Professional Documents
Culture Documents
مصطفى خشان جميل
مصطفى خشان جميل
أشراف
أ.م عبد الرزاق طالل جاسم السارة
قدم هذا البحث استكماالً لمتطلبات الحصول على شهادة البكالوريوس في القانون
قسم القانون
1439هــ 2018م
ب ـ ـ ـ ــسم اهلل الرحـ ـ ـ ـمن الـ ـ ـ ـرحيـ ـ ـ ـم
أ
اَّلهداء
الى ......................
و كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ــر و الـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـق ـ ــدي ـ ــر لألسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــاذ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرف
( أ .م ع ـ ـبـ ـ ـ ــد ال ـ ــرزاق ط ـ ـ ــَلل جـ ـ ـ ــاسـ ـ ـ ــم السـ ـ ــارة ) لت ـ ـ ـق ـ ــديـ ــمه الن ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ــح
و اَّلرش ـ ـ ـ ـ ــاد والتـ ـ ـ ـ ــوجـ ـ ـ ـي ـ ـ ــه و ل ـ ـم ـ ــا ق ـ ـ ـ ــدمـ ـ ـ ـ ــه ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي م ــن تــوجـ ـي ـ ـهـ ـ ــات
سـ ـ ـ ـ ــديـ ـ ـ ـ ــدة ورصـ ـ ـي ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــة ط ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــة فـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــرة اعـ ـ ـ ـ ــداد البـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث .
كما أقدم كل التقدير و الثناء الى جميع موظفي مكتبة كليتنا لما أبدوه من
تعاون كبير في تيسير الحصول على مصادر بحثي .
واخيراً اقدم كل احترامي و شكري الى كليتي التي احتضنتني و ساعدتني في
ايصالي الى تحقيق كل طموحاتي .
ج
أق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرار ال ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ــرف
التوقيع
2_1 المقدمة
20_19 المطلب الثالث :عدم اتمام الجريمة لسبب خارج عن ارادة الجاني
هــــ
المقدمـ ـ ـ ـ ــة
اذا توفر الركن المعنوي الى جانب عناصر الركن المادي (سلوك نتيجة عَلقة سببية بينهما ) تقوم
الجريمة تامة كاملة وتتحقق مسؤولية فاعلها عنه وتقوم المسؤولية كذلك بالنسبة للجريمة التي يكتفي المشروع
بشأنها اتخاذ سلوك أجرامي معين دون تطلب َّل نتيجة أجرامية وَّل عَلقة سببية أذ يكفي أتخاذ السلوك
األجرامي المكون لهذه الجريمة ويتوافر الركن المعنوي حتى تقوم الجريمة كاملة تامة ولكن فيما يتعلق بالجرائم
ذات النتيجة التي يتطلب المشرع لقيامها الى جانب الركن المعنوي عناصر الركن المادي الثَلثة قد يبدأ الجاني
في أرتكاب السلوك األجرامي ثم يتدخل عامل خارج عن أرادته يحول بينه وبين تمامه فَل تتحقق النتيجة
األجرامية وقد يصل الجاني بالسلوك األجرامي الى نهايته ولكن لسبب خارج عن أرادته َّلتتحقق النتيجة
األجرامية ففي هذه األحوال َّلينسب الى الجاني أرتكاب جريمة تامة لعدم تحقق النتيجة األجرامية ،وأنما
ينسب الية هو أرتكاب جريمة غير تامة او ناقصة اي ينسب الية شروع في الجريمة او محاولة أرتكابها ،فيما
يتعلق بالجرائم ذات السلوك المجرد او المحض والتي َّليشترط الشروع لقيامها توافر نتيجة أجرامية مثل (حمل
السَلح بدون ترخيص ) فأن الشروع بصددها غير متصور ألنها اما ان تقع كاملة او َّل تقع على األطَلق فأذا
بدأ الجاني في أرتكاب السلوك المكون لها تتوافر الجريمة كاملة تامة ،اما اذا لم يكن قد بدأ بعد فَل جريمة
على األطَلق وعلى هذا يجب ان يرسخ في األذهان ان الشروع في الجريمة قاصر على جرائم النتيجة فقط
دون جرائم السلوك المجرد وهو يعني البدء في فعل او افعال ترمي مباشرة الى ارتكاب الجريمة ولكن يحول
دون تمامها ظروف خارجة عن ارادة الفاعل ،والشروع في الجريمة معاقب علية وان كانت علة العقاب في
الشروع ليس فيما نجم عن سلوك الجاني من ضرر اصاب مصلحة اجتماعية هامة يحميها القانون الجنائي وانما
تلك العلة تكمن في خطر تعرض تلك المصلحة من ضرر .
و يعتبر الشروع في الجريمة من القواعد الموضوعية التي نظمها قانون العقوبات العراقي و نص بشكل
صريح على الجزاء ،والهدف من تطبيق هذا الجزاء على المخالفين و هو تحقيق الردع الخاص و العام .
1
مشكلة البحث :
ان من اَّلمور التي أدت بنا الى دراسة الشروع في الجريمة هي التعرف على الشروع وحقيقتة ومدى الفرق
بين الشروع و الجريمة التامة وكذلك مدى مقدار العقوبة وفرقها عن مقدار عقوبة الجريمة التامة .
:اتبعنا في بحثنا هذا منهجية البحث التحليلي المقارن و ذلك من خَلل مقارنة القوانين منهجية البحث
العربية مع القانون العراقي و ما قررته أحكام المحاكم و السوابق القضائية .
اما المبحث الثاني سوف نخصصة الى دراسة اركان الشروع الثَلثة في المطلب اَّلول الركن المعنوي
والمطلب الثاني الركن مادي وفي المطلب الثالث عدم اتمام الجريمة لبسبب خارج عن ارادة الجاني.
اما المبحث الثالث سوف نتكلم على عقوبة الشروع في الجريمة واخيراً في المطلب الثاني بيان ما هي
الجريمة المستحيلة وعقابها .
2
المبحث اَّلول
ماهية الشروع :ان اهم مافي الشروع هو عدم تحقيق النتيجة الجرمية فالشروع اذن جريمة ولكنها
ناقصة ،اي ان عناصر الركن المادي اَّلخرى متوفرة وعلى هذا فالجريمة التامة َّلتختلف عن الشروع فيها اَّل
في الركن المادي ويعنصر النتيجة الجرمية بالذات اما الركن المعنوي فَل فرق بين الجريمة التامة والشروع فيها
فالقصد الجنائي يتطلب في الشروع كما في الجريمة التامة ويقوم على ذات العناصر وهما العلم واَّلرادة ،ولما
كان القانون يعاقب على الشروع بوصفة جريمة رغم عدم تحقق النتيجة الجرمية فأن هذا يبدو امراً غريباً
ويستدعي اَّليضاح للعلة التي حدث بالمشرع َّلن يعاقب علية ،فالعلة التي يعاقب من أجلها القانون على
الجريمة التامة هي كونها عدواناً على مصلحة قانونية اما في الشروع فان هذ العدوان بعيد عن التصور لعدم
تحقيق النتيجة الجرمية والعلة في تجريمة (الشروع ) هو حماية الحق او المصلحة القانونية من الخطر . )1(.
المطلب اَّلول
تعريف الشروع
3
تعريف الشروع اصطَلحاً حسب الفقة والتشريع :
الشروع فقهاً وهو يعني البدء في فعل او افعال ترمي مباشرةً الى ارتكاب الجريمة ولكن يحول دون
اتمامها ظروف خارجة عن اراداة الفاعل )1(.
و كذلك عرف الشروع في ارتكاب جناية او جنحة مستحلية التنفيذ اما السبب يتعلق بموضوع الجريمة
او الوسيلة التي استعملت في ارتكابها مالم يكن اعتقاد صَلحية عملة َّلحداث النتيجة مبنياً على وهم او جهل
مطبق )2(.
و ان الشروع في الجريمة هو مرحلة من مراحل تكوين الجريمة تالية للتحضير لها وسابق على اتمامها)3(.
وعرف أ نصار المذهب المادي الشروع بأنة ( :البدء في تنفيذ فعل يقوم به الركن المادي للجريمة )
وكذلك عرفة أنصار المذهب الشخصي بأنة ) :كل فعل بدل على أتجاة األرادة نحو تحقيق غاية اجرامية معينة
وان لم يرق الى مصاف أفعال الركن المادي للجريمة ) (.)4
الشروع قانوناً :حسب ما ورد في قانون العقوبات العراقي رقم 111لسنة 1969في الماده ()30
بأنة (هو البدء في التنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية او جنحة اذا اوقف اخاب اثرة ألسباب َّل دخل ألرادة
الفاعل فيها).
يعتبر شروعا في ارتكاب الجريمة كل فعل صدر بقصد ارتكاب جناية او جنحة مستحيلة التنفيذ اما لسبب
يتعلق بموضوع الجريمة او بالوسيلة التي استعملت في ارتكابها مالم يكن اعتقاد الفاعل مبنيا على وهم او
جهل مطبق فالشروع أذن يعتبر جريمة ناقصة ويعني ذلك انه قد تخلف بعض عناصرها وموضع النقص هو
النتيجة اَّلجرامية ،فالجاني قد اقترف الفعل الذي اراد به تحقيق النتيجة غير ان فعلة لم يفض الى ذلك )5(.
) )1د.فتوح عبد اهلل الشاذلي ،قانون العقوبات القسم العام ،دار المطبوعات الجامعية ، 1998،ص . 395
( )2المحامي محسن ناجي ،اَّلحكام العامة في قانون العقوبات شرح على متون النصوص الجزائية ،مطبعة العاني ،الطبعة
اَّلولى 1974 ،ص . 127
) )3القاضي عبد الستار البزركان ،قانون العقوبات القسم العام بين التشريع والفقة والقضاء ،بدون دار نشر ومكان وزمان نشر ،
ص .111
) )4د .كامل السعيد ،شرح اَّلحكام العامة في قانون العقوبات ،دار العلمي الدولية و دار الثقافة ،الطبعة اَّلولى ،2002 ،
ص .245
( )5المحامي عبد القادر الَلمي ،معجم المصطلحات القانونية ،الطبعة اَّلولى ،بغداد 1990 ،ص . 82
4
كذلك قد عرفة المشرع اَّلردني في قانون العقوبات اَّلردني رقم 16لسنة 1960في نص المادة
(( ( ))68هو البدء في تنفيذ فعل من اَّلفعال الظاهرة المؤدية الى ارتكاب جناية او جنحة فأذا لم يتمكن
الفاعل من اتمام اَّلفعال الَلزمة لحصول تلك الجناية او الجنحة لحيلولة اسباب َّلدخل ألرادتة فيها على
الوجة اَّلتي اَّل اذا نص القانون خَلف ذلك ) وهذا النص يقتصر على الشروع الناقص اما الشروع التام فنص
علية في المادة (( )) 70من نفس القانون ( اذا كانت اَّلفعال الَلزمة َّلتمام الجريمة قد تمت ولكن لحيلولة
عوقب على الوجة التالي اسباب مانعة َّلدخل ألرادة فاعلها فيها لم تتم الجريمة المقصودة
.)……………….
كذلك عرفة المشرع المصري في قانون العقوبات المصري رقم 85لسنة 1937في المادة (()) 45
بأنة ( هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية او جنحة اذا اوقف او خاب اثرة َّلسباب َّل دخل َّلرادة
الفاعل فيها ).
5
المطلب الثاني
اوَّل :
مراحل الشروع :الواقع ان ارتكاب الجريمة يمر بثَلث مراحل متتابعة ،ففي المرحلة اَّلولى وتسمى
( مرحلة التفكير والتصميم) وفيها يفكر الشخص في كيفية ارتكاب الجريمة في وسائل ارتكابها والهدف من
ذلك ،وبعد ذلك تكون الجريمة كفكرة قد اختمرت في ذهن الفاعل دون ان يبرز اياً من عناصرها الى العالم
الخارجي ،بعد انتهاء هذه المرحلة تمر الجريمة ب ـ ـ ـ ـ ( مرحلة التحضير ألرتكابها ) وهي عملية اَّلستعداد اَّلولى
َّلرتكاب الجريمة بدراسة وقت ومكان ارتكابها وتهيئة الوسائل لذلك من اسلحة ومواد ،ويَلحظ على الفاعل
في هاتين المرحلتين انة مايزال بعيد عن مرحلة تنفيذ الجريمة ولذلك فأن اَّلصل في مرحلة التفكير مرحلة
التحضير تكون بمنأى عن طائلة القانون فالقانون َّليعاقب كقاعدة عامة على اَّلعمال التحضيرية )1(.
اما المرحلة الثالثة من مراحل ارتكاب الجريمة فهي ( مرحلة البدء بالتنفيذ ) وتتم هذه المرحلة بأستمرار
الجاني بمشروعة اَّلجرامي متجاوز مرحلة التفكير ومن ثم التحضير َّلرتكاب الجريمة وذلك بأن يبدا بمباشرة
نشاطة اَّلجرامي . )2(.
يبدا الجاني بالتفكير في ارتكاب الجريمة وقد يتردد في ارتكابها او عدم ارتكابها ،ثم ينتهي بأن يصمم
على ارتكابها ثم يأخذ في اَّلستعداد والتأهب لتنفيذها ،كأن يستحضر السَلح الذي يريد ان يقتل به او بعد
ان يقوم بذلك يبدأ في تنفيذ نفس الجريمة مستعينا بما اعده من الوسائل ،وقد يعدل عن عزمه ويرجع عن
قصده او يمضي في عملة وربما اوقف ومنع عن اتمامة بقوة قاهرة ويستمر فيه الى النهاية ولكن لم يحصل على
النتيجة التي يقصدها او قد يكون فشله محققا او يكون نجاحة محتمَلً ولكنة يخيب لظروف تسببه . )3(.
( )1د .ضاري خليل محمود ،البسيط في شرح قانون العقوبات –القسم العام ،الطبعة اَّلولى ، 2002 ،ص . 86
( )2المرجع نفسه ،ص . 86
( )3د.اكرم نشأت ابراهيم موجز اَّلحكام العامة في قانون العقوبات العراقي ،مطبعة المعارف ،بغداد ، 1969،ص .59
6
أ -المرحلة اَّلولى مرحلة التفكير والتصميم :
ويراد بها المرحلة التي تتضمن التعبير عن اولى الخطوات في نشاط الجاني نحو الجريمة ،
وهي مرحلة تتميز بأنها داخلية َّلتظهر في الحيز الخارجي بأعمال مادية ،وقد انعقد اَّلتفاق بين
جميع قوانين العقوبات الحديثة على عدم اعتبار هذه المرحلة داخلة في الشروع وبالتالي ان َّل عقاب
عليها ،ان في هذا اَّلمر دفع للحرج عن القضاة َّلن اثبات النيات عسير باألضافة الى انة مما تقتضية
المحافظة على حريات الناس وتدعو الية المصلحة ثم كيف نسأل شخص عن فعل لم يرتكبة بعد وقد
َّل يرتكبة بالرغم من تفكيره فية ،بل ان ذلك قد يشجعة على ترك فكرة السير في الجريمة الى
النهاية . )1(.
وفي ذلك تقول المادة (( ))30عقوبات عراقي (……وَّل يعد شروعاً مجرد الزم على
ارتكاب الجريمة ……).
وقاعدة عدم العقاب على التفكير والعزم مطردة َّلتقبل اَّلستثناء ،اما القول بان العقاب على
ااَّلتفاق الجنائي وكذلك التهديد بأعتبار كل منهما جريمة هو عقاب على اعمال التفكير والتصميم ،
فأنة غير صحيح ،ذلك ان القانون يعاقب في كل من هاتين الجريمتين في الواقع َّل على مجرد
التفكير والعزم انما على الفعل الخارجي اي السلوك الخارجي الذي حقق اَّلتفاق او التهديد ،او هو
الركن المادي للجريمة الواقعة واعني جريمة اَّلتفاق او جريمة التهديد . )2( .
لذلك فالسائد في التشريع والفقة هو عدم العقاب على هذة المرحلة َّ ،لن النية مادامت في
حيز النفس ولم تخرج الى العالم الخارجي فَل ضرر منها وَّل خطر فيها ،وأشار الى ذلك ايظاً قانون
العقوبات اَّلردني المادة ( )69من قانون العقوبات (َّل يعتبر شروعا في جريمة مجرد العزم على
ارتكابها ) وانما يعاقب القانون على اَّلفعال التي يبرزها الى حيز الوجود بسلوك ايجابي او سلبي
. )3(.
) )1د.علي حسين الخلف – سلطان عبد القادر الشاوي ،المبادئ العامة في قانون العقوبات ،بيروت ، 2015 ،
ص . 157
( )3د.فخري عبد الرزاق الحديثي – د .خالد حميدي الزعيبي ،شرح قانون العقوبات – القسم العام ،الطبعة اَّلولى،
دار الثقافة ، 2010 ،ص . 106 – 105
7
ب -المرحلة الثانية مرحلة التحضير :
وفيها يبدأ الجاني التجهيزات اَّلزمة لتنفيذ الجريمة فيشتري السَلح مثَلً اذا كانت قتَلً ،
او المفاتيح المصطنعة واَّلَّلت الَلزمة أارتكاب جريمة السرقة ،أو يشتري األوراق و الحبر و األقَلم
التي يستخدمها في ارتكاب جريمة التزوير . )1(.
والقاعدة ان اَّلعمال التحضيرية للجريمة َّلعقاب عليها ،فَل تعتبر شروعاً في الجريمة ألن
التجهيز واعمال التحضير َّل تتضمن في الغالب خطراً يهدد مصلحة أجتماعية هامة ،باألضافة الى ما
تنطوي علية من غموض وشك حول الهدف منها فمن يشتري سَلحاً قد يكون الهدف منه القتل كما
قد يكون الهدف هو استعمالة للدفاع عن النفس فضَلً عن ان العقاب عليها يفسح المجال امام
الجاني للعدول عن فكرة الجريمة وعدم تنفيذها. )2( .
هذا وقد نص المشرع المصري في قانون العقوبات في المادة 2 /45على ذلك ( َّل يعتبر
شروعا في الجناية او الجنحة مجرد العزم على ارتكابها وَّل اَّلعمال التحضيرية لذلك ) .
على الرغم من ان العمل التحضيري َّل يعد شروعاً في الجريمة اَّل انة َّلشئ يحول دون العقاب
علية بوصفة جريمة متميزة ،ويكون ذلك عندما ينطوي هذا العمل على خطورة تهدد أمن المجتمع ،
فيكون العقاب على هذه األفعال بأعتبارها جرائم مستقلة ،وليس بالنظر الى الجريمة التي كان الجاني
يعد العدة ألرتكابها بمعنى انة َّل يعاقب عليها كمرحلة من مراحل الجريمة التي كان يزمع ارتكابها
،وأنما بأعتبارها جريمة من نوع خاص ،فمن يشتري سَلحا ناريا للقتل ويحوزه بدون ترخيص مثَل
يرتكب جريمة حيازة السَلح بدون ترخيص ولو لم تقع جريمة القتل ،وكذلك الشأن في التهديد
بأرتكاب بعض الجرائم ،فأنة يخضع للعقاب بشروط خاصة بوصفة جريمة على حدة وليس على اساس
وصفة مرحلة في ارتكاب الجريمة التي وقع التهديد بأرتكابها )3( .
( )1د .فتوح عبد اهلل الشاذلي ،المرجع السابق ،ص . 396
( )2المرجع نفسة ص .397- 396
( )3د .كامل السعيد ،المرجع السابق ،ص . 237
8
ج –المرحلة الثالثة مرحلة التنفيذ :
ان مرحلة التنفيذ هي المرحلة الثالثة من مراحل ارتكاب الجريمة التي تتلو مرحلة التحضير ،وتتكون ايظا
من اعمال مادية خارجية ،وبهذا تتشابة مع مرحلة التحضير غير انها تتميز عنها بان اعمالها َّل تمت الى
التحضير للجريمة باية صلة ،بل هي تدخل في أعداد اَّلعمال التنفيذية )1(.
وهذه اَّلعمال التنفيذية قد يصل الجاني بها عند ارتكابها الى النهاية فيتم الجريمة وعند ذلك تكون امام
جريمة تامة كمن يطلق الرصاص على اخر بقصد قتلة فيرد بة قتيَلً .وقد َّل يستطيع الجاني الوصل بها الى
النهاية لسبب َّل دخل َّلرادته فية (خارج عن ارادتة ) وعندئذ تكون امام حالة (شروع في الجريمة )كما لو
اخطأ مطلق الرصاص المجني علية ،او اصابة في غير مقتل فلم يمت )2(.
ان هذه المرحلة هي مرحلة التمام ويعاقب عليها القانون وتحديد مرحلة التنفيذ يقتضي تحديد معيار
بمقتضاة يتم التمييز بين العمل التحضيري والعمل التنفيذي في الجريمة اي تمييز بين عمل َّل عقاب علية
وعمل معاقب علية ألنه يكون (شروعاً) في الجريمة)3( .
َّلن البدء في التنفيذ ينطوي على تهديد بالحق او المصلحة التي يحميها القانون .فحينما يبدأ الجاني في
التنفيذ قد يتمكن من تحقيق النتيجة اَّلجرامية المعاقب عليها فتقع الجريمة كاملة بحدوث نتيجتها وقد يعجز
عن تحقيق هذه النتيجة التي اراد تحقيقها فَل تتم الجريمة ،اما بسبب عوامل خارجة عن ارادتة لسبب خارجي
َّل دخل ألرادتة فية ،وعندئذ نكون بصدد الشروع في الجريمة الذي يعاقب علية المشرع)4(.
( )1د.علي حسين خلف – د .سلطان عبد القادر الشاوي ،المرجع سابق ،ص . 159
( )3المستشار مصطفى مجدي هرجة ،التعليق على قانون العقوبات في ضوء الفقة والقضاء ،دار المطبوعات الجامعية ،
،1987ص .298
) )4د .فخري عبد الرزاق الحديثي – د .خالد حميدي الزعبي ،المرجع سابق ،ص .108
9
ثانيا :انواع الشـ ـ ـ ــروع :
ان الشروع يقسم الى نوعين شروع ناقص ويسمى (جريمة موقوفة) وشروع تام ويطلق علية (الجريمة
الخائبة ) ،كما يتضح من ذلك ان الشروع َّل يتصور اَّل بالنسبة للجرائم ذات النتيجة المادية كالقتل والسرقة ،
فَل يتصور وجوده في الجرائم الشكلية او جرائم النشاط المجرد حيث ان ركنها المادي ليس اَّل مجرد سلوك
تتم الجريمة بأرتكابه ،ام ان تقع فتكون الجريمة تامة او َّليقع فَل يكون هناك جريمة مثل جرائم السب
والقذف واحراز سَلح بدون ترخيص . )1(.
يقوم الشروع الناقص في اَّلحوال التي َّل يستنفذ فيها الجاني نشاطة اَّلجرامي حيث يوقف هذا
النشاط لسبب اضطراري قبل بلوغ النتيجة اَّلجرامية اي ان الجاني لم يتمكن من استكمال اَّلفعال
التنفيذية التي بدء بها .فتدخل العامل اَّلجنبي حال بين الجاني واستكمال اَّلفعال التنفيذية واستوقفها عند
الحد الذي تدخل فيها العامل اَّلجنبي ويطلق علية في الفقة الجريمة الموقوفة . )2(.
يكون الشروع ناقصاً اذا لم تتحقق النتيجة اَّلجرامية التي اراد الفاعل تحقيقها لسبب َّل دخل
َّلرادتة فيها كمن يشير مسدسة ألطَلق الرصاص على اخر بقصد قتلة ولكن شخصاً اخر يلوي ذراعة
ويأخذ المسدس منه فيمنعة من اَّلطَلق ويكون الشروع هنا شروعاً ناقصاً وتسمى الجريمة فيه (موقوفة) .
(. )3
وقد عبر المشرع اَّلردني عن الشروع الناقص في المادة (( ))68من قانون العقوبات اَّلردني ( فأذا
لم يتمكن الفاعل من اتمام اَّلفعال الَلزمة لحصول تلك الجناية او الجنحة لحيلولة اسباب َّلدخل َّلرادتة
فية . )…….
( )1د.نظام توفيق المجالي ،شرح قانون العقوبات – القسم العام – دراسة تحليلية في النظرية العامة للجريمة والمسؤولية
الجزائية ،دار الثقافة ،الطبعة الثالثة ، 2010 ،ص . 242
( )2المرجع نفسه ،ص . 251
( )3د .ضاري خليل محمود ،المرجع السابق ،ص . 87
10
ب-الشروع التام :
يكون الشروع تامأً اذا قام الفاعل بنشاطة اَّلجرامي كامَلً ولكن نتيجة هذا النشاط لم تتحقق ايظاً
لسبب َّل دخل ألرادتة فية ،كمن يطلق الرصاص على اخر بقصد قتلة ولكن األسعافات الطبية تحول دون
وفاتة فالشروع هذا تام والجريمة فية (خائبة ) . )1(.
في الشروع التام يقوم الفاعل بجميع األفعال التنفيذية الرامية الى الحصول على النتيجة اَّل ان هذه
النتيجة َّل تتحقق اَّل بتحقيق او يتحقق جزء منها فقط رغم ذلك لسبب َّل دخل ألرادة الفاعل فية بحيث لوَّل
هذه الضروف ألتمها و لوصل الى النتيجة الجرمية التي يريد تحقيقها من مسعاه اَّلجرامي .)2(.
وقد عرف المشرع اَّلردني الشروع التام في المادة (( ))70في قانون العقوبات اَّلردني بقولة ( اذا
كانت اَّلفعال الَلزمة َّلتمام الجريمة قد تمت ولكن لحيلولة اسبا مانعة َّل دخل َّلرادة فاعلها فيما لم تتم
الجريمة المقصودة ) .
أمثلة على الجريمة الخائبة ان يطلق الجاني الرصاص على الشخص الذي يريد ان يقتلة ولم يصبة او
يصيبة بغير مقتل فيعالج ويشفى وكمن يضع سماً في طعام اخر ليقتلة فيسعف المصاب ،ففي هذين المثالين
أستطاع الجاني ان يتم جميع اَّلعمال الَلزمة لتنفيذ الجريمة اَّل ان نتيجتها خابت ولم تتحقق ،لذلك سميت
الجريمة في هذه الحالة بالجريمة الخائبة او الشروع التام. )3(.
ورغم ان الشروع نوعان (ناقص وتام )اي جريمة موقوفة وجريمة خائبة ،فقد اخضعهما المشرع َّلحكام
واحدة في نص المادة ((. )4( . ))30
ونص المشرع العراقي في قانون العقوبات العراقي في المادة (( ( ))30البدء في تنفيذ فعل بقصد
ارتكاب جناية او جنحة …… اذا اوقف اخاب اثرة ……) وبذلك يكون القانون قد جعل الشروع الناقص
بحكم الشروع التام .
11
المبحث الثاني
اركان الشروع
اَّلصل ان يعاقب المشرع على الجرائم التامة وهي الجرائم التي تحققت لها عناصرها كما
يحددها نص القانون فأذا كانت الجريمة قتَل فيعاقب عليها اذا أتى الجاني فعَل من شأنة أحداث وفاة
المجني علية وتوافر له القصد الجنائي وتحققت فعَلً نتيجة الفعل بوفاة المجنى علية وان تربط هذه
النتيجة السلوك الذي اتاه الجاني بعَلقة السببية فأذا لم تتحقق النتيجة او تخلفت العَلقة السببية بين
الفعل و النتيجة فأن اَّلصل األعقاب على هذه اَّلفعال بيد ان المشرع قدر خطورة هذه اَّلفعال ولو
لم تتحقق النتيجة الضارة بالمصلحة التي يكلفها القانون فقرر العقاب في حالة أتيان سلوك معين من
شأنة اَّلعتداء على الحق او المصلحة التي يحميها القانون ولو لم تتحقق النتيجة لظروب خارجة عن
ارادة فاعلها وتحققت تللك النتيجة بالرغم من تخلف عَلقة السببية بين السلوك والنتيجة فعاقب
على هذه اَّلفعال في حدود معينة بأعتبارها مكونة لجريمة معينة وهي جريمة الشروع)1) .
وقد يبدو الشروع للوهلة اَّلولى كما يقرر البعض جريمة ناقصة أذ ان الشروع جريمة ينقصها
تحقق النتيجة وبالتالي فأن العقاب عليها يعد خروجا على القواعد العامة ،اَّل ان الحقيقة على خَلف
ذلك أذ ان الشروع يعتبر جريمة كاملة حدد لها المشرع أركانها الخاصة ونص على العقاب عليها في
نصوص واضحة .)2(.
و الشروع في الجريمة ثَلث اركان حسب نص المادة (( ))30من قانون العقوبات العراقي رقم
111لسنة 1969حسب المادة (( )) 30المعدل وهي ( الشروع هو البدء في تنفيذ فعل بقصد
ارتكاب جناية او جنحة اذا وقف او خاب اثرة َّلسباب َّل دخل َّلرادة الفاعل فيها . )…….
يظهر لنا من نص هذه المادة اهَل (تعريف الشروع ) انة لتحقيق حالة الشروع في الجريمة َّلبد من
توافر اَّلركان الثَلثة التالية وهي تسمى بأركان الشروع ،واركان الشروع هي :
-1الركن اَّلول :البدء بتفيذ الجريمة (وهو الركن المادي).
-2الركن الثاني :قصد ارتكاب جناية او جنحة (وهو الركن المعنوي ).
-3الركن الثالث :عدم اتمام الجريمة لسبب خارج عن ارادة الجاني)3) .
( )1القاضي محمد سمير ،الجريمة المستحيلة ،دار النهضة العربية ،2011 ،ص . 27
( )2المرجع نفسه ،ص . 28
( )3د.علي حسين خلف – د .سلطان عبد القادر الشاوي ،المرجع السابق ،ص 28
12
المطلب اَّلول
ان الركن المادي يتطلب البدء في التنفيذ َّلن الشروع َّل يقوم اَّل بعمل يجاوز مرحلة التحضير
للجريمة ويعد بدءاً في تنفيذها ،ألن التفكير في الجريمة والعزم عليها والتصميم على ارتكابها َّل يشكل شروعاً
فيها مهما كان هذا العزم ثابتاُ .فالقانون الجنائي َّل يعاقب على النوايا وما تضمره النفوس ،لذا أثار الخَلف
حول المعيار الثابت الذي يميز األعمال التحضيرية للجريمة وتلك التي تعد بدءاً في تنفيذها ،وبالرجوع الى
المعايير الفقهية التي قبلت في هذا الشأن تجد هناك معيارين هما :
) المعيار او المذهب الموضوعي و الشخصي) .)1( .
يرى أ نصار هذا المذهب ان الشروع هو البدء في تنفيذ الركن المادي للجريمة فأذا كانت الجريمة تتكون
من فعل واحد كان الشروع هو البدء في تنفيذ هذا الفعل ،وان كانت تستلزم عدة أفعال فالشروع فيها يكون
بأرتكاب احد هذه األفعال او على األقل البدء في أحدها ،و على ذلك يتكون الشروع في السرقة من وضع
اليد على المال المراد سرقته َّ ،لن الركن المادي لهذه الجريمة يتكون من األختَلس اي اخذ الشيء من حيازة
المجنى علية وادخاله في حيازة الجاني ،ويكون الشروع في القتل هو اعمال السَلح في المجني علية ،أما
مادون ذلك من األعمال فَل يعد شروعاً َّلنها َّلتدخل في الركن المادي للقتل وفقاً لتعريف القانون ،فمن
يدخل منزَّلً بقصد القتل َّل يعتبر شارعاً في القتل ألن دخول المنزل بقصد القتل َّل يدخل في الركن المادي
للجريمة .)2(.
( )1د.محمد صبحي نجم ،قانون العقوبات – القسم العام (النظرية العامة للجريمة ) ،دار الثقافة ، 2008،ص .232
( )2د .مصطفى كامل ،شرح قانون العقوبات العراقي -القسم العام في الجريمة والعقاب ،مطبعة المعارف ،بغداد ،
، 1949ص . 114
13
يمتاز هذا المعيار بوضوحه وبساطته أذ َّل يتطلب سوى الرجوع الى نص القانون وتعيين الفعل
الذي يحرمة والتحقق من بدء الجاني بأرتكابة ،غير ان هذا األتجاه يمتاز بالمغاَّلة في تضييق
المسؤولية الجنائية ،فتطبيقاً لهذا المعيار فأنة اذا ضبط شخص داخل منزل وهو يفتح الخزانة بقصد
سرقة مافيها َّل يعتبر شارعاً في جريمة السرقة َّلنة لم يبدأ بعد بفعل اَّلختَلس .)1(.
وذهب رأي اخر الى القول بأنه لمعرفة عما اذا كان التصرف من قبيل الشروع في الجريمة او
التحضير لها يتوقف على مدى أتجاه الفعل مباشرة نحو ارتكاب الجريمة او من شأنه خلق تلك
الظروف الَلزمه لها حيث ان التصرف الواحد يمكن ان يعتبر تحضيراً او شروعاً في الجريمة تبعاً
ألرتكاب تلك الجريمة محل البحث ،فعندما يلقي القبض على الشخص و هو يكسر قفل باب الشقة
فأنه يمكن ان يسأل عن جريمة الشروع في السرقة اذا كان قاصداً من ذلك السرقة ،او يسأل عن
التحضير لجريمة القتل اذا كان ينوي أرتكاب جريمة القتل للشخص في الشقة ،وكذلك يمتاز هذا
المعيار بالغموض ،حيث ان من الصعوبة في بعض اَّلفعال معرفة ما اذا كان الفعل يتجة الي جريمة
معينة بالذات ،سيما اذا كان للفعل اكثر من دَّلله واحدة ،او في الحاَّلت التي يجد فيها المتهم ان
من مصلحته أدعاء غير ما قصد فعلة . )2( .
( )1د .سامي النصراوي ،المبادئ العامه في قانون العقوبات الجزء اَّلول ( الجريمة ) ،الطبعة اَّلولى ، 1977 ،ص
. 238
( )2المرجع نفسه ،ص . 238
14
ثانيا :المذهب الشخصي
َّل ينظر اصحاب هذا المذهب الى الفعل المادي نفسه لتحديد طبيعة اَّلفعال التنفيذية ،وأنما ينظر
الى الفعل بقدر ما يعبر عن خطورة شخصية الجاني ،فالمهم ليس هو الفعل بحد ذاتة الذي يقوم به الجاني بل
الخطورة التي يكشف عنها هذا الفعل على الحق الذي يحمية القانون ،او بعبارة اخرى ان المرجع في الفعل
التنفيذي ،هو مقدار الخطورة التي وصلت اليها شخصية الجاني ،و ان دور الفعل الذي يقوم به َّل يتعدى
الكشف عن هذه الخطورة على الحق الذي يحميه القانون . )1( .
هذا لم يركز أهتمامه على الفعل وانما على خطورة الجاني وقصد اَّلجرامي ،وفي صياغة هذا المعيار
الشخصي تعددت محاوَّلت الفقهاء فمنهم من قال بأنة ذلك (( العمل الذي يدل على نيه اجرامية نهائية ))
و منهم من قال بأنة (( العمل الذي يمكن من عزم أجرامي َّل رجعة فيه ويكون قريباً من الجريمة َّل يفصلة عنها
اَّل خطوره يسيره لو ترك وشأنه لخطاها )) و ومنهم من قال بأنة (( العمل الذي يؤدي حاَّل ومباشرة الى
الجريمة )) . )2( .
وان هذا المعيار ( الشخصي ) هو الذي يطبقة القضاء المصري بعد تردد طويل بين المذهبين الموضوعي
و الشخصي ،وبناء على ذلك يعتبر القضاء من قبيل الشروع في السرقة ( :الدخول في مكان السرقة ،
محاولة الجاني في ذلك ،كسره من الخارج او ستورة او تسور منزل مَلصق له او أستعمال مفاتيح مصطنعة
للدخول فيه ،او أرتكاب اعمال العنف بقصد السرقة او أدخال المتهم يده في جيب المجنى عليه
. )3( . ) ............
في العراق يبدو من استعراض المادة (( )) 30من قانون العقوبات العراقي رقم 111لسنة 1969
المعدل ان المشرع العراقي لم يقصد التضييق في معنى البدء بالتنفيذ ،ودليلنا على ذلك قوله وهو يعرف
الشروع ( البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية او جنحة ) .
وبالتالي فهو َّل يشترط لتحقيق الشروع ،وفقا لهذا النص ان يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من اَّلفعال المكونة
للركن المادي للجريمة و اَّل قال بأن الشروع هو البذء في تنفيذ جناية او جنحة ،بل يكتفي لتحقيقة ان
يرتكب فعَل ( عمَل ) يدل على قصد الجاني في ارتكاب الجريمة ،اي اخذ بالمذهب الشخصي . )4( .
( )1د .عبود السراج ،قانون العقوبات – القسم العام ،جامعة دمشق ، 2000 ،ص . 204
( )2د .جَلل ثروت ،نظم القسم العام في قانون العقوبات ،طبعة منقحه ، 1999 ،ص . 294
( )3المرجع نفسه ،ص . 294
( )4د .علي حسين خلف – د .سلطان عبد القادر الشاوي ،المرجع السابق ،ص . 166
15
اما القضاء العراقي :فقد تبنت المحاكم الكبرى في العراق المذهب المادي ،بل اصدرت احياناً
احكاما أخذت فيها بمذهب هو أضيق حتى من المذهب المادي ،غير ان هذه األحكام لحسن الحظ نقضت
من قبل محكمة التمييز ،اما محكمة التمييز فأن أحكامها كانت قديما تتأرجح بين المذهبين المادي والشخصي
،غير ان احكامها اَّلن تميل كثيراً نحو األخذ بالمذهب الشخصي ،و هو المذهب المفضل لدى الفقة
الجانئي الحديث ،ألن األخذ به يؤدي الى التوسع في نطاق الشروع ،مما يدخل جميع الحاَّلت الجرمية في
نطاقة وبالتالي سد الثغرات التي يحددها تطبيق المذهب المادي ،تلك الثغرات التي تساعد على ان يهرب
كثير من المجرمين من العقاب ،وهو ما يكافحة القانون الجنائي الحديث . )1( .
( )1د .علي حسين خلف – د .سلطان عبد القادر الشاوي ،المرجع السابق ،ص. 167
16
المطلب الثاني
قصد ارتكاب جناية او جنحة ( الركن المعنوي )
يلزم ألعتبار األفعال التي أرتكبها المجرم شروعاً في الجريمة ،ان يكون المجرم قد قصد
بهذه اَّلفعال ارتكاب جناية او جنحة معينة ،لذلك َّليكمن ان يوجد شروع في المخالفات ،و
في الجرائم اَّلخرى غير العمدية كالقتل الخطأ ،وفي الجرائم العمدية ذات النتائج األحتمالية
كالضرب المفضي الى الموت ألن نتيجتها يجب ان َّل تكون مقصورة واَّل أصبحت قتَلً عمداً
لذلك َّل يتصور الشروع في هذه الجرائم بالوصف الذي يشمل النتيجة ،ويجوز أثبات القصد
الجائي بجميع طرق األثبات . )1( .
َّل فرق هناك بين الشروع والجريمة التامة فيما يتعلق بالركن المعنوي ،فكَلهما يتوافر فية
ذات القصد الجرمي ،فمن يريد ان يقتل أنسان تكون نيتة قد أنصرفت ألرتكاب فعل القتل ،
ومن يريد أن يقتل انساناً فيحول دون ذلك ظرف خارج عن أرادتة تكون نيتة ايضاً قد انصرفت
لقتله ،ويبنى على ذلك ان القصد الجرمي في الجريمة التامة و الشروع هو واحد َّل يتغير.)2( .
يكمن القصد الجنائي في توافر علم الجاني بعناصر الجريمة وبأنصراف نيتة الى ارتكابها
وصوَّلً الى النتيجة المحصلة لها ،لكنه َّل يستطيع الظفر بالنتيجة ألسباب خارجة عن ارادتة ،
والنقص هنا يصيب الركن المادي للجريمة وَّل يصيب الركن المعنوي فيها ألن الركن المعنوي
الذي يعد القصد الجرمي عنصراً منه ،يقوم على فقدان األدراك و فقدان األرادة يحوَّلن دون
المسؤولية الجزائية ذلك ألنه من المفروض وجودهما حرين سالمين ،اذ يكون القصد الجرمي
واحداً في الجريمة التامة و الشروع ووجة اَّلختَلف بينهما ينحصر في النتيجة ،و القصد الجرمي
يختلف يأختَلف الجرائم ففي جريمة القتل العمد ينصرف القصد الجرمي الى ازهاق روح أنسان
،و في جريمة السرقة ينصرف قصد الجاني الى أختَلس مال مملوك لغير الجاني عمداً وهكذا
يكون لكل جريمة قصدها الجرمي الخاص بها . )3( .
في هذه المادة حدد المشرع نوع الجريمة التي يكون فيها شروع وهي جناية او جنحة اي
ان مشرع العراقي حصر ذلك في الجناية و الجنحة و في هذه الحالة َّل يكون في المخالفات
شروعاً والسبب في ذلك لتفاهتها وعدم دَّللتها على خطوره مرتكبها ،وبهذا َّل يمكن ان يتصور
الشروع في الجرائم الغير عمدية (( جرائم األهمال أو الخطأ )) . )1( .
( )1د .عباس الحسني – عامر جواد علي المبارك ،قانون العقوبات ،القسم العام ،مطبعة سلمان األعظمي ،
بغداد ، 1968 ،ص . 175
18
المطلب الثالث
عدم اتمام الجريمة لسبب خارج عن أرادة الجاني
نصت المادة (( ))30من قانون العقوبات العراقي رقم 111لسنة 1969المعدل بأنة ( اذا اوقف او
خاب اثره َّلسباب َّل دخل َّلرادة الفاعل فيها ).
ان هذا الركن الثالث من اركان الشروع الواجب تحققه لتوافر الشروع المعاقب علية وهو لزوم أيقاف
التنفيذ ألسباب خارجة عن أرادة الجاني ،فأذا كان توقف تنفيذ الجريمة التي بدأت راجعاً الى عدول الفاعل
اَّلختياري فَل تثريب علية او البدء بالتنفيذ يقوم به المتهم ومع ذلك َّل تتحقق نتيجة الجريمة التي سعى اليها
وذلك بسبب خارج عن ارادته فيحصل الشروع و يعاقب علية وفق القانون ،وهذه اَّلسباب التي تضغط على
ارادة الجاني وتمنعه من المضي في جريمته او اثرها انها تمنع من اتمام الجريمة لقيام عارض مادي يعتبر بمثابة
قوة خارجية تعيق الفاعل عن تكملة عملة ،مثل شخص يحاول قتل أخر اَّل ان الخصم أقوى منه فتتمكن من
نزع المسدس من يده .)1(.
لكي يتحقق الشروع في الجريمة َّلبد من ان يكون اتمامها لسبب خارج عن ارادة الفاعل ،اما اذا كان
السبب يعود الى الفاعل اي الى محض ارادتة فَل عقاب علية ( العدول اَّلختياري ) ،اذا عدل الشخص عن
اتمام جريمته عدوَّلً طوعياً ،وفي الوقت المناسب فَل عقاب علية ،كمن يصوب بندقيته الى خصمه وقبل ان
يطلق النار علية يحجم بأرادته هو عن اتمام فعله ،فأن هذا الشخص َّل عقاب علية .)2(.
ولكن يشترط في العدول ان يكون اختيارياً ،اي ان يكون مصدره الوحيد هو ارادة الجاني نفسه ،وَّل اهمية
هنا لبواعث العدول واسبابة ،فقد يكون الباعث هو الندم والتوبة ،اما اذا وصل الفاعل الى مكان الجريمة
عندئذ عن شروع بالقتل وراى رجال الشرطة فَلذ بالفرار وارجأ ارتكاب فعله ،فان عدوله َّل يعد اختياريا و
،والعدول اَّلختياري له زمن محدد َّليمكن تجاوزه واَّل اصبح العدول غير ذي اثر كمن يسرق منزَّل ثم يعيد
اَّلشياء المسروقة الى مكانها ،فأذا عدل الفاعل بعد اكمال عناصر الشروع فأنه يظل مسؤوَّل عن فعله ولكن
يستفاد من ندمه اَّليجابي بأعتباره ظروفا مخففاً ويعود ذلك لتقدير القاضي .)3(.
)1د .حميد السعدي ،قانون العقوبات ،القسم العام ، 1969 ،ص . 185
)2د .عبود السراج ،المرجع سابق ،ص . 209
)3المرجع نفسه ،ص . 209
19
وعدول الجاني بأختيارة عن أتمام الجريمة يكون في الغالب في صورة الجريمة الموقوفة ،غير ان قد
يكون ايظاً في صورة الجريمة الخائبة بأن يعمل الجاني علي تخييب اثر فعله بنفسة كما لو حاول قتل اخر عن
طريق اغراقه و بعد ان يلقيه في اليم يعدل عن قصده فيبادر الى انتشاله وتخليصه من الغرق ،وفي هذه الحالة
يشترط لتحقيق العدول اَّلختياري المزيل للشروع ان يكون عمل الجاني في سبيل الجريمة مما يمكن تداركه
بعد وقوعه وقبل ان ينتج اثره حتى يكون لسعيه في منع نتيجة اثره ،وفي خَلف ذلك فيما اذا كان الفعل َّل
يمكن تدراكه وكان كافياً بذاته ألحداث الجريمة المقصودة ولكن خاب أثره لظروف خارج عن أرادة الفاعل فان
مرتكبة يعد شارعاً في الجريمة وَّل يجدية في هذه الحالة عدولة عن معاودة الكره على ارتكابه كما لو اطلق
شخص الرصاص على اخر بقصد قتله فأخطاه غير انه لم يطلق علية رصاصة اخرى بعد اَّلولى َّلنة عدل عن
اتمام جريمته في هذه الحالة يسأل الجاني عن الشروع في القتل .)1(.
) )1د .علي حسين الخلف – د.سلطان عبد القادر الشاوي ،المرجع السابق ،ص . 172
20
المبحث الثالث
العقاب على الشروع في الجريمة
تختلف التشريعات بخصوص مدى العقاب في حالة الشروع في الجريمة ،فبعضها تقضي بالمساواة في
العقاب بين الشروع والجريمة التامة كالقانون الفرنسي الصادر 1810والصادر 1830و البولوني الصادر
، 1932والبلغاري لسنة 1951والتونسي لسنة 1964والجزائري ، 1966في حين تذهب تشريعات الى
السير باألخذ بمبدأ تخفيف العقاب في حالة الشروع كالقانون اَّليطالي لسنة 1930و البلجيكي لسنة
1867وقانون العقوبات الصادر في رومانيا 1938و الدنماركي 1933والقانون العراقي رقم 111لسنة
. )1( . 1969
المطلب االول
عقوبة الشروع في الجريمة
بعد ان بينا في المبحث اَّلول مفهوم الشروع في الجريمة وتكلمنا ايظاً عن أنواع الشروع
وتكلمنا عن اركان الشروع في الجريمة ،فَلبد لنا من ان نتكلم عن العقوبة في هذا المبحث .
تختلف التشريعات الجنائية في عقاب الشروع فتذهب الغالبية العظمى من التشريعات الجنائية
الى تقدير عقوبة للشروع اخف من عقوبة الفعل التام ومن بين هذه التشريعات التشريع العراقي حيث
ميز بين الشروع والجريمة التامة ،فيخفف من عقاب الجريمة الموقوفة ويفرض أشد العقاب على
الجريمة الخائبة ،اما الجريمة التامة فتلقى اشد من الجريمة الخائبة .)2(.
اما وفقاً لقانون العقوبات العراقي رقم 11لسنة 1969فهي اخف من عقوبة الجريمة التامة حيث
حددت المادة ( )31من قانو العقوبات العراقي اَّلتي :
( )1د .سامي النصراوي ،المبادئ العامة في قانون العقوبات ،الجزء اَّلول ( الجريمة ) ،الطبعة اَّلولى ،
، 1977ص. 252
()2د.عبد الرحمن الجوراني ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،الطبعة اَّلولى ،النهضة العربية ،ص.171
21
وتفسير هذا التمييز في العقوبة الشروع َّل ينال باألعتداء على الحق الذي يحمية القانون وأنما
يقتصر على مجرد تهديده بالخطر ،والخطر أقل أضراراً بالمجتمع في األعتداء اي ان الشروع اقل
ضراراً من الجريمة التامة ،غير ان هناك بعض التشريعات القليلة بين عقاب الجريمة و الشروع فيها ،
ويمكن تفسير هذا الموقف انه أعتداء بالجانب الشخصي للجريمة في تحديد عقابها و القول بأن
األرادة اَّلجرامية تتوافر في الجريمة التامة ،فأن كانت األرادة أساس العقوبات فَل مفر من القول
بايجاد هذا األساس في الحالتين و من ثم يجب التوحيد بين عقاب الجريمة والشروع فيها ،الشروع
في الجريمة هو ان باتي الفاعل بقصد أرتكاب الجريمة عمَلً من شأنه ان يؤدي مباشرة الى اقترافها ،
وذلك اذا لم تتم ،و َّليعد شروعاً مجرد العزم على أرتكاب الجريمة او اَّلعمال التحضيرية لها او
محاوله أرتكابها . )1( .
اما المادة ( )32من قانون العقوبات العراقي رقم 111لسنة 1969فقد نصت على
العقوبات التكميلية و التبعية و التدابير األحترازية المقررة للجريمة التامة بقولها (( تسري على الشروع
اَّلحكام الخاصة بالعقوبات التبعية و التكميلية و التدابير اَّلحترازية المقررة للجريمة التامة ))
فالمسؤولية الجانئية هنا َّل تقتصر على الفاعل اَّلصلي وانما تمتد لغيرة من المساهمين
اَّلصليين و التبعيين كما لو كانت الجريمة التامة ،ومما يجدر ذكره انه َّل شروع في الجرائم غير
عمدية و َّل شروع في الجرائم ذات النتائج اَّلحتمالية و َّل شروع في المخالفات ،اما العقوبة المقررة
لها وفقاً لقانون العقوبات العراقي فهي أخف من عقوبة الجريمة التامة و هذا ما حددتة المادة ()31
السابقة الذكر .)2( .
---------------------------------------------------
( )1د .جمال ابراهيم الحيدري ،شرح أحكام قانون العقوبات ،القسم الخاص ،طبعة اَّلولى ،دار السنهوري ،
، 2001ص . 213
( )2د .البير صالح ،الشروع في الجريمة في التشريع المصري المقارن ،مطبعة النهضة ،مصر ، 1949 ،ص.118
22
من التشريعات الجزائية ما قضت بوجوب العقاب على الشروع بعقوية الجريمة التامة كما هو
الحال بالنسبة للقانون اللبناني ( م ) 200و السوري ( م – ) 199بالنسبة للجنايات دون
الجنح وذلك على تفصيل في اَّلمر ( ، ) 29مقيمة في ذلك اختيارها على تغليب الجانب
الشخصي من هذه الجريمة و هو توافر صفة الخطورة في مرتكب الشروع الذي لوَّل أيقاف نشاطة
اَّلجرامي او خيبته في تحقيق النتيجة لما تهاون في أدراكه لها و القيام بها كاملة . )1( .
اَّل أنه يَلحظ بأن غالبية القوانين تعاقب على الشروع بعقوبة أخف من الجريمة التامة كما هو
الحال بالنسبة لقانون العقوبات العراقي ( م ) 31و المصري (م ) 46مقيم اختيارها التشريعي
هذا على تخلف النتيجة الضارة او ضالتها قياساً على جسامة النتيجة فيما لو تمت الجريمة كاملة.
(. )2
وَّلبد لنا منة اَّلتيان ببعض القرارات القضايئية الصادرة من محكمة التمييز على عقوبة
الشروع الواردة في المادة ( ) 30عقوبات عراقي ،فقد صادقت محكمة التميز قرار محكمة
جنايات الكرادة ،القاضي بتجريم المتهم ( ي ) وفق المادة / 443ثالثاً /و خامساً 31 /
عقوبات عراقي المعدلة بالقرارات 1634لسنة 1980و 95لسنة 1994ألشتراكة بالشروع
بسرقة مكتب المشتكي ( ن ) وحكمت علية بالسجن المؤبد في حين ان العقوبة السرقة هي
اَّلعدام ،تطبيقاً للفقرة ( )1من المادة اعَله . )3( .
23
علة العقاب على الشروع في الجريمة :
يهدف القانون الى تنظيم المجتمع و تحقيق األمن و الطمأنينة ألفراده و المحافظة على حقوقهم
وحرياتهم ،ولذلك فأن المشرع عندما يجرم سلوكاً معيناً فانما يجرمة لمساسه بحق او مصلحة جديرة بالحماية
الجنائية ،و الجرائم القتل و الضرب و الجرح و اَّلجهاض و جرائم اَّلعتدء على العرض و السرقة و النصب
و خيانة اَّلمانة و الرشوة و غيرها ،و في مقابل تلك الجرائم توجد جرائم اخرى يطلق عليها الفقة جرائم
الخطر وهي تلك ال تي َّل تلحق الضرر بالمصالح التي يحميها القانون و أنما تعرضها للخطر مثل جرائم الشروع
و جرائم تعريض اَّلطفال للخطر بتركهم في مكان خال من األدميين او مكان معمور باألدميين ،و جرائم
تعريض وسائل النقل العام للخطر ،وهذه الجرائم َّل يتطلب المشرع ان ينشأ عنها ضرر معين وانما يفترض
بمجرد حدوثها تتعرض المصلحة التي يكفلها القانون للخطر . )1( .
24
المطلب الثاني
الجريمة المستحيلة هي التي َّل يمكن تحققها اي مستحيل ان تتم او ينتج الغرض منها ،و َّل
يرجع السبب في هذه األستحالة لعمل المتهم بل يرجع الى سبب خارج عن أرادته ،و الجريمة المستحيلة
تشبة الشروع أذ أنه في كليهما يبدأ المتهم في تنفيذ فعل بقصد أرتكاب جناية او جنحة و يخيب أثر هذا الفعل
لسبب َّل دخل ألرادة المتهم فية ،و لكن مع ذلك الغرض في الجريمة المستحيلة يستحيل تحققه مهما بذل
المتهم ،فالشخص الذي يريد ان يقتل اخر فيطلق علية عياراً نارياً فيصيبة ولكن يتبين ان المصاب كان متوفي
قبل اصابتة بمدة ،في هذه الحالة من المتسحيل تحقق غرض المتهم ألن القتل يستلزم لتحققة وجود أنسان
حي ألحداث أثرة . )1( .
و قد عرف الفقة الجريمة المستحيلة بأنها هي الجريمة التي لم تتحقق نتيجتها لتخلف محل الجريمة
او عدم صَلحية الوسائل المستخدمة من قبل الفاعل . )2( .
الجريمة المستحيلة هي الشروع في أرتكاب فعل يستحيل على الفاعل تحقيق نتيجتة ،كمن يضع
شخص يده في جيب شخص اخر ليأخذ ما فية فيكون الجيب خالياً . )3( .
و قد عرف الفقهاء الشريعة اَّلسَلمية الجريمة المتحسلة وأشترطوا لتحقيق جريمة القتل ان يكون
المجنى علية على قيد الحياة وقت أثبات الجاني لفعل األعتدء علية بقصد قتلة . )4( .
( )1د .محمد زكي ابو عامر ،قانون العقوبات ،القسم الخاص ،الطبعة اَّلولى ،دار النهضة ،بيروت ، 19811 ،ص
. 115
( )2القاضي محمد سمير ،المرجع السابق ،ص . 104
( )3د .عبود السراج ،المرجع السابق ،ص . 211
( )4د .البير صالح ،المرجع السابق ،ص . 117
25
عقاب الجريمة المستحيلة :
أختلف الكتاب في العقاب على الجريمة المتسحيلة مما ادى الى ظهور مذاهب متعددة في
ذلك :
المذهب اَّلول
( المذهب المادي او الموضوعي )
يذهب أنصار هذا المذهب الى عدم المعاقبة على الجريمة المستحيلة ،وحجتهم في ذلك
تستند الى ان المشرع في الجريمة يستلزم البدء بتنفيذ فعل اَّلمر الذي يستحيل تصوره طالما كان
أرتكاب الجريمة أصَلً مستحيَلً ،و بمعنى أخر انه طالما كان الركن المادي للجريمة المستحيلة َّل
يمكن أرتكابه فأنه َّل جريمة و بالتالي َّل يمكن المعاقبة على جريمة َّل يمكن ان تقع . )1( .
المذهب الثاني
(المذهب الشخصي )
يرى أنصار هذا المذهب ( الشخصي ) على عكس مما سبق ،العقاب في حاَّلت جميع
األستحالة ،على انه يكفي ان يكون الفعل صالحاً لترتيب النتيجة في ذهن الجاني و عقيدتة هو َّل
في ذهن أنسان سواة . )2( .
المذهب الثالث
هذا المذهب مضمونة التميز بين نوعين من األستحالة هما ( األستحالة القانونية و األستحالة المادية)
حسب رأي هذا المذهب يرى ان اَّلستحالة القانونية عندما تفقد الجريمة ركنها القانوني ،اي
ينتفي ركن من أركان الجريمة الى جانب النتيجة ،مثل أخذ مال مملوك لمن يأخذة و هو يظن انه
لغيرة ،و حالة من يطلق الرصاص على ميت بقصد قتلة و يتبين انه ميت و هو َّل يعلم بوفاته ،او
خنق وليد ولد ميتاً . )3(.
( )1د .ضاري خليل محمود ،المرجع السابق ،ص . 90
( )2د .جَلل ثروت ،المرجع السابق ،ص . 305
( )3د .عبود السراج ،المرجع السابق ،ص . 212
26
اما األستحالة المادية ،فتنشأ عن ظروف مادية جعلت النتيجة غير ممكنة التحقيق
،اي تتحقق عندما تتوفر كافة أركان الجريمة و عناصرها المكونة عدا النتيجة ،مثل عدم
وجود المجنى علية في المكان الذي توقع الجاني وجود المجنى علية في المكان الذي
توقع الجاني وجوده فيه او كعدم صَلحية الوسيلة ألحداث النتيجة ،و كذلك محاولة
سرقة من جيب خال ،او وضع مادة سامة في طعام شخص فَل يتأثر فية ألن الكمية
الموضوعة غير كافية ألحداث الموت . )1( .
المذهب الرابع
قال أنصار المذهب الشخصي الذين يرون ان الحكمه من العقاب على الشروع هي
مواجهة الخطورة اَّلجرامية التي يكشف عنها سلوك الجاني ،فما دام سلوك الجاني يكشف
بوضوح عن أتجاه أرادتة ألرتكاب الجريمة ،فهو يستحق العقاب سواء كانت النتيجة ممكنة
او مستحيلة و اياً كانت درجة أستحالتها ،الحاَّلت على سذاجة الفاعل ،مما ينفي
خطورتة كمحاول قتل شخص عن طريق السحر و الشعوذة . )2( .
27
اما ما يخص العقوبة للجريمة المستحيلة وفقاً للقانون العراقي :
نص قانون العقوبات العراقي رقم 111لسنة 1969المعدل في المادة (( )) 30
منه (( .........ويعتبر شروعاً في ارتكاب الجريمة كل فعل صدر بقصد ارتكاب جانية او
جنحة مستحيلة التنفيذ اما لسبب يتعلق بموضوع الجريمة او بالوسيلة التي استعملت ارتكابها
مالم يكن اعتقاد الفاعل صَلحية عمل ألحداث النتيجة مبنياً على وهم او جهل مطبق )) .
يتضح لنا من تحليل هذا النص ان الجريمة المستحيلة تعتبر شروعاً وفقاً للقانون العراقي اذا
توفرت الشروط اَّلتية :
معنى ذلك انه َّل يمكن المعاقبة عن الجريمة المستحيلة اَّل اذا كانت من نوع الجنايات و
الجنح ،ام المخالفات فأنها لبساطتها َّل تكون محَلً المعاقبة على مرتكبها اذا كانت مستحيلة
التنفيذ ،كونها َّل تتم عن خطورة مرتكبها كما هي الحالة بالنسبة للجنايات و الجنح . )1( .
– 2استحالة تحقيق الجريمة لسبب يتعلق اما بموضوع الجريمة او بالوسيلة المستخدمة :
تتحقق اَّلستحالة بسبب الموضوع ،كما لو اطلق الفاعل النار على المجنى علية و لكنة
ثبت انه قد مات قبل اطَلق الرصاص ،وتتحقق الجريمة المستحيلة بسبب وسيلة ارتكابها و
كمن يطلق من المسدس معين اطَلقات لقتل عدوه اَّل انه يتضح بأن المسدس مجرد مسدس
صوت او غير حقيقي . )2( .
28
– 3اَّل تكون الجريمة وهمية :
يشير النص القانوني الى ان الجريمة المستحيلة َّل تعتبر شروعاً متى ما كانت
اَّلستحالة فيها راجعة الى اعتقاد الفاعل المبني على الوهم او الجهل المطبق ،وهذا يسمى
في الفقة الجريمة الوهمية التي يقتصر تأثير الركن المادي فيها بوصفة عمَلً جنائياً على
الفاعل وحده بمعنى ان الفعل الذي يصدر عن المتهم َّل يتضمن مظهر الجريمة من الناحية
المادية الفعلية اَّل في تصوره او مخيلتة فقط ،مثل حال من يواقع أمرأه برضاها و هو يظن
انها متزوجة ثم يتبين انها مطلق او ارملة . )1( .
لم يخل القضاء العراقي من تطبيقات الجريمة المستحيلة و القضايا اَّلتية
– 1في قضية اطلق المتهم النار على المشتكي طلقتين من مسدسة و لم تنفجر
األطَلقتان فأمسك به المشتكي ومنعة من اطَلق النار وأخذ المسدس منه ،وان
محكمة الجنايات عدت هذه الجريمة شروعاً بالقتل ،وقد صادقت محمكة التميز على
هذا القرار في القضية المرقمة ( / 277جنايات ) 1960 /مبينة في قرارها ان هذه
الواقعة تثل استحالة نسبية راجعة للوسيلة . )2( .
– 2و في قرار اخر عدت محكمة التميز الفعل شروعاً بالقتل عندما توجة الجاني نحو
المجنى علية فضربة بيده ثم سحب سكيناً من حزامة و هوا بها على المجنى علية
مرتين و لم يصيبه لكنه مزق سترته ،و هرب المجنى علية الى داخل المقهى فتبعة
الجاني اَّل انه لم يدركة ،قرار محكمة التميز المرقم / 1588جنايات 68 /المؤرخ
. )3( . 1968 / 10 / 27
29
الخـ ـ ــاتـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ــة
ان الجدل الفقهي الذي ثار حول هذا الموضوع ان دل على شيء انما يدل على خطورة هذا الفعل
وأهميته العملية التي نجد تطبيقات كثيرة في العمل القضائي فيما بعد بدءأً في التنفيذ يعاقب علية ،وبين ماهو
عمل تحضيري َّل عقاب علية .
أ هتمام الفقهاء بالتفرقة بين الجرائم التامة والجرائم غير التامة والعمل التحضيري والبدء في التنفيذ ،
والعدول اَّلختياري والجريمة المستحيلة هذه كلها أمور ساهمت في تحديد اَّلعمال التي يعد من قبيل الشروع
وحددت اي شروع يمكن العقاب علية والمشرع الجزائي كغيره من المشرعين نص على الشروع وعاقب علية
هذا َّلن الشروع يهدد مصلحة المجتمع َّلن عملة اذا لم يوقف لسبب يجهله فأن النتيجة ستتحقق وبالتالي
يكون أستهدف المجتمع .
بعد اَّلنتهاء من البحث توصلنا الى اهم النتائج وكما يلي :
-1ان الجريمة قد َّل تتحقق في صورتها التامة ولكن قد تقف افعال الجناة عند التحضير واَّلعداد او قد
يشرعوا في تنفيذ الجريمة غير انها َّل تتم ألسباب خارجة عن ارادة الجناة .
-2الشروع بوجة عام نموذج خاص لجريمة تتحقق نتيجتها ،او سلوك غير مفضي الى النهاية التي كان
الجاني يسعى الى بلوغها ،متى كان عدم تحقق تلك النتيجة راجعا تحقق تلك النتيجة راجعاً الى
سبب غير ارادي ،فالجاني في هذا النموذج قطع شوطا ملموساً على طريق اتمام الجريمة .
-3القانون يعاقب على اَّلفعال المادية التي تتطابق مع نص التجريم والتي تكون ماديات الجريمة ،
فالقانون َّل يعاقب على النوايا مهما كانت اجرامية دون ان يعبر عنها بفصل مادي ،حيث تدعى
العَلقة السببية ويسبق السلوك اَّلجرامي .
30
ال ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـق ـتـ ـ ـ ــرحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات :
31
المصادر و المراجع
القران الكريم
– 1أبراهيم مصطفى _ احمد حسن الزيات _ حامد عبد القادر _ محمد علي النجار ،المعجم
الوسيط ،الجزء اَّلول والثاني من اول الهمزة الى اخر الضاد .
– 2أكرم نشأت أبراهيم ،موجز اَّلحكام العامة في قانون العقوبات العراقي ،مطبعة المعارف ،
بغداد . 1969 ،
– 3البير صالح ،الشروع في الجريمة في التشريع المصري المقارن ،مطبعة النهضة ،مصر ،
. 1949
– 4جمال أبراهيم الحيدري ،شرح احكام قانون العقوبات ،القسم الخاص ،طبعة اَّلولى ،دار
السنهوري . 2001 ،
– 5جَلل ثروت ،نظم القسم العام في قانون العقوبات ،طبعة منقحه . 1999 ،
– 6حميد السعدي ،قانون العقوبات ،القسم العام . 1969 ،
_ 7سامي النصراوي ،المبائ العامة في قانون العقوبات ،الجزء اَّلول ( الجريمة ) ،مطبعة اَّلولى
. 1977 ،
– 8ضاري خليل محمود ،البسيط في شرح قانون العقوبات ،القسم العام ،الطبعة اَّلولى ،
. 2002
– 9عباس الحسني _ عامر جواد المبارك ،قانون العقوبات ،القسم العام ،مطبعة سلمان األعضي
،بغداد . 1968 ،
– 10عبد الستار البزركان ،قانون العقوبات القسم العام بين التشريع و الفقة و القضاء ،بدون دار
نشر و مكان و زمان نشر .
32
– 11عبد الرحمن الجوراني ،شرح قانون العقوبات ،القسم العام ،الطبعة اَّلولى ،دار النهضة
العربية . 1985 ،
– 12عبد القادر الَلمي ،معجم المصطلحات القانونية ،الطبعة اَّلولى ،بغداد . 1990 ،
– 13علي حسين خلف _ سلطان عبد القادر الشاوي ،المبادئ العامة في قانون العقوبات ،
بيروت . 2015 ،
– 14عبود السراج ،قانون العقوبات ،القسم العام ،جامعة دمشق . 2000 ،
– 15فتوح عبد اهلل الشاذلي ،قانون العقوبات ،القسم العام ،دار المطبوعات الجامعية .1998 ،
– 16فخري عبد الرزاق الحديثي _ خالد حميد الزعبي ،شرح قانون العقوبات ،القسم العام ،
الطبعة اَّلولى ،دار الثقافة . 2010 ،
– 17كامل سعيد ،شرح اَّلحكام العامة في قانون العقوبات ،دار العلمي الدولية و دار الثقافة ،
الطبعة اَّلولى . 2002 ،
– 18محمد الحيدري ،معجم اَّلفعال المتداولة و موطن استعمالها .
– 19محمد زكي ابو عامر ،قانون العقوبات ،القسم الخاص ،الطبعة اَّلولى ،دار النهضة ،
بيروت . 1981 ،
– 20محمد سمير ،الجريمة المستحيلة ،دار النهضة العربية . 2011 ،
– 21محمد صبحي نجم ،قانون العقوبات ،القسم العام ( النضرية العامة للجريمة ) ،دار الثقافة ،
. 2008
– 22محسن ناجي ،اَّلحكام العامة في قانون العقوبات شرح على متون النصوص الجزائية ،مطبعة
العاني ،الطبعة اَّلولى . 1974 ،
– 23محروس نصار الهيتي ،النتيجة الجرمية في قانون العقوبات ،الطبعة اَّلولى . 2011 ،
– 24مصطفى كامل ،شرح قانون العقوبات العراقي ،القسم العام في الجريمة والعقاب ،مطبعة
المعارف ،بغداد . 1949 ،
– 25مصطفى مجدي هرجة ،التعليق على قانون العقوبات في ضوء الفقة والقضاء ،دار
ثانياً :القوانين
34