِر َر ّ ِب َح َّ ٰ
ت ب َۡ
ٱل ۡ ت ُح َّ ن أَ ۡح َب ۡب ُ
اد َ ٣١ف َق َال إ ِ ِ ّ ٓ ُ َ َ َ ۡ ۡ َ ّ َّ ٰ َ ٰ ُ ۡ َ ُ
ٱلي
ِ ش ٱلص ِفنت ِ ع ِرض عليهِ بِٱلع ِ ِ
َ ۡ
ٱلسوق َوٱل ۡع َ حۢا ب ُّ ع َف َطف َق َم ۡس َ َ ُ ُّ َ َ ََ َ ۡ ۡ
ٱل َ
اق﴾((( .والثاني :عبور الجيش ِ ن ِ ِ ِ ۖ َّ اوهد ر ٣٢ اب
ِ ِج توارت ب ِ
ّ
والجن والطير ،فع ّبأهم النبي سليمان Qجنوده من اإلنس
وادي النمل ،حيث جمع ّ
َ َّ ۡ َ ۡ ۡ َ
َ ُ َ ُ َۡ َ ُُ ُُ َ
ي ف ُه ۡم
نس وٱلط ِ
ٱل ِ ّ َ
ٱل ِن و ِوسار بهم في مه ّمة جهاديّة﴿ :وح ِش ل ِسليمٰن جنودهۥ مِن ِ
ُ َُ َ
ون﴾((( ،فل ّما م ّروا في وادي النمل ،سارعت نملة إلى إنذار بني جنسها من النمل يوزع
بدخول مساكنهم ح ّتى ال يهلكوا تحت أقدام جيش سليمان Qوهم ال يشعرون بهم:
ُ ُ َ َۡ َّ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َّ َ ُّ َ ٰٓ َ ٞ
ٱد ُخلُوا ْ َم َ ٰ
َ
ت إ ِ َذا ٓ أتَ ۡوا ْ َ َ ٰ
سك َِنك ۡم ل ي ِط َم َّنك ۡم ع َوادِ ٱنلم ِل قالت نملة يأيها ٱنلمل ﴿ َح َّ ٰٓ
ُ َۡ َٰ ُ َ ُ ُ ُُ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ
وتبسم لذلك ،وشكر ون﴾((( ،فسمع سليمان Qمقولتهاّ ، سليمن وجنودهۥ وهم ل يشعر
الله تعالى على النعم التي أنعم بها عليه وعلى والديه ،ودعاه أن يو ّفقه لشكره ومرضاته
ع َو َ َ ٰ
ع ت َأ ۡن َع ۡم َ
ت َ َ َّ َ َ َ َّ َ َ ٗ ّ َ ۡ َ َ َ َ َ ّ َ ۡ ۡ ٓ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ
ك َّٱل ِ ٓ ب أوزِع ِن أن أشكر ن ِعمت فيها﴿ :فتبسم ضاحِك مِن قول ِها وقال ر ِ
َ َ َّ ََۡ َ َۡ ۡ َ َ َۡ َ ۡ َ َ
ٱلصٰل ِ ِح َني﴾(((. حتِك ِف عِبادِك َو ٰ ِ َل َّي َوأن أع َمل صٰل ِٗحا ت ۡرضى ٰ ُه َوأدخِل ِن بِر
النبي سليمان Qومعاجزه
ّ مختصات
ّ
ن ٱم ُ ۡ اختص الله تعالى نبيه سليمان بجملة من الخصائص والمعاجزَ ﴿ :هٰ َذا َع َطا ٓ ُؤنَا فَ ۡ
ّ ّ
يحٱلر َ َ
سخر له ال ّرياح تحمله حيث شاءَ ﴿ :ول ُِسل ۡي َم ٰ َن ّ ّ حيث ؛ ﴾ اب ِسأَ ۡو أَ ۡمسِك بغ ۡي ح َ
َ ۡ
ِ ٖ ِ ِ
(((
َ َ َ َ َ ّ ُ َّ ُ َ ۡ َ َّ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ٗ َۡ
ش ٍء عٰل ِ ِمني﴾(((َ ﴿ ،ول ُِسل ۡيم ٰ َن ِ ِ
ۡرض ٱلت ب ٰ َركنا ف َ
ِيها ۚ َوكنا بكل ۡ
ِ ِ ٱل ل ِ إ ٓ ِۦ هر
صفة ِ ِ ِ
م أ ب ي رت ع ِ
((( الشيخ الصدوق ،من ال يحضره الفقيه ،مصدر سابق ،ج ،1ص.202
((( سورة ص ،اآليات .33-30
((( سورة النمل ،اآلية .17
((( سورة النمل ،اآلية .18
((( سورة النمل ،اآلية .19
((( سورة ص ،اآلية .39
((( سورة األنبياء ،اآلية .81
ّ
النبي سليمانQ ّ
النبي داوود- Q
247
َ َّ ُ ٓ ۡ َ َ ّ ُ َ ُّ ۡ
َ ً ۡ َ َ ۡ َ َ َْۡ َ
ني﴾((( ،فما لبث أن جاءه الهدهد ،ووقف بين شدِيدا أو لاذبنهۥ أو لأت ِي ِن بِسلطٰ ٖن مب ِ ٖ
كل أسباب يديه ،وأخبره عن قوم .وهم قوم سبأ في اليمن ،تحكمهم امرأة ،وقد أوتيت من ّ
َ ُ ي بَعِيد َف َق َال أَ َح ُ
طت ب ِ َما ل ۡم ت ِۡط بِهِۦ
ََ َ َ
ث َغ ۡ َ الق ّوة ومظاهر الرفاه ،ولديها عرش عظيم﴿ :فمك
ٖ
ُّ َ ۡ َ ََ َ ۡ ٌ ۡ َ ّ َ َ ُّ ۡ َ ٗ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ُ َ َ ََ َ َ ُۡ َ
ك شءٖ ولها عرش َ
ني ٢٢إ ِ ِن وجدت ٱمرأة تمل ِكهم وأوتِيت مِن ِ جئتك مِن سبإ ِۢ بِنبإ ٖ يقِ ٍ و ِ
يم﴾((( ،وهم يعبدون الشمس من دون الله تعالى ،وقد زيّن لهم الشيطان عملهم، َع ِظ ٞ
َّ َ َّ ُ َ َ ُّ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َّ ۡ
ون ٱللِ َو َز َّي َن ل ُه ُم ٱلش ۡي َطٰ ُن الحق﴿ :وجدتها وقومها يسجدون ل ِلشم ِس مِن د ِ فص ّدهم عن ّ
ب َء ِف ٱل ۡ ۡ
ير ُج َ ُۡ
ِيٱل
َّ
ِ ل
َّ
ِ ٢٤
َُ ۡ ََُۡ َ
ون د ت ه ي ل
َ
م ه ف يل ب ٱلسأَ ۡع َمٰلَ ُه ۡم فَ َص َّد ُه ۡم َعن َّ
ِ ِ ِ ِ
َ ۡ ۡ َ ۡ ُّ َ ُ َّ َ َ ٓ َ ُ َّ َ ُ ۡ ُ َ َ َ ُ ۡ ُ َ َ ۡ َ َ َّ َ َ َ ۡ َ
َ
ۡرض ويعلم ما تفون وما تعلِنون ٢٥ٱلل ل إِله إِل هو رب ٱلعر ِش ٱلع ِظي ِم﴾ .
((( ٰ ُ ت وٱل ِ ٱلسمٰو ٰ ِ
فما كان من سليمانّ Qإل ْأن طلب تح ّري مقولة الهدهد ،فأرسل معه رسالة إلى
ملكة سبأ ،يدعوها وقومها إلى عدم التعالي عليه ،والتسليم لما يدعو إليه من ّ
الحق،
كٰذِب َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ ۡ َ َۡ ُ َ َ ۡ َ
ني ِ وطلب منه تح ّري ر ّد فعلهم على الرسالة﴿ :قال سننظر أصدقت أم كنت مِن ٱل
ۡ َ ّ َ ٰ َ ٰ َ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ۡ ُ َّ َ َ َّ َ ۡ ُ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ ُ َ
كت ِب هذا فألقِه إِل ِهم ثم تول عنهم فٱنظر ماذا ير ِجعون﴾ .فقامت ملكة
(((
٢٧ٱذهب ب ِ ِ
َ َ
ق إ َّل ك َِتٰ ٞ ۡ ُ ّ ْ َ ۡ َ َ َ َ
ب كر ٌ
يم ن أل ِ َ ِ يأ ُّي َها ٱل َمل ُؤا إ ِ ِ ٓت ٰٓسبأ باستشارة كبار قومها في هذا األمر﴿ :قال ۡ
ِ
ني ٣١ ع َو ۡأتُون ُم ۡسلِم َ َ
ٱلرحِي ِم ٣٠أ َّل َت ۡعلُوا ْ َ َ َّ ٱلرِنَٰمۡح َّ َّ
ٱللِ َّ َّ َ
٢٩إِن ُهۥ مِن ُسل ۡي َم ٰ َن ِإَون ُهۥ ِمۡسِب
َّ
ِ ِ
نت قَاط َِع ًة أَ ۡم ًرا َح َّ ٰ َ ۡ َ ُ
ف أَ ۡمري َما ُك ُ َ َ َ ۡ َ َ
ون﴾((( ،فأشاروا عليها ت تشهد ِ يأ ُّي َها ٱل ۡ َملَ ُؤا ْ أ ۡف ُتون ِ ٓ
قالت ٰٓ
ۡ ِ ِ
َ ُ ُ ْ َ ُ ْ َۡ ُ ُ ْ ُ
النهائي﴿ :قالوا ن ُن أ ْولوا ق َّوة ٖ َوأ ْولوا بَأ ٖس شدِي ٖد ّ بالمواجهة ،وتركوا الخيار لها في الحكم
َ َ ۡ َ ۡ َۡ ُ َۡ َ ُ
ين﴾((( ،ولك ّنها أعرضت عن فكرة المواجهة ،لما فيها من اذا تَأ ُمر َ م ي ر
ِ كف ِٱنظ وٱلمر إِل ِ
إزهاق للنفوس وخسران ومالت إلى الموادعة وإرسال هدية إلى سليمانQ؛ لينتظروا
ُ ْ َ َ َ ۡ ٓ َ َّ ٗ َ َ َ َ َ َ ۡ َّ ۡ ُ ُ َ َ َ َ ُ ْ َ ً َ ۡ
وك إِذا دخلوا ق ۡر َية أف َس ُدوها َو َج َعل ٓوا أع َِّزة أهل َِها أذِلة ۚ َوكذٰل ِكر ّد فعله عليها﴿ :قالت إِن ٱلمل
ُ ۡ
َ َّ َ َ ُ ۢ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ َ َ
ون ۡ ٌ ۡ ُ ِ ٣٤ َ
َۡ َ َ ّ ُ
ون﴾((( .فل ّما جاء رسل ملكة جع ٱلمرسل ِإَون مرسِلة إِل ِهم بِهدِي ٖة فناظِرة بِم ير ِ يفعل
النبي سليمان بالهدايا؛ الستمالته وثنيه عن مهاجمة مملكتهم ،لم يقبلها منهم، سبأ إلى ّ
الحق ،وسوف يغزوهم في عقر دارهم إذا ما أص ّروا وأخبرهم أ ّنه ال يتراجع عن موقفه ّ
َ َ َّ َ ٓ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ َ َ َ ُ ُّ َ َ َ َ ٓ َ َ ٰ َ َّ ُ َ ۡ ۡ َ ُ ٰ َ َ ٓ َّ ّ ٞ
على الكفر﴿ :فلما جاء سليمن قال أت ِمدون ِن بِما ٖل فما ءاتى ِنۦ ٱلل خي مِما ءاتىك ۚم بل
ۡ ۡ َ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َ َّ ُ ُ ُ َّ َ َ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ َّ ُ ّ ۡ َ ٓ َ ُ َ َّ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ
جع إِل ِهم فلنأت ِينهم ِبنو ٖد ل ق ِبل لهم بِها ولخ ِرجنهم مِنها
ِ ٱر ٣٦ ونأنتم بِهدِيتِكم تفرح
َ َ َّ ٗ
النبي سليمان،Q أذِلة َو ُه ۡم َصٰغِ ُرون﴾((( ،فما كان من ملكة سبأ ّإل أن رضخت لطلب ّ
النبي سليمان Qمن أعوانه وسارت إليه .وقبل وصولها إلى أرض فلسطين ،طلب ّ
َۡ َ ََۡ َ َ َ َ َ ُّ َ ۡ َ ُ ْ َ ُّ ُ َ ۡ
ِين بِعرشِها قبل أن ۡ َ اإلتيان بعرشها من اليمن إلى فلسطين﴿ :قال ٰٓ
يأيها ٱلملؤا أيكم يأت ِ
ون ُم ۡسل ِ ِم َني﴾((( ،فأجابه مارد من ّ َُۡ
الجن بأ ّنه قاد ٌر على اإلتيان به قبل أن يقومQ يأت ِ
َّ َ َ ّ َ َ َ َ ۡ
ِإَون عل ۡيهِ َُ َ ََۡ ّ َ۠ َ َ َ َ ۡ َ ّ ٞ
ٱل ِن أنا ءاتِيك بِهِۦ قبل أن تقوم مِن مقامِك ۖ ِ من مجلسه﴿ :قال عِف ِريت مِن ِ
لَ َقو ٌّي أَم ٞ
النبي سليمان؛ وهو آصف بن برخيا((( -وكان من الذين أنعم وصي ّ ِني﴾((( ،وقام ّ ِ
الله تعالى عليهم ،وآتاهم علماً من الكتاب -باإلتيان به قبل أن يرت ّد نظر سليمانQ
َ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ ََ۠ َٰ ۡ َ ّ ٞ َ َ َّ
ِيك بِهِۦ ق ۡبل أن يَ ۡرتَ َّد إ ِ ۡل َك َط ۡرفُ َكۚ﴾((( .فل ّما ب أنا ءات
إليه﴿ :قال ٱلِي عِندهۥ عِلم مِن ٱلكِت ِ
رأى سليمان Qذلك ،استشعر العظمة ،وشكر الله تعالى على نعمه عليه﴿ :فَلَ َّما َر َءاهُ
ۡ ُ َ َ َ َّ َ ۡ َ ّ ََُۡ ٓ َ ۡ ُ َ َ ۡ ُ َ ُ َ َ َٰ َ
ن َءأشك ُر أ ۡم أكف ُر ۖ َو َمن شك َر فإِن َما يَشك ُر ِ و ل ب ل
ِ ب
ِ ِر ل ض ف ِنم ا ذ ُم ۡس َتقِ ًّرا عِندهۥ قال ه
يم﴾((( ،ثمّ أمر أعوانه بتغيير معالم عرشها ببعض ن َكر ٞك َف َر فَإ َّن َر ّب َغ ّ ٞ
َ
سهِۖۦ َو َمن
ۡ
لِ َف ِ
ِ ِ ِ ِ
َ َ َ ّ ْ َ
ك ُروا ل َها
التغييرات؛ ليختبرها في معرفتها له ،وين ّبهها على هذا األمر الخارق﴿ :قال ن ِ
َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ ُ ُ َ َّ َ َ َ ۡ َ ُ َ
ون﴾((( ،فل ّما دخلت ُسئلت عن عرشها عرشها ننظر أتهتدِي أم تكون مِن ٱلِين ل يهتد
هل هو كهذا العرش؟ فتأمّلته وأجابت بأ ّنه يشبهه كثيراً ،وعلمت عند رؤيتها العرش ّأن
ََ
النبي سليمان Qأراد أن ين ّبهها على هذا األمر المعجز؛ تصديقاً لدعواه النب ّوة﴿ :فل َّما ّ
َ َ َ َ
َ َٓ ۡ َ َٰ َ َ َ ۡ ُ َ
ك قال ۡت كأنَّ ُهۥ ُه َوۚ﴾((( ،فأجابته بإيمانها به ،وتسليمها له قبل هذه جاءت قِيل أهكذا عرش ِ ۖ
َّ
ون ٱللِۖ
ُ َ
َ َ َّ َ َ َ َّ ۡ ُ ُ َ ۡ َ َ َّ ُ ۡ َ ُ َُ َ ۡ ۡ َ
المعجزة﴿ :وأوت ِينا ٱلعِلم مِن قبل ِها وكنا مسل ِ ِمني ٤٢وصدها ما كنت تعبد مِن د ِ
ين﴾((( .ثمّ ُأ ِم َرت بدخول قصر سليمان ،Qفل ّما دخلت خالت َۡ َ
ك ٰ ِفر َ ت مِن قو ٖم إ َّن َها َكنَ ۡ
ِ ِ
َّ ۡ َ َ َ َّ َ َ ُۡ َ ََ ۡ ُ
أرض به ِو القصر ما ًء ،فرفعت أذيال ثوبها خوفاً من البلل﴿ :قِيل لها ٱدخ ِل ٱلصح ۖ فلما رأته َ
َ َ ُ
َ َ ۡ ُ َّ ٗ
لة َوك َش َف ۡت َعن َساق ۡي َها ۚ﴾((( ،فقال لها سليمانّ Qإن األرض من زجاج ش ّفاف حسِبته
َ َ
تظن﴿ :قَال إنَّ ُهۥ َ ۡ
ص ٞح ُّم َم َّردّ ٞمِن ق َوارِ َير ۗ﴾((( ،فكانت هذه آية أخرى ِ صاف ،ال من ماء كما ّ ٍ
َ َ ۡ َ ّ ّ
ب إ ِ ِن باهرة لها ،فاعترفت بظلمها في عبادة غير الله تعالى ،وأعلنت إسالمها له﴿ :قالت ر ِ
ۡ َ َ َ َ َ
َظل ۡم ُت َن ۡف ِس َوأ ۡسل ۡم ُت َم َع ُسل ۡي َمٰ َن ِ َّلِ َر ّ ِب ٱل َعٰل ِم َني﴾(((.
النبي سليمانQ
ّ وفاة
شاء الله تعالى لنب ّيه سليمانQالوفاة ،وهو جالس على كرسي عرشه ،م ّتكئاً على
والجن ،حتى أتت نملة ،وبدأت تأكل ّ عصاه .وبقي أمر وفاته خافياً على أعوانه من اإلنس
ََ ََ َ َ
ف بذلك موته﴿ :فل َّما قض ۡي َنا عل ۡيهِ
في عصاه ،فل ّما انكسرت عصاه ،وقع على األرض ،فعُ ِر َ
َّ ۡ َ ُ ْ َ ۡ َ ۡ َ
ِنسأتَ ُه ۖۥ فَلَ َّما َخ َّر تَبَ َّي َ
ك ُل م ََ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ َّ ُ ۡ َ َ ٰ َ ۡ ٓ َّ َ َّ ُ ۡ
ٱل ُّن أن لو كنوا
ِ ت
ِ ن أ ت ۡرضِ ٱل ٱلموت ما دلهم ع موتِهِۦ إِل دٓابة
ُ ۡ ََُۡ َ َۡۡ َ َ َ ُ ْ َۡ َ
ني﴾(((.اب ٱلم ِه ِ يعلمون ٱلغيب ما لِثوا ِف ٱلعذ ِ
النبي سليمانQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي سليمان Qفي القرآن الكريم ،يمكن استلهام بعد التأمّل في ما ورد من قصّ ة ّ
جملة من الدروس وال ِع َبر والسنن ،منها:
يح ُغ ُد ُّو َها َش ۡه ٞر َو َر َو ُ
اح َها َ ُ ََۡ َ ّ
ٱلر َ
يسخر األشياء لعباده المخلصين﴿ :ول ِسليمٰن ِ -الله تعالى ّ
ۡ ۡ ۡ ٱل ّن َمن َي ۡع َم ُل َب ۡ َ َ ۡ ۡ َ َ ۡ ۡ َ ۡ َ َُ َۡ َ ََ ٞ
ي يَ َديۡهِ بِإِذ ِن َر ّبِهِۖۦ َو َمن يَ ِزغ مِن ُه ۡم ِِ شهر ۖ وأسلنا لۥ عي ٱلقِط ِرۖ ومِن
َ َ َ ٰ َ َّ َ ٰ َ َ َ ُ ٓ ََۡ َ ُ َ ََ َ ُ َّ َ ۡ َۡ َ ُ ُۡ ۡ َ َ
انجف ٖ اب ٱلسعِريِ ١٢يعملون لۥ ما يشاء مِن محرِيب وتمثِيل و ِ عن أمرِنا نذِقه مِن عذ ِ
ور﴾.
ُ ٞ َ ۡ َ ْ ُ
ٱل َواب َوقُ ُدور َّراس َِيٰت ٱع َمل ٓوا َءال د ُاوۥد شك ٗر ۚا َوقل ِيل ّم ِۡن ع َِباد َِي ٱلشك ُ
َّ ُ َ َ ۡ
ٍۚ َك ۡ َ
ٖ ِ
َ ُ َ ُ ََۡ َ ُ ُ ُُ َ ۡ
ٱل ِّن
-الق ّوة واالقتدار ال يتنافيان مع الرحمة والرفق﴿ :وح ِش ل ِسليمٰن جنودهۥ مِن ِ
َّ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ْ ُ ُ ۡ ُ ۡ َّ َ ُّ َ َ ٞ َ
ت إ ِ َذا ٓ أتَ ۡوا ْ َ َ ٰ َ َّ ۡ َ ُ ۡ ُ َ ُ َ َ ۡ
يأيها ٱنلمل ٱدخلوا ع َوادِ ٱنلم ِل قالت نملة ٰٓ ون َ ١٧ح َّ ٰٓ ي فهم يوزع ِ ٱلط و نس
ِ ٱل
ِ و
َ ٗ َ ۡ َ
ۡ َ َّ ُ ۡ ُ ۡ َ ٰ ُ َ ُ ُ ُ ُ َ ُ ۡ َ ُ ُ َ َ َ َ
ون ١٨ف َتبَ َّس َم َضاحِك ّمِن ق ۡول َِها﴾. سك َِنك ۡم ل ي ِطمنكم سليمن وجنودهۥ وهم ل يشعر
ُ َم َ ٰ
-على اإلنسان أن يذكر الله تعالى دوماً ،ويشكره على أنعمه ومواهبه ،ويسأله العون
ع ع َو َ َ ٰت َ َ َّ ت َأ ۡن َع ۡم َ ك َّٱل ِ ٓ ََ َ َ ّ َۡ ۡ ٓ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ ََ َ
ب أوزِع ِن أن أشكر ن ِعمت والتسديد وحسن العاقبة﴿ :وقال ر ِ
َ َ َّ ََۡ َ َۡ ۡ َ َ َۡ َ ۡ َ َ
ٱلصٰل ِ ِح َني﴾. حتِك ِف عِبادِك َو ٰ ِ َل َّي َوأن أع َمل صٰل ِٗحا ت ۡرضى ٰ ُه َوأدخِل ِن بِر
َٓ َ
ل ل أرىَ ي َف َق َال َما ِ َ ٱلط ۡ َ-القائد دائم التف ّقد لجنده ،لجهة جاهزيّتهمَ ﴿ :و َت َف َّق َد َّ
ۡ ٓ َ َ ۡ
ٱل ُه ۡد ُه َد أ ۡم ك َن م َِن ٱل َغائِب ِ َني﴾.
ۡ ُ َ َٓ َ
ل ل أ َرى ٱل ُه ۡده َد أ ۡم ي َف َق َال َما ِ َ ٱلط ۡ َ-مراعاة مبدأ الحزم واللين في الحكمَ ﴿ :و َت َف َّق َد َّ
ني﴾. ب ِيدا أَ ۡو َلَا ْ ۡذ َبَ َّن ُه ٓۥ أَ ۡو َلَأۡت َِي ّن ب ُس ۡل َطٰن ُّ
م ني َ ٢٠لُ َع ّذ َِب َّن ُهۥ َع َذ ٗابا َشد ً
َك َن م َِن ۡٱل َغآئب َ
ٖ ِ ٖ ِ ِ ِِ
ثغََۡ َ َ َ َ
ي بَعِي ٖد -ضرورة التث ّبت من األخبار ،وعدم ترتيب أثر عليها قبل ذلك﴿ :فمك
ّ َ َ ُّ ۡ َ ٗ َ ُ َ َ ك مِن َس َبإ بنَ َبإ يَ َ ُۡ َ َف َق َال أَ َح ُ
طت ب َما ل َ ۡم ُت ۡ
ٱم َرأة ت ۡمل ِك ُه ۡم قال ني ٢٢إ ِ ِن وجدت ق
ِ
ِۢ ِ ٖ ٍ ت ئ ج
ِ و ِۦ هِ ب ِط ِ
َ َ َ ُ ُ َ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ َٰ
سننظر أصدقت أم كنت مِن ٱلك ِذبِني﴾.
َ َ
اإللهي يُع ِرض عن موارد التقصير﴿ :قال ّ -اإلتيان باألخبار المه ّمة ،ال يجعل القائد
َ ٰ َ َ ُ ُ َ َ َ ۡ َ َۡ ُ َ َ ۡ َ
سننظر أصدقت أم كنت مِن ٱلك ِذبِني﴾.
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 252
َ َ ََۡ ۡ َ ّ َ
كتٰ ِب هٰذا فأل ِق ۡه اإللهي ال يأخذ الناس بالعذاب قبل إلقاء الحجّ ة﴿ :ٱذهب ب ِ ِ ّ -القائد
َ ۡ ۡ ُ َّ َ َ َّ َ ۡ ُ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ ُ َ
ون﴾. جعإِل ِهم ثم تول عنهم فٱنظر ماذا ير ِ
ََّ َ َ ۡ َ َ ُّ َ ۡ َ َ ُ ْ ّ ٓ ُ ۡ
ق إِل يأيها ٱلملؤا إ ِ ِن أل ِ َ اإللهي يدعو إلى الله تعالى ،ال إلى نفسه﴿ :قالت ٰٓ ّ -القائد
َ َّ َ ۡ ُ ْ َ َ ُۡ
َّ َ َّ َّ َّ ُ ۡ َ َ َّ ُ َ َّ ُ َ ٌ َ ٞ
ون كِتٰب ك ِريم ٢٩إِنهۥ مِن سليمٰن ِإَونهۥ ِمۡسِب ٱللِ ٱلرِنَٰمۡح ٱلرحِي ِم ٣٠أل تعلوا ع وأت ِ
ُم ۡسل ِ ِم َني﴾.
َ َ ۡ َ َ ُّ َ ۡ َ َ ُ ْ
يأيها ٱلملؤا -المشورة في القيادة أمر راجح في ا ّتخاذ القرارات المناسبة﴿ :قالت ٰٓ
ون﴾. نت قَاط َِع ًة أَ ۡم ًرا َح َّ ٰ َ ۡ َ ُ ف أَ ۡمري َما ُك ُ أ ۡف ُتون ِ ٓ
َ
ت تشهد ِ ِ ِ
ُُْ ْ َۡ َ ُ ْ َۡ ُ ُُْ ْ ُ
َ َّ
-بعد االستشارة ،ينبغي أن يصدر الحكم من القائد﴿ :قالوا نن أولوا قوة ٖ وأولوا بأ ٖس
َ َ ۡ َّ ۡ ُ ُ َ َ َ َ ُ ْ َ ۡ َ ً َ ۡ َ ُ َ َ َ َ ُ ٓ ْ َ َ ۡ َ ۡ َۡ ُ َۡ َ ُ َ
ين ٣٣قالت إِن ٱلملوك إِذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا اذا تَأ ُمر َ م ي ر
ِ كف ِ
ٱنظ شدِي ٖد وٱلمر إِل ِ
َ َّ َ َ َ ُ ۢ َ َ ۡ ُ ۡ ُ ۡ َ ُ َ ِإَون ُم ۡرسِلَ ٌة إ ِ َ ۡ
ّ َ َّ َ َ ۡ َ ٓ َ َّ ٗ َ َ َ ٰ َ َ ۡ َ ُ َ
ون﴾. جع ٱلمرسل ِ ر ي مِ ب ة ِرظ ا ن ف ة
ٖ ِي
د ه ب
ِ ِ م ه ل ِ ٣٤ ون أعِزة أهل ِها أذِلة ۚ وكذل ِك يفعل
َ َ ُ َ َ َ ٓ َ َ
الحق﴿ :فل َّما َجا َء ُسل ۡي َم ٰ َن قال أت ِم ُّدون ِن ب ِ َما ٖل اإللهي ال يساوم في دعوته إلى ّ ّ -القائد
ۡ َ ۡ ۡ ۡ َ َ َّ ُ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ ۡ ُ َّ َ ُ َ ُ َ َ َّ ّ ٞ َ ۡ ٓ ََٓ َ َ
ل ِه ۡم فل َنأت َِي َّن ُهم جع إ ِ فما ءاتى ٰ ِن َۦ ٱلل خي مِما ءاتىٰك ۚم بل أنتم بِهدِيتِكم تفرحون ٣٦ٱر ِ
ُ ُ َّ َ َ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ َّ ُ ّ ۡ َ ٓ َ َّ ٗ َ ُ ۡ َ ٰ ُ َ
ون﴾. ِبنو ٖد ل ق ِبل لهم بِها ولخ ِرجنهم مِنها أذِلة وهم ص ِغر
َ۠ َ َُ ۡ َ ۡ َ ّ ٞ َ َ َّ
ب أنا -الله تعالى يجري المعاجز على أيدي أوليائه﴿ :قال ٱلِي عِندهۥ عِلم مِن ٱلكِتٰ ِ
َ َ َ َ
ِيك بِهِۦ ق ۡبل أن يَ ۡرتَ َّد إ ِ ۡل َك َط ۡرفُ َكۚ﴾، َ َ
ءات
َ ََّ
الحق﴿ :فلما -في بعض الموارد يكون األسلوب غير المباشر أبلغ في الدعوة إلى ّ
ُ َ ۡ ۡ ُ َٓ ۡ َ ََ َ َ َ ُ َ َ ََ
ك قال ۡت كأنَّ ُهۥ ُه َوۚ َوأوت َِينا ٱل ِعل َم مِن ق ۡبل َِها َوك َّنا ُم ۡسل ِ ِم َني﴾. ۡ
جاءت قِيل أهٰكذا عرش ِ ۖ
َ
الخلق ّإل من أذن الله تعالى له يطلع عليه أحد من َ ِ -ع ْلمُ المنايا من الغيب الذي ال ّ
َ ََ َۡ ُ ُ َّ َ ُ ۡ َ
ت َما َدل َّ ُه ۡم َ َ ٰفي ذلك﴿ :فَلَ َّما قَ َض ۡي َنا َعلَ ۡيه ٱل ۡ َم ۡو َ
ِنسأت ُه ۖۥ ۡرض تأكل م ع َم ۡوتِهِۦٓ إِل دٓابَّة ٱل ِ ِ
ُۡ ۡ ُّ َ َّ ۡ َ ُ ْ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ ْ ۡ َ َ ََ َ ََ َ
ني﴾.
اب ٱلم ِه ِٱلن أن لو كنوا يعلمون ٱلغيب ما لِثوا ِف ٱلعذ ِ ت ِ فل َّما خ َّر تب َّين ِ
ٱل َع ِ ّ ۡ ُ َ َ َۡ ۡ
ش ِ -ولي الله يحرص على أن ال تفوته عبادة مفروضة أو مندوبة﴿ :إِذ ع ِرض عليهِ ب ِ ّ
اب ٣٢ِج
ۡ
ٱل َ ب
ۡ َ ّ َ َّ ٰ َ َ َ ۡ
ت ارو ت ت ح ب ر ر ِك ذ ن ع ب َۡ
ٱل ۡي َ ت ُح َّ ن أَ ۡح َب ۡب ُ
ٓ ََ َ ّ
إ ال ق ف ٣١
َّ ٰ َ ٰ ُ ۡ َ ُ
اد ٱلي
ِ ِ ِ ِ ِ ِِ ٱلصفِنت ِ
َ ۡ
ٱلس َ ۡ َ حۢا ب ُّ ع َف َطف َق َم ۡس َ ُ ُّ َ َ َ
اق﴾.وق وٱلعن ِ ِ ِ ِ ۖ َّ ردوها
ّ
النبي سليمانQ ّ
النبي داوود- Q
253
ٗ َ َ َ ۡ َ َ َّ ُ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ٰ ُ
ع ك ۡرس ِّيِهِۦ َج َسدا -الله تعالى يبتلي أولياءه ويمتحنهم﴿ :ولقد فتنا سليمن وألقينا
اب﴾.ُث َّم َأنَ َ
ۡٗ ٱغف ۡر ل َو َه ۡ َ َ َ ّ ۡ
ب ِل ُملك ب ِ ِ يحب أن يقيم حكم الله تعالى في األرض﴿ :قال ر ِ -ولي الله ّ ّ
ۡ
نت ٱل َو َّه َُ
كأ َ َّ
َ ّ ۢ َۡ ٓ َ َ َّل يَ َ
اب﴾. ۢنب ِغ ِلح ٖد ِمن بعدِيۖ إِن
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 254
األفكار الرئيسة
.1بعد ْأن قتل داوود جالوت ،جمع الله تعالى لبني إسرائيل من جديد الملك والنب ّوة،
ومكن الله تعالى له ملكه فيهم ،واستخلفه في األرض. فجعلهما في داوودّ .Q
وكان داوود Qعلى شريعة موسى ،Qوقد اختصّ ه الله تعالى بكتاب
الزبور ،وهو كتاب ال يشتمل على األحكام والتشريعات ،وفيه ِذ ْكر سنن إله ّية،
ومواعظ وزواجر ،وأمور وحوادث مستقبل ّية .وقد اختصّ ه الله بجملة من المعاجز،
منها :تسخير الجبال والطير له تس ّبح معه لله تعالى ،وتليين الحديد له .وحكى
القرآن الكريم قضاء داوود Qفي قض ّيتين ،كانتا امتحاناً له من الله تعالى
قض ّية التنازع في النعاج ،وقض ّية الغنم التي نفشت في الزرع.
النبي
النبي سليمان Qفي بيت النب ّوة والحكم ،وترعرع في كنف أبيه ّ .2نشأ ّ
داوود ،Qفتعهّده بالتربية والتعليم ،ح ّتى بلغ مبلغاً يناظر فيه أباهQ
في قضاء الخصومات بين الناس .وأورثه الله تعالى أباه داوود Qفي نب ّوته
ورسالته وملكه .وآتاه ملكاً واسعاً واقتداراً ال نظير له؛ ليكون ذلك ب ّينة واضحة على
صدق نب ّوته .وقد حكى القرآن الكريم مشهدين من هذا االقتدار ،األوّل :استعراض
الخيول ،والثاني :عبور جيشه على وادي النمل .واختصّ ه الله تعالى بجملة من
فسخر له الرياح تحمله حيث يشاء ،وع ّلمه منطق الطير، الخصائص والمعاجزّ ،
وسخر له ّ
الجن، ولغة النمل ،وأذاب له النحاس ،وجعله نابعاً من األرض في عيونّ ،
وأخضع له مملكة سبأ.
ّ
النبي سليمانQ ّ
النبي داوود- Q
255
ّ
فكر وأجب
مطالعة
العطار ،عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن ابن بابويه ،ح ّدثنا مح ّمد بن يحيى ّ
عن مح ّمد بن أورمة ،عن مح ّمد بن إسماعيل ،عن حنان بن سدير ،ح ّدثنا أبو ّ
الخطاب،
عن العبد الصالح ،Qقال« :إنّ الله تعالى أوحى إلى داوود Qأنْ استخلِف
سليمان على قومك ،فصعد المنبر ،فحمد الله وأثنى عليه ،ثمّ قال :إنّ الله أوحى إليّ
أنْ استخلِف سليمان عليكم ،فضجّ ت رؤوس أسباط بني إسرائيل من ذلك ،وقالوا :غالم
حَ دِث يُستخلف علينا وفينا من هو أعلم منه ،فقال لهم داوود :Qأروني عِصِ يّكم،
فأيّ عصا أثمرت ألحد ،فهو وليّ األمر من بعدي ،فقالوا :قد رضينا ،فجاؤوا بعِصِ يّهم،
فقال داوود :ليكتب كلّ رأس منكم اسمه على عصاه ،فكتبوا ،ثمّ جاء سليمان بعصاه،
فكتب عليها اسمه ،ثمّ ُأدخِ لَت بيتاًُ ،وأغلِقَ الباب ،وشُ ّد باألقفال ،وحرسه رؤوس أسباط
بني إسرائيل ،فلمّا أصبح صلّى بهم الغداة ،ثمّ أقبل ،ففتح الباب ،فأخرج عِصِ يّهم قد
أورقت ،وعصا سليمان قد أثمرت ،قال :فسلّموا ذلك لداوود ،ولمّا أراد أنْ يُعلِم حكمة
سليمان ،قال :يا بنيّ ،أي شيء أبرد؟ قال :عفو الله عن الناس ،وعفو بعضهم عن بعض،
فقال :يا بنيّ ،أيّ شيء أحلى؟ قال :المحبّة؛ وهو روح الله في عباده ،فافت ّر داوود
ضاحكاً»(((.
R األنبياء
إل ـ ـ ـيـ ـ ــاس ذو الكفل
ال ـ ـي ـ ـسـ ــع يـ ـ ــونـ ـ ــس
زك ـ ـ ــر ّي ـ ـ ــا يـ ـ ـحـ ـ ـي ـ ــى
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
ََ َ ُ َ ۡ َ َ َ
-توحيد الله تعالى وعبادته وتقواه أمان من الخسران﴿ :إِذ قال ل ِق ۡو ِمهِۦٓ أل ت َّتقون ١٢٤
ك َّذبُوهَُ َ ك ُم ۡٱلَ َّول َ
ِني ١٢٦ف
َّ َ َ َّ ُ ۡ َ َ َّ َ َ ٓ ُ
ني ١٢٥ٱلل ربكم ورب ءابا ِئ خٰلِق َََۡ ُ َ َۡٗ َََ ُ َ َ ۡ َ َ ۡ َ
أتدعون بعل وتذرون أحسن ٱل
ِ
َ ۡ ۡ َّ َ َ َّ َ َّ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ
ٱللِ ٱل ُمخل ِص َني﴾. ضون ١٢٧إِل عِباد فإِنهم لمح
َ َ ٌ َ َٰٓ َ ۡ
الحق باقية وظاهرة ،ولو كره الكافرونَ ﴿ :وتَ َرك َنا َعل ۡيهِ ف ٱٓأۡلخِر َ
ين ١٢٩سلٰم ع ِ ِ -كلمة ّ
إ ۡل يَاس َ
ِني﴾. ِ
ّ
النبي ذي الكفلQ قصة ّ
هو عدويا بن أدارين ،من أنبياء بني إسرائيل .كان بعد سليمان بن داوود،Q
وكان يقضي بين الناس .س ّمي بذي الكفل؛ أل ّنه تك ّفل لملك ج ّبارْ ،إن هو تاب دخل
الج ّنة ،ودفع إليه كتاباً بذلك ،فتاب الملك؛ وكان اسمه كنعان ،فس ّمي ذا الكفل .والكفل
الخط .وقيل :س ّمي بذلك ،بمعنى أ ّنه ذو الضعف ،فله ضعف ثواب غيره في اللغة هو ّ
م ّمن هو في زمانه؛ لشرف عمله((( .وقد ورد ِذ ْكره في القرآن الكريم في موضعين ،هما:
َ ۡ َ ٓ َّ َۡ َ ۡ ۡ َ ٰ َ ۡ َ َ َ ۡ ۡ ُ ّ َّ َ ّ ٞ
حت ِ َنا ۖ إِن ُهم ّم َِن ين َ ٨٥وأدخل َنٰ ُه ۡم ِف ر ٱلصٰب َ
ِِ ِ﴿-إَوسمعِيل ِإَودرِيس وذا ٱلكِف ِلۖ ك مِن
َّ
ٱلصٰل ِ ِح َني﴾(((.
َۡ ُ ّٞ َ ۡ َ ۡ ۡ ُ
َ ﴿-وٱذك ۡر إ ِ ۡس َمٰعِيل َوٱل َي َس َع َوذا ٱلك ِۡف ِلۖ َوك ّم َِن ٱل ۡخ َيارِ﴾(((.
النبي ذي الكفل ،Qوحكى ثناء الله تعالى لم يتع ّرض القرآن ل ِذ ْكر تفاصيل حياة ّ
ٱلصٰب َ ۡ َ ٰ َ ۡ َ َ َ ۡ ۡ ُ ّ َّ َ ّ ٞ
ين﴾((( ،وقد ِِ عليه؛ لصبره في جنبه تعالىِ﴿ :إَوسمعِيل ِإَودرِيس وذا ٱلكِف ِلۖ ك مِن
ََۡ َ َۡ ُ ۡ َ َۡ ٓ
حت ِ َنا ۖإ ِ َّن ُهم ّم َِن ٱلصٰل ِ ِح َني﴾(((،
َّ
أدخله في رحمته الخاصّ ة بعباده الصالحين﴿ :وأدخلنٰهم ِف ر
َ ۡ ُ ّٞ َ ۡ َ ۡ ۡ ُ
وع ّده من األخيارَ ﴿ :وٱذك ۡر إ ِ ۡس َمٰعِيل َوٱل َي َس َع َوذا ٱلك ِۡف ِلۖ َوك ّم َِن ٱل ۡخ َيارِ﴾(((.
ّ
النبي اليسعQ قصة ّ
النبي إلياسQ
هو اليسع بن أخطوب ،بن العجوز ،وهو من أنبياء بني إسرائيل .استخلفه ّ
من بعده في بني إسرائيل((( .وقد ورد ِذ ْكره في القرآن الكريم في موضعين ،هما:
ُ َّ ٓ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ُ ٗ َ ُ ّٗ َ َّ ۡ َ َ َ
ع ۡٱل َعٰلَم َ
ني َ ٨٦وم ِۡن َءابَائ ِ ِه ۡم َوذ ّرِيٰت ِ ِه ۡم ِ ِ﴿-إَوسمٰعِيل وٱليسع ويونس ولوطا ۚ وك فضلنا
ِين َء َات ۡي َنٰ ُه ُم ۡٱلك َِتٰ َ ُ ْ َ ٰٓ َ
ك َّٱل َ ُّ ۡ َ ٱج َتبَ ۡي َنٰ ُه ۡم َو َه َديۡ َنٰ ُه ۡم إ َ ٰل ِ َ ۡ
ِإَوخ َوٰنِه ۡم َو ۡ
ب يم أولئ ِ صر ٰ ٖط مستقِ ٖ ِ ِ ۖ
كٰفِر َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُّ ُ َّ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ٰٓ ُ َ ٓ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ َ َ ۡ ٗ َّ ۡ ُ ْ َ َ
ين﴾(((. وٱلكم وٱنلبوة ۚ فإِن يكفر بِها هؤلءِ فقد ٞوكنا بِه َا قوما ليسوا بِها ب ِ ِ
ۡ ُّ َ ۡ َ ۡ ۡ ُ
َ ﴿-وٱذك ۡر إ ِ ۡس َمٰعِيل َوٱل َي َس َع َوذا ٱلك ِۡف ِلۖ َوك ّم َِن ٱل ۡخ َيارِ﴾(((.
النبي اليسع ،Qوحكى تفضيل الله تعالى لم يتع ّرض القرآن ل ِذ ْكر تفاصيل حياة ّ
ُ ٗ ُ ّ َ َّ ۡ َ َ ٗ ُ َ ۡ
ِإَوس َمٰعِيل َوٱل َي َس َع َو ُيون َس َولوطا ۚ َوك فضل َنا ع فضلهم على العالمينۡ ﴿ : له فيمن ّ
َٰ َ َ ۡ ُۡ ۡ ْ ٰٓ َ َّ َ َ َ ُ ۡٱل َعٰلَم َ
ٱلك َم ين َءات ۡي َنٰ ُه ُم ٱلكِتب و ٱل
ني﴾((( ،واصطفاءه للنب ّوة والرسالة﴿ :أولئِك ِ ِ
َ ۡ َّ ُ ٓ َ َ
َوٱنلُّ ُب َّوة ۚ﴾((( ،واجتباءه وهدايته إلى صراط مستقيمَ ﴿ :وم ِۡن َءابائ ِ ِه ۡم َوذ ّرِيٰت ِ ِه ۡم ِإَوخوٰن ِ ِه ۡمۖ
َ ۡ ۡ ُ
يم﴾((( ،وع ّده من األخيارَ ﴿ :وٱذك ۡر إ ِ ۡس َمٰعِيل َوٱل َي َس َع ٱج َتبَ ۡي َنٰ ُه ۡم َو َه َديۡ َنٰ ُه ۡم إ َ ٰل َ ُّ ۡ ََو ۡ
صر ٰ ٖط مستقِ ٖ ِ ِ
َۡ ُ ّٞ َ ۡ
َوذا ٱلك ِۡف ِلۖ َوك ّم َِن ٱل ۡخ َيارِ﴾(((.
النبي يونسQ ّ قصة ّ
هو يونس بن م ّتى من أبناء يعقوب((( ،وهو من أنبياء بني إسرائيل .ورد ِذ ْكره في
ۡ ۡ َّ ُ َ
القرآن الكريم في مواضع ع ّدة((( ،منها :قوله تعالىِ﴿ :إَون يُون َس ل ِم َن ٱل ُم ۡر َسل َِني ١٣٩إِذ
الطبرسي ،مجمع البيان في تفسير القرآن ،مصدر سابق ،ج104 ،4؛ ج ،8ص.329
ّ ((( الشيخ
((( سورة األنعام ،اآليات .89 ،87-86
((( سورة ص ،اآلية .48
((( سورة األنعام ،اآلية .86
((( سورة األنعام ،اآلية .89
((( سورة األنعام ،اآلية .87
((( سورة ص ،اآلية .48
الطبرسي ،مجمع البيان في تفسير القرآن ،مصدر سابق ،ج ،4ص104؛ ابن كثير ،قصص األنبياء، ّ ((( انظر :الشيخ
مصدر سابق ،ج ،1ص.361
((( انظر :سورة النساء ،اآليتان 165 ،163؛ سورة األنعام ،اآليات 89 ،87-86؛ سورة يونس ،اآلية 98؛ سورة األنبياء،
اآليتان 88-87؛ سورة الصافات ،اآليات 148-139؛ سورة القلم ،اآليات ،50-48وقد أوردنا هذه اآليات في آخر
النبي يونس.Q الكتاب ،آيات قصص األنبياء ّ ،R
ّ
النبي يحيى R النبي ّ
زكريا - ّ ّ
النبي يونس - ّ
النبي اليسع - ّ
النبي ذي الكفل - ّ
النبي إلياس -
263
ولك ّنهم لم يستجيبوا له ،ول ّما وجد فيهم اإلصرار على الكفر والجحود ،توعّدهم بنزول
العذاب ،وخرج منهم في جوف الليل من تلقاء نفسه((( ،غاضباً لله تعالى ،ساخطاً
ض ٗبا َف َظ َّن أَن َّلن َّن ۡقدِرَ َّ َ َ ُ َ
ب مغ ٰ ِ َ َ ُّ
عليهم ،مو ِقناً منه تعالى تك ّفله برحمته﴿ :وذا ٱنل ِ
ون إِذ ذه
يدخنَعلَ ۡيهِ﴾((( ،فل ّما أصبحوا وجدوا فوق رؤوسهم غيماً أسود هائ ًال في السماءّ ،
دخاناً شديداً ،فهبط ح ّتى غشي مدينتهم ،واسودّت سطوحهم ،فل ّما رأوا ذلك أيقنوا
بالهالك ،فطلبوا نب ّيهم فلم يجدوه ،فخرجوا إلى الصعيد بأنفسهم ،ونسائهم وصبيانهم
ودوابّهم وتض ّرعوا إلى الله تعالى ،وأظهروا اإليمان والتوبة ،وأخلصوا الن ّية ،فرحمهم
ت ل كَنَ ۡ ((( َ َ ۡ َ
الله تعالى ،واستجاب دعاءهم ،وكشف عنهم العذاب بعد ما أظلهم ﴿ :فلو
َ ۡ َ ٌ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ٓ َ ُ َ ٓ َّ َ ۡ َ ُ ُ َ َ َّ ٓ َ َ ُ ْ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ
اب ٱل ِۡز ِي ِف قرية ءامنت فنفعها إِيمٰنها إِل قوم يونس لما ءامنوا كشفنا عنهم عذ
ِني﴾(((. ح لٱدل ۡن َيا َو َم َّت ۡع َنٰ ُه ۡم إ ِ َ ٰ َۡ
ٱل َي ٰوة ِ ُّ
ٖ
خروجه Qمن أرض قومه ،ورحلته في البحر
النبي يونس Qمن قومه ،توجّ ه تلقاء ساحل البحر ،فوجد سفينة بعدما خرج ّ
ۡ
َ ُ ۡ ۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ
ون﴾(((.
ك ٱلمشح ِ محملة تهمّ باإلبحار ،فسألهم اإلبحار معهم ،فأبحر﴿ :إِذ أ َبق إِل ٱلفل ِ
َّ
وأثناء جريان السفينة ،ماج بهم البحر ،وكادت تغرق بهم بفعل ثقل حمولتها ،فتوافقوا
على خيار التقليل منها ،وقيل :اعترضهم حوت((( ،فاقترعوا في ما بينهم لهذا األمر،
ۡ َ َ َ ََ
اه َم فك َن م َِن ٱل ُم ۡد َح ِض َني﴾(((. ووقعت القرعة على يونس﴿ :Qفس
ََ َ
اد ٰ
ى ِف الجهودَ ﴿ :فن بتقصيره يقتضي ّالمر ُاجعة واإلصالح ومضاعفة -تبصّ ر اإلنسان
ني َّ َ ُ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ٨٧
ن ۡي َنٰ ُه مِنَ َ َّٰ َ ُ ُّ ُ َ ٰ َ َّ ٓ َ ٰ َ َّ ٓ َ َ ُ ۡ َ ٰ َ َ
فٱستجبنا لۥ و ت أن ل إِله إِل أنت سبحنك إ ِ ِن كنت مِن ٱلظل ِ ِم ٱلظلم ِ
ۡ ۡ ُ َۡ َ َ
َ
ن ِۨج ٱل ُمؤ ِمن َِني﴾.
ٱلغ ِّ ۚم َوكذٰل ِك
َ ۡ َ َ ُ َ ُّ ُ َ َ َ
ج َعل ُهۥ -الله تعالى يبتلي أولياءه؛ ليرفع درجاتهم ومقامهم عنده﴿ :فٱجتبٰه ربهۥ ف
َ َّ
ٱلصٰل ِ ِح َني﴾. مِن
َ ۡ َ ۡ َ َ
اه َم فك َن م َِن ٱل ُم ۡد َحض َ
َ َ َ
ني ١٤١فٱلَق َم ُه ِ -الله تعالى يرفق بعباده في ابتالئه لهم﴿ :فس
ُ َ َ ََ َ ِيم ١٤٢فَلَ ۡو َلٓ َأنَّ ُهۥ َك َن م َِن ٱل ۡ ُم َس ّبح َ
ني ١٤٣للبِث ِف َب ۡطنِهِۦٓ إ ِ ٰل يَ ۡو ِم ُي ۡب َعثون ١٤٤ وت َو ُه َو ُمل ٞ ُۡ
ٱل ُ
ِ ِ
َّ ۡ َ ٓ َ َ َ ٰ َ َ ُ ۡ َ ٞ ََ ََۡ َ َۡ َ َ َٗ ّ َۡ َََ َۡ ُ ۡ
ٱل َع َرآءِ َو ُه َو َسقِ ٞ
ني﴾﴿ ،لول أن تدركهۥ ن ِعمة ٖ ط
ِ قيم ١٤٥وأۢنبتنا عليهِ شجرة مِن ي ۞فنبذنٰه ب ِ
ۡ َ َ ۡ ٓ
ّمِن َّر ّبِهِۦ لُبِذ بِٱل َع َراءِ َو ُه َو َمذ ُموم.﴾ٞ
ّ
النبي زكرياQ قصة ّ
هو زكريا بن أذن بن بركيا ،من ِو ْلد هارون((( ،Qوهو من أنبياء بني إسرائيل .ورد
َ َ ۡ َۡ
ت َر ّبِك ع ۡب َدهُۥ
ِذ ْكره في القرآن الكريم في مواضع ع ّدة((( ،منها :قوله تعالى﴿ :ذِك ُر َرح ِ
ۡ َََ ۡ
ٱلرأ ُس َش ۡي ٗبا َولَمۡ ى َر َّب ُهۥ ن َِدا ٓ ًء َخفِ ّٗيا ٣قَ َال َر ّب إ ّن َو َه َن ۡٱل َع ۡظ ُم م ِّن َوٱشتعل َّ ۡ َ َ
اد ٰ ن ذ إ ٢
َ َ َّ ٓ
زك ِريا
ِ ِ ِ ِ ِ
َ
ٱم َرأت َعق ِٗرا ف َه ۡ َ َ ٓ
ل مِن َو َراءِي َوكنَت ۡ ۡ
ت ٱل َم َ
ُ ۡ ّ ّ ٗ َ ُ ۢ ُ َ َ َ ّ َ
ٓ
ب ِل مِن َ ٰ ٤ ا ي ق
ب ِ
ش
ِ ِ ِ و ِف خ ِإَون
ِ أكن بِدعئِك ر ِ
َ ٰ َ َ َّ ٓ َّ ُ َ ّ ُ ُ َ
ش َك بِغل ٰ ٍم ض ّيا ٦يزك ِريا إِنا نب ِ
َ ُ ََ ُ ۡ َ َُۡ َ َ ۡ َُۡ َ ّ َ ٗ
بر ِ َّ ُ َ َ ّٗ
لنك و ِلا ٥ي ِرث ِن وي ِرث مِن ءا ِل يعقوبۖ وٱجعله ر ِ
ۡ َ َُ َ َ َ َ َ ّ َ َّ ٰ ُ ُ ن َعل َّ ُلۥ مِن َق ۡب ُل َس ِم ّٗ ۡ ُ ُ ََٰۡ َۡ َۡ
ٱم َرأ ِت َعق ِٗرا ت ن يَكون ِل غل ٰ ٞم َوكن ِ بأ
ِ ر ال ق ٧ ا ي ٱسمهۥ يي لم
َ ۡ ُ َ َۡ َ َ
َ ٰ َ َ َ ُّ َ ُ َ َ َّ َ ّ َ ۡ َ َ ٞ َ َ َ َ ّٗ ۡ َوقَ ۡد بَلَ ۡغ ُ
ي َوق ۡد خلق ُتك مِن قبل ولم ِب ِعتِيا ٨قال كذل ِك قال ربك هو ع ه ِ ِ
ت م َِن ٱلك َ
خ َرجَ َ َ ّ َ َ َ ّ ۡ َ ّ ٓ َ َ ٗ َ َ َ َ ُ َ َ َّ ُ َ ّ َ َّ َ َ َ ٰ َ َ َ َ ٗ َ ُ َ ۡٗ
ب ٱجعل ِل ءاية ۖقال ءايتك أل تكل ِم ٱنلاس ثلث لا ٖل سوِيا ١٠ف يا ٩قال ر ِ تك ش ٔ
َ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َ ٰٓ َ ۡ ۡ َ َ ّ ُ ْ ُ ۡ َ َٰ َ ۡ
ك َر ٗة َو َعشِ ّٗيا﴾(((. اب فأوح إِل ِهم أن سبِحوا ب ع قو ِمهِۦ مِن ٱل ِمحر ِ
الطبرسي ،مجمع البيان في تفسير القرآن ،مصدر سابق ،ج ،6ص.402-401 ّ ((( الشيخ
((( سورة آل عمران ،اآليات 41-37؛ سورة األنعام ،اآليات 89 ،87 ،85؛ سورة مريم ،اآليات 11-2؛ سورة األنبياء ،اآليتان.
النبي زكريّا.Qوقد أوردنا هذه اآليات في آخر الكتاب ،آيات قصص األنبياء ّ ،R
((( سورة مريم ،اآليات .11-2
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 268
َ َ ۡ ُ ۡ ۡ َ َ َ َ َ َ َ ۡ ٗ َ َ َ ٰ َ ۡ َ ُ َ َّ ٰ َ َ ٰ َ
ت ه َو إلهي﴿ :قال
ّ رزق هنّ بأ فأجابته ، (((
﴾ۖ ا ذ كه ٱل ِمحراب وجد عِندها رِزقاۖ قال يمريم أن ل ِ
اب﴾((( .وكان يدخل عليها في الصيف ،فيجد َ َّ َّ َّ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ٓ ُ َ ۡ ۡ
ي حِس ٍ مِن عِن ِد ٱللِۖ إِن ٱلل يرزق من يشاء بِغ ِ
عندها من ثمار الشتاء ،ويدخل عليها في الشتاء ،فيجد عندها من ثمار الصيف(((.
ً
ولدا دعاؤه Qلله تعالى أن يرزقه
ل ّما وجد زكريّا Qمن لطف صنع الله تعالى وعنايته بمريم ،Qتوجّ ه إلى
الله تعالى ،خاشعاً متض ّرعاً سائ ًال راجياً إيّاه ْأن يرزقه ولداً صالحاً يكون له عوناً ووريثاً
ٓ
ى َر َّب ُهۥ ن َِدا ًء
ۡ َ َ َ ٓ َ َ
ت َر ّبِك ع ۡب َدهُۥ َزك ِر َّيا ٢إِذ ن ۡ َۡ
اد ٰ في طاعته تعالى والدعوة إليه﴿ :ذِك ُر َرح ِ
َ َ َ ّ ّ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ّ َ ۡ َ َ َ َّ ۡ ُ َ ۡ ٗ َ َ ۡ َ ُ ۢ ُ َ ٓ َ َ ّ َ ٗ َ ّٗ
ب شقِ ّيا ٤ ب إ ِ ِن وهن ٱلعظم م ِِن وٱشتعل ٱلرأس شيبا ولم أكن بِدعئِك ر ِ خفِيا ٣قال ر ِ
َ ُ ََ ُ َّ ُ َ َ ٗ ۡ َ ۡ ََ َ ٗ َ َ َ ٓ ت ٱل ۡ َم َو ٰ ِ َ ّ
ِإَون خ ِۡف ُ
ّ
ت ٱمرأ ِت عق ِرا فهب ِل مِن لنك و ِلا ٥يرِث ِن ويرِث ل مِن َو َراءِي َوكن ِ ِ
َ ُ َ َ َ َ ٗ ۡ
ٱج َعل ُه َر ّب َرض ّيا﴾(((ُ ﴿ ،ه َنال َِك َدع َزكر َّيا َر َّب ُه ۖۥ قال َر ّ َ ۡ
وب َو ۡ َۡ َ ُ
ل مِن َّلنك ب هب ِ ِ ِ ِ ِ مِن َءا ِل يعق ۖ
ۡ
نت َخ ُ ۡ ل تَ َذ ۡرن فَ ۡر ٗدا َوأَ َُ ّ َّ ٗ َ ّ َ ً َّ َ َ ُ ُّ َ ٓ ((( َ َ َ َّ ٓ ۡ َ َ ٰ َ َّ ُ َ ّ َ
ي ِ ذرِية طيِبة ۖ إِنك س ِميع ٱدلعءِ﴾ ﴿ ،وزك ِريا إِذ نادى ربهۥ ر ِ
ب
ۡ
ٱل َوٰرِث َِني﴾((( ،فاستجاب الله تعالى له ذلك ،فأتته المالئكة وهو قائم يص ّلي في محرابه،
بأن الله تعالى اختار له اسماً ،فس ّماه يحيى ،وأ ّنه سيكون نب ّياً
تبشره برزقه بغالم ،وتخبره ّ ّ
بالحق ،وداعياً إليه ،وعلى قدر عظيم من العلم والع ّفة والطهارة: ّ من الصالحين ،مص ّدقاً
َ ۡ ُ َ ّٗ ((( َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ٰٓ َ ُ َ َ َ َّ ٓ َّ ُ َ ّ ُ َ ُ َ ٰ ۡ ُ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ َّ
لئِكة ي ل ۡم ن َعل ُلۥ مِن قبل س ِميا﴾ ﴿ ،فنادته ٱلم
﴿يٰزك ِريا إِنا نب ِشك بِغل ٍم ٱسمهۥ ي ٰ
ٱللِ َو َس ّي ٗدا َو َح ُص ٗ
ورا
َ َ ّ َ َّ َۢ ش َك ب ِ َي ۡح َ ٰ
ي ُم َص ّدِقا بِكل ِمةٖ مِن َو ُه َو قَآئ ٞم يُ َص ّل ف ٱل ۡ ِم ۡح َراب أَ َّن َّ َ
ٱلل يُبَ ّ ِ ُ
ِ ِ ِ ِ ِ
َونَب ِ ّٗيا ّمِن ٱلصٰل ِ ِحني﴾((( ،فسألهم مستفسراً عن كيف ّية ذلك من طريق األسباب المعهودة، َ َّ َ
كل شيء: وهو قد أصبح في أواخر العمر ،وامرأته عاقر ،مع يقينه بقدرته تعالى على ّ
ُ َ ٰ ُ ُ َ َّ ٰ َ ّ َ َ َ ((( ٞ َ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ ٞ َ َ َ ّ َ َّ ٰ َ ُ ُ
ل
ن يكون ِ بأِ ر ال ق ﴿ ، ﴾ ۖ ِر ق ع تِ أر ٱم و ِب ك ٱل نِ غ ل ب د ق و م ل غ ل ب أن يك ِ
ون ﴿قال ر ِ
ۡ َ َ
ِب ِعت ِ ّٗيا﴾((( ،فأجابته المالئكة ّ َ َ ٗ ََۡ َ ۡ ُ َ ُغ َل ٰ ٞم َو َكنَ ِ ۡ َ
بأن الله تعالى ت ٱمرأ ِت عق ِرا وقد بلغت مِن ٱلك ِ
كل شيء ،وقد شاء ْأن يرزقه ولداً من غير األسباب المعهودة؛ ليكون آية له قادر على ّ
َ َ َّ
َ َ َ َ ٰ َ َّ ُ َ ۡ َ ُ َ َ َ ٓ ُ ((( َ َ َ َ ٰ َ َ َ َ ُّ َ ُ َ َ َ
ع ه ّ ِي َ ٞوق ۡد ولقومه﴿ :قال كذل ِك ٱلل يفعل ما يشاء﴾ ﴿ ،قال كذل ِك قال ربك هو
َ ُ َ َ ُ َ ۡٗ َ َۡ َ
يا﴾((( ،فطلب من الله تعالى أن يجعل له عالمة على ُقرب خلق ُتك مِن ق ۡبل َول ۡم تك ش ٔ
ٗ َ َ َ ّ ۡ ّ
ٱج َعل ِ ٓل َءايَة ۖ﴾((( ،فأجابه بأ ّنه سيجد نفسه ال يستطيع الكالم ثالثة بِرزقه بالولد﴿ :قال ر ِ
َ َ َ َ ُ َ َ َّ ُ َ َّ
أيّام ،وأمره باالنقطاع إليه ،وإدامة ِذ ْكره وتسبيحه صبحاً ومسا ًء﴿ :قال ءايتك أل تكل ِم
َ ۡ ُ َّ َ َ َ ُ َ َ َّ ُ َ ّ َ َّ َ َ َ َ َ َ ٗ َّ َ َ َ َ َ
اس ثلٰثة أيَّا ٍم إِل َر ۡم ٗزاۗ َوٱذكر َّر َّبك اس ثلٰث لَا ٖل َسوِ ّيا﴾(((﴿ ،قال َءايتك أل تكل ِم ٱنل ٱنل
َ ۡ ۡ َكث ِ ٗ
ٱلبۡك ٰ ِر﴾((( .وذات يوم ،دخل زكريا Qمحراب المعبد ،والناس ِ ِ
ش َ
و ّ ِ ع ريا َو َس ّب ۡح بٱل َ
ِ ِ
اإللهي ،فصمت عن الكالم ّ ينتظرون خروجه إليهم ،فأوحى الله تعالى إليه ،وتح ّقق الوعد
من دون ع ّلة فيه ،فل ّما خرج زكريّا Qمن محراب المعبد ،أشار إلى الناس بتسبيح
ََۡ َ َۡ ۡ َ َ ّ ُ ْ ع قَ ۡو ِمهِۦ م َِن ٱل ۡ ِم ۡح َ
ٰ َ َ َ َ ََ
ح إِل ِهم أن سبِحوا اب فأو ٰٓ ِ ر الله تعالى و ِذ ْكره صبحاً ومسا ًء﴿ :فخرج
ومن عليه بصالح األهل والولد؛ ك َر ٗة َو َعشِ ّٗيا﴾((( ،ثمّ رزقه الله تعالى يحيىّ ،Q ُ ۡ
ب
َ ۡ َ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ ُ ٓ َّ ُ ۡ َ ُ ْ
ي وأصلحنا لۥ زوجه ۚۥ إِنهم كنوا النقطاعه إلى الله تعالى﴿ :فٱستجبنا لۥ ووهبنا لۥ ي ٰ
َ ْ َ َ َۡ ۡ َٰ َ َ ۡ ُ َ َُٰ ُ َ
ون َنا َرغ ٗبا َو َر َه ٗباۖ َوكنُوا لَا َخٰشِ ِع َني﴾(((. ت ويدع س ِرعون ِف ٱلير ِ ي
النبي زكرياQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي زكريّا Qفي القرآن الكريم ،يمكن استلهام بعد التأمّل في ما ورد من قصّ ة ّ
جملة من الدروس وال ِع َبر والسنن ،منها:
َ
-ما كان لله ينموَ ﴿ :ف َت َق َّبلَ َها َر ُّب َها ب َق ُبول َح َسن َوأ َ
ۢنب َت َها َن َباتًا َح َس ٗنا﴾. ٖ ِ ٍ
-الله يتو ّلى عباده الصالحين بالرعاية والحفظَ ﴿ :و َك َّفلَ َها َز َكر َّياۖ ُكَّ َما َد َخ َل َعلَ ۡي َها َز َكرياَّ
ِ ِ
َّ َّ َّ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ ۡ ٗ اۖ َ َ َ ٰ َ ۡ َ ُ َ َّ ٰ َ َ ٰ َ َ َ ۡ ُ ٱلۡم ۡح َر َ َ َ
ك هذاۖ قالت هو مِن عِن ِد ٱللِۖ إِن ٱلل يرزق َ اب َوجد عِندها رِزق قال يمريم أن ل ِ ِ
َ َ
َ َ ُ ۡ ٓ َ
اب﴾. ي حِس ٍ من يشاء بِغ ِ
ۡ َۡ
ت-على اإلنسان أن ال ييأس ويقطع أمله باستجابة دعائه وقضاء حوائجه﴿ :ذِك ُر َرح ِ
ۡ َ َ َ َ ّ ّ َ ۡ ۡ اد ٰ َ َّ ُ َ ٓ ً َ ّٗ ۡ َ َ َ ٓ َ َ
ب إ ِ ِن َوه َن ٱل َعظ ُم م ِِّن َوٱش َت َعل ى ربهۥ ن ِداء خفِيا ٣قال ر ِ َر ّبِك ع ۡب َدهُۥ َزك ِر َّيا ٢إِذ ن
ۡ َ
َ ََ َ َ َٓ َ ٰ َ َ ّ ۡ ُ ۡ ّ َّ ۡ ُ َ ۡ ٗ َ َ ۡ َ ُ ۢ ُ َ ٓ َ َ ّ َ ٗ
ت ٱمرأ ِت ِإَون خِفت ٱلمو ِل مِن وراءِي وكن ِ ب شقِيا ِ ٤ ٱلرأس شيبا ولم أكن بِدعئِك ر ِ
َ ُ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ ّ َ ّٗ َّ ُ َ َعق ِٗرا َف َه ۡ
نك َو ِ ّٗلا ٥ي ِرث ِن وي ِرث مِن ءا ِل يعقوبۖ وٱجعله ر ِب ر ِضيا﴾. ب ِل مِن ل
ٓ ۡ
-طلب قضاء الحوائج من الله بتض ّرع وخشوع وابتهال﴿ :إِذ نَ َاد ٰى َر َّب ُهۥ ن َِدا ًء َخفِ ّٗيا﴾.
ۡ َََ ۡ
ٱلرأ ُس -اإلقرار بالعجز واالحتياج قبل الدعاء﴿ :قَ َال َر ّب إ ّن َو َه َن ۡٱل َع ۡظ ُم م ِّن َوٱشتعل َّ
ِ ِ ِِ
ّ َ ۡٗ َ َۡ َ ُ ۢ ُ َٓ َ َ ّ َ ٗ
شيبا ولم أكن بِدعئِك ر ِب شقِيا﴾.
َ َ َ َ َ َ
-طلب رزق الولد الصالح من الله تعالىُ ﴿ :ه َنال ِك د َع َزكر َّيا َر َّب ُه ۖۥ قال َر ّب ه ۡ
ب ِل مِن ِ ِ
َّ ُ َ ُ ّ َّ ٗ َ ّ َ ً َّ َ َ ُ ُّ ٓ
ٱدل َعءِ﴾. لنك ذرِية طيِبة ۖإِنك س ِميع
ّ
ِإَون -توريث الولد الصالح البا ّر المعين ألبويه على طاعة الله تعالى فيما يورّثا ِنهِ ﴿ :
ث مِنۡ َ ُ ََ ُ َّ ُ َ َ ٗ ۡ َ ۡ ََ َ ٗ َ َ َ ٓ ت ٱل ۡ َم َو ٰ ِ َ خ ِۡف ُ
ّ
ت ٱمرأ ِت عق ِرا فهب ِل مِن لنك و ِلا ٥يرِث ِن ويرِ ل مِن َو َراءِي َوكن ِ
َ َُۡ َ َ ۡ ۡ
ٱج َعل ُه َر ّ ِب َر ِض ّٗيا﴾. ءا ِل يعقوبۖ و
ّ ََ َُۡ ََ َ ُ ُ َٓ ۡ
لئِكة َوه َو قائ ِ ٞم يُ َص ِل ِف -محراب الصالة مهبط الخيرات واأللطاف﴿ :فنادته ٱلم ٰٓ
َ َ ّ َ َّ َ َ ّ ٗ َ َ ُ ٗ َ ٗ
ورا َونب ِ ّيا ّم َِن ي ُم َص ّدِقا بِكل ِمةٖ مِن ٱللِ وسيِدا وحص
َۢ ش َك ب ِ َي ۡح َ ٰٱلل يُبَ ّ ِ ُٱل ۡ ِم ۡح َراب أَ َّن َّ َ
ِ
َّ
ٱلصٰل ِ ِح َني﴾.
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 272
َ َ َ َ َ َ َ َ ٓ َ َ َ َ ٰ َ َّ ُ ۡ ُ
ٱلل َيف َعل َما يَشا ُء﴾﴿ ،قال كذٰل ِك قال -الله تعالى قادر على ما يشاء﴿ :قال كذل ِك
َ ُ َ َ ُ َ ۡٗ َ ُّ َ ُ َ َ َ َّ َ ّ َ ۡ َ َ َ ٞ
يا﴾.ي َوق ۡد خلق ُتك مِن ق ۡبل َول ۡم تك ش ٔ ربك هو ع ه ِ
ّ
كل َِم ٱنلَّ َ ُ َ َّ َ َ َ ٗ َ ّ َ
-اإلنعام يستوجب الشكر﴿ :قَال َر ّب ۡ
اس ل َءايَة ۖ قال َء َاي ُتك أل ت ٱج َعل ِ ٓ
ِ
ع قَ ۡو ِمهِۦ مِنَ َ َ َ َ َ َٰ َ َ ٰ َ َ َ َّ َّ َ ۡ ٗ َ ۡ ُ َّ َّ َ َ ٗ َ َ ّ ۡ ۡ َ ّ َ ۡ ۡ َٰ
ٱلبك ِر﴾﴿ ،فخرج شو ِ ثلثة أيا ٍم إ ِ َل رمزاۗ وٱذ َكر ربك كثِريا وسبِح بِٱلع ِ ِ
َ ّ ُ ْ ُ ۡ
ك َر ٗة َو َعشِ ّٗيا﴾. ل ِه ۡم أن سبِحوا ب ح إِ َ ۡ اب فَأ ۡو َ ٰٓ ۡ ۡ َ
ٱل ِمحر ِ
َ َ َ َّ ٓ ۡ َ َ
ى َر َّب ُهۥ
اد ٰ -االنقطاع إلى الله تعالى مدعاة صالح للنفس واألهل والولد﴿ :وزك ِريا إِذ ن
َ ۡ َ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َُ ي ۡٱل َوٰرث َنت َخ ۡ َُر ّب َل تَ َذ ۡرن فَ ۡر ٗدا َوأَ َ
ي وأصلحنا لۥ ِني ٨٩فٱستجبنا لۥ ووهبنا لۥ ي ٰ ِ ِ ِ
َ ۡ َ ۡ َ ٰ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ ٗ َ َ َ ٗ َ َ ُ ْ َ َ َٰ َ ۡ َ ُ ٓ َّ ُ ۡ َ ُ ْ ُ َ ٰ ُ َ
زوجه ۚۥ إِنهم كنوا يس ِرعون ِف ٱلير ِت ويدعوننا رغبا ورهباۖ وكنوا لا خشِ عِني﴾.
ّ
النبي يحيىQ قصة ّ
هو يحيى بن زكريّا ،Qوهو من أنبياء بني إسرائيل .ورد ِذ ْكره في القرآن الكريم
في مواضع ع ّدة ،هي:
َ َ
َّ َّ َ ُ َ ّ ُ َ َ ۡ َ ٰ ُ َ ّ ۢ َ ۡ ّ ادتۡ ُه ٱل ۡ َم َ ٰٓ َ ُ َ ُ َ َ ُ ٞ
ٓ َ ََ َ
ي مصدِقا بِكل َِمةٖ اب أن ٱلل يب ِشك بِيح ۡ َ
لئِكة وهو قائِم يص ِل ِف ٱل ِمحر ِ ﴿-فن
َّ ٗ َ ٗ ّ َ َّ
ورا َونب ِ ّيا ّم َِن ٱلصٰل ِ ِح َني﴾(((.
ٱللِ َو َس ّيدا َو َح ُص ٗ
ِ مِن
َۡ ُ َّ َٓ ٱلصٰل ِ َ ٞ ۡ
َ َ َ َّ َ َ ۡ َ ٰ َ َ ٰ َ َ ُ ّ ّ َ َّ
حني َوم ِۡن َءابائ ِ ِه ۡم َوذ ّرِيٰت ِ ِه ۡم ِإَوخوٰن ِ ِه ۡمۖ
ِ اس ك مِن ﴿-وزك ِريا ويحي وعِيس ِإَول ۖ
َ ُ ْ َ ٰٓ َ َّ َ َ َ ۡ َ ٰ ُ ُ ۡ َ ٰ َ َ ۡ ُ ۡ ٱج َتبَ ۡي َنٰ ُه ۡم َو َه َديۡ َنٰ ُه ۡم إ َ ٰل َ ُّ ۡ َ
َو ۡ
ٱلك َم َوٱنلُّ ُب َّوة ۚ يم أولئِك ٱلِين ءاتينهم ٱلكِتب و صر ٰ ٖط مستقِ ٖ ِ ِ
َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ٰٓ ُ َ ٓ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ َ َ ۡ ٗ َّ ۡ ُ ْ َ َ
كٰفِر َ
ين﴾(((. فإِن يكفر بِها هؤلءِ فقد وكنا بِها قوما ليسوا بِها ب ِ ِ
ي ُخ ِذ ۡٱلك َِتٰ َ َ َ َ َّ ٓ َّ ُ َ ّ ُ َ ُ َ ٰ ۡ ُ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َّ
ب ن َعل ُلۥ مِن َق ۡب ُل َس ِم ّٗيا َي ٰ َي ۡح َ ٰ ي لم ﴿-يٰزك ِريا إِنا نب ِشك بِغل ٍم ٱسمهۥ ي ٰ
ُ َ َّ َ ٗ َ َ َ ٗ َّ ٗ ٗ ُ َّ َ َ َ ۡ َ ٰ ُ ۡ ُ ۡ
ٱلك َم َصب ِ ّيا َ ١٢و َح َنانا ّمِن ُلنا َو َزك ٰوة ۖ َوكن تقِ ّيا َ ١٣و َب َّرۢا ب ِ َو ٰ ِ َليۡهِ َول ۡم يَكن بِقوةٖۖ وءاتينه
َ َ
وت َو َي ۡو َم ُي ۡب َع ُث َح ّٗيا﴾(((.
ارا َعص ّٗيا َ ١٤و َسل ٰ ٌم َعل ۡيه يَ ۡو َم ُو َل َو َي ۡو َم َي ُم ُ
ِ ِ جب ً ِ
َ َّ
النبي يحيىQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي يحيى Qفي القرآن الكريم ،يمكن استلهام بعد التأمّل في ما ورد من قصّ ة ّ
جملة من الدروس وال ِع َبر والسنن ،منها:
َ َۡ
-من ِنعَم الله تعالى على اإلنسان أن يرزقه ولداً صالحاً ُم ْرضياً لله تعالى﴿ :ف َنادت ُه
َّ َ َۢ ش َك ب ِ َي ۡح َ ٰ
ي ُم َص ّدِقا بِكل َِم ٖة ّم َِن ٱللِ ك ُة َو ُه َو قَآئ ٞم يُ َص ّل ف ٱل ۡ ِم ۡح َراب أَ َّن َّ َ
ٱلل يُبَ ّ ِ ُ ۡ َ َ ٰٓ َ
ِ ِ ِ ِ ٱلملئ ِ
ٗ
َ َ ّ ٗ َ َ ُ ٗ َ َ ّ ّ َ َّ
ٱلصٰل ِ ِح َني﴾. وسيِدا وحصورا ونبِيا مِن
-أولياء الله تعالى ينتهجون الدين ،ويسعون للتح ّقق به في جانبي العلم والعمل:
ۡ
ي ُخ ِذ ٱلك َِتٰ َب ب ِ ُق َّوةٖۖ﴾. ﴿ َي ٰ َي ۡح َ ٰ
َ َّ
-الله تعالى يتعهّد أولياءه بالتربية والرعايةَ ﴿ :و َح َن ٗانا ّمِن ُلنَّا َو َزك ٰو ٗة ۖ﴾.
َ َ
-الله تعالى يدفع عن أوليائه السوء ،ويؤمنهم من المكارهَ ﴿ :و َسل ٰ ٌم َعل ۡيهِ يَ ۡو َم ُو ِ َل َو َي ۡو َم
وت َو َي ۡو َم ُي ۡب َع ُث َح ّٗيا﴾. َي ُم ُ
-العمر ليس شرطاً في لياقة اإلنسان للحكم ،إذا ما توافر على الحكمة والبصيرة
َ َ َ ۡ َ ٰ ُ ُۡ ۡ
ك َم َصب ِ ّٗيا﴾. اإللهي﴿ :وءاتينه ٱل ّ والمدد
َ َ َ َ ّٗ
-على اإلنسان أن يرتبط مع الله تعالى بعالقة التقوى﴿ :وكن تقِيا﴾.
-على اإلنسان أن يرتبط مع أبويه بعالقة الب ّر واإلحسانَ ﴿ :و َب َّرۢا ب ِ َو ٰ ِ َليۡهِ﴾.
ُ َ
-على اإلنسان أن يرتبط بمجتمعه بعالقة الرحمة والرأفة والتواضعَ ﴿ :ول ۡم يَكن
َج َّب ًارا َع ِص ّٗيا﴾.
ّ
النبي يحيى R النبي ّ
زكريا - ّ ّ
النبي يونس - ّ
النبي اليسع - ّ
النبي ذي الكفل - ّ
النبي إلياس -
275
األفكار الرئيسة
.1بعث الله تعالى نب ّيه إلياس Qإلى سبط من بني إسرائيل ،كانوا يقطنون في
بعلبك ،فأجابه ال َم ِلك ،ثمّ ّإن امرأة الملك حملته على مخالفة إلياس ،Qإلى
ْأن ارت ّد عن التوحيد ،وق ّرر قتل إلياس ،Qفهرب Qإلى الجبال والبراري،
واستخلف اليسع Qعلى بني إسرائيل ،ثمّ رفعه الله تعالى من بين أظهرهم.
.2أرسل الله نب ّيه ذا الكفل Qإلى بني إسرائيل ،من بعد سليمان بن داوود،Q
وكان يقضي بينهم .وس ّمي بذي الكفل؛ أل ّنه تك ّفل لملك ج ّبارْ ،إن هو تاب دخل
الج ّنة ،ودفع إليه كتاباً بذلك ،فتاب الملك.
.3أرسل الله تعالى نب ّيه يونس Qإلى قومه؛ لدعوتهم إليه ،وكانوا يزيدون على
مئة ألف ،ويسكنون بنينوى من أرض الموصل في العراق .ول ّما لم يستجيبوا له،
خرج منهم غاصباً مستنزالً العذاب عليهم ،ثمّ ركب السفينة ،والتهمه الحوت ،وسار
به في البحر ،ح ّتى ألقاه على الشاطىء ،ثمّ عاد من جديد إلى قومه ،فوجدهم
آمنين ،بعد ْأن تض ّرعوا إلى الله ،ف َق ِبل توبتهم ،ورفع عنهم العذاب.
النبي زكريا Qمريم ،Rوتو ّلى رعايتها وتربيتها ،ثمّ دعا الله تعالى .4تك ّفل ّ
أن يرزقه الولد ،فاستجاب له ورزقه يحيى.Q
ّ
فكر وأجب
مطالعة
عن الحسن بن محبوب ،عن جميل بن صالح ،عن أبي عبيدة الح ّذاء ،عن أبي
جعفر ،Qقال« :وجدنا في بعض كتب عليّ Qأنّه قال :حدّثني رسول الله
Pأنّ جبرئيل Qحدّثه أنّ يونس بن متّى بعثه الله تعالى إلى قومه ،وهو ابن
ثالثين سنة ،وأنّه أقام فيهم يدعوهم إلى الله تعالى ،فلم يؤمن به ّإل رجالن ،أحدهما:
روبيل؛ وكان من أهل بيت العلم والحلم ،وكان قديم الصحبة ليونس Qقبل أنْ
يبعثه الله بالنبوّة ،وكان صاحب غنم يرعاها ويتقوّت منها .والثاني :تنّوخا؛ رجل عابد
زاهد ،ليس له علم وال حكمة ،وكان يحتَطِ ب ويأكل من كسبه ،فلمّا رأى يونس أنّ قومه
ال يجيبونه ،وخاف أنْ يقتلوه ،شكا ذلك إلى ربّه تعالى ،فأوحى الله تعالى إليه :أنّ
أحب أنْ أرفق
فيهم الحبلى والجنين والطفل الصغير والشيخ الكبير والمرأة الضعيفةّ ،
بهم ،وأنتظر توبتهم ،كهيئة الطبيب المداوي العالمَ بمداواة الداء ،فإنّي ُأنزل العذاب
يوم األربعاء في وسط شوّال بعد طلوع الشمس .فأخبر يونس Qتنوخا العابد به
وروبيل ليعلماهم ،فقال تنّوخا :أرى لكم أنْ تعزلوا األطفال عن األمّهات في أسفل
الجبل في طريق األودية ،فإذا رأيتم ريحاً صفراء أقبلت من المشرق ،فعجّ وا بالصراخ
والتوبة إلى الله تعالى ،جلّت قدرته باالستغفار ،وارفعوا رؤوسكم إلى السماء ،وقولوا:
ربّنا ظلمنا أنفسنا ،فاقبل توبتنا .وال تملّنّ من التضرّع إلى الله جلّت عظمته ،والبكاء،
حتى تتوارى الشمس بالحجاب ،ويكشف الله عنكم العذاب ،ففعلوا ذلك ،فتاب عليهم،
ولم يكن الله اشترط على يونس أنّه يُهلِكهم بالعذاب إذا أنزله ،فأوحى الله جلّ جالله
إلى إسرافيل :أنْ اصرف عنهم ما قد نزل بهم من العذاب ،فهبط إسرافيل عليهم ،فنشر
أجنحته ،فاستاق بها العذاب حتّى ضرب بها الجبال التي بناحية الموصل ،فصارت حديداً
إلى يوم القيامة ،فلمّا رأى قوم يونس أنّ العذاب صُ ر َِف عنهم ،حمدوا الله ،وهبطوا
ّ
النبي يحيى R النبي ّ
زكريا - ّ ّ
النبي يونس - ّ
النبي اليسع - ّ
النبي ذي الكفل - ّ
النبي إلياس -
277
إلى منازلهم ،وضمّوا إليهم نساءهم وأوالدهم .وغاب يونس Qعن قومه ثمانية
وعشرين يوماً ،سبعة في ذهابه ،وسبعة في بطن الحوت ،وسبعة بالعراء ،وسبعة في
رجوعه إلى قومه ،فأتاهم ،فآمنوا به ،وصدّقوه واتّبعوه.(((»Q
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
الطبرسي ،مجمع البيان في تفسير القرآن ،مصدر سابق ،ج ،2ص280 ،278؛ ج ،4ص.104 ّ ((( الشيخ
((( سورة البقرة ،اآليات 253 ،136 ،87؛ سورة آل عمران ،اآليات 61-45؛ سورة النساء ،اآليات ،165 ،163 ،159-157
172-171؛ سورة المائدة ،اآليات 118-110 ،78 ،75 ،73-72 ،47-46 ،17؛ سورة األنعام ،اآليات 89 ،87 ،85؛ سورة
التوبة ،اآليتان 31-30؛ سورة مريم ،اآليات 34-27؛ سورة المؤمنون ،اآلية 50؛ سورة األحزاب ،اآلية 7؛ سورة
الشورى ،اآلية 13؛ سورة الزخرف ،اآليات 64-57؛ سورة الحديد ،اآلية 27؛ سورة الصف ،اآليتان ،14 ،6وقد أوردنا
النبي عيسى.Q هذه اآليات في آخر الكتاب ،آيات قصص األنبياء ّ ،R
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 282
َ ْ َ َ َّ َ ٓ َ َ َّ َ ٓ َ َ ۡ َ َ َّ َ ۡ َ َّ ُ َ َ ۡ
ٱك ُت ۡب َنا َم َع َّ ِٰ َ
ِين َ ٥٣و َمك ُروا َو َمك َر ٱلشهد َ ُم ۡسل ُِمون ٥٢ربنا ءامنا بِما أنزلت وٱتبعنا ٱلرسول ف
َ َ ّ َ ّ ين ٥٤إ ۡذ قَ َال َّ ُي ۡٱل َمٰكِر َ
ٱلل َخ ۡ ُ
ٱللۖ َو َّ ُ
َّ ُ
ٱلل َيٰعِ َ ٰٓ
يس إ ِ ِن ُم َت َوف ِيك َو َراف ُِعك إ ِ َّل َو ُم َط ّ ِه ُر َك م َِن ِ ِ
ُ
ج ُعك ۡم َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ َّ َ َّ َ ُ َ َ ۡ َ َّ َ َ َ ُ ٓ ْ َ َ ۡ ۡ َ َ ُ َّ َ َ ۡ
ٱلِين كفروا وجاعِل ٱلِين ٱتبعوك فوق ٱلِين كفروا إ ِ ٰل يو ِم ٱلقِيٰمةِۖ ثم إ ِ َّل مر ِ
ََۡ ُ َ ۡ ُ ََ ۡ ُ ُ ََۡ ُ ۡ َ ُ
فأحكم بينكم فِيما كنتم فِيهِ تتل ِفون﴾ .
(((
شرعي عهدوه لها فيما ّ قومها ،انهالوا عليها بالطعن واللوم؛ لحملها ولداً من غير زواج
َ ٰٓ ۡ َ َ َ
ت هٰ ُرون َما
ُ
يا ف ِر ّيا ٢٧يأخ
َ ۡ َ َ َۡ ُ ُ َ ُ ْ َٰ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ٗ َ ٗ
ت ش ٔ بينهم﴿ :فَ َأتَ ۡ
جئ ِ ِ د ق ل م ي ر م ي واال ق ۥۖ ه ل م
ِ ت اه مو ق ِۦ هِ ب ت
ٗ ۡ َ َ ۡ ََ َ َ ۡ ُ َ َ
ك َن أبُوكِ ٱم َرأ سوءٖ وما كنت أم ِك بغِيا﴾((( ،فما كان من مريمّ Qإل ْأن أشارت إليه:
ّ َ ُّ
ّ َۡ ۡ َ ٗ َ ُ ْ ََۡ ُ َ ُّ َ ََ ۡ َََ َ ۡ َ
﴿فأشارت إِلهِۖ﴾ ،فاستعجبوا من ردّها﴿ :قالوا كيف نكل ِم من كن ِف ٱلمه ِد صبِيا﴾ ،
((( (((
فأنطق الله تعالى عيسى Qفي مهده ،مق ّراً بأ ّنه عبد الله ،وقد آتاه الكتاب ،وجعله
نب ّياً مباركاً ،وأوصاه بالصالة والزكاة وبب ّر والدته ،ولم يجعله ج ّباراً مستكبراً ،وآمنه من
َ
ب َو َج َعل ِنن ۡٱلك َِتٰ َ َ َ ّ َ ۡ ُ َّ
ٱللِ َءاتَى ٰ ِ َ المكاره والحزن في حياته الدنيا وفي اآلخرة﴿ :قال إ ِ ِن عبد
َ َ َ َّ َ ٰ َ َّ َ ٰ َ ُ ۡ ُ َ ٗ َ َ َ َ ُ َ ًَ َۡ َ َ ُ ُ ََۡ َ َ ٗ
نب ِ ّيا ٣٠وجعل ِن مبارك أين ما كنت وأوص ِن بِٱلصلوة ِ وٱلزكوة ِ ما دمت حيا ٣١وبرا بِو ِل ِت
ٰ ۢ َّ َ ّ ٰ
ُ ع يَ ۡو َم ُول ُّت َو َي ۡو َم أَ ُم ُ
وت َو َي ۡو َم أ ۡب َع ُث َح ّٗيا﴾((( ،فكانت ٱلس َل ٰ ُم َ َ َّ ي َع ۡلن َج َّب ٗ
ارا َش ِق ّٗيا َ ٣٢و َّ ََۡ َۡ
ولم
ِ ِ
هذه ب ّينة أولى لبني إسرائيل بنب ّوته Qورسالته فيهم ،وجعله وأمّه آية للعالمين:
ٗ ُ ۡ
﴿ َو َج َعل َنا ۡٱب َن َم ۡر َي َم َوأ َّم ُه ٓۥ َءايَة﴾(((.
النبي عيسىQ
ّ معاجز
أجرى الله تعالى على ي َدي نب ّيه عيسى Qجملة من المعاجز ،كانت ب ّينات
واضحة وحججاً بالغة على بني إسرائيل في دعوته لهم إلى رسالته .ومن هذه المعاجز:
َ ۡ ك َو َ َ ٰ
ع َو ٰ ِ َلت ِك إِذ
َ َۡ َ ۡ ُ ٱلل َيٰع َ
يس ۡٱب َن َم ۡر َي َم ٱذك ۡر ن ِۡع َم ِت علي
ۡ َ َ َّ
التك ّلم في المهد﴿ :إِذ قال ُ ِ
َ ٗ ۡ ك ّل ُِم ٱنلَّ َ
ُ َ َ َّ ُّ َ ُ ِ ۡ ُ
حي من الطين: اس ِف ٱل َم ۡه ِد َوك ۡهل ۖ﴾((( ،وخلق طير ّ وح ٱلق ُد ِس ت أيدتك بِر
ۡ َ َ ُ ُ َ َ َ ُ ُ َ ۡ َ ۢ ۡ ((( َ ّ َۡ َ
ٱلطني ك َه ۡ َٔ َّ ۡ ۡ َُُۡ َ ّ
ي بِإِذ ِن فتنفخ فِيها فتكون طيا بِإِذ ِنۖ﴾ ﴿ ،أ ِن قد يةِ ٱلط ِ ﴿ِإَوذ تلق مِن ِ ِ
ََ ُ ُ
ون َط ۡ َ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ َ ُ ُ َ ّ َّ ّ ُ ۡ َ ّ ٓ َ ۡ ُ ُ َ ُ ُ
يۢا ي فأنفخ فِيهِ فيك ِ ٱلط ة
ِ
ٔ ي ه ك ني
ِ ِ
كم ّم َِن ّ
ٱلط ج ۡئ ُتكم أَِبي ٖة مِن ربِكم أ ِن أخلق ل
ِ
َ ُ َ ّ ُ ُ ۡ َٰ َ َ ۡ ۡ َ َ
ٱلك َمة إ ِ ۡس َرٰٓءِيل﴾((( ،وع ّلمه الكتاب والحكمة والتوراة واإلنجيل﴿ :ويعل ِمه ٱلكِتب و ِ
َ ۡ َ َّ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ ۡ َ َ َ َّ ۡ َ ٰ َ َ ۡ َ َ َّ ۡ َ ٰ َ َ ۡ
ٱل ِجنيل ۖ﴾( ،((1وجعله ٱلكمة وٱتلورىة و ِ جنيل﴾(ِ﴿ ،((1إَوذ علمتك ٱلكِتٰب و ِ ٱل ِ
وٱتلورىة و ِ
ُ ٗ َ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ ٱدلِين َما َو َّ ٰ
كم ّم َِن ّ َ َ َ َ ُ
لك َو َما ص بِهِۦ نوحا وٱلِي أوحينا إ ِ ِ من األنبياء أولي العزم﴿ :شع ل
ٗ ّ
كم ُّم َص ّدِقا ل َِما َب ۡ َ
ي يَ َد َّي م َِن َّ َّ ۡ ُ َ ُ ّ َ ۡٱب ُن َم ۡر َي َم َي ٰ َب ِ ٓ
ٱتل ۡو َرىٰةِ﴾(((، ن إ ِ ۡس َرٰٓءِيل إ ِ ِن َر ُسول ٱللِ إِل
ُ ُ ّ َ َ َۡ ُ َ ُ َ ّ ٗ ّ َ َ ۡ َ َ َ َّ َ َّ ۡ َ ٰ َ ُ َّ َ ُ َ ۡ َ َّ
ج ۡئ ُتكم ِ وك ۡم َ
ۚ يل ع مر
ِ ح ِي ٱل ﴿ومصدِقا ل ِما بي يدي مِن ٱتلورىةِ و ِلحِل لكم بعض
َ َ َّ ۡ ۡ َ ُ َ ٓ َ َ َ َ ٓ َ َ َ ُ َّ َ ّ َّ ّ ُ ۡ ((( َ َ ۡ ۡ ُ ۡ َ ۡ ُ ۡ
نزل ٱلل فِي ۚهِ ومن لم يكم بِما أنزل يل بِما أ أَِبيةٖ م ُِن ربِكم﴾ ﴿ ،ولحكم أهل ِٱل ِ
ِ
جن
َّ ُ َ ْ َ ٰٓ َ ُ ُ ۡ َ ٰ ُ َ
ون﴾((( ،وإلى التصديق بالرسالة الخاتمة ،ورسولها الخاتم من ٱلل فأولئِك هم ٱلفسِق
ۡ َ ۡ
ح ُدۖ﴾((( .وقد بذل جهده في دعوته، ٱس ُم ُه ٓۥ أ َ ََُّ َ
شۢا ب َر ُسول يَأت ِم ۢن َب ۡعدِي ۡ
ٖ ِ بعده﴿ :ومب ِ ِ
ُ َ ٰ َ َ ٗ َّ ُ َّ
ك ۡم إِن ك ُنتم ُّم ۡؤ ِمن َِني﴾(((، وبالغ في نصحهم وإقامة الحجج عليهم﴿ :إِن ِف ذل ِك ٓأَلية ل
ولك ّنهم أعرضوا عنه ،وك ّذبوه ،وجحدوا برسالته ،وعتو واستكبروا عنها ،وال س ّيما كهنتهم
ۡ َ بأن دعوته ته ّدد مكانتهم بين الناس﴿ :فَ َو ۡي ٞل ّل َِّل َ
ِين يَك ُت ُبون وأحبارهم الذين شعروا ّ
ََٗ َ ٗ
ِيل فَ َو ۡي ٞل ل َّ ُهم ّم َِّما َك َت َب ۡ َّ َ ۡ َ ُ ْ ۡ ۡ َ ٰ َ َ ۡ ۡ ُ َّ َ ُ ُ َ َ ٰ َ
ت ۖ ل ق ان م ث ِۦ ه ِ ب وا ت ش ِي ل ِ ٱلل د
ِ ِنع ِنم ا ذ ٱلكِتب بِأيدِي ِهم ثم يقولون ه
َ َ َّ َ ٓ َ ُ َ ۡ ّ َ ٰ َ ُ ْ َ َ َ ۡ ۡ ّ َّ ٞ َۡ
ت قالوا هٰذا أيدِي ِه ۡم َو َويل ل ُهم م َِّما يَكس ُِبون﴾((( ،فا ّتهموه بالسحر﴿ :فلما جاءهم بِٱليِن ِ
َ ٓ َّ ۡ ْ َ َ َّ َ َ َ ((( ٞ ُّ ٞ
ك َف ُروا م ِۡن ُه ۡم إ ِ ۡن َهٰذا إِل س ِۡح ٞر ُّمبِني ،(((﴾ٞوأخذوا يص ّدون ٱلينسِحر مبِني﴾ ﴿ ،فقال ِ
َ ُ
الناس عن دعوته بمكرهم وخداعهم ،واستغ ّلوا جهالتهم لتحقيق مآربهمَ ﴿ :وم ِۡن ُه ۡم أ ّم ُِّيون
َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ َّ ٓ َ َ َّ ۡ ُ ۡ َّ َ ُ ُّ َ
ون﴾((( ،فلم يؤمن لعيسىّ Qإل فئة ان ِإَون هم إِل يظن ل يعلمون ٱلكِتب إِل أم ِ
قليلة منهم ،وقد اختار منهم حواري ّين له ليكونوا أنصاره في الدعوة إلى الله تعالى(((:
َ ۡ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ّ َ َ ۡ َ َ ٓ َ َّ َ َ ۡ َ َ ُّ َ َ ۡ ُ َ َ ُ َّ َ َ َ
ار ٱللِۖ يۧن من أنصارِي إِل ٱللِۖ قال ٱلوارِيون نن أنص ﴿ك َما قال عِيس ٱبن مريم ل ِلحوارِ ِ
ٰ َ ُۡ ُ ۡ َُۡ َ َ َ َ َّ ٓ َ ٓ َ ٞ َ ََ
ن إ ِ ۡس َرٰٓءِيل َوكف َرت َّطائِفة ۖ﴾(((﴿ ،فلما أحس عِيس مِنهم ٱلكفر قال
َّ َ ام َنت َّطآئ ِ َفةِ ّ ٞم ۢن بَ ِ ٓ
ف َ
َٔ
َ
َ َّ َ ٓ َ َ َّ َّ ۡ َ ۡ َ َ ٓ َ َّ َ َ ۡ َ َ ُّ َ َ ۡ ُ َ َ ُ َّ
ار ٱللِ َء َام َّنا بِٱللِ َوٱش َه ۡد بِأنا ُم ۡسل ُِمون ٥٢ربنا من أنصارِي إِل ٱللِۖ قال ٱلوارِيون نن أنص
َ
ۡ ۡ َۡ ُ َ ۡ ّ َ َ َ َّ َ ٓ َ َ ۡ َ َ َّ َ ۡ َ َّ ُ َ َ ۡ
ي َۧن ٱل َوارِ ِ ِين﴾(((ِ﴿ ،إَوذ أوحيت إِل ٱك ُت ۡب َنا َم َع َّ ِٰ
ٱلشهد َ ءامنا بِما أنزلت وٱتبعنا ٱلرسول ف
َ
َ ُ ٓ ْ َ َ َّ َ ۡ َ ۡ َّ َ ُ ۡ ُ َ أَ ۡن َءام ُِنوا ْ ب َوب َر ُ
ون﴾((( ،وجعل الله تعالى في قلوب ول قالوا ءامنا وٱشهد بِأننا مسل ِم س
ِ ِ ِ
ٗ َ ۡ ٗ َ ۡ ُ َ َّ َّ ُ ُ َ ۡ َ َ
َ َ
وب ٱلِين ٱتبعوه رأفة ورحة ۚ﴾((( ،ثمّ إ ّنهم ابتدعوا َ ُ َ َ
أتباعه رحمة ورأفة﴿ :وجعلنا ِف قل ِ
حق رعايتها ،ما أدّى إلى رهبان ّية في دينهم ،لم يكتبها الله تعالى ما عليهم ،فلم يراعوها ّ
َٓ ۡ َّ َ َ َ ۡ ً
انحرافهم عن تعاليم اإلنجيلَ ﴿ :و َره َبان َِّية ۡٱب َت َد ُعوها َما ك َت ۡب َنٰ َها َعل ۡي ِه ۡم إِل ٱبۡتِغا َء رِض َو ٰ ِن
َّ َ َ َ َ ۡ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َّ َ َ َ ُ ْ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ ُ ٰ َ ۡ ُ ۡ ّ ٞ
ون﴾(((. فاتينا ٱلِين ءامنوا مِنهم أجرهمۖ وكثِري مِنهم فسِق ٱللِ فما رعوها حق رِعيتِهاۖ ٔ
النبي عيسى ،Qفذكر ّأن الله تعالى س ّماه المسيح وقد أثنى القرآن الكريم على ّ
ِيح ع َ ۡ
ٱس ُم ُه ٱل َمس ُ كل َِمة ّم ِۡن ُه ۡ َ ّ
َّ َ ُ َ ُ َّ ت ٱل ۡ َم َ ٰٓ َ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ
ِيس ٖ لئِكة يٰمريم إِن ٱلل يب ِشكِ ب ِ عيسى﴿ :إِذ قال ِ
َ َ ّ َ ۡ ُ َّ
ٱلل﴾((( ،وكان كلمة لله وروحاً منه: ۡٱب ُن َم ۡر َي َم﴾((( ،وارتضاه عبداً له﴿ :قال إ ِ ِن عبد ِ
ِيح ع َ ِيس ۡٱب ُن َم ۡر َي َم﴾(((﴿ ،إ َّن َما ٱل ۡ َمس ُ ِيح ع َٱس ُم ُه ٱل ۡ َمس ُ َ
كل َِمة ّم ِۡن ُه ۡ َّ َّ َ ُ َ ّ ُ
ِيس ِ ٖ ﴿إِن ٱلل يب ِشكِ ب ِ
ثالثة رُسُ ل النبي عيسى Qحوارييه للدعوة إلى رسالة اإلنجيل في األقطار المختلفة ،فقيل :إ ّنه أرسل ((( أرسل ّ
َ ۡ ۡ َ ُ َّ َ ً َ ۡ َ ٰ َ ۡ َ ۡ َ ۡ
ٱضب لهم مثل أصحب ٱلقريةِ إِذ منهم إلى إنطاكية؛ وهم َ الذين ذكرهم القرآن الكريم في قوله تعالى ﴿ :و
َ َ ُ ٓ ْ َّ ٓ ِ َ ۡ ُ ُّ ۡ َ ُ َ ۡ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ َّ ُ ُ َ َ َ َّ ۡ َ َ َ َٓ َ ُۡ ۡ َ ُ َ
ون ﴾ (سورة يس، ِث فقالوا إِنا إِلكم مرسل ي فكذبوهما فعززنا بِثال ٖ جاءها ٱلمرسلون ١٣إِذ أرسلنا إِل ِهم ٱثن ِ
اآليتان ،)14-13وقيل :إ ّنهم رُسُ ل كانوا من بعد عيسى Qأرسلهم الله تعالى إلى إنطاكية .راجع :الشيخ
الطبرسي ،مجمع البيان في تفسير القرآن،ّ الطوسي ،التبيان في تفسير القرآن ،مصدر سابق ،ج ،8ص448؛ الشيخ ّ
مصدر سابق ،ج ،8ص.)263
((( سورة الصف ،اآلية .14
((( سورة آل عمران ،اآليتان .53-52
((( سورة المائدة ،اآلية .111
((( سورة الحديد ،اآلية .27
((( سورة الحديد ،اآلية .27
((( سورة آل عمران ،اآلية .45
((( سورة مريم ،اآلية .30
((( سورة آل عمران ،اآلية .45
ّ
النبي عيسىQ
289
ٓ َ َۡ َ
ٱلل َوك َِم ُت ُه ٓۥ أل َقى ٰ َها إ ٰل َم ۡر َي َم َو ُر ٞ ُ
َّ
وح ّم ِۡن ُهۖ﴾((( ،وع ّده من المصط َفين من ِ ۡٱب ُن َم ۡر َي َم َر ُسول ِ
ََ ۡ َ َ وحا َو َء َال إبۡ َرٰه َ َّ َّ َ ۡ َ َ ٰٓ َ َ
ِيم َو َءال ع ِۡم َر ٰ َن ع ٱل َعٰل ِم َني﴾((( ،ومن ِ
اد َم َونُ ٗ عباده﴿ :إِن ٱلل ٱصطف ء
َّ ٞ َ َ ُّ ۡ الصالحينَ ﴿ :و َز َكر َّيا َو َي ۡح َ
ٱلصٰل ِ ِح َني﴾((( ،واجتباه وهداه اس ك ّم َِن ۖ ِإَول ٰ
ِيس ي َوع َ ٰ ِ
َ َ ۡ َ َ ٓ ۡ َ ُ ّ َّ ۡ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َٰ
صر ٰ ٖط إلى صراط مستقيم﴿ :ومِن ءابائ ِ ِهم وذرِيٰت ِ ِهم ِإَوخوٰن ِ ِهمۖ وٱجتبينٰهم وهدينٰهم إِل ِ
حل ،وزاكياً ،وآية للناس ،ورحمة منه تعالى ،وبا ّراً يم﴾((( ،وجعله مباركاً أين ما ّ ُّ ۡ َ
مست ِق ٖ
نت ار ًك َأ ۡي َن َما ُك ُ
ك ُغ َل ٰ ٗما َزك ِّٗيا َ ١٩و َج َعلَن ُم َب َ ِ
ََ َ َ
بوالدته ،وآمناً في الدنيا واآلخرةِ ﴿ :لهب ل
ِ
َ َّ َ َ َ َّ ۢ َ ٰ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َّ ٗ َ ٗ َّ َ ٰ َ َّ َ ٰ َ ُ ۡ ُ ٗ َ َ
ٱلسل ٰ ُم ارا شقِ ّيا ٣٢وت َح ّيا ٣١وبرا بِو ِل ِت ولم يعل ِن جب َوأ ۡوص ٰ ِن بِٱلصلوة ِ وٱلزكوة ِ ما دم
ً ّ َ َ َّ َ ۡ َ ُ ُّ َ َ ۡ َ َ ُ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ ٗ
ع يوم و ِلت ويوم أموت ويوم أبعث حيا﴾ ،ووجيها في الدنيا واآلخرة ،ومن المق ّربين
(((
ۡ
ٱدل ۡن َيا َوٱٓأۡلخ َِرة ِ َوم َِن ٱل ُم َق َّرب ِ َني﴾(((. عند ربّهَ ﴿ :و ٗ
يها ف ُّ
ج ِ ِ
السماوية
ّ حواريوه Qونزول المائدة
ّ
النبي عيسى Qحواريّين له ،فكانوا أنصار الله تعالى ،حكى القرآن بعد ْأن ا ّتخذ ّ
يس ۡٱب َن َم ۡر َي َم َه ۡل ي َ ۡس َت ِط ُ َ َ ُّ َ
ون َيٰع َ ۡ َ ۡ َ
يع ِ للنبي عيسى﴿ :Qإِذ قال ٱلوارِي الكريم قولهم ّ
ٓ َ َّ َ ّ َ ُّ َ َ ُ َ ّ َ َ َ ۡ َ َ َ ٗ
ٓ
نل علينا مائِدة مِن ٱلسماءِۖ﴾ ،وهو في ظاهره سؤال عن القدرة ،فأجابهم
(((
ربك أن ي ِ
النبي عيسى Qبمراعاة تقوى الله تعالى في أمرهم ،والتأدّب في سؤال الله تعالى؛ ّ
ألن سؤالهم َط َل ٌب لنزول اآليات والمعاجز يوحي في ظاهره بعدم إيمانهم وتسليمهم ّ
ألمره تعالى ،وقد كفاهم ما رأوه من المعاجز واآليات التي أجراها الله تعالى من َق ْب ُل
ٱلل إِن ك ُنتم ُّم ۡؤ ِمن َِني﴾((( ،فما كان منهم ّإل ْأن أوضحوا
ُ على يديه﴿ :Qقَ َال َّٱت ُقوا ْ َّ َ
مرادهم ،وأ ّنهم يريدون التب ّرك باألكل منها ،واالطمئنان بها في إيمانهم ،ومشاهدة آية
َ ُ ْ ُ ُ َ َّ ۡ ُ َ
يد أن نأكل م ِۡن َها اإلعجاز على يديه ،Qوالشهادة عليها في الدنيا واآلخرة﴿ :قالوا ن ِر
َ َ ۡ َ َّ ُ ُ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ َ
ون َعلَ ۡي َها م َِن َّ ِٰ
ٱلشهد َ
ِين﴾((( ،فما كان من وتطمئِن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونك
عيسىّ Qإل ْأن توجّ ه إلى الله تعالى بتض ّرع وخشوع وتأدّب في سؤاله تعالى ،بما
يليق بساحة األلوه ّية والربوب ّية؛ بأن ينزّل عليهم مائدة من السماء تكون بهجة وسروراً
ِيس للحاضرين ،وآية مشهودة لهم ،وحجّ ة عليهم؛ ليأدّوها للناس من بعدهم﴿ :قَ َال ع َ
ٗ َ ٗ َّ ۡ ُ َ ۡ َ َ َّ ُ َّ َ َّ َ ٓ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ٓ َ ٗ ّ َ َّ ٓ َ ُ ُ َ
ٱلس َماءِ تكون لَا عِيدا ِل َّولِ َا َو َءاخ ِِرنا َو َءايَة نزل علينا مائِدة مِن ٱبن مريم ٱللهم َ ربنا أ ِ
ٱلرٰزِق َِني﴾((( ،فاستجاب الله تعالى له دعوته ،مت ّوعداً الكافرين ي َّ نت َخ ۡ ُٱر ُز ۡق َنا َوأ َ ّ َ
ِنك َو ۡ
م ۖ
ُ ۡ َ ّٓ ُ ّ ٱلل إ ّن ُم َ ّ ُ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ ُ
بها بالعذاب األليم﴿ :قَ َال َّ ُ
ن أ َعذِبُ ُهۥ نلها عليكمۖ فمن يكفر بعد مِنكم فإ ِ ِ ِ ِِ
ۡ َ َ َّ ٓ ُ ّ َ
َعذ ٗابا ل أ َعذِبُ ُه ٓۥ أ َح ٗدا ّم َِن ٱل َعٰل ِم َني﴾(((.
مؤامرة قتله Qونجاته منها
كل الوسائل لص ّد الناس عن رسالة عيسى ،Qق ّرروا التخ ّلص بعد ْأن استنفد اليهود ّ
ولكن الله تعالى أنجاه منهم ،فأخذه من بينهم ،ورفعه إليه بروحه وجسده منه وقتلهّ ،
ن ِإَوذ َك َف ۡف ُ
ت بَ ِ ٓ ۡ
إلى السماء ،في عالم من العوالم المطهّرة ،فطهّره من دنس الكافرين﴿ :
ۡ ي ۡٱل َمٰكِر َ ٱلل َخ ُ ۡ ۡ َ ّ َ ٰ ((( َ َ َ ُ ْ َ َ َ َ ُ َّ َ ُ َّ نك إ ۡذ ۡ َ ۡ َ ٰٓ َ َ َ
ين ٥٤إِذ ِ ت﴾ ﴿ ،ومكروا ومكر ٱلل و جئت ُهم بِٱليِن ِ ِ ِ إِسرءِيل ع
ْ ۖ َّ َ ّ َ ّ قَ َال َّ ُ
ك َف ُروا﴾((( ،وألقى شبهه َ َ َ ٱلل َيٰعِ َ ٰٓ
يس إ ِ ِن ُم َت َوف ِيك َو َراف ُِعك إ ِ َّل َو ُم َط ّ ِه ُر َك م َِن ٱلِين
ِيحعلى رجل منهم ،فصلبوه وقتلوه؛ ظ ّناً منهم أ ّنه عيسىَ ﴿ :Qوقَ ۡولِه ۡم إنَّا َق َت ۡل َنا ٱل ۡ َمس َ
ِ ِ
َ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ ُ
كن ُش ّب ِ َه ل ُه ۡ ۚم﴾((( ،وقد وعده الله عِيس ٱب َن م ۡر َي َم َر ُسول ٱللِ َوما قتلوهُ َوما صل ُبوهُ َول ٰ ِ
َ ۡ َ
بالحق -ومنهم المسلمون -ظاهرين على اليهود إلى يوم القيامة: ّ تعالى أن يجعل أتباعه
((( سورة المائدة ،اآلية .113
((( سورة المائدة ،اآلية .114
((( سورة المائدة ،اآلية .115
((( سورة المائدة ،اآلية .110
((( سورة آل عمران ،اآليتان .55-54
((( سورة النساء ،اآلية .157
ّ
النبي عيسىQ
291
ُ ََ ُ َ َ ُ َّ َ َّ َ ُ َ َ ۡ َ َّ َ َ َ ُ ٓ ْ َ َ ۡ ۡ َ َ ُ َّ َ َ ۡ
ج ُعك ۡم فأ ۡحك ُم ﴿وجاعِل ٱلِين ٱتبعوك فوق ٱلِين كفروا إ ِ ٰل يو ِم ٱل ِقيٰمةِۖ ثم إ ِ َّل مر ِ
ُّ ۡ َ َ ٗ َ َ َّ َّ َ َ َ ْ َ ُ ّ َۡ ُ َ ِيما ُك ُ ََۡ ُ
ٱدلن َيا ِين كف ُروا فأ َعذ ُِب ُه ۡم َعذ ٗابا شدِيدا ِف نت ۡم فِيهِ ت َتل ِفون ٥٥فأما ٱل ك ۡم ف َ بين
ور ُه ۡم َو َّ ُ ُ ُ َّ ٰ َ ٰ َ ّ ْ ُ ْ َّ َ
ين َ ٥٦وأ َّما ٱل َ َ ُ َ ّ َّ َ َ
ٱلل ت ف ُي َوف ِي ِه ۡم أج َ ِۗين َءامنوا َوع ِملوا ٱلصل ِح ِ ص َ
ِ َوٱٓأۡلخ َِرة ِ َوما ل ُهم مِن نٰ ِ
َ ٰ َ ُ ُّ َّ ٰ َ ((( َ َ َّ ۡ َ َّ َ َ َ ُ ْ ٰ َ َ َ ُ ّ ۡ َ َ ۡ َ ُ ْ َ
ل يِب ٱلظل ِ ِمني﴾ ﴿ ،فأيدنا ِٱلين ءامنوا ع عدوِهِم فأصبحوا ظ ِه ِرين﴾ .وقد باء
(((
ُ
اليهود بسخط من الله تعالى ،وبلعنة ر ُُسله؛ بفعل عصيانهم وكفرهم وعدوانهم﴿ :ل ِع َن
َ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ٰ َ َ َ َ ْ َّ َ ُ ْ
ان داوۥد وعِيس ٱب ِن مري ۚم ذل ِك بِما عصوا وكنوا ِيل َ َ ٰ ََّ َ َ َ ُ ْ ۢ َ ٓ ۡ َ ٰٓ َ
ٱلِين كفروا ِمن ب ِن إِسرء
ع ل ِس ِ
ََُۡ َ
ون﴾((( .ثمّ إ ّنه سيعيد الله تعالى نب ّيه عيسى Qإلى عالم الدنيا في آخر الزمان؛ يعتد
أن يتو ّفاه الله تعالى بالموت الدنيويّ ِ﴿ :إَون ليلقي الحجّ ة على م ّتبعيه زمان ظهوره ،قبل ْ
َ َ
ِن بِهِۦ ق ۡبل َم ۡوتِهِۖۦ﴾((( ،فيكون من أشراط الساعة ،واقتراب الوعد ّم ِۡن أَ ۡهل ۡٱلك َِتٰب إ َّل َلُ ۡؤم َ َّ
ِ ِ ِ
َ ُّ ٞ
ص َرٰط م ۡستقِ ٞ َ َ ُ َّ َّ َ َ َ َ َ
ِلساعةِ فل ت ۡم ُ َ ّ ۡ َ َّ
اإللهي بالمعادِ﴿ :إَون ُهۥ لعِل ٞم ل َّ
يم﴾(((. تن بِها َوٱتبِع ِ ۚ
ون هٰذا ِ ّ
تنازع أتباع عيسى في أمره
حكى القرآن الكريم تنازع أتباع عيسى Qفي أمره ،بعد ْأن رفعه الله تعالى إليه،
َّ َّ َ ۡ َ ُ ْ
ِين ٱخ َتلفوا فِيهِ
ناف لذلكِ﴿ :إَون ٱل
ونجّ اه من مكر اليهود ،بين قائل بصلبه وقتله ،وبين ٍ
ٱلل إ ِ َ ۡ ۡ ۡ َّ ّ َ َ َّ
ٱلظ ّن َو َما َق َتلُوهُ يَق َ
ينۢا ١٥٧بَل َّر َف َع ُه َّ ُ َ َ َ ّ
ل ۚهِ ِ ِۚ ك ّم ِۡن ُ ۚه َما ل ُهم بِهِۦ مِن عِل ٍم إِل ٱتِباع ل ِف ش ٖ
َ َُۡ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ۡ ّ َّ َ َ يزا َحك ٗ ٱلل َعز ً َو َك َن َّ ُ
ون﴾(((. ٱلي فِيهِ يمت ِيما﴾(((﴿ ،ذٰل ِك عِيس ٱبن مريمۖ قول ٱل ِق ِ ِ
وقد تفاقم الخالف بين الموحّ دين من أتباع عيسى ،Qوالوثن ّيين منهم من بعده في
تعاليم اإلنجيل ،إلى ْأن طغت الوثنية على هذه التعاليم في األجيال الالحقة ،فغلوا في
ُ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ّ َ َ َ َّ ُ ٓ ْ َ ۡ َ ٓ َ َ ۡ َ ۡ َ ُّ ْ ُۡ َ ََۡ ۡ َ َ َۡ ُ ْ
ب ل تغلوا ِف دِين ِكم غي ٱل ِق ول تتبِعوا أهواء قو ٖم قد ضلوا دينهم﴿ :قل ٰٓ
يأهل ٱلكِتٰ ِ
َ َ َّ َ َ ُ ْ َّ
ين قال ٓوا إِنا ٱل
يل﴾((( ،وح ّرفوا اإلنجيل﴿ :ومِن ِ ب ريا َو َض ُّلوا ْ َعن َس َوآءِ َّ
ٱلس مِن َق ۡب ُل َوأَ َض ُّلوا ْ َكث ِ ٗ
َ ِ ِ
َ ٓ َ ۡ ۡ َ ۡ ۡ ۡ َ ُ ّ ْ َ َ ٰ َ ٰٓ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ْ ّٗ
ى أخذنا مِيثٰق ُه ۡم فن ُسوا َحظا ّم َِّما ذك ُِروا بِهِۦ فأغ َرينا بَين ُه ُم ٱل َع َد َاوة َوٱلَغضا َء إ ِ ٰل يَ ۡو ِم
َ َ ۡ نصر
ََ َ َ ُ ۡ َُ َ ْ ۡٱلقِ َيٰ َمةِۚ َو َس ۡو َف يُنَ ّب ُئ ُه ُم َّ ُ
ت ٱلل ب ِ َما كنوا يَصنعون﴾((( ،وذهبوا إلى تأليه المسيح وأمّه﴿ :وقال ِ ِ
َّ َ ٰ َ ۡ َ ُ ۡ ُ َّ َ ٰ َ َ ۡ ُ ُ َ ۡ َ ۡ ُ َ ٰ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ُ َ ۡ ٌ ۡ ُ َّ َ َ َ
هون قول ت ٱنلصرى ٱلمسِيح ٱبن ٱللِۖ ذل ِك قولهم بِأفوٰهِ ِهمۖ يض ِ ٔ ٱلهود عزير ٱبن ٱللِ وقال ِ
َ
ار ُه ۡم َو ُر ۡه َبٰ َن ُه ۡم أ ۡر َب ٗ َ ْ ُ َ َّ
ن يُ ۡؤفكون ٣٠ٱتذ ٓوا أ ۡح َب َ َ ُ َ َّ َ ك َف ُروا ْ مِن َق ۡب ُل َق ٰ َتل ُه ُم َّ ُ
َ َّ َ َ
ابا ّمِن ٱللۖ أ ٰ ۚ ٱلِين
ُ
ِيح ۡٱب َن َم ۡر َي َم َو َما ٓ أم ُِر ٓوا ْ إ َّل ِلَ ۡع ُب ُد ٓوا ْ إ َل ٰ ٗها َوٰح ِٗدا َّلٓ إ َل ٰ َه إ َّل ُه َو ُس ۡب َ ٱللِ َوٱل ۡ َمس َ َّ ُ
حٰ َن ُهۥ ۚ ۖ ِ ِ ِ ِ ون
د ِ
ِيح ۡٱب ُن َم ۡر َي َمۖ﴾((( ،وإلى القول ٱلل ُه َو ٱل ۡ َمس ُ َ َّ ُ ۡ ُ َ ((( َ َ ۡ َ َ َ َّ َ َ ُ ٓ ْ َّ َ َّ
ٱلين قالوا إِن شكون﴾ ﴿ ،لقد كفر ِ عما ي ِ
بعقيدة التثليت :الذات واألقانيم الثالثة (األب = أقنوم الوجود /االبن = أقنوم العلم
ََ َّ َ ۡ َ َ َ َّ َ َ ُ ٓ ْ َّ َّ َ َ
ٱلل ثال ُِث ثل ٰ َث ٖة ۘ﴾(((. والكلمة /الروح القدس = أقنوم الحياة)﴿ :لقد كفر ٱلِين قالوا إِن
ُ َ ََۡ ۡ َ َ َُۡ ْ
ب ل تغلوا ِف دِين ِك ۡم يأهل ٱلكِتٰ ِوقد ر ّد عليهم القرآن الكريم عقائدهم المنحرفةٰٓ ﴿ :
ََۡ ٓ َ ُ َّ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ َ َّ َّ ۡ
ٱل َّق إ َّن َما ٱل ۡ َمس ُ
ِيس ۡٱب ُن َم ۡر َي َم َر ُسول ٱللِ َوك َِم ُت ُه ٓۥ ألقى ٰ َها إ ِ ٰل
ِيح ع َ
ول تقولوا ع ٱللِ إِل َ ۚ ِ
َ َ َ ُ ُ ْ َ َ ٰ َ ٌ ۚ َ ُ ْ َ ۡ ٗ َّ ُ ْ َّ َ
وح ّم ِۡن ُهۖ َٔ
َم ۡر َي َم َو ُر ٞ
ك ۡ ۚم﴾((( ،باستحالة فام ُِنوا بِٱللِ َو ُر ُسلِهِۖۦ ول تقولوا ثلثة ٱنتهوا خيا ل
الولد عليه تعالى في نفسه؛ لعدم كونه جسماً ،وعدم احتياجه ،وإطالق ملكه وربوب ّيته:
َ َۡ ل ۘ َّ ُلۥ َما ف َّ
ون َ ُلۥ َو َ ٞ َّ َ َّ ُ َ ٰ َ ُ َ َ ٓ ُ َ ٰ َ ۡ ُ ٞ ٰ َ ٞ
ۡرض َوك َ ٰ
ف ت وما ِف ٱل ِ ۗ
ٱلس َم ٰ َو ٰ َ َ
ِ ِ ﴿إِنما ٱلل إِله وحِدۖ سبحنهۥ أن يك
ۡ َ ُ
َ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ ُ َ َ َ ٓ ُ َ ُ َّ ٰ َ ّ ُ ۡ َ َّ َ ٗ ((( َ َّ ِ ُ ۡ ُ
ك َّ َ َ
شءٖ ك َ ۡرض وما بينهما ۚ يلق ما يشاء ۚ وٱلل ع ِ ت َوٱل ِ ٱلسمٰو ٰ ِ بِٱللِ وك ِيل﴾ ﴿ ،و ِل مل
وبأن عيسى Qوأمّه Qمثل باقي البشر ،على الطبيعة البشريّة من ِير﴾(((ّ ، قَد ٞ
َ ٗ ُ ُ َ ۡ
َم ۡوتِهِۖۦ﴾((( ،وشهادته عليهم يوم القيامةَ ﴿ :و َي ۡو َم ٱل ِق َيٰ َمةِ يَكون َعل ۡي ِه ۡم ش ِهيدا﴾(((﴿ ،إِن
يز ۡ َ
ٱلك ُ
ِيم﴾(((. نت ۡٱل َعز ُ ك أَ َ
َ ۡ ۡ َ ُ ۡ َ َّ َ ُ َ َّ ُ ّ
ت َعذ ِۡب ُه ۡم فإِن ُه ۡم ع َِباد َك ۖ ِإَون تغفِر لهم فإِن
ِ
النبي عيسىQ
ّ قصة
دروس وعبر من ّ
النبي عيسى ،Qيمكن استلهام بعد التأمّل في ما ورد في القرآن الكريم من قصّ ة ّ
جملة من الدروس وال ِع َبر والسنن ،منها:
َ َ َ
-تتابع الرسل Rمن السنن الجارية في الدعوة والتبليغ واإلنذارَ ﴿ :ولق ۡد َءات ۡي َنا
َ ۡ َ وس ۡٱلك َِتٰ َ
ت َوأيَّ ۡد َنٰ ُه ب ِ ُر ِ
وح َ ۡ َ ََۡ
ٱلر ُس ِلۖ َو َءاتينا عِيس ٱب َن م ۡر َي َم ٱلَ ّيِنٰ ِ ب َو َق َّف ۡي َنا ِم ۢن َب ۡع ِده ِۦ ب ُّ ُم َ
ِ
ُۡ ُ
س ﴾.ٱلقد ِ ۗ
ۡ َ ُّ ُ َ َّ ۡ
ٱلر ُسل فضل َنا -التفاضل أمر واقع بين الرسل اإلله ّيين Rعند الله تعالى﴿ :ت ِلك
ّ ۡ ُ َّ َ َّ َ َّ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ َب ۡع َض ُه ۡم َ َ ٰ َ ۡ
ت ﴾. ض مِنهم من كم ٱللۖ ورفع بعضهم درج ٰ ٖ ۚ ع بع ٖ ۘ
َ َ ۡ َ ّ َ َّ ٰ َ ُ ُ َ َ َ ٞ
ل َول ۡم َي ۡم َس ۡس ِن ب أن يكون ِل و -قدرة الله تعالى مطلقة ،فال يعجزه شيء﴿ :قالت ر ِ
َّ َ َ ُ ُ ُ َ َ ُ َّ ُ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ٓ ُ َ َ َ ٰٓ َ َ َّ ُ ََ َ َ َ َ ٞ
ض أ ۡم ٗرا فإِن َما َيقول ُلۥ كن ف َيكون﴾﴿ ،إِن َمثل شۖ قال كذٰل ِِك ٱلل يلق ما يشاء ۚ إِذا ق ب
َ ُ ُ َ ُ َ َ َ ُ َُ َ
َ َّ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ
ون﴾. اب ث َّم قال ُلۥ كن فيك ِيس عِند ٱللِ كمث ِل ءادم ۖ خلقهۥ مِن تر ٖ ع َ ٰ
ۡ ۡ َ -الله تعالى يتعهّد أنبياءه Rبالتربية والتعليمَ ﴿ :و ُي َع ّل ُِم ُه ۡٱلك َِتٰ َ
ب َوٱل ِك َمة
َ َ َّ ۡ َ ٰ َ َ ۡ
جنيل﴾. وٱتلورىة و ِ ِ
ٱل
تصديقاً لدعواهم اال ّتصال R؛ -الله تعالى يُجري المعاجز على يدي أنبيائه
كمۡ َ ّ َّ ّ ُ َ َ ُ ً َ ٰ َ ٓ ۡ َ ٰٓ َ َ ّ َ ۡ ۡ ُ ُ
أَِبيةٖ مِن رَب ِ جئتكم بالغيب وتبليغ تعاليم السماء﴿ :ورسول إِل ب ِن إِسرءِيل أ ِن قد ِ
ۡ ۡ ُ ُ َّ ۡ ََ ُ ُ
ون َط ۡ َ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ َ ُ ُ َ ّٓ َ ۡ ُُ َ ُ
يۢا بِإِذ ِن ٱللِۖ َوأبۡ ِرئ ٱلك َم َه ي فأنفخ فِيهِ فيك ِ ٱلط ة
ِ
ٔ ي ه ك ني كم ّم َِن ّ
ٱلط
ِ ِ أ ِن أخلق ل
ُ َّ َ َ َ ُ ُ َۡ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ ۡ َ ۡ َ ٰ ۡ َّ َ
ُ ُ
ت بِإِذ ِن ٱللِۖ َوأن ّب ِ ُئكم ب ِ َما تأكلون َو َما ت َّدخ ُِرون ِف ُب ُيوت ِك ۡ ۚم إِن ِف ح ٱلمو وٱلبرص وأ ِ
ُ َ ٰ َ َ ٗ َّ ُ
ك ۡم إِن ك ُنتم ُّم ۡؤ ِمن َِني﴾. ذل ِك ٓأَلية ل
ۡ
-المعاجز واآليات الب ّينات شاهد على صدق الدعوة ،وتثبيت إليمان المؤمنين﴿ :إِذ
َ َ ۡ َ َ ُّ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ ُّ َ َ ُ َ ّ َ َ َ ۡ َ َ ٓ َ ٗ ّ َ َّ ٓ َ َ
ٱلس َماءِۖ قال نل علينا مائِدة مِن قال ٱلوارِيون يٰعِيس ٱبن مريم هل يست ِطيع ر ۡبك أن ي ِ
َ َ َ َ ُ ْ ُ ُ َ َّ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َّ ُ ُ َ
ُ نتم ُّم ۡؤ ِمن َ ٱلل إن ُك ُ َّٱت ُقوا ْ َّ َ
وب َنا َون ۡعل َم أن ق ۡد ِني ١١٢قالوا ن ِريد أن نأكل مِنها وتطمئِن قل ِ
ٱلشهد َ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ َّ
ِين﴾. صدقتنا ونكون عليها مِن ٰ ِ
َ َ َّ ُ ّ ُ َ ّ ُ
نل َها -ال حجّ ة للناس في كفرهم بعد اإلتيان بالمعاجز واآليات﴿ :قال ٱلل إ ِ ِن م ِ
ۡ َ َ َّ ٓ ُ ّ َ ُ َ ّ ُ ّ ۡ ُ ََ ُ َ
ِنك ۡم فإ ِ ِ ٓن أ َعذِبُ ُهۥ َعذ ٗابا ل أ َعذِبُ ُه ٓۥ أ َح ٗدا ّم َِن ٱل َعٰل ِم َني﴾. عل ۡيك ۡمۖ ف َمن يَكف ۡر َب ۡع ُد م
ِيس ۡٱب ُن ِإَوذ قَ َال ع َ ۡ
ويبشر بالالحق﴿ : -رسل الله تعالى يص ّدق الالحق منهم بالسابقّ ،
شۢا ب ِ َر ُسو ٖل ٱتل ۡو َرىٰةِ َو ُمبَ ّ ِ َ ي يَ َد َّي م َِن َّكم ُّم َص ّد ِٗقا ل ّ َِما َب ۡ ََ ۡ َ َ َ ٰ َ ٓ ۡ َ ٰٓ َ ّ َ ُ ُ َّ َ ۡ ُ
مريم يب ِن إِسرءِيل إ ِ ِن رسول ٱللِ إِل
ح ُدۖ﴾.ٱس ُم ُه ٓۥ أَ ۡ َ يَأۡت ِم ۢن َب ۡعدِي ۡ
ِ
كم َب ۡع َض َّٱلِي ُح ّرمَ َ ُ َّ َ ُ
ِ -يوجد نسخ بين الشرائع ،فالالحقة تنسخ السابقة﴿ :و ِلحِل ل
َ َۡ ُ
ك ۡ ۚم﴾. علي
َ ٓ َ
-الله تعالى يؤيّد رسله Rفي دعواتهم باألنصار المؤمنين﴿ :فَل َّما أ َح َّس ع َ ٰ
ِيس
ۡ َّ ۡ ُ ُ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ ٓ َ َّ َ َ ۡ َ َ ُّ َ َ ۡ ُ َ َ ُ َّ
ار ٱللِ َء َام َّنا بِٱللِ َوٱش َه ۡد مِنهم ٱلكفر قال من أنصارِي إِل ٱللِۖ قال ٱلوارِيون نن أنص
ۡ ٱك ُت ۡب َنا َم َع َّ ِٰ َ َّ َ ٓ َ َ َّ َ ٓ َ َ ۡ َ َ َّ َ ۡ َ َّ ُ َ َ ۡ َ َ َّ
ِين﴾َ ﴿ ،و َج َعل َنا ٱلشهد َ بِأنا ُم ۡسل ُِمون ٥٢ربنا ءامنا بِما أنزلت وٱتبعنا ٱلرسول ف
َّ َ َّ َ ُ ُ َ ۡ َ ٗ َ َ ۡ َ ٗ ُُ
حة ۚ﴾. وب ٱلِين ٱتبعوه رأفة ور ِف قل ِ
ََ َُ ْ
-الله تعالى يحفظ رسله من السوء والمكاره ،ويدفع عنهم أذى الظالمين﴿ :ومكروا
َ َ ّ َ ّ ين ٥٤إ ۡذ قَ َال َّ ُ ي ۡٱل َمٰكِر َ ٱلل َخ ۡ ُ ٱللۖ َو َّ ُ
ك َر َّ ُ ََ َ
يس إ ِ ِن ُم َت َوف ِيك َو َراف ُِعك إ ِ َّل َو ُم َط ّ ِه ُر َك ٱلل َي ٰ ِع َ ٰٓ ِ ِ وم
ۡ ۡ َ َ ۡ ُ َ ٓ ۡ َ ٰٓ َ َ َ ۡ َ َّ َ َ َ ْ
نك إِذ ِج ۡئ َت ُهم بِٱلَ ّي ِ َنٰ ِت﴾. ِين كف ُروا﴾ِ﴿ ،إَوذ كففت ب ِن إِسرءِيل ع مِن ٱل
-شهادة الرسل Rعلى أقوامهم في الدنيا واآلخرة ،وشهادة الله تعالى على جميع
ون َعلَ ۡيهمۡ َ َ ۡ َ ۡ َٰ َ َ ُ ُ ۡ َ ََۡ َّ َّ َ ُ ۡ َ ٰ ّ ۡ َۡ ۡ َ
ِ ب إِل لؤمِن بِهِۦ قبل موتِهِۖۦ ويوم ٱلقِيمةِ يك خلقهِ﴿ :إَون مِن أه ِل ٱلكِت ِ
َ َ ُ َّ َ َ
ت فِيه ۡم فل َّما تَ َوف ۡيتَن ك َ َُ ُ َ َۡ ۡ َ ٗ
يدا َّما ُد ۡم ُ َ ٗ
ِيب َعل ۡي ِه ۡ ۚم
ٱلرق َ نت أ َ
نت َّ
ِ ِ ۖ ش ِهيدا﴾﴿ ،وكنت علي ِهم ش ِه
شء َشه ٌك َ َۡ َ َ َ َٰ ُ ّ
يد﴾. ِ ٖ وأنت ع ِ
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 296
ُ ُ ٓ ْ َ َ َّ َّ َ َ ٓ ُ َ
نزل ﴿ :Rقول ُوا ءامنا بِٱللِ وما أ ِ -ال تبعيض في اإليمان بالله تعالى وكتبه ورسله
َ
َ ۡ َ َ َ ٓ ُ َ َ ٰٓ ۡ َ َ ۡ َ ٰ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ َ َ ٓ َ ُ َ ٰ َ َ ٰ َ َ ٓ
ۡ
وت موس وعِيس وما اط وما أ ِ هۧم ِإَوسمعِيل ِإَوسحق ويعقوب وٱلسب ِ نزل إِل إِبر ٰ ِ إُِلنا وما أ ِ
َ َ َ
َّ ّ ۡ ُ َ ّ ُ َ ۡ َ َ ّ ۡ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ ُ ۡ ُ َ َ َ
ون﴾. وت ٱنلَّب ِ ُّيون مِن رب ِ ِهم ل نف ِرق بي أح ٖد مِنهم ونن لۥ مسل ِم أ َ
ِ
كمۡ َ ُ َّ َ َ ٓ َ ُ َ
تكذيب الرسل اإلله ّيين Rوقت ُلهم﴿ :أفكما جاء ٍُ -سيرة بني إسرائيل ودأبُهم
َّ َ َ َ َ ُ ۡ َ ٗ َ
بت ۡم ففريقا كذ ۡب ُت ۡم َوفريقا تق ُتلون﴾﴿ ،فقال ٱل َ َّ َ ٗ َ َ ُ ۡ
ٱس َتك َ ۡ ك ُم َۡ ُ ُ ۢ َ َ َ ۡ َ ٰٓ َ ُ ُ ُ
ِين ِ ِ رسول بِما ل تهوى أنفس
ني﴾. ك َف ُروا ْ م ِۡن ُه ۡم إ ۡن َهٰ َذا ٓ إ َّل س ۡ
ِح ٞر ُّمب ٞ َ
ِ ِ ِ
ُ
اإللهي ولعنة الرسل Rلبني إسرائيل إلى يوم القيامة﴿ :لعِ َن ّ -شمول السخط
َ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ٰ َ َ َ َ ْ َّ َ ُ ْ ِيل َ ٰ َ َ َّ َ َ َ ُ ْ ۢ َ ٓ ۡ َ ٰٓ َ
ان داوۥد وعِيس ٱب ِن مري ۚم ذل ِك بِما عصوا وكنوا ع ل ِس ِ ٱلِين كفروا ِمن ب ِن إِسرء
ََُۡ َ
ون﴾. يعتد
َّ -على العبد أن يتأدّب بأدب العبوديّة مع ربّه في سؤاله﴿ :قَ َال ع َ
ِيس ۡٱب ُن َم ۡر َي َم ٱلل ُه َّم
ٱر ُز ۡق َنا َوأَ َ َ َ َٗ ّ َ
ِنك َو ۡ ٗ ّ َ َّ َ َّ َ ٓ َ ُ ُ َ َر َّب َنا ٓ أَ ۡ َ َ ۡ َ َ ٓ َ ٗ ّ
نت نزل علينا مائِدة م َِن ٱلسماءِ تكون لَا عِيدا ِلولِ َا و َءاخ ِِرنا و َءاية م ۖ ِ
َخ ۡ ُي ٱلرٰزِقِني﴾.
َ َّ
-المرأة المؤمنة ُت ْؤثر االحتجاب على االختالط ،وتراعي آداب االختالط إذا ما اضط ّرت
ٱتَ َذ ۡت مِن ُدونِه ۡم ح َ
ِج ٗابا
َ َّ
ف ١٦ ا شق ّٗ
ِي ٱذ ُك ۡر ف ۡٱلك َِتٰب َم ۡر َي َم إذِ ٱنتَ َب َذ ۡت م ِۡن أَ ۡهل َِها َم َك ٗنا َ ۡ َ ۡ
إليه﴿ :و
ِ ِ ِ ِ
ُ َ ّ َ َ فَأَ ۡر َس ۡل َنا ٓ إ ۡل َها ُر َ
َ
نت تَقِ ّٗيا﴾. َ
ِنك إن ك َ شا َسو ّٗيا ١٧قَال ۡت إ ٓ ُ ُ َّ وح َنا َف َت َم َّث َل ل َها ب َ َ ٗ
ن أعوذ بِٱلرِنَٰمۡح م ِ ِِ ِ ِ
ُ َ
ِت َق ۡب َل َهٰذا َوك ُ َ
ت َيٰل ۡيتَن م ُّ َ
-الله تعالى ينزل سكينته على عباده المؤمنين﴿ :قَال ۡ
نت ِ
ۡ َُّ ٓ َ َ ۡ َ ٓ َ َّ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ُّ َ ۡ
ت َتك َس ّٗ ََ َ َ ۡ َّ ٗ
بذ ِع ك ۡ
ل
ِ ِ ِ ِِ إ ي ز ه و ٢٤ ا ي ِ ِ نس ٗيا منس ِّيا ٢٣فنادى ٰ َها مِن تتِها أل تز ِن قد جعل رب ِ
ك
َ ُ َ ۡ َ َ َ ّ َ ۡ ٗ َ َّ َ َ َّ َ ۡ َ َ َ ٗ ٗ َّ ۡ َ ُ َ ٰ ۡ َ َ
ش أ َحدا ك وٱش ِب وق ِري عيناۖ فإِما تريِن مِن ٱلب ِ ٢٥ف ِ ك ُر َط ٗبا َجن ِّيا
سقِط عل ۡي ِ ٱنلخلةِ ت
ۡ ّ ُ َ
َ ۡٗ َ ۡ َ ول إ ّن نَ َذ ۡر ُ َُ
كل َِم ٱلَ ۡو َم إِنس ِّٗيا﴾. ِلرِنَٰمۡح صوما فلن أ ت ل َّ
فق ِ ٓ ِ ِ
ت بهِۦ قَ ۡو َمهاَ -الله تعالى يحفظ عباده المؤمنين ،ويصونهم من أذى الناس﴿ :فَ َأتَ ۡ
ِ
ۡ َ َ َ َ َ ٰٓ ُ ۡ َ َ َ َۡ ُ ُ َ ُ ْ َٰ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ٗ َ ٗ
ٱم َرأ َس ۡو ٖء َو َما ت هٰ ُرون َما كن أبُوكِ يا ف ِر ّيا ٢٧يأخ ت ش ٔ جئ ِ ت ِمله ۖۥ قالوا يمريم لقد ِ
َ َ ّ َ ٗ ۡ َ َ ََ َ َ ۡ َۡ َ ُ ْ َ َ ُ َ ّ ٗ َ َ ۡ ُ ُّ
لهِۖ قالوا ك ۡيف نكل ُِم َمن كن ِف ٱل َم ۡه ِد َصب ِ ّيا ٢٩قال إ ِ ِن ع ۡب ُد ك بَغِ ّيا ٢٨فأشارت ِإ كنت أم ِ
َّ
ٱللِ ﴾.
ّ
النبي عيسىQ
297
-الله تعالى يرتضي العبادة التي يتب ّرع بها العبد من تلقاء نفسه؛ تق ّرباً إليه تعالى،
ۡ
الحقَ ﴿ :و َج َعل َنا ِف
ولكن من دون أن تؤدّي به إلى االبتداع في الدين ،واالنحراف عن ّ ْ
َّ َ َّ َ ُ ُ َ ۡ َ ٗ َ َ ۡ َ ٗ َ َ ۡ َ َّ ً ۡ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ ۡ َّ ۡ َ ٓ َ ۡ َ ٰ َّ ُُ
وب ٱلِين ٱتبعوه رأفة ورحة ۚ ورهبانِية ٱبتدعوها ما كتبنها علي ِهم إِل ٱبتِغاء رِضو ِن ٱللِ قل ِ
َ َ َ َ ۡ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َّ َ َ َ ُ ْ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ ُ ٰ َ ۡ ُ ۡ ّ ٞ
ون﴾. فاتينا ٱلِين ءامنوا مِنهم أجرهمۖ وكثِري مِنهم فسِق فما رعوها حق رِعيتِهاۖ ٔ
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 298
األفكار الرئيسة
.1أجرى الله تعالى على يدي نب ّيه عيسى Qجملة من المعاجز ،كانت ب ّينات
واضحة ،وحُ ججاً بالغة على بني إسرائيل في دعوته لهم إلى رسالته .ومن هذه
حي من الطين ،وشفاء المرضى؛ كاألبكم المعاجز :التك ّلم في المهد ،وخلق طير ّ
واألبرص ،وإحياء الموتى ،وإخبار الناس ببعض أسرارهم وخفاياهم ،وإنزال مائدة
سماويّة على قومه.
.2اختار الله تعالى عيسى Qللنب ّوة وللرسالة ،وع ّلمه الكتاب والحكمة والتوراة،
وآتاه اإلنجيل ،وجعله من األنبياء أولي العزم ،واصطفاه لإلمامة ،وأيّده بروح القدس.
النبي عيسى Qحواريّين له ،فكانوا أنصار الله تعالى .وقد حكى القرآن .3ا ّتخذ ّ
قصّ ة سؤالهم إنزال مائدة من السماء.
كل الوسائل لص ّد الناس عن رسالة عيسى ،Qق ّرروا .4بعد ْأن استنفد اليهود ّ
التخ ّلص منه وقتلهّ ،
ولكن الله تعالى أنجاه منهم ،فأخذه من بينهم ،ورفعه إليه.
.5تنازع أتباع عيسى Qفي أمره بعد ْأن رفعه الله تعالى إليه ونجّ اه من مكر
ناف لذلك .وقد تفاقم الخالف بين الموحّ ديناليهود ،بين قائل بصلبه وقتله ،وبين ٍ
من أتباع عيسى Qوالوثن ّيين منهم من بعده في تعاليم اإلنجيل ،إلى ْأن
طغت الوثنية على هذه التعاليم في األجيال الالحقة ،فغلوا في دينهم.
ّ
فكر وأجب
.1ما أبرز المعاجز التي أجراها الله تعالى على يدي نب ّيه عيسىQ؟
النبي عيسى Qإنزال مائدة من السماء. .2تك ّلم عن قصّ ة طلب الحواريّين من ّ
للنبي عيسى ،Qوكيف أنجاه الله تعالى منهم؟
.3ب ّين مؤامرة قتل اليهود ّ
ّ
النبي عيسىQ
299
مطالعة
عن سعد بن عبد الله ،ح ّدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ،عن الحسن بن محبوب،
عن هشام بن سالم ،عن يزيد الكناسي ،قال :قلت ألبي جعفر :Qأكان عيسى حين
تك ّلم في المهد حجّ ة الله ج ّلت عظمته على أهل زمانه؟ قال« :كان يومئذ نب ّياً حجّ ة
على زكريّا في تلك الحال؛ وهو في المهد .وقال :كان في تلك الحال آية للناس ،ورحمة
من الله لمريم Oحين تكلّم وعبّر عنها ،ونب ّياً وحجّ ة على مَنْ سمع كالمه في تلك
الحال ،ثمّ صمت ،فما تكلّم حتّى مضت له سنتان ،وكان زكريّا Qالحجّ ة على الناس
بعد صمت عيسى سنتين .ثمّ مات زكريّا ،فورثه يحيى Qفي الكتاب والحكمة،
وهو صبيّ صغير ،فلمّا بلغ عيسى Qسبع سنين ،تكلّم بالنبوّة حين أوحى الله
تعالى إليه ،وكان عيسى الحجّ ة على يحيى وعلى الناس أجمعين .وليس تبقى األرض
يا أبا خالد يوماً واحداً بغير حجّ ة الله على الناس ،منذ خلق الله آدم .»Qقلت:
علي بن أبي طالب Qحجّ ة من الله ورسوله إلى هذه األمّة في حياة رسول أوكان ّ
الله P؟ قال« :نعم ،وكانت طاعته واجبة على الناس في حياة رسول الله ،Pوبعد
وفاته ،ولكنّه صمت ولم يتكلّم مع النبيّ ،Pوكانت الطاعة لرسول الله Pعلى
أمّته ،وعلى عليّ معهم في حال حياة رسول الله ،Pوكان عليّ حكيماً عالماً»(((.
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
((( انظر :الحميريّ ،ابن هشام ،السيرة النبويّة ،تحقيق وضبط وتعليق محمد محيي الدين عبد الحميد ،ال ط،
القاهرة ،مطبعة المدني؛ مكتبة محمد علي صبيح وأوالده1383 ،هـ.ق1963 /م ،ج ،1ص.1
((( انظر :سورة البقرة ،اآليات ،285 ،151 ،120-119سورة آل عمران ،اآليات ،164 ،145-144سورة النساء ،اآليات ،54 ،42-41
،170 ،166-163 ،80-79سورة المائدة ،اآلية 67؛ سورة األنعام ،اآليات ،164-162 ،90-87 ،52-50سورة األعراف ،اآليات ،93
،200-199 ،188 ،184 ،158-157سورة التوبة ،اآليات ،29-28 ،33سورة الحجر ،اآليات ،99-90 ،88سورة النحل ،اآلية ،89سورة
اإلسراء ،اآليات ،81-73 ،48-47 ،1سورة الكهف ،اآلية ،110سورة طه ،اآليتان ،114-113سورة األنبياء ،اآليات ،109-107 ،35-34
سورة الحج ،اآلية ،78سورة المؤمنون ،اآليات ،96-68سورة الفرقان ،اآليات ،58-56 ،43-41 ،20 ،11-7سورة الشعراء ،اآليات
،220-213 ،3سورة القصص ،اآليات ،88-85سورة العنكبوت ،اآليتان 48-47؛ سورة األحزاب ،اآليات ،48-45 ،40-37 ،33 ،6-1
،58-50سورة سبأ ،اآليات 50-46 ،20؛ سورة فاطر ،اآليات 26-23؛ سورة يس ،اآليات ،11-3سورة ص ،اآليات ،88-86سورة الزمر،
اآليات ،31-30 ،15-11سورة فصّ لت ،اآلية 6؛ سورة الشورى ،اآليات ،53-51 ،24سورة الدخان ،اآلية 58؛ سورة محمّد ،اآلية ،2
سورة الفتح ،اآليات ،29-28 ،10-8 ،3-1سورة الذرايات ،اآليتان 55-54؛ سورة الطور ،اآليات 49-48 ،31-29؛ سورة النجم ،اآليات
،18-1سورة الحديد ،اآليتان ،9-8سورة الطالق ،اآلية ،11سورة التحريم ،اآليات 5-1؛ سورة القلم ،اآليات ،12 ،9-2سورة الحا ّقة،
الجن ،اآليات 23-20؛ سورة المزمّل ،اآليات ،20 ،10-1سورة الم ّد ّثر ،اآليات ،7-1سورة اإلنسان ،اآليات
اآليات 47-38؛ سورة ّ
26 ،24-23؛ سورة التكوير ،اآليات ،25-21سورة الضحى ،اآليات ،11-1سورة الشرح ،اآليات ،8-1سورة الب ّينة ،اآليات ،3-1سورة
النبي محمّد .P الكوثر ،اآليات .3-1وقد أوردنا هذه اآليات في آخر الكتاب ،آيات قصص األنبياء ّ ،R
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 304
ۡ ۡ َ َ ِيم ۡٱلك َِتٰ َٱلل مِن فَ ۡضلِهِۦ َف َق ۡد َءاتَ ۡي َنا ٓ َء َال إبۡ َرٰه َ ع َما ٓ َءاتَى ٰ ُه ُم َّ ُ اس َ َ ٰ
ب َوٱل ِك َمة َو َءات ۡي َنٰ ُهم ِ ۖ
ٱنلَّ َ
َّ َ َ َ َ َ َ ُ ٗ َ َ َ ٰ َّ َ ٗ َ ۡ َ ُّم ۡل ًك َع ِظ ٗ
ٱلر ُسول فق ۡد أ َطاع ف بِٱللِ ش ِهيدا َّ ٧٩من يُ ِطعِ اس رسول ۚ وك يما َ ٥٤وأ ۡر َسل َنٰك ل َِّلن ِ
ّ ٓ َ ُ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ َ َ ٓ َ ٗ َ َّ َ ٓ َ ۡ َ َ َّ َ
ي َۧن وح َوٱنلَّب ِ ِ ك ك َما أ ۡو َح ۡي َنا إ ِ ٰل ن ٖ ٱللۖ َو َمن ت َو ٰل ف َما أ ۡر َسل َنٰك َعل ۡي ِه ۡم َحفِيظا ٨٠إِنا أوحينا إ ِ ۡل
ُ
وب َو ُيون َس ِيس َو َأيُّ َ
اط َوع َ ٰ
ََۡ َ َۡٓ َ َۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ََُۡ َ ۡ َ
وب َوٱل ۡس َب ِ ل إِبرٰهِيم ِإَوسم ٰ ِعيل ِإَوسحٰق ويعق ِم ۢن َب ۡع ِدهۚ ِۦ وأوحينا إ ِ ٰٓ
ٗ َّ َ ُ َ َ ٗ َ َ َ َُٰ َ َ ُ َۡ َٰ َ َ َ ََۡ َ ُ َ
ورا َ ١٦٣و ُر ُسل ق ۡد ق َص ۡص َنٰ ُه ۡم َعل ۡيك مِن ق ۡبل َو ُر ُسل ل ۡم ۥد َز ُب ٗ وهرون وسليمنۚ وءاتينا داو
َ ُ َّ ّ ٗ َ ۡ ُ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َّ َ َّ ُ ُ َ ٰ َ ۡ
اس ين لِ َل يَكون ل َِّلن ِ ين َو ُمنذِر َ
ِ
ِيما ُّ ١٦٤ر ُسل ُّمبَ ِش َ
ِ
كل ٗ نقصصهم عليكۚ وكم ٱلل موس ت
َّ ُ َ ۡ َ ُ َ ٓ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َُ َّٰ يزا َحك ٗ ٱلل َعز ً ٱلر ُسل َو َك َن َّ ُ
ٱللِ ُح َّجُۢة َب ۡع َد ُّ َ َ َّ
ك ِن ٱلل يشهد بِما أنزل إِلك ۖ أنزلۥ ِيما ١٦٥ل ِ ِ ۚ ِ ع
ۡ ُ ٓ
َ ٰٓ ُّ َ َّ ُ َ ۡ َ َ ُ َ ٱللِ َشه ً َ
َ َ ٰٓ ُ َ ۡ َ ُ َ َ َ ٰ َّ َ َ ۡ ۡ
ٱل ّ ِق ٱلر ُسول ب َ
ِ
ك ُم َّ يدا ١٦٦يأيها ٱنلاس قد جاء ِ ِ ون وكف ب بِعِل ِمهِۖۦ وٱلملئِكة يشهد ۚ
ٱلل َعل ً ۡرض َو َك َن َّ ُ َۡ ك ُف ُروا ْ فَإ َّن ِ َّلِ َما ف َّ َ َ َ ۡ َّ ّ ُ ۡ َ َ ُ ْ َ ۡ ٗ َّ ُ
ِيما ت َوٱل ِ ۚ ٱلسمٰو ٰ ِ ِ ِ يا لك ۡ ۚم ِإَون ت فامِنوا خ مِن ربِكم ٔ
َحك ِٗيما﴾(((.
وبالتأمّل في هذه اآليات وغيرها من اآليات التي ورد فيها ِذ ْكر ّ
النبي مح ّمد ،P
يمكن استخالص قصّ ته وفق التفصيل التالي:
محمد Pونشأته
ّ النبي
ّ والدة
النبي مح ّمد Pونشأته إلى حين محطة والدة ّ لم يتع ّرض القرآن الكريم لبيان ّ
إجمالي ،وورد ِذ ْكرها بنحو مفصّ ل في ّ بلوغه أربعين سنة قبل بعثته بالرسالة ّإل بنحو
المصادر الحديث ّية والتاريخ ّية((( ،حيث ذكرت أ ّنه كان يتيم األب ،وهو في الشهرين من
المطلب إلى البادية؛ خوفاً عليه من الك ّفار والمشركين واليهود عمره ،ثمّ أخذه ج ّده عبد ّ
الذين كانوا يتح ّينون والدته الشريفة من التوراة ،ووضعه عند حليمة السعديّة التي
مكة ،فعاش قلي ًال في كنف ج ّده وأمّه آمنة بنت وهب، اعتنت به ،ثمّ أعاده ج ّده إلى ّ
إلى ْأن ُتو ّفيت أمّه وهو بعمر أربع سنوات ،ثمّ تعهّده ج ّده بالرعاية إلى ْأن وافته المن ّية،
النبي مح ّمد Pحينها بعمر ثماني سنوات ،فكفله من بعده ع ّمه أبو طالب: وكان ّ
ََۡ َ ۡ َ َ ٗ َ
ف َاو ٰى﴾((( ،ثمّ ذهب مع ع ّمه أبي طالب في تجارة إلى الشام ،وهو يما َٔ يدك يت ِ
﴿ألم ِ
وتوسم فيه عالمات النب ّوة التي فاطلع الراهب بحيرا عليهّ ، حينها بعمر ثالث عشرة سنةّ ،
النبي Pصدقه لنبي آخر الزمان .عُ ِرف عن ّ كانت معهودة عندهم في كتابهم المق ّدس ّ
وأمانته وفطنته وتدبيره ،فطلبت منه الس ّيدة خديجة بنت خويلد ْأن يتاجر لها بمالها،
ٓ ٗ ََ ۡ
فوافق على ذلكَ ﴿ :و َو َج َد َك َعئِل فأغ َ ٰن﴾((( ،ثمّ تزوّجها وأنجب منها الس ّيدة فاطمة
الزهراء .Oوقد حكى القرآن قصّ ة هبة الله تعالى الس ّيد َة فاطمة لنب ّيه مح ّمد ،P
َّ َ ۡ َ ّ َ ۡ َ َ َّ ٓ َ ۡ
قريش بانقطاع الولد﴿ :إِنا أع َط ۡي َنٰك ٱلك ۡوث َر ١ف َص ِل ل َِر ّبِك َوٱنَ ۡر ٢إِن بعد أن ع ّيرته ٌ
َۡ
َشان َِئ َك ُه َو ٱل ۡب َ ُت﴾((( .وكان مح ّمد Pنب ّياً منذ والدته ،وكان مس ّدداً ومؤيّداً بروح
القدس ،ومك َّلماً من المالئكة ،وقد قرن الله تعالى به -منذ ْأن كان فطيماً -م َلكاً من
النبي P مالئكته ،يتعهّده بالحفظ والرعاية والتربية ،إلى ْأن بعثه بالرسالة(((؛ فكان ّ
وإن لم يكن عالماً بتفاصيلها ،ومتل ّبساً بالعمل بها عالماً وعام ًال بروح شريعة اإلسالمْ ،
َ َ َ َ َ َ َ َ ّٗ َ َ َ ٰ ((( َ َ َ ٰ َ ۡ َ ۡ َ ٓ ۡ َ َ
َ
وحا ّم ِۡن أ ۡم ِرنا ۚ َما
ك ُر ٗ قبل بعثته الشريفة﴿ :ووجدك ضٓال فهدى﴾ ﴿ ،وكذل ِك أوحينا إِل
َ َّ َ ٓ َ َ ۡ َ ٰ ُ ُ ٗ َّ َ ب َو َل ۡ َ نت تَ ۡدري َما ۡٱلك َِتٰ ُ
ُك َ
ورا ن ۡهدِي بِهِۦ َمن نشا ُء م ِۡن ع َِبادِنا ۚ كن جعلنه ن ٱليم ٰ ُن َول ٰ ِ
ِ ِ
َ ۡ ُّ َ َ َّ َ َ ۡ
يم﴾(((.صر ٰ ٖط مستقِ ٖ ِإَونك لَهدِي إ ِ ٰل ِ
ٓ
((( سورة الضحى ،اآلية .6ورد في الرواية المأثورة عن اإلمام الرضاّ Qأن المراد من اآلية« :فرداً ال مثل لك
الطبرسي ،مجمع البيان في تفسير القرآن ،مصدر سابق ،ج،10
ّ في المخلوقين؛ فآوى الناس إليك» ،راجع:الشيخ
ص.384
((( سورة الضحى ،اآلية .8ورد في الرواية المأثورة عن اإلمام الرضاّ Qأن المراد من اآلية« :تعول أقواماً بالعلم؛
الطبرسي ،مجمع البيان في تفسير القرآن ،مصدر سابق ،ج ،10ص.384
ّ فأغناهم بك» ،راجع :الشيخ
((( سورة الكوثر ،اآليات .3-1
((( الشريف الرضي ،نهج البالغة ،مصدر سابق ،ج ،1الخطبة(192القاصعة) ،ص.157
((( سورة الضحى ،اآلية .7ورد في الرواية المأثورة عن اإلمام الرضاّ Qأن المراد من اآلية« :ضا ّلة في قوم ال
الطبرسي ،مجمع البيان في تفسير القرآن ،مصدر سابق ،ج،10
ّ يعرفون فضلك؛ فهداهم إليك» ،راجع :الشيخ
ص.384
((( شورة الشورى ،اآلية .52
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 306
((( تفسير اإلمام العسكريّ ،تحقيق ونشر مدرسة اإلمام المهديّ (عج) ،ط ،1قمّ المق ّدسة ،مطبعة مهر1409 ،هـ.ق،
ص.157-156
األصب.
ّ ((( سورة العلق ،اآليات .5-1والمشهور ّأن يوم مبعثه الشريف كان في السابع والعشرين من شهر رجب
((( سورة األنعام ،اآلية .19
((( سورة البقرة ،اآلية .185
((( سورة الدخان ،اآلية .3
((( سورة القدر ،اآلية .1
((( سورة اإلسراء ،اآلية .106
((( سورة طه ،اآليتان .114-113
((( الشيخ الصدوق ،التوحيد ،مصدر سابق ،ص115؛ ابن شهرآشوب ،محمد بن علي ،مناقب آل أبي طالب،Q
تصحيح وشرح ومقابلة لجمة من أساتذة النجف األشرف ،ال ط ،النجف األشرف ،المطبعة الحيدرية1376 ،هـ.ق/
1956م ،ج ،1ص.41
307 ()1 محمد P
النبي ّ
ّ
َ ُ
ُ ََ
ع ٧ث َّم دنا ى َ ٦و ُه َو ب ِ ۡٱلفُق ۡٱل ۡ َ ٰ ٱس َت َو ٰى ُ ٥ذو م َِّرة فَ ۡ
ٖ ِيد ۡٱل ُق َو ٰ
الحقيقيةَ ﴿ :ع َّل َم ُهۥ َشد ُ
ّ
ِ َ َ َ َ
ُ َ ُ ۡ َ َ َ ٓ َ َ َ َ َ ۡ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ
ح َ ١٠ما كذ َب ٱلفؤاد َما ح إ ِ ٰل ع ۡب ِده ِۦ َما أ ۡو ٰ ن ٩فأ ۡو ٰٓ ي أ ۡو أد ٰ َ َۡ
فتد ٰل ٨فكن قاب قوس ِ
ُ َ َ
َ َ
ِندها ه ١٤عنت َ ٰ ِند س ِۡد َرة ِ ٱل ۡ ُم َى ١٣ع َ ى َ ١٢ولَ َق ۡد َر َءاهُ نَ ۡزلَ ًة أ ۡخ َر ٰ ع َما يَ َر ٰ ى ١١أ َف ُت َم ٰ ُرونَ ُهۥ َ َ ٰ َرأ ٰٓ
َ َ َ َ َّ ُ ۡ ۡ
غ﴾((( ،وتارة متم ّثالً ص َو َما َط َ ٰ اغ ۡٱلَ َ ُ ّ ۡ ََ َ َۡ َ
جنة ٱل َمأوى ١٥إِذ يغش ٱلسِدرة ما يغش ١٦ما ز
ٰ ۡ َۡ َ ٰٓ َ
بصورة رجل((( ،أو عبر الرؤية الصادقة في المنام ،كما في رؤيته Pفي منامه أ ّنه رجع
َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ٓ ُّ َ َ ٰ َ َ ُ َّ ّ ٓ َ ۡ َ َّ َّ
ب أعل ُم َمن إلى مكة قاصدا الحجّ ﴿ :إِن ٱلِي فرض عليك ٱلقرءان لرادك إِل معادٖ ۚ قل ر ِ
ً ّ
ني﴾(((. ِ بم ِ َجا ٓ َء بِٱل ۡ ُه َد ٰ
ى َو َم ۡن ُه َو ف َض َلٰل ُّ
ٖ ٖ
محمد P
ّ النبي
ّ معاجز
أجرى الله تعالى على ي َدي نب ّيه Pجملة من المعاجز ،أبرزها القرآن الكريم الذي
والجن على ْأن يأتوه بمثله ،وتدرّج معهم في التح ّدي إلى اإلتيان ّ العرب واإلنس َ تح ّدى به
بحديث من مثل القرآن ،ثمّ أخبرهم بعدم قدرتهم على إتيانهم بذلك اآلن وال في مستقبل
األيام ،وعن عجزهم أمامه ،وعن سبب عجزهم الكامن في حقيقة القرآن ،وعن أ ّنه من علم
ۡ َ َ َ ۡ ُ َ ۡ ُّ َ َ ٰٓ َ َ ۡ ُ ْ ۡ َ ٰ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ ۡ ُ َّ
ان ل يَأتون ب ِ ِمثلِهِۦ ٱلن ع أن يأتوا ب ِ ِمث ِل ۡهذا ٱلقرء ِ ٱلنس و ِ ِ ت الله تعالى﴿ :قل لئ ِ ِن ٱجتمع ِ
ۡ ْ َ ٗ ((( َ ۡ َ ُ ُ َ ۡ َ َ ٰ ُ ُ ۡ َ ُ ْ ُ َ ۡ ُ َ َ َ
ورة ٖ ّمِثلِهِۦ َوٱد ُعوا َم ِن َول ۡو كن َب ۡعض ُه ۡم لِ َ ۡع ٖض ظ ِهريا﴾ ﴿ ،أم يقولون ٱفتىهۖ قل فأتوا بِس
ۡ ُ ُ ۡ َ ٰ َ ((( َ ۡ َ ُ ُ َ ۡ
ۡ
ش ُس َورٖ ّمِثلِهِۦ تى ٰ ُهۖ قُ ۡل فَأتُوا ْ ب َع ِ ۡ
ٱف َ َ ون ٱللِ إِن كنتم ص ِدقِني﴾ ﴿ ،أم يقولون
َّ ََۡ ُۡ ّ ُ
ِ ٱستطعتم مِن د ِ
َّ َۡ ُ ُ َ ََ ُ ٱللِ إن ُك ُ
نت ۡم َص ٰ ِدق َ َّ ُ ۡ َ َ َٰ َ ۡ ُ ْ َ ۡ َ َ ۡ ُ ّ ُ
ِني﴾(((﴿ ،أم َيقولون تق َّو َل ۚۥ بَل ل ِ ون
ت وٱدع ۡوا م ِن ٱستطعتم مِن د ِ مفتي ٖ
َ ۡ ّ َّ َ َّ َ ۡ ٰ ََ ُۡ ُ َ َ ْ ُ َ ۡ ّ َ ُ َ ْ ۡ َ ُۡ ُ َ
ب مِما نزلا ع ف ري ٖ ِيث مِثلِهِۦٓ إِن كنوا ص ٰ ِدقِني﴾(((ِ﴿ ،إَون كنتم ِ يؤمِنون ٣٣فليأتوا ِبد ٖ
َ َّ ٱللِ إن ُك ُ
نت ۡم َص ٰ ِدق َ َّ َ ۡ ُ ْ ُ َ ََٓ ُ ّ ُ َ ۡ َ َُۡ ْ ُ َ ّ ّ ۡ
ِني ٢٣فإِن ل ۡم ِ ون
عبدِنا فأتوا بِسورة ٖ مِن مِثلِهِۦ وٱدعوا شهداءكم مِن د ِ
ۡ َ ُ
ارةُ ۖ أع َِّد ۡت ل ِلك ٰ ِفر َ ۡ
اس َوٱل َِج َ َُ ُ
ود َها ٱنلَّ ُ َّ َّ
ٱت ُقوا ٱنلَّ َ ْ َۡ ُ ْ َ ُ ْ َ
َۡ
ين﴾(((. ِ ار ٱل ِت وق تف َعلوا َولن تف َعلوا ف
شق القمر ،حيث اشترط ومن المعاجز األخرى التي ذكرها القرآن الكريم له ّ :P
يشق لهم القمر نصفين ح ّتى يؤمنوا له ،ول ّما فعل ذلك ،أعرضوا عليه مشركو قريش أن ّ
ََ ْۡ َ َٗ ُ ۡ ُ ْ َ َُ ُ ْ َ ۡ َّ َ ُ َ ۡ
ٱق َ َ
اعة َوٱنش َّق ٱلق َم ُر ِ ١إَون يروا ءاية يع ِرضوا ويقولوا ت ٱلس ت َب ِ عنه ،وا ّتهموه بالسحر﴿ :
س ِۡح ٞر ُّم ۡس َت ِم ّ ٞر﴾((( .واإلسراء والمعراج ،حيث أسرى الله تعالى برسوله Pبجسده وروحه
ل ٗل ّم َِن ٱل ۡ َم ۡ ُ ۡ َ َ َّ ٓ َ
ج ِد س ى ب َع ۡب ِده ِۦ َ ۡ
ٰ ِي أ ۡ َ
س من المسجد الحرام إلى المسجد األقصى﴿ :سبحٰن ٱل
ِ ِ
ۡ َ ۡ َ َّ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َ ٓ َّ ُ ُ َ َّ ُ ۡ َۡ
ٱل َر ِام إ َل ٱل ۡ َم ۡ
يع ٱلَ ِص ُري﴾(((، ِنيهۥ مِن ءايٰتِنا ۚ إِنهۥ هو ٱلس ِم ِ ل ۥل و ح ان ك رٰ ب ِي ٱل اص ق ٱل د
ِ ج
ِ س ِ
َ َ َ ۡ َّ َ
ثمّ عرج به إلى السماء؛ ليشاهد من آيات العظمة اإلله ّية في الوجود﴿ :وٱنلج ِم إِذا هو ٰ
ى
وح ٤ ح يُ َ ٰ ى ٣إ ِ ۡن ُه َو إ ِ َّل َو ۡ ٞ ى َ ٢و َما يَن ِط ُق َعن ٱل ۡ َه َو ٰٓ ك ۡم َو َما َغ َو ٰ َ َ َّ َ ُ ُ
١ما ضل صاحِب
َ ُ ِ
ُ َ َ َ َّ ۡ ۡ
ََ َ
ع ٧ث َّم دنا ف َت َد ٰل ٨فكن ى َ ٦و ُه َو بِٱلفُق ٱل ۡ َ ٰ ى ُ ٥ذو م َِّرة فَ ۡ
ٱس َت َو ٰ ٖ ِيد ۡٱل ُق َو َٰع َّل َم ُهۥ َشد ُ
ِ
َ ََ َ َ َ َ َ ُۡ َ ُ َ ََۡ َ َ
ح إ ِ ٰل َع ۡب ِده ِۦ َما ٓ أ ۡو َ ٰ
َ َ ََۡ ۡ َ َ
ي أ ۡو أ ۡد َ ٰ
ى ١١أف ُت َم ٰ ُرون ُهۥ اد َما َرأ ٰٓ ح ١٠ما كذب ٱلفؤ ن ٩فأو ٰٓ قاب قوس ِ
َ َ َ َّ ُ ۡ ۡ ُ
ه ١٤عِندها جنة ٱل َمأ َو ٰٓ
ى نت َ ٰ
ۡ
ِند س ِۡد َرة ِ ٱل ُم َ ى ١٣ع َ َ َ
ى َ ١٢ول َق ۡد َر َءاهُ نَ ۡزل ًة أ ۡخ َر ٰ ع َما يَ َر ٰ َ َٰ
ََ ۡ ََ ٰ ۡ َ َ ص َو َما َط َ ٰ اغ ۡٱلَ َ ُ َ َ َ ١٥إ ۡذ َي ۡغ َش ّ
ٱلس ِۡد َرةَ َما َي ۡغ َ ٰ
ت َر ّبِهِ ٰ
غ ١٧لقد رأى مِن ء ِ
اي ش ١٦ما ز ِ
شككوا بدعوة رسول الله Pوتعاليم ۡٱل ُك َب ٰٓى﴾((( .ومباهلة نصارى أهل نجران الذين ّ ۡ
O دينه ،فدعاهم إلى المباهلة ،وأحضر معه اإلمام عل ّياً Qوالس ّيدة الزهراء
والحسن والحسين ،Lول ّما وجد النصارى ّأن العذاب مُح ِدق بهم فيما لو باهلوهم،
ٓ َ َ
النبي ﴿ :Pف َم ۡن َحا َّجك
أعرضوا عن ذلك ،و َق ِبلوا بحكم أهل الذمّة الذي أنزلهم عليه ّ
ٓ ُ ٓ َ ۡ ۡ َُۡ َ َ ْ َ ُ َ ٓ َ َ ٓ ُ ٓ
فِيهِ ِم ۢن َب ۡع ِد َما َجا َء َك م َِن ٱلعِل ِم فقل ت َعال ۡوا ن ۡدع أ ۡب َنا َءنا َوأ ۡب َنا َءك ۡم َون َِسا َءنا َون َِسا َءك ۡم
َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ ُ ۡ ُ َّ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ َ َّ َ َ ۡ َ
النبي P ٱللِ ع ٱلكٰذِب ِ َني﴾((( .وإخبار ّ وأنفسنا وأنفسكم ثم نبت ِهل فنجعل لعنت
َ ٓ
َ ۡ َ ِ َۡ ُ َ ۡ َ ۡ ٓ َ ۡ
لك ۖ ب نوحِيها إ ِعن الغيب من قصص األنبياء Rواألمم الغابرة﴿ :ت ِلك مِن أۢنباء ٱلغي ِ
((( سورة البقرة ،اآليتان .24-23
((( سورة القمر ،اآليتان .2-1
((( سورة اإلسراء ،اآلية .1
((( سورة النجم ،اآليات .18-1
((( سورة آل عمران ،اآلية .61
309 ()1 محمد P
النبي ّ
ّ
َ َ ب إ َّن ۡٱل َعٰق َب َة ل ِۡل ُم َّتق َ ٱص ۡ ك مِن َق ۡبل َهٰ َذا فَ ۡ َ ُ َ َََُۡٓ َ َ ََ َُۡ َ
ني﴾(((﴿ ،ذٰل ِك م ِۡن ِ ِ ِِۖ ۖ ِ ما كنت تعلمها أنت ول قوم
ك ُف ُل َم ۡر َي َم َو َما ُك َ َ َ
َ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ ۡ ۡ ۡ ُ ۡ ُ َ ۡ َ ٰ َ ُ ۡ ُّ ُ ۡ َ ۡ َ َٓ َۡۡ ُ
نت ب نوحِيهِ إِلكۚ وما كنت لي ِهم إِذ يلقون أقلمهم أيهم ي أۢنباءِ ٱلغي ِ
َّ َ ۡ َ َ َ ُ َّ َ ُ ُ َ ُّ ۡ َ َ ۡ ّ َ َ ۡ ُ َُّ َ ۡ َۡ َ
َليۡ ِه ۡم إِذ ي َت ِص ُمون﴾((( ،وحوادث المستقبل﴿ :لقد صدق ٱلل رسول ٱلرءيا بِٱل ِقۖ لدخلن
َ َ ٓ َ َّ ُ َ َ ُ َ ّ َ ُ ُ َ ُ ۡ َ ُ َ ّ َ َ َ َ ُ َ َ
ين ل تافونۖ ف َعل َِم َما ل ۡم ٱل ۡ َم ۡسج َد ۡ َ َ
ص ِ ٱل َرام إِن شاء ٱلل ءا ِمن ِني ملِقِني رءوسكم ومق ِ ِ
ۡ َ َ ٓ ُ َ َ َ َ َ ْ
َت ۡعلَ ُموا ف َ
ُ
ۡرض َوهم ّ ِم ۢن َب ۡع ِد ن ٱل ِ ف أ ۡد َ
ت ٱلروم ِ ٢
ُّ ُ
يبا﴾(((﴿ ،غل َِب ِ ج َعل مِن ُدون ذٰل َِك ف ۡت ٗحا قر ً
ِ
َ َّ ۡ َ ِ
َ ۡ ۡ ۡ َ ُ ۡ ۡ َ ََ
ني ۗ ِلِ ٱل ۡم ُر مِن ق ۡبل َو ِم ۢن َب ۡع ُ ۚد َو َي ۡو َمئ ِ ٖذ َيف َر ُح ٱل ُمؤم ُِنون ٤ غلب ِ ِه ۡم َس َيغل ُِبون ِ ٣ف بِضعِ ِسن ِ
ٱلرح ُ
ِيم﴾(((. يز َّنص َمن ي َ َشا ٓ ُء ۖ َو ُه َو ۡٱل َعز ُ َ ۡ َّ
ٱللِۚ يَ ُ ُ ص
ِ بِن ِ
ويوجد معاجز أخرى له Pلم يذكرها القرآن صريحاً ،وأشار إلى وقوعها وإنكار الكافرين
َّ ْ َُّ ون َ ١٤وقَال ُ ٓوا ْ إ ۡن َهٰ َذا ٓ إ َّل س ۡ
ِح ٞر ُّمب ٌ َ ََْۡ َ َٗ َۡ َ ۡ ُ َ
ني﴾(((ِ﴿ ،إَون يَ َر ۡوا ك َءايَ ٖة ل ِ ِ ِ خرلهاِ﴿ :إَوذا رأوا ءاية يستس ِ
َ
ُ َّ َ ۡ ٗ َ َ ُ ْ َ ۡ َ َ ٰ ۡ َ َ ُ ٓ ْ َّ َّ َ ُ ٓ ٞ َ َ ۡ ْ
ٱلر ُسول َح ّق َو َجا َءه ُم يُؤم ُِنوا ب ِ َهاۖ﴾(((﴿ ،ك ۡيف َي ۡهدِي ٱلل قوما كفروا بعد إِيمن ِ ِهم وش ِهدوا أن
ۡ َ ۡ َ َّ ۡ َ ّ َ ُ َ َّ ُ َ
ٱلظٰلِ ِم َني﴾((( ،وقد ب ّينتها الروايات المأثورة بنحو صريح(((. ٱلل ل َي ۡهدِي ٱلقوم توٱليِنٰ ۚ
محمد P
ّ النبي
ّ صفات
النبي مح ّمداً Pبجملة من الصفات ،منها :البشير والنذير: وصف القرآن الكريم ّ
ّ َ ۡ ُ ۡ ُ َ (ٓ َ َ ((1 َ َ ٞ َ َّ ۠ َ
ۡ َ ٗ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٰ َ ۡ َ ّ َ ٗ َ َ
﴿إِنا أرسلنك بِٱل ِق بشِ ريا ونذِيراۖ﴾ ﴿ ،إِن أنا إِل نذِير وبشِ ري ٞل ِقو ٖم يؤمِنون﴾ ﴿ ،وما
(((
َّ ۡ َ َ شا َونَذ ِٗيرا﴾( ،((1والسراج المنير لطريق ّ َۡ َ َۡ َ
ك إ َّل ُمبَ ّ ِ ٗ
الحقَ ﴿ :وداع ًِيا إِل ِ
ٱلل بِإِذنِهِۦ أرسلنٰ ِ
ٞ ٓ ُ ََ
﴿لق ۡد َجا َءك ۡم َر ُسول س ٗاجا ُّمن ِٗريا﴾((( ،والغيور والحريص على الناس ومصالحهم:
َو ِ َ
ۡ َ ُ َ َ
كم بِٱل ُم ۡؤ ِمن َِني﴾((( ،والرؤوف والرحيم: ُ ۡ َ ٌ َ ۡ َ َ ُّ ۡ َ ٌ َ ۡ ُ
ّم ِۡن أنفسِكم ع ِزيز عليهِ ما عن ِتم ح ِريص علي
َّ ۡ ٱخف ۡض َج َن َ َُ ٞ
ٱل َ
ين ّي(((ِ ﴿ : اح َك ل ِل ُم ۡؤ ِمن َِني﴾((( ،واألم ّ ۡ
ِيم﴾((( ،والمتواضعَ ﴿ :و ِ
ُ
وف َّرح ٞ ﴿رء
َ ُ َ
َّ َ َ ٰ َ ُ ۡ
ب ٱل ِّ َّ َ َ َّ ُ َ
يم﴾(((، ل خل ٍق ع ِظ ٖ الخ ُلق العظيمِ﴿ :إَونك لع م﴾((( ،وصاحب ُ ٱلر ُسول ٱنلَّ َّون َّ يتبِع
ِ
َ َٰ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ ٓ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َُُ َ َ ُ َّ
يم﴾((( ،والعادل﴿ :فل ِذل ِك فٱدع ۖ وٱست ِقم كما أمِرت ۖ ول والكريم﴿ :إِنهۥ لقول رسو ٖل ك ِر ٖ
َ ٰ َ ُ ۡ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ُ َّ ُ ُّ َ ُّ ُ َ َّ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ َ ُ َ ٓ َ َ َ َّ ُ
ٱلل َربنا َو َربك ۡمۖ ب وأمِرت ِلعدِل بينكمۖ تتبِع أهواءهمۖ وقل ءامنت بِما أنزل ٱلل مِن كِت ٖ ۖ
ُ ((( َ َ َ ٓ َ ۡ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ ُ َّ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُ َّ ُ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ ۡ
لا أعمٰلنا ولكم أعمٰلكمۖ ل حجة بيننا وبينكمۖ ٱلل يمع بينناۖ ِإَولهِ ٱلم ِصري﴾ .
محمد Pومنزلته عند الله تعالى
ّ النبي
ّ مقام
ٱلل ﴿إ َّن َما يُر ُ
يد َّ ُ النبي مح ّم ٍد ،Pفع ّده من المطهَّرين:
ِ ِ على ّ َ
أثنى القرآن الكريم
َ ُ ۡ َ ۡ ُۡ َ َ ُ ُ ّ
ٱلر ۡج َس أهل ٱلَ ۡي ِت َو ُي َط ِه َرك ۡم تط ِه ٗريا﴾( ،((1ومن المجت َبين والهداة
ۡ ّ
ِلذهِب عنكم ِ
َ َ ۡ َ َ ٓ ۡ َ ُ ّ َّ ٰ ۡ ۡ
ٱج َتبَ ۡي َنٰ ُه ۡم َوه َديۡ َنٰ ُه ۡم
ِإَوخ َوٰنِه ۡم َو ۡ
ِ ۖ المهديِّين إلى صراط مستقيم﴿ :ومِن ءابائ ِ ِهم وذرِيت ِ ِهم
ٱلل َو ُكونُوا ْ َمعَ ين َء َام ُنوا ْ َّٱت ُقوا ْ َ َّ َ ٰٓ َ ُّ َ َّ
ٱل َ ُّ ۡ َ إ َ ٰل ِ َ
يم﴾( ،((1ومن الصادقين﴿ :يأيها ِ صر ٰ ٖط مستقِ ٖ ِ
ٗ َّ َ ٓ ُ ٗ ُ َ َّ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َّ
ي لك َومِن ذ ّرِ َّيت ِ َنا أ َّمة ُّم ۡسل َِمة لك ٱلص ٰ ِدقِني﴾((( ،ومن المسلمين﴿ َ :ربنا وٱجعلنا مسل ِم ِ
َ
ۡ َُ ٗ ُّۡ ۡ َُۡ ْ َ َّ َ َ ۡ َ ۡ ُ َّ ُ َّ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ٓ َّ َ
وأرِنا مناسِكنا وتب علينا ۖ إِنك أنت ٱتلواب ٱلرحِيم ١٢٨ربنا وٱبعث فِي ِهم رسول مِنهم يتلوا
َ
ِيم﴾(((َ ﴿ ،ج َعل ٱلك ُ يز ۡ َ نت ۡٱل َعز ُ ك أَ َ َ َ ۡ ۡ َ َ ٰ َ َ ُ َ ّ ُ ُ ُ ۡ َ ٰ َ َ ۡ ۡ َ َ َ ُ َ ّ ۡ َّ َ
علي ِهم ءايتِك ويعل ِمهم ٱلكِتب وٱل ِكمة ويزك ِي ِهمۖ إِن
ِ
َ ۡ َ َ ّ َّ َ َ ُ ۡ ۡ َ َ ُ َ َ َّ ٰ ُ ۡ َ َۡ ُ ۡ
ك ُم ٱل ُم ۡسل ِ ِم َني مِن ق ۡب ُل﴾((( ،ومن ِيم هو سمى ج مِلة أبِيكم إِبرٰه ۚ ِين مِن حر ٖ ۚ
ّ
عليكم ِف ٱدل ِ
َّ ُ َّ َ َّ َ ۡ َ ٰ َ َ ُ َ َ َ َ َّ َّ َّ
ٱلصٰل ِ ِح َني﴾(((، الصالحين في الدنيا واآلخرة﴿ :إِن َوَيِّۧـِل ٱلل ٱلِي نزل ٱلكِتبۖ وهو يتول
ُ ٗ َ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ ٱدلِين َما َو َّ ٰ كم ّم َِن ّ َ َ َ َ ُ
ص بِهِۦ نوحا وٱلِي أوحينا إِلك ِ ومن األنبياء أولي العزم﴿ :شع ل
ْ ُ َ َ َ ْ َ ۡ َ ِيم َو ُم َ ٰ َ َ َو َما َو َّص ۡي َنا بهِۦٓ إبۡ َرٰه َ
ِين َول ت َتف َّرقوا فِي ۚهِ﴾((( ،ومن الذين ٱدل َِيموا ّ ِيس أن أق ُ
وس وع ٰٓ ۖ ِ ِ
ۡ َ َ
ه َۧم ل إِب َر ٰ ِ اختصّ هم الله تعالى بمقام اإلمامة من ذريّة إبراهيم الخليل ِ﴿ :Qإَوذِ ۡٱبت ٰٓ
ُ َ َ َ َ ُ َ ٗ َ َ ُ َ َ َ ّ َ َٰ ََ َ
اماۖ قال َومِن ذ ّرِ َّي ِتۖ قال ل َي َنال ع ۡهدِي اس إِم ت فأت َّم ُه َّنۖ قال إ ِ ِن َجاعِلك ل َِّلن ِ ربهۥ بِكل ِم ٖ
َ ُّ ُ
يۧنَ ۡ َ َ ۡ َ َ َّ ّ ٱلظٰلِم َ َّ
ني﴾((( ،ومن المأخوذ منه وله الميثاق من األنبياء ِ﴿ :Rإَوذ أخذنا مِن ٱنلب ِ ِ ِ
َۡ َ َ ُ َ ٰ َ َ ۡ َ َۡ َ ََ َ َۡ ُۡ ّ َ َ ٗ ُّ ََٰ ُ ۡ َ َ
ِيثٰ ًقا غل ِيظا﴾(((، وح ِإَوبرٰهِيم وموس وعِيس ٱب ِن مريمۖ وأخذنا مِنهم م ِنك َومِن ن ٖ مِيثقهم وم
ٞ ٞ ٓ ُ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ َّ ُ َ ٰ َ َّ ّ َ َ َ ٓ َ َ ۡ ُ ُ
ب َوحِك َمةٖ ث َّم َجا َءك ۡم َر ُسول ُّم َص ّدِق َ ٖ ٰ ِت ك ِن كم ّ
م يۧن لما ءاتيت ﴿ِإَوذ أخذ ٱلل مِيثق ٱنلب ِ ِ
َ ُْٓ ََۡ ۡ َ َ َ ِك ۡم إ ۡ َ
َ َ َ ُ ُ َّ ُ َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ َ ٰ َ ٰ ُ َ َ ك ۡم َلُ ۡؤم ُ َّ َّ َ َ ُ
صيۖ قالوا أقررنا ۚ قال ِ ِ ل ذ ع م ت ذ خ أو م ت ر ر ق أ ء ال ق ۥۚ ه ن نص ل و ِۦ ه ِ ب ِن ل ِما مع
َ ۡ َ ُ َ َ َ َ ُ ّ َ َّ ۠ َ ْ
ٱلشهد َ
ِين﴾((( ،والشهيد على جميع األنبياء والرسل واألوصياء فٱشهدوا وأنا معكم مِن ٰ ِ
ُّ ُ ك ۡي َف إ َذا ۡ َ َ َ
ك أ َّم ِۢة جئنا مِن ِ ِ ِ (له) ،وعلى أقوامهم﴿ :ف
َ َ
ْ ُّ ْ َ َ
ِين َء َام ُنوا َصلوا عل ۡيهِ يأ ُّي َها َّٱل َ
بۚ ٰٓ ٱلل َو َم َ ٰٓ َ َ ُ ُ َ ُّ َ َ َ َّ ّوعباده عليه﴿ :إ َّن َّ َ
لئِكتهۥ يصلون ع ٱنل ِ ِ ِ
ّ ْ َ
َو َسل ُِموا ت ۡسل ًِيما﴾(((.
خصائص القرآن الكريم ورسالته
يشتمل القرآن الكريم ورسالته على جملة من الخصائص ،منها:
َّ ٓ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ ٰ َ َ ُ ٗ
ِيها هدى هيمنة القرآن ورسالته على الشرائع اإلله ّية السابقة﴿ :إِنا أنزلا ٱتلورىة ف
َ ُ ْ ُ ۡ ُ ۡ َ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ ُّ َّ َّ َ ْ ُ َ َ َّ ْ ُ َ ۡ َ َ َّ َ ُّ َّ َ ُ ُ ۡ َ ٞ
ونور ۚ يكم بِها ٱنلبِيون ٱلِين أسلموا ل ِلِين هادوا وٱلربٰن ِيون وٱلحبار بِما ٱستحفِظوا مِن
ي يس ٱبۡن َم ۡر َي َم ُم َص ّد ِٗقا ل ّ َِما َب ۡ َ ع َء َاثٰرهِم بع َ
ِ ِِ ٱللِ َو َكنُوا ْ َعلَ ۡيهِ ُش َه َدا ٓ َء ۚ َ ٤٤و َق َّف ۡي َنا َ َ ٰٓ
َّ
ب
َ
كِتٰ ِ
ِ
ُٗ ي يَ َديۡهِ م َِن َّيل فِيهِ ُه ٗدى َونُورَ ٞو ُم َص ّد ِٗقا ل ّ َِما َب ۡ َ َ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ
ٱتل ۡو َرىٰةِ َوهدى جن
ٱل ِ يديهِ مِن ٱتلورىةِۖ وءاتينٰه ِ
ي يَ َديۡهِ م َِن ۡٱلك َِتٰب َو ُم َه ۡيمناً ٱل ّق ُم َص ّد ِٗقا ل ّ َِما َب ۡ َ
َ ََ ََۡٓ َۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ٗ ّ ۡ ُ َّ َ
ِ ِ وموعِظة ل ِلمتقِني ٤٦وأنزلا إِلك ٱلكِتٰب ب ِ ِ
َ
َعل ۡيهِۖ﴾((( ،وكون القرآن الكريم أقوم الهدايات المطروحة للبشريّة ،ومنهج حياة ط ّيبة
((( سورة النساء ،اآلية .41
((( سورة النحل ،اآلية .89
((( سورة الحج ،اآلية .78
المجلسيّ ،
العلمة محمّد باقر ،بحار األنوار ،تحقيق يحيى العابدي الزنجاني ،ط ،2بيروت ،مؤسّ سة الوفاء، ّ (((
1403هـ.ق1983 /م ،ج ،8ص.49-48
((( سورة اإلسراء ،اآليتان .79-78
((( سورة األحزاب ،اآلية .56
((( سورة المائدة ،اآليات .48 ،46 ،44
313 ()1 محمد P
النبي ّ
ّ
َّ َ ۡ َّ َّ َ َ َ ُ ْ ّ
ۡ َٰ ُ ۢ َۡ
ِ ب َعز ٞ ٱذل ِۡكر ل َ َّما َجا ٓ َء ُه ۡمۖ ِإَونَّ ُهۥ لَك َِتٰ ٌ
ي ِ ب ن م ل ط
ِ ب ٱل ِ ه ِي ت يز ٤١ل يأ ِ ِ ﴿إِن ٱلِين كفروا ب ِ
َ َ يَ َديۡهِ َو َل م ِۡن َخ ۡلفهِۦ تَ َ ۡ ّ ٞ
ۡ ُ َ َ ٗ ُ ُ َّ
ب ش َه ٰ َدة ۖ ق ِل ٱلل ش ٍء أك ِيم َحِي ٖد﴾(((﴿ ،قُ ۡل أ ُّي ۡ َ زنيل مِن حك ٍ ِۖ ِ
َ َ َ َ ۡ َّ َ ۡ َ ۖ َ
ََ ۢ َ َ ُ ُ
ان ِلنذ َ َ ُ ۢ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ َّ َ ٰ َ ُ ۡ َ ُ
ۡ َ
غَ ِ ت ب أ ٱلل
ِ ي غف أ ﴿ ، (((
﴾ ۚ غ ل ب ن م و ِۦ ه ِ ب م ك ِر وح إِل هذا ٱلقرء ش ِهيد بي ِن وبينك ۚم وأ ِ
ون أنَّهۥُ َ
َٰ َ َ ۡ ُ َ ۡ ُ ُ ٰ َ ۡ َ َ َ َ َّ ٗ َّ َٰ َ ُ َ ۡ ُ َ َ ٗ َ ُ َ َّ ٓ َ َ َ ۡ ُ
َ
حكما وهو ٱلِي أنزل إِلكم ٱلكِتب مفصل ۚ وٱلِين ءاتينهم ٱلكِتب يعلم
ۡ ٗ َ َ ۡ ٗ َّ َ َ َّ ۡ َ َ ُ ّ َ ون َّن م َِن ٱل ۡ ُم ۡم َت َ َۡ ّ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َّ ٞ
صدقا وعدل ۚ ل ت َربِك ِ ين ١١٤وتمت ك ِم ِ نل ّمِن َّر ّبِك بِٱل ِقۖ فل تك م
َّ َّ َ ُ َ َّ َ ۡ ّ ۡ ۡ يع ۡٱل َعل ُ ُم َب ّد َِل ل َِك َِمٰتِهِۦ َو ُه َو َّ
ٱلس ِم ُ
ٱذلك َر ِإَونا ِيم﴾((( ،وصيانته عن التحريف﴿ :إِنا نن نزلا ِ ۚ
َ ۡ ََۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َّ َ ۡ َ َ َّ ُ َ َُ َ َ ُ َ
حٰفِظون﴾(((ِ ﴿ ،إَونهۥ لكِتٰب ع ِزيز ٤١ل يأتِيهِ ٱلبٰ ِطل ِم ۢن ب ِي يديهِ ول مِن خلفِهِۖۦ ٞ ٌ لۥ ل
ٞ
ِيم َحِي ٖد﴾(((. ّ ۡ َ
تزنِيل مِن حك ٍ
َ
المكرمة
ّ التبليغية في ّ
مكة ّ محمد P
ّ النبي
ّ سيرة
كان أوّل من أسلم للنبي Pمن النساء زوجته خديجة ،Oومن الرجال ابن
علي بن أبي طالب((( .Qوقد أمر الله تعالى نب ّيه Pبالصدع بالرسالة ع ّمه ّ
ُ ۡ ۡ َ
َ ُۡ َُ َ ۡ ۡ َ ۡ ۡ َ َ
شك َِني﴾(((،
وإظهارها للعلن والقيام بتبليغها﴿ :فٱصدع بِما تؤمر وأعرِض ع ِن ٱلم ِ
ِيل ٣أَ ۡو ز ۡد َعلَيهِۡ ُۡ َ ً ۡ ّ ۡ َ ُٓ َ ُ ُ َّ ۡ َ َّ َ ٗ َ ٰٓ َ ُّ َ ۡ ُ َّ ّ ُ
ِ ﴿يأيها ٱلمزمِل ١ق ِم ٱلل إِل قل ِيل ٢ن ِصفهۥ أوِ ٱنقص مِنه قل
َ َّ َ َۡ َ َۡٗ َ ً َّ ُ ۡ ّ ُۡ َ َ ً
طا
ٗ َ َ
ه أش ُّد َو ۡ ٔ يل ٥إ ِ َّن نَاش َِئ َة ۡ
ٱل ِل ِ َو َرت ِِل ٱلق ۡر َءان ت ۡرتِيل ٤إِنا َسنل ِق عليك قول ثقِ
َ ۡ ُ ۡ َ َ ّ َ َ َ َ َّ ۡ َ ۡ َ ۡ ٗ َّ َ َ ۡ ٗ َ ٗ َّ َ َ َََُۡ ً
وأقوم قِيل ٦إِن لك ِف ٱنلهارِ سبحا طوِيل ٧وٱذكرِ ٱسم ربِك وتبتل إِلهِ تبتِيل ٨
َ ۡ ۡ َ َٰ َ َ ُ ُ َ َ ۡ ُ ُ ٗ َ ٓ َ َّ ُ َ َّ ۡ َ َۡ ۡ َّ ُّ ۡ َ ۡ
ج ۡره ۡم ب ل إِل ٰ َه إِل ه َو فٱتِذهُ َوك ِيل ٩وٱص ِب ع ما يقولون وٱه ش ِق وٱلمغرِ ِ رب ٱلم ِ
ۡ ّ َ َ ً ۡ َ َۡ َ ُۡ َ ّ َ ُ َ ۡٗ َ ٗ
ُ
يأ ُّي َها ٱل ُم َّدث ُِر ١ق ۡم ني أ ْو ِل ٱنلَّ ۡع َمةِ َو َم ّ ِهل ُه ۡم قَل ِيل﴾(((ٰٓ ﴿ ، هجرا جِيل ١٠وذر ِن وٱلمك ِذب ِ
ث٦
ََ َُۡ َۡ َ ۡ
ك ُِ ج ۡر ٥ول تمن تست ٱه ُ َ ُّ ۡ َ َ ۡ َ َ
ب َ ٣وث َِيابَك ف َط ّ ِه ۡر ٤وٱلرجز ف كّۡ َ َ َّ َ َ َ
ف ك ب ر و ٢ فَأَنذ ۡ
ِر
ِ
ٱص ِ ۡب﴾((( ،واالبتداء بعشيرته األقربين في العام الثالث لبعثته الشريفة: ك فَ ۡ َ َّ َ
ول ِرب ِ
َ ۡ ك م َِن ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ َّ َ َ َ َ ۡ ۡ ََ َ َ َ
ك ۡٱل ۡق َرب َ ََ ۡ َ ََ َ
ِني ٢١٥فإِن احك ل َِم ِن ٱتبع ني ٢١٤وٱخ ِفض جن ِ ﴿وأنذِر عشِ ريت
ََ ٰ َ َّ ع ۡٱل َعزيز َّ َ َ َ َّ ۡ َ َ َ ُ َ َع َص ۡو َك َف ُق ۡل إ ّن بَر ٓ
ِنيكح َ ٱلرحِي ِم ٢١٧ٱلِي يرى ِ ِ يءّ ٞم َِّما ت ۡع َملون ٢١٦وتوك ِِ ِ
يع ٱل َعل ُِيم﴾((( ،ثمّ بأهل ّ ۡ َّ
ِين ٢١٩إن ُهۥ ُه َو َّ
ٱلس ِم ُ ٱلسجد َ َّ َ َ َ ُّ َ َ َُ ُ
مكة وما حولها: ِ تقوم ٢١٨وتقلبك ِف ٰ ِ
ٱل ۡمعِ َل َر ۡي َ ى َو َم ۡن َح ۡول َ َها َوتُنذ َِر يَ ۡو َم ۡ َ
ُ
ك قُ ۡر َءانًا َع َرب ّٗيا ّ ِلُنذ َِر أ َّم ۡٱل ُق َر ٰ َ َ َٰ َ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ
ب ِ ﴿وكذل ِك أوحينا إِل
ۡ َ َ ٓ ۡ َ َّ َ َ ٞ َ ٞ
ري﴾((( ،ثمّ بتبليغ العالمين وإنذارهمَ ﴿ :و َما أ ۡر َسل َنٰك َّ
فِي ۚهِ ف ِريق ِف ٱلنةِ وف ِريق ِف ٱلس ِع ِ
َّ َ ۡ َ ٗ ّ ۡ َ
حة ل ِل َعٰل ِم َني﴾((( .وبعد ْأن ظهرت الدعوة اإلسالم ّية إلى العلن ،بدأ ك ّفار قريش إِل ر
النبي مح ّمد Pومن آمن معه ،وال س ّيما كبارهم الذين ومشركوها بالتضييق على ّ
َ َ َّ َ َ َّ ُ َ َ َّ ُ َ َ َ
خذونك إِل ه ُز ًوا أهٰذا ٱلِي النبي Pواستهزأوا بهِ﴿ :إَوذا َرأ ۡوك إِن يت ِ سخروا من ّ
َ َّ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ َّ َ ك ٱل ۡ ُم ۡس َت ۡهزء َ َّ َ َ ۡ َ ٰ َ ً ث َّ ُ ََ َ
ٱلل إِل ٰ ًها َءاخ َر ۚ
ٱلين يعلون مع ِ ِين ِ ٩٥ ِ ٱلل َر ُسول﴾(((﴿ ،إِنا كفين بع
َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َّ َ َ ُ َ ۡ ُ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َ َۡ َ
ون﴾((( ،وكفروا بدعوته، ضيق صدرك بِما يقول ف َس ۡوف َيعل ُمون ٩٦ولقد نعلم أنك ي ِ
َ َ َ ُ ُّ َ
ضل َنا ع ۡن وتمسكوا بتقليدهم األعمى آلبائهم في عبادة األصنام واألوثان﴿ :إِن كد ل ِ ّ
َ َ َ ٓ َ َ
َءال َِهت ِ َنا ل ۡول أن َص َ ۡبنا َعل ۡي َها ۚ﴾((( ،وبذلوا جهدهم في ص ّد الناس عن دعوته؛ بإثارة
َ
اب﴾((( ،وعلى ج ٞ الشبهات على التوحيد﴿ :أ َج َع َل ٱٓأۡلل َِه َة إ ِ َل ٰ ٗها َوٰح ًِداۖ إ ِ َّن َهٰ َذا ل َ َ ۡ
ش ٌء ُع َ
َ ُ َ
حٰ َن ٱللِ ع َّما يَ ِصفون﴾(((﴿ ،أ ۡم
َّ َ ع َب ۡعض ُس ۡب َ
ٖ ۚ ك إ ِ َلٰه ِۢ ب ِ َما َخلَ َق َولَ َع َل َب ۡع ُض ُه ۡم َ َ ٰ َّ َ َ َ ُ ُّ
لهب
َ َّ َ
ۡ َ َ ُ ْ َّ َ ٰ َ ٰ َ ۡ َ َ َ
ُ ُ ْ ۡ َۡ َ ۡ ۡ ُ ۡ َ ُ َ
ۡرض بَل ل يُوق ُِنون ٣٦ ت وٱل ۚ ش ٍء أم ه ُم ٱلخٰل ِقون ٣٥أم خلقوا ٱلسمو ِ ي
خل ِقوا مِن غ ِ
ۡ َۡ ۡ َ ُ ۡ ُ َّ َ ُ َ ۡ َ ٞ َ َۡ َ ُ ۡ َ َٓ ُ َّ َ ۡ ُ ُ ُۡ ۡ ُ َ
َ
ت ُم ۡس َت ِم ُع ُهم ِ أ َ
ي ل ف ِ
ۖ ه ِي ف ون عمِ ت س ي م ل س م ه ل م أ ٣٧ ون أم عِندهم خزائِن ربِك أم هم ٱلمصَۜي ِطر
َۡ ُ َ ۡ َ َ ۡ َۡ َُ َ َ ۡ َُ َۡ َٰ ُ َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ُّ
سل ُه ۡم أ ۡج ٗرا ف ُهم ّمِن َّمغ َر ٖم ُّمثقلون ت َولك ُم ٱلَ ُنون ٣٩أم ت ٔ ني ٣٨أم ل ٱلن بِسلطٰ ٖن مب ِ ٍ
َ ۡ ُ ُ َ َ ۡ ٗ َ َّ َ َ َ ُ ْ ُ ُ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ ُ ُ َۡۡ ُ َ َ
ِيدون ب ف ُه ۡم يَك ُت ُبون ٤١أم ي ِريدون كيداۖ فٱلِين كفروا هم ٱلمك ٤٠أ ۡم عِندهم ٱلغي
ٱلل َّ ُ َّ ُ ۡ ُ ُ َّ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ٰ ٌ َ ۡ ُ َّ ُ ۡ َ ٰ َ َّ َ َّ ُ ۡ ُ َ
ٱلص َم ُد شكون﴾(((﴿ ،قل ه َو ٱلل أ َح ٌد ١ ٤٢أم لهم إِله غي ٱللِۚ سبحن ٱللِ عما ي ِ
َ َ َ ۡ َ ُ َّ ُ ل َول َ ۡم يُ َ ۡ ٢ل َ ۡم يَ ِ ۡ
كن ُلۥ ك ُف ًوا أ َح ُدۢ﴾((( ،وعلى الوحي بأ ّنه ممكن عق ًال، ول ٣ولم ي
وبأن الحكمة اإلله ّية تقتضي وواقع فع ًال ،فيه وفي غيره من األنبياء السابقين ّ ،R
َ
َّ ٓ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ
لك أن يكون الرسول المُ وحَ ى إليه من جنسهم ليتح ّقق التبليغ واإلنذار﴿ :إِنا أوحينا إ ِ
حٰ َق َو َي ۡع ُق َ ِإَوس َ َ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ٰٓ ۡ َ ٰ َ ۡ َ ٰ َ ّ ٓ َ ُ َ ٓ َ
وب يل ۡ ي َۧن ِم ۢن َب ۡع ِدهۚ ِۦ وأوحينا إِل إِبرهِيم ِإَوسم ِع وح َوٱنلَّب ِ ِ ك َما أ ۡو َح ۡي َنا إ ِ ٰل ن ٖ
ٗ َ َ َ ٰ َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ َ ٰ ُ َ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ َۡ
ورا َ ١٦٣و ُر ُسل ق ۡد ۥد َز ُب ٗ اط وعِيس وأيوب ويونس وهرون وسليمنۚ وءاتينا داو َوٱل ۡس َب ِ
ٗ َ ۡ ُ َ ُ ُ ٗ َّ ۡ َ ۡ ُ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َّ َ َّ ُ ُ َ ٰ َ ۡ ََ َ َ
ِيما ُّ ١٦٤ر ُسل كل ٗ ق َص ۡص َنٰ ُه ۡم عل ۡيك مِن قبل ورسل لم نقصصهم عليكۚ وكم ٱلل موس ت
ٱلل َعز ً ٱلر ُسل َو َك َن َّ ُ ٱللِ ُح َّجُۢة َب ۡع َد َُّ َ َّ ُ َ َ َّ ُّمبَ ّ َ َ ُ
يزا ِ ِۚ اس ع ين لِ َل يَكون ل َِّلن ِ شين ومنذِرِ ِ ِ
ۡ َ َ َ ۡ َ ٓ ُ ُ ۡ ۠ َ َ ٓ َّ ۡ ُ
ل﴾(((َ ﴿ ،و َما أ ۡر َسل َنا ق ۡبلك م َِن ٱل ُم ۡر َسل َِني ك ۡم يُ َٰٓ
وح إ ِ ََّ ِيما﴾(((﴿ ،قل إن َما أنا ب َ َ
ش ّ ٞمِثل ِ
َحك ٗ
ًَۡ ََ ۡ ُ َ ك ۡم لِ َ ۡ َۡۡ َ َ َ َ َۡ َۡ َ ُ َّ ٓ َّ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ َّ َ َ َ َ ۡ ُ َ
بونۗ ِ ص ت أ ة ن ِت ف ض ٖ ع ض ع ب ا نل ع ج و اق
ِۗ و سٱل فإِل إِنهم لأكلون ٱلطعام ويمش ِ
ون
ُ َ َ َ ۡ َ
َ َ َ َ ُّ َ َ ٗ ((( َ ۡ ٓ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ َّ ٗ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ٞ
ض ٱل ۡم ُر ث َّم ل يُنظ ُرون نزل عليهِ ملك ۖ ولو أنزلا ملك لق ِ وكن ربك ب ِصريا﴾ ﴿ ،لول أ ِ
ون﴾((( ،وعلى المعاد ّ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ٰ ُ َ َ ٗ َّ َ َ ۡ َ ٰ ُ َ ُ ٗ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َّ َ ۡ ُ َ
بأن ٨ولو جعلنه ملك لعلنه رجل وللبسنا علي ِهم ما يلبِس
ۡ ۡ ُ َ َۡ َ َۡ َ َ ُ
الله تعالى قادر عليه ،وعالم بهم وحافظ لهم﴿ :قد عل ِمنا ما تنق ُص ٱلۡرض مِن ُه ۡمۖ
بالحق من ربّهم ،وهو أمين على هدايتهم ،الّ تهمة الكذب واالفتراء بأ ّنه قد جاءهم
يبخل عليهم بشيء م ّما أوحي إليه ،وال يكتمه وال يغ ّيره ،وهم لم يعهدوا منه ّإل
َ
الصدق ،وقد لبث فيهم عمراً ،ولم يعهدوا منه اإلتيان بمثل هذا الكالم المعجز﴿ :أ ۡم
ح ُّق ۡ َ
ٱل َّق
َ ُ ُ َ ۡ َ َ ٰ َ َ َّ َ ٗ َ َ َ َّ ُ َ ۡ ۡ َ َ ٰ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ َّ ُ ۡ َ َ
ٱلل ٱلبٰ ِطل َو ُي ِ يقولون ٱفتى ع ٱللِ كذِباۖ فإِن يشإ ِ ٱلل يتِم ع قلبِك ۗ ويمح
النبي P
المن ّورة بعد بيعة العقبة األولى والثانية مع طائفة من أهل المدينة((( ،أمر ّ
م َْن آمن معه بالهجرة إليها(((.
وقد ا ّتسمت الدعوة في المرحلة ّ
المك ّية بالتركيز على األصول العقديّة ،ونقل الناس
من الكفر والشرك إلى التوحيد ،ومن إنكار المعاد إلى إثباته واإليمان به ،وإثبات
الوحي والنب ّوة ،وكذلك األمر بالنسبة إلى األصول الق َيم ّية واألخالق ّية ،مع بيان جملة من
التشريعات والتكاليف(((.
األفكار الرئيسة
.1بعث الله تعالى نب ّيه مح ّمداً Pبالرسالة ،وآتاه القرآن الكريم ،وجعله من األنبياء
أولي العزم ،وكان آخر األنبياء Rمطلقاً ،واصطفاه لإلمامة ،وجعلها في أهل بيته
من ذريّة ابنته فاطمة ،Oوهو شهيد على الخلق وأنبيائهم ورسلهم وأوصيائهم.
.2أجرى الله تعالى جملة من المعاجز على يدي نب ّيه مح ّمد ،Pمنها :القرآن
شق القمر ،اإلسراء والمعراج ،مباهلة نصارى نجران. الكريمّ ،
.3من خصائص رسالة اإلسالم وكتابها الكريم :العالَم ّية ،والخاتم ّية ،والشمول ّية ،والهيمنة
على الكتب السابقة ،والهداية إلى الحياة الط ّيبة.
.4أمر الله تعالى نب ّيه مح ّمداً Pبتبليغ الدعوة ،واالبتداء بعشيرته األقربين ،ثمّ
أهل ّ
مكة وما حولها ،ثمّ العالَمين.
المك ّية بالتركيز على األصول العقديّة ،ونقل الناس .5ا ّتسمت الدعوة في المرحلة ّ
من الكفر والشرك إلى التوحيد ،ومن إنكار المعاد إلى إثباته واإليمان به ،وإثبات
الوحي والنب ّوة ،وكذلك األمر بالنسبة إلى األصول الق َيم ّية واألخالق ّية ،مع بيان
جملة من التشريعات والتكاليف.
ّ
فكر وأجب
.1ما أبرز المعاجر التي أجراها الله تعالى على يدي نب ّيه مح ّمد P؟ وما خصوص ّية
معجزة القرآن الكريم؟
.2ما خصائص رسالة اإلسالم وكتابها الكريم؟
للنبي مح ّمد Pفي المرحلة ّ
المك ّية ،واذكر أهمّ .3تك ّلم عن السيرة التبليغ ّية ّ
الدروس وال ِع َبر المستفادة منها.
325 ()1 محمد P
النبي ّ
ّ
مطالعة
علي« :Qولقد ق� َر َن اهلل به من ل�دُن �أن كان فطيماً� ،أعظم مَلك من عن اإلمام ّ
مالئكته ،ي�سلك به طريق المكارم ،ومحا�سن �أخالق العالم ،ليله ونهاره.(((»...
وعن اإلمام العسكريّ « :Qفلمّا استكمل أربعين سنة ،نظر الله ع ّز وجلّ إلى
قلبه ،فوجده أفضل القلوب ،وأجلّها ،وأطوعها ،وأخشعها ،وأخضعها ،فأذن ألبواب السماء
ففُتحت ،ومحمّد Pينظر إليها ،وأذن للمالئكة فنزلوا ومحمّد Pينظر إليهم ،وأمر
بالرحمة ،فأنزلت عليه من لدن ساق العرش إلى رأس محمّد وغمرته ،ونظر إلى جبرئيل
الروح األمين المطوّق بالنور ،طاووس المالئكة هبط إليه ،وأخذ بضبعه وهزّه ،وقال :يا
ٱل َ ٰ
َ ََ ۡ َۡۡ ۡ َّ َ
ك َّٱلِي َخلَ َ
نس َن ِ ق لخ ١ ق أقرأ؟ قال :يا محمّد ﴿ٱقرأ بِٱس ِم رب ِ محمّد ،اقرأ .قال :وما
َ َّ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ َ ۡ َۡ َ َّ َ ۡ َ َ َّ ُ َ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ َ ُّ َ ۡ ََ
ٱلنسن ما لم يعلم﴾ ،ثمّ مِن عل ٍق ٢ٱقرأ وربك ٱلكرم ٣ٱلِي علم بِٱلقل ِم ٤علم ِ
أوحى [ إليه ] ما أوحى إليه ربّه ع ّز وجلّ »(((.
((( الشريف الرضي ،نهج البالغة ،مصدر سابق ،ج ،1الخطبة(192القاصعة) ،ص.157
((( تفسير اإلمام العسكريّ ،Qمصدر سابق ،ص.157-156
الدرس السادس عشر
أهداف الدرس
ّ
على المتعلم مع نهاية هذا الدرس أن:
ۡ َ ٓ ۡ َٰٗ َ ُ ُ ۡ َ َٰ َ َ ُ ََ َ َ ۡ ُ ۡ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ٓ ٗ َ َ َّ َ َ ۡ َ ُ ُ
ي قلوبِك ۡم فأ ۡص َب ۡح ُتم بِن ِعمتِهِۦ إِخونا وكنتم ع شفا عليكم إِذ كنتم أعداء فألف ب
ُ ۡ َ ّ َ َّ َ َ َ َ ُ ّ ۡ َ َ َ ٰ َ ُ َ ّ ُ َّ ُ َ ُ ۡ َ َ ٰ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ
ون﴾((( ،وأع ّد حفرة ٖ مِن ٱنلارِ فأنقذكم مِنهاۗ كذل ِك يب ِي ٱلل لكم ءايتِهِۦ لعلكم تهتد
َّ َ
ٱل ۡي ِل ت ۡره ُِبون بِهِۦ ع ُد َّو ٱللِ
َ َۡ ُ ُ
ٱس َت َط ۡع ُتم ّمِن ق َّوة ٖ َومِن ّرِ َب ِ
اط جيش اإلسالمَ ﴿ :وأَع ُِّدوا ْ ل َ ُهم َّما ۡ
َّ شءٖ ف َ ٱلل َي ۡعلَ ُم ُه ۡ ۚم َو َما تُنفِ ُقوا ْ مِن َ ۡ ُ ۡ َ ََُۡ َ
ون ُه ُم َّ ُ اخر َ َ َ ُ َّ ُ ۡ َ َ َ
يل ٱللِ ِ ِ ب س ِ ين مِن دون ِ ِهم ل تعلم وعدوكم وء َ ِ
ُ َ َّ َ ۡ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ
ون﴾((( ،وعقد وثيقة المدينة مع اليهود(((؛ ح ّتى يأمن ش ّرهم، يوف إِلكم وأنتم ل تظلم
اإللهي
ّ ويتف ّرغ لتأسيس نواة الدولة اإلسالم ّية .وفي بداية الهجرة المباركة ،جاءه األمر
بتغيير قبلة المسلمين من بيت المقدس في فلسطين إلى الكعبة المش ّرفة في ّ
مكة:
َّ َ ٓ َ َ ُ َ ّ َّ َ ۡ َ ٗ َ ۡ َ َ َ َ ّ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ ٰ َ َ ُّ َ َ ۡ َ
ج ِدى تقلب وج ِهك ِف ٱلسما ِءۖ فلنو ِلَنك ق ِبلة ترضىٰها ۚ فو ِل وجهك شطر ٱلمس ِ ﴿قد نر
ۡ َ ُ
َّ َ َ َ
ب لَ ۡعل ُمون أن ُه َ
ٱل ُّق
ۡ ْ
ِين أوتُوا ٱلك َِتٰ َ َّ َّ َ ْ
ُۡ َ ُ ُ َ ُ
ك ۡم ش ۡط َرهُ ۗۥ ِإَون ٱل َ ُّ َ ُ ُ َۡ
ٱل َر ِامۚ َو َح ۡيث َما كنتم فولوا وجوه
َ َّ َ ۡ َ ُ َ َّ ّ ۡ َ َ َّ ُ َ
ون﴾(((. ٱلل بِغٰفِ ٍل عما يعمل مِن رب ِ ِهمۗ وما
وا ّتسمت دعوته Pفي المرحلة المدن ّية بتأكيد األصول العقديّة ،وتعميقها فكر ّياً
ومسلك ّياً ،وكذلك األمر بالنسبة إلى األصول القيم ّية واألخالق ّية ،والتركيز في تفصيل
األصول التشريع ّية وتكاليفها الفرديّة واالجتماع ّية(((.
النبي Pمن زينب؛ طليقة ربيبه زيد ،وما لهذا وحكى القرآن الكريم حادثة زواج ّ
َ َ
ٱلل َعل ۡيهِ َوأ ۡن َع ۡم َ َ
ِي أ ۡن َع َم َّ ُ َّ ُ ۡ
ت ِإَوذ َت ُقول ل ِل ٓ تشريعي وتربويّ للمسلمين﴿ :
ّ األمر من تعليم
ٱللَُّ َ َ َّ َ َۡ َ ۡ ُ ُ َ ۡ َ َ َّ َ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َّ َّ َ َ ُ ۡ
عليهِ أمسِك عليك زوجك وٱت ِق ٱلل وت ِف ِف نفسِك ما ٱلل مبدِيهِ وتش ٱنلاس و
ِني َح َر ٞ ع ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن ََ َ ُّ َ َ ۡ َ ٰ ُ َ َ َّ َ َ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ۡ َّ َ ٗ َ َ َ ۡ ّ ٞ
ج ِك ل يكون ض زيد مِنها وطرا زوجنٰكها ل ۡ أحق أن تشىهۖ فلما ق ٰ
َ
ول َّ ٣٧ما َك َن َع ٱنلَّ ّ ٓ َ ۡ َ َ ۡ َ ٓ ۡ َ َ َ ۡ ْ ۡ ُ َّ َ َ ٗ َ َ َ ۡ ُ َّ َ ۡ ُ ٗ
َ
ب م ِۡن ِِ ِف أزو ٰ ِج أدعِيائ ِ ِهم إِذا قضوا مِنهن وطر ۚا وكن أمر ٱللِ مفع
ٱللِ قَ َد ٗرا َّم ۡق ُد ً َ
َ ۡ ُ َ َ َ ۡ ُ َّ َّ َ َ َ ْ َ َّ َ َ َ َ َّ ُ َ
ورا ٣٨ ِين خل ۡوا مِن قبل ۚ وكن أمر ٱلل ُل ۖۥ ُس َّنة ٱللِ ِف ٱل َح َر ٖج فِيما فرض
ِيبا ٣٩ماَّ ٱللِ َحس ٗ َّ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ً َّ َّ َ َ َ َ ٰ َّ َّ َ ُ َ ّ ُ َ َ ٰ َ
ت ٱللِ ويخشونهۥ ول يشون أحدا إِل ٱللۗ وكف ب ِ سل ٰ ِ ٱلِين يبل ِغ َون َرِ
َ ّ َّ ُ ُ َ َ َ
ٱللِ َو َخات َم ٱنلَّب ّ َ َ
َّ َ َ َ ُ ٓ َ ّ َ َ َُ
ش ٍء كل ۡ
يۧنۗ وكن ٱلل ب ِ ِ ِِ كن َّر ُسول كن م َّم ٌد أبَا أح ٖد مِن ّرِجال ِك ۡم َول ٰ ِ
َعل ِٗيما﴾(((.
النبي Pفي نشر دعوته وتثبيتها في هذه المرحلة المدن ّية موانع
وقد واجه ّ
ع ّدة ،تم ّثلت:
أ ّو ًال :بك ّفار قريش ومشركيها الذين خاض ض ّدهم مواجهات عسكريّة وأمن ّية ع ّدة،
ۡ َ َ ۡ َ ۡ َۡ َ َُّ ُ
ئ ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ
ِني ابتدا ًء بواقعة بدر في العام الثاني للهجرةِ﴿ :إَوذ غدوت مِن أهل ِك تبوِ
ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َّ ُ َ ُّ ُ َ َ َ َ ۡ َ َّ َّ ٓ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َّ ُ َ ٌ َ ٌ
ان مِنكم أن تفشل وٱلل و ِلهماۗ وع مقٰعِد ل ِلقِتالِۗ وٱلل س ِميع عل ِيم ١٢١إِذ همت طائِفت ِ
َ َ َ ۡ َ َ َ ُ ُ َّ ُ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َّ َ ُ ۡ َ ُ َّ َ َ َّ ْ ُ َّ َ ٞ َ َّ َ ۡ َ َ َ َّ ۡ ۡ
ٱلل ل َعلك ۡم تشك ُرون ك ٱل ُمؤم ُِنون ١٢٢ولقد نصكم ٱلل بِبدرٖ وأنتم أذِلة ۖفٱتقوا ٱللِ فليتو ِ
ّ َ ۡ َ َ ٰٓ َ َ ُ َََ ُ َ ُ ۡ َ
ۡ َُ ُ ُۡۡ َ َ
لئِكةِ ِني ألن يَكفِ َيك ۡم أن يُ ِم َّدك ۡم َر ُّبكم بِثلٰثةِ َءال ٰ ٖف مِن ٱلم ١٢٣إِذ تقول ل ِلمؤ ِمن
َ ۡ ُ َ َ َ ُ ۡ ْ َ ُ ْ ََ
ُ
بوا َوت َّتقوا َو َيأتوكم ّمِن ف ۡورِه ِۡم هٰذا ُي ۡمدِدك ۡم َر ُّبكم ِب ۡم َسةِ
ُ ل إن تَ ۡص ُ ُ َ َ
ِ مزنل ِني ١٢٤ب ٰٓ ۚ ِ
َ َ َ َ َ ُ َّ ُ َّ ُ ۡ َ ٰ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َّ ُ ُ ُ ُ كةِ ُم َس ّوم َ ّ َ ۡ َ َ ٰٓ َ ٰ َ َ
وبكم ِني ١٢٥وما جعله ٱلل إِل بشى لكم ولِ طمئِن قل ِ ِ ئ ل م ٱل ِن م ف ٖ ال ء
ۡ
ٱللِ ٱل َعزيز َ ۡ َّ َّ بهِۦ َو َما ٱنلَّ ۡ ُ
ٱلكِي ِم﴾((( ،إلى واقعة ُأحُ د في العام الثالث َ ِ َِ ص إِل م ِۡن عِن ِد ِۗ
ك ۡم قَ ۡرحٞ َۡ َ ۡ ُ ۡ ُّ ُ ُ َ
للهجرةَ ﴿ :ول تهنوا َول ت َزنوا َوأنت ُم ٱلعل ۡون إن كنتم مؤ ِمن َ َ ۡ ۡ ُ ْ ُ ۡ َ َ ْ ُ َ َ
ِني ١٣٩إِن يمسس ِ ِ
َ َ ۡ َ َ َّ ُ َّ َ َ َ ُ ْ َّ َ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ۡ َ َ ُ َ ُ ُ َّ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ۡ ّ ٞ
اس و ِلعلم ٱلل ٱلِين ءامنوا فقد مس ٱلقوم قرح مِثله ۚۥ وت ِلك ٱليام نداوِلها بي ٱنل ِ
ْ
ام ُنوا َو َي ۡم َ َّ ح َص َّ ُ ّ ُ ۡ ُ َ َ ٓ َ َ َّ ُ َ ُ ُّ َّ َ َ َّ َ
ح َق ِين َء َ ٱلل ٱل َ ِب ٱلظٰل ِ ِمني َ ١٤٠و ِلُ َم ِ
َ خذ مِنكم شهداء ۗ وٱلل ل ي ويت ِ
ُ ۡ َ َ ۡ ََ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ ْ ۡ َ َّ َ َ َ َّ َ ۡ َ َّ ُ َّ َ َ ٰ َ ُ ْ ك ٰ ِفر َ ۡ َ
ين ١٤١أم حسِبتم أن تدخلوا ٱلنة ولما يعل ِم ٱلل ٱلِين جهدوا مِنكم ويعلم ِ ٱل
َ
ََۡ ُۡ ََ ۡ َ ُُۡ ُ َ ُ َ ُ َ َ َ َ نت ۡم َت َم َّن ۡو َن ٱل ۡ َم ۡو َ ين َ ١٤٢ولَ َق ۡد ُك ُ َّ
نت ۡم تنظ ُرون ١٤٣ ت مِن ق ۡب ِل أن تلقوه فقد رأيتموه وأ ٱلصٰب َ
ِِ
ُّ ُ ُ َ َ ْ َّ َ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ٰٓ َ ۡ َ ُ َ ول قَ ۡد َخلَ ۡ َ َ ُ َ َّ ٌ َّ َ ُ ٞ
ع أعقٰبِك ۡ ۚم ت مِن ق ۡبلِهِ ٱلرسل ۚ أفإِين مات أو قتِل ٱنقلبتم وما ممد إِل رس
ٱلشكِر َ ٰ َّ ُ َّ ياۗ َو َس َي ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ ٰ َ َ ۡ َ َ ُ َّ َّ َ َ ۡ ٗ َ
ين﴾((( ،إلى واقعة ِ ٱلل ي ز
ِ ج
ٔ ومن ينقل ِب ع عقِبيهِ فلن يض ٱلل ش
َ ٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ ۡ ُ ُ ْ ۡ َ َ َّ َ َ ۡ ُ ۡ ۡ
األحزاب في العام الخامس للهجرة﴿ :يأيها ٱلِين ءامنوا ٱذكروا ن ِعمة ٱللِ عليكم إِذ
ون بَ ِص ً َ ٓ َ ۡ ُ ۡ ُ ُ َ ُ َ ۡ َ َ ُ َّ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َّ ٗ ُ ُ َ ٗ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ٞ
ريا ٩ جاءتكم جنود فأرسلنا علي ِهم رِيحا وجنودا لم تروها ۚ وكن ٱلل بِما تعمل
ۡ
وب َ َ ت ۡٱل ُقل ُ
ُ ََ ۡ َۡ َ ۡ َ َ ُ َۡ ََ ۡ َٓ ُ ّ َ ُ
ج َر ٱلنا ِ ت ٱلبص ٰ ُر َو َبلغ ِ إِذ جا ُءوكم مِن ف ۡوق ِك ۡم َوم ِۡن أسفل مِنك ۡم ِإَوذ زاغ ِ
ۡ ُ ُ ۡ ُ ْ ۡ ٗ َ ٗ َ َُ َ ُۡ َ ۡ ۡ ُّ ُ َ ۠ َّ َُ َ
ل ٱل ُمؤم ُِنون َو ُزل ِزلوا زِل َزال شدِيدا ِ ١١إَوذ َيقول ِ ت ٱب ِك ل ان ه ١٠ َوتظ ُّنون بِٱللِ ٱلظنونا
ۡ َ َ َّ ٓ َ ٞ
ورا ِ ١٢إَوذ قالت طائِفة ول ٓۥ إ َّل ُغ ُر ٗ ٱلل َو َر ُس ُ ُ ض َّما َو َع َدنَا َّ ُ َّ َ ٞ
ِين ِف قلوب ِ ِهم مر
ُُ ون َو َّٱل َ ُۡ َٰ ُ َ
ٱلمن ِفق
ِ
َ ّ ۡ ُ ۡ َ ٰٓ ۡ َ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ ُ ْ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َّ َ ُ ُ َّ َّ ُ ُ ۡ ّ ٞ َ
ب َيقولون إِن ُب ُيوت َنا تذِن ف ِريق مِنهم ٱنل ِ جع ۚوا ويس ٔ ثب ل مقام لكم فٱر ِ مِنهم يأهل ي ِ
َ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ ۡ ّ ۡ َ ۡ َ َ ُ َّ ُ ُ ْ َّ ُ ُ َ َع ۡو َرة َ ٞو َما ِ َ
يدون إِل ف َِر ٗارا ١٣ولو دخِلت علي ِهم مِن أقطارِها ثم سئِلوا ه ب ِ َع ۡو َر ٍةۖ إِن ي ِر
َ ُ َ ُّ َ ۡ َ ۡ ِريا َ ١٤ولَ َق ۡد َكنُوا ْ َع ٰ َه ُدوا ْ َّ َ ۡٱل ِف ۡت َن َة ٓأَلتَ ۡو َها َو َما تَلَ َّب ُثوا ْ ب َها ٓ إ َّل يَس ٗ
ٱلل مِن ق ۡبل ل يُ َولون ٱلد َب ٰ َ ۚر ِ ِ
ٗ ۡ ََ ُۡ ّ َ َۡ ۡ َ َۡ ۡ ُ َ َ َّ ُ َ َ َ َ ۡ ُ َّ َ ۡ ُ ٗ
ت أوِ ٱلقت ِل ِإَوذا سول ١٥قل لن يَنفعك ُم ٱلفِ َر ُار إِن فررتم مِن ٱلمو ِ وكن عهد ٱللِ م ٔ
َ َ َ َ ُ َ َّ ۡ ُ َّ َ ُۡ َ َّ َ ٗ َّ ُ
ل ت َم َّت ُعون إِل قل ِيل ١٦قل َمن ذا ٱلِي َي ۡع ِص ُمكم ّم َِن ٱللِ إِن أ َراد بِك ۡم ُس ٓو ًءا أ ۡو أ َراد
ِني ٱلل ٱل ۡ ُم َع ّوق َ ريا ۞ ١٧قَ ۡد َي ۡعلَ ُم َّ ُ لا َو َل نَ ِص ٗ ٱللِ َو ِ ّٗ َّ
ون
ُ ۡ َ ۡ َٗۚ َ َ َ ُ َ َُ ّ ُ
د يدون لهم مِن
ِ ِ بِكم رحة ول ِ
َ َّ ً َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ُ َّ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ ۡ َ َّ َ ً
مِنكم وٱلقائِل ِني ِ ِلخوٰن ِ ِهم هلم إِلناۖ ول يأتون ٱلأس إِل قل ِيل ١٨أشِحة عليكمۖ فإِذا
َ َۡ ۡ َ َ ََ َ َّ َ ٓ َۡ ۡ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ
تۖ فإِذا ش عل ۡيهِ مِن ٱلمو ِ ور أ ۡع ُي ُن ُه ۡم كٱلِي ُي ۡغ َ ٰ لك ت د جا َء ٱلوف رأيتهم ينظ ُرون إ ِ ۡ
َّ َّ َ ُ َ ُ َ َ َّ َ ُ َ ُ َ َ َّ َ ُ َّ َ َ َ
((( سورة األحزاب ،اآليات .25-9
ٱلل ف ۡوق أيۡدِي ِه ۡ ۚم
ٱلين يباي َِعونك إِنما يبايِعون ٱلل يد ِ قبلها ببيعة الرضوان﴿ :إِن ِ النبي
((( وقد بايع المسلمون ّ P
ف ب َما َع ٰ َه َد َعلَ ۡي ُه َّ َ
ٱلل فَ َس ُي ۡؤتِيهِ أ ۡج ًرا َعظ ٗ ٰ َ َ ۡ َۡ َ َ َ َّ َ َ َ َّ َ َ ُ ُ َ َ ٰ َ ۡ
ِيما﴾. ِ و أ ن مو ِۦ
ۖ ه س
ِ ف ن ع فمن نكث فإِنما ينكث
((( سورة الفتح ،اآلية .27
333 ()٢ محمد P
النبي ّ
ّ
((( المراد بذنبه Pهو خصوص ال ُتهَم واالفتراءات التي كان يواجهه بها ك ّفار ّ
مكة ومشركوها ،فلمّا تح ّقق له
َ َ ۡ ََ َ َۡ َ َ
الفتح َ والنصر عليهم ،أزال الله تعالى عنه هذا العبء الثقيل ورفع ِذ ْكره في العالمين﴿ :ووضعنا عنك وِزرك ٢
ۡ َ َّ
ٱل ِٓي أ َنق َض َظ ۡه َر َك َ ٣و َر َف ۡع َنا ل َك ذِك َر َك﴾ (سورة الشرح ،اآليات .)4-2
((( سورة الفتح ،اآليات .3-1
((( سورة العاديات ،اآليات .5-1
((( سورة التوبة ،اآليتان .26-25
((( سورة الحشر ،اآلية .15
((( سورة الحشر ،اآليتان .3-2
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 334
َ ََ ُّ َ
وها ۚ َوك َن َّ ُ َ
َ ۡ َٰ ُ ۡ َ ٗ ۡ َ َ ُ َ َّ َ َ َ
ش ٖء قد ِٗيرا﴾((( ،ثمّ مع يهود خيبر في العام عك ۡ
ِ ٱلل ٰ وأمولهم وأۡرضا لم ت ٔ
ط
ُ ُ َ َ َ َ َّ ۡ ُ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َّ ُ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ
السابع للهجرة﴿ :س َيقول ٱل ُمخلفون إِذا ٱنطلقت ۡم إ ِ ٰل مغان َِم لِ َأخذوها ذ ُرونا نتبِعك ۡمۖ
َ ُ َ ُ ُ َ ۡ ِك ۡم قَ َال َّ ُُ ُ َ َ ُ َ ّ ُ ْ َ َ ٰ َ َّ ُ َّ َ َّ ُ َ َ َ ٰ ُ
ٱلل مِن ق ۡبل ۖ ف َس َيقولون بَل ي ِريدون أن يبدِلوا كلم ٱللِۚ قل لن تتبِعونا كذل
َ ۡ َ ُ ْ َ ۡ َ َ َّ َ ٗ َۡ
النبي Pبعض اليهود؛ كيهود ت ُس ُدون َنا ۚ بَل كنوا ل َيفق ُهون إِل قل ِيل﴾((( .وصالح ّ
ع َر ُس ِ
ولِۦ م ِۡن أرض فدك ،ووهب أرضهم البنته فاطمة الزهراء َّ ﴿ :Oما ٓ أَفَا ٓ َء َّ ُ
ٱلل َ َ ٰ
َ َ ۡ ُ ۡ َٰ َ َۡ َٰ َ ٰ َ َۡ َ َ
ُ َ
يل كۡ ل يَكون ب سكِني َوٱبۡن َّ
ٱلس ٰ م ٱلو م ت ٱل و ب ر ق ٱل ِيلِ و ى فَل َِّلهِ َول َّ
ِلر ُسول َ ٰ أ ۡهل ۡٱل ُق َ
ر
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ُ ۡ َ َ ٓ َ َ ٰ ُ ُ َّ ُ ُ َ ُ ُ ُ َ َ َ َ ٰ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ ُ ْ َ َّ ُ ْ ُ َ ََۡ َۡ ۡ َٓ
دولَۢة بي ٱلغن ِياءِ مِنك ۚم وما ءاتىكم ٱلرسول فخذوه وما نهىكم عنه فٱنته ۚوا وٱتقوا
َّ َ َّ َّ َ َ ُ ۡ َ
اب﴾(((. ٱللۖ إِن ٱلل شدِيد ٱلعِق ِ
شككوا بدعوة رسول الله Pوتعاليم دينه ،فدعاهم إلى وثالثاً :بالنصارى الذين ّ
المباهلة ،وقد تق ّدمت اإلشارة إلى ذلك.
ورابعاً :بالمنافقين الذين يعلنون اإلسالم ويستبطنون الكفر ،وكانوا يتآمرون على
َ َ ۡ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ ُ ُ َ
اإلسالم والمسلمين مع اليهود وك ّفار قريش ومشركيها﴿ :ألم تر إِل ٱلِين نافقوا يقولون
ُ ك ۡم َو َل نُ ِط ُ ِ ۡ َ ٰ ُ َّ َ َ َ ُ ْ ۡ َ ۡ ۡ َ ٰ َ ۡ ُ ۡ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ َّ َ َ ُ
يع فِيك ۡم ب لئِن أخ ِرجتم لخرجن مع ِلخون ِ ِهم ٱلِين كفروا مِن أه ِل ٱلكِت ِ
ين قَ َال ل َ ُه ُم ٱنلَّ ُ َّ َ َّ َ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َ ُ َ َّ ُ ۡ َ َّ ُ ۡ َ ٗ َ
اس ٱل َ ٱلل يَش َه ُد إِن ُه ۡم لكٰذِبُون﴾(((ِ ﴿ ، أ َح ًدا أبَدا ِإَون قوت ِلتم لنصنكم و
َّ َّ َ َ ۡ َ َ ُ ْ َ ُ ۡ َ ۡ
ٱخ َش ۡو ُه ۡم﴾((( ،فواجههم بفضحهم أمام المسلمين بأوصافهم إِن ٱنلاس قد جعوا لكم ف
َّ ْ ُ
ورة ٞتُنَ ّب ُئ ُهم ب َما ف قُلوبه ۡم قُل ۡ َ
نل َعل ۡيه ۡم ُس َ َ َ
ون أن ُت َ ََّۡ َ ُ ُۡ َٰ ُ َ
ٱس َت ۡه ِز ُء ٓوا إِن ِ ۚ ِ ِ ِ ِ ِ ِ وأفعالهم﴿ :يذر ٱلمنفِق
َ َ ٓ َ َ ۡ ُ َ ُ َ َ ُ ْ َ ۡ َ ُ َّ َ َ َ ُ ُ َّ َ ُ َّ َ ۡ َُ َۡ َ َ َّ َ ُ ۡ ٞ
ٱلل وٱلل يعلم ٱلل م ِرج َّما تذ ُرون﴾(((﴿ ،إِذا جاءك ٱلمنٰ ِفقون قالوا نشهد إِنك لرسول ِ
يل ب ٱتَ ُذ ٓوا ْ َأيۡ َم ٰ َن ُه ۡم ُج َّن ٗة فَ َص ُّدواْۗ َعن َ
س
َّ َ َّ َ َ َ ُ ُ ُ َ َّ ُ َ ۡ َ ُ َّ ۡ ُ َ ٰ َ َ َ
ني لكٰذِبُون ١ إِنك لرسولۥ وٱلل يشهد إِن ٱلمنفِقِ
ِ ِ َ
َ ُ َ ْ
َ ٰ َ َّ ُ ۡ َ َ ُ ُ َّ َ َ ُ َ ُ َ َ ٰ ُ ْ ُ َ َ ُ ْ ٓ َّ َّ
ع قلوب ِ ِه ۡم ف ُه ۡم ٱللِۚ إِن ُه ۡم َسا َء َما كنوا َي ۡع َملون ٢ذل ِك بِأنهم ءامنوا ثم كفروا فطبِع
المك ّية والمدن ّية من منطلق النبي مح ّمد Pفي دعوته في المرحلتين ّ وقد انطلق ّ
َ
ُ ٗ َ ٓ ۡ َ َۡٓ َۡ َ َّ َ َ َ َ ُ
لك َو َما َو َّص ۡي َنا ص بِهِۦ نوحا وٱلِي أوحينا إ ِ ٱدلِين َما َو َّ ٰ
كم ّم َِن ّ وحدة الدين﴿ :شع ل
ِ
ْ ُ ْ ّ َ َ َ َ
ِين َول َت َت َف َّرقُوا فِي ۚهِ﴾((( ،واإلقرار باألنبياء والرسل ٓ ۡ َ ٰ َ َ ُ َ ٰ َ َ ٰٓ ۡ
ِيسۖ أن أقِيموا ٱدل بِهِۦ إِبرهِيم وموس وع
َّ ّ َ ۡ ُ ۡ ُ َ ُ ٌّ ُ
ون ك لهِ مِن ربِهِۦ وٱلمؤمِن ۚ ول ب َما ٓ أنز َل إ ِ َ ۡ
َ َ َ َّ ُ ُ
ِ Rالسابقين عليه برساالتهم﴿ :ءامن ٱلرس ِ
َ َ ُ ْ َ َُ ُ ََۡ َ ُ َ َ َ َّ َ َ َ ٰٓ َ
ي أ َح ٖد ّمِن ُّر ُسلِهِۚۦ َوقالوا َس ِم ۡع َنا َوأ َط ۡع َناۖ لئِكتِهِۦ َوك ُتبِهِۦ َو ُر ُسلِهِۦ ل نف ّ ِرق ب ءامن بِٱللِ وم
َّ َ َّ َ
ين يَتب ِ ُعون ٱلري﴾((( ،وتبشير الرساالت السماويّة السابقة بهِ ﴿ : ك ٱل ۡ َم ِص ُ ُ ۡ َ َ َ َ َّ َ َ ۡ َ
غفرانك ربنا ِإَول
ُ ۡ ۡ ۡ ۡ َ ُ َُ َ ۡ َّ ب ۡٱلُ ّ َّ ُ َ
وف يل يَأ ُم ُرهم بِٱل َمع ُر ِ جن ٱل ٱتل ۡو َرىٰةِ َ
و ِند ُه ۡم ف َّوبا ع َ ك ُت ً م ۥه ون د ي ِي ٱل َّ
م ِ ول ٱنلَّ َّ ٱلرس
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ۡ
َ َ ۡ َ ٰ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ ُ ُّ َ ُ ُ َّ ّ َ ٰ َ ُ َ ّ ُ َ َ ۡ ُ َ َ ٰٓ َ َ َ َ ُ َ ۡ ُ ۡ ۡ َ ُ
صه ۡم ت ويح ِرم علي ِهم ٱلبئِث ويضع عنهم إ ِ حل لهم ٱلطيِب ِ وينهىهم ع ِن ٱلمنك ِر وي ِ
نزل
َ ُ
أ ور ٱل ٓ
ِي
َّ صوهُ َو َّٱت َب ُعوا ْ ٱنلُّ َ ِين َء َام ُنوا ْ بهِۦ َو َع َّز ُروهُ َونَ َ ُ َّ
ت َعلَ ۡيه ۡم فَٱل َ َو ۡٱلَ ۡغ َل ٰ َل َّٱلت َكنَ ۡ
ِ ِ ۚ ِ ِ
َ ٓ ُ ۡ َٰ ً َ ۡ ۡ
ك ه ُم ٱل ُمفل ُ ُ َ َ ُ ٓ ُ ْ َ ٰٓ َ
يل
ِ ِ ب س ِۦ ه ذ ِ ه ل ق ﴿ أمره: من بصيرة على الله إلى ا داعي ، (((
﴾ ون ِح معهۥ أولئ ِ
َ
َ ۡ ُ ٓ ْ َ َّ َ ٰ َ َ َ ۠ َ َ َّ َ َ َ ُ ۡ َ ٰ َ َّ َ َ ٓ َ ۠ َ ۡ ُ ۡ َ َ
شك َِني﴾((( .وحام ًال أدعوا إِل ٱللِۚ ع ب ِصري ٍة أنا وم ِن ٱتبع ِنۖ وسبحن ٱللِ وما أنا مِن ٱلم ِ
ُ ْ َ ُ ُ ٗ ُ َ َٓ ۡ
مسؤول ّية تعليم األمّة وتربيتها وتزكيتها﴿ :ك َما أ ۡر َسل َنا فِيك ۡم َر ُسول ّمِنك ۡم َي ۡتلوا َعل ۡيك ۡم
َ َ ٰ َ َ ُ َ ّ ُ ۡ َ ُ َ ّ ُ ُ ُ ۡ َ ٰ َ َ ۡ ۡ َ َ َ ُ َ ّ ُ ُ َّ َ ۡ َ ُ ُ ْ َ ۡ َ ُ َ
ون﴾(((، ءايتِنا ويزك ِيكم ويعل ِمكم ٱلكِتب وٱل ِكمة ويعل ِمكم ما لم تكونوا تعلم
ّ َ ُ ْ َ ٗ ّ َ ُ َ َ ۡ َ َّ َّ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ
س ِه ۡم َي ۡتلوا َعل ۡي ِه ۡم َءايٰتِهِۦ َو ُي َزك ِي ِه ۡم ِني إِذ َب َعث فِي ِه ۡم َر ُسول م ِۡن أنف ِ ﴿لقد من ٱلل ع ٱلمؤ ِمن
َ َ َ َ ْ ۡ ۡ َ ۡ ّ
َو ُي َعل ُِم ُه ُم ٱلك َِتٰ َب َوٱل ِك َمة ِإَون كنُوا مِن ق ۡب ُل ل ِف َضل ٰ ٖل ُّمب ِ ٍني﴾((( ،وسالكاً منهج الدعوة
َ
يل َر ّبِك ۡ ُ َٰ َ
إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال باألحسن﴿ :ٱدع إِل سب ِ ِ
َ َّ َ ُ َ َۡ َّ َ َّ جٰدِل ۡ ُ ٱل ِۡك َمةِ َوٱل ۡ َم ۡوع َِظةِ ۡ َ ۡ
ه أ ۡح َس ُنۚ إِن َر َّبك ه َو أعل ُم ب ِ َمن ضل َعن ٱلت ِ َ
ِ ِ ب مه ٱل َس َنةِ َو َ
ۖ بِ
َ
ِين﴾((( ،فبذل بالغ الجهد في دعوة الناس إلى الله تعالى من َسبيلِهِۦ َو ُه َو أ ۡعلَ ُم بٱل ۡ ُم ۡه َتد َ
ِ ِ
ََ ََۡٓ َۡ َ
لك -يوجد تكامل بين الشرائع ،فالالحقة تنسخ السابقة وتهيمن عليها﴿ :وأنزلا إ ِ
َ
َ ُ َۡ ً َ َۡ َ ۡ ُ ََُۡ َ ٓ ََ َۡ ّ ُ َ ّ ٗ ّ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ
نزل ب ومهي ِمنا عليهِۖ فٱحكم بينهم بِما أ ٱلكِتٰب بِٱل ِق مصدِقا ل ِما بي يديهِ مِن ٱلكِتٰ ِ
اجا ۚ َول َ ۡو َشا ٓ َء َّ ُ
ش َع ٗة َوم ِۡن َه ٗ ُ ۡ َّ ُ َ َ َ َّ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ُ ۡ َ َّ َ ٓ َ َ َ ۡ َ ّ ُ ّ
ٱلل ِنك ۡم ِ ۡ ِك َج َعل َنا م قل ٖ ٱللۖ ول تتبِع أهواءهم عما جاءك مِن ٱل ِ ۚ
ُ ّ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ ٓ َ َ ٰ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ْ ۡ َ ۡ َ ٰ َ َّ
ٱللِ َم ۡ َ َ َ َ ُ ۡ ُ َّ ٗ َ َ ٗ َ َ
ج ُعك ۡم ِ ر ل إ
ِۚ ِ ت ر ي ٱل وا ق ِ بت ٱس ف ۖم ك ى ات ء ا م فِ م ك و ل ب ل
ِ ن ك ٰ
لعلكم أمة وٰحِدة و ِ
ل
ََۡ ُ َ كم ب َما ُك ُ
َ ٗ ََُّ ُ ُ
ون﴾. نت ۡم فِيهِ تتل ِف ِ جِيعا فينبِئ
َ ٗ ۡ َ َ َّ َّ َ َ َ َّ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ ّ َ َ
ِين حن ِيفا ۚ ف ِطرت ٱللِ ٱل ِت فطر ٱنلاس عليها ۚ ل تبدِيل -فطريّة الدين﴿ :فأق ِم وجهك ل ِدل َ ِ
َ ََُۡ َ كََ َ ۡ َّ َ ٰ َ ّ ُ ۡ َ ّ ُ َ َ ٰ َّ ۡ
ون﴾. اس ل يعلم ث ٱنلَّ ِ كن أ ِلل ِق ٱللِۚ ذل ِك ٱدلِين ٱلقيِم ول ِ
اإلنساني في إرسال الرسل Rللتبشير واإلنذار: ّ -الس ّنة اإلله ّية جارية في االجتماع ُ
ۡ ۡ
َّ ۡ َ َ ٰ ََ ٓ َّ َ
ِيرا﴾﴿ ،إ ۡن أ َ ۡ َّ ٓ َ ۡ َ َ ٰ َ
ۡ
رياٱل ّق بَشِ ٗ كب َ ن ل س ر أ ا ن إ ٢٣ نت إِل نَذ ٌ
ِير ريا َونَذ ٗ
ٱل ّق بَشِ ٗ كب َ
ِ ِ ِ ِ ۚ ﴿إِنا أرسلن ُ ِ
ِ
َ َ َّ
ِيرا ِإَون ّم ِۡن أ َّمة إل َخل ف َ
ِيها نذ ٞ َ ٗ
ِير﴾. ٍ ِ َونذ ۚ
ُ َ ٓ َ ۡ
-الس ّنة اإلله ّية جارية في إرسال الرسل Rمن أقوامهم﴿ :ك َما أ ۡر َسل َنا فِيك ۡم ُ
ُ ُ َ ٞ ُ ٓ َ َ ُ ٗ
ِك ۡم﴾. َر ُسول ّمِنك ۡم﴾﴿ ،لق ۡد َجا َءك ۡم َر ُسول ّم ِۡن أنفس
َ ُ ْ َ ُ ُ ٗ ُ َ َٓ ۡ
-التربية والتعليم ال ينفصالن﴿ :ك َما أ ۡر َسل َنا فِيك ۡم َر ُسول ّمِنك ۡم َي ۡتلوا َعل ۡيك ۡم َءايٰت ِ َنا
َ ُ َ ّ ُ ۡ َ ُ َ ّ ُ ُ ُ ۡ َ ٰ َ َ ۡ ۡ َ َ َ ُ َ ّ ُ ُ َّ َ ۡ َ ُ ُ ْ َ ۡ َ ُ َ
ون﴾. ويزك ِيكم ويعل ِمكم ٱلكِتب وٱل ِكمة ويعل ِمكم ما لم تكونوا تعلم
ت مِن م َّم ٌد إ َّل َر ُسول ق ۡد َخل ۡ
َ َ ٞ ََ َُ
للحق﴿ :وما بالنبي ،Pبما يم ّثله من نهج ّ -االرتباط
ِ ّ
ض َّ َ ع َعقِ َب ۡيهِ فَلَن يَ ُ َّ نقل ِۡب َ َ ٰ ُّ ُ ُ َ َ ْ َّ َ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ٰٓ َ ۡ َ ٰ ُ ۡ َ َ َ َ َ
ٱلل ق ۡبلِهِ ٱلرسل ۚ أفإِين مات أو قتِل ٱنقلبتم ع أعقبِك ۚم ومن ي
ين﴾. ٱلشكِر َ
ِ ٱلل َّ ٰياۗ َو َس َي ۡجزي َّ ُ
ِ
َ ۡٗ
ش ٔ
ۡ َ َ ُ َ َّ َ َ ۡ
وت إِل بِإِذ ِن ومقضي ،ال مف ّر منهَ ﴿ :و َما كن لِ َف ٍس أن تم ّ حتمي مق ّدر ّ -الموت أمر
َّ َ ٗ ُّ َ َّ ٗ
ٱللِ كِتٰبا مؤجل ۗ﴾.
َ َ ۡ َ َّ َّ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ
ِني إِذ -بعثة رسول الله Pنعمة كبيرة تستوجب الشكر﴿ :لقد من ٱلل ع ٱلمؤ ِمن
ۡ َ ۡ سه ۡم َي ۡتلُوا ْ َعلَ ۡيه ۡم َء َايٰتِهِۦ َو ُي َز ّك ِيه ۡم َو ُي َع ّل ُِم ُه ُم ۡٱلك َِتٰ َ ۡ َُ ٗ ّ ۡ َ ُ َ
ب َوٱل ِك َمة ِ ِ ِ ِ نف َب َعث فِي ِهم رسول مِن أ
َ َ َ َ ْ
ِإَون كنُوا مِن ق ۡب ُل ل ِف َضل ٰ ٖل ُّمب ِ ٍني﴾.
َ ٓ َ
-اإلنسان بسوء أفعاله ون ّياته يُح َرم الخير ،ويستجلب الش ّرَّ ﴿ :ما أ َصابَك م ِۡن َح َس َن ٖة
َ ّ َ َ َّ ۡ َ َ َٓ َّ َ
ِكۚ﴾. ف ِم َن ٱللِۖ َو َما أ َصابَك مِن سيِئةٖ ف ِمن نفس
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 340
ول ب ۡ َ ً َ َ ُّ َ َّ ُ َ ۡ َ ٓ َ ُ ُ َّ ُ ُ
ٱل ّ ِق يأيها ٱنلاس قد جاءكم ٱلرس ِ -كفران اإلنسان يرت ّد عليه خسراناً مُبينآٰ ﴿ :
ۡرض َو َك َن َّ ُ َۡ ك ُف ُروا ْ فَإ َّن ِ َّلِ َما ف َّ َ َ
َ ۡ َّ ّ ُ ۡ َ َ ُ ْ َ ۡ ٗ َّ ُ
ٱلل ت َوٱل ِۚ ٱلسمٰو ٰ ِ ِ ِ يا لك ۡ ۚم ِإَون ت فامِنوا خ مِن ربِكم ٔ
َعل ًِيما َحك ِٗيما﴾.
َ َ ُّ َ َّ ُ ُ َ ّ ۡ َ ٓ ُ َ
نزل يأيها ٱلرسول بل ِغ ما أ ِ -ما على الرسول ّ Pإل البالغ ،وهو أمين على التبليغٰٓ ﴿ :
َّ َّ َ َ َّ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َّ ۡ َ َ َ َ ُ َ َّ ُ َ ۡ ُ َ َ َّ َّ ّ َ َۡ َ
ٱلل ل َي ۡهدِي إِلك مِن ربِك ۖ ِإَون لم تفعل فما بلغت رِساله ۚۥ وٱلل يع ِصمك مِن ٱنل ِ ۗ
اس إِن
كمۡ َ َ ٓ ُ َّ َ َ ٓ َ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ٓ َ ُ ُ َ ُ ۡ ُ َّ ٓ َ ُ ُ َ ُ كٰفِر َ َۡ َۡ ۡ َ
ين﴾﴿ ،قل ل أقول لكم عِندِي خزائِن ٱللِ ول أعلم ٱلغيب ول أقول ل ِ ٱلقوم ٱل
ّ َ َ ٌ ۡ َ َّ ُ َّ َ ُ َ ََّ
وح إِل ۚ﴾. إ ِ ِن ملك ۖ إِن أتبِع إِل ما ي ٰٓ
َ ۡ ُ الحقَ ﴿ :ولَن تَ ۡر َ ٰ
ض َعنك ٱلَ ُهود -على الداعي ْأن ال يساوم أو يهادن في دعوته إلى ّ
َّ َ
َّ ُ َ ۡ ُ َ ٰ َ َ َّ َ ۡ َ ۡ ٓ ُ ُ ۡ َّ ُ َّ َ َ َّ َ ٰ َ ٰ َ َّ ٰ َ َّ
ت أه َوا َءهم َب ۡع َد ٱلِي ت تتب ِ َع مِل َت ُه ۡمۗ قل إِن ه َدى ٱللِ هو ٱلهدىۗ ولئ ِ ِن ٱتبع ول ٱنلصرى ح
َ ّ ََ َ َ ٓ َ َ َ ۡ ۡ َ َ َ َ َّ
ري﴾ ٍ ص
ِ ن ل و ل
ٖ ِ و ِنم ِ ٱلل جاءك مِن ٱلعِل ِم ما لك مِن
-على الداعي احتضان المؤمنين ،وخفض الجناح لهم ،والتعامل معهم برحمة ورأفة:
َ َ َ َ َ ۡ ُ َّ َ َ ۡ ُ َ َ َّ ُ ۡ َ َ ٰ َ ۡ َ ّ ُ ُ َ
يدون َو ۡج َه ُه ۖۥ َما َعل ۡيك م ِۡن ح َِساب ِ ِهم ّمِن ش ي ِر ﴿ول تطردِ ٱلِين يدعون ربهم بِٱلغدوة ِ وٱلع ِ ِ
ٓ ُ ََ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ّ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ َ َ َّ
ني﴾﴿ ،لق ۡد َجا َءك ۡم ٱلظٰلِم َ
ِ ش ٖء وما مِن حِسابِك علي ِهم مِن ش ٖء فتطردهم فتكون مِن
ُۡ ۡ َ َُ ٞ َ ُ يز َعلَ ۡيهِ َما َعن ُِّت ۡم َحر ٌ ُ َُ ُ َ ۡ ّ ٞ
ِيم﴾، وف َّرح ٞ يص َعل ۡيكم بِٱلمؤ ِمن ِني رء ِ
ِك ۡم َعز ٌ
ِ س نف رسول مِن أ
ۡ ٱخف ۡض َج َن َ
اح َك ل ِل ُم ۡؤ ِمن َِني﴾. ۡ
﴿ َو ِ
ُ ۡ ۡ ۡ
-على الداعي تح ّري العفو والصفح ،واإلعراض عن مجادلة الجاهلين﴿ :خ ِذ ٱل َعف َو َوأ ُم ۡر
َ ٰ َ ُۡۡ ََ ۡ ۡ َ ۡ
بِٱلعر ِف وأعرِض ع ِن ٱلج ِهل ِني﴾.
ۡ ۡ َ ُۡ َ ۡ ۡ
ٱص َدع ب ِ َما تؤ َم ُر َوأع ِرض -على الداعي أن يصدر في دعوته بق ّوة ،وثبات موقف﴿ :ف
َ ُۡ ۡ
شك َِني﴾.ع ِن ٱلم ِ
ك يَض ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َّ َ
يق ِ -على الداعي أن يصبر على أذى قومه في دعوته إيّاهم﴿ :ولقد نعلم أن
ورا﴾. ك َو َل تُ ِط ۡع م ِۡن ُه ۡم َءاث ًِما أَ ۡو َك ُف ٗ َ ۡ ۡ ُِ ۡ َ ّ َ ُ ُ َ
َص ۡد ُر َك ب ِ َما َيقولون﴾﴿ ،فٱص ِب لك ِم ر ِب
َ ُ َ
الثبات أمام أذى الناس﴿ :ف َس ّب ِ ۡح ِبَ ۡم ِد َر ّبِك َوكن َ ِ -ذ ْكر الله تعالى يمنح الداعي الصابر
341 ()٢ محمد P
النبي ّ
ّ
َ ُ َّ ّ َ ۡ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ ۡ ّ َ ُّ َ َ َ ٗ َّ ۡ ُ ٗ
ٱج َعل ِل مِن صد ٖق و صد ٖق وأخ ِرج ِن مرج ِ ب أدخِل ِن مدخل ِ ربك مقاما ممودا ٧٩وقل ر ِ
ٗ ۡ َ َ ۡ
ٱل ُّق َو َز َه َق ٱل َبٰ ِط ُل ۚ إ ِ َّن ٱل َبٰ ِطل ك َن َز ُهوقا﴾.ريا َ ٨٠وقُ ۡل َجا ٓ َء ۡ َ َّ ُ َ
نك ُس ۡل َطٰ ٗنا نَّ ِص ٗ ل
َۡ ۡ ْ َٓ َ َ َ
النوعي ال الك ّم ّي﴿ :ف َمن كن يَ ۡر ُجوا ل ِقا َء َر ّبِهِۦ فل َي ۡع َمل ّ -الله تعالى يرتضي الصالح
َ َ َٗ َ ٗ ََ ُۡ
ش ۡك ب ِ ِع َب َادة ِ َر ّبِهِۦٓ أ َح َ ۢدا﴾.
عمل صٰل ِحا ول ي ِ
-الصالة عنوان للعالقة بين اإلنسان وربّه ،والزكاة عنوان لعالقته مع أخيه اإلنسان:
َ َ ُ ْ َّ َ ٰ َ َ َ ُ ْ َّ َ
ٱلزك ٰوةَ﴾. ﴿فأقِيموا ٱلصلوة وءاتوا
ّ ُ ّ َّ َ ْ َ َۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ َ
ض لل ُّجوا ِف -اإلنسان الغافل ال يعتبر بالبالء﴿ :ولو ر ِحنٰهم وكشفنا ما ب ِ ِهم مِن ٖ
َ َ ۡ َ َ ُ ْ َ ّ ۡ َ َ َ َ َ َّ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َٰ ُ ۡ َ َ ُ َۡ ۡ ََُۡ َ
ون﴾. اب فما ٱستكنوا ل ِرب ِ ِهم وما يتضع طغيٰن ِ ِهم يعمهون ٧٥ولقد أخذنهم بِٱلع ِ
ذ
َ ُ ْ َ َ َ َ َۡ ُ َ ۡ َ ُ ْ َۡ
الحق﴿ :بَل قالوا مِثل َما قال ٱل َّولون ٨١قال ٓوا أءِذا
-التقليد األعمى يص ّد اإلنسان عن ّ
َ ۡ ُ ۡ َ ٰ َ ٓ َّ ٓ َُٓ َ َ َ َۡ ََ ُ َ َ َ َّ َ ُ ُ
م ِۡت َنا َوك َّنا ت َر ٗابا َوعِظٰ ًما أءِنا ل َم ۡب ُعوثون ٨٢لق ۡد ُوع ِۡدنا ن ُن َو َءابَاؤنا هٰذا مِن قبل إِن هذا إِل
ۡ َ ّ َّ ُ ۡ َ َ ٰ ُ َ ُ ٰ َ ۡ َۡ ََ َ َّ ََ ُ َۡ
أ ٰ
س ِطري ٱلول ِني ٨٣بل أتينهم بِٱل ِق ِإَونهم لكذِبون﴾.
َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ۡ ُ ُ ْ َ
يأيها ٱلِين ءامنوا ل تدخلوا -ضرورة مراعاة األدب في العالقة مع رسول الله ٰٓ ﴿ :P
َ َ ٰ ُ َ َٰ ۡ َ ُ ُ َ ۡ ُ ُ ْ َ َ ُ ُ َ َّ ّ َّ ٓ َ ُ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ َ َ
ِيت ۡم فٱدخلوا فإِذا كن إِذا دع ي نٰ ِظ ِرين إِنىه ول ِ ب إِل أن يؤذن لكم إِل طعا ٍم غ بيوت ٱنل ِ ِ
ُ َّ َّ َ َ ۡ َ ۡ َّ َ ٰ ُ ۡ َ َ ُ ۡ تنس َ ُ ۡ َۡ َ ْ َطعِ ۡم ُت ۡم فَٱنتَ ِ ُ
حۦ مِنك ۡمۖ ب فيست ِ ِيث إِن ذل ِكم كن يؤذِي ٱنل ِ لد ٍ ِۚني ِ َ شوا َول مس ٔ ِ
ٱل ّ ِ ۚق﴾. ٱلل َل ي َ ۡس َت ۡحۦ م َِن ۡ َ َو َّ ُ
ِ
ٓ
وه َّن مِن َو َراءِ َ َ َ ۡ ُ ُ ُ َّ َ َ ٰ ٗ َ ۡ َ ُ ُ
سل-حرمة إلحاق األذى برسول الله ِ﴿ :Pإَوذا سألموهن متعا ف ٔ
ُ ۡ َ ُ ُ َّ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ ْ َ ُ َ َّ َ َ ٓ َ ُ ُ َ ُ َ
اب ذٰل ِك ۡم أ ۡط َه ُر ل ِقلوبِكم وقلوب ِ ِهنۚ وما كن لكم أن تؤذوا رسول ٱللِ ول أن حِج ٖ ۚ
َ
ون َّ َ َّ َّ َ ُ ۡ ُ َ ٱللِ َع ِظ ً َ َّ َّ َ ُ َ َ َ َ ُ َْ
ٱلل يما﴾﴿ ،إِن ٱلِين يؤذ ِح ٓوا أ ۡز َو ٰ َج ُهۥ ِم ۢن َب ۡع ِده ِۦٓ أبَ ًداۚ إِن ذٰل ِك ۡم كن عِند تنك
َ َ َ َ َ
ٱدل ۡن َيا َوٱٓأۡلخ َِرة ِ َوأ َع َّد ل ُه ۡم َعذ ٗابا ُّم ِه ٗينا﴾. ٱلل ف ُّ
ِ
ولۥ ل َع َن ُه ُم َّ ُ َو َر ُس ُ
َ َ
يأ ُّي َها
بۚ ٰٓٱلل َو َم َ ٰٓ َ َ ُ ُ َ ُّ َ َ َ َّ ّ -استحباب الصالة على النبي وآله ﴿ :Pإ َّن َّ َ
لئِكتهۥ يصلون ع ٱنل ِ ِ ِ ّ
َ ْ ّ ْ ُّ ْ َ
ِين َء َام ُنوا َصلوا َعل ۡيهِ َو َسل ُِموا ت ۡسل ًِيما﴾. َّٱل َ
ۡ َ َ ُ ْ ِني َوٱل ۡ ُم ۡؤم َِنٰت ب َغ ۡ ون ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن ََ َّ َ ُ ۡ ُ َ
ي َما ٱكتسبوا ِ ِ ِ -حرمة إلحاق األذى بالمؤمنين﴿ :وٱلِين يؤذ
ۡ ََ ۡ ُ ْ
ٱح َت َملوا ُب ۡه َتٰ ٗنا ِإَوث ٗما ُّمب ِ ٗينا﴾. فق ِد
343 ()٢ محمد P
النبي ّ
ّ
ّ
-التفكر في أمر ،والتشاور فيه مع اآلخرين ،يفتح اآلفاق أمام اإلنسان لرؤية ّ
الحق:
ُ ّ ُ ۡ َّ َ ٓ َ ُ ُ َ َ َ َ ُ ُ ْ َّ َ ۡ َ َ ُ َ َ ٰ ُ َ َ َ َّ ْ
ج َّن ٍةۚ
حبِكم مِن ِ ى ث َّم تتفك ُر ۚوا َما ب ِ َصا ِ ن وفرٰد ﴿قل إِنما أعِظكم بِوٰحِد ٍةۖ أن تقوموا ِلِ مث ٰ
ۡ ُ َ َّ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ َّ ٞ
اب َشدِي ٖد﴾.
إِن هو إِل نذِير لكم بي يدي ع ٖ
ذ
ۡ َّ َ
-حالة اليسر هي الغالبة على الحياة ،والعسر أمر طارىء﴿ :فإن َم َع ٱل ُع ۡس ي ُ ۡ ً
سا ٥ ِ ِ
سا﴾.إ َّن َم َع ۡٱل ُع ۡس ي ُ ۡ ٗ
ِ ِ
ٗ ۡ ُ ۡ ُ َّ َ َ ۡ ً ۡ ُ ۡ ُ ۡ َ َ َّ َ
س يسا﴾. س يسا ٥إِن مع ٱلع ِ -العسر محفوف ومحاط باليسر دائماً﴿ :فإِن مع ٱلع ِ
-على اإلنسان مضاعفة الجهد ،وعدم انتهاج الخمول والكسل بعد الفراغ من العمل:
َ َ
ِإَول َر ّب ِ َك ف ۡٱرغب﴾. بَٰ ٧ ت فَ َ
ٱنص ۡ ﴿فَإ َذا فَ َر ۡغ َ
ِ
حق شكر المنعم تعالى بأداء ّ
حق العبوديّة له ،واالبتهال إليه بالصالة والدعاء: -أداء ّ
ۡ َ ّ َ َ ۡ َٓ
﴿إ ِ َّنا أ ۡع َط ۡي َنٰ َك ٱلك ۡوث َر ١ف َص ِل ل َِر ّب ِ َك َوٱنَ ۡر﴾.
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 344
األفكار الرئيسة
مكة المك ّرمة إلى المدينة المن ّورة ،وعندما وصل، النبي مح ّمد Pمن ّ .1هاجر ّ
عمل على بناء مسجد ،وآخى بين المسلمين ،وأمر بإعداد جيش اإلسالم ،وعقد
وثيقة مع يهود المدينة؛ ح ّتى يأمن ش ّرهم ،ويتف ّرغ لتأسيس نواة الدولة اإلسالم ّية.
اإللهي بتغيير قبلة المسلمين من بيت ّ .2في بداية الهجرة المباركة ،جاءه األمر
المقدس في فلسطين إلى الكعبة المش ّرفة في ّ
مكة.
.3ا ّتسمت دعوته Pفي المرحلة المدن ّية بتأكيد األصول العقديّة وتعميقها فكر ّياً
ومسلك ّياً ،وكذلك األمر بالنسبة إلى األصول القيم ّية واألخالق ّية ،والتركيز على
تفصيل األصول التشريع ّية وتكاليفها الفرديّة واالجتماع ّية.
النبي Pفي نشر دعوته وتثبيتها في هذه المرحلة المدن ّية موانع ع ّدة، .4واجه ّ
تم ّثلت أ ّوالً بك ّفار قريش ،وثانياً باليهود ،وثالثاً بالنصارى ،ورابعاً بالمنافقين،
وخامساً بالروم.
ّ
فكر وأجب
مطالعة
النبي ّ
محمد Pإلى الملوك ّ رسائل
النبي مح ّمد Pإلى كسرى ملك فارس« :بسم الله الرحمن الرحيم. . . -رسالة ّ
من محمّد رسول الله ،إلى كسرى عظيم فارس :سالم على من اتّبع الهدى . . .وأدعوك
بدعاية الله ،فإنّي أنا رسول الله إلى الناس كافّة ،ألنذر من كان ح ّياً ،ويحقّ القول على
الكافرين ،أسلم تسلم ،فإنْ أبيت ،فعليك إثم المجوس»(((.
النبي مح ّمد Pإلى القيصر ملك الروم« :بسم الله الرحمن الرحيم. . . -رسالة ّ
إلى هرقل عظيم الروم :سالم على من اتّبع الهدى .أمّا بعد ،فإنّي أدعوك باإلسالم .أسلم
تسلم ،يؤتك الله أجرك مرّتين ،فإن تولّيت ،فإنّما عليك إثم األريسيين»(((.
النجاشي ملك الحبشة« :بِسْ مِ ال َّل ِه الرَّحْ منِ الرَّحِ يمِ .
ّ النبي مح ّمد Pإلى -رسالة ّ
من محمّد رسول الله ،إلى النجاشيّ ملك الحبشة .إنّي أحمد إليك الله ،الملك القدوس
ََۡ ٓ َ َ
السالم المهيمن ،وأشهد أنّ عيسى بن مريم روح اللهَ ﴿ :وك َِم ُت ُه ٓۥ ألقى ٰ َها إ ِ ٰل مريم﴾
َ ۡ َ َ (((
البتول الطيّبة ،فحملت بعيسى .وإنّي أدعوك إلى الله وحده ال شريك له ،فإنْ تبعتني،
وتؤمن بالذي جاءني ،فإنّي رسول الله ،وقد بعثت إليك ابن عمّي جعفراً ،ومعه نفر من
المسلمين ،والسَّ المُ عَلى مَنِ ا َّتبَعَ ا ْلهُدى»(((.
النجاشي إلى رسول الله Pمجيباً« :بِسْ مِ ال َّل ِه الرَّحْ منِ الرَّحِ يمِ .إلى محمّد ّ فكتب
رسول الله من النجاشيّ .سالم عليك يا نبيّ الله ورحمة الله وبركاته ،الذي ال إله ّإل هو
الذي هداني إلى اإلسالم .أمّا بعد ،فقد بلغني كتابك يا رسول الله في ما ذكرت من أمر
فورب السماء واألرض ،إنّ عيسى ما يزيد على ما ذكرت ثفروقاً ( ِقمَع التمرة، عيسىّ ،
وهي ما يكون على أعلى رأسها) ،إنّه كما قلت ،وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ،وقدم ابن
عمّك وأصحابك .وأشهد أنّك رسول الله ،وقد بايعتك وبايعت ابن عمّك ،وأسلمت على
فعلت يا رسول
رب العالمين .وقد بعثت إليك يا نبيّ الله ،فإنْ شئت أن آتيكُ ، يديه لله ّ
الله ،فإنّي أشهد أنّ ما تقول حقّ ،والسالم عليك ورحمة الله وبركاته»(((.
ملحق
آيات قصص األنبياء R
-القرآن الكريم.
علي أكبر الغفاريّ ،ال
علي ،الخصال ،تصحيح وتعليق ّ -الصدوق ،الشيخ مح ّمد بن ّ
اإلسالمي التابعة لجماعة المدرّسين1403 ،هـ.ق/
ّ مؤسسة النشر ط ،قمّ المق ّدسةّ ،
1362هـ.ش.
علي أكبرعلي ،كمال الدين وتمام النعمة ،تصحيح وتعليق ّ -الصدوق ،الشيخ مح ّمد بن ّ
اإلسالمي التابعة لجماعة المدرّسين،
ّ مؤسسة النشر الغفاريّ ،ال ط ،قمّ المق ّدسةّ ،
1405هـ.ق1363 /هـ.ش.
علي ،معاني األخبار ،تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاريّ ،ال -الصدوق ،الشيخ مح ّمد بن ّ
اإلسالمي التابعة لجماعة المدرّسين1379 ،هـ.ق/ّ مؤسسة النشر ط ،قمّ المق ّدسةّ ،
1338هـ.ش.
علي ،األمالي ،تحقيق قسم الدراسات اإلسالم ّية ،ط ،1قم -الصدوق ،الشيخ مح ّمد بن ّ
مؤسسة البعثة1417 ،هـ.ق. المق ّدسةّ ،
اني،
الحسيني الطهر ّ
ّ علي ،التوحيد ،تصحيح وتعليق هاشم -الصدوق ،الشيخ مح ّمد بن ّ
اإلسالمي التابعة لجماعة المدرّسين ،ال ت.
ّ مؤسسة النشر ال ط ،قمّ المق ّدسةّ ،
علي ،عيون أخبار الرضا ،Qتصحيح وتعليق وتقديم -الصدوق ،الشيخ مح ّمد بن ّ
األعلمي للمطبوعات1404 ،هـ.ق1984 /م. ّ مؤسسة
األعلمي ،ال ط ،بيروتّ ،
ّ حسين
علي ،من ال يحضره الفقيه ،تصحيح وتعليق :علي أكبر -الصدوق ،الشيخ مح ّمد بن ّ
اإلسالمي التابعة لجماعة المدرّسين،
ّ مؤسسة النشر الغفاريّ ،ط ،2قم المق ّدسةّ ،
ال ت.
مؤسسة الكتب -ابن ح ّبان ،محمد ،كتاب الثقات ،ط ،1الهند -حيدر آباد الدكنّ ،
الثقافية؛ مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمان ّية1393 ،هـ.ق.
قصص األنبياء Rفي القرآن الكريم 358
علي ،مناقب آل أبي طالب ،Qتصحيح وشرح ومقابلة -ابن شهرآشوب ،مح ّمد بن ّ
لجمة من أساتذة النجف األشرف ،ال ط ،النجف األشرف ،المطبعة الحيدريّة،
1376هـ.ق1956 /م.
-ابن فارس ،أحمد ،معجم مقاييس اللغة ،تحقيق عبد السالم محمد هارون ،ال ط ،قمّ
اإلسالمي1404 ،هـ.ق.
ّ المق ّدسة ،مكتب اإلعالم
-ابن كثير ،إسماعيل ،قصص األنبياء ،تحقيق مصطفى عبد الواحد ،ط ،1مصر ،دار
التأليف؛ دار الكتب الحديثة1388 ،هـ.ق1968 /م.
علي ،مكاتيب الرسول ،ط ،1ال م ،دار الحديث1998 ،م. -األحمديّ الميانجيّ ،
األصفهاني ،حسين بن مح ّمد ،مفردات ألفاظ القرآن ،تحقيق صفوان عدنان ّ -الراغب
داوودي ،ط ،2قم المق ّدسة ،مطبعة سليمانزاده؛ طليعة النور1427،هـ.ق.
-األندلسي ،أبو ح ّيان ،تفسير البحر المحيط ،تحقيق عادل أحمد عبد الموجود؛ ّ
وآخرون ،ط ،1بيروت ،دار المكتبة العلم ّية1422 ،هـ.ق2001 /م.
-تفسير اإلمام العسكريّ ،تحقيق ونشر مدرسة اإلمام المهديّ (عج) ،ط ،1قمّ المق ّدسة،
مطبعة مهر1409 ،هـ.ق.
العاملي ،مح ّمد بن الحسن ،إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات ،تقديم :شهاب ّ -الح ّر
األعلمي ،ط ،1بيروت،
ّ النجفي ،تخريج أحاديث عالء الدين
ّ المرعشي
ّ الدين
األعلمي للمطبوعات1425 ،هـ.ق2004 /م. ّ مؤسسة
ّ
-الحميري ،ابن هشام ،السيرة النبويّة ،تحقيق وضبط وتعليق مح ّمد محيي الدين
علي صبيح وأوالده، المدني؛ مكتبة مح ّمد ّ
ّ عبد الحميد ،ال ط ،القاهرة ،مطبعة
1383هـ.ق1963 /م.
-الرواندي ،قطب الدين ،قصص األنبياء ،تحقيق غالم رضا عرفانيان اليزدي الخراساني،
مؤسسة الهادي1418 ،هـ.ق1376 /هـ.ش. ط ،1قم المق ّدسةّ ،
-الطباطبائي ،السيد مح ّمد حسين ،الميزان في تفسير القرآن ،ال ط ،قمّ المق ّدسة،
اإلسالمي التابعة لجماعة المدرّسين ،ال ت.
ّ مؤسسة النشر ّ
الطبرسي ،الفضل بن الحسن ،مجمع البيان في تفسير القرآن في تفسير ّ -الشيخ
مؤسسة القرآن ،تحقيق وتعليق لجنة من العلماء والمح ّققين ،ط ،1بيروتّ ،
359 عجارملاو رداصملا ةمئاق
األعلمي1415،هـ.ق1995 /م.ّ
-الطبريّ ،مح ّمد بن جرير ،تاريخ الملوك واألمم ،مراجعة وتصحيح وضبط نخبة من
األعلمي للمطبوعات1403 ،هـ.ق1983 /م. ّ مؤسسة العلماء ،ط ،4بيروتّ ،
-الطريحي ،فخر الدين ،مجمع البحرين ،ط ،2طهران ،مطبعة چاپخانهء طراوت؛
مرتضوي1362 ،هـ.ش.
-الطوسي ،الشيخ مح ّمد بن الحسن ،األمالي ،تحقيق قسم الدراسات اإلسالم ّية في ّ
مؤسسة البعثة ،ط ،1قمّ المق ّدسة ،دار الثقافة1414 ،هـ.ق. ّ
-الطوسي ،الشيخ مح ّمد بن الحسن ،التبيان في تفسير القرآن ،تحقيق وتصحيح ّ
اإلسالمي1409 ،هـ.ق.
ّ العاملي ،ط ،1طهران ،مكتب اإلعالم
ّ أحمد حبيب قصير
-الشريف الرضي ،مح ّمد بن الحسين ،نهج البالغة (الجامع لخطب اإلمام أمير
علي بن أبي طالب Qورسائله وحكمه) ،شرح مح ّمد عبده ،ط،1 المؤمنين ّ
قمّ المق ّدسة ،دار الذخائر؛ مطبعة النهضة1412 ،هـ.ق1370 /هـ.ش.
العياشي ،تحقيق وتصحيح وتعليق هاشم ّ -العياشي ،مح ّمد بن مسعود ،تفسير ّ
الرسولي المحالتي ،ال ط ،طهران ،المكتبة العلم ّية اإلسالم ّية ،ال ت.
ّ
المخزومي ،إبراهيم
ّ -الفراهيدي ،الخليل بن أحمد ،كتاب العين ،تحقيق مهدي
مؤسسة دار الهجرة؛ مطبعة الصدر1410 ،هـ.ق. السامرائي ،ط ،2ال مّ ،
علي بن إبراهيم ،تفسير الق ّم ّي ،ط ،3تصحيح وتعليق وتقديم طيب الموسويّ -الق ّم ّيّ ،
مؤسسة دار الكتاب1404 ،هـ.ق. الجزائريّ ،قمّ المق ّدسةّ ،
علي أكبر الغفاريّ ،ط،5
-الكليني ،الشيخ مح ّمد بن يعقوب ،الكافي ،تصحيح وتعليق ّ ّ
طهران ،دار الكتب اإلسالم ّية؛ مطبعة حيدري1363 ،هـ.ش.
الزنجاني ،ط ،2بيروت،
ّ -المجلسي ،مح ّمد باقر ،بحار األنوار ،تحقيق يحيى العابدي ّ
مؤسسة الوفاء1403 ،هـ.ق1983 /م. ّ
-المفيد ،الشيخ مح ّمد بن النعمان ،االختصاص ،تحقيق علي أكبر الغفاريّ ؛ محمود
الزرندي ،ط ،2بيروت ،دار الشيخ المفيد1414 ،هـ.ق1993 /م.