Professional Documents
Culture Documents
التحول الديمقراطي في إفريقيا
التحول الديمقراطي في إفريقيا
لقد عرفت القارة اإلفريقية مع مطلع التسعينيات في القرن الماضي ,موجة من التحوالت السياسية نحو األخذ بالديمقراطية شملت معظم دول القارة حتى اسماها بعض
المحللين( ربيع الديمقراطية في إفريقيا) ،و هذا ما يدخل في سياق موجة التحول الديمقراطي و التي شملت معظم دول العالم الثالث في ظل الظروف الداخلية و الدولية
المستجدةاألحادية القطبية التي حاولت القوى الكبرى مستغلة الوضع لفرض النموذج الديمقراطي الليبرالي الغربي عل هذه األنظمة و ذلك .
و نتساءل في هذا الصدد عن أبرز العوامل التي دفعت أو تساعد عل األقل في دفع عجلة التحول الديمقراطي نحو األمام ،و هل القت الديمقراطية البيئة المناسبة للتطبيق أم أن
مجموعة من الموعقات حالت دون ذلك؟ أيضا نتساءل عن اآلثار الناجمة عن عملية التحول و إلى أي مدى ساهمت في تنمية و ترقية األوضاع في إفريقيا عموما؟ هذه النقاط و
غيرها نحاول التطرق غليها باختصار في ورقة عملنا هذه.
العوامل المساهمة في عملية التحول:
أ -العوامل الخارجية( المتغيرات الدولية):
لقد بدأ الحديث على عمليات التحول الديمقراطي يعرف طريقه نحو الظهور و بصفة مكثفة مباشرة بعد التحول الكبير و الجذري الذي عرفته بنية النظام الدولي و ذلك بعد
انهيار المعسكر الشرقي و انفراد الو .م.أ بزعامة العالم ،لذا و في ظل هذه الظروف الدولية المستجدة و االنتقال نحو األحادية القطبية حاولت القوى الكبرى مستغلة الوضع
لفرض النموذج الديمقراطي الليبرالي الغربي عل هذه األنظمة و ذلك بما تمليه عليها مصلحتها.
من جهة ،و بما يجعل نموذجها أمام العالم النموذج األصلح في تسيير شؤون الحكم و االقتصاد و نموذجا مناسب كنمط حياة لكل الشعوب في مقابل فشل النموذج االشتراكي.
بالضافة إلى والنزوع الدولي نحو الديمقراطية ,وتبني القوي الغربية لقضايا الديمقراطية وحقوق االنسان الدفع نحو التحول الديمقراطي ,سواء من حيث الضغوط الخارجية أو
من خالل تأثير المحاكاة ,وصارت المساعدات االقتصادية الغربية مشروطة باجراء تحوالت ديمقراطية علي أساس ان الفساد وسوء نظم الحكم في تلك الدول ادي إلي نشوء
أزمات اقتصادية.
و بهذا كانت القارة السمراء ميدانا وجب عليه التحول مواكبة لألحداث فكانت عملية التحول مفروضة من الخارج بصفة كبيرة ألنه بتطبيقها للديمقراطية سيفتح ذلك المجال
لالنفتاح االقتصادي و فق المعايير الغربية و تكون بذك إفريقيا سوقا مفتوحة أمام السلع الغربية ،و تعتبر الزيارات في األربع أو الخمس سنوات السابقة لممثلين عن اإلدارة
األمريكية دليل و اضح على رغبة هذه األخيرة في ضرورة التحول ،و من أبرز هذه الزيارات تأتي زيارة السيدة مادلين أولبرايت -وزيرة الخارجية األمريكية -إلفريقيا خالل
الفترة من 17إلى 23أكتوبر 1999م) في سياق عملية التقويم المستمرة التي توليها اإلدارة األمريكية لسياستها اإلفريقية منذ انتهاء الحرب الباردة؛ إذ تعد هذه الجولة اإلفريقية
التي تشمل ست دول هي :غينيا وسيراليون ومالي ونيجيريا وكينيا وتنزانيا -ثالث زيارة تقوم بها وزيرة الخارجية منذ تبُّو ئها هذا المنصب .وإذا أخذنا بعين االعتبار جولة
الرئيس كلينتون اإلفريقية خالل الفترة من 23مارس إلى 2أبريل - 1998التي شملت ست دول إفريقية هي :غانا وأوغندا ورواندا وجنوب إفريقيا والسنغال -الَّتضح لنا بجالء
أن ثمة توجهًا جديدًا للواليات المتحدة تجاه إفريقيا ،وهو ما عبر عنه الرئيس كلينتون نفسه أثناء زيارته لغانا بقوله" :لقد آن األوان ألن يضع األمريكيون إفريقيا الجديدة على
قائمة خريطتهم".
لكن هذا ال ينفي بروز عوامل داخلية قد تكون ساهمت في عملية التحول بشكل أو بآخر .و هذا ما يجرنا للحديث عن أبرز هذه العوامل.
ب) العوامل الداخلية:
لقد صورت الديمقراطية باستمرار على أنها العصى السحرية التي تفتقدها دول العالم المتخلف لتكون السبب أو المخلص لهذه الشعوب من كل أشكال المعاناة على مختلف
المستويات اإلج ،السي ،الثق .....
و تعتبر القارة السمراء األكثر تضررا مقارنة بباقي دول العالم 3من مختلف المشاكل ال سيما االقتصادية و االجتماعية منها و يعتبر الفقر منتشرا بشكل كبير في إفريقيا يوجد32
دولة افريقية من بين 51دولة في العالم منخفضة الدخل ويزداد عبء الفقر علي سكان الريف بالنسبة لسكان الحضر وهذا االنتشار الشديد للفقر كان بمثابة المحفز للتفكير في
حلول للخروج من هذه الحالة المزرية ,و لهذا ذهب فريق من المكرين بأن عملية التنمية ال يمكن تفعيلها إال في إطار مناخ ديمقراطي و هذا ما تم إقراره في وثيقة النيباد التي
تبنتها الدول االفريقية و التي تري أن التنمية يستحيل تحقيقها في غياب الديمقراطية الحقيقية واحترام حقوق اإلنسان والسالم والحكم الرشيد .باالضافة الي البيئة الداخلية للنظم
السياسية االفريقية ,وبالذات نظم الحزب الواحد ,و قد برر أنصار النموذج السلطوي إلي أن هناك تعارضا بين الديمقراطية والنمو االقتصادي ,ولكن هذا الرأي يصطدم بأن
النظم السلطوية في إفريقيا قد فشلت في إحداث التنمية االقتصادية المنشودة.
من هنا تأتي مبادرة النيباد المشاركة الجديدة لتنمية افريقيا و كخطوة جدية لتفعيل عملية التحول الديمقراطي بدفع من الداخل و بهذا تشكل هذه المبادرة عامل داخلي ذو أهمية
بالغة،و التي تهدف الي اعادة صياغة مستقبل القارة االفريقية ,خالل القرن الحالي ,علي أسس جديدة ,بحيث يكون للقارة بقياداتها وشعوبها الكلمة العليا في تحديد غاياتها
واهدافها .وفي توجيه الجهود واالجراءات نحو تحقيق تلك الغايات واالهداف ,وتتضمن النيباد التي أقرت في صياغتها األولي من جانب القادة االفارقة في قمة لوساكا في يوليو
2001برنامج عمل تفصيلي لتحقيق أهداف القارة في الفكاك من أسر التخلف والفقر والتهميش في عصر العولمة ,وتحقيق التنمية المستدامة ,وذلك في اطار من مشاركة عالمية
جديدة بين افريقيا والمجتمع الدولي ,تقوم علي أساس تبادل المسئوليات وااللتزامات ..واقتسام المنافع.
وتنطلق وثيقة النيباد من أن التنمية يستحيل تحقيقها في غياب الديمقراطية الحقيقية ,واحترام حقوق االنسان والسالم والحكم الرشيد .وتتعهد فيها باحترام المعايير العالمية
للديمقراطية التي تشتمل عناصرها الجوهرية علي التعددية السياسية التي تسمح بوجود العديد من االحزاب السياسية واالتحادات العمالية وتنظيم انتخابات عادلة وصريحة
وديمقراطية يتم تنظيمها بصورة دورية لتمكين الجماهير من اختيار قادتها بطريقة حرة وأن الغرض من مبادرة الديمقراطية والحكم السياسي هو المساهمة في تعزيز اإلطار
السياسي واالداري للبلدان المشاركة تماشيا مع مباديء الديمقراطية والشفافية والمساءلة والنزاهة واحترام حقوق االنسان وتعزيز سيادة القانون.
ـ تمهيد من جانب البلدان المشاركة بلعب دور طليعي في دعم المبادرات التي تشجع الحكم الرشيد.
ـ إضفاء الصبغة المؤسسية علي االلتزامات عن طريق قيادة الشراكة الجديدة لتنمية افريقيا لضمان االلتزام بالقيم الجوهرية للمبادرة علي أن تتولي دول الشراكة الجديدة لتنمية
افريقيا التعهد بسلسلة من االلتزامات من أجل تلبية المعايير األساسية للحكم الرشيد والسلوك الديمقراطية .وبغية تعزيز االدارة السياسية وبناء القدرات للوفاء بهذه التعهدات ,فإن
النيباد طرحت عدة مبادرات تستهدف بناء القدرات بالتركيز علي:
ـ الخدمات االدارية والمدنية
ـ تعزيز االشراف البرلماني
ـ تعزيز عملية صنع القرار القائمة علي المشاركة
ـ اقرار تدابير فعالة لمحاربة الفساد واالختالس
ـ القيام بإصالحات قضائية.
وسيعمل محفل رؤساء الدول بشأن الشراكة الجديدة لتنمية افريقيا كآلية تقوم من خاللها قيادة هذه الشراكة بالرصد والتقييم الدوري للتقدم الذي تحرزه البلدان االفريقية في الوفاء
بالتزاماتها من أجل تحقيق الحكم الرشيد واالصالحات االجتماعية.
ومن ثم فإن هذه المبادرة حال تطبيقها بجدية والتزام سوف تفرض علي الدول االعضاء فيها التزامات ومسئوليات ذات صبغة تعاقدية في مجاالت شديدة الحساسية والخطورة,
مثل ديمقراطية الحكم وحقوق االنسان وضمان سالمة السياسات والمؤسسات االقتصادية وغيرها ويخضع االداء لمراجعة وتقييم دوري مستقل ,ويترتب علي نتائج هذه
المراجعة آثار ملموسة فيما يتعلق بنصيب هذه الدول في المساعدات الدولية وتخفيف الديون واالستثمارات االجنبية والمشروعات المشتركة.
وقد قام قادة مبادرة النيباد ,بعرض المبادرة في قمة مجموعة الثمانيه التي عقدت في جنوا بايطاليا في 20يوليو ,2001وقد رحبو بالمبادرة ووافقوا علي دعمها .وصدر بيان بهذا
الشأن ,حث فيه القادة األفارقة علي االلتزام بمباديء أساسية بشأن:
منع المنازعات وادارتها وتسويتها ,وتعزيز الديمقراطية وترسيخ الحكم السياسي الجيد وقاموا بتعيين ممثلين شخصيين علي مستوي عال للمشاركة في اعداد خطة عمل مفصلة
ومحددة المعالم وقد تم هذا فعال .والجديد في هذه المبادرة انها تقوم علي المشاركة وليس المعونة وعلي أساس المنفعة المتبادلة والمسئولية المشتركة.
ويبقي االنتقاد الرئيسي في عالقاتها باالتحاد االفريقي علي الرغم من أنها نشأت في كنفه ,لكن العالقة بينهما غير واضحة والتوجد عالقة تنظيمية واضحة بين المنظمتين .مما
يدعو الي وضع اسس جديدة وواضحة هيكليا ووظيفيا للعالقة بين النيباد واالتحاد االفريقي ورغم كل االنتقادات المشككة ,فإن هذه المبادرة االفريقية تمتلك كل عناصر النجاح.
فهي مبادرة افريقية ,صنعت في افريقيا بمفكرين افريقيين ويملكها االفارقة ,بما يعني من دالالت أبرزها ان افريقيا بقياداتها قد بدأت تأخد زمام المبادرة في صياغة تصورها
ورؤيتها الخاصة بمستقبلها ,رغم أنها تبنت االطار البرلماني الغربي وقد اليكون من المصادفة ان يفوز في كينيا بعد انتخابات ديمقراطية سليمة المعارض مواي كيباكي ,الذي
سبق له أن تولي منصب وزير االقتصاد عام 1969وظل يشغل هذا المنصب حتي عام 1982واظهر براعة اقتصادية نالت رضاء الدول الغربية.
أما اثر التحول الديمقراطي علي التطور االقتصادي ,فهناك خالف كبير بين المحللين في هذا الشأن ,حيث ذهب بعض المحللين من أنصار النموذج السلطوي إلي أن هناك
تعارضا بين الديمقراطية والنمو االقتصادي ,ولكن هذا الرأي يصطدم بأن النظم السلطوية في إفريقيا قد فشلت في إحداث التنمية االقتصادية المنشودة ,في حين يري فريق آخر
أن الديمقراطية ال تتعارض مع متطلبات النمو االقتصادي والعدالة االجتماعية ويربطون ذلك بوجود الدولة الفاعلة في إفريقيا.
وثيقة النيباد التي تبنتها الدول االفريقية تري أن التنمية يستحيل تحقيقها في غياب الديمقراطية الحقيقية واحترام حقوق اإلنسان والسالم والحكم الرشيد.
وأيا كانت االجتهادات النظرية بهذا الشأن ,فإنه ال يمكن إنكار وجود عدد من العوامل االقتصادية التي تعوق عملية التحول الديمقراطي في أفريقيا وفي مقدمة هذه العوامل انتشار
الفقر في القارة االفريقية ,ففي أفريقيا يوجد 32دولة افريقية من بين 51دولة في العالم منخفضة الدخل ويزداد عبء الفقر علي سكان الريف بالنسبة لسكان الحضر وهذا االنتشار
الشديد للفقر ,وما ينطوي عليه من انشغال السكان بتوفير ما يقوتهم ,تكون المشاركة السياسية في أواخر سلم اولوياتهم مما يجعلهم منعزلين عن العملية السياسية بكاملها.
وقد اضطرت الدول االفريقية في مواجهة ازماتها االقتصادية الخانقة الي االستعانة بصندوق النقد الدولي لكي يوصي بسياسات وبرامج محددة يرتبط بتنفيذها اعادة جدولة
الديون المتراكمة والسماح بضخ موارد جديدة ,وقامت الحكومات االفريقية بتقليص دور الحكومة والقطاع العام لصالح السوق الحرة والقطاع الخاص ,وقد كان لهذه السياسات
اثر سلبي كبير علي فئات عريضة من الجماهير االفريقية وكشفت حركة التفاعالت داخل المجتمعات االفريقية عن العجز المديد لتلك الحكومات عن تحقيق أهداف مجتمعاتها في
التنمية بالرغم من احتكارها للسلطة السياسية واالقتصادية وأسهمت في زيادة وعي المواطن العادي بخطورة السياسات العامة علي مصالحها الخاصة .وأدت إلي األخذ بالتحول
الديمقراطي في إطار ما سمي بالمشروطية السياسية.
ومن ابرز العوامل االقتصادية انتشار الفساد في إفريقيا حتي انه يكاد يكون سمة بارزة من السمات األفريقية وهو ليس مجرد ظاهرة غير عادية ناتجة عن سلوك غير مستقيم بل
صار مؤسسا ويلعب وظيفة هامة داخل البناء السياسي واالقتصادي والفساد في إفريقيا صار توجها سلطويا مقصودا يهدف إلي تحويل االمتعاض الطائفي السياسي المتنامي
امتعاض اقتصادي فحسب ,بأعتبار أن هذا الفساد االقتصادي تكون مواجهته اكثر سهولة واخف ضررا .واستعصاء الفساد علي المعالجة في افريقيا يعود إلي عوامل بنيوية
املتها العالقات المتشابكة بين السلطة وبين برجوازية االعمال ومقاوالت ووساطات ,توفر الدعم للسلطة القائمة .وانتشار الفساد يعوق قيام نظم ديمقراطية حقيقية في أفريقيا ألنه
يساعد الفئة الحاكمة علي تكريس احتكارها للسلطة ويقلل من رغبتها في التنازل عنها اختياريا من خالل عملية التداول الديمقراطي .كما انه يجعل من الصعب علي هذه الفئات
السماح بمعارضة حرة تعبر عن الفئات األكثر فقرا واألكثر مصلحة في التغير االقتصادي نحو تنمية اقتصادية حقيقية.
- 2تزايد حدة النزاعات بين الدول االفريقية (:أدى الى انتهاكات صارخة لحقوق االنسان)
في عام 1998كان العالم يحتفل بمرور خمسين عامًا على صدور اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بينما استمرت على أشدها الصراعات المسلحة واالضطرابات االجتماعية
والسياسية مفضية إلى مزيد من االنتهاكات المروعة لحقوق اإلنسان في إفريقيا.
أما في المناطق التي سادها الصراع ،فقد ظلت منطقة البحيرات الكبرى ميدانًا لتفاقم انتهاكات حقوق اإلنسان .إذ قتلت قوات األمن عمدًا وتعسفًا في جمهورية الكونغو
وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا وبوروندي .وفي سيراليون قامت القوات المتمردة التابعة للمجلس الثوري للقوات المسلحة المطاح به وتلك التابعة للجبهة المتحدة
الثورية المعارضة بارتكاب انتهاكات لحقوق اإلنسان على نطاق واسع على مدار العام .كما تسبب استمرار النزاع اإلقليمي بين إثيوبيا وإريتريا في انتهاكات لحقوق اإلنسان.
وفي غينيا بيساو قتل عشرات األشخاص عمدًا أو تعسفًا في إطار الصراع الذي أعقب التمرد العسكري الذي وقع في يونيو /حزيران .وفي أنغوال تبدد األمل في تنفيذ اتفاق عام
1994للسالم الذي انعقد بين الحكومة وجبهة "يونيتا" ،أمام تفاقم الـمواجهة الـمسلحة التي نتج عنها مصرع الـمئات ونزوح اآلالف من األشخاص.
و حسب ا ملخص التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية للعام 2003ظل وضع حقوق اإلنسان خطيرًا في معظم أنحاء القارة .وُأزهقت أرواح اآلالف وُدمرت سبل عيشهم من
جراء النزاعات المسلحة واالضطرابات األهلية التي ارُتكبت خاللها انتهاكات مرِّو عة لحقوق اإلنسان وظل مرتكبوها بمنأى عن العقاب .وكان هذا هو الوضع بصفٍة خاصٍة في
كل من بوروندي ،وجمهورية إفريقيا الوسطى ،وجمهورية الكونغو ،وساحل العاج ،وجمهورية الكونغو الديموقراطية ،وليبيريا ،والسودان ،والسنغال ،وأوغندا.
وارتكبت بعض القوات الحكومية أعمال إعدام خارج نطاق القضاء ،وحوادث "اختفاء" وتعذيب وغير ذلك من االنتهاكات الجسيمة ،بينما أقدمت جماعات مسلحة على قتل
وتشويه واختطاف وتعذيب مدنيين في إطار سعيها لتحقيق أهدافها السياسية .وواصلت الجماعات المسلحة في ساحل العاج ،وبوروندي ،وجمهورية الكونغو الديموقراطية،
وليبيريا تجنيد أطفال للقتال في صفوفها ،وكان ذلك يتم قسرًا في بعض األحيان .عموما فقد اعتبرت قضية حقوق االنسان معيارا رئيسيا في تقييم مدى ديمقراطية نظام ما ،و
أمام هذه المعطيات حول األوضاع في إفريقيا تبقى هذه االنتهاكات حاجزا معرقال لعملية التحول.
-3العامل الخارجي:
بحيث تقف مصالح األطراف الخارجية أمام أي عملية تحول ايجابية،فقد اضطرت الدول اإلفريقية في مواجهة أزماتها االقتصادية الخانقة الي االستعانة بصندوق النقد الدولي
لكي يوصي بسياسات وبرامج محددة يرتبط بتنفيذها اعادة جدولة الديون المتراكمة والسماح بضخ موارد جديدة ,وقامت الحكومات اإلفريقية بتقليص دور الحكومة والقطاع
العام لصالح السوق الحرة والقطاع الخاص ,وقد كان لهذه السياسات اثر سلبي كبير علي فئات عريضة من الجماهير االفريقية وكشفت حركة التفاعالت داخل المجتمعات
االفريقية عن العجز المديد لتلك الحكومات عن تحقيق أهداف مجتمعاتها في التنمية بالرغم من احتكارها للسلطة السياسية واالقتصادية وأسهمت في زيادة وعي المواطن
العادي بخطورة السياسات العامة علي مصالحها الخاصة .وأدت إلي األخذ بالتحول الديمقراطي في إطار ما سمي بالمشروطية السياسية .ولكن يظل التساؤل :هل ستؤدي تلك
المشروطية السياسية إلي ديمقراطية حقيقية في الدول االفريقية خاصة ان تطبيق تلك المشروطية لم يكن في بعض الحاالت متسقا حيث ذهبت المساعدات لدول بعيدة عن
متطلبات المشروطية السياسية لمصالج استراتيجية وسياسية؟.