Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 171

‫ما من به الرحمن من التعليقات‬

‫على ثالثين عاما‬


‫من حرب الياباني في الغابات‬
‫من تصنيف العبد الفقير الى رحمة ربه‬
‫بسام بن محمد بن عبدالرحيم الغرايبة‬
‫‪ ١٤٤٠‬ھـ‬
‫‪ ٢٠١٨‬م‬
‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‬
‫رب العالمين والصالة والسالم على قائد الغر المحاجين وعلى آله وصحبه أجمعين‬ ‫الحمد‬

‫أما بعد‬

‫فقد سمعت في بداية عام ‪ ٢٠١٨‬عن الياباني ھيرو انودا الذي قضى حوالي ثالثين عاما في‬
‫جزيرة لوبانغ الفلبينية ‪ ..‬رافضا تصديق كل وسائل اإلعالم عن نھاية الحرب العالمية الثانية‬
‫حتى أتاه األمر العسكري الرسمي من رئيس ھيئة أركان السرب الخاص ) االستخبارات‬
‫وحرب العصابات ( في الجيش الياباني الرابع عشر يوم ‪ ٩‬آذار ‪ . ١٩٧٤‬وعندھا خلع حقيبة‬
‫الظھر وسحب أقسام البندقة وأفرغھا من الرصاص ‪..‬‬

‫عاد المالزم ھيرو انودا الى اليابان يوم ‪ – ١٢‬آذار ‪ ١٩٧٤ -‬حيث استقبل كجنرال مظفر‬
‫وأصبح بطال من أبطال اليابان وجزء من تاريخھا‬

‫في نفس العام صدر النودا كتاب بعنوان ال استسالم – حربي لمدة ‪ ٣٠‬عاما وباللغة االنجليزية‬

‫‪NO SURRENDER‐ MY THIRTY YEAR WAR‬‬

‫لقد قمت بترجمة غير حرفية للكتاب وتصرفت بشكل بسيط في ھذه الترجمة وأردت أن‬
‫استخلص الدروس والعبر من ھذه القصص ‪ .‬يقول ﷲ تعالى ‪ " :‬لقد كان في قصصھم عبرة‬
‫ألولي األلباب " واعتنى المسلمون األقدمون بشعر الجاھلية لما فيه من حكم وكان الخليفة عمر‬
‫بن الخطاب يحب ان يسمع غرائب األخبار ‪..‬‬

‫ال شك ان ھذه القصة من غرائب األخبار ويمكن استنتاج كثير من العبر منھا وقد روى اإلمام‬
‫شق َِي فِي َب ْط ِن أ ُ ِّم ِه ‪َ ،‬وال َّ‬
‫سعِي ُد َمنْ‬ ‫شق ُِّي َمنْ َ‬
‫مسلم عن ابن مسعود رضي ﷲ عنه أنه قال ‪ :‬ال َّ‬
‫ُو ِع َظ ِب َغ ْي ِر ِه‪.‬‬

‫‪ -١‬المالزم انودا عاش ثالثين عاما وبدون إمدادات من اليابان معتمدا على ما ييسره ﷲ من‬
‫الغابات التي يعيش فيھا وما يغنمه من األعداء وقد قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪:‬‬
‫بعثت بين يدي الساعة وجعل رزقي في ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف‬
‫أمري ‪.‬‬

‫في ھذه الفترة لم يطلب انودا من بلده رواتب وال تجھيزات وال إمدادات ‪ ..‬كان كل ھمه تنفيذ‬
‫األمر العسكري الذي أصدره قائد الفرقة الثامنة في الجيش الرابع عشر الياباني الفريق شيزو‬
‫يوكوياما ‪ :‬ممنوع عليك تماما أن تموت بفعل يدك ‪.‬قد يستغرق األمر ثالث سنوات‪ ،‬قد يستغرق خمسة‪ ،‬ولكن مھما‬
‫حدث‪ ،‬سنعود لك ‪.‬حتى ذلك الحين‪ ،‬طالما لديك جندي واحد‪ ،‬استمر في قيادته ‪.‬قد تضطر إلى العيش على جوز الھند ‪.‬إذا‬
‫كان ھذا ھو الحال‪ ،‬عش على جوز الھند ‪ .‬ممنوع عليك نھائيا أن تتخلى عن حياتك طوعا‪".‬‬

‫‪ -٢‬لم يكن انودا ينتظر جزا ًء لما يعمل كان يعرف أن عمله كعميل حرب سري غير مجدي‬
‫ماديا ولن يجلب له الشرف والثروة ‪..‬كان ھمه ان يخدم بلده وقاتل ثالثين عاما بھذه النية ‪..‬‬
‫ولكن في النھاية جاءه المال والشھرة والشرف ‪ ..‬وقد ذكر القران والحديث ان الكافر‬
‫ف إِلَ ْي ِھ ْم‬
‫يجازى بعمله الحسن في الدنيا قال تعالى ‪َ :‬من َكانَ ُي ِري ُد ا ْل َح َيا َة ال ُّد ْن َيا َو ِزي َن َت َھا ُن َو ِّ‬
‫أَ ْع َمالَ ُھ ْم فِي َھا َو ُھ ْم فِي َھا َال ُي ْب َخ ُ‬
‫سونَ‬
‫عن سعيد بن جبير( ‪:‬من كان يريد الحياة الدنيا وزينتھا نوف إليھم أعمالھم فيھا )‪،‬‬
‫ثواب ما عملوا في الدنيا من خير أعطوه في الدنيا‪ ،‬وليس لھم في اآلخرة إال‬ ‫َ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ص َنعوا فيھا‪.‬‬ ‫النار وحبط ما َ‬
‫وفي صحيح مسلم أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪:‬إن ﷲ ال يظلم مؤمنا ً حسنة يعطى بھا‬
‫في الدنيا ويجزى بھا في اآلخرة‪ ،‬وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بھا في الدنيا‬
‫حتى إذا أفضى إلى اآلخرة لم تكن له حسنة يجزى بھا ‪.‬‬
‫لقد دفعت الحكومة اليابانية النوا رواتب ثالثين عاما وكذلك جاءه المال الكثير من نشر‬
‫مذكراته حوالي ‪ ١٥٠‬ألف دوالر ‪ ..‬الخ الخ ‪.‬‬
‫‪ -٣‬يجب على اإلنسان أال يستعجل ويجب عليه ان يصبر ويتحمل ‪ ..‬ويجب ان يكون ذلك في‬
‫سبيل ﷲ وفي سبيل االسالم حتى يفوز االنسان بخير الدارين ‪ ..‬وقد روي ان سفانة بنت‬
‫حاتم الطائي قالت لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وھي في االسر ‪ :‬يا محمد! إن‬
‫رأيت أن تخلّي ع ّني فال تشمت بي أحياء العرب ؟! فإني ابنة سيّد قومي‪ ،‬وإن أبي كان يف ّ‬
‫ك‬
‫العاني‪ ،‬ويحمي الذمار‪ ،‬ويقري الضيف‪ ،‬ويشبع الجائع‪ ،‬ويفرّ ج عن المكروب‪ ،‬ويفشي‬
‫السالم ويُطعم الطعام‪ ،‬فارحموا عزيز قوم ذل فرد عليھا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪:‬‬
‫يا جارية‪ ،‬ھذه صفة المؤمن حقاً‪ ،‬لو كان أبوك مسلما ً لترحّ منا عليه خلّوا عنھا فإن أباھا كان‬
‫يحب مكارم األخالق‪ ،‬وﷲ يحب مكارم األخالق ‪.‬‬
‫‪ -٤‬قصة المالزم انودا تذكر بقصص صعاليك العرب الذين رفضوا الذل واالستكانة وساروا في‬
‫طريقھم الوعر منفردين قال الشنفرى ‪:‬‬
‫ﺎف ِ‬
‫اﻟﻘﻠَـﻰ ُﻣﺘَـ َﻌـ ﱠﺰ ُل‬ ‫َوﻓِ َﻴﻬﺎ ﻟِ َﻤ ْﻦ َﺧ َ‬ ‫ض َﻣ ْﻨـﺄَى ﻟِ ْﻠ َﻜ ِﺮﻳ ِـﻢ َﻋ ِﻦ اﻷَذَى‬
‫وﻓﻲ اﻷ َْر ِ‬
‫ـﻞ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﺿﻴـ ٌﻖ ﻋﻠﻰ اﻣ ِﺮ ٍ‬ ‫ض ِ‬ ‫ﻟَ َﻌ ْﻤ ُـﺮ َك َﻣﺎ ﺑِﺎﻷ َْر ِ‬
‫َﺳ َﺮى َراﻏﺒَـﺎً أ َْو َراﻫﺒَـﺎً َو ْﻫ َﻮ ﻳَـ ْﻌﻘ ُ‬ ‫ىء‬ ‫ْ‬
‫وقال ايضا ‪:‬‬

‫ٍ‬ ‫ﺿِ‬ ‫ﻓﺈﻣﺎ ﺗَـ َﺮﻳْﻨِﻲ ﻛﺎﺑْـﻨَ ِـﺔ اﻟ ﱠﺮْﻣ ِـﻞ َ‬


‫ـﻞ‬ ‫ﻋﻠﻰ ِرﻗﱠـﺔ ْ‬
‫أﺣ َﻔـﻰ وﻻ أَﺗَـﻨَـ ﱠﻌ ُ‬ ‫ﺎﺣﻴَـﺎً‬ ‫ّ‬

‫واﻟﺤ ْﺰَم أﻓْـ َﻌ ُﻞ‬


‫ﺴ ْﻤ ِﻊ َ‬ ‫ﻋﻠﻰ ِﻣﺜْ ِﻞ ﻗَـﻠ ِ‬
‫ْﺐ اﻟ ﱢ‬ ‫ﺼ ْﺒـ ِﺮ أﺟﺘ ُ‬
‫ـﺎب ﺑَـ ﱠﺰﻩُ‬ ‫ﻓﺈﻧّﻲ ﻟَ َﻤﻮﻟَﻰ اﻟ ﱠ‬

‫اﻟﻤﺘَﺒَـ ﱢﺬ ُل‬ ‫ِ‬ ‫ﻳـﻨَ ُ ِ‬ ‫َﺣﻴَﺎﻧـﺎً وأَ ْﻏﻨَـﻰ وإﻧﱠﻤـﺎ‬ ‫ِ‬


‫ـﺎل اﻟﻐﻨَﻰ ذو اﻟﺒُـ ْﻌـ َﺪة ُ‬ ‫َ‬ ‫وأُ ْﻋـﺪ ُم أ ْ‬

‫ـﻞ‬ ‫وﻻ ﻣـﺮِح ﺗَﺤ َ ِ‬


‫ﺖ اﻟﻐﻨَﻰ أﺗَ َﺨﻴﱠ ُ‬ ‫َ ٌ ْ‬ ‫ـﻒ‬
‫ﺸ ٌ‬‫ﻓﻼ َﺟـ ِﺰعٌ ِﻣ ْﻦ َﺧﻠﱠ ٍـﺔ ُﻣﺘَ َﻜ ﱢ‬

‫ـﻞ‬ ‫ﺳ ُﺆوﻻً ﺑﺄ ْﻋ َﻘـﺎب اﻷﻗَ ِ ِ‬


‫ﺎوﻳﻞ أُﻧْﻤ ُ‬ ‫َ‬ ‫ـﺎل ِﺣﻠ ِْﻤﻲ وﻻ أ َُرى‬
‫اﻷﺟﻬ ُ‬ ‫ِ‬
‫وﻻ ﺗَـ ْﺰ َدﻫﻲ ْ‬
‫‪ -٥‬ھذه المذكرات تكشف كثيراً عن الشعب الياباني والجنود اليابانيين ‪ ..‬ليسوا كلھم مثاليين فيھم‬
‫الكثير من األخطاء والطمع والشعارات الزائفة التي يخفون تحتھا حالتھم كما يقول انودا ‪:‬‬

‫لم أستطع إقناع أحد بضرورة حرب العصابات ‪.‬تحدثوا جميعا عن االنتحار والتخلي عن حياتھم بينما كانوا في أعماقھم‬
‫يأملون ويدعون أال تتعرض لوبانج للھجوم‪ .‬كنت متأكدا من ھذا‪ ،‬ولكن لم يكن ھناك شيء يمكنني القيام به حيال‬
‫ذلك ‪.‬كان لدي سلطة حقيقية قليلة لدرجة أنھم لم يأخذوا كالمي بجدية‪.‬‬

‫وقال أيضا ‪:‬‬

‫كنت قد أرسلت إلى ھذه الجزيرة للقتال‪ ،‬ولكني فقط وجدت أن القوات التي كان من المفترض أن أقودھا عبارة عن‬
‫حفنة من الناس تبدي استعدادھا للموت‪ ،‬ولكنھا في الواقع معنية فقط باشباع رغباتھا الفورية ‪.‬وكأن ھذا لم يكن كافيا‪ ،‬لم‬
‫يكن لدي سلطة إصدار األوامر إليھم ‪.‬ال أستطع نشرھم إال بموافقة قائدھم ‪.‬كنت أستطيع أن أدير بطريقة ما لو ان المالزم‬
‫ھاياكاوا قد فوض سلطاته لي‪ ،‬ولكنه على الرغم من مرضه الخطير‪ ،‬رفض التخلي عن سلطته ‪.‬كان عليه أن يدير على‬
‫كل شيء‪.‬‬

‫كنت غاضبا ‪.‬كنت عاجزا‪ ،‬مع مجموعة من القوات غير المنضبطة ‪ ،‬لم يفھم أي منھم أول شيء عن نوع حرب‬
‫العصابات التي سنشارك فيھا قريبا‬

‫وأقول انا أيضا ) العبد الفقير الى رحمة ﷲ ( ‪ :‬نحن العرب نبالغ في تعظيم الفرنجة وعاداتھم ونتصورھم مثاليين رغم‬
‫أن عندھم الكثير من السيئات كاالنحالل الخلقي واالجتماعي بل قد نقلدھم في كثير من التفاھات كاألزياء والموضة ‪...‬‬
‫بينما لو فكر في أحوالھم لرثينا لھم ولحمدنا ﷲ تعالى على نعمة اإلسالم واإليمان‬

‫‪ -٦‬شاھدت كثيرا من الفيديوھات والمقاالت على االنترنت عن المالزم ھيرو انودا وكثير منھا غير دقيق وبعضھا فيھا‬
‫ِين آ َم ُنوا إِنْ َجا َء ُك ْم َفاسِ ٌق ِب َن َب ٍأ َف َت َب َّي ُنوا أَنْ ُتصِ يبُوا َق ْومًا ِب َج َھالَ ٍة‬
‫أخطاء كثيرة وذا يذكرني بقول ﷲ تعالى ‪ :‬أَ ُّي َھا الَّذ َ‬
‫ِين يعني ان جاءكم فاسق بنبأ عظيم له نتائج خطيرة‪ ،‬فال تقبلوا قوله‪ ،‬حتى تتثبتوا‬ ‫َف ُتصْ ِبحُوا َعلَى َما َف َع ْل ُت ْم َنا ِدم َ‬
‫وتتحققوا من صدقه؛ لتأمنوا العاقبة‪ .. .‬ال ينبغي ان تصدق او تكذب ما على النت بالھوى واالستعجال بل تأكد‬
‫وابحث وحقق ‪ ..‬واسأل ﷲ تعالى ان يعينك ويھديك الى الحق بإذنه‬
‫‪ -٧‬حتى الرفاق واألصحاب يتخاصمون ويتقاتلون ولكن ال ينبغي ان يكون ھذا نھاية المطاف ‪ ..‬االختالف البسيط ال‬
‫يعني التخاصم والعداوة األبدية وحتى لو نزغ الشيطان بينھم ‪ ..‬كانت مجموعة انودا تتخاصم وتتبادل اللكمات‬
‫والمسبات ولكن كما قال انودا ‪:‬‬
‫كان شيمادا وكوزوكا في بعض األحيان يشتبكان باأليدي ‪ .‬ھنا أتدخل في بعض األحيان ‪ .‬وأحيانا أخرى‬
‫اجلس واسمح لھم بمحاربة بأنفسھم ‪.‬عندما حدث ذلك‪ ،‬لم يكن ھناك شيء يمكن القيام به ولكن القتال باألسنان‬
‫واألظافر حتى يستسلم احدھما دون قيد أو شرط ‪.‬ھذا شيء جيد‪ ،‬ألنه أعطاھم فرصة الختبار قوتھم الجسدية‬
‫‪ .....‬وعلى المدى الطويل‪ ،‬جعلتنا ھذه المعارك اقرب الى بعض‬
‫‪ -٨‬حتى يفھم اإلنسان األمور على حقيقتھا يجب أن يتخلى عن فھمه المسبق وأال يحكم مسبقا على األمور ‪ ..‬فالفكرة‬
‫المسبقة تجعل اإلنسان يؤول الحقائق ويحرفھا كما يريد ھو وليس كما ھي الحقيقة ‪:‬‬
‫قال انودا ‪:‬‬

‫وباختصار‪ ،‬عملت مع معرفتي المحدودة من االقتصاد وذاكرتي للحالة في ھانكو قبل أن ادخل الجيش‪ ،‬لقد شيدت عالما ً‬
‫وھميا ً من شأنه أن يصلح مع اليمين الذي كنت قد اقسمته قبل خمسة عشر عاما ‪.‬خالل السنوات الخمس عشرة التالية‪،‬‬
‫كان ھذا العالم الخيالي ال يتزعزع سواء مات كوزوكا أو وصل العديد من فرق البحث اليابانية ‪.‬بقي ھذا الوھم معي‬
‫حتى اليوم الذي فيه أعطاني الرائد تانيغوتشي االمر العسكري النھائي ‪.‬في األيام التي كنت فيھا وحيدا تماما‪ ،‬بدا أكثر‬
‫واقعية من ذي قبل ‪.‬لھذا السبب كنت غير قادر نفسيا على االستجابة حتى عندما رأيت أفراد عائلتي وسمعتھم يدعونني لم‬
‫أكن أفھم أن عالمي لم يكن أكثر من مجرد شكل من خيالي ‪.‬‬

‫وانا كمسلم أقول ينبغي لالنسان ان يدعو ﷲ دائما ان يھديه إلى الصراط المستقيم حيث اننا المسلمين نقرأ في الفاتحة اھدنا‬
‫الصراط المستقيم وفي حديث النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪:‬‬
‫ب َوال َّش َھا َدةِ‪ ،‬أَ ْنتَ َتحْ ُك ُم َبي َْن عِ َبا ِد َ‬
‫ك فِي َما َكا ُنوا‬ ‫ت َواألَرْ ِ‬
‫ض‪َ ،‬عالِ َم ْال َغ ْي ِ‬ ‫اللَّ ُھ َّم َربَّ َجب َْرائِي َل َومِي َكائِي َل َوإِسْ َرافِي َل‪َ ،‬فاطِ َر ال َّس َم َوا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ت ْھدِي َمنْ تشا ُء إِلى صِ َراطٍ مُسْ تق ٍِيم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِف فِي ِه م َِن ْال َح ِّق ِبإِ ْذ ِن َ‬
‫ك‪ ،‬إِ َّن َ‬ ‫ون‪ ،‬اھْ ِدنِي لِ َما ْ‬
‫اخ ُتل َ‬ ‫فِي ِه َي ْخ َتلِفُ َ‬

‫‪ -٩‬االنتحار ليس غاية و ھو حرام شرعا وال ينبغي ان يكون ھدف الجندي من المعركة ھو االنتحار بل يكون إلحاق‬
‫اكبر قدر من الضرر بالعدو كما يقول انودا ‪:‬‬

‫كان الناس يقولون لي في كثير من األحيان أنه إذا كنت محاصرا حقا‪ ،‬يجب أن تبفي الرصاصة األخيرة لنفسك‪ ،‬ولكنني‬
‫كنت انوي استخدام كل رصاصة معي ضد العدو ‪.‬لماذا يجب أن أھدر رصاصة على نفسي بينما سيتولى العدو ذلك‬
‫؟ كنت قد اعتنيت بتلك الرصاصات واحتفظت بھا نظيفة كل ھذه السنوات ‪.‬أردت من كل واحدة أن تلحق أكبر قدر‬
‫ممكن من الضرر ‪.‬إذا كنت يمكن أن تقتل عدوا آخر بآخر رصاصة‪ ،‬فذلك أفضل ‪.‬ويبدو أن ھذا ھو ما يجب أن يفعله‬
‫الجندي بدال من االنتحار‪،‬‬

‫‪ -١٠‬لقد عاش انودا ‪ ٣٠‬عاما على المنتجات الطبيعية وكان يمارس الرياضة والتدريبات باستمرار وعندما فحص بعد‬
‫عودته حيث مكث تقريبا ‪ ٢٠‬عشرين يوما وتعرض ل‪ ٢٠٠‬فحص فوجدوا صحته أفضل من صحة سكان المدن‬
‫وكانت أسنانه تخلو من التسوس حيث انه كان ينظفھا يوميا بألياف جوز الھند وھنا نركز على اھمية االكل الطبيعي‬
‫وكلما كان الطبخ اقل كانت فائدة الكل أكثر ‪ ..‬اما ممارسة الرياضة فانھا تحافظ على شباب الجسم وحيويته ال سيما‬
‫مع تقدم العمر‬
‫‪ -١١‬لم يكن المالزم ھيرو انودا وال مجموعته يتعاطون الخمور وكذلك لم يكونوا مدخنين وھذا ساھم في الحفاظ على‬
‫صحتھم خالل ‪ ٣٠‬عاما ‪.‬‬
‫‪ -١٢‬البول والبراز يدالن على صحة الجسم و ھما يتأثران بأمراض الجسم كما بين المالزم أنودوا في كتابه فقال ‪:‬‬

‫" لقد فحصت البراز كل يوم لمعرفة الكمية ‪ ،‬وكم كان صعبا‪ ،‬وكيف كانت القطع كبيرة ‪.‬إذا كانت القطع كبيرة جدا‪ ،‬فھذا‬
‫يعني أن معدتي لم تكن تعمل بشكل صحيح ‪.‬إذا كان البراز لين فھذا يعني ان األمعاء ال تمتص بما فيه الكفاية‪.‬‬

‫إذا كان ھناك شيء خاطئ‪ ،‬كان علي أن أقرر السبب سواء كان الطقس‪ ،‬او ان الطعام الذي كنت قد أكلته ليس‬
‫جيدا‪ ،‬أو ألن جسدي لم يكن في حالة جيدة ‪.‬في كل مرة حدث شيء خاطئ‪ ،‬فكرت مرة أخرى اذا ما كنت قد‬
‫أكلت في اليوم السابق‪ ،‬وكيف كان الطقس‪ ،‬وكم كنت قد أجھدت نفسي و بعد أن قرر السبب اعدل نظامي‬
‫الغذائي وأنشطتي وفقا لذلك‪" .‬‬
‫‪ -١٣‬لقد انتصرت أمريكا في معركة جزيرة لوبانغ بقوة الرمي وھذا مصداق حديث النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬أال إن‬
‫القوة الرمي ‪ ...‬وال شك إن من أسباب انتصار الكفار على المسلمين في ھذه األيام يعود إلى قوة الرمي‬
‫فالواجب على المسلمين االھتمام بقوة الرمي من حيث المدى والقوة والدقة ‪ ..‬وقد انتصرت أمريكا على اليابان‬
‫بما أحدثته من تدمير بقوة الرمي ‪ ..‬ومن ناحية عسكرية فالواجب تقوية الرمي من حيث المدى والقوة والدقة‬
‫وكذلك تشتيت رمي العدو سواء عن طريق وضع األھداف الوھمية الستنزاف ذخيرة العدو وقي نفس الوقت‬
‫إخفاء األھداف الحقيقة عن طريق السواتر سواء كانت شجرية أو بنايات أو حفر في االرض ‪.‬‬
‫إن افشال رمي العدو ھو خطوة مھمة جدا في كسب الحرب وقد اشتھرت وصية عمر بن الخطاب في‬
‫االدراع باألرض وھذا يساھم في افشال رمي العدو ‪ ..‬والبد للمسلمين من اإلعداد للعدو كما قال ﷲ تعالى‬
‫س َبقُوا ۚ إِ َّن ُھ ْم َال ُي ْع ِج ُزونَ )‪َ (59‬وأَ ِعدُّوا لَ ُھم َّما ْ‬
‫اس َت َط ْع ُتم ِّمن قُ َّو ٍة َومِن ِّر َباطِ ا ْل َخ ْي ِل‬ ‫س َبنَّ الَّذِينَ َك َف ُروا َ‬
‫َو َال َي ْح َ‬
‫ﷲَّ‬
‫يل ِ‬ ‫س ِب ِ‬ ‫ش ْيءٍ فِي َ‬ ‫َّ‬
‫آخ ِرينَ مِن دُونِ ِھ ْم َال َت ْعلَ ُمو َن ُھ ُم ﷲُ َي ْعلَ ُم ُھ ْم ۚ َو َما ُتنفِقُوا مِن َ‬ ‫ﷲ َو َعد َُّو ُك ْم َو َ‬‫َّ‬
‫ُت ْر ِھ ُبونَ ِب ِه َعد َُّو ِ‬
‫ف إِلَ ْي ُك ْم َوأَن ُت ْم َال ُتظل ُمونَ )‪)٦٠‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُي َو َّ‬

‫‪ -١٤‬النجاح في حرب العصابات يعتمد الى حد كبير على إخفاء النفس عن العدو ‪ ..‬وفي حالة قيام العدو بالتفتيش فيجب‬
‫االختباء أو الذھاب إلى منظفة أخرى ال يتوقعھا العدو ‪ ..‬لقد أبدع انودا في االختفاء وعندما يغادر منطقة يحرص‬
‫على إزالة كل اآلثار التي قد تشير إلى وجوده فيھا ‪ ...‬حتى عندما يأخذ األرز او الموز يحرص على اخذ كمية قليلة‬
‫من كل منطقة حتى ال تظھر ‪ ..‬وكذلك يستخدم التمويه عندما يضطر إلى عبور المناطق المكشوفة ‪ ..‬مثال يقول‬
‫إذا تركنا بقايا الذبيحة كما كانت‪ ،‬فإن المطر والغراب سوف يحولھا إلى ھيكل عظمي‪ ،‬ولكن البقايا سوف تدل‬
‫العدو علينا كنا ‪.‬وبعد أن نقطع البقرة‪ ،‬ننقل الذبيحة على طول الطريق الجبلي إلى أبعد نقطة ممكنة ‪.‬و يتم ذلك‬
‫في الليل‪ ،‬بطبيعة الحال ‪.‬كان العمل ثقيال حقا‪ ،‬ألن علينا أن نحمل كل اللحوم على ظھورنا في نفس الوقت‬
‫ويقول أيضا ‪:‬‬
‫عندما وجدنا منشورات أسقطھا العدو ‪ ،‬نحفظ واحد منھا ونترك الباقي حيث كان‪ ،‬ألنھا كلھا نفس الشيء ‪.‬ال يمكن‬
‫استخدامھا لبدء النار ألنھا تطلق الكثير من الدخان ‪ ..‬وكنا نخشى استخدامھا حتى لتنظيف أنوفنا‪ ،‬ألن قطعة واحدة من‬
‫الورق المتسخ قد تقود العدو لنا‪.‬‬

‫ويقول كذلك ‪:‬‬

‫عندما ينتھي موسم األمطار‪ ،‬نأخذ الباھاي ) الكوخ ( بعيدا وإما أن نحرق القطع أو ننثرھا في حفرة ‪.‬ولمزيد من األمان‬
‫غطيناھا بالطين ونشرنا الفروع واألشجار الساقطة ‪.‬إذا كدسنا عددا ال بأس به من الفروع‪ ،‬فھذا يكفي للتمويه عن سكان‬
‫الجزر فال يشتبھوا‪.‬‬

‫نغسل الحجارة بالقرب من الكوخ إلزالة أي زيت أو أوساخ ونغطي األرض حيث كان الكوخ مع الفروع التي كنا قد‬
‫أبقيناھا لھذا الغرض ‪.‬كان من المھم بشكل خاص أن ال يعرف احد المكان قبل ان ننتقل إلى موقع جديد‪ ،‬لذلك قمنا‬
‫بسحب الكروم على الفروع لجعل الوصول صعبا قدر اإلمكان دون جعل التمويه واضحا‪.‬‬

‫‪ -١٥‬ضرورة صيانة األسلحة والذخائر باستمرار وتزيتھا وتشحيمھا وحفظھا بأمان وتغليفھا لحمايتھا من التعفن والتلف‬
‫والقوارض ‪ ..‬وھكذا بقيت بندقية أريساكا ‪ ٩٩‬الخاصة بالمالزم انودا شغالة لمدة ثالثين عاما مع الذخيرة الالزمة‬
‫أما الذخيرة التالفة فكان يستخدمھا إلشعال النار بواسطة عدسة ‪.‬يقول انودا ‪:‬‬

‫اھتممنا بصيانة بنادقنا والذخائر كما فعلنا بأنفسنا ‪.‬صقلنا البنادق بزيت النخيل للحفاظ عليھا من الصدأ ونظفناھا بدقة كلما‬
‫سنحت الفرصة‪.‬‬

‫في الطقس البارد‪ ،‬يتخثر زيت النخيل لذلك قمنا بمسح البنادق وانتظرنا حتى وقت الحق لتزيتھا ‪.‬عندما تترطب البنادق فال‬
‫ال بد من تفكيكھا تماما وتنظيفھا قطعة قطعة ‪.‬إذا لم يكن ھناك وقت لھذا كنا نظفھا ا حراريا وانتظر الطقس العادل ‪.‬وبما‬
‫أن التعرض للمياه يميل إلى جعل األعقاب تتعفن‪ ،‬فقد اضطررنا أحيانا إلى إزالة الذخائر وونشرالبنادق حيث كان الدخان‬
‫من حريقنا يجففھا ‪.‬وتمتص أعقاب البندقية ورافعاتھا تدريجيا الكثير من زيت النخيل الى درجة جذب الفئران ‪ ،‬وخاصة‬
‫الرافعات‪ ،‬وعندما نتوقفنا في مكان فيه الكثير من الفئران‪ ،‬نضطر لنشر البنادق عاليا بعيدة عن متناول القوارض‪.‬‬

‫أكثر إزعاجا من الفئران كان النمل ‪.‬ولن يكون من قبيل المبالغة القول إن القسم الجبلي من لوبانغ كان من أشد‬
‫األنخل ‪.‬كان ھناك العديد من أنواع النمل ‪.‬بعض منھم يحب األماكن الرطبة ‪.‬والبعض اآلخر تزدھر فقط حيث كانت‬
‫األرض متناثرة تقريبا ‪.‬أنواع معينة تجمع معا يترك لتبني أعشاشھا ‪.‬بالنسبة لنا‪ ،‬كان أكبر إزعاج ھو نوع من النملة التي‬
‫تحمل األوساخ ‪.‬ھذه‪ ،‬واألكثر عددا من كل شيء‪ ،‬كانت دائما تزحف إلى بنادقنا وتترك األوساخ ‪.‬بعض النمل يدخل‬
‫برميل البندقية ويودع األوساخ في األجزاء المتحركة ‪.‬حتى األوساخ القليلة يمكن أن تسبب فشل البنادق ‪.‬عندما يظھر‬
‫النمل‪ ،‬نعلق البنادق على فرع شجرة‪.‬لمنع النمل من الوصول إليھا‪.‬‬

‫‪ -١٦‬من الخطأ االنقطاع عن إخبار العالم لفترة طويلة ‪ ..‬وھذا ما حصل مع انودا في نھاي الحرب العالمية الثانية مما‬
‫أدى إلى بناء عالم خيالي يقول انودا ‪:‬‬

‫"عندما وصلت إلى الفلبين في عام ‪ ،١٩٤٤‬كانت الحرب تسير على نحو سيء بالنسبة لليابان‪ ،‬وفي الوطن كانت العبارة‬
‫"أيشيوكو جيوكوساي( " مائة مليون نسمة تموت من أجل الشرف( على شفاه الجميع ‪.‬ھذه العبارة تعني حرفيا أن سكان‬
‫اليابان سيموتون إلى آخر رجل قبل االستسالم ‪.‬أخذت ھذا حرفيا ‪ ،‬وأنا واثق ان العديد من الشباب الياباني اترابي فعلوا‬
‫كذلك ‪.‬‬

‫وأعتقدت بإخالص أن اليابان لن تستسلم طالما بقي ياباني واحد على قيد الحياة ‪.‬وعلى العكس من ذلك‪ ،‬إذا ترك أحد‬
‫اليابانيين أحياء‪ ،‬فلن تستسلم اليابان ‪.‬‬

‫بعد كل شيء‪ ،‬ھذا ھو ما تعھد به اليابانيون جميعا بعضھم لبعض ‪.‬لقد أقسمنا أننا سنقاوم الشياطين األمريكيين‬
‫واإلنجليزيين حتى يموت آخر رجل ‪.‬إذا لزم األمر‪ ،‬فإن النساء واألطفال ستقاوم بعصي الخيزران‪ ،‬في محاولة لقتل أكبر‬
‫عدد ممكن من قوات العدو قبل أن يقتلوا أنفسھم ‪.‬نشرة صحف الحرب ھذه الفكرة بأقوى لغة ممكنة" ‪.‬الكفاح من أجل‬
‫النھاية!" "يجب حماية اإلمبراطورية بأي ثمن!" "مائة مليون يموتون من أجل القضية"‪ .‬لقد نشأت تقريبا على ھذا النوع‬
‫من الكالم‪.‬‬

‫عندما أصبحت جنديا‪ ،‬قبلت أھداف بلدي ‪.‬وتعھدت بأن أفعل كل شيء في وسعي لتحقيق تلك األھداف ‪ .‬بعد أن ولدت ذكرا‬
‫ويابانيا‪ ،‬وبمجرد اجتياز الفحص البدني للجيش‪ ،‬اعتبرت ان واجبي ھو ان اصبح جنديا واقاتل من أجل اليابان‪.‬‬

‫بعد دخول الجيش‪ ،‬أصبحت مرشحا في مدرسة تدريب الضباط ‪.‬عندما جاء أخي تاداو لرؤيتي ھناك‪ ،‬سألني عما إذا كنت‬
‫مستعدا للموت من أجل بلدي ‪.‬قلت له نعم ‪.‬في ذلك الوقت‪ ،‬جددت يمينا لنفسي بأن أعطي كل شيء ‪.‬لقد كان ھذا اليمين‬
‫رسميا‪ ،‬وكنت عازما على تنفيذه‪.‬‬

‫وبحلول عام ‪ ١٩٥٩‬كنت في لوبانغ لمدة خمسة عشر عاما‪ ،‬واألخبار الحقيقية الوحيدة التي تلقيتھا من اليابان خالل تلك‬
‫الفترة ھي الصحيفة التي تركھا يوتاكا تسوجي‪ ،‬الذي ادعى أنه مراسل من صحيفة أساھي ‪ .‬لم أكن متأكدا حتى من صحة‬
‫ھذا‪.‬‬

‫وباختصار‪ ،‬لمدة خمسة عشر عاما‪ ،‬كنت خارج الزمن و كل ما تاكد من صحته كان في في أواخر عام ‪ ١٩٤٤‬وما‬
‫أقسمته في ذلك الوقت للقيام به ‪.‬كنت قد حافظت على قسمي بجد خالل تلك الخمسة عشر عاما‪.‬‬

‫قرأت صحف عام ‪ ١٩٥٩‬في نفس اإلطار من العقل‪ ،‬وكان الفكر األول كان‪" ،‬اليابان آمنة‪ ،‬بعد كل شيء ‪.‬آمنة وال تزال‬
‫تقاتل‪.‬‬

‫ولم تقدم الصحف أي قدر من اإلثبات ‪.‬ألم يكن البلد كله يحتفل بزواج ولي العھد؟ الم تظھر الصور موكب الزفاف الفخم‬
‫في شوارع طوكيو‪ ،‬مع آالف اليابانيين وقد اصطفوا على طول الطريق؟ لم يكن ھناك شيء ھنا‪ .‬حوالي مائة مليون‬
‫شخص يموتون ‪.‬ومن الواضح أن اليابان مزدھرة وناجحة‪.‬‬

‫من قال إننا خسرنا الحرب؟ وأثبتت الصحف أن ھذا خطأ ‪.‬لو خسرنا‪ ،‬فإن مواطنينا سوف يموتون جميعا ‪.‬لن يكون ھناك‬
‫المزيد من اليابانيين ‪ ،‬ناھيك عن الصحف اليابانية‪" .‬‬

‫يقول العبد الفقير الى رحمة ﷲ ‪ :‬انصح كل مسلم ان يستمع إلى نشرة أخبار يومية واحدة وال يبالغ وربما يستطيع‬
‫الحصول على اإلخبار التي تھمه من مواقع االنترنت او التواصل االجتماعي ‪..‬‬

‫‪ -١٧‬للنجاح في حرب العصابات ال بد من تغيير العادات والتكتيكات باستمرار بحيث ال يتوقع العدو اين سيھاجم وال‬
‫زمن الھجوم بل يبق متوجسا خائفا من الھجوم في إي لحظة وفي أي مكان يقول انودا ‪:‬‬

‫والواقع أن حرق األرز في نفس األماكن كل عام يزيد من خطر أن يتوقع سكان الجزر تحركاتنا وأن يضعوا مصيدة‬
‫لنا ‪.‬ولذلك قمنا بتغيير تكتيكاتنا إلى حد ما‪ ،‬وإخماد الغارات لمدة شھر في بعض السنوات أو لمدة خمسة أشھر في‬
‫األماكن التي يزرع فيھا محصوالن كل عام ‪.‬حاولنا ان نجعلھم يخمنون أين سنطفوا على السطح ‪.‬وإذا كان بوسعنا‬
‫أن نشجع الخوف من احتمال ظھورنا في أي مكان تقريبا في أي وقت تقريبا‪ ،‬فإن ذلك سيحقق في حد ذاته نصف‬
‫ھدفنا‪.‬‬

‫‪ -١٨‬المظھر الجيد وإلقاء السالم المناسب والتعبيرات المھذبة اللطيفة لھا دور كبير في االنطباع األول وفي تسھيل األمور‬
‫‪ .‬يقول انودا عن لقاءه األول بسوزوكي ‪:‬‬
‫وقف واستدار إلي‪. .‬كانت عيناه مستديرتين‪ ،‬وارتدى بلوزة نصف كم ‪ ،‬وسراويل زرقاء داكنة وصنادل‬
‫مطاطية‪ ،‬واجھني وحياني ‪.‬ثم حياني مرة أخرى ‪.‬كان يداه ترتجفان ‪ ،‬وكذلك ركبتيه ‪.‬‬
‫ويقول أيضا ‪:‬‬
‫استخدامه تعبيرات يابانية مھذبة أقنعتني انه قد نشأ في اليابان‪،‬‬
‫ويضيف ‪:‬‬
‫لو لم يكن يرتدي الجوارب‪ ،‬ألطلقت النار عليه وعلى أقل تقدير‪ ،‬لم يكن ألسمح له بتصويري ‪.‬لكنه كان على‬
‫ھذه الجوارب الصوفية سميكة على الرغم من انه كان يرتدي الصنادل المطاطية ‪.‬إن سكان الجزر لن يفعلوا أي‬
‫شيء غير متناسب وبما انه يستطيع تحمل الجوارب على األحذية أيضا فھو شاب ياباني حقا‪.‬‬
‫وقد حث الرسول صلى ﷲ عليه وسلم على إفشاء السالم وكذلك حث على الكلمة الطيبة واعتبرھا صدقة قال‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪:‬‬

‫))والذي نفسي بيده‪ ،‬ال تدخلون الجنة حتى تؤمنوا‪ ،‬وال تؤمنوا حتى تحابوا‪َ ،‬أو َال أدلكم على شيء إذا فعلتموه‬
‫تحاببتم؟ أفشوا السالم بينكم(( رواه مسلم‬

‫متفق عليه‪.‬‬ ‫ص َد َق ٌة«‬ ‫وقال صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » :‬و ْال َكلِ َم ُة َّ‬
‫الط ِّي َب ُة َ‬

‫‪ -١٩‬ھناك جنود يابانيون آخرين لم يستسلموا رغم علمھم بانتھاء الحرب بل عاشوا في األدغال حتى تم اكتشافھم او‬
‫موتھم ‪ ..‬فضلوا الموت على الوقوع في األسر ‪ ..‬وكان منھم الرقيب تشوشي يوكوي الذي عاش في أدغال جزيرة‬
‫غوام لمدة ‪ ٢٨‬عاما حتى تم اكتشافه عام ‪ .. ١٩٧٢‬وقد استطاع تدبير أكله وملبسه وأدواته من البيئة المحيطة حتى‬
‫انه صنع مالبسه من أشجار الغابة ‪ ..‬وكذلك حفر لنفسه كھفا تحت أشجار الخيزران ‪ ..‬وكان ھذا الكھف مموھا‬
‫بشكل ممتاز إلى حد يصعب اكتشافه حتى لو كنت قريبا منه ‪ ..‬وبالتالي فمن الضروري لإلنسان إن يتعلم أساسيات‬
‫البقاء على قيد الحياة في الظروف الصعبة‪ ..‬و قد جاء في األثر ‪ :‬تعلموا العلم فان أحدكم ال يدري متى يحتاج إليه ‪.‬‬
‫‪ -٢٠‬اھمية التمويه واألھداف الوھمية في تشتيت رماية العدو وإھدار ذخيرته ‪ :‬يقول انودا ‪:‬‬

‫كنت أتساءل ما يجب القيام به حول معركة المطار‪ ،‬تذكرت الساموراي كوسونوكي ماساشيج‬
‫القرن الرابع عشر الشھير‪ ،‬الذي استخدم خالل معركة صعبة الكثير من دمى القش والبسھا‬
‫الخوذات من أجل إھدار سھام العدو الثمينة ‪.‬قررت أن أخرج ورقة من كتاب‬
‫ماساشيج ‪.‬وبمساعدة المالزم سوھيرو‪ ،‬جمعت قطعا من الطائرات المدمرة ووضعتھا لتبدو‬
‫وكأنھا طائرات جديدة‪ ،‬مع الحرص على تمويھھا بالعشب‪.‬‬

‫كنت أعتقد ان ھذا عمل طفولي بسيط‪ ،‬لكنھا خطة نجحت ‪ ،‬عندما جاءت طائرات العدو‪،‬‬
‫انشغلت دائما بقصف المطار ‪.‬في ذلك الوقت‪ ،‬كانوا يأتون يوما بعد يوم‪ ،‬واستخدمنا األيام‬
‫األخرى لوضع طائرات وھمية ‪.‬اعتبرت ان تكتيكات حرب العصابات جيدة لجعل الطائرات‬
‫المھاجمة تستھلك أقصى قدر من الذخيرة‪.‬‬

‫‪ -٢١‬ينبغي لإلنسان أال يحقر نفسه وال غيره أيضا ‪ .‬فھذا الشاب الصغير نورويو سوزوكي‬
‫استطاع أن يقنع المالزم انودا باالستسالم بعدما عجزت فرق البحث الكبيرة والصغيرة عن‬
‫ذلك ‪ ..‬لم يقل سوزوكي ان ھذه المھمة مستحيلة وعجزت عنھا اليابان ‪ ..‬ولم ييأس ‪..‬‬
‫وبالتالي استطاع انجاز ما عجز عنه الكثيرون ‪ ..‬وﷲ ھو الموفق ‪.‬‬
‫‪ -٢٢‬ھذه الترجمة ال تعني الموافقة على كل ما قام به المالزم ھيرو انودا ولكن المسلم يستفيد‬
‫ويتعلم حتى ممن ال يؤبه له وعن عبد ﷲ بن أحمد بن حنبل أنه كان يقول ‪ :‬كنت كثيراً‬
‫أسمع والدي أحمد بن حنبل يقول ‪ :‬رحم ﷲ أبا الھيثم ‪ ،‬فقلت ‪ :‬من أبو الھيثم ؟قال ‪ :‬أبو‬
‫الھيثم الحداد لما مُدت يدي إلى العقاب وأُخرجت للسياط إذا أنا بإنسان يجذب ثوبي من‬
‫ورائي ويقول لي ‪ :‬تعرفني ؟ قلـت ‪ :‬ال ‪.‬‬
‫قال أنا أبو الھيثم العيار اللص الطرار ‪ ،‬مكتوب في ديوان امير المؤمنين أني ضُربت ثمانية‬
‫عشر ألف سوط بالتفاريق وصبرت في ذلك على طاعة الشيطان ألجل الدنيا فاصبر أنت‬
‫في طاعة الرحمن ألجل الدين ‪.‬‬
‫إن لم تكن مثل احمد بن حنبل فكن نصيرا الھل الدين ناصحا لھم ولو كنت مقصرا كما قالوا‬
‫لعلي أن نال بھم شفاعة‬ ‫أحب الصالحين ولست منھم‬
‫ولو كنا سواء في البضاعة‬ ‫واكره من بضاعته المعاصي‬

‫واآلن أترككم مع الكتاب وفي رعاية ﷲ‬


‫بسام بن محمد الغرايبة‬

‫ال استسالم‬

‫ثالنين عاما من الحرب‬


‫الفھرس‬

‫مقدمة‬

‫لم الشمل‬

‫تدريبات الكوماندوز‬

‫أوامر مصيرية‬

‫ال إرادة للقتال‬

‫معركة االيام االربعة‬

‫التعاھد على القتال‬

‫ثالثة جنود في الحرب‬

‫رسائل مزيفة‬

‫الحياة في الغابة‬

‫شياطين الجبال‬

‫وحيدا‬

‫العشرون من شباط عام ‪١٩٧٤‬‬

‫وداعا لوبانغ‬
‫مقدمة‬

‫أعلن عن وفاة المالزم ھيرو أونودا رسميا في ديسمبر كانون االول عام ‪ .١٩٥٩‬في ذلك‬
‫الوقت كان يعتقد انه ورفيقه كينشيتشي كوزوكا توفيا متأثرين بجروح أصيبا بھا قبل خمس‬
‫سنوات في مناوشة مع القوات الفلبينية‪.‬ولم يكشف بحث دام ستة اشھر نظمته وزارة الصحة‬
‫والرعاية االجتماعية اليابانية فى اوائل عام ‪ ١٩٥٩‬عن اى أثر للرجلين‪ .‬واقيمت له جنازة‬
‫رسمية ‪.‬‬

‫ثم‪ ،‬في عام ‪ ١٩٧٢‬طفت قضية أونودا وكوزوكا على السطح ‪ ،‬وقتل كوزوكا في اشتباك مع‬
‫الشرطة الفلبينية ‪ .‬في نصف العام التالي ‪ ،‬حاولت ثالث فرق بحث يابانية إقناع أونودا‬
‫بالخروج من الغابة‪ ،‬ولكن الرد الوحيد الذي تلقوه ھو مذكرة شكر لبعض الھدايا التي تركوھا له‬
‫‪.‬ھذا على األقل أثبت أنه كان على قيد الحياة ‪.‬وبسبب تردده في الظھور‪ ،‬أصبح شيئا من‬
‫أسطورة اليابان‪.‬‬

‫في أوائل عام ‪ ،١٩٧٤‬قرر طالب ياباني ودود متسرب و يدعى نيرو سوزوكي‪ ،‬الذي كان قد‬
‫سافر نحو خمسين دولة ‪،‬قرر ھذا الطالب السير في رحلة عبر الفلبين وماليزيا وسنغافورة‬
‫وبورما ونيبال و البلدان األخرى التي قد تتيسر له ‪.‬عندما غادر اليابان‪ ،‬أخبر أصدقائه أنه‬
‫سيبحث عن المالزم أونودا‪ ،‬الباندا و الرجل الثلجي البغيض ‪ ،‬في ھذا الترتيب ‪.‬ويفترض أن‬
‫الباندا والرجل الثلجي ال يزاالن ينتظران‪ ،‬ألنه بعد أربعة أيام فقط على لوبانغ‪ ،‬وجد سوزوكي‬
‫أونودا وأقنعه باالجتماع مع وفد من اليابان‪ ،‬الذي تعھد سوزوكي باستدعائه‪.‬‬

‫لفد حظيت تفارير اجتماع سوزوكي مع انودا بتغطية كبيرة في الصحافة والتلفزة اليابانية‬
‫‪.‬بعض الناس شك في في سوزوكي‪ ،‬ولكن تم أرسال بعثة بسرعة إلى الفلبين للتحقق من‬
‫قصته ‪ .‬ورافق البعثة ما ال يقل عن مائة صحفي ياباني‪.‬‬

‫ھناك العديد من النظريات حول سبب ظھور ضجة كبيرة لعودة انودا‪ ..‬ارجحھا ھو حاجة‬
‫اليابان الى بطل بعد ھزيمتھا في الحرب العالمية الثانية ‪.‬قبل عام واحد فقط‪ ،‬كان الرقيب‬
‫شويتشي يوكوا قد عاد من غوام وسط ضجة كبيرة ‪ .‬اال ان يوكوا كان رجال عاديا إلى حد ما ‪-‬‬
‫عاديا ً جدا لدرجة انه ال يصلح الن يكون بطال ‪ .‬ربما المالزم أونودا سيكون البطل الحقيقي الذي‬
‫يسد ھذا الفراغ‬

‫لقد كان أونودا ذكيا‪ ،‬صريحا‪ ،‬قوي اإلرادة و رزينا راقيا ‪.‬وھذه ھي الواصفات الي يحبھا‬
‫اليابانيين في ابطالھم ‪،‬لقد كان انودا يمثل المثل االعلى الياباني في االخالص و التصميم والعزم‬
‫والتضحية حتى لو كان وحده ‪ .‬وخالل األسابيع الثالثة بين أول اتصال له مع سوزوكي والتقائه‬
‫بالرئيس فرديناند ماركوس‪ ،‬اجتاحت اخباره وسائل االعالم المرئية والمسموعة وحتى حديث‬
‫الناس ‪ ،‬وعندما عاد أونودا إلى اليابان‪ ،‬استقبل كجنرال منتصر‪ .‬و من جانب آخر ‪ ،‬تمت ترقية‬
‫نوريو سوزوكي في قفزة واحدة من رتبة مغامر إلى مساعد بطل لدوره في عودة انودا‪.‬‬

‫وعندما ترى انودا ‪ ،‬ھذا الرجل الوقورالكريم يخرج من الطائرة ويقف بصرامة مع الحفاوة‬
‫التي استقبل بھا ‪ ،‬تدرك انك امام رجل فريد متميز لم تر مثله في حياتك ‪ -‬رجل كان ال يزال‬
‫يعيش‪ -‬الى ما قبل بضعة ايام في اجواء الحرب العالمية الثانية وعلى مدى سنوات طوال بعد‬
‫ان نسيھا العالم ‪.‬‬

‫و على مدار أسبوعين كان المالزم انودا مستحوذا على االخبارفي الصحف والتلفاز ‪ ،‬شاھد‬
‫االمالزم أونودا يحيي والده وأصدقائه‪ ،‬المالزم أونودا في فندقه‪ ،‬ذھب المالزم أونودا إلى‬
‫المستشفى للفحص الطبي ‪ ،‬وكان المالزم أونودا قد تناول وجبة اإلفطار‪ ،‬المالزم أونودا غادر‬
‫طوكيو الى موطنه في والية واكاياما ‪.‬بل تقدم خبرلم شمل انودا مع والدته على خبر محاولة‬
‫اختطاف طائرة تمت فوق طوكيو ‪.‬‬

‫أصبح من الواضح أن أونودا لم يكن رجال عاديا ‪ ،‬ولكن رجل ذو تصميم قوي وصاحب‬
‫مبدأ ‪.‬على الرغم من حجمه الصغيرنوعا ما ‪ ،‬كنا نتساءل ما ھو السبب النفسي الذي ابقاه لمدة‬
‫‪ ٣٠‬سنة ؟كان ھذا مثيرا ومدھشا‬

‫وتسابق الناشرون اليابانيون من أجل حقوق قصة أونودا ‪.‬وذھل معظمھم الته رفض بعض‬
‫العروض المغرية جدا واختيار ناشر اعجب انودا بسبب مجلة الشباب التي كان يتمتع بھا في‬
‫أوقات ما قبل الحرب‪ ،‬ھذا يدل على انفراد انودا ألن العظمة التي أبقت عليه على لوبانغ ھو‬
‫مزيج من اللطف والحنين للجيل األصغر سنا‪ ،‬ولعل ھذا الجانب من شخصيته ھو الذي دفعه‬
‫إلى االستسالم لشاب ياباني صغير ولكن من الواضح أنه شاب صريح‪ ،‬عندما كان ضد كل‬
‫اآلخرين‪.‬‬

‫أونودا كان صاحب ذاكرة ھائلة وفي غضون ثالثة أشھر من عودته‪ ،‬كان قد أملى ألفي صفحة‬
‫من الذكريات تتراوح بين أھم األحداث ألصغر تفاصيل الحياة في الغابة ‪.‬في يوليو‪،١٩٧٤ ،‬‬
‫نشرت ھذه المواد بشكل سلسلة في الصحيفة االسبوعية شوكان جنداي ‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫في نھاية كتابه‪ ،‬يسأل أونودا نفسه لما كان يقاتل طوال ھذه السنوات ‪.‬ربما كان يقاتل من من‬
‫أجل ما يراه نزاھة واستقامة ‪.‬وفي الحقيقة فانه اصبح بطال في عصره وھل سيبقى بطال في‬
‫المستقبل ‪ ..‬ربما سيبقى‪ ،‬ألنه في النھاية فاز بحربه ووجد ثمرة تعبه وجھاده لمدة ثالثين سنة ‪.‬‬
‫لم الشمل‬

‫اختبأت في الحرش‪ ،‬في انتظار مرور الوقت ‪.‬كان ذلك قبل الظھر قليال في ‪ ٩‬مارس ‪،١٩٧٤‬‬
‫وكنت على منحدر حوالي ساعتين بعيدا عن نقطة واكاياما ‪.‬كانت خطتي االنتظار حتى وقت‬
‫المساء عندما ال يزال من الممكن فقط ان تعرف جليسك ثم االقتراب من نقطة واكاياما بسرعة‪،‬‬
‫في مناورة واحدة ‪.‬الكثير من الضوء يعني الخطر‪ ،‬ولكن إذا كانت مظلمة جدا‪ ،‬فلن استطيع‬
‫التأكد من أن الشخص الذي امامي كان حقا الرائد تانيغوتشي ‪.‬أيضا‪ ،‬ايضا كان وقت المساء‬
‫المتاخر مناسبا للھرب ان تطلب االمر‬

‫بعد الساعة الثانية ظھرا خرجت بحذر من مكان اختبائي وعبرت النھر فوق ھذه النقطة ‪.‬اخذت‬
‫طريقي من خالل بستان من النخيل ركضت على طول النھر‪ ،‬وسرعان ما وصلت الى منطقة‬
‫كان سكان الجزر فيھا يقطعون األشجار للبناء‪.‬‬

‫على طرف المنطقة المفتوحة‪ ،‬توقفت قليال ‪.‬لم ار أحدا حولى ‪.‬ان افترضت أن العمال كانوا‬
‫في عطلة ‪ ،‬ولمزيد من االمان موھت نفسي بالعصي واألوراق المجففة قبل عبور المنطقة‬
‫المكشوفة ‪.‬‬

‫عبرت نھر أغكويان ووصرت على بعد حوالي ثالثمائة ياردة من المكان المحدد ‪.‬كانت الساعة‬
‫الرابعة مساء ‪ ،‬لذلك ال يزال لدي الكثير من الوقت بدلت تمويھي باوراق جديدة ‪.‬كانت ھذه‬
‫المنطقة حقوال لألرز ‪ ،‬ولكنھا اآلن سھل عشبي يتخلله شجر النخيل ھنا وھناك ‪.‬وعلى طول‬
‫النھر ينمو الخيزران والشجيرات‪.‬‬

‫وقفت على تلة صغيرة استطيع من خاللھا روية نقطة االجتماع و المناطق المحيطة بھا ‪.‬كان‬
‫ھذا المكان الذي التقيت فيه وتحدثت مع نوريو سوزوكي قبل أسبوعين ‪.‬وقبل يومين فقط‪،‬‬
‫وجدت رسالة من سوزوكي تطلب مني أن ألتقي به ھنا مرة أخرى في صندوق الرسائل الذي‬
‫اتفقنا عليه‪ ،‬وقد جئت ‪.‬كنت ال ازال خائفا من ھذا قد يكون فخا ‪ .‬واذا كان فخا فربما يكون‬
‫العدو ينتظرني على التلة‪.‬‬

‫وشرعت بأقصى قدر من الحذر ولكن لم أر أي عالمات للحياة ‪.‬في الجزء العلوي من التل‪،‬‬
‫خرجت من بين األشجار والشجيرات‪ ،‬وعلى حافة النقطة‪ ،‬حيث وضع سوزوكي ناموسيتة‬
‫رأيت خيمة صفراء يلوح العلم الياباني فوقھا ‪ ،‬ولكن لم أتمكن من رؤية أي شخص ‪.‬ھل كانوا‬
‫يستريحون في الخيمة؟ أو انھم يختبئون في مكان آخر منتظرين ظھوري؟‬
‫بعد ثالثين دقيقة من التوتر ‪ ،‬لم يكن ھناك أي تغيير‪ ،‬نزلت المنحدر واقتربت الى حوالي مائة‬
‫ياردة من الخيمة ‪.‬لقد غيرت موقفي قليال للحصول على وجھة نظر مختلفة‪ ،‬ولكن لم ار‬
‫احدا ‪.‬قررت أنھم مستقرين في الخيمة في انتظار غروب الشمس‪.‬‬

‫بدأت الشمس تغيب ‪.‬فحصت بندقيتي وقمت بربط حذائي ‪.‬كنت واثقا‪ :‬استطيع ان امشي إلى‬
‫الخيمة مغلقا عيني ‪ ،‬وشعرت بالقوة استرحت قليال مع مراقبة ما حولي ‪ .‬قفزت فوق أسالك‬
‫شائكة وصلت لظل شجرة بوسا قريبة ‪ ،‬حيث توقفت‪ ،‬أخذت نفسا عميقا‪ ،‬ونظرت في الخيمة‬
‫مرة أخرى ‪.‬كان كل شيء ال يزال ھادئا‪.‬‬

‫لقد حان الوقت ‪.‬جھزت البندقية‪ ،‬دفعت صدري‪ ،‬وسرت إلى األمام في العراء‪.‬‬

‫كان سوزوكي يقف مديرا ظھره لي‪ ،‬بين الخيمة وموقد كانوا قد بنوه قبل ضفة النھر ‪.‬استدار‬
‫ببطء‪ ،‬وعندما رأني‪ ،‬ھرول نحو ي مادا ذراعيه‪.‬‬

‫"صاح سوزوكي إنه أونودا!" الرائد تانيغوتشي‪ ،‬انه أونودا"!‬

‫تحرك ظل في الخيمة ‪ ،‬ركض سوزوكي وعيناه تتفجران من الدھشة وشبك كلتا يديه بيدي‬
‫اليسرى ‪.‬توقفت على بعد عشرة ياردات من الخيمة تقريبا ‪ ،‬و جاء صوت من الخيمة‪.‬‬

‫"ھل أنت أونودا حقا ؟ سأكون معك خالل دقيقة واحدة‪".‬‬

‫عرفت من صوته أنه كان الرائد تانيغوتشي ‪.‬وانتظرته بدون حركة ‪ .‬أدخل سوزوكي راسه في‬
‫الخيمة وأخرج كاميرا ‪.‬في داخل الخيمة كان الرائد يلبس بنطاال قصيرا‪ ،‬نظرالى الخارج و‬
‫قال‪ :‬ساغير مالبسي ‪.‬انتظر دقيقة واحدة فقط"‪.‬‬

‫اختفى الرأئد‪ ،‬و في لحظات قليلة خرج الرائد تانيجوتشي من الخيمة باللباس الكامل وطاقية‬
‫عسكرية على رأسه ‪.‬أديت له التحية العسكرية ‪ ،‬و صحت‪" ،‬المالزم أونودا‪ ،‬تحت امرك سيدى‬
‫"‪.‬‬

‫"جيد !" قال‪،‬وھو يسير باتجاھي ويربت برفق على كتفي األيسر" ‪.‬لقد جلبت لك ھذه من وزارة‬
‫الصحة والرعاية ‪".‬‬

‫سلمني ھدية عليھا شعار اإلمبراطورية ‪.‬قبلت ذلك‪ ،‬وشكرته عليھا ‪ ،‬تراجع مرة أخرى‬
‫خطوتين أو ثالث خطوات ‪.‬وعلى مسافة صغيرة كان سوزوكي يقف جاھزا مع الكاميرا‪.‬‬

‫وقال الرائد تانيجوشي "سأقرأ لك االوامر‪".‬‬

‫حبست أنفاسي عندما بدأ يقرأ من وثيقة كان قد احتفظ بھا رسميا بكلتا يديه ‪.‬وبصوت منخفض‬
‫نسبيا‪ ،‬قرأ " أمر من قيادة الجيش الرابع عشر" ثم استمر بقوة أكبر وبصوت أعلى‪" :‬أوامر‬
‫من مكتب رئيس ھيئة اركان السرب الخاص‪،‬‬

‫بكباك‪ ١٩ ،‬سبتمبر الساعة ‪.١٩٠٠‬‬


‫‪"1.‬بناءعلى االمر اإلمبراطوري‪ ،‬يوقف الجيش الرابع عشر جميع األنشطة القتالية‪.‬‬

‫‪"2.‬وفقا لالمر العسكري رقم‪ ، A‐2003‬يعفى السرب الخاص في مقر قيادة ھيئة األركان من‬
‫جميع الواجبات العسكرية‪.‬‬

‫‪"3.‬الوحدات واألفراد العاملين تحت قيادة السرب الخاص عليھم وقف األنشطة والعمليات‬
‫العسكرية فورا ووضع أنفسھم تحت قيادة اقرب ضابط كبير ‪.‬وعندما يتعذر العثور على ضابط‬
‫كبير‪ ،‬عليھم التواصل مع القوات األمريكية أو الفلبينية واتباع توجيھاتھم‪.‬‬

‫رئيس ھيئة اركان السرب الخاص ‪ /‬الجيش الرابع عشر‬

‫الرائد يوشيمي تانيجوتشي‬

‫بعد قراءة ھذا‪ ،‬توقف الرائد تانيغوتشي قليال‪ ،‬وأضاف قائال "ھذا ھو كل شيء‪".‬‬

‫الزلت واقفا ‪ ،‬في انتظار ما سيلحق ‪ .‬كنت متأكدا بأن الرائد تانيجوتشي سياتي ويھمس لي‬
‫"كان ذلك شائعات ‪.‬سأقول لك أوامرك الحقيقية في وقت الحق "‪ .‬بعد كل شيء‪ ،‬كان سوزوكي‬
‫حاضرا‪ ،‬ولم يستطع الرائد التحدث معي سرا أمامه‪.‬‬

‫راقبت الرائد عن كثب ‪،‬نظر الى الوراء بطريقة صلبة ‪ ،‬مرت الثواني ولم يتكلم ‪ .‬شعرت‬
‫بحزمة ثقيلة جداعلى ظھري ‪.‬‬

‫طوى تانيغوتشي االالوراق ببطء ‪ ،‬وللمرة األولى أدركت أنه لم يكن ھناك حيلة والخدعة ‪-‬‬
‫كل ما سمعته كان حقيقيا ‪.‬ولم تكن ھناك رسالة سرية‪.‬اصبح الحمل اثقل على ظھري‬

‫لقد خسرنا الحرب حقا ! كيف يمكن أن يكونوا قذرين الى ھذا الحد؟‬

‫فجأة اصبح كل شيء أسودا ‪.‬عاصفة اندلعت داخلي ‪.‬شعرت باني أحمق ألنني كنت متشددا‬
‫وحذرا اكثر مما ينبغي واألسوأ من ذلك‪ ،‬ما الذي كنت أفعله طوال ھذه السنوات؟‬

‫تدريجيا ھدأت العاصفة‪ ،‬وللمرة األولى اقتنعت بان حربي ثالثين عاما كمقاتل في حرب‬
‫عصابات للجيش الياباني قد انتھت فجأة‪.‬‬

‫كانت ھذه ھي النھاية‪.‬‬

‫سحبت اقسام البندقية وافرغتھا من الرصاص‪.‬‬

‫وقال االرائد تانيغوتشي "يجب ان يكون ذلك صراعا" ‪".‬أھدأ وخذھا ببساطة"‪.‬‬

‫طرحت حقيبة ظھر كنت دائما احملھا معي ووضعت البندقية عليھا ‪.‬ھل حقا انتھى دور‬
‫البندقية التي كنت قد صقلتھا ورعيتھا كطفل رضيع كل ھذه السنوات؟ أو بندقية كوزوكا‪ ،‬التي‬
‫كنت مخبأة في شق في الصخور؟ ھل انتھت الحرب بالفعل قبل ثالثين عاما؟ إذا كان ھذا‬
‫صحيحا‪ ،‬لماذا توفي شيمادا وكوزوكا؟ إذا كان ما يحدث صحيحا‪ ،‬أليس من األفضل لو اني مت‬
‫معھم؟‬

‫مشيت ببطء وراء الرائد تانيجوتشي داخال في الخيمة‪.‬‬

‫في تلك الليلة لم انم نھائيا على اإلطالق ‪ .‬وفي داخل الخيمة‪ ،‬بدأت إعطاء تقريرعن‬
‫استطالعى ونشاطي العسكري خالل ثالثين عاما في لوبانغ ‪ -‬تقرير ميداني مفصل ‪ .‬وكان‬
‫تانيغوشي يقاطعني احيانا بكلمة أو اثنين‪ ،‬ولكنه استمع باھتمام‪ ،‬واحيانا كان يومئ براسه اشارة‬
‫الموافقة أو الفھم ‪.‬‬

‫وبما امكن من الھدوء أبلغت الرائد تانيغوشي باالحداث واحدا تلو اآلخر ‪ ،‬ومع الكالم بدات‬
‫العواطف تتغلب علي‪ ..‬عندما وصلت الى قصة موت شيمادا وكوزوكا خنقتني العبرة وغلبني‬
‫البكاء و تعثرت عدة مرات‪ .‬اومضت عينا تانيجوتشي كما لو كان يمسك دموعه ‪.‬وكان الشيء‬
‫الوحيد الذي أنقذني من االنھيار التام ھو الشخير المستمر من الشباب سوزوكي‬

‫وقبل أن أبدأ تقريري‪ ،‬سأل سوزوكي الرائد عما إذا كان ينبغي له أن نخبر الباحثين اآلخرين‬
‫اجابه الرائد بالنفي الننا إذا أبلغنا‪ ،‬فسوف نحاصر على الفور من قبل حشد كبير من الناس ‪.‬أشار‬
‫سوزوكي بالموافقة ‪ ،‬وشرعت في التحدث إلى الرائد حتى الفجر‪.‬‬

‫عدة مرات أمرني الرائد أن أذھب إلى الفراش وأقول له البقية غدا‪ ،‬حاولت ھذا مرتين أو ثالث‬
‫مرات‪ ،‬وفي كل مرة كنت انھض في أقل من عشر دقائق ‪.‬كيف يمكن أن أنام في وقت مثل ھذا؟‬
‫كان علي أن أقول له كل شيء ھنا وھناك‪.‬‬

‫وأخيرا وصلت إلى نھاية القصة‪ ،‬وقال الرائد‪" :‬اآلن لننام قليال ‪.‬وسوف تشرق الشمس بعد‬
‫ساعة أو نحو ذلك ‪ .‬امامنا يوم صعب ‪ ،‬وحتى ساعة نوم ستساعد "‪ .‬استلقى وخالل ثوان‬
‫ارتفع صوت شخيره ‪.‬‬

‫لم استطع النوم ‪.‬كنت متعودا على النوم في الھواء الطلق كل ھذه السنوات‪ ،‬وال يمكن أن اعتد‬
‫النوم على السرير ‪.‬أغلقت عيني‪ ،‬ولكنني كنت أكثر استيقظا من أي وقت مضى ‪ .‬طوعا او‬
‫كرھا كان علي ان استعرض في ذھني جميع األحداث التي جلبتني إلى ھذه الخيمة‪.‬‬
‫التدريبات العسكرية الخاصة‬
‫)الكوماندوز(‬

‫ولدت في عام ‪ ١٩٢٢‬في بلدة كاينان‪ ،‬محافظة واكاياما ‪.‬عندما كنت في مدرسة كينان‬
‫المتوسطة‪ ،‬كنت شغوفا بالمبارزة اليابانية الكندو‪ .‬وعلى الرغم من أنني لم اكن جيدا بشكل‬
‫استثنائي في دراستي‪ ،‬أحببت الذھاب إلى المدرسة‪ ،‬ألنه عند نھاية االدروس استطيع الذھاب‬
‫إلى صالة األلعاب الرياضية وممارسة الكيندو بسيف الخييزران ‪.‬‬

‫كان تخصصي ھي ھجوم على الجسم بالقفز وھجوم جانبي ‪ .‬أستاذي‪ ،‬إيزابور ساساكي‪ ،‬كان في‬
‫المرتبة السادسة في ذلك الوقت‪ ،‬وھو من علمني تين التقنتيين بدقة ‪.‬كان ساساكي رجال‬
‫صغيرا لكنه اشتھر بكونه أكثرخبراء الكندو مھارة في كل مقاطعة واكاياما ‪.‬كنت اصغر طالب‬
‫في الصف وطولي خمسة اقدام ‪ ،‬وكان من المفارقات أني كنت اھزم أي شخص اقاتله وعندما‬
‫كان أي شخص يرفع سيفه فوق راسي ويبدأ بانزاله على جبھتي كنت اراوغه واضربه في‬
‫الصدر في اللحظة المناسبة ‪.‬لقد عانى ساساكي كثيرا ليدرسني ھذه التقنية‪.‬‬

‫كان ھناك صبي واحد في صفي لم استطع التغلب عليه ‪.‬وكان اسمه كاورو كوباي ‪.‬في وقت‬
‫الحق ذھب إلى جامعة واسيدا وحصل الحقا على الرتبة السابعة في المبارزة‪ ،‬ولكنه في ذلك‬
‫الوقت كان مجرد مبتدئ مثلي‪.‬أحرقني ألنني لم أستطع التفوق عليه ولو مرة واحدة ‪ .‬و قبل أن‬
‫ننتھي من المدرسة كان ال بد لي من التفوق عليه‪.‬‬

‫فجأة كنا في السنة الخامسة واألخيرة من المدرسة‪ ،‬وكانت دورة الكندو في نھايتھا ‪ .‬سحبت‬
‫كوباي جانبا وقال‪" :‬انظر‪ ،‬أنا فقط ال يمكن أن أتخرج دون ان اھزمك مرة واحدة ‪.‬أعطني‬
‫فرصة واحدة فقط رجاء"!‬

‫ووافق على أن ينھزم امامي عدة مرات كما أردت‪ ،‬وضعنا معداتنا الواقية وتجمع الكل‬
‫لمشاھدة المباروة ‪. ،‬قلت لنفسي مرارا وتكرارا أن ال يجب أن أخسر‪ ،‬ال يمكن أن يخسر‪،‬‬
‫وعندما بدأ ت المباراة‪ ،‬ھزمته واصبته‬

‫بعد ذلك قال كوباي بصراحة‪" ،‬كان ذلك خدعة ‪ ،‬أونودا"‪ ،‬وأنا‪ ،‬كنت فخورا فقط من تقنيتي ‪،‬‬
‫أدركت أنني لم أبدأ في فھم روح الكيندو ‪ .‬واحمرت عيناه ‪.‬‬

‫وفي ربيع عام‪ ١٩٣٩‬ذھبت للعمل في شركة تجارية محلية تدعى تاجيما يوكو‪ ،‬متخصصة في‬
‫الطالء ‪.‬أخذت ھذه المھمة على أساس أنني سوف ارسل إلى فرعھم في ھانكو ) ووھان( في‬
‫وسط الصين ‪.‬كنت ابن سبعة عشر ولم أكن أريد أن أعيش مع والدي لفترة أطول ‪.‬بدا لي أن‬
‫الوقت قد حان للخروج من تلقاء نفسي ‪.‬وكانت الصين كبيرة لدرجة أن ھناك الكثير من الفرص‬
‫ھناك ‪.‬وأردت أن اعمل بجد؛ وأود أن استغني ‪.‬كانت ھانكو مكانا جيدا للبدء‪ ،‬ألن شقيقي االكبر‬
‫الثاني‪ ،‬تاداو‪ ،‬الذي كان مالزما أول في الجيش‪ ،‬كان متمركزا ھناك‪ ،‬وسيساعدني‪.‬‬

‫كنت خامس سبعة أطفال ‪ ،‬خمسة فتيان وفتاتان ‪.‬وقد تخرج أخى األكبر‪ ،‬توشيو‪ ،‬من المدرسة‬
‫الثانوية األولى في طوكيو وثم من كلية الطب من جامعة طوكيو اإلمبراطورية ‪.‬وھو اآلن‬
‫ضابط طبي في الجيش‪ ،‬متمركز بالقرب من الحدود بين كوريا ومانشوكو ‪.‬وكان االبن األكبر‬
‫التالي تاداو‪ ،‬ثم كان ھناك تشي‪ ،‬أختي الكبرى ‪.‬كان ھناك ابن ثالث يدعى يوشيو‪ ،‬لكنه توفي في‬
‫مرحلة الطفولة ‪.‬عامين أصغر مني كان االبن الخامس‪ ،‬شيغيو‪ ،‬الذي كان في السنة الرابعة من‬
‫المدرسة المتوسطة ‪.‬وكانت أصغرنا شقيقتي األخرى‪ ،‬كيكو‪ ،‬وكان عمرھا عشر ستوات في‬
‫ذلك الوقت‪.‬‬

‫وصلت إلى ھانكو في منتصف أبريل ‪ /‬نيسان‪ ،‬وذھبت في نفس اليوم لرؤية أخي في مقر‬
‫الضباط ‪.‬لم أكن قد اخبرته مسبقا عن قدومي ‪ ،‬صعق عندما رآني ‪.‬وعندما افاق من الدھشة ‪،‬‬
‫سأل "ماذا يحدث؟ ما الذي تفعله ھنا؟"‬

‫شرحت له االمر وافھمنى اننى يجب اال اكون عملت حساباتي اعتمادا على رعايتة لي‪.‬‬

‫وقال "اال تدرك انك قد تقتل في الصين؟‪".‬‬

‫سحبت نفسي الى االعلى وأجبته بصوت عال ‪" :‬إذا لم يكن الرجل على استعداد لتحمل‬
‫بعض المخاطر‪ ،‬فلن يحصل على أي مكان!" حدق اخي في وجھي‪ ،‬غير مصدق‬

‫كان يحدق في وجھي احيانا بعد ذلك بقليل ‪.‬غادرت اليابان ومعي حقيبة واحدة فقط ‪ ،‬ويبدو لي‬
‫أن أول شيء يجب القيام به ھو الحصول على بعض المالبس الجيدة ‪.‬قررت أن أطلب من أخي‬
‫أن يشتري لي بدلة ؛ أدھشني انه وافق ‪.‬اخترت على وجه السرعة قماش صوف إنجليزي‬
‫ممتاز ‪ .‬وطلبت من الخياط ان يعملھا على الطراز اللندني ‪.‬وعندما رأى أخي الفاتورة كادت‬
‫عيناه تنفجران ‪.‬لم يخطر على باله أن صبيا في السابعة عشر يفكر في إنفاق الكثير من المال‬
‫بھذا الشكل‬

‫يقع فرع ھانكو من تاجيما يوكو في شارع وسط المدينة المزدحم ‪.‬كانت صالة العرض في‬
‫الطابق األول‪ ،‬وكانت المكاتب في الثاني والطابق الثالث كان عنبر النوم ‪ ،‬حيث ينام جميع‬
‫الموظفين األربعة بما في ذلك رئيس الفرع ‪ .‬وكان أول وظيفة لي مسك حسابات الفرع‪.‬‬

‫بعد حوالي عام من العمل في المكتب‪ ،‬حولت الي قسم المشتريات وتم ارسالي إلى المدن‬
‫القريبة لالتصال بالموردين ‪.‬وكان رئيس الفرع يخشى ان احتقر واال اوخذ على محمل الجد‬
‫فاشترى اشترى لي ستوديباكر موديل ‪ ١٩٣٦‬وذلك لتعزيز كرامتي وشخصيتي ‪.‬عندما ركبت‬
‫في ھذه السيارة الرائعة‪ ،‬ظننت أنني أعظم رجل أعمال في العالم‪.‬‬

‫‪.‬لم يكن لدي الكثير للقيام به مع اليابانيين اآلخرين في ھانكو‪ ،‬ولھذا السبب سرعان ما كنت‬
‫قادرا على التحدث باللغة الصينية بشكل جيد ‪.‬‬

‫في يناير ‪ /‬كانون الثاني‪ ،١٩٤١ ،‬تم نقل أخي إلى مدرسة المحاسبة العسكرية في طوكيو‪ ،‬وھنا‬
‫وجب علي أن اعتمد على نفسي ‪.‬ومن أجل تعزيز ثقتي بالنفس‪ ،‬عملت بجد ونشاط ‪ ،‬ربما‬
‫الحرب ستنتھي ‪.‬ثم سوف تكون قادرا على كسب الكثير من المال في مجال األعمال التجارية‬
‫و حلمت بانشاء شركتي الخاصة في الصين‪،‬‬

‫في الثامن من ديسمبر في ذلك العام‪ ،‬اندلعت الحرب بين اليابان والواليات المتحدة‬

‫في أيار ‪ /‬مايو‪ ،١٩٤٢ ،‬تم استدعائي للفحص البدني العسكري ‪،‬و قد اجتزته على الفور ‪.‬في‬
‫ذلك المساء ابرقت الى عائلتي في واكاياما بھتاف النصر الياباني و بعد فترة وجيزة أبلغت أنه‬
‫في ‪ ١٠‬كانون األول ‪ /‬ديسمبر سأجند في فوج المشاة الحادية والستين في واكاياما‪.‬‬

‫أعتقدت أنني يجب أن أعد نفسي في أفضل شكل ممكن من الناحية الجسدية ‪ ،‬استقلت من‬
‫وظيفتي في شركة تاجيما يوكو في أغسطس وعدت إلى واكاياما‪ .‬في المنزل‪ ،‬قضيت أيامي في‬
‫السباحة في المحيط القريب ومساء في ممارسة الكندو في صالة األلعاب الرياضية في مقر‬
‫الشرطة المحلية ‪.‬كنت قد انقطعت عن اللعبة لفترة طويلة‪ ،‬ولكني كنت بالفعل في المرتبة الثانية‬
‫عندما تخرجت من المدرسة المتوسطة‪ ،‬والسيد ساساكي‪ ،‬أستاذي‪ ،‬حثني على محاولة الحصول‬
‫على رتبة أعلى‪ ،‬و كان يرى أن ذلك سھال في الجيش ‪.‬كنت قد انقطعت عن ھذه الرياضة لفترة‬
‫طويلة‪ ،‬وكنت قلقا قليال حول اختبار من الدرجة الثالثة‪ ،‬ولكني اجتزته ‪ .‬حتى بعد ذلك‬
‫واصلت العمل بھا في صالة األلعاب الرياضية كل يوم حتى تم تجنيدي‪.‬‬

‫عندما ذھبت إلى الجيش‪ ،‬وعدت أمي أن أعود بالدرجة األولى الخاصة ‪.‬على الرغم من أن لدي‬
‫بعض الدورات العسكرية في المدرسة المتوسطة وكنت مؤھال ألخذ امتحانات القبول لمدرسة‬
‫تدريب الضباط‪ ،‬لم أكن أعتقد أني خلقت الكون ضابطا‪ ،‬وال أريد ارتداء زي مختلف عن‬
‫اآلخرين والوقوف أمام الناس العطيھم أوامر ‪.‬كان نجمان من الدرجة األولى الخاصة كافيا‬
‫بالنسبة لي ‪.‬على األقل كان ھذا تفكيري في ذلك الوقت‪.‬‬

‫بعد عشرة أيام من دخولي‪ ،‬تم تعييني في فوج المشاة الثامن عشر‪ ،‬جنبا إلى جنب مع المجندين‬
‫الجدد من منطقتي ‪.‬كان ھناك احتفال بمناسبة رحيلنا‪ ،‬ثم غادرنا ‪.‬لم يكن لدينا أي فكرة الى اين‬
‫يتم ارسالنا ‪ ،‬ولكن نونكوم المسؤول عن مجموعتنا قال أنه نان تشانغ ‪.‬لم أكد أصدق ھذا‪ ،‬ألن‬
‫نان تشانغ كان حيث اخي تاداوكان يتمركز ھناك ‪.‬اي ھاجس وقع لي عندما وجدت أنني سوف‬
‫أرى أخي السخي مرة أخرى‪.‬‬

‫بعد وقت قصير من بداية العام وصلنا في نان تشانغ‪ ،‬حيث كان كان الطقس باردا جدا تجمد الدم‬
‫في عروقي ‪.‬في اللحظة التي خرجنا من القطار بدأت جسدي يرتجف ‪.‬جاء الضباط من القاعدة‬
‫إلى المحطة لمقابلتنا‪ ،‬وصفونا في أربعة صفوف وبطرف عيني بحثت عن تاداو ‪.‬وجدته يقف‬
‫قليال بعيدا عن الضباط اآلخرين مرتديا عباءة على معطفه ‪.‬عندما مررنا به‪ ،‬اختلست نظرة‬
‫سريعة في اتجاھه ‪.‬رآني؛ كان واضحا من التعبير على وجھه أنه كان أكثر دھشة مما كان عليه‬
‫في ھانكو ‪.‬وقال لي في وقت الحق أن فكرته الثانية كانت‪" ،‬ھذا سوف يكلف المال‪".‬‬

‫قائد فريقنا يمكن أن يصفعك صفعة متوسطة عندما يغضب‪ ،‬ولكنه في معظم الوقت كان‬
‫يضحك وفي روح جيدة ‪.‬اتصل بي به يوم واحد وقال لي أنه اختارني لفريقه ألنه يعتقد أنني‬
‫سوف اكون جنديا جيدا ‪.‬وأضاف أنني أفضل من جندي جيد‪.‬‬

‫كان فوجنا ذو سمعة جيدة في االرجل ‪ ،‬وكنا نؤمر بالمسير ثالثة اميال ونصف ميل في‬
‫الساعة و في بعض األحيان خمسة أميال‪ ،‬وكان ھذا يثير استياء المجندين االغرار ‪ ،‬وتدريبي‬
‫في الكندو أعدني لمثل ھذا‪ ،‬ولم اخرج عن الصف ولو مرة واحدة ‪.‬‬

‫كنت قد واصلت نموي واصبح طولي خمسة أقدام وأربع بوصات ‪.‬وبعد التدريب االساسي‬
‫اصبح وزني ‪ ١٣٢‬رطال وھو ضعف وزن الحقيبة الكاملة التي كان علينا حملھا ‪.‬وھذه ھي‬
‫النسبة الصحيحة ‪ ،‬ألن أي شخص ال يزن ضعف قدر الحقيبة ال يمكنه تحملھا لفترة طويلة ‪،‬‬
‫وكذلك من كان وزنه اعظم بكثير ‪.‬‬

‫اصبحت ألول مرة تحت نار حقيقية بعد االنتھاء من التدريب األساسي‪ .‬كان في مكان يسمى‬
‫أني ‪ ،‬وھومكان بين نان تشانغ و تشيو تشيانغ‪ ،‬وتم تعييننا لتمشيط قوات من مقاتلي العدو‬
‫الذين تسببوا في مشاكل في المنطقة‪ .‬وقد وضعت كتيبتنا خطة اعتقل فيھا زعيم حرب العصابات‬
‫حيا‪ .‬ولكن أثناء العملية أصبت في قدمي اليمنى وولزمت السرير لبضعة أيام‪ ،‬وھو أمر مؤسف‬
‫بشكل خاص ألنه منعني من التقدم لفحص مدرسة تدريب الضباط‪.‬‬

‫بعد أن قلت في وقت سابق أنني ال أريد شيئا أكثر من رتبة الدرجة االولى الخاصة ‪ ،‬يجب أن‬
‫أعترف أنه بعد أن ذھبت إلى الجيش‪ ،‬غيرت رأيي بسرعة ‪.‬أحد األسباب ھو أنني أردت أن‬
‫أفعل شيئا من شأنه أن يجعل قائد السرب سعيدا ‪.‬واالمر الثاني اني كنت اريد ان البس مالبس‬
‫الضباط المبھرجة ‪ .‬لباس الدرجة االولى الخاصة لم يكن مغريا‬

‫اكتأبت الن االمتحان فاتني ‪ ،‬وذھبت متجھما لرؤية أخي ‪.‬وعندما شرحت له مشكلتي امرني‬
‫باالنتظار وركب حصانه لمقابلة قائد وحدتي ‪.‬عندما اكتشف األخيرانني شقيق تاداو‪ ،‬وافق‬
‫على أن يعطيني امتحان خاص ‪.‬نجحت فيه ‪ ،‬وفي ‪ ١‬أغسطس ‪ /‬آب ‪ ، ١٩٤٢‬تم نقلي إلى وحدة‬
‫تدريب الضباط االولية‪.‬‬
‫ھنا تم تقسيم الرجال الذين اجتازوا الدورة إلى مجموعتين‪ :‬ذھب البعض إلى تدريب أكثر تقدما‬
‫للضباط‪ ،‬في حين بقي آخرون غير قتاليين ‪.‬لحسن الحظ‪ ،‬خرجت في المجموعة األولى ‪.‬وبما‬
‫أن قائد الفرقة كان يحبذ تدريبا أفضل وأفضل للضباط‪ ،‬فقد أصدر توجيھات إلى المرشحين‬
‫الناجحين االثني عشر‪ ،‬بما فيھم أنا‪ ،‬بتدريب إضافي من قبل المالزم تسونينوري اونو حامل‬
‫راية الفوج‬

‫بدال من العودة إلى شركتي‪ ،‬بقيت مع وحدة التدريب وأعطيت أسبوعين من التدريب على‬
‫المدافع الرشاشة والفروسية ‪.‬بعد ذلك‪ ،‬كان لي أسبوع آخر من التدريب على إطالق المدفعية‬
‫وعدت إلى شركتي ليلة واحدة فقط ‪.‬في غضون ذلك‪ ،‬تم نقل أخي من نان تشانج إلى تقسيم جديد‬
‫يتم تشكيله في كوريا‪.‬‬

‫وكقاعدة عامة‪ ،‬يرسل المرشحون من الضباط الذين كانوا في الصين إلى مدرسة تدريب ضباط‬
‫االحتياط في نانكينغ‪ ،‬ولكن في ھذا العام تم إعادتھم إلى اليابان ‪.‬تم ارسال مجموعتي إلى‬
‫مدرسة في كوروم‪ ،‬ميناء في كيوشو‪ ،‬حيث وصلنا في ‪ ١٣‬يناير ‪.١٩٤٤‬‬

‫"كوروم الشيطان"‪ ،‬كما كان معروفا بين الطالب‪ ،‬كان معسكر تدريب صعب جدا‪ ،‬وكان‬
‫الضابط المسؤول عن صفي‪ ،‬النقيب شيغيو شيجيتومي‪ ،‬واحدا من أصعب الضباط ھناك ‪.‬وكان‬
‫شعاره "العرق على أرض التدريب خيرمن النزيف في ساحة القتال"‪ ،‬وحفز خمسين جنديا‬
‫باستمرار في مناورات انتحارية ‪.‬كانت تعبيرات شيجيتومي المفضلة ھي‪" :‬أنت غبي" و "انت‬
‫تتراجع في كل شيء"‪ .‬وعادة ما يرافقھا صفعة حادة عقوبة للخطأ‪.‬‬

‫تعلمت من الكابتن شيجيتومي ما ھو التدريب العسكري وما يعنيه أن تكون جنديا ‪.‬كما علمني‬
‫االنضباط الروحي ‪.‬وقد قيل لي إن الجنود كانوا دائما يخطئون أو يبررون الخطأ ‪ ،‬ولكن ھذا‬
‫السلوك ال يجوز للضباط‪.‬في مدرستنا‪ ،‬كان أسوأ عار ھو أن تكون غير مھيأ أو غير دارس ‪.‬ال‬
‫ينبغي ان تھمل اي شيء مھما بدا تافھا ‪.‬لقد جعلني الكابتن شيجيتومي ضابطا حقا ‪ ،‬وكنت‬
‫اشعر بالفخر وھذا الشعور استمر معي ثالثين عاما في لوبانغ‪.‬‬

‫في ‪ ٥‬مارس ‪ ،١٩٤٤‬عندما كنت في المناورات‪ ،‬جاءت رسالة تطلب مني العودة إلى القاعدة‬
‫بسرعة لرؤية زائر ‪.‬ركضت في طريق العودة ‪.‬تبين أن الزائر ھو اخي تاداو ‪.‬وعندما رآني‬
‫قال‪" :‬ماذا حدث لك؟"‬

‫سألته ‪":‬لماذا؟"‬

‫ورد علي ‪ :‬أنت تبدو وكأنك رجل حقيقي اآلن "‬

‫وكان شقيقي قد تولى مھام مؤقتة في قيادة فرقة في كوريا وكان في بيونغ يانغ لفترة من الوقت‪،‬‬
‫ولكن اعتبارا من األول من آذار‪ ،‬كان قد نقل إلى مقر الجيش الثالث والعشرين في‬
‫كوانغتونغ ‪.‬كان عليه أن يأخذ طائرة من ھاكاتا في كل يوم أو يومين‪ ،‬لكنه وجد الوقت ليأتي‬
‫لرؤيتي ‪.‬تحدثنا لفترة من الوقت‪ ،‬ثم بدأ في المغادرة‪ ،‬وقال لي وعينه مباشرة في عيني وقال‪:‬‬
‫"كن قويا فلن يمض وقت طويل حتى تحتاج الى كل القوة التي لديك‬

‫قلت بحزم‪" :‬ال تقلق‪ ،‬سأموت رجال‪".‬‬

‫"حسنا‪ "،‬قال أخي‪ " ،‬ليست الغاية ھي االندفاع الى الموت‪ .‬ولكن كن مستعدا للموت عندما يأتي‬
‫دورك" ‪.‬‬

‫مشيت مع تاداو إلى البوابة األمامية‪ ،‬وعندما حانت لحظة الفراق التقت أعيننا‪ ،‬وقال بحماس‪،‬‬
‫"حسنا اعتن بنفسك"!‬

‫بدأ يسير‪ ،‬ولكن في تلك النقطة فقط استجمعت الشجاعة القول‪" :‬أعطني خمسين ين الذكرك "‪.‬‬

‫افترض انه توقع شيئا مثل ھذا ‪.‬فتح محفظته بود وسخاء وبدأ ينظر فيھا ‪،‬تملل النه لم يكن‬
‫لديه فكة وسلمني ورقة مائة يين وقال مع ابتسامة عريضة ‪" ،‬ال داعي العادة البقيةا "‬

‫اعتقدت أن ھذا ربما يكون الوداع األخير ‪.‬مرة أخرى طلب مني ان اعتني بنفسي‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫سار بعيدا بخطوات واسعة وحذاؤه يلمع في ضوء الشمس‪.‬‬

‫في آب ‪ ١٩٤٤‬أنھيت تدريب الضباط وأصبحت ضابطا مبتدئا ‪.‬وال بد لي من أن أبقى في ھذا‬
‫المركز أربعة أشھر حتى أصبح رسميا مالزما ثانيا ‪.‬وكان اإلجراء المعتاد ھو عودة ضباط‬
‫المتدربين إلى وحداتھم السابقة ‪.‬ولكن بسبب حالة الحرب الخطيرة جدا في المحيط الھادئ تم‬
‫ارسال نصف الرجال الذين جاءوا من الصين الى الجيش الغربي في كيوشو ‪.‬وبما أنني لم أكن‬
‫مدرجا في تلك المجموعة‪ ،‬كنت أتطلع إلى العودة إلى الصين ‪.‬كنت أمزح مع اآلخرين كم‬
‫سيكون رائعا الحصول على الطعام الصيني الرائع مرة أخرى‬

‫و فجأة دعيت إلى المقر‪.‬‬

‫ھناك وجدت رسالة تلحفني بالسرب الثالث والثالثين في القطاع الشرقي"‪ .‬ھذه الوحدة التي لم‬
‫أسمع عنھا من قبل‪ ،‬لذا سألت الضابط "ماذا يفعل ھذا السرب؟"‬

‫"ال أستطيع أن أخبرك "‬

‫"أين يتمركز؟"‬

‫"في مكان يسمى فوتاماتا‪ ،‬شمال ھاماماتسو‪".‬‬


‫كان ھذا كل ما يمكنني الخروج منه‪ ،‬ولكن يمكنني أن أقول أنني ذاھب إلى نوع من وحدة‬
‫خاصة‪.‬‬

‫بعد حفل تخرجنا في ‪ ١٣‬أغسطس ‪ /‬آب‪ ،‬ذھب بعضنا لوداع للكابتن شيجيتومي‪ ،‬الذي طلب منا‬
‫جميعا‪ ،‬وللمرة األخيرة‪ ،‬ان نكون ضباطا جيدين ‪ .‬كادت عيناه تدمعان وھو يربت على كتف كل‬
‫واحد منا ويتمنى لنا الخير‬

‫عندما وصلت إلى فوتاماتا في ‪ ١٦‬أغسطس ‪ /‬آب‪ ،‬قيل لي إن التدريب لن يبدأ إال في ‪ ١‬سبتمبر‬
‫‪ /‬أيلول‪ .‬وقد اعطيت إجازة لمدة أسبوعين‪ .‬في غضون ذلك ذھبت إلى طوكيو‪ ،‬ويرجع ذلك‬
‫جزئيا إلى أنني أردت الحصول على حزام السيف من أخي األكبر‪ ،‬الذي تم ترقيته إلى رتبة‬
‫رائد وكان اآلن يحق له ارتداء حزام السيف كضابط ميداني ‪.‬وقد نقل أخي إلى اإلدارة الطبية‬
‫للجيش في طوكيو وكان يعيش في ناكانو‪ ،‬التي كانت آنذاك على مشارف المدينة ‪.‬سألني عن‬
‫الوحدة الي تم تكليفي بھا ؛ قلت له اسم السرب‪ ،‬مضيفا أنه ليس لدي أي فكرة عما يفعله‪.‬‬

‫بدا أخي مذھوالً ‪.‬واشار باصبعيه الى العين قم قام بحركة تشبه غليان الماء في ابريق‬
‫الشاي ‪.‬افترضت أنه كان سريا ألن زوجته كانت حاضرة ‪.‬فقط اومأت براسي‬

‫لم افھم تماما …تعني األصابع المدببة توجيه ضربة كاراتيه إلى عيون الخصم‪ ،‬وحركة غليان‬
‫الماء إعطاء شخص ما جرعة من السم ‪ .‬ھذا يعني أنني كنت منخرطا في نوع من التجسس‪،‬‬
‫ولكن لم أكن متأكدا من أي نوع ‪ .‬ھذا لم يكن مفاجئا لي‪ ،‬ألن المالزك اونو قال لي في نان‬
‫شانغ "ھناك نقص في الناس الجيدين للمھام الخاصة و مع لغتك الصينية ‪ ،‬يجب أن تعطى‬
‫وظيفة في ھذا المجال عند االنتھاء من مدرسة تدريب الضباط‬

‫"السرب الخاص " ھي المصطلح الحالي للوحدات التي تتسلل وراء خطوط العدو وتحاول كسر‬
‫الدفاعات من الداخل ‪.‬وھذا ما يسميه األمريكيون "أسراب الكوماندوز‪".‬‬

‫في اليوم التالي أعطاني أخي حزام السيف‪ ،‬وبعد ذلك ذھبت إلى واكاياما لرؤية بقية عائلتي‪.‬‬

‫مركز التدريب الذي ذھبت إليه كان يسمى بشكل رسمي فرع فوتاماتا من مدرسة ناكانو‬
‫العسكرية‪ ،‬ولكن العالمة على البوابة قال فقط سرب تدريب الجيش‪ /‬فوتاماتا ‪.‬لم يكن أكثر من‬
‫مجرد مجموعة صغيرة من ثكنات الجيش المتھالكة وتقع على بعد أكثر قليال من ميل من‬
‫محطة فوتاماتا للسكك الحديدية ‪.‬لم تكن المدرسة بعيدة عن مكان على نھر تنريو الذي استخدم‬
‫مرة واحدة من قبل الفيلق المھندس الثالث من ناغويا كمنطقة تدريب لبناء جسر عسكري ‪.‬‬
‫كنت قي الصف االول من المدرسة ‪ ،‬وفي ‪ ١‬سبتمبر كان ھناك حفل افتتاح ‪.‬ووجه القائد‪ ،‬المقدم‬
‫مامورو كوماغاوا‪ ،‬كلمة الى ‪ ٢٣٠‬ضابطا "والغرض من المدرسة الفرعية ھو تدريبكم على‬
‫الحرب السرية ‪.‬لھذا السبب‪ ،‬االسم الحقيقي للمدرسة يجب أن يبقى سرا تماما ‪.‬وعالوة على ذلك‬
‫تجاھلوا أية افكاراخرى ربما تكون عندكم في سبيل تحقيق الشرف العسكري ‪".‬‬

‫ھذا لم يصدمني ‪ ،‬ألن أخى قد حذرني في طوكيو‪ ،‬ولكن اآلخرين نظروا إلى بعضھم البعض‬
‫في دھشة وقلق ‪.‬وازداد القلق فقط عندما وقف أحد المدربين المالزم سواياما وبدأ في طرح‬
‫بوابل من االسئلة ‪.‬‬

‫"عندما وصلتم ايھا السادة إلى فوتاماتا‪ ،‬ما ھو االنطباع الذي اخذتموه عنھا ‪".‬ثم‪ ،‬دون انتظار‬
‫أجوبة‪:‬‬

‫"إذا كانت ھناك قوات متمركزة ھنا‪ ،‬كم عدد الكتائب التي تعتقد أنه ستكون ھناك؟‬

‫"ما ھي الصناعة الرئيسية ھنا؟‬

‫"ما ھو نوع ھذه البلدة ؟‬

‫"كم الغذاء الذي تعتقد أن المدينة يمكن أن توفره لقوات الجيش؟‬

‫"ما ھو متوسط واجھة المنازل ھنا؟"‬

‫بالطبع ال أحد منا يعرف أي فكرةعن االجوبة ‪ .‬كنا مذھولين‪.‬‬

‫ثم واصل‪" :‬أحاول أن أعرض عليكم ما نعنيه بكلمة المخابرات ‪ ،‬لعمل الخرائط الالزمة‬
‫للحركات العسكرية‪ ،‬يجب أن يكون لدينا معلومات استخبارية‪ ،‬أي من دوائر مختلفة ‪.‬وظيفتي‬
‫ھي أن أعلمك كيفية اكتساب المعلومات من حيث صلتھا باالحتياجات العسكرية ‪.‬سيكون عليك‬
‫أن تعلم أن تالحظ كل شيء من حولك وتقومه من وجھة نظر المخابرات العسكرية‪".‬‬

‫كنت قد توقعت شيئا من ھذا القبيل‪ ،‬ولكن لم أتمكن من قمع الشعور بأنني قد أصبحت في عش‬
‫الفئران ‪.‬لم أكن الوحيد حتى اآلن‪.‬‬

‫وقال أحدھم‪" :‬ليس لدي من العقول ما يكفي لھذا"‪.‬‬

‫وقال آخر‪" ،‬ھل ھذا يعني أنه على رأس تدريب الضباط يجب أن اصبح جاسوسا؟"‬

‫في ذلك المساء ذھب العديد منھم لرؤية المالزم سواياما‪ ،‬وقال له المتحدث باسمھم‪" :‬لقد فكرنا‬
‫جميعا منذ أن وصلنا إلى الجيش أننا في يوم ما سنقود فصيلة إلى المعركة ‪.‬لھذا السبب عملنا‬
‫بجد في مدرسة تدريب الضباط ‪.‬وما تعلمناه ھناك ھو كيف نكون قادة فاعلين في المعركة ‪.‬نحن‬
‫ال نعرف شيئا عن الحرب السرية‪ ،‬و لسنا متأكدين على اإلطالق من قدرتنا على التعلم ‪.‬نود أن‬
‫نعود إلى وحداتنا السابقة‪".‬‬
‫في صباح اليوم التالي جمعنا المالزم سواياما ووجھنا‪" :‬أنتم على حق تماما في التفكير بأن‬
‫التدريب ھنا سيكون صعبا‪ ،‬ولكن حقيقة أنكم فھتم ھذا فقط على أساس ما قلته أمس يدل على‬
‫أن لديكم عقوال جيدة ‪.‬أعتزمت أن اضع في رؤوسكم كل شيء تحتاجون إلى معرفته‪ ،‬لذلك ال‬
‫تقلقوا ‪.‬وال تأتوني مرة ثانية تشكون " !‬

‫أنا‪ ،‬كنت سعيدا على األقل أن يقال أن لدي دماغ جيد ‪.‬ال أستطيع أن أقول أن كل مخاوفي قد‬
‫تبددت‪ ،‬ولكنني قررت نصب عيني ان أحاول معرفة كل شيء كان ھناك للتعلم في فوتاماتا‪.‬‬

‫وكان بالتأكيد مختلفا عن مدرسة تدريب الضباط ‪.‬وقد لوحظت أشكال وإجراءات عسكرية‪ ،‬ولكن‬
‫دون تركيز مفرط على اللوائح ‪.‬بل على العكس من ذلك‪ ،‬ظل المدربون يؤكدون لنا أنه في‬
‫دورنا الجديد كمتدربين في الكوماندوز‪ ،‬ينبغي لنا أن نتعلم أنه طالما حافظنا على الروح‬
‫العسكرية وبقينا عازمين على خدمة بلدنا‪ ،‬فإن اللوائح ليست ذات أھمية تذكر ‪.‬وفي الوقت‬
‫نفسه‪ ،‬أفھمونا أن التقنيات األكثر سوءا التي كنا نتعلمھا‪ ،‬مثل التنصت‪ ،‬لالستتخدام ضد العدو‪،‬‬
‫وليس لمصلحتنا الشخصية ‪.‬وحثونا على التعبير عن آرائنا بشأن جودة التعليم وتقديم الشكاوى‬
‫إذا شعرنا بھا‪.‬‬

‫كان لدينا أربع ساعات من التدريب في الصباح وأربعة في المساء ‪.‬واستمرت الفصول‬
‫الدراسية لمدة ساعتين‪ ،‬مع فواصل مدتھا ‪ ١٥‬دقيقة في منتصف النھار ومنتصف المساء ‪.‬عندما‬
‫يجيء وقت االستراحة‪ ،‬كانت كل مجموعة تخرج من نافذة الى الفناء ‪.‬كان ھناك ‪ ٢٣٠‬منا‪،‬‬
‫معبئين مثل السردين في ثكنة صغيرة واحدة‪ ،‬ولم يكن ھناك وقت طويل بما فيه الكفاية‬
‫للمغادرة والعودة بطريقة منظمة عبر الباب ‪.‬في مدرسة تدريب الضباط إذا كان أي شخص قد‬
‫تجرأ على القفزمن النافذة‪ ،‬فإن العقوبة كانت سريعة وشديدة ‪.‬في فوتاماتا كان ھذا روتينيا‪.‬‬

‫وكانت الفصول الدراسية مزدحمة للغاية ‪.‬لم تكن االحرف فقط كتفا إلى كتف ولكن مثبتة تماما‬
‫تقريبا في األمام والخلف من قبل المكاتب ‪.‬المحاضر يحاضر على منصة صغيرة‪ ،‬ويشق‬
‫طريقه بصعوبة عبر احد الممرات الضيقة القليلة ‪.‬على الرغم من الظروف غير المريحة‪،‬‬
‫ابدى المحاضرون الكثير من الحماس‪ ،‬حتى التألق في تقديم أساسيات حرب العصابات‪.‬‬

‫وفي المدرسة الرئيسية في ناكانو‪ ،‬كانت الدورة تتألف في البداية من سنة واحدة من التدريب‬
‫اللغوي وسنة واحدة من حرب العصابات والتدريب األيديولوجي ‪.‬ومع تزايد حدة حالة الحرب‪،‬‬
‫تم الغاء التدريب اللغوي‪ ،‬وتم تخفيض ما تبقى من الدورة إلى ستة أشھر ‪.‬وبحلول الوقت الذي‬
‫جئنا فيه‪ ،‬كانت دورة ستة أشھر تضغط في ثالثة أشھر ‪.‬وكانت الوتيرة شرسة لكل من المدربين‬
‫والمتدربين‪.‬‬

‫بدأت أفھم االختالفات األساسية بين الحرب المفتوحة والحرب السرية ‪.‬وكانت التدريبات‬
‫الھجومية في مدرسة تدريب الضباط دروسا في حرب مفتوحة‪ ،‬وھي في األساس خلية أحادية‬
‫‪.‬لقد تم تدريسنا اآلن نوع متعدد الحروب من الحرب التي تستخدم كل جسيمات المعلومات‬
‫المتاحة الرباك العدو بمعنى ما كنا نتعلمه في فوتاماتا كان عكس ما تعلمناه من قبل ‪.‬كان‬
‫علينا أن نعود أنفسنا على مفھوم جديد للحرب‪.‬‬

‫والواجبات المنزلية كانت كالجبال ! في كل ليلة تقريبا كان علينا أن نطلب اإلذن لترك األضواء‬
‫بعد ساعات االطفاء الرسمية ‪ ،‬وكان معظمنا يعمل حتى منتصف الليل بانتظام ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬لم‬
‫يكن ھناك وقت كاف ‪.‬في أيام العطل كنا نذھب الى الفنادق الصغيرة في فوتاماتا للعمل على‬
‫مھامنا ‪.‬كنت دائما في واحد من نزلين‪ ،‬كادويا أو إيواتايا‪ ،‬ومؤخرا كنت مھتما أن أجد أن نزل‬
‫كادويا ال يزال يعمل ‪.‬كان حضور ھذا الحشد الكبير من الضباط الوليدين كل يوم أحد مصدر‬
‫ازعاج رھيب الصحاب النزل ‪ ،‬خاصة عندما يكون ھناك نقص في الغذاء‪.‬‬

‫ال أستطيع التفكير في فوتاماتا دون تذكير األغنية الشعبية الشھيرة "سادو أوكيسا"‪ .‬استخدم‬
‫المالزم سواياما ھذه األغنية لتوضيح فكرة الحرب السرية بأكملھا‪.‬‬

‫وقال "ھناك‪ "،‬ال يوجد نسخة صحيحة من "سادو أوكيسا ‪".‬في حدود معينة ‪ ،‬يمكنك الغناء بھا‬
‫أو الرقص عليھا بالطريقة التي تريد ‪.‬والناس يفعلون ذلك تماما ‪.‬ونوع حرب العصابات التي‬
‫نعلمھا في ھذه المدرسة ھو نفسه ‪.‬ال توجد قواعد ثابتة ‪.‬انك تفعل ما يبدو اكثر مالءمة حسب‬
‫الوقت والظروف‪".‬‬

‫من ناحية واحدة‪ ،‬يمكن مقارنة التدريب الذي تلقيناه مع ما يسمى عادة "التعليم التحرري "‪ .‬طلب‬
‫منا ان نكبرعقولنا الى حد كبير ‪ ،‬وقد شجعنا على التفكير في أنفسنا‪ ،‬واتخاذ القرارات التي ال‬
‫توجد فيھا قواعد‪.‬ھنا مرة أخرى كان التدريب مختلفا جدا عن مدرسة تدريب الضباط ‪.‬ھناك كنا‬
‫ندرس ان ال نفكر بل نقود قواتنا في المعركة‪ ،‬عازمين على الموت إذا لزم األمر ‪.‬وكان الھدف‬
‫الوحيد ھو مھاجمة قوات العدو وذبح أكبر عدد ممكن قبل ان نذبح ‪.‬ولكن في فوتاماتا علمنا أن‬
‫الھدف ھو البقاء على قيد الحياة واالستمرار في القتال كمقاتلين ألطول فترة ممكنة‪ ،‬حتى لو كان‬
‫ذلك ينطوي على سلوك يعتبر عادة مشين ‪.‬وكانت مسألة كيفية البقاء على قيد الحياة تقرر وفقا‬
‫لتقدير المرء‪.‬‬

‫أعجبني ھذا ‪.‬ويبدو أن ھذا النوع من التدريب و الحروب يناسبني‪.‬‬

‫وفي ذلك الوقت‪ ،‬إذا تمكن الجندي االسير من العودة إلى اليابان‪ ،‬كان يخضع لمحاكمة عسكرية‬
‫وعقوبة اإلعدام محتملة ‪.‬حتى لو لم يتم تنفيذ العقوبة‪ ،‬كان ينبذ ذلك تماما حتى الموت ‪.‬وكان‬
‫من المفترض أن يعطي الجنود أرواحھم من أجل القضية‪ ،‬وليس من المعاناة في معسكرات‬
‫اعتقال العدو ‪ .‬تعليمات االفريق االول ھيديكي توجو كانت صريحة ‪" :‬من ال يحب ان يلحقه‬
‫العار يجب أن يكون قويا ‪.‬يجب أن تتذكر دائما شرف عائلتك ومجتمعك‪ ،‬ويجب أن تسعى‬
‫بحماس الى ان يثقوا بك ‪.‬ال تقبل عار السجن بل مت دون ان تترك أي جريمة بغيضة وراءك !‬
‫"‬
‫ولكن في فوتاماتا‪ ،‬علمنا أنه يجوز أن تكون السجين ‪.‬عندما قيل لنا سجناء‪ ،‬قيل لنا أننا سنضع‬
‫أنفسنا في وضع يسمح لنا بإعطاء العدو معلومات كاذبة ‪.‬والواقع أنه قد تكون ھناك أوقات ينبغي‬
‫فيھا أن نسمح باسر أنفسنا عمدا ‪.‬ويمكن أن يكون ذلك‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬أفضل مسار عندما‬
‫تكون ھناك حاجة لالتصال مباشرة مع اآلخرين الذين سبق أن أخذوا أسرى ‪.‬وباختصار‪ ،‬فإن‬
‫الدرس ھو أن الغاية تبرر الوسيلة‪.‬‬

‫وفي مثل ھذه الظروف‪ ،‬علمنا أننا لن نحاسب من قبل الجيش بسبب القبض علينا ‪.‬وبدال من‬
‫ذلك سوف نكسب ميزة القيام بواجبنا على الوجه الصحيح ‪.‬كذلك يجب ان يعرف المعنيون فقط‬
‫اننا في حرب سرية‪ ،‬وعلينا أن نواجه خواطر الغرباء على أفضل ما نستطيع ‪.‬عمليا ال أحد‬
‫سيكون على بينة من خدمتنا لبلدنا‪ ،‬ولكن ھذا ھو مصير من يشاركون في الحرب السرية‪.‬ليس‬
‫العمل مجزيا‪ ،‬بالمعنى العادي للمصطلح‪.‬‬

‫فماذا إذن‪ ،‬ھل يمكن ألولئك الذين يشاركون في ھذا النوع من الحروب أن يصنعوا‬
‫أملھم؟ وأجابت مدرسة ناكانو العسكرية على ھذا السؤال مع جملة بسيطة‪" :‬في الحرب السرية‪،‬‬
‫ھناك نزاھة‪".‬‬

‫وھذا صحيح‪ ،‬من أجل ان النزاھة ھي الضرورة القصوى ربما يحتاج الرجل الى خداع ليس‬
‫فقط أعدائه ولكن أصدقائه ‪.‬مع النزاھة‪ ،‬وھي تشمل اإلخالص‪ ،‬والوالء‪ ،‬والتفاني في اداء‬
‫الواجب والشعور األخالق يمكن أن يصمد الشخص أمام كل المصاعب ويحول في نھاية‬
‫المطاف المشقة نفسھا إلى نصر ‪.‬ھذا ھو الدرس الذي كان المدربون في فوتاماتا يحاولون‬
‫باستمرار ان يغرسوه فينا‪.‬‬

‫واحد منھم وضعه على ھذا النحو‪" :‬إذا كانت روحك نقية ‪ ،‬فان الناس سوف تستجيب لك‬
‫وتتعاون "‪ .‬وھذا يعني أنه طالما بقيت نقيا من الداخل‪ ،‬فاتخذ من االجراءات ما ھو مناسب‬
‫ويعود بالخير على البالد والعباد ‪.‬‬

‫وفي ھذا الوقت‪ ،‬كنا نعلم بالفعل أن األبحاث المتعلقة بالقنبلة الذرية تجري في الواليات‬
‫المتحدة ‪.‬وكان يجري تنفيذھا في اليابان أيضا‪ ،‬ولكن التقارير التي تلقيناھا تشير إلى أن أمريكا‪،‬‬
‫التي لديھا ثروة أكبر بكثير وعلماء أكثر بكثير‪ ،‬كانت متقدمة إلى حد كبير على اليابان ‪.‬وعلى‬
‫الرغم من أن تقاريرنا كانت أفضل قليال من الشائعات‪ ،‬فإننا نتوقع أن يستخدم سالح ذري في‬
‫نھاية المطاف ضد اليابان‪.‬‬
‫في تشرين االول ‪ ،١٩٤٤‬ھبطت القوات األمريكية على ليتي‪ ،‬وكان الوضع العام متجھما جداً‬
‫بحيث بدأ الناس يتحدثون بجدية عن غزو للوطن ‪.‬ورأينا أن كل دقيقة تقربنا من الوقت الذي‬
‫سندعى فيه إلى العمل ‪.‬ومع ذلك لم نشعر باالنزعاج الشديد ‪.‬كنا على يقين من أنه حتى لو نزل‬
‫العدو أرض اليابان‪ ،‬في النھاية سوف تفوز اليابان ‪.‬مثلنا مثل جميع مواطنينا تقريبا‪ ،‬اعتبرنا‬
‫اليابان أرضا ال تقھر ‪.‬‬
‫في أوائل تشرين الثاني ‪ ،‬قمنا بمناورة التخرج إلظھار مدى تعلمنا دروسنا ‪.‬لقد طرحت علينا‬
‫المشكلة على النحو التالي‪" :‬لقد ھبطت قوة للعدو في اليابان ‪.‬وقد احتلت قوات العدو المطار في‬
‫ھاماماتسو ‪.‬ومع تقدم القتال‪ ،‬يستعد قائد العدو للسفر من ھاماماتسو إلى قاعدة أتسوجي‬
‫الجوية ‪.‬عليكم العمل فورا ‪.‬مھمتكم ھي خطف قائد العدو وتفجير مطار ھاماماتسو‪".‬‬

‫وكان على كل منا أن يضع خطة لتنفيذ المھمة ‪.‬ثم تم اختيار أفضل خطة‪ ،‬ووضعت المناورة في‬
‫عملية محاكاة‪.‬‬

‫بما انه تم تعييني في مجموعة االختطاف‪ ،‬فقد ارتدٮت الزي الرسمي بدون شعار‪ .‬وارتدي‬
‫فريق التدمير مالبس المزارعين والعمال النھاريين ‪.‬وقد تم إلقاء نظرة مسبقة‪ ،‬ولكن بينما كان‬
‫يتجه نحو المطار‪ ،‬رأى قوة العدو تقترب ‪.‬وسرعان ما سقط في طريق جانبي‪ ،‬ولكن في ھذا‬
‫الوقت أثارت تحركاته شكوك المزارعين العاملين في الحقول القريبة‪ ،‬احاطوا به ‪.‬وبدال من‬
‫القيام بمحاولة عقيمة للھرب‪ ،‬سلم نفسه إلى "العدو"‪ .‬في وقت الحق قال لي‪" :‬رأيت أنه لم يكن‬
‫ھناك أي فائدة للمقاومة‪ ،‬لذلك قررت أن استسلم لھم ومن ثم إعطاء العدو الكثير من‬
‫المعلومات الكاذبة ‪" .‬يبدو أنه تعلم دروس" سادو أوكيسا "جيدا‪.‬‬

‫وباستثناء االستطالع‪ ،‬فإن المناورة استمرت أربعة أيام وثالث ليال وانتھت دون عائق ‪.‬وقد‬
‫أعطانا مراقبون من القيادة العامة للجيش عالمات عالية ‪.‬لم يمض وقت طويل بعد ذلك‪ ،‬سمعت‬
‫أنه بينما كانت المناورة مستمرة‪ ،‬انتشرت شائعة بين الناس في الحي ان ضابطا ً في الجيش في‬
‫فوتاماتا اسمه كوماغاوا قد نظم تمردا وكان على وشك إرسال فرقة عمل من المتدربين الضباط‬
‫لتفجير المطار ‪.‬واعرب بعض السكان المحليين عن اعتقادھم بان الشرطة العسكرية يجب ان‬
‫تبلغ فورا‪ ،‬بيد ان اخرين حثوا على الحذر‪ ،‬وتم تأجيل القرار حتى صباح اليوم التالى ‪.‬بحلول‬
‫ذلك الوقت انتھت المناورة‪ ،‬ولم يأت شيء آخر من ھذه القضية‪.‬‬

‫في الثالثين من تشرين الثاني ‪ ، ١٩٤٤‬تلقت دفعتنا أوامر "االنسحاب" من المدرسة ‪.‬لقد فعلت‬
‫األشھر الثالثة العجائب لروحي‪ ،‬فضال عن قدرتي كجندي ‪.‬شعرت أنني سوف اكون قادرا‬
‫التصرف بذكاء وھدوء في حالة القبض علي‪ ..‬وقلت لنفسي مھما حدث فساكون قادرا على‬
‫القيام بواجباتي بشكل معقول‪.‬‬

‫مالحظة ‪ :‬تستخدم ھذه المدرسة تعبير االنسحاب عوضا عن التخرج ‪.‬‬

‫قبل أن ننتھي من المدرسة‪ ،‬وردت اشارة بأن ثالثة وأربعين من المتدربين‪ ،‬بما فيھم انا ‪ ،‬سيتم‬
‫إرسالھم إلى الفلبين‪ ،‬ووجه اثنان وعشرون منا إلعادة تجميع في فوتاماتا في ‪ ٧‬ديسمبر‪.‬‬

‫في المساء قبل أن أغادر للذھاب في إجازة‪ ،‬مشيت إلى ضفاف نھر تنريو وحدقت لفترة من‬
‫الوقت في المياه المندفعة ‪.‬فجأة تذكرت أغنية شعبية تسمى " إين كانتاروا"‪ ،‬والتي كانت تنطلق‬
‫في ذلك الوقت ‪.‬وذھبت الكلمات‪:‬‬
‫قد ابدو كأنني محتال وشرير‬

‫ولكن شاھدوا روعة قلبي‪.‬‬

‫وكان مصدر إلھام ھذه القصة التاريخية عن العصابات اسمه كانتارو‪ ،‬الذين ساعدوا قوات‬
‫اإلمبراطور ‪ .‬رأيت قوات الحرب السرية وانا معھم تقدم المساعدة بشكل خفي للقوات‬
‫االمبراطورية الباسلة في ھذا المجال‪.‬‬

‫وصلت إلى االستنتاج بأنني ربما أذھب إلى الفلبين وامارس حرب العصابات في الجبال حتى‬
‫اموت ھناك وحدى ‪ ،‬وال احد يرثيني ‪.‬على الرغم من أنني كنت أعرف أن كفاحي سوف لن‬
‫يجلب لي الشھرة وال الشرف‪ ،‬لم أكن مھتما‪.‬‬

‫سألت نفسي‪" :‬ھل ھذه ھي الطريقة التي يجب أن تكون؟"‬

‫وأجبت‪" :‬ھذه ھي الطريقة التي يجب أن تكون ‪.‬واذا كانت الخدمة بامتھان لصالح بلدي ‪،‬‬
‫فسأكون سعيدا‪".‬‬

‫ذھبت إلى أوكاياما للمرة األولى منذ ثالثة أشھر ‪.‬ھذه ستكون زيارتي األخيرة لفترة طويلة‪ ،‬ربما‬
‫إلى األبد‪ ،‬وقلت ألمي‪" ،‬اسمحي لي أن آخذ الخنجر الموجود في درج خزانتك الخاصة"‪.‬‬

‫وكان الخنجر قد تم توارثه من ام جدتي إلى جدتي ثم إلى والدتي ‪.‬تذكرت أمي تقول كيف‬
‫أعطته والدتھا لھا عندما تزوجت والدي ‪.‬كان في غمد أبيض‪ ،‬وعندما سلمته لي قالت‬
‫بشجاعة‪" ،‬إذا كنت ستؤخذ أسيرا‪ ،‬استخدم ھذا لقتل نفسك‪".‬‬

‫أومأت بالموافقة ‪ ،‬ولكن داخل نفسي عرفت أنني لن أنتحر حتى لو كنت ساوخذ أسيرا ‪.‬إن‬
‫القيام بذلك سيكون انتھاكا لواجبي كعميل حرب سري ‪.‬أخذت الخنجر منھا ببساطة ألنني أردت‬
‫استخدامه للدفاع عن النفس ‪.‬‬

‫كما أردت ان أخذ شيئا أن أذكر به والدي ‪ ،‬ولكن لم أستطع أن أسأله بنفسي و بينما كنت‬
‫أحاول أن أقرر ما يجب القيام به‪ ،‬فكرت في أنبوب بخورمن الخيزران كان والدي مولعا‬
‫جدا به ‪.‬كان طوله حوالي قدم‪ ،‬مع سدادة من خشب الصندل األسود ونقش جميل منحوت على‬
‫الجانب ‪.‬والدي دائما كان يبقيه بجانب مبخرة معدنية على مكتب من ثالثة ادارج صغيرة في‬
‫غرفة المعيشة ‪.‬توقد ھذا بذھني وعندما قلت ألمي ما سأفعله‪ ،‬لم تعترض‪.‬‬

‫وفي وقت الحق‪ ،‬قال لي شقيقان أنھما اصيبا بالصدمة عندما سمعا انني اخذت الخنجر وأنبوب‬
‫البخور‪ ،‬ظنوا أنني أفكر في إضاءة البخور وارتكاب حفلة انتحارية )ھاراكيري ( أمامه ‪.‬ال‬
‫شيء يمكن أن يكون أبعد من ذھني‪ ،‬بطبيعة الحال ‪.‬كنت أعتقد أنه في يوم من األيام عندما‬
‫اكون في الجبھة‪ ،‬قد يكون من المريح حرق بعض البخور في األنبوب وتذكر المنزل‪.‬‬
‫عندما غادرت واكاياما‪ ،‬قلت ألمي‪" :‬عملي ھو ما ھو عليه‪ ،‬فمن الممكن ان يخبروك بموتي‬
‫وانا اكون غير ذلك فإذا قيل لك إنني قتلت‪ ،‬ال تھتمي بھذا كثيرا ‪ ،‬ألنني ربما اظھر مرة‬
‫أخرى ‪".‬‬

‫في اليوم التالي ذھبت لرؤية شقيقي األصغر‪ ،‬شيجيو‪ ،‬الذي كان متمركزا في ياتشيماتا‪ ،‬في‬
‫محافظة تشيبا‪ ،‬شرق طوكيو ‪.‬وبحلول ذلك الوقت كان قد رفع الى مالزم ثان وكان يتدرب في‬
‫مدرسة االستطالع الجوي ‪.‬أراد أن يذھب إلى ميناء تشوشي لتناول العشاء ‪.‬وقال إن ھناك مطعم‬
‫يذھب إلٮه حيث يمكنك أن تأكل كل األسماك الطازجة التي تريد‪ ،‬وكان ذلك استثنايئا في تلك‬
‫األيام بسبب النقص‪ .‬لألسف‪ ،‬لم يكن لدي الوقت‪ ،‬لذلك انتھينا من خالل وجبة وداع في مطعم‬
‫في مدينة تشيبا‪ ،‬في طريق عودتي إلى طوكيو‪.‬‬

‫في صباح اليوم التالي قابلت أخي األكبر في محطة طوكيو وقال لي "اعتن بنفسك‪".‬‬
‫أوامرمصيرية‬

‫بعد يوم من عودتي إلى فوتاماتا‪ ،‬كان ھناك زلزال قوي ‪.‬وقد تلقت مجموعة ال ‪ ٢٢‬التي انتمي‬
‫إليھا أوامر بالذھاب إلى مطار أوتسونوميا‪ ،‬على بعد ستين ميال تقريبا شمال طوكيو‪ ،‬وعلى متن‬
‫طائرة نقل في ذلك المساء ‪.‬عادة‪ ،‬كنا قد ذھبنا على خط السكك الحديدية توكايدو طوكيو ‪.‬بسبب‬
‫الزلزال‪ ،‬توقفت حركة المرور على ھذا الخط‪ ،‬لذلك كان علينا أن نسير بشاحنة ‪ ،‬على أمل أن‬
‫يتم تشغيل القطارات في الشمال‪.‬‬

‫عندما اجتازت الشاحنة كادويا‪ ،‬كان ھناك نزل كثيرا ما مكثت فيه ‪ .‬وجدنا المالك وأسرته‬
‫ينتظرونا ليودعونا ‪ .‬اعطونا عصائر و كستناء وحبار مجفف ‪ .‬قبلنا ذلك وشكرناھم وودعناھم‬
‫دون ان ننزل من الشاحنة ‪.‬‬

‫تمكنا من ركوب القطار في كاكيغاوا‪ ،‬ثم غيرنا القطارات في طوكيو‪ ،‬ووصلنا إلى أوتسونوميا‬
‫في منتصف الليل ‪.‬وتبين أن طائرة النقل كانت تحت االصالح ‪ ،‬وكان علينا أن نقضي بضعة‬
‫أيام في نزل أمام محطة أوتسونوميا ‪.‬خالل تلك الفترة‪ ،‬تلقينا أنباء أن القوات األمريكية قد ھبطت‬
‫في سان خوسيه في جزيرة ميندورو في الفلبين ‪ .‬عندما سمعنا ھذا‪ ،‬نظر بعضنا إلى بعض في‬
‫خوف‪ ،‬وشعرت بالتوتر‪.‬‬

‫غادر اثنان وعشرون منا مطار أوتسونوميا على ثالث طائرات‪ . ،‬االولى رقم ‪ ٩٧‬طائرة نقل‬
‫قاصفة ثقيلة محولة واثنتان رقم ‪ ١٠٠‬قاصفة ثقيلة ‪ ،‬وكان ھذا في ‪ ١٧‬ديسمبر ‪ ،١٩٤٤‬بعد‬
‫يومين من سقوط سان خوسيه ‪.‬كانت الخطة ان نطير اوال الى تايبيه ونتزود بالوقود ونتابع‬
‫الى قاعدة كالرك الجوية فى لوزون فى نفس اليوم ولكننا اضطررنا بسبب االحوال الجوية‬
‫الى البقاء ھناك ثالثة ايام في اوكيناوا ‪.‬ثم تبين ان الطائرة تحتاج الى المزيد من اإلصالحات و‬
‫لم نصل إلى كالرك اال في ‪ ٢٢‬ديسمبر‪ ،‬أي بعد ستة أيام كاملة من مغادرة أوتسونوميا‪.‬‬

‫عندما ھبطنا‪ ،‬كان تحذير الغارة الجوية في الموقع ‪ ،‬ولكنني فوجئت بطاقم الصيانة يتجول بدون‬
‫مباالة ‪.‬سألت لماذا؟ قال أحدھم‪" :‬إنه دور مانيال اليوم"‪ .‬كان العدو يقصف كالرك في يوم‬
‫ومانيال في اليوم التالي‪.‬‬

‫وقد قيل لنا إنه عند وصولنا سنجري اتصاالت مع سرب االستخبارات الخاص التابع للجيش‬
‫الرابع عشر وعندما وصلنا‪ ،‬ماسارو كان شيمودا وكوسو تسوشياشي قد تم إرسالھما من‬
‫السرب النتظارنا ‪.‬واخبرونا انھم سيصلون صباح اليوم التالي على ابعد تقدير ‪.‬‬

‫وصال ظھر اليوم التالي على متن شاحنة ‪ .‬خفنا ان يكونا تعرضا لمكروه على‬
‫الطريق‪ ،‬وأوضحوا لنا طائرة ‪ P‐38‬لوكھيد رصدتھما وكانت تطاردھما مما اضطرھما الى‬
‫سلول طرق جانبية فرعية معظم الوقت ‪ .‬وكان باديا على وجوھھما اثار االرھاق و الخوف من‬
‫فقدان الحياة ‪.‬‬

‫بقينا ليلة أخرى في كالرك ثم ذھبنا إلى مانيال في الساعة الرابعة والعشرين ‪ .‬في ذلك الصباح‬
‫كانت طائرة ‪ B‐24‬تحلق على ارتفاع منھفض وتسقط بطاقات على المدينة‪" .‬نحن اآلن في‬
‫جنوب المحيط الھادئ‪ ،‬على أمل أن نكون معكم في السنة الجديدة "!‬

‫عندما ترجمة أحد زمالئي الضباط ھذا لي‪ ،‬صككت أسناني وقلت ‪" :‬كذبة ! بلھاء !ماذا يظنون‬
‫انفسھم " !‬

‫يقع سرب االستخبارات الخاص في حي سكني أجنبي في مانيال ‪.‬وكان في مبنى اسمنتي من‬
‫طابقين ‪ ،‬وعالمة على مدخله "معھد العلوم الطبيعية‪".‬‬

‫كان في استقبالنا الرائد يوشيمي تانيجوتشي‪ ،‬قائد السرب ‪.‬وبعد أن قدمنا وثائق تفويضنا‪ ،‬أخبرني‬
‫الرائد أنني‪ ،‬مع خمسة آخرين‪ ،‬ستتمركز مع لواء سوجي‪ ،‬حيث الفرقة الثامنة من ھيروساكي‬
‫كما ھو معروف ‪.‬وقال ان ااالوامر المستقبلية ستأتي من مقر الفرقة‪.‬‬

‫وكان لواء سوجي مسؤوال عن الدفاع عن الجزء األوسط الغربي من لوزون من ناسوغبو إلى‬
‫باتانغاس ‪.‬وكان مقره في ليبا‪.‬‬

‫في تلك الليلة عقدنا تجمع وداع في "المعھد"‪ .‬وأولئك الذين من فوتاماتا أدركوا أننا ربما ربما‬
‫نقسم للمرة األخيرة‪ ،‬ولكننا كنا نتوقع ھذا ‪.‬لم أر أي عالمات على الكآبة‪ ،‬على الرغم من أن‬
‫الفريق كان ھادئا ‪.‬شربنا العصير ووضعنا الرائد تانيغوتشي في صورة الحرب ‪.‬لم أكن قد‬
‫نقلت بشكل رسمي ‪.‬‬

‫وفي ‪ ٢٦‬ديسمبر ‪ /‬كانون األول‪ ،‬في منتصف الليل‪ ،‬غادر ستة منا الذين كانوا في طريقھم إلى‬
‫لواء سوجي مانيال مع الرائد تانيغوتشي في شاحنة كانت تحمل أيضا حمولة كبيرة نسبيا من‬
‫الذخيرة ‪.‬يرتدون الزي الصيفي‪ ،‬مع السيوف والمسدسات والمناظير‪ ،‬ستة منا ارتدوا زي‬
‫ضباط الجيش العادي‪ ،‬ولكن الرائد تانيغوتشي ارتدى زي الشرطة الفلبينية المحلية وقبعة‬
‫متسلق الجبال‪.‬‬

‫تحت ضوء القمر الساطع‪ ،‬سارت الشاحنة في طريقھا جنوبا نحو ليبا ‪.‬لم يمض وقت طويل بعد‬
‫أن بدأنا‪ ،‬رأيت بحيرة بي إلى اليسار ‪ .‬المنظر من سطحھا المقمر الھادئ ادى الى استرخاء‬
‫التوتر داخلي ‪.‬كان من الصعب أن نعتقد أن ھذه المناظر الطبيعية الجميلة في وقت قريب‬
‫ستصبح ساحة المعركة ‪.‬كان المشھد سھال‪ ،‬ساحرا‪ ،‬لكنني سرعان ما أعدت إلى واقعي بسبب‬
‫ضجيج شاحنات النقل التي كانت تسير في االتجاه اآلخر ‪.‬وكلما ذھبنا إلى الجنوب‪ ،‬زاد عددھا‪.‬‬

‫وصلت شاحنتنا الخاصة إلى مقر الفرقة قبل الفجر مباشرة ‪.‬واألوامر التي كنت تلقيتھا ھنا‬
‫ستقرر مصيرى للسنوات الثالثين المقبلة‪.‬‬
‫الطريق‪ ،‬الذي تم بناؤه على عجل على يد فيلق الھندسة‪ ،‬يسير في عمق غابة النخيل ‪.‬يقع مقر‬
‫لواء سوجي قبالة جانب واحد من الطريق ‪.‬ويتكون من منازل من نيبا مبعثرة ‪ ،‬أكواخ‬
‫مستديرة مثل تلك التي يعيش فيھا السكان األصليين‪ ،‬مع جدران عادية وأسطح تتكون من‬
‫القش و أوراق النخيل ‪.‬دخلنا خلف الرائد تانيجوتشي في واحد منھا‪.‬‬

‫وكان في الداخل عدد من الضباط‪ :‬المقدم موتيوياما من القيادة االستراتيجية‪ ،‬الميجور تاكاھاشي‬
‫من قيادة االستخبارات‪ ،‬النقيب ياماغوتشي من السرب الخلفي‪ ،‬المالزم األول كوسانو من سرب‬
‫االستخبارات‪ ،‬وآخرون‪.‬‬

‫انتظرنا بتوتر في زاوية من الغرفة بينما تحدث الرائدان تانيغوتشي و تاكاھاشي في أصوات‬
‫منخفضة حول كيفية تعييننا ‪.‬وإذ استشعر أن ھذه لحظة مصير بالنسبة لي‪ ،‬فإنني أجمعت‬
‫قبضاتي ‪.‬وبعد فترة من الوقت‪ ،‬تم استدعاء شيغيرو موريغوتشى وشيجيتشي ياماموتو وأمرا‬
‫بقيادة خمسين جنديا فى ھجوم على سان خوسيه ‪.‬بعد ذلك تم تعيين شين فوروتا وإيشيرو تاكاكو‬
‫لقيادة مجموعة حرب العصابات في جزيرة ميندورو‪.‬‬

‫اآلن كان دوري ‪.‬وقال الرائد تاكاھاشى "ان الضابط المبتدئ أونودا سوف يتوجه الى جزيرة‬
‫لوبانج حيث سيقود حامية لوبانج فى حرب العصابات‪".‬‬

‫كانت ھذه ھي المرة األولى التي أسمع فيھا عن لوبانغ ‪.‬لم يكن لدي أي فكرة أين ھي أو كم‬
‫حجمھا‪.‬‬

‫وأصدر الرائد تاكاھاشي أمرا لحامية لوبانغ ووضع علية ختم قائد الفرقة الثامنة‪ ،‬الفريق شيزو‬
‫يوكوياما ‪.‬وقال‪" :‬سوف نرسل لك االوامر ولكن خذ ھذه معك على اية حال‪".‬‬

‫وجاء في األمر‪" :‬إن قائد حامية لوبانغ سينشر أسرابا أخرى ويستعد لحرب العصابات ‪.‬وال‬
‫يشمل ھذا األمر المجموعات التابعة لكبار الضباط ‪.‬وقد تم ارسال ھيرو اونودا الضابط المبتدئ‬
‫لقيادة عمليات حرب العصابات‪".‬‬

‫بعد أن قرأت ھذه الورقة‪ ،‬قال الرائد تاكاھاشي‪" :‬ھدفنا ھو إعاقة ھجوم العدو على لوزون ‪.‬أول‬
‫شيء عليك القيام به ھو تدمير مطار لوبانغ ورصيف الميناء ‪ .‬اذا نزل العدو في ارض المطار‬
‫يجب تدمير طائراتھم وقتل طواقمھم ‪".‬‬

‫واضاف تانيغوتشي "يجب ان يكون ھناك على االقل قائدان لبعثة حرب العصابات لكننا ال‬
‫نستطيع ان نوفر رجال اخر ‪.‬سيكون عليك ان تعمل من تلقاء نفسك ‪.‬لن يكون سھال‪ ،‬ولكن افعل‬
‫أفضل ما يمكن ‪.‬عندما تفعل شيئا بنفسك في المرة األولى‪ ،‬ممكن ان تنزلق ‪ .‬ابق عينيك‬
‫مفتوحتين " ‪.‬‬

‫وكان ميساو يامازاكي ھو الوحيد المتبقي من الستة‪ ،‬وطلب منه ان يبقى في مقر الفرقة كبديل‬
‫احتياطي‪ ،‬انتھى إصدار األوامر ‪.‬وكان من المفترض أن نلتحق بواجبتنا رسميا إلى قيادة‬
‫الفرقة‪ ،‬ولكن قام الفريق أكيرا موتو‪ ،‬رئيس ھيئة أركان الجيش الرابع عشر‪ ،‬بالتراجع عن مقر‬
‫الفرقة في طريق عودته من جولة تفتيشية‪ ،‬كان اآلن في غرفة قائد الفرقة‪.‬‬

‫بما إن الفريق موتو ھو الضابط األقدم من الحاضرين‪ ،‬قدمونا اليه أوال ‪ .‬نظر إلينا بعناية‪،‬‬
‫قال‪" :‬كنت أعرف أنكم قادمون ‪ ،‬لكني ظننت أنني سأكون مشغوال جدا لرؤيتكم ‪.‬أنا سعيد ألننا‬
‫التقينا ھنا ‪.‬الحرب ال تسير على ما يرام في الوقت الراھن ‪.‬من الملح أن تبذلوا قصارى جھدكم‬
‫لتنفيذ أوامركم ‪.‬مفھوم ؟ أعني ھذا "!‬

‫كان من الغريب أن نتلقى اوامر من فريق مشھور ‪.‬كان ھذا مصدر شرف لنا وأعجاب ‪.‬عندما‬
‫بدأنا في تقديم انفسنا الى قائد الفرقة‪ ،‬الجنرال شيزو يوكوياما رفع يده وأوقفنا ‪.‬وقال "ال تقلقوا‬
‫يشأني ‪.‬لقد قدمتم الى سعادة رئيس ھيئة األركان‪".‬‬

‫ثم‪ ،‬قال وھو يصوب عينيه مباشرة الي‪ " :‬ممنوع عليك تماما أن تموت بفعل يدك ‪.‬قد يستغرق‬
‫االمر ثالث سنوات‪ ،‬قد يستغرق خمسة‪ ،‬ولكن مھما حدث‪ ،‬سنعود لك ‪.‬حتى ذلك الحين‪ ،‬طالما‬
‫لديك جندي واحد‪ ،‬استمر في قيادته ‪.‬قد تضطر إلى العيش على جوز الھند ‪.‬إذا كان ھذا ھو‬
‫الحال‪ ،‬عش على جوز الھند ‪ .‬ممنوع عليك نھائيا ان تتخلى عن حياتك طوعا‪".‬‬

‫رجل صغير مع وجه لطيف‪ ،‬أعطى القائد لي ھذا االمر في صوت ھادئ ‪.‬بدا وكأنه أب يتحدث‬
‫إلى طفل ‪.‬عندما انتھى‪ ،‬أجبت بأقوى ما أستطيع‪ " ،‬نعم‪ ،‬سيدي"!‬

‫تذكرت مرة أخرى ما كنت قد تعلمت في فوتاماتا‪ ،‬وتعھدت لنفسي أنني سوف انفذ أوامري ‪.‬ھنا‬
‫كنت‪ ،‬فقط ضابط مبتدئ‪ ،‬تلقي أوامره مباشرة من قائد الفرقة ! وال يحدث ذلك في كثير من‬
‫األحيان‪ ،‬وقد أعجبتني المسؤولية التي تحملتھا ‪.‬قلت لنفسي‪" :‬سأفعل ذلك !حتى لو لم يكن لدي‬
‫جوز الھند‪ ،‬حتى لو اضطررت لتناول االعشاب واوراق الشجر والطحالب ‪ ،‬وسوف افعل‬
‫ذلك !ھذا ھو امري ‪ ،‬وسوف أنفذه‪ " .‬قد يبدو ھذا غريبا اليوم‪ ،‬ولكنني قصدت ذلك‪.‬‬

‫معظم المدنيين ال يعرفون أنه في أوامر الجيش يجب أن تأتي من المسئول‬


‫المباشرالكبير ‪.‬والضباط الذين لديھم سلطة إصدار األوامر ھم قائد الفرقة‪ ،‬وقائد الفوج ‪ ،‬وقائد‬
‫اللواء اما قادة الفصائل و الكتائب فليسوا أكثر من مساعدين لقائد اللواء ‪ ،‬واألوامر التي‬
‫يصدرونھا ھي لتنفيذ تلك الصادرة عنه‪.‬‬

‫عندما يقف رجل خفير بناء على أوامر قائده الخاص‪ ،‬وياتي ضابط من جماعة أخرى يأمره أن‬
‫يفعل شيئا آخر‪ ،‬فإن الحارس يجب اال يطيع ‪.‬وعليه أن يبلغ الضابط بأنه في مھمة الحراسة وال‬
‫يمكنه ترك منصبه حتى يأتيه األمر من قائده ‪.‬وھذا صحيح حتى لو كان ضابط الزيارة فريق ‪.‬‬
‫في فوتاماتا أنا أمرت بواجب مع جيش المنطقة الرابعة عشر ثم تم تعييني مع لواء‬
‫سوجي ‪.‬وكان مسئولي المباشر قائد لواء سوجي‪ ،‬الذي ارسلني الى لوبانغ ‪.‬كان للرائد‬
‫تانيغوتشي والرائد تاكاھاشي سلطة توجيه اوامرلي أو توجيھي‪ ،‬ولكن ليس لديھم سلطة لتغيير‬
‫أوامرالفريق يوكوياما لي‪.‬‬

‫من الممكن أن يكون للضباط سلطة نشر قوات دون أن يتمكن من تغيير األوامر التي سبق أن‬
‫أصدرھا لھم رئيسھم المباشر الرفيع ‪.‬نشر الجند ال يعلو على االوامر ‪.‬عندما ذھبت إلى لوبانغ‪،‬‬
‫ذھبت مع أوامر لقيادةالرجال في حرب العصابات ولكن ليس الدارتھم ‪.‬ويمكنني أن أقول لھم‬
‫كيف ينبغي أن يتم الشيء واجعلھم يفعلون ذلك بھذه الطريقة‪ ،‬ولكن األمر متروك لرؤسائھم‬
‫المباشرين لتقرير ما إذا كانوا سيشاركون في حرب العصابات ‪.‬في األيام التي تلت ذلك‪ ،‬تبين أن‬
‫ھذا النقص في السلطة كان شيئا رھيبا بالنسبة لي‪.‬‬

‫بعد اإلبالغ عن واجبي وتلقي االوامر ‪ ،‬عدت إلى غرفة الضباط ‪.‬وھنا قال تاكاھاشي ضاحكا‪:‬‬
‫"أونودا‪ ،‬سوف تفاجؤ ك المعاملة التي ستتلقاھا في لوبانغ ‪ ،‬أنھا افضل وحدة في الجيش الياباني‬
‫كله" !‬

‫نظر اليه الرائد تانيجوشي نظرة تأنيب وقال "انه يمزح‪".‬‬

‫عند ھذه النقطة ابتسم زعيم السرب ياماغوتشي فجأة ‪.‬وقال "لوبانغ جزيرة جيدة جدا ‪".‬ليس‬
‫ھناك الكثير مثلھا ‪.‬ھناك دائما الكثير من الطعام ‪. ،‬على األقل ال يوجد لديك ما يدعو للقلق‬
‫حول ذلك" ‪.‬‬

‫وفال تانيغوتشي بجدية على وجھه ‪" :‬نحن الذين دربنا على الحرب السرية على استعداد‬
‫للذھاب وراء خطوط العدو وقيادة قوات اجنبية ‪ .‬يجب أن تعتبر قيادة رجال االمبراطور شرفا‬
‫لك يا اونودا " ‪.‬‬

‫"نعم‪ ،‬يا سيدي!" أجبته بصوت عال‪.‬‬

‫لقد كان على حق ‪.‬لقد تم تدريبنا بالفعل على تنظيم وقيادة القوات األجنبية وراء خطوط‬
‫العدو ‪.‬وان تكون مسئوال عن الجنود اليابانيين فھذا امتياز ‪.‬على األقل أنھم يفھمون لغتي‪.‬‬

‫أعطاني الرائد تانيغوتشي خريطتين تظھران لوبانغ وحاول إقناعي بأھمية الجزيرة‬
‫االستراتيجية ‪.‬واضاف "مھما كانت الصعوبة التي قد تواجھھا في حملتك لحرب العصابات"‪،‬‬
‫يجب ان تفكر طويال كثيرا قبل االنتقال الى جزيرة اخرى‪".‬‬

‫واحدة من الخرائط التي أعطانيھا كانت على مقياس من ‪ .١ :٥٠٠،٠٠٠‬األسماء مكتوبة باللغة‬
‫اليابانية‪ ، ،‬ولكن لوبانغ نفسھا لم تكن أكبر من بطاقة ‪ ،‬وولم يكن ھناك تقريبا أي معلومات عن‬
‫التضاريس ‪ .‬وكانت الخريطة األخرى ‪ ١ :٢٥،٠٠٠‬وأظھرت جميع الشعاب المرجانية في‬
‫جميع أنحاء الجزيرة‪ ،‬ولكن ھنا مرة أخرى كان من الصعب معرفة الكثير عن وضع األرض‪.‬‬

‫وقال الميجور تانيغوتشي "انزل الى مقر السرب في طريقك الى الميناء‪ ،‬وسأعطيك خريطة‬
‫جوية عملوھا عندما تم بناء مطار لوبانغ ‪".‬اخذ الرائد الرجلين الذين كانا في طريقھما الى‬
‫ميندورو وترك غرفة الضباط‪.‬‬

‫بعد أن ذھب الجميع‪ ،‬ذھبت إلى مستودع الذخيرة واخذت بعض المعدات الالزمة ‪ -‬الديناميت‬
‫واأللغام األرضية والقنابل اليدوية وھلم جرا ‪ -‬التي حملت على شاحنة ‪.‬كذلك اخذت زيا مموھا‬
‫كنت قد احضرته من السرب على الشاحنة ‪.‬في تلك الليلة نشرت الخريطتين على األرض‬
‫واخذت ادرسھما على ضوء الشموع ‪.‬كانت جزيرة لوبانغ صغيرة جدا ‪.‬ھل ستكون كبيرة بما‬
‫فيه الكفاية لحرب العصابات؟‬

‫حسنا‪ ،‬كبيرة بما فيه الكفاية أم ال‪ ،‬كان لدي األوامر والمعدات ‪ ،‬وال مفر من تنفيذ االوامر‬
‫‪.‬أغلقت عيني‪ ،‬وسمعت مرة أخرى وعد قائد الفرقة‪" :‬مھما حدث‪ ،‬سنعود اليك‪".‬‬

‫قلت بصوت عال لنفسي‪" :‬سأقاتل حتى يأتي ذلك اليوم‪".‬‬

‫في ‪ ٣٠‬ديسمبر‪ ،‬تلقيت خمسة آالف ين بالعملة العسكرية من الرائد تاكاھاشي لتغطية النفقات‬
‫الخاصة ثم غادرت مقر الفرقة ‪.‬على الشاحنة معي كان رقيبا يدعى سوزوكي وستة من رجاله‪،‬‬
‫كانوا ذاھبين إلى لوبانغ إلعادة وقود الطائرات إلى ھناك ‪.‬وكانت الطائرات قد سحبت بالفعل الى‬
‫لوزون‪ ،‬بيد ان الوقود والقنابل‪ ،‬وبعض العاملين‪ ،‬مازالوا فى لوبانج‪.‬‬

‫وعندما ذھبت إلى مقر السرب في مانيال‪ ،‬ذھب الرائد تانيغوتشي لرؤية الفريق اكيرا موتو‬
‫واآلخرين‪ ،‬ولم يكن أحد متأكدا متى سيعود ‪.‬ذھب شخص ما من خالل مكتب الرائد ‪ ،‬ولكن لم‬
‫يتمكن من العثور على الخريطة الجوية التي كنت آمل في الحصول عليھا ‪.‬شعرت بخيبة أمل‪،‬‬
‫لكنني قررت أنه بعد أن اصل إلى لوبانغ‪ ،‬أستطيع ببساطة معاينة المكان كله بأم عيني‪.‬‬

‫إلى جانب جسر بانزاي‪ ،‬الذي سماه الجنرال ماساھارو ھوما‪ ،‬قائد منطقة الجيش الرابع عشر‪،‬‬
‫وجدت القارب في انتظاري ‪.‬كان اسمه‪ ،‬على الطريقة اليابانية‪ ،‬سيفوكو مارو ووزنه حوالي‬
‫خمسين طنا ً ‪ .‬ظھر القبطان‪ -‬الذي كان حوالي أربعين عاما ‪-‬على الجانب وصرخ‪" :‬امضوا‬
‫قدما وحملوا كل ما لديكم من امتعة على متن القارب‪".‬‬

‫قلت له إن شحنتي تتألف من متفجرات‪ ،‬و له الحق في رفضھا إذا أراد ‪.‬وقد أخبرني الرائد‬
‫تاكاھاشي أنه إذا رفض ذلك‪ ،‬سترسل سفينة ديزل عسكرية لنقلھا‪.‬‬
‫"ال مانع لدي من المتفجرات"‪ ،‬قال القبطان‪ ،‬ولكن سيكون عليك الحصول على تصريح من‬
‫ادارة الميناء " ‪.‬‬

‫لقد شرعت في الحصول على التصريح‪ ،‬وعندما كنت أفعل ذلك‪ ،‬سأل المالزم المناوب‪" :‬ھل‬
‫ستترك المتفجرات على لوبانغ وتعود على متن القارب؟"‬

‫"أنا لن أعود‪ "،‬أجبت ‪.‬واضاف "انا ذاھب الى لوبانغ الستخدام المتفجرات‪".‬‬

‫المالزم حدق في لحظة وقال‪" :‬آسف لسماع ذلك ‪.‬اشرب العصير معي كمشروب وداع‪".‬‬

‫قدم لي زجاجة من االعصير‪ ،‬لكني شكرته ‪ .‬لقد كنت في عجلة من امري ‪.‬‬

‫اضاف" على أية حال‪ ،‬أتمنى لك حظا سعيدا‪".‬‬

‫في طريقته اللطيفة و شعرت بالخجل قليال لعدم قبول ضيافته‪.‬‬


‫اثرت َ‬

‫وفي جسر بانزاي‪ ،‬كانت البضاعة قد نقلت بالفعل من الشاحنة إلى السفينة ‪.‬لقد أمطرت السماء ‪،‬‬
‫ثم توقفت لفترة من الوقت‪ ،‬واآلن بدأت مرة أخرى ‪.‬جلست القرفصاء تحت ملجأ على ظھر‬
‫السفينة مع الجنود اآلخرين‪ ،‬وتناولنا العشاء الذي أعده الطاقم لنا‪.‬‬

‫أخبرني القبطان بأنه كان ھناك عدد ال بأس به من السفن الخاصة في مانيال تقوم بأعمال النقل‬
‫للجيش‪ ،‬ولكن عندما ھبط العدو في ميندورو‪ ،‬انتقلوا جميعا إلى خليج لينغاين ‪.‬وقال "انني ھو‬
‫االوحيد الذى بقي‪".‬‬

‫سألته لماذا لم يھرب مع البقية‪ ،‬فأجاب‪" :‬أحتاج إلى المال ‪.‬في الواقع‪ ،‬االسعار في ارتفاع ‪،‬‬
‫وحتى المال الذي أتلقاه من الجيش ‪.‬ال يكفي ھذا ھو السبب في أنني اقوم برحالت إلى‬
‫لوبانغ ‪.‬سكان الجزر يصدرون الكثير من األبقار‪ ،‬وفي كل رحلة أعيد بيع بعضھا في‬
‫مانيال ‪.‬وقد أعطاني مقر الفرقة اإلذن‪".‬‬

‫وقال انه تعاقد للقيام بخمس رحالت الى لوبانغ وھذه ھي الرحلة الثالثة ‪.‬استذكرت محادثة كان‬
‫لي مع المالزم ياماغوتشي‪.‬‬

‫وقال "في اليوم اآلخر‪ "،‬عندما ذھبت إلى مانيال الخذ البنزين‪ ،‬رأيت قاربا قادما من لوبانغ ‪.‬كان‬
‫عليه الكثير من األبقار المستلقية على سطح السفينة مربوطة الساقين ‪ .‬ال ينبغي أن يكون لديك‬
‫أي مشكلة غذائية على لوبانغ‪".‬‬

‫في الساعة التاسعة ليال غادرت السفينة سيفوكو مارو ميناء مانيال ‪.‬في البداية أبحرنا غربا ‪.‬كان‬
‫البحر ھادئا ‪ ،‬والمطرنازالً ‪ ،‬والظالم يلف الميناء‪.‬‬

‫في الساعة الواحدة صباحا ‪ ،‬مررنا بجزيرة كوريجيدورو بدال من اتباع الساحل‪ ،‬واصلنا‬
‫االبحار غربا‪ ،‬ألن طوربيدات العدو كانت دائما تظھر داخل وخارج المياه الشاطئية ‪.‬كانت‬
‫مظلمة تماما ‪.‬الصوت الوحيد كان صوت المحرك ‪.‬كنا نتحرك بسرعة تسع عقدة ‪.‬وقفت مع‬
‫القبطان في مقصورة القيادة الصغيرة ونظرت في الظالم ‪.‬في أي لحظة‪ ،‬قد تھاجمنا قوارب‬
‫العدو ‪.‬إن اي ھجوم على السفينة مع المتفجرات واالسلحة التى عليھا قد يودي الى تقطيعنا اربا‬
‫اربا ‪ ،‬ال يسعني إال أن أقول إنني شعرت باالنزعاج الشديد ‪.‬إذا كان ھذا قدرنا فليكن ‪ .‬لم يكن‬
‫ھناك شيء يمكنني القيام به حيال ذلك‪.‬‬

‫قام القبطان بتحويل الدفة بشكل حاد‪ ،‬ومال القارب قليال عندما تحولنا إلى الجنوب ‪.‬وقال "اذا‬
‫ذھبنا مباشرة من ھنا فاننا سنھبط فى ميناء يسمى تيليك‪".‬‬

‫اومأت برأسي دون أن أقول شيئا ‪ ،‬ولكنني كنت متوتراً ‪.‬وكان تيليك اسم الميناء الذي أمرت‬
‫بتفجيره‪.‬‬

‫توقف المطر حول الفجر ‪.‬لم أنم طول الليل ‪.‬بدأت جزيرة لوبانغ تظھر على األفق‬
‫البعيد ‪.‬تدريجيا اصبحت أكبر‪ ،‬واصبح من الممكن ان ترى أشجار النخيل من خالل‬
‫المناظير ‪.‬كانت ھناك جبال‪ ،‬ولكن بدا كما لو أن أعلى جبل ال يمكن أن يكون أكثر من ‪١٥٠٠‬‬
‫الى ‪ ١٨٠٠‬قدم ‪.‬وكان انطباعي األول عن لوبانغ أن تضاريسھا صعبة لحرب العصابات‬

‫ھدأ القارب من سرعتة ووصلنا الجزيرة‪.‬‬


‫ال رغبة في القتال‬

‫لوبانغ ھي جزيرة ضيقة طويلة‪ ،‬عرضھا ستة أميال من الشمال إلى الجنوب وطولھا ثمانية‬
‫عشر ميال من الشرق إلى الغرب ‪.‬وعندما وصلت إلى ھناك‪ ،‬تضمنت القوة العسكرية حامية‬
‫لوبانغ )فصيلة منفصلة عن الفوج المستقل السابع والسبعين بعد المائة( تحت قيادة المالزم‬
‫شيجينوري ھاياكاوا؛ حامية المطار تحت المالزم سويھيرو؛ فرقة الرادار تحت المالزم‬
‫تاتيغامي‪ -‬الذي مثلي ولد في واكاياما ‐فرقة االستخبارات الجوية تحت المالزم الثاني‬
‫تاناكا؛ ومجموعة بحرية ولكن بدون ضباط ‪.‬كان حامية لوبانغ حوالي خمسين رجال‪ ،‬وحامية‬
‫المطار أربعة وعشرين‪ ،‬والرادار واالستخبارات الجوية تصل ما مجموعه حوالي سبعين‪،‬‬
‫ومجموعة البحرية سبعة ‪.‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬كان ھناك طاقم صيانة الطائرات من حوالي‬
‫خمسة وخمسين تحت المالزم اوساكي ‪ ،‬وھؤالء وصلتھم اوامر االنسحاب ولكنھم ال يزالون‬
‫في الجزيرة‪.‬‬

‫لم يكن ضوء النھار كامال ما عندما وصلت السفينة سيفوكو مارو إلى الرصيف في تيليك‪ ،‬لكن‬
‫القبطان أمر الطاقم بتمويه السفينة بأوراق النخيل ‪.‬كانت الشاحنة التي جلبت وقود الطيران إلى‬
‫الميناء واقفة على الرصيف ‪.‬نزلت مع قائد السفينة والرقيب المسؤول عن أخذ البنزين مرة‬
‫أخرى إلى لوزون‪ ،‬وانطلقنا لمدينة لوبانغ‪ ،‬حيث تتمركز حامية المالزم سويھيرو‪.‬‬

‫كانت المدينة نحو الطرف الغربي من الجزيرة‪ ،‬وكان المطار غرب المدينة ‪.‬كلما سرنا على‬
‫طول الشاطئ‪ ،‬تحول الفجر إلى ضوء النھار‪.‬‬

‫وجدنا المالزم سوھيرو‪ ،‬وسألت أين المالزم ھاياكاوا ورجاله ؟ ‪.‬أبلغني المالزم أنه بعد ھبوط‬
‫العدو في سان خوسيه‪ ،‬انتقلوا إلى جبل امبلونغ ‪.‬وجدتھم عند سفح ھذا الجبل‪ ،‬على بعد من ميل‬
‫‪ ،‬حيث كانوا قد حفر بعض الخنادق الضحلة وبنوا ثكنات بين األشجار ‪.‬التقيت المالزم ھاياكاوا‬
‫أمام الثكنات وسلمته األوامر ‪.‬عندما قرأھا‪ ،‬نظر إلي متسائال ‪" :‬ألم يقصدوا" قوارب "؟‬

‫"القوارب؟" اعدت السؤال ‪.‬بدا المالزم‪ ،‬االربعيني ‪ ،‬في حيرة وحرج ‪.‬وعندما اكتشفت السبب‪،‬‬
‫كان دوري في االندھاش ‪.‬‬

‫كانت التعليمات التي وصلتھم من مقر الفرقة بسيطة جدا‪ ،‬ولم تكن ھناك كلمة فيھا "حرب‬
‫العصابات"‪ .‬في الرسالة التي تقول للحامية التي كنت قادما لتوجيه "حرب العصابات"‪ ،‬كان مقر‬
‫القسم يستخدم كلمة قياسية‪ ،‬يوجيكي‪-‬سين ‪ .‬كما يحدث‪ ،‬المقطع صن ال يعني فقط "حرب" ولكن‬
‫في حاالت أخرى "القوارب"‪ ،‬وكان قائد الحامية قد فسر الرسالة بأنني ذاھب القودھم بعيدا عن‬
‫الجزيرة على ما يسمى "زوارق حرب العصابات"‪ .‬وكانوا قد أعدوا بالفعل عشرة قوارب‬
‫صغيرة صغيرة في مدخل قريب‪ ،‬بھدف وضع كل اربعة او خمسة رجال على متن قارب‪.‬‬
‫أنا ال أبالغ عندما أقول أنه بعد الوصول إلى ھذا القاع ‪ ،‬كنت غير قادر تماما على الكالم‪.‬‬

‫إن كلمة يوكي‪-‬سين ل "حرب العصابات" لم تكن كلمة شائعة جدا في ذلك الوقت‪ ،‬ولكن ال‬
‫يوجد "قارب حرب العصابات"‪ .‬لوضع ھذا التفسير على كلمة ال أكثر وال أقل من تفكير ھؤالء‬
‫الرجال ‪ .‬انھم ال يريدون شن حرب العصابات ‪.‬كانوا يريدون النزول من لوبانغ ‪.‬وفھموا‬
‫المصطلح يوجيكي‪-‬حسب ما يريدون ‪.‬‬

‫وتذكرت بحزن ما قاله الرائد تاكاھاشي في غرفة الضباط‪" :‬أفضل وحدة في الجيش الياباني‬
‫كله‪".‬‬

‫في ذلك المساء عدت إلى الميناء مع بعض القوات الخذ المتفجرات ‪.‬تركت بعض الديناميت‬
‫بالقرب من الرصيف‪ ،‬أخذت بعضا إلى المطار‪ ،‬وجلبت البقية إلى جبل امبلونغ ‪.‬وبينما كنا على‬
‫الطريق‪ ،‬طار تشكيل من اربع طائرات لوكھيد فوق رؤوسنا ولكنه غادر دون أن يفعل أي‬
‫شيء‪.‬‬

‫وفي مساء اليوم التالي‪ ،‬غادر القارب سيفوكو مارو‪ ،‬محمال اآلن بالبنزين بدال من المتفجرات‪،‬‬
‫إلى مانيال ‪.‬ولو انسحبت حامية مطار سويھيرو وطاقم الصيانة على تلك السفينة حسب االوامر‬
‫‪ ،‬فإن الخسائر في الحرب اليابانية على لوبانغ كانت أقل عددا‪.‬‬

‫لكن القادة ورجالھم بقوا في الجزيرة ‪ ،‬على أساس أن القارب سيفوكو مارو سيعود‬
‫مرتين ‪.‬وحث كويتشي تاتشيبانا‪ ،‬ضابط الصف الذي حارب في تروك وغوام‪ ،‬أولئك الذين أذن‬
‫لھم بالرحيل للقيام بذلك بسرعة " من تجربتي فان ھجوم العدو سيأتي اسرع مما نظن‪ .‬تلك‬
‫السفينة قد ال تعود مرة أخرى ‪.‬الكثير منا غير مسلحين‪ ،‬ومن االفضل ان ننسحب الى مانيال‬
‫بأسرع ما يمكن‪".‬‬

‫لكن الضباط لم يستمعوا إليه ‪.‬وظلوا ا يقولون إننا فقدنا السيطرة الجوية مؤقتا‪ ،‬وأنه بمجرد‬
‫معالجة ھذا الوضع‪ ،‬فإن القوات اليابانية سوف تشن ھجوما ھجوما مضادا ‪ ،‬مزيدا من التفكير‬
‫باالماني ‪.‬المالزم سوھيرو منعني من تدمير الرصيف حتى يتمكن من شحن جميع البنزين‪،‬‬
‫ووقف طاقم الصيانة الجوية ضد تفجير المطار‪.‬‬

‫وقالوا "اذا فجرتھا اآلن فلن نتمكن من استخدامھا مجددا عندما نستعيد السيطرة الجوية ‪".‬‬

‫وكانت الصعوبة التي واجھتني ھي أنني لم أكن أملك السلطة آلمرھم ‪.‬كل ما يمكنني القيام به‬
‫ھو توجيھھم في تنفيذ العملية اذا وافق رؤسائھم على ذلك ‪.‬وعندما حاولت التحضير لحرب‬
‫العصابات في وقت الحق‪ ،‬قال القادة جميعا لي أن قواتھم مشغولة جدا وال تستطيع المساعدة ‪.‬‬

‫في الرابعة صباحا‪ ،‬انتھيت من نقل متفجراتي إلى سفح الجبل ‪.‬الشمس لم ترتفع بعد في ‪ ١‬يناير‬
‫‪ .١٩٤٥‬لم أكن قد نمت منذ مغادرة مانيال وكنت اركض في جميع أنحاء الجزيرة منذ أن ھبط‬
‫القارب ‪.‬كنت متعبا جدا‪ ،‬لذلك ألقيت نفسي على العشب ‪.‬من خالل أوراق النخيل رأيت السماء‬
‫اكثر صفاء في ھذا اليوم األول من العام الجديد ‪.‬سنة جديدة ووظيفة جديدة‪ ،‬تأملت وأنا‬
‫موسد ‪.‬رغم الصعوبات تنسفت الصغداء ‪.‬ونمت ھناك على العشب‪ ،‬جمعت ذراعي على‬
‫صدري‪.‬‬

‫نمت حوالي ساعتين‪ ،‬كانتا كافيتين الستعادة نشاطي ‪.‬‬

‫حوالي الساعة الثامنة والنصف صباح الثالث من كانون الثاني‪ ،‬كان جندي مراقبة متمركز‬
‫اعلى الجبل يسير باتجاھي‪.‬‬

‫صاح ‪ :‬أسطول العدو في االفق !‪.‬‬

‫امسكت المناظير ‪ ،‬وسارعت الى الجبل ‪.‬ما كان ينظر اليه كان أسطول العدو حقا ‪.‬ويا له من‬
‫أسطول!‬

‫وبقدر ما استطعت ‪ ،‬عددت السفن ‪.‬كان ھناك اثنين من البوارج‪ ،‬أربع ناقالت طائرات‪ ،‬أربع‬
‫طرادات وما يكفي من الطرادات الخفيفة والمدمرات لتصل الى ما مجموعه سبعة وثالثين أو‬
‫ثمانية وثالثين سفينة حربية ‪ .‬لم يكن ھذا فحسب ‪ ،‬ولكن ناقالت القوات التي أعقبته ‪.‬كان يجب‬
‫أن يكون ھناك ما يقرب من ‪ ١٥٠‬منھم ‪.‬وكأن ھذا لم يكن كافيا‪ ،‬كان البحر يزدحم بقوارب‬
‫الھبوط ‪ -‬أكثر مما يعد‪.‬‬

‫كان غزو لوزون على وشك أن يبدأ‪.‬‬

‫ارسلت برقية معطيا عدد السفن من األنواع المختلفة التي عددتھا ‪.‬في النھاية‪ ،‬كتبت‪" ،‬إلى‬
‫جانب السفن الكبيرة‪ ،‬كان ھناك عدد ال يحصى من قوارب الھبوط والمركبات الفرعية ‪.‬كانوا‬
‫يتمايلون في األمواج ولم استطع تقديرعددھم‪ .‬استنجت ان األسطول قد توجه شماال‪".‬‬

‫لسبب ما ارتكب المالزم ھاياكاوا خطأ وارسل البرقية بان االسطول توجه الى الشرق "‪ ،‬ولكني‬
‫رأيت الرسالة وسرعان ما أرسلت التصحيح ‪.‬إذا كان األسطول في الواقع يتوجه شرقا‪ ،‬فإن‬
‫ھذا يعني انه يتوجه مباشرة نحو مانيال‪ ،‬ولكن في الواقع كان يتجه شماال إلى خليج لينغاين ‪.‬‬

‫لم أتأكد من وصول ھذه البرقية اال بعد ثالثين عاما‪ ،‬عندما رأيت الرائد تانيغوتشي في نقطة‬
‫واكاياما ‪.‬لم يكن لدى حامية لوبانغ سوى جھاز إرسال السلكي قصير المدى من النوع المستخدم‬
‫بين الكتائب‪.‬ولكي تصل رسالتي إلى مقر قيادة الجيش‪ ،‬سيتعين عليھا أن تمر بفريق االتصاالت‬
‫إلى المقر الرئيسي للواء ثم مقر الفرقة ‪ ،‬وأن يتم فك الشفرة وإعادة صياغتھا في كل خطوة‪.‬‬

‫بعد ثالثين دقيقة من إرسال الرسالة‪،‬ا لتقطت حامية المطار إشارة من مقر ااالسطول يأمر جميع‬
‫الوحدات في غرب لوزون باتخاذ وضع المعركة ‪ ،‬ولكننا لم نعرف ما إذا كان ھذا األمر على‬
‫أساس تحذيرنا أم ال‪.‬‬
‫شعرت بقدر معين من االرتياح عند القيام بواجبي الرسمي األول‪ ،‬ولكنني كنت بعيدا عن‬
‫السعادة‪ ،‬ألنني خشيت من أن قسما من قوة العدو المتجھة الى لوزون ستھاجم لوبانغ ‪.‬وإذا‬
‫حدث ھذا‪ ،‬فإن الھجوم سيبدأ بقصف كبير من قبل مدفعية العدو‪ ،‬والمتفجرات التي أحضرتھا‬
‫إلى الجبل في اليوم األخير من السنة سترتفع دخانا في السماء‪.‬‬

‫وبناء على حثتي‪ ،‬وضع المالزم ھاياكاوا قواته في حالة تأھب وقاموا بنقل متفجراتي إلى نقطة‬
‫أبعد في الداخل ‪.‬لحسن الحظ‪ ،‬استمر أسطول العدو بأكمله في اتجاه لينغاين الخليج ‪.‬لم تأتي‬
‫سفينة واحدة نحو لوبانغ ‪.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬وبفضل وصول ھذا األسطول‪ ،‬لم يعد القارب‬
‫سيفوكو مارو إلى جزيرتنا‪.‬‬

‫بما انه لم تكن ھناك سفن قادمة‪ ،‬فلن تكون ھناك حاجة أخرى إلى الرصيف ‪.‬وطلبت مرة‬
‫أخرى السماح بتفجيره‪ ،‬ولكن المالزم سويھيرو ما زال مترددا‪.‬‬

‫وقال "انتظر قليال ‪".‬واضاف "عندما يحين الوقت‪ ،‬سنفجره‪".‬‬

‫كان الرجل يحاول أن يوقف العملية طالما كان ممكنا ‪.‬كان أفضل ما يمكنني الخروج منه ھو‬
‫السماح لي باستخدام قواته في التحضير للھدم في نھاية المطاف ‪.‬وزعنا المتفجرات التي تركت‬
‫على الرصيف في مختلف النقاط االستراتيجية ووصلناھا باالسالك بحيث يمكن تفجيرھا بكبسة‬
‫واحدة ‪.‬في حالة لم تعمل الكبسة يمكن نزع الفيوزات‪.‬‬

‫وبعد بضعة أيام وردت رسالتان مشفرتان من مقر الفرقة ‪.‬وقال األول‪" :‬يتم وضع حامية لوبانغ‬
‫تحت قيادة الفرقة مباشرة وسوف تتلقى من اآلن فصاعدا أوامرھا مباشرة من قائد‬
‫الفرقة ‪.‬تقارير حامية لوبانغ لھا تأثير ھام على استراتيجية معركة الفرقة ‪.‬من اآلن فصاعدا عليك‬
‫أن تبلغ مباشرة وتفصيال مقر اتصاالت الفرقة " ‪.‬‬

‫ولدى استالم ھذه الرسالة‪ ،‬طلبت الحامية جداول إضافية من الشفرات و بطاريات‪ ،‬ولكن‬
‫الجواب الوحيد الذي تلقته ھو "إن قاربي ديزل يقودھما ضابطان من ضباط النقل مفقودان ‪.‬‬
‫االمطلوب من الحامية البحث عنھما في الجزيرة واإلبالغ عما إذا كانت قد وجدا ھناك‪".‬‬

‫وقد قيل لي في مقر الفرقة إنه ما لم أتلق كلمة معاكسة قبل ‪ ١٠‬كانون الثاني ‪ /‬يناير‪ ،‬في ذلك‬
‫اليوم‪ ،‬سأصبح مالزما ثانيا كامال ‪.‬لم ترد أي كلمة‪ ،‬واصبحت رتبتي رسمية‪ ،‬ولكن خالل‬
‫السنوات الثالثين المقبلة لم ارتد زي ضابط كامل ولو لمرة واحدة‪.‬‬

‫وفى االول من فبراير بدأ العدو عمليات الھبوط فى ناسوجبو بوسط غرب لوزون ‪.‬كانت‬
‫ناسوغبو على الشاطئ المقابل للوبانغ‪ ،‬وقد رددت على ھذا التطور من خالل حث قوات الحامية‬
‫على نقل طعامھم وذخيرتھم إلى ابعد في الجبال‪.‬‬
‫لقد حسبت أن ھذه العملية ستستغرق حوالي أسبوع ‪.‬ولكن اتضح أن ھذا غير صحيح ‪ ،‬ألن‬
‫حوالي نصف الرجال الخمسين كانوا فقط متوافرين للعمل ‪.‬كان بعضھم يعانون من التعب‪،‬‬
‫وبعضھم من الحمى ‪.‬حتى أكثرھم ال يمكن أن يحمل اكثر من حوالي خمسة وثالثين رطال في‬
‫المرة الواحدة‪.‬‬

‫ومما زاد األمور سوءا أن المالزم ھاياكاوا أصيب بمرض في الكلى وكان بحاجة في كثير من‬
‫األحيان للراحة واحتساء مشروب حليب جوز الھند ‪ .‬مع كون القائد في ھذا الشكل‪ ،‬كان الرجال‬
‫أكثر مشاكسة ولم يبد لي أن لديھم أي إرادة للقتال‪.‬‬

‫لم تكن الوحدات االخرى لتساعد ‪.‬بدأوا يتذمرون أنه إذا ھاجم العدو‪ ،‬فمن المفترض أن قوات‬
‫الحامية تقف في الخط األمامي لتحميھم على أفضل ما يمكن ‪.‬وإذا كانت الحامية ستختبئ في‬
‫الجبال‪ ،‬فإنھم قد ينتحرون أيضا على الفور‪.‬‬

‫وبغض النظر عن الطريقة التي حاولت العمل بھا‪ ،‬لم أستطع إقناع أحد بضرورة حرب‬
‫العصابات ‪.‬تحدثوا جميعا عن االنتحار والتخلي عن حياتھم بينما كانوا في أعماقھم يأملون‬
‫ويدعون اال تتعرض لوبانج للھجوم‪ .‬كنت متأكدا من ھذا‪ ،‬ولكن لم يكن ھناك شيء يمكنني‬
‫القيام به حيال ذلك ‪.‬كان لدي سلطة حقيقية قليلة لدرجة أنھم لم يأخذوا كالمي بجدية‪.‬‬

‫وكانوا يلقبونني فيما بينھم "نودا شويو‪ "،‬اسم العالمة التجارية الشھيرة من صلصة‬
‫الصويا ‪.‬و نودا جاء من اسمي و شيو اقترحھا شوي ‪ ،‬كلمة للمالزم ثان ‪.‬وكان المعنى ھو أنني‬
‫لم لست سوى قليل من التوابل ‪.‬وكان ھذا ألنني ال يمكن أن اصدر أوامر لھم بنفس الطريقة‬
‫التي يصدرھا قادتھم ‪.‬‬

‫كم مرة تمنيت أن أكون مالزما أول النجاز بعض العمل ‪ .‬كان علي أن أستمع إلى ھؤالء‬
‫الرجال يتكلمون عن الموت من أجل القضية‪ ،‬كنت استمع بصمت ‪.‬لم أتمكن حتى من التلميح‬
‫إلى أي شخص أن لدي أوامر بعدم المو ت طوعا و كنت محبطا الى أقصى الحدود‪.‬‬

‫الغيت تفجير المطار‪ ،‬ألن ھذا لم يعد له معنى ‪.‬أستطيع أن اعمل خنادق و حفر في المدرج ‪،‬‬
‫ولكني علمت أن العدو لديه لوحات من الحديد الصلب التي يمكن أن يبنى بھا مدرج جديد في‬
‫وقت يسير ‪ .‬يستخدمون االقضبان الثقيلة تحت لوحات الصلب ‪ ،‬وبما ان التضاريس مسطحة‬
‫تقريبا‪ ،‬والثقوب في األرض ال تعيق فمعظم ما يمكن اكتسابه من تمزيق المدرج ھو تأخير يوم‬
‫أو نحو ذلك‪ ،‬ويبدو لي أن المتفجرات يمكن أن تستخدم على نحو أكثر فعالية في أماكن أخرى‪.‬‬

‫كما كنت أتساءل ما يجب القيام به حول معركة المطار‪ ،‬تذكرت الساموراي كوسونوكي‬
‫ماساشيج القرن الرابع عشر الشھير‪ ،‬الذي استخدم خالل معركة صعبة الكثير من دمى القش‬
‫والبسھا الخوذات من أجل إھدار سھام العدو الثمينة ‪.‬قررت أن أخرج ورقة من كتاب‬
‫ماساشيج ‪.‬وبمساعدة المالزم سوھيرو‪ ،‬جمعت قطعا من الطائرات المدمرة ووضعتھا لتبدو‬
‫وكأنھا طائرات جديدة‪ ،‬مع الحرص على تمويھھا بالعشب‪.‬‬
‫كنت أعتقد ان ھذا عمل طفولي بسيط‪ ،‬لكنھا خطة نجحت ‪ ،‬عندما جاءت طائرات العدو‪،‬‬
‫انشغلت دائما بقصف المطار ‪.‬في ذلك الوقت‪ ،‬كانوا يأتون يوما بعد يوم‪ ،‬واستخدمنا األيام‬
‫األخرى لوضع طائرات وھمية ‪.‬اعتبرت ان تكتيكات حرب العصابات جيدة لجعل الطائرات‬
‫المھاجمة تستھلك اقصى قدر من الذخيرة‪.‬‬

‫في ھذا الوقت وصلت االسراب الخامسة عشرة والسادسة عشرة الساحلية االنتحارية إلى‬
‫الميناء في تيليك ‪.‬وكانت ھذه فرق انتحارية تابعة للجيش كان لھا زوارق خشبية صغيرة‪،‬‬
‫مدعومة بمحركات سيارات ومحملة بالمتفجرات ‪.‬وكانت الفكرة أنه عندما ظھور سفن العدو‬
‫تقوم ھذه الفرق بتفجيرھا عن طريق صدم قواربھم في ذلك ‪.‬وقد أرسلت الفرقتان اللتان جاءتا‬
‫إلى لوبانغ على أساس نظرية أن العدو سيرسل قريبا أسطوال إلى مانيال‪ ،‬وھو ما سيجعله‬
‫قادرا على المھاجمة من الجناح‪.‬‬

‫وكانت القوات اليابانية قد تخلت بالفعل عن مانيال‪ ،‬وانتقل مقر الجيش اإلقليمي الرابع عشر إلى‬
‫باغيو ‪.‬وصلت فرق االنتحار الساحلية‪ ،‬التي تتألف من أربعين رجال تحت قيادة الكابتن‬
‫ساداكيتشي تسوكيي‪ ،‬دون طعام‪ ،‬وكان على الحامية تقاسم األرز معھا‪.‬‬

‫وقبل وصولي‪ ،‬أرسلت الى الحامية إمدادات من األرز لمدة خمسة أشھر‪ ،‬وحثثت القوات على‬
‫توسيع استخدامھا إلى أقصى حد ممكن ‪.‬ومع وصول الرجال اإلضافيين‪ ،‬بدأت أشعر بأننا لن‬
‫نكون قادرين على االستمرار لفترة طويلة جدا‪ ،‬ما لم تتخذ تدابير غير عادية‪.‬‬

‫وعلى مسئوليتي‪ ،‬أمرت عمدة مدينة لوبانغ بتزويدنا بخمسين كيسا من األرز المصقول ‪ .‬وعندما‬
‫علم سوھيروا واكاسي بذلك امرا رئيس البلدية بتزويدھم باألرز أيضا وبدون اخباري ‪ ..‬فجاء‬
‫العمدة يبكي ويقول إنه إذا كان على سكان الجزيرة توفير جميع مطالبنا‪ ،‬فإنھم سيجوعون ‪.‬‬

‫واكتشفت ان القوات األخرى قد طالبت كيسين لكل رجل ‪.‬تحدثت إليھم في الحد من ھذا إلى‬
‫كيس واحد‪ ،‬ولكن بعد ھذا الحادث لم يستمع سكان الجزيرة إلى أي شيء قلناه ‪.‬بدأوا يشكون من‬
‫أنھم ال يستطيعون نقل األرز في النھار‪ ،‬ألنھم قد يقتلون من قبل الطائرات األمريكية ‪.‬وعندما‬
‫طلبنا منھم العمل في الليل‪ ،‬أجابوا بأنھم ال يستطيعون العمل إال على ضوء القمر ‪ ،‬وإال فلن‬
‫يتمكنوا من رؤية ما يقومون به ‪.‬كان ھذا ھراء ‪.‬وحقيقة األمر ھي ببساطة أنھم ال يريدون‬
‫مساعدة القوات اليابانية ‪.‬مع كون مانيال محاطة بالعدو والقوات األمريكية المحمولة جوا تھبط‬
‫في كوريجيدور‪ ،‬كان من الواضح أن األمور تسير بشكل سيء بالنسبة لليابان ‪.‬وكان سكان‬
‫الجزر يستفيدون من عجزنا‪.‬‬

‫وإذا تسامحنا معھم كثيرا ‪ ،‬فلن تكون ھناك إمدادات كافية من الغذاء قبل أن يھبط العدو على‬
‫جزيرتنا ‪.‬أمرت حاملي األرز باستخدام المصابيح إذا لزم االمر ‪.‬ولكن بعد ذلك جاء العمدة مرة‬
‫أخرى‪ ،‬محتجا بانه ليس لديھم وقود للمصابيح ‪.‬أمرته ان يخلط وقود الطيران مع زيت‬
‫التشحيم واستخدامه‪.‬‬
‫بطريقة أو بأخرى‪ ،‬تمكنت من إخفاء إمدادات األرز في الجبال‪ ،‬ولكن في ذلك الوقت السبعين‬
‫الرجال من الرادار وأجھزة االستخبارات الجوية كانوا عبئا علينا ‪.‬وقد تلقوا أوامر بالعمل‬
‫باالشتراك معنا في المستقبل‪.‬‬

‫ھذه ھي القوات التي كانت ترفع أنوفھا في كل مرة تحدثت فيھا عن تكتيكات حرب‬
‫العصابات‪ ،‬الذين كانوا قد انتظروا عودة القارب الرغم من أنھم بالفعل أمروا‬
‫باالنسحاب ‪.‬واآلن بعد أن تقطعت بھم السبل‪ ،‬كان علينا أن نتحمل المسؤولية عنھم ‪.‬كان ھناك‬
‫أربعون منا بالفعل؛ وومع وجود سبعين آخر‪ ،‬كان من الواضح أن ما كنا نعتبره توريد خمسة‬
‫أشھر من األرز سوف يكفي بالكاد شھرين‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك‪ ،‬أخذ بعض الرجال بسرقة األرز ومقايضته مع الفلبينيين بالسكر ‪.‬وكانت سان‬
‫خوسيه مركزا كبيرا للسكر‪ ،‬والالجئون الذين فروا من ھناك إلى لوبانغ بعد أن ھبط العدو على‬
‫ميندورو جلبوا إمدادات كبيرة معھم ‪.‬أخذت وحدة اوساكي بحماس عرضھم لتجارة كيس واحد‬
‫من السكر بكيسين من األرز ‪.‬احد رجال ساكي جاءوا لي وسألوا عما إذا كانت الحامية تريد‬
‫الدخول في الصفقة‪.‬‬

‫أعطيته درسا جيدا ‪ ،‬ولكن حتى عندما صرخت عليه‪ ،‬كان قلبي يغرق ‪.‬ماذا يمكنك أن تفعل مع‬
‫حفنة من البلھاء؟‬

‫بعد ذلك جاء حادث القھوة ‪ .‬كانت ھناك ناقلة نفط قبالة سواحل تاغباك‪ ،‬والحامية تخزن‬
‫بضائعھا مع سكان الجزيرة ‪.‬واآلن‪ ،‬اقتحمت مجموعة من جماعة "ساكي" منازل سكان‬
‫الجزيرة‪ ،‬واخذت كمية من القھوة ‪.‬دعوت العريف سوزوكي‪ ،‬الذي كان مسؤوال عن الرجال‪،‬‬
‫وأعطيته درسا ‪ ،‬ولكنه سبب فقط االكتئاب لي ‪ ،‬ال أكثر من ذلك‪.‬‬

‫كنت قد أرسلت إلى ھذه الجزيرة للقتال‪ ،‬ولكني وجدت أن القوات التي من المفترض أن‬
‫اقودھا عبارة عن حفنة من الناس تبدي استعدادھا للموت‪ ،‬ولكنھا معنية فقط باشباع رغباتھا‬
‫الفورية ‪.‬وكأن ھذا لم يكن كافيا‪ ،‬لم يكن لدي سلطة إصدار األوامر إليھم ‪.‬ال أستطع نشرھم إال‬
‫بموافقة قائدھم ‪.‬كنت أستطيع أن أدير بطريقة ما لو ان المالزم ھاياكاوا قد فوض سلطاته لي‪،‬‬
‫ولكنه على الرغم من مرضه الخطير‪ ،‬رفض التخلي عن سلطته ‪.‬كان عليه أن يدير على كل‬
‫شيء‪.‬‬

‫كنت غاضبا ‪.‬كنت عاجزا‪ ،‬مع مجموعة من القوات غير المنضبطة ‪ ،‬لم يفھم أي منھم أول‬
‫شيء عن نوع حرب العصابات التي سنشارك فيھا قريبا‪ ،‬وبدأت آمل أن العدو سوف يمضي‬
‫قدما ويھبط ‪.‬ھذا على األقل من شأنه ينظف الھواء!‬

‫ظھر العدو بعد ثالثة أيام‪.‬‬


‫معركة االيام االربعة‬

‫على الجانب الغربي من الجزيرة كانت قرية تسمى توميبو حيث ھبطت قوة قوامھا حوالى‬
‫خمسين جنديا امريكيا يوم ‪ ٢٨‬فبراير‪.‬‬

‫كنت على قمة الجبل‪ ،‬والتي أصبحت فيما بعد قاعدة رادار للقوات الجوية الفلبينية ‪.‬وبما أن ھذا‬
‫الجبل كان مرتقعا حوالي خمسمائة ياردة ‪ ،‬وأشارنا إليھا ببساطة باسم خمسمائة ‪.‬عندما رأيت‬
‫األميركيين بالمناظير ‪ ،‬اصبح جسمي كله متوترا‪ ،‬وقلت بصوت عال‪" ،‬لقد جاؤوا أخيرا"!‬

‫وقد انتقلت القوات األمريكية بحذر من خالل نزولھا من قوارب الھبوط إلى األمام عبر‬
‫التضاريس المنحدرة بلطف وبنادقھا جاھزة ‪.‬كان ھناك شيء خاطئ‪ :‬لم يكن ھناك ما يكفي‬
‫منھم ‪.‬كانت خدعة ‪ .‬لوبانغ ليست سوى جزيرة صغيرة‪ ،‬وربما يكونوا قد عرفوا أننا لن ندافع‬
‫عنھا بشدة‪ ،‬ولكن مع ذلك ال يمكن تصديق ان العدو سيحتل الجزيرة بخمسين رجال فقط ‪ .‬كانوا‬
‫ينصبون فخا لنا‪.‬‬

‫وسقط المالزم سوھيرو في الفخ ‪.‬تحدث بغرور‪ ،‬وقال‪" :‬أنه سيأخذ عددا قليال من الرجال الى‬
‫ھناك ويقضي على االمريكان "‪.‬‬

‫"رجوته ال تفعل ذلك وقلت له " ‪.‬يمكنك التصرف على أن ھناك انزاال وشيكا في منطقة اخرى‬
‫‪ .‬دعنا ننتظر بعض الوقت ونرى ما سيحدث" ‪.‬‬

‫"ال تقلق‪ ،‬ايھا المالزم !خمسون أو مائة جندي امريكي ال يساوون ضرطة ‪.‬سنقوم بسحقھم في‬
‫وقت يسير " ‪.‬‬

‫وقفز على شاحنته مع حوالي خمسة عشر رجال ‪.‬كان لديھم مدفع رشاش ثقيل واحد‪ ،‬وكان لكل‬
‫من الرجال بندقية مشاة ‪.‬وكانت توميبو على بعد ميلين فقط من قمة الجبل ‪ ،‬ولكن لم يكن ھناك‬
‫طريق بينھما ‪.‬وقرر المالزم سوھيرو اتخاذ الطريق على طول الساحل الشمالى وحول الطرف‬
‫الغربى من الجزيرة ‪.‬كان ھذا التفاف نوعا ما‪ ،‬ولكنه سيعطي المالزم فرصة للنظر في قواته‬
‫الموجودة في بلدة لوبانغ على طريقه‪.‬‬

‫مع الحفاظ على انخفاض أصواتنا ‪ ،‬بدأنا في إعداد دفاعاتنا ‪.‬في التالل الكبيرة أسفل الجبل إلى‬
‫حد كبير من حيث كنا‪ ،‬فرقة االستخبارات الجوية‪ ،‬التي لديھا مجموعة الرادار‪ ،‬قد حفرت‪ ،‬جنبا‬
‫إلى جنب مع جزء من طاقم الصيانة الجوية‪.‬‬
‫وقد اختفى األمريكيون في الغابة في ھذا الجانب من الشاطئ‪ ،‬وعند غروب الشمس لم نر أو‬
‫سمع أي شيء منھم ‪.‬أين كانوا؟ وماذا كان المالزم سوھيرو يفعل؟ أصبحت أكثر عصبية مع‬
‫مرور الوقت ‪.‬وبحلول الليل‪ ،‬بدأت أشعر بأن العدو يتنفس في ظھري‪.‬‬

‫غلفنا الليل في الظالم الدامس كان ليال طويال ‪.‬وفي حوالي الساعة الواحدة صباحا‪ ،‬جاءت‬
‫شاحنة تصعد ‪ ،‬وقفز منھا المالزم اوساكي‪ ،‬يليه ضابط االصف تاتشيبانا ‪.‬وقد جلبوا جز ًء من‬
‫طاقم الصيانة الذي ترك في المطار ‪.‬ولكن ال توجد عالمة على المالزم سوھيرو‪.‬‬

‫واوضح ضابط االصف تاتشيبانا "ان المالزم سوھيرو ظل فى لوبانج ‪.‬حاول إقناعنا بالبقاء‪،‬‬
‫لكننا اعتقدنا أن األمر خطير جدا وقررنا المجيء ھنا‪".‬‬

‫بعد اقل من ثالثين دقيقة الحظنا ارتفاع النيران في مرتفعات لوبانغ ‪.‬شعرت بأن مجموعة‬
‫سويھيرو تعرضت لنيران العدو‪ ،‬ولكن لم يكن ھناك أي وسيلة للتأكد ‪.‬كنت أكثر عصبية من أي‬
‫وقت مضى ‪.‬أنا ال أعرف كم مرة تحسست مقبض سيفي‪.‬‬

‫مع انبالج الفجر‪ ،‬كنت انظر بالمنظار نحو تيليك‪ ،‬وفي االفق رصدت طراد العدو الخفيف‬
‫وثالثة من سفن نقل القوات تتجه مباشرة نحو الجزيرة ‪ .‬فكرت في أنبوب البخور الذي‬
‫احضرته من والدي ‪.‬لم أكن أريد أن يقع في يد العدو‪ ،‬لذلك أحرقته ‪ ،‬جنبا إلى جنب مع‬
‫اوراقي السرية‪.‬‬

‫وبدأت السفن البحرية بالقصف‪ ..‬اصوات تصم االذان تليھا انفجارات رعدية حيث وقعت‬
‫القذائف على اھدافھا ‪.‬اھتز جسدي كله مع االھتزازات ‪.‬وكانت تيليك الھدف الرئيسي للعدو‪ ،‬وفي‬
‫أي وقت من األوقات تم تغطية الساحل في ھذا االتجاه بالغبار والدخان ‪.‬أشجار النخيل وأجزاء‬
‫من المنازل طارت في الھواء‪ ،‬كما اختفت بلدة تيليك الصغيرة عن أعيننا ‪.‬واستمر القصف بال‬
‫ھوادة ‪.‬كانت قاعدتنا حتى اآلن بعيدة أنني لم أكن خائفا حقا‪ ،‬ولكني قلق حول فرق التقدم‬
‫الساحلية ‪.‬وقد تم إخفاء قواربھا الھجومية الصغيرة في النھر الذي يصب في خليج تيليك‪ ،‬وعلى‬
‫استعداد لشن ھجوم بمجرد ظھور سفن العدو‪ ،‬ولكن العدو‪ ،‬وربما تحسب لمثل مثل ھذا الھجوم‬
‫كان يصب وابال بعد وابل من القذائف في النھر الصغير‪.‬‬

‫وماذا عن الرصيف؟ كنت قد صففت فيه المتفجرات‪ ،‬ولكن لم أستطع أن أقول ما إذا كانت قد‬
‫انفجرت أم ال‪.‬‬

‫وبعد حوالي ساعتين‪ ،‬انتھى القصف أخيرا‪ ،‬ولكن بمجرد توقفه‪ ،‬بدأت قذائف من مدافع الھاون‬
‫األرضية تتساقط على معسكرنا ‪.‬لقد اختبأنا كأفضل ما يمكننا خلف األشجار ‪.‬واندلعت طائرات‬
‫العدو إلى أسفل‪ ،‬وأسقطت قنابل زنة مائتي رطل بالمظالت ‪.‬تندفع من المزالق متارجحة الى‬
‫االمام والخلف ترفرف إلى األرض وثم تنفجر مع ضجيج عظيم ‪.‬كلما نظرت‪ ،‬زاد‬
‫الغضب ‪.‬ومن الواضح أن العدو عرف أننا ال نملك أسلحة مضادة للطائرات‪.‬‬
‫وأخيرا ذھبت الطائرات بعيدا ‪.‬نظرت من خالل مناظير رأيت الطراد الخفيف رافعا العلم‬
‫االمريكي يتقدم نحو ميناء تيليك ‪.‬كذلك ايضا كانت سفن نقل القوات‪.‬‬

‫في تلك المرحلة‪ ،‬جاء جندي من فريق المالزم سوھيرو يزحف فوق الجبل ‪.‬وأفاد أنه خالل‬
‫الليلة الماضية تعرض مراكز الوحدات العسكرية في البلدة للھجوم‪.‬‬

‫"لقد تم القضاء علينا في تبادل الطالق النار كلھم اال " ‪. . .‬توقف‪.‬‬

‫"ھل ھم جميعا ميتون؟ ماذا عن المالزم سوھيرو؟"‬

‫"كان يقف بجانب النافذة ‪.‬كان اول قتيل " ‪.‬‬

‫وكما كنت أخشى‪ ،‬كان اطالق النار على في الليلة السابقة على ثكنات المالزم سوھيرو ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من خالفاتنا‪ ،‬فإنه لم يھن علٮي مقتله ‪.‬تذكرت كيف ھب لمساعدتي في وضع‬
‫الطائرات الوھمية‪.‬‬

‫وعندما بدأ القصف‪ ،‬أمرالمالزم أوينو من فرقة الھجوم الساحلية السادسة عشرة رجاله بأن‬
‫يلجأوا إلى الجبال‪ ،‬لكنه ظل لتفجير محركات قوارب الھجوم ‪.‬وسرعان ما أدرك أن العدو كان‬
‫يشير بالمدفعية مباشرة اليه ‪.‬لم تكن ھناك فرصة للبقاء على قيد الحياة‪ ،‬رغم انه حاول التراجع‬
‫ال الجبال ‪.‬عندما سمعت قصته‪ ،‬ال اكاد أصدق ذلك ‪.‬المدافع الرشاشة‪ ،‬حتى مدافع الھاون‪ ،‬نعم‪،‬‬
‫ولكن المدافع البحرية ضد شخص واحد ؟ ال يصدق ! ھذا يعني ان العدو لدية معدات وقذائف‬
‫للرمي من بعيد‬

‫في ھذا الوقت ھبطت كتيبة من مشاة البحرية بقيادة أربع دبابات ‪.‬وبالنظر بين األشجار‪،‬‬
‫ورأيتھم يسيرون باتجاه فيغو‪ ،‬ميل أو اثنين غرب تيليك ‪.‬قبل وصولھم إلى فيجو‪ ،‬انقسموا إلى‬
‫وحدتين‪.‬استمرت وحدة واحدة غربا باتجاه مدينة لوبانغ‪ ،‬بينما بدأت الوحدة األخرى تتقدم نحو‬
‫قاعدتنا ‪.‬قررت التراجع ‪.‬النه في مكاننا ال نوجد أي فرصة للنجاة ‪ .‬الفرصة الوحيدة المتبقية‬
‫ھي أن نرتفع إلى الجبال وننفذ حرب العصابات‪.‬‬

‫لم تتفق معي فرقة االستخبارات وفرق الھجوم الساحلية ‪.‬وقالوا انھم سيبقون الى النھاية حيث‬
‫كانوا ‪.‬حاولت أن أقول لھم أنه مع عدم وجود أسلحة أكثر مما كان عليه‪ ،‬فسيكونون صيدا سھال‬
‫للعدو ‪ ...‬ولكن ال حياة لمن تنادي !‬

‫بدأت قذائف العدو في االنھيال علينا ‪ ،‬أمرت الجنود الجرحى القادرين على المشي بالتحرك‬
‫أعمق في الجبال ‪.‬طلبت من خمسة أو ستة رجال اقوياء المظھر بحمل أكبر قدر ممكن من‬
‫المؤن ‪ ،‬وبدأنا االنسحاب ‪.‬‬

‫لم نكد نمشى ثالثين دقيقة حتى سمعنا صوت البنادق من االتجاه الذي كنا نتحرك اليه ‪.‬و يبدو‬
‫ان العدو قطع طريق تراجعنا ‪.‬كنت خائفا من شيء من ھذا القبيل ‪.‬كنت قد أبلغت فريق‬
‫اوكاسي أنه بدال من انتظار طائرات اإلنقاذ‪ ،‬يجب أن ننقل المؤن والمعدات الى العمق ‪،‬‬
‫ووعندما ياتي الھجوم بامكاننا ان نقف على ارجلنا ونھاجم ‪.‬‬

‫لم يغيروا قولي أي اھتمام ‪ .‬أرسلت نظرة إلى األمام‪ ،‬ثم وضعت نفسي مع قوة صغيرة ‪.‬قبل‬
‫فترة طويلة التقينا مع عسكري مصاب برصاصة في ساقه ‪.‬كان قد رصد من قبل استطالع‬
‫العدو ‪.‬ومن المؤكد اآلن أن انسحابنا قد توقف‪ ،‬وال شك في أن القوات قد ھبطت في توميبو في‬
‫اليوم السابق‪.‬‬

‫أمامنا‪ ،‬كان ھاون العدو بقترب ‪.‬كنا محاصرين ! فجأة الحظت الدم على الطريق ‪.‬انحنيت‬
‫إللقاء نظرة‪ ،‬رأيت اثنين من الجنود اليابانيين على بطونھم امامنا قليال ‪.‬كان الجندي االول‬
‫كينشيتشي كوزوكا و والحندي االول موراناكا ‪.‬دعوتھم إلى الزحف إلى األمام أبعد قليال ‪.‬‬
‫موراناكا نظر الى كوزوكا للحظة‪ ،‬ثم بغباء انتصب واقفا ‪.‬على الفور جاءته رصاصة في‬
‫الرأس‪.‬‬

‫صرخت إلى كوزوكا لينبطح ‪ ،‬زحفت إلى الوراء قليال‪ ،‬شعرت بشيء في قدمي‪ ،‬وجدت‬
‫دشمة فجأة‪ ،‬نزلت فيھا و قفز كوزوكا فوقي إلى الخندق‪ ،‬خرجت صلية أخرى ‪.‬تراجعت مرة‬
‫أخرى إلى الخندق قبل أن االحظ أن يدي اليمنى مغطاة بالدم ‪.‬وقد قطعت الرصاصة طرف‬
‫إصبعي الصغير‪ ،‬ولم يتبق سوى القليل من الظفر‪.‬‬

‫وفي الليلة التالية‪ ،‬عقدت العزم على مھاجمة القوات التي تمنع انسحابنا‪.‬‬

‫وقد قتل المالزم إساكي أمس والمالزم تاناكا اليوم‪ ،‬بقذائف الھاون باالضافة الى المالزم‬
‫سويھيرو‪ ،‬لقد فقدنا ثالثة ضباط‪ ، ،‬المالزم تاتيغامي اصبح في عداد المفقودين سعى وراء‬
‫الكشافة المعادية )وجد فيما بعد ميتا ‪.‬ومع غياب الضباط القياديين‪ ،‬فقدت القوات كل اإلحساس‬
‫بالنظام ‪.‬كانوا يطلقون النار بلطف‪ ،‬كما ھبطت الروح المعنوية ‪.‬وما لم ينجز شيء قريبا‪ ،‬فسيتم‬
‫تدميرنا جميعا‪.‬‬

‫ھناك سلسلة جبال‪ ،‬حوالي ثمانية عشر مائة قدم في ذروتھا ومغطاة بالغابات الكثيفة‪ ،‬تسير عبر‬
‫الجزيرة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي ‪.‬فكرتي ھي التراجع على طول التالل‪،‬‬
‫والمقاومة عند الضرورة ‪.‬اعتقدت أنه إذا تمكنا من الوصول إلى نقطة معينة ‪ ،‬يمكن لبعض منا‬
‫مرة أخرى العودة مرة أخرى على طول سلسلة من الجبال إلى قاعدتنا السابقة‪ ،‬حيث تم إخفاء‬
‫االمؤن ‪ ،‬ومن ثم الغوص مرة أخرى إلى الغابة‪.‬‬

‫لتنفيذ ھذه الخطة‪ ،‬كان من الضروري القضاء على قوات العدو خلفنا ‪.‬انتظرت حتى ليلة ‪٢‬‬
‫مارس‪ ،‬ألن الكابتن تسوكيي وعد بأن يلتقي معي في ذلك الوقت على األكثر ‪.‬لم يكن لدى فريقه‬
‫أي أسلحة تقريبا؛ لم أكن أرغب في التراجع عنھم‪ ،‬وتركھم عزل‪.‬‬
‫تحت نيران ھاون متفرقة‪ ،‬انتظرنا وانتظرنا ‪ ،‬ولكن لم يات الكابتن تسوكيي ‪.‬قررت أخيرا أنه‬
‫ال يمكن أن ننتظر اكثر ‪.‬أخذت خمسة عشر رجال معي لمھاجمة قوات العدو الذين كانوا‬
‫يحاصروننا ‪.‬كان الطريق على طول التالل مستقيما إلى حد ما‪ ،‬وإذا كنا قد واجھنا العدو‪ ،‬فإن‬
‫الرجال في الطليعة بالتأكيد سوف يكون جرحى أو قتلى ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فقد تبين لنا أنه إذا ضحينا‬
‫بثالثة أو أربعة رجال‪ ،‬فإن باقينا يستطيع ان يخترق معسكر العدو ‪.‬كنت واثقا من أننا في القتال‬
‫القريب ) يد ليد ( سنھزمھم‬

‫وقد تم احتالل المطار سليما من قبل العدو ‪.‬لم يتم تفجير الرصيف ‪.‬مما سمح للعدو بالنزول‬
‫بسرعة دون تحقيق أي من األھداف المحددة التي أسندھا الى مقر الفرقة ‪.‬كنت قد كرھت‬
‫نفسي كعامل حرب سرية‪ .‬في أعماقي شعرت أننا لن نكون في مأزق كھذا لو اني كنت أقوى‬
‫وأكثر عدوانية كزعيم ‪.‬والطريقة الوحيدة ألداء واجبي ھو تنفيذ ھذا الھجوم الليلي البائس على‬
‫العدو ‪.‬وأود أن قود الطريق إلى معسكر العدو واذبح ما استطع من األميركيين‪.‬‬

‫عندما وصلنا إلى نقطة معينة‪ ،‬أخذت نفسا عميقا ونظرت حولي ‪.‬تعكس خوذات الرجال ضوء‬
‫القمر ‪ .‬تنفست مرة أخرى وسحبت سيفي‪ ،‬وتخلصت من غمده على جانب الطريق ‪.‬من اآلن‬
‫فصاعدا لن أفكر في أي شيء ‪.‬امسكت السيف بإحكام وسرت إلى األمام ‪.‬لم يكن لدي أي شيء‬
‫اعتمد عليه اال قوتي‪.‬‬

‫عندما ألقيت غمدي ‪ ،‬كنت قد خالفت األوامر التي تلقيتھا من الجنرال يوكوياما ‪.‬كنت أيضا قد‬
‫تجاھلت كل تعلمته في فوتاماتا عن واجبات وكيل الحرب السري ‪.‬كنت أعود بدال من ذلك إلى‬
‫التكتيكات االنتحارية التي تم تدريسھا في مدرسة تدريب الضباط ‪.‬كنت صغيرا ‪.‬لقد فقدت عقلي‬
‫!‬

‫لو كان العدو ينتظرنا في تلك اللحظة‪ ،‬ربما قتلت‪ .‬من حسن الحظ انھم قد اكتشفوا ھجومنا الليلة‬
‫وانسحبوا بعيدا إلى الخلف ‪.‬انتقلنا بسرعة إلى الوراء على الطريق الذي جئنا‪.‬‬

‫على الطريق وجدنا جثة الجندي االول موراناكا ‪.‬مع خنجر والدتي ‪ ،‬قطعت إصبعه الصغير‪،‬‬
‫ولففته في ورقة ووضعت في الجيب الداخلي من سترتي كذلك اخذت غمد سيفى ‪ ،‬تذكرت‬
‫وجه قائد الفرقة الذي أمرني بالبقاء على قيد الحياة ‪.‬خجلت من نفسي‪.‬‬

‫في صباح اليوم الثالث‪ ،‬وصل الكابتن تسوكيي ورجاله أخيرا إلى قاعدتنا ‪.‬قررت أن اتحقق من‬
‫طريقنا من التراجع مرة أخرى‪ ،‬وأخذت العريف شويتشي شيمادا معي ‪.‬وعندما بدأنا في‬
‫المغادرة‪ ،‬أخبرني المالزم إينو أنه أرسل أيضا كشافا وطلب مني أن أعيده إذا رأيته‪.‬‬

‫وعندما كنا نھم بالخروج من القاعدة‪ ،‬جاء رسول من خيمة التمريض يطلب‬
‫المتفجرات ‪.‬ذھبت إلى الخيمة لمعرفة الوضع ‪ .‬شاب شاحب الوجه جدا نظر الي من سريره‬
‫وغمغم قائال ‪" ،‬ال يمكننا التحرك ‪.‬واسمحوا لنا أن نقتل أنفسنا ھنا" ‪.‬‬

‫بقية الرجال العشرين في الخيمة‪ ،‬وجميعھم أصيبوا بجروح بالغة‪ ،‬يحدقون بشفقة في وجھي‪.‬‬
‫أنا قمعت مشاعري وقلت‪" :‬حسنا‪ ،‬سأفعل ذلك ‪.‬أنا اعلق فتيل التفجير ‪ ،‬ولكن فقط في حال لم‬
‫يعمل ‪ ،‬سأترك قذيفة يمكنك رميھا في الديناميت إلشعاله‪".‬‬

‫نظرت إلى كل وجوھھم ‪ ،‬اثنان وعشرون جميعا ‪.‬استقالوا جميعا حتى الموت‪ ،‬وعلى استعداد‬
‫لتقديم التضحية المطلوبة ‪ .‬بصعوبة‪ ،‬واصلت‪.‬‬

‫"أيضا‪ ،‬في حال لم تعمل عيدان الكبريت ‪ ،‬ساترك فتيل اشعال طويل النارة الفيوز ‪.‬بطريقة‬
‫أو بأخرى‪ ،‬يجب أن اكون قادرا على تحقيق رغبتكم ‪.‬ھناك شيء واحد أطلبه منكم في‬
‫المقابل ‪.‬من الصعب بالنسبة لي أن أعطيك مھمة عندما جعلتم الموت امام عينيك ‪ ،‬ولكن أطلب‬
‫منكم مرة أخرى فقط ‪ -‬لخدمة بلدكم ‪.‬اال تفجروا أنفسكم حتى تروا العدو من ھذه الخيمة ‪.‬ھناك‬
‫طعام ھنا ‪.‬يمكنكم االستمرار حتى تروا العدو" ‪.‬‬

‫أجابني احدھم ‪" :‬االمران بالنسبة لنا سيان ‪.‬حضر العدو ام لم يحضر ‪".‬‬

‫"أنا أعرف ذلك‪ ،‬لكنه ليس بالنسبة لنا ‪.‬إذا غزا العدو ھذه القاعدة‪ ،‬ال يمكننا العودة إليھا ‪.‬نريد‬
‫بعض الطرق لمعرفة ما إذا كان العدو قد جاء أم ال ‪.‬ھل تفھم؟"‬

‫وقالوا ‪ :‬إنھم فھموا وسوف يفعلون كما طلبت ‪.‬ثم شكروني جميعا على تمكينھم من تدمير‬
‫أنفسھم‪.‬‬

‫أعددت المتفجرات والقذيفة وتركت الخيمة‪.‬‬

‫اتبعوني باصوات ضعيفة ‪" ،‬اھتم بنفسك ايھا القائد"!‬

‫اخذت العريف شيمادا وذھبت‬

‫في وقت الحق عدت إلى المكان ولم اجد أي أثر ال للخيمة وال للجثث ‪.‬لم يبق شيء سوى‬
‫حفرة كبيرة في األرض ‪.‬وقفت ھناك‪ ،‬وحدقت في تلك الحفرة الرھيبة ‪ .‬حتى الدموع رفضت‬
‫المجيء ‪.‬‬

‫بعد ان مشيت مع شيمادا لفترة من الوقت‪ ،‬ركضنا إلى الكشاف الي ذكره لنا المالزم‬
‫أوينو ‪.‬كان صبيا ابن سبعة عشر أو ثمانية عشر ‪.‬سألته عما إذا كان قد شاھد قوات العدو؛ قال‬
‫ال‪.‬‬

‫" قلت له ‪ " :‬عد إلى القاعدة وقد الرجال ھناك إلى النقطة التي نحن فيھا اآلن ‪.‬في غضون‬
‫ذلك‪ ،‬سنقوم بفحص الطريق إلى األمام واتخاذ موقف الحراسة ھنا ‪.‬عندما تجلب القوات ھنا‬
‫وتؤمن المكان‪ ،‬تعال الى ھنا و مھما حدث‪ ،‬ابق على اتصال معنا" ‪.‬‬
‫بعد رؤيته خارجا‪ ،‬انتقلت مع شيمادا ‪ ،‬ولكن لم نجد أي عالمة على العدو ‪.‬بعد بعض الوقت‪،‬‬
‫قررنا التوقف وانتظارالكشاف الشاب ‪.‬إذا ذھبنا إلى أبعد‪ ،‬سيكون من المستحيل العودة إلى‬
‫اآلخرين قبل الظالم‪.‬‬

‫انتظرنا ساعة ‪ ،‬ساعتين‪ ،‬لكن الصبي لم يظھر ‪.‬بدأت الشمس بالمغيب وكنت قلقا ‪.‬في الظالم لم‬
‫يكن لدينا شيء للخوف من العدو‪ ،‬ولكن سيكون من المستحيل إقامة اتصال مع رجالنا‪.‬‬

‫الي وسأل‪" :‬ماذا نفعل ايھا المالزم؟"‬


‫نظر شيمادا عن كثب َ‬

‫لم أكن أعرف الجواب ‪.‬إذا بدأنا بالعودة اآلن‪ ،‬سيكون مظلما قبل وصولنا ‪.‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬ال‬
‫يوجد لدينا طعام على اإلطالق ‪ ،‬وكنا بعيدين عن الماء‪.‬‬

‫وأخيرا قلت‪" :‬قبل أن نقع في الظالم الحالك ‪ ،‬لنذھب إلى الوادي ونحصل بعض الماء"‪ .‬مشينا‬
‫نحو ‪ ١٥٠‬ياردة في واد ووجدنا جدوال ‪ ،‬ولكن بينما كنا نعود إلى الوراء‪ ، ،‬ووجدنا أنفسنا في‬
‫الظالم الدامس‪.‬‬

‫"أين أنت ايھا المالزم ؟" سأل شيمادا‪.‬‬

‫"أنا ما زلت ھنا‪ "،‬أجبت‪.‬‬

‫كان الظالم شديدا لدرجة أنه كان علينا أن نطمئن على بعضنا البعض أننا ما زلنا معا‪ ،‬ولكننا‬
‫ضغطنا في محاولة للعثور على التالل مرة أخرى‪.‬‬

‫ھذا كان خطأ ‪.‬بعد فترة من الوقت‪ ،‬أدركنا أننا نحوم في دوائر مغلقة ‪.‬قررنا الجلوس واالنتظار‬
‫حتى الصباح‪.‬‬

‫في الفجر بدأنا مرة أخرى‪ ،‬وقبل فترة طويلة رصدنا المكان الذي كنا فيه مساء من قبل ‪.‬من بين‬
‫األشجار‪ ،‬نظرت إلى الطريق وحصلت على صدمة حياتي ‪.‬وعلى بعد مائة قدم كانت مجموعة‬
‫استطالع أمريكية!‬

‫كان مع شيمادا بندقية‪ ،‬ولكن كان معي فقط مسدس وسيفي ‪.‬كان االوضع ميؤوسا منه ‪.‬ألقينا‬
‫قنابل يدوية في وقت واحد‪ ،‬وفي اللحظة التي ذھبت فيھا انحدرنا إلى الوادي ‪.‬بعد الزحف‬
‫ھناك لمدة ثالثين دقيقة تقريبا‪ ،‬عملنا بحذر طريقنا مرة أخرى إلى نقطة تحت البقعة حيث كان‬
‫لدى الكشاف الشاب تعليمات لقيادة الرجال لدينا ‪.‬الشعور بالتأكيد إلى حد ما أنه سيكون آمنا ھذه‬
‫المرة‪ ،‬صعدنا الى جرف صخري فوقنا‪ ،‬وعلى الفور تقريبا وجدت أنفسنا في وابل من قذائف‬
‫الھاون ‪.‬كانت تصعد بشكل قوسي واحدا تلو اآلخر‪ ،‬وتھبط في الوادي الموجود تحتنا ‪.‬التزمنا‬
‫الجرف‪ ،‬ولم نجرؤا على التحرك‪.‬‬

‫وقد اتبع الكشاف الشاب أوامري وجلب القوات إلى المكان المعين‪ ،‬حيث كانوا قد وضعوا‬
‫رشاشاتھم وقضينا الليل ‪.‬في الصباح‪ ،‬ظھر فريق كشافة للعدو الذي رأيناه‪ ،‬وفتحت قواتنا النار‬
‫عليھم بمدافع رشاشة‪ ،‬مما أدى إلى مقتل أمريكي واحد ‪.‬انسحب جنود العدو اآلخرون‪ ،‬ولكن‬
‫على الفور تقريبا كان ھناك وابل من نيران الھاون‪.‬‬

‫لم أكن أعرف كل ھذا حتى وقت الحق‪ ،‬بطبيعة الحال ‪.‬نزلت انا و شيمادا الى الوادي لنتوارى‬
‫عن البارجات كانت القذائف التي رأيتھا وشيمادا من القذائف المخطئة التي اطلقتھا البوارج‬
‫مستستھدفة الرجال على التل بوابل من النيران ‪ ،‬كانت تسقط في جميع أنحاء الوادي واحدة تلو‬
‫اخرى ‪ ،‬وليس ھناك شيء يمكننا القيام به سوى االختباء حيث كنا‪.‬‬

‫وأخيرا توقف إطالق النار‪ ،‬وعاد الھدوء‪ ،‬ولكن كنا نخشى أن نصعد فورا الى التل ‪.‬كان‬
‫الصمت مخيفا ‪ .‬السماء كانت صافية وزرقاء ‪.‬ولم يكن ھناك سحاب ‪.‬‬

‫شيء آخر لم أكتشفه حتى وقت الحق أنه بينما كنا على الجرف الصخري ‪ ،‬أمر الكابتن تسوكيي‬
‫رجاله بالتفرق ‪.‬بعث بعضا نحو فيغو وبعض في اتجاه تيليك ‪.‬عندما وصلنا إلى قمة القمة‪ ،‬لم‬
‫يكن ھناك أحد ھناك ‪.‬قررت العودة إلى ثكناتنا السابقة‪ ،‬حيث تم تخزين اإلمدادات مؤقتا ‪.‬ويبدو‬
‫لي أن أي قوات يابانية ستذھب إلى ھناك في نھاية المطاف للحصول على الغذاء‪.‬‬

‫على الطريق رأيت أمريكيا يمضغ العلكة بجانب الطريق ‪. .‬في احد االماكن كانت مجموعة‬
‫كبيرة من أغلفة العلكة بجانب االعشاب ‪.‬ھنا كنا نجاھد للحفاظ على حياتنا ‪ ،‬بينما كان‬
‫االميركان يمضغون العلكة اثناء القتال ‪ ...‬ھذا االمر اثار حزني اكثر من غضبي ‪ .‬كون‬
‫االمريكي يمضع العلكة مرتاحا يدل على ھزيمتنا ‪.‬‬

‫وانتھت الحرب المنظمة في لوبانغ في ذلك اليوم ‪.‬بعد ذلك لم يكن ھناك سوى عمليات التطھير‬
‫العرضية من قبل العدو‪.‬‬

‫ھوجم المالزم ھاياكاوا في الروافد العليا لنھر فيغو بينما كان يأخذ استراحة بعد تناول‬
‫الطعام ‪.‬وقتل مع عشرة من رجاله‪.‬‬

‫حاول النقيب تسوكيي وفريق الھجوم الساحلي الخامس عشر اقتحام ثكنات العدو في تيليك‪ ،‬لكنه‬
‫فشل ‪.‬ثم تعرضوا للھجوم في وقت الحق على نھر فيغو ومرة أخرى على الساحل الجنوبي ‪.‬في‬
‫ھذه األثناء‪ ،‬سقط النقيب تسوكيي مريضا ومات‪.‬‬

‫سمعت أن المالزم أوينو وفريق الھجوم الساحلي السادس عشر شنوا أيضا غارة فاشلة في‬
‫منطقة تيليك ثم اختبأوا بعد ذلك في التالل جنوب الميناء‪ ،‬ولكن لم يكن لدي أي كلمة أخرى‬
‫منھم ‪.‬وبقدر ما استطيع ان اقول انني الضابط الياباني الوحيد الذي ترك في الجزيرة‪.‬‬

‫وكان الرجال الوحيدون الذين تمكنت من التواصل معھم عشرة أعضاء من وحدة الحامية‪،‬‬
‫وأربعة من أعضاء فريق االستخبارات الجوية‪ ،‬وأربعة من أفراد طاقم صيانة الطائرات ‪،‬‬
‫واثنين من أعضاء فرقة البحرية العشرين يعني ما مجموعه عشرين جنديا ‪.‬كان الوحيدون من‬
‫غير القتاليين من الجيش ھم العريف شيمادا والعريف يوشيو فوجيتا‪.‬‬
‫في احد االيام وجد العريف فوجيتا بندقية ‪ ٩٩‬في الغابة ‪.‬كنت قد وجدت في وقت سابق‬
‫نموذج ‪ ،٣٨‬استبدلته مع فوجيتا ب ‪ ،٩٩‬ألن لدي حوالي ثالثمائة باغة ل ‪ .٩٩‬أنا حملت ھذا‬
‫البندقية ‪ ٩٩‬للفترة المتبقية من ثالثين عاما في لوبانغ‪.‬‬

‫كنت آمل في نھاية المطاف ان اقود القوات في ھجوم على المطار‪ ،‬وأمرتھم لتمتد إمدادات‬
‫األرز ألطول فترة ممكنة ‪.‬كان مارس‪ ،‬وحسبت أنه إذا كان كل رجل يأكل أربعة أطباق يوميا‪،‬‬
‫فمن الممكن أن تمتد حتى أغسطس ‪.‬لكن الجنود كانوا أكثر قلقا بشأن بطونھم من أي شيء‬
‫آخر‪ ،‬وبعضھم أخذ األرز من صناديق التخزين ‪.‬في أوقات الوجبات كانوا يصيبون بعضھم‬
‫الصغر فرق في الوجبة بينھم وبين الشخص التالي ‪ .‬في بعض األحيان ربما يضربون بعضھم‬
‫لو لم أوقفھم لو ھاجمنا العدو في وقت الطعام لمحونا على الفور‪.‬‬

‫وبينما كنت أتساءل عما يجب القيام به للحفاظ على النظام‪ ،‬قال العريف فوجيتا لي‪" :‬ال أعتقد أنه‬
‫من اآلمن لنا جميعا أن نكون في مكان واحد ‪.‬قد نحاصر في أي وقت ‪.‬ھل تسمح لبعضنا‬
‫باالنقسام والذھاب إلى مكان آخر؟"‬

‫وافقت على الفور ‪.‬كنت أعرف أنني ال أستطيع االعتماد على ھذا الطاقم الخليط من الجنود الذين‬
‫أجعلوا أنفسھم خنازير ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كنت أعرف أيضا السبب الحقيقي وراء رغبة بعضھم في‬
‫المغادرة ‪.‬لم يكن يخشى من تطويق ‪.‬لم يكن ذلك سوى ذريعة ‪.‬ما يريدونه حقا ھو نصيبھم من‬
‫األرز المتبقي‪.‬‬

‫وقال فوجيتا "لو انقطعنا عن ھذه المجموعة فان كل واحد منا سيتعين ان يكون لديه امدادات‬
‫غذائية‪".‬‬

‫"ھذا صحيح‪ "،‬أجبت‪" ،‬ولكن ال أستطيع أن أخصص كل شيء للرجال الذين ھم ھنا اآلن ‪.‬قد‬
‫يكون ھناك آخرون في الجزيرة الذين سيأتون إلى ھنا للحصول على الطعام ‪.‬كان الجميع‬
‫يعرفون أن ھذا ھو المكان الذي كانت فيه المؤن مخفية‪".‬‬

‫اقررت على حصصھم وأمرتھم اال يأخذوا أكثر منھا مطلقا ‪ ،‬رغم اني أعرف انھم سيخالفون‬
‫ان استطاعوا ‪ .‬كما أمرتھم ان يبقوا في مجموعات من ثالثة أو أكثر ‪.‬إذا كان ھناك ثالثة فيمكن‬
‫أن يقف اثنان للحراسة من االمام والخلف حين أن اآلخر يعد وجبة األرز ‪.‬‬

‫وھكذا وزعنا الخاليا ‪ ،‬كان معي العريف شيمادا‪.‬وجندي اخر والبعض اآلخر انقسم إلى أربع‬
‫مجموعات صغيرة‪ ،‬كل رجل يقرر لنفسه من يريد ان يكون معه‪.‬‬

‫بعد وقت قررت أن مجموعتي يجب أن تنتقل إلى موقع جديد‪ ،‬وفي ‪ ١٨‬أبريل بدأنا نقل‬
‫اإلمدادات ‪.‬كنا في خضم ھذا عندما اقتحم العدو الغابة لتمشيطھا وبدأ باطالق النار بجنون ‪.‬‬
‫الجندي الي كان معي شل بالبنادق ‪ ،‬وقفت متصلبا مكان الحادث وقتل‪ .‬من الرجال في‬
‫المجموعات األخرى‪ ،‬فقط كوزوكا شاھد المكان الذي عسكرت فيه مع شيمادا وكان ذلك في‬
‫وقت الحق ‪.‬بقيت و شيمادا وحدنا لفترة من الوقت‪.‬‬
‫بعد الھجوم‪ ،‬ذھب كوزوكا لالنضمام إلى بعض فرقة االستخبارات الجوية لكنه تعرض اللتھاب‬
‫الكلية الحاد‪ ،‬ومع ذلك تركه الباقون ‪.‬بعد ان تجول في السفوح لمدة أسبوع تقريبا‪ ،‬كان خاللھا‬
‫يعيش على البطاطس وحليب جوز الھند‪ ،‬تعافى بما يكفي لياخذ طريقه إلٮينا واصبحنا الثالثة‬
‫معا‪.‬‬

‫وفي منتصف أيار ‪ /‬مايو‪ ،‬وللمرة األولى منذ بضعة أسابيع‪ ،‬سمعنا صوت قذائف الھاون‬
‫والمدافع الرشاشة ‪.‬كانت قادمة من محيط بيناكاس‪ ،‬على الشاطئ الجنوبي ‪.‬نظرنا فقط إلى بعضنا‬
‫البعض ‪ -‬لم تكن ھناك حاجة للتحدث ‪.‬لقد اكتشفت إحدى المجموعات األخرى وحوصرت ‪.‬‬

‫وقد اكتشفت الحقا أن مجموعة من الناجين من فرقة الكابتن تسوكيي قد شقت طريقھا إلى‬
‫بيناكاس وكانت تستريح ھناك عندما ھاجمھا العدو ‪.‬قتلوا كلھم اال اثنين تمكنا من الفراربمعجزة‪.‬‬
‫ب تسوكي لوحوا بمسدساتھم‬ ‫الھجوم وقف إثنان ِمنْ مساعدي ال ّنقي ِ‬
‫ِ‬ ‫أخبرني بأنّ أثناء‬
‫َ‬ ‫أحدھم‬
‫وصاحوا بھتاف النصر الياباني قبل ان يقتلوا ‪.‬‬

‫لقد أشرنا إلى ھذا الحادث بأنه "حملة قمع مايو"‪ ،‬وكان آخر ھجوم منظم للعدو على الناجين‬
‫اليابانيين‪ ،‬ولكن بعد ذلك قامت دورية للعدو بدوريات في التالل كل صباح‪ ،‬وأطلقت أحيانا‬
‫بعض الطلقات المھددة‪.‬‬

‫وفي منتصف تشرين األول ‪ /‬أكتوبر تقريبا‪ ،‬رأيت ألول مرة إحدى المنشورات التي تحثنا على‬
‫االستسالم ‪.‬وكانت مجموعة من اليابانيين قد قتلت بقرة في الجبال واخذتھا الى معسكرھا عندما‬
‫التقوا مع خمسة او ستة من سكان الجزيرة ‪.‬وقد بدأ أحدھم بسحب سكينة‪ ،‬لكنه تخلى عندما رأى‬
‫أن اليابانيين يحملون أسلحة ‪.‬فر سكان الجزيرة ‪ ،‬وتركوا وراءھم ورقة طبع عليھا باللغة‬
‫اليابانية "انتھت الحرب في ‪ ١٥‬أغسطس‪ .‬انزلوا من الجبال"!‬

‫لم أكن أنا وال اآلخرين يعتقدون ذلك‪ ،‬ألنه قبل أيام قليلة من أن مجموعة من اليابانيين الذين‬
‫ذھبوا لقتل بقرة اصطدمت بدوريات العدو‪ ،‬وأطلقت النار عليھم فورا ‪.‬كيف يمكن أن يحدث إذا‬
‫انتھت الحرب؟‬

‫بعد انقسامنا إلى خاليا‪ ،‬كنا نعيش في الغابة على سفوح الجبال ‪.‬نصبنا قليال من الخيام ونشرنا‬
‫الواحا على األرض للنوم علٮھا ‪.‬وقد حاولت مجموعتي على األقل أن تمدد إمداداتھا من األرز‪،‬‬
‫وأحيانا كنا نكمل األرز مع الموز أو لحم البقر الذي قتلناه‪.‬‬

‫بقيت المجموعات على اتصال ببعضھا البعض وتبادلت التقارير من حين آلخر‪ ،‬لكنني رفضت‬
‫إخبار المجموعات األخرى عن المنطقة التي كانت خيمتنا فيھا ‪.‬لقد طلب مني قائد الفرقة‬
‫وبشكل مباشر تنفيذ حملة حرب العصابات ‪ ،‬وأنا ال يمكن أن اربك نفسي بالجماعات التي لم‬
‫تكن تفكر في شيء سوى الطعام ‪ .‬إلى أقصى قدر من قدرتي كنت أحاول دراسة التضاريس‬
‫بحيث يمكن أن تكون مفيدة عندما يشن الجيش الياباني ھجومه المضاد ‪.‬كان من الضروري‬
‫بالنسبة لي أن أظل على قيد الحياة‪ ،‬والعيش مع مجموعة من الجنود غير المنضبطين وغير‬
‫المسؤولين يجلب الخطر‪.‬‬
‫لم اقل للعريف شيمادا وال للجندي االول كوزوكا عن مھمتي الخاصة ‪.‬لم أكن أعرف ما إذا‬
‫كانوا موثوقين ‪ ،‬وال يمكن أن اعرف حتى االن اذا كانوا قادرين ‪.‬‬

‫وفي الفترة من أيار ‪ /‬مايو إلى آب ‪ /‬أغسطس‪ ،‬جاءت دوريات العدو إلى الجبال يوميا‪ ،‬وقد‬
‫سمعنا طلقات من بنادقھا ‪.‬بعد منتصف أغسطس توقفوا عن الحضور ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬سمعنا في كثير‬
‫من األحيان طلقات من الروافد الدنيا من الجبال‪ ،‬ويبدو أن العدو كان يسيطر على طرق‬
‫االمدادات اعتقدت ھذا يعني أنھم كانوا يحاولون تجويعلنا‪.‬‬

‫لقد رأينا نشرتنا االستسالم الثانية حوالي نھاية العام ‪.‬طارت طائرة من طراز بوينج ‪ B‐17‬فوق‬
‫مخبأنا وأسقطت الكثير من القطع الكبيرة والسميكة من الورق ‪.‬على اوجه الورق طبع أمر‬
‫االستسالم من الجنرال ياماشيتا من جيش المنطقة الرابعة عشر وتوجيه من رئيس األركان ‪.‬في‬
‫الخلف كانت خريطة لوبانغ التي تم وضع عالمة على المكان الذي أسقطت منشورات مع دائرة‪.‬‬

‫اجتمعنا معا ونظرنا فيما إذا كانت األوامر المطبوعة على النشرة حقيقية ‪.‬كان لدي شكوك حول‬
‫الحكم الذي يقول إن أولئك الذين استسلموا سيتلقون رعاية صحية" و يرحلوا إلى اليابان‪.‬‬

‫وقال شخص ما‪" ،‬ما ھي" الرعاية صحية "؟ لم أسمع بھا "‪.‬‬

‫شخص آخر خاطب ‪" ،‬انھم ذاھبون إلى" نقلنا إلى اليابان؟ نحن لسنا بضائع‪ ،‬ھل نحن كذلك ؟"‬

‫ما أزعجني من أول األمر ھو أن قيادة الجنرال ياماشيتا بزعم أنھا صدرت اوامر وفقا ل "أمر‬
‫إمبراطوري مباشر ‪".‬لم أسمع أبدا عن "أمر إمبراطوري مباشر"‪ .‬رجل من المخابرات كان‬
‫يدرس في كلية الحقوق ‪ ،‬قال إنه لم يسمع بھذا ابدا‪.‬‬

‫كانت ھناك سمات أخرى مشبوھة ‪.‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬اقترحت قراءة وثيقة للنص أن ياماشيتا‬
‫كان يصدر األمر لنفسه‪ ،‬من بين ضباط آخرين ‪.‬اكتشفت الحقا أن ھذا ھو مجرد خطأ مطبعي ‪،‬‬
‫ولكن في ذلك الوقت لم أستطع إال أن استنتج أن النشرة كانت زائفة ‪.‬اتفق اآلخرون معي ‪.‬لم يكن‬
‫ھناك شك في أذھاننا أن ھذا كان خدعة العدو‪.‬‬
‫التعاھد على القتال‬

‫بدأنا سنة جديدة‪ .١٩٤٦ ،‬وھذا يعني أنني كنت في لوبانغ لمدة اثني عشر شھرا كاملة ‪.‬في‬
‫صباح اليوم االول من السنة الجديدة أقسمنا ان نبذل قصارى جھدنا في العام المقبل‪.‬‬

‫ونادرا ما سمعنا صوت البنادق‪ ،‬ولكن كل مرة في حين كنا خائفين من نيران الرشاشات‪ ،‬على‬
‫ما يبدو موجھة إلى الجبال حيث كنا مختبئين ‪.‬رأيت حاملة طائرات قبالة الساحل‪ ،‬وقوات خاصة‬
‫يمرون من وقت آلخر ‪.‬ومن الواضح أن الحرب ما زالت مستمرة‪.‬‬

‫وفي بداية شباط ‪ /‬فبراير‪ ،‬ذھب العريف شيمادا إلى الصيد مع إيشيتشي إيريزاوا وشوجي‬
‫كوباياشي من فرقة الحامية وجندي يدعى واتانابي من فرقة االستخبارات الجوية ‪.‬لم يجدوا أي‬
‫حرب‪ ،‬وبعد انشقاقھم عن واتانابي‪ ،‬الذي كان عائدا بطريق آخر‪ ،‬بدأوا بالعودة خاليي الوفاض‬
‫نحو قاعدتنا‪.‬‬

‫خالل النھار كانوا قد رأوا بعض الجنود الفلبينيين في شاحنة في الجزء السفلي من الجبال‪ ،‬لكنه‬
‫لم يخطر لھم أن الجنود كانوا يأتون إلى الغابة على الجبل يدردشون ويضحكون كما كانوا في‬
‫طريق عودتھم‪ ،‬واكتشفوا فجأة أنھم دخلوا منطقة الجنود الفلبينيين ‪ ،‬الفليبنيون دھشوا لرؤية‬
‫القوات اليابانية‪ ،‬وظنوا انھم قد تعرضوا للھجوم وفتحوا النار على الفور ‪.‬وقد دخل العريف‬
‫شيمادا الى الشجيرات القريبة وھرب من التل‪ ،‬بيد ان كل من اريزاوا وكوباياشى لقيا‬
‫مصرعھما‪.‬‬

‫بعد فترة وجيزة جدا من ذلك‪ ،‬انضم يويتشي أكاتسو الينا نحن الثالثة ‪.‬كان يخيم مع إريزاوا‬
‫وكوباياشي‪ ،‬ولكن وفاتھم تركته وحده ‪ .‬من النظر إليه تعرف أنه كان ضعيفا‪ ،‬وحاول كوزوكا‬
‫أن يرسله بعيدا‪.‬‬

‫"اذھب إلى مكان آخر" ‪".‬ال يمكنك مرافقتنا ‪.‬جسدك ضعيف‪ ،‬وال تعرف الكثير عن الجندية ‪.‬ال‬
‫يمكننا استخدامك ‪.‬انتقل إلى مجموعة العريف فوجيتا‪".‬‬

‫قال أكاتسو انه سوف يفعل ‪ ،‬لكنه ظل معلقا معنا‪ ،‬ألن لدينا الطعام أكثر من أي من‬
‫اآلخرين ‪.‬وكانت المجموعات األخرى قد استھلكت مخزونھا تقريبا من األرز؛ ظلوا يحضرون‬
‫ليطلبوا منا أن نعطيھم بعض االرز ‪.‬أعطيتھم جميعا نفس الجواب‪" :‬لقد كنتم كالخنازير عندما‬
‫كان لديكم األرز‪ ،‬ولھذا استھلكتم مخزونكم ‪ ..‬لن اعطيكم شيئا االن ‪.‬ال تأتوا تطلبوا مني أن‬
‫أعطيكم أي كمية من عندنا ‪.‬أنا أرسلت ھنا لتدمير المطار‪ ،‬وأنا ال ازال اخطط للقيام‬
‫بذلك ‪.‬نحن نأكل أقل قدر ممكن من األرز ‪.‬نحن نكمل النظام الغذائي لدينا مع الموز واللحوم‪،‬‬
‫وھذا ما يجب عليكم القيام به ‪.‬إذا أعطيناكم األرز‪ ،‬سنكون جميعا في ورطة ‪.‬أنتم ال تعرفون‬
‫كيف تحافظون على انفسكم " ‪.‬‬

‫بعد ذلك اكتشفت أن رفضي لتزويد اآلخرين باألرز قد يكون ھو ما تسبب لھم في االستسالم‪،‬‬
‫كما فعل واحد وأربعين منھم‪ ،‬بما في ذلك العريف فوجيتا في أبريل ‪1946‬‬

‫وبعد شھر آذار ‪ /‬مارس كانت ھناك منشورات أكثر وأكثر تحثنا على االستسالم‪ ،‬وسمعنا من‬
‫وقت آلخر أشخاصا يدعوننا باليابانية ‪ .‬في وقت الحق‪ ،‬بدأ اليابانيون الذين استسلموا بترك‬
‫المالحظات بالنسبة لنا قائال‪" :‬ال أحد يبحث عنك اآلن اال اليابانيين ‪.‬ھيا اخرج"!‬

‫لكننا لم نكن نعتقد أن الحرب قد انتھت حقا ‪.‬كنا نظن أن العدو كان يجبر السجناء ببساطة على‬
‫خداعنا ‪.‬في كل مرة جاء فيھا الباحثون إلينا‪ ،‬انتقلنا إلى موقع مختلف‪.‬‬

‫لقد اعتدت على مناشداتھم" ‪.‬المالزم أونودا"‪ ،‬يقولون‪" :‬لقد أقامنا اتصاال مع فريق البحث ‪.‬من‬
‫فضلك اخرج ‪.‬نحن اآلن في النقطة‪ ، X‬وتحن نمشط ھذا المجال بأكمله ‪.‬يرجى أن تأتي إلى ھذه‬
‫النقطة" ‪.‬‬

‫وقد ألقوا منشورات مكتوبة بالقلم الرصاص باللغة اليابانية الجيدة‪ ،‬مما أدى إلى انطباع عميق‬
‫على العريف أكاتسو ‪.‬بعد ليلة واحدة من تناول الطعام‪ ،‬قال‪" :‬مالزم‪ ،‬أال تفترض أن الحرب قد‬
‫انتھت فعال؟"‬

‫وعندما ردت بأنني ال اظن ذلك‪ ،‬قال شيمادا‪" :‬وانا لدي نفس الشعور ‪".‬‬

‫وظل كوزوكا صامتا ‪ .‬بعد دراسة وجوھھم للحظة‪ ،‬قلت‪" :‬حسنا‪ ،‬إذا كان ھذا ما يعتقده الثالثة‪،‬‬
‫سوف أذھب وأتأكد ‪ .‬ثالثة منكم معھم بندقية ‪ ٣٨‬وحتى لو فقدت اثنين منھم‪ ،‬فسوف نبقى‬
‫قادرين على استخدام ذخيرتھا ‪.‬إذا فقدت بندقية ‪ ،٩٩‬فان ذخيرتھا تذھب إلى النفايات ولذلك‬
‫سأتركھا ھنا وآخذ قنابل يدوية معي فقط ‪.‬أود أن أعود قريبا ‪.‬إذا كانت األمور حسب ما يقول‬
‫أكاتسو‪ ،‬سأخرج إلى العراء معكم ‪.‬ولكن إذا لم أعد‪ ،‬عليكم أن تعرفوا أن الحرب ال تزال‬
‫مستمرة وعندھا يمكنكم أن تقرر النفسكم إذا كنتم تريدون للقتال حتى النھاية أم ال‪".‬‬

‫وكانت نيتي الحقيقية ھي محاولة إنقاذ اليابانيين الذين تم أسرھم ‪.‬وھناك الكثير منھم يجب أن‬
‫يكون خدعوا في االستسالم من قبل اليابانيين اآلخرين الذين كان العدو يستخدمھم‬
‫كبيادق ‪.‬اعتقدت أنه إذا تمكنت من الدخول إلى السجن حيث كانوا‪ ،‬يمكن أن أثير نوعا من‬
‫االضطراب‪ ،‬ويمكننا جميعا الھروب معا‪.‬‬

‫يجب أن يكون العدو قد سمع من سجناءھم أنني قد جئت إلى لوبانغ لالنخراط في حرب‬
‫العصابات ‪.‬كانوا يرون من خالل استسالمي الصريح وال شك سيربطون األصفاد على يدي‬
‫فورا ‪.‬وھذا يعني أنني سوف تضطر إلى التصرف بسرعة ‪.‬إذا فشلت‪ ،‬سأقتل‪ ،‬ولكن إذا نجحت‪،‬‬
‫سوف اعود بعدد قليل جدا من الرجال ‪.‬مرة أخرى كنت أستعد لتجاھل أوامر قائد الفرقة وخطر‬
‫الموت‪ ،‬تماما كما فعلت عندما ألقيت غمد سيفي وشننت ھجوما انتحاريا‪.‬‬
‫عند ھذه النقطة تحدث كوزوكا‪.‬‬

‫"انتظر لحظة‪ ،‬مالزم ! لماذا يجب عليك تحمل المسؤولية؟ ألم يتفق الجميع معك على ذلك‬
‫"أمر إمبراطوري مباشر"؟ ربما كنت تعتقد أنه يعكس على شرفك أن اآلخرين سجنوا بسبب‬
‫نشرة زائفة ‪.‬ال أعتقد أنه خطؤك‪.‬‬

‫"سأبقى معك ‪.‬سأقاتل حتى النھاية ‪.‬إذا كان ھؤالء الجبناء يريدون االستسالم‪ ،‬دعھم يفعلون ذلك !‬
‫"‬

‫التفت إلى كوزوكا وقال‪" :‬ھل تقصد ذلك؟ ھل ستبقى؟ إذا كنت كذلك فليس لدي ما أقول أكثر ‪.‬أنا‬
‫ال أريد حقا أن تحمل المسؤولية عن تلك المجموعة من االغبياء التي تسمح لنفسھا‪ .‬بدخول‬
‫السجن ‪ .‬أنت نفسك لم تقل شيئا حتى اآلن‪ ،‬لذلك كنت أتساءل عما إذا كنت تريد الذھاب‬
‫أيضا ‪.‬إذا كنت على استعداد للذھاب‪ ،‬فسوف أذھب أيضا" ‪.‬‬

‫في الجزء الخلفي من ذھني فكرت في امر الجنرال يوكوياما وھو يقول لي أنه طالما كان لديك‬
‫جندي واحد‪ ،‬مارس القيادة عليه حتى لو كان علينا أن نعيش على جوز الھند‪.‬‬

‫"مالزم"‪ ،‬قال شيمادا بھدوء‪" ،‬سأذھب معك أيضا"‪.‬‬

‫نظرنا ثالثة منا تلقائيا في أكاتسو‪ ،‬الذي قال في صوت منخفض‪" ،‬سأذھب أيضا‪ ،‬إذا كان ھذا ما‬
‫كنتم على وشك القيام به"‪.‬‬

‫وھكذا تعھد أربعة منا لبعضنا البعض لالستمرار في القتال ‪.‬كان ذلك مطلع أبريل‪،١٩٤٦ ،‬‬
‫وبحلول ھذا الوقت نحن األربعة كنا تشكل المقاومة اليابانية الوحيدة التي بقيت فى لوبانغ‪.‬‬

‫في ذلك الوقت‪ ،‬كان العريف شيمادا‪ ،‬اكبرنا ‪ ،‬واحد وثالثين‪.‬عاما وكان كوزوكا خمسة‬
‫وعشرين‪ ،‬وأكاتسو ثالثة وعشرين وانا دخلت في الرابعة بعد العشرين‪.‬‬

‫كنا أربعة تتحرك دائما من مكان إلى آخر في الجزيرة ‪.‬العدو قد يھاجم في أي وقت ‪.‬كان من‬
‫الخطورة البقاء في مكان واحد لفترة طويلة جدا‪.‬‬

‫خالل السنة األولى كنا ننام معا مزدحمين قليال في خيمتنا الصغيرة ‪ ،‬حتى في موسم‬
‫األمطار‪.‬‬

‫يستمر موسم االمطار فى لوبانج من حزيران حتى منتصف تشرين االول ‪.‬في كثير من‬
‫األحيان عندما ينزل المطر غزبرا طوال الليل‪ ،‬لم يكن جيدا البقاء البقاء مجتمعين في‬
‫الخيمة ‪.‬كانت الرطوبة تصل إلى العظام ‪.‬كان جلدنا يتحول إلى اللون األبيض‪ ،‬وكنا نرتعد من‬
‫البرد‪ ،‬على الرغم من أنه كان صيفا ‪.‬في كثير من األحيان شعرت وكأنني أصرخ احتجاجا‪.‬‬
‫ولكن كم كان رائعا عندما توقف المطر ! كنا نسقط في على بعضنا للخروج من الخيمة‪ ،‬ثم‬
‫نقف ھناك نشد كل إصبع من الخدر ‪.‬أتذكر كيف رحبت بمشھد النجوم من خالل السحب‪.‬‬

‫العريف شيمادا‪ ،‬الوحيد منا الذي كان متزوجا‪ ،‬كان مياال الى المزاح والبھجة ‪.‬كان لديه دائما‬
‫شيء للحديث عنه‪ ،‬ويأخذ زمام المبادرة عندما كنا نجلس للدردشة في المساء ‪.‬طويل القامة‬
‫ومملوء جيدا‪ ،‬وكان أفضل رامي فينا ‪.‬وقال انه حصل على جائزة في مسابقة اطالق النار التي‬
‫عقدتھا فرقته ‪ ،‬ولم أر أي سبب للشك في ذلك ‪.‬وكانت مسقط رأسه أوغاوا في محافظة سايتاما‪،‬‬
‫وليس بعيدا عن شمال غرب طوكيو‪.‬جاء من عائلة زراعية‪ ،‬وفي الموسم نفسه يذھب إلى الجبال‬
‫العداد الفحم ‪.‬وفي المنطقة التي عاش فيھا‪ ،‬كثيرا ما يرسل الشباب إلى الجبل لمدة شھر أو نحو‬
‫ذلك لرعاية فرن اعداد الفحم ‪.‬الذين يعيشون لوحدھم في أكواخ صغيرة‪ ،‬تعلموا أن يدافعوا‬
‫عن أنفسھم ‪.‬علمني شيمادا كيفية نسج صنادل القش المعروفة باسم واراجي ‪.‬وكانت ھذه مثالية‬
‫مثالية للحياة التي عشناھا‪ ،‬ألنه كان علينا دائما أن نجعل طريقنا عبر األراضي االوعرة أو‬
‫المستنقعات‪.‬‬

‫كان كوزوكا‪ ،‬اخف بنية منى ‪ ،‬ومتحفظا جدا ‪.‬نادرا ما يتحدث اال اذا بدأه شخص في‬
‫الحديث ‪.‬في تلك المناسبات عندما كان قد تخفف‪ ،‬تحدث مع شعور كبير عن األيام قبل دخوله‬
‫الجيش‪ ،‬ولكن حتى ذلك الحين كان لديه صعوبة في التعبير عن نفسه ‪.‬كان نجل مزارع في‬
‫ھاتشيوجي‪ ،‬ضاحية بعيدة في طوكيو‪ ،‬وظننت أن عائلته كانت في حالة مادية جيدة إلى حد‬
‫ما ‪.‬وقال انه كان يملك فرس سباق‪.‬‬

‫كوزوكا سألني ما كنت قد فعلت قبل أن ذھبت إلى الجيش" ‪.‬أنا عملت في فرع ھانكو لشركة‬
‫تجارية يابانية"‪ ،‬أجبت" ‪.‬كان أخي مالزما للجيش متمركزا في ھانكو في ذلك الوقت‪،‬‬

‫كان أكاتسو أضعف منا‪ ،‬جسديا وأخالقيا ‪.‬وقال انه نجل صانع أحذية في افقر احياء في‬
‫طوكيو‪ ،‬وأعتقد أنه من غير العدل أن نقارنه باثنين من الفتيان المزارعين االصحاء ‪.‬ولكنه‬
‫دون شك كان عبئا علينا ‪.‬عندما كنا ضد العدو‪ ،‬وكان دائما الشخص الذي يسقط أو‬
‫يضيع ‪.‬وخلصت إلى أن كوزوكا كان على حق في عدم رغبته ان يكون معنا‪.‬‬

‫وكنا نعيش معا في طريقنا‪ ،‬كان علينا أن نكيف كل شيء مع قدرات األضعف ‪.‬في تقسيم العمل‬
‫حاولنا أن تأخذ في االعتبار قوة كل رجل‪ ،‬وكذلك ما يحب ويكره ‪.‬شيمادا فعل معظم العمل‬
‫البدني الشاق‪ ،‬تولى أكاتسو األعمال السھلة مثل جمع الحطب أو جلب المياه من أقرب بركة‪،‬‬
‫وكوزوكا وأنا صنعنا األدوات‪ ،‬وقفنا للحراسة‪ ،‬وخططنا لحركاتنا الشاملة ‪.‬عندما كان شخص‬
‫ما في حالة بدنية سيئة‪ ،‬حاولنا تخفيف حمله ‪.‬كنا ندرك أنه يجب علينا تجنب تبديد قوتنا البدنية‪.‬‬

‫بما اني كنت االعلى رتبة‪ ،‬فقد كنت رسميا الزعيم‪ ،‬ولكن لم أحاول فرض أمر تعسفي‪.,‬ولو‬
‫لمرة واخدة وكان كل شيء يسير بالتعاون ‪.‬‬
‫وظللت دائما اراقب الحالة البدنية للثالثة اآلخرين ‪.‬والنقطة المھمة ھي الحفاظ على التوازن ‪.‬لن‬
‫اطرح الكثير من العمل على رجل واحد ‪.‬أما الثالثة اآلخرون فقد فھموا ذلك وساعدوا بعضھم‬
‫بعضا بشكل مبھج بما فيه الكفاية عندما نشأت الحاجة‪.‬‬

‫في ذلك الوقت‪ ،‬كان لكل رجل بندقية مشاة‪ ،‬انا ‪ ٩٩‬ووثالثة ‪. ٣٨‬كان لكل منا قنبلتان يدويتان‬
‫ومسدسا ن ‪.‬كانت ھناك ثالثمائة باغة ل ‪ ٩٩‬وتسعمائة ل ‪ ٣٨‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬كان لدينا‬
‫ستمائة باغة رشاش‪ ،‬والتي قمنا في وقت الحق بتعديلھا بحيث يمكن استخدامھا في البندقية‬
‫‪.٩٩‬‬

‫لقد بدأنا بامدادات أرز لمدة ثالثة أشھر‪ ،‬والذي قمنا بتمديده ألطول فترة ممكنة ‪.‬في بعض‬
‫االوقات كنا نأكل قليال بحيث كان من الصعب إرغام أنفسنا على االنتقال من مكان إلى‬
‫آخر ‪.‬عندما ذھب األرز الخاص بنا‪ ،‬ذھبنا ووجدنا األرز الذي كان مخفيا للقوات اليابانية‬
‫األخرى المتبقية في الجزيرة ‪.‬قبل فترة طويلة جدا‪ ،‬ھذا نفد أيضا ‪.‬و جاء سكان الجزيرة وسرقوا‬
‫أحد الطبولتين من األرز التين تركھما ال ‪ ٤١‬رجال وراءھم عندما استسلموا‪.‬‬

‫وبمجرد ھبوط األمريكيين‪ ،‬ذھب سكان الجزر إلى جانبھم ‪.‬وكثيرا ما تصرفوا كدليل للعدو‪،‬‬
‫وكنا نحذر منھم كثير ‪.‬بعد أن تم تخفيض عددنا إلى أربعة‪ ،‬اعتبروا أنھا آمنة بما فيه الكفاية‬
‫ليأتوا إلى الجبال لقطع األخشاب ‪.‬حملوا سكاكين طويلة معھم ‪ ،‬وكان ھناك شخص واحد في‬
‫المجموعة دائما معه بندقية ‪.‬كنا نحذر منھم اكثرمن دوريات العدو‪.‬‬

‫كلما ابصرنا سكان الجزر‪ ،‬اختبأنا ‪.‬إذا راونا ‪ ،‬أطلقنا الطلقات لتخويفھم‪ ،‬ثم نقلنا معسكرنا إلى‬
‫مكان مختلف في أسرع وقت ممكن‪ ،‬ألننا كنا نعرف أنھم سيقدمون تقارير عنا‪.‬‬

‫عندما نشعر أن أي واحد منھم قد يكون حولنا ‪ ،‬نختبؤ في الشجيرات حتى ال نرى ‪ ،‬ولكن برغم‬
‫الحذر الشديد كانوا احيانا يروننا و عندما بحدث ذلك‪ ،‬لم نجد بدا من اطالق النار عليھم ثم‬
‫الھرب ‪.‬حدثت ھذه اللقاءات ثالث أو أربع مرات خالل السنة األولى‪.‬‬

‫عندما جاءوا إلى الجبال للعمل‪ ،‬جلبوا األرز غير مطبوخ و يطبخونه حسب الحاجة ‪ ،‬وغالبا ما‬
‫يتركون بعض األكياس معلقة على األشجار الستخدامھا في رحلتھم المقبلة ‪.‬ھذه األكياس من‬
‫األرز قد تم يمكن اعتبارھا ھدية من السماء ولكن اذااخذنا منھا واحدة فان اختفائھا سيكشف أننا‬
‫كنا في المنطقة ‪.‬‬

‫كلما راينا بعضا من ھذا األرز‪ ،‬حاولنا أوال للتأكد من متى كان ھناك ‪.‬اذا طبخ سكان الجزيرة‬
‫األرز قريبا ‪ ،‬كانت ھناك دائما آثار الحريق ‪.‬يمكننا أن نقول من الرماد تقريبا منذ فترة طويلة تم‬
‫بناء النار‪.‬وسوف ندرس أيضا جذوع األشجار التي قطعھا سكان الجزر ‪.‬إذا كان الحطابون ھنا‬
‫قبل يوم واحد فقط‪ ،‬فالجذع ال تزال رطبة‪ ،‬وكانت ھناك عادة األوراق الخضراء حولھا ‪.‬إذا‬
‫كانت الجذع جافة و قد تالشت األوراق‪ ،‬كنا نعلم أن المزيد من الوقت قد انقضى‪.‬‬
‫وكانت آثار األقدام مساعدة ھامة‪ ،‬ألننا كثيرا ما نرى أن مجموعة من آثار أقدام قد شوھت من‬
‫قبل مطر الليلة الماضية أو األمطار الغزيرة التي ھطلت قبل ثالثة أيام‪ ،‬ونحن نعلم أن‬
‫الحطابين كان ھنا قبل ذلك ‪.‬إذا تركوا الطعام‪ ،‬فھذا يعني أنھم سيعودون ‪.‬وكان السؤال ھو متى؟‬
‫‪.‬كلما أخذنا األرز‪ ،‬كان علينا أن ننتقل إلى موقع جديد ‪.‬وبما أن ذلك يستغرق وقتا‪ ،‬حتى لو كنا‬
‫نصف جائعين كان علينا أن نقرر ما إذا كان لدينا ما يكفي من الوقت للھرب قبل أن يعودوا‪.‬‬

‫كان الجزء الشمالي من لوبانغ سھل لطيف‪ ،‬ولكن على الجانب الجنوبي‪ ،‬توجد ثالثة أو أربعة‬
‫من الشواطئ الرملية الصغيرة‪ ،‬كانت ھناك فقط المنحدرات الوعرة التي مزقھا البحر‪.‬‬

‫ويبلغ عدد سكان الجزيرة نحو اثني عشر ألفا‪ ،‬معظمھم من المزارعين الذين يعيشون في الجانب‬
‫الشمالي ‪.‬وال يعيش سوى عدد قليل من الصيادين في الجنوب ‪.‬وبسبب ضعف أكاتسو الجسدي‪،‬‬
‫ركزنا تحركاتنا على الجبال األقل اكتظاظا‪ ،‬وبالتالي أكثر أمنا نحو الجنوب ‪.‬كان لدينا عدد من‬
‫المعسكرات أكثر أو أقل ثابتة‪ ،‬والتي أعطينا أسماء مثل "الجلبن التوأمين " و " نقطة البيتين"‪،‬‬
‫ولكن كنا نخشى البقاء في أي منھا وقتا طويال ‪.‬‬

‫تدريجيا‪ ،‬قمنا بتطوير دائرة من القطع الناقص ‪ ،‬انتقلنا من نقطة إلى نقطة‪ ،‬ولم نمكث في أي‬
‫مكان وقتا طوال جدا ‪.‬وكانت ھذه الدائرة تقطع حول الجبال في القطاع األوسط من الجزيرة‪.‬بدءا‬
‫من غونتين وتحرك عكس اتجاه عقارب الساعة‪ ،‬كانت المحطة التالية نقطة كاينان ثم نقطة‬
‫واكاياما ‪ ،‬ثم الجبال التوأم أوتلة كوزوكا‪ ،‬ثم وادي شيوكارا )أو نقطة شينغو (‪ ،‬ثم جبل االفعى‬
‫)نقطة كومانو( ‪ ،‬ثم خمسمائة )في وقت الحق قاعدة الرادار(‪ ،‬ثم بيناكاس‪ ،‬ثم ذروة الست مائة‬
‫وأخيرا غونتين مرة أخرى ‪.‬في بعض األحيان عندما وصلنا بيناكاس كنا ننتقل ونبدأ العودة إلى‬
‫الوراء‪.‬‬

‫بقينا عادة في مكان واحد من ثالثة إلى خمسة أيام ‪.‬عندما ذھبنا بسرعة‪ ،‬غطينا الدائرة بأكملھا‬
‫في أقل من شھر‪ ،‬ولكن عادة ما يستغرق حوالي شھرين‪ ،‬حتى أنه في موسم الجفاف الذي يستر‬
‫ثمانية أشھر‪،‬قطعنا حوالي أربع دوائر‪.‬‬

‫إن مقدار الوقت الذي نقضيه في مكان واحد يتوقف إلى حد ما على توافر الغذاء ‪.‬وعندما يتضح‬
‫أن ھناك المزيد من الطعام اكثر ما مما كنا نتوقع و خطر اكتشافه قليل من قبل سكان الجزر‬
‫فاننا نقوم بإطالة إقامتنا‪.‬‬

‫حملنا جميع أمتعتنا معنا‪ ،‬وقسمنا الحمل بالتساوي ‪.‬عندما انتقلنا‪ ،‬حاولنا دائما أن نأخذ ما يكفي‬
‫من الغذاء لليوم التالي‪ ،‬ولكن في بعض األحيان كان ينفد وكان على االعتماد على العثور على‬
‫الغذاء في المحطة التالية ‪.‬ومتوسط الحمولة التي يحملھا كل رجل نحو خمسة وأربعين رطال‪.‬‬
‫على الرغم من أن لدي قلم رصاص كنت قد وجدته‪ ،‬ظلت جميع التقارير كنت انوي اقدمھا في‬
‫رأسي ‪.‬وأعتقدت اعتقادا راسخا أنه عندما تقيم القوات الصديقة اتصاال بنا في نھاية المطاف‪،‬‬
‫فإنھا ستحتاج إلى تقاريري في التخطيط لھجوم مضاد ‪.‬وكان ھدفھم األول ھو استعادة المطار‪،‬‬
‫وقدمت مالحظات ذھنية عن تلك المنطقة‪ ،‬وكذلك عن الجزء األوسط من الجزيرة حيث كنا‬
‫نعيش ‪.‬‬

‫منذ عودتي إلى اليابان‪ ،‬كانت ھناك بعض التخمينات في الصحافة حول ما إذا كان الجيش‬
‫الياباني قد تركني كجاسوس‪ ،‬ولكني ال أعتبرنفسي جاسوسا ً ‪.‬لقد أرسلت لشن حرب العصابات‪،‬‬
‫وھذا شيء مختلف‪ ،‬عزلنا عن القوات اليابانية ووسيقت مجموعتنا الى قدرھا ‪ ،‬لم يكن ھناك أي‬
‫وسيلة بالنسبة لنا لالنخراط في حرب العصابات بالمعنى العادي ‪.‬لم أتمكن سوى من أداء مھام‬
‫حرب العصابات التي تشبه التجسس‪.‬‬

‫التقنيات التي تعلمتھا في فوتاماتا لم استخدمھا اال قليال ‪.‬كنت قد تعلمت االستفادة من خطوط‬
‫الھاتف‪ ،‬فتح رسائل خفية وفك األصفاد‪. ،‬ھنا في ھذه الجبال‪ ،‬كان أكثر أھمية بكثير كيفية عمل‬
‫حريق دون اطالق الكثير من الدخان ‪.‬لم ادرس في مساقتي في فوتاماتا أي شيء يناسبني من‬
‫أجل حياة بدائية في الجبال‪. ،‬كان شيمادا أفضل تجھيزا لھذا بسبب خبرته في اعداد الفحم ‪.‬تعلمت‬
‫الكثير منه عن فن البقاء على قيد الحياة ‪.‬كان يعرف‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬كيفية عمل الشبكة‪،‬‬
‫وكوزوكا وأنا دائما تبحث عن الخيوط لعمل سلسلة له‪.‬‬

‫وفي لوبانغ‪ ،‬إلى جانب األبقار التي رباھا سكان الجزر من أجل اللحوم‪ ،‬كانت ھناك جاموس‬
‫الماء والخنازير البرية والدجاج البري واإلغوانا التي يصل طولھا إلى ثالثة أقدام ‪.‬وفي مجال‬
‫الصيد من أجل الغذاء‪ ،‬كنا نستھدف أساسا بقرسكان الجزيرة‪.‬‬

‫وكانت إمداداتنا من الذخائر محدودة‪ ،‬وكان علينا أن نستخدمھا بأكبر قدر ممكن من‬
‫الفعالية ‪.‬وكان الھدف دائما القتل بطلقة واحدة ‪ .‬طلقتان للبقرة يعنيان بقرا أقل على المدى‬
‫الطويل‪.‬‬

‫عندما وجدنا الطعام‪ ،‬جلبناه كله إلى مكان واحد للتخزين‪ ،‬وقمت بتقدير جزء كل يوم ‪.‬ولكن مع‬
‫مرور الوقت‪ ،‬بدا وكأنه في كل مرة ذھبت إلى مكان التخزين‪ ،‬كان ھناك أقل من مما يجب أن‬
‫يكون ‪.‬عرفت السبب ‪ .‬كان شيمادا وأكاتسو يتسلالن ويتناوالن الطعام ‪.‬في كل مرة حدث ذلك‪،‬‬
‫تحدثت إليھم حول ذلك‪ ،‬ولكن دوت تأثير يذكر‪.‬‬

‫في احد االيام اشتكى كوزوكا بقوة لي‪" ،‬إذا واصلنا السماح لھم بھذا فسوف يموت ‪.‬من اآلن‬
‫فصاعدا‪ ،‬أنا ذاھب لتناول كل ما اريد من الطعام أيضا" ‪.‬‬

‫وكان الموز أھم ما لدينا ‪.‬كانت ھناك حقول الموز ھنا وھناك في جميع أنحاء الجزيرة‪ ،‬ولكن‬
‫كان علينا أن نكون حذرين ويجب اال نحصد كمية كثيرة جدا ‪.‬مع وضع حرب التحمل في‬
‫االعتبار‪ ،‬كنت قد وضعت خطة طويلة المدى التي كنت قد حسبت كمية الموز التي سيتم‬
‫حصادھا ‪.‬إذا سمحت لألشياء بأن تستمر كما كانت‪ ،‬كان ھناك خطر حقيقي جدا من أن الخطة‬
‫سوف تنھار‪ ،‬ونحن سوف يتم تدميرنا من الداخل ‪.‬وحقيقة األمر أننا جميعا نعاني من سوء‬
‫التغذية‪.‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬كان علي ان اقف واقول‬

‫"من اآلن فصاعدا"‪ .‬اعلنت‪" ،‬سنحافظ على طعامنا بشكل منفصل ‪.‬ال تلمس طعام أي شخص‬
‫آخر ‪.‬ھذا ممنوع تماما"‬

‫في تلك األيام كان لدينا فقط متعة تناول الطعام ‪.‬وكان شعورنا يتوقف الى حد كبير على ما‬
‫اكلناه في اليوم السابق ‪.‬وكان من غير العدل في ھذه الظروف أن نلوم أحدا بشدة على اإلدالء‬
‫بشھيته ‪.‬وكنا قد تعھدنا بالقتال حتى النھاية‪ ،‬ولكن مع مرور الوقت‪ ،‬كان كل ما يمكننا القيام به‬
‫ھو االبتعاد عن سكان الجزر ‪.‬ربما كان من الطبيعي أن تأتي الغرائز الحيوانية إلى السطح‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬بصفتي الشخص المسؤول تقنيا‪ ،‬كان من مسؤوليتي أن أرى أن بعض القيود ال تزال‬
‫سارية المفعول ‪.‬أنا نفسي كنت احب أن آكل كل ما أردت ‪.‬كنت أود أن انام كل ما أردت‪،‬‬
‫أيضا ‪.‬ولكن بغض النظر عن النقص في الغذاء‪ ،‬إذا أكلنا كل ما أردنا‪ ،‬فإننا سوف نسمن‪ ،‬مما‬
‫يجعل من الصعب القيام بالعمل الذي كان علينا القيام به ‪.‬وإذا لم نطور ھذه العادة لقمع الغرائز‬
‫األساسية لدينا‪ ،‬فإننا تدريجيا تصبح معيبة إلى نقطة االعتراف بأنفسنا أننا كنا متسللين من جيش‬
‫مھزوم ‪.‬نحن بالتأكيد ال نريد أن نصنف على أننا مجموعة فوضوية ‪.‬ولم تكن ھناك إمكانية في‬
‫ذلك الوقت العتماد تكتيكات حرب العصابات العدوانية‪ ،‬ولكن عندما علمنا كل ما نحتاجه إلى‬
‫األرض‪ ،‬سنضطلع بالھجوم ونسيطرعلى الجزيرة‪.‬‬

‫في ھذا الصدد‪ ،‬كان كوزوكا مھما جدا بالنسبة لي ‪.‬لم أكن قد أخبرته بمھمتي الخاصة‪ ،‬ولكن‬
‫يبدو أنه يشعر بشيء وكان دائما متعاونا ‪.‬لم يشتك أبدا‪ ،‬كما أنه لم يستاء ولو مرة واحدة ‪.‬كان‬
‫سريعا في اتخاذ القرارات‪ ،‬وكان ھناك جو إيجابي عنه ‪.‬كلما شاھدته في العمل‪ ،‬تذكرت مقولة‬
‫ان افضل العصير يوجد في اصغر برميل ‪.‬‬

‫ھجرنا أكاتسو أخيرا في سبتمبر ‪ ،١٩٤٩‬بعد أربع سنوات من انضمامه الينا‬

‫كنت أعتقد أن ھذا سيحدث في بعض األيام و كوزوكا أيضا‪ ،‬وقال‪" :‬ھذا النوع من الحياة كان‬
‫صعبا عليه منذ البداية‪".‬‬

‫اختفى أكاتسو ثالث مرات سابقا؛ في كل مرة كان شيمادا يجده ويعيده ‪.‬في المرة األولى ‪ ،‬رأينا‬
‫في وقت الحق قليال نارا صغيرة ليال على مسافة بعيدة منا عميقة في الجبال‪ ،‬وكنا نعلم أنه ال‬
‫يمكن أن يكون أحد سوى أكاتسو‪ ،‬لذلك ذھب شيمادا واحضره‪.‬‬
‫وكانت المرة الثانية في منتصف موسم األمطار ‪.‬بين لي شيمادا اين فقد اثرالرجل‪ ،‬حسبت‬
‫االتجاه الذي كان يجب أن يذھب فيه ‪.‬ذھب شيمادا واخذ خيمة معه‪ ،‬للبحث وبعد ستة أيام عاد‬
‫مع أكاتسو‪.‬‬

‫وكنت قادرا على تخمين أين ذھب ألنه كنت أعرف اين تجد الطعام في أي موسم معين ‪.‬وجد‬
‫شيمادا أكاتسو تقريبا في النقطة التي توقعتھا‪.‬‬

‫كان ھناك سبب لماذا كان دائما شيمادا ھو الذي يذھب للبحث عن اكاتسو عندما يھرب‪ ،‬وكان‬
‫ھذا أن أكاتسو دائما يضيع عندما يكون مع شيمادا في مكان ما ‪.‬‬

‫كنا قرائن ‪ ،‬كوزوكا معي و أكاتسو مع شيمادا ‪.‬وكل اثنين يقومان بمھام مختلفة ‪.‬عندما كان‬
‫ھناك شيء اكثر من طاقة رجلين نقوم به جميعا ‪.‬في الصيد‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬ثالثة رجال‬
‫سوف يخرجون‪ ،‬في حين أن الرابع يحرس المخيم ‪.‬في معظم األحيان‪،‬كنا نسير ازواجا وعندما‬
‫كنا نسير األربعة معا‪ ،‬حافظت على ما يكفي من المراقبة بما فيه الكفاية على اكاتسو حتى انه‬
‫لم يسقط وال مرة واحدة ‪.‬شيمادا‪ ،‬لألسف‪ ،‬لم يكن بھذا االھتمام ‪.‬‬

‫شعرت بعض المسؤولية عن ھجر أكاتسو ‪.‬من مشاھدة أعماله اليومية واالستماع إلى ما قاله‪،‬‬
‫خلصت إلى أنه لن يبقى طويال ‪.‬عندما عملت على خطط واستراتيجية لحركاتنا المستقبلية‪،‬‬
‫لذلك‪ ،‬ناقشتھا فقط مع شيمادا وكوزوكا وكتمتھا عن أكاتسو ‪.‬لم أعلمه أين كانت الذخيرة مخبأة‬
‫‪.‬أتذكر مرة واحدة اھمس في أذن كوزوكا‪" ،‬أنا أخذ أكاتسو في جولة معي ‪.‬عندما نذھب‪ ،‬انقل‬
‫الذخيرة إلى مكان مختلف ‪.‬وضعت عالمة على جذع شجرة نخيل حوالي ثالثين ياردة بعيدا‪،‬‬
‫حتى تتمكن من رؤية موضعه" ‪.‬‬

‫إذا ھرب أكاتسو واستسلم‪ ،‬فانه بالتأكيد سوف يكون مجبرا أوطائعا إلعطاء معلومات للعدو عن‬
‫البقية منا ‪.‬وقد أثر ھذا االحتمال تأثيرا خطيرا على موقفي ‪.‬كنا جميعا في حالة حرب مع عدو‬
‫مخيف‪ ،‬وال شيء كان يمكن أن يكون أكثر غضبا لي من فكرة أن واحدة من مجموعتنا قد‬
‫يخون اآلخرين ‪.‬اشتبھت في اكاتسو‪ ،‬أخذت االحتياطات التي تبدو ضرورية‪ ،‬ولكن ھذا قد‬
‫يكون له تأثير على قراره باالنشقاق ‪.‬‬

‫عندما اختفى أكاتسو للمرة الرابعة‪ ،‬بدأ شيمادا للذھاب للبحث عنه‪ ،‬ولكن ھذه المرة جادلنا )‬
‫كوزوكا وأنا ( أن ذلك مضيعة للجھد ‪.‬فعلنا ھذا مع العلم أن أكاتسو سوف يقول في نھاية‬
‫المطاف للعدو كل شيء كان يعرف عن مجموعتنا‪.‬‬

‫كنا نتوقع أن العدو سوف شن ھجوم على أساس المعلومات التي يقدمھا أكاتسو‪ ،‬ولكن كنا واثقين‬
‫أنه إذا اعددنا لذلك مسبقا ‪ ،‬فلن يتم القبض علينا‪.‬‬

‫أبعد من ذلك‪ ،‬كان ھناك احتمال أن أكاتسو قد ال يستطيع البقاء على قيد الحياة لفترة كافية ليتم‬
‫اسره من قبل العدو ‪.‬عندما كان معنا‪ ،‬لم يمرض وال مرة واحدة‪ ،‬إلى حد كبير ألننا كنا نفكر‬
‫دائما في صحته وحمايته دائما ‪.‬في ثالث مناسبات سابقة عندما كان قد ذھب بعيدا‪ ،‬كان يعودد‬
‫في حالة بدنية سيئة ‪.‬فكرت في نفسي أنه إذا كنا في موسم الجفاف‪ ،‬قد تكون لديه فرصة‪ ،‬ولكن‬
‫اآلن‪ ،‬في موسم األمطارفربما لن يتحمل ‪.‬توقعت أنه سوف يموت في مكان ما في الجبال‪،‬‬
‫يترطب ‪ ،‬يرتجف ويھزل‪.‬‬

‫ولكن بعد ذلك يجب أن يكون أكاتسو أيضا على بينة انه ضد من؟! ‪.‬إذا كان ھذا ھو الحال‪ ،‬فإن‬
‫رحيله يجب أن يعني أنه قد سئم حقا ‪.‬خالفا لي‪ ،‬لم يكن لديه أي مھمة‪ ،‬ال ھدف‪ ،‬والنضال من‬
‫أجل البقاء على قيد الحياة ھنا في الجبال قد يبدو غير مجديا له‪.‬‬

‫ذھب شيمادا في المطر للبحث عنه على أي حال‪ ،‬لكنه عاد بعد أسبوع واحد وحده خالي‬
‫الوفاض تماما ‪.‬شعرت بالراحة ‪.‬لم أكن أعتقد في مطاردة منشق ‪ ،‬وبحلول ھذا الوقت جئت إلى‬
‫اعتبار مغادرة اكاتسو عبئا تخلصنا منه ‪.‬‬

‫سأل شيمادا بفارغ الصبر‪" :‬ھل تفترض أنه سيقود العدو إلينا؟"‬

‫"ربما‪ "،‬أجاب كوزوكا‪ ،‬في لھجة تشير إلى أنه يعتقد أنه من المتوقع فقط ‪.‬كنت مقتنعا حينئذ أن‬
‫كوزوكا كان يتوقع انشقاق أكاتسو عاجال أو آجال‪.‬‬

‫المكان الذي اختفى أكاتسو كان نحو الطرف الغربي من الدائرة لدينا‪ ،‬في عمق الغابة بالقرب‬
‫من األفعى جبل أبوتمنت ‪.‬وقد فوجئنا الحقا بانه استسلم في لوك‪ ،‬باتجاه الطرف الشرقي‬
‫للجزيرة‪ ،‬بعد ستة أشھر بعد ذلك ‪.‬كنت مندھشا ومغتما قليال النه بقي طول ھذه الفترة لوحده ‪.‬‬

‫وبعد حوالي عشرة أشھر من مغادرة أكاتسو‪ ،‬وبعد بضعة أيام فقط من نھاية موسم األمطار في‬
‫عام ‪ ،١٩٥٠‬وجدنا مذكرة تقول‪" :‬عندما استسلمت‪ ،‬استقبلتني القوات الفلبينية كصديق"‪ .‬كتبت‬
‫ھذه المذكرة بخط أكاتسو ‪ .‬بعد فترة وجيزة رصدنا طائرة خفيفة تحلق ببطء في السماء فوق‬
‫فيغو ‪.‬ومع األخذ بھذا يعني أن العدو كان على وشك البدء بالبحث عننا‪ ،‬انتقلنا إلى الجانب اآلخر‬
‫من الجزيرة‪.‬‬

‫في اليوم التالي سمعنا مكبر صوت يبدو أنه إلى حد ما شمال نقطة واكاياما ‪.‬وقال صوت‪" :‬أمس‬
‫أسقطنا منشورات من طائرة ‪.‬لديكم ثالثة أيام‪ ،‬أي اثنان وسبعون ساعة‪ ،‬لالستسالم ‪.‬في حال لم‬
‫تستسلموا فليس لدينا بديل سوى إرسال قوة عمل اليكم" ‪.‬‬

‫صوت يتحدث باللغة اليابانية‪ ،‬دون أي أثر لھجة أجنبية‪ ،‬ولكن اختيار الكلمات بدا أمريكيا ‪.‬ال‬
‫يتحدث اليابانيون عن ثالثة أيام على أنھا "اثنان وسبعون ساعة"‪ ،‬وقد اخذنا انطباع بان اإلعالن‬
‫كله قد ترجم من بعض اللغات األجنبية ‪.‬بالنسبة لھم أن يطلب منا بلغة يابانية غريبة ان نستسلم‬
‫دليل على أن الحرب لم تنته‪.‬‬

‫لقد جئت إلى ھذه الجزيرة بناء على أوامر مباشرة من قائد الفرقة ‪.‬إذا كانت الحرب قد انتھت‬
‫فعال‪ ،‬يجب أن يكون ھناك أمر آخر من قائد الفرقة العفائي من واجباتي ‪.‬ال أظن أن قائد الفرقة‬
‫ينسى األوامر التي أصدرھا لرجاله‪.‬‬
‫افترض انه قد نسي فستظل الطلبات مسجلة في مقر الفرقة ‪.‬ومن المؤكد أن شخصا ما سيرى أن‬
‫أوامر القائد المعلقة يجب ان تلغى بشكل صحيح‪.‬‬

‫وبعد ثالثة أيام‪ ،‬رصدنا فرقة العمل المتوقعة من مسافة حوالي ‪ ١٥٠‬ياردة‪.‬‬

‫ھمس كوزوكا ‪" ،‬ھذا االحمق أكاتسوقد جلب األميركيين ‪.‬دعنا نحاول الحصول على نظرة‬
‫فاحصة عليھم" !‬

‫كانت قوات العدو على طريق يمر عبر غابة من النخيل شرق نھر أغكويان وداخال من‬
‫برول ‪.‬لم يكونوا أمريكيين ولكن جنود فلبينيين‪ ،‬وكان ھناك حوالي خمسة أو ستة منھم فقط‪،‬‬
‫يحملون مكبر صوت معھم ‪.‬في المقدمة كان رجل يلبس قبعة المشي البيضاء‪ ،‬ويمشي إلى حد ما‬
‫بعصبية‪.‬‬

‫"ھذا ھو أكاتسو‪ ،‬أليس كذلك؟" ھمس كوزوكا ‪.‬نظرنا شزرا ‪ ،‬لكننا لم نكن نستطيع أن نرى‬
‫وجھه جيدا بما فيه الكفاية ‪.‬وبعد أن تحركت فرقة العمل‪ ،‬أقنعنا أنفسنا بأنه كان بالفعل أكاتسو‪،‬‬
‫الذي اصبح يعمل مع العدو‪.‬‬

‫بعد ھذا اللقاء‪ ،‬قال كوزوكا‪" :‬لن يتمكنوا من أخذنا للسجن بقوة من خمسين أو حتى مائة‬
‫رجل ‪.‬نحن نعرف ھذه الجزيرة أفضل من أي شخص آخر في العالم" !‬

‫والشيء الرئيسي الذي ازعجني ھو الخوف من أن العدو قد يحاول استخدام الغاز ‪.‬ھذا من شأنه‬
‫أن يقتلنا في الحال‪ ،‬ألننا لم يكن لدينا أقنعة الغاز ‪.‬كتدبير طارئ‪ ،‬قلت لآلخرين أن يحافظوا‬
‫على منشفة مرتبطة بأشرطة المخازن الخاصة بھم وفي حال وقوع ھجوم يجب نقع المنشفة في‬
‫الماء واحتجازھا على وجوھھم ‪.‬وحذرتھم أيضا من أن يراقبوا اتجاه الريح‪ ،‬ألن الرياح ستنثر‬
‫الغاز‪ .‬ولم نتخل عن أقنعة الغاز المؤقتة لمدة ستة أشھر‪.‬‬
‫ثالثة جنود في الحرب‬

‫بعد استسالم أكاتسو‪ ،‬كنا قادرين على اتخاذ مسار أكثر إيجابية من العمل ‪.‬لقد سارعنا في‬
‫رحالتنا حول دائرة المعسكرات التي بدأناھا في اعتبارنا جوالت تفتيشية للمنطقة الواقعة تحت‬
‫"احتاللنا"‪ .‬وعندما واجھنا العدو أطلقنا النار دون تردد ‪.‬بعد كل شيء‪ ،‬يجب أن يكون العدو قد‬
‫تعلم من اكاتسو متى وأين يمكن أن يجد لنا ‪.‬اعتبرنا سكان الجزيرة جنودا او جواسيس مموھين‬
‫للعدو ‪.‬والدليل أنه كلما أطلقنا النار على أحدھم‪ ،‬وصل فريق بحث بعد ذلك بفترة وجيزة‪.‬‬

‫زاد عدد قوات العدو في كل مرة جاءوا‪ ،‬وكان يبدو كما لو كانوا يحاولون االحاطة بنا ثم‬
‫يقتلوننا ‪.‬لقد بدأت أتساءل عما إذا كانوا سينفذون في نھاية المطاف حملة مسح شاملة للجزيرة‬
‫للبحث في جميع التالل والوديان في المنطقة الوسطى في وقت واحد‪ ،‬وھذا يتطلب كتيبة واحد‬
‫أو اثنين على األقل‪ ،‬ويبدو ان من غير المحتمل أن يرسلوا مثل ھذه القوة الكبيرة فقط للقبض‬
‫على ثالثة رجال ‪.‬تخميني ھو أنھم لن يرسلوا أكثر من خمسين أو مئة جندي ‪.‬وكنا واثقين من‬
‫أننا يمكن أن نقطع طريقنا من خالل قوة ليست أكبر من ذلك ‪.‬كان لدينا ميزة معرفة وسط لوبانغ‬
‫مثل ظھور أيدينا ‪.‬في الواقع‪ ،‬أكبر قوة رأيناھا ال تزيد عن مائة ؛ وعادة تكون حوالي خمسين‪.‬‬

‫عندما ھربنا إلى الغابة‪ ،‬كنا نحتمي باألشجار الكبيرة ‪ .‬في بعض األحيان قوات العدو‬
‫تستمرفي اطالق النار لبعض الوقت بينما كنا مختبئين وراء االشجار‪ ،‬ولكن ھذا لم يكن لھم‬
‫جيدا ‪.‬اصبحوا اكثر إحباطا‪ ،‬أنھم يھددفون بعناية اقل ويھدرون المزيد من الذخيرة ‪.‬وھذا‬
‫بالضبط ما أردنا أن يفعلوه ‪.‬كنا ثالثة رجال فقط‪ ،‬لكننا جعلنا قوة من خمسين رجال تبدو فاشلة‬
‫‪.‬وھذا ھو نوع الحروب الذي تعلمته في فوتاماتا‪.‬‬

‫قلت لشيمادا وكوزوكا عن امر قائد الفرقة‪.‬‬

‫قال كوزوكا على الفور‪" :‬مالزم‪ ،‬سأبقى معك حتى النھاية‪ ،‬حتى لو استغرق األمر عشر‬
‫سنوات‪".‬‬

‫وتحدث شيمادا بمزيد من الحماس ‪.‬واضاف "يجب علينا نحن الثالثة تأمين ھذه الجزيرة‬
‫باكملھا قبل ان تنزل قواتنا مرة اخرى‪".‬‬

‫وكان االثنان ينادياني عادة ك "مالزم" أو "قائد"‪ ،‬ولكن لم يكن ھناك تمييز حقيقي بين‬
‫صفوفنا ‪.‬كنت ضابطا‪ ،‬شيمادا عريفيا‪ ،‬وكوزوكا جنديا اول ‪ ،‬لكننا تحدثنا على قدم المساواة‪ ،‬كل‬
‫واحد منا على قدم المساواة في وضع الخطط ‪.‬أخذنا نتاوب الصيد والطبخ‪.‬‬
‫خبأت سيفي في جذع شجرة ميتة ليست بعيدة عن نقطة كومانو ‪.‬ھذا تركني مسلحا تماما مثل‬
‫االثنين اآلخرين‪ ،‬مع بندقية وحربة ‪.‬كان الثالثة منا رفاقا‪ ،‬يقاتلون من أجل الھدف نفسه‪ ،‬وكان‬
‫لدينا توافق جيد ‪.‬لم يكن احد منا يشرب الخمر ‪ ،‬ولكل واحد منا أسنان صحية‪ ،‬وبصفة عامة‪،‬‬
‫كنا جميعا بصحة جيدة ‪.‬على الرغم من أن شيمادا كان أضخم بعض الشيء‪ ،‬كنا جميعا صغارا‬
‫بما فيه الكفاية للتحرك مع السرعة المطلوبة لتكتيكات حرب العصابات‪.‬‬

‫ال أقصد أننا لم نشھد أي نزاعات ‪ .‬وبعيد عن ذلك ! كانت ھناك أوقات عندما كنا نمزج بالفم‬
‫وينكت بعضنا على بعض‪.‬‬

‫في رؤوسنا حملنا "خريطة توزيع الغذاء" في لوبانغ ‪.‬من الطقس ومن التجربة‪ ،‬يمكننا أن نقول‬
‫أي جزء من الجزيرة يجب أن نذھب إلى العثور على الموز الناضج أو عدد كبير نسبيا من‬
‫األبقار ‪.‬بيد أنه كثيرا ما حدث أنه عندما وصلنا إلى المكان الذي أشارت إليه خريطتنا الغذائية‪،‬‬
‫لم يكن ھناك الكثير من الطعام كما أملنا ‪ ،‬مما يؤدي الى تضارب في اآلراء‪.‬‬

‫"دعونا نذھب أبعد للداخل"‪.‬‬

‫"ال‪ ،‬دعونا نستريح ھنا ليوم واحد‪".‬‬

‫"كالم فارغ !لماذا تريد أن تفعل ذلك؟"‬

‫"لماذا ال ينبغي لنا؟"‬

‫"ھذا يكفي من الحديث مرة أخرى منك"!‬

‫"من تعتقد أنك انت لتلقي علي االوامر ؟"‬

‫وبمجرد أن يبدأ ھذا‪ ،‬يستمر حتى يتوقف شخص ما ‪.‬كان شيمادا وكوزوكا في بعض األحيان‬
‫يشتبكان بااليدي ‪ .‬ھنا اتدخل في بعض األحيان ‪ .‬واحينا اخرى اجلس واسمح لھم بمحاربة‬
‫بأنفسھم ‪.‬عندما حدث ذلك‪ ،‬لم يكن ھناك شيء يمكن القيام به ولكن القتال باألسنان واألظافر‬
‫حتى يستسلم احدھما دون قيد أو شرط ‪.‬ھذا شيء جيد‪ ،‬ألنه أعطاھم فرصة الختبار قوتھم‬
‫الجسدية ومعرفة مدى جسدھم جنبا إلى جنب مع قناعاتھم ‪.‬على المدى الطويل‪ ،‬جعلتنا ھذه‬
‫المعارك اقرب الى بعض‬

‫مرة واحدة تخاصمت مع شيمادا ‪.‬كنا نتحدث عن انشقاق أكاتسو‪ ،‬واتخذ شيمادا وجھة نظر‬
‫متعاطفة تجاه أكاتسو ‪ .‬من جھتي‪ ،‬لم يكن عندي اي تعاطف مع جندي ھرب قبل عيني ‪.‬بعد‬
‫فترة قصيرة نشأ قتال باللكمات‪ ،‬نزلنا اسفل التل ونحن نضرب بعضنا بعضا ‪.‬‬
‫احدى المرات عندما كنا نمشي على سفح الجبال بالقرب من قرية‪ ،‬وجدنا ورق النفايات‬
‫ومالبس بالية ‪.‬وكان ھذا األخير موضع ترحيب كبير‪ ،‬ألن خرق تلميع البنادق قد نفدت ‪.‬في ھذه‬
‫األيام أيضا‪ ،‬فإن سكان الجزيرة الذين جاؤوا إلى الجبال لقطع األشجار غالبا ما تركوا األرز‬
‫غير المھذب في أوانيھم ‪.‬ھذه اآلثار من النفايات تعني لنا أن الظروف المعيشية في الجزيرة قد‬
‫تحسنت نوعا ما ‪.‬في الوقت الذي غادر أكاتسو‪ ،‬ممكن ان تمشى على الجزيرة بأكملھا دون‬
‫العثور على خردة من نفايات الورق‪.‬‬

‫في احدى الليالي عاد شيمادا من دوريته و قال بحماس‪ " ،‬ايھا المالزم‪ ،‬تعال معي بدون ضجيج‬
‫‪".‬‬

‫كنا بالقرب من منطقة تيليك ‪.‬تابعته بصمت حتى تلة صغيرة تركت جرداء من الحصاد األخير‬
‫من األرز ‪.‬عندما وصلنا إلى األعلى‪ ،‬توقفت الھثا ‪.‬كانت أضواء الكھربائية مشرقة في‬
‫تيليك !كانت ھذه ھي المرة األولى التى ارى فيھا اضواء كھربائية في لوبانغ ‪.‬‬

‫جلسنا الثالثة على التل وحدقنا في المدينة‪.‬‬

‫"متى تفترض أنھم حصلوا على مولدات؟"‬

‫"دعونا نحاول االقتراب قليال‪".‬‬

‫"ال ! لم يكن لديھم الكھرباء من قبل‪ .‬لنسمح لھم بالتمتع بھا لفترة من الوقت" ‪.‬‬

‫لقد مرت ست سنوات منذ أن رأيت أضواء كھربائية‪ ،‬ولكن منظرھا منھم لم يجعلني احن الى‬
‫الوطن و ھذا فاجأني كنت قد اعتادت على عدم وجود أضواء في الليل ‪ .‬بدت تيليك مجرد‬
‫عالم مختلف عما أعيش فيه‪.‬‬

‫السفن القادمة إلى تيليك تغيرت أيضا ‪.‬في البداية كانت ھناك سفن صغيرة مثل بوكوري ‪،‬ھي‬
‫أشبه بمنصات خشبية ‪ .‬وقد اخلت ھذه الطريق اآلن للسفن الكبيرة‪ ،‬وبعضھا كانت تعزف‬
‫الموسيقى على مكبرات الصوت عندما كانت ترسو في تيليك ‪.‬وعادة ما بثت األغاني الفلبينية‬
‫الشعبية‪ ،‬و في بعض األحيان سمعنا لحنا يابانيا ‪.‬الصوت يطفو على طول الطريق وصوال الى‬
‫تلة جرداء صغيرة حيث رأينا ألول مرة أضواء تيليك‪.‬‬

‫ويمكننا أيضا أن نرى المنارة في كابرا‪ ،‬وھي جزيرة مجاورة ‪.‬إن رؤية شيء خارج لوبانغ لم‬
‫يؤثر في على اإلطالق‪ ،‬وتساءلت عما إذا كنت قد فقدت قدرتي على الشعور‪.‬‬

‫في موسم األمطار ال تأتي فرق البحث وال سكان الجزر إلى الجبال ‪.‬يمكننا االسترخاء والبقاء‬
‫في مكان واحد ‪.‬بنينا ملجأ صغيرا مع سقف مصنوع من أوراق النخيل ‪.‬أحيانا نجلس ھنا طوال‬
‫اليوم ‪.‬إذا كنت في مكان واحد لفترة طويلة‪ ،‬تعتاد على األصوات التي حولك ‪.‬عندما كنا نتحرك‬
‫كنا نرتاب ألدنى صوت ‪ ،‬ولكن عندما كنا في نفس المكان لفترة طويلة‪ ،‬بدأنا ندرك ھذا الصوت‬
‫كطقطقة من غصين في مھب الريح وھذا الصوت كارتفاع المياه في وادي قريب‪ ،‬وھلم‬
‫جرا ‪.‬تعلمنا أن نميز الطيور التي تعيش فقط في مناطق معينة‪.‬‬

‫عندما كنا مثل ھذا‪ ،‬ذھب عنا التوتر المعتاد ‪ ،‬وتحدثنا عن العصور القديمة مرة أخرى في‬
‫اليابان ‪.‬ربما كنا نعرف عن اسرنا واطفالنا اكثر مما يعرف معظم أقاربنا‪.‬‬

‫مرة واحدة في حين قال شيمادا بھدوء‪" ،‬أتساءل عما إذا كان صبي أو فتاة‪".‬‬

‫وعندما غادر منزله‪ ،‬كان ھو وزوجته يتوقعان طفلھما الثاني ‪ .‬المولود األول كانت فتاة‪ ،‬لم تبدأ‬
‫بعد المدرسة االبتدائية ‪.‬في احدى المرات عندما كان يتحدث شيمادا عنھا‪ ،‬تنھد وقال‪" :‬أعتقد‬
‫أنھا في سن المراھقة "‪ .‬ثم بدأ يحدق في قدميه مع سقوط المطر في الخارج‪.‬‬

‫أحيانا خلقنا شعر بعضنا مع بعض مقص قصير كنت قد حسنته ‪.‬أنا احلق شيمادا‪ ،‬شيمادا‬
‫يحلق كوزوكا‪ ،‬و كوزوكا يحلق لي ‪.‬إذا قطع اثنان منا بعضھما البعض‪ ،‬في نھاية المطاف‬
‫واحد من اثنين سوف يضطر إلى خفض الشعر الثالث‪ ،‬وھذا لن يكون عادال ‪.‬يستغرق األمر‬
‫حوالي أربعين دقيقة لكل حالقة‪ ،‬وإذا كان شخص واحد قطع اثنين آخرين‪ ،‬فسوف تعمل ما‬
‫يقرب من ساعة ونصف‪ ،‬في حين أن اآلخر لم كن قد عمل اي شيء على اإلطالق‪.‬‬

‫وفي شباط ‪ /‬فبراير ‪ ،١٩٥٢‬حلقت طائرة خفيفة من سالح الجو الفلبيني فوق الجزيرة ‪.‬سمعنا‬
‫صوت مكبر الصوت‪ ،‬ولكن لم أستطع أن اتبين ما يقول بسبب ضجيج المحرك ‪ .‬بيد ان‬
‫كوزوكا الي افضل سمعا مني قال "يبدو أنھم يدعون أسماءنا"‪ .‬ثم بدا لي مثل ھذا‬
‫أيضا ‪.‬اسقطت الطائرة بعض المنشورات وغادرت‪.‬‬

‫التقطنا المنشورات في وقت الحق‪ ،‬ومن بينھا رسالة من أخي األكبر‪ ،‬توشيو ‪.‬وبدأت الرسالة‬
‫"أعھد بھذه الرسالة إلى المقدم جيمبو الذي سيذھب إلى الجزر الفلبينية بدعوة من السيدة‬
‫روكساس"‪ ،‬مضيفا أن الحرب انتھت‪ ،‬وأن والدي على ما يرام وأن اخوتي جميعا خارج‬
‫الجيش‪.‬‬

‫كانت ھناك أيضا رسائل من أسر كوزوكا وشيمادا‪ ،‬جنبا إلى جنب مع الصور العائلية‪.‬‬

‫كان رد فعلي ھو أن اليانكيز قد تفوقوا على أنفسھم ھذه المرة ‪.‬كنت أتساءل كيف حصلوا على‬
‫الصور ‪.‬كان ھناك شيء مريب حول كل شيء كان مما ال شك فيه‪ ،‬ولكن لم أستطع معرفة‬
‫بالضبط كيف تم تنفيذ الخدعة ‪.‬وأظھرت الصورة زوجة شيمادا وطفلين ‪.‬إذا كانت الصورة‬
‫حقيقية‪ ،‬فان الطفل الثاني فتاة‪ ،‬ولكن كان لدينا بعض الشكوك حول ھذا الموضوع‪.‬‬

‫يقول شيمادا‪" :‬من المفترض أن تكون صورة ألفراد أسرتي المباشرين‪ ،‬ولكن ھذا الرجل‬
‫الموجود على اليسار ليس في أسرتي المباشرة ‪.‬انه قريب فقط ‪.‬وأعتقد أن ھذه خدعة أخرى‪".‬‬
‫سمعت بعد عودتي إلى اليابان أنه عندما كان المقدم نوبوھيكو جيمبو في الفلبين أثناء الحرب‪،‬‬
‫أنقذ حياة مانويل روكساس‪ ،‬الذي أصبح رئيسا بعد الحرب ‪.‬توفي روكساس في عام ‪،١٩٤٨‬‬
‫وبعد ذلك دعت أرملته المقدم جيمبو إلى الفلبين للقيام بزيارة ‪.‬لقد أحضر بالفعل الرسائل‪ ،‬لكننا‬
‫لم نكن نصدق ذلك في ذلك الوقت‪.‬‬

‫وبعد حوالي شھر‪ ،‬سمعنا مكبر صوت آخر ‪.‬وقال صوت الرجل‪" :‬انا أقيم في فندق مانيال‪،‬‬
‫عندما سمعت أنك ال تزال في ھذه الجزيرة ‪.‬جئت للحديث معك ‪.‬أنا يوتاكا تسوجي من صحيفة‬
‫أساھي ‪ ".‬بعد ذلك كان الرجل يكرر أنه كان يابانيا‪ ،‬ثم غنى شيئا بدا وكأنه أغنية حرب يابانية‪.‬‬

‫"أنھم في ذلك مرة أخرى‪ "،‬علقت‪.‬‬

‫أجاب شيمادا‪" :‬إنه مصدر إزعاج ‪.‬دعونا ننتقل إلى مكان آخر" ‪.‬‬

‫وباعتقادنا أن الرجل الذي يحمل مكبر الصوت قد يكون قد ترك شيئا خلفه‪ ،‬فقد نظرنا إلى مكاننا‬
‫ووجدنا صحيفة يابانية‪ ،‬وھي األولى التي نشاھدھا منذ سبع سنين ‪.‬‬

‫في قسم المواضيع الحالي‪ ،‬كانت ھناك قصة بخط عريض قائال‪" :‬لقد ذھب المقدم جيمبو الى‬
‫الفلبين إلقناع الحكومة الفلبينية إللغاء بعثاتھا العقابية ضد الجنود اليابانيين في لوبانج‪ ".‬كتبت‬
‫ھذه االفقرة باللون األحمر‪.‬‬

‫قرأنا بقية الصحيفة صفحة وراء صفحة وخلصنا إلى أن العدو قد ابتكر بعض الوسائل إلدراج‬
‫ھذه المقالة في صحيفة يابانية حقيقية ‪.‬وأثبت الحديث عن "البعثات العقابية" أن الحرب ال تزال‬
‫مستمرة‪.‬‬

‫قلت لالثنين االخرين ان الصحيفة كانت تدس السم في الدسم ‪ .‬انھا تبدو جيدة‪ ،‬لكنھا قاتلة‪.‬‬

‫الجدول اليومي للبث اإلذاعي شتتني قليال ‪ .‬ھناك الكثير من البرامج الترفيھية الخفيفة ‪.‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬كنت أعرف أنه توجد في أمريكا محطات إذاعية تجارية‪ ،‬وقررت أنه يجب أن تكون ھناك‬
‫اآلن محطات تجارية في اليابان ‪.‬وعندما غادرت البلد‪ ،‬لم يكن ھناك سوى شبكة تديرھا‬
‫الحكومة‪ ،‬ولكن قد تكون ھناك محطات تجارية اآلن ‪.‬إذا كان ھناك‪ ،‬فقد كان السبب في أنھا‬
‫سوف تضطر إلى تقديم قدر كبير من الترفيه الخفيفة لجذب المعلنين‪.‬‬

‫وقال كوزوكا "أنا ال أعتقد أن ھناك ھو مراسل يدعى يوتاكا تسوجي ‪.‬وأعتقد أنھا خدعة استخدم‬
‫فيھا اسم صحيفة اساھي وجميع ھذه األشياء" ‪.‬‬

‫في يونيو ‪ ،١٩٥٣‬أصيب شيمادا بجروح سيئة في الساق ‪.‬حدث ھذا على الشاطئ الجنوبي بين‬
‫غونتين و بيناكاس‪.‬‬
‫لقد اعتبرنا ھذا جزءا من أراضينا ‪.‬وبما أن سكان الجزر نادرا ما جاءوا بالقرب منه‪ ،‬فوجئنا‬
‫يوما ما بأن مجموعة من خمسة عشر أو ستة عشر صيادا نصبوا مخيما ھناك ‪.‬كان موسم‬
‫األمطار يقترب‪ ،‬ونحن ال يمكن أن نقبل بخطر وجود الناس ھذا بالقرب من مكان االختباء‬
‫لدينا ‪.‬قلت‪" :‬دعونا نمسحھم اآلن ‪.‬وكلما بكرنا كان ذلك أفضل" !‬

‫قبل الفجر‪ ،‬أوقد الصيادون نارا وتجمعوا حولھا لتدفئة أنفسھم ‪ .‬من بستان قريب‪ ،‬أطلق شيمادا‬
‫وكوزوكا بعض الطلقات في اتجاھھم تفرقوا ‪ ،‬ولكن واحد منھم اخذ بندقية واختبأ وراء‬
‫صخرة ‪.‬بدأنا على مسار دائري من شأنه أن يخرجنا وراءه ‪.‬لم نكن نعرف أنه في الوقت نفسه‪،‬‬
‫عاد صيادون مسلحون بكاربين إلى الشاطئ ‪.‬تفاجؤو ا بظھورنا المفاجئ‪ ،‬وأطلقوا النار مرتين‬
‫علينا قبل الفرار‪.‬‬

‫واحدة من الطلقات ضرب بنصري األيمن واالخرى اخترقت ساق شيمادا اليمنى ‪.‬سقط على‬
‫ركبتيه وظل بال حراك ‪.‬سحبتنه بسرعة وحملته على ظھري الى الغابة‪ ،‬في حين غطى كوزوكا‬
‫خلفنا‪.‬‬

‫دخلت الرصاصة في الجانب الداخلي من الركبة وذھبت بشكل مائل ‪.‬خلعت مالبسي الداخلية‬
‫وعصبت الجرح بھا ‪.‬‬

‫كانت رصاصة الكاربين صغيرة‪ ،‬ويبدو أنه لم يكن ھناك أي ضرر للعظام ‪.‬لم يكن ھناك أي‬
‫تراب في الجرح ‪ ،‬لذلك لم أكن أعتقد أن ھناك أي خطر من الكزاز ‪.‬دھنت الجرح بدھن البقر‬
‫ووضعت جبيرة من الركبة إلى الكاحل ‪.‬شيمادا حرض أسنانه في األلم‪ ،‬والعرق يتصبب من‬
‫جبھته‪.‬‬

‫بعد ذلك‪ ،‬كنت اغسل الجرخ بالماء المغلي كل يوم ‪.‬وامص من خالل الفتحة وحولھا لجلب الدم‬
‫‪ ،‬ثم ادھنه بدھون البقرالطازج ‪.‬لم يكن لدينا أي دواء ‪ .‬فقط مئرز اضافي ودھون البقر ھما‬
‫األدوية الوحيدة المتاحة‪.‬‬

‫بينما كنت أحاول أن أكون طبيبا لشيمادا‪ ،‬تولى كوزوكا مسؤولية الحراسة الدائمة واحضار‬
‫الطعام ‪.‬لم يستطع شيمادا أن يتحرك‪ ،‬واضطررت إلى تمريضة ‪ ،‬حتى تحمل نفاياته ‪ .‬الحمد‬
‫ان موسم األمطار قد بدأ‪ .‬وإال فإنه من المخاطرة الكبيرة أن نبقى في نفس المكان لفترة كافية‬
‫لشفاء جروح شيمادا‪.‬‬

‫بعد حوالي أربعين يوما‪ ،‬كانت ھناك طبقة رقيقة من الجلد على الجرح ‪.‬على الرغم من أنه لم‬
‫يكن ھناك خطر أكثر من المضاعفات ‪ ،‬كان جرحا خطيرا‪ ،‬وكان ھناك احتمال واضح أن‬
‫شيمادا سوف يكون معطوبا ‪.‬قلت له أن يحاول تحريك ركبته وكاحله و فعل ذلك ببطء ‪،‬‬
‫وشعرت و كوزوكا باالرتياح الشديد لھذا ‪.‬‬

‫ولكن اصبع القدم الكبير كان جامدا‪ ،‬مما جعل من المستحيل علي شيمادا أن يتجول بسرعة‬
‫كبيرة ‪.‬و بدا مكتئبا‪.‬‬
‫في احد االيام عدت و كوزوكا من الصيد‪ ،‬وجدنا شيمادا منبطحا على بطنه‪ ،‬يستعد الطالق‬
‫النار على شيء ال نستطيع أن نراه ‪.‬سرعان ما سقطنا على األرض‪ ،‬وسألنا بصوت منخفض ما‬
‫االمر ‪ ،‬لف جسمه واسند ظھرة ورفع سالحه ‪ ،‬كان محتقن الوجه ‪.‬‬

‫قال لنا ‪ " :‬بعد أن غادرتما سمعت أصوات من اتجاه الشاطئ ‪.‬أعتقد أن سبعة أو ثمانية من‬
‫سكان الجزيرة يجب أن يكونوا قريبين جدا من ھنا ‪.‬كنت ذاھبا لقتلھم إذا استطعت‪ ،‬ولكن‬
‫بصراحة اعتقدت أنني توھمت ذلك" ‪.‬‬

‫كنت أخشى أن شيمادا قد تتطورعنده بعض األمراض الجانبية‪ ،‬لكنه نما أقوى اليوم ‪.‬وعادت‬
‫ابتسامته‪ ،‬وبحلول نھاية تشرين األول كان قادرا على المشي و البندقية على كتفه‪ ،‬على الرغم‬
‫من انه ال يزال يعرج ‪.‬واعتذر كثيرا عن للمشكلة التي تسبب بھا‪.‬‬

‫كنت أشعر بالسعادة جدا بشأن شفائه‪ ،‬ولكن في نھاية العام تقريبا‪ ،‬بدا يفقد روحه ‪.‬بدا قاتما قدرا‬
‫كبيرا من الوقت وبدأ في تذكر والده وجده ‪.‬كانت لھجتة ھادئة وحزينة إلى حد ما‪.‬‬

‫كان شيمادا يفتقر إلى الحيوية التي كانت لديه من قبل ‪.‬تذكرت ما سمعته من جندي قديم منذ‬
‫زمن طويل‪" :‬جرح خفيف يجعلك اشجع ‪ ،‬ولكن الجرح الخطير يمكن أن يجعلك تفقد أعصابك"‪.‬‬
‫ربما كان ھذا ما حدث لشيمادا ‪.‬في المساء‪ ،‬عندما جلس ينظر إلى صورة زوجته وأوالده التي‬
‫أسقطت مع المنشورات‪ ،‬شعرت أن وزن ما يقرب من أربعين عاما استقر كثيرا على‬
‫كتفيه ‪.‬وادى الكثير من الصالة‪.‬‬

‫كان كثيرا ما يتحدث إلى نفسه في احد االيام سألته ما قاله‪ ،‬فقط ھز رأسه وأجاب‪" ،‬أوه‪ ،‬ال‬
‫شيء"‪.‬‬

‫بعد عدة أيام‪ ،‬وجدت له يحدق ببطء في صورة ‪.‬أعتقدت أنني سوف ازعجه ‪ ،‬مشيت وراءه‪،‬‬
‫ولكن قبل أن اتحدث‪ ،‬سمعته يقول بھدوء‪" ،‬عشر سنوات ‪.‬عشر سنوات كاملة‪".‬‬

‫تراجعت بصمت مرة أخرى إلى حيث كنت‪ ،‬ولكن مع ھاجس داخلي فظيع ‪.‬عندما كان ھو نفسه‬
‫طبيعي‪ ،‬وقال انه قد وجد صعوبات طفيفة‪.‬‬

‫"ال تقلق"‪ ،‬وقال انه قال دائما‪" ،‬انھا سوف تعود جميعا في أيدينا غدا"‪.‬‬

‫كان ھذا ھو طريقه في القول بأن كل شيء سيكون على ما يرام غدا ‪.‬كان قد عارضني و‬
‫كوزوكا عدة مرات بتلك العبارة ‪.‬اآلن اصبح مختلفا ‪ ،‬وانا خائف‪.‬‬

‫وقد اصبحت مخاوفي حقيقة بعد عدة أشھر‪.‬‬


‫كان الشاطئ في غونتين سيئا لشيمادا ‪ .‬في ‪ ٧‬مايو ‪ ،١٩٥٤‬قتل في بقعة تبعد فقط حوالي‬
‫نصف ميل من المكان الذي أصيب فيه ساقه‪.‬‬

‫بعد أن تعافى شيمادا بما يكفي من جرح الساق ليقدر على المشي‪ ،‬انتقلنا إلى مكان بالقرب من‬
‫نقطة واكاياما‪ ،‬ولكن لمحنا فريق بحث‪ ،‬بدأنا نزوال نحو الشاطئ الجنوبي ‪.‬لسوء الحظ‪ ،‬كان‬
‫ھناك فريق بحث آخر ينتظرنا ھناك ‪.‬كان ھناك حوالي خمسة وثالثين منھم‪ ،‬متجمعين على‬
‫الشاطئ مثل قطيع من النورس‪ ،‬فقط حوالي ثمانمائة ياردة بعيدا ‪.‬اعتقدت أن أفضل شيء يجب‬
‫القيام به ھو فتح النار عليھم ‪.‬إذا أطلقنا عشر طلقات‪ ،‬فإننا سوف نحصل على عدد قليل منھم ‪.‬ثم‬
‫يجب أن نكون قادرين على االبتعاد قبل أن يتعافوا من صدمتھم‪.‬‬

‫ولكن بعد أن فكرت في لحظة‪ ،‬تذكرت أن ساق شيمادا قد ال يكون قويا بما فيه الكفاية‬
‫لذلك ‪.‬وكما ھو الحال في أكاتسو‪ ،‬سيكون علينا أن نكيف تحركاتنا إلى أضعف الثالثة؛ وكان‬
‫شيمادا في ھذه المرحلة األضعف ‪.‬ما زلت أعتقد أننا يمكن أن نعملھا على األرجح‪ ،‬ولكن كان‬
‫ھناك الكثير من الشك‪ ،‬وإلى جانب ذلك‪ ،‬لم أكن أريد منا الستخدام أي ذخيرة أكثر مما كنا‬
‫نحتاج على االطالق‪.‬‬

‫كان كوزوكا يستعد الطالق النار‪ ،‬وانا سددت أيضا‪ ،‬ولكن بعد ذلك غيرت ذھني‪.‬‬

‫"ال تطلق النار"‪ ،‬قلت" ‪.‬يمكننا دائما قتل بعضھم كلما أردنا ذلك ‪.‬دعونا ندعھم يعيشون لفترة‬
‫أطول قليال‪".‬‬

‫للبعد عن الھجوم‪ ،‬عدنا إلى الغابة ‪.‬بدا ذلك سلميا بما فيه الكفاية في الوادي‪ ،‬ولكن كان علينا أن‬
‫نكون حذرين ‪.‬قد يأتي فريق البحث الى الداخل من الشاطئ‪.‬‬

‫كان لدينا ثالثة آراء مختلفة حول ما يجب علينا القيام به بعد ذلك ‪.‬أراد كوزوكا عبور الجبال‬
‫والتحول نحو الشاطئ المعاكس في خطوة واحدة ‪.‬من وجھة نظر ساق شيمادا‪ ،‬جادلت بأن علينا‬
‫أن نذھب حول الجبال‪ ،‬في محاولة للبقاء في نفس المستوى على طول الطريق ‪.‬وھذا سوف‬
‫يستغرق وقتا أطول ولكنه يشتمل على جھد بدني أقل‪.‬‬

‫نظر كوزوكا إلى شيمادا وسأل‪" :‬ماذا تريد أن تفعل؟"‬

‫أجاب شيمادا ‪" ،‬لدي الكثير من المتاعب في المشي ‪ .‬أود أن ابقى ھنا"‪.‬‬

‫كان كوزوكا غاضبا ‪.‬وقال‪ " :‬ان ساقك جيد ‪ ،‬أليس كذلك؟" ‪".‬من الجنون البقاء ھنا ‪.‬أكاتسو‬
‫يعرف ھذا المكان ‪.‬ال بد أن يأتي فريق البحث عاجال أم آجال ‪.‬ھل أنت معنا أم ضدنا‪ ،‬شيمادا؟ إذا‬
‫كنت ضدنا‪ ،‬لدي فكرة أخرى حول ما يجب القيام به" !‬

‫كوزوكا وجه فوھة بندقيتة نحو صدر شيمادا ‪ ،‬كانت عيناه تقدحان من الغضب ‪.‬دفعت‬
‫بندقية جانبا وقلت‪" :‬اھدأ يا كوزوكا ‪.‬لن يكون االنسحاب خطوة ذكية جدا إذا لم يكن متأكدا من‬
‫ساقه ‪.‬دعونا نفعل كما يقول ونختبئ ھنا لفترة من الوقت" ‪.‬‬
‫بقينا‪.‬‬

‫كان ھناك فاكھة تسمى النانكا التي تنمو بوفرة في ھذا المجال‪ ،‬وفي الصباح التالي التقطت و‬
‫كوزوكا مجموعة كبيرة منھا ‪.‬قررنا تشريحھا ونشرھا لتجف ‪.‬كان ھناك منطقة منعزلة فوق‬
‫منحدر صخري في منتصف الطريق حتى الھاوية من قبل الوادي ‪.‬لم يكن المنحدر العلوي مرئيا‬
‫من أسفل الوادي ‪.‬وجدنا شجرة ساقطة في مكان مشمس على ھذا المنحدر صففنا شرائح النانكا‬
‫ى على طول الجذع ‪.‬ثم عدت مع كوزوكا عبر الوادي إلى معسكرنا وأخذنا قيلولة‪ ،‬وتركنا‬
‫شيمادا للمراقبة ‪.‬عندما استيقظنا وجدنا أن شيمادا قد نقل الناتكا الى اسفل الوادي‪ ،‬ألن جذع‬
‫الشجرة اصبح اآلن في الظل‪.‬‬

‫"ھذا ليس جيدا"‪ ،‬قال كوزوكا‪.‬‬

‫إذا رأى أي شخص النانكا فسيعرف أننا كنا مختبئون في مكان قريب ‪.‬كنت قلقا بشأن ھذا أيضا‪،‬‬
‫ولكني كنت أكثر قلقا حول فريق البحث على الشاطئ ‪.‬في اليوم السابق‪ ،‬تحركوا باتجاه نقطة‬
‫البيتين ‪.‬اآلن كنت أخشى أنھم قد يعودون ‪.‬قررت أن نأكل بينما كان ال يزال الضوء خفيفا وبعد‬
‫ذلك‪ ،‬نأخذ طعامنا معنا‪ ،‬ونتقل مرة أخرى نحو الشاطئ لمعرفة ما يجري ‪.‬تركت النانكا حيث‬
‫كانت وبدأت الطھي ‪.‬وبسبب ذلك تسببت في وفاة شيمادا‪.‬‬

‫وبينما كنت أطبخ‪ ،‬ألقيت نظرة على الوادي في الوادي وشعرت ببعض الحركة الطفيفة ‪.‬‬
‫أمسكت بندقيتي ‪.‬رجل كان يبدو وكأنه أحد سكان جزيرة كان يتسلق الى الوادي‪ ،‬فقط حوالي‬
‫خمسة وعشرين ياردة بعيدا ‪.‬وكان من الواضح أنه رصد النانكا ‪ .‬أطلقت طلقتين سريعتين‪.‬‬

‫ال اعرف ان كانت الطلقات اصابت ھدفھا ام ال ‪ ،‬وأنا ال أعرف ‪.‬صرخ الرجل وألقى نفسه‬
‫خلف صخرة ‪.‬سقطت على األرض‪ ،‬كوزوكا اختبأ وراء جذع شجرة كبيرة على بعد حوالي ‪٣‬‬
‫ياردة بعيدا‪ ،‬ونحن على استعداد الطالق صلية أخرى‪.‬‬

‫ولكن شيمادا استمر في الوقوف إلى جانب شجرة بعيدة بضعة ياردات ‪.‬كان قد صوب بندقيته‬
‫تحو الھدف ‪ ،‬لكنه لم يطلق النار ‪.‬كان ھذا غريبا‪ ،‬ألنه كان أسرعنا رميا ً ‪ .‬يمكنه اطالق النار‬
‫خمس مرات بينما كنت اطلق النار مرتين ‪.‬ما أزعجني أكثر أنه كان ال يزال قائما‪.‬‬

‫في ظل الظروف العادية‪ ،‬يجب ان اصيح "انزل ايھا األحمق!" ولكن لسبب ما‪ ،‬في تلك‬
‫المناسبة الوحيدة لم افعل ‪.‬لم أكن أعرف أين كان العدو‪ ،‬ولكن إذا كان الرجل الذي رأيته ھو‬
‫دليلھم‪ ،‬فانھم في مكان قريب ‪.‬إذا كانوا قد خرجوا من الشاطئ عبر الوادي‪ ،‬قد يكونون في‬
‫مكان حيث يمكنھم رؤيتنا بوضوح‪.‬‬

‫خرجت صلية من الوادي‪ ،‬وسقط شيمادا إلى األمام ‪.‬لم يتحرك ‪.‬وقتل على الفور ‪.‬العدو لم يكن‬
‫في الوادي‪ ،‬كما فكرت‪ ،‬ولكن على المنحدر عبر النھر ‪.‬وھذا يعني انني و كوزوكا عرضة‬
‫للھجوم ‪ ،‬لذلك حبونا الى الخلف ‪ .‬اخذنا بنادقنا ولكننا تركنا كل شيء آخر وراءنا األدوات‪،‬‬
‫الذخيرة‪ ،‬سكاكين ‪ ،‬كل شيء‪.‬‬
‫ووفقا لصحيفة تركھا فريق البحث قبل ان يغادر‪ ،‬اصيب شيمادا بين الحاجبين ‪.‬وقالت الصحيفة‬
‫ايضا ان ما ظنناه فريق البحث كان وحدة جبلية للجيش الفلبينى تمارس ھجمات على‬
‫الھوكس ‪.‬ھذا لم يغير شعورنا بالغضب من الشعب الذي أطلق النار على شيمادا‪.‬‬

‫كنا نتساءل دائما لماذا ظل شيمادا واقفا دون إطالق النار ‪.‬كنت أشتبه في أن قوات العدو ربما‬
‫كانت ترفع علم اليابان‪ ،‬وأن مشھدھا قد جعل شيمادا مترددا في تلك اللحظة المصيرية ‪.‬ولعله‬
‫رأى العلم ويعتقد أن القوات األخيرة وصلت إلى إعادة االتصال معنا ‪.‬وللتوضيح فان علم العدو‬
‫ممكن ان يستخدم وسيلة خداع في حرب العصابات‪.‬‬

‫لقد ارتكبنا عدة أخطاء ‪.‬كان األول ھو االختباء في ذلك الوادي‪ ،‬والثاني ھو نقل النانكا إلى‬
‫الوادي‪ ،‬والثالث ھو تركھا ھنا وأخطأ شيمادا حيث بقي واقفا وأخطأت انا اذ لم آمره بالنزول‪.‬‬

‫لماذا ھجرني صوتي؟ التفسير الوحيد الذي يمكن أن أفكر به ھو أنه ما لم نكن نتقاتل مع بعضنا‬
‫البعض‪ ،‬لم نتحدث أبدا بصوت عال ‪.‬لم أكن حتى أعطت األوامر بصوت عال‪ .‬ھذه العادة‬
‫منعتني من الصراخ بصوت عال ولكن ھل ھذا التبرير يسقي الماء حقا ؟ أال ينبغي أن أكون‬
‫قادرا على رفع صوتي اذا لزم االمر ؟‬

‫لمت نفسي لعدم القيام بذلك‪ ،‬ولكن كوزوكا قال‪ " :‬شيمادا ھو الذي أراد البقاء ھنا في المقام‬
‫األول ‪.‬قد يبدو ھذا قاسيا‪ ،‬ولكن علينا أن تعتاد على حقيقة أنه ميت ‪.‬انه يقلقني ان ارى انك تلوم‬
‫نفسك على ما حدث‪".‬‬

‫وبعد مرور عشرة أيام تقريبا على وفاة شيمادا‪ ،‬مرت طائرة تابعة لسالح الجو الفلبيني خلفھا‬
‫شريط ملون من الدخان عدة مرات ‪.‬وألقت منشورات‪ ،‬وشخص من مكبر الصوت يقول‪:‬‬
‫"إنودا‪ ،‬كوزوكا‪ ،‬انتھت الحرب‪".‬‬

‫ھذا اغضبنا ‪.‬أردنا أن نصرخ على األميركيين البغيضين لوقف التھديد و والنداءات ‪.‬أردنا أن‬
‫نقول لھم أنه إذا لم يتوقفوا عن معاملتنا مثل األرانب الخائفة‪ ،‬فإننا سوف نعود لھم في يوم من‬
‫األيام‪ ،‬بطريقة أو بأخرى‪.‬‬

‫وبعد بضعة أيام كان ھناك ضجيج في الغابة ‪.‬لقد استمعت عن كثب وقررت أن سكان الجزيرة‬
‫يقطعون األشجار‪ ،‬ولكننا انتقلنا بسرعة إلى مخيم مختلف ‪.‬بعد ذلك‪ ،‬اكتشفت من كتيب تركه‬
‫فريق بحث في عام ‪ ١٩٥٩‬أن شقيقي االكبر توشيو وشقيق كوزوكا األصغر فوكوجي كانا‬
‫في لوبانغ يبحثان عنا‪.‬‬

‫بعد حوالي شھرين‪ ،‬ذھبنا مرة أخرى إلى الوادي حيث قتل شيمادا ‪.‬كان لي معارك ومشاجرات‬
‫مع شيمادا‪ ،‬لكنه كان صديقي ‪ ...‬قاتلنا جنبا إلى جنب معي لمدة عشر سنوات كاملة ‪.‬وقفت ھناك‬
‫لفترة من الوقت‪ ، ،‬كوزوكا وأنا تعھدنا بطريقة أو بأخرى باننا سوف ننتقم لشيمادا‪.‬‬

‫وبدأ الظالم يحل ‪ ،‬وقال كوزوكا‪" ،‬ايھا‪ ،‬المالزم‪ ،‬دعنا نذھب"‪.‬‬


‫مسحت خدي وألول مرة منذ جئت إلى لوبانغ‪ ،‬كنت أبكي‪.‬‬
‫رسائل وھمية‬

‫في احد االيام في غابة كثيفة ليست بعيدة عن المكان الذي قتل فيه شيمادا‪ ،‬وجدت العلم الياباني‬
‫مكتوبارعليه أسماء عائلتي وبعض أقاربي ‪.‬من بين األسماء كانت "ياسو" و "نوريكو"‪ ،‬والتي‬
‫من المفترض ان تكون اسماء لزوجة أخي األكبر ياسوي وابن عم يدعى "نوري"‪ .‬ولكن إذا‬
‫كانت التوقيعات حقيقية‪ ،‬لماذا كان حذفت بعض الحروف من االسماء واضيف البعض االخر‬
‫؟ توصلت الى إلى استنتاج مفاده أنھا رسالة وھمية من نوع ما‪.‬‬

‫لم نكن نعتقد لحظة أن الحرب قد انتھت ‪.‬على العكس من ذلك‪ ،‬كنا نتوقع من الجيش الياباني أن‬
‫يرسل قوة ھبوط إلى لوبانغ أو على األقل إرسال عمالء سريين إلقامة اتصال معنا‪.‬‬

‫كما فكرت في كون أسماء ابن عمي وشقيقة مكتوبة بشكل غير صحيح‪ ،‬كان لي الشعور بأنه‬
‫كان يحاول أن يقول لي شيئا ‪.‬وخلصت أخيرا إلى استنتاج مفاده أنھا رسالة وھمية من المقر‬
‫الياباني‪.‬‬

‫كان منطقي مثل ھذا ‪.‬لنفترض أوال أن الجيش الياباني أرسل جاسوسا إلقامة اتصال معي‪ ،‬وھذا‬
‫الجاسوس وقع في ايدي االمريكيين ‪.‬ومن المؤكد ان االميركيين يعتقدون ان القوات اليابانية‬
‫تخطط العادة احتالل المطار فى لوبانج الن المطار الوحيد فى الفلبين غرب مانيال وستكون‬
‫القاعدة الواضحة لشن ھجوم من الغرب على تلك المدينة ‪.‬ومن اجل وقف ھذه الخطوة‪ ،‬سينقل‬
‫االمريكيون القوات البحرية والجوية الى مانيال‪ ،‬ومن ثم يضغطون على القوات اليابانية فى‬
‫غينيا الجديدة ومااليا وفرنسا الصينية الھندية ‪.‬من وجھة النظر اليابانية‪ ،‬ثم‪ ،‬كان من المنطقي‬
‫جعل األميركيين يعتقدون بان ھناك جاسوسا ً في لوبانغ ‪.‬ومن ثم فقد سمح للعلم‪ ،‬الذي يقصد‬
‫ظاھريا بالنسبة لي‪ ،‬أن يسقط في أيدي العدو ‪.‬اآلن األميركيون كانوا يحاولون استخدامه إلغراء‬
‫لنا من قاعدتنا في وسط لوبانغ ‪.‬وبشأن احتمال حدوث ذلك‪ ،‬اتخذ المقر الياباني االحتياطات‬
‫الالزمة لكتابة أسماء ابن عمي وأخته باخطاء ‪.‬وبما أن ھذا شيء كنت ملزما أن يالحظ‪ ،‬فإنه‬
‫يحذرني أن كل شيء كان وھميا‪.‬‬

‫اليوم كل ھذا يبدو سخيفا‪ ،‬ولكني كنت قد درست في فوتاماتا دائما أن تبحث عن الرسائل‬
‫وھمية‪ ،‬وأنه ال يبدو لي أن موقفي كان حذرا بشكل مفرط ‪.‬في الواقع‪ ،‬كنت قد اعتبر أنه اھمال‬
‫للغاية في ذلك الوقت عدم التشكيك في كل حرف مكتوب على العلم‪.‬‬

‫ما زلت أتذكر ما تعلمته في فوتاماتا عن رسالة وھمية جعلت من السھل على ألمانيا ھزيمة‬
‫فرنسا في عام ‪ .١٩٤٠‬ومع استعداد األلمان لمھاجمة فرنسا‪ ،‬سمحوا لجاسوس من التحالف‬
‫معروف "بسرقة" خطة لھجوم جوي ألماني على لندن ‪ .‬وقد خدعت بريطانيا من قبل الخطة إلى‬
‫حد أنھا على عجل سحبت الطائرات والمدفعية المضادة للطائرات من ھولندا إلى منطقة‬
‫لندن ‪.‬مع خفض القوات اإلنجليزية في ھولندا وبالتالي‪ ،‬انقض األلمان على ذلك البلد وبلجيكا‬
‫ومن ثم اخترقوا نھاية ضعيفة نسبيا من خط ماجينو وفي حوالي شھر احتلوا باريس‪.‬‬

‫وكما ذكرت بھذا الحادث‪ ،‬بدا واضحا بالنسبة لي أن العلم الياباني كان جزءا من محاولة لجعل‬
‫العدو يحول قواته إلى مانيال‪ ،‬اعتقادا منه بأن لوبانغ على وشك إعادة احتالل ‪.‬كنت متحمسا‬
‫للتفكير بأن الھجوم المضاد الياباني كان قريبا‪.‬‬

‫لم أكن وحدي فيما يتعلق العلم كرسالة وھمية ‪.‬كوزوكا وافق معي أنه ال يمكن أن يكون أي‬
‫شيء آخر ‪.‬كنت قد علمت كوزوكا كمية جيدة عن مبادئ الحرب السرية‪ ،‬بحيث اصبح ال يقل‬
‫عني مھارة في قراءة ما ھو خارج النص ‪،‬واصبح يجاري أي خريج من فوتاماتا‪.‬‬

‫لقد تم إسقاط المزيد والمزيد من المنشورات التي اعتبرناھا وھمية على الجزيرة‪ ،‬وفي كل مرة‬
‫سقطت‪ ،‬كنا نظن أن الھجوم الياباني يقترب ‪.‬ومن الواضح أن القوات اليابانية في أماكن أخرى‬
‫تتقدم إلى حد أنھا يمكن أن تبدأ مضايقة العدو في الفلبين‪.‬‬

‫كلما وجدنا منشورات جديدة‪ ،‬كنا سعداء ‪.‬لقد اعتبرنا ھذه الرسائل "المزيفة" جزءا من محاولة‬
‫لتحفيزنا ‪.‬وقد احتوت على الكثير من المعلومات حول ما يجري في اليابان‪ ،‬وكيف كانت‬
‫عائالتنا تتالقى‪ ،‬وأحيانا كانت ھناك صور عائلية ‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬كانت إحدى المنشورات‬
‫التي سقطت في عام ‪ ١٩٥٧‬تحتوي على صورة بعنوان "عائلة أونودا سان"‪ .‬وأظھرت الصورة‬
‫والدي‪ ،‬شقيقتي األكبر شي وأطفالھا‪ ،‬شقيقتي الصغرى كيكو وعدة أفراد آخرين من عائلتي ‪.‬كل‬
‫شيء بدا حقيقيا بما فيه الكفاية‪ ،‬إال أن جارا ال عالقة لي به كان يقف إلى الجانب ‪.‬كان مثل‬
‫الوقت الذي ظھر فيه الشخص الذي كان من أقرباء شيمادا في ما كان يفترض أن يكون صورة‬
‫ألسرته‪.‬‬

‫وھناك سمة أخرى مشبوھة من ھذه الصورة ھي أنه ال يوجد سبب لماذا يجب أن يكون‬
‫ھناك سان بعد اسمي" ‪.‬أسرة أونودا" مناسب بالمعايير اليابانية لآلداب‪.‬‬

‫كان ھناك أيضا صورة ل "عائلة كوزوكا سان"‪ .‬وقال كوزوكا‪" :‬كيف يتوقعون مني أن أصدق‬
‫ذلك؟ لماذا تقف عائلتي أمام منزل جديد ال ينتمي إلينا؟"‬

‫لم نكن نعرف أن المدن اليابانية تعرضت للقصف على نطاق واسع‪ ،‬وتحولت مدينة طوكيو إلى‬
‫حد كبير إلى رماد‪.‬‬

‫طبعت المنشورات على ورق رخيص ‪ ،‬لتوفير التكاليف ‪.‬وھذا يعني أن المنشورات تنتج بكميات‬
‫كبيرة وأسقطت ليس فقط في لوبانغ ولكن في جميع أنحاء الفلبين ‪.‬واقترح ھذا بدوره أنه يجب‬
‫أن يكون ھناك العديد من المقاتلين اليابانيين اآلخرين في جزر أخرى ‪.‬كنا نعتقد أن ھذه‬
‫المنشورات تحاول إقناعھم بأنھم إذا عرفوا أسماءھم وعناوين أسرھم‪ ،‬فإنھم سيحصلون أيضا‬
‫على أخبار من الوطن‪ ،‬مثل أونودا وكوزوكا في لوبانغ ‪.‬وال شك أن ھذا كان الھدف الحقيقي‬
‫للعدو‪ ،‬وال شك أن ھذا ھو السبب في إضافة سان إلى أسمائنا ‪.‬في ذكر عائالتنا إلى اليابانين‬
‫األخرين من المناسب استخدام سان‪.‬‬

‫مع مجموعة واحدة من منشورات كانت ھناك مظاريف مع اسم السفارة اليابانية في الفلبين‬
‫مطبوعا عليھا ‪.‬ومرة أخرى كانت الورق من النوع الرخيص‪ ،‬وخلصنا إلى أن نفس المظاريف‬
‫قد أسقطت على القوات اليابانية في جزر أخرى ‪.‬كل مظروف يحتوي على قلم رصاص‬
‫وتعليمات‪" :‬اكتب عنوان منزلك واسم وحدتك العسكرية ‪ ،‬وسوف نقدم لكم المعلومات التي من‬
‫شأنھا إقناعكم ‪.‬حالما تتلقى ھذا‪ ،‬تنزل من الجبال" ‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمسألة كيف اكتسب األمريكيون صورة لعائلتي‪ ،‬فقد افترضت أن التفسير يجب أن‬
‫يكون شيئا من ھذا القبيل من العلم ‪.‬ربما كان قد تم تمريره من قبل وكيل ياباني إلى األمريكيين‬
‫أو الفلبينيين في محاولة لتمرير بعض المعلومات الخاطئة اليھم ‪.‬وألبالغني أن ال آخذ الصورة‬
‫على محمل الجد‪ ،‬فقد أدرجت السلطات اليابانية عمدا صورة الشخص الذي ال ينتمي إلى‬
‫أسرتي‪.‬‬

‫قلت لكوزوكا‪" ،‬مع إرسال كال الجانبين رسائل من ھذا القبيل‪ ،‬يجب أن يكون الھجوم المضاد‬
‫الياباني قريبا‪".‬‬

‫"نعم"‪ ،‬وافق‪" ،‬جانبنا ال يعدمون الحيل‪ ،‬أليس كذلك؟"‬

‫بعد أن ھبطت على لوبانغ في نھاية عام ‪ ،١٩٤٤‬لم يكن لدي معرفة حقيقية عن كيفية الحرب ‪.‬لم‬
‫تكن ھناك أخبار على اإلطالق من العالم الخارجي لعدة سنوات‪ ،‬ولم اصدق‬
‫المنشورات ‪.‬كوزوكا كان مثلي ‪.‬كنا نعتقد أن من واجبنا أن نستمر حتى يتم إنشاء منطقة الرخاء‬
‫المشترك لشرق آسيا ‪.‬ولعل ھذا ھو ما أدى إلى تعييني كعامل حرب سرية في المقام‬
‫األول ‪.‬كوزوكا لم يك تحت أي أوامر خاصة مثلي ‪.‬وقد تم ببساطة تجنيده في الجيش وأرسل‬
‫إلى الفلبين ‪.‬لكنه كان معي لفترة طويلة وشعر بنفس الطريقة التي فعلتھا بشأن الوضع ‪.‬لم يشك‬
‫أي منا لمدة دقيقة أنه يجب أن يكون ھناك جنود يابانيون آخرون مثلنا في العديد من الجزر‬
‫الفلبينية‪.‬‬

‫في عام ‪ ،١٩٥٠‬بعد انشقاق أكاتسو مباشرة‪ ،‬كان عدد من أعمدة خيام الجيش الياباني تطوف‬
‫على الشاطئ الجنوبي للجزيرة‪ ،‬جنبا إلى جنب مع شظايا من حقائب الجيش ‪.‬وھذه كانت الرياح‬
‫تحملھا خالل موسم األمطار ‪.‬واعتبرناھا بقايا حطام من القوات اليابانية المارة ‪.‬ومرور القوات‬
‫اليابانية خالل ھذه المنطقة يدل على ان القتال الرئيسي يتركز اآلن في الھند الصينية‪.‬‬

‫وبعد خمس سنوات‪ ،‬كان السبب في أن الجبھة قد امتدت إلى جاوة أو سومطرة‪ ،‬وقررنا أن‬
‫حملة مشتركة بين الجو والبحر واألرض يجب أن تسير في جميع أنحاء المنطقة إلى الجنوب‪.‬‬

‫لقد أعجبنا استمرار نشاط دوريات العدو في منطقتنا ‪.‬حوالي ‪ ١٩٥٠‬شغلت منارات في كابرا‬
‫وعلى الطرف الشمالي الغربي من ميندورو ‪.‬وكانت دورية من طائرتين تغطي المنطقة كل‬
‫يوم ‪.‬وازداد عدد الطائرات المقاتلة باستمرار ‪.‬في البداية كان ھناك اثنين فقط أو ثالثة في اليوم‪،‬‬
‫ولكن اآلن كانت ھناك في بعض األحيان العشرات‪.‬‬

‫ما أقنعنا اكثر بوجود القوات اليابانية األخرى في الجزر االخرى كان إسقاط القنابل في‬
‫الوادي بالقرب من فيغو بعض األحيان ‪ .‬فيما بعد علمت أن لوبانغ قد أصبحت ھدف الممارسة‬
‫لطائرات التدريب القوات الجوية الفلبينية‪ ،‬ولكن في ذلك الوقت لم أستطع سوى التكھن عن سبب‬
‫القنابل ‪.‬وخلصت إلى أن العدو يعتقد أننا كنا نحاول جلب وحدات حرب العصابات اليابانية من‬
‫جزر أخرى وتم إسقاط القنابل لمنع ذلك‪.‬‬

‫وفي حوالي أيار ‪ /‬مايو ‪ ،١٩٥٤‬قال صوت يتحدث على مكبر الصوت‪" :‬أنا كاتسو ساتو‪ ،‬رئيس‬
‫أركان القوات الجوية البحرية سابقا ً ‪.‬أود أن ألتقي بكم في لوك "‪ .‬بدا لنا من السخف أن ضابط‬
‫البحرية سيأتي يبحث عن‪٠‬ا عندما كنا في الجيش‪.‬‬

‫وباختصار‪ ،‬فإن مختلف المنشورات والرسائل "المزورة" التي وصلت إلينا في لوبانغ‪ ،‬كانت‬
‫بعيدة عن إقناعنا بأن الحرب قد انتھت‪ ،‬وأقنعتنا بأن القوات اليابانية ستھبط قريبا في‬
‫الجزيرة ‪.‬بالتفكير في أن وكيل ياباني متقدم سوف يأتي بالتأكيد على الساحل الجنوبي‪ ،‬كنا‬
‫نحاول "تأمين" تلك المنطقة ‪.‬كنا نعتقد أنه إذا وصل ھذا الوكيل‪ ،‬ولم نتمكن من إعطائه جميع‬
‫المعلومات التي يحتاجھا عن الجزيرة‪ ،‬فاننا سنوبخ بشدة‪ ،‬وبحق‪.‬‬

‫سيكون الشاطئ الجنوبي أفضل مكان للقوات اليابانية في الھبوط ‪.‬ويمكنھم أن يرسوا قواربھم‬
‫على الشعاب المرجانية‪ ،‬وأن يمشيوا عبر ستين أو سبعين ياردة من المياه الضحلة إلى الشاطئ‪،‬‬
‫حيث يمكنھم الذھاب فورا إلى الجبال ‪.‬إذا كان يقولون‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬أنھم يريدون االنتقال‬
‫من ھذه النقطة إلى المطار في غضون يومين‪ ،‬كنا على استعداد لتوجيھھم في الوقت المحدد‬
‫على طول الطريق بحيث ال يواجھون قوات العدو‪.‬‬

‫وحاولنا‪ ،‬بإطالق طلقات تحذيرية من حين آلخر‪ ،‬إبقاء سكان الجزر خارج منطقة الساحل‬
‫الجنوبي‪ ،‬وقضينا وقتا طويال في العمل على تامين الطريق إلى المطار ‪.‬لم أكن أعرف اال بعد‬
‫ذلك بكثير أنه بسبب تكتيكاتنا‪ ،‬قرر الفلبينيون إطالق النار علينا عند رؤيتنا‬

‫في ربيع عام ‪ ،١٩٥٨‬بدأت القوات الجوية الفلبينية بناء قاعدة الرادار على الجبل الذي كنا‬
‫نعرفه باسم خمسمائة ‪.‬قبل بدء البناء الفعلي‪ ،‬استأجرت القوات الجوية عددا كبيرا من سكان‬
‫الجزيرة لبناء طريق للسيارات المؤدية إلى القاعدة ‪ .‬في احد يوم خرجنا لنرى كيف يكون‬
‫الطريق ‪ ،‬فوجئنا بصوت انفجار بالقرب من قمة الجبل ‪.‬نظربعضنا الى بعض متفاجئين‪.‬‬

‫وقال كوزوكا‪" :‬يبدو أنھم بدأوا في البناء بشكل جدي‪".‬‬

‫أجبت‪" :‬دعونا ننتظر حتى الظالم ونلقي نظرة ھناك‪".‬‬


‫جلسنا على جانب التل وانتظرنا غروب الشمس‪ ،‬الذي سيكون في حوالي ثالثين دقيقة ‪.‬كان‬
‫ظھري إلى التالل‪ ،‬وكوزوكا‪ ،‬الذي كان جالسا بجانبي بحيث يمكن أن يبقي عينه على التالل‪،‬‬
‫وكان يتحدث معي في صوت منخفض‪.‬‬

‫فجأة كان كوزوكا يلھث "اه!" التفت الى التالل وأطلقت النار نحو قمتھا‪ .‬كان ھناك صرخة‬
‫من ھذا االتجاه‪ ،‬كما سقط شخص ما على الجانب اآلخر من التالل‪ ،‬ركضنا بسرعة أسفل التل‬
‫في الغابة‪.‬‬

‫لم يمض وقت طويل من ‪ ١٩٥٩‬قبل أن يصل فريق بحث كبير من اليابان للبحث عنا‪.‬‬

‫وقلت "يبدو ان االميركيين بدأوا عملية اخرى من عمليات االنقاذ المزيفة‪".‬‬

‫"ما ھذا اإلزعاج!" تذمر كوزوكا" ‪.‬دعونا ننتقل إلى مكان آخر ھادئ‪".‬‬

‫لقد انتقلنا إلى منطقة نحو الجنوب حيث لم نتمكن من سماع مكبرات الصوت‪ ،‬اكتشفت الحقا‬
‫ان فريق البحث قد كرر مرارا وتكرارا‪" :‬المالزم أونودا !الجندي االول كوزوكا !لقد جئنا من‬
‫اليابان للبحث عنكم ‪.‬لقد انتھت الحرب ‪.‬يرجى التحدث معنا والعودة إلى اليابان معنا‪".‬‬

‫كما عزفوا النشيد الوطني الياباني والكثير من األغاني الشعبية اليابانية واألغاني الشعبية ‪.‬ذھب‬
‫فريق البحث في جميع أنحاء الجزيرة بأكملھا‪ ،‬وخيموا في الليل ‪.‬في كل مرة كانوا يقتربون منا‪،‬‬
‫ذھبنا أبعد في الغابة‪.‬‬

‫كنا واثقين في عقولنا بأن ھؤالء األشخاص كانوا عمالء للعدو وقد خدعتھم رسائل جيشنا‬
‫الوھمية ‪ ،‬وكانوا يحاولون منعنا من االتصال بجواسيس يابانيين مفترضين ‪.‬ويمكنھم أن يناشدونا‬
‫كما يريدون ؛ لم يكن لدينا أي نية لالستجابة‪.‬‬

‫كان العدو يحاول‪ ،‬كما كنا نظن‪ ،‬إزالتنا من ھذه الجزيرة ‪.‬وإذا تمكن من القبض علينا االثنين ‪،‬‬
‫فإن وكالء مسبقين من اليابان لن يتمكنوا من الھبوط ھنا‪ ،‬وسيكون من المستحيل على فرقة عمل‬
‫يابانية أن تستعيد المطار ‪.‬من وجھة نظرنا‪ ،‬إذا كان علينا أن نأخذ في ھذا الخداع‪ ،‬فإن كل عملنا‬
‫حتى ذلك الوقت سوف يضيع ‪.‬حتى لو بحثوا الجزيرة بمشط أسنان‪ ،‬كان علينا أن نحاول اال‬
‫نكتشف‪.‬‬

‫وإذا كان ينبغي أن يكون ھناك بالفعل بحث شامل‪ ،‬فقد وضعنا خطة للھروب من الجزيرة‪ ،‬ولكن‬
‫في حالة اكتشافنا قبل أن نتمكن من تنفيذ ذلك‪ ،‬فقد عقدنا العزم على إلحاق أضرار كبيرة قدر‬
‫اإلمكان ‪.‬إذا كان علينا أن نموت‪ ،‬سيكون من األسھل معرفة أننا قتلنا عشرة أو عشرين أو‬
‫ثالثين من قوات العدو‪.‬‬

‫كان الناس يقولون لي في كثير من األحيان أنه إذا كنت محاصرا حقا‪ ،‬يجب أن نبفي الرصاصة‬
‫األخيرة لنفسك‪ ،‬ولكنني كنت انوي استخدام كل رصاصة معي ضد العدو ‪.‬لماذا يجب أن أھدر‬
‫رصاصة على نفسي بينما سيتولى العدو ذلك ؟ كنت قد اعتنيت بتلك الرصاصات واحتفظت‬
‫بھا نظيفة كل ھذه السنوات ‪.‬أردت من كل واحدة أن تلحق أكبر قدر ممكن من الضرر ‪.‬إذا‬
‫كنت يمكن أن تقتل عدوا آخر بآخر رصاصة‪ ،‬فذلك أفضل ‪.‬ويبدو أن ھذا ھو ما يجب أن يفعله‬
‫الجندي بدال من االنتحار‪،‬‬

‫وقال كوزوكا "يمكن ان يثيروا كل الضجة التي يريدون"‪ ،‬لكنني لن أسمح لھم بالعثور علي‪".‬‬

‫"حسنا‪ "،‬أجبت‪" :‬طالما أنھم بقوا على ھذا النحو‪ ،‬فلن يظھر أي عميل ياباني ‪.‬دعونا نعثر‬
‫على مكان آمن لطيف ونسترخي بعض الوقت" ‪.‬‬

‫لكنھم بقوا وظلوا وأقاموا ‪.‬جاءوا في مايو وما زالوا ھناك في أواخر نوفمبر‪.‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬قلت في احد االيام ‪" :‬فقط للرجوع إليھا في المستقبل‪ ،‬دعونا نذھب أقرب ونرى‬
‫بالضبط ما ھي التكتيكات التي يفعلون‬

‫وصلنا إلى ذروة أقرب جبل أطلقنا عليه ستمائة ‪.‬لم أكن أعرف ذلك الحين‪ ،‬ولكن ھذا كان آخر‬
‫يوم من البحث ‪ .‬من أعلى ستمائة جاء صوت مكبر الصوت قائال‪" :‬ھيرو‪ ،‬اخرج ‪.‬انا أخوك‬
‫توشيو ‪.‬جاء شقيق كوزوكا فوكوجي معي ‪.‬ھذا ھو يومنا األخير ھنا ‪.‬يرجى الخروج حيث يمكننا‬
‫أن نراكم" ‪.‬‬

‫صوت بدا بالتأكيد مثل توشيو‪ ،‬لذلك فكرت في البداية العدو يبث تسجيال ‪.‬وكلما استمعت أكثر‪،‬‬
‫بدا الصوت ابعد عن تسجيل ‪.‬ذھبت أقرب قليال حتى أستطيع أن أسمع بشكل أفضل‪.‬‬

‫كان رجل يقف على رأس ستمائة يتحدث بجدية في الميكروفون ‪.‬اقتربت من نقطة حوالي مائة‬
‫وخمسين ياردة بعيدا عنه ‪.‬لم أجرؤ على االقتراب اكثر‪ ،‬ألنني ساكون ھدفا جيدا جدا عندئذ‪.‬‬

‫لم أتمكن من رؤية وجه الرجل‪ ،‬لكنه بدا مثل أخي‪ ،‬وصوته كان مطابقا‪.‬‬

‫"ھذا شيء حقا"‪ ،‬فكرت" ‪.‬لقد عثروا على شخص من ابوين يابانيين مھاجرين أو سجين‬
‫يظھرعلى مسافة مثل أخي‪ ،‬وعلم أن يقلد صوت أخي تماما‪".‬‬

‫بدأ الرجل في الغناء‪" ،‬الرياح الشرقية تھب في السماء فوق العاصمة" ‪. .‬كانت ھذه أغنية طالب‬
‫معروفة في مدرسة طوكيو الثانوية االولى ‪ ،‬التي درس فيھا أخي‪ ،‬وكنت أعرف أنه يحب‬
‫ذلك ‪.‬لقد بدأ كأداء جيد‪ ،‬واستمعت باھتمام ‪.‬ولكن تدريجيا نمت نغمة صوت متوترة وزادت ‪،‬‬
‫وفي النھاية خمد الصوت تماما‬

‫ضحكت لنفسي ‪.‬لم يتمكن مننتحل الھوية من الحفاظ عليھا‪ ،‬وصوته قد جاء خالل النھاية ‪.‬لقد‬
‫وجدت أنھا مسلية جدا‪ ،‬خاصة ألنه في البداية كان قد اخذني تقريبا‪.‬‬

‫فجأة بدأ المطر ‪.‬وارتفعت العاصفة ‪.‬التقط الرجل على التل شيء ما على قدميه وبدأ ينزل أسفل‬
‫التل‪ ،‬وكتفيه يتدلى ‪.‬بعد ان توارى عن األنظار لدرجة االمان ‪ ،‬تراجعت مرة أخرى إلى‬
‫الغابة‪.‬‬

‫عندما عدت إلى اليابان‪ ،‬علمت أنه كان حقا أخي‪.‬‬


‫"عندما سمعتك صوتك يخمد في نھاية األغنية‪ "،‬أوضحت‪" ،‬اقتنعت بأنه كان منتحال‪".‬‬

‫مع نظرة حزينة على وجھه‪ ،‬قال أخي‪" :‬بينما كنت أغني‪ ،‬بدأت أفكر أن ھذا ھو آخر يوم لي في‬
‫لوبانغ‪ ،‬وأنا اختنق ‪. . . .‬وھذا ھو السبب " ‪.‬‬

‫ترك فريق البحث صحفا ومجالت ‪.‬معظمھا حديث‪ ،‬والكثير منھا يحتوي على مقاالت عن زواج‬
‫ولي العھد ‪.‬وكانت الصحف‪ ،‬التي غطت فترة حوالي أربعة أشھر‪ ،‬مكدسة تقريبا على ارتفاع‬
‫قدمين ‪.‬كنا نظن أنه أعيد طبع صحف يابانية حقيقية معالجة من قبل المخابرات األمريكية‬
‫بطريقة تقضي على أي أخبار لم يرغب األمريكيون في رؤيتھا ‪.‬وكان ھذا كل ما يمكن أن نفكر‬
‫فيه طالما كنا نعتقد أن حرب شرق آسيا الكبرى ما زالت مستمرة‪.‬‬

‫وبطريقة أكدت الصحف أن الحرب ال تزال مستمرة‪ ،‬ألنھم قالوا الكثير عن الحياة في‬
‫اليابان ‪.‬وإذا كانت اليابان قد خسرت الحرب فعال‪ ،‬فال ينبغي أن تكون ھناك حياة في‬
‫اليابان ‪.‬يجب أن يموت الجميع‪.‬‬

‫عندما وصلت إلى الفلبين في عام ‪ ،١٩٤٤‬كانت الحرب تسير على نحو سيء بالنسبة لليابان‪،‬‬
‫وفي الوطن كانت العبارة " أيشيوكو جيوكوساي( " مائة مليون نسمة تموت من أجل الشرف(‬
‫على شفاه الجميع ‪.‬ھذه العبارة تعني حرفيا أن سكان اليابان سيموتون إلى آخر رجل قبل‬
‫االستسالم ‪.‬أخذت ھذا حرفيا ‪ ،‬وأنا واثق ان العديد من الشباب الياباني اترابي فعلوا كذلك ‪.‬‬

‫وأعتقدت بإخالص أن اليابان لن تستسلم طالما بقي ياباني واحد على قيد الحياة ‪.‬وعلى العكس‬
‫من ذلك‪ ،‬إذا ترك أحد اليابانيين أحياء‪ ،‬فلن تستسلم اليابان ‪.‬‬

‫بعد كل شيء‪ ،‬ھذا ھو ما تعھد به اليابانيون جميعا بعضھم لبعض ‪.‬لقد أقسمنا أننا سنقاوم‬
‫الشياطين األمريكيين واإلنجليزيين حتى يموت آخر رجل ‪.‬إذا لزم األمر‪ ،‬فإن النساء واألطفال‬
‫ستقاوم بعصي الخيزران‪ ،‬في محاولة لقتل أكبر عدد ممكن من قوات العدو قبل أن يقتلوا‬
‫أنفسھم ‪.‬نشرة صحف الحرب ھذه الفكرة بأقوى لغة ممكنة" ‪.‬الكفاح من أجل النھاية!" "يجب‬
‫حماية اإلمبراطورية بأي ثمن!" "مائة مليون يموتون من أجل القضية"‪ .‬لقد نشأت تقريبا على‬
‫ھذا النوع من الكالم‪.‬‬

‫عندما أصبحت جنديا‪ ،‬قبلت أھداف بلدي ‪.‬وتعھدت بأن أفعل كل شيء في وسعي لتحقيق تلك‬
‫األھداف ‪ .‬بعد أن ولدت ذكرا ويابانيا‪ ،‬وبمجرد اجتياز الفحص البدني للجيش‪ ،‬اعتبرت ان‬
‫واجبي ھو ان اصبح جنديا واقاتل من أجل اليابان‪.‬‬
‫بعد دخول الجيش‪ ،‬أصبحت مرشحا في مدرسة تدريب الضباط ‪.‬عندما جاء أخي تاداو لرؤيتي‬
‫ھناك‪ ،‬سألني عما إذا كنت مستعدا للموت من أجل بلدي ‪.‬قلت له نعم ‪.‬في ذلك الوقت‪ ،‬جددت‬
‫يمينا لنفسي بأن أعطي كل شيء ‪.‬لقد كان ھذا اليمين رسميا‪ ،‬وكنت عازما على تنفيذه‪.‬‬

‫وبحلول عام ‪ ١٩٥٩‬كنت في لوبانغ لمدة خمسة عشر عاما‪ ،‬واألخبار الحقيقية الوحيدة التي‬
‫تلقيتھا من اليابان خالل تلك الفترة ھي الصحيفة التي تركھا يوتاكا تسوجي‪ ،‬الذي ادعى أنه‬
‫مراسل من صحيفة أساھي ‪ .‬لم أكن متأكدا حتى من صحة ھذا‪.‬‬

‫وباختصار‪ ،‬لمدة خمسة عشر عاما‪ ،‬كنت خارج الزمن و كل ما تاكد من صحته كان في في‬
‫أواخر عام ‪ ١٩٤٤‬وما أقسمته في ذلك الوقت للقيام به ‪.‬كنت قد حافظت على قسمي بجد خالل‬
‫تلك الخمسة عشر عاما‪.‬‬

‫قرأت صحف عام ‪ ١٩٥٩‬في نفس اإلطار من العقل‪ ،‬وكان الفكر األول كان‪" ،‬اليابان آمنة‪ ،‬بعد‬
‫كل شيء ‪.‬آمنة وال تزال تقاتل‪.‬‬

‫ولم تقدم الصحف أي قدر من اإلثبات على انتھاء الحرب ‪.‬ألم يكن البلد كله يحتفل بزواج ولي‬
‫العھد؟ الم تظھر الصور موكب الزفاف الفخم في شوارع طوكيو‪ ،‬مع االف اليابانيين وقد‬
‫اصطفوا على طول الطريق؟ لم يكن ھناك شيء ھنا‪ .‬حوالي مائة مليون شخص يموتون ‪.‬ومن‬
‫الواضح أن اليابان مزدھرة وناجحة‪.‬‬

‫من قال إننا خسرنا الحرب؟ وأثبتت الصحف أن ھذا خطأ ‪.‬لو خسرنا‪ ،‬فإن مواطنينا سوف‬
‫يموتون جميعا ‪.‬لن يكون ھناك المزيد من اليابانيين ‪ ،‬ناھيك عن الصحف اليابانية‪.‬‬

‫كوزوكا اتفق معي تماما ‪.‬كما كنا نقرأ الصحف‪ ،‬وقال انه يتطلع وعلق‪" ،‬الحياة في جزر الوطن‬
‫يبدو أنھا أفضل بكثير مما كان عليه عندما غادرنا‪ ،‬أليس كذلك؟ انظر إلى اإلعالنات ‪.‬يوجد‬
‫ھناك الكثير من كل شيء ‪.‬أنا سعيد‪ ،‬أليس كذلك؟ ھذا جعلني أشعر أنه كان من المجدي‬
‫مواصلة الطريق الذي اسير به ‪.‬‬

‫كيف يمكن لنا حتى أن نحلم أن مدن اليابان قد تم تسويتھا‪ ،‬وأن سفن اليابان قد اغرقت تقريبا‪،‬‬
‫أو أن اليابان استنفدت واستنفدت بالفعل؟ وفيما يتعلق بتفاصيل الھزيمة‪ ،‬مثل غزو االتحاد‬
‫السوفياتي لمانشوكو أو إسقاط القنبلة الذرية على ھيروشيما‪ ،‬فإن صحف عام ‪ ١٩٥٩‬لم تعط أي‬
‫خبر‪.‬‬

‫نقرأ الصحف من خالل ومن خالل‪ ،‬وصوال الى القليل من ثالثة خطوط تريد اإلعالنات ‪.‬في‬
‫الواقع‪ ،‬كانت اإلعالنات المطلوبة مثيرة لالھتمام بشكل خاص‪ ،‬ألنھا أشارت إلى نوع العمل‬
‫الذي يسعى إليه الناس ونوع األشخاص المطلوب البحث عنھم‪.‬‬
‫ولكن الوقت توقف لنا في عام ‪ ،١٩٤٤‬وكما قرأنا‪ ،‬واصلنا العثور على البنود التي لم نتمكن من‬
‫فھمھا على اإلطالق ‪.‬وكنا نشعر بالحيرة بوجه خاص إزاء المقاالت المتعلقة بالعالقات الخارجية‬
‫والشؤون العسكرية ‪.‬في بعض األحيان بعد أن قرأنا عدة مرات‪ ،‬فإنھا ال تزال تعني شيئا‪.‬‬

‫ومن الصعب أن نعرف ‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬ما البلدان التي على الجانب الياباني والتي لم تكن‬
‫كذلك ‪.‬وبجمع ما نقرأه في الصحف والتفاصيل والمعلومات )أو المعلومات الخاطئة( التي‬
‫استخلصناھا من منشورات وما شابه ذلك‪ ،‬شكلنا صورة كاملة عن اليابان وحالة الحرب في عام‬
‫‪.١٩٥٩‬‬

‫علمنا أن اإلمبراطورية اليابانية العظمى قد أصبحت اليابان الديمقراطية ‪.‬لم نكن نعرف متى أو‬
‫كيف‪ ،‬ولكن من الواضح أن ھناك اآلن حكومة ديمقراطية‪ ،‬وقد تم إصالح التنظيم العسكري ‪.‬كما‬
‫يبدو أن اليابان تشارك اآلن في عالقات ثقافية واقتصادية مع عدد كبير من البلدان األجنبية‪.‬‬

‫ومازالت الحكومة اليابانية تعمل من اجل اقامة منطقة الرخاء المشترك فى شرق اسيا الكبرى‪،‬‬
‫وان الجيش الجديد مازال ينخرط فى صراع عسكرى مع امريكا ‪.‬ويبدو أن الجيش الجديد ھو‬
‫نسخة حديثة من الجيش القديم‪ ،‬وكان من المفترض أنه يجب أن يتحمل المسؤولية عن الدفاع‬
‫عن شرق آسيا كله ‪ ،‬بما في ذلك الصين‪.‬‬

‫كانت الصين دولة شيوعية تحت قيادة ماو تسي تونغ‪ :‬يبدو أن ھناك شكوكا قليلة ولكن ماو قد‬
‫تولى السلطة بدعم من اليابان ‪.‬ومما ال شك فيه أنه يتعاون اآلن مع اليابان لتنفيذ مجال الرخاء‬
‫المشترك ‪.‬على الرغم من أنه لم يكن ھناك شيء في ھذا الموضوع الجديد‪ ،‬إال أنه من المنطقي‬
‫أن تكون الخدمة السرية األمريكية قد ألغت أي ذكر لھا في الصحف التي اعدتھا لنا‬

‫وقد حسبنا أن اليابان قد وجدت أنه من المفيد تعيين ماو تسي تونغ كزعيم للصين الجديدة‪ ،‬ألن‬
‫ذلك سيجعل المبالغ المالية الكبيرة التي يملكھا الممولون الصينيون األثرياء متاحة‬
‫لليابان ‪.‬افترضنا أنه لضمان دعم اليابان‪ ،‬وافق ماو على دفع األمريكيين واإلنجليز من الصين‬
‫والتعاون مع الجيش الياباني الجديد‪.‬‬

‫في األساس‪ ،‬كانت اليابان والصين تعمالن لتحقيق نفس الھدف ‪.‬ويبدو من الطبيعي أن تكون قد‬
‫شكلت تحالفا ‪.‬وبدأنا نتحدث عن ذلك باسم "رابطة الرخاء المشترك لشرق آسيا"‪ ،‬وافترضنا أن‬
‫مانشوكو كانت أيضا عضوا نشطا‪ ،‬وأسھمت بشكل مادي في مجال تصنيع األسلحة‪.‬‬

‫كوزوكا سأل‪" :‬ھل تفترض ھؤالء ھم الدول الثالث الوحيدة في الرابطة"‬

‫"ال‪ "،‬أجبت ‪.‬واضاف "اعتقد ان الجزء الشرقي من سيبيريا قد انشق عن االتحاد السوفياتي‬
‫وانضم الى الرابطة‪".‬‬

‫"سيبيريا؟" سأل بشكل ال يصدق‪.‬‬

‫"لما ال؟ يجب أن أرى أن األمر سيكون مسألة وقت فقط حتى الروس البيض في شرق سيبيريا‬
‫سوف يتمردون ضد اإللحاد الشيوعي وينفصلوا عن االتحاد السوفيتي‪".‬‬
‫"اذن انت تعتقد أنه قد يكون ھناك" جمھورية سيبيريا مسيحية مستقلة "؟ ربما كنت على حق‪،‬‬
‫فإنه يجعل قدرا كبيرا من المعنى ‪.‬ماذا عن المناطق الجنوبية؟"‬

‫"ال شك انه تم تحرير جافا وسومطرة من ھولندا ‪.‬وأتصور أنھم ينتمون إلى الرابطة أيضا‪".‬‬

‫وأذكر أن أكثر من عشرين من زمالئي الطالب في فوتاماتا قد أرسلوا إلى جاوه لقيادة القوات‬
‫الجاوية ھناك في حرب العصابات‪.‬‬

‫"ماذا عن الھند؟" سأل كوزوكا‪.‬‬

‫"أعتقد أنھا مستقلة عن إنجلترا اآلن‪ ،‬وأن شاندرا بوس ھو الرئيس‪ ،‬أو رئيس وزراء‪ ،‬أيا كان‬
‫رئيس البالد يسمى ‪.‬ال أستطيع أن اقرر ما إذا كانت الھند تنتمي إلى الرابطة أم ال ‪.‬ما رأيك؟"‬

‫"حسنا‪ ،‬تخميني ھو أنھا على األقل دولة ودية ‪.‬وقد ال تزال استراليا قائمة‪ ،‬ولكن ال ينبغي أن‬
‫تكون طويلة جدا قبل أن ينضم إلينا االستراليون أيضا ‪.‬على أي حال‪ ،‬ھذا يترك لنا مع سيبيريا‬
‫الشرقية‪ ،‬مانشوكو‪ ،‬الصين‪ ،‬جافا وسومطرة كل في الرابطة ودعم اليابان في الحرب ضد‬
‫أمريكا وإنجلترا ‪.‬والسؤال الكبير ھو متى ستفصل الفلبين عن أمريكا وتنضم إلى جانبنا؟"‬

‫"أنا أعتقد أنھا مسألة وقت فقط"‪ ،‬قلت بثقة‪.‬‬

‫كما وضعنا نظرية حول تنظيم المؤسسة العسكرية اليابانية الجديدة ‪.‬شعرنا أنه في األساس ال‬
‫يمكن أن تكون مختلفة جدا عن القديم ‪.‬يجب أن يكون ھناك تقسيم إلى الجيش البري والبحرية‬
‫والقوات الجوية‪ ،‬وبالتأكيد سيكون ھناك خدمة سرية ‪.‬كان من المفترض أيضا أن سلسلة القيادة‬
‫ھي نفسھا كما كانت‪ ،‬وأننا أنفسنا تحت قيادة المنظمة الجديدة ‪.‬ويجب أن يكون الجيش الجديد‬
‫أيضا مصدر الرسائل المزورة التي ترسل أحيانا إلى لوبانغ‪.‬والفرق الرئيسي‪ ،‬بقدر ما يمكن أن‬
‫نرى‪ ،‬ھو أن نظام التجنيد قد حل محله نظام تطوع‪.‬‬

‫في فوتاماتا قيل لي أن إقامة منطقة الرخاء المشترك في شرق آسيا‪ ،‬بما في ذلك جنوب شرق‬
‫آسيا‪ ،‬وربما تحتاج إلى مائة سنة من الحرب ‪.‬حرب مائة سنة ستردي أي دولة الى الحضيض‬
‫في اليابان‪ ،‬حيث كان الجيش والشعب يقاتالن كأحدھما‪ ،‬فإن اآلثار ستكون أكثر خطورة ‪.‬إذا‬
‫حاولنا القتال لمدة مائة عام على الطريقة التي كنا نكافح في عام ‪ ،١٩٤٤‬فقد ينتھي مع انتصار‬
‫عسكري ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬في ذلك الوقت‪ ،‬لن يكون الناس فقط قد استنفذوا روحيا فقط ولكنھم نزلوا‬
‫الى حضيض فقر مدقع ‪.‬‬

‫وبسبب ھذا‪ ،‬اعتبرت أنه من المرجح أن اليابان تحولت إلى نظام جديد حيث يقاتل الجنود على‬
‫الجبھة العسكرية‪ ،‬ولكن المدنيين فقط على الجبھة االقتصادية ‪.‬ومن المؤكد أن نفقات الحرب‬
‫يجب أن تغطيھا الضرائب‪.‬وكلما فكرت في ھذا‪ ،‬كلما قررت أنھا كانت السياسة األكثر واقعية‬
‫إلتقان مجال االزدھار المشترك‪.‬‬
‫واذا كانت الحرب بين الواليات المتحدة ورابطة الرخاء المشترك تتم على ھذا االساس فان‬
‫المدنيين فى المنطقتين سوف يتنافسون مع بعضھم البعض فى المجال االقتصادى ‪.‬ومن الواضح‬
‫أن الجانب الذي كان يفوز في الحرب االقتصادية يكون قادرا على دفع المزيد من الضرائب‬
‫لحكومته‪ ،‬األمر الذي يعني المزيد من المال لألغراض العسكرية ‪.‬وبالتالي فإن ھذه الحكومة‬
‫ستحصل تدريجيا على الميزة العسكرية‪.‬‬

‫وباختصار‪ ،‬بدا لي أن رابطة الرخاء المشترك‪ ،‬تحت قيادة اليابان‪ ،‬يجب أن تظل مشاركة في‬
‫حرب اقتصادية وعسكرية شاملة ضد أمريكا‪ ،‬ولكن في الوقت نفسه كانت الشؤون االقتصادية‬
‫والشؤون العسكرية منفصلة ‪.‬عندما ناقشت كوزوكا المسألة معا‪ ،‬وصلنا دائما إلى ھذا االستنتاج‪،‬‬
‫وتم تعزيزه فقط من خالل أجزاء من األخبار التي التقطناھا في لوبانغ في السنوات الالحقة ‪.‬ھذا‬
‫كان استنتاجنا‪ ،‬وتدريجيا أصبح عقيدتنا‪.‬‬

‫"سألني كوزوكا ‪" :‬إذا كنا على حق في كل ھذا‪،‬فنحن نكافح من أجل من ؟"‬

‫"من اجل لليابان والشعب الياباني‪ ،‬بالطبع‪ "،‬أجبت دون تردد" ‪.‬يجب أن يكون الجيش الجديد قد‬
‫تولى كل سلطة الجيش القديم ‪.‬واذا كنا نقاتل من اجل الجيش الجديد فاننا ما زلنا نقاتل من اجل‬
‫البالد‪".‬‬

‫قد يعتقد البعض أنه من الغريب أنه حتى بعد الخروج من األمور لمدة خمسة عشر عاما‪ ،‬كان‬
‫بإمكاني أن أحلم بفكرة الحرب التي كانت فيھا األنشطة العسكرية والمدنية منفصلة‪ ،‬وھي حرب‬
‫تنافس فيھا المدنيون اليابانيون واألمريكيون في المجال االقتصادي في حين أن الجنود اليابانيين‬
‫واألمريكيين يتقاتلون على الجبھة العسكرية‪.‬‬

‫غير أن الفكرة لم تكن غريبة جدا بالنسبة لي في ذلك الوقت ‪.‬بعد كل شيء‪ ،‬عندما كنت في‬
‫ھانكو أعمل لشركة تجارية كان أخي تاداو ھناك أيضا‪ ،‬وكان يقاتل ضد الجيش الصيني ‪.‬في‬
‫تلك األيام‪ ،‬إذا خرج واحد حتى بقدر ضواحي ھانكو‪ ،‬فانه يصبح في منطقة خطرة‪ ،‬وأتذكر‬
‫سماع إطالق النار عندما قمت بجوالت على موردينا في تلك المناطق ‪.‬وفي داخل المدينة‪ ،‬كان‬
‫الصينيون يسيرون بھدوء الى أعمالھم‪. ،‬كلما عاد أخي من كامابين‪ ،‬كنا نخرج لتناول عشاء‬
‫كبير في أحد المطاعم الصينية ‪.‬في ھانكو عشت جنبا إلى جنب مع الصينيين وعملت معھم؛ لم‬
‫يول أحد منا اھتماما كبيرا بالحرب الجارية حولنا ‪.‬لم يقل لي أحد أن ھناك أي شيء غير عادي‬
‫حول كل ھذا ‪.‬اخذت ھذا في االعتبار بطبيعة الحال‪.‬‬

‫لو كانت فرق البحث التي جاءت إلى لوبانج قد تركت لنا طبعات ذات حجم أقل من جميع‬
‫الموضوعات الجديدة بين عامي ‪ ١٩٤٤‬و ‪ ،١٩٥٩‬فإننا ربما ندرك أن الحرب قد انتھت‪ ،‬وأننا‬
‫كنا نضيع حياتنا ‪.‬ولكني علمت أن الحرب قد تستمر مائة سنة‪ ،‬وكنت قد تلقيت أوامر خاصة‬
‫مباشرة من فريق ‪ ،‬أكد لي أن الجيش الياباني سيأتي في نھاية المطاف‪ ،‬بغض النظر عن المدة‬
‫التي قد يستغرقھا ‪.‬لم أكن قادرا على اتخاذ الصحف اليابانية عام ‪ ١٩٥٩‬على القيمة‬
‫االسمية ‪.‬كنت متأكدا منذ البداية من أنھم كانوا جزءا من خداع أمريكي‪ ،‬وكنت أكثر استعدادا‬
‫لرفض أي شيء لم يتناسب مع تصوراتي المسبقة ‪.‬وعالوة على ذلك‪ ،‬تذكرت بوضوح األيام في‬
‫ھانكو عندما كان الشعب والجنود أمرين مختلفين تماما‪.‬‬

‫لم نعرف شيئا على اإلطالق من االحتالل بعد الحرب في اليابان أو معاھدة سان‬
‫فرانسيسكو ‪.‬عندما وصلنا إلى بنود في الصحف التي تبدو غير قابلة للتفسير لنا‪" ،‬ترجمناھا إلى‬
‫أفكار يمكن أن نفھمھا ‪.‬لقد قررنا على سبيل المثال أن "القواعد األمريكية في اليابان" تعني حقا‬
‫قواعد "قواعد الرخاء المشترك في اليابان"‪ ،‬وأن "الصواريخ السوفياتية" كانت "صواريخ‬
‫يابانية"‪ .‬كنا نظن أننا نشھد محاوالت أمريكية لخداعنا عن طريق تغيير المقاالت اإلخبارية‬
‫األصلية‪.‬‬

‫ھذا يبدوا سخيفا اليوم ‪ ،‬عندما قرأنا عن معاھدة األمن بين اليابان والواليات المتحدة‪ ،‬قررنا أنه‬
‫يجب أن يكون بعض االتفاق بين الحكومة اليابانية والمؤسسة العسكرية اليابانية الجديدة ‪.‬ويبدو‬
‫أن قوات الدفاع الذاتي كانت قوات مسلحة منفصلة عن الجيش الجديد‪.‬‬

‫ومن المفھوم أن صحف عام ‪ ١٩٥٩‬أعطتنا القليل من األدلة حول كيفية تحديد حرب القتال ‪.‬لم‬
‫يكن بوسعنا إال أن نخمن بأن القوات المتعارضة تقاتل اآلن في المحيط الھادئ‪ ،‬وأنه في مرحلة‬
‫ما‪ ،‬سيفوز الجانب الذي يبقى له اكثر البوارج والطائرات ‪.‬وھذا جعلنا نشعر أنه كلما استطعنا‬
‫أن نستمر في لوبانغ‪ ،‬كلما كان ذلك أكثر فائدة بالنسبة لجانبنا ‪.‬وكنا نعتقد أن اإلسھام في إقامة‬
‫منطقة الرخاء المشترك في شرق آسيا راسخا‪.‬‬

‫وباختصار‪ ،‬عملت مع معرفتي المحدودة من االقتصاد وذاكرتي للحالة في ھانكو قبل أن ادخل‬
‫الجيش‪ ،‬لقد شيدت عالما ً وھميا ً من شأنه أن يصلح مع اليمين الذي كنت قد اقسمته قبل خمسة‬
‫عشر عاما ‪.‬خالل السنوات الخمس عشرة التالية‪ ،‬كان ھذا العالم الخيالي ال يتزعزع سواء مات‬
‫كوزوكا أو وصل العديد من فرق البحث اليابانية ‪.‬بقي ھذا الوھم معي حتى اليوم الذي فيه‬
‫أعطاني الرائد تانيغوتشي االمر العسكري النھائي ‪.‬في األيام التي كنت فيھا وحيدا تماما‪ ،‬بدا‬
‫أكثر واقعية من ذي قبل ‪.‬لھذا السبب كنت غير قادر نفسيا على االستجابة حتى عندما رأيت‬
‫أفراد عائلتي وسمعتھم يدعونني لم أكن أفھم أن عالمي لم يكن أكثر من مجرد شكل من خيالي‪،‬‬
‫حتى بعد ان عدت إلى اليابان ونظرت من نافذة فندقي الى شوارع طوكيو‪.‬‬

‫عندما رأيت أخيرا تلك اآلالف من السيارات في طوكيو‪ ،‬تتحرك على طول الشوارع ورايت‬
‫القطارات السريعة المرتفعة دون أي عالمة على الحرب في أي مكان‪ ،‬لمت نفسي ‪.‬لمدة ثالثين‬
‫عاما على لوبانغ كنت اصقل بندقيي كل يوم ‪.‬لماذا؟ لمدة ثالثين عاما كنت اظن اني اخدم‬
‫لبلدي‪ ،‬ولكن الظاھر اآلن اني قد سببت الكثير من المتاعب لكثير من الناس‪.‬‬

‫ما زلت أتذكر عددا من البنود التي قرأت في صحف ‪. ١٩٥٩‬من بينھا‪ ،‬تلك التي ضربت لي‬
‫أكثر كان اإلعالن عن كتاب يسمى نينغن ياماشيتا توموبومي"( توموبومي ياماشيتا‪،‬‬
‫الرجل ‪").‬وجاء في اإلعالن‪" :‬لماذا لم ينجح ياماشيتا‪ ،‬الذي كان أعظم جنرال ياباني‪ ،‬في‬
‫الحرب؟ ھل تم تقويضه من قبل الجنرال توجو ؟ ھل تكبد غضب اإلمبراطور؟ وھنا قصة‬
‫المغرمون بالروح العسكرية ‪ -‬وھي قصة قد تكون بعنوان" الجنرال المأساوي‪".‬‬

‫لقد راينا أن ھذا كان دعاية امريكية ‪.‬لم يكن أي منا يعتقد أن ھناك كلمة حقيقة في ذلك ‪.‬وكان‬
‫الجنرال ياماشيتا قائدا لجيش المنطقة الرابع عشر‪ ،‬الذي ننتمي إليه‪ ،‬وكانت فكرة أنه أعدم لدوره‬
‫في الحرب منافية للعقل‪.‬‬

‫قلت لكوزوكا‪" :‬إذا شعر األميركيون أنه من الضروري إحباط شخصية الجنرال ياماشيتا‬
‫الشخصية‪ ،‬يجب أن يخافوا منه حقا"!‬

‫وھناك مقال آخر أتذكره بوضوح في مجلة أسبوعية ‪.‬كان عنى‪ ،‬وكان عنوان "بعثة سرية الى‬
‫لوبانغ‪ :‬ماذا امرت مدرسة ناكانو المالزم أونودا أن يفعل؟" كان ھناك سرد كيف شيجيتشي‬
‫ياماموتو‪ ،‬الذي عاد إلى اليابان في عام ‪ ،١٩٥٥‬قد حضر الى مدرسة فوتاماتا معي وأمرني‬
‫بإجراء حرب العصابات على ميندورو في نفس الوقت الذي كنت قد تلقيت أوامر للذھاب إلى‬
‫لوبانغ ‪.‬كانت المادة معنية في معظمھا بتاريخ مدرسة ناكانو ‪.‬وقالت إنه بما أن أحدا لم يكن‬
‫متأكدا تماما من الذي أصدر طلبي‪ ،‬فقد بدأ الناس الذين كانوا في السابق مرتبطين بالمدرسة‬
‫بالنظر في المسألة‪.‬‬

‫جعلتني ھذه المادة أضحك ‪.‬لقد اعجبت بالدقة التي شكلت خدمتنا السرية ھذه "رسالة وھمية"‪.‬‬
‫كان من الواضح أن ھناك حاجة ليشرحوا لي تاريخ مدرسة ناكانو‪ ،‬والخدمة السرية نفسھا‬
‫عرفت أفضل من أي شخص آخر من الذي أعطاني أوامري ‪.‬كان كل شيء قد وضع لرسلة‬
‫مخفية تقول الرسالة‪" ،‬اثبت يا أونودا ! لم ننسك‪".‬‬

‫وكان ھذا ھو تأثير الصحف والمجالت التي تركھا فريق البحث من عام ‪ .١٩٥٩‬بحلول ذلك‬
‫الوقت‪ ،‬وضعت وكوزوكا الكثير من األفكار الثابتة ولم نتمكن من فھم أي شيء ال يتفق‬
‫معھا ‪.‬إذا كان ھناك أي شيء ال يصلح معھا فسرنا ه على أنه يعني ما أردنا أن يعني‪.‬‬

‫لقد اخذت كل ھذه المجالت والصحف ‪.‬وأعتزمت تقديمھا مع تقريري الرسمي عندما استعيد‬
‫أخيرا االتصال بمقر الفرقة‪.‬‬
‫الحياة في الغابة‬

‫لو كان الزي العسكري مصنوعا من نسيج الحريرالصوفي فان الحياة ستكون اسھل لنا بكثير‬
‫‪ .‬لقد كانت مالبسنا تتحلل دائما ‪.‬وخالل موسم األمطار في لوبانغ‪ ،‬غالبا ما يستمر ھطول‬
‫االمطار بغزارة عدة أيام متتاليية ‪ .‬كان تحلل زينا‪-‬الذي كنا نرتديه في كل وقت ‪ -‬اسرع من‬
‫االھتراء والتمزق‬

‫تتحلل السراويل أوال في الركبتين والمقعدة ‪ ،‬ثم في القيعان وفي المنشعب‪ ،‬و في المراحل‬
‫األخيرة‪ ،‬لم يبق اال ظھور الساقين‪ .‬يبدأ تحلل السترات في المرفقين ثم الظھر ‪.‬الجزء األمامي‬
‫عادة ما كان افضل من البقية‪.‬‬

‫لتصحيح الثقوب‪ ،‬كان علينا أن نصنع إبرة ‪.‬لقد وجدت بعض أسالك الشبكات في مكان ما‪،‬‬
‫وتمكنا من اعداد قطعة مستقيمة من السلك‪ ،‬تشحذ في نھاية واحدة‪ ،‬وجعلنا العين في الناحية‬
‫اآلخرى ‪.‬بالنسبة للخيط‪ ،‬استخدمنا ألياف نبات الھيمبليك الذي ينمو طبيعيا في الغابات ‪.‬سنخيط‬
‫ھذا عموديا‪ ،‬أفقيا و وحوالى الحفرة‪ ،‬وأحيانا نستخدم طبقتين لتأثير مبطن‪.‬‬

‫في السنوات الثالث أو األربع األولى‪ ،‬عندما كنا بحاجة إلى رقع‪ ،‬قطعنا قطع من قماش على‬
‫حواف خيامنا‪ ،‬ولكن ھذا يمكن أن يتم فقط حتى اآلن ‪.‬وبعد ذلك "طلبنا" ما كنا نحتاج إليه من‬
‫سكان الجزر ألن الفرصة قدمت نفسھا‪.‬‬

‫ھذا لم يزعج ضمائرنا ‪.‬فمن الطبيعي في حرب العصابات محاولة للحصول على البنادق‬
‫والذخائر والغذاء والمالبس وغيرھا من اإلمدادات من العدو ‪.‬وبما أن سكان الجزيرة كانوا‬
‫يساعدون فرق عمل العدو التي جاءت للبحث عنا‪ ،‬فقد اعتبرناھم أعداء أيضا‪.‬‬

‫في السنوات األولى‪ ،‬كان الزي الذي يرتديه سكان الجزيرة من قميص القنب المنسوج يدويا‬
‫والسراويل القطنية الى الركبة‪ ،‬أي منھا ال يصلح لنا ‪.‬كان لدى سكان الجزيرة جلد كثيف‪،‬‬
‫ويعيشون في السھول‪ ،‬وھذا ال يتطلب سوى مالبس خفيفة جدا – ال تصلح للبقاءعلى قيد‬
‫الحياة لفترة طويلة جدا في الغابة التي كنا دائما تتحرك فيھا‬

‫و "غنيمة الحرب" التي ثمناھا ھي المعدات التي تركتھا القوات األمريكية المغادره وراءھا ‪.‬كما‬
‫قام سكان الجزيرة بتقدير ھذا األمر واحتفظوا به في المقصورة التي كانوا يحرسونھا عن كثب‪،‬‬
‫ولكن أحيانا كنا نخيفھم بإطالق النار وناخذ بعض السلع التي تشمل العلب الحافظة والخيام‬
‫واألحذية والبطانيات وما شابه ذلك ‪.‬أعتقد أنه كان حوالي ‪ ١٩٥١‬أو ‪ ١٩٥٢‬عندما حصلنا أوال‬
‫على القماش المصنوع من القطن‪.‬‬
‫و قبعات القماش اليابانية مع اللوحات المعلقة في الظھر خدمت حوالي عام ‪.‬كان لي غطاء‬
‫راس ضباطي مصنوع من الصوف والحرير‪ ،‬ولكن بعد حوالي ثالث سنوات ‪.‬تحلل ومنذ ذلك‬
‫الحين‪ ،‬كنت اصنع قبعتي الخاصة ‪.‬كانت ھناك أغنية الحرب التي بدأت‪" ،‬حتى لو تجمدت‬
‫قبعتي " ‪. . .‬لقد غيرنا ھذا إلى" حتى لو تحللت قبعتي ‪. . ".‬‬

‫كانت المالبس التي خرجت بھا من الغابة بعض التي كنت قد جددتھا بعد وفاة كوزوكا ‪.‬وقد تم‬
‫صنع الجزء األمامي والخلفي من ستراتي من بطانة سترات سكان الجزيرة ‪ ،‬واألكمام من‬
‫سراويلھم ‪.‬لم تكن أرجل السروال في الجزيرة كبيرة بما فيه الكفاية لتصل الى الكتف ‪ ،‬ولكن‬
‫نظرا ألنھا كانت طويلة جدا‪ ،‬كان ھناك ما يكفي من المواد اإلضافية للخروج من الكتفين ‪.‬عندما‬
‫اصنع بنطاال جديدة لنفسي‪ ،‬كنت اعزز الركبتين والمقعدة ببقايا السراويل القديمة‪.‬‬

‫كنا في كثير من األحيان نحتاج الى عبور جداول ‪ ،‬والحفاظ على من عدم ابتالل مالبسنا‬
‫جعلنا سراويلنا الى ما تحت الركبة بقليل ‪ ،‬شيء مثل سراويل ركوب الخيل ‪ .‬ركبنا السحابات‬
‫‪ ،‬التي جاءت إلينا كجزء من غنائم الحرب ‪ .‬كنا نترك السحابات مفتوحة للسماح للھواء‬
‫بالمرور ‪ ،‬وونغلقھا فقط عندما النوم ‪.‬‬

‫القماش والمالبس مأخوذة من سكان الجزيرة قدمت المواد لمالبسنا ‪.‬عندما التمويه كان‬
‫ضروريا‪ ،‬كنا نقلب السترات ونضع اغصانا صغيرة والعصي أو أوراق في حلقات مصنوعة‬
‫من خيطان صيد السمك لھذا الغرض‪.‬‬

‫لصنع الصنادل‪ ،‬جعلنا القطع السفلية من اإلطارات‪ ،‬و "األشرطة" من أنابيب اإلطارات‪،‬‬
‫ونضم اثنين جنبا إلى جنب بوساطة أوتاد ‪.‬تم استخدام األجزاء العليا من األحذية مرارا‬
‫وتكرارا‪ ،‬ولكن تم استبدال باطن باستخدام باطن أحذية رياضية لسكان الجزيرة خيطان النايلون‬
‫كانت األفضل لخياطتھما معا‪.‬‬
‫نحن ننام في مالبسنا‪ ،‬وبطبيعة الحال‪ ،‬وإذا وضعنا جيوب السترة على الصدر فانھا سنثقلنا‬
‫وتمنعنا من النوم ‪.‬ولذلك وضعنا ھذه الجيو ب على ارتفاع أقل من جيب القميص العادي ‪.‬كان‬
‫ھناك أيضا سحاب ‪.‬وبما أننا كنا دائما نمشي تحت فروع األشجار التي تنحى على أكتافنا‪ ،‬فقد‬
‫عززنا أكتافنا‪.‬‬

‫وقد صنعت األحذية التي خرجت بھا من الغابة من جلد األحذية الحقيقي من اعلى األحذية‬
‫القديمة والنعال المطاطية من أحذية رياضية لسكان الجزيرة ‪ .‬وخيطتھا بوساطة خيط النايلون‬
‫السميك المخصص لصيد السمك ‪.‬خالل السنوات األولى‪ ،‬كنت كثيرا ما ارتدي صنادل القش‪.‬‬

‫حوالي ‪ ١٩٦٥‬ظھرت أقمشة اصطناعية في لوبانغ‪ ،‬ونحن بامتنان قبلنا عددا من المواد من‬
‫المالبس المصنوعة منھا ‪.‬كنا سعداء أيضا من ظھور بالستيك الفينيل‪ ،‬الذي كان مفيدا لمالبس‬
‫المطر وللف بنادقنا‪.‬‬

‫" يجب أن يكونونوا قد اخترعوا ھذه االشياء لنا فقط "‪ ،‬قال كوزوكا ضاحكا‬

‫وكان غذاءنا الرئيسي ھو الموز كنا نقطع الجذع فقط ‪ ،‬ثم نقسم الباقي الى شرائح بسمك ربع‬
‫بوصة تقريبا ‪ ،‬ثم نغسلھا جيدا في الماء ‪.‬وبھذه الطريقة يفقد الموز األخضر الكثير من‬
‫المرارة ‪.‬ثم نغليھا مع اللحوم المجففة في حليب جوز الھند ‪.‬المذاق الناتج مثل البطاطس الحلوة‬
‫المطبوخة كثيرا ‪ .‬لم يكن جيدا ‪.‬لكننا تناولنا ھذا في اغلب االوقات‬

‫الفئران في لوبانغ‪ ،‬يصل طولھا حوالي ثماني بوصات‪ ،‬عدا الذيل‪ ،‬وتتناول فقط لب الموز‪،‬‬

‫بجانب الموز جاء أھم غذائنا من األبقار التي اسيمت لترعي ‪.‬في عام ‪ ١٩٤٥‬كان ھناك حوالي‬
‫ألفي بقرة في الجزيرة‪ ،‬ولكن العدد انخفض تدريجيا إلى درجة انه اصبح من الصعب العثور‬
‫على بقرة سمينة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فان ثالثة بقرات في السنة كافية لتوفير اللحوم لرجل واحد‪.‬‬

‫عندما لم نتمكن من العثور على األبقار‪ ،‬اصطادنا جاموس المياه والخيول ‪.‬على الرغم من أن‬
‫الجاموس كبيرة الحجم وتعطي قدرا كبيرا من اللحوم‪ ،‬فإن طعمھا ليس جيدا جدا ‪.‬لحوم‬
‫الخيول ذات نكھة قوية وطعمھا ليس جيدا مثل البقر‬

‫كان من األسھل العثور على األبقار في موسم األمطار ‪.‬عندما يحصد سكان لوبانغ األرز‪ ،‬فإنھم‬
‫يتركون حوالي تسعة إلى اثني عشر بوصة من الساق لترعاھا األبقار ‪.‬عند استھالك سيقان‬
‫األرز‪ ،‬يتم ترك األبقار لترعى بحرية عند سفح الجبال حيث العشب‪ ،‬الذي ينمو أفضل في‬
‫موسم األمطار ‪.‬األبقار تمشي تدريجيا خالل التالل نحو الغابة‪ ،‬وكانھا تقول‪" :‬نحن ھنا ‪.‬تعالوا‬
‫واطلقوا النار علينا" ‪.‬‬

‫وعادة ما ترعى االبقار في قطعان من حوالي خمسة عشر ‪.‬كنا نختار واحدة منھا ونطلق عليھا‬
‫النار من مسافة حوالي ثمانين ياردة‪ ،‬نھدف بحيث تدخل الرصاصة تحت العمود الفقري‬
‫وتذھب من خالل القلب ‪.‬وكان وقت قتل البقرة في المساء‪ ،‬بعد أن يعود سكان الجزيرة إلى‬
‫ديارھم من الحقول ‪ .‬يكون الجو مظلما تقريبا‪ ،‬وإذا كان ھناك أمطار‪ ،‬فانھا تكتم صوت‬
‫اطالق النار حتى ال يسمعھا المزارعون ‪.‬‬

‫إذا ضربنا بقرة‪ ،‬فان سائر البقر يھرب‪ ،‬خوفا من النار ‪.‬عادة عندما نفترب من البقرة نجدھا‬
‫قد سقطت وال تزال لديھا حياة كافية لتحريك ساقيھا نقوم بذبحھا الستنزاف الدم‪.‬‬

‫البقرة تسقط عادة على جنبھا‪ ،‬والخطوة األولى في اعداد الحيوانات ھي قطع االساقين من‬
‫الجانب العلوي ‪.‬ثم نقوم بسحب الجلد الى أسفل منتصف البطن وشريط من الجلد إلى العمود‬
‫الفقري ‪.‬بعد قطع اللحم في كتل‪ ،‬نحول الحيوان ونكررالعملية على الجانب اآلخر ‪.‬وأخيرا‪ ،‬ناخذ‬
‫القلب‪ ،‬والكبد والبنكرياس ‪ ،‬وغيرھا من االجزاء الداخلية ونضعھا في كيس ‪.‬يستغرق األمر منا‬
‫حوالي ساعة واحدة لتقطيع بقرة واحدة‪.‬‬

‫إذا تركنا بقايا الذبيحة كما كانت‪ ،‬فإن المطر والغراب سوف يحولھا إلى ھيكل عظمي‪ ،‬ولكن‬
‫البقايا سوف تدل العدو علينا كنا ‪.‬لذلك بعد أن نقطع البقرة‪ ،‬ننقل الذبيحة على طول الطريق‬
‫الجبلي إلى أبعد نقطة ممكنة ‪.‬و يتم ذلك في الليل‪ ،‬بطبيعة الحال ‪.‬كان العمل ثقيال حقا‪ ،‬ألن علينا‬
‫أن نحمل كل اللحوم على ظھورنا في نفس الوقت‪.‬‬

‫في األيام الثالثة األولى‪ ،‬يكون لدينا اللحوم الطازجة‪ ،‬مشوية أو مطھية‪ ،‬مرتين في‬
‫اليوم ‪.‬ويفترض أنه بسبب المحتوى العالي من السعرات الحرارية للحوم‪ ،‬فانه كما أكلت‪،‬‬
‫ارتفعت درجة حرارة جسدي حتى شعرت بالسخونة إلى باطن قدمي ‪.‬كان من الصعب أن اتنفس‬
‫عند المشي ويستحيل تسلق شجرة ‪.‬رأسي دائما يشعر بالعطش قليال‪.‬‬

‫لقد وجدت أنه إذا شربت الحليب من جوز الھند االخضر كبديل الخضار عند أكل اللحوم‪ ،‬فان‬
‫درجة حرارة الجسم تعود تقريبا إلى وضعھا الطبيعي‪.‬‬

‫في اليوم الرابع نكدس أكبر قدر ممكن من اللحوم في وعاء ونغليھا ‪.‬عن طريق غليھا بداية‬
‫مرة واحدة كل يوم ‪ ،‬ثم مرة كل يوم ونصف او يومين بعد ذلك‪ ،‬لنحافظ عليه من الفساد‪،‬‬
‫وتبقى النكھة لمدة أسبوع أو عشرة أيام‪ .‬نأكل خاللھا اللحوم المسلوقة‪ ،‬ونجفف ما بقي‬
‫لالستھالك في المستقبل ‪.‬سمينا ھذا اللحم المجفف "لحم البقر المدخن‪".‬‬

‫إلعداد لحم البقر المدخن‪ ،‬قمنا أوال ببناء إطار مثل إطار الطاولة ‪.‬ثم وضعنا اللحم على‬
‫العصي الطويلة‪ ،‬ووضعنا أسياخا عبر اإلطار‪ ،‬ونوقد النار تحت ‪.‬و يجب القيام بھذا ليال في‬
‫المناطق الداخلية من الغابة؛ وإال فإن سكان الجزر قد يشاھدون الدخان أو اللھب ‪.‬في الليلة‬
‫األولى‪ ،‬تبقي النار مشتعلة طوال الليل‪ ،‬وذلك ليتصلب خارج اللحم قليال دون التسبب في‬
‫تقلص ‪.‬بعد ذلك‪ ،‬قمنا تدريجيا بزيادة حرارة النار وطھي اللحم حوالي ساعتين في الليل لمدة‬
‫عشر ليال ‪.‬بحلول ذلك الوقت تكون قد جفت تماما ‪.‬الكبد وغيرھا من االعضاء الداخلية والتي‬
‫نكون قد غليناھا اوال تكون قد جفت ايضا ‪.‬‬
‫عندما نطلق النار على بقرة‪ ،‬نقطع اللحم‪ ،‬ونحرفه وننجفه على نار في الليل وخالل األيام‬
‫العشرة الالزمة لذلك‪ ،‬نأكل لحوم البقر المسلوق‪.‬‬

‫قطع من لحم البقر تم طھيھا على قطع من الخشب والكبد وغيرھا في إناء طھي يتم غلي قطع‬
‫صغيرة من اللحم في وعاء حتى يتبخر الما ولمنعھا من التعفن‪ ،‬تسخن كل يوم‪.‬‬

‫من بقرة واحدة‪ ،‬يمكننا أن نجعل حوالي ‪ ٢٥٠‬شرائح من لحم البقر المدخن ‪.‬من خالل تناول‬
‫شريحة واحدة فقط كل يوم‪ ،‬يمكننا أن نجعل من اللحوم تستمر لمدة أربعة أشھر تقريبا ‪.‬لم يكن‬
‫العمل دائما بھذه الطريقة‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬ألنه عندما كنا نتحرك كثيرا لالبتعاد عن طرق فرق‬
‫البحث‪ ،‬نسمح ألنفسنا بشريحتين في اليوم‪.‬‬

‫لم نأكل األرز كثيرا‪ ،‬ألنه كان ھناك الكثير من المتاعب لتقشيره ‪.‬في تشرين األول ‪ /‬أكتوبر‬
‫وتشرين الثاني ‪ /‬نوفمبر‪ ،‬عندما يحصد سكان الجزر األرز‪ ،‬نأخذ بعضا منھا ‪.‬بعد قصفھا نقوم‬
‫بفصلھا بوساطة غربال من القش‪ ،‬األرز غير المصقول واألرز نصف مصقول ‪.‬كل من األرز‬
‫الدبق واألرز غير الدبق تنمو في لوبانغ ‪.‬األرز غير الدبق يختلف اختالفا كبيرا في‬
‫الجودة ‪.‬قمنا بتصنيفھا إلى أربع درجات‪ ،‬والتي أطلقنا عليھا "األرز‪ ،‬األرز" الشعير "‪ ،‬األرز"‬
‫الدخن "واألعالف‪ ".‬كان أرز العلف أسود جدا والحبوب صغيرة جدا لدرجة أننا واجھنا صعوبة‬
‫في التفكير فيھا كأرز ‪.‬عندما أكلنا األرز‪ ،‬جعلنا الحساء معه ‪ .‬من اللحوم المجففة وأوراق البابايا‬
‫والباذنجان أو البطاطا الحلوة‪ ،‬مع الملح والفلفل المسحوق ‪.‬أحيانا جعلنا عصيدة مع األرز‬
‫واللحوم المجففة‪.‬‬

‫أطلقنا على الملح "الدواء السحري"‪ .‬في األيام التي كنا فيھا أربعة ‪ ،‬كان علينا أن نحصل فقط‬
‫على حوالي ربع جالون في السنة ‪.‬في كثير من االحيان يقول الطباخ ‪" :‬انھا باردة اليوم‪ ،‬لذلك‬
‫سوف أضع في القليل من الدواء السحري"‪ .‬وبعد ذلك يضع قرصة صغيرة جدا ‪.‬ولكن تحسن‬
‫النكھة كثيرا‪.‬‬

‫في البداية كان لدينا فقط الملح البحري النقي الذي وجدناه على الشاطئ الجنوبي ‪.‬في وقت‬
‫الحق‪ ،‬بعد وفاة شيمادا اصبحنا أكثر عدوانية وغنمنا الملح من سكان الجزيرة في لوك‬
‫وتيليك‪ ،‬ولكننا لم نأخذ أكثر من حاجتنا ‪ ،‬وبعد عام ‪ ١٩٥٩‬تمكنا من الحصول على القھوة‬
‫وبعض السلع المعلبة من منازل سكان الجزر ‪.‬قمنا بغارات التسلل للحصول على ھذه األشياء‬
‫الثمينة وسميناھا " غارات المساء"‪.‬‬

‫كان الحفاظ على األرز من التعفن صعبا‪ ،‬وخاصة خالل موسم األمطار ‪.‬وضعناھا في أكياس‬
‫بالستيكية‪ ،‬ثم وضعت ھذه في علب خمسة جالون مختومة مع البالستيك والنفط ‪.‬الن النمل كان‬
‫مشكلة ثابتة‪ ،‬وضعنا العلب بعيدا عن األرض على مثلثات القصدير‪.‬‬

‫فاكھة النانكا لديھا جلد صوفي ونواة صلبة تحيط بھا األجزاء الصالحة لألكل‪ ،‬و طعمھا حلو ‪.‬‬
‫جوز الھند قدمت باالضافة إلى الكوبرا والحليب األلياف التي كنا ننظف أسناننا بھا ‪.‬تسخين‬
‫الحليب يؤدي الى رواسب ‪،‬ھذه كانت تغلي بالماء لصنع الحساء‪.‬‬

‫خالل الثالثين عاما في لوبانغ‪ ،‬كان الشيء الوحيد المتوافر دائما ھو الماء ‪.‬كانت الجداول في‬
‫الجزيرة كلھا تقريبا صافية بحيث يمكنك أن ترى القاع ‪.‬وكانت المشكلة الوحيدة في األبقار‬
‫والخيول التي اسيمت ‪ .‬كانت تشرب المياه من اتجاه المنبع ثم تغسل نفسھا في الماء ‪.‬لھذا‬
‫السبب‪ ،‬نحن دائما نغلي الماء قبل شربه‪ ،‬حتى لو كان يبدو تماما صافيا ‪.‬‬
‫لم يكن لدينا طبيب وال دواء‪ ،‬لذلك كنا حريصين جدا على إبقاء العين مفتوحة على حالتنا‬
‫الصحية ‪.‬شاھدنا االختالفات في وزننا من خالل قياس حجم المعصمين لدينا ‪.‬فحصنا أيضا‬
‫البراز الخاص بنا للحصول على عالمات االضطرابات الداخلية‪.‬‬

‫كنت أنحف قبل أن ينشق أكاتسو بسبب االستياء و نقص التغذية ‪ ،‬خالل ھذه المرحلة‪ ،‬اختفى‬
‫بياض أظافري باستثناء شريط صغير على إبھامي‪.‬‬

‫لقد فحصت البراز كل يوم لمعرفة الكمية ‪ ،‬وكم كان صعبا‪ ،‬وكيف كانت القطع كبيرة ‪.‬إذا كانت‬
‫القطع كبيرة جدا‪ ،‬فھذا يعني أن معدتي لم تكن تعمل بشكل صحيح ‪.‬إذا كان البراز لين فھذا يعني‬
‫ان األمعاء ال تمتص بما فيه الكفاية‪.‬‬

‫إذا كان ھناك شيء خاطئ‪ ،‬كان علي أن اقرر السبب سواء كان الطقس‪ ،‬او ان الطعام الذي‬
‫كنت قد أكلته ليس جيدا‪ ،‬أو ألن جسدي لم يكن في حاالة جيدة ‪.‬في كل مرة حدث شيء خاطئ ‪،‬‬
‫فكرت مرة أخرى اذا ما كنت قد أكلت في اليوم السابق‪ ،‬وكيف كان الطقس‪ ،‬وكم كنت قد‬
‫اجھدت نفسي و بعد أن قرر السبب اعدل نظامي الغذائي وأنشطتي وفقا لذلك‪.‬‬

‫أكلنا إلى حد كبير نفس الكمية كل يوم‪ ،‬ولكن كان ھناك بعض االختالف‪ ،‬لمجرد أن بعض‬
‫الموز عصيري والبعض اآلخر جاف ‪.‬أيضا‪ ،‬بما أن الموز الناضج الجيد لم يكن متوفرا دائما‪،‬‬
‫كان علينا أن نتعامل مع الموز األخضر في كثير من االوقت ‪.‬حاولنا ضبط طريقة الطھي على‬
‫جودة الطعام‪ ،‬ثم نحكم على تأثيرھا الداخلي عن طريق فحص نفاياتنا ‪.‬أتذكر مرة قررنا عدم‬
‫االنتقال إلى بقعة معينة حتى يكون الطقس أكثر برودة‪ ،‬ألن آخر مرة قضيت فيھا بعض الوقت‬
‫ھناك في الطقس الحار‪ ،‬كنت قد نزلت مع اإلسھال ‪.‬كانت ھناك أماكن أخرى لم نتمكن من البقاء‬
‫فيھا كثيرا ألن الرياح الباردة كثيرة في الليل ‪.‬وعندما حدث ذلك‪ ،‬عانينا دائما من عسر الھضم‪.‬‬

‫عندما كنا في مكان حارا جدا‪ ،‬تحول البول إلى اللون األصفر‪ ،‬وإذا أجھدنا أنفسنا‪ ،‬أصبح يميل‬
‫للحمرة اكثر من االصفرة ‪.‬كان ھذا تحذيرا لنخفف عن انفسنا ‪.‬‬

‫كلما استقررنا في مكان‪ ،‬قمنا بحفر مرحاض‪ ،‬ونترك التربة بجانبه لتغطية ذلك عند‬
‫انتقالنا ‪.‬عمق الثقب يعتمد على المدة التي خططنا للبقاء فيھا ‪.‬بينما كنا معسكر‪ ،‬غطينا المرحاض‬
‫بالحجارة ‪.‬عندما غادرنا‪ ،‬شغلناھا باألوساخ واألوراق المتناثرة فوقھا ‪.‬خالل سنواتنا الثمانية‬
‫عشر معا‪ ،‬قضيت وكوزوكا قدرا كبيرا من الوقت في حفر وتغطية المراحيض‪.‬‬

‫لم يكن لدينا ورق التواليت‪ ،‬استخدمنا أوراق النخيل بدال من ذلك ‪.‬مرة واحدة وجد شيمادا بعض‬
‫الورق في مكان ما‪ ،‬ولكن عندما بدأ استخدامه‪ ،‬قال كوزوكا‪ " :‬يوجد ما يكفي لمرتين أو ثالث‬
‫ثم سيكون عليك العودة إلى أوراق النخيل لماذا تھتم؟"‬

‫عندما وجدنا منشورات اسقطھا العدو ‪ ،‬نحفظ واحد منھا ونترك الباقي حيث كان‪ ،‬النھا كلھا‬
‫نفس الشيء ‪.‬ال يمكن استخدامھا لبدء النار النھا تطلق الكثير من الدخان ‪ ..‬وكنا نخشى‬
‫استخدامھا حتى لتنظيف أنوفنا‪ ،‬ألن قطعة واحدة من الورق المتسخ قد تقود العدو لنا‪.‬‬
‫وكثيرا ما عثرنا على رسوم متحركة أو صور عارية للنساء في الجبال لم تتركھا فرق البحث‪،‬‬
‫ولكنھا توزع عمدا من قبل سكان الجزيرة ‪.‬أعتقد أنھم يعتقدون أننا سوف يميل إلى اخذھا‪ ،‬لكننا‬
‫لم نجرؤ على لمسھا خوفا من الكشف عن موقعنا‪.‬‬

‫ولحسن الحظ‪ ،‬لم يكن ھناك أي مالريا في لوبانغ ‪.‬خالل ثالثين عاما ھناك‪ ،‬كنت مريضا في‬
‫السرير مع حمى مرتين فقط ‪.‬كوزوكا دعس كعبه على الشوك مرتين ‪.‬في كل مرة تضخم ساقه‬
‫كثيرا ‪ ،‬وما عدا ذلك لم يكن لديه أي مرض‪.‬‬

‫مايو ھو أكثر الشھور سخونة في لوبانغ ‪.‬في النھار تصل درجة الحرارة إلى أكثر من ‪١٠٠‬‬
‫درجة فھرنھايت‪ ،‬ويتصبب العرق منك حتى لو جلست في الظل‪ ،‬إذا كان عليك المشي‬
‫خمسين ياردة للحصول على الخشب الشعال النار‪ ،‬فستشعر كما لو انك في حمام من الينابيع‬
‫الساخنة‪.‬‬

‫في يونيو تبدأ الطرطشة ) رذاذ خفيف (‪ ،‬ووتاتي فجأة تقريبا كل يوم ‪.‬ثم في يوليو‪ ،‬موسم‬
‫األمطار الحقيقي ‪ -‬لمدة ساعتين قد يكون المطر كثيرا بحيث ال يمكنك أن ترى ابعد من عشر‬
‫ياردات ‪.‬ھذا يستمر لمدة عشرين يوما‪ ،‬وأحيانا يرافق المطر رياح شديدة تقرب من اإلعصار‪.‬‬

‫في آب ھناك ايام أكثر وأكثر صحوا ‪ ،‬ولكن الجو يبدأ في السخونة ‪.‬في أيلول ليس ھناك‬
‫الكثير من الرياح‪ ،‬ولكن يھطل المطر بغزارة كما ھو الحال في تموز ‪.‬ھذا يستمر لمدة عشرين‬
‫يوما ‪.‬ثم ھناك سماء زرقاء لمدة يوم أو يومين في وقت واحد على مدى أسبوعين أو ثالثة‬
‫أسابيع‪ ،‬وأخيرا في منتصف تشرين االول تقريبا ينتھي موسم األمطار‬

‫من ذلك الحين حتى نيسان المقبل ھو موسم الجفاف ‪.‬في البداية فإنھا تمطر مرة واحدة أو‬
‫مرتين في الشھر ‪.‬ثم ال يوجد أمطار لعدة أشھر ‪.‬ابرد الشھور ھو كانون االول وشباط ‪ ،‬ولكن‬
‫حتى في ذلك الحين ترتفع الحرارة إلى ‪ ٨٥‬درجة أو نحو ذلك في النھار ‪.‬الوقت األكثر راحة‬
‫في العام ھو مثل اسخن جزء من فصل الصيف في طوكيو ‪.‬خالل ھذا الموسم فقط‪ ،‬نرتدى‬
‫فنايل تحت ستراتنا‪.‬‬

‫في موسم الجفاف‪ ،‬كنا ننظر حول الجزيرة بعناية ونقرر أين سنقضي موسم األمطار‬
‫المقبل ‪.‬وكانت ھناك عدة شروط يتعين الوفاء بھا‪.‬‬
‫الغذاء والطقس ووالمالبس‬

‫مالحظة ‪ :‬التقييمات ھي على مقياس من عشرة‪ ،‬باستثناء المالبس‪ ،‬وفي ھذه الحالة يشير ‪١‬‬
‫مخيط فقط‪ ٢ ،‬يشير سترة والسراويل‪ ،‬و ‪ ٣‬يشير سترة والسراويل و المالبس الداخلية‪.‬‬
‫األول‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬يجب أن يكون المكان بالقرب من إمدادات الغذاء ‪ ).‬حقول الموز‬
‫وبساتين جوز الھند( ويجب أن ال يكون بعيدا جدا عن المكان الذي ترعى فيه األبقار ‪.‬وفي‬
‫الوقت نفسه‪ ،‬يجب أن تكون بقعة ال يأت إليھا سكان الجزر‪.‬‬

‫كان أيضا أن يكون مكانا حيث ال يرى سكان القرى المجاورة دخان النار مباشرة ‪ ،‬وقليل من‬
‫الضوضاء ال يسمع ‪.‬يفضل أن يكون ھناك نسيم ‪.‬وكان اكثر موقع مرغوب على الجانب‬
‫الشرقي البارد من الجبل‪.‬‬

‫لم يكن من السھل العثور على المكان الذي لديه كل المؤھالت‪ ،‬ومتى وجدنا ذلك‪ ،‬كان علينا أن‬
‫نمر بمرحلة من القلق قبل أن نبنى كوخنا ونستقر فيه‪ .‬والسبب ھو أن موسم األمطار كان غير‬
‫منتظم ‪.‬بعض السنوات يكون المطر طوال شھر ايار وأخرى تنزل اول قطرة في حزيران‬
‫‪.‬وإذا بنينا معسكرنا قبل أن يبدأ المطر‪ ،‬فھناك خطر من أن يكتشفنا سكان الجزر ‪.‬كان علينا أن‬
‫ننتظر حتى نكون متأكدين من أنھم لن يأتوا إلى الجبال‪.‬‬

‫وكانت الخطوة األولى في بناء البھائي ھي العثور على شجرة كبيرة يمكن أن ترتكز عليھا البنية‬
‫بأكملھا ‪.‬بعد أن نختار الشجرة‪ ،‬نقوم بتجريدھا من الفروع‪ ،‬والتي كنا نستخدمھا في بناء‬
‫االطار ‪.‬ثم نضع العوارض الخشبية بشكل مائل ضد سارية الغرفة وتغطى بأوراق جوز الھند‬
‫التي يتم طيھا في وقت الحق وإدراجھا بين شرائح من الخيزران ويربط كل شيء بخيوط‬
‫العنب‬

‫عندما كنا نظن ان موسم األمطار على وشك أن يبدأ‪ ،‬نذھب إلى المكان الذي اخترناه لمعرفة ما‬
‫إذا كان ال يزال صالحا ثم نخيم في مكان قريب حتى يبدأ المطر‪ ،‬وعند ھذه النقطة سنقوم‬
‫بإعداد كوخنا في أسرع وقت ممكن ‪.‬نسمي ھذا الكوخ باھي ‪ ،‬وھي تعني البيت بلغة التغالوغ ‪.‬‬

‫وقد بنيت الباھاي على األرض المنحدرة قليال‪ ،‬والجزء العلوي من األرض بمثابة "غرفة النوم"‪.‬‬
‫بالنسبة لألسرة‪ ،‬وضعنا أوال بضعة فروع شجرة مستقيمة‪ ،‬ثم تغطى بحصيرة الخيزران‬
‫المصنوعة يدويا‪ ،‬واخيرا نضع عليھا بعض أكياس البط التي اخذناھا من سكان الجزر‪.‬‬

‫الجزء السفلي من الباھاي كان المطبخ ‪.‬كان لدينا "موقد" يتكون من العديد من الصخور‬
‫المسطحة وضعت معا لتشكيل منصة للحريق بحيث يمكن تعليق الوعاء فوق قطبھا ‪.‬بجانب‬
‫الموقد كانت منطقة محمية حيث يمكننا تخزين الحطب وبنادقنا ‪.‬كانت جدران الباھي مصنوعة‬
‫من أوراق النخيل‪ ،‬بنفس طريقة السقف ‪ ،‬استطيع مع كوزوكا بناء كوخ في سبع أو ثماني‬
‫ساعات بوساطة سكاكين البولو‬

‫قبل أن نبدأ ببناء أكواخ من ھذا القبيل في موسم األمطار المبكر‪ ،‬نمنا في الخيام‪ ،‬ولكن الرياح‬
‫في كثير من األحيان تدفع المطر حتى نكاد نغرق وترتجف اجسامنا ‪.‬عندما حدث ذلك‪ ،‬كنا‬
‫ندفئ أنفسنا من خالل التغني بأناشيد الجيش باعلى ما نستطيع من صوت ‪.‬كان ھذا آمنا‪ ،‬ألن‬
‫ضجيج الرياح والمطر يغطي على الضوضاء التي كنا نعملھا ‪.‬واحدة من األغاني التي غنينا‬
‫بدأت مع الكلمات‪:‬‬

‫تتقدم القوات في الثلوج‬

‫سيرا على الجليد‪. . .‬‬

‫كنا باردين جدا في لدرجة ان ھذه االنشودة تبدو مناسبة‪ ،‬حتى على جزيرتنا الجنوبية الالثلجية‪.‬‬

‫كان الباھاي أكثر راحة بكثير من الخيام‪ ،‬ولكن بحلول الوقت الذي يقترب موسم الجفاف يتعفن‬
‫السقف بشكل سيئ جدا لدرجة أن قدرا كبيرا من األمطار تتسرب من خالله‪.‬‬

‫عندما ينتھى موسم األمطار‪ ،‬نأخذ الباھاي بعيدا وإما ان نحرق القطع أو ننثرھا في‬
‫حفرة ‪.‬ولمزيد من االمان غطيناھا بالطين ونشرنا الفروع واألشجار الساقطة ‪.‬إذا كدسنا عددا‬
‫ال بأس به من الفروع‪ ،‬فھذا يكفي للتمويه عن سكان الجزر فال يشتبھوا‪.‬‬

‫نغسل الحجارة بالقرب من الكوخ إلزالة أي زيت أو أوساخ ونغطي األرض حيث كان الكوخ‬
‫مع الفروع التي كنا قد ابقيناھا لھذا الغرض ‪.‬كان من المھم بشكل خاص أن ال يعرف احد‬
‫المكان قبل ان ننتقل إلى موقع جديد‪ ،‬لذلك قمنا بسحب الكروم على الفروع لجعل الوصول‬
‫صعبا قدر االمكان دون جعل التمويه واضحا‪.‬‬

‫عندما كان شيمادا ‪ -‬الذي كان عامال نشطا مع الكثير من القوة ‪ -‬ال يزال على قيد الحياة‪ ،‬قمنا‬
‫ببناء كوخنا في عمق الغابة ‪.‬بعد وفاته‪ ،‬استقررنا بالقرب من حافة الغابة ‪.‬كذلك بسطنا الكوخ‬
‫بحيث سيكون من األسھل تفكيكه وإخفائه ‪.‬في الواقع‪ ،‬لم يكن ھناك الكثير من المواقع المرضية‬
‫التي استوفت أھم شرط‪ ،‬وھو أن نكون بالقرب من حقل الموز‪ ،‬وخالل ثالثين عاما كاملة‪،‬‬
‫استخدمنا نفس األماكن القليلة ثالث أو أربع مرات لكل منھما‪.‬‬

‫في موسم الجفاف‪ ،‬نمنا في الخيام أو في العراء ‪.‬عندما بقينا في العراء‪ ،‬اخترنا مكانا منحدرا‬
‫حوالي ‪ ١٠‬درجات ‪ ،‬نمت مع كوزوكا بالقرب من بعض ولمنع االنزالق إلى أسفل خالل الليل‪،‬‬
‫وضعنا أمتعتنا أو خشبة تحت أقدامنا ‪.‬وكانت بنادقنا دائما في متناول اليد‪ .‬كنا نخلع أحذيتنا عند‬
‫النوم ‪ ،‬ولكن خالل ثالثين عاما ‪ ،‬لم أنم ولو مرة واحدة بدون سروال‪ .‬في الليل ابقى حقيبتي‬
‫قريبة مع خمسة باغات معلقة على حزامي دائما‬

‫في المراحل المبكرة‪ ،‬غطينا أنفسنا ليال بالخيام أو مالبسنا ‪.‬في وقت الحق كنا أحيانا نستخدام‬
‫جلود البقر المجففة ‪.‬في مرحلة ما كان لدينا لحاف صنعناه من قطع من المطاط التي كانت قد‬
‫طفت على الشاطئ الجنوبي ‪.‬إذا امطرت فجأة ونحن نائمين فان ھذا يعني ابتاللنا وترطبنا ‪.‬لم‬
‫يكن ھناك مكان آخر للذھاب ‪.‬عندما يحدث ھذا‪ ،‬كنا نبرد‪ ،‬وفي اليوم التالي تسقط مفاصلي‬
‫واصاب باالسھال‬
‫كان ھناك كھف كبير في جبل األفعى‪ ،‬وقد قام سكان الجزر ببناء عدد من المقصورات في‬
‫الجبال بالقرب من حقولھم‪ ،‬لكننا لم نستخدم ھذه المالجئ للوقاية من األمطار المفاجئة‪ ،‬ألن‬
‫ھناك الكثير من خطر اكتشافھا‪.‬‬

‫يجب أن ترتكز االكواخ على شجرة لمنعھا من الھدم ‪.‬وتدعم بخمس اعمدة ثم تسقف بأوراق‬
‫النخيل المطوية ‪.‬تم نحفر الخنادق في الطرف األدنى‪ ،‬الستخدامه كموقد‪ ،‬وعلى طول الجانبين تم‬
‫حفر خندق لصرف المياه ‪.‬‬

‫استخدمنا أكواما صغيرة من جوز الھند للحفاظ على النمل في الخليج حتى ال يدخل الكوخ‬

‫عندما ال يوجد مطر كنا ننام على المنحدرات الجبلية حيث كان الميل من عشرة إلى خمسة عشر‬
‫درجة ‪.‬كان من الضروري وضع حقيبة الظھر أو خشبة تحت القدم لمنع االنزالق إلى‬
‫أسفل ‪.‬انختار مكانا مستورا بين الشجيرات أو األشجاروننام بكامل اللباس ‪.‬‬

‫وكان السبب في أننا نام على األرض المنحدرة ببساطة أن بھذه الطريقة‪ ،‬إذا كنا قد استيقظت‬
‫فجأة‪ ،‬يمكننا أن نرى ما كان حولنا دون ان ننھض في الواقع‪ ،‬خالل ثالثين عاما كاملة في‬
‫لوبانغ‪ ،‬لم انم ولو مرة واحدة نوما عميقا خالل الليل ‪.‬عندما كنا ننام على األرض في الھواء‬
‫الطلق‪ ،‬احول جسدي لئال تتخدر اطرافي‪.‬‬

‫حافظت على نوع من التقويم‪ ،‬والذي بعد ثالثين عاما كان ستة أيام فقط اقل من التقويم‬
‫الحقيقي ‪.‬كان تقويمي يستند إلى حد كبير على الذاكرة وكمية من الطعام المستھلك‪ ،‬بالضافة الى‬
‫القمر ‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬إذا اخترت عشرة جوز الھند في أول الشھر‪ ،‬ونحن نستخدم واحد في‬
‫اليوم‪ ،‬اليوم الذي استخدم آخر واحد سيكون العاشر ‪.‬بعد إجراء ھذا الحساب‪ ،‬انظر إلى القمر‬
‫وارى ما إذا كان كان الحجم المناسب لذلك اليوم من الشھر‪.‬‬

‫عندما كانت فرق البحث تبحث عنا ونحن نتحرك كل يوم‪ ،‬كنت اميل إلى فقدان المسار من‬
‫التاريخ ‪.‬عندما حدث ذلك‪ ،‬انظر إلى القمر ثم احاول ‪ ،‬بالتشاور مع كوزوكا‪ ،‬معرفة عدد األيام‬
‫التي مرت منذ بعض التاريخ المعروف‪.‬‬

‫وكان القمر صديقنا في احترام آخر أيضا‪ ،‬ألننا عادة ننتقل من مخيم إلى آخر في الليل ‪.‬و كثيرا‬
‫ما قال كوزوكا ‪" :‬القمر ليس على جانب أي شخص‪ ،‬أليس كذلك؟ وأتمنى أن يكون سكان‬
‫الجزيرة على نفس الطريق‪".‬‬

‫كان لدينا روتين حالقة يساعد في تتبع التاريخ‪.‬حيث كنا نحلق رؤوسنا في اليوم الثامن‬
‫والعشرين من كل شھر‬

‫كل صباح أنظف أسناني بألياف النخيل ‪.‬بعد غسل وجھي‪ ،‬عادة ما ادلك الجلد بعشب‬
‫البحر ‪.‬عندما نظفت جسدي‪ ،‬كنت غالبا اغسل المالبس الداخلية وستراتي في نفس الوقت ‪.‬وبما‬
‫أننا لم نحصل على أي صابون‪ ،‬فقد كنا نقوم يشطف المالبس في الماء العادي‪ ،‬ولكن في بعض‬
‫األحيان ازيل السخام من الرقبة والظھر من ستراتي بغسول الرماد ‪.‬أضع الرماد في وعاء‬
‫واسكب الماء عليه‪.‬عندما يصفو المياهء نقله إلى وعاء مختلف واغمس المالبس في ذلك ‪.‬كان‬
‫علينا أن نكون حذرين لنشر مالبسنا في مكان غير واضح لتجف‪.‬‬

‫كان ھناك العديد من األنھار الصافية ‪ ،‬ولكن خالل الثالثين عاما أخذت حمام حقيقي فقط في‬
‫عندما كنا نقطع البقرة وتتلوث كل اجسامنا بالدم والطين ا ‪.‬ليس ھناك في الجبال مجرد جدول‬
‫فقط ‪.‬الوديان ھي أيضا الطرق ‪.‬ما عدا في أضيق الوديان العميقة في الجبال‪ ،‬كنا نخشى من‬
‫خلع المالبس كليا ‪ ،‬حتى في الليل ‪.‬في النھار‪ ،‬غسلنا األجزاء العلوية من أجسادنا من خالل‬
‫صب الماء فوق بعضنا البعض ‪.‬في المساء كل منا غسل األجزاء السفلى من جسمه قبل غروب‬
‫الشمس مباشرة ‪.‬لم أكن الفعل شيئا خطيرا جدا كالتجرد تماما‪.‬‬

‫اھتممنا بصيانة بنادقنا والذخائر كما فعلنا بأنفسنا ‪.‬صقلنا البنادق بزيت النخيل للحفاظ عليھا من‬
‫الصدأ ونظفناھا بدقة كلما سنحت الفرصة‪.‬‬

‫في الطقس البارد‪ ،‬يتخثر زيت النخيل لذلك قمنا بمسح البنادق وانتظرنا حتى وقت الحق‬
‫لتزيتھا ‪.‬عندما تترطب البنادق فال ال بد من تفكيكھا تماما وتنظيفھا قطعة قطعة ‪.‬إذا لم يكن ھناك‬
‫وقت لھذا كنا نظفھا ا حراريا وانتظر الطقس العادل ‪.‬وبما أن التعرض للمياه يميل إلى جعل‬
‫األعقاب تتعفن‪ ،‬فقد اضطررنا أحيانا إلى إزالة الذخائر وونشرالبنادق حيث كان الدخان من‬
‫حريقنا يجففھا ‪.‬وتمتص أعقاب البندقية ورافعاتھا تدريجيا الكثير من زيت النخيل أالى درجة‬
‫جذب الفئران ‪ ،‬وخاصة الرافعات‪ ،‬وعندما نتوقفنا في مكان فيه الكثير من الفئران‪ ،‬نضطر‬
‫لنشر البنادق عاليا بعيدة عن متناول القوارض‪.‬‬

‫أكثر ازعاجا من الفئران كان النمل ‪.‬ولن يكون من قبيل المبالغة القول إن القسم الجبلي من‬
‫لوبانغ كان من أشد األنخل ‪.‬كان ھناك العديد من أنواع النمل ‪.‬بعض منھم يحب األماكن‬
‫الرطبة ‪.‬والبعض اآلخر تزدھر فقط حيث كانت األرض متناثرة تقريبا ‪.‬أنواع معينة تجمع معا‬
‫يترك لتبني أعشاشھا ‪.‬بالنسبة لنا‪ ،‬كان أكبر إزعاج ھو نوع من النملة التي تحمل األوساخ ‪.‬ھذه‪،‬‬
‫واألكثر عددا من كل شيء‪ ،‬كانت دائما تزحف إلى بنادقنا وتترك األوساخ ‪.‬بعض النمل يدخل‬
‫برميل البندقية ويودع األوساخ في األجزاء المتحركة ‪.‬حتى األوساخ القليلة يمكن أن تسبب‬
‫فشل البنادق ‪.‬عندما يظھر النمل‪ ،‬نعلق البنادق على فرع شجرة‪.‬لمنع النمل من الوصول اليھا‬

‫نوعين من مصائد الفئران ‪ :‬واحد مصنوع من الخشب؛ فإن الباب يغلق عندما أخذ الطعم‬

‫وضعت حقيبة القماش بالقرب من رأسي عندما كنت أنام ‪.‬كان ھناك صخب عند أخذ الطعم‪،‬‬
‫فاقوم بإغالقه‪.‬وكان الطعم لب جوز الھند ‪.‬‬

‫كان الفخ االيسر لطيور الغابة مثل الدراج ‪.‬عندما يضع الطائر ساقيه في الدائرة‪ ،‬يتم سحب‬
‫الطرف اآلخر من الحبل‬

‫الفخ االيمن ‪ :‬حلقة النحاس الناعمة مرتبطة شجرة في ذروة العنق الحيوان كان فعاال لصيد‬
‫الحيوانات البرية‪.‬‬
‫النمل أيضا سبب لنا الضرر الجسدي ‪.‬ھناك ما ال يقل عن خمسة أصناف من التي لديھا ابرمثل‬
‫النحل ‪.‬اصبت داخل األذن‪ ،‬أصبحت طبلة اذني منتفخة بحيث لم أستطع السماع بھا لمدة‬
‫أسبوع ‪.‬نزف الجرح عدة مرات‪ ،‬واصبت بالحمى‪.‬‬

‫بمناسبة الحديث عن الالدغات‪ ،‬ھناك أيضا الكثير من النحل في الجزيرة ‪.‬أسراب كبيرة منھم‬
‫تطير في في منطقة الشجيرات بالقرب من سفح الجبال مثل اللوح الضخم ‪.‬لقد رأيت أسرابا‬
‫عرضھا ثالثون ياردة وطولھا مائة ياردة‪ ،‬وحلقت جنبا إلى جنب مع "الحراسة من االمام‬
‫والخلف وعلى الجانبين ‪.‬إذا رأيت أحد ھذه األسراب‪ ،‬فإن الشيء الوحيد الذي يجب القيام به ھو‬
‫الھروب للغابات‪ ،‬أو إذا لم يكن ھناك ما يكفي من الوقت‪ ،‬نغطي رؤوسنا بخيمة أو مالبس‬
‫وننبطح على األرض ‪.‬إذا تحركنا أدنى حركة‪ ،‬فإنھا ستھاجمنا ‪.‬كان علينا أن نتنفس بأقل قدر‬
‫ممكن حتى يمرالسرب‪.‬‬

‫لدغت من ام اربعة واربعين ‪ .‬اذا لدغ شخص على يده فان جسده كله ينتفخ لفترة من‬
‫الوقت ‪.‬وحتى بعد أن يذھب التورم ‪ ،‬يستغرق وقتا طويال للشفاء ‪.‬كنت قد عضضت على‬
‫المعصم األيمن في كانون الثاني ‪ /‬يناير ‪ ،١٩٧٤‬واللدغة لم تلتئم وأنا أكتب ھذه الصفحات بعد‬
‫أشھر‪.‬‬

‫تحت االوراق الساقطة يمكن ان تجد العقارب ‪.‬عندما كنا ننام في الھواء الطلق‪ ،‬دائما نطھر‬
‫حوالي ثالث ياردات مربعة‪ ،‬ولكن حتى مع ذلك استيقظت في الصباح عدة مرات وعثرت على‬
‫عقرب يختبئ تحت الصخرة التي استخدمتھا كوسادة‪.‬‬

‫من سكان االغابة غيرالمرغوبين حيونات أخرى من الغابة وتشمل الثعابين الكبيرة مثل فخذ‬
‫الرجل‪.‬‬

‫كل بندقية لديھا المراوغات الخاصة بھا ‪.‬في البداية بندقية اريساكا ‪ ٩٩‬التي استخدمتھا لمدة‬
‫ثالثين عاما اخطأت بمسافة قدم إلى اليمين وتحت عالمة على مسافة ثالثمائة ياردة ‪.‬بعد وقت‬
‫تمكنت من ضبط المناظير بحيث كان الھدف أكثر دقة‪ ،‬ولكن لم أكن قادرا على تقليل الخطأ إلى‬
‫أقل من ثالث أو أربع بوصات‪.‬‬

‫وكان طول الساق من ھذا السالح حوالي بوصة وربع أقصر من المعتاد‪ ،‬ألنه في احدى المرات‬
‫كان علي إزالة لوحة العقب وقطع بعض الخشب الذي قد تعفن ‪.‬بعد استبدال الوحة ووضع‬
‫مسامير جديدة‪ ،‬وجدت أن البندقية اصبحت مالءمة لحجمي اكثر من ذي قبل‪.‬‬

‫في سياق معارك مع قوات العدو أو سكان الجزر‪ ،‬استولينا على كاربين وبندقية صيد‪ ،‬ولكنھا‬
‫من دون ذخيرة كانت عديمة الفائدة بالنسبة لنا‪ ،‬لذلك دفناھا عميقا في الغابة‪.‬‬
‫وتسير القذيفة من بندقية المشاة‪ ٩٩‬نحو ‪ ٦٧٠‬ياردة في الثانية األولى بعد إطالق النار‪ ،‬ولكن‬
‫قذيفة الكاربين تسير حوالي ‪ ٥٠٠‬ياردة في الثانية األولى ‪.‬كان سالح سكان الجزر عادة من‬
‫الكاربينات ‪ ،‬وإذا رأيناھم يطلقون النار علينا من مسافة كبيرة‪ ،‬كنا نعلم كان لدينا حوالي ثانية‬
‫واحدة لتفادى الرصاصة ‪.‬في الليل‪ ،‬يمكنك أن ترى الرصاصة تقترب‪ ،‬ألنھا بلون أبيض‬
‫مزرق ‪.‬أنا مرة ھربت من رصاصة عن طريق تحويل جسدي جانبا‪.‬‬

‫عندما أطلقت النار على شيمادا‪ ،‬اضطرت وكوزوكا للفرار بسرعة حتى تركنا حرابنا وراءنا‬
‫‪ .‬في وقت الحق وجدنا حراب لرشاش طومسون في منزل أحد سكان الجزيرة ووضعناھا على‬
‫حاملة الحربة على بنادقنا وناسبتنا كانھا طلبت لنا‬

‫وقد صنعنا حقائب الذخيرة من زوج من األحذية الرياضية المطاطية ‪.‬وضعنا أوال الطلقات في‬
‫أكياس القماش مرتبطة في الجزء العلوي مع السالسل ‪.‬كل واحد منا يحمل كيسين داخل الحقيبة‬
‫‪ ،‬واحد يحتوي على عشرين طلقة واآلخر ثالثين ‪.‬الجزء العلوي من الحقيبة جاء أسفل على‬
‫الجانبين وتم تثبيتھا مع خطاف‪ ،‬مثل حالة الكاميرا‪ ،‬للحفاظ على المحتويات جافة ‪.‬باإلضافة إلى‬
‫الذخيرة في الحقيبة‪ ،‬حملت خمس طلقات معي في جيب البنطلون‪ ،‬وكان ھناك دائما خمسة في‬
‫البندقية ‪.‬تماما‪ ،‬ثم‪ ،‬وأنا كان مسلحا دائما مع ستين طلقة ‪ ،‬كافية لتمكنني من الھرب حتى لو‬
‫اصطدمت بفريق بحث إكبير‪.‬‬

‫كان لدي ستمائة طلقة من الذخيرة الرشاشة‪ ،‬وفي وقت الفراغ قمت بإصالح جميع تلك االذخائر‬
‫بحيث يمكن أن يطلق من رافل ‪ .٩٩‬وكان الكثير من الرصاص معيبا وكان ال بد من استخدامھا‬
‫ألغراض أخرى‪.‬‬

‫وبما أنني لم أستطع استخدام عمل المكرر على بندقيتي مع ھذه الطلقات المعدلة‪ ،‬فكنت استعملھا‬
‫فقط في اطالق النار على بقرة أو اطالق رصاصة واحدة لتخويف سكان الجزر ‪.‬كان ھناك‬
‫حوالي ‪ ٤٠٠‬باغة جيدة في كل شيء‪ ،‬والتي بدأت استخدامھا في بعد ان انشق أكاتسو ‪.‬كانت‬
‫على وشك النفاذ عندما خرجت من الجبال بعد خمسة وعشرين عاما ‪.‬ال بد لي من إطالق ستة‬
‫عشر فقط في المتوسط سنويا‪.‬‬

‫كنا حذرين جدا حول الذخيرة ‪.‬أبقيناھا مخبأة في الثقوب في جانبي المنحدرات‪ ،‬التي غطيناھا‬
‫مع الصخور ‪.‬وقمنا بتفتيش أماكن االختباء كل عام ووضعنا في الوقت نفسه الذخيرة في حاويات‬
‫جديدة ‪.‬ميزنا الذخيرة التي كانت جيدة بالتأكيد بدائرة والتي ربما كانت جيدة بمثلث ‪.‬اخذنا‬
‫مسحوق البالرود من الرصاصات الصدئة كثيرا الستخدامھا في اشعال الحرائق ‪.‬ويمكن‬
‫إشعالھا مع عدسة حصلنا عليھا ‪.‬‬
‫وكان تخزين الذخائر بحيث تكون في حالة جيدة عند الحاجة أمرا بالغ األھمية ‪.‬بعد أن توضع‬
‫الطلقات في زجاجات‪ ،‬تغطى بزيت جوز الھند ‪.‬كانت الزجاجات مخبأة في الكھوف‪ ،‬ثم كانت‬
‫مغطاة بالحجارة‪.‬‬

‫اليقاد النار في الليل أو عندما يكون الدخان خطرا نستخدم الخيزران تزرع عصا واحدة بقوة‬
‫في األرض‪ ،‬واالخرى عليھا ألياف جوز الھند والبارود‪ ،‬ونفرك بقوة صعودا وھبوطا‪.‬‬

‫وكانت حاويات الذخائر من زجاجات العصير وما شابه ذلك تركھا ھنا وھناك سكان‬
‫الجزيرة ‪.‬استخدمنا المطاط من قناع الغاز القديم الغالق الزجاجات ‪.‬وخوفا من أن الفئران قد‬
‫تاكل المطاط‪ ،‬غطينا أفواه الزجاجات بقبعات معدنية اقطعناھا من علب الصفيح‪.‬‬

‫حاولنا ترتيب الصخور التي تغطي أفواه ثقوب التخزين لتبدو طبيعية قدر اإلمكان‪ ،‬وأحيانا‬
‫نجحنا بشكل جيد حتى أننا انفسنا وجدنا صعوبة في اكتشافھا ‪.‬في غضون عام‪،‬االعناب تنمو‬
‫عادة فوقھا‪ ،‬وأحيانا تسقط األشجار عليھا ‪،‬وتخفيھا تقريبا ‪.‬وإذا لم نفحص مرة واحدة على‬
‫األقل في السنة‪ ،‬فھناك خطر حقيقي اننا قد ال نتمكن من العثور عليھا‪.‬‬

‫وكما يمكن أن نرى من ما قلته بالفعل‪ ،‬كانت السنوات األولى ھي األصعب ‪ ،‬عندما كنا ال‬
‫نخشى فقط أن نعمل غزوات في العراء ولكن في وضع غير مؤات بسبب ضعف أكاتسو ‪.‬وبعد‬
‫أن غادر أكاتسو‪ ،‬تبنى الثالثة اآلخرون سياسة أكثر عدوانية دعت‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ ،‬إلى‬
‫طلب المزيد من اإلمدادات من سكان الجزبرة ‪.‬وھم‪ ،‬من جانبھم‪ ،‬يتمتعون بمستوى معيشي‬
‫متصاعد‪ ،‬مما يعني أنھم ليس لديھم فقط المزيد من السلع التي تغنم ‪ ،‬بل تركوا أيضا المزيد من‬
‫األشياء في الغابة أو في أماكن أخرى يسھل الوصول إليھا ‪.‬وھكذا‪ ،‬فإن مستوى معيشتنا يميل‬
‫إلى االرتفاع بما يتناسب مع مستوى سكان الجزيرة ‪.‬لقد حرمتنا وفاة شيمادا من صديق مخلص‬
‫وعامل قيم‪ ،‬ولكنھا قللت من مشكلة اإلمداد إلى حد ما‪ ،‬ألن اللحوم من بقرة واحدة سوف تغذى‬
‫اثنين أطول من ثالثة ‪.‬الحياة في الغابة لم تكن سھلة‪ ،‬ولكن ‪ -‬بقدر ما ‪ -‬كان الحصول على‬
‫الطعام‪ ،‬والمالبس واألواني المعدنية‪ ،‬في السنوات األخيرة اسھل بكثير من الخمس أو العشر‬
‫األولى‪.‬‬
‫شياطين الجبال‬
‫ومن أجل تمھيد الطريق أمام فريق الھبوط الياباني المتوقع‪ ،‬اعتمدنا تكتيكات حرب العصابات‬
‫الرامية إلى توسيع األراضي الواقعة تحت سيطرتنا وإبقاء جميع االعداء خارجھا‬

‫لقد قمنا بما سميناه "غارات منارات النار"‪ .‬خيث نذھب إلى أماكن مختلفة في الجزء األول من‬
‫موسم الجفاف ونحرق أكواما من األرز التي كان سكان الجزيرة قد حصدوھا من حقولھم في‬
‫سفوح التالل‪.‬‬

‫يبدأ موسم الحصاد ا األرز في أوائل أكتوبر‪ ،‬في الوقت الذي نفكك كوخنا المطري ونتقل أبعد‬
‫في الجبال ‪.‬من حوالي منتصف الطريق يمكننا أن نراھم يقطعون ويجمعون األرز ‪.‬لحمايته من‬
‫الرطوبة‪ ،‬يضعون حصيرة من القش السميك على األرض و يكدسون األرز عليھا ‪.‬كنا ننتظر‬
‫حتى الشفق ثم نقترب خفية إلى نقطة قريبة‪ ،‬ونطلق طلقة او اثنين لتخويف سكان الجزيرة ‪.‬ھذا‬
‫ينجح تقريبا ‪ ،‬وبعد أن يفروا‪ ،‬نشعل النار في األرز عن طريق وضع خرقة مغرقة بالنفط في‬
‫األكوام ونشعلھا بعيدان الكبريت ‪.‬كنا نظن ان ھذه الحرائق منارات تشير إلى القوات الصديقة‬
‫التي قد تكون في محيط لوبانغ أن " سرب أونودا " كان على قيد الحياة ويقوم بواجباته‪.‬‬

‫ولم يكن من السھل دائما الحصول على اعواد الكبريت التي كانت ضرورية لھذا النوع من‬
‫العمليات ‪.‬وال بد من االستيالء عليھا بطبيعة الحال‪ ،‬ومن المھم عدم إھدارھا ‪.‬كلما اكتسبنا بعضا‬
‫منھا تقوم بتجفيفھا بدقة‪ ،‬ثم وضعھا في زجاجة محكمة االغالق ‪.‬من حيث المبدأ‪ ،‬استخدمناھا‬
‫فقط في غارات المنارة ‪ ،‬واعتمدنا في األوقات العادية على أساليب أخرى‪ ،‬مثل فرك اثنين من‬
‫العصي من الخيزران معا أو إشعال قليل من البارود من الذخيرة غير الصالحة لالستعمال‬
‫بالعدسة ‪.‬‬

‫وسيبلغ سكان الجزر بطبيعة الحال عن غاراتنا الى الشرطة االمحلية ‪ ،‬وستأتي الشرطة‬
‫ركضا ‪.‬لم يكن لدينا سوى وقت قصير الشعال النار‪ ،‬واالستيالء على أي إمدادات تركھا سكان‬
‫الجزيرة وراءھم‪ ،‬والھروب مرة أخرى الى الغابة‪.‬‬

‫كنا نظن أن الشرطة المحلية سوف تبلغ عن غاراتنا للقوات األمريكية‪ ،‬وأن وحدات المخابرات‬
‫اليابانية سوف تلتقط الرسائل ‪.‬إن ھذه الغارات‪ ،‬من وجھة نظرنا‪ ،‬تجعل من الصعب على‬
‫األميركيين إھمال لوبانغ‪ ،‬مع التأكيد في الوقت نفسه لشعبنا على أن وضعنا في الجزيرة تحت‬
‫السيطرة ‪.‬وھذا من المفترض أن يسمح لھم بالقتال‪ ،‬أينما كانوا يقاتلون‪ ،‬دون أن يقلقوا‬
‫بشأننا ‪.‬ومن شأن الغارات أن تساعد أيضا على افھام سكان الجزيرة بأنه من الخطر عليھم‬
‫مغادرة قراھم والذھاب إلى سفوح التالل للعمل‪.‬‬
‫من الجبال‪ ،‬كوزوكا صاح مرة بقرية‪" ،‬اياك ان تعتقدي أنك آمنة ألن ھناك اثنين فقط‬
‫منا !خطوة واحدة كبيرة جدا‪ ،‬وستتكونون في ورطة! "ال أحد يسمعه‪ ،‬أفترض‪ ،‬ولكن ھذا كان‬
‫على ما يبدو جيدة لروحه‪.‬‬

‫والواقع أن حرق األرز في نفس األماكن كل عام يزيد من خطر أن يتوقع سكان الجزر تحركاتنا‬
‫وأن يضعوا مصيدة لنا ‪.‬ولذلك قمنا بتغيير تكتيكاتنا إلى حد ما‪ ،‬وإخماد الغارات لمدة شھر في‬
‫بعض السنوات أو لمدة خمسة أشھر في األماكن التي يزرع فيھا محصوالن كل عام ‪.‬حاولنا ان‬
‫نجعلھم يخمنون اين سنطفوا على السطح ‪.‬وإذا كان بوسعنا أن نشجع الخوف من احتمال‬
‫ظھورنا في أي مكان تقريبا في أي وقت تقريبا‪ ،‬فإن ذلك سيحقق في حد ذاته نصف ھدفنا‪.‬‬

‫السنوات الثماني عشرة التي قضيتھا مع كوزوكا شھدت أكبر نشاط في حرب‬
‫العصابات ‪.‬ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى العالقة القائمة بيننا ‪.‬لقد رأينا دائما األشياء بنفس‬
‫الطريقة‪ ،‬وكثيرا ما كنا بحاجة فقط للنظر إلى بعضنا البعض لتقرير ما سنفعله بعد ذلك‪.‬‬

‫على الرغم من أنني لم أعرف كوزوكا من قبل ‪ ،‬فقد اصبحنا أقرب من اإلخوان‬
‫الحقيقين ‪.‬احترمت روحه وجرأته ‪.‬ومن جانبه‪ ،‬تبعني في مسائل الحكم ‪.‬وكثيرا ما أخبرنا بعضنا‬
‫البعض بأنه عندما ننفذ مھمتنا‪ ،‬سنعود إلى اليابان معا ‪.‬إما اذا لم نتصل أبدا مع القوات الصديقة‬
‫عن طريق الصدفة ‪ ،‬فاننا سوف نتعفن معا في لوبانغ ‪.‬ضحكنا كلما تحدثنا عن ھذين‬
‫االحتمالين‪.‬‬

‫ثم في بعض األحيان عندما كنا نجد بعض الموز الناعم بشكل خاص‪،‬او تملصنا بمھارة من‬
‫فريق البحث‪ ،‬أو قدنا العدو في مطاردة مرحة ‪ ،‬نقول فجأة في وقت واحد‪" ،‬ليت شيمادا ھنا"!‬

‫وإلى جانب القيام بغارات ‪ ،‬قررنا أن نحاول جمع المعلومات مباشرة من سكان الجزيرة ‪.‬الذھاب‬
‫الى مكان فيه الكثير من الناس سيكون خطرا‪ ،‬ولكن كان ھناك الكثير من البقع المنعزلة في‬
‫الجزيرة حيث أننا قد تأخذ أحد المزارعين سجينا وھو ذاھب إلى حقوله أو راجع منھا‪.‬‬

‫اخترنا كوخا ً منعزالً بالقرب من مسطح الملح في لوك ‪.‬كان ھذا بالقرب من حافة الغابة‪،‬‬
‫وسيكون من السھل الھرب إذا واجھنا مشكلة غير متوقعة‪.‬‬

‫خرجنا من الغابة الى مسطح الملح‪ ،‬واقتربنا من كوخ‪ ،‬وبقينا منخفضين ننظر بعيون حادة‬
‫الى المناطق المحيطة ‪ ،‬نظرنا فيھا‪ .‬ال أحد ھناك‪ ،‬كما لم يكن ھناك أي شيء لالستيالء‬
‫عليه ‪.‬فجأة كوزوكا‪ ،‬الذي كان له آذان جيدة جدا‪ ،‬ھمس‪" ،‬شخص ما قادم"!‬

‫وأشار نحو المحيط‪ ،‬وعندھا رأيت رجال اربعينيا يشق طريقه خالل الحشائش الطويلة‬
‫نحونا ‪.‬انتظرنا بصمت بجانب الكوخ‪ ،‬والبنادق جاھزة ‪.‬عندما كان نحو ثالثة ياردة‪ ،‬قفزت‬
‫أمامه صوبت البندقية مباشرة الى صدره صرخ من المفاجأة ‪ ،‬ثم رفع يديه‪.‬‬
‫كوزوكا قال له باللغة اإلنجليزية ‪:‬جلوس‪ ،‬وبدأ يتحدث بسرعة في لغة التغالوغ‪ ،‬التي ال نفھمھا‬
‫‪.‬طلبت منه أن يسكت‪ ،‬ففعل ‪.‬قدناه تحت تھديد السالح الى داخل المنزل ‪ .‬لم يبذل أي جھد‬
‫للمقاومة مما اراحنا نوعا ما‬

‫وعندما سألته لماذا أتى إلى ھنا‪ ،‬أجاب في مزيج من اللغة اإلنجليزية والتغالوغ‪ ،‬مع العديد من‬
‫اإليماءات‪" ،‬تركت الكلب بالقرب من ھنا للحفاظ على أبقاري من السرقة ‪.‬جئت ألخذ الكلب مرة‬
‫أخرى ‪.‬أنا لست جاسوسا ‪.‬ال تقتلني‪".‬‬

‫ال نريد البقاء في المنزل وقتا طويال‪ ،‬أخذناه إلى الجبال‪ ،‬حيث استجوبناه بدقة عن الظروف في‬
‫الجزيرة ‪.‬وقال لنا كل ما يعرفه‪ ،‬وصوال إلى سعر السجائر ومتوسط اجر العمل في اليوم‬
‫الواحد ‪.‬طوال االستجواب‪ ،‬بقي يرتعد من الخوف ‪.‬عندما قررنا أننا تعلمنا كل ما في وسعنا‪،‬‬
‫امرناه بالعودة إلى داره والذھاب إلى الفراش عندئذ بدا االرتياح كثيراعلى وجھه ‪.‬‬

‫في أواخر عام ‪ ١٩٦٥‬غنمنا راديو ترانزستور‪.‬‬

‫وكان في منطقة المزارع على الشاطئ مقابل جزيرة أمبيل‪ ،‬حيث كان عدد من سكان الجزيرة‬
‫يطرحون في مقصورة لبضعة أيام للعمل في حقولھم ‪.‬وكان من بينھم رجل انيق يلبس البياض‬
‫استمر في الذھاب والخروج من المقصورة ‪.‬كما شاھدنا من بين األشجار‪ ،‬رأيناه يعمل لمدة‬
‫ثالثين دقيقة ثم يمشي بعيدا نحو الجبل مقابلنا ‪.‬كان يحمل بندقية‪ ،‬وكان كبيرا جدا‪.‬‬

‫"من ھذا؟" سأل كوزوكا‪.‬‬

‫"ربما شخص يعمل في الجيش أو الشرطة"‪ ،‬وقررنا أن نذھب وراءه ‪.‬ولكن قبل أن ننتقل‪،‬‬
‫ظھر ثالثة رجال آخرين وقدموا وكأنھم ينضمون إلى الرجل األبيض ‪.‬وفي الثانية التي كانوا‬
‫جميعا معا‪ ،‬أطلقنا اثنين من الطلقات لتخويفھم‪ ،‬وإرسالھم راكضين نحو الغابة‪ ،‬اثنين في اتجاه‬
‫واحد واثنان في آخر ‪.‬طلقتين أخريين‪ ،‬واختفيا‪ ،‬باقصى سرعة وعندما اصبحوا خارج ابصارنا‬
‫و تبعثر المزارعون المتبقون‪.‬ذھبنا إلى المقصورة المھجورة وجدنا ليس فقط راديو الترانزستور‬
‫ولكن بعض الجوارب الجيدة والقمصان والسراويل ‪.‬كانت الجوارب من النايلون رقيقة وتبدو‬
‫غالية إلى حد ما‪ ،‬مكلفة للغاية وفوق مستوى سكان الجزيرة‪ ،‬النايلون ال يزال جديدا ‪.‬ومن‬
‫الواضح أن ھؤالء الرجال يأتون من مكان آخر ‪.‬وكنا جميعا أكثر اقتناعا بذلك ألننا لم نظن أن‬
‫سكان الجزر سيحضرون راديو معھم الى الحقول‪.‬‬

‫لقد اخذنا الراديو واألشياء األخرى ثم عدنا إلى الغابة ‪.‬وكان الراديو توشيبا ثمانية‬
‫ترانزستورات ويبدو في حالة ة جيدة جدا ‪.‬وكانت البطاريات فيه جديدة‪ ،‬وكانت ھناك أربع‬
‫بطاريات احتياطية‪.‬عندما شغلنا الراديو في تلك الليلة‪ ،‬أول شيء سمعناه كان رجل يقول باللغة‬
‫اليابانية" ‪.‬اليوم ھو ‪ ٢٧‬ديسمبر‪ ،‬وھذا ھو آخر بث لي ھذه السنة ‪.‬االتقي بكم في العام المقبل‬
‫مرة أخرى ‪! " .‬‬
‫كان معكم كينكازو سايونجي من بكين‪.‬‬

‫وقدمت اإلذاعة المعلومات األولى عن العالم الخارجي منذ الصحف والمجالت التي تركھا فريق‬
‫البحث ‪ ،١٩٥٩‬ولكننا قللنا من وقت االستماع للحفاظ على البطاريات ‪.‬في السنة األولى‪ ،‬استمعنا‬
‫فقط إلى األخبار من بكين ‪.‬بعد أن استحوذنا على مزيد من البطاريات‪ ،‬بدأنا االستماع إلى راديو‬
‫اليابان ‪/‬الموجات القصيرة‪ ،‬وبث أمريكا الجنوبية من ن ‪.‬ھـ ‪.‬ك‪ ،‬والبث باللغة اليابانية من‬
‫أستراليا وحتى بي بي سي من لندن‪.‬‬

‫وجاءت بدائل البطاريات من المصابيح التي يحملھا سكان الجزر ‪.‬وقد عمل المزارعون أحيانا‬
‫في وقت متأخر من الحقول القريبة من حافة الغابة‪ ،‬وإذا أطلقنا بعض الطلقات لتخويفھم‪ ،‬فإنھم‬
‫عادة ما يھربون ويتركون مشاعلھم خلفھم ‪.‬وكانت بطاريات المصباح كبيرة جدا للدخول في‬
‫الراديو‪ ،‬ولكننا صنعنا اسطوانة من البالستيك التي من شأنھا أن تعقد أربعة منھا ووصلناھا‬
‫ھذا إلى الراديو‪.‬‬

‫عندما كان لدينا بطاريات احتياطية‪ ،‬اذبنا شمعة في الجزء العلوي من العلبة وووضعنا نھاية‬
‫كل بطارية في الخيش الغالق االطراف وبھذه الطريقة تدوم البطاريلت ثالث سنين تقريبا‪.‬‬

‫خالل موسم األمطار‪ ،‬جعلنا ھوائي من حوالي عشرة ياردة من األسالك النحاسية يصل بين‬
‫شجرتين على ارتفاع حوالي خمسة عشر قدما ‪.‬غنمنا السلك من سكان الجزيرة‪ ،‬بطبيعة الحال‪.‬‬

‫وكما في الصحف التي تلقيناھا‪ ،‬لم نصدق أي شيء سمعناه في اإلذاعة فيما يتعلق بالشؤون‬
‫العسكرية أو العالقات الخارجية ‪.‬لقد اعتبرنا أننا ال نستمع إلى البث الحي وإنما إلى تسجيل يقوم‬
‫به األمريكيون الذين حذفوا أو غيروا أي شيء غير مالئم لھم ‪.‬ما يظھر بأنه بث من اليابان أو‬
‫أستراليا كان‪ ،‬في تفكيرنا ‪ ،‬شريطا ً أعده العدو وإعاد بثه مع تغييرات مناسبة ‪.‬كان ھناك الكثير‬
‫من الناس في الفلبين الذين يفھمون اليابانية ‪ ،‬ويبدو أن األميركيين يحاولون تثبيط أولئك الذين قد‬
‫يكونون متعاطفين مع اليابان من خالل بث برامج اللغة اليابانية المعالجة التي يعلن أنھا تأتي من‬
‫اليابان أو غيرھا من البلدان‪ ،‬ولكن في الواقع تعرض وجھة النظر األمريكية‪.‬‬

‫في وقت ما‪ ،‬الحظ كوزوكا‪" :‬عندما تفكر في األمر‪ ،‬تجد ان األميركيون جيدون حقا في ھذا‪،‬‬
‫أليس كذلك؟"‬

‫"نعم‪ "،‬أجبت" ‪.‬يجب عليھم إخراج أي شيء ال يريدون سماعه ثم إعادة بثه في نفس الوقت‬
‫تقريبا ‪.‬يجب أن يكونوا قد تمكنوا من جمع مجموعة من الناس ذكية جدا ‪.‬مجرد زلة واحدة‪،‬‬
‫وكل شيء يبدو مريب ‪.‬أنا اخلع قبعتي لھم ‪.‬ھذا عمل صعب جدا" !‬

‫وفي وقت الحق‪ ،‬عندما اكتشفت أن البث لم يكن مزيفا‪ ،‬تبينت أنه كان "عمال صعبا جدا"‬
‫بالنسبة لنا ان نقرأ األخبار حسب المعاني التي نريد‪.‬‬

‫وبصرف النظر عن العناصر التي لھا عالقة باألنشطة العسكرية أو الشؤون الخارجية‪ ،‬كنا نظن‬
‫أن البرامج التي سمعناھا حقيقية بما فيه الكفاية ‪.‬وقد قبلنا‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬فكرة أن دورة‬
‫األلعاب األولمبية في طوكيو قد نفذت بنجاح‪ ،‬وأن اليابان لديھا نظام " قطار" جديد يعمل بين‬
‫طوكيو وأوساكا ‪.‬فبعد كل شيء‪ ،‬كان الناس يقولون دائما إنه ال توجد حدود في عالم الرياضة‪،‬‬
‫ويبدو من المعقول أن تعقد األلعاب األولمبية حتى لو كانت ھناك حرب مستمرة ‪.‬أما بالنسبة‬
‫لخط القطار الجديد‪ ،‬كنت أعرف أنه حتى قبل الحرب كانت ھناك خطة لبناء سكة حديد سوير‬
‫إكسبرس بين طوكيو وشيمونوسيكي‪.‬‬

‫في بداية موسم األمطار في العام بعد أن حصلنا على الراديو‪ ،‬كوزوكا جرح في قدمه ‪.‬كنا قد‬
‫قتلنا بقرة‪ ،‬وبينما كنا نحمل اللحم إلى كوخنا‪ ،‬داس على شوكة دخلت في عمق كعبه‪.‬‬

‫كان ذلك مؤلما بشكل رھيب ‪.‬لم يقل شيئا ‪ ،‬ولكن وجھه تغير وتحول الى شاحب كالميت ‪.‬لم‬
‫يكن ھناك أي وسيلة لمعرفة نوع السم الذي احتوته الشوكة‪ ،‬بعد أن أزلتھا‪ ،‬ثقبت حول الجرح‬
‫بإبرة‪ ،‬وأرغمت الدم على الخروج ووضعت عليه بعض المنثوالتوم األمريكي الصنع‪ ،‬والتي‬
‫كنا قد غنمناه من منازل الجزيرة‪.‬‬

‫وكانت ھذه المرة الثانية التي يصاب فيھا قدم كوزوكا ‪.‬كانت المرة األولى في وقت قريب من‬
‫الوقت الذي قام فيه أكاتسو بمحاولته الثانية للمغادرة‪ ،‬وتذكرت كيف كان سيئا ‪.‬كان لي شعور‬
‫بأن ھذه اإلصابة الثانية كانت ستكون مزعجة جدا‪.‬‬

‫كنت على حق ‪.‬في اليوم التالي ساق كوزوكا تورم يصل إلى الفخذ ‪.‬بعد حوالي أسبوع‪ ،‬تنفست‬
‫تنفس الصعداء عندما سقط التورم‪ ،‬ولكن ھذا كان سابقا ألوانه‪.‬‬

‫بالتفكير في أن اإلصابة قد تلتئم‪ ،‬قررنا أن نذھب لجلب بعض البطاريات التي كنا قد اخفيناھا‬
‫‪.‬وكما وصلنا إلى النقطة القريبة من برج لوك لوكوت حيث كنا قد خططنا لقضاء موسم‬
‫األمطار‪ ،‬التوت ساق كوزوكا تحته له‪ ،‬وقال انه ال يمكن أن يستمر ‪.‬اضطررت لبناء الكوخ‬
‫لوحدي وواصلت وضع كمادات باردة لساق كوزوكا‪ ،‬وأحيانا تدليكھا بخفة في الركبة‬
‫والساق لتحفيز تدفق الدم‪.‬‬

‫كان كوزوكا في السرير طوال موسم األمطار ‪.‬خالل ھذه الفترة استمعنا في كثير من األحيان‬
‫إلى البث من سباقات الخيل اليابانية على راديو اليابان الموجات القصيرة‪ ،‬وكوزوكا علمني‬
‫أساسيات سباق الخيل ‪.‬حتى اآلن أتذكر تشغيل واحد من ديربي اليابان الذي تأخر من مايو حتى‬
‫أوائل يوليو من قبل إضراب المدربين أو شيء من ھذا القبيل ‪.‬‬

‫بعد ذلك تعافى كوزوكا بما فيه الكفاية ليمشي ‪،‬‬

‫إحدى الصعوبات مع اللغة اليابانية ھي أن لديھا العديد من الكلمات التي تعني "أنا" و "أنت"‪،‬‬
‫ويجب أن يتم اختيارھا بعناية لتناسب الوضع المعطى ‪.‬في الجيش الياباني‪ ،‬والكلمات المشتركة‬
‫ل "أنت" كانت كيساما و أومي ‪ ،‬وكالھما يمكن أن يبدو بسھولة إھانة إذا لم تستخدم‬
‫بحذر ‪.‬تھربنا من ھذه المشكلة باستخدام الكلمات التغالوغية أكو ل "أنا" و إيكاو ل "أنت‪".‬‬

‫حاولت بصعوبة بالغة أن ال أقول أي شيء من شأنه أن يجعل كوزوكا غاضبا‪ ،‬و فعل ھو‬
‫نفس الشيء تجاھي ‪.‬لم يكن ھناك أحد ليتدخل ‪.‬وبمجرد أن بدأنا القتال‪ ،‬كان ال بد من االستمرار‬
‫حتى ينھار كل واحد منا ويستھلك كل شيء من نظامه ‪.‬ولكن عالمنا كان عدد سكانه اثنين‪ ،‬كل‬
‫من الذكور‪ ،‬و في كل مرة تكون المصادمات مريرة‪ ،‬عادة على شيء تافه‪.‬‬

‫ويواجه مجتمع الصيد في لوك‪ ،‬في الجزء الشرقي من الجزيرة‪ ،‬خليجا حيث المياه ضحلة‬
‫لمسافة كبيرة بعيدا عن الشاطئ ‪.‬خالل فترة إقامتنا‪ ،‬تم تركيب محطات مياه بسيطة في المدينة‬
‫والشارع الرئيسي معبد بالخرسانة‪ ،‬بحيث أصبحت لوك‪ ،‬جنبا إلى جنب مع لوبانغ وتيليك‪،‬‬
‫واحدة من "المراكز الثقافية" الجزيرة‪" .‬ذھبنا في بعض األحيان إلى حافة المدينة في المساء إلى‬
‫لجلب اإلمدادات‪.‬‬

‫في أواخر ديسمبر ‪ /‬كانون األول ‪ - ١٩٦٨‬أتذكر التاريخ جيدا ‪ -‬كنا ننظر إلى أسفل على لوك‬
‫من جبل قريب والحظت أن أحد مباني المدرسة االبتدائية على مشارف المدينة كان في عداد‬
‫المفقودين ‪.‬قلت‪" :‬أنا متأكد من أن ھناك ثالثة مبان‪ ،‬ولكن اآلن ھناك اثنين فقط‪".‬‬

‫كوزوكا اتفق معي‪ ،‬وبما أنه كان من واجبنا أن نعرف كل ما يجري على الجزيرة‪ ،‬قررنا أن‬
‫نذھب ونلقي نظرة فاحصة ‪.‬في ذلك المساء بعد غروب الشمس نزلنا من الجبال واخذنا طريقنا‬
‫في ظالل األشجار إلى بقعة وراء المدرسة‪.‬‬

‫وبالنظر الى المبنى وجدنا أن المبنى المفقود قد ضربه اإلعصار الذي كان أصابنا في تشرين‬
‫األول ‪ /‬أكتوبر ‪.‬لكن ما كان أكثر اھتماما ھو سقف القصدير الذي ال يزال قائما على‬
‫األرض ‪.‬إذا كان وضعنا القصدير على سقف كوخنا فسيكون السقف عازالً للماء‬

‫لحسن الحظ‪ ،‬كان ھناك رياح قوية إلى حد ما في ذلك المساء‪ ،‬ومن وقت آلخر نھايات‬
‫فضفاضة ‪.‬إذا قمنا بتعديل تحركاتنا مع ھذا الضجيج‪ ،‬يمكننا إزالة بعض السقف دون إزعاج‬
‫سكان الجزر ‪.‬وكانت فرصة ال تضيع‪.‬‬

‫لقد وجدت قطعة مناسبة من السقف‪ ،‬وقطعتھا الى اثنين بوساطة سكين البولو‪ ،‬ولففت‬
‫القطعتين ‪.‬ربطنا القطعتين بحقائب الظھر وتراجعنا في الجبال في باسرع مايمكن ‪.‬وصلنا إلى‬
‫مستجمعات المياه‪ ،‬التي من الشاطئ الجنوبي مرئيا‪ ،‬حوالي واحد في الصباح ‪.‬كنا متعبين للغاية‪،‬‬
‫ليس فقط بسبب التسلق ولكن ألننا كان علينا أن نبقي العين على المدينة على طول الطريق ‪.‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬كان من المھم أن تأخذ السقف إلى المكان الذي خططنا لقضاء موسم األمطار المقبل‪،‬‬
‫وأجبرنا أنفسنا أن نصل إلى نقطة على الشاطئ الجنوبي بالقرب من وجھتنا عند الفجر‬

‫بعد أخذ استراحة‪ ،‬ذھبت إلى غابة للبحث عن عنبة لربط السقوف ‪.‬وبما أنه كان من الخطورة‬
‫أن يكون المعدن حولنا في النھار‪ ،‬يجب علينا ربطه وكذلك تمويھه مع الفروع واألعشاب لمنع‬
‫انعكاس أشعة الشمس وخفض الضوضاء التي يعملھا ‪.‬لم أجد عنبة جيدة حقا‪ ،‬عدت مع أفضل‬
‫ما يمكن وبدأت بربط لفائف القصدير‪.‬‬

‫في تلك المرحلة ھدر كوزوكا ‪" ،‬يجب أن ال تفعل األشياء في منتصف الطريق ‪.‬تحتاج عنبة‬
‫أقوى من ذلك ‪.‬لماذا لم تتنظر حتى تجد واحدة؟"‬

‫كان يتھمني بأني كسول‪ ،‬ولم أتمكن من تمريرذلك‪.‬‬

‫"أنا ما زلت متعبا من الليلة الماضية"‪ ،‬احتججت" ‪.‬على أي حال ھذا ھو جيد بما يكفي لحمل‬
‫االشياء بقدر ما نحن ذاھبون"‪.‬‬

‫بدأ ذلك‪ ،‬ولفترة من الوقت تشابكنا مع بعضنا البعض‪ ،‬والتعب يشعل الغضب ‪.‬في نھاية المطاف‬
‫ذھب كوزوكا غاضبا‪ ،‬اقتحم الغابة و عاد بعد أقل من ساعة يحمل عنبة قوية جدا ‪.‬أخذ سكينه‬
‫بولو‪ ،‬و قطع الكرمة التي كنت قد استخدمتھا وبدأ بربط السقوف مع الكرمة الجديدة ‪.‬كان ھناك‬
‫انتصار في ملفه الشخصي ‪.‬ظل فمي مغلقا ً‪ ،‬ألنني كنت أعرف أنه إذا قلت أي شيء‪ ،‬سنكون في‬
‫ذلك مرة أخرى ‪.‬نحن بالكاد تحدثنا مع بعضنا البعض بعد ظھر اليوم‪.‬‬

‫في المساء‪ ،‬وضعت حقيبتي على ظھري وعلى استعداد للتحرك ‪.‬بدأ كوزوكا‪ ،‬الذي كان يمشي‬
‫في وجھي‪ ،‬حول ما فعلته في وقت سابق من اليوم ‪.‬أنا تحملت ھذا في صمت حتى اذا قال ‪،‬‬
‫"من اآلن فصاعدا‪ ،‬سوف اتولى القيادة وعليك ان تتبعني "!‬

‫ھذا يوقفني ميتا في طريقي ھل سيقود الطريق؟‬

‫"فقط قف دقيقة‪ ،‬كوزوكا‪ "،‬قلت" ‪.‬أنا لن انبطح الى ھذه الدرجة"!‬

‫خالل كل وقتي في الجيش‪ ،‬لم يسبق لي أن أرسلت كوزوكا أو أي رجل آخر أمامي لحمايتي‬
‫و لم أستطع السماح له باالبتعاد عن مالحظة سيئة مثل ذلك ‪.‬نزعت حقيبة ظھري والقيت نفسي‬
‫على األرض حيث كنت‪.‬‬

‫وتحدثت بھدوء‪ ،‬قلت‪" :‬أستطيع أن أتقدم بنفسي‪ ،‬ويمكنني القيام بواجباتي بنفسي ‪.‬أنا ممتن لكل‬
‫ما تعلمته منك ومن وشيمادا عن العيش في الجبال‪ ،‬ولكن أنا ضابط‪ ،‬وأنا مسؤول عن الحرب‬
‫على ھذه الجزيرة ‪.‬حتى اآلن لقد تصرفت وفقا لحكمي‪ ،‬وأنا على استعداد لتحمل المسؤولية عما‬
‫فعلته‪".‬‬

‫وعند النظر إلي بمعاناة‪ ،‬قال‪" :‬المالزم الثاني أونودا يا سيدي !احتفظ بھا لنفسك !أنا سئمت مع‬
‫خطبك" !‬

‫"خطب؟" واجھته ‪.‬واضفت "اننى اذكر فقط الحقائق ‪.‬أنا ببساطة أشير إليك حيث كنت على‬
‫خطأ" ‪.‬‬

‫"لماذا انت كسول‪ ،‬ال تجيد اي شيء‪. . ".‬‬


‫كان مجنونا لدرجة أنه لم يستطع االستمرار‪ ..‬بحلول ھذا الوقت‪ ،‬استخدمنا اكثر لغة الجيش‬
‫المسيئة‪ ،‬وكنت مھتاجا مثله ‪.‬فجأة أدركت أنني فقدت السيطرة على نفسي ‪.‬حملت حقيبتي مرة‬
‫أخرى‪ ،‬مشيت الى االمام ‪.‬نحن بحاجة للذھاب إلى مكان ما وتھدئة الوضع ‪.‬‬

‫لم أكن قد سرت عشر خطوات عندما ألقى كوزوكا صخرة اصابت ظھري ‪.‬التفت اليه‬
‫ووجدته يستعد لرمي المزيد من الصخور‪.‬‬

‫"أوقف ذلك‪ ،‬أنت أحمق!" صرخت‪.‬‬

‫األمر جعله أسوأ فقط‪ ،‬وبدأ يھذي ‪.‬‬

‫"من ھو االحمق؟ ليس انا ‪.‬أنا لست أحمق ! انا أعرف من ھو في صفي ومن ھو ليس كذلك‬
‫‪.‬أنت ال تستمع لي‪ ،‬لذلك أنت لست معي ‪.‬أنت عدو ! أنت عدو لليابان‪ ،‬وأنا ذاھب لقتلك" !‬

‫نزعت حقيبة ظھري مرة أخرى ونظرت مباشرة إلى عيون كوزوكا وقلت‪" :‬لقد كنا معا وقتا‬
‫طويال ‪.‬كلما أعطيت األوامر‪ ،‬اعتقدت أنھا كانت لصالح بلدي وشعبي ‪.‬أنا أعتبرك رفيقي‪ ،‬ولقد‬
‫حاولت بجد كل ھذا الوقت ال أقول أي شيء من شأنه أن يسيء اليك ‪ .‬لم يكن دائما سھال‪ ،‬ألنني‬
‫إنسان أيضا ‪.‬وما زلت انت في كل مرة تذھب إلى اسطوانتك المكررة ‪ :‬كيف تسببت قيادتي‬
‫الخاطئة في استسالم كثير من الجنود ‪ ،‬كيف انشق أكاتسو‪ ،‬كيف كنت مسؤوال عن وفاة شيمادا‪.‬‬

‫"أنت ال تعرف ذلك‪ ،‬ولكن كلما فكرت في ذلك ‪ ،‬تجد واحدة من أربع حاالت موجودة ‪.‬إما أن‬
‫الطقس سيئ‪ ،‬أو أن العدو أقوى مما كنا نظن‪ ،‬أو كنت متعبا ومثبطا ألن شيئا لم يسر وفقا‬
‫للخطة‪ ،‬أو تأخر في وقت متأخر وكنت جائعا جدا ‪.‬انه فقط عندما يحدث واحد من تلك األشياء‬
‫تغضب وتبدأ في انتقادي ‪.‬الوضع اليوم ھو رقم ثالثة‪ ،‬كنت متعبا جدا‪ ،‬واثنين من األشياء لم‬
‫تذھب بالطريقة التي نريد ‪.‬‬

‫"لماذا ال يمكنك أن تكون أكثر برودة وأكثر موضوعية؟ ال يوجد سوى اثنين منا‪ ،‬بعد كل شيء‬
‫"‬

‫"اصمت!" صرخ" ‪.‬قلت لك أنا ال أريد مزيدا من الخطب ‪".‬‬

‫"حسنا ً "‪ ،‬أجبت" ‪.‬لقد قلت ما كان علي أن أقول ‪.‬إذا كنت ال تزال ترغب في قتل رفيقك الوحيد‬
‫المخلص ‪ ،‬افعل ذلك ‪.‬سأنفذ لك رغبتك بموتي ‪.‬ولكن بعد أن أموت‪ ،‬االمر متروك لك أن‬
‫تذھب وتعيش ‪.‬واالمر متروك لك للمحاربة بضعفين لتغطية حصتي‪".‬‬

‫كانت موجات الماء الكبيرة تنكسر في المحيط القريب‪ ،‬ولكن لم أستطع سماع أي شيء ‪.‬ال‬
‫أعتقد أن كوزوكا يستطيع ‪.‬تم إغالق جميع االصوات من حولنا ‪.‬واجھنا بعضنا البعض في‬
‫صمت‪.‬‬

‫مرت ثالثين أو أربعين ثانية‪ ،‬وقال كوزوكا بھدوء‪" ،‬مالزم‪ ،‬أنت تتولى القيادة‪".‬‬
‫تلك الكلمات جعلتنا رفاقا أقرب مما كنا عليه من قبل ‪.‬اومأت بصمت وابتعدت على الطريق‬
‫الصخري‪.‬‬

‫وقد سمانا سكان الجزيرة ب "الصوص الجبل" و "ملوك الجبل" أو "شياطين الجبل"‪ .‬وال شك‬
‫أن لديھم سبب وجيه لكرھنا‪.‬‬

‫قبل عام واحد فقط من موسم األمطار توقفنا لبضعة أيام في منتصف الطريق حتى جبل‬
‫األفعى ‪.‬عند احدى النقاط قررنا "الخروج" للقرية المجاورة والبحث عن اإلمدادات ‪.‬خبأنا‬
‫حقائبنا وبدأت الشمس بالغروب أسفل الجبل ‪.‬خرجنا في بقعة في مكان بين فيغو ومالك‪ ،‬ونحن‬
‫نبحث بسالمة تلة صغيرة خارج الحقول القريبة ‪.‬رأينا فتاة صغيرة مع عصابة حول رأسھا‬
‫وصبي في قميص قصير وشورت ‪.‬ويبدو أنھا تسقي الخضروات النامية في ھذا المجال ‪.‬كانت‬
‫بالفعل مظلمة إلى حد ما‪ ،‬وإذا كانوا ال يزالون يعملون في الميدان‪ ،‬يجب أن يعيشوا في مكان‬
‫قريب‪.‬‬

‫مع الحفاظ على أجسادنا منخفضة اقتربنا ‪ ،‬سرعان ما رأينا سقف منزل من النيبا يقع بين أشجار‬
‫الموز ‪.‬لم نر البيت من قبل‪ ،‬وتساءلنا متى بنوه‪.‬‬

‫عندما خرجنا من الشجيرات‪ ،‬رأينا فتاة تسير نحو المنزل وراء حقل الموز ‪.‬وكان الصبي قد‬
‫اختفى ‪.‬ذھبت الفتاة إلى المنزل وسرعان ما خرجت مرة أخرى مع رجل يبدو أنه والدھا ‪.‬بدأوا‬
‫بإعداد عشاءھم على موقد في الھواء الطلق بالقرب من الباب ‪.‬وتسلقنا وراءھم وأرغمناھم على‬
‫العودة إلى المنزل ‪.‬في الداخل كانت غرفة مظلمة‪ ،‬داكنة حيث امرأة مسنة‪ ،‬ويفترض انھا األم‪،‬‬
‫وقفت بال حراك مع الخوف كما شاھدتنا ‪.‬بدأنا البحث في الكوخ‪ ،‬ولكن كان ھناك سوى عدد‬
‫قليل من المواد من المالبس الرجالية بين الكثير من األشياء النسائية‪.‬‬

‫طلبت من الرجل أن يعطيني مصباح يدوي ‪.‬سلمه لي وھو يرتجف من الخوف ‪.‬وكانت‬
‫البطارية منتھية تقريبا أي أنھا عديمة الفائدة ‪.‬كان الطعام الوحيد الذي يتكلم عنه ھو بعض‬
‫األرز غير المصقول‪ ،‬ولم نجد السكر والغيره ‪.‬بالقرب من الجزء الخلفي من الغرفة كان ھناك‬
‫زوج من الصنادل نسجت حديثا وأخذناھا‪.‬‬

‫"ال يوجد شيء آخر ھنا‪ "،‬قلت‪" ،‬لذلك سنعود الى مقرنا ‪".‬‬

‫ولكن عند ھذه النقطة بدأ الرجل يتحدث في التغالوغ‪ ،‬وعرفت أنه يريد أن يذھب في الھواء‬
‫الطلق ليأخذ وعاء له قبالة النار ‪.‬اومأت باالذن ‪ ،‬و تراجعت الفتاة ووالدھا من المنزل كما لو‬
‫كانوا يسقطون من سلم ‪.‬بعد أن قام الرجل بإزالة وعاء‪ ،‬قال شيئا يبدو أنه يعني أن األرز‬
‫جاھز‪ ،‬ثم عرضه علينا ‪.‬‬
‫"ھل نأكله؟" سأل كوزوكا‪.‬‬

‫"لم ال؟" اجبته‬

‫وكانت الفتاة قد عادت الى المنزل ‪.‬كنا نظن أنھا تساعد والدتھا إعداد شيء للذھاب مع األرز‪،‬‬
‫ولكن عندما نظرنا في الداخل‪ ،‬وجدنا أن األم قد ذھبت ‪.‬رأينا على الفور حيث قامت المرأة‬
‫بإزالة لوحة أرضية وزحفت على الجانب اآلخر من المنزل‪ ،‬وال شك انھا ستبلغ الشرطة ‪.‬ھذه ال‬
‫تبدو مسألة كبيرة ‪ ،‬ألنه قد يكون بعض الوقت قبل وصولھم‪ ،‬ونحن يمكن أن تأكل في الوقت‬
‫نفسه‪.‬‬

‫تماما عند االنتھاء‪ ،‬عادت األم ‪.‬كنا نعلم أن الوقت قد حان للمغادرة ‪ ،‬لكننا شعرنا بطريقة ما بأننا‬
‫يجب أن ندفع المرأة إلى الوراء من أجل الغدر ‪.‬بفظافظة صوبنا بنادقنا الى الفتاة واألب‪ ،‬وقلت‪:‬‬
‫"ھيا إلى الجبال معنا"‪.‬‬

‫عند سماع ذلك‪ ،‬نزلت الفتاة إلى األرض واخذت باطار الباب ‪.‬بدأ األب يشير إلى وعاء األرز‬
‫لتذكيرنا أنه كان يغذينا‪.‬‬

‫كوزوكا وأنا ھزننا رؤوسنا في رفض نداءه‪ ،‬وأنا اخرجت عود كبريت كما لو اني اريد ان‬
‫اشعل النار في المنزل ‪.‬بدأت االبنة تتحدث في التغالوغ ‪.‬لم أكن أفھمھا‪ ،‬وأظن أنھا كانت‬
‫تدعو‪ ،‬ألنھا في النھاية قالت "آمين"‪.‬‬

‫قلت‪" :‬أعتقد أننا قد ارعبناھم بما فيه الكفاية ‪.‬بعد كل شيء‪ ،‬أنھم قدموا لنا العشاء ‪.‬دعونا نتركھم‬
‫"!‬

‫ولكن بعد ذلك سمعت صوت بندقية‪ ،‬ومرت رصاصة من خالل السقف ‪.‬انبطحت األم والطفل‬
‫على األرض‪ ،‬والرجل ھرب من المنزل ‪.‬للحظة نظرنا في البقاء واقامة معركة‪ ،‬ولكن ذلك بدا‬
‫وكأنه وسيلة الھدار الذخيرة ‪.‬ھربنا من الباب مباشرة الى الغابة‪ ،‬مع المحافظة على انخفاض‬
‫اجسامنا لتجنب النار التي يطلقونھا وراءنا ‪ .‬بعد ان ركضنا حوالي مائة ياردة‪ ،‬اختفينا في‬
‫غابة من األشجار‪ ،‬حيث توقفنا اللتقاط أنفاسنا ‪.‬لم تتابع الشرطة‪ ،‬ومن ھناك تسلقنا الجبل‬
‫بوتيرتنا المعتادة‪ ،‬ونتذمر ألنفسنا عن أن يتم اإلبالغ عنا بخبث ‪.‬كان كوزوكا غاضبا جدا ألنه‬
‫ألقى الصنادل المنسوجة في كتلة من الشجيرات وتركھا‪ .‬شرعنا نحو جبل األفعى وال زلنا‬
‫نسمع اصوات نيران متقطعة‪ .‬نظرنا الى الخلف فوجدنا حزمة من الضوء تتقاطع مع بعضھا‬
‫اماما وخلفا ‪.‬‬

‫بعد عدة أشھر من ذلك‪ ،‬اكتشفنا أن سكان الجزيرة كانوا يأتون بأعداد كبيرة إلى وادي نھر فيغو‪،‬‬
‫وذھبنا إلى كوخ بالقرب من المحجر في تيليك لتخويفھم بعيدا ‪.‬في طريق العودة‪ ،‬فوجئنا‬
‫بالشرطة‪ ،‬الذين تلقوا تقريرا مبكرا عن غزونا‪ ،‬وتبادلنا اطالق النار معھم من مسافة حوالي‬
‫ثالثين ياردة فقط ‪.‬ھربنا من خالل الغوص في بعض اشحار الغابا ‪ ،‬ولكن ارتدت رصاصة‬
‫واحدة في الكاحل وجرحتني قليال‪.‬‬
‫عندما وصلنا إلى قاعدتنا‪ ،‬فتحت خيمة جديدة مضادة للماء وجدت في الكوخ واكتشفنا الكتابة‬
‫عليھا "شركة ميتسوبيشي للتجارة"‪ .‬وكان ھذا مما يثلج الصدر‪ ،‬ألنه أكد اعتقادنا بأن الحرب‬
‫والتجارة يجريان على نحو مستقل عن بعضھما البعض ‪.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬فان تحرك الشرطة‬
‫في تيليك ضدنا بھذه السرعة جعلنا نقرر أن نكون أكثر حذرا في المستقبل‪.‬‬

‫في اليوم األخير من عام ‪ ،١٩٧١‬قمنا بغسيل المالبس في الروافد الوسطى لنھر أغكويان‪،‬‬
‫حيث كانت المياه واضحة وسريعة ‪.‬الموقع لم يكن بعيدا عن نقطة واكاياما‪ ،‬حيث واجھت‬
‫نوريو سوزوكي في فبراير‪.١٩٧٤ ،‬‬

‫بدأنا الغسيل قبل أن ترتفع الشمس حيث غسلنا قبعاتنا ‪ ،‬وستراتنا‪ ،‬والسراويل‪ .. ،‬الخ ‪.‬وقرب‬
‫االنتھاء‪ ،‬ھتف كوزوكا "ذھبت سراوالي ! ذھبت مع التيار‪".‬‬

‫ھذا يمكن أن يكون سيئا للغاية ‪.‬يتدفق النھر إلى قرية تسمى برول‪ ،‬ولكن حتى لو لم تصل‬
‫السراويل إلى ھذا الحد‪ ،‬فمن المرجح جدا أن يتم رصدھا من قبل الصيادين بين القرية‬
‫ومكاننا ‪.‬ويمكن تخمين مكان وجودنا بسھولة‪ ،‬باالضافة الى ذلك لم نك نرغب في إعطاء سكان‬
‫الجزيرة نظرة فاحصة على المالبس المرقعة التي كنا نرتديھا ‪.‬بدأنا ھبوط النھر‪ ،‬رذاذ الماء في‬
‫جميع أنحاء أنفسنا‪.‬ركضنا مائة ياردة ومائتي ياردة وخمسمائة ياردة‪ ،‬ولكن ال توجد عالمة على‬
‫السراويل ‪.‬لقد وصلنا إلى أعلى المنبع‪ ،‬وبحثنا ببطء وبعناية على طول الطريق‪ ،‬ولكن لم يتم‬
‫العثور على البنطلون‪.‬‬

‫بدأ كوزوكا في التململ‪ " ،‬لم تصر على القيام بھذا الغسل الكبير‪. ،‬نحن جنود؟ ال ينبغي لنا أن‬
‫نفعل كل ھذا الغسيل" !‬

‫أوضحت له أنه ھو الذي فقد السراويل‪ ،‬وليس أنا‪ ،‬وأن علينا أن نقرر بسرعة ما إذا كنا سنستمر‬
‫في محاولة للعثور على السراويل قبل ان يعثر عليھا بعض سكان الجزيرة أو االنتقال فورا‬
‫إلى موقع جديد‪.‬‬

‫"لقد بدأت في الوعظ مرة أخرى‪ "،‬اشتكى كوزوكا‪ ،‬ورأيت أنه كان على وشك االنفجار‪.‬‬

‫"حسنا ً حسنا ً "‪ ،‬قلت له ‪.‬واضفت "يمكننا ان نتحدث عن ذلك مرة اخرى ‪.‬اآلن أريد أن أحاول‬
‫العثور على السراويل إذا كان ذلك ممكنا ‪.‬انت تتبع على طول على ضفة النھر مع بندقيتك‪،‬‬
‫بينما أذھب انا إلى أسفل النھر البحث في أسفل وفي كل مكان آخر ‪.‬يجب أن يكونوا في مكان‬
‫ما‪".‬‬
‫وافق‪ ،‬وقفزت إلى النھر ارتدي قميصا من النايلون ‪.‬بدأنا أسفل النھر مرة أخرى‪ ،‬وھذه المرة‬
‫غصت في جميع األماكن العميقة‪ ،‬في حين اخذ كوزوكا طريقه على طول الضفة في ظالل‬
‫األشجارمع مراقبة جانبي النھر‪.‬‬

‫قضينا حوالي ساعتين في البحث عن السراويل‪ ،‬دون جدوى ‪.‬بعد ذلك عدنا مرة أخرى إلى‬
‫المكان الذي كنا نغسل فيه وخلعت قميصي ورميته في الماء بقصد شطفه مما ادھشني تماما‪،‬‬
‫ان القميص يسير بعكس التيار اعتقدت أنني كنت أفقد عقلي ‪.‬ثم أدركت فجأة أن القميص كان‬
‫في دوامة ‪.‬شاھدت أنه تحرك باتجاه المنبع لحوالي ثالثين ياردة‪ ،‬لحقته بسرعة ‪ ،‬حتى وصلت‬
‫إلى منحنى حاد في النھر‪ ،‬حيث يبدو تقريبا أن يكون امتص حول االنحناء ‪.‬قفزت إلى النھر مرة‬
‫أخرى‪ ،‬تابعت الدوامة ووصلت الى بدايتھا وھناك‪ ،‬علقت في فروع شجرة سقطت عبر‬
‫التيار‪ ،‬وكانت ھناك سراويل كوزوكا‪ ،‬تبدو مثل حيوان يموت في المياه ‪.‬واسترددت قميصي‬
‫أيضا ً‪.‬‬

‫درت ‪ ،‬ورفعت السراويل بحيث يراھا كوزوكا ولوح كوزوكا بسالحه في الھواء‪ ،‬مع ابتسامة‬
‫واسعة على وجھه‪.‬‬

‫بعد أن قطعنا بعض جوز الھند‪ ،‬الذي خططنا لشربه في الصباح التالي ‪ ،‬جمعنا أمتعتنا وعدنا‬
‫إلى معسكرنا ‪.‬لقد كنت في الماء لفترة طويلة ‪ .‬خشيت أنني سوف اصاب بالبرد‪ ،‬لذلك طلبت‬
‫من كوزوكا ان يعيرني سترته والتي كانت جافة ‪.‬سرعان ما وافق‪ ،‬وعندما وضعت السترة‬
‫على‪ ،‬شعرت بھا في أعماق قلبي‪.‬‬

‫نھاية ھذه السنة واول يوم وصلت فيه الى لوبانغ ستبقى من اكثر االشياء تذكرا في الثالثين ستة‬
‫التي قضيتھا في لوبانغ ‪.‬‬
‫وحيدا‬

‫لن أنسى أبدا ‪ ١٩‬أكتوبر ‪ ،١٩٧٢‬انه اليوم الذي سقط فيه كوزوكا ‪.‬‬

‫قبل عشرة أيام تقريبا من ذلك‪ ،‬قمنا بتفكيك البھائي ‪ ،‬وبدأنا من منطقة لوك عن طريق برول‬
‫باتجاه التالل التي كانت جبال التوأم جزءا منھا ‪.‬ونحن عادة ما ننفذ غارات المنارة بين ‪٥‬‬
‫أكتوبر و ‪ ٢٠‬أكتوبر تقريبا ‪ ،‬ولكن ھذا العام تأخرنا ألن موسم األمطار انتھى متأخرا ‪.‬وبينما‬
‫كنا نسير توقعنا أن التأخير سيؤثر على خططنا‪.‬‬

‫اختبأنا لمدة يوم واحد في بقعة يمكن أن نرى من خاللھا التل المركزي كله‪ ،‬وفي المساء بدأنا‬
‫صعود التلة بحذر ‪.‬قد يكون بعض سكان الجزيرة قد رأنا عند ذلك‪ ،‬ألن الشرطة في اليوم التالي‬
‫ظھرت بسرعة أكبر بكثير من المعتاد‪.‬‬

‫في ذلك اليوم‪ ،‬خرجنا من مكان اختبائنا ورأينا المزارعين يحصدون األرز في حقل جاف على‬
‫المنحدرات تحتنا ‪.‬كنا نزمع في اليوم األول فقط أن نفحص األرض استعدادا إلطالق النيران‬
‫في اليوم التالي‪.‬على أية حال‪ ،‬بدا األمر كما لو أن سكان الجزيرة كانوا يخططون الستكمال‬
‫عملھم اليوم‪ ،‬وإذا فعلوا ذلك‪ ،‬فإن األرز لن يكون ھناك مساء اليوم التالي ‪.‬بالنسبة لنا‪ ،‬ھذا يعني‬
‫االنتظار شھرا آخر أو نحو ذلك حتى يتم حصاد األرز في الحقول الرطبة‪.‬‬

‫"ماذا علينا ان نفعل؟ ھل نحرق مكان واحد على األقل اليوم؟"‬

‫"نعم فعال ‪.‬لقد وصلنا الجل ھذا ‪ ،‬لذا دعونا نمضي قدما ونفعل ذلك‪".‬‬

‫من القمة حيث كنا‪ ،‬يمكننا أن نرى بلدة تيليك والبحر يمتد خارجھا ‪.‬وبما أن ھناك قرية ليست‬
‫بعيدة‪ ،‬سيكون علينا أن نبدأ حرائق منارة لدينا في عجلة من امرنا ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬وبغض النظر عن‬
‫السرعة التي يبلغ بھا سكان الجزيرة عن وجودنا‪ ،‬فإن الشرطة ستستغرق عشر دقائق على‬
‫األقل للوصول إلى مكان الحادث ‪.‬على افتراض أننا يمكن أن تشعل كومة واحدة من األرز في‬
‫حوالي ثالث دقائق‪ ،‬ينبغي أن نكون قادرين على اشعال ثالثة أكوام وال يزال لدينا الوقت‬
‫للھروب بعيدا‪.‬‬

‫جزئيا الختبار بعض رصاصنا المشبوه اكثر ‪ ،‬عندما اقتربنا من الحقول‪ ،‬حاولنا اطالق النار‬
‫عدة طلقات في الھواء ‪.‬كما كنا نظن‪ ،‬فإن أول خمس أو ست محاوالت لم تطلق النار‪ ،‬ولكن في‬
‫نھاية المطاف انطلقت رصاصة ومع الصوت‪ ،‬انطلق اثنان من سكان الجزر في االتجاه‬
‫المعاكس‪ ،‬كما فعل الثالث الذي كان على الحافة المجاورة ‪.‬وقد ترك ھذا المكان دون حراسة‪،‬‬
‫وعندما تأكدنا من أن المزارعين الخائفين لم يعودوا نحونا‪ ،‬اشعلنا النار األولى ‪.‬كما ان‬
‫كوزوكا قد اشعل النار في كومة صغيرة أخرى من األرز‪ ،‬وجمعنا ما تركه سكان الجزر‬
‫وراءھم ‪.‬كان ھناك سكينتان ‪ ،‬وبعض اعواد الثقاب وحتى بعض القھوة‪ ،‬ليست غنائم سيئة‬
‫على اإلطالق ‪.‬بدأنا مرة أخرى على الجانب اآلخر من التالل‪ ،‬حيث ال يمكن رؤيتنا من القرية‬
‫القريبة ‪.‬على ارتفاع طفيف‪ ،‬رأينا دوحة كبيرة وقال كوزوكا "ھناك كومة من األرز تحت تلك‬
‫الشجرة‪".‬‬

‫نظرت‪ ،‬وكان ھناك بالفعل كومة من أكياس األرز ‪.‬شخص قريب قد جمع معا ثالثة صخور‬
‫مسطحة لتكون بمثابة موقد‪ ،‬وكان ھناك وعاء معلق في فرع شجرة ‪.‬ال يبدو أن ھناك أي‬
‫شخص حولھا‪.‬‬

‫وقال كوزوكا "ھل تظن أن الشرطة ستصل قريبا؟"‬

‫أجبت‪" ،‬نعم‪ ،‬انھا حول ذلك الوقت‪".‬‬

‫"ھؤالء البلھاء دائما يكونون على الطريق ! دعونا نشعل نارا اخرى " ‪.‬‬

‫"حسنا ً ‪ ،‬دعنا نحاول ‪".‬‬

‫ذھبنا إلى ما يقرب من خمس ياردات من الشجرة ووضعنا حقائبنا ‪ ،‬ووضعنا بنادقنا عليھا‬
‫‪.‬وبما أن األرز كان في أكياس‪ ،‬كنا بحاجة إلى بعض حصيرة القش أو شيء من ھذا القبيل‬
‫لوضعھا عليھم‪ ،‬وإال فقد ال تبدأ النار ‪.‬نظرنا حولنا‪ ،‬وعلى المنحدر نحو القرية‪ ،‬رصدنا قطعة‬
‫من حصيرة القش التي من شأنھا أن تمأل فقط الكا نون ‪.‬ذھب كوزوكا الحضارھا‪ ،‬وذھبت‬
‫لرؤية ما كان في الوعاء ‪ .‬عندما نظرت في الوعاء سمعت طلقات نارية على الجانبين مني‪،‬‬
‫وكانت قريبة جدا ‪.‬كنا متأخرين جدا!‬

‫غصت برأسي إلى المكان الذي كنا قد تركنا فيه بنادقنا وخبأت نفسي ‪ ،‬وارتفعت على ركبتي‬
‫التخاذ الھدف ‪ .‬كان العدو يطلق النار بجنون ‪.‬كنت أعرف من الصوت أنھم كانوا يستخدمون‬
‫الكربينات والرشاشات اآللية الصغيرة ‪.‬كان ھناك تالل حولنا حيث تنمو الشجيرات بشكل‬
‫كثيف‪ ،‬وإذا تحركنا بسرعة‪ ،‬سنكون على ما يرام ‪.‬‬

‫كما ضرب كوزوكا الغبار بالقرب مني ووصل إلى سالحه ‪.‬استوعب ذلك‪ ،‬ولكنه ادار يده مرة‬
‫أخرى ‪.‬اعتقدت ربما انه ال يرى من االمتعة وعندما وصل كوزوكا مرة أخرى‪،‬حولت بندقيتي‬
‫إلى يدي اليسرى وسحبت بندقيته إلى األمام السھل له الوصول اليھا ‪.‬ولكن كوزوكا اعاد يده‬
‫مرة أخرى ‪ ،‬وبقيت بندقيته معي‪.‬‬

‫"إذا كان الكتف فقط‪ ،‬ال تقلق‪ .‬لنعود الى الوادي‪".‬‬

‫" صرخ كوزوكا إنه كتفي!" منزعجا ‪ ،‬نظرت إليه دون تغيير موقفي ‪.‬كان ھناك دم يخرج من‬
‫كتفه االيمن ‪.‬‬
‫كان العدو ال يزال يطلق النار ‪.‬اخذت بندقية كوزوكا‪ ،‬تحولت في اتجاه الرصاص القادم ‪.‬من‬
‫ظل بعض الشجيرات حوالي ‪ ١٢٠‬ياردة بعيدا‪ ،‬ظھرت شخصان فجأة‪ ،‬وصرخا صرخة‬
‫المعركة ‪.‬قررت أنھم من سكان الجزيرة الذين جلبوا الشرطة ھنا‪ ،‬ومن صوت اللقطة التالية‪،‬‬
‫خلصت إلى أن الشرطة يجب أن تكون إلى اليسار وقليال أمام سكان الجزيرة ‪.‬أطلقت ثالث أو‬
‫أربع طلقات سريعة في ھذا االتجاه‪ ،‬كسرت نار العدو ‪.‬ھذا أعطاني فرصتي ‪.‬اخذت البندقتين‬
‫االثنين ووليت ھاربا ‪.‬‬

‫كوزوكا كان ال يزال يقف في نفس المكان !اعتقدت انه كان قد تراجع عن خمسة او عشرة‬
‫ياردة بينما كنت اطلق النار‪ ،‬لكنه كان ال يزال ھناك‪ ،‬اذرعه مطوية وضاغطة على قلبه ‪.‬‬

‫بدأت أصرخ له للنزول‪ ،‬ولكن قبل أن أتمكن من فتح فمي‪ ،‬صرخ "انه صدري‪".‬‬

‫الصدر؟ ھل اصابوه مرتين؟‬

‫تنھد كوزوكا وقال " ال فائدة"!‬

‫عندما نظرت‪ ،‬اصبحت عيناه بيضا ً ‪.‬وبعد ثانية‪ ،‬خرج الدم والرغوة من فمه‪ ،‬وسقط الى األمام‪.‬‬

‫لكسب الوقت‪ ،‬حاولت اطالق الرصاصات الخمسة التي في بندقتي‪ ،‬ولكن الرابعة فقط خرجت‬
‫دون إطالق النار وبدون تفكير‪ ،‬توقفت عن إطالق النار‪.‬‬

‫دعوت كوزوكا‪ ،‬ولكن لم يكن ھناك إجابة ‪.‬لم يتزحزح ‪.‬تركت بندقيتى وھززته من قبل الكاحل‪،‬‬
‫ولكن لم يكن ھناك أي رد ‪.‬ھل انتھى ؟ ھل مات حقا ؟ حاولت مرة أخرى االتصال به‪ ،‬ولكن لم‬
‫أستطع التحدث‪.‬‬

‫من الصعب علي أن اواجه‪ ،‬تحولت عيناه بيضا والدم يخرج من فمه‪ ،‬كان ميتا ‪.‬لم يكن ھناك‬
‫شيء أكثر يمكن القيام به ‪.‬أخذت البندقيتين وركضت حوالي خمسة عشر ياردة أسفل المنحدر‬
‫إلى الغابة ‪.‬من ھناك نظرت إلى كوزوكا‪ ،‬لكنه كان ال يزال مستلقيا‪ ،‬تماما كما كان‪.‬‬

‫ھربت وسرت في الوادي ‪.‬استمر إطالق النار ورا ئي ‪.‬ركضت خالل الغابة‪ ،‬صارخا‪" ،‬‬
‫سوف أتغلب عليھم لھذا !سأقتلھم جميعا ً ! سأقتلھم‪ ،‬سأقتلھم" !‬

‫اآلن لم يبق احد غيري ‪ .‬قتل شيمادا ‪.‬و قتل كوزوكا ‪.‬كان دوري التالي ‪.‬لكنني تعھدت لنفسي‬
‫بأنھم لن يقتلوني دون قتال‪.‬‬

‫كان ھناك بستان جوز الھند في الجبال حوالي ثالثة أرباع ميل من حيث تم اطالق النار‬
‫كوزوكا ‪.‬ذھبت إلى ھناك وعلى منحدر قريب فرزت المعدات ‪.‬حتى ذلك الحين كان كل من‬
‫كوزوكا وانا نحمل حوالي خمسة وأربعين رطال ‪ ،‬ولكنني اآلن وحيدا‪ ،‬كانت ھناك عناصر‬
‫لم أكن بحاجة إليھا بعد اآلن ‪.‬أخذت األشياء التي أحتاجھا ودفنت البقية في األرض‪.‬‬

‫عندما انتھيت من ذلك‪ ،‬سمعت أصواتا ً في مكان قريب ‪.‬اخذت البندقتين ‪ ،‬انتقلت متخفيا في‬
‫اتجاه الصوت ‪.‬كان ھناك كوخ في بستان جوز الھند‪ ،‬وكان خمسة أو ستة من سكان الجزيرة‬
‫يعملون حوله ‪.‬مشھدھم شغلني بالغضب ‪.‬فكرت في قتلھم جميعا على الفور ‪.‬قررت عدم إطالق‬
‫النارألنه لم يكن من السھل التحرك وانا احمل بندقيتين ‪.‬‬

‫لم يمض وقت طويل‪ ،‬رأيت خمسة عشر أو ستة عشر من سكان الجزيرة يمشون على التالل‬
‫حيث قتل كوزوكا ‪.‬كانوا يراقبون بحماس‪ ،‬ومرة أخرى كنت مليئا بالغضب‪ ،‬ولكنني خفت أن‬
‫ھناك رجال الشرطة في جميع األنحاء‪ ،‬وعلى أي حال كان سكان الجزيرة على بعد سبعمائة‬
‫ياردة بعيدا عني‪.‬‬

‫"خذ األمر سھال" قلت لنفسي" ‪.‬ھذا ليس ھو الوقت المناسب"‪ .‬لكنني أقسمت انني في يوم من‬
‫األيام سأقتلھم جميعا‪.‬‬

‫في اليوم التالي غلفت بندقية كوزوكا بكثافة بزيت جوز الھند وشحوم برميل مع بعض دھن‬
‫كنت قد خبأته بعيدا ‪.‬ولمنع الفئران من تناول العقب‪ ،‬غطيته ببعض الصفائح المعدنية وخبأت‬
‫البندقية بعيدا في شق بين الصخور ‪.‬كذلك أيضا وضعت بعيدا رصاص الرشاش الذي كنت قد‬
‫استخدمت واستبدلته برصاص ‪ ٩٩‬الحقيقي ‪.‬فعلت كل ذلك و وجه كوزوكا وھو يقذف الدم‬
‫في ذھني‪.‬‬

‫تذكرت أنه كان ھناك خمسة صليات للعدو بين اللقطة األولى والوقت الذي نزلت فيه إلى الوادي‬
‫‪ .‬يطلق الكاربين خمسة عشر طلقة في وقت واحد‪ ،‬وإذا كان عند العدو ثالثة كاربينات‪ ،‬كما‬
‫اشتبه‪ ،‬كان سيكون ھناك خمسة وأربعين طلقة في كل كرة‪ ،‬أو ما مجموعه ‪ ٢٢٥‬طلقة‪ ،‬قررت‬
‫أن كوزوكا يجب أن يكون قد ضرب فى الصلية األولى ‪.‬لم يكن أكثر من ثانيتين بين الوقت‬
‫الذي أصيب فيه والوقت الذي نزل لبندقيته ‪.‬انقضت خمس أو ست ثوان أخرى بين الوقت الذي‬
‫قال فيه‪" :‬إنھا كتفي"‪ ،‬والوقت الذي سقط فيه ‪.‬كان يجب أن يكون قد مات بعد ثماني ثوان أو‬
‫نحو ذلك بعد أن أصيب ‪.‬ما الذي دار في ذھنه خالل تلك الثواني الماضية؟‬

‫عندما وضعت بعيدا بندقية كوزوكا ‪ -‬ھذه البندقية أالتي كانت بجانبه باستمرار لمدة ثمانية‬
‫وعشرين عاما ‪ -‬كان من الصعب قمع العواطف التي اشتعلت داخلي‪.‬‬

‫في نفس اليوم انتقلت إلى نفطة كومانو واستقررت لبضعة أيام حوالي مائتي ياردة شمال غرب‬
‫البقعة حيث بنيت فيما بعد كوخ الجبل ‪.‬وبينما كنت أبحث حولي ‪ ،‬ظھرت طائرة ھليكوبتر في‬
‫السماء وبدأت تحلق ذھابا وإيابا فوق الجزيرة ‪.‬توقعت أن يأتي فريق بحث جديد‪ ،‬وأنه يجب أن‬
‫يكون كبيرا إلى حد ما‪.‬‬

‫أختبأت بين األشجار‪ ،‬وقد تحصنت في موقعي ‪.‬‬


‫عندما امكث في مكان واحد‪ ،‬لم يكن ادنى شك ان وحدتي عيب كبير ‪ .‬ھذا من جھة ومن‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬إذا كنت متحركا ‪ ،‬فان كون وحدي له ميزات جيدة ‪.‬كنت حرا في الذھاب حيث‬
‫اريد ‪ ،‬واستطيع التنقل بخفة اكثر ‪.‬وعالوة على ذلك‪ ،‬كان من األسھل العثور على الغذاء‬
‫لشخص واحد‪ ،‬وخطر االكتشاف تم تقليصه ‪.‬كان من الجيد أن يكون لدي بندقية إضافية‪ ،‬ولكن‬
‫كنت قد قررت بالفعل أن الثانية كانت عائقا اكثر من مساعدا عندما كنت بحاجة إلى التصرف‬
‫بسرعة ‪.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬فإن زيادة إمدادات الذخائر سھلت القتال على المدى الطويل ‪.‬بوضع‬
‫المشاعر والعواطف جانبا‪ ،‬استنتجت ان وضعي متوازن كما كان من قبل ‪.‬لم يكن ھناك فرق‬
‫كبير بين جنديين وجندي واحد‪ ،‬من الناحية المادية‪.‬‬

‫على أي حال‪ ،‬ھذا ھو ما أردت أن أفكر فيه ‪.‬لقد قررت مرة أخرى أنه إذا واجھت العدو‪،‬‬
‫سأطلق النار بقصد القتل ‪.‬إذا فعلت ذلك‪ ،‬فإن سكان الجزر سوف يخافون مني ويبقون خارج‬
‫أراضي ‪.‬وھذا في حد ذاته من شأنه أن يجعل الحياة أسھل‪.‬‬

‫ولكنني لم انفذ ھذه الخطة‪ ،‬ألن فريق بحث جديد‪ ،‬وصل بعد ثالثة أيام فقط من وفاة كوزوكا‪.‬‬

‫"أونودا سان‪ ،‬أينما كنت‪ ،‬اخرج ! ونحن نضمن سالمتك" ‪.‬‬

‫ھكذا جاءت مناشدات من مكبرات صوت فريق البحث‪ ،‬مرارا وتكرارا ‪.‬وأصبحت أقرب‪،‬‬
‫وأصبحت مقتنعا بأنني مضطر إلى تفادي الباحثين بطريقة أو بأخرى ‪.‬انتقلت شرقا عبر نھر‬
‫فيغو‪ ،‬تحركات المروحية كانت تشير الى ان البحث يتمركز حول الجبال بين تيليك وقاعدة‬
‫الرادار‪ ،‬وفي ھذه الحالة لن أتمكن من الفرار ما لم أذھب إلى المنطقة بين أغكويان ولوك‪.‬‬

‫وقد انتھى سكان الجزيرة من جني حقولھم من األرز الجاف وبدأوا في حصاد األرزمن الحقول‬
‫الرطبة ‪.‬زحفت على طول الحواجز بين حقول األرز‪ ،‬تمكنت من جمع ما يكفي من األرز غير‬
‫المقشور حتى تستمر لفترة من الوقت‪ ،‬اخذت القليل من كل قسم لتجنب االكتشاف ‪.‬ثم سرت‬
‫باتجاه الشرق‪ ،‬وخططت لتقسيم الرحلة الى مراحل سھلة‪ ،‬ووقفت لمدة أربعة أو خمسة أيام في‬
‫المكان الواحد ‪.‬وكلما فكرت في ھذا‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬وكلما أصبحت مقتنعا بأنني سوف واجه‬
‫صعوبة في تجنب مصيدة فريق البحث ‪.‬في نھاية المطاف قررت انا كون أكثر عدوانية في‬
‫العمل‪.‬‬

‫في مساء يوم ‪١٩‬تشرين الثاني‪ ،‬بعد شھر واحد فقط من مقتل كوزوكا‪ ،‬خرجت إلى العراء على‬
‫طريق السيارات في أمبولونغ‪ ،‬مباشرة تحت قاعدة الرادار ‪.‬في الوقت الحاضر التقيت أحد سكان‬
‫الجزيرة وھو يعود إلى المنزل من العمل ‪.‬ھددته بضجيج وأشرت إليه بالبندقية ‪ .‬ھرب الرجل‬
‫مصعوقا ً ‪ ،‬لكنه ظل ينظر إلى الوراء في وجھي ويلوح ذراعيه كما لو كان ينادي بالرحمة ‪.‬ھذا‬
‫في حد ذاته كان غير عادي‪ ،‬ألن سكان الجزيرة‪ ،‬كانوا يفرون دائما دون ان ينظروا وراءھم‬
‫‪.‬قررت أن الرجل قيل له ان يتأكد من شخصيتي اذا رآني ‪.‬‬
‫‪.‬طاردته‪ ،‬ال تزال تبندقيتي موجھة اليه ‪.‬مرة أخرى كان ينظر إلى الوراء فقط ليجد أنني‬
‫اصوب عليه وكنت ال ازال على استعداد الطالق النار ‪.‬ركض لفترة من الوقت بأقصى سرعة‬
‫ثم اختفى في احدى المساكن بجانب قاعدة الرادار‪.‬‬

‫لقد أحسبت أنه عندما يبلغ الرجل فريق البحث انه رآني‪ ،‬سيأتيون بأعداد كبيرة على الطريق‪،‬‬
‫وسأتسلل في الجبال باتجاه لوك‪.‬‬

‫كما خططت له‪ ،‬في حوالي عشرين دقيقة ظھر فريق البحث ‪.‬على مكبر صوتھم قالوا‪ " :‬لدينا‬
‫تقريرانك ظھرت ھنا‪ ،‬ونحن نعتقد أنك تسمعنا اآلن ‪. . . .‬أونودا سان‪ ،‬إذا كنت ال أعتقد أننا‬
‫يابانيين‪ ،‬حمل بندقيتك قبل ان تخرج "‬

‫اضطررت إلى الضحك ‪ .‬احمل بنندقيتي ! في الواقع !البندقية قد حملت منذ ثالثين عاما ‪.‬كنت‬
‫ھنا‪ ،‬حسنا‪ ،‬وكنت أسمع مكبر الصوت ‪.‬ولكن لم أكن على وشك أن أقع لشيء من ھذا القبيل!‬

‫عبرت فرعا لنھر فيغو وانطلقت في اتجاه لوك ‪.‬ثم‪ ،‬من مكان ما حول نقطة كومانو ‪ ،‬جاء ھناك‬
‫صوت امرأة ‪.‬لم أستطع أن أعرف بالضبط ماذا كانت تقول‪ ،‬ولكني لقطت الكلمات "ھيرو‪،‬‬
‫لقد أعطتني اثنين‪ ،‬أليس كذلك؟"‬

‫عرفت انه صوت شقيقتي الكبرى شيه‪ ،‬وأعتقد أنھا كانت تتحدث عن زوج من اللؤلؤ أعطيته‬
‫لھا كھدية زفاف ‪.‬بينما كنت أتساءل عن ھذا‪ ،‬صوت الرجل جاء من اتجاه آخر ‪: ". . .‬محارب‪،‬‬
‫قاتل مثل المحارب !جندي‪ ،‬قاتل مثل الجندي" !‬

‫لقد كان صوت أخي تاداو‪ ،‬وقد سمعت ھذه الكلمات في مدرسة تدريب ضباط كوروم ‪.‬حتى‬
‫تاداو قد جاء من البرازيل!‬

‫ھذا لم يفاجئني كثيرا ‪.‬لقد علمت من نشرة أنه انتقل إلى البرازيل ‪.‬تذكرت صورة له وأوالده في‬
‫النشرة ‪.‬كنت دائما أتوقع أن يذھب إلى غينيا الجديدة أو بلد جديد آخر والدخول في العمل‬
‫اإلنمائي ‪.‬البرازيل مناسبة جدا‪.‬‬

‫"كان من الجيد له أن يسافر مثل ھذه المسافة الطويلة من أجلي"‪ ،‬فكرت" ‪.‬أعتقد أنني سأجلس‬
‫ھنا واستمع إليه لفترة من الوقت"‪.‬‬

‫جلست أين كنت وحاولت سماع ما يقوله ‪.‬بسبب التضاريس والرياح ‪.‬لم أتمكن من فھم كل ما‬
‫قاله مكبر الصوت‪ ،‬لكنني عرفت بما فيه الكفاية أن تاداو كان يتحدث ببالغته المعروفة ‪.‬وكان‬
‫قد فاز مرة واحدة في مسابقة اليابان للتباحث في المدارس المتوسطة‪ ،‬ويبدو أنه يستفيد بشكل‬
‫جيد من تجربته في ھذا المجال‪.‬‬

‫قررت تأجيل الذھاب إلى لوك والبقاء لفترة أطول على المنحدر الشرقي المطل على نھر‬
‫فيغو ‪.‬كان لي الكثير من الطعام‪ ،‬ويبدو اآلن أني لست على عجلة من امري للذھاب إلى‬
‫لوك ‪.‬قررت البقاء كذلك ھنا ومراقبة فريق البحث لفترة أطول قليال‪.‬‬
‫في ذلك الوقت من فريق البحث ‪ ،١٩٥٩‬اعتقدت ان شخص ما كان يقلد صوت أخي توشيو‪،‬‬
‫ولكن ھذه المرة أصوات‪ ،‬كل من تشي و تاداو‪ ،‬كانت بالتأكيد لھم ‪.‬ويبدو أن ھذا يعني أن فريق‬
‫البحث الجديد قد جاء بالفعل من اليابان وليس من قوات المخابرات األمريكية ‪.‬أردت التأكد من‬
‫ھذه النقطة‪.‬‬

‫وفي إحدى األمسيات بعد حوالي أسبوعين‪ ،‬وفي اليوم الخامس واألربعين بعد وفاة كوزوكا‪،‬‬
‫ذھبت إلى المكان الذي أصيب فيه بالرصاص ‪.‬مفترضا أن فريق البحث قد ارھق من البحث‬
‫ھنا لقد توقفت أنشطتھم في المنطقة؛ لم أسمع أي مطالبة من مكبر الصوت‪.‬‬

‫عندما خرجت من األدغال واقتربت من التل الصغير من الخلف‪ ،‬وجدت كتابا مع صورة‬
‫الشمس المشرقة على الغالف ‪.‬على اليسار‪ ،‬بخط أخي‪ ،‬كانت ھناك رسالة تقول‪" :‬ربما لديك‬
‫أشياء تريد ان تقولھا لي قبل أن نتحدث معا ‪.‬انزع ھذه الصفحة واكتب عليھا ‪.‬إذا تركتھا‬
‫ھنا‪ ،‬سوف أتلقى ذلك" ‪.‬‬

‫كانت الكتابة بخط تاداو بدون شك ‪ ،‬وأنا اآلن مقتنع تماما أنه كان في لوبانغ‪.‬‬

‫ھنا‪ ،‬بالقرب من قبر كوزوكا‪ ،‬كنت أخشى أن يكون ھناك حراس العدو حوله ‪.‬ظللت أسمع‬
‫ضجيجا لم أكن معتادا عليه ‪.‬سحبت امان البندقية‪ ،‬و مشيت بحذر و حقيبتي التزال على‬
‫ظھري‪.‬‬

‫في العام الماضي‪ ،‬وانا امشي على طول الطريق الذي بناه سكان الجزيرة لتسھيل نقل األرز‪،‬‬
‫وكنت اغنى لنفسي أغنية عن رفاق الحرب‪:‬‬

‫صديقي يرقد تحت صخرة في ھذا الحقل‪،‬‬

‫مضاءة بأشعة لطيفة من شمس المساء‪. . . .‬‬

‫بعد التأكد من عدم وجود أحد حول‪ ،‬نظرت إلى أعلى وفي الظالم رايت العلم الياباني يرفرف‬
‫من النسيم ‪.‬كان ھذا ھو الضجيج الغريب الذي سمعته ‪.‬تنھدت مع الراحة ‪.‬‬

‫وبينما اقتربت من شجرة الدوحة ‪ ،‬رأيت أنه قد تم إنشاء قبر كبير في المكان الذي سقط فيه‬
‫كوزوكا ‪.‬اقتربت كثيرا حتى كاد وجھي يلمس الحجر‪ ،‬وضعت لوحة كبيرة محفورة تقول‪" :‬ھنا‬
‫مات الجندي االول كينشيتشي كوزوكا"‪ .‬امام حجر الضريح وضع أحدھم إكليال من الزھور‬
‫وبعض البخور ‪.‬كنت أعرف من الطريقة التي تم وضع العالمة فيھا أنھا من قبل اليابانيين‪.‬‬
‫تحدثت بصمت إلى كوزوكا‪" :‬لقد جعلت األمور صعبة بالنسبة لك‪ ،‬أليس كذلك؟ لقد عانيت‬
‫كثيرا ‪.‬أنا آسف ‪ ...‬كان لي معارك ومجادالت معك ‪.‬عد إلى اليابان قبلي ‪ ،‬وال تقلق‬
‫بشأني ‪.‬سوف انتقم لك ‪.‬كوني وحيدا لم يجعلني ضعيفا ‪.‬‬

‫في أذني رنت كلماته األخيرة‪" ،‬ال فائدة !" لقد ضربت في الصدر‪.‬‬

‫طلع القمر ‪ ،‬وفي ضوئه الشاحب رايت حدود جزيرة أمبيل في االفق ‪ .‬وعندما عدت من‬
‫التل‪ ،‬فكرت مرة أخرى في أغنية عن الرفاق‪:‬‬

‫يا ايھا المؤمنون‬

‫االستلقاء جثة في ساحة المعركة‪.‬‬

‫من القديم قناعة المحارب‬

‫بما انه ال يبقى احد من البشر‬

‫فال تأسفن على الموت بشرف‪.‬‬

‫غنيت تحت ضوء القمر حتى ارتاخ مخي ‪.‬وكلما غنيت‪ ،‬فكرت مرارا وتكرارا في التعھد الذي‬
‫قطعته عند قبر كوزوكا‪.‬‬

‫لتجنب الخطر‪ ،‬قررت ترك محيط قبر كوزوكا في أقرب وقت ممكن ‪.‬توجھت بثبات نحو سھل‬
‫أغكوايان حيث مقري ‪.‬‬

‫في اليوم التالي ظھرا‪ ،‬وصلت إلى السھل ورأيت العلم الياباني يحلق في وسطه ‪.‬ويبدو أن ھذا‬
‫كان مقر فريق البحث الحالي‬

‫قررت في صباح اليوم التالي ترك مكان اختبائي قبل تناول الطعام وارتفعت في الوادي‬
‫للحصول على المياه العذبة‪ ،‬وألقيت نظرة حولھا كما فعلت ذلك ‪.‬وفي أثناء تنفيذ ھذه العملية‪،‬‬
‫وجدت عددا كبيرا من بطاريات الخاليا الجافة المستھلكة ‪ ،‬فضال عن الكتب والصحف‬
‫والمنشورات ‪.‬اخترت ھذه وبدأت مرة أخرى في العودة الى مخبئي ولكن اكتشف لدھشتي أنني‬
‫لم أستطع العثور عليه ‪.‬كان ھناك الكثير من التالل الصغيرة ھناك؛ كل شيء بدا على حد سواء‬
‫‪.‬بدأت أقلق ‪.‬كانت بندقيتي معي‪ ،‬ولكنني تركت ورائي كل الذخيرة االحتياطية و إذا تم العثور‬
‫عليھا‪ ،‬فإن العدو يعرف أين كنت‪.‬‬

‫أنا ال أتذكر أبدا أنني كنت محموما جدا بھذا الشكل من قبل ‪.‬استغرق األمر حتى اليوم التالي‬
‫عند الظھر لتحديد مكان مكان االختباء ‪.‬تعرقت بسبب القلق و الحرارة‪ ،‬لقد بحثت كل التالل في‬
‫المنطقة باستثناء التلة الصحيحة ‪ ،‬وفي بعض األحيان لم أكن على بعد أكثر من خمسين ياردة‬
‫عنھا ‪.‬‬

‫ھذا لم يحدث ابدا ايام كوزوكا ‪ ،.‬كان أحدنا يبقى في مكان االختباء واآلخر يذھب للعمل ‪.‬‬
‫وكرست الصحف الكثير من االمساحات لوفاة كوزوكا‪ ،‬وقرأت جميع المقاالت بدقة‬
‫تامة ‪.‬وقالوا‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ ،‬أنني كما يبدو قد تلقيت إصابة في الساق في‬
‫المناوشات ‪.‬وكان ذلك غير صحيح‪ ،‬وكان ھناك عدد من التناقضات األخرى في القصص‪.‬‬

‫توصلت الى قناعة مفادھا انه خالفا لفريق البحث عام ‪ ،١٩٥٩‬أرسلت الحملة الجديدة بالفعل‬
‫من قبل الحكومة اليابانية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن البحث كان مجرد ذريعة‪ ،‬والغرض الحقيقي ھو إرسال‬
‫فريق من خبراء االستطالع الياباني إلجراء مسح مفصل لجزيرة لوبانغ ‪.‬ووفقا لألنباء عن‬
‫الراديو‪ ،‬أصبحت اليابان قوة اقتصادية كبيرة‪ ،‬وربما يكون الھدف من فريق البحث ھو نشر‬
‫الكثير من المال حول لوبانغ وكسب سكان الجزيرة إلى الجانب الياباني ‪.‬وكانت النداءات‬
‫الموجھة إلي أن أخرج‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬كانت تھدف إلى تضليل المخابرات األمريكية عن المسار‬
‫و تحت غطاء البحث الظاھر عني ‪ ،‬سوف يقوم وكالء يابانيون بتصوير كل نقطة استراتيجية‬
‫في الجزيرة وإعداد تقارير مفصلة عن التضاريس والظروف بين الناس‪.‬‬

‫وبالنظر إلى وجھة النظر ھذه‪ ،‬فإن المناشدات التي تحثني على الخروج تعني حقا أنه ال ينبغي‬
‫أن أخرج‪ ،‬ألنه إذا خرجت‪ ،‬ستنتھي اللعبة‪.‬‬

‫كنت أعرف من اإلذاعة أن امريكا قد فشلت فشال ذريعا في فيتنام‪ ،‬وخطر لي أن اليابان قد‬
‫تكون قد رأت أن االفشل فرصة لجذب الفلبين إلى الجانب الياباني ‪.‬وقد تكون الحكومة الفلبينية‪،‬‬
‫من جانبھا‪ ،‬في مزاج جيد لتحويل دعمھا من أمريكا إلى اليابان ‪.‬ةھذا ھو السبب في أن القيادة‬
‫االستراتيجية اليابانية اختارت لوبانغ‪ ،‬حيث كنت ال ازال موجوداً كمكان إلقامة موطئ قدم في‬
‫الفلبين ‪.‬وبالتالي فإن ھذه فرق بحث زائفة‬

‫إذا كنت قبلت البحث على ظاھره وسلمت نفسي‪ ،‬فإن "فريق البحث" سيعود إلى اليابان دون أن‬
‫يحقق ھدفه الحقيقي ‪.‬كنت قد شعرت بإغراء نداء أخي‪ ،‬لكنھا ھذا لن يجعلني افسد الخطة األكبر‬
‫من خالل الظھور‪.‬‬

‫عقليا‪ ،‬وجھت كلمات التشجيع إلى "فريق البحث"‪" :‬سوف ابقى مختفيا حيث أنكم لن تجدوني‪،‬‬
‫لذلك امسحوا الجزيرة بقدر ما تستطيععون ‪ .‬اعملوا في مجموعات كبيرة‪ ،‬يمكنكم معرفة‬
‫المزيد عن الجبال والبلدات والمطار اكثر مما يمكن أن اعلمه وحدي ‪.‬إذا فزتم بدعم سكان‬
‫الجزر وجعلت الجزيرة غير ضارة‪ ،‬فإن أھدافي تكون قد تحققت بسرعة أكبر‪".‬‬

‫شيء واحد كان يزعجني ھو أن أعضاء فريق البحث يرافقھم جنود فلبينيون مسلحون ‪.‬لماذا‬
‫يرافق عمالء المخابرات من اليابان دائما حراس فلبينيون ؟ لم يكن ھذا ليقولوا لي أنھم كانوا‬
‫أعداء؟‬
‫كنت تسعة وتسعين في المئة مقتنعا بأن "فريق البحث" قد أرسل من اليابان ‪.‬بقي واحد في المئة‬
‫المتبقية مترددة بسبب تلك القوات الفلبينية المسلحة‪.‬‬

‫ظلت الطائرات العمودية تحلق صاخبة فوق الجزيرة وأسقطت منشورات ال تعد وال تحصى في‬
‫الغابة ‪.‬نصب فريق البحث الخيام في مواقع مختلفة وتواصل مع بعضھم البعض عن طريق‬
‫الھاتف ‪.‬عندما انتقلت من مكان اختباء إلى آخر‪ ،‬تساءلت لماذا لم يتركوا لي مناظيرً وھاتفا ‪.‬إذا‬
‫كان لدي ھاتف‪ ،‬يمكنني التحدث إلى عمالء المخابرات سرا وانقل لھم جميع المعلومات التي‬
‫جمعتھا على مر السنين ‪.‬التفسير الوحيد الذي يمكنني قبوله لعدم ترك ھاتف لي في مكان ما‬
‫ھو أنھم يريدون بأي ثمن اال اخرج من الغابة‪.‬‬

‫وبالنظر من زاوية أخرى‪ ،‬إذا أرادوا حقا أن أخرج‪ ،‬كان ال ينبغي لھم ترك ھاتف فقط ولكن‬
‫سالح رشاش وذخائر ‪.‬لو كانوا قد فعلوا ذلك‪ ،‬كان بإمكاني أن أحمل المدفع الرشاش واسير في‬
‫الطريق أمامھم ‪.‬إذا كانوا حقا وكالء يابانيين يعملون لنفس السبب مثلي ‪ ،‬لم يكن لديھم سبب‬
‫للخوف من أنني سوف اطلق النار عليھم ‪.‬كنت مقتنعا بأن الحرب ال تزال مستمرة‪ ،‬وإذا أراد‬
‫الباحثون أن يثبتوا أنھم أصدقاء‪ ،‬لم يكن عليھم اال ان يتركوا لي سالحا وذخائر ‪.‬ال يوجد برھان‬
‫افضل من ھذا ‪.‬‬

‫ظللت بعيدا عن فريق البحث حسب ما أستطيع ‪.‬بعد أن توقفت لفترة قريبة من الشاطئ جنوب‬
‫خليج لوك‪ ،‬انتقلت إلى تلة يمكن أن انظر منھا إلى أسفل في حقل السيدة البيضاء‪ ،‬وھناك دخلت‬
‫سنة ‪ .١٩٧٣‬وكانت ھذه ھي المرة األولى التي ادخل في سنة جديدة وحدي منذ وصولي إلى‬
‫الجزيرة ‪.‬‬

‫في ‪ ٣‬كانون الثاني تركت التل‪ ،‬وخططت للتحرك صعودا نحو تيليك عن طريق سھل أغكوايان‬
‫ونقطة واكاياما ‪.‬بعد يوم أو يومين‪ ،‬بينما كنت ال أزال في الطريق‪ ،‬سمعت فجأة صوت‬
‫الموسيقى المسجلة القادمة من التالل أمامي ‪.‬انتقلت إلى نقطة حوالي خمسمائة ياردة بعيدا‬
‫وقضيت ليلة واحدة ‪.‬في اليوم التالي بالقرب من نقطة واكاياما سمعت المسجل مرة أخرى ‪.‬ھذه‬
‫المرة قررت التحقيق‪.‬‬

‫في ذلك المساء اقتربت من حقل األرز حيث يوجد مكبر الصوت ‪.‬كان أحدھم قد نصب خيمة‬
‫ھناك‪ ،‬ويمكنني أن أقول من خالل الظالل من الضوء داخل أن الناس كانوا يتحركون ‪.‬اختبأت‬
‫في بستان فقط حوالي ‪ ١٥٠‬ياردة من خيمة وحاولت ان اسمع ما يقال‪.‬‬

‫كان صوت أخي مرة أخرى ‪.‬وناداني باسم طفولتي‪" ،‬ھيرونكو‪ ،‬انا تاداو ‪.‬العديد من فرق‬
‫البحث قد غادرت ‪ ،‬والجنود الذين ھم ھنا ھي فقط لحمايتنا ‪.‬انھم ال يحاولون قتلك ‪.‬إذا وجه‬
‫جندي فلبيني سالحه عليك‪ ،‬سأقفز أمامه وامنعه من إطالق النار‪.‬‬

‫"أنا أعلم ان كوزوكا قتل أمام عينيك‪ ،‬ال ادري ان كنت تصدق ام التصدق ‪.‬ولكن إذا كنت ال‬
‫تتصل معنا‪ ،‬ال يوجد شيء يمكننا القيام به ‪.‬كن شجاعا تصرف كضابط" !‬
‫استمعت إلى صوت أخي يبث ليلتين على التوالي‪ ،‬لكنني فسرت ھذا أيضا على عكس ما كان‬
‫يقوله عن الخروج من الجبال ‪.‬كان أخي ضابطا بالجيش‪ ،‬وكان يعرف بالتأكيد ما ھي اوامري‬
‫العسكرية‪.‬‬

‫مرت ثالثة أشھر بعد وفاة كوزوكا ‪.‬ويبدو أن االستطالع قد اكتمل تقريبا‪ ،‬ألنني نادرا ما رأيت‬
‫"فريق البحث" بعد اآلن‪.‬‬

‫ظللت اتوقع ان ياتي وكيل سري ويؤسس اتصاال معي ‪.‬ربما كان الھجوم على الفلبين قد بدأ‬
‫بالفعل ‪.‬وسواء كان ذلك أم ال‪ ،‬ينبغي أن يكون ھناك بعض التغيير الكبير في المستقبل القريب‪.‬‬

‫و لكن لم يحدث شىء ‪.‬وكما فكرت في ذلك‪ ،‬ربما أن لوبانغ وحدھا قد أعلنت نفسھا مستقلة‪،‬‬
‫وطلبت الحماية من رابطة الرخاء المشترك لشرق آسيا ‪.‬وبعد كل شيء‪ ،‬فإن جزيرة ناورو‬
‫الصغيرة أصبحت اآلن مستقلة ‪.‬إذا لم يعد من الممكن االعتماد على أمريكا‪ ،‬فقد كان السبب في‬
‫أن الفلبين نفسھا قد تتحالف مع الرابطة ولكن حتى لو لم يحدث ذلك‪ ،‬فمن الممكن أن لوبانغ‬
‫قد أصبحت مستقلة وتندرج تحت حماية الرابطة ‪.‬ولكن إذا كان األمر كذلك‪ ،‬فلن يكون ھناك‬
‫سبب لعدم بناء قاعدة يابانية ھنا‪.‬‬

‫بعد كل شيء‪ ،‬قررت أنه من األفضل االختباء واالنتظار لفترة أطول‪.‬‬

‫وفي الجزء األخير من شباط ‪ ،‬بدأت نداءات مكبر الصوت مرة أخرى ‪.‬كان ھذا ھو ثالث فريق‬
‫بحث‪ ،‬وكنت أعرف من منشورات أنه شمل زمالئي الطالب من المدارس االبتدائية‬
‫والمتوسطة‪ ،‬وكذلك الجنود الذين كانوا في فوتاماتا معي‪.‬‬

‫لفترة من الوقت بقيت في مكان شمال غرب كومانو نقطة حيث يمكن أن أسمع البث‪ ،‬ولكن بعد‬
‫ذلك انتقلت إلى نقطة واكاياما ومن ثم إلى كينان بوينت على الشاطئ الجنوبي ‪.‬من ھناك رأيت‬
‫على الشاطئ خيمة صفراء يحلق علم اليابان فوقھا وعلم الصليب األحمر أصغر قليال ‪.‬بعض‬
‫الناس في الخارج كانوا يدعون على مكبر الصوت أنھم من مدرسة كاينان االبتدائية‪.‬‬

‫لقد بدأت أتساءل عما إذا كان إخواني أو ھؤالء األصدقاء يعرفون أنھم يستخدمون من قبل‬
‫القيادة االستراتيجية اليابانية ‪.‬إذا كانوا يصنعون ھذا بوعي منھم فيجب أن يشعروا بالذل وإذا‬
‫كانوا يصنعون ھذا بإخالص دون معرفة الغرض الحقيقي‪ ،‬فانني اشعر باالسف حولھم ‪.‬‬

‫وبعد شھرين اصبحت الجزيرة ھادئة تماما ‪ ،‬وظننت ان المسح قد انتھى ‪.‬كان قد مر ستة اشھر‬
‫على وفاة كوزوكا وفي نحو نھاية أبريل‪ ،‬اردت التحقق من ھذا االمر ‪ .‬ذھبت إلى كوخي في‬
‫الجبل ‪.‬ھناك وجدت قصيدة سبعة عشر مقطع كتبھا والدي وتركت في الكوخ لي ‪.‬تقول ‪:‬‬

‫وال حتى صدى‬


‫يرد على صوتي في‬

‫جبال سومري‪.‬‬

‫ھذا أعطاني شعورا غريبا بان جدي البعيد قد جاء الى لوبانغ‪.‬‬

‫وقد تركت الكثير من الصحف والمجالت في الكوخ‪ ،‬جنبا إلى جنب مع زي فريق البحث الجديد‬
‫في كيس‪ ،‬وزي رسمي قديم مع اسم إشيرو غوزن مخيط عليه ‪.‬كان إشيرو غوزن في مدرسة‬
‫كاينان المتوسطة عندما كنت ھناك ‪.‬فحصت الزي القديم ووجدت أنه تمزق في عدة أماكن‪ ،‬وتم‬
‫كف االرجل لجعل السروال أقصر ‪.‬كانت األكتاف مھترئة بشكل خاص‪ ،‬وعندما رأيت أن‬
‫غوزن‪ ،‬الذي كان متخصصا في الجودو‪ ،‬كان لديه أكتاف أوسع من الطالب اآلخرين في‬
‫مدرستنا‪ ،‬قررت أن ھذا الزي قد لبسه من قبله‪.‬‬

‫وباستخدام قلم حبر غنمته من أحد سكان الجزيرة‪ ،‬كتبت الرسالة التالية على ظھر نشرة كبيرة‬
‫للصليب األحمر‪" :‬شكرا لكم على الزي الرسمي والقبعة التي تركتموھا لي ‪.‬في حال لم تكونوا‬
‫متأكدين ‪ ،‬اسمحوا لي أن أبلغكم بأنني في صحة جيدة ‪ .‬المالزم الثاني ھيرو أونودا‪ ." ،‬بطبيعة‬
‫الحال لم أضع التاريخ على الرسالة‪ ،‬ولكن للتأكد من أنھا لن تذھب بعيدا مع الريح قبل ان يجدھا‬
‫شخص ما ‪ ،‬وضعت صخرة صغيرة على رأسھا‪.‬‬

‫ذھبت إلى مكان بعيد شيئا ما عن الكوخ وقرأت الصحف التي وجدتھا ‪.‬علمت أن جنازة‬
‫كبيرة قد أقيمت في مانيال لكوزوكا ‪.‬وقد تم إعدادھا بشكل كبير كمثال على الصداقة اليابانية‬
‫الفلبينية ‪.‬لم أستطع أن اقرر على الفور ما إذا كان ھذا مجرد كالم أم ال‪.‬‬

‫لقد حكمت بأن ھذه الصحف‪ ،‬خالفا لما كانت عليه في عام ‪ ،١٩٥٩‬قد أنتجت بالفعل في‬
‫اليابان ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فقد حيرني أنھا لم تحتوي على كلمة عن الحرب بين رابطة شرق آسيا‬
‫لالزدھار المشترك والواليات المتحدة ‪.‬وضع ھذا اإلغفال جنبا إلى جنب االخطاء الموجودة في‬
‫االوراق السابقة ‪ ،‬قررت أن األوراق يجب أن تكون طبعت خصيصا من قبل القيادة‬
‫االستراتيجية اليابانية لغرض تركھا في لوبانغ‪.‬‬

‫خطر في بالي ان إرسال مثل ھذا "فريق البحث" الكبير لمسح لوبانج دليل أن معركة كبيرة‬
‫كانت تسير في مكان ما‪ ،‬وأن أمريكا كانت تخسر ‪.‬وبخالف ذلك‪ ،‬كيف يمكن للقيادة‬
‫االستراتيجية أن تتكلف الكثير من االھتمام بھذه الجزيرة الصغيرة ‪.‬إذا كان ھذا ھو الوضع في‬
‫الواقع ‪ ،‬فإن القيادة االستراتيجية ال تريد أن ترسل لي صحفا ً تقول لي عن ذلك خوفا من أنني قد‬
‫اقرر عند قراءة األخبار الجيدة للخروج من الغابة ‪.‬في ذلك الوقت‪ ،‬كان إغفال األخبار من‬
‫الصحف المخططة عالمة بالنسبة لي أنني يجب أن ابقى ‪.‬وبالطبع كان االميركيون على بينة من‬
‫انشطة اليابان في لوبانج‪ ،‬ومن الطبيعي ان يكونوا على استعداد لالحتفاظ بقوات عسكرية للقتال‬
‫فى الفلبين عندما يجيء الھجوم اليابانى‪.‬‬

‫وباختصار‪ ،‬فإن وجودي في لوبانغ مكن القيادة اليابانية االستراتيجيية من اتخاذ عدد من‬
‫الخطوات التي كان من المستحيل أن تكون بدون وجودي في لوباغ ‪.‬وإذا كان األثر التراكمي‬
‫ھو أن األميركيين سيحتفظون بعدد من الطائرات استعدادا لھجوم ياباني على الفلبين‪ ،‬فإنه‬
‫يستحق ثمن طباعة عدد قليل من الصحف المعالجة لمنعني من إظھار نفسي ‪.‬وطالما بقيت في‬
‫مكاني‪ ،‬كلما كانت عمليات البحث "أكبر"‪ ،‬وكلما كان ذلك سيكلف األميركيين على المدى‬
‫الطويل‪.‬‬

‫لم أكن مقتنعا ‪ %١٠٠‬باني كنت على حق في ھذا ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإنه يبدو معقوال بما فيه‬
‫الكفاية ‪.‬كان من المحتمل جدا أن الفلبين قد ازدادت تأييدا لليابان أكثر مما فكرت‪ ،‬حتى لو كان‬
‫لوبانغ قد انفصلت عن الفلبين‪ ،‬وطلبت المساعدة من الرابطة ‪.‬وطبقا للورقات‪ ،‬فقد أقيمت جنازة‬
‫كبيرة في مانيال لكوزوكا‪ ،‬وھذا قد يعني بالفعل أن العالقات بين الفلبين واليابان كانت أفضل مما‬
‫كنت أعتقد‪.‬‬

‫قرأت الصحف مرارا وتكرارا ‪.‬كانت ھناك العديد من البيانات التي وجدت صعوبة في فھمھا‬
‫‪.‬بطريقة أو بأخرى‪ ،‬أقنعت نفسي بأنه سيكون من األفضل في الوقت الحاضر عدم اعتماد‬
‫تكتيكات عدوانية ضد سكان الجزيرة‪ ،‬على الرغم من أنھا كانت حتى اآلن بمثابة عميل‬
‫لألمريكيين‪.‬‬

‫وقد تعھدت باالنتقام من وفاة كوزوكا‪ ،‬ولكن وصول فرق البحث منعني من اتخاذ إجراء ‪.‬اآلن‪،‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬كل من أطراف البحث ذھبت‪ ،‬ولكن فكرة أن اليابان والفلبين أصبحا دولتين صديقتين‬
‫ادھشتني ‪.‬في قلبي ھمست إلى كوزوكا‪" ،‬أنا لم انسك ‪.‬فقط أعطني المزيد من الوقت" ‪.‬‬

‫وصل موسم األمطار ‪.‬ألول مرة‪ ،‬كان علي أن بني البھائي لنفسي فقط ‪.‬اخترت موقعا تحت‬
‫ذروة المراقبة بالقرب لوك‪ ،‬جعلت المنزل أصغر وأبسط من ذي قبل‪ ،‬ولكن على الرغم من ذلك‬
‫استغرق مني اثنين أو ثالثة أضعاف الجھد عما كان عليه الحال مع كوزوكا‪.‬‬

‫مباشرة بعد وفاة كوزوكا‪ ،‬قلت لنفسي أنه لن يكون مختلفا جدا ان تعيش بمفردك‪ ،‬ولكن كلما‬
‫نزلت في بقعة ‪ ،‬شعرت بالفرق ‪ ..‬مثال عندما كان ھناك اثنين منا‪ ،‬كوزوكا يذھب لجلب المياه‬
‫وأنا أطھو ‪.‬اآلن كان علي أن أفعل االثنين ‪.‬وعندما أذھب إلى الماء علي أن أحمل بندقيتي حتى‬
‫في موسم األمطار‪.‬‬

‫الغريب انني لم اشعر بالوحدة كثيرا كما ظننت اوال ‪ .‬لقد شعرت ببساطة بعدم الرغبة الكبيرة‬
‫في الحديث ‪ ..‬كان كوزوكا قليل الكالم ‪ ،‬وأنا نفسي لست من النوع الذي يأخذ زمام المبادرة‬
‫في الحديث ‪.‬‬

‫عندما كنت في الكوخ‪ ،‬قمت باصالح المالبس واالواني ‪ .‬وانتظرت توقف المطر ‪.‬عندما لم يكن‬
‫لدي أي عمل‪ ،‬كنت افكر حول أي مدى يجب أن أذھب إلٮيه في فكرة الصداقة اليابانية‬
‫الفلبينية ‪.‬في الوقت الحالي‪ ،‬كنت أريد تجنب المتاعب مع سكان الجزيرة ‪ ،‬ولكنني أشتبه في‬
‫بعض األحيان أن ھذا كان خطأ ‪.‬وقبل موسم األمطار مباشرة‪ ،‬رأيت عالمات على أن سكان‬
‫الجزر بدأوا يعتدون على ما اعتبرته أراض لي‬

‫إذا واصلت البقاء ھادئا بعد موسم األمطار‪ ،‬فإنھم ؤبما يظنون أنني قد فقدت رابطة جأشي ‪،‬‬
‫وھذا من شأنه أن يشجع المتعاطفين مع العدو ‪.‬وإذا حدث ذلك‪ ،‬ھل يجب أن أواصل االستمرار؟‬

‫كنت قد شننت حملة عدوانية ضد سكان الجزيرة لفترة طويلة‪ ،‬ألنني اعتبرت أن ھذا واجبي‬
‫كعامل حرب العصابات ‪.‬وبقدر ما أستطيع أن أقول‪ ،‬كانت الحرب ال تزال مستمرة‪ ،‬والفلبينيين‪،‬‬
‫جنبا إلى جنب مع األميركيين‪ ،‬ال يزالون أعداء ‪.‬ھل كان من المفترض أن أجلس ھنا وأتحلى‬
‫بالصبر عندما يكون االأعداء حولي؟‬

‫ھل الفلبينيون اآلن ودييون حقا؟ إذا كانوا كذلك فان سكان الجزيرة من األصدقاء ‪.‬وإذا كان‬
‫سكان الجزيرة اآلن وديون فيجب تغيير موقفي وطريقة حياتي‪.‬‬

‫والسؤال الذي احرجني ھو كيف ينبغي أن أذھب إلي ذلك ‪.‬ھناك قول مأثور أن عدو األمس‬
‫صديق اليوم‪ ،‬ولكني رأيت أفضل صديق لي يذبح قبل عيني قبل ستة أشھر فقط؟ وإذا كانت‬
‫العالقة بين اليابان والفلبين ودية‪ ،‬فلماذا قتل كوزوكا؟‬

‫ألول مرة منذ وصولي إلى ھذه الجزيرة‪ ،‬شعرت أنني وصلت إلى نقطة تحول ‪.‬أكثر فأكثر‪.‬‬
‫اجلس افكر اكثر واكثر‪ .‬لقد اطلقت لحيتي منذ اليمين الذي اقسمته لالنتقام من وفاة كوزوكا‪.‬‬

‫وأخيرا انتھى موسم األمطار‪ ،‬ومرت الذكرى األولى لوفاة كوزوكا‪،‬وعادة كنا نبدأ غارة‬
‫المنارات حول ھذا الوقت‪ ،‬ولكن ھذا العام قررت عدم تنفيذھا لتجنب المشاكل مع سكان‬
‫الجزيرة‪.‬على أي حال‪ ،‬فإن القيادة االستراتيجية اليابانية تعرف بالفعل أنني ھنا وفي صحة‬
‫جيدة ‪.‬وعالوة على ذلك‪ ،‬كنت أخشى أنه إذا التقيت بسكان الجزيرة فانني سانتقم منھم باقوى ما‬
‫لدي ‪.‬لقد بقيت أقول لنفسي أنه حتى اتاكد من طبيعة العالقات بين اليابان والفلبين فعليا‪ ،‬يجب‬
‫تجنب كل اتصال مع سكان الجزر‪.‬‬

‫في الذكرى السنوية لقتل كوزوكا‪ ،‬وقفت وحدي في الغابة العميقة ودعوت ‪.‬أردت أن أذھب الى‬
‫قبره ‪ ،‬ولكن إذا فعلت ذلك‪ ،‬لم أستطع تجنب رؤية سكان الجزر يحصدون األرز‪ ،‬كما كانوا قد‬
‫حصدوھا قبل عام ‪.‬وأود أن أذھب في يوم آخر‪.‬‬

‫في أواخر نوفمبر تشرين الثاني قمت بزيارة كوخ الجبل ألول مرة منذ فترة طويلة ‪.‬لم تكن ھناك‬
‫معلومات جديدة من القيادة االستراتيجية‪ ،‬على الرغم من أنني اعتقدت أنه قد حان الوقت‬
‫لوصول بعض الرسائل السرية ‪.‬وكانت الموضوعات الوحيدة االمھمة ھي نشرة كتبھا شقيقي‬
‫األصغر شيجيو‪ ،‬وھي قضية لوبانغ الخاصة من مجلة كتبھا خريجي مدرسة ناكانو‪ ،‬ومذكرة‬
‫من شخص يدعي أنه مسؤول في وزارة الصحة والرعاية اليابانية ‪.‬وقالت المذكرة "كنت في‬
‫ميندورو اجمع رفات الجنود اليابانيين الذين لقوا مصرعھم ھناك ‪.‬وقد انقضى اآلن نصف سنة‬
‫على خروج فرق البحث ‪.‬قررت أن آتي وأري كيف انت ‪".‬‬

‫وحقيقة أن رجل من وزارة الصحة والرعاية قد اقر بأن رسالتي باالعتراف باستالم الزي‬
‫الرسمي تم العثور عليھا‪ ،‬ولكن لم يكن ھناك شيء في المذكرة حول ھذا الموضوع‪ ،‬وال يمكن‬
‫أن أجد أي تعليق حول ذلك في مجلة خريجي المجموعة‪.‬‬

‫لقد أخذت ھذا األخيربما يعني أن القيادة االستراتيجية لم تضع معلومات عني لعامة الناس‬
‫‪..‬كانوا يقولون شيئا في العلن عن الرسالة التي كنت قد كتبتھا ‪ .‬كانت الحرب ال تزال مستمرة‬
‫بعد كل شيء ‪.‬لم يكن ھناك ما يجب القيام به ولكن االنتظار لمزيد من التواصل‪.‬‬

‫دخلت سنة جديدة وللمرة التاسعة والعشرين وانا في لوبانغ‬


‫العشرين من شباط عام ‪١٩٧٤‬‬

‫كانت نقطة واكاياما عند التقاء نھرين ‪.‬كان ھناك العديد من أشجار النانكا بالقرب منھا‪ ،‬و وكان‬
‫المصب بعد حوالي ثالثمائة ياردة و كان ھناك حقل موز ‪.‬كانت ھذه المنطقة من أفضل‬
‫األماكن في الجزيرة لجني الطعام‪ ،‬ولكن الشرطة عرفت ذلك‪ ،‬وكانت ھناك دوريات متكررة‪.‬‬

‫في ‪ ١٦‬فبراير ‪ ،١٩٧٤‬ذھبت إلى منحدر حيث يمكن أن ألقي نظرة على ھذه النقطة ‪.‬وإلى‬
‫جانب العلم الياباني الذي تركه فريق البحث في العام الماضي‪ ،‬رأيت علما يابانيا آخر ‪.‬‬

‫أعتقدت أنھم قد اتوا مرة أخرى‪ "،‬أنا دمدمت " ‪.‬حسنا‪ ،‬دعھم يأتون"!‬

‫ثم رأيت شخص ما في ظل شجرة ‪.‬لم أستطع أن أقول ما إذا كان من سكان الجزيرة‪ ،‬او شرطي‬
‫أو عضو في فريق البحث الياباني‪.‬‬

‫في وقت واحد تقريبا سمعت أصواتا من مكان قريب ‪.‬وكان حوالى عشرة من سكان الجزيرة‬
‫الذين كانوا فى الجبال يقطعون االشجار ينحدرون ‪.‬كنت متأكدا من أنھم رصدوني ‪.‬عبرت النھر‬
‫واختبأت في أشجار البوسا على المنحدر المعاكس ‪.‬لفترة من الوقت بقيت ھناك حابسا أنفاسي ‪.‬ثم‬
‫نظرت ‪.‬لم يكن ھناك أحد في األفق‪ ،‬لذلك قررت االنتقال إلى بقعة فوق حقل الموز حيث استطيع‬
‫ان أرى أي شخص يقترب من نقطة واكاياما ‪.‬جاء رجالن يحمالن السالح وذھبا‪ ،‬ولكن لم‬
‫يحدث شيء آخر يدعو إلى التنبيه‪.‬‬

‫بقيت في نفس المكان لمدة ثالثة أيام‪ ،‬ثم نفذ طعامي بھا ‪.‬قلبت قبعتي وسترتي إلى الداخل‪،‬‬
‫وغطيتھما بتمويه من األغصان واألوراق ‪.‬كنت اخطط للذھاب أقرب الى النقطة وجني‬
‫بعض النانكا‪.‬‬

‫عندما بدأت الشمس في الغياب‪ ،‬وأنا اسير بصمت نحو بستان النانكا ‪ . .‬رصدت شيئا كبيرا‬
‫وأبيض بجوار النھر ‪ ،‬حدقت في ذلك لفترة من الوقت‪ ،‬عرفت انھا ناموسية ‪.‬يبدو أن كبيرة‬
‫بما فيه الكفاية لشخصين ‪ ،‬وكنت على يقين من أنني قد تعثرت عبر زوجين من رجال الشرطة‬
‫يخيمون‪.‬‬

‫وكان ھذا غير محتمل ‪ .‬يخيمون على أراضي‪ ،‬وبيني وبين الطعام الذي أحتاج إليه! عزمت‬
‫على مھاجمتھم ‪.‬يجب أن يكون ھجوما مفاجئا‪ ،‬إذا طردت أحدھم في البداية‪ ،‬فسيبقى واحد فقط‬
‫اقاتله رجال لرجل ‪ ،‬وكنت واثقا من الفوز بھذا القتال ‪ .‬فككت قفل أمان بندقيتي‪.‬‬

‫مضيت قدما خمس أو ست خطوات مسرعا ‪ ،‬رأيت رجال يدير ظھره إلى النھروكان يشعل‬
‫النار ‪ ،‬ومن الواضح أن ذلك لطھي عشاءه ‪.‬بعد التأكد من أنه لم يكن ھناك بندقية قريبة ‪،‬‬
‫صحت به‪.‬‬
‫وقف واستدار الي ‪.‬كانت عيناه مستديرتين‪ ،‬وارتدى بلوزة نصف كم ‪ ،‬وسراويل زرقاء داكنة‬
‫وصنادل مطاطية‪ ،‬واجھني وحياني ‪.‬ثم حياني مرة أخرى ‪.‬كان يداه ترتجفان ‪ ،‬وكذلك ركبتيه ‪.‬‬

‫كان سكان الجزيرة دائما يھربون تقريبا من الدقيقة االولى عندما يواجھونني ‪ ،‬لكن ھذا‬
‫الرجل وقف على األرض ‪.‬صحيح أنه كان يھتز‪ ،‬لكنه ادى أيضا تحية عسكرية صحيحة‬
‫‪.‬وخطر في ذھني أنه قد يكون ابن جندي في قوة االحتالل اليابانية‪.‬‬

‫وفتح فمه ووصاح ‪" :‬أنا ياباني ‪.‬أنا يابانى"‪.‬‬

‫قال ھذا مرتين أو ثالث مرات في صوت عالي النبرة ‪.‬كان فكرتي األولى أنه كان فلبينيا يتحدث‬
‫اليابانية‪ ،‬وأن الشرطة وضعته ‪.‬سرعان ما نظرت حولي لمعرفة ما إذا كنت قد دخلت في‬
‫فخ يجب ان يكون ھناك شخص آخر في مكان ما ‪.‬‬

‫مع المحافظة على البندقية في حالة استعداد ‪.‬‬

‫سألته‪" :‬ھل أتيت من قبل الحكومة اليابانية؟"‬

‫"ال"‪.‬‬

‫"ھل أنت من جمعية التعاون الخارجي للشباب؟"‬

‫"ال"‪.‬‬

‫"حسنا‪ ،‬من أنت؟"‬

‫"أنا سائح‪".‬‬

‫سائح ؟ ماذا يمكن أن يعني ذلك؟ لماذا سيأتي سائح إلى ھذه الجزيرة؟ كان ھناك شيء مريب‬
‫حول ھذه الشخصية‪ ،‬وكنت متأكدا إلى حد ما أنه قد أرسل من قبل العدو‪.‬‬

‫سأل‪" :‬ھل أنت أونودا سان؟"‬

‫"نعم‪ ،‬أنا أونودا"‪.‬‬

‫"حقا‪ ،‬المالزم أونودا؟"‬

‫اومأت ‪ ،‬واستمر قائال ‪.‬‬

‫واضاف "اعرف انك واجھت وقتا طويال قاسيا ‪.‬الحرب انتھت ‪.‬اال تعود إلى اليابان معي؟"‬

‫استخدامه تعبيرات يابانية مھذبة اقنعتني انه قد نشأ في اليابان‪ ،‬لكنه كان يبسط األمور‬
‫كثيرا ‪.‬ھل يظن أنه يمكن يقنعني بھذا البيان البسيط أن الحرب قد انتھت‪ ،‬وان اعود إلى اليابان‬
‫معه؟ بعد كل ھذه السنوات‪ ،‬غضبت‬
‫"ال‪ ،‬لن أعود ! بالنسبة لي‪ ،‬لم تنته الحرب" !‬

‫"لماذا ا؟"‬

‫"أنت لن تفھم ‪.‬إذا كنت تريد مني أن أعود إلى اليابان‪ ،‬اجلب لي أوامرعسكرية من بلدي ‪.‬يجب‬
‫أن تكون أوامر سليمة" !‬

‫"ما الذي تخطط أن تفعله؟ تموت ھنا؟"‬

‫"سأفعل إذا لم يكن لدي أي أوامر خالف ذلك ‪".‬‬

‫قلت ھذا بفظاظة ومباشرة في وجھه ‪.‬وكان ھذا أول لقاء لي مع نوريو سوزوكي‪.‬‬

‫لو لم يكن يرتدي الجوارب‪ ،‬ألطلقت النار عليه وعلى أقل تقدير‪ ،‬لم يكن ألسمح له‬
‫بتصويري ‪.‬لكنه كان يلبس ھذه الجوارب الصوفية السميكة على الرغم مع الصنادل‬
‫المطاطية ‪.‬إن سكان الجزر لن يفعلوا أي شيء غير متناسب وبما انه يستطيع تحمل الجوارب‬
‫على األحذية أيضا فھوشاب ياباني حقا‪.‬‬

‫قال إنه يود أن يتكلم معي ‪ ،‬أجبته ‪" :‬في ھذه الحالة‪ ،‬دعنا نذھب إلى مكان آخر ‪.‬من الخطورة‬
‫بالنسبة لي أن أقف ھنا في العراء فترة طويلة ‪.‬ھيا إلى تلك المجموعة من األشجار" ‪.‬‬

‫وقال "انتظر دقيقة‪".‬‬

‫وصل إلى كيسه وسحب رواية أعطانيھا ‪.‬أنا وضعتھا في الجيب الكبير من بنطلوني‪.‬‬

‫"سأذھب أوال‪ "،‬قلت‪ ،‬أو باألحرى أمرت‬

‫لم يكن السبب فقط عدم الرغبة في الوقوف ھناك طويال بما يكفي للعدو ليحيط بي با باالضافة‬
‫الى ذلك ففي أي لحظة قد يمر أحد سكان الجزيرة في طريقه إلى النھر لصيد األسماك ‪.‬وقد قام‬
‫الشاب بالقبض بسرعة على الكاميرا وحامل الفالش‪ ،‬ثم مدد يده اللتقاط سكينه ولكنه اعتقد انه‬
‫افضل من ذلك وتوقف فى منتصف الطريق‪.‬‬

‫ذھبنا عبر حقل األرز وبدأت المنحدر في الشمال ‪.‬وعندما صعدنا‪ ،‬قال الشاب‪" :‬إذا أخبرت‬
‫السفارة بأنني التقيت بك‪ ،‬فلن يصدقوني ‪.‬لذلك اسمح لي أن التقاط صورة إلثبات ذلك ؟"‬

‫واضاف "ان ھذا سيضيء"‪.‬‬

‫أجبت‪" :‬ينبغي ان يضيء ‪.‬إنه مصباح فالش" ‪.‬‬

‫"أوه‪ ،‬أنت تعرف عن مصابيح الفالش ؟" فوجئ سوزوكي‬


‫ذھبنا حوالي خمسين ياردة أبعد‪ ،‬ثم جلس ‪.‬كان المكان مظلما ‪.‬‬

‫وقال الشاب "يا أونودا سان ‪ :‬االمبراطور وشعب اليابان قلقون عليك ‪".‬‬

‫"ھل جلبت لي اية أوامر؟"‬

‫"ال"‪.‬‬

‫"في ھذه الحالة‪ ،‬سيكون عليھم أن يبقوا قلقين‬

‫بدأ يقول لي كيف خسرت اليابان الحرب وانھا في سالم منذ سنوات عديدة ‪.‬ما قاله يتوافق‬
‫تماما مع ما كنت قد اعتبرته منذ فترة طويلة دعاية من العدو وكان مختلفا تماما عن الطريقة‬
‫التي كان حجمت بھا األشياء حسب ما اريد ‪.‬إذا كان ما كان يقوله صحيح‪ ،‬فيجب ان غير‬
‫طريقتي في التفكير ‪.‬ھذه الفكرة تزعجني‪ ،‬وبقيت صامتا‪.‬‬

‫كسر الصمت وقال‪" :‬اسمح لي أن التقط صورة‪".‬‬

‫وافقت ‪.‬كان مغامرة من جھتي ‪.‬كنت أعرف اآلن أن الشاب كان يابانيا‪ ،‬ولكنني لم أكن متأكدا من‬
‫ھدفه الحقيقي ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬إذا سمحت له أن يأخذ صورة لي‪ ،‬ھناك يجب أن يكون نوعا من رد‬
‫الفعل قبل فترة طويلة‪.‬‬

‫قرب مصباحه من الكاميرا ووضعه على الحامل و بعد ان أخذ لقطتين‪ ،‬قال انه غير راض‪.‬‬

‫"أنا لست واثقا جدا حول ھذه القطات ‪.‬إذا كنت ال تمانع‪ ،‬أود أن نأخذ صورة في ضوء النھار‬
‫غدا ‪.‬حوالي الساعة الثالثة بعد الظھر سيكون وقتا طيبا‪ ،‬إذا كنت على استعداد للمجيء" ‪.‬‬

‫ھذا أعطاني منعطفا ‪.‬ھل كان احتيال بعد كل شيء؟ مع ھذه الكاميرا المكلفة ومعدات الفالش‪،‬‬
‫لماذا يجب أن يكون قلقا بشأن النتائج؟‬

‫"أنا ال أريد أن أفعل ذلك‪ "،‬أجبت عرضا ‪.‬كنت أحاول التفكير في بعض الطرق لجعله يبتعد‬
‫‪.‬والخطوة األولى‪ ،‬التي كان يفترض بھا‪ ،‬ھي أن أطرح عليه بعض األسئلة‪.‬‬

‫وتقول‪" :‬لم تخبرني عن اسمك‪.‬‬

‫"اسمي نوريو سوزوكي‪".‬‬

‫"كيف تكتب" نوريو "؟ مع الحرف في 'القاعدة'؟"‬

‫"ال‪ ،‬مع الحرف كي الذي يعني" السنوي"‪".‬‬

‫حتى اآلن لم احصل على شيء منه ‪.‬قبل أن أفكر في شيء آخر أسأله‪ ،‬بدأ يستجوبني عن‬
‫الحياة في الجزيرة وكيف توفي كوزوكا وشيمادا والكثير من األشياء األخرى ‪.‬في سياق المحادثة‬
‫أشرت إلى شيء حدث في اليابان مؤخرا‪.‬‬
‫مندھشا ً‪ ،‬استفسر‪" ،‬كيف عرفت عن ذلك؟"‬

‫"لدي راديو الترانزستور"‪ ،‬أجبته بال مباالة ‪.‬‬

‫ھذا فاجأه حقا له ‪.‬استمع مع الفم المفتوح كما قلت له كيف حصلنا على الراديو ‪.‬أنا‪ ،‬من جھتي‪،‬‬
‫واصلت مراقبة ردود أفعاله عن كثب ألي عالمة على أنه قد ال يكون ما قال انه كان ‪.‬لم أكن‬
‫أتحدث مع أي شخص منذ وفاة كوزوكا قبل ستة عشر شھرا‪ ،‬وكنت قد استمتعت بنفسي ولكني‬
‫خفت ان يكون عميال للعدو‪.‬‬

‫بعد أن تحدثنا مدة ساعتين‪ ،‬سأل‪" :‬ماذا أفعل إلقناعك بالخروج من الغابة؟"‬

‫"فقط ما تقول الصحف"‪ ،‬أجبت" ‪.‬الرائد تانيغوتشي ھو مسئولي المباشر ‪.‬أنا لن استسلم حتى‬
‫يكون لدي أوامر مباشرة منه‪".‬‬

‫لم يكن الرائد تانيغوتشي‪ ،‬في الواقع‪ ،‬مسئولي الكبير المباشر ولكني قرأت في إحدى الصحف‬
‫التي تركھا فريق البحث الذي قاله الرائد تانيجوتشي إنه كان ‪.‬وھذا يعني أن الرائد تانيغوتشي لم‬
‫يعد يشارك في أسرار الجيش ‪.‬لم أفھم السبب ‪ ،‬إذا كانت الحرب قد انتھت حقا‪ ،‬لماذا لم يقدم‬
‫الرائد تانيغوتشي بعض التوضيحات التي تشعرني بذلك أو يرسل لي رسالة مكتوبة ‪.‬إذا‪ ،‬من‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬اذا كانت الحرب ال تزال مستمرة‪ ،‬لماذا لم أتلق أوامر جديدة ؟‬

‫وعلى أية حال‪ ،‬بدون إثبات أن نوريو سوزوكي لم يكن عميال للعدو‪ ،‬لم أستطع أن أذكر اسم‬
‫قائدي الحقيقي‪ ،‬الفريق شيزو يوكوياما‪ ،‬أو حتى قائدي الرائد تاكاھاشي ‪.‬وباختصار‪ ،‬فإن االسم‬
‫الوحيد الذي يمكن أن أذكره ھو اسم الرائد تانيغوتشي‪.‬‬

‫وقال سوزوكي "دعني امشي في ھذا االتجاه " ‪".‬إذا أحضرت الرائد تانيغوتشي‪ ،‬وأخبرك أن‬
‫تأتي إلى مثل ھذا المكان ومثل ھذا الوقت‪ ،‬سوف تأتي‪ ،‬أليس كذلك؟"‬

‫نعم"‪.‬‬

‫وكنت أنوي التأكد من أنني أتعامل مع الرائد الحقيقي تانيغوتشي‪ ،‬ولكن يبدو أنه ال توجد مشكلة‬
‫من االجتماع ھنا ‪.‬‬

‫الختبار صديقي الجديد‪ ،‬قلت‪" :‬لماذا ال أذھب معك إلى معسكرك وابقى معك؟ ثم يمكنك التقاط‬
‫صورتك في الصباح" ‪.‬‬

‫كان ھدفي الحقيقي ھو إبقائه تحت الحراسة حتى الصباح ‪.‬وھذا يعني البقاء مستيقظا طوال‬
‫الليل‪ ،‬ولكن ھذا كان مجرد جزء من عملي ‪.‬على أي حال‪ ،‬ھذه الفكرة حمستني قليال‪.‬‬
‫وصلنا أمام الناموسية ‪ ،‬جلست على الرمال‪ ،‬ووضعت حقيبتى بجانبي‪ ،‬ووضعت بندقيتى علٮھا‬
‫‪.‬كانت الرياح قد سكنت ‪ ،‬وكان الليل مظلما ً‪.‬‬

‫من حقيبة ظھره‪ ،‬اخرج سوزوكي علبة من الفاصوليا المحالة وقنينة من العصير ‪..‬‬

‫‪ ،‬ولكنه الحظ أن ليس لدي ملعقة للفاصوليا‪ ،‬ودخل في الناموسية وأحضر واحدة منا‪ ،‬أخذت‬
‫الملعقة وأكلت من علبة الفاصوليا ‪.‬أخذت الملعقة في فمي وذقت نكھة رائعة ‪.‬شعرت أنه ألول‬
‫مرة منذ ثالثين عاما أكل شيئا مناسبا للبشر ‪.‬لساني وفمي كله ذاب‪.‬‬

‫وقال سوزوكي‪" :‬أنا محظوظ ‪.‬لم أحلم أبدا أن ألتقي بك بعد أربعة أيام فقط ھنا‪".‬‬

‫نظرت إلى السماء دون قمر ‪.‬كانت ھذه ھي المرة األولى التي أجلس منذ وقت طويل في مثل‬
‫ھذا المكان المفتوح لفترة طويلة‪ ،‬حتى في الليالي المظلمة جدا‪.‬‬

‫أجبت على أسئلته عن طعامي‪ ،‬وعن الطقس في لوبانغ والجزيرة ‪.‬حتى قلت له عن حياتي في‬
‫ھانكو وتجربتي في الجيش قبل لوبانغ ‪.‬قفزت من موضوع إلى آخر وخرجت عن السياق عدة‬
‫مرات‪ ،‬ولكن ھذا ال يبدو أنه يزعج سوزوكي ‪.‬ما كنت أحاول حقا القيام به ھو محاولة لمعرفة‬
‫شيء عنه ‪ -‬أي نوع من شخص كان ‪.‬ويبدو أنه‪ ،‬من جانبه‪ ،‬يشعر بالنعاس ‪ ،‬ولكن من وقت‬
‫آلخر كان يفتح عينيه شبه المغلقة ويسأل سؤاال آخر‪.‬‬

‫"قلت له ‪ " :‬إذا كنت نعسانا اذھب إلى الفراش ‪.‬سأبقى ھنا معك حتى ترتفع الشمس لتتمكن من‬
‫التقاط الصورة‪".‬‬

‫نھض وبدأ يحدثني عن نفسه ‪.‬وقال انه كان يتجول في جميع أنحاء العالم‪ ،‬زار خمسين بلدا في‬
‫أربع سنوات ‪.‬ذكرني بنفسي في تلك األيام الخوالي قبل أن أدخل الجيش ‪.‬جذبني إلى حد ما‪.‬‬

‫في وقت الحق كتب انني قد تحدثت طوال الليل دون انقطاع ‪ .‬لم يكن ھذا ألنني كنت مفتونا‬
‫بسماع صوتي ‪ .‬وانما على أمل الحصول على نوع من رد فعل أو معلومات منه‪ ،‬أطعمته‬
‫مجموعة واسعة من الحقائق التي ال يضرني أن يعرفھا لكن عندما سأل عن عدد الرصاصات‬
‫التي لدي ‪ ،‬رفضت رفضا قاطعا‪.‬‬

‫في نھاية المطاف وقف وقال‪" :‬أنا جائع ‪.‬دعنا نطھو بعض الطعام "‪ .‬ذھب الى النھر للحصول‬
‫على المياه‪ ،‬واتخذت الحذر من الذھاب معه‪.‬‬

‫عندما أخرج مجموعة ادواته الشخصية ‪ ،‬عادت فجأة شكوكي ‪.‬كانت ادواته من النوع الذي‬
‫يحمله الجنود األمريكيون‪.‬‬

‫كما ازددت حذراً عندما انتزع بعض األوراق من شجرة قريبة وقال‪" :‬دعنا نضع بعض ھذه‬
‫للنكھة‪".‬‬
‫وأوضح أنه علم ذلك من سكان لوبانغ ‪.‬على الرغم من أنني كنت في الجزيرة لمدة ثالثين عاما‪،‬‬
‫لم اشاھد سكان الجزيرة اثناء إعداد الطعام‪ ،‬كما أنني لم أر ھذه األوراق في األواني التي‬
‫تركوھا وراءھم في الجبال ‪.‬لم أكن أعرف حتى اذا األوراق كانت صالحة لألكل ‪.‬كما وجدت‬
‫أنه من الغريب أنه وضع نكھة مصنوعة من تخليل سمكة صغيرة توجد في الجزيرة في الملح‬
‫‪.‬كنت أعرف أن أھل الجزيرة ياكلونھا ‪ ،‬ولكن ھل السائح الذي كان ھنا أربعة أيام فقط يعرف‬
‫ذلك؟‬

‫وجدت ان ھذه األوراق والتوابل سبب واف لالشتباه‪ ،‬وعندما قدم الطعام‪ ،‬كنت حريصا على‬
‫عدم التقاط عيداني اال بعد أن بدأ األكل‪.‬‬

‫طمأنني إلى حد ما بالقول‪" :‬لم يخطر على بالي أنني في يوم ما اجلس ھنا معك واكل من‬
‫نفس المقالة ‪ .‬يشرفني"‪.‬‬

‫وبينما كان يصنع القھوة‪ ،‬ھبت الرياح مرة أخرى ‪.‬لم يكن ھناك ما يكفي من الخشب على النار‪،‬‬
‫ارتفغ الدخان عاليا التقطنا بعض القطع من الخيزران التي كانت ملقاة ووضعناھا على النار‪،‬‬
‫ولكن الدخان استمر في االرتفاع نحو السماء الصافية ثم انتشر باتجاه النھر ‪ .‬لسنوات طوال لم‬
‫اجرؤ على اشعال النار دون حفظ الدخان إلى أدنى حد ممكن‪ ،‬لم اشعر باالرتياح وعندما‬
‫انتھينا من القھوة‪ ،‬قلت له ‪" :‬دعنا نذھب إلى الجبال‪".‬‬

‫"مضينا قدما‪ ،‬صعدت إلى مكان أعلى إلى حد ما من المكان الذي كنت قد موھت نفسي في‬
‫المساء من قبل ‪.‬جلست في بقعة يمكن من خاللھا أن ألقي نظرة على النھر‪ ،‬وأزلت األوراق‬
‫واألغصان من قبعتي وستراتي‪ ،‬وحولت الجانب األيمن من المالبس ‪.‬بعد وضع سترتي مرة‬
‫أخرى‪ ،‬شمرت األكمام وعقدت ذراعي بحيث يستطيع سوزوكي أن يرى ندبة ھناك‪.‬‬

‫"ھذا‪ "،‬قلت له‪" ،‬ھو ما يسمونه " عالمة فارقة ‪ ".‬تأكد من أنھا وشعار االمبراطورية على‬
‫بندقيتي تظھر في الصورة" ‪.‬‬

‫كانت الندبة من جرح اصبت به في المدرسة المتوسطة ‪.‬بينما كنا نمارس الكندو ‪ ،‬كان سيف‬
‫خصمي قد كسر واصاب ذراعي ‪.‬أخوتي وزمالئي في المدرسة المتوسطة يعرفونھا‪.‬‬

‫حول بندقيتي من الجانب‪ ،‬و وضعتھا على ركبتي ‪.‬ركز سوزوكي الكاميرا وأخذ عدة‬
‫لقطات ‪.‬على افتراض أنه قد انتھى‪ ،‬بدأت الرحيل ‪.‬لم أكن أرى أي غرض في البقاء لفترة أطول‪.‬‬

‫ولكن سوزوكي قال‪" :‬انتظر لحظة ‪.‬اذا لم اخذ صورة لالثنين معا‪ ،‬فان الناس قد يعتقدون اننى‬
‫زورت الصور‪".‬‬

‫ربض بجانبى‪ ،‬وقال ‪" :‬دعني أمسك بالبندقية‪".‬‬

‫فعلت كما طلب ‪.‬لم أكن أعرف ما إذا كان صديقا أم ال‪ ،‬ولكنني كنت واثقا من ھذا الوقت أنه‬
‫ليس عدوا‪.‬‬
‫عندما أخذ الصورة‪ ،‬وقال‪" :‬اال تريد أن ترى أزھار الكرز مرة أخرى؟ اال ترغب في رؤية جبل‬
‫فوجي؟"‬

‫دون اإلجابة على ھذه األسئلة‪ ،‬قلت‪" :‬أنا في الثانية والخمسين من العمر‪ ،‬ولكن جسديا ال أعتقد‬
‫أنني أكثر من سبعة وثالثين أو ثمانية وثالثين ‪.‬طالما جسدي صحيح ‪ ،‬وأنا قوي بما فيه الكفاية‬
‫عقليا فلن افعل شيئا لتدمير حياتي الخاصة" ‪.‬‬

‫"أونودا سان"‪ ،‬وقال على محمل الجد‪" ،‬إذا كان ھناك أوامر رسمية من رئيسك‪ ،‬ستخرج حقا ‪،‬‬
‫أليس كذلك؟ أنت ال تمزح‪ ،‬إذا حددت لك الزمان والمكان‪ ،‬سوف تأتي حقا؟"‬

‫"نعم"‪ ،‬أجبت بال قصد‪" ،‬سأأتي ‪.‬إذا قلت ذلك‪ ،‬سأتي‪".‬‬

‫في الليلة الماضية‪ ،‬كنت قد أخبرت سوزوكي كل شيء كان علي أن أقوله ‪.‬حتى لو كان عدوا‬
‫ستصل رسالتي بطريقة أو بأخرى إلى اليابان‪ ،‬وأن وصفي لوفاة شيمادا وكوزوكا سيتم نقلھا إلى‬
‫أسرھم‪.‬‬

‫كنت مرتاحا الني اخرجت ذلك من صدري ‪.‬ربما اقتل او اموت من المرض فلن ابالي بعد اآلن‬
‫الني اوصلت الرسالة واديت االمانة ‪.‬شعرت أيضا أكثر البھجة ألنه كنت قادرا على التحدث‬
‫إلى شخص ما باليابانية بعد أشھر عديدة من العزلة‪.‬‬

‫وقال سوزوكي‪" :‬سأعود إليك بأسرع ما أستطيع ‪".‬وقال "ان الصحافة ستصنع من ھذا قصة‬
‫ضخمة ‪ .‬انت لن تصدق ذلك" !‬

‫ضحك ثم حياني ‪.‬أومأت وصافحته ‪.‬كان سعيدا حقا‪ ،‬وأعتقد أنه ذو وجه جيد وصادق‪.‬‬

‫قلت وداعا وحملت حقيبة الظھر وبدأت المشي نحو الجبال ‪.‬كانت الشمس مرتفعة اآلن والجو‬
‫أكثر سخونة ‪ .‬تسارعت وتيرتي ‪.‬سوزوكي قد يكون له وجه صادق‪ ،‬ولكن إذا كان يعمل‬
‫للعدو‪ ،‬فاألفضل التحرك إلى أبعد حد ممكن قبل أن تتاح له فرصة لإلبالغ‪.‬‬

‫أبتعدت قليال رأيت ثالثة أو أربعة من سكان الجزر يقطعون األشجار ‪.‬عبرت الوادي واختبأت‬
‫في الشجيرات على المنحدر المعاكس ‪ .‬فعال لم اكن اعول كثيرا على سوزوكي ‪ .‬تذكرت‬
‫كوزوكا‪ ،‬الذي قال ‪" :‬دعنا ننتظر أن يأتي الناس الينا‪ ،‬ولكن دعنا ال نعتمد على ھذا‪".‬‬

‫في صباح اليوم التالي ذھبت إلى جبل األفعى للتحقق من الذخيرة التي كنت قد مخبأة ھناك‪.‬‬

‫لقد كنت أعتزم االستمرار في ھذه الجزيرة‪ ،‬إذا لزم األمر‪ ،‬ألكثر من عشرين عاما ‪.‬قادمة وكما‬
‫قلت لسوزوكي‪ ،‬اعتبرت جسدي في عمر سبعة وثالثين أو ثمانية وثالثين سنة و كنت واثقا‬
‫من أنني يمكن أن استمر لمدة عشرين عاما ً اخرى ‪.‬‬
‫وكان السبب الرئيسي للتحقق من الذخيرة للتأكد من أنني لن اضيع موقعھا بالضبط ‪.‬كما أردت‪،‬‬
‫للتحقق من عدد من الرصاص ‪ ،‬وتقسيمھا على عشرين‪ ،‬وتحديد كم يمكن ان استخدام في‬
‫السنة‪.‬‬

‫خالل السنوات األولى‪ ،‬كنت قد استخدمت حوالي ستين طلقة في السنة‪ ،‬ولكن في السنوات التي‬
‫سبقت وفاة كوزوكا‪ ،‬انخفض ھذا العدد إلى حوالي عشرين ‪.‬اآلن بعد أن كنت وحيدا‪ ،‬قد اضطر‬
‫إلى استخدام المزيد في حال واجھت دوريات العدو‪ ،‬ولكنني آمل أن اكون قادرا على االحتفاظ‬
‫بعدد يكفي لما ال يزيد عن أربعين أو خمسين سنة‪.‬‬

‫وبعد أن حسبت الرصاص‪ ،‬وضع الثلث جانبا كذخائر احتياطية‪ ،‬في حالة نشوء حاجة غير‬
‫متوقعة وقسمت عدد الرصاص المتبقي على عشرين‪ ،‬وجدت أنني يمكن أن تستخدم ثالثين‬
‫رصاصة في السنة واعتمدت ھذا ‪.‬‬

‫وقد مضى حوالي عشرة أشھر اآلن منذ رحيل فرق البحث التي شاركت فيھا أسرتي‬
‫وأصدقائي ‪.‬كنت قد توقعت جيشا صديقا يھبط في أي وقت ‪ ،‬ولكن لم يكن ھناك أي كلمة‬
‫أخرى ‪.‬لقد بدأت أعتقد أن الخطط قد تغيرت‪.‬‬

‫اعتقدت ايضا بانني إذا تمكنت من العودة إلى اليابان فال يزال يتعين علي العمل والعرق كل‬
‫يوم‪ ،‬ويمكنني أن أفعل ذلك أيضا على لوبانغ ‪.‬كان للبقاء ھنا ميزة واحدة‪ :‬إذا مت فسيكون‬
‫الموت اثناء أداء الواجب‪ .،‬وھذه الفكرة اغرتني ‪.‬‬

‫قبل السماح لسوزوكي لتصوير لي‪ ،‬قلت له‪" :‬لقد غامرت بحياتك لتاتي الى ھذه الجزيرة ‪.‬اآلن‬
‫حان دوري للمغامرة" ‪.‬‬

‫لم أكن أعتقد حقا ما قاله عن انتھاء الحرب ‪.‬وفي عدة حاالت‪ ،‬اتفق ما قاله مع ما سمعته عبر‬
‫الراديو وقرأته في الصحف‪ ،‬ولكنني ما زلت أشاھد تناقضات ال يمكن تفسيرھا‪ .‬وإذا كانت‬
‫الحرب قد انتھت فعال‪ ،‬فلماذا يرسل فريق البحث الكبير إلى لوبانغ؟ لماذا يسمون أنفسھم "فريق‬
‫بحث" بينما الغرض ھو مسح الجزيرة؟ ألم يكن ھذا المسح دليال على أن لوبانج اعتبرت مھمة‬
‫جدا من وجھة النظر االستراتيجية؟‬

‫ومن المؤكد أن الحرب بين أمريكا ورابطة شرق آسيا ال زالت مستمرة‪ ،‬وطالما استمرت‪ ،‬لم‬
‫أستطيع إھمال واجباتي ولو ليوم واحد ‪.‬وإلى أن تصل بعض األوامر السرية الجديدة‪ ،‬فال بد‬
‫الكفاح من للمحافظة على األراضي التي كنت احتلھا‪".‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬وجدت أنني ال يمكنني تجاھل سوزوكي تماما ‪ .‬لقد شرح كيف كانت األمور ‪.‬وكان‬
‫تسعة وتسعين في المئة ال يصدق‪ ،‬وكنت في شك حول الواحد في المئة المتبقي ‪.‬كان ذلك في‬
‫الواقع ھو الذي جعلني اسمح لسوزوكي بأخذ صورتي ‪.‬إذا كانت الحرب قد انتھت فعال‪ ،‬كما‬
‫قال‪ ،‬فإنه سيخبر على الفور الرائد تانيغوتشي عن اجتماعه معي‪ ،‬وسوف يرسل الرائد‬
‫تانيغوتشي كلمة من نوع ما إلي‪.‬‬
‫ولكنني على يقين من أن ھذا لن يحدث ‪.‬وكان الرائد تانيغوتشي يعرف جيدا تماما طبيعة األوامر‬
‫التي كنت قد جئت بھا إلى لوبانغ‪ ،‬وكان يعلم أنني ال يمكن أن يغادر الجزيرة ما لم يتم إلغاء‬
‫ھذه األوامر بشكل صحيح‪.‬‬

‫وكانت تلك ھي النقطة الرئيسية ‪.‬القيادة االستراتيجية لم تلغ اوامري ‪.‬وھذا يعني ببساطة أنھم‬
‫يريدون مني البقاء في الجزيرة‪.‬‬

‫وذكرت الصحف ان الرائد تانيجوتشى اصبح االن بائع كتب يعيش فى محافظة‬
‫ميازاكي ‪.‬ولكنني أظن أن ذلك كان مجرد استھالك اعالمي ‪ ،‬وأنه في الواقع ال يزال عميال‬
‫سريا متنكرا في صورة مدني ‪.‬ليس من السھل على الناس الذين يشاركون في حرب سرية‬
‫العودة إلى الحياة المدنية‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك‪ ،‬إذا كانت الحرب قد انتھت بالفعل قبل ثالثين عاما‪ ،‬فلماذا ال يأتي اسم الرائد‬
‫تانيغوتشي إال في ھذا التاريخ المتأخر؟ لماذا لم يكن قد أصدر أوامر جديدة لي باسمه في وقت‬
‫سابق بكثير؟ وبما انه لم يفعل ذلك فھذا دليل على أنه ال يزال ينخرط في حرب سرية ‪.‬ومما‬
‫ال شك فيه أنه قد أعطيت له بعض المھام الجديدة التي استتبعت تظاھره بأنه مواطن عادي‪.‬‬

‫صحيح‪ ،‬لقد مرت ثالثين عاما‪ ،‬وكان من غير المرجح أن لواء سوجي الذي كنت عضوا قد‬
‫استمر دون تغيير ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬عندما حصل الجيش الجديد على ملفات وسجالت الجيش القديم‬
‫من الطبيعي أن يمر على ذلك‪ ،‬ويجب أن يعرف اسمي ومكان وجودي ‪.‬‬

‫حسنا‪ ،‬كنت قد خاطرت على واحد في المئة ‪.‬الشيء الوحيد الذي يجب القيام به اآلن ھو‬
‫االنتظار والنظر دون االعتماد كثيرا على النتائج‪.‬‬

‫عندما انتھيت من عد الرصاصات‪ ،‬بدأت بدوريتي المعتادة ‪.‬لم أتمكن من النظر في االجتماع مع‬
‫سوزوكي كأي شيء أكثر من تحول غير متوقع‪.‬‬
‫وداعا لوبانغ‬

‫نادرا ما كنت احلم ‪ .‬وعندما فعلت‪ ،‬كان دائما تقريبا نفس الحلم‪.‬‬

‫رأيت اني أدافع عن نفسي ضد دورية العدو التي رصدتني ‪.‬كان الرصاص ينطلق من جھتي‬
‫محدثا ازيزا ‪ ،‬وكنت ارد على النار من وراء ستار ما ‪.‬وأود أن اھدف واسحب الزناد‪ ،‬ولكن‬
‫طلقة البندقية ال تنفجر ‪.‬ھل كانت طلفة سيئة‪ ،‬أو ان البندقية ال تعمل بشكل صحيح؟ وأود أن‬
‫سحب الزناد مرة أخرى‪ ،‬ومرة أخرى البندقية ال تطلق النار ‪.‬وبحلول ھذا الوقت كانت‬
‫رصاصات العدو تزن قريبا من أذني ‪ ..‬محاولة أخرى وال فائدة ‪ . .‬كسرت البندقية‪. . . .‬‬

‫عند ھذه النقطة‪ ،‬استيقظ دائما‪.‬‬

‫في آذار بدأت أحلم باحالم مختلفة وغريبة ‪.‬‬

‫حلمت أنني استيقظ من ضجيج وبدأت أسأل كوزوكا إذا كان قد سمع ذلك أيضا ‪.‬ولكن كوزوكا‬
‫لم يكن ھناك‪ ،‬وتساءلت أين كان ‪.‬ثم استيقظت وأدركت أنني كنت أحلم ‪.‬كوزوكا لم يكن ھناك‬
‫ألنه مات ‪ .‬فقط بعد ھذا أستيقظ حقا ‪.‬كان حلما في حلم‪.‬‬

‫كوزوكا لم يظھر سابقا حتى في حلم داخل حلم ‪.‬ال شيء جعلني أشعر بالوحدة أكثر من تلك‬
‫الفكرة‪.‬‬

‫في الخامس من آذار ‪ ،‬بالقرب من كوخ الجبل‪ ،‬سمعت أصوات متحمسين من سكان‬
‫الجزر ‪.‬وتساءلت عما كانوا يفعلونه عميقا في الجبال‪.‬‬

‫فجأة خطر لي ان سوزوكي ربما عاد إلى الجزيرة ‪.‬وقد مر حوالي أسبوعين‪ ،‬قدرا كبيرا من‬
‫الوقت بالنسبة له للذھاب إلى اليابان والعودة ‪.‬كنت قد أعطيته كلمتي‪ ،‬وكنت أعتقد أننه يجب‬
‫على األقل ان اذھب واعرف ما إذا كان قد جاء ‪.‬إذا كان جاء فليس من الصحيح ان اتركه ‪.‬لقد‬
‫كان مسرورا جدا ومبتھجا عندما وعد أن يأتي مرة أخرى‪.‬‬

‫ذھبت إلى كوخ الجبل‪ ،‬ولكن لم اجد شيئا جديدا ‪.‬قررت أن الصرخات المتحمسة التي سمعتھا‬
‫ال تعني شيئا أكثر من أن المواطنين قد صادوا جاموس الماء ‪.‬لم يكن لدي أي اعتراض على‬
‫ذلك ‪ .‬دعھم ! لدي غذاء لمدة يومين‪ ،‬ولم أكن أزمع الرحيل حتى آكله ‪.‬قضيت الليل على‬
‫منحدر قريب‪.‬‬
‫بعد يومين تذكرت أنني قد اتفقت مع سوزوكي على ترك رسائل في صندوق تم إنشاؤه‬
‫بواسطة أطراف البحث على صخرة في جبل االفعى ‪.‬ربما اجد رسالة ھناك ‪.‬عند الغسق‪ ،‬ذھبت‬
‫ألرى ‪.‬‬

‫تم ربط حقيبة بالستيكية جديدة تماما إلى جانب الصندوق ‪.‬كنت أعرف أنه يجب أن‬
‫يعود ‪.‬فكرت في سوزوكي انه ودي‪ ،‬وصادق وقررت أنني ربما كنت مخطئا للشك فيه‬

‫في الكيس كان اثنان من الصور التي كان قد اتخذھا كدليل ومذكرة تقول‪" :‬لقد عدت لك‪ ،‬كما‬
‫وعدت"‪ .‬كانت ھناك أيضا نسخ من أمرين عسكريين ‪.‬‬

‫في اللحظة التي نظرت فيھا إلى الصور‪ ،‬التي تم تكبيرھا إلى ثمانية بحجم عشرة‪ ،‬وجدت انني‬
‫شبه اعمامي واخوالي ‪.‬ويبدو لي أيضا أنني اشبه الجنراالن ساداو أراكي و سينجيرو ھاياشي‪،‬‬
‫وحدثت نفسي أنه إذا بقى رجل في الجيش منذ فترة طويلة‪ ،‬ربما ال يكون في ھذا الشكل ‪.‬كانت‬
‫ھذه ھي المرة األولى منذ ثالثين عاما التي رأيت فيھا صورة وجھي غير انعكاس صورتي في‬
‫النھر‪.‬‬

‫وكان األمر االول من مقرمنطقة الجيش الرابع عشر واآلخر من السرب الخاص ‪.‬األول‪ ،‬الذي‬
‫صدر باسم الجنرال ياماشيتا‪ ،‬كان نفس الذي أسقط من قبل واالمر االخر قال ان "التعليمات‬
‫ستعطى للمالزم أونودا شفھيا‪".‬‬

‫تعليمات شفھية ! ھذا ما كنت في انتظاره كل ھذه السنوات‪ .‬بالنسبة للرجال في وحدات خاصة‬
‫مثلي‪ ،‬كانت ھناك دائما أوامر شفوية مباشرة باإلضافة إلى تلك المطبوعة المعتادة ‪.‬وإال‪ ،‬كان‬
‫من المستحيل الحفاظ على السرية‪.‬‬

‫ويبدو أن الرائد تانيغوتشي قد أرسل ألوامر شفھية‪.‬‬

‫لقد وضعت خططي ‪.‬المسافة الجوية من جبل األفعى إلى نقطة واكاياما حوالي ستة أميال‪ ،‬ولكن‬
‫الطريق ينطوي عبور العديد من الجبال والوديان ‪.‬وتستغرق الرحلة ثماني أو تسع ساعات مشيا ً‪،‬‬
‫لكنني قررت السماح بنفسي يومين ‪.‬خوفا من المشي مع سكان الجزيرة ‪ ،‬لم أستطع المشي إال‬
‫في الصباح الباكر وفي وقت متأخر من المساء‪ ،‬ولم أكن أريد أن اتقدم بسرعة كبيرة‪ ،‬ألن‬
‫التسرع يميل إلى جعل الشخص مھمال حول محيطه‪.‬‬

‫في ذلك المساء عندما استرحت في شينغو بوينت‪ ،‬سألت نفسي ما ھي األوامر الشفوية ‪.‬قد تكون‬
‫بطبيعة الحال مجرد البقاء في لوبانغ ومواصلة القتال ‪.‬أو قد يطلبون مني أن انتقل إلى موقع‬
‫جديد تماما ‪.‬وبالنظر إلى أن الكثير من الناس قد جاءوا في العام السابق الستطالع الجزيرة‪ ،‬بدا‬
‫من الممكن أن تكون القيادة االستراتيجية اآلن تعرف كل ما تريد معرفته وقد تعفيني تماما من‬
‫واجباتي ‪.‬واليقين الوحيد ھو أنه إذا كانت أوامر شفوية‪ ،‬فإنھا كانت سرية‪.‬‬

‫"لقد حان الوقت‪ "،‬قلت لنفسي‪" ،‬على ان أغتنم الفرصة‪".‬‬


‫مھما كان محتوى األوامر‪ ،‬يجب أن أذھب واستقبالھم ‪.‬ولكن ال يزال ھناك احتمال أن ھذا كان‬
‫عمل العدو ‪.‬أو ربما أوامر حقيقية كانت في الطريق‪ ،‬ولكن العدو قد اكتشفھا وغيرھا ‪.‬ال توجد‬
‫أبدا نھاية للشكوك ‪.‬إذا كنت تشك في كل شيء‪ ،‬فلن تستطيع القيام بأي شيء‪ ،‬وبالتأكيد كان‬
‫الوقت قد حان ألوامر جديدة ترسل لي ! ترددي الوحيد ھو أنه بعد أن استمر لمدة ثالثين عاما‪،‬‬
‫لم أكن أريد أن ترك كل شيء يذھب ھباء بسبب خطوة كاذبة من جھتي ‪.‬ال يزال علي ان‬
‫أكون حذرا!‬

‫ويفترض أن الرائد تانيغوتشي قد جاء ألنني كنت قد ذكرت اسمه لسوزوكي‪ ،‬لكنه كان حقا‬
‫الفريق يوكوياما الذي أعطاني األوامر والرائد تاكاھاشي الذي ارسلني الى لوبانغ ‪.‬أي أوامر‬
‫شفھية جديدة يجب أن تأتي بشكل صحيح من الجنرال يوكوياما‪ ،‬ولكن من المفترض أن القييادة‬
‫الرئيسية في اليابان اختارت الرائد تانيغوتشي كبديل ألنه كان على دراية بالوضع ‪.‬قد يكون‬
‫الرائد تانيغوتشي ظاھرا بائع كتاب‪ ،‬ولكن في الواقع كان ال يزال عميل حرب سري‪.‬‬

‫صحيح‪ ،‬أنني لن أعرف حتى أرى الرجل سواء كان حقا الرائد تانيغوتشي أم ال ‪.‬كانت الحقيقة‬
‫الواضحة ھي أنني قد أذھب إلى مصيدة العدو‪ ،‬وإذا لم أمارس أقصى قدر من الحذر فسينتھي‬
‫األمر بإطالق النار علي في الظھر ‪.‬يجب أن اكون حذرا قدر اإلمكان‪ ،‬وفي الوقت نفسه اكون‬
‫مستعدا الطالق النار لفتح طريق للخروج إذا وجدت فجأة نفسي محاصرا‪.‬‬

‫أمطرت السماء في اليوم الثاني من رحلتي ‪.‬عندما توقفف المطر في المساء‪ ،‬بدأت المشي مرة‬
‫أخرى‪ ،‬ولكن سرعان ما سقطت علي المياه من األشجار ‪.‬كان ذلك تقريبا نفس المشي في‬
‫المطر‪.‬‬

‫وفي اليوم التالي قدم لي الرائد تانيغوتشي اوامري الشفوية من السرب الخاص بمقر رئيس ھيئة‬
‫األركان‪.‬‬

‫خارج الخيمة كان ضوء النھار‪ ،‬صباح اليوم األول في ثالثين عاما بدون أي واجبات عسكرية‬
‫للقيام بھا‪.‬‬

‫نھض الشاب سوزوكي وسأل عما إذا كان ينبغي أن يدع اآلن يعرفون اآلخرين عن وصولي‪.‬‬

‫واضاف "ليس االن" ‪".‬دعونا نأخذ وقتنا ونأكل أوال‪".‬‬

‫ذھبت مع الرائد تانيغوتشي إلى نھر أغكويان للغسل ‪.‬سلم لي شفرة الحالقة واقترح أن أحلق‪.‬‬

‫قلت ‪ " :‬سوف احلق لحيتي ‪ .‬لست بحاجة اليھا لتخويف سكان الجزيرة اكثر‬

‫"قال الرائد ‪ :‬ال ‪ .‬اتركھا ‪ ،‬ألن الرئيس طلب تحديدا أن تأتي كما كنت في الجبال"‪.‬‬
‫"الرئيس؟"‬

‫"نعم‪ ،‬قال فرديناد ماركوس رئيس الفلبين أنه يريد أن يراك بعد العثور عليك"‪.‬‬

‫حلق الرائد تانيغوتشي ظھر رقبتي ثم سلمني بعض غسول الوجه‪.‬‬

‫"كونك ھنا‪ ،‬ال تعرف ذلك االن ‪ ،‬ولكنھم سيتحفلون بك عند العودة الى اليابان ستكون من‬
‫المشاھير ‪.‬سيكون عليك الظھور في جميع أنحاء البالد ‪.‬قد تبدأ كذلك في التعود على‬
‫مستحضرات التجميل" ‪.‬‬

‫وللمرة األولى‪ ،‬ضحك الرائد تايبغوتشي ‪.‬لم أستطع أن أفھم في البداية ما كان يقصد من الظھور‬
‫في جميع أنحاء البالد ‪.‬ولكني وضعت المحلول على وجھي على أي حال ‪.‬كان العطر الذي لم‬
‫أشم رائحته منذ تركت ھانكو‪ ،‬منذ أكثر من ثالثين عاما‪.‬‬

‫عاد الرائد تانيجوتشي إلى الخيمة التي كانت أمامني‪ ،‬وأصبحت بالمالبس الداخلية فقط حتى‬
‫أتمكن من غسل ثيابي ‪ .‬لم أتمكن من استخدام الصابون ‪ ،‬ألن ذلك سيغسل الكربون من أواني‬
‫الطبخ التي كانت مصبوغة به‪ .‬فقط شطفت كل شيء في الماء الزالة العرق‪.‬‬

‫بعد ان نھيت الغسيل‪ ،‬وقفت انظر إلى النھر لفترة‪ ،‬ثم نظرت إلى الشمس‪ .‬كنت كلما عبرت ھذا‬
‫النھر في الماضي‪ ،‬انظر أوال بعناية في كل االتجاھات‪ ،‬ثم اقطع النھر عبر مجموعة‬
‫من أشجارالبوسا ‪ .‬اليوم اقف ھنا شبه عار مع ضوء الشمس يتدفق على ‪.‬كان شعوراً غريبا ً‪.‬‬

‫ماذا يحدث اآلن؟ وكان الرائد تانيغوتشي قد قال إن بإمكاني العودة إلى اليابان فورا‪ ،‬ولكن فكرة‬
‫العودة ومحاولة العيش بين الناس العاديين أخافتني ‪ .‬لم أستطع تخيل ذلك تماما‪.‬‬

‫عندما خرجت من مطار أوتسونوميا قبل ثالثين سنة ‪ ،‬تجاھلت كل ما عندي من آمال شخصية‬
‫للمستقبل ‪.‬قلت لنفسي في ذلك الوقت يجب أن أنسى كل ذلك ‪ ..‬وبعد ذلك‪ ،‬كلما بدأت في‬
‫التفكير في المنزل أو عائلتي‪ ،‬اطرد تلك األفكار من راسي وأصبح ھذا األمر عادة‪ ،‬وفي نھاية‬
‫المطاف توقفت األفكار القادمة ‪ .‬ألكثر من عشرين عاما مضت لم اكن افكر في منزل اواسرة‬
‫اال نادرا جدا ‪ ،‬و لم أحلم مرة واحدة عن عائلتي ‪ .‬كانت مھمتي العسكرية ھي حياتي وھمي ‪.‬‬

‫واآلن انتھت الحياة العسكرية ‪ ،‬وأزيل ھذا الدعم فجأة ‪ .. .‬عندما نظرت إلى الحرجة السميكة‬
‫من األشجار عبر النھر‪،‬رايت وجه أخي تاداو يطفو أمامي‪.‬‬

‫فكرت‪" ،‬ربما أذھب إلى البرازيل‪ ،‬حيث يعيش تاداو‪ ،‬واصبح مزارعا ‪.‬لقد اعتدت على‬
‫الغابة ‪. . .‬وقالت احدى ھذه المنشورات ان تاداو لديه ستة اطفال ‪ .‬لقد كان ابن اثنين وثالثين‬
‫عاما عندما غادرت اليابان قبل ثالثين سنة " ‪.‬‬

‫ألول مرة‪ ،‬بدأت أشعر بوزن تلك السنوات الثالثين‪ ،‬ولكن ذھب خيالي الى االمام‬

‫"ربما يسمح تاداو ألحد أوالده ان يعيش معي ويساعدني في الحقول‪. . ".‬‬
‫انتھيت من عصر مالبسي وأخذتھا إلى الخيمة‪ ،‬ال ازال ارتدي فقط مالبسي الداخلية ‪.‬ھذه ھي‬
‫المرة األولى التي افعلھا خالل السنوات التي مرت علي في لوبانغ‪ ،‬وھذا جعلني عصبيا‪.‬‬
‫سارعت الى االمام بخطوات واسعة‬

‫ناولني الرائد تانيغوتشي بعض المالبس الداخلية الجديدة قائال ‪" :‬أعطتني زوجتي ھذه لك"‬

‫اخذتھا على الفور ‪.‬أخذ سوزوكي بشكل خاطئ صورة لي وانا أغير مالبسي الداخلية ولكني‬
‫كنت سعيدا عندما عرفت في وقت الحق أن الصورة لم تخرج‪.‬‬

‫تناولنا الثالثة وجبة اإلفطار من األرز األحمر واألسماك والخضار المطھية ‪ ،‬وكلھا من‬
‫علب ‪.‬نحن ناكل بفارغ الصبر‪.‬‬

‫اضاء سوزوكي منارة يشير إلى اآلخرين أنني ھنا ‪.‬وبعد ساعتين وصلت الوحدة من برول‬
‫إلى نقطة واكاياما ‪.‬وكان من بينھم اخي االكبر توشيو ‪.‬وضع كلتا يديه على كتفي وقال‪" :‬لقد‬
‫وجدناك أخيرا " وكان ھذا لم الشمل بعد ثالثين عاما‪.‬‬

‫كانت الطريق المؤدية إلى برول ضيقة و ال نكاد تسع رجلين‪ ،‬لكن العقيد لوس بانيوس )قائد‬
‫المنطقة( والمقدم باوان )قائد قاعدة الرادار( أصرا على المشي على جانبي‪.‬‬

‫لبست حلة قدمھا لي قدمھا أخي وأعطيت كاميرا احملھا في يدي اليسرى ‪.‬دون أن أسأل‪،‬‬
‫فھمت لماذا كان علينا أن نسير ثالثة مع بعض على الطريق الضيق‪ :‬كان ھناك احتمال أن أحد‬
‫سكان الجزيرة قد يطلق الرصاص علي ‪ .‬كان لديھم سبب ليكرھوني‪.‬‬

‫كان الضابطان يلقيان نظرات حادة إلى اليمين واليسار ‪.‬في بعض األحيان كانا يسيران امامي‬
‫وخلفي ‪.‬في مناطق أخرى كنا كتفا الى كتف ‪.‬كنت ممتنا الھتمامھم‪ ،‬ولكنني في اعماق نفسي لم‬
‫أكن أفكر في ان تطلق علي النار‪.‬‬

‫وعندما دخلنا بلدة برول‪ ،‬كان ھناك جنود فلبينيون يحملون رشاشات أوتوماتيكية مصطفين على‬
‫طول الشارع على مسافات تبلغ حوالي ‪ ١٠‬ياردة ‪.‬وعلى الرغم من ھذه االحتياطات األمنية‪،‬‬
‫عندما توقفنا للراحة في منزل العمدة‪ ،‬لم يسجل سكان الجزيرة الذين نظروا إلى النوافذ سوى‬
‫الفضول على وجوھھم ‪.‬لم أر أي عالمات للغضب‪.‬‬

‫بعد أن تناولنا بعض المشروبات الغازية‪ ،‬بدأنا في تسلق جبل األفعى للحصول على بندقية‬
‫كوزوكا وسيفي ‪.‬وعندما خرجنا من المنزل‪ ،‬وجدنا أن عدة مئات من سكان الجزيرة قد تجمعوا‬
‫في الشارع الرئيسي ‪.‬كانوا جميعا يضحكون‪ ،‬و بعضھم يلوحون لنا ‪.‬لم يكن ھناك وجه غير‬
‫ودي بينھم ‪.‬كان أخي مرتاحا بشكل كبير‪.‬‬
‫عندما جئت ألول مرة إلى لوبانغ ‪ ،‬لم يكن في برول سوى خمسة عشر أو ستة عشر منازل‬
‫‪.‬اآلن ھناك حوالي مائة منزل ‪.‬مرة أخرى شعرت بسنواتي‪.‬‬

‫بدأت تسلق جبل األفعى بوتيرتي المعتادة‪ ،‬ولكن الرائد تانيغوتشي وسوزوكي والقوات الفلبينية‬
‫معنا سقطوا قريبا ‪.‬اضطررت إلى التوقف وانتظارھم للحاق بي‪.‬‬

‫ضحك الرائد تانيجوشي وقال‪" :‬عندما يقول أونودا" ثالثين ياردة‪" ،‬فھو يعني" ثالثمائة ياردة‬
‫" ‪".‬‬

‫اخرجت بندقية كوزوكا من الشقوق بين الصخور في كھف ‪ ،‬وكذلك السيف‪ ،‬والخنجر الذي‬
‫اخذته من والدتي ‪.‬بحلول ھذا الوقت كانت الشمس قد غابت‪.‬‬

‫بدأنا مرة أخرى بمساعدة مصباح المقدم باوان‪ ،‬ولكن كان الجو مظلما لدرجة أننا توقفنا‬
‫وأخرجنا شعلة من أوراق النخيل ‪ .‬مشيت مع الرائد تانيغوتشي تحت ضوءھا ‪.‬لقد ابتلت سيقاننا‬
‫جميعا في شالل النھر‪.‬‬

‫في قاعة الحراسة في قاعدة الرادار‪ ،‬لبست مالبسي القديمة امتثاال لطلب الرئيس‬
‫ماركوس ‪.‬وباعتباري "سجينا" اعترف بالھزيمة وفقا لألوامر‪ ،‬لم أكن في وضع يسمح لي‬
‫باالعتراض ‪ .‬ببساطة فعلت ما طلب لي ‪.‬‬

‫وقد اصطف الجنود الفلبينيون على جانبي طريق االسفلت فى القاعدة وھم يحيوني برفع‬
‫اسلحتھم ‪ .‬تحية لي ؟! ال اكاد اصدق ھذا النني لست أكثر من أسير حرب ‪ .‬لقد ذھلت ‪.‬‬

‫المكان مضاء مثل ضوء النھار ‪.‬أخذت سيفي‪ ،‬ملفوفا بقطعة قماش بيضاء‪ ،‬في يدي اليسرى‪،‬‬
‫تقدمت نحو اللواء انكودو وبعد تحيته عقدت السيف بكلتا يدي وقدمته له ‪.‬أخذه مني باختصار‬
‫كاشارة للقبول‪ ،‬ثم أعاده الي ‪ ،‬اجتاحني في تلك اللحظة فخر الساموراي ‪.‬‬

‫تذكرت كوزوكا ينظرالى ھذه القاعدة ويقول ‪" :‬سنأخذ ھذه في بعض االيام ‪ ،‬اليس كذلك؟"‬

‫ولكن كيف كان غريبا أن يتم استقبالي ھنا مثل الجنرال المظفر ! بعد أن الحظت االھتمام الذي‬
‫أعطته الصحف اليابانية لوفاة كوزوكا‪ ،‬أدركت فجأة أنه يجب أيضا أن تثير ضجة كبيرة حولي‪.‬‬

‫" يجب اال أخيب ظنھم "‪ " ،‬مالبسي قد تكون غير مرتبة ‪ ،‬ولكن سأحاول أن ابدو كجندي‪".‬‬

‫وسرت بحزم وبفخر كما أستطيع‪ ،‬ووضعت القوة في كل خطوة‪.‬‬

‫في تلك الليلة في غرفة أركان الضباط‪ ،‬رسمت مخططات تبين أين أخفيت ذخائري والمالبس‬
‫اإلضافية‪ ،‬حتى تتمكن وزارة الصحة والرعاية من العثور عليھا في وقت الحق ‪.‬عندما‬
‫رسمت الرسوم البيانية‪ ،‬ضحكت بحكمة أن كل أحالمي قد انتھت كحلم‪.‬‬
‫كان حلمي جعل لوبانغ ‪.‬معقال ‪ .‬الميناء في تيليك يمكن أن يكون قاعدة غواصات ذرية أو شيء‬
‫من ھذا القبيل‪ ،‬وأود أن اطور المناطق الجبلية بطريقتي الخاصة ‪.‬سنزرع المزيد من النخيل‬
‫واألرز‪ ،‬ونربي المزيد من األبقار ‪.‬وستصبح الجزيرة مكتفية ذاتيا وحصنا منيعا ‪.‬‬

‫"قال أخي ‪:‬الم تنعس بعد ؟"‬

‫أجبته "ليس تماما "‬

‫رغم أنه تم لم شملنا بعد ثالثين عاما‪ ،‬لم أكن قد تحدثت معه كثيرا ‪.‬عندما انتھيت من رسم‬
‫مخططاتي‪ ،‬نظرت إليه ‪.‬يبدو أنه كان يحدق في مظھري ‪.‬كان عيناه تطرفان بارتباك‪.‬‬

‫في اليوم التالي ذھبت إلى قبر كوزوكا ‪ .‬رأيت كوزوكا على التل‪ ،‬يصرخ "انه صدري!" ويسقط‬
‫‪.‬رأيت أيضا شيمادا يقع في غونتن‪.‬‬

‫سامحوني لقد تركتكم ‪.‬‬

‫في أذني ترددت أصواتھم‪.‬‬

‫قال كوزوكا ‪ :‬ايھا المالزم‪ ،‬لننتظر‪ ..‬ولكن ‪..‬لن نعتمد على ذلك‬

‫ورأيت شيمادا‪ ،‬ينظر إلى صورة زوجته وابنته‪" :‬انھا اآلن في في سن المراھقة ‪.‬‬

‫لم نتحدث أبدا عن ذلك‪ ،‬لكننا كنا جميعا نأمل أن نعود يوما ما إلى اليابان معا‪.‬‬

‫واآلن اعود وحدي ‪ ،‬تاركا ً اثنين من الرفاق الذين ال يمكن تعويضھما ‪ ..‬اعود إلى اليابان‬
‫التي خسرت الحرب قبل ثالثين عاما‪ ...‬اعود إلى وطني الذي قاتلت في سبيله ثالثين عاما ‪.‬‬
‫ولو لم يكن ھناك اناس حولي لضربت راسي باالرض ونحت ‪..‬‬

‫وبعد عشر دقائق‪ ،‬صعدت المروحية التي ركبتھا من لوبانج‪ ،‬تحرك العشب حولھا ‪.‬ومن خالل‬
‫الزجاج رايت قبر كوزوكا‪ ،‬وتدريجيا الجزيرة بأكملھا‪ ،‬وتظھرالجزيرة أصغر واصغر‬
‫وتتالشى‪.‬‬

‫وألول مرة‪ ،‬رأيت ارض معركتي من فوق‬

‫لماذا قاتلت ھنا لمدة ثالثين عاما؟ ما الذي كنت اقاتل من أجله؟ ما ھو السبب؟‬

‫و استحم خليج مانيال في شمس االصيل‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫انتھى ما ترجم من المذكرات مع تصرف يسير‬

‫سبحانك اللھم وبحمدك ‪ ،‬اشھد ان ال اله اال أنت ‪ ،‬أستغفرك وأتوب اليك‬

‫الرتب العسكرية وترجمتھا‬


Marshal :‫مشير‬ 
General :‫فريق أول‬ 
Lieutenant-General :‫فريق‬ 
Major General :‫لواء‬ 
Brigadier-General :‫عميد‬ 
Colonel :‫عقيد‬ 
Lieutenant-Colonel :‫مقدم‬ 
Major :‫رائد‬ 
Captain :‫نقيب‬ 
First-Lieutenant :‫مالزم أول‬ 
Second-Lieutenant :‫مالزم ثان‬ 
Sergeant-Major :‫رقيب أول‬ 
First-Sergeant :‫رقيب‬ 
Staff Officer :‫أركان حرب‬ 
Corporal :‫عريف‬ 
Private :‫عسكري‬ 
Enlisted man :‫مجند‬ 
Field Intelligence Officer FIO :‫ظابط استخبارات الميدان‬ 
(Combat Intelligence Officer (CIO :‫ضابط استخبارات القتال‬ 
Military officer under contract :‫ضابط عسكري متعاقد‬ 
Chief Military Information Officer :‫رئيس ضباط اإلعالم العسكري‬ 
CMIO
Chief Military Liaison Officer CMLO :‫كبير ضباط االتصال العسكري‬ 
Gunner, artilleryman :‫مدفعجي‬ 
Aide-de-camp :‫السكرتير أو المعاون العسكري لقائد‬ 
Military Advocate General :‫النائب العام العسكري‬ 
Military Prosecutor :‫المدعي العام العسكري‬ 
Deputy Military Adviser :‫نائب المستشار العسكري‬ 
‫أذكار الصباح‬
‫ج ِيم‬
‫ان الرَّ ِ‬
‫ْط ِ‬ ‫أَع ُ‬
‫ُوذ ِبا ِ ِمنْ ال َّشي َ‬

‫ﷲ الرَّ حْ ِ‬
‫من الرَّ حِيم‬ ‫ِبسْ ِم ِ‬
‫ت َو َما فِي‬ ‫ﷲُ الَ إِ َلـ َه إِالَّ ھ َُو ْال َحيُّ ْال َقيُّو ُم الَ َتأْ ُخ ُذهُ سِ َن ٌة َوالَ َن ْو ٌم لَّ ُه َما فِي ال َّس َم َاوا ِ‬ ‫ّ‬
‫ون‬ ‫ض َمن َذا الَّذِي َي ْش َف ُع عِ ْندَ هُ إِالَّ ِبإِ ْذ ِن ِه َيعْ َل ُم َما َبي َْن أَ ْيد ِ‬
‫ِيھ ْم َو َما َخ ْل َف ُھ ْم َوالَ ُيح ُ‬
‫ِيط َ‬ ‫األَرْ ِ‬
‫ض َوالَ َيؤُ و ُدهُ ِح ْف ُ‬
‫ظ ُھ َما‬ ‫ت َواألَرْ َ‬ ‫ِب َشيْ ٍء مِّنْ عِ ْل ِم ِه إِالَّ ِب َما َشاء َوسِ َع ُكرْ سِ ُّي ُه ال َّس َم َاوا ِ‬
‫َوھ َُو ْال َعلِيُّ ْالعَظِ ي ُم‪.‬‬
‫ﷲ الرَّ حْ ِ‬
‫من الرَّ حِيم‬ ‫" ِبسْ ِم ِ‬
‫ص َم ُد‪َ ،‬ل ْم َيل ِْد َو َل ْم يُو َل ْد‪َ ،‬و َل ْم َي ُكن لَّهُۥ ُكفُ ًوا أَ َح ۢ ٌد‪.‬‬
‫قُ ْل ھ َُو ٱ َّ ُ أَ َح ٌد‪ ،‬ٱ َّ ُ ٱل َّ‬

‫ﷲ الرَّ حْ ِ‬
‫من الرَّ حِيم‬ ‫ِبسْ ِم ِ‬
‫ب‪َ ،‬ومِن َشرِّ ٱل َّن ٰ َّف ٰ َث ِ‬
‫ت‬ ‫قُ ْل أَع ُ‬
‫ُوذ ِب َربِّ ْٱل َف َل ِق‪ ،‬مِن َشرِّ َما َخ َل َق‪َ ،‬ومِن َشرِّ َغاسِ ٍق إِ َذا َو َق َ‬
‫فِى ْٱل ُع َقدِ‪َ ،‬ومِن َشرِّ َحاسِ ٍد إِ َذا َح َسدَ ‪.‬‬

‫ﷲ الرَّ حْ ِ‬
‫من الرَّ حِيم‬ ‫ِبسْ ِم ِ‬
‫ٰ‬ ‫قُ ْل أَع ُ‬
‫اس ْٱل َخ َّن ِ‬
‫اس‪ ،‬ٱلَّذِى‬ ‫اس‪ ،‬مِن َشرِّ ْٱل َوسْ َو ِ‬
‫اس‪ ،‬إِ َل ِه ٱل َّن ِ‬ ‫اس‪َ ،‬ملِكِ ٱل َّن ِ‬‫ُوذ ِب َربِّ ٱل َّن ِ‬
‫اس‪ ٣ " .‬مرات‬ ‫اس‪ ،‬م َِن ْٱل ِج َّن ِة َوٱل َّن ِ‬‫ور ٱل َّن ِ‬
‫ص ُد ِ‬ ‫ي َُوسْ ِوسُ فِى ُ‬
‫ك‬ ‫ﷲُ َوحدَ هُ ال َش َ‬
‫ريك لهُ‪ ،‬ل ُه المُـل ُ‬ ‫الحم ُد ‪ ،‬ال إل َه إالّ ّ‬ ‫ك َو َ‬ ‫أَصْ ـ َبحْ نا َوأَصْ ـ َب َح الم ُْـل ُ‬
‫ـير ما في ھـذا اليوم َو َخ َ‬
‫ـير ما‬ ‫ـك َخ َ‬ ‫الحمْ ـد‪ ،‬وھ َُو على ك ّل َشي ٍء قدير ‪َ ،‬ربِّ أسْ ـأَلُ َ‬ ‫ول ُه َ‬
‫عـوذ ِب َك ِمنْ َشـرِّ ما في ھـذا اليوم َو َشرِّ ما َبعْ ـدَه‪َ ،‬ربِّ أَ ُ‬
‫عـوذ ِب َك م َِن‬ ‫َبعْ ـدَه ‪َ ،‬وأَ ُ‬
‫ـل َوسـو ِء ْالكِـ َبر ‪َ ،‬ربِّ أَ ُ‬ ‫ْال َك َس ِ‬
‫ب في ال َقـبْر‪.‬‬ ‫ب في ال ّن ِ‬
‫ـار َو َعـذا ٍ‬ ‫عـوذ ِب َك ِمنْ َعـذا ٍ‬
‫ِك َو َوعْ ـد َ‬
‫ِك ما‬ ‫ت ‪َ ،‬خ َل ْق َتنـي َوأَنا َعبْـ ُدك ‪َ ،‬وأَنا َعلـى َعھْـد َ‬ ‫ت َربِّـي ال إل َه إالّ أَ ْن َ‬ ‫اللّھـ َّم أَ ْن َ‬
‫ِـك َع َلـيَّ َوأَبـو ُء ِب َذ ْنـبي‬ ‫ص َنـعْ ت ‪ ،‬أَبـو ُء َل َ‬
‫ـك ِب ِنعْ ـ َمت َ‬ ‫عـوذ ِب َك ِمنْ َشـرِّ ما َ‬ ‫ـطعْ ـت ‪ ،‬أَ ُ‬ ‫اسْ َت َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫نـوب إِالّ أَ ْن َ‬
‫الذ َ‬ ‫اغفـِرْ لي َفإِ َّنـ ُه ال َي ْغـفِ ُر ُّ‬ ‫َف ْ‬

‫الم ديـنا ً َو ِبم َُحـ َّم ٍد صلى ﷲ عليه وسلم َن ِبيّـا ً‪ ٣ " .‬مرات‬ ‫ضيـت ِبا ِ َربَّـا ً َو ِباإلسْ ِ‬
‫ُ‬ ‫" َر‬
‫مـيع َخ ْلـقِك‬ ‫ُ‬ ‫"اللّھُـ َّم إ ِّنـي أَصْ َبـحْ ُ ُ‬
‫ـھ ُدك ‪َ ،‬وأ ْش ِ‬
‫ـھ ُد َح َم َلـ َة َعـرْ شِ ـك ‪َ ،‬و َم َال ِئ َك َت َك ‪َ ،‬و َج َ‬ ‫ت أ ْش ِ‬ ‫ِ‬
‫ريك َلـك ‪َ ،‬وأَنَّ م َُحمّـداً َعبْـ ُد َك‬‫ـت َوحْ ـدَ َك ال َش َ‬ ‫ـت ﷲُ ال إل َه إال ّ أَ ْن َ‬ ‫ـك أَ ْن َ‬
‫‪ ،‬أَ َّن َ‬
‫َو َرسـولُـك‪ ٤ " .‬مرات‬
‫شريك َلـك ‪،‬‬
‫َ‬ ‫اللّھُـ َّم ما أَصْ َبـَ َح بي ِمـنْ ِنعْ ـ َم ٍة أَو ِبأ َ َحـ ٍد ِمـنْ َخ ْلـقِك ‪َ ،‬فمِـ ْن َك َوحْ َ‬
‫ـدَك ال‬
‫ـك ْال َحمْ ـ ُد َو َل َ‬
‫ـك ال ُّش ْكـر‪.‬‬ ‫َف َل َ‬
‫العظـيم‪ ٧ ".‬مرات‬
‫ش َ‬ ‫العرْ ِ‬
‫ـلت َوھ َُو َربُّ َ‬ ‫ـي ّ‬
‫ﷲُ ال إل َه إالّ ھ َُو َع َلـي ِه َت َو َّك ُ‬ ‫" َحسْ ِب َ‬
‫ھـو السّمـي ُع‬ ‫ﷲ الذي ال َيضُـرُّ َم َع اسمِـ ِه َشي ٌء في األرْ ِ‬
‫ض َوال في السّمـا ِء َو َ‬ ‫سـم ِ‬
‫" ِب ِ‬
‫العلـيم‪ ٣ " .‬مرات‬
‫َ‬
‫ْك ال ُّنـ ُ‬
‫شور‪.‬‬ ‫اللّھُـ َّم ِب َك أَصْ ـ َبحْ نا َو ِب َك أَمْ َسـينا ‪َ ،‬و ِب َك َنحْ ـيا َو ِب َك َنم ُ‬
‫ُـوت َوإِ َلـي َ‬
‫صلَّى‬ ‫ص‪َ ،‬و َع َلى د ِ‬
‫ِين َن ِب ِّي َنا م َُح َّم ٍد َ‬ ‫أَصْ َبـحْ ـنا َع َلى ف ِْط َر ِة اإلسْ الَ ِم‪َ ،‬و َع َلى َكلِ َم ِة اإلِ ْخالَ ِ‬
‫ِين‪.‬‬ ‫ان م َِن ال ُم ْش ِرك َ‬ ‫ﷲُ َع َل ْي ِه َو َسلَّ َم‪َ ،‬و َع َلى ِملَّ ِة أَ ِبي َنا إب َْراھِي َم َحنِيفا ً مُسْ لِما ً َو َما َك َ‬
‫ﷲ َو ِب َحمْ ـ ِد ِه َعدَ دَ َخ ْلـقِه ‪َ ،‬و ِرضـا َن ْفسِ ـه ‪َ ،‬و ِز َنـ َة َعـرْ شِ ـه ‪َ ،‬ومِـدادَ َكلِمـاتِـه‪.‬‬
‫ْحـان ِ‬
‫" ُسب َ‬
‫" ‪ ٣‬مرات‬
‫صـري ‪ ،‬ال‬‫" اللّھُـ َّم عافِـني في َبدَ نـي ‪ ،‬اللّھُـ َّم عافِـني في َسمْ ـعي ‪ ،‬اللّھُـ َّم عافِـني في َب َ‬
‫عـوذ ِب َك م َِن ْال ُكـفر ‪َ ،‬وال َفـ ْقر ‪َ ،‬وأَ ُ‬
‫عـوذ ِب َك ِمنْ َعذا ِ‬
‫ب‬ ‫إل َه إال ّ أَ ْن َ‬
‫ـت ‪ .‬اللّھُـ َّم إِ ّنـي أَ ُ‬
‫ـت‪ ٣ " .‬مرات‬ ‫ال َقـبْر ‪ ،‬ال إل َه إال ّ أَ ْن َ‬
‫العـ ْف َو‬
‫ـك َ‬‫ِـرة ‪ ،‬اللّھُـ َّم إِ ِّنـي أسْ ـأَلُ َ‬
‫العـ ْف َو َوالعـافِـي َة في ال ُّد ْنـيا َواآلخ َ‬
‫ـك َ‬ ‫اللّھُـ َّم إِ ِّنـي أسْ ـأَلُ َ‬
‫عـوراتي َوآ ِمـنْ َر ْوعاتـي ‪،‬‬ ‫ـياي َوأھْ ـلي َومالـي ‪ ،‬اللّھُـ َّم اسْ ُتـرْ ْ‬
‫َوالعـافِـي َة في ديني َو ُد ْن َ‬
‫ـين َيدَيَّ َومِن َخ ْلفـي َو َعن َيمـيني َو َعن شِ مـالي ‪َ ،‬ومِن َف ْوقـي ‪،‬‬ ‫اللّھُـ َّم احْ َف ْظـني مِن َب ِ‬
‫ِك أَن أ ُ ْغـتا َل مِن َتحْ تـي‪.‬‬ ‫َوأَ ُ‬
‫عـوذ ِب َع َظ َمـت َ‬
‫ِيث أصْ لِحْ لِي َشأنِي ُكلَّ ُه َوالَ َتك ِْلنِي إ َلى َن ْفسِ ي َطـرْ َف َة‬ ‫ِك أسْ َتغ ُ‬‫َيا َحيُّ َيا قيُّو ُم ِب َرحْ َمت َ‬
‫ْن‪.‬‬
‫َعي ٍ‬
‫ـك َخـي َْر ھـذا الـ َي ْوم ‪،‬‬ ‫ك ِ َربِّ العـا َلمـين ‪ ،‬اللّھُـ َّم إِ ِّنـي أسْ ـأَلُ َ‬ ‫أَصْ َبـحْ ـنا َوأَصْ َبـحْ المُـل ُ‬
‫ـك ِمـنْ َشـرِّ ما فـي ِه َو َشـرِّ‬ ‫ـر َك َتـ ُه ‪َ ،‬وھُـداهُ ‪َ ،‬وأَ ُ‬
‫عـوذ ِب َ‬ ‫نـورهُ َو َب َ‬
‫ـرهُ ‪َ ،‬و َ‬ ‫َفـ ْت َح ُه ‪َ ،‬و َنصْ َ‬
‫ما َبعْ ـدَ ه‪.‬‬
‫ض َربَّ كـ ِّل َشـي ٍء َو َمليـ َكه ‪،‬‬
‫ت َواألرْ ِ‬ ‫ـر السّماوا ِ‬ ‫ب َوال ّ‬
‫شـھادَ ِة فاطِ َ‬ ‫اللّھُـ َّم عالِـ َم َ‬
‫الغـ ْي ِ‬
‫عـوذ ِب َك مِن َشـرِّ َن ْفسـي َومِن َشـرِّ ال َّشي ِ‬
‫ْـطان َوشِ رْ ِك ِه ‪،‬‬ ‫أَ ْش َھـ ُد أَنْ ال إِلـ َه إِالّ أَ ْنت ‪ ،‬أَ ُ‬
‫ف َعلـى َن ْفسـي سوءاً أَ ْو أَجُـرَّ هُ إِلـى مُسْ ـلِم‪.‬‬ ‫َ َ‬
‫َوأنْ أ ْق َت ِ‬
‫ـر َ‬
‫ت ِمنْ َشـرِّ ما َخ َلـق‪ ٣ " .‬مرات‬ ‫ت ِّ‬
‫ﷲ ال ّتـامّـا ِ‬ ‫" أَ ُ‬
‫عـوذ ِب َكلِمـا ِ‬
‫اركْ على َن ِب ِّي َنا مُحمَّد‪ ١٠ " .‬مرات‬ ‫ص ِّل َو َسلِّ ْم َو َب ِ‬
‫" اللَّ ُھ َّم َ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ أَنْ ُن ْش ِر َك ِب َك َش ْي ًئا َنعْ َل ُم ُه ‪َ ،‬و َنسْ َت ْغفِر َ‬
‫ُك لِ َما َال َنعْ َل ُم ُه‪.‬‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ َّنا َنع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ ْال َعجْ ز َو ْال َك َس ِل‪َ ،‬وأَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ‬ ‫ُوذ ِب َك ِمنْ ْال َھ ِّم َو ْال َح َز ِن‪َ ،‬وأَع ُ‬
‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَع ُ‬
‫ِ‬
‫ْن َو ْالب ُْخ ِل‪َ ،‬وأَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َغ َل َب ِة ال َّدي ِ‬
‫ْن‪َ ،‬و َقھ ِْر الرِّ َج ِ‬
‫ال‪.‬‬ ‫ْال ُجب ِ‬
‫" أسْ َت ْغفِ ُر ﷲَ العَظِ ي َم الَّذِي الَ إ َل َه إالَّ ھ َُو‪َ ،‬‬
‫الحيُّ ال َقيُّو ُم‪َ ،‬وأ ُتوبُ إ َلي ِه‪ ٣ ".‬مرات‬
‫َيا َربِّ ‪َ ،‬ل َك ْال َحمْ ُد َك َما َي ْن َبغِي ل َِج َال ِل َوجْ ِھ َك ‪َ ،‬ولِعَظِ ِيم س ُْل َطان َ‬
‫ِك‪.‬‬
‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَسْ أَلُ َك عِ ْلمًا َنا ِفعًا‪َ ،‬و ِر ْز ًقا َط ِّيبًا‪َ ،‬و َع َم ًال ُم َت َقب ًَّال‪.‬‬
‫ش ْالعَظِ ِيم ‪َ ،‬ما َشا َء‬ ‫ت َربُّ ْال َعرْ ِ‬ ‫ت ‪َ ،‬وأَ ْن َ‬‫ْك َت َو َّك ْل ُ‬
‫ت ‪َ ،‬ع َلي َ‬ ‫ت َربِّي ال إِ َل َه إِال أَ ْن َ‬ ‫اللَّ ُھ َّم أَ ْن َ‬
‫ْ‬
‫ان ‪َ ،‬و َما َل ْم َي َشأ َل ْم َي ُكنْ ‪َ ،‬وال َح ْو َل َوال قُ َّو َة إِال ِبا َّ ِ ْال َعلِيِّ ْالعَظِ ِيم ‪ ،‬أَعْ َل ُم أَنَّ َّ َ‬
‫ﷲ‬ ‫ﷲُ َك َ‬ ‫َّ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َشرِّ‬ ‫اط ِب ُك ِّل َشيْ ٍء عِ ْلمًا ‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَع ُ‬ ‫ﷲ َق ْد أَ َح َ‬‫َع َلى ُك ِّل َشيْ ٍء َقدِي ٌر ‪َ ،‬وأَنَّ َّ َ‬
‫ت آخ ٌِذ ِب َناصِ َي ِت َھا ‪ ،‬إِنَّ َربِّي َع َلى صِ َراطٍ مُسْ َتق ٍِيم‪.‬‬ ‫َن ْفسِ ي ‪َ ،‬و ِمنْ َشرِّ ُك ِّل دَ ا َّب ٍة أَ ْن َ‬

‫ك َو َل ُه ْال َحمْ ُد َوھ َُو َع َلى ُك ِّل َشيْ ِء َقد ِ‬


‫ِير‪" .‬‬ ‫يك َلهُ‪َ ،‬ل ُه ْالم ُْل ُ‬
‫" َال إ َله ّإال ﷲُ َوحْ دَ هُ َال َش ِر َ‬
‫‪ ١٠٠‬مرة‬
‫ﷲ َو ِب َحمْ ـ ِد ِه‪ ١٠٠ " .‬مرة‬
‫ْحـان ِ‬
‫" ُسب َ‬
‫ﷲ َوأ ُتوبُ إ َل ْي ِه " ‪ ١٠٠‬مرة‬
‫"أسْ َت ْغفِ ُر َ‬
‫أذكار المساء‬
‫ان الرَّ ِج ِيم‬
‫ْط ِ‬ ‫أَع ُ‬
‫ُوذ ِبا ِ ِمنْ ال َّشي َ‬

‫ﷲ الرَّ حْ ِ‬
‫من الرَّ حِيم‬ ‫ِبسْ ِم ِ‬
‫ت َو َما فِي‬ ‫ﷲُ الَ إِ َلـ َه إِالَّ ھ َُو ْال َحيُّ ْال َقيُّو ُم الَ َتأْ ُخ ُذهُ سِ َن ٌة َوالَ َن ْو ٌم لَّ ُه َما فِي ال َّس َم َاوا ِ‬ ‫ّ‬
‫ون‬ ‫ض َمن َذا الَّذِي َي ْش َف ُع عِ ْندَ هُ إِالَّ ِبإِ ْذ ِن ِه َيعْ َل ُم َما َبي َْن أَ ْيد ِ‬
‫ِيھ ْم َو َما َخ ْل َف ُھ ْم َوالَ ُيح ُ‬
‫ِيط َ‬ ‫األَرْ ِ‬
‫ح ْف ُ‬
‫ظ ُھ َما‬ ‫ض َوالَ َيؤُ و ُدهُ ِ‬ ‫ت َواألَرْ َ‬ ‫ِب َشيْ ٍء مِّنْ عِ ْل ِم ِه إِالَّ ِب َما َشاء َوسِ َع ُكرْ سِ ُّي ُه ال َّس َم َاوا ِ‬
‫َوھ َُو ْال َعلِيُّ ْالعَظِ ي ُم‪.‬‬
‫ان الرَّ ِج ِيم‬ ‫ْط ِ‬ ‫ُوذ ِبا ِ ِمنْ ال َّشي َ‬ ‫أَع ُ‬

‫ون ُك ٌّل آ َم َن ِبا َّ ِ َو َم َال ِئ َك ِت ِه َو ُك ُت ِب ِه َو ُر ُسلِ ِه‬ ‫آ َم َن الرَّ سُو ُل ِب َما أ ُ ْن ِز َل إِ َل ْي ِه ِمنْ َر ِّب ِه َو ْالم ُْؤ ِم ُن َ‬
‫ْك ْالمَصِ ي ُر‪َ .‬ال‬ ‫َال ُن َفرِّ ُق َبي َْن أَ َح ٍد ِمنْ ُر ُسلِ ِه ۚ◌ َو َقالُوا َس ِمعْ َنا َوأَ َطعْ َنا ُغ ْف َرا َن َك َر َّب َنا َوإِ َلي َ‬
‫ت َر َّب َنا َال ُت َؤاخ ِْذ َنا إِنْ َّنسِ ي َنآ‬ ‫ت َو َع َل ْي َھا َما ْاك َت َس َب ْ‬ ‫ﷲُ َن ْفسًا إِ َّال وُ سْ َع َھا َل َھا َما َك َس َب ْ‬ ‫ُي َكلِّفُ َّ‬
‫ِين ِمنْ َق ْبلِ َنا َر َّب َنا َو َال ُت َحم ِّْل َنا‬ ‫أَ ْو أَ ْخ َطأْ َنا َر َّب َنا َو َال َتحْ ِم ْل َع َل ْي َنا إِصْ رً ا َك َما َح َم ْل َت ُه َع َلى الَّذ َ‬
‫ت َم ْو َال َنا َفا ْنصُرْ َنا َع َلى ْال َق ْو ِم‬ ‫اغفِرْ َل َنا َوارْ َحمْ َنا أَ ْن َ‬ ‫َما َال َطا َق َة َل َنا ِب ِه َواعْ فُ َع َّنا َو ْ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ْال َكاف ِِر َ‬

‫ﷲ الرَّ حْ ِ‬
‫من الرَّ حِيم‬ ‫" ِبسْ ِم ِ‬
‫ص َم ُد‪َ ،‬ل ْم َيل ِْد َو َل ْم يُو َل ْد‪َ ،‬و َل ْم َي ُكن لَّهُۥ ُكفُ ًوا أَ َح ۢ ٌد‪.‬‬
‫قُ ْل ھ َُو ٱ َّ ُ أَ َح ٌد‪ ،‬ٱ َّ ُ ٱل َّ‬

‫ﷲ الرَّ حْ ِ‬
‫من الرَّ حِيم‬ ‫ِبسْ ِم ِ‬
‫ب‪َ ،‬ومِن َشرِّ ٱل َّن ٰ َّفا ٰ َثا ِ‬
‫ت‬ ‫قُ ْل أَع ُ‬
‫ُوذ ِب َربِّ ْٱل َف َل ِق‪ ،‬مِن َشرِّ َما َخ َل َق‪َ ،‬ومِن َشرِّ َغاسِ ٍق إِ َذا َو َق َ‬
‫في ْٱل ُع َقدِ‪َ ،‬ومِن َشرِّ َحاسِ ٍد إِ َذا َح َسدَ ‪.‬‬

‫ﷲ الرَّ حْ ِ‬
‫من الرَّ حِيم‬ ‫ِبسْ ِم ِ‬
‫ٰ‬ ‫قُ ْل أَع ُ‬
‫اس ْٱل َخ َّن ِ‬
‫اس‪ ،‬ٱلَّذِى‬ ‫اس‪ ،‬مِن َشرِّ ْٱل َوسْ َو ِ‬
‫اس‪ ،‬إِ َل ِه ٱل َّن ِ‬ ‫اس‪َ ،‬ملِكِ ٱل َّن ِ‬‫ُوذ ِب َربِّ ٱل َّن ِ‬
‫اس‪ ٣ " .‬مرات‬ ‫اس‪ ،‬م َِن ْٱل ِج َّن ِة َوٱل َّن ِ‬‫ور ٱل َّن ِ‬
‫ص ُد ِ‬ ‫ي َُوسْ ِوسُ في ُ‬
‫ك ول ُه‬ ‫ريك لهُ‪ ،‬ل ُه المُـل ُ‬ ‫ﷲُ َوحدَ هُ ال َش َ‬‫الحم ُد ‪ ،‬ال إل َه إالّ ّ‬ ‫ك َو َ‬ ‫أَمْ َسيْـنا َوأَمْ سـى المـل ُ‬
‫ـير ما‬‫ـير ما في ھـذ ِه اللَّـ ْي َل ِة َو َخ َ‬ ‫الحمْ ـد‪ ،‬وھ َُو على ك ّل َشي ٍء قدير ‪َ ،‬ربِّ أسْ ـأَلُ َ‬
‫ـك َخ َ‬ ‫َ‬
‫عـوذ ِب َك ِمنْ َشـرِّ ما في ھـذ ِه اللَّـيْل ِة َو َشرِّ ما َبعْ ـدَ ھـا ‪َ ،‬ربِّ أَعـوذ ِب َك م َِن‬
‫َبعْ ـدَ ھـا ‪َ ،‬وأَ ُ‬
‫ـل َوسـو ِء ْالكِـ َبر ‪َ ،‬ربِّ أَ ُ‬
‫ْال َك َس ِ‬
‫ب في ال َقـبْر‪.‬‬ ‫ب في ال ّن ِ‬
‫ـار َو َعـذا ٍ‬ ‫عـوذ ِب َك ِمنْ َعـذا ٍ‬
‫ِك َو َوعْ ـد َ‬
‫ِك ما‬ ‫ت ‪َ ،‬خ َل ْق َتنـي َوأَنا َعبْـ ُدك ‪َ ،‬وأَنا َعلـى َعھْـد َ‬ ‫ت َربِّـي ال إل َه إالّ أَ ْن َ‬ ‫اللّھـ َّم أَ ْن َ‬
‫ِـك َع َلـيَّ َوأَبـو ُء ِب َذ ْنـبي‬ ‫ص َنـعْ ت ‪ ،‬أَبـو ُء َل َ‬
‫ـك ِب ِنعْ ـ َمت َ‬ ‫عـوذ ِب َك ِمنْ َشـرِّ ما َ‬ ‫ـطعْ ـت ‪ ،‬أَ ُ‬ ‫اسْ َت َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫نـوب إِالّ أَ ْن َ‬
‫الذ َ‬ ‫اغفـِرْ لي َفإِ َّنـ ُه ال َي ْغـ ِف ُر ُّ‬ ‫َف ْ‬

‫‪ ٣‬مرات‬ ‫الم ديـنا ً َو ِبم َُحـ َّم ٍد صلى ﷲ عليه وسلم َن ِبيّـا ً‪.‬‬ ‫ضيـت ِبا ِ َربَّـا ً َو ِباإلسْ ِ‬
‫ُ‬ ‫َر‬
‫مـيع َخ ْلـقِك ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫اللّھُـ َّم إِ ِّنـي أَ‬
‫ـھ ُدك ‪َ ،‬وأ ْش ِ‬
‫ـھ ُد َح َم َلـ َة َعـرْ شِ ـك ‪َ ،‬و َم َال ِئ َك َت َك ‪َ ،‬و َج َ‬ ‫مسيت أ ْش ِ‬
‫ريك َلـك ‪َ ،‬وأَنَّ م َُحمّـداً َعبْـ ُد َك َو َرسـولُـك‪.‬‬‫ـت َوحْ ـدَ َك ال َش َ‬ ‫ـت ﷲُ ال إل َه إالّ أَ ْن َ‬ ‫ـك أَ ْن َ‬ ‫أَ َّن َ‬
‫‪ ٤‬مرات‬
‫شريك َلـك ‪،‬‬
‫َ‬ ‫اللّھُـ َّم ما أَمسى بي ِمـنْ ِنعْ ـ َم ٍة أَو ِبأ َ َحـ ٍد ِمـنْ َخ ْلـقِك ‪َ ،‬فمِـ ْن َك َوحْ َ‬
‫ـدَك ال‬
‫ـك ْال َحمْ ـ ُد َو َل َ‬
‫ـك ال ُّش ْكـر‪.‬‬ ‫َف َل َ‬
‫‪ ٧‬مرات‬ ‫العظـيم‪.‬‬
‫ش َ‬ ‫العرْ ِ‬
‫ـلت َوھ َُو َربُّ َ‬ ‫ـي ّ‬
‫ﷲُ ال إل َه إالّ ھ َُو َع َلـي ِه َت َو َّك ُ‬ ‫َحسْ ِب َ‬
‫ھـو السّمـي ُع‬ ‫ﷲ الذي ال َيضُـرُّ َم َع اسمِـ ِه َشي ٌء في األرْ ِ‬
‫ض َوال في السّمـا ِء َو َ‬ ‫سـم ِ‬
‫ِب ِ‬
‫‪ ٣‬مرات‬ ‫العلـيم‪.‬‬
‫َ‬
‫ْك ْالمَصِ ي ُر‪.‬‬ ‫اللّھُـ َّم ِب َك أَمْ َسـينا َو ِب َك أَصْ ـ َبحْ نا‪َ ،‬و ِب َك َنحْ ـيا َو ِب َك َنم ُ‬
‫ُـوت َوإِ َلـي َ‬

‫صلَّى ﷲ ُ‬ ‫ص‪َ ،‬و َع َلى د ِ‬


‫ِين َن ِب ِّي َنا م َُح َّم ٍد َ‬ ‫أمْ َس ْي َنا َع َلى ف ِْط َر ِة اإلسْ الَ ِم‪َ ،‬و َع َلى َكلِ َم ِة اإلِ ْخالَ ِ‬
‫ان م َِن ال ُم ْش ِرك َ‬
‫ِين‪.‬‬ ‫َع َل ْي ِه َو َسلَّ َم‪َ ،‬و َع َلى ِملَّ ِة أَ ِبي َنا إب َْراھِي َم َحنِيفا ً مُسْ لِما ً َو َما َك َ‬
‫ﷲ َو ِب َحمْ ـ ِد ِه َعدَ دَ َخ ْلـقِه ‪َ ،‬و ِرضـا َن ْفسِ ـه ‪َ ،‬و ِز َنـ َة َعـرْ شِ ـه ‪َ ،‬ومِـدادَ َكلِمـاتِـه‪.‬‬ ‫ْحـان ِ‬ ‫ُسب َ‬
‫‪ ٣‬مرات‬
‫صـري ‪ ،‬ال‬ ‫اللّھُـ َّم عافِـني في َبدَ نـي ‪ ،‬اللّھُـ َّم عافِـني في َسمْ ـعي ‪ ،‬اللّھُـ َّم عافِـني في َب َ‬
‫ب ال َقـبْر‬ ‫عـوذ ِب َك م َِن ْال ُكـفر ‪َ ،‬وال َفـ ْقر ‪َ ،‬وأَ ُ‬
‫عـوذ ِب َك ِمنْ َعذا ِ‬ ‫ـت‪.‬اللّھُـ َّم إِ ّنـي أَ ُ‬‫إل َه إال ّ أَ ْن َ‬
‫‪ ٣‬مرات‬ ‫ـت‪.‬‬‫‪ ،‬ال إل َه إالّ أَ ْن َ‬
‫العـ ْف َو‬
‫ـك َ‬‫ِـرة ‪ ،‬اللّھُـ َّم إِ ِّنـي أسْ ـأَلُ َ‬
‫العـ ْف َو َوالعـافِـي َة في ال ُّد ْنـيا َواآلخ َ‬
‫ـك َ‬ ‫اللّھُـ َّم إِ ِّنـي أسْ ـأَلُ َ‬
‫عـوراتي َوآ ِمـنْ َر ْوعاتـي ‪،‬‬ ‫ـياي َوأھْ ـلي َومالـي ‪ ،‬اللّھُـ َّم اسْ ُتـرْ ْ‬
‫َوالعـافِـي َة في ديني َو ُد ْن َ‬
‫ـين َيدَيَّ َومِن َخ ْلفـي َو َعن َيمـيني َو َعن شِ مـالي ‪َ ،‬ومِن َف ْوقـي ‪،‬‬ ‫اللّھُـ َّم احْ َف ْظـني مِن َب ِ‬
‫ِك أَن أ ُ ْغـتا َل مِن َتحْ تـي‪.‬‬ ‫َوأَ ُ‬
‫عـوذ ِب َع َظ َمـت َ‬
‫ِيث أصْ لِحْ لِي َشأنِي ُكلَّ ُه َوالَ َتك ِْلنِي إ َلى َن ْفسِ ي َطـرْ َف َة‬
‫ِك أسْ َتغ ُ‬
‫يا َحيُّ َيا قيُّو ُم ِب َرحْ َمت َ‬
‫ْن‪.‬‬
‫َعي ٍ‬
‫ْن‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إِ َّني أسْ أَلُ َك َخي َْر َھ َذه اللَّ ْي َل ِة َف ْت َح َھا‬ ‫أَمْ َسيْنا َوأَمْ َسى ْالم ُْل ُ‬
‫ك ِ َربِّ ْال َعا َل َمي ِ‬
‫فيھا َو َشرَّ َما َبعْ دَ َھا‪.‬‬ ‫ُوذ ِب َك ِمنْ َشرِّ َما ِ‬ ‫و َنصْ َر َھا‪ ،‬و ُن ْو َر َھا و َب َر َكت َھا‪َ ،‬وھُدَ ا َھا‪َ ،‬وأَع ُ‬

‫ض َربَّ كـ ِّل َشـي ٍء َو َمليـ َكه ‪،‬‬


‫ت َواألرْ ِ‬ ‫ـر السّماوا ِ‬ ‫ب َوال ّ‬
‫شـھادَ ِة فاطِ َ‬ ‫اللّھُـ َّم عالِـ َم َ‬
‫الغـ ْي ِ‬
‫عـوذ ِب َك مِن َشـرِّ َن ْفسـي َومِن َشـرِّ ال َّشي ِ‬
‫ْـطان َوشِ رْ ِك ِه ‪،‬‬ ‫أَ ْش َھـ ُد أَنْ ال إِلـ َه إِالّ أَ ْنت ‪ ،‬أَ ُ‬
‫ف َعلـى َن ْفسـي سوءاً أَ ْو أَجُـرَّ هُ إِلـى مُسْ ـلِم‪.‬‬ ‫َوأَنْ أَ ْق َتـ ِر َ‬
‫‪ ٣‬مرات‬ ‫ت ِمنْ َشـرِّ ما َخ َلـق‪.‬‬ ‫ت ِّ‬
‫ﷲ ال ّتـامّـا ِ‬ ‫أَ ُ‬
‫عـوذ ِب َكلِمـا ِ‬
‫‪ ١٠‬مرات‬ ‫اركْ على َن ِب ِّي َنا مُحمَّد‪.‬‬ ‫ص ِّل َو َسلِّ ْم َو َب ِ‬
‫اللَّ ُھ َّم َ‬
‫ُك لِ َما َال َنعْ َل ُم ُه‪ ٣ .‬مرات‬ ‫ُوذ ِب َك ِمنْ أَنْ ُن ْش ِر َك ِب َك َش ْي ًئا َنعْ َل ُم ُه ‪َ ،‬و َنسْ َت ْغفِر َ‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ َّنا َنع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ ْال َعجْ ز َو ْال َك َس ِل‪َ ،‬وأَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ‬ ‫ُوذ ِب َك ِمنْ ْال َھ ِّم َو ْال َح َز ِن‪َ ،‬وأَع ُ‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَع ُ‬
‫ِ‬
‫ْن‪َ ،‬و َقھ ِْر الرِّ َج ِ‬
‫ال‪.‬‬ ‫ْن َو ْالب ُْخ ِل‪َ ،‬وأَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َغ َل َب ِة ال َّدي ِ‬ ‫ْال ُجب ِ‬
‫‪ ٣‬مرات‬ ‫ﷲ العَظِ ي َم الَّذِي الَ إ َل َه إالَّ ھ َُو‪َ ،‬‬
‫الحيُّ ال َقيُّو ُم‪َ ،‬وأ ُتوبُ إ َلي ِه‪.‬‬ ‫أسْ َت ْغفِ ُر َ‬
‫َيا َربِّ ‪َ ،‬ل َك ْال َحمْ ُد َك َما َي ْن َبغِي ل َِج َال ِل َوجْ ِھ َك ‪َ ،‬ولِعَظِ ِيم س ُْل َطان َ‬
‫ِك‪.‬‬

‫ك َو َل ُه ْال َحمْ ُد َوھ َُو َع َلى ُك ِّل َشيْ ِء َقد ِ‬


‫ِير‪.‬‬ ‫يك َلهُ‪َ ،‬ل ُه ْالم ُْل ُ‬
‫َال إ َله ّإال ﷲُ َوحْ دَ هُ َال َش ِر َ‬
‫‪١٠٠‬مرة‬
‫ش ْالعَظِ ِيم ‪َ ،‬ما َشا َء‬ ‫ت َربُّ ْال َعرْ ِ‬ ‫ت ‪َ ،‬وأَ ْن َ‬‫ْك َت َو َّك ْل ُ‬
‫ت ‪َ ،‬ع َلي َ‬ ‫ت َربِّي ال إِ َل َه إِال أَ ْن َ‬ ‫اللَّ ُھ َّم أَ ْن َ‬
‫ْ‬
‫ان ‪َ ،‬و َما َل ْم َي َشأ َل ْم َي ُكنْ ‪َ ،‬وال َح ْو َل َوال قُ َّو َة إِال ِبا َّ ِ ْال َعلِيِّ ْالعَظِ ِيم ‪ ،‬أَعْ َل ُم أَنَّ َّ َ‬
‫ﷲ‬ ‫ﷲُ َك َ‬ ‫َّ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َشرِّ‬ ‫اط ِب ُك ِّل َشيْ ٍء عِ ْلمًا ‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَع ُ‬ ‫ﷲ َق ْد أَ َح َ‬‫َع َلى ُك ِّل َشيْ ٍء َقدِي ٌر ‪َ ،‬وأَنَّ َّ َ‬
‫ت آخ ٌِذ ِب َناصِ َي ِت َھا ‪ ،‬إِنَّ َربِّي َع َلى صِ َراطٍ مُسْ َتق ٍِيم‪.‬‬ ‫َن ْفسِ ي ‪َ ،‬و ِمنْ َشرِّ ُك ِّل دَ ا َّب ٍة أَ ْن َ‬
‫سلﱠ َم‬
‫صلﱠى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َ‬
‫من أدعية النﱠبِ ﱢي َ‬
‫ِك َو َوعْ د َ‬
‫ِك َما‬ ‫ت‪َ ،‬خ َل ْقت َنيِ َوأ َنا َع ْبد َك‪َ ،‬وأ َنا َع َلى َع ْھد َ‬ ‫ت َربيِّ َال إلِ َه ِّإال أ َن َ‬ ‫اللَّ ُھ َّم أ َن َ‬
‫ِك َع َليَّ ‪َ ،‬وأَبُو ُء ِب َذ ْن ِبي َف ْ‬
‫اغفِرْ‬ ‫ت‪ ،‬أَبُو ُء َل َك ِب ِنعْ َمت َ‬
‫ص َنعْ ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َشرِّ َما َ‬ ‫ت‪ ،‬أَع ُ‬ ‫اسْ َت َطعْ ُ‬
‫ت‪.‬‬‫وب إِ َّال أَ ْن َ‬
‫الذ ُن َ‬‫لِي َفإِ َّن ُه َال َي ْغ ِف ُر ُّ‬

‫اغفِرْ لِي َم ْغف َِر ًة ِمنْ‬ ‫وب إِ َّال أَ ْن َ‬


‫ت‪َ ،‬ف ْ‬ ‫الذ ُن َ‬ ‫مْت َن ْفسِ ي ُ‬
‫ظ ْلمًا َك ِثيرً ا‪َ ،‬و َال َي ْغفِ ُر ُّ‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني َظ َل ُ‬
‫ت ْال َغفُو ُر الرَّ حِي ُم‪.‬‬ ‫ِك َوارْ َحمْ نِي إِ َّنك أَ ْن َ‬
‫عِ ْند َ‬
‫ت أَعْ َل ُم ِب ِه ِم ِّني‪ ،‬اللَّ ُھ َّم‬ ‫اغفِرْ لِي َخطِ ي َئتِي َو َج ْھلِي َوإِسْ َرافِي فِي أَمْ ِري ُكلِّ ِه َو َما أَ ْن َ‬ ‫َربِّ ْ‬
‫اغفِرْ لِي َما َق َّد ُ‬
‫مْت‬ ‫اي َو َعمْ دِي َو َج ْھلِي َو َھ ْزلِي‪َ ،‬و ُك ُّل َذل َِك عِ ْندِي‪ ،‬اللَّ ُھ َّم ْ‬ ‫اغفِرْ لِي َخ َطا َي َ‬ ‫ْ‬
‫ت َع َلى ُك ِّل َشيْ ٍء‬ ‫ت ْالم َُؤ ِّخ ُر َوأَ ْن َ‬ ‫ت ْال ُم َق ِّد ُم َوأَ ْن َ‬
‫ت أَ ْن َ‬ ‫ت َو َما أَسْ َررْ ُ‬
‫ت َو َما أَعْ َل ْن ُ‬ ‫َو َما أَ َّخرْ ُ‬
‫َقدِي ٌر‪.‬‬
‫اغفِرْ لِي َذ ْن ِبي ُكلَّهُ‪ِ ،‬د َّقهُ‪َ ،‬و ِجلَّهُ‪َ ،‬وأَوَّ َلهُ‪َ ،‬وآخ َِرهُ‪َ ،‬و َع َال ِن َي َتهُ‪َ ،‬وسِ رَّ هُ‪.‬‬
‫اللَّ ُھ َّم ْ‬

‫ْن َو ْالب ُْخ ِل َو َ‬


‫ض َل ِع ال َّدي ِ‬
‫ْن‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك م َِن ْال َھ ِّم َو ْال َح َز ِن َو ْال َعجْ ِز َو ْال َك َس ِل َو ْال ُجب ِ‬
‫َو َغ َل َب ِة الرِّ َج ِ‬
‫ال‪.‬‬
‫ُوذ بكِ أَنْ أ ُ َر َّد إلِى أَرْ َذ ِل‬ ‫ْن‪َ ،‬وأَع ُ‬ ‫ُوذ بكِ م َِن ْال ُجب ِ‬ ‫ُوذ بكِ م َِن ْالب ُْخ ِل‪َ ،‬وأَع ُ‬ ‫اللَّ ُھ َّم إ ِّني أَع ُ‬
‫ب ْال َقب ِْر‪.‬‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َع َذا ِ‬ ‫ُوذ ِب َك ِمنْ ِف ْت َن ِة ال ُّد ْن َيا‪َ ،‬وأَع ُ‬ ‫ْال ُعمُر‪َ ،‬وأَع ُ‬
‫ِ‬
‫ب ْال َقب ِْر‪،‬‬ ‫ُوذ ِب َك م َِن ْال َك َس ِل َو ْال َھ َر ِم َو ْال َمأْ َث ِم َو ْال َم ْغ َر ِم‪َ ،‬و ِمنْ فِ ْت َن ِة ْال َقب ِْر َو َع َذا ِ‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ فِ ْت َن ِة ْال َف ْقر‪َ ،‬وأَع ُ‬ ‫ب ال َّنار‪َ ،‬و ِمنْ َشرِّ فِ ْت َن ِة ْال ِغ َنى‪َ ،‬وأَع ُ‬ ‫ار َو َع َذا ِ‬
‫ُوذ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو ِمنْ فِ ْت َن ِة ال َّن ِ‬
‫الث ْل ِج َو ْال َب َردِ‪َ ،‬و َن ِّق َق ْل ِبي‬ ‫اي ِب َما ِء َّ‬ ‫اغسِ ْل َع ِّني َخ َطا َي َ‬ ‫ال‪ ،‬اللَّ ُھ َّم ْ‬ ‫ْ‬
‫يح ال َّدجَّ ِ‬‫ِب َك ِمنْ فِ ْت َن ِة المَسِ ِ‬
‫اي َك َما‬‫س‪َ ،‬وبَاعِ ْد َب ْينِي َو َبي َْن َخ َطا َي َ‬ ‫ض م َِن ال َّد َن ِ‬ ‫ب ْاألَ ْب َي َ‬ ‫ْت َّ‬
‫الث ْو َ‬ ‫م َِن ْال َخ َطا َيا َك َما َن َّقي َ‬
‫ب‪.‬‬‫ت َبي َْن ْال َم ْش ِر ِق َو ْال َم ْغ ِر ِ‬ ‫اع ْد َ‬
‫َب َ‬
‫ش ْالعَظِ ِيم‪َ ،‬ر َّب َنا َو َربَّ ُك ِّل َشيْ ٍء‪َ ،‬فال َِق‬ ‫ض َو َربَّ ْال َعرْ ِ‬ ‫ت َو َربَّ ْاألَرْ ِ‬ ‫اللَّ ُھ َّم َربَّ ال َّس َم َوا ِ‬
‫ت‬‫ُوذ ِب َك ِمنْ َشرِّ ُك ِّل َشيْ ٍء أَ ْن َ‬ ‫ان‪ ،‬أَع ُ‬ ‫يل َو ْالفُرْ َق ِ‬
‫ْال َحبِّ َوال َّن َوى َو ُم ْن ِز َل ال َّت ْو َرا ِة َو ْاإلِ ْن ِج ِ‬
‫ْس َبعْ دَ َك َشيْ ءٌ‪،‬‬ ‫ت ْاآل ِ‬
‫خ ُر َف َلي َ‬ ‫ْس َق ْب َل َك َشيْ ءٌ‪َ ،‬وأَ ْن َ‬‫ت ْاألوَّ ُل َف َلي َ‬ ‫آخ ٌِذ ِب َناصِ َيتهِ‪ ،‬اللَّ ُھ َّم أَ ْن َ‬
‫ْس ُدو َن َك َشيْ ءٌ‪ ،‬ا ْق ِ‬
‫ض َع َّنا ال َّدي َْن‬ ‫ت ْالبَاطِ نُ َف َلي َ‬ ‫ْس َف ْو َق َك َشيْ ءٌ‪َ ،‬وأَ ْن َ‬ ‫الظا ِھ ُر َف َلي َ‬‫ت َّ‬ ‫َوأَ ْن َ‬
‫َوأَ ْغ ِن َنا م َِن ْال َف ْق ِر‪.‬‬
‫ت َو ِمنْ َشرِّ َما َل ْم أَعْ َم ْل‪.‬‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َشرِّ َما َعم ِْل ُ‬

‫اللَّ ُھ َّم أَصْ لِحْ لِي دِينِي الَّذِي ھ َُو عِ صْ َم ُة أَمْ ِري‪َ ،‬وأَصْ لِحْ لِي ُد ْن َي َ‬
‫اي الَّتِي فِي َھا َم َعاشِ ي‪،‬‬
‫َوأَصْ لِحْ لِي آخ َِرتِي الَّتِي فِي َھا َم َعادِي َواجْ َع ِل ْال َح َيا َة ِز َيادَ ًة لِي فِي ُك ِّل َخي ٍْر‪َ ،‬واجْ َع ِل‬
‫اح ًة لِي ِمنْ ُك ِّل َشرٍّ ‪.‬‬
‫ت َر َ‬‫ْال َم ْو َ‬

‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَسْ أَلُ َك ْالھُدَى َوال ُّت َقى َو ْال َع َف َ‬
‫اف َو ْال ِغ َنى‪.‬‬
‫ب ْال َقب ِْر‪ ،‬اللَّ ُھ َّم‬ ‫ُوذ ِب َك م َِن ْال َعجْ ِز َو ْال َك َس ِل‪َ ،‬و ْال ُج ْب ِن َو ْالب ُْخ ِل‪َ ،‬و ْال َھ َر ِم َو َع َذا ِ‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك‬ ‫ت َولِ ُّي َھا َو َم ْو َال َھا‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إ ِّني أَع ُ‬ ‫ت َخ ْي ُر َمنْ َز َّكا َھا‪ ،‬أَ ْن َ‬ ‫ت َن ْفسِ ي َت ْق َوا َھا َو َز ِّك َھا أَ ْن َ‬ ‫آ ِ‬
‫س َال َت ْش َبعُ‪َ ،‬و ِمنْ دَعْ َو ٍة َال يُسْ َت َجابُ َل َھا‪.‬‬ ‫ب َال َي ْخ َشعُ‪َ ،‬و ِمنْ َن ْف ٍ‬ ‫ِمنْ عِ ْل ٍم َال َي ْن َفعُ‪َ ،‬و ِمنْ َق ْل ٍ‬
‫ت‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إِ ِّني‬ ‫اصمْ ُ‬ ‫ْت َو ِب َك َخ َ‬ ‫ْك أَ َنب ُ‬ ‫ت َوإِ َلي َ‬‫ْك َت َو َّك ْل ُ‬
‫ت‪َ ،‬و َع َلي َ‬‫مْت َو ِب َك آ َم ْن ُ‬ ‫اللَّ ُھ َّم َل َك أَسْ َل ُ‬
‫جنُّ َو ْاإلِ ْنسُ‬ ‫ُوت َو ْال ِ‬
‫ت ْال َحيُّ الَّذِي َال َيم ُ‬ ‫ت أَنْ ُتضِ لَّنيِ‪ ،‬أَ ْن َ‬ ‫ِك َال إِ َل َه إِ َّال أَ ْن َ‬ ‫أَع ُ‬
‫ُوذ ِبع َِّزت َ‬
‫َيمُو ُت َ‬
‫ون‪.‬‬
‫ِيع َس َخطِ َك‪.‬‬ ‫ِك َوفُ َجا َء ِة ِن ْق َمت َ‬
‫ِك َو َت َحوُّ ِل َعا ِف َيت َ‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َز َو ِ‬
‫ال ِنعْ َمت َ‬
‫ِك َو َجم ِ‬
‫ِك‪.‬‬ ‫صرِّ فْ قُلُو َب َنا َع َلى َط َ‬
‫اعت َ‬ ‫ف ْالقُلُو ِ‬
‫ب َ‬ ‫اللَّ ُھ َّم م َ‬
‫ُصرِّ َ‬
‫ض‪َ ،‬عالِ َم ْال َغ ْي ِ‬
‫ب‬ ‫ت َواألَرْ ِ‬‫اللَّ ُھ َّم َربَّ َجب َْرائِي َل َومِي َكائِي َل َوإِسْ َرافِي َل‪َ ،‬فاطِ َر ال َّس َم َوا ِ‬
‫اخ ُتل َ‬
‫ِف فِي ِه م َِن‬ ‫ون‪ ،‬اھْ ِدنِي لِ َما ْ‬
‫ِك فِي َما َكا ُنوا فِي ِه َي ْخ َتلِفُ َ‬ ‫َوال َّش َھادَ ةِ‪ ،‬أَ ْن َ‬
‫ت َتحْ ُك ُم َبي َْن عِ َباد َ‬
‫ِك‪ ،‬إِ َّن َك َت ْھدِي َمنْ َت َشا ُء إِ َلى صِ َراطٍ مُسْ َتق ٍِيم‪.‬‬ ‫ْال َح ِّق ِبإِ ْذن َ‬
‫ِك‪َ ،‬وأَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِم ْن َك‪َ ،‬ال‬ ‫ِك ِمنْ ُعقُو َبت َ‬
‫اك ِمنْ َس َخطِ َك‪َ ،‬و ِبم َُعا َفات َ‬ ‫ض َ‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَع ُ‬
‫ُوذ ِب ِر َ‬
‫ْت َع َلى َن ْفسِ َك‪.‬‬ ‫ت َك َما أَ ْث َني َ‬ ‫أُحْ صِ ي َث َنا ًء َع َلي َ‬
‫ْك‪ ،‬أَ ْن َ‬
‫ضا ِء َو َش َما َت ِة ْاألَعْ دَا ِء‪.‬‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َج ْھ ِد ْال َب َال ِء َودَ َركِ ال َّش َقا ِء َوسُو ِء ْال َق َ‬
‫ص ِري‬‫اللَّ ُھ َّم اجْ َع ْل لِي فِي َق ْل ِبي ُنورً ا‪َ ،‬وفِي ل َِسانِي ُنورً ا‪َ ،‬وفِي َسمْ عِي ُنورً ا‪َ ،‬وفِي َب َ‬
‫ُنورً ا‪َ ،‬و ِمنْ َف ْوقِي ُنورً ا‪َ ،‬و ِمنْ َتحْ تِي ُنورً ا‪َ ،‬و َعنْ َيمِينِي ُنورً ا‪َ ،‬و َعنْ شِ َمالِي ُنورً ا‪َ ،‬و ِمنْ‬
‫ْن َيدَيَّ ُنورً ا‪َ ،‬و ِمنْ َخ ْلفِي ُنورً ا‪َ ،‬واجْ َع ْل فِي َن ْفسِ ي ُنورً ا‪َ ،‬وأَعْ ظِ ْم لِي ُنورً ا‪.‬‬
‫َبي ِ‬
‫ِمْت ِم ْن ُه َو َما َل ْم أَعْ َلم ْ‪َ ،‬وأَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَسْ أَلُ َك م َِن ْال َخي ِْر ُكلِّ ِه َعا ِجلِ ِه َوآ ِجلِ ِه َما َعل ُ‬
‫ت ِم ْن ُه َو َما َل ْم أَعْ َل ْم‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَسْ أَلُ َك ِمنْ َخي ِْر َما‬ ‫م َِن ال َّشرِّ ُكلِّ ِه َعا ِجلِ ِه َوآ ِجلِ ِه َما َعلِمْ ُ‬
‫ُّك‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَسْ أَلُ َك‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َشرِّ َما َع َاذ ِب ِه َع ْب ُد َك َو َن ِبي َ‬‫ُّك‪َ ،‬وأَع ُ‬ ‫َسأ َ َل َك َع ْب ُد َك َو َن ِبي َ‬
‫ب إِ َل ْي َھا ِمنْ َق ْو ٍل‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْال َج َّن َة َو َما َقرَّ َ‬
‫ار َو َما َقرَّ َ‬ ‫ب إِ َل ْي َھا ِمنْ َق ْو ٍل أ ْو َع َم ٍل‪َ ،‬وأعُوذ ِب َك م َِن ال َّن ِ‬
‫ض ْي َت ُه لِي َخيْرً ا‪.‬‬ ‫أَ ْو َع َم ٍل َوأَسْ أَلُ َك أَنْ َتجْ َع َل ُك َّل َق َ‬
‫ضا ٍء َق َ‬
‫ِمْت ْال َح َيا َة َخيْرً ا لِي‪َ ،‬و َت َو َّفنِي إِ َذا‬ ‫ِك َع َلى ْال َخ ْل ِق أَحْ ِينِي َما َعل َ‬ ‫ْب َوقُ ْد َرت َ‬‫ِك ْال َغي َ‬ ‫اللَّ ُھ َّم ِبع ِْلم َ‬
‫ب َوال َّش َھادَ ةِ‪َ ،‬وأَسْ أَلُ َك َكلِ َم َة ْال َح ِّق‬ ‫ِمْت ْال َو َفا َة َخيْرً ا لِي‪ ،‬اللَّ ُھ َّم َوأَسْ أَلُ َك َخ ْش َي َت َك فِي ْال َغ ْي ِ‬ ‫َعل َ‬
‫ضبِ‪َ ،‬وأَسْ أَلُ َك ْال َقصْ دَ فِي ْال َف ْق ِر َو ْال ِغ َنى‪َ ،‬وأَسْ أَلُ َك َنعِيمًا َال َي ْن َف ُد‪َ ،‬وأَسْ أَلُ َك‬ ‫ضا َو ْال َغ َ‬ ‫فِي الرِّ َ‬
‫ْش َبعْ دَ ْال َم ْوتِ‪،‬‬ ‫ضا ِء‪َ ،‬وأَسْ أَلُ َك َبرْ دَ ْال َعي ِ‬ ‫ضا َء َبعْ دَ ْال َق َ‬ ‫ْن َال َت ْن َقطِ عُ‪َ ،‬وأَسْ أَلُ َك الرِّ َ‬ ‫قُرَّ َة َعي ٍ‬
‫ضرَّ ا َء مُضِ رَّ ٍة َو َال فِ ْت َن ٍة‬ ‫ِك فِي َغي ِْر َ‬ ‫َوأَسْ أَلُ َك َل َّذ َة ال َّن َظ ِر إِ َلى َوجْ ِھ َك َوال َّش ْو َق إِ َلى لِ َقائ َ‬
‫ان‪َ ،‬واجْ َع ْل َنا ھُدَ ا ًة ُم ْھ َتد َ‬
‫ِين‪.‬‬ ‫مُضِ لَّةٍ‪ ،‬اللَّ ُھ َّم َز ِّي َّنا ِب ِزي َن ِة ْاإلِي َم ِ‬
‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَسْ أَلُ َك َ‬
‫الع ْف َو َو ْال َعا ِف َي َة فِي ال ُّد ْن َيا َو ْاآلخ َِرةِ‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَسْ أَلُ َك ْال َع ْف َو َو ْال َعا ِف َي َة فِي‬
‫اي َوأَھْ لِي َو َمالِي‪ ،‬اللَّ ُھ َّم اسْ ُترْ َع ْو َراتِي َوآ ِمنْ َر ْو َعاتِي‪َ ،‬واحْ َفظ ْنيِ ِمنْ ب َينْ‬ ‫دِينِي َو ُد ْن َي َ‬
‫ِك أَنْ أ ُ ْغ َتا َل ِمنْ‬ ‫َيدَيَّ َو ِمنْ َخ ْلفِي َو َعنْ َيمِيني َو َعنْ شِ َمالي َو ِمنْ َف ْوقِي‪َ ،‬وأَع ُ‬
‫ُوذ ِب َع َظ َمت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َتحْ تِي‪.‬‬
‫ض‪َ ،‬ربَّ ُك ِّل َشيْ ٍء َو َملِي َكهُ‪ ،‬أَ ْش َھ ُد‬ ‫ت َو ْاألَرْ ِ‬
‫ب َوال َّش َھادَ ةِ‪َ ،‬فاطِ َر ال َّس َم َوا ِ‬‫اللَّ ُھ َّم َعالِ َم ْال َغ ْي ِ‬
‫ان َوشِ رْ ِك ِه‪.‬‬ ‫ُوذ ِب َك ِمنْ َشرِّ َن ْفسِ ي َو َشرِّ ال َّشي َ‬
‫ْط ِ‬ ‫ت‪ ،‬أَع ُ‬ ‫أَنْ َال إِ َل َه إِ َّال أَ ْن َ‬
‫ت َرحْ مَتكِ ‪،‬‬ ‫ات فِي األَمْ ِر‪َ ،‬و ْال َع ِزي َم َة َع َلى الرُّ ْشدِ‪َ ،‬وأَسْ أَلُ َك مُو ِج َبا ِ‬ ‫اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَسْ أَلُ َك َّ‬
‫الث َب َ‬
‫ك َق ْلبًا َسلِيمًا‪َ ،‬ول َِسا ًنا‬ ‫ش ْك َر ن ِعمَتكِ ‪َ ،‬وحُسْ َن عِ باَدَ تكِ ‪َ ،‬و َ‬
‫أسأ َل ُ‬ ‫ك ُ‬‫أسأ َل ُ‬‫ائم َم ْغف َِرتكِ ‪َ ،‬و َ‬
‫َو َع َز ِ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َشرِّ َما َتعْ َل ُم‪َ ،‬وأَسْ َت ْغفِر َ‬
‫ُك لِ َما َتعْ َل ُم‪،‬‬ ‫صا ِد ًقا‪َ ،‬وأَسْ أَلُ َك ِمنْ َخيْر َما َتعْ َل ُم‪َ ،‬وأَع ُ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫إِ َّن َك أَ ْن َ‬
‫ت َع َّال ُم ْال ُغيُو ِ‬
‫ِك َوأَ ْغ ِننِي ِب َفضْ ل َِك َعمَّنْ سِ َو َ‬
‫اك‪.‬‬ ‫اللَّ ُھ َّم ْاكفِنِي ِب َح َالل َِك َعنْ َح َرام َ‬
‫ص ِري‪َ ،‬ال إلِ َه ِّإال‬ ‫اللَّ ُھ َّم َعافِنِي فِي َبدَ نِي‪ ،‬اللَّ ُھ َّم َعافِنِي فِي َسمْ عِي‪ ،‬اللَّ ُھ َّم َعافِنِي فِي َب َ‬
‫ب ْال َقب ِْر‪َ ،‬ال إِ َل َه‬ ‫ُوذ ِب َك م َِن ْال ُك ْفر َو ْال َف ْقر‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إ ِّني أَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َع َذا ِ‬ ‫ت‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إ ِّني أَع ُ‬ ‫أَ ْن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫إِ َّال أَ ْن َ‬
‫َربِّ أَعِ ِّني َو َال ُت ِعنْ َع َليَّ ‪َ ،‬وا ْنصُرْ نِي َو َال َت ْنصُرْ َع َليَّ ‪َ ،‬وامْ ُكرْ لِي َوال َتمْ ُكرْ َع َليَّ ‪،‬‬
‫َواھْ ِدنِي َو َيس ِِّر ْالھُدَى لِي‪َ ،‬وا ْنصُرْ نِي َع َلى َمنْ َب َغى َع َليَّ ‪َ ،‬ربِّ اجْ َع ْلنِي َل َك َش َّكارً ا‪َ ،‬ل َك‬
‫اغسِ ْل‬ ‫ْك أَ َّواھًا ُمنِيبًا‪َ ،‬ربِّ َت َق َّب ْل َت ْو َبتِي َو ْ‬ ‫ِط َواعًا‪َ ،‬ل َك م ُْخ ِب ًتا إِ َلي َ‬ ‫َذ َّكارً ا‪َ ،‬ل َك َرھَّابًا‪َ ،‬ل َك م ْ‬
‫ص ْد ِري‪.‬‬ ‫ِّت حُجَّ تِي َو َس ِّد ْد ل َِسانِي َواھْ ِد َق ْل ِبي َواسْ لُ ْل َسخِي َم َة َ‬ ‫َح ْو َبتِي َوأَ ِجبْ دَعْ َوتِي َو َثب ْ‬

‫ِي لِ َما‬ ‫ت‪َ ،‬و َال َھاد َ‬ ‫ت‪َ ،‬و َال بَاسِ َط لِ َما َق َبضْ َ‬ ‫ض لِ َما َب َس ْط َ‬ ‫اللَّ ُھ َّم َل َك ْال َحمْ ُد ُكلُّهُ‪ ،‬اللَّ ُھ َّم َال َق ِاب َ‬
‫ْت‪َ ،‬و َال‬ ‫ت‪َ ،‬و َال َمان َِع لِ َما أَعْ َطي َ‬ ‫ْت‪َ ،‬و َال مُعْ طِ َي لِ َما َم َنعْ َ‬ ‫أَضْ َل ْلت‪َ ،‬و َال مُضِ َّل لِ َمنْ َھدَ ي َ‬
‫ِك َو َرحْ َمت َ‬
‫ِك‬ ‫ُط َع َل ْي َنا ِمنْ َب َر َكات َ‬‫ْت‪ ،‬اللَّ ُھ َّم ا ْبس ْ‬ ‫ت‪َ ،‬و َال ُمبَاعِ دَ لِ َما َقرَّ ب َ‬ ‫اع ْد َ‬ ‫ب لِ َما َب َ‬ ‫ُم َقرِّ َ‬
‫َو َفضْ ل َِك َو ِر ْزق َِك‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إِ ِّني أَسْ أَلُ َك ال َّنعِي َم ْال ُمقِي َم الَّذِي َال َيحُو ُل َو َال َي ُزولُ‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إِ ِّني‬
‫مْن َي ْو َم ْال َخ ْوفِ ‪ ،‬اللَّ ُھ َّم إ ِّني َعائ ِذ بكِ ِمنْ َشرِّ َما أَعْ َط ْي َت َنا‬ ‫أَسْ أَلُ َك ال َّنعِي َم َي ْو َم ْال َع ْي َلةِ‪َ ،‬و ْاألَ َ‬
‫وب َنا‪َ ،‬و َكرِّ ْه إِ َل ْي َنا ْال ُك ْف َر َو ْالفُس َ‬
‫ُوق‬ ‫ان َو َز ِّي ْن ُه فيِ قُلُ ِ‬ ‫ت‪ ،‬اللَّ ُھ َّم َحبِّبْ إلِ ْي َنا ْ ِ‬
‫اإلي َم َ‬ ‫َو َشرِّ َما َم َنعْ َ‬
‫ِين‪َ ،‬وأَ ْل ِح ْق َنا‬
‫ِين‪َ ،‬وأَحْ ِي َنا مُسْ لِم َ‬ ‫ان‪َ ،‬واجْ َع ْل َنا م َِن الرَّ اشِ د َ‬
‫ِين‪ ،‬اللَّ ُھ َّم َت َو َّف َنا مُسْ لِم َ‬ ‫َو ْال ِعصْ َي َ‬
‫ُون ُر ُس َل َك‪،‬‬ ‫ِين ُي َك ِّذب َ‬
‫ِين‪ ،‬اللَّ ُھ َّم َقا ِت ْل ْال َك َف َر َة الَّذ َ‬ ‫ِين َغي َْر َخ َزا َيا َو َال َم ْف ُتون َ‬ ‫ِبالصَّالِح َ‬
‫ِين أُو ُتوا‬ ‫ون َعنْ َس ِبيل َِك‪َ ،‬واجْ َع ْل َع َلي ِْھ ْم ِرجْ َز َك َو َع َذا َب َك‪ ،‬اللَّ ُھ َّم َقا ِت ْل ْال َك َف َر َة الَّذ َ‬ ‫ص ُّد َ‬
‫َو َي ُ‬
‫اب إِ َل َه ْال َح ِّق‪.‬‬
‫ْال ِك َت َ‬

‫وع َلى ِ‬
‫آل إِب َْراھِي َم‪،‬‬ ‫ْت َع َلى إِب َْراھِي َم َ‬ ‫صلَّي َ‬
‫آل م َُح َّم ٍد َك َما َ‬ ‫ص ِّل َع َلى م َُح َّم ٍد َو َع َلى ِ‬ ‫اللَّ ُھ َّم َ‬
‫ٰ‬
‫ار ْك َ‬
‫ت َع َلى إِب َْراھِي َم‬ ‫اركْ َع َلى م َُح َّم ٍد َو َع َلى ِ‬
‫آل م َُح َّم ٍد َك َما َب َ‬ ‫جي ٌد‪ ،‬اللّ ُھ َّم َب ِ‬
‫إِ َّن َك َحمِي ٌد َم ِ‬
‫آل إِب َْراھِي َم إِ َّن َك َحمِي ٌد َم ِجي ٌد‪.‬‬
‫َو َع َلى ِ‬

‫ْأد ِع َي ُة قرآنية‬
‫" َر َّب َنا آ ِت َنا فِي ال ُّد ْن َيا َح َس َن ًة َوفِي اآلخ َِر ِة َح َس َن ًة َوقِ َنا َع َذ َ‬
‫اب ال َّن ِ‬
‫ار"‪.‬‬
‫ِّت أَ ْقدَ ا َم َنا َوانصُرْ َنا َع َلى ْال َق ْو ِم ْال َكاف ِِر َ‬
‫ين"‪.‬‬ ‫" َر َّب َنا أَ ْف ِر ْغ َع َل ْي َنا َ‬
‫صبْرً ا َو َثب ْ‬

‫" َر َّب َنا الَ ُت َؤاخ ِْذ َنا إِن َّنسِ ي َنا أَ ْو أَ ْخ َطأْ َنا َر َّب َنا َوالَ َتحْ ِم ْل َع َل ْي َنا إِصْ رً ا َك َما َح َم ْل َت ُه َع َلى‬
‫اغفِرْ َل َنا َوارْ َحمْ َنا أَ َ‬
‫نت‬ ‫ِين مِن َق ْبلِ َنا َر َّب َنا َوالَ ُت َحم ِّْل َنا َما الَ َطا َق َة َل َنا ِب ِه َواعْ فُ َع َّنا َو ْ‬ ‫الَّذ َ‬
‫َم ْوالَ َنا َفانصُرْ َنا َع َلى ْال َق ْو ِم ْال َكاف ِِر َ‬
‫ين"‪.‬‬
‫" َر َّب َنا الَ ُت ِز ْغ قُلُو َب َنا َبعْ دَ إِ ْذ َھدَ ْي َت َنا َو َھبْ َل َنا مِن لَّ ُد َ‬
‫نك َرحْ َم ًة إِ َّن َك أَ َ‬
‫نت ْال َوھَّابُ "‪.‬‬
‫ار"‪.‬‬ ‫اغفِرْ َل َنا ُذ ُنو َب َنا َوقِ َنا َع َذ َ‬
‫اب ال َّن ِ‬ ‫" َر َّب َنا إِ َّن َنا آ َم َّنا َف ْ‬
‫ت َوا َّت َبعْ َنا الرَّ سُو َل َف ْ‬
‫اك ُت ْب َنا َم َع ال َّشا ِھد َ‬
‫ِين"‪.‬‬ ‫" َر َّب َنا آ َم َّنا ِب َما أَ َ‬
‫نز ْل َ‬
‫ِّت أَ ْقدَ ا َم َنا وانصُرْ َنا َع َلى ْال َق ْو ِم‬ ‫اغفِرْ َل َنا ُذ ُنو َب َنا َوإِسْ َرا َف َنا فِي أَمْ ِر َنا َو َثب ْ‬ ‫"ر َّب َنا ْ‬
‫ْال َكاف ِِر َ‬
‫ين"‪.‬‬
‫ار َر َّب َنا إِ َّن َك َمن ُت ْدخ ِِل ال َّن َ‬
‫ار َف َق ْد‬ ‫ت َھذا بَاطِ الً ُسب َْحا َن َك َفقِ َنا َع َذ َ‬
‫اب ال َّن ِ‬ ‫" َر َّب َنا َما َخ َل ْق َ‬
‫ان أَنْ آ ِم ُنو ْا ِب َر ِّب ُك ْم‬ ‫ار رَّ َّب َنا إِ َّن َنا َس ِمعْ َنا ُم َنا ِديًا ُي َنادِي ل ِ‬
‫ِإلي َم ِ‬ ‫نص ٍ‬ ‫ِين ِمنْ أَ َ‬ ‫ِلظالِم َ‬‫أَ ْخ َز ْي َت ُه َو َما ل َّ‬
‫ُ‬
‫ار َر َّب َنا َوآ ِت َنا َما َو َعد َّت َنا‬ ‫اغفِرْ َل َنا ذ ُنو َب َنا َو َك ِّفرْ َع َّنا َس ِّي َئا ِت َنا َو َت َو َّف َنا َم َع األب َْر ِ‬
‫َفآ َم َّنا َر َّب َنا َف ْ‬
‫ِيعادَ "‪.‬‬ ‫َع َلى ُر ُسل َِك َوالَ ُت ْخ ِز َنا َي ْو َم ْالقِ َيا َم ِة إِ َّن َك الَ ُت ْخلِفُ ْالم َ‬
‫" َر َّب َنا َظ َلمْ َنا أَنفُ َس َنا َوإِن لَّ ْم َت ْغفِرْ َل َنا َو َترْ َحمْ َنا َل َن ُكو َننَّ م َِن ْال َخاسِ ِر َ‬
‫ين"‪.‬‬
‫ِين"‪.‬‬ ‫" َر َّب َنا الَ َتجْ َع ْل َنا َم َع ْال َق ْوم َّ‬
‫الظالِم َ‬ ‫ِ‬
‫" َر َّب َنا أَ ْف ِر ْغ َع َل ْي َنا َ‬
‫صبْرً ا َو َت َو َّف َنا مُسْ لِم َ‬
‫ِين"‪.‬‬
‫ش ْالعَظِ ِيم"‪.‬‬
‫ت َوھ َُو َربُّ ْال َعرْ ِ‬ ‫" َحسْ ِب َي ّ‬
‫ﷲُ ال إِ َلـ َه إِالَّ ھ َُو َع َل ْي ِه َت َو َّك ْل ُ‬

‫ِك م َِن ْال َق ْو ِم ْال َكاف ِِر َ‬


‫ين"‪.‬‬ ‫ِين َو َنجِّ َنا ِب َرحْ َمت َ‬ ‫" َر َّب َنا الَ َتجْ َع ْل َنا فِ ْت َن ًة لِّ ْل َق ْوم َّ‬
‫الظالِم َ‬ ‫ِ‬
‫ْس لِي ِب ِه عِ ْل ٌم َوإِالَّ َت ْغفِرْ لِي َو َترْ َحمْ نِي أَ ُكن م َِّن‬ ‫ُوذ ِب َك أَنْ أَسْ أ َ َل َك َما َلي َ‬
‫" َربِّ إِ ِّني أَع ُ‬
‫ين"‪.‬‬ ‫ْال َخاسِ ِر َ‬
‫اغفِرْ لِي َول َِوالِدَيَّ‬‫صالَ ِة َومِن ُذرِّ َّيتِي َر َّب َنا َو َت َق َّب ْل ُد َعاء"‪َ " .‬ر َّب َنا ْ‬‫" َربِّ اجْ َع ْلنِي ُمقِي َم ال َّ‬
‫ِين َي ْو َم َيقُو ُم ْالح َِسابُ "‪.‬‬
‫َول ِْلم ُْؤ ِمن َ‬
‫"رَّ بِّ أَ ْدخ ِْلنِي م ُْد َخ َل صِ ْد ٍق َوأَ ْخ ِرجْ نِي م ُْخ َر َج صِ ْد ٍق َواجْ َعل لِّي مِن لَّ ُد َ‬
‫نك س ُْل َطا ًنا‬
‫َّنصِ يرً ا"‪.‬‬
‫نك َرحْ َم ًة َو َھيِّئْ َل َنا ِمنْ أَمْ ِر َنا َر َش ًدا"‪.‬‬
‫" َر َّب َنا آ ِت َنا مِن لَّ ُد َ‬

‫ص ْد ِري َو َيسِّرْ لِي أَمْ ِري َواحْ لُ ْل ُع ْقدَ ًة مِّن لِّ َسانِي َي ْف َقھُوا َق ْولِي"‪.‬‬
‫" َربِّ ا ْش َرحْ لِي َ‬
‫"رَّ بِّ ِز ْدنِي عِ ْلمًا"‪.‬‬
‫ِين"‪.‬‬ ‫نت م َِن َّ‬
‫الظالِم َ‬ ‫"ال إِ َل َه إِال أَ َ‬
‫نت ُسب َْحا َن َك إِ ِّني ُك ُ‬

‫ُون"‪.‬‬
‫ضر ِ‬‫ُوذ ِب َك َربِّ أَن َيحْ ُ‬
‫ين َوأَع ُ‬
‫ت ال َّشيَاطِ ِ‬ ‫"رَّ بِّ أَع ُ‬
‫ُوذ ِب َك ِمنْ َھ َم َزا ِ‬
‫اغفِرْ َل َنا َوارْ َحمْ َنا َوأَ َ‬
‫نت َخ ْي ُر الرَّ ا ِحم َ‬
‫ِين"‪.‬‬ ‫" َر َّب َنا آ َم َّنا َف ْ‬
‫اغفِرْ َوارْ َح ْم َوأَنتَ َخ ْي ُر الرَّ ا ِحم َ‬
‫ِين "‬ ‫" رَّ بِّ ْ‬

‫ت مُسْ َت َق ًّرا َو ُم َقامًا‬ ‫اب َج َھ َّن َم ۖ◌ إِنَّ َع َذا َب َھا َك َ‬


‫ان َغ َرامًا)‪ (٦٥‬إِ َّن َھا َسا َء ْ‬ ‫ف َع َّنا َع َذ َ‬
‫َر َّب َنا اصْ ِر ْ‬

‫َر َّب َنا َھبْ لَ َنا مِنْ أَ ْز َوا ِج َنا َو ُذرِّ يَّا ِت َنا ُقرَّ َة أَعْ ي ٍُن َواجْ َع ْل َنا ل ِْل ُم َّتق َ‬
‫ِين إِ َمامًا‬

‫وب َنا غِ ًّال لِّلَّذ َ‬


‫ِين آ َم ُنوا َر َّب َنا إِ َّن َ‬
‫ك َرءُوفٌ رَّ حِي ٌم‬ ‫ان َو َال َتجْ َع ْل فِي قُلُ ِ‬ ‫ِين َس َبقُو َنا ِب ْ ِ‬
‫اإلي َم ِ‬ ‫إل ْخ َوا ِن َنا الَّذ َ‬
‫اغفِرْ لَ َنا َو ِ ِ‬
‫َر َّب َنا ْ‬

‫أذكار بعد السالم من الصالة المفروضة‬


‫أَسْ ـ َت ْغفِ ُر ﷲ‪ ،‬أَسْ ـ َت ْغفِ ُر ﷲ‪ ،‬أَسْ ـ َت ْغفِ ُر ﷲ‪.‬‬
‫ـالل َواإلِ ْكـرام ‪.‬‬
‫الج ِ‬ ‫بار ْك َ‬
‫ت يا ذا َ‬ ‫اللّھُـ َّم أَ ْن َ‬
‫ـت السَّال ُم ‪َ ،‬ومِـ ْن َك السَّالم ‪َ ،‬ت َ‬
‫وھو على ك ّل َشي ٍء َقدير‪،‬‬ ‫الحمْ د‪َ ،‬‬ ‫ك ول ُه َ‬ ‫شريك لهُ‪ ،‬ل ُه الم ُْـل ُ‬
‫َ‬ ‫ﷲُ وحدَ هُ ال‬ ‫ال إل َه إالّ ّ‬
‫الجـد‪.‬‬
‫ـك َ‬ ‫الجـ ِّد ِم ْن َ‬
‫ـي لِما َم َنـعْ ت‪َ ،‬وال َي ْن َفـ ُع ذا َ‬ ‫اللّھُـ َّم ال مان َِع لِما أَعْ َطـيْت‪َ ،‬وال مُعْ طِ َ‬
‫وھو على ك ّل شي ٍء قدير‪ ،‬ال‬ ‫الحمد‪َ ،‬‬ ‫ك ول ُه َ‬ ‫شريك لهُ‪ ،‬ل ُه المل ُ‬
‫َ‬ ‫ﷲ‪ ،‬وحدَ هُ ال‬ ‫ال إل َه إالّ ّ‬
‫َح ْـو َل َوال قـوَّ َة إِالّ ِبا ِ‪ ،‬ال إل َه إالّ اللّـه‪َ ،‬وال َنعْ ـبُـ ُد إِالّ إيّـاه‪َ ،‬ل ُه ال ِّنعْ ـ َم ُة َو َل ُه ال َفضْ ل َو َل ُه‬
‫ين َو َل ْو َك ِ‬
‫ـر َه الكـافِرون‪.‬‬ ‫ِصـين َلـ ُه ال ِّد َ‬
‫َ‬ ‫مخل‬ ‫الحـ َسن‪ ،‬ال إل َه إالّ ّ‬
‫ﷲُ ْ‬ ‫َّ‬
‫الثـنا ُء َ‬
‫‪ ،‬وﷲُ ْأكـ َبر‪.‬‬ ‫والحمْ ـ ُد‬
‫َ‬ ‫ﷲ‪،‬‬
‫ْحان ِ‬
‫سُـب َ‬
‫‪٣٣‬‬
‫الحمْ د‪ ،‬وھ َُو على ُك ّل َشي ٍء َقـدير‪.‬‬
‫ك ول ُه َ‬
‫شريك لهُ‪ ،‬ل ُه المل ُ‬
‫َ‬ ‫ال إل َه إالّ ّ‬
‫ﷲُ َوحْ ـدَ هُ ال‬
‫ان الرَّ ِج ِيم‬
‫ْط ِ‬ ‫أَع ُ‬
‫ُوذ ِبا ِ ِمنْ ال َّشي َ‬

‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‬


‫ت َو َما فِي‬ ‫ﷲُ الَ إِ َلـ َه إِالَّ ھ َُو ْال َحيُّ ْال َقيُّو ُم الَ َتأْ ُخ ُذهُ سِ َن ٌة َوالَ َن ْو ٌم لَّ ُه َما فِي ال َّس َم َاوا ِ‬ ‫ّ‬
‫ون‬ ‫ض َمن َذا الَّذِي َي ْش َف ُع عِ ْندَ هُ إِالَّ ِبإِ ْذ ِن ِه َيعْ َل ُم َما َبي َْن أَ ْيد ِ‬
‫ِيھ ْم َو َما َخ ْل َف ُھ ْم َوالَ ُيح ُ‬
‫ِيط َ‬ ‫األَرْ ِ‬
‫ض َوالَ َيؤُ و ُدهُ ِح ْف ُ‬
‫ظ ُھ َما‬ ‫ت َواألَرْ َ‬ ‫ِب َشيْ ٍء مِّنْ عِ ْل ِم ِه إِالَّ ِب َما َشاء َوسِ َع ُكرْ سِ ُّي ُه ال َّس َم َاوا ِ‬
‫َوھ َُو ْال َعلِيُّ ْالعَظِ ي ُم‪.‬‬

‫ﷲ الرَّ حْ ِ‬
‫من الرَّ حِيم‬ ‫سْ ِم ِ‬
‫ص َم ُد‪َ ،‬ل ْم َيل ِْد َو َل ْم يُو َل ْد‪َ ،‬و َل ْم َي ُكن لَّهُۥ ُكفُ ًوا أَ َح ۢ ٌد‪.‬‬
‫قُ ْل ھ َُو ٱ َّ ُ أَ َح ٌد‪ ،‬ٱ َّ ُ ٱل َّ‬

‫ﷲ الرَّ حْ ِ‬
‫من الرَّ حِيم‬ ‫ِبسْ ِم ِ‬
‫ب‪َ ،‬ومِن َشرِّ ٱل َّن ٰ َّف ٰ َث ِ‬
‫ت‬ ‫قُ ْل أَع ُ‬
‫ُوذ ِب َربِّ ْٱل َف َل ِق‪ ،‬مِن َشرِّ َما َخ َل َق‪َ ،‬ومِن َشرِّ َغاسِ ٍق إِ َذا َو َق َ‬
‫فِى ْٱل ُع َقدِ‪َ ،‬ومِن َشرِّ َحاسِ ٍد إِ َذا َح َسدَ ‪.‬‬

‫ﷲ الرَّ حْ ِ‬
‫من الرَّ حِيم‬ ‫ِبسْ ِم ِ‬
‫ٰ‬ ‫قُ ْل أَع ُ‬
‫اس ْٱل َخ َّن ِ‬
‫اس‪ ،‬ٱلَّذِى‬ ‫اس‪ ،‬مِن َشرِّ ْٱل َوسْ َو ِ‬
‫اس‪ ،‬إِ َل ِه ٱل َّن ِ‬ ‫اس‪َ ،‬ملِكِ ٱل َّن ِ‬‫ُوذ ِب َربِّ ٱل َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫اس‪ ،‬م َِن ْٱل ِ‬
‫ج َّن ِة َوٱل َّن ِ‬ ‫ور ٱل َّن ِ‬
‫ص ُد ِ‬ ‫ي َُوسْ ِوسُ فِى ُ‬

‫ُمـيت وھ َُو على ُك ّل‬


‫الحمْ د‪ ،‬يُحيـي َوي ُ‬
‫ك ول ُه َ‬
‫شريك لهُ‪ ،‬ل ُه المُل ُ‬
‫َ‬ ‫ال إل َه إال ّ ّ‬
‫ﷲُ وحْ ـدَ هُ ال‬
‫شي ٍء قدير‪.‬‬
‫َع ْشر َمرّ ات َبعْ دَ ال َم ْغ ِرب َوالصّـبْح‪.‬‬
‫اللّھُـ َّم إِ ِّنـي أَسْ أَلُ َ‬
‫ـك عِ ْلمـا ً نافِعـا ً َو ِر ْزقـا ً َطيِّـبا ً ‪َ ،‬و َع َمـالً ُم َت َقـ َّبالً‪.‬‬
‫صال ِة ال َفجْ ر‪.‬‬ ‫َبعْ د الس ِ‬
‫ّالم من َ‬
‫اللَّ ُھ َّم أَ ِجرْ نِي ِمنْ ال َّنار‪.‬‬
‫بعد صالة الصبح والمغرب‪.‬‬
‫اللَّ ُھ َّم أَعِ ِّني َع َلى ذ ِْك ِر َك َو ُ‬
‫ش ْك ِر َك َوحُسْ ِن عِ َبادَ ت َ‬
‫ِك‪.‬‬
‫س َال ٌم‬
‫ون )‪َ (١٨٠‬و َ‬ ‫صفُ َ‬ ‫ب ا ْل ِع ﱠز ِة َع ﱠما يَ ِ‬‫ان َربﱢ َك َر ﱢ‬ ‫س ْب َح َ‬
‫ُ‬
‫ين )‪َ (181‬وا ْل َح ْم ُد ِ ﱠ ِ َر ﱢب‬ ‫سلِ َ‬ ‫َعلَى ا ْل ُم ْر َ‬
‫ين)‪(182‬‬ ‫ا ْل َعالَ ِم َ‬

You might also like