Professional Documents
Culture Documents
6 Insani
6 Insani
6 Insani
لما كانت العمليات الحربية ال توجه إال ضد العسكريين الذين يحملون السالح ،
فان هذه العمليات مقيدة بالعوامل اإلنسانية عند مواجهة العدو .وقد سبق أن بحثنا
في الفقرة السابقة العسكريين الذين يتمتعون بالحماية اإلنسانية واألصناف التي
تتمتع بهذه الحماية وتحديد نطاقها ،غير أن هناك أصنافًا من العسكريين ال
يتمتعون بالحماية اإلنسانية وقد أجاز القانون الدولي أن تتخذ الدولة الحاجزة
اإلجراءات بحقهم وان تجردهم من الحماية اإلنسانية .وأصناف العسكريين الذين
ال يتمتعون بالحماية اإلنسانية ما يأتي :
1ــ العسكريون المرتزقة :
يقصد بالمرتزقة األشخاص من غير مواطني الدولة الذين يتخذون من الخدمة
العسكرية مهنة يرتزقون منها ،ويعرضون خدماتهم لمن يدفع لهم ثمنًا أكثر ،دون
أن تكون لهم أو لدولتهم عالقة بالقتال المسلح ،وبغض النظر عما إذا كانت الدولة
التي يحاربون إلى جنبها صاحبة الحق أم ال ،وان الدافع األساس في القتال هو
الحصول على ثمن فحسب وللدولة المتحاربة أن تعد الطرف اآلخر من المرتزقة
إذا توافرت فيهم الشروط اآلتية :
أ ــ إذا جندوا للقتال في نزاع قائم فعًال ،أما إذا جندوا في القوات المسلحة دون أن
يكون هناك نزاع مسلح بين الطرفين ،فليس للطرف اآلخر أن يعدهم من
المرتزقة .ويشترط في هذه الحالة أن يجند في القوات المسلحة لغرض القتال .أما
إذا كان تجنيده لغرض تقديم الخدمات اإلنسانية دون المشاركة في العمليات
الحربية ،فانه ال يعد من المرتزقة وال يهم أن يكون تجنيده للقتال داخل الدولة
المتحاربة التي جندته أم يجند وهو في الخارج .
ب ــ أن يمارس القتال فعًال .فإذا تم تجنيده في وحدة قتالية إال إن هذه الوحدة لم
تشارك في القتال ،فال يعد من المرتزقة .كذلك إذا اشتركت وحدته التي جند فيها
في القتال إال انه انسحب عن القتال أو رفض مواصلته ،فانه ال يعد من المرتزقة
إذا جند في وحدة غير قتالية كالوحدات الخاصة بجمع المرضى والجرحى أو
الوحدات الطبية أو كان مراسًال صحفيًا ،فانه ال يعد من المرتزقة ومن ثم يتمتع
بالحماية اإلنسانية .
جـ ــ أن يكون اشتراكه في القتال من أجل الحصول على مغنم شخصي .أي أن
هدفه في القتال غير قائم على أساس فكري أو ديني أو قومي أو إنساني ،إنما هدفه
األساس من االشتراك هو الحصول على مكاسب مادية .ويشترط في تحقيق ذلك
ما يأتي :
أوًال ــ أن يكون هدفه الحصول على الربح المادي أو التعويض المادي .
ثانيًا ــ أن ُيدفع له هذا الربح المادي فعًال فإذا لم يدفع له فانه ال يعد من المرتزقة
وان كان هدفه الربح المادي .
ثالثًا ــ أن يتجاوز الربح المادي الذي ُيدفع له بصورة كبيرة ما ُيدفع ألقرانه من
مواطني الدولة المتحاربة .أما إذا دفع له تعويض مساٍو لهم أو أقل منهم فال يعد
من المرتزقة .
رابعًا ــ أن يدفع له الربح المادي من الدولة المتحاربة ذاتها ،أو من قبل دولة
أخرى نيابة عن الدولة المتحاربة ،أما إذا دفع التعويض من قبل دولة غير
متحاربة وبدون علمها ،فان هذا الشخص ال يعد من المرتزقة .
د ــ أن يكون هذا الشخص أجنبيًا ويعيش في الخارج ،أما إذا كان من رعايا الدولة
المتحاربة أو أجنبيًا ولكنه مقيم فيها فانه ال يعد من المرتزقة .فإذا كان مثل هذا
الشخص من مواطني الدولة المتحاربة أو كان أجنبيًا ولكنه مقيم فيها ،فانه ال يعد
من المرتزقة ونرى أن السبب في عدم اعتداد األجنبي المقيم من المرتزقة يرجع
إلى احتمال إجباره على القتال أو تعاطفه مع مواطني الدولة المتحاربة .
هـ ــ أن يكون غير مرسل من قبل دولته في بعثة عسكرية إلى الدولة المتحاربة .
فإذا كانت دولته قد أرسلته لتعلم أو تعليم الفنون العسكرية ،أو ألغراض
االستطالع أو الزيارة أو التدريب إلى الدولة المحاربة واشترك الموفد في القتال
فال يعد من المرتزقة .ونرى أن هذه الحالة تطبق على الموفد من قبل دولة محايدة
فال يعد موفدها من المرتزقة لكونه عسكريًا يعمل في الدولة المتحاربة .وال يشمل
حالة الموفد من دولة متحاربة ألن أفراد قوات الدولة المتحاربة ال يعدون من
المرتزقة وان لم تشترك دولتهم في القتال مادامت أعلنت انحيازها إلى أحد أطراف
النزاع .وال تعد الدولة المحايدة التي توفد بعثة عسكرية ألغراض غير قتالية إلى
أطراف النزاع خروجًا على حيادها وعلى الرغم من ذلك فان أفراد هذه البعثة ال
يعدون من المرتزقة .أما إذا عد الطرف اآلخر إن إرسال هذه البعثة يبرر
خروجها عن حيادها فإنها تصبح من الدول المتحاربة ،ومن ثم أفراد البعثة ال
يعدون من المرتزقة أيضًا لكونهم من المتحاربين التابعين لدولة متحاربة .وإذا
توافرت الشروط المذكورة في المشارك في القتال فانه يعد من المرتزقة ويحرمون
من الحماية اإلنسانية المقررة للمقاتل أو األسير ،وجاز للدولة أن تتخذ اإلجراءات
القانونية بحقهم وليس لدولتهم حق االعتراض على ذلك .ويعاقب القانون العراقي
المرتزقة بعقوبة اإلعدام .
2ــ الجواسيس :
الجاسوس :الشخص الذي يعمل في خفية أو تحت ستار كاذب في جمع أو
محاولة جمع معلومات في منطقة األعمال العسكرية إلحدى الدول المتحاربة بقصد
إرسال هذه المعلومات إلى دولته .وكان العرف الدولي قد أجاز للدول المتحاربة
استخدام الوسائل المشروعة للحصول على معلومات من العدو في ساحة العمليات
العسكرية .وقد نظم البروتوكول اإلضافي التفاقيات جنيف لعام 1949م أحكام
الجاسوس طبقًا لما يأتي :
( )1الجاسوس المتخفي في أراضي الخصم :
يجوز للدولة التي تقبض على جاسوس أن تحرمه من الحماية اإلنسانية إذا
توافرت الشروط اآلتية :
أ ــ أن يكون أحد أفراد القوات المسلحة لطرف النزاع .أما إذا كان تابعًا لدولة
أخرى غير متنازعة فانه ال يعد جاسوسًا طبقًا ألحكام البروتوكول اإلضافي .
ب ــ أن ُيلقى القبض عليه أثناء تلبسه بالتجسس .أما إذا قبض عليه بعد ذلك فانه ال
يفقد الحماية اإلنسانية وطبقًا لذلك ،فان التجسس طبقًا ألحكام البروتوكول يعد
عمًال محرمًا كقاعدة عامة .وإذا تم القبض على الجاسوس طبقًا لما ذكرناه فانه
يخضع ألحكام القوانين الداخلية ويجوز للدولة أن تعاقبه بالعقوبة المقررة في
قوانينها .
( )2الجاسوس غير المقيم في إقليم يحتله الخصم :
يتمتع الجاسوس الذي يرتدي الزي العسكري بالحماية اإلنسانية إذا توافرت فيه
الشروط اآلتية :
أ ــ أن يكون الجاسوس أحد أفراد القوات المسلحة أما إذا كان مدنيًا فال يتمتع
بالحماية اإلنسانية .
ب ــ أن يكون هناك نزاع مسلح بين الطرفين .أما إذا قام بعمله أثناء وقت السلم
فانه ال يتمتع بالحماية اإلنسانية .
جـ ــ أن يقوم بجمع أو محاولة جمع المعلومات لصالح طرف في النزاع .أما إذا
قام بجمع أو محاولة جمع المعلومات لصالح دولة غير طرف في النزاع فانه ال
يتمتع بالحماية اإلنسانية .
د ــ أن يكون عمل الجاسوس في إقليم يسيطر عليه الطرف اآلخر .أما إذا قام
بعمله في منطقة أخرى فال يتمتع بالحماية اإلنسانية طبقًا لهذه الحالة .
هـ ــ أن يمارس الجاسوس عمله وهو يرتدي زيه العسكري الرسمي .أما إذا كان
قد تنكر بمالبس عسكرية لدولة أخرى أو بمالبس مدنية فانه ال يتمتع بالحماية
اإلنسانية وإذا ما توافرت الشروط المذكورة ،فان الجاسوس ال يعد قد ارتكب
عمًال جاسوسيًا ،بل ارتكب عمًال عسكريًا يتمتع بالحماية اإلنسانية المقررة ألفراد
القوات المسلحة .
( )3الجاسوس المقيم في إقليم يحتله الخصم :
ال يعد مرتكبًا ألعمال التجسس العسكري الذي يقوم بجمع المعلومات وان لم
يرتِد مالبس عسكرية طبقًا للشروط اآلتية :
أ ــ أن يكون الجاسوس أحد أفراد القوات المسلحة لطرف في نزاع عسكري قائم
فعًال .
ب ــ أن تكون محل إقامة الجاسوس في اإلقليم الذي يحتله الخصم .أما إذا كان
غير مقيم فال تسري عليه هذه الحالة .
جـ ــ أن يقوم بجمع المعلومات لصالح قواته المسلحة التي يتبعها .
د ــ أن تكون المعلومات التي يجمعها أو يحاول جمعها لها قيمة عسكرية .أما إذا
تعلقت المعلومات بموضوعات سياسية أو اقتصادية فال يستفيد من هذه الحالة .
هـ ــ أن يكون جمع المعلومات من داخل اإلقليم المحتل .أما إذا تجاوز ذلك إلى
إقليم الخصم فال يستفيد من هذه الحالة .
و ــ عدم ارتكابه عمًال من أعمال الزيف أو التخفي .فإذا ما ارتدى الزي العسكري
أو تخفى داخل معسكراته أو تظاهر بأنه من مؤيدي الخصم لغرض الحصول على
المعلومات فانه ال يستفيد من الحماية اإلنسانية وإذا توافرت الشروط المذكورة في
الجاسوس المقيم فانه ال يعد مرتكبًا ألعمال الجاسوسية ،وانما يعد عمله من
األعمال االستطالعية العسكرية التي يتمتع مرتكبها بالحماية اإلنسانية المقررة
ألفراد القوات المسلحة .وإذا ما اتهم شخص بارتكابه أعمال التجسس في الحاالت
المذكورة ،فأنه ال يفقد في جميع األحوال الحماية اإلنسانية المقررة ألسير الحرب
.أما إذا قبض عليه وهو متلبس بجمع المعلومات فانه ُيعامل معاملة الجاسوس ،
وتعد جميع أعماله أعماًال جاسوسية يعاقب بموجبها طبقًا ألحكام القوانين الداخلية .
( )4الجاسوس الذي ال يمارس الجاسوسية :
قد تقوم الدولة بتجنيد أحد أفرادها للتجسس على الطرف اآلخر ويتمتع مثل هذا
الجاسوس بالحماية اإلنسانية إذا توفرت فيه الشروط اآلتية :
أ ــ أن يكون أحد أفراد القوات المسلحة لطرف في النزاع .
ب ــ أال يكون مقيمًا في أرض يحتلها العدو ،وانما ُيرسل لغرض جمع المعلومات
.
جـ ــ عدم قيامه بأي عمل من األعمال المكلف بها من قبل قوات دولته المسلحة .
د ــ أن يعود إلى قوات دولته المسلحة .وإذا ما تم القبض عليه عند عودته لإلقليم
المحتل مرة ثانية فانه ال يعد جاسوسًا ويتمتع بالحماية اإلنسانية التي يتمتع بها
األسير على األقل .أما إذا تم القبض عليه قبل التحاقه بقواته المسلحة فانه يعد
جاسوسًا ويحرم من الحماية اإلنسانية .
3ــ الوطنيون الملتحقون بقوات العدو :
من الواضح ،إن الوطني يخضع ألحكام دولته الوطنية .وتمنع جميع قوانين
الدول الوطنيين من االلتحاق بقوات العدو وتعد ذلك جريمة موجبة للعقاب طبقًا
ألحكام القوانين الداخلية وان مثل هؤالء ال يتمتعون بالحماية اإلنسانية المقررة في
القانون الدولي .وقد أوجب قانون العقوبات العراقي فرض عقوبة اإلعدام بحق
العراقي الذي يلتحق بصفوف العدو إذا توافرت فيه الشروط اآلتية :
أ ــ أن يكون الملتحق بالعدو مواطنًا عراقيًا .
ب ــ أن يلتحق فعًال بصفوف العدو أو بالقوات المسلحة للعدو .
جـ ــ أن تكون الدولة التي التحق بها العراقي في حالة حرب مع العراق .
ويعاقب باإلعدام أيضًا العراقي الذي يرفع السالح ضد العراق وهو في الخارج
.أما إذا كانت الجهة التي التحق بها العراقي ليست في حالة حرب ،وانما جهة
معادية للعراق ،فتكون عقوبته اإلعدام أو السجن المؤبد .وإذا التحق العراقي
بصفوف العدو أو قواته المسلحة ولكنه انفصل عنها قبل قيامه بأي عمل عسكري
ضد العراق فانه يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت ،ويعاقب باإلعدام كل عراقي
ساعد العدو على دخول العراق أو على تقدمه فيه ،أو عمل على تحريض
العراقيين على االنضمام إلى العدو أو االستسالم .
إذا كان القانون الدولي قد وضع الحماية اإلنسانية للعسكريين في الوقت الذي
يحاربون فيه الطرف اآلخر ويحاولون قهره وتدميره ،فانه من باب أولى توفير
الحماية اإلنسانية لألشخاص المدنيين الذين ال يحاربون الطرف اآلخر ،ولهذا فان
القانون الدولي وضع القواعد القانونية لحماية المدنيين من آثار العمليات العسكرية
وفرض على األطراف المتنازعة أن تضمن عدم التعرض لهم .ولما كانت
الحروب الحديثة تعتمد على قدرات الدولة البشرية واالقتصادية والعلمية
والتكنولوجية فضًال عن قواتها المسلحة ،وان الربط بين هذه العوامل يعد ضرورة
حتمية لقوة الدولة العسكرية األمر الذي دفع الدول إلى أن تأخذ بنظر االعتبار
جميع إمكانات الدولة ووضعها في الحساب .وان ضرب أي من هذه العومل ،بال
شك يؤثر في قدرات الدولة العسكرية ولربما كان ضرب األهداف المدنية أحد
العوامل المؤثرة في تحقيق النصر على الطرف اآلخر ،ويعد العنصر البشري
للدولة قدرة كبيرة ترفد القوات المسلحة بالعامل البشري ،ولهذا فان شعب الدولة
يعد امتدادًا لقواتها المسلحة ورافدها األساس وان الدول تحاول أن تضرب هذا
الرافد ألضعاف القوات المسلحة والتأثير فيها نفسيًا ولهذا فقد اتجهت الواليات
المتحدة األمريكية في الحرب العالمية الثانية إلى ضرب مدينتي هيروشيما و
نياكازاكي اليابانيتين .ويعلق الخبراء في جيش الواليات المتحدة ،بأنه لوال
ضرب تلك المدينتين ،لكانت الحرب العالمية الثانية مستمرة حتى الوقت الحاضر
.وطبقًا لهذا االتجاه الذي يهدد اإلنسانية بالفناء ،فان المجتمع الدولي قد عمل على
وضع القواعد لمنع ضرب المدنيين .وال بد لنا أن نحدد من هو المدني ،وقد سبق
لنا أن حددنا من هو العسكري ،وبذلك يمكن القول إن ما عدا األشخاص الذين
حددناهم من العسكريين ،فان البقية هم من المدنيين .ويمكن ان نضيف إلى ذلك
انه يشترط في الشخص لكي يكون مدنيًا ما يأتي :
1ــ أن اليكون له دور في العمليات الحربية الدائرة فعًال بين دولته والطرف اآلخر
.
2ــ عدم استخدامه السالح لمواجهة الطرف اآلخر .
3ــ عدم ارتباطه بالقوات المسلحة العسكرية لدولته ،سواء كان من المنتسبين إليها
أو من المتطوعين .
أما بالنسبة إلى قواعد الحماية اإلنسانية المقررة للمدنيين ،فإننا سوف نميز بين
نوعين من الحماية اإلنسانية ،األولى :الحماية اإلنسانية العامة المقررة لجميع
المدنيين بغض النظر عن اختالفهم وأصنافهم ،والثانية :الحماية اإلنسانية
الخاصة لبعض المدنيين تبعًا الختالفهم وأصنافهم .
1ــ الحماية للمدنيين بصورة عامة :
يقصد بالحماية العامة للمدنيين ،الحماية التي يتمتع بها جميع المدنيين بغض
النظرعن اختالفهم وظروفهم وحالتهم الصحية والنفسية والجسدية ،فهي حماية
لكل مدني ،سواء أكان من السكان المدنيين ألراضي محتلة ،أم من المدنيين من
غير الساكنين في أرض محتلة ويتمتع المدنيون بالحماية اآلتية :
أ ــ الحماية من أخطار الحرب :
ال يجوز أن يكون المدنيون هدفًا للعمليات الحربية ،وال يجوز تهديدهم بذلك ،
وال يجوز بث الرعب بينهم ،أو أن تتخذ أية وسيلة إلذاللهم فال يجوز أن توجه
إليهم وسائل األعالم لتخويفهم وإرهابهم .فال بد من حماية المدنيين من أخطار
الحرب المباشرة .وهي األخطار الناجمة عن العمليات الحربية .ومن أخطار
الحرب غير المباشرة كقطع الماء والكهرباء والمؤن الغذائية وتلوث البيئة .
ب ــ الحماية من الضرب العشوائي :
يتمتع المدنيون بالحماية من الضرب العشوائي .ويقصد بالضرب العشوائي
الذي ال يوجه ضد المدنيين ما يأتي :
أوًال ــ الضرب الذي ال يوجه ضد هدف عسكري :فإذا ما قام الطرف اآلخر
بضرب منطقة غير عسكرية فانه عمله هذا يعد عشوائيًا ،سواء أكان يعلم بوجود
مدنيين أم ال .ذلك أن العمليات الحربية ال توجه إال إلى المناطق العسكرية .وإذا
وجهت إلى منطقة غير عسكرية فان هذا التوجه يعد عشوائيًا .
ثانيًا ــ إذا استخدم الهجوم طريقة أو وسيلة ال توجه إلى هدف العسكري .ومن ذلك
كأن يكون الهدف العسكري مخزنًا لألسلحة النووية تحت األرض أو محصنًا
تحصينًا ال يمكن أن تؤثر فيه أقوى وأمضى األسلحة المعروفة ،فيلجأ الطرف
اآلخر إلى ضرب هذا المخزن أو الحصن العسكري بأسلحة تقليدية أو قنابل
كيميائية أو سامة فان مثل هذه األسلحة ال تؤثر في هذه المواقع وال على أفراد
القوات المسلحة ،وانما تؤثر في المدنيين الذين يسكنون إلى جانب هذه المواقع .
ثالثًا ــ إذا استخدم الهجوم طريقة أو وسيلة ال يمكن حصر آثارها كأن يقوم أحد
األطراف المتحاربة باستخدام السموم لضرب أفراد القوات المسلحة عن طريق
تسميم مياه الشرب األمر الذي يؤدي إلى قتل العسكريين والمدنيين أو استخدام
أسلحة كيميائية لضرب العسكريين والمدنيين في منطقة واحدة .أو استخدام القنابل
النووية أو النيترونية أو الهيدروجينية لضرب مواقع عسكرية داخل مناطق مدنية
األمر الذي يؤدي إلى قتل المدنيين والعسكريين على حد سواء ألن مثل هذه
األسلحة أو الوسائل ال تميز بين العسكريين والمدنيين وان آثارها تكون شاملة .
رابعًا ــ الهجوم قصفًا بالقنابل على أهداف عسكرية متباعدة :فإذا قام أحد
األطراف بضرب أهداف عسكرية متباعدة على إنها تضم هدفًا عسكريًا واحدًا
وجد المدنيون بين هذه األهداف العسكرية المتباعدة أو وجدت مناطق أو مدن أو
قرى بين تلك األهداف العسكرية فان ضرب هذه المواقع العسكرية واعتدادها هدفًا
عسكريًا واحدًا ،فانه يؤدي بالتأكيد إلى ضرب المدنيين الموجودين بين هذه المواقع
.
خامسًا ــ الهجوم المباشر على المدنيين لتحقيق ميزة عسكرية :قد يلجأ أحد
األطراف لضرب بعض األهداف المدنية التي يحقق ضربها ميزة عسكرية له ،
فيؤدي ذلك إلى ضرب المدنيين داخل هذه األهداف فيخلط بينها وبين إلحاق
األضرار بالمدنيين أي انه يخلط بين الخسائر في الممتلكات واألضرار التي تلحق
بالمدنيين فان ذلك يعد ضربًا عشوائيًا محرمًا وان أدى ذلك إلى تحقيق ميزة
عسكرية للطرف المهاجم .وفي جميع الحاالت المذكورة يعد الضرب العشوائي
محرمًا عندما يمس هذا الضرب المدنيين أو يلحق الخسائر بهم ويتمتع بذلك
المدنيون بالحماية اإلنسانية من الضرب العشوائي إال إذا قاموا بدور في العمليات
الحربية ،فانهم بذلك يفقدون الحماية المقررة لهم .
العسكريون الذين يجوز قتالهم ،هم األشخاص الذين ينتمون إلى أصناف
القوات المسلحة الرسمية للدولة من غير األشخاص الذين سبقت اإلشارة إليهم في
المطالب األربعة السابقة فهؤالء وحدهم توجه ضدهم العمليات الحربية .وعلى
الرغم من جواز محاربة هؤالء وقتالهم فان قتالهم محكوم بقواعد إنسانية منها ما
يأتي :
1ــ عدم استخدام األسلحة الخانقة :يحرم استخدام األسلحة الخانقة التي تؤدي إلى
موت جماعي .
2ــ عدم استخدام السموم :ال يجوز استخدام السموم بجميع أنواعها سواء عن
طريق وضعها في قذائف أو وضعها في المياه أو الغذاء .
3ــ عدم استخدام القنابل العنقودية ورصاص دمدم :ال يجوز استخدام القنابل
العنقودية بسبب ما تسببه من حروق وآالم .كذلك ال يجوز استخدام رصاص دمدم
.
4ــ عدم استخدام القنابل الهيدروجينية والذرية والنيترونية :ذلك أن مثل هذه
األسلحة تؤدي إلى موت جماعي ،وتؤدي إلى فناء مظاهر الحياة البشرية وقد
استخدمت القنابل الذرية في الحرب العالمية الثانية على مدينتي هيروشيما و
ناكازاكي اليابانيتين حيث ُقدرت الضحايا بـ 105,000قتيل و 125,000
مصاب وفقد آالف األبنية وتسببت بأضرار شعاعية .وقد أنشأت األمم المتحدة
الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 20أيلول 1956م من أجل تخصيص الطاقة
الذرية لألغراض السلمية .وضعت معاهدة منع انتشار األسلحة النووية قيودًا على
كل دولة بعدم نقل أو قبول األسلحة النووية وأجهزة التفجير النووي أو األشراف
على هذه األسلحة أو تشجيع أو تحريض دولة على صنع أسلحة نووية .
5ــ تحريم استخدام األسلحة الكيمياوية :حرم بروتوكول جنيف لعام 1925م
استعمال غازات خانقة أو غازات سامة أو غازات أخرى والمواد كافة من السوائل
أو المواد أو الوسائل الشبيهة في الحرب .وعد أن تحريم ذلك جزء من القانون
الدولي يتقيد به على السواء وتحريم الحرب بالمواد البكتريولوجية .وقد أنضم
العراق إلى االتفاقية المذكورة .
6ــ عدم استخدام الخدعة غير المشروعة :ليس للدول المتحاربة أن تستخدم
وسائل خداع غير مشروعة ،ويجوز لها استخدام وسائل الخدعة المشروعة .ومن
أنواع الخداع غير المشروع التي ال يجوز استخدامها :
أ ــ استغالل أوقات الهدنة للقيام بأعمال عسكرية ضد الطرف اآلخر .
ب ــ استخدام إشارات الصليب األحمر أو الهالل األحمر لتغطية األعمال
العسكرية.
جـ ــ التظاهر بالتسليم حتى إذا ما اقترب الطرف اآلخر ُيفاجأ بالهجوم .
د ــ السماح ألطراف الطرف اآلخر بجمع الجرحى والمرضى ومن ثم مهاجمتهم
وقتلهم .
أما الخدعة المشروعة ،فهي مثًال القيام بمناورات في منطقة من أجل إيهام
الطرف اآلخر والهجوم عليه من جهة ثانية .أو تخفي الجنود وراء األشجار أو
طلي األسلحة بالطين .