Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 22

‫‪2016 2003‬‬

‫توجهات السياسة اخلارجية األمريكية يف العراق بني إدارة بوش االبن‬


‫وإدارة بارك أوباما ‪2016/2003‬‬

‫‪03‬‬

‫*******‬
‫ملخص‪:‬‬
‫تبحث هذه الدراسة في إشكالية بالغة األهمية في حقل العلوم السياسية‪ ،‬وهي املتمثلة في توجهات‬
‫السياسة الخارجية األمريكية في العراق‪ ،‬هذه األخيرة التي تباينت التوجهات األمريكية اتجاهها بين إدارة‬
‫الرئيس بوش ذات التوجه العدائي‪ ،‬والتي قامت بغزو العراق وتدميره‪ ،‬وإدارة الرئيس أوباما التي عملت‬
‫على سحب القوات العسكرية منها‪ ،‬وه ذا ما كان له تداعيات خطيرة على العراق‪ ،‬وبالتالي فإن هذه‬
‫الدراسة تهدف إلى اإلحاطة بمختلف جوانب السياسة الخارجية األمريكية في العراق في ظل إدارتين‬
‫مختلفتين‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬السياسة الخارجية األمريكية‪ ،‬إدارة بوش‪ ،‬إدارة أوباما‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪This study in explores problem of a great importance in the Field of the‬‬
‫‪political science which is the orientations of American foreign policy in Iraq. This‬‬
‫‪latest varied its directions between the hostile attitude of Bush’s administration‬‬
‫‪which invaded Iraq and destroyed it and the Obama’s administration that worked‬‬
‫‪on the withdrawal of its military forces from Iraq that had dangerous fallouts on‬‬
‫‪it.‬‬
‫‪So, this study aims to capture the various aspects of American foreign policy‬‬
‫‪in Iraq under the two different administrations.‬‬
‫‪KEY WORDS: The American foreign policy, the Bush administration, The‬‬
‫‪Parak Obama administration.‬‬
‫مقدمة‬
‫تثير السياسة الخارجية األمريكية الكثير من الجدل واالهتمام لدى الباحثين في مختلف أنحاء‬
‫العالم؛ وذلك بسب توجهات هذه الدولة العظمى التي تستهدف كل وحدات النظام الدولي‪ ،‬هذه التوجهات‬
‫التي ترسم انطالقا من مجموعة من املبادئ‪ ،‬وتستخدم مجموعة من الوسائل واآلليات التي قد تختلف‬
‫طرق استعمالها من إدارة إلى أخرى إال أن هدفها يبقى واحدا وهو تحقيق مصالح الواليات املتحدة في‬
‫مختلف أنحاء العالم‪.‬‬

‫‪714‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫إن توجهات السياسة الخارجية األمريكية تباينت في مختلف مراحل تطور الدولة األمريكية‪ ،‬حيث‬
‫كانت في بداية تأسيس الدولة ذات توجهات انعزالية من أجل تحقيق القوة األمريكية‪ ،‬وبمجرد قيام‬
‫الحرب العاملية الثانية حتى بدأت تتضح معالم توجهاتها التدخلية لتخرج بذلك من دائرة االنعزال إلى‬
‫دائرة التدخل في الشؤون الدولية‪ ،‬أما مع نهاية الحرب الباردة فقد عرفت التوجهات األمريكية مرحلة‬
‫جديدة تميزت بغياب العدو املفترض بسقوط االتحاد السوفياتي‪ ،‬ثم دخلت السياسة األمريكية مرحلة‬
‫أخرى بعد أحداث ‪ 11‬سبتمبر‪ ،2001‬هذه األحداث التي كان لها تأثير كبير على توجهات السياسة الخارجية‬
‫األمريكية‪ ،‬خاصة وأنها تزامنت مع بداية عهدة الرئيس الجمهوري بوش االبن‪ ،‬هذا األخير الذي عمل على‬
‫استغاللها لفرض توجهات إدارته التدخلية على السياسة األمريكية‪ ،‬فكانت بداية تدخالتها العسكرية في‬
‫أفغانستان تحت مبرر الحرب على اإلرهاب‪ ،‬ثم جاءت الحرب على العراق تحت العديد من املبررات‪ ،‬هذه‬
‫الحرب التي أدخلت إدارة بوش في أزمة خطيرة بسبب عدم شرعيتها‪ ،‬لتكون بذلك فرصة أمام إدارة‬
‫الرئيس أوباما لتصحيح األخطاء التي خلفتها إدارة بوش في هذه املنطقة‪.‬‬
‫اإلشكالية‪ :‬تتمحور إشكالية هذه الدراسة في السؤال املركزي التالي‪:‬‬
‫ما هي محددات السياسة الخارجية األمريكية في ظل إدارتي بوش االبن و أوباما في العراق‪ ،‬وما‬
‫هي تداعياتها؟‬
‫بناء على ما تقدم سيتم تقسيم هذه الدراسة إلى ثالثة مباحث؛ يتناول املبحث األول توجهات‬
‫السياسة الخارجية األمريكية بصفة عامة‪ ،‬ليخصص املبحث الثاني ملقارنة توجهات السياسة الخارجية‬
‫األمريكية في ظل إدارة الرئيس بوش االبن مع إدارة الرئيس باراك أوباما‪ ،‬وفي نهاية هذه الدراسة تم‬
‫تخصيص املبحث الثالث للسياسة الخارجية األمريكية تجاه العراق‪.‬‬
‫املبحث األول‬
‫توجهات السياسة الخارجية األمريكية‬
‫تنقسم توجهات السياسة الخارجية األمريكية بصفة عامة بين توجهات انعزالية تارة‪ ،‬وتدخلية تارة‬
‫أخرى‪ ،‬ذلك بحسب اإلدارة الحاكمة‪ ،‬ففي ظل حكم الجمهوريين تكون توجهات السياسة األمريكية‬
‫تدخلية‪ ،‬في حين أن اإلدارة التي يسيطر عليها الديمقراطيون تميل إلى االنعزال أكثر من التدخل‪ ،‬وفيما يلي‬
‫سيتم توضيح هذين االتجاهين كما يلي‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬االتجاه االنعزالي‬
‫يعتبر التوجه االنعزالي من أبرز جذور السياسة الخارجية األمريكية‪ ،‬هذا التوجه الذي ظهر نتيجة‬
‫عوامل عديدة تتمثل في االنفصال الجغرافي‪ ،‬واالنفصال الروحي والفلسفي‪ ،‬والخصائص السياسية‬
‫واأليديولوجية األساسية املميزة لألمة األمريكية‪ ،‬واالكتفاء الذاتي االقتصادي‪ ،‬واألمن العسكري النسبي‬
‫لنصف الكرة الغربي‪ ،‬وبذلك وفرت هذه الظروف للواليات املتحدة القدرة على اتخاذ سياسة العزلة فترة‬
‫طويلة من تاريخها‪ ،‬وخاصة وأن الواليات املتحدة األمريكية في تلك الفترة كانت تعتبر دولة حديثة النشأة‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪715‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫بحيث أنها لم تكن تشكل تهديدا للدول األخرى في النظام الدولي‪ ،‬ومن ثمة لم تكن مضطرة إلى التورط في‬
‫الشؤون الدولية(‪ ،)1‬وهذا ما أكده الرئيس جورج واشنطن أول ما تحدث عن االنعزالية في "خطاب الوداع"‬
‫الذي وجهه إلى األمة في عام ‪1797‬م‪ ،‬حيث قال إن "على أمريكا أن تبقى بعيدة من التحالفات الدائمة مع‬
‫أي جزء من أجزاء العالم الخارجي"‪ ،‬وهنا كان الرئيس واشنطن يقصد أوروبا بالتحديد‪ ،‬فهو يرى بأن‬
‫االنخراط األمريكي في الشؤون األوروبية سيضعف القوة األمريكية(‪.)2‬‬
‫وبعد تأسيس الواليات املتحدة‪ ،‬عملت على تبني عقيدة االنعزالية رسميا في سياستها الخارجية‪،‬‬
‫وفقا ملبدأ مونرو الذي عرضه عام ‪1823‬م‪ ،‬وكان الهدف منه عزل الواليات املتحدة عن بقية العالم‬
‫وضمان عدم تدخلها في القضايا والنزاعات األوروبية وفي نفس الوقت عدم التدخل األوروبي في القضايا‬
‫األمريكية "خاصة تلك املتعلقة بأمريكا الالتينية‪ ،‬وجعل الوضع الداخلي أكثر ازدهارا(‪ ،)3‬وبهذا خيمت‬
‫النزعة االنعزالية على سياسة أمريكا الخارجية في مطلع القرن العشرين‪ ،‬فكانت بذلك املهمة األساسية‬
‫لسياسة أمريكا الخارجية في أوائل القرن العشرين هي تحقيق االستقرار والبقاء بعيدا عن أي التزامات‬
‫خارجية‪ ،‬لكن هذا التوجه االنعزالي لم يمنعها من اتباع سياسات توسعية غرب القارة األمريكية‪ ،‬واعتبرت‬
‫أن أي توسع أوروبي في أي بقعة من النصف الغربي للعالم خطرا يمس سالمتها وأمنها‪ ،‬بعد أن خيمت هذه‬
‫النزعة االنعزالية على سياسة الواليات املتحدة الخارجية ما يزيد على القرنين(‪.)4‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬االتجاه التدخلي‬
‫يمكن إرجاع بداية ظهور هذا االتجاه بوضوح في سياسة الواليات املتحدة مع بداية الحرب العاملية‬
‫الثانية‪ ،‬خاصة بعد إلقائها القنبلتين الذريتين على مدينتي هيروشيما وناكازاكي‪ ،‬ليكون مبدأ ترومان‬
‫مجسدا لهذا التوجه(‪ ،)5‬فما إن انتهت الحرب العاملية الثانية حتى تدخلت الواليات املتحدة في الحرب‬
‫الصينية األهلية ووقفت إلى جانب "تشان كاي تشك" ذي االتجاه القومي ضد "ماوتس ي تونغ" الشيوعي‬
‫على الرغم من أن "تشان" كان أثناء الحرب العاملية حليفا وثيقا للواليات املتحدة‪ ،‬وتلتها تدخالت في كل‬
‫من فرنسا وإيطاليا واليونان ‪...‬الخ‪ ،‬من أجل التصدي للمد الشيوعي‪ ،‬تم جاءت تدخالت الحقة في دول‬
‫البحر الكاريبي وأمريكا الوسطى ثم املكسيك وكولومبيا ويوغوسالفيا واإلكوادور وإيران وأفغانستان‬
‫والعراق‪ ،‬وقد تباينت هذه التدخالت بين تدخالت ردعية كان الغرض منها الردع والحيلولة دون إفالت‬
‫دولة أو شعب من الهيمنة األمريكية أو السلطة الدكتاتورية املرتبطة مع املصالح األمريكية في الواليات‬
‫املتحدة وتدخالت أخرى قمعية في مناطق انفجر فيها الصراع وهدد بما يضر املصالح األمريكية(‪.)6‬‬
‫ما يكمن مالحظته في هذا السياق هو أن مختلف اإلدارات األمريكية سواء كانت ديمقراطية أو‬
‫جمهورية تتبنى السياسة التي تحقق املصالح األمريكية‪ ،‬فعندما يتم تبني التوجه االنعزالي من فترة ألخرى‬
‫يكون الهدف منه بناء وتعظيم القوة األمريكية‪ ،‬أو حتى من أجل تحسين صورتها في العالم‪ ،‬أما السياسات‬
‫التدخلية فيتم اتباعها إلثبات هيمنتها العاملية‪ ،‬وقد تتعدد أسباب اتباع سياسات التدخل أو االنعزال إال‬
‫أنها هدافها واحد يتمثل في تحقيق املصلحة األمريكية‪.‬‬

‫‪716‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫املبحث الثاني‬
‫توجهات السياسة األمريكية في ظل إدارة الرئيس بوش االبن وإدارة بارك أوباما‬
‫تباينت توجهات السياسة الخارجية األمريكية تبعا لتباين اإلدارات املتعاقبة على السلطة‪ -‬رئاسة‬
‫جمهورية أو ديمقراطية‪ ،‬فكانت إما ذات توجه تدخلي كما سبق الذكر تعتمد بدرجة كبيرة على القوة‬
‫العسكرية وهو ما طبع اإلدارات الجمهورية خاصة إدارة بوش االبن التي سيطر عليها املحافظون‬
‫الجدد‪‬والتي كانت ذات نزعة عسكرية تدخلية بامتياز‪ ،‬في حين أن اإلدارات الديمقراطية كانت أقل تركيزا‬
‫على التوجه التدخلي وهو ما تمثله إدارة أوباما التي كانت أقل ميال للنزعة التدخلية باستعمال القوة‬
‫العسكرية‪ ،‬وهذا ال يلغي هذه النزعة في هذه اإلدارات خاصة وأن الواليات املتحدة األمريكية قوة عظمى‬
‫تهدف لفرض هيمنتها على العالم بلعب دور محوري في الساحة الدولية الذي ال يتحقق إال عبر هذا التوجه‬
‫بمختلف أشكاله سواء كان اقتصاديا أو عسكريا أو سياسيا‪...‬إلخ‪ ،‬وبالتالي لفهم طبيعة ومحددات توجهات‬
‫السياسة الخارجية األمريكية سيتم التطرق في هذا العنصر إلى مقارنة هذه السياسة في إدارتين مختلفتين‬
‫إحداهما جمهورية واألخرى ديمقراطية واملتمثلة في توجهات إدارة أوباما باملقارنة مع توجهات إدارة بوش‬
‫االبن‪ ،‬وهو األمر الذي يطرح تساؤال حول مدى ثبات واستمرارية أو تغير إدارة أوباما على نهج وتوجهات‬
‫اإلدارة السابقة‪.‬‬
‫وهذا ما سيتم توضيحه في املطالب التالية‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬توجهات إدارة بوش االبن‬
‫حقيقة ال يمكن فصل توجهات السياسة الخارجية األمريكية في ظل إدارة بوش االبن أو اإلدارة التي‬
‫تليها عن اإلدارات األمريكية التي سبقتها‪ ،‬نظرا لكون تلك السياسات تعبر عن امتداد ملا سبقها‪ ،‬وتمهيدا ملا‬
‫سيليها(‪ ،)7‬لذلك فإن الحديث عن سياسة خارجية أمريكية ذات توجهات مختلفة تماما عما سبقها غير‬
‫ممكن‪ ،‬ذلك أن مسار صنع وتوجيه هذه السياسة خاضع ملجموعة معقدة من العمليات واملؤسسات‬
‫الرسمية وغير الرسمية املؤثرة‪ ،‬وبذلك فإن التغير يكون في كيفية استعمال وسائل السياسة الخارجية‪،‬‬
‫وليس في هذه السياسة بحد ذاتها‪.‬‬
‫اتسمت إدارة "بوش االبن بالتوجه العدائي‪ ،‬حيث سعت الستخدام القوة العسكرية كأداة أساسية‬
‫للسياسة الخارجية‪ ،‬خاصة وأن أغلب موظفي إدارته من املنتمين إلى املحافظين الجدد الذين كان لهم دور‬
‫كبير في التأثير على أولويات وتوجهات وأهداف السياسة الخارجية األمريكية(‪ ،)8‬فقد كانت السياسة‬
‫التدخلية في ظل هذه اإلدارة واضحة خاصة بعد أحداث ‪11‬سبتمبر هذه األحداث التي غيرت من مالمح‬
‫السياسة األمريكية التدخلية‪ ،‬حيث أصبحت تعتمد على ما أطلق عليه بمذهب بوش الذي يعتمد على ما‬
‫يتمحور أساسا حول الحرب االستباقية(‪ .)9‬فأحداث ‪11‬سبتمبر ‪ 2001‬منحت إلدارة بوش فرصة لتحقيق‬
‫أهدافها؛ إذ شكلت ذريعة مكافحة اإلرهاب مناسبة جيدة لواشنطن من أجل تبرير إخفاقاتها السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية(‪ ،)10‬ذلك أنه مع بداية الفترة الرئاسية لرئيس بوش االبن بدأت االنتقادات توجه‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪717‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫له كشخص وإلدارته بسبب أخطائه‪ ،‬ولكن بعد أحداث ‪11‬سبتمبر أصبح ذا تأييد واسع‪ ،‬هذه اإلدارة التي‬
‫تميزت ببروز التيار اليميني املتطرف بشقيه‪ ،‬السياس ي املعروف اصطالحا باليمين املحافظ الجديد من‬
‫جهة‪ ،‬والتيار الديني املعروف اصطالحا باليمين املسيحي الجديد‪ ،‬فقدوم الرئيس بوش االبن وهجمات ‪11‬‬
‫سبتمبر مهد الطريق لظهور املحافظين الجدد‪ ،‬الذي كان له تأثير كبير على توجهات السياسة الخارجية‬
‫األمريكية وهو ما تجلى في إعالن الحرب على اإلرهاب‪ ،‬فكانت البداية مع أفغانستان على اعتبار أنها تضم‬
‫حركة طالبان بقيادة أسامة بن الدن‪ ،‬ليأتي فيما بعد دور العراق بحجة تهديده لألمن العالمي بامتالكه‬
‫ألسلحة الدمار الشامل‪ ،‬كما أن أحداث ‪ 11‬سبتمبر سمحت للو‪.‬م‪.‬أ بأن تعيد ترتيب خارطة العالم بما‬
‫يتالءم مع فلسفتها السياسية‪ ،‬وهو ما صرح به وزير الدفاع األمريكي في تلك الفترة "رامسفيلد" بعد يومين‬
‫من هذه األحداث بقوله "إن الدماء األمريكية التي زهقت في األحداث ستحقق أهدافا عظيمة للو‪.‬م‪.‬أ على‬
‫مدى قرن كامل"(‪.)11‬‬
‫من خالل ما تقدم تظهر النزعة العدائية التدخلية إلدارة الرئيس جورج بوش االبن التي سيطر عليها‬
‫تيار املحافظين الجدد‪ ،‬فكان لهم أشد التأثير على هذه اإلدارة وعلى توجهاتها الخارجية‪ ،‬لكن ما يمكن‬
‫مالحظته هو أن مكانة الواليات املتحدة األمريكية تراجعت إبان إدارة بوش االبن بسبب سياسات هذا‬
‫الرئيس وإدارته التي سيطر عليها املحافظون الجدد‪ ،‬هذا التراجع الذي ال يتناسب مع حجم القوة التي‬
‫تمتلكها الو‪.‬م أ‪ ،‬فاملفروض أن يكون هناك توازن بين قوة الدولة ومكانتها‪ ،‬حيث كانت بداية عهدة الرئيس‬
‫جورج بوش االبن باإلعالن عن حربي أفغانستان ‪ 2001‬وغزو العراق‪ 2003‬وانتهت مدة حكمه باألزمة‬
‫املالية سنة ‪ ،2008‬ليأتي املرشح الديمقراطي "أوباما" رافعا لشعار التغيير لتصحيح ما خلفته اإلدارة‬
‫السابقة‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬توجهات إدارة باراك أوباما‬
‫لقد أعادت إدارة الرئيس أوباما ترتيب أولويات السياسة الخارجية األمريكية‪ ،‬حيث وضعت هدف‬
‫إعادة بناء القوة األمريكية الشاملة في مقدمة أولوياتها‪ ،‬وعلى هذا األساس فقد توجهت السياسة‬
‫الخارجية األمريكية في هذه الفترة العتماد ما أطلق عليه القوة الذكية التي تمزج ما بين القوة الصلبة‬
‫والناعمة في تعامالتها الخارجية‪ ،‬حيث حاولت إعطاء أولوية لعالقتها مع كل من كندا واملكسيك باعتبارهما‬
‫شريكين مهمين في منطقة التجارة الحرة ألمريكا الشمالية‪ ،‬كما أولت أهمية كبيرة لعالقات الواليات‬
‫املتحدة األمريكية مع حلف األطلنطي التي تقوم على ضرورة اقتسام أعباء إقرار األمن والسالم في العالم‬
‫والتوزيع العادل لهذه األعباء فيما بين الواليات املتحدة وشركائها‪ ،‬ثم تأتي عالقات الواليات املتحدة‬
‫بالصين واليابان وأمريكا الالتينية ثم الشرق األوسط وإفريقيا‪ ،‬بالرغم من أن الشرق األوسط ال يحتل‬
‫أهمية متقدمة في أولويات إدارة أوباما فإن قضايا بالغة األهمية في هذه املنطقة خاصة ما يتعلق بامللف‬
‫اإليراني وكذا أزمة سوريا ومختلف األزمات األخرى وتسوية الصراع اإلسرائيلي الفلسطيني‪ ،‬واالنسحاب‬
‫األمريكي من العراق‪ ،‬وتتبنى هذه اإلدارة رؤية تنطلق من الحوار ولغة الدبلوماسية لتحقيق وضمان‬
‫املصالح األمريكية في الشرق األوسط وفي العالم اإلسالمي(‪.)12‬‬
‫‪718‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬
‫‪2016 2003‬‬

‫تعارضت توجهات السياسة الخارجية األمريكية في ظل إدارة الرئيس بارك أوباما‪ ،‬مع توجهات اإلدارة‬
‫السابقة‪ ،‬السيما في املسائل املتعلقة بنشر القوات البرية واستخدام القوة في الشرق األوسط الكبير لفرض‬
‫التحول في العالم العربي باإلكراه واالحتالل املباشر(‪ ،)13‬فقد سعت السياسة الخارجية األمريكية في عهد‬
‫الرئيس أوباما إلى التخلص من الخيبات التي خلفتها سياسة بوش االبن‪ ،‬حيث بدأ هذا الرئيس‬
‫الديمقراطي سياسته الخارجية بخيارات مغايرة لتلك التي كانت انتهجتها اإلدارة السابقة وبأسلوب مغاير‬
‫(‪ ،)14‬وفي هذا الصدد تميزت سياسة أوباما بمزجها بين التصور املثالي في أهدافها ومنطلقاتها والتصور‬
‫الواقعي في وسائل وآليات تحقيق األهداف التي أكدتها‪ ،‬وهذا ال يعني أنها تمثل تحوال راديكاليا جذريا ملا‬
‫سبقها‪ ،‬فقد أعادت االستراتيجية الجديدة إنتاج القديم في ثوب جديد‪ ،‬فهي ال تختلف في سياستها‬
‫الخارجية عن اإلدارات السابقة إال في بعض األمور القليلة(‪ ،)15‬التي تتمثل أساسا في إعادة رسم حدود‬
‫الدور األمريكي في العالم‪ ،‬وتراجع النزعة الفردية لصالح العمل الجماعي‪ ،‬ومراجعة ميزانيات التسلح‬
‫الضخمة مع مراعاة متطلبات األمن الوطني‪ ،‬والتركيز على ما أسمته اإلرهاب الداخلي وعدم استثارة عداء‬
‫العالم العربي واإلسالمي وتشجيع التحول الديمقراطي مادام يتماش ى واملصالح األمريكية‪ ،‬والعمل على‬
‫كسب املزيد من الحلفاء‪ ،‬وبالتالي غيبت هذه اإلدارة مفاهيم الحرب االستباقية(‪ ،)16‬وبذلك يمكن القول‬
‫بأن توجهات إدارة أوباما تقف بين التوجه التدخلي واالنعزالي‪ ،‬بين السعي الستخدام القوة العسكرية‬
‫تارة‪ ،‬واالمتناع عن استخدامها أو استخدام أشكال القوة األخرى بما يخدم املصالح األمريكية تارة أخرى‪،‬‬
‫فهي حاولت في بداية عهدة أوباما التركيز على املسائل الداخلية على حساب مسائل السياسة الخارجية‪،‬‬
‫وعملت على إنهاء مختلف االرتباطات العسكرية التي بدأتها اإلدارة السابقة وهو ما حدث فعال في كل من‬
‫العراق وأفغانستان‪ ،‬محاولة بذلك تحسين الصورة األمريكية هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى تدخلت في‬
‫بعض املناطق بما يخدم املصالح األمريكية وتحت الشرعية الدولية وباملشاركة مع مختلف أعضاء املجتمع‬
‫الدولي على عكس اإلدارة السابقة وخير مثال على ذلك تدخلها في ليبيا وكذا تكوينها حلفا ملواجهة ما أطلق‬
‫عليه تنظيم الدولة اإلسالمية ‪.‬‬
‫ما تجدر اإلشارة إليه هنا هو أن اختالف نهج إدارة "أوباما" عن نهج إدارة بوش ال يعني تغير ثوابت‬
‫السياسة الخارجية لدى أية إدارة‪ ،‬سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين‪ ،‬والتي بقيت هي ذاتها وأهمها‬
‫تحقيق الهيمنة العاملية‪ ،‬لكن االختالف هو يكمن في طرق استعمال وسائل السياسة الخارجية‪ ،‬فمنهم من‬
‫يرى بأن األداة العسكرية هي األنجع‪ ،‬ومنهم من يرى بأن األداة السياسية والدبلوماسية هي األفضل‪،‬‬
‫بمعنى دوام ثوابت السياسة الخارجية والتغير يكمن فقط في طرق استعمال الوسائل‪.‬‬
‫عموما يمكن تصنيف مستويات التغيير في السياسة الخارجية األمريكية في عهد أوباما إلى ثالثة‬
‫مستويات هي(‪:)17‬‬
‫‪ -‬التغيير الظاهري‪:‬‬
‫ويتعلق بالقضايا التي يختلف فيها مع إدارة بوش كالقضية العراقية التي لم يخرج فيها في الواقع‬
‫العملي عن سياسة اإلدارة السابقة له‪ ،‬إذ أن عملية االنسحاب من العراق جاءت وفق االتفاقية‬
‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪719‬‬
‫‪2016 2003‬‬

‫األمريكية‪-‬العراقية التي عقدت في عهد الرئيس السابق بوش االبن نهاية عام ‪ 2008‬وأصبحت سارية‬
‫املفعول مع بداية ‪ ،2009‬وال يختلف األمر كثيرا فيما يخص القضية األفغانية‪ ،‬وفيما يتعلق بالقضية‬
‫الفلسطينية فاألمر ال يخرج عن اإلطار املتعارف عليه للرؤساء األمريكان الذي يميل دائما للكفة‬
‫اإلسرائيلية‪.‬‬
‫‪ -‬التغيير االستراتيجي‪:‬‬
‫ويتعلق بقضايا العالقات اإلستراتيجية مع القوى الكبرى‪ ،‬كروسيا والصين‪ ،‬وامللف اإليراني‪ ،‬حيث‬
‫فتح الرئيس أوباما الباب باتجاه عملية التعاون والحوار مع هؤالء األطراف‪.‬‬
‫‪ -‬التغيير اإلعالمي‪:‬‬
‫ويتعلق باستغالل خصائص وامتيازات شخصية الرئيس باراك أوباما لتحسين صورة الواليات‬
‫املتحدة في الخارج‪.‬‬
‫‪ -‬التغيير في مستوى الوسائل املعتمدة‪:‬‬
‫وهي أهم نقطة بالنسبة لنقاط االختالف بين اإلدارتين‪ ،‬ويتعلق األمر أساسا بطرق استخدام القوة‪،‬‬
‫فبالنسبة إلدارة بوش قد دلت حرب أفغانستان ومن ثم حرب العراق ‪2003‬م‪ ،‬على التوجه العسكري‬
‫لإلدارة األمريكية في ظل إدارة الرئيس بوش‪ ،‬إال أن هذا الغزو أثبت حدود القوة العسكرية األمريكية‬
‫حسب رأي العديد من الباحثين‪ ،‬الذين رأوا فيه بداية انحطاط القوة األمريكية التي وصلت إلى قمة‬
‫تفوقها‪ ،‬هذا ما مهد لعودة الحديث عن تأثير القوة الناعمة السترجاع مكانتها التي تضررت بفعل الحرب‬
‫غير الشرعية على العراق(‪ ،)18‬أما نهج أوباما إزاء القوة العسكرية في العام الرئاس ي األول له فقد اتسم‬
‫بالتأني والبراغماتية‪ ،‬حيث سعى إلى إعادة األداة العسكرية إلى مكانها املناسب إلى جانب األدوات السياسية‬
‫والدبلوماسية واالقتصادية األخرى‪ ،‬حتى تكون إحدى األدوات املساهمة وليس األداة الرئيسية في تحقيق‬
‫أمنها ومصالحها‪ ،‬بعكس اإلدارة السابقة التي أكدت على أولوية القوة العسكرية في إيجاد عالم آمن‪ ،‬وأن‬
‫القوة ينبغي استخدامها على نحو استباقي وليس كأداة أخيرة‪ ،‬وكانت خطوة أوباما األولى في هذا الجانب‬
‫قراره بسحب القوات من العراق(‪ ،)19‬حيث تبنى باراك أوباما مفهوما جديدا تمثل في "القوة الذكية " "‬
‫‪ " Smart Power‬لتتناسب مع األوضاع الجديدة‪ ،‬التي هي القدرة على الجمع بين القوة الصلبة والقوة‬
‫الناعمة"‪ ،‬هذا املفهوم الذي تمخض عن نظرية جوزيف س‪ .‬ناي‪‬وريتشارد ارميتاج‪ ،‬حول دمج القوة‬
‫الصلبة والناعمة التي يرعى "مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية"(‪ )CSIS‬في واشنطن تطويرها وترويجها‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد يقول الرئيس أوباما" نحن ال يجب علينا اللجوء إلى قوتنا العسكرية فحسب‪ ،‬بل أيضا‬
‫الدبلوماسية والسياسة لتلبية التهديدات"(‪ ،)20‬ومنه فالوسائل التدخلية العسكرية تميزت باستخدامه‬
‫اإلدارات األمريكية التي يسيطر عليها الجمهوريون سواء كان ذلك عن طريق شن الحروب أو عن طريق‬
‫تعزيز ونشر القواعد العسكرية واألساطيل البحرية(‪ ،)21‬فالحرب كأداة سياسية أساسية في السياسة‬
‫الخارجية األمريكية تعكس الثقافة العسكرية األمريكية التي تسيطر على توجهاتها‪.‬‬

‫‪720‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫املبحث الثالث‬
‫السياسة الخارجية األمريكية اتجاه العراق‬
‫يعتبر املوقع االستراتيجي للعراق من أهم األسباب التي جعلت الواليات املتحدة تهتم بهذه الدولة‪،‬‬
‫فالعراق تحتل املرتبة الثانية من حيث األهمية اإلستراتيجية بعد مصر‪ ،‬وذلك باعتباره نقطة التقاء‬
‫استراتيجية بين مناطق الخليج وشمال غرب آسيا وآسيا الوسطى والشرق األوسط‪ ،‬وهذا ما يجعل من‬
‫الوجود العسكري األمريكي في املنطقة ذا أهمية استراتيجية كبرى خاصة في قربه من دول الجوار الجغرافي‬
‫كسوريا وإيران‪ ،‬وبذلك سيشكل هذا الوجود ضغطا مباشرا على تلك الدولتين املعارضتين لسياستها في‬
‫املنطقة‪ ،‬كما أن الوجود العسكري األمريكي في العراق يعتبر الركيزة األساسية في اإلستراتيجية األمريكية‬
‫إلعادة ترتيب األوضاع في املنطقة املمتدة عبر الشرق األوسط وجنوب غرب آسيا والبحر األبيض املتوسط‬
‫وصوال إلى املحيط الهندي‪ ،‬وهذا ألن العراق بمثابة موطئ قدم في قلب تلك املنطقة‪ ،‬وفي نفس الوقت فإن‬
‫الواليات املتحدة بوجودها العسكري في العراق يتيح لها تقليص وجودها في باقي مناطق الخليج كالسعودية‬
‫والبحرين وعمان‪ ،‬والسبب في ذلك أنها ترى في العراق نقطة االنطالق نحو بناء نظام أمني جديد في منطقة‬
‫الشرق األوسط‪ ،‬وحقيقة قد اتضحت أبعاد هذه اإلستراتيجية في العشرين من أبريل سنة‪ ،2003‬بعد تأكيد‬
‫الواليات املتحدة على إقامة أربعة قواعد عسكرية كبرى في العراق(‪ ،)22‬وهذا ما سيتم توضيحه من خالل‬
‫التطرق ملختلف السياسات التي تم اتباعها من قبل إداراتي الرئيس بوش إلى غاية إدارة الرئيس أوباما في‬
‫العراق‪ ،‬منذ االحتالل وحتى االنسحاب‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الحرب األمريكية على العراق في ظل إدارة بوش االبن ‪2003‬‬
‫سعت إدارة بوش االبن منذ البداية من أجل توجيه ضربة عسكرية للعراق بكل السبل‪ ،‬وقد‬
‫اعتمدت إدارة بوش االبن على سياسات اإلدارات السابقة لخوض هذه الحرب معتمدا في ذلك على‬
‫مختلف القوانين واإلجراءات التي تم اتباعها من طرف الرئيس بوش األب‪ ،‬والرئيس بيل كلينتون‪ ،‬والتي‬
‫مهدت الطريق إلدارته من أجل إكمال ما تم تعليقه من قبل‪ ،‬وبالتالي ففي هذا املطلب سيتم التطرق‬
‫ملختلف خلفيات الحرب األمريكية على العراق منذ بداية فرض العقوبات االقتصادية وحتى الغزو‪.‬‬
‫أوال‪ -‬خلفيات الحرب األمريكية على العراق‪ -‬من سياسة فرض العقوبات إلى إستراتيجية‬
‫الضربات الوقائية‪:-‬‬
‫بعد االجتياح العراقي لدولة الكويت عام ‪ 1991‬بال سند قانوني‪ ،‬قرر مجلس األمن الدولي حينها‬
‫إخراج القوات العراقية من األراض ي الكويتية باستخدام القوة العسكرية بموجب قرار مجلس األمن الدولي‬
‫‪ 687‬عام ‪ 1991‬وبإلزام العراق بتقديم كشف دقيق وواف عن جميع البرامج الرامية إلى تطوير أسلحة‬
‫الدمار الشامل‪ ،‬إضافة إلى تشكيل لجان حددتها األمم املتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتتولى‬
‫البحث عن أسلحة الدمار الشامل وتفتيش املنشآت العراقية ذات الصلة‪ ،‬وأمام هذه اإلجراءات قام‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪721‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫النظام العراقي بمجموعة من املمارسات التي منحت الواليات املتحدة األمريكية ذرائع ومقدمات لشن‬
‫الحرب‪ ،‬ومن أهم هذه املمارسات ما يلي(‪:)23‬‬
‫‪ -‬لقد تباين موقف النظام العراقي من لجان التفتيش الدولية بين التعاون والتردد بالتعاون‬
‫وعرقلة عملها إلى أن انتهى األمر بطرد لجان التفتيش الدولية من األراض ي العراقية عام ‪1998‬‬
‫وبذلك اتهمت الواليات املتحدة األمريكية العراق بانتهاكه للقرارات الدولية بطرده للمفتشين‬
‫الدوليين‪.‬‬
‫‪ -‬التهديد املستمر الذي كان يمثله النظام العراقي بحق دول الجوار والسيما الكويت‪ ،‬بل تحركت‬
‫القوات العراقية في أواخر التسعينات من القرن املاض ي صوب الحدود الكويتية‪.‬‬
‫‪ -‬االستعراض املستمر للنظام العراقي بقدرته على مواجهة الواليات املتحدة األمريكية والحد من‬
‫أطماعها في املنطقة‪.‬‬
‫‪ -‬التهديد املستمر الذي كان يمثله النظام العراقي إلسرائيل من خالل التصريح املستمر بقدرته على‬
‫النيل من إسرائيل وإصابتها بالعمق والسيما أن النظام العراقي قد سبق وأن أطلق صواريخه باتجاه‬
‫إسرائيل في أثناء حرب الخليج عام ‪.1991‬‬
‫‪ -‬لقد مارس النظام العراقي سياسة داخلية أدت إلى عزل واضطهاد وحرمان وتهجير الشعب العراقي‬
‫األمر الذي عدته الواليات املتحدة األمريكية وحلفاؤها انتهاكا خطيرا لحقوق اإلنسان يستلزم‬
‫التدخل لوقفه‪.‬‬
‫لقد سمحت هذه املمارسات التي قام بها العراق بعد حرب تحرير الكويت في عام ‪ 1991‬للواليات‬
‫املتحدة في البدء بتهيئة العراق لالحتالل واإلطاحة بصدام حسين‪ ،‬وبذلك بدأت الواليات املتحدة بإصدار‬
‫قرارات عديدة من مجلس األمن وكلها كانت تضعف العراق‪ ،‬بداية بالحصار االقتصادي الذي يمنع‬
‫التجارة بنفط العراق وبأمواله وعدم تمكينه من تحديث تسليح جيشه وقواته الجوية والبحرية‪ ،‬ومنه‬
‫تمكنت الواليات املتحدة األمريكية من إضعاف العراق وتجويعه وإخافته بشكل كبير وكراهية شعبه‬
‫لصدام حسين‪ ،‬وهكذا تمكنت الواليات املتحدة األمريكية من احتالل العراق بفترة قصيرة جدا(‪.)24‬‬
‫‪ -1‬مبررات الحرب األمريكية على العراق‪:‬‬
‫يمكن تلخيص أهم املبررات التي ساقتها إدارة بوش االبن في حربها املعلنة على العراق فيما يلي(‪:)25‬‬
‫‪ -‬االدعاء بامتالك العراق ألسلحة دمار شامل وسعيه لتطوير أسلحة بيولوجية وبناء برنامج ملثل‬
‫هذه الحرب‬
‫‪ -‬اتهام العراق برعاية اإلرهاب وبأنه يخطط لتزويد املنظمات اإلرهابية وخاصة تنظيم القاعدة‬
‫بأسلحة دمار شامل‬
‫‪ -‬يمكن أن تستخدم في تهديد األمن العالمي بشكل عام وأمن أمريكا بشكل خاص‪.‬‬
‫‪ -‬تهديد العراق لجيرانه (الكويت‪ ،‬إيران وسورية‪ ،‬تركيا)‪.‬‬
‫‪722‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬
‫‪2016 2003‬‬

‫‪ -‬إسقاط صدام حسين بالقوة العسكرية من أجل منح "الحرية" للشعب العراقي وإقامة نظام‬
‫"ديمقراطي" على الطريقة الغربية يكون نموذجا يحتذى به لدى العديد من دول الشرق األوسط‪.‬‬
‫لقد أثبتت الحرب األمريكية على العراق زيف هذه االدعاءات‪ ،‬فبالنسبة لالدعاء بامتالك العراق‬
‫ألسلحة الدمار الشامل‪ ،‬لم تستطع أي من وحدات التفتيش الدولية أو القوات األمريكية قبل وبعد الحرب‬
‫من إثبات امتالك العراق لهذه األسلحة‪ ،‬وهذا راجع ألن مصادر املعلومات التي بنت عليها الواليات املتحدة‬
‫األمريكية ادعاءاتها مضللة ومزيفة‪ ،‬أما فيما يتعلق باالدعاء الثاني الذي يقول بعالقة العراق بالقاعدة‬
‫وتمويله لإلرهاب وأن هدف الحرب هو محاربة اإلرهاب‪ ،‬فقد ثبت بطالنه كذلك وذلك ألن نظام صدام‬
‫حسين لم تكن له أي عالقات مع مختلف الجماعات املتطرفة‪ ،‬وبالتالي فهدف الواليات املتمثل بالقضاء‬
‫على اإلرهاب لم يكن سوى ذريعة أخرى للتغطية على أهدافها غير املعلنة‪ ،‬وهنا البد من اإلشارة إلى أن‬
‫هذه الحرب بدال من القضاء على اإلرهاب زادت من حدته‪ ،‬وهذا ما تثبته األوضاع الراهنة خاصة بعد‬
‫ظهور تنظيم الدولة اإلسالمية في العراق والشام‪ ،‬أما فيما يتعلق باالدعاء املتمثل في جعل العراق نموذجا‬
‫للديمقراطية في الشرق األوسط‪ ،‬فقد ثبت زيف هذا االدعاء أيضا ذلك أن الديمقراطية بمفاهيمها‬
‫املختلفة ال تكون بالقوة وال تكون بفعل خارجي وإنما تكون نابعة من إرادة داخلية قادرة على توفير‬
‫الظروف املالئمة ملمارستها‪ ،‬أما ما فعلته الواليات املتحدة بعد احتالل العراق فقد جعلته نموذجا للدولة‬
‫الطائفية التي يغلب عليها الطابع الصراعي بين مختلف طبقاتها املجتمعية‪ ،‬أما عن االدعاء بتهديد العراق‬
‫للدول املجاورة وللواليات املتحدة‪ ،‬فالعراق في تلك الفترة لم يعد يستطيع توجيه أي ضربة عسكرية‬
‫بسبب ضعف قوته العسكرية التي تم القضاء عليها من قبل الواليات املتحدة وحلفائها أثناء حرب الخليج‬
‫الثانية‪ ،‬وبسبب الحصار االقتصادي الذي نفذ عليها‪ ،‬هذا باإلضافة إلى العديد من العوامل األخرى التي‬
‫تمنع قيامه بأي عمل عدائي‪ ،‬كما أن الواليات املتحدة اتهمت نظام الحكم العراقي بانتهاكه لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وأنها باعتبارها راعية لحقوق اإلنسان فإنه البد من معاقبته‪ ،‬إال أن الواقع يثبت أن الواليات‬
‫املتحدة لم تحرك ساكنا النتهاكات كثيرة وقعت‪ ،‬سواء أكانت في العراق وغضت عنها الطرف ألسباب تخدم‬
‫مصالحها‪ ،‬أو في أي منطقة أخرى من العالم‪ ،‬وهذا ما يثبت ازدواجية املعايير األمريكية التي تبحث دائما‬
‫عما يحقق املصلحة األمريكية بالدرجة األولى‪ ،‬وبالتالي فهذه التبريرات ما هي إال ادعاءات كاذبة صاغتها‬
‫إدارة بوش االبن من أجل الوصول ألهدافها الحقيقية وغير معلنة‪.‬‬
‫‪ -2‬الدوافع غير املعلنة للحرب األمريكية على العراق‪ :‬يمكن إجمالها فيما يلي(‪:)26‬‬
‫‪ -‬تأكيد الهيمنة األمريكية على السياسة الدولية‪ ،‬وإظهار التفوق العسكري الساحق والقوة‬
‫الطاغية التي تتمتع بها‬
‫الواليات املتحدة على املسرح العالمي‪ ،‬وتسجيل حقها في التحرك املنفرد لتوجيه ضربات ضد أية دولة أو‬
‫مجموعة من الدول ترى واشنطن ‪ -‬بمعاييرها الذاتية ‪ -‬أنها يمكن أن تهدد أمنها القومي ومصالحها‪.‬‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪723‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫‪ -‬السيطرة على احتياطيات النفط العراقية التي تعد ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم‪ ،‬مع ما‬
‫يقود إلى التحكم في نفط املنطقة العربية وتغيير موازين القوى االقتصادية فيها‪ ،‬وما يؤدي إلى‬
‫فتح مجاالت الهيمنة األمريكية على أسواق البترول العاملية‪ ،‬إنتاجا وتسويقا وتسعيرا وتوزيعا‪.‬‬
‫فرض التوجهات األمريكية الجديدة على دول االتحاد األوروبي‪ ،‬والحصول على اعترافهم بالدور‬
‫اإلمبراطوري الجديد للواليات املتحدة‪.‬‬
‫فرض العزلة على إيران وتطويقها‪ ،‬وتعريضها لضغط عنيف يؤدي إلى خلل في األوضاع الداخلية‬
‫وتشجيع قوى سياسة بديلة للحكم اإلسالمي فيها‪.‬‬
‫منح إسرائيل صكا أمريكيا بجعلها القوة اإلقليمية الكبرى في املنطقة‪ ،‬والحليف االستراتيجي‬
‫الوحيد للواليات املتحدة فيها‪ ،‬وتحقيق أمنها‪.‬‬
‫‪ -‬فرض نظام حليف لألمريكيين في العراق ليكون مركز الثقل في املنطقة العربية‪ ،‬ومثاال لنمط‬
‫العالقات بين‬
‫‪ -‬الواليات املتحدة ودولها‪ ،‬ونموذجا إلمكانية التغييرات املطلوبة في الدول العربية‪.‬‬
‫إعادة صياغة األوضاع في املنطقة بما يالئم املصالح األمريكية على أساس التطورات الجديدة‪،‬‬
‫وما يتناسب مع التصور األمريكي للدور اإلسرائيلي فيها‪.‬‬
‫‪ -‬محاولة استثمار الحرب ضد العراق لدعم شعبية الرئيس األمريكي في االنتخابات الرئاسية‬
‫القادمة من جراء توجيه رسالة حازمة لكل من روسيا والصين بجدية الواليات املتحدة في أن‬
‫تكون القوة اإلمبراطورية الوحيدة في العالم بال منافس‪ ،‬وفي تنفيذ أهدافها في املنطقة العربية‬
‫ومنطقة آسيا الوسطى حيث تكمن مصادر الطاقة الرئيسة‪ ،‬وباملدى الذي يمكن أن تصل إليه‬
‫القوة األمريكية في سبيل تنفيذ هذه السياسة‪.‬‬
‫ما يمكن مالحظته حول هذا الدوافع الخفية‪ ،‬هو أن الواليات املتحدة األمريكية قامت بهذه الحرب‬
‫في ظل معارضة دولية كبيرة خاصة من قبل روسيا وفرنسا وبعض الدول األوروبية األخرى والصين‪،‬‬
‫وبالرغم من عدم مشروعية هذه الحرب إال أنها قامت بها من أجل فرض هيمنتها على العالم‪ ،‬وإثبات قوتها‬
‫باعتبارها القوة العظمى الوحيدة‪ ،‬إال أن احتالل العراق أثبت محدودية هذه القوة التي وقعت في املستنقع‬
‫العراقي‪ ،‬كما أنها عملت على حماية مناطق النفط في العراق منذ بداية حربها‪ ،‬حتى أنها قامت بتأمين وزارة‬
‫النفط من النهب الذي طال مختلف الوزارات‪ ،‬وهذا ما يثبت أطماعها النفطية‪ ،‬أما فيما يتعلق بهدف‬
‫عزل وتطويق إيران فهذه الحرب جاءت في صالح النفوذ اإليراني الذي زاد واشتد في املنطقة بسبب‬
‫السياسات األمريكية الخاطئة‪ ،‬وبالتالي فإدارة بوش االبن نجحت في تحقيق بعض أهدافها ومصالحها في‬
‫العراق وأخفقت في تحقيق األهداف األخرى‪ ،‬وهو ما كلفها الكثير من الخسائر‪.‬‬
‫بناءا على هذه الدوافع واملبررات عمل الرئيس بوش االبن على الحصول على الدعم الدولي‬
‫واألمريكي من أجل الحصول على التأييد‪ ،‬وقد تحقق ذلك فعال بالنسبة للدعم الداخلي‪ ،‬فقد حصل‬

‫‪724‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫الرئيس األمريكي جورج بوش االبن بتاريخ ‪ 2002/10/16‬على موافقة الكونغرس األمريكي على استخدام‬
‫القوة ضد العراق‪ ،‬ذلك أنه في ظل إدارته كان مجلس الشيوخ يخضع لسيطرة الجمهوريين وهو ما ساعده‬
‫على تمرير قرار إعالن الحرب على أفغانستان سنة ‪ ،2001‬ثم قرار الحرب على العراق(‪ ،)27‬وعندما توجهت‬
‫الواليات املتحدة األمريكية إلى مجلس األمن الستصدار قرار منه يخولها استخدام الخيار العسكري ضد‬
‫العراق‪ ،‬واجهت الواليات املتحدة معارضة شديدة من أكثر الدول األعضاء في املجلس من بينها فرنسا‬
‫وروسيا والصين وأملانيا‪ .‬وحاولت الواليات املتحدة تخطي هذه املعارضة بإجبارها على تنفيذ قرارات‬
‫املجلس أو على األقل الحصول من املجلس على شهادة تثبت فشل العراق بانتهاز الفرصة املخولة له‬
‫بموجب قرار مجلس األمن رقم ‪ 1441‬والتي يمكن أن تضفي بعض املشروعية السياسية واألخالقية للعمل‬
‫املسلح األمريكي املزمع القيام به‪ ،‬غير أن كل تلك املحاوالت باءت بالفشل‪ ،‬وعلى الرغم من عدم وجود أي‬
‫سند قانوني لدى الواليات املتحدة‪ ،‬فإن ذلك لم يمنعها من استخدام القوة ضد العراق حيث قامت‬
‫الواليات املتحدة بتاريخ ‪ 2003/3/19‬وبمشاركة كل من اململكة املتحدة واستراليا وبولندة بغزو العراق‪،‬‬
‫وقد تمكنت قوات الواليات املتحدة بعد عشرين يوما من القتال من دخول بغداد وإعالنها االنتصار في‬
‫الحرب‪ .‬وبذلك سقط العراق تحت االحتالل األمريكي‪ ،‬منذ ذلك الوقت وحتى تعهد الواليات املتحدة‬
‫بالخروج من العراق بحلول عام ‪ 2011‬بموجب االتفاقية األمنية بين حكومة العراق التي تشكلت في ظل‬
‫هذا االحتالل وحكومة الواليات املتحدة(‪.)28‬‬
‫لقد انتهت الحرب على العراق في وقت قصير جدا وعلى نحو مفاجئ وغريب بحيث يبدو أن انهيار‬
‫النظام العراقي على هذا النحو يعكس بدقة وضع النظام الهش‪ ،‬وتتمثل أبرز األسباب الكامنة وراء انهيار‬
‫العراق بهذه السرعة أمام قوات التحالف‪ ،‬هو افتقار النظام العراقي للدعم الشعبي‪ ،‬فضال عن افتقار‬
‫النظام العراقي للدعم الدولي‪-‬فور بدء الحرب تغير املوقف الفرنس ي أما روسيا فقد تجنبت الدخول في‬
‫مواجهة مباشرة مع الواليات املتحدة واكتفوا باالستنكار‪ -‬وكذا الدعم العربي‪ ،‬زيادة على تغلغل الواليات‬
‫املتحدة األمريكية إلى داخل العمق العراقي قبل الحرب من خالل العمالء‪ ،‬ومن خالل عقد اتفاقات مع‬
‫قيادات عسكرية عراقية بعدم القتال ومغادرة أرض املعركة‪ ،‬كل هذه العوامل ساهمت في انهيار النظام‬
‫العراقي بسرعة مذهلة(‪.)29‬‬
‫ثانيا‪ -‬سياسة بوش االبن في العراق بعد االحتالل‪:‬‬
‫حاولت الواليات املتحدة أن تخفف من وقع االحتالل‪ ،‬فقامت بتشكيل مجلس الحكم االنتقالي‪،‬‬
‫لكن الصيغة التي شكل بها هذا املجلس‪ ،‬والصالحيات التي منحت له أكدت على أن املجلس أيضا كان‬
‫خطوة في االتجاه الخطأ‪ ،‬وذلك لألسباب التالية(‪:)30‬‬
‫‪ ‬تم إهمال العديد من األحزاب والفصائل الوطنية واملعارضة لالحتالل من التمثيل؛ ولذلك‬
‫لقي معارضة شديدة من هذه التنظيمات‪.‬‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪725‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫‪ ‬أعطيت للمجلس صالحيات محدودة ال تشمل املسائل األمنية ونحوها من املسائل املهمة‪،‬‬
‫والتي تشكل جوهر مفهوم سيادة الدولة‪ ،‬التي ظلت في قبضة االحتالل‪.‬‬
‫‪ ‬تم تشكيل املجلس وفقا لتركيبة تكرس الطائفية والعرقية‪ ،‬حيث جاء تشكيله على أساس‬
‫طائفي بين السنة والشيعة‪ ،‬وعلى أساس عرقي في تمثيل األكراد والتركمان والعرب‬
‫أ‪ -‬تداعيات الحرب األمريكية على العراق‪:‬‬
‫يمكن إجمال أهم تداعيات هذه الحرب على العراق فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬هدم الدولة العراقية بمختلف مؤسساتها ما أدى إلى شيوع حالة من االنفالت األمني تزايدت‬
‫حدتها مع تصاعد وتيرة أعمال املقاومة‪ ،‬وهو ما ساعد فيما بعد على ظهور املنظمات اإلرهابية‪.‬‬
‫‪ ‬أتاح انهيار نظام صدام حسين الفرصة إلعادة "بعث" املجتمع العراقي من جديد‪ ،‬وهو ما أتاح‬
‫الفرصة أمام التيارات السياسية واالجتماعية املختلفة للتعبير عن نفسها‪ ،‬وألن الشيعة يمثلون‬
‫حوالي ‪ %60‬من إجمالي سكان العراق‪ ،‬فقد كان من الطبيعي أن يكونوا هم األكثر ظهورا على‬
‫الساحة السياسية في هذه املرحلة املهمة في التطور السياس ي العراقي‪ ،‬خاصة وأن اإلدارة األمريكية‬
‫أتاحت لهم الفرصة للسيطرة على السلطة‪ ،‬وهو ما جاء في صالح النفوذ اإليراني الذي يسعى لجعل‬
‫منطقة الشرق األوسط منطقة شيعية تحقق مصالحه‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبة التعامل مع التركيبة املجتمعية الشعب العراقي التي تتميز بكثرة األعراق والطوائف‪،‬‬
‫والتي عملت اإلدارة األمريكية ومختلف القوى الخارجية خاصة إسرائيل على استغاللها لجعل‬
‫العراق دولة طائفية تغرق في الحروب األهلية بين مختلف الطوائف(‪.)31‬‬
‫‪ ‬فتحت الحرب املجال لتدخل مختلف الدول املجاورة في الشؤون العراقية‪ ،‬خاصة إيران‬
‫وإسرائيل التين كانتا تنتظران الفرصة من أجل بسط نفوذهما في املنطقة‪ ،‬فإيران سمح لها‬
‫التدهور األمني وصعود الشيعة في التدخل في الشؤون الداخلية العراقية‪ ،‬ونفس الش يء بالنسبة‬
‫إلسرائيل التي كان لها دور كبير منذ البداية في هذه الحرب‪ ،‬قامت بعد الحرب باالستثمار في‬
‫الثروات العراقية‪ ،‬وكانت الحرب كذلك فرصة لهجرة اإلسرائيليين للعراق‪ ،‬خاصة في ظل‬
‫االنفالت األمني والخراب الذي لحق مختلف املؤسسات والذي أتاح لليهود فرصة الدخول للعراق‬
‫بهويات مزيفة‪.‬‬
‫‪ ‬قضت الحرب على مختلف معالم الدولة والحضارة العراقية‪ ،‬فبعد أن كانت العراق قوة‬
‫إقليمية واعدة‪ ،‬أصبحت أضعف دول املنطقة‪ ،‬كما أن هذه الحرب قضت على الحضارة‬
‫العراقية التي تزخر بالثروات التراثية التي ترجع إلى العصور القديمة‪ ،‬فالعراق اليوم عادت‬
‫ملرحلة ما قبل الدولة‪ ،‬دولة يغيب فيها كل معالم األمن واالستقرار‪.‬‬

‫‪726‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫ب‪ -‬تداعيات الغزو األمريكي للعراق على الصعيد الداخلي األمريكي‪:‬‬


‫لقد واجهت القوات األمريكية وضعا أصعب من حربها في فيتنام‪ ،‬ففي تلك الحرب كان لها شركاء‬
‫يحاربون إلى جانبها‪ ،‬أما في العراق فال يوجد ش يء من ذلك‪ ،‬فقد دمروا الدولة‪ ،‬ثم وجدوا أنفسهم معزولين‬
‫ودون حلفاء‪ ،‬أمام مقاومة جعلت قوات االحتالل أمام وضعية صعبة(‪ ،)32‬أمام هذه األوضاع تزايد‬
‫معارضو هذه الحرب داخل الواليات املتحدة‪ ،‬فقد أثارت حربا سياسية داخل الواليات املتحدة بين‬
‫الديمقراطيين والجمهوريين‪ ،‬حيث نجح الديمقراطيون في استغالل قضية العراق ضد الجمهوريين‪،‬‬
‫وبذلك أصبحت إدارة بوش في مأزق فمع نهاية ‪ 2005‬وبداية ‪ 2006‬كانت هذه اإلدارة قد بدأت بفقدان‬
‫سيطرتها بوتيرة سريعة سواء كان ذلك داخل العراق أو الواليات املتحدة‪ ،‬وهذا ما أدى إلى حصول‬
‫الديمقراطيين على األغلبية في مجلس ي الشيوخ والنواب بعد االنتخابات النصفية‪ ،‬حيث جعل‬
‫الديمقراطيون من خيار االنسحاب من العراق نقطة مهمة في أجندتها االنتخابية(‪.)33‬‬
‫كما أن هذه الحرب أثرت على االقتصاد األمريكي‪ ،‬حيث شهدت الواليات املتحدة حالة من عدم‬
‫االستقرار بعد دخول الواليات املتحدة وتورطها فيما يسمى باملستنقع العراقي‪ ،‬فقد وجهت الواليات‬
‫املتحدة قدرا كبيرا من ميزانيتها في اتجاه الدفاع والتسلح والجيش‪ ،‬مما أثر على أداء االقتصاد األمريكي‪.‬‬
‫ليسجل اقتصادها عجزا تجاريا ضخما خالل عام ‪ 2003‬قدر بحوالي ‪ 42,9‬مليار دوالر‪ ،‬ووصلت نسبة‬
‫البطالة في نهاية العام نفسه إلى ‪ ،%5,9‬أما عجز املوازنة األمريكية للعام ‪ 2004‬فقد وصل إلى ‪ 521‬مليار‬
‫دوالر‪ ،‬وهذا ما دفع إلى تزايد الضغوط الداخلية‪ ،‬فقد أوضحت استطالعات الرأي العام التي أجريت على‬
‫نطاق الواليات املتحدة السخط الداخلي تجاه سياسات الرئيس بوش في العراق‪ ،‬وفي استطالعات أخرى‬
‫أجريت في مطلع نوفمبر عام ‪ 2003‬تبين أنه كلما زاد عدد القتلى والجرحى من الجيش األمريكي زاد ذلك من‬
‫سخط الشعب األمريكي على الرئيس بوش ومن ثم زيادة الضغط من أجل عودة الجنود األمريكيين إلى‬
‫وطنهم‪ ،‬وتسليم العراق بسرعة إلى تحالف دولي تحت سيطرة األمم(‪.)34‬‬
‫إن املمارسات األمريكية في العراق بعد االحتالل أظهرت مدى زيف الذرائع واملبررات التي صاغتها في‬
‫حربها‪ ،‬وأبرزت الوجه الحقيقي للواليات املتحدة‪ ،‬كما كشفت عن حجم الهوة بين الخطاب األمريكي‬
‫وممارساتها‪ ،‬فقد تبين أن هذا الخطاب الذي رفعته الواليات املتحدة في العديد من الخلفيات السياسية‪،‬‬
‫في هذه الدولة التي تذرعت بتحرير العراق‪ ،‬هي نفسها التي أغرقت العراق في جحيم من الفوض ى‬
‫واالضطراب‪ ،‬وعملت على زرع الفتنة الطائفية والعرقية الدينية في أوساط العراقيين‪ ،‬وهي التي ارتكبت‬
‫وترتكب أقس ى الجرائم في حق العراقيين بدءا بحرب الخليج الثانية ومرورا بفرض عدوان جائر على‬
‫الشعب العراقي وما تخلله من عمليات عسكرية ظاملة ثم وصوال إلى احتالله عام ‪ ،)35(2003‬وبهذا تكون‬
‫السياسة األمريكية في ظل إدارة بوش تجاه العراق عملت على االعتماد بشكل أساس ي على القوة‬
‫العسكرية لتحقيق مصالحها االمبريالية ولم تقم بأي خطوات جادة تهدف لبناء الدولة العراقية كما تم‬
‫التصريح بذلك قبل الحرب‪ ،‬وهذا ما تؤكده السياسات املتبعة التي عملت على هدم مؤسسات الدولة‬
‫األمنية وخاصة الجيش دون إعادة بناءها‪ ،‬هذه الخطوة التي تسببت في ظهور العديد من الحركات‬
‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪727‬‬
‫‪2016 2003‬‬

‫واملنظمات اإلرهابية التي مهدت‪ ،‬لظهور الدولة اإلسالمية‪ ،‬هذه األخيرة التي ظهرت بتشجيع من أمريكا‪،‬‬
‫لخدمة مصالحها ضد املقاومة الشيعية‪ ،‬وإشعال الحرب األهلية في العراق(‪ .)36‬حيث وفرت سياسات‬
‫التهميش الطائفي التي مارستها أمريكا في العراق ضد السنة بعد االحتالل ‪ 2003‬املناخ املناسب لوالدة‬
‫تنظيم الدولة اإلسالمية في العراق على نحو أكثر تطرفا(‪ ،)37‬وبالتالي فإدارة بوش بعد غزوها العراق لم‬
‫تعتمد على أي سياسات جادة تهدف لبناء الدولة العراقية بل على العكس قامت بهدمها والسكوت عن‬
‫نشاط مختلف الحركات املتطرفة التي انضمت فيما بعد إلى تنظيم القاعدة لتصبح بعد ذلك تنظيم‬
‫الدولة اإلسالمية‪ ،‬هذا ما فتح املجال لبقاء التواجد األمريكي في املنطقة حتى بعد االنسحاب العسكري‬
‫الذي انتهجه الرئيس أوباما‪.‬‬
‫لقد عملت هذه العوامل على تشويه السياسة الخارجية األمريكية في العالم بصفة عامة‪ ،‬وفي هذه‬
‫املنطقة بصفة خاصة‪ ،‬كما حملت الواليات املتحدة في ظل إدارة بوش الكثير من الخسائر البشرية‬
‫واملالية‪ ،‬وذلك جراء املقاومة الشعبية التي خاضها الشعب العراقي ضد قواتها‪ ،‬هذا باإلضافة إلى النفقات‬
‫املالية الضخمة التي تم تخصيصها لهذه الحرب هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فقد أدت هذه الحرب‬
‫بإدارة بوش إلى فقدان التأييد الشعبي لها‪ ،‬كل هذه التداعيات سرعت في مطالبة مختلف الفواعل‬
‫العراقية واألمريكية وحتى العاملية باالنسحاب من العراق‪ ،‬هذه الخطوة التي تم اتخاذها في عهد الرئيس‬
‫بوش وتنفيذها كان في ظل إدارة أوباما‪ ،‬هذا األخير الذي استغل هذه الخطوة لصالحه‪ ،‬وهذا ما سيتم‬
‫توضيحه في املحور الثاني من هذه الورقة البحثية‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬السياسة الخارجية األمريكية اتجاه العراق في ظل إدارة أوباما‬
‫"االنسحاب من العراق"‬
‫بالرغم من أن عهدة أوباما بدأت باالنفتاح على الحوار والتفاوض والدبلوماسية وسياسة القوة‬
‫الناعمة كما سبق الذكر‪ ،‬إال أنه لم يسقط احتماالت الحرب من قاموسه‪ ،‬فالقوة العسكرية كانت‬
‫وستظل من أهم أدوات السياسة الخارجية األمريكية‪ ،‬فقد عملت هذه اإلدارة على إعادة صياغة عالقتها‬
‫مع العالم بصفة عامة‪ ،‬والعالم اإلسالمي بصفة خاصة‪ ،‬ذلك بسبب ما عرفته السياسة الخارجية‬
‫األمريكية من نفور وعداء خارجي لتوجهاتها العدائية في ظل إدارة بوش االبن التي استهدفت دول العالم‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بداية بحربها على أفغانستان ثم إعالن الحرب على العراق‪ ،‬هذه األخيرة التي أدخلت الواليات‬
‫املتحدة في دوامة من العداء الالمتناهي لدى مختلف شعوب العالم اإلسالمي‪.‬‬
‫إن األولوية التي كانت تواجه أوباما عند توليه منصب الرئاسة تتمثل في األزمة املالية واالقتصادية‬
‫التي كانت تعاني منها الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬لذلك عمل على التخفيف من حدة هذه األزمة وذلك‬
‫بإنهاء مختلف االلتزامات الخارجية التي تستهلك املوارد األمريكية‪ ،‬والتركيز على بناء القدرات الداخلية‪،‬‬
‫فكانت بذلك العراق من أهم أولويات هذه اإلدارة‪ ،‬انطالقا من اعتبار أن الحرب األمريكية على العراق هي‬
‫خطأ استراتجي فادح فقد شنت ضد دولة لم تمثل أي تهديد للواليات املتحدة‪ ،‬كما أنها بددت مواردها‬
‫االقتصادية‪ ،‬وعملت على تشويه صورة ومصداقية السياسة الخارجية األمريكية في مختلف أنحاء العالم‪.‬‬
‫‪728‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬
‫‪2016 2003‬‬

‫لقد صوت أوباما منذ البداية ضد الحرب العراقية في الوقت الذي كانت تتمتع فيه ببعض‬
‫الشعبية‪ ،‬وهو ما كان بمثابة نقطة قوة في صالحه بسبب تزايد املعارضة لهذه الحرب التي طالت وكثرت‬
‫تكاليفها البشرية واملالية‪ ،‬نفس الش يء بالنسبة للحرب في أفغانستان‪ ،‬التي أعلن أوباما رغبته في سحب‬
‫القوات األمريكية منها‪ ،‬وهو ما أعطاه تفويضا أمريكيا شعبيا‪ ،‬وألن أوباما يتحسب دوما للرأي العام‪ ،‬وألن‬
‫غالبية األمريكيين صارت تؤيد إنهاء الحربين‪ ،‬فقد اعتمد على استراتيجية تقض ي بإنهائهما‪ ،‬وعدم التورط‬
‫في أي حروب جديدة ما لم تقتض الضرورة القصوى ذلك‪ .‬وبذلك حازت رؤية أوباما للسياسة الخارجية‬
‫الشرق أوسطية‪ ،‬وللسياسة في العراق خاصة على تأييد(‪ ،)38‬وهذا ما جعل أوباما يتفوق على كل من‬
‫هيالري كلينتون وجون ماكين ذوي الخبرة الواسعة سياسيا‪ ،‬وذلك بسبب مواقفه تجاه حروب اإلدارة‬
‫السابقة خاصة حرب العراق‪ ،‬حيث أن هيالري وجون ماكين كليهما وافقا جورج بوش على حربه على‬
‫العراق بينما عارضها أوباما منذ البداية‪ ،‬وهو ما جعله يكسب االنتخابات‪ ،‬وفعال أنجز أوباما ذلك وأنهى‬
‫حرب العراق التي دامت سبع سنوات(‪ ،)39‬ففي بداية تولي أوباما لإلدارة األمريكية قال صراحة إنه يرغب في‬
‫توفير تكاليف حرب العراق التي بلغت عشرة مليارات دوالرات شهريا وإنفاق هذا املبلغ لتطوير برامج البناء‬
‫االقتصادي واالجتماعي في الواليات املتحدة‪ ،‬وهذا ما أكسبه تأييدا كبيرا على املستوى املحلي والدولي‪.‬‬
‫أوال‪ -‬خلفيات انسحاب القوات األمريكية من العراق‪:‬‬
‫يرجع قرار انسحاب القوات العسكرية األمريكية من العراق إلى االتفاقية األمنية التي تم توقيعها من‬
‫قبل الحكومة العراقية املؤقتة وإدارة الرئيس بوش االبن في نهاية سنة ‪ ،2008‬لتدخل هذه االتفاقية حيز‬
‫التنفيذ في سنة ‪ ،2009‬ليبدأ انسحاب القوات األمريكية من مختلف املدن‪ ،‬وصوال إلى االنسحاب النهائي‬
‫املحدد في نهاية عام ‪ ،2011‬وهو ما حدث بالفعل في نهاية هذا العام‪ ،‬حيث قامت إدارة أوباما بسحب‬
‫القوات العسكرية في املوعد املحدد‪.‬‬
‫إن تعهد الرئيس أوباما بسحب القوات األمريكية من العراق‪ ،‬وذلك في إطار سعيه للحد من اإلنفاق‬
‫األمريكي في العراق‪ ،‬من الطبيعي أن يلقى تأييدا شعبيا كبيرا في الواليات املتحدة‪ ،‬وذلك بسبب معاناة‬
‫األمريكيين الكبيرة من هذه الحرب(‪ ،)40‬فمبدأ أوباما في السياسة الخارجية يقض ي بسحب الجيوش‬
‫األمريكية على األقل من الشرق األوسط وأوروبا‪ ،‬والتفرغ لشؤون البالد الداخلية‪ ،‬في وسط إلحاح شعبي‬
‫أمريكي عام يطالب بإنهاء الدور العسكري الذي تضخم جدا في العقد األخير‪ ،‬حيث كانت هناك مطالبة‬
‫دائمة بسحب القوات األمريكية من العراق‪ ،‬والعودة إلى العزلة التي تفرضها على نفسها الواليات املتحدة‬
‫بين الحقبة واألخرى من تاريخها‪ ،‬وقد جاءت أولى بوادر تخفيض ميزانية الدفاع وتخفيض التواجد‬
‫العسكري األمريكي في الشرق األوسط مع نهاية حرب العراق‪ ،‬فبعد عقد من الحرب في أفغانستان‬
‫والعراق‪ ،‬تجد الواليات املتحدة نفسها أمام منعطف إستراتيجي ال يختلف عن نهاية الحرب الباردة(‪.)41‬‬
‫يعتبر االنسحاب من العراق من القضايا التي ركزت إدارة أوباما عليها في حملتها االنتخابية‪ ،‬وهو ما‬
‫كان بمثابة نقطة إيجابية في صالحه‪ ،‬وهو ما عمل على تحقيقه بعد توليه الرئاسة‪ ،‬ولكن ما يجب اإلشارة‬
‫إليه هنا هو أنه على الرغم من أن هذا االنسحاب الذي تم التوقيع عليه في ظل إدارة بوش االبن بسبب‬
‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪729‬‬
‫‪2016 2003‬‬

‫الضغوط املختلفة من قبل الديمقراطيين كان من املتوقع أن يتم تمديد االتفاقية األمنية من أجل بقاء‬
‫القوات األمريكية أكبر فترة في العراق‪ ،‬إال أن تطورات الوضع وتأزمه في العراق جعلت الرئيس أوباما‬
‫يحافظ على تعهده باالنسحاب في الفترة املحددة‪ ،‬بعد تيقنه من عدم جدوى التواجد األمريكي في العراق‪،‬‬
‫وهذا ما توضحه أسباب وأهداف هذا االنسحاب‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أهداف االنسحاب األمريكي من العراق وأسبابه‪:‬‬
‫يمكن حصر أهم األهداف واألسباب التي دفعت الواليات املتحدة لالنسحاب من العراق فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تراجع التأ ييد الشعب األمريكي للحرب على العراق‪ ،‬والدعوة املستمرة النسحاب القوات‬
‫العسكرية وإنهاء الحرب‬
‫‪ -‬العراقية‪ ،‬خاصة بعد تضاعف الخسائر في صفوف القوات األمريكية وبعد نشر اإلعالم لصور‬
‫االنتهاكات التي تمارسها الواليات املتحدة في العراق‪.‬‬
‫جاء قرار االنسحاب نتيجة تعاظم الخسائر األمريكية في العراق سواء كانت املالية أو البشرية‪،‬‬
‫وهذا ما أثر بالسلب على االقتصاد األمريكي الذي كان يعاني من أزمة اقتصادية في نهاية سنة‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ -‬تحسين صورة السياسة األمريكية في منطقة الشرق األوسط‪ ،‬وتلميع صورتها أمام الرأي‬
‫العام العالمي‪ ،‬خاصة في ظل تصاعد االحتجاجات والضغوط العاملية وبخاصة الرأي العام‬
‫األمريكي لوقف الحرب العراقية‪.‬‬
‫‪ -‬اشتداد املواجهة من قبل املقاومة العراقية التي كلفت الواليات املتحدة خسائر كبيرة‪ ،‬وعدم‬
‫تقبل الشعب العراقي لهذا املحتل الذي صور للعالم أن الشعب العراقي استقبله بحماس على‬
‫أساس أنه محرر له‪.‬‬
‫‪ -‬انسحاب أغلب حلفاء الواليات املتحدة من العراق مما جعلها تتحمل كل أعباء الحرب‬
‫بمفردها‪.‬‬
‫‪ -‬الحرب األمريكية على العراق جلبت الكثير من العداء العربي واإلسالمي للسياسة األمريكية‬
‫ألنها شنت باسم القضاء على اإلسالم ونشر القيم الغربية‪ ،‬وهو ما جعل من خيار االنسحاب‬
‫أفضل وسيلة لتصحيح أخطاءها في املنطقة‪.‬‬
‫‪ -‬لقد هدفت اإلدارة األمريكية من وراء خطوة االنسحاب لحفظ ما تبقى للواليات املتحدة من‬
‫مصالح في املنطقة خاصة وأن هذه الحرب كانت في صالح النفوذ اإليراني‪ ،‬الذي تزايد بشكل‬
‫مذهل‪ ،‬بالتالي انسحبت الواليات املتحدة من العراق وهي تعلم بأنها ستعود للمنطقة‪ ،‬ولكن هذه‬
‫املرة بصفة شرعية‪.‬‬

‫‪730‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫ثالثا‪ -‬تداعيات االنسحاب األمريكي من العراق‪:‬‬


‫على الرغم من أن إدارة الرئيس باراك أوباما قامت بسحب قواتها من العراق كما وعدت‪ ،‬إال أن هذا‬
‫ال يعني أنها أنهت كل ارتباطاتها العسكرية في املنطقة‪ ،‬فعلى اعتبار أن االحتالل دمر كل مؤسسات وأركان‬
‫الدولة‪ ،‬خلق عمليا حاجة شديدة إلى وجودها واستمرار هذا الوجود‪ ،‬فالوجود األمريكي في العراق هو‬
‫الضمان األساس ي ضد نشوب حروب أهلية في العراق وضمان للنجاح في الحرب ضد تنظيم القاعدة‬
‫والجماعات املرتبطة به وضمان لعدم اجتياح حدود العراق‪ ،‬حتى تكتمل على األقل عملية بناء الدولة‬
‫بمختلف مؤسساتها (الجيش والشرطة واملؤسسات السياسية واإلدارية‪ ،)...‬إال أنه وبمجرد انسحاب‬
‫القوات األمريكية من العراق زاد تردي األوضاع األمنية في املنطقة‪ ،‬مما أدى إلى بروز ما أطلق عليه تنظيم‬
‫الدولة اإلسالمية‪ ،‬الذي استدعى تدخل قوات التحالف من أجل التصدي لهذا الخطر‪ ،‬وهو ما أعاد طرح‬
‫فكرة التواجد العسكري األمريكي في املنطقة من جديد‪ ،‬ولكن هذه املرة بتأييد ومساندة دولية‪ ،‬أي أن‬
‫التواجد العسكري في ظل إدارة أوباما في املنطقة حائز على الشرعية الدولية‪.‬‬
‫إن تداعيات االنسحاب األمريكي على العراق كانت أكثر ضررا مما خلفته الحرب‪ ،‬حيث أن الحرب‬
‫دمرت الدولة واالنسحاب تركها‪ ،‬وفي أيدي الجماعات اإلرهابية‪ ،‬فإدارة أوباما لم تعمل على جعل األوضاع‬
‫في العراق تتحسن بعد ذلك االنسحاب‪ ،‬بل تركت العراق يغرق في الفوض ى التي خلقتها سياسات اإلدارة‬
‫السابقة – إدارة بوش االبن –‪ ،‬وعجزت إدارة أوباما على تصحيح أخطاء اإلدارة السابقة‪.‬‬
‫وما يمكن مالحظته هنا هو أن اإلدارة الجديدة للرئيس األمريكي باراك أوباما لم تتخل عن أسس‬
‫السياسة الخارجية األمريكية في الشرق األوسط‪ ،‬وإنما قامت بالتعديل في األساليب والسياسات الالزمة‬
‫لتطبيقها‪ ،‬حيث كانت أكثر ميال إلى وسائل الترغيب أكثر من وسائل الترهيب والبعد تماما عن التهديد‬
‫باستخدام القوة املسلحة لتحقيق غايات سياسية في الشرق األوسط بصفة عامة والعراق بصفة خاصة‪.‬‬
‫حيث ركزت هذه السياسة في املنطقة على جملة من األهداف‪ ،‬املتمثلة في مقاومة اإلرهاب وأمن اإلمدادات‬
‫النفطية وأمن إسرائيل ومساندة األنظمة املعتدلة في املنطقة‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫يتضح من هذه الدارسة أن توجهات السياسة الخارجية األمريكية تتحدد انطالقا من مجموعة‬
‫املبادئ املحددة لها ووفقا لألهداف التي تسعى للحصول عليها‪ ،‬ففي بداية نشأة الدولة األمريكية كانت‬
‫ذات توجه انعزالي تجسيدا ملبدأ مونرو من أجل تحقيق القوة األمريكية واالبتعاد عن كل املشاكل الدولية‬
‫التي تضر بمصالحها وتهدد بقائها‪ ،‬أما بعدما بلغت مستويات عالية من القوة كانت ذات توجه تدخلي‬
‫لتحقيق الهيمنة األمريكية على العالم وهو ما جسده مبدأ ترومان‪ ،‬وقد تباينت طرق استعمال وسائل‬
‫وآليات السياسة الخارجية وفقا لإلدارة الحاكمة وتبعا لتوجهاتها‪ ،‬فاإلدارات الجمهورية مثل إدارة بوش‬
‫االبن‪ ،‬كانت أكثر استعماال للقوة العسكرية التدخلية أكثر من كل الوسائل األخرى بعكس اإلدارات‬
‫الديمقراطية التي تسعى دائما لتوظيف مختلف أنواع القوة األخرى (الدبلوماسية‪ ،‬االقتصادية‪،‬‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪731‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫العسكرية‪ ،). ..‬وهذا ال ينفي عدم اعتمادها على القوة العسكرية بشكل كبير‪ ،‬هذه الوسيلة التي تبقى ذات‬
‫توظيف كبير من قبل السياسة الخارجية األمريكية على اختالف إداراتها‪ ،‬هذا ما ينفي كل التوقعات التي‬
‫بنيت على توجهات إدارة الرئيس بارك أوباما بأنها ستكون أكثر سلمية من سابقتها وأنها ستحدث قطيعة‬
‫معها إال أن هذا لن يتحقق أبدا في تاريخ السياسة األمريكية‪ ،‬فكل اإلدارات األمريكية سواء كانت‬
‫ديمقراطية أو جمهورية تسير على خطى واحدة ثابتة األهداف والتوجهات تهدف دائما لخدمة املصالح‬
‫األمريكية إال أن االختالف يكمن في طرق استخدم وسائل السياسة الخارجية‪ ،‬فإدارة أوباما عملت على‬
‫تحسين صورة السياسة الخارجية األمريكية‪ ،‬التي فقدت شعبيتها بسبب توجهات سياسة بوش االبن‬
‫العدائية والتي خاضت حربين مدمرتين‪-‬أفغانستان والعراق‪ -‬دلتا على توجهات هذه اإلدارة التدخلية‪،‬‬
‫ُ‬
‫لذلك جاءت سياسة أوباما للتقليل من استخدام القوة العسكرية لصالح ما أطلق عليه القوة الذكية وهو‬
‫ما يظهر بالفعل بالنسبة لقضية االنسحاب األمريكي من العراق‪ ،‬هذه األخيرة التي أظهرت مختلف‬
‫التباينات في توجهات السياسة الخارجية بين إدارتي بوش االبن وبارك أوباما‪ ،‬حيث أن بوش اعتمد على‬
‫القوة العسكرية في سياسته تجاه العراق‪ ،‬وذلك من خالل احتالله سنة ‪ ،2003‬في حين أن الرئيس أوباما‬
‫اعتمد على ما يسمى بالقوة الذكية التي تجمع ما بين القوة الناعمة والقوة الصلبة في سياسته تجاه‬
‫العراق‪ ،‬حيث عمل على سحب القوات األمريكية من العراق‪ ،‬واالعتماد على دبلوماسية الحوار وغيرها من‬
‫وسائل القوة الناعمة لتحقيق مصالحها هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى اعتماد القوة الصلبة ولكن‬
‫بطريقة شرعية وبطلب من العراق وهو ما حدث بالفعل إثر تشكيل التحالف الدولي بقيادة الواليات‬
‫املتحدة للتصدي لتنظيم الدولة اإلسالمية‪ ،‬إال أن ما يمكن مالحظته على سياسة اإلدارتين في العراق هو‬
‫أن كليهما عمال على إدخال العراق في دوامة الصراع والفوض ى وعدم االستقرار األمني‪ ،‬فإدارة بوش هدمت‬
‫الدولة العراقية عبر تدمير مختلف مؤسساتها وزرعت بذور الفتنة والطائفية مما أوجد وضعا أمنيا‬
‫مضطربا ساهم في ظهور مختلف املنظمات اإلرهابية‪ ،‬أما إدارة أوباما فقد انسحبت من العراق في الوقت‬
‫الذي يتوجب عليها البقاء والعمل على تصحيح ما خربته اإلدارة السابقة‪ ،‬وخاصة ما تعلق ببناء مؤسسات‬
‫أمنية قادرة على تحقيق األمن واالستقرار‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫)‪ (1‬ويد جنسن‪ ،‬تفسير السياسة الخارجية‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد بن أحمد مفتي‪ ،‬محمد السيد سليم‪ ،‬د‪.‬ط (الرياض‪ :‬عمادة شؤون املكتبات‪ -‬جامعة‬
‫امللك سعود‪ ،)1989 ،‬ص ‪.96‬‬
‫)‪ (2‬ارتن غريفيش‪ ،‬تيري أوكاالهان‪ ،‬قاموس املفاهيم األساسية في العالقات الدولية‪ ،‬ترجمة‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪( ،‬دبي‪ :‬مركز الخليج‬
‫لألبحاث‪ ،)2008 ،‬ص ‪.91‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪Cenap Cakmak, American foreign policy and september11,p 2. Available at: www.sam.gov.tr/wp-‬‬
‫‪content/.../Cenap-Cakmak.pdf‬‬
‫(‪ )4‬زهير بوعمامة‪"،‬سياسة إدارة الرئيس بيل كلينتون في إعادة بناء نظام اآلمن في أوروبا ما بعد الحرب الباردة"‪( ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في العلوم السياسية‪ ،‬فرع العالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،)2008-2007 ،‬ص ص ‪.50-45‬‬
‫(‪ )5‬ميشال جوبير‪ ،‬األمريكيون‪ ،‬ترجمة‪ :‬وجيه البعيني‪ ،‬الطبعة األولى (بيروت‪ :‬منشورات عويدات‪ ،)1989 ،‬ص ‪.43‬‬

‫‪732‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫(‪ )6‬ويليام بلوم‪" ،‬التاريخ الطويل للتدخالت األمريكية العسكرية في العالم وفي مواجهة العالم واألمم املتحدة"‪ ،‬ترجمة‪ :‬مازن املغربي‪ ،‬ترجمات‬
‫إستراتيجية‪ ،‬العدد ‪ ،35‬جوان(‪ ،)2007‬ص ‪.8-3‬‬
‫‪ ‬املحافظين الجدد هم ذلك التيار املكون من األحرار السابقين واالشتراكيين وأتباع تروتسكي وأتباع ثورة ماكجوفرن‪ ،‬لم يكن أحدا منهم‬
‫تقريبا من عالم التجارة أو من العسكريين‪ ،‬وبالرغم من قلة عددهم إال أنهم يمارسون سلطة غير متناسبة مع عددهم من خالل تحكمهم في‬
‫املؤسسات واملجالت املحافظة ومن خالل األعمدة الحفية وصالتهم برجال السلطة‪ ،‬تعود جذور هذا التيار إلى الفترات املبكرة من الحرب‬
‫ّ‬
‫الباردة مع تصاعد املد املعادي للشيوعية‪ ،‬ليبدأ هذا التيار في تأكيد نفسه في بداية السبعينيات ويلتقي حول معارضة التوجه الذي بدأ‬
‫يتطور في السياسة الخارجية األمريكية الذي تبنته إدارة ريتشارد نيكسون وهنري كيسنج إلعادة ترتيب العالقات مع اإلتحاد السوفياتي‪ ،‬لكن‬
‫بدأ ظهور هذا التيار بشكل رسمي بعد نهاية الحرب الباردة حيث بدأ هؤالء املحافظون يدعون إلى حرب صليبية جديدة ‪ ،‬وبعد ‪11‬سبتمبر‬
‫كانت فرصتهم لتوجيه غضب أمريكا نحو حرب شاملة ضد اإلرهاب وخاصة العالم اإلسالمي ملزيد من التفصيل أنظر صالح زهر الدين‪،‬‬
‫املحافظون الجدد في الواليات املتحدة‪ ،‬الطبعة األولى( املركز الثقافي اللبناني‪ :‬بيروت‪ ،)2004 ،‬ص ص ‪.119-99‬‬
‫(‪ )7‬فنسان الغريب‪ ،‬مأزق اإلمبراطورية األمريكية‪ ،‬الطبعة األولى (بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،)2008 ،‬ص ‪.186‬‬
‫(‪ )8‬اسكندر وولف‪ ،‬تدخالت الواليات املتحدة األمريكية في الخارج‪ :‬ظهور مذهب باول‪ ،‬مجلة القوة الجوية والقدرة الفضائية‪ ،‬املجلد السابع‪،‬‬
‫العدد الثاني‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫)‪ (9‬إدريس لكريني‪ ،‬إدريس لكريني‪ ،‬التداعيات الدولية الكبرى ألحداث ‪ 11‬شتنبر (من غزو أفغاستان إلى احتالل العراق)‪،‬الطبعة األولى(مراكش‪:‬‬
‫املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،)2005 ،‬ص ‪.16‬‬
‫(‪ )10‬نور الدين حشود‪" ،‬اإلستراتيجية األمنية األمريكية بعد الحرب الباردة‪ :‬من التفرد إلى الهيمنة ‪ ،"2012-1990‬دفاتر السياسة والقانون‪،‬‬
‫العدد ‪( ،9‬جوان)‪ ،2013‬ص ‪.390‬‬
‫(‪ )11‬إبراهيم نوار‪ ،‬العراق من االستبداد إلى الديمقراطية‪ ،‬الطبعة األولى (القاهرة‪ :‬مركز املحروسة للنشر والخدمات الصحفية واملعلومات‪،‬‬
‫‪ ،)2010‬ص ‪.187‬‬
‫(‪ )12‬مروان بشارة‪" ،‬أهداف الواليات املتحدة وإستراتيجياتها في العالم العربي"‪ ،‬سياسات عربية‪ ،‬العدد‪( ،1‬مارس) ‪.2013‬‬
‫)‪ (13‬حسن أوريد‪" ،‬مالمح السياسة الخارجية في ظل والية أوباما الثانية"‪،‬أفاق املستقبل‪ ،‬العدد ‪( ،17‬مارس) ‪ ،2013‬ص ‪.20‬‬
‫(‪ )14‬عبير بسيوني عرفة ‪ ،‬السياسة الخارجية األمريكية‪ :‬في القرن الحادي والعشرين‪ ،‬ط‪( 1.‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،)2011 ،‬ص ‪.66‬‬
‫)‪ (15‬نور الدين حشود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.394‬‬
‫(‪ )16‬حميد شهاب أحمد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.7-5‬‬
‫(‪ )17‬محمد العربي‪"،‬الجدل حول مستقبل القوة األمريكية"‪ ،‬أوراق سلسلة تصدر عن وحدة الدراسات املستقبلية بمكتبة اإلسكندرية‪( ،‬مصر‪:‬‬
‫وحدة الدراسات املستقبلية بمكتبة اإلسكندرية‪،)2012 ،‬ص ‪.29‬‬
‫(‪ )18‬مايكل كودنر‪" ،‬دور القوة العسكرية في السياسة الخارجية األمريكية"‪ ،‬أفاق املستقبل‪ ،‬العدد ‪( ،04‬مارس)‪ ،2010‬ص ص ‪.53 52‬‬
‫)‪(19‬‬
‫‪Alexandra De Hoop Scheffer, La politique etrangere de l’administration obama: la quete d’un nouvel equilibre‬‬
‫‪entre realisme et internationalisme, Annuaire français de relations Internationales, Volume X, )France: Centre‬‬
‫‪thucydide-Analyse et recherche en relations internationales , 2009(,pp 10 11.‬‬
‫‪ ‬نظرية القوة الذكية لعالم السياسة جوزيف س‪ .‬ناي‪ ،‬الذي خرج بها خالل مناظرته الشهيرة ضد املؤرخ بول كيندي‪ ،‬صاحب نظرية"‬
‫انحطاط األمم " ‪ ،‬ثم واصل تنقيحها بعد انتخاب جورج بوش للرئاسة عام ‪ ،2000‬وهي واحدة من نظريات القوة التي تدور حول كيفية‬
‫الجمع بين أساليب القوة الصلبة وأساليب القوة الناعمة في إستراتيجية واحدة أطلق عليها ناي اسم " اإلستراتيجية الرابحة" ملزيد من‬
‫التفصيل انظر مايكل كودنر‪ ،‬مراجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫(‪ )20‬عبير بسيوني عرفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫(‪ )21‬عز الدين محمد أحمد‪" ،‬أبعاد السياسة الخارجية األمريكية تجاه منطقة الخليج العربي"‪ ،‬مجلة الساتل‪ ،‬د‪.‬ع‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫(‪ )22‬جواد كاظم جواد سميسم‪ ،‬الصدمة والرعب‪ :‬دراسة تحليلية للحرب على العراق‪ ،‬الطبعة األولى(بيروت‪ :‬منشورات زين الحقوقية‪،‬‬
‫‪ ،)2011‬ص ‪.16‬‬
‫(‪ )23‬جمال جالل عبد هللا‪ ،‬العراق بين التحرير والتدمير‪ :‬احتالل العراق بدون موافقة مجلس األمن‪ ،‬الطبعة األولى(لندن‪ :‬دار الحكمة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،)2011 ،‬ص‪.80‬‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪733‬‬


‫‪2016 2003‬‬

‫)‪ (24‬محمد أحمد‪" ،‬الغزو األمريكي‪-‬البريطاني للعراق عام ‪2003‬م بحث في األسباب والنتائج"‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‪ ،‬املجلد ‪ ،20‬العدد (‪،)4+3‬‬
‫‪ ،2004‬ص ‪.123‬‬
‫)‪ (25‬شاهر إسماعيل شاهر‪ ،‬أولويات السياسة الخارجية األمريكية بعد أحداث ‪ 11‬أيلول ‪2001‬م‪ ،‬د‪.‬ط (دمشق‪ :‬منشورات الهيئة العامة‬
‫السورية للكتاب‪ ،)2009 ،‬ص ‪.124‬‬
‫)‪(26‬‬
‫‪Fraser Cameron, US Foreign Policy after the Cold War: Global hegemon or reluctant sheriff ?, Second edition,‬‬
‫‪(London and New York: Taylor & Francis Group, 2005), pp71-73.‬‬
‫(‪ )27‬خالد محمد حمد الجمعة‪" ،‬األسس القانونية لعدم مشروعية غزو العراق واحتالله"‪ ،‬مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬العدد الثامن واألربعون‪،‬‬
‫أكتوبر ‪ ،2011‬ص ‪.229‬‬
‫(‪ )28‬جواد كاظم جواد سميسم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )29‬أحمد منيس ي‪" ،‬الواليات املتحدة وقضية الديمقراطية في الوطن العربي"‪ ،‬قضايا حقوق اإلنسان‪،‬اإلصدار التاسع‪(،‬مارس) ‪ ،2004‬ص ‪.35‬‬
‫(‪ )30‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫(‪ )31‬عبد الكريم العلوجي‪ ،‬الصراع على العراق‪ :‬من االحتالل البريطاني إلى االحتالل األمريكي‪ ،‬الطبعة األولى (القاهرة‪ :‬الدار الثقافية للنشر‪،‬‬
‫‪ ،)2007‬ص ‪.132‬‬
‫(‪ )32‬نصر محمد علي الحسيني‪"،‬النظام الحزبي وأثره في أداء النظام السياس ي للواليات املتحدة األمريكية( دراسة حالة الحرب على‬
‫العراق‪(،")2003‬أطروحة مقدمة لنيل درجة دكتوراه فلسفة في العلوم السياسية‪ ،‬جامعة النهرين‪ ،)2012 ،‬ص ‪.394‬‬
‫(‪ )33‬عبد الناصر محمد سرور ‪" ،‬دوافع وتداعيات القرار االستراتيجي األمريكي باحتالل العراق عسكريا في ‪ ،"2003‬مجلة جامعة‬
‫األقص ى(سلسلة العلوم اإلنسانية)‪ ،‬املجلد الرابع عشر‪ ،‬العدد األول‪( ،‬يناير) ‪ ،2010‬ص ‪.72‬‬
‫(‪ )34‬إدريس لكريني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬
‫)‪ (35‬ميشيل حنا الحاج‪ ،‬الشرق األوسط الجديد‪ :‬سياسات واستراتيجيات‪ ،‬الطبعة األولى (مصر‪ :‬املكتب العربي للمعارف‪ ،)2016 ،‬ص ‪.41‬‬
‫(‪ )36‬فواز جرجس‪ ،‬داعش إلى أين؟ جهاديو ما بعد القاعدة‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد شيا‪ ،‬ط‪( 1.‬بيروت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،)2016 ،‬ص‬
‫‪.78‬‬
‫(‪ )37‬جهاد عودة‪ ،‬النظام االجتماعي واالستراتيجي األمريكي املأزوم‪ ،‬الطبعة األولى (القاهرة‪ :‬كنوز للنشر والتوزيع‪ ،)2014 ،‬ص ‪.36‬‬
‫)‪ (38‬جمال جالل عبد هللا‪ ،‬العراق بين التحرير والتدمير‪ :‬احتالل العراق بدون موافقة مجلس األمن‪ ،‬الطبعة األولى (لندن‪ :‬دار الحكمة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،)2011 ،‬ص ‪.195‬‬
‫(‪ )39‬إبراهيم نوار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪199‬‬
‫(‪ )40‬جهاد عودة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫(‪ )41‬إبراهيم نوار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.180‬‬

‫‪734‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬


2016 2003

2018 17 735

You might also like