Professional Documents
Culture Documents
علي يوم خيبر
علي يوم خيبر
( ) 1حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن أبي جعفر عن قتادة عن أنس إنا فتحنا لك
فتحا مبينا قال خيبر .
( ) 2حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني إياس بن سلمة قال
:أخبرني أبي قال :بارز عمي يوم خيبر مرحبا اليهودي ،فقال مرحب
إذا الحروب أقبلت تلهب :قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السالح بطل مجرب
فقال عمي عامر :
كتاب إخباره صلى هللا عليه وسلم عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم بذكر أسمائهم
رضوان هللا عليهم أجمعين »
ذكر إثبات محبة هللا جل وعال ورسوله صلى هللا عليه وسلم علي بن أبي طالب
رضي هللا عنه وقد فعل
عرض قياسي
عرض تقليدي
صحيح ابن حبان
ابن حبان -أبو حاتم محمد بن حبان البستي
15
جزءالتالي صفحة
381
السابق
ذكtttttر إثبtttttات محبtttttة هللا جtttttل وعال ورسtttttوله صtttttلى هللا عليtttttه وسtttttلم
- 6935أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا أبو الوليد الطيالسttي حttدثنا عكرمttة
بن عمار حدثنا إياس بن سttلمة بن األكttوع [ ،ص ] 381 :عن أبيttه ،قttال :خرجنttا
إلى خيtttttttبر ،وكtttttttان عمي عtttttttامر يرتجtttttttز بtttttttالقوم وهtttttttو يقtttttttول :
وهللا لوال هللا ما اهتدينا وال تصدقنا وال صلينا ونحن عن فضلك ما استغنينا
فثبت األقدام إن القينا
فقtال النtبي صtلى هللا عليtه وسtلم :من هtذا ؟ قtالوا :عtامر ،قtال :غفtر لtك ربtك
يا عامر ،وما اسtتغفر رسtول هللا صttلى هللا عليttه وسtلم لرجtل خصttه إال استشtهد ،
قال عمر :يا رسول هللا ،لو متعتنا بعامر ،فلما قtدمنا خيttبر ،خtرج مttرحب يخطttر
بسtttttttttttttttttttيفه ،وهtttttttttttttttttttو ملكهم ،وهtttttttttttttttttttو يقtttttttttttttttttttول :
شاكي السالح بطل مجرب قد علمت خيبر أني مرحب
[ ص ] 383 :قال أبو حاتم :هكذا أخبرنا أبو خليفة :في فرس عامر ،وإنما هttو في
ترس عامر .
خَرْج نا إلى خيبَر وكان عِّمي عامٌر يرتِجُز بالقوِم وهو يقوُل ( :واللِه لولا اللُه ما اهتَدْينا ولا تَص َّد ْقنا ولا
صَّل ْينا ) ( ونحُن عن فضِلك ما اسَتْغَنْينا فثِّبِت الأقداَم إْن لاَقْينا ) ( وأنِزَلْن سكينًة علينا ) فقال الَّن بُّي
صَّلى الل عليه وسَّل م َ ( :من هذا ؟ ) قالوا :عام قال ( :غَفر لَك رُّب َك يا عام ) وما استغَفر رسوُل اللِه
ُر ٌر ُه
صَّلى اللُه عليه وسَّل م ِلرُجٍل خَّص ه إَّل ا اسُتشِهد قال ُعَمُر :يا رسوَل اللِه لو مَّت ْعَتنا بعامٍر فلَّم ا قِدْمنا خيبَر خَرج
َمْر َحٌب يخِطُر بسيِفه وهو مِلُكهم وهو يقوُل ( :قد عِلَمْت َخيبُر أِّني َمْر َحُب شاكي الِّسلاِح بَطٌل ُمجَّر ُب )
( إذا الحروُب أقَبَلْت َتَلَّه ُب ) فنَزل عامٌر فقال ( :قد عِلَمْت َخيبُر أِّني عامُر شاكي الِّسلاِح بَطٌل ُمغاِمُر )
فاختَلفا ضربَتْيِن فوَقع سيُف َمرَحٍب في فَرِس عاِمٍر فذَهب ِليسُفَل له فرَجع سيُفه على نفِسه فقَطع َأ ْك َحَله
فكانت منها نفُسه وإذا نَفٌر ِمن أصحاِب رسوِل اللِه صَّلى اللُه عليه وسَّل م يقولوَن :بَطل عَمُل عامٍر قَتل نفَسه
فأَتْيُت الَّن بَّي صَّلى اللُه عليه وسَّل م وأنا أبكي فُقْلُت :يا رسوَل اللِه بَطل عَمُل عامٍر ؟ فقال رسوُل اللِه صَّلى
اللُه عليه وسَّل م َ ( :من قال هذا ) ؟ قال ُ :قْلُت :ناٌس ِمن أصحاِبَك فقال صَّلى اللُه عليه وسَّل م ( :بل
[ له ] أجُره مَّر َتْيِن ) ثَّم أرَسلني رسوُل اللِه صَّلى اللُه عليه وسَّل م إلى عِلِّي بِن أبي طالٍب فأَتْيُته وهو أرَمُد
فقال َ ( :لُأ عِطَيَّن الَّر ايَة اليوَم رُجًلا ُي ِحُّب اللَه ورسوَله وُي ِحُّب ه اللُه ورسوُله ) فِجْئُت به أقوُده وهو أرَمُد حَّت ى
أَتْيُت به الَّن بَّي صَّلى اللُه عليه وسَّل م فبَصق في عيِنه فبَرأ وأعطاه الَّر ايَة وخَرج َمرَحٌب فقال ( :قد عِلَمْت
خيبُر أِّني َمْر َحُب شاكي الِّسلاِح بَطٌل مجَّر ُب ) ( إذا الحروُب أقَبَلْت َتَلَّه ُب ) فقال عِلُّي بُن أبي طالٍب ( :
أنا اَّلذي سَّم ْتني أِّمي َحْيَدَرْه كَلْيِث غاباٍت كريِه المنَظَرْه ) ( ُأ وِفيهم بالَّص اِع َكْيَل الَّس ْنَدَرْه ) قال :فضَربه
ففَلق رأَس َمْر َحٍب فقَتله وكان الفتُح على يَدْي عِلِّي بِن أبي طالٍب
الراوي :سÓÓلمة بن الأكÓÓوع | المحÓÓدث :ابن حبان | المصدر :صحيح ابن حبان |
الصفحة أو الرقم | 6935 :خلاصة حكم المحدث :أخرجه في صحيحه
َخَرْج نا مع الَّن بِّي صَّلى اللُه عليه وسَّل َم إلى َخْيَبَرَ ،فِسْرنا َلْيًلا ،فقÓÓاَل َرُجٌل ِمَن الَق ْوِم
ِلعÓÓاِمٍر :يا عاِمُر ،ألا ُتْس ِمُعنا ِمن ُهَنْيهاِت َك؟ وكاَن عاِمٌر َرُجًلا شÓÓاِعًراَ ،فَنَزَل َيْح ُدو
بالَقْوِم يقوُل :الَّل ُهَّم َلْولا أْنَت ما اْهَتَدْينا ...ولا َتَص َّد ْقنا ولا َص َّل ْينا فÓÓاْغِفْر ِفداًء لَك
ما أْبَقْينا ...وَثِّبِت الأْقداَم إْن لاَقْينا َوَأ ْلِقَيْن َسِكيَنًة َعَلْينا ...إَّن ا إذا ِص يَح بنÓÓا أَبْينÓÓا
َوِبالِّص ياِح َعَّو ُلوا َعَلْينا فقاَل َرسوُل الَّل ِه صَّلى اللُه عليه وسَّل َمَ :من هذا الَّس اِئُق؟ قالوا:
عاِمُر بُن الأْك َوِع ،قاَلَ :يْرَحُمُه الَّل ُه ،قاَل َرُجٌل ِمَن الَق ْوِم :وَجَبْت يا َنِبَّي الَّل ِهَ ،لْولا
أْمَتْعَتنÓÓا بِÓÓه؟ فأَتْينÓÓا َخْيَبَر َفحاَصْرناُهْم حَّت ى أصÓÓاَبْتنا َمْخَمَص ٌة َش ِديَدٌةُ ،ثَّم إَّن الَّل َه َتعÓÓاَلى
َفَتَحهÓÓÓا عليهمَ ،ف َّمَل ا أْمَسى الَّن اُس َمساَء الَي وِم الذي ُفِتَحْت عليهم ،أْوَق ُدوا ِنيراًنا
َكِثيَرًة ،فقاَل الَّن بُّي صَّلى اللُه عليÓÓه وسَّÓل َم :مÓÓا هِÓÓذه الِّنيراُن؟ عَلى أِّي َشيٍء ُتوِقُدوَن؟
قالوا :عَلى َلْحٍم ،قاَل :عَلى أِّي َلْحٍم؟ قالواَ :لْحِم ُحُمِر الإْنِس َّي ِة ،قاَل الَّن بُّي صَّلى اللُه عليÓÓه
وسَّل َم :أْهِريُقوها واْك ِسُروها ،فقاَل َرُجٌل :يا َرسوَل الَّل ِه ،أْو ُنَهِريُقهÓÓا وَنْغِس ُلها؟ قاَل:
أْو ذاَكَ .ف َّمَل ا َتصاَّف الَق ْوُم كاَن َس ْيُف عاِمٍر َقِص يًراَ ،فَتنÓÓاَوَل بÓÓه سÓÓاَق َيُه وِدٍّي
ِلَيْضِرَبُه ،وَيْرِجُع ُذباُب َسْيِفِه ،فأصاَب َعْيَن ُرْك َبِة عاِمٍرَ ،فماَت منه ،قاَلَ :ف َّمَلا َقَفُلوا
قاَل َس َلَمُةَ :رآِني َرسوُل الَّل ِه صَّلى اللُه عليه وسَّل َم وهو آِخٌذ بَيِدي ،قاَل :ما لَك؟ ُقلُت
لهَ :فداَك أِبي وُأ ِّميَ ،زَعُموا أَّن عاِمًرا َحِبَط َعَمُلُه! قاَل الَّن بُّي صَّÓلى اللُه عليÓÓه وسَّÓل َم:
َكَذَب َمن قاَلُه؛ إَّن له َلَأ ْج َرْيِن -وَجمع بْيَن إْص َبَعْيِه -إَّن ه َلجاِه ٌد ُمجاِه ٌدَ ،ق َّل َع ِبٌّي
َر
َمَشى بها ِمْثَلُه[ .وفي ِروايٍة]َ :نَشَأ بها.
الراوي :سلمة بن الأكوع | المحدث :البخاري | المصدر :صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم | 4196 :خلاصة حكم المحدث [ :صحيح]
يَّسَر اللُه ُسبحاَنه وتعاَلى للَّن بِّي صَّلى اللُه عليه وسَّل َم وأْص حاِبه َفْتَح َخْيبَر ،وهي ِمن
الُفتوحاِت اَّل تي أفاَدِت الُمسِلميَن حيَنها ماِّدًّي ا وَمعَنوًّي ا.
وفي هذا الَحديِث ُيخِبُر َس َلمُة بُن الأْك َوِع َرضَي اللُه عنه أَّن هم َخَرجوا مَع الَّن بِّي صَّلى
اللُه عليه وسَّل َم في َغْز وِة َخْيبَر ،وكانت في الَّس نِة الَّس اِبعِة ِمَن الِهْج رِة ،وَخْيبُرَ :قْريٌة
َكبيرٌة كان َيسُكُنها الَيهوُد ،وكانت ذاَت ُحصوٍن وَمزاِرَع على ُبعِد 173كيلو َتْقريًبا
ِمن الَمدينِة إلى ِجهِة الَّش اِم ،وكان ُخروُجهم إليها في الَّل يِل ،فقال َرجٌل مَن الَقوِم -
قيَل :هو ُأ َسيُد بُن ُحَضيٍر َرضَي اللُه عنه -لعاِمِر بِن الأْك َوِع َرضَي اللُه عنه َعِّم َس َلمَة
بِن الأْك َوِع َرضَي اللُه عنه« :يا عاِمُر ،أَلا ُتسِمُعنا ِمن ُهَنْيهاِتَك؟» أيِ :من َقصائِدَك
وَأ راجيِزَك ،والُهَنْيهُة :الَكلاُم الَقصيُر« ،وكان عاِمٌر َرضَي اللُه عنه َرجًلا شاِعًرا
َحَّد اًء» ،والُحَداُء :هو الَغَّن اُء للإِبِل عنَد َسْوِقها ،فبَدَأ َيْحدو وُينِشُد وَيقوُل:
«الَّل هَّم لوَلا أنَت ما اْهَتَدْينا *** وَلا َتَص َّد ْقنا وَلا َص َّل ْينا»
أي :لولا ِهداَيُتَك لنا يا َرَّب نا ،وإْرساُلَك َنبَّي َك ما اْهَتَدْينا إلى الَحِّق والإْس لاِم وأْعماِله؛
ِمَن الَّص َدقِة والَّص لاِة وغيِر ذلك.
«فاغِفْر ِفداًء لَك ما أْبَقْينا»
أيَ :يطُلُب ِمن الَّن بِّي صَّلى اللُه عليه وسَّل َم َعْفَوه عَّم ا كان منهم ِمن َتْقصيٍر في َحِّقِه،
وِفداًء لُنْصَرِته ،و«ما أْبَقينا» ِمن الإبقاِء ،أي :ما خَّل ْفنا َوراءنا مَّم ا اكَتْس ُبناُه ِمن
الآثاِم ،وُضِبَطت في ِروايٍة« :اَّت َقْينا» ،أي :ما َتَرْكناه ِمن الأوامِر ،أو يكوُن المخاَطُب
بقوِلهِ« :فداًء لك» اللَه عَّز وجَّل ،وأراَد به َتعظيَم َشأَن الموَلى ُسبحانه وتعاَلى،
وإظهاَر َمحَّب ِته ،فكما أَّن الإنساَن إذا َرَفَع َشأَن إنساٍن ،وأراَد إظهاَر َمحَّب ِته له َفداُه
بنْفِسه ،وأبيِه ،وُأ ِّمه ،فكذلك قوُل العْبِدِ« :فداًء لَك رِّب اغِفْر لي ،واْرَحْمني» لا ُيريُد
به إَّل ا ذلك ،ولا َيستلِزُم ذلك أْن َيلَحَق باللِه ُسبحانه وتعاَلى َمكروٌه ،أو َمُخوٌف ،وإَّن ما
هو ُمجَّر ُد َتعظيٍم وإظهاُر َمحَّب ٍة ،ثَّم يقوُل:
«وَثِّبِت الأْقداَم إْن َلاَقْينا *** وَأ لِقَيْن َسِكينًة عَلْينا»
َيطُلُب الَّث باَت ِمن اللِه ع وجَّل ،وأْن ُيلِقَي عليهم الُّط مْأ نينَة وعَدَم الَفَزِع عنَد ِلقاِء
َّز
الَعدِّو.
«إَّن ا إذا ِصيَح ِبنا أَبْينا»
أي :إذا ُدِعينا إلى َغيِر الَحِّق ،امَتَنْعنا عِن الإجابِة ،وُرِوَي « :إذا ِصيَح ِبنا أَتْينا»،
أي :إذا ُدِعينا للِقتاِل أو الحِّق ِجْئنا.
«وبالِّص ياِح َعَّو لوا عَلْينا»
أي :جَعَل الأْعداُء َيْدعوَننا بالَّص وِت الَعالي وَيْسَتغيثوَن علينا.
فقال َرسوُل اللِه صَّلى اللُه عليه وسَّل َمَ« :من هذا الَّس ائُق؟» أِي :اَّلذي َيْحدو وَيسوُق
الإبَل ،فقالوا« :عاِمُر بُن الأْك َوِع » ،فَدعا له الَّن بُّي صَّلى اللُه عليه وسَّل َم بالَّر حمِة قائًلا:
«َيرَحُمه اللُه» ،وهو إشارٌة إلى أَّن ه سُيسَتشَهُد في تلك الَغْزوِة.
قال َرجٌل مَن الَقْوِم « :وَجَبْت يا َنبَّي اللِه» ،أي :وَجَبْت له الَّر ْحمُة بالَّش هادِة« ،لولا
أمَتْعَتنا به؟»َ ،يعني :لولا أبَقْيَته لنا حَّت ى ُيَمِّتَعنا بما يقول وُينِشُد .وفي َص حيِح ُمسلٍم:
«فَناَدى ُعَمُر بُن الَخَّط اِب وُهَو على َجَمٍل له :يا َنِبَّي اللِه ،لْوَلا ما َمَّت ْعَتَنا بَعاِمٍر».
ثَّم ذَكر َس َلمُة َرضَي اللُه عنه أَّن هم أَتْوا َيهوَد َخْيبَر فحاَصروهم ،وطال الِحصاُر حَّت ى
أصاَب الُمسِلميَن جوٌع َشديٌد ،ثَّم أِذَن اللُه بَفتِحها عليهم وقْد أصاَبْتهم َمجاعٌة َشديدٌة،
فَلا دَخَل عليهُم الَّل يُل في اليوِم اَّلذي ُفِتَحت فيه َخْيبُر ،أْوَقَد الَّن اُس ِنيراًنا َكثيرًة،
َّم
فَسَأ َل الَّن بُّي صَّلى اللُه عليه وسَّل َم عن سَبِب إْش عاِل تلك الَّن اِر ،فأْخَبروه أَّن ها َأ وَقُدوها
على َلحٍم َيْطهوَنه ،فقال الَّن بُّي صَّلى اللُه عليه وسَّل َم« :على أِّي َلحٍم؟ قالواَ :لحِم ُحُمِر
الإْنسَّي ِة» ،أي :الُحُمِر اَّل تي َيسَتعِمُلها الَّن اُس في ُركوِبهم وأْحماِلهم ،فَنهاهُم الَّن بُّي صَّلى
اللُه عليه وسَّل َم عن أْكِلها وأَمَرهم أْن ُتفَرَغ الُقدوُر على الأرِض وُتكَسَر ،فعَرَض
َرجٌل على َرسوِل اللِه صَّلى اللُه عليه وسَّل َم أْن َيْرموا الَّل ْحَم وَيغِسُلوا الُقدوَر دوَن أْن
َيكِسَروها ،فواَفَق الَّن بُّي صَّلى اللُه عليه وسَّل َم وقال« :أو ذاك» ،أيُ :تغَسُل ولا
ُتكَسُر.
وأخَبَر َس َلمُة َرضَي اللُه عنه أَّن هم لَّم ا َوَقفوا ُصفوًفا في ُمواَجهِة الَعُدِّو للقتاِل ،كان
َسيُف َعاِمِر بِن الأْك َوِع َرضَي اللُه عنه َقصيًرا ،فَتناَوَل به ساَق َيهودٍّي لَيضِرَبه،
فرَجَع َطرُف الَّس يِف وَحُّد ه الأْعلى إلى عامٍر ،فأصاَب َطَرَف ُرْك بِتِه َرضَي اللُه
عنه ،فماَت عاِمٌر ِمن تلك الإصابِة.
فلَّم ا انَتَهْوا وَرَجعوا ِمن َخْيبَر ،أَخَذ َرسوُل اللِه صَّلى اللُه عليه وسَّل َم بَيِد َس َلمَة َرضَي
اللُه عنه ،وقال له« :ما لَك؟»؛ وذلك ِلَما فيه ِمن ُحزٍن على َفْقِده لَعِّمِه ،وعلى ما
َيسَمُعه ِمن الَّن اِس فيه ،فقال َس َلمُة للَّن بِّي صَّلى اللُه عليه وسَّل َمِ« :فداَك أبي وأِّمي،
َزَعموا أَّن َعاِمًرا َحِبَط عَمُله!» ،أي :يَتحَّد ُث الَّن اُس أَّن َعاِمًرا قْد قَتَل نْفَسه بَسْيِفه،
فبَطَل عَمُله ،فقال الَّن بُّي صَّلى اللُه عليه وسَّل َم« :كَذَب َمن قاَلُه» ،أي :قال غيَر الَحِّق
َمن قالَ :حِبَط عَمُل َعاِمٍر ،والعَرُب تقوُل« :كَذَب » لَمن أْخ طَأ « ،إَّن له َلَأ جَرْيِن -
وجَمَع بيَن إصَبَعْيِه -إَّن ه لَجاِهٌد ُمجاِهٌد» ،أي :إَّن له أْجَر َجْهِده على الَّط اعِة ،وأْجَر
ِجهاِدِه في َسبيِل اللِه عَّز وجَّل َ« ،قَّل َعَربٌّي َمَشى بها ِمثَله» ،أيَ :قليٌل َمن ُهم في
الَعَرِب َتِجُده ِمثَل عاِمٍر في َجمِع تلك الَخْص َلَتيِن .وفي روايِة ُقَتْيبَة بِن َسعيٍد ،عن حاِتِم
بِن إْسماعيَلَ« :نشَأ بها» ،أيَ :تَرَّبى على ِمثِل تلك الِخصاِل اَّل تي كانت بعاِمِر بِن
الأْك َوِع َرضَي اللُه عنه.
وفي الَحديِث :إْخ باُر الَّن بِّي صَّلى اللُه عليه وسَّل َم بالَغْيبَّي اِت ،ووُقوُعها كما أخَبَر ،وهذا
ُمعِجزٌة ِمن ُمعجزاِته وِمن َدلائِل ُنُبَّو ِته الَّش ريفِة صَّلى اللُه عليه وسَّل َم.
وفيهَ :مْنَقبٌة َجليلٌة لعاِمِر بِن الأْك َوِع َرضَي اللُه عنه.
وفيهَ :تْحريُم أْكِل ُلحوِم الُحُمِر الأْهلَّي ِة.
وفيه :الَّت ْحذيُر ِمن الَّت قُّو ِل على الَّن اِس واِّتهاِمهم دوَن بِّينٍة.
وفيهَ :مْشروعَّي ُة الُحداِء وإْنشاِد الِّشعِر.
" شجاعة علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه "
إذا تكلمنا عن شجاعته -رضي اهلل عنه -فحسبه أنه نام ليلة الهجرة في فراش النبي صلى اهلل عليه وسلم وهو
.يعلم أن المشركين يريدون قتل النبي صلى اهلل عليه وسلم
وفي غزوة الخندق كان له هذا الموقف العظيم مع فارس قريش (عمرو بن عبد ُو د) ...قال ابن إسحاق * :
«كان عمرو بن عبد ود العامري وهو (كبش الكتيبة) قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراح فلم يشهد أحًد ا ،فلما
» .كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه ،فلما وقف هو وخيله قال :من يبارز ؟ فبرز إليه علي بن أبي طالب
وعند البيهقي في «دالئل النبوة» « :خرج عمرو بن عبد ود وهو مقنع بالحديد ،فنادى:من يبارز ؟ فقام علي بن
أبي طالب فقال :أنالها يا نبي اهلل ،فقال :إنه عمرو ،اجلس .ثم نادى عمرو :أال رجل يبرز ؟ فجعل يؤنبهم
ويقول :أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها ،أفال تبرزون إلي رجًال ؟! فقام (علي) فقال :أنا يا
رسول اهلل ,فقال :اجلس ,ثم نادى الثالثة ،فقام علي رضي اهلل عنه ،فقال :يا رسول اهلل أنا ,فقال :إنه عمرو
فقال :وإن كان عمًر ا ,فأذن له رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،فمشى إليه ،فقال له :يا عمرو ،إنك كنت
تقول :ال يدعوني أحد إلى واحدة من ثالث إال قبلتها ,قال له :أجل ,فقال له :إني أدعوك أن تشهد أن ال إله
إال اهلل وأن محمًد ا رسول اهلل ،وتسلم لرب العالمين ،فقال عمرو :يا ابن أخي ،أخر عني هذه ،قال علي :وأخرى
:ترجع إلى بالدك ،فإن يك محمد رسول اهلل صادًقا كنت أسعد الناس به ،وإن يك كاذًبا كان الذي تريد ,فقال
عمرو :هذا ما ال تتحدث به نساء قريش أبًد ا ,كيف وقد قدرت على استيفاء ما نذرت ؟! ثم قال عمرو :
فالثالثة ،ما هي؟ فقال :البراز .فضحك فارس قريش عمرو -وكان فارًس ا -مشهوًر ا معمًر ا قد جاوز الثمانين -
ثم قال لعلي :إن هذه الخصلة ما كنت أظن أحًد ا من العرب يروعني بها ,ثم قال لعلي :من أنت ؟ قال له :أنا
علي ,قال :ابن عبد مناف ؟ فقال علي :أنا علي بن أبي طالب ,فقال عمرو :يا ابن أخي من أعمامك من هو
أسن منك؛ فواهلل ما أحب أن أقتلك ,فقال علي :ولكني واهلل أحب أن أقتلك ,فعند ذلك غضب عمرو غضًبا
شديًد ا ،ونزل فسل سيفه ،كأنه شعلة نار ،ثم أقبل نحو علي مغضًبا ،واستقبله علي بدرقته فضربه عمرو في درقته
فقدها ،وأثبت السيف فيها ،وأصاب رأسه فشجه ،وضربه علي على حبل عاتقه فسقط ،وثار العجاج ،وسمع
.رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم التكبير ،فعرف الناس أن علًّيا قد قتل عمًر ا
» .وفي فتح خيبر كان له هنا الموقف مع فارس فرسان اليهود (مرحب) *
ففي حديث سلمة بن األكوع عند مسلم« :ثم أرسلني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إلى علي وهو أرمد،
فقال :ألعطين الراية رجالً يحب اهلل ورسوله ،أو يحبه اهلل ورسوله .قال :فأتيت عليا فجئت به أقوده وهو أرمد،
:حتى أتيت به رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،فبصق في عينيه فبرأ ،وأعطاه الراية ،وخرج «مرحب» فقال
:فقال علي
» .قال :فضرب رأس «مرحب» فقتله ،وكان الفتح على يديه