Professional Documents
Culture Documents
مطبوعة مقياس التحكيم التجاري الدولي
مطبوعة مقياس التحكيم التجاري الدولي
قسم الحقوق
"
مقدمة:
0
على الرغم من أن التحكيم كان سابقا عن ظهور القضاء ،بسبب تأخر ظهور الدولة
بمختل ف س لطاتها ،إال أن ه لم يالق الص دى الواس ع ال ذي يش هده خالل الس نوات األخ يرة،
حيث شهد التحكيم عدة تطورات نتيجة زيادة االهتمام به كوسيلة بديلة لتسوية المنازعات،
ولق د لعبت المنظم ات الدولي ة دورا كب يرا في تنظيم التحكيم حيث س ارعت إلى تنظيم ه من
خالل إبرام المعاهدات و االتفاقيات الدولية التي تهتم بمختلف جوانب التحكيم ،و لم تكتف
بهذا الحد فقد تم وضع قانون نموذجي ،و تم إنشاء عدة مراكز للتحكيم.
و ق د ع رف النظ ام الق انوني الجزائ ري مرحل تين متب اينتين من التحكيم التج اري
ال دولي ،ففي المرحل ة األولى ال تي تم يزت بالع داء واإلنك ار له ذا النظ ام ت بريرا بأولوي ة
الس يادة لم يتخ ذ المش رع الجزائ ري موقف ا واض حا وال مح ددا في ش أن أولوي ة الق انون
والقضاء الوطنيين على حساب التحكيم ،إذ نظريا و تشريعيا ،خاصة من خالل المادة (
)3/ 442من قانون اإلجراءات المدنية الملغى( ،)1يظهر رفض التحكيم التجاري الدولي،
لكن تطبيقي ا وواقعي ا أظه رت الجزائ ر موقف ا آخ ر إذ يظه ر لج وء الجزائ ر إلى التحكيم
التجاري الدولي خاصة اإلتفاقي في العديد من المناسبات ،بدليل احتاللها المرتبة الثالثة بين
ال دول العربي ة في رجوعها إلى هذه الوسيلة بعد كل من مصر والعربية السعودية ،وهذا
تن اقض واض ح بين النص وص القانوني ة من جه ة و الواق ع التط بيقي (اتف اق التع اون بين
الجزائ ر و فرنس ا في 26/06/1963وال تي نص ت مادته ا الثالث ة على جع ل النظ ر في
النزاعات الناشئة بين الدولتين من اختصاص محكم ة التحكيم الدولي ة ،وأن الحكم التحكيمي
نافذ دون حاجة لإلجراءات التنفيذية وهذا في اإلقليمين الجزائري و الفرنسي).
األم ر رقم ( )66/154الم ؤرخ في ،08/07/1966المتعل ق بق انون اإلج راءات المدني ة الملغى ،الجري دة الرس مية، )(1
إال أن هذا التحول لم يخل من النقائص و السلبيات ،نتيجة عدم دقة الصياغة ووجود
فراغ ات قانوني ة أدت إلى الق ول بقص ور ه ذا الق انون عن اس تجابته لك ل اإلش كاليات ال تي
يمكن أن تطرح أمام المحكم .
والنقائص السالفة الذكر تعكس ال محالة الظروف التي تم فيها إصدار هذا المرسوم،
لكونه صدر في مرحلة إنتقالية تميزت بالسرعة وعدم اإلستقرار(.)3
وفي إط ار اإلص الحات القانوني ة ،ص در الق انون رقم ( )08/09المتض من ق انون
،الذي ألغى ()4
اإلجراءات المدنية واإلدارية ،الذي دخل حيز التنفيذ في 25أفريل 2009
األمر ( )66/154السالف الذكر و خصص الباب الثاني من الكتاب الخامس للتحكيم.
)(1المرس وم الرئاس ي رقم ( )88/233الم ؤرخ في 13/11/1988المتض من انض مام الجزائ ر بتحف ظ إلى اإلتفاقي ة ال تي
ص ادق عليه ا م ؤتمر األمم المتح دة في نيوي ورك بت اريخ ،10/06/1958الجري دة الرس مية الع دد 48بت اريخ
.23/11/1988
)(2المرس وم التش ريعي رقم ( )93/09الم ؤرخ في ،25/04/1993المع دل والمتمم لألم ر رقم ( ،)66/154الم ؤرخ في
،08/07/1966والمتضمن قانون اإلجراءات المدنية الملغى ،الجريدة الرسمية ،العدد ،27بتاريخ .27/04/1993
)(3محمد كوال ،تطور التحكيم التجاري الدولي في القانون الجزائري ،منشورات بغدادي ،الجزائر ، 2008 ،ص.273
)(4القانون رقم ( )08/09المؤرخ في ،25/02/2008المتعلق بقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،الجريدة الرسمية،
العدد ،21بتاريخ .23/04/2008
2
من خالل ه ذه الدراس ة س نتطرق إلى أربع ة مح اور هام ة نظمه ا المش رع من خالل
الق انون ( )08/09الس الف ال ذكر و المتمثل ة في ماهي ة التحكيم ،إتف اق التحكيم والهيئ ة
التحكيمية ،إجراءاته والقانون الواجب التطبيق وأخيرا حكم التحكيم .
وسنتطرق إلى مفهوم التحكيم من خالل تعريفه وطبيعته القانونية التي ال تزال محل
إختالف ،وكذا أنواع التحكيم ومزايا ومساوئ هذا األخير.
أغلب التشريعات لم تتطرق لتعريف التحكيم ،كما اختلف الفقهاء في طبيعته القانونية
م ا بين النظري تين األحادي ة والثنائي ة ،فمنهم من اس تند على س لطان اإلرادة كمص در لنظ ام
التحكيم وآخرون ركزوا على طبيعته القضائية.
كم ا تختل ف أن واع التحكيم بحس ب إلزاميت ه من ع دمها ،ومن حيث نطاق ه ،والتقي د
بالقانون من عدمه.
لم تض ع ق وانين المرافع ات وال ق وانين التحكيم تعريف ا موح دا لنظ ام التحكيم ،واكتفت
بتقري ر مش روعيته كطري ق ب ديل لح ل النزاع ات ،وح ددت ش روط االتف اق علي ه وقواع د
اإلجراءات ،وأشكال األحكام وطرق الطعن فيها وتنفيذها.
كما اختلفت اآلراء الفقهية في تحديد الطبيعة القانونية للتحكيم ،فهناك من اعتبره ذو
طبيع ة تعاقدي ة ،وآخ رون ي رون أن ه ذو طبيع ة قض ائية ،وهن اك من جم ع م ا بين ال رأيين
()1
واعتبره ذو طبيعة مختلطة ،وهناك من يرى بأنه ذو طبيعة مستقلة.
سحر عبد الستار يوسف ،المركز القانوني للمحكم ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ،2006 ،ص )(1
.39ك ذلك س يد أحم د محم ود ،نظ ام التحكيم ،دراس ة مقارن ة بين الش ريعة اإلس المية والق انون الوض عي ،دار النهض ة
العربية ،القاهرة ،مصر ،2000 ،ص.39
3
المطلب األول :تعريف التحكيم
وفيه نتطرق إلى تعريف التحكيم لغة واصطالحا على النحو التالي:
ان لف ظ التحكيم في اللغ ة العربي ة ه و مص در الفع ل حكم بتش ديد الك اف ،أي حّك مت
فالنا في مالي تحكيما ،أي فوضت إليه الحكم فيه.
والمحّك م بتشديد الكاف ،هو الشخص الذي يسند إليه الحكم في الشيء ،والحَك م بفتح
الحاء والكاف بنفس المعنى أي من يختار الفصل بين المتنازعين ،و الحكم اسم من أسماء
اهلل تعالى.
وقد تأثرت التعريفات الشرعية بذلك التحديد اللغوي ،فقد قيل بأن التحكيم هو اختيار
الشخص لغيره حكًم ا ،فيكون الحَك م فيما بين الخصمين كالقاضي في حق كافة الناس (.)1
لم تضع غالبية األنظمة القانونية تعريفا للتحكيم ،ومنها المشرع الجزائري و اكتفت
باإلشارة إلى عناصر التحكيم ،مما فتح الباب أمام اجتهادات الفقه .
فقد عّر فه بعض الفقه بأنه االتفاق على طرح النزاع على شخص أو أشخاص معي نين
ليفصلوا فيه دون المحاكم المختصة (.)2
وق د عرف ه البعض أيض ا بأن ه عق د يتف ق األط راف بمقتض اه على ط رح ال نزاع على
محكم شخص ،أو أشخاص يختارونهم للفصل في النزاع دون المحكمة المختصة(.)3
)(1أحم د عب د الك ريم س المة ،التحكيم في المع امالت المالي ة الداخلي ة و الدولي ة ،دار النهض ة العربي ة ،الق اهرة ،مص ر،
، 2006ص .11
)(2أحمد أبو الوفاء ،عقد التحكيم و إجراءاته ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر ،2007 ،ص15
فتحي والي ،الوسيط في قانون القضاء المدني ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ، 1980 ،ص 26 )(3
4
و ذهب البعض اآلخر إلى أنه قضاء خاص يتواله أفراد مزودين بوالية الفصل في
المنازعات وذلك خروجا على األصل العام و هو أن أداء العدالة وظيفة من وظائف الدولة
تقوم بها سلطتها القضائية(.)1
ومم ا س بق يمكن تعري ف التحكيم بأن ه نظ ام قض ائي خ اص ،يخت ار في ه األط راف
ب إرادتهم قض اتهم و يخول ونهم بمقتض ى اتف اق مكت وب مهم ة الفص ل في المنازع ات ال تي
نشأت ،أو قد تنشأ بينهم بخصوص عالقاتهم العقدية أو غير العقدية ،و فق المب ادئ وأحك ام
القانون والعدالة ،بإصدار حكم ملزم يفصل في النزاع.
يتكون التحكيم من عمليتين ،األولى هي اتفاق يبرمه طرفا النزاع ،والثانية هي الحكم
الص ادر عن هيئ ة التحكيم ،فه ذه التركيب ة الوظيفي ة خلفت آراء متباين ة ح ول طبيعت ه و
سنحاول استعراض أهمها.
يغلب أنصار هذا االتجاه مبدأ سلطان اإلرادة ،حيث يرون أن التحكيم طبيعة تعاقدية
يستمد المحكم فيه واليته من إرادة الخصوم ،ويعتبر ذلك طريقا استثنائيا لفض النزاعات،
وخروج ا عن األص ل في ع رض المنازع ات على القض اء ،فمرك ز الثق ل في ه ه و اتف اق
األطراف ،ومن هذا األخير يستمد حكم التحكيم قوته التنفيذية ،فهذا الحكم و االتفاق كل ال
يتجزأ ،فالحكم ال يكون إال نتيجة وانعكاسا لالتفاق(.)2
ومن هنا ظهرت النظرية العقدية التي ترى بأن التحكيم ذو طبيعة تعاقدية ألن ه يه دف
إلى تحقيق مص الح خاص ة ،عكس النظ ام القض ائي ال ذي يه دف إلى تحقيق مص الح عامة
كما أن مصدر سلطة هيئة التحكيم هو إرادة الخصوم ورضائهم بالتحكيم ،وما يصدر عنه
من أحكام .
)(1ه دى محم د مج دي عب د ال رحمن ،دور المحكم في خص ومة التحكيم و ح دود س لطاته ،دار النهض ة العربي ة ،الق اهرة،
مصر ، 1997 ،ص20
)(2رضوان أبو زيد ،األسس العامة في التحكيم التجاري الدولي ،دار الفكر الجامعي ،القاهرة ،مصر ،1981 ،ص.24
محمد سليم العوا ،النظام القانوني للتحكيم ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ،2008 ،ص.216
5
كم ا أن اإلرادة الخاص ة في التحكيم هي ال تي تح دد اإلج راءات الواجب ة اإلتب اع،
والق انون ال واجب التط بيق على موض وع ال نزاع ،وه ذا عكس الوض ع تمام ا أم ام قض اء
الدولة ،كما أن المحكم ليس بالضرورة أن يكون منتمي للهيئة القضائية في الدولة.
وأن تمت ع حكم التحكيم بالحجي ة ،يملي ه اتف اق ض مني بين أط راف االتف اق على
التحكيم ،وعلى احترام و تنفيذ ما يقضي به المحكم.
إال أنه يؤخذ على هذه النظرية أنها أبرزت دور مبدأ سلطان اإلرادة في االتفاق على
التحكيم وأهملت حقيقة وظيفة المحكم القضائية.
تقوم هذه النظرية على أساس مستمد من أصل الوظيفة التي يقوم به ا المحكم هي في
ذاته ا ال تي يق وم به ا القاض ي ،وبالت الي ف إن عمل ه يك ون عمال قض ائيا ،ويتم نظ ر ال نزاع
أمامه على ذات المراحل التي تتم أمام القضاء.
والتحكيم يقوم بالوظيفة ذاتها التي يقوم بها قضاء الدولة ،وهي حسم ال نزاع ،وتحقيق
العدال ة بين المتن ازعين ،فإن ه يكتس ب بالض رورة الطبيع ة القض ائية ،ومن ثم فنظ ر ال نزاع
أم ام المحكم يم ر ب ذات اإلج راءات ال تي يم ر به ا أم ام القاض ي ،وينتهي بحكم مماث ل لحكم
()1
القاضي ،سواء فيما يتعلق بالطعن فيه ،أو فيما يتعلق بقابليته للتنفيذ.
)(1حسن محمد سليم ،النظام القانوني للتحكيم في إطار المجموعة العقدية ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،القاهرة،
مصر ،2008 ،ص.217
6
اللجوء إلى التحكيم ،فإن مهمة المحكم تنحصر في ممارسة وظيفة قانونية ،وبالتالي فعمل
المحكم عم ل قض ائي لت وفر مقوم ات العم ل القض ائي وهي االدع اء والمنازع ة ،والش خص
الذي يخوله القانون حسم النزاع(.)1
كم ا أن حكم المحكمين يعت بر عمال قض ائيا ب المعنى ال دقيق من حيث الش كل
والموضوع ،فمن حيث الشكل فإنه يصدر في شكل حكم قضائي وبنفس إجراءات إصدار
األحكام القضائية ،و من ناحية الموضوع فالحكم غالبا ما يطبق قواعد القانون الموض وعي
()2
ويفصل في نزاع حقيقي بين الخصوم و يلتزم باحترام حقوق الدفاع.
و يؤخ ذ على أص حاب ه ذه النظري ة أنهم رك زوا على عم ل المحكم ،وأهمل وا مص در
()3
سلطة هذا األخير ( اتفاق التحكيم).
اتخ ذ أنص ار ه ذه النظري ة موقف ا وس طا بين النظري تين الس ابقتين ،فهم يوازن ون بين
الطبيع ة التعاقدي ة والطبيع ة القض ائية للتحكيم ،ف يرون أن ل ه طبيع ة مركب ة ،أو مزدوج ة
فيقول ون أن الطبيعة المركبة للتحكيم تبرز وجها تعاقديا بسبب اتف اق التحكيم الذي ينشئه،
وتبرز وجها قضائيا بسبب حكم التحكيم الذي يفصل في النزاع (.)4
ه ذه النظري ة تس عى إلى التوفي ق بين النظري تين الس ابقتين العقدي ة والقض ائية ،لتف ادي
االنتق ادات الموجه ة للنظري تين ،حيث تجع ل التحكيم يحت ل موقع ا وس طا بين الطبيع ة
التعاقدي ة والطبيع ة القض ائية وأن ل ه طابع ا مرحلي ا ،فه و يب دأ تعاق ديا من خالل اتف اق
األط راف على اللج وء إلى التحكيم دون التوج ه للقض اء ،وينتهي قض ائيا بص دور حكم
()5ا
التحكيم ،ثم يأمر بتنفيذه من قضاء الدولة.
2006ص.61
)(5سحر عبد الستار يوسف ،مرجع سابق ،ص.28
7
فاألخ ذ بفك رة الطبيع ة المختلط ة للتحكيم ،يمث ل فك رة العق د باعتباره ا تجس يدا لمب دأ
س لطان اإلرادة من ناحي ة ،ويمث ل فك رة القض اء عن طري ق حكم التحكيم من ناحي ة ثاني ة،
فه و يم ر بمرح ل متدرج ة ومتع ددة تلبس في ك ل منه ا لباس ا خاص ا ،فه و في أول ه اتف اق،
وفي وسطه إجراء و في آخره حكم .
و انتق دت ه ذه النظري ة ،على أن ه ي ترتب على قبوله ا إه دار القيم ة القانوني ة لحكم
التحكيم الذي ال يصدر األمر بتنفيذه إال عن طريق القضاء ،وهذا يتنافى مع قصد المشرع
()1
من إقرار نظام التحكيم.
ي رى ج انب من الفق ه أن التحكيم وس يلة قانوني ة متم يزة لفض المنازع ات و نظ ام
مستقل ق ائم بذات ه ،وذل ك العتب ارات عدي دة ،منه ا أن العق د ليس ه و ج وهر التحكيم و ليس
إال أداة خاصة تحقق الهدف الذي يسعى إليه الخصوم(.)2
و ن ادى بعض الفق ه باس تقالل نظ ام التحكيم من خالل التأكي د على طبيعت ه الخاص ة،
وذاتيته المستقلة التي تختلف عن العقود و عن أحكام القضاء (.)3
كم ا ذهب البعض إلى الق ول ب أن التحكيم ليس نوع ا من القض اء و إنم ا ه و نظ ام
مختلف في وظيفته و طبيعته و بنيانه الداخلي عن القضاء وهو بذلك يمشي موازيا له.
اري و تحكيم يم التحكيم ،من حيث إرادة المحتكمين إلى تحكيم اختي يمكن تقس
إجباري ،ومن حيث طبيعة العقد الذي تضمنه و نطاقه إلى تحكيم وطني و تحكيم دولي .
ومن حيث التقي د ب اإلجراءات القض ائية إلى تحكيم بالص لح و تحكيم بالق انون ،و من
حيث مدى حرية المحكم و سلطاته إلى تحكيم حر و تحكيم مؤسسي .
)(1عزمي عبد الفتاح ،قانون التحكيم الكويتي ،الطبعة األولى ،مطبوعات جامعة الكويت ،الكويت ،ص.104
س امية راش د ،التحكيم في العالق ات الخاص ة الدولي ة ،الكت اب األول ،إتف اق التحكيم ،منش أة المع ارف ،اإلس كندرية، )(2
8
المطلب األول :التحكيم االختياري و التحكيم اإلجباري
التحكيم االختياري هو التحكيم الذي يتفق عليه طرفا النزاع بإرادتهما الحرة ،سواء
كانت الجهة التي تتولى إجراءات التحكيم بمقتضى اتفاق الطرفين ،منظمة أو مركز دائم
للتحكيم ،أو لم يكن كذلك.
ويجوز في التحكيم االختياري بأن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع ،سواء
كان مستقال بذاته ،أو ورد في عقد معين ،كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع،
()1
و لو كانت قد قدمت بشأنه دعوى أمام جهة قضائية.
أم ا التحكيم اإلجب اري ،فالق انون ه و ال ذي ي وجب االلتج اء إلي ه في بعض األح وال
كطريق لحل النزاع و الذي غالبا ما تسبقه إجراءات للتفاوض نص عليها القانون ،حتى إذا
تع ذرت التس وية الودي ة ت وجب ط رح ال نزاع على هيئ ة التحكيم ال تي نص الق انون على
تشكيلها ،و قد نص على هذا النوع من التحكيم المشرع المصري في قانون القطاع العام
وشركاته رقم 97لسنة 1983طبق ا لنص المواد (56و )69من نفس الق انون ،أين شكلت
مح اكم تحكيم خاص ة لفض النزاع ات الخاص ة بالهيئ ات العام ة و المؤسس ات وش ركات
القطاع العام ،وهذا النظام موجود في مصر منذ سنة .)2( 1966
اختلفت مع ايير تحدي د م ا إذا ك ان التحكيم داخلي أو وط ني أو محلي ،وم ا إذا ك ان
أجن بي أو دولي فيوج د من يأخ ذ بمعي ار مك ان التحكيم ،ومنهم من يأخ ذ بمعي ار الق انون
الواجب التطبيق ،ومنهم من يأخذ بطبيعة النزاع ،وهناك من يأخذ بمعيار جنسية األطراف
و طبيعة النزاع (.)3
)(1علي عوض حسن ،التحكيم اإلختياري واإلجباري في المنازعات المدنية والتجارية ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكنرية،
مصر ،2004 ،ص.19
)(2أحمد أبو الوفا ،التحكيم االختياري واإلجباري ،الطبعة الخامسة ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،2001 ،ص .339
9
فالتحكيم الداخلي هو الذي يتعلق بعالقات وطنية داخلية في جميع عناصرها الذاتية
موض وعا وأطراف ا وس ببا ،و ي رى البعض أن ه يكفي أن تك ون العناص ر الموض وعية
الرئيسية المكونة لهذه العالقة مرتبطة بدولة معينة حتى يكون التحكيم وطنيا (.)1
أما التحكيم الدولي فهو يخص النزاعات المتعلقة بالمصالح االقتصادية لدولتين على
األقل ،أي إذا تعلق بعالقة تجارية أساسها المعيار االقتصادي الحديث الذي يتضمن انتقال
األموال والقيم االقتصادية و الخدمات عبر الدول.
-أن التحكيم التج اري ال دولي تطب ق في ه اإلتفاقي ات الدولي ة الثنائي ة والجماعي ة ،ومثاله ا
اإلتفاقي ة األوروبي ة ح ول التحكيم التج اري ال دولي المبرم ة بج نيف ،1961واتفاقي ة
نيويورك حول اإلعتراف بأحكام التحكيم و تنفيذها لسنة .1958
-نطاق مبدأ سلطان اإلرادة في التحكيم الدولي أوسع عنه في التحكيم الداخلي ألنه أغلب
التش ريعات تخ ول ألط راف التحكيم التج اري ال دولي تحدي د واختي ار القواع د اإلجرائي ة
والموضوعية الواجبة التطبيق على النزاع.
-أغلب التش ريعات تحّف ز التحكيم التج اري ال دولي ،ب دليل أن الحكم الص ادر في التحكيم
الداخلي قابل لالستئناف على عكس التحكيم التجاري الدولي الذي ال يجوز فيه االستئناف.
)(3محمود مختار أحمد بريري ،التحكيم التجاري الدولي ،الطبعة الثالثة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر،2007 ،
ص.13
نبي ل إس ماعيل عم ر ،التحكيم في الم واد المدني ة و التجاري ة الوطني ة و الدولي ة ،دار الجامع ة الجدي دة ،الطبع ة الثاني ة، )(1
التحكيم الحGGر أو الخGGاص :ه و ذل ك التحكيم ال ذي يت ولى المحتكمين إقامت ه بمناس بة ن زاع
معين ولهم الحري ة في اختي ار من يش اؤون من المحكمين بأنفس هم ،و لهم تحدي د القواع د
اإلجرائي ة والموض وعية ال تي تحكم ال نزاع ،فهم يتول ون إب رام إتف اق التحكيم قب ل نش وء
()2
النزاع أو بعده ،ويختارون أعضاء هيئة التحكيم ،و يحددون مكانه وزمانه ولغته.
أما التحكيم النظامي أو المؤسسي:فهو التحكيم الذي تتواله هيئات أو مؤسسات أو مراكز
وطني ة أو دولي ة دائم ة مختص ة ب التحكيم إس تنادا إلى قواع د و إج راءات معين ة تح ددها
اإلتفاقي ات الدولي ة أو الق رارات المنش ئة له ذه الهيئ ات ،وه ذا التحكيم ه و األك ثر ش يوعا في
()3
مجال التحكيم في منازعات العقود الدولية.
الفصل الثاني :مزايا و مساوئ التحكيم و تمييزه عن غيره من طرق تسوية المنازعات
أص بح التحكيم الطري ق الب ديل لح ل النزاع ات خاص ة التجاري ة الدولي ة ،خاص ة م ع
تزايد ممارسة الدولة ألنشطة ذات طابع تجاري و اقتصادي ،و ذلك لما به من مميزات
اقتص ادية تل بي حاجي ات التج ارة الدولي ة و تش جيع االس تثمارات األجنبي ة ،إال أن ه لم يس لم
من اإلنتقادات
يلج أ األط راف المتنازع ة للتحكيم هروب ا من إج راءات القض اء المعق دة ،و ط ول أم د
ال نزاع ،وعالني ة الجلس ات ،إال أن ه ذا النظ ام ال يخل وا من س لبيات أثاره ا الفق ه ال ذي
يرفض التنازل عن سلطة من سلطات الدولة لصالح األفراد.
تس وية المنازع ات بواس طة التحكيم تحق ق الس رعة والبس اطة في اإلج راءات ،وق د
اش ترطت معظم أنظم ة ومؤسس ات التحكيم التج اري ال دولي وض ع م دة معين ة يت وجب
ص دور حكم التحكيم فيه ا لتف ادي الت أخير ،إذا لم يح دد األط راف في اتف اق التحكيم تل ك
(1
المدة.
)(2
René rodiére et roger Houin, Droit commercial, Dalloz, Paris, 1970, N° 298; P 272.
12
ومثالها ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة ( )44من قانون التحكيم المصري رقم 27
لسنة 1994على أنه" :ال يجوز نشر حكم التحكيم أو أجزاء منه إال بموافقة الطرفين ".
حيث يعد مبدأ العالنية من أسس التقاضي و ضمانه لتحقيق العدالة ،إال أنه ا ق د تنقلب
س لبا على التج ار ألن من ش أنها إفش اء أس رارهم الص ناعية و التكنولوجي ة أو إتفاقي ات
خاصة
من مزايا التحكيم مقارنة بالقضاء ،عدم خضوع الخصومة فيه ألي قانون غير الذي
اخت اره المحتكمين حيث يح ق لألط راف اإلتف اق على اختي ار ق انون أو قواع د معين ة غ ير
القانون الوطني ،يفصل وفقا له المحكمون في النزاع المعروض عليهم ،و يمكن ترك هذا
اإلختي ار للمحكمين ،وه ذا بعكس القض اة في المح اكم ،ال ذين عليهم اإلل تزام بنص وص
القانون الوطني.
من س مات التحكيم قل ة التك اليف مقارن ة ب إجراءات التقاض ي أم ام مح اكم الدول ة
ي درجاتها المختلف ة ،وم ا تتطلب ه من رس وم ومص اريف وأتع اب مح امين ،والخ براء
والمحض رين ،وفي مج ال التج ارة الدولي ة تنص ب المنازع ات على مب الغ طائل ة ،غ ير أن
()1
أتعاب المحكمين مهما كبرت فال يمكن مقارنتها بالمبالغ المتنازع حولها.
قد يكون القاضي بارعا في مجال اختصاصه ،و لكنه في أغلب األحيان يكون قليل
الخ برة في ش ؤون التج ارة الدولي ة ،األم ر ال ذي يس تدعي مع ه تع يين خب ير مختص ،مم ا
يؤدي إلى طول أمد النزاع و كثرة النفقات.
13
ل ذلك يك ون من األج در اللج وء إلى الخب ير مباش رة ،و اختي اره محكم ا ،حيث ي تيح
نظ ام التحكيم لألط راف إختي ار من يش اؤون من خ براء مختص ين ليفص لوا في ال نزاع في
أسرع وقت
أص بح قض اء الدول ة غ ير فع ال بنظم ه و قواع د عمل ه لتس وية منازع ات التج ارة
الدولي ة ،وق د أثبت الواق ع العملي أن التحكيم ه و النظ ام الب ديل و ال ذي عم ل على ترس يخ
مجموعة من الحلول التي تتجاوب و خصوصية مشكالت التجارة الدولية و عقودها .
رغم المزاي ا الس الفة ال ذكر ،ف إن نظ ام التحكيم لم يخ ل من بعض المس اوئ و
االعتراضات فيرى البعض أن التحكيم و إن كان أسبق في الظهور من القضاء ،ف إن م رد
ذلك يتمثل في تأخر ظهور الدولة ،وأن القضاء هو إحدى سلطات الدولة تحقق من خالله
وظيف ة إقام ة العدال ة ،وهي وظيف ة ال يص ح أن ي ترك أمره ا لألف راد و إال س ادت الفوض ى
وهيمن القوي أو الغني ،وضاعت حقوق الضعفاء و الفقراء .
فالتحكيم يمثل طوق النجاة للشركات العمالقة في مواجهة القاضي الوطني ،و يجعل
()2
الدول النامية تحت رحمة المحكم الذي ال يتمتع بنزاهة القاضي.
وي رى البعض أن تك اليف القض اء مهم ا بلغت فهي أق ل من تك اليف التحكيم ،خاص ة
إذا تم في أك ثر من دول ة ،لم ا يس تتبعه من نفق ات س فر و أتع اب باهض ة للمحكمين ،وق د
)(1هش ام خال د ،تك وين المحكم ة التحكيمي ة في منازع ات التج ارة الدولي ة ،المجل د األول ،منش أة المع ارف ،اإلس كندرية،
،2008ص 30
)(2محمود مختار أحمد بريري ،مرجع سابق ،ص 16-15
14
تب دو خط ورة اللج وء إلى التحكيم في ه ذا المج ال إذا م ا ط ال أم د ال نزاع حيث تص بح
التكاليف مرهقة(.)1
إذا كانت هذه الطرق ( الصلح ،الوساطة ،الخبرة) تتفق مع التحكيم من حيث أنها
أنظمة تسعى إلى حل النزاع إال أنها تختلف عنه في جوانب أخرى.
قض اء الدول ة ه و س لطة من الس لطات العام ة ،يق وم عليه ا مرف ق ع ام ،والقاض ي
موظف عام له والية قضائية مستمرة ،ويصدر أحكام قضائية و يتقاضى أجرة من ميزانية
الدولة ويستمد سلطاته من قانون دولته.
ويتش ابه التحكيم و الص لح في أن ك ل منهم ا ينش أ بعق د ،وهم ا وس يلتان لحس م ال نزاع
القائم بين األطراف بينما يختلفان في أمور أخرى.
-محل العقد في التحكيم هو عدم عرض النزاع على القضاء ،واختيار المحكمين للفصل
في ه ،أم ا مح ل عق د الص لح فه و ال تزام األط راف بتس وية ال نزاع الق ائم بينهم بأنفس هم أو
()2
بواسطة القضاء.
-الص لح ينتهي بتن ازل ك ل خص م عن ج زء من مطالب ه مقاب ل تن ازل الط رف اآلخ ر ،أم ا
التحكيم فه و تف ويض المحكم ألج ل الفص ل في طلب ات األط راف بم وجب حكم ناف ذ في
مواجهتهم ،قد يستجيب لطلبات أحد الخصوم ويرفض طلبات اآلخر.
الوس اطة هي إجراء يعرض من القض اء على األط راف المتخاص مة ،لتع يين وسيط
()3
يكلف بمهمة إيجاد حل ينهي النزاع ويرضي الخصوم.
يتفق والتحكيم من حيث هدفه وهو فض النزاع ،ومع ذلك هناك أوجه إختالف :
-التحكيم ينتهي بصدور حكم قابل للتنفيذ و ملزم لألطراف ،أما الوساطة فهو مجرد إقتراح
لتق ريب وجه ات النظ ر يح رر في محض ر ال تك ون ل ه ص فة اإللزامي ة أو الحجي ة إال بع د
المصادقة عليه من قبل القضاء.
-الوساطة تتضمن تنازالت من الطرفين للوصول إلى حل ،أما التحكيم فال يتضمن مثل
تلك التنازالت ،وإ نما يفصل في طلبات المحتكمين .
)(1أنظر المادة ( )459من االمر رقم ( )75/58المؤرخ في ،26/09/1975المتضمن القانون المدني ،المعدل والمتمم،
الجريدة الرسمية ،العدد ،78لسنة .1975
حفيظة السيد الحداد ،مرجع سابق ،ص.87 )(2
-أن الخ برة ال تنتهي بص دور حكم ،و إنم ا إب داء رأي ف ني غ ير مل زم ،أم ا التحكيم فينتهي
بحكم ملزم لألطراف.
-و الف رق الج وهري بينهم ا في كيفي ة ممارس ة ك ل من الخب ير و المحكم لعمل ه ،ف المحكم
يصدر حكمه وفقا لما يقدمه له األطراف من وثائق ومستندات وما يبدونه من مرافعات،
أما الخبير فهو يعتمد على معلوماته و خبراته الشخصية ،فضال على ما يقدمه له األطراف
من معلومات ،فالخبير يمكنه إبداء رأيه دون الرجوع لألطراف.
ج وهر التحكيم ه و إتف اق األط راف الراغ بين في التحكيم ،إذا ه و نظ ام أساس ه إرادة
األط راف ال تي تق رر اللج وء للتحكيم ،وتح دد إجراءات ه ،وموض وعه ،وكيفي ة تش كيل هيئ ة
()1
التحكيم ،والقانون الواجب التطبيق.
وإ تف اق التحكيم تص رف ق انوني ،ل ذلك ال يق وم ص حيحا إال إذا ق امت أركان ه األساس ية
والالزمة ألي تصرف منتج آلثار قانونية.
بالرجوع إلى مختلف تشريعات التحكيم يتضح التشابه فيما بينها بشأن تعريف إتفاق
التحكيم و قد يرجع هذا التشابه إلى كون أن مختلف التشريعات قد استمدت قواعدها من
الق انون النم وذجي للجن ة األمم للق انون التج اري ال دولي بش أن التحكيم لع ام ،1985حيث
عرف ه في الفق رة األولى من الم ادة الس ابعة بأن ه " :إتف اق بين الط رفين على أن يحيال إلى
التحكيم جمي ع أو بعض المنازع ات المح ددة ال تي نش أت أو ق د تنش أ بينهم ا بش أن عالق ة
قانونية محددة تعاقدية كانت أو غير تعاقدية ".
)(1
Mostefa trari-tani, droit algérien de l’arbitrage commercial international, Berti éditions,
Alger, 2007, P35.
18
لم يتط رق المش رع الجزائ ري إلى تعري ف التحكيم ورك ز على ص وره على عكس
المشرع المصري.
عرف قانون التحكيم المصري رقم 27لسنة 1994إتفاق التحكيم في الفقرة األولى
من الم ادة العاش رة بأن ه " :إتف اق الط رفين على اإللتج اء إلى التحكيم لتس وية ك ل أو بعض
المنازع ات ال تي نش أت أو ال تي يمكن أن تنش أ بش أن عالق ة بينهم ا عقدي ة ك انت أو غ ير
عقدية".
أم ا المش رع الجزائ ري فلم يض ع تعريف ا مح ددا التف اق التحكيم ب ل م يز بين ش رط
التحكيم ومشارطته كوسيلة التفاق األطراف على سلوك طريق التحكيم لتسوية ما ثار أو
قد يثور بينهم من نزاع بشأن تنفيذ عقد أو اتفاق ما.
فقد عرف شرط التحكيم في المادة ( )1007من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية
بأن ه" :االتف اق ال ذي يل تزم بموجب ه األط راف في عق د متص ل بحق وق متاح ة بمفه وم الم ادة
1006أعاله( ،)1لعرض النزاعات التي قد تثار بشأن هذا العقد على التحكيم ".
وعرف إتفاق التحكيم في المادة ( )1011من ذات القانون بأنه " :إتفاق التحكيم هو
اإلتفاق الذي يقبل األطراف بموجبه عرض نزاع سبق نشوءه على التحكيم ".
ويتض ح من التعري ف الس الفة ال ذكر أن إتف اق التحكيم يرتك ز على عناص ر أساس ية
هي:
)(1حيث تنص المادة 1006من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجزائري ،على أنه " يمكن لكل شخص اللجوء إلى
التحكيم في الحقوق التي له مطلق التصرف فيها ".
)(2
Alliouch-Kerboua, Meziani Naima, L’arbitrage Commercial International En Algerie,
OPU, Alger, 2010, P25.
19
أوال :أنه تراضي و تالقي إرادتي طرفي عالقة قانونية معينة على اتخاذ التحكيم كوسيلة
لتسوية المنازعات التي نشأت أو قد تنشأ عن تلك العالقة أيا كان أساس تلك العالقة عقدية
أو غير عقدية.
ثانيا :تخويل المحكمين أو هيئة التحكيم سلطة الفصل في كل أو بعض المنازعات الناشئة
عن هذه العالقة ،و الغالب عمليا أن تتحدد المسألة محل التحكيم في اإلتفاق .
ثالثGGا :أن اإلتف اق على اللج وء إلى التحكيم ق د يك ون س ابقا على نش وء ن زاع بين الط رفين
وهو ما يسمى " شرط التحكيم" و قد يكون الحقا لنشوء النزاع و هو مايسمى " بمشارطة
التحكيم"
عرفت المادة ( )1007من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية شرط التحكيم بأنه :
"اإلتفاق الذي يلتزم بموجبه األطراف في عقد متصل بحقوق متاحة بمفهوم المادة ()1006
أعاله لعرض النزاعات التي قد تثار بشأن هذا العقد على التحكيم".
أما المشرع المصري فلم يضع تعريفا لشرط التحكيم ،و إنما أورد ما يدل عليه و
ذل ك بنص الفق رة الثاني ة من الم ادة العاش رة بقول ه " :يج وز أن يك ون إتف اق التحكيم س ابقا
على قي ام ال نزاع س واء ق ام مس تقال بذات ه أو ورد في عق د معين بش أن ك ل أو بعض
المنازعات التي تنشأ بين الطرفين.
ه ذا و ق د نص ت الفق رة األولى من الم ادة الس ابعة من الق انون النم وذجي لليونس ترال
بش أن التحكيم على أن ه" :ويج وز أن يك ون إتف اق التحكيم في عق د أو في ص ورة إتف اق
مستقل".
وعلي ه يمكن الق ول ب أن ش رط التحكيم ه و إتف اق أط راف عالق ة قانوني ة معين ة على
إحال ة م ا ق د يث ور بينهم من منازع ات بش أن ه ذه العالق ة إلى التحكيم ،و ق د ي رد ش رط
20
التحكيم في ص ورة بن د من بن ود العق د األص لي ،أو في ص ورة إتف اق مس تقل عن العق د
األصلي.
المشرع الجزائري قد عرف مشارطة التحكيم من خالل تعريف إتفاق التحكيم ،حيث
نصت المادة ( )1011من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على أن " إتفاق التحكيم هو
اإلتفاق الذي يقبل األطراف بموجبه عرض نزاع سبق نشوءه على التحكيم " وهو تعريف
لمشارطة التحكيم و ليس التفاق التحكيم.
وتن اول تعريف ه المش رع المص ري في الفق رة الثاني ة من الم ادة العاش رة من ق انون
التحكيم رقم 27لسنة 1994التي نصت على أنه " :كما يجوز أن يتم إتفاق التحكيم بعد
قيام النزاع ،ولو كانت أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية ".
وعليه فإن مشارطة التحكيم هي إتفاق أطراف عالقة قانونية ما على تسوية ما ثار
بينهم من منازعات بشأن هذه العالقة بواسطة التحكيم.
فال يتم اإلتف اق على مش ارطة التحكيم إال بع د نش وء ال نزاع ،ووق وع الخالف بين
أط راف العالقة القانوني ة ،وال يتم اللجوء إلى مش ارطة التحكيم إال إذا خال العق د من شرط
أو بند التحكيم .
ويجب أن يتض من مش ارطة التحكيم المس ائل ال تي يش ملها التحكيم ،وإ ال ك ان ب اطال،
طبق ا للفق رة الثاني ة للم ادة ( )1012من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة ال تي أوجبت
تحدي د موض وع ال نزاع و أس ماء المحكمين أو كيفي ة تع يينهم في مش ارطة التحكيم ،وه ذا
عكس ش رط التحكيم ال ذي ال يح دد موض وع ال نزاع لكون ه لم ينش أ بع د وتح رر مش ارطة
التحكيم في مستند مستقل عن العقد األصلي.
()1
ثالثا /شرط التحكيم باإلحالة:
حفيظة السيد الحداد ،شرط التحكيم باإلشارة بين منهج تنازع القوانين ومنهج القواعد المادية ،دراسة تحليلية وإ نتقادية )(1
ألحكام القضاء الفرنسي ،مجلة الحقوق للبحوث القانونية واإلقتصادية ،العدد األول والثاني ،1990 ،ص 1وما بعدها.
21
هو صورة من الصور المعاصرة التفاق التحكيم ،و مفاده أن العقد األصلي المبرم
م ا بين األط راف لم يتض من ش رطا ص ريحا للتحكيم ،ب ل اكتفى األط راف باإلش ارة أو
اإلحالة إلى عقد سابق بينهم أو إلى عقد نموذجي ،وذلك لتكملة النقص أو سد الثغرات التي
تعتري العقد ،وكان العقد السابق أو النموذجي يحتوي على بند أو شرط التحكيم ،فيسري
أثر هذا البند على العقد الجديد مادام قد تم اإلحالة على بنوده.
لم ينص علي ه المش رع الجزائ ري ،لكن أق ره القض اء والس يما القض اء الفرنسي ال ذي
حكم بصحة شرط التحكيم باإلحالة ،والوارد في عقد المقاولة من الباطن إلى العقد األصلي
بين المقاول الرئيسي و رب العمل( ،)1و قد نص عليه المشرع المصري في المادة العاشرة
من القانون رقم ( )27لسنة .1994
إتف اق التحكيم مثل ه مث ل أي تص رف ق انوني ص حيح منتج آلث اره يجب أن تت وفر في ه
شروط موضوعية وأخرى شكلية ،أوجبها المشرع.
تتمثل هذه الشروط في ضرورة توافر التراضي الصحيح ،و أن يرد هذا التراضي
على محل ممكن و مشروع ،وأن يستند إلى سبب مشروع ،شأنه في ذلك شأن أي تص رف
قانوني.
أوال /التراضي:
إتف اق التحكيم عق د من عق ود الق انون الخ اص ،يس وده مب دأ س لطان اإلرادة ،وتس ري
عليه القواعد العامة في العقود ،و بالتالي البد لقيام إتفاق التحكيم من وجود التراضي وإ ال
ك ان اإلتف اق غ ير قائم ا إذ يجب أن تتط ابق إرادة الط رفين إيجاب ا و قب وال على اختي ار
التحكيم اختيارا حرا كوسيلة لحسم النزاعات التي تثور بشأن العالقة األصلية كبديل عن
قضاء الدولة(.)2
)(1حكم إستئناف باريس ،الصادر بتاريخ 20يناير ، 1988مجلة التحكيم لسنة ، 1990ص .651
)(2مختار محمود بريري ،مرجع سابق ،ص .45
22
وق د اس تلزم المش رع الجزائ ري أن يك ون التراض ي في اتف اق التحكيم ص ادرا عن
أطراف أهل للتصرف حيث تنص المادة ( )1006من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية
على أنه" :يمكن لكل شخص اللجوء إلى التحكيم في الحقوق التي له مطلق التصرف فيها".
هذه المادة تتعلق بأهلية األشخاص الطبيعيين ،وقد حددها المشرع بتسعة عش رة س نة،
وأال يكون محجورا عليه أو معتوها أو سفيها ،والمحروم من الحقوق المدنية و من أشهر
إفالسه(.)1
يتض ح من ه ذا النص أن المش رع ف رق بين األش خاص المعنوي ة الخاص ة كالش ركات
التجارية التي لها حق اللجوء للتحكيم بعد قيدها في السجل التجاري ،ألنه شرط الكتساب
الشخصية المعنوية .
أما بالنسبة لألشخاص المعنوية العامة ،فقد وضع المشرع الجزائري شرطين حتى
يمكن لها اإلتفاق على التحكيم و هي:
أعطى المش رع الجزائ ري األش خاص المعنوي ة العام ة والمتمثل ة في مؤسس ات الدول ة
والش ركات العمومي ة و المؤسس ات اإلقتص ادية العام ة الح ق في اللج وء إلى التحكيم فيم ا
يتعل ق بعالقاته ا اإلقتص ادية الدولي ة لتس وية المنازع ات ال تي ق د تنش أ عن ه ذه العالق ات،
خصوصا مع تزايد هذه المعامالت.
-2الصفقات العمومية:
)(1راجع المواد 42، 40من األمر رقم 75/58المتضمن القانون المدني الجزائري المؤرخ في 26/09/1975المعدل
و المتمم.
23
أجاز المشرع الجزائري لألشخاص المعنوية العامة إمكانية اللجوء إلى التحكيم فيما
يتعلق بإبرام الصفقات العمومية و ما ينشأ عنها من منازعات .
مالحظة:
-كان المشرع الجزائري يحظر على األشخاص المعنوية العامة اللجوء إلى التحكيم وذل ك
طبق ا للفق رة الثالث ة من نص الم ادة ( )442من األم ر ( )66/154المتض من ق انون
اإلج راءات المدني ة الملغى ،ثم س رعان م ا ت دخل وع ّد له ا بم وجب المرس وم التش ريعي (
()1
.)93/09
-أما فيما يخص األشخاص المعنوية العامة التي يمكن لها اللجوء إلى التحكيم فقد حددها
المش رع الجزائ ري في الم ادة ( )975من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة و ال تي
نصت على أنه " :ال يجوز لألشخاص المذكورة في المادة ( )800أعاله أن تج ري تحكيم ا
إال في الح االت ال واردة في اإلتفاقي ات الدولي ة ال تي ص ادقت عليه ا الجزائ ر و في م ادة
الصفقات العمومية".
وب الرجوع إلى نص الم ادة ( )800من نفس الق انون فيقص د باألش خاص المعنوي ة
العامة :الدولة أو الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الص بغة اإلدارية ،و
يتم اللج وء إلي ه من ال وزير المع ني إذا تعل ق التحكيم بالدول ة ،أو بمب ادرة من ال والي أو
رئيس المجلس الش عبي البل دي إذا ك ان التحكيم يتعل ق بالوالي ة أو البلدي ة ،أو من الممث ل
القانوني أو من ممثل السلطة الوطنية التي تتبعها إذا كان التحكيم يتعلق بمؤسسة عمومية
ذات صبغة إدارية.
عيوب الرضا:
قد يخضع إتفاق التحكيم لقانون مختلف عن القانون الذي يحكم اإلتفاق األصلي ،ولذا
يكون المرجع في توفر التراضي و صحته و خلوه من العيوب كالغلط والتدليس أو اإلكراه
للق انون ال ذي يخض ع ل ه إتف اق التحكيم ،وه و إم ا ق انون اإلرادة أو الم وطن المش ترك أو
24
ق انون بل د مح ل إب رام اإلتف اق وفق ا لقاع دة اإلس ناد ال تي تض منتها الم ادة ( )18من الق انون
()1
المدني.
إذا كان إتفاق التحكيم يدخل في نطاق نصوص إتفاقية نيويورك ،فالتراضي يخضع
أيض ا لق انون اإلرادة و إال خض ع لق انون البل د ال ذي يص در في ه حكم التحكيم واألولوي ة في
حالة التعارض ألحكام اإلتفاقية .
نصت المادة ( )1006من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على أنه " :ال يجوز
التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو حالة األشخاص وأهليتهم ".
مالحظة:
فك رة النظ ام الع ام هي أك ثر المس ائل المقي دة لنط اق التحكيم ،خاص ة أنه ا فك رة مرن ة
ليس له ا ض ابط مح دد ،وتختل ف معاييره ا من دول ة إلى أخ رى( ،)2وفي ه ذا الص دد نص
المش رع الجزائ ري في التحكيم التج اري ال دولي بالم ادة ( )1040من ق انون اإلج راءات
المدني ة و اإلداري ة على أن ه" :تك ون إتفاقي ة التحكيم ص حيحة من حيث الموض وع إذا
اس تجابت للش روط ال تي يض عها إم ا الق انون ال ذي اتف ق األط راف على اختي اره أو الق انون
المنظم لموضوع النزاع أو القانون الذي يراه المحكم مالئما".
تنص المادة ( )18من القانون المدني على أنه» :يسري على اإللتزامات= التعاقدية القانون المختار من المتعاقدين إذا )(1
ص.13
25
ثالثا :السبب:
إتف اق األط راف على التحكيم يج د س ببه في اتف اق األط راف الس تبعاد ط رح ال نزاع
على القض اء و تف ويض األم ر للمحكمين ،وه ذا الس بب مش روع دائم ا وال نتص ور ع دم
مش روعيته إال إذا ثبت أن اله دف من اتف اق التحكيم ه و الته رب من أحك ام الق انون ال ذي
ك ان يتعين تطبيقه لو ط رح ال نزاع على القض اء ،نظرا لم ا يتضمنه ه ذا الق انون من قيود
والتزامات يراد التحلل منها ،و هو ما يمثل حالة من حاالت الغش نحو القانون.
أجمعت مختل ف التش ريعات الوطني ة واإلتفاقي ات الدولي ة المتعلق ة ب التحكيم على أن
يكون إتفاق التحكيم مكتوبا.
أم ا بالنس بة لمش ارطة التحكيم فالكتاب ة ش رط لوجوده ا و ليس ش رط إلثباته ا ،حيث
نصت المادة ( )1012من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على أنه " :يحصل اإلتفاق
على التحكيم كتاب ة ،ويجب أن يتض من إتف اق التحكيم تحت طائل ة البطالن موض وع ال نزاع
و أسماء المحكمين أو كيفية تعيينهم".
وفيم ا يتعل ق ب التحكيم التج اري ال دولي فق د نص ت الفق رة الثاني ة من الم ادة ()1040
على أنه " :يجب من حيث الشكل ،وتحت طائلة البطالن ،أن تبرم إتفاقية التحكيم كتابة أو
بأية وسيلة إتصال أخرى تجيز اإلثبات بالكتابة".
مالحظة :المشرع الجزائري لم يشترط بيانات معينة في شرط أو مشارطة التحكيم ،ماعدا
مسألة بيان و تحديد موضوع النزاع و ذكر أسماء المحكمين أو طريقة تعيينهم إذا كنا أم ام
مشارطة التحكيم.
يعتبر إتفاق التحكيم صحيحا متى توافرت أركانه ،والشروط المنصوص عليها قانونا
إلبرام التصرفات القانونية ،وبتحقق هذه األركان و الشروط في إتفاق التحكيم ،فإنه ي رتب
آثاره القانونية و التي تنقسم إلى آثار موضوعية وأخرى إجرائية.
إن مقتضى القوة الملزمة التفاق التحكيم أن هناك إلتزام بتحقيق نتيجة يقع على ع اتق
طرفي اإلتفاق هو ضرورة قيام كل منهما بالمساهمة في اتخاذ إجراءات التحكيم واإلمتناع
عن عرض النزاع على القضاء.
فال يستطيع أحد طرفي اإلتفاق التنصل منه بإرادته المنفردة أو ينقصه أو يعدل ه و إن
سعى لذلك أمكن للطرف اآلخر إجباره على تنفيذ إلتزامه وتعيين محكمه وبدء إجراءات
التحكيم ،ف إن امتن ع لج أ الط رف اآلخ ر إلى المحكم ة ،وه ذا ه و مقتض ى التنفي ذ العي ني
لاللتزام الناشئ عن القوة الملزمة التفاق التحكيم(.)2
27
والق انون ال واجب التط بيق على اتف اق التحكيم ه و ال ذي يختص بتحدي د مفه وم الق وة
الملزمة التف اق التحكيم و ج زاء اإلخالل به ا ،و قد اس تقر الفق ه على أن التنفيذ العي ني هو
الوس يلة الوحي دة المقبول ة في ه ذا الش أن ،وهن ا يجب أن ينف ذ الط رف المتق اعس التزام ه
إختياري ا و إال يتم اللج وء إلى القض اء إلجب اره على ذل ك ،كم ا ق د يحكم بتع ويض للط رف
اآلخر في اتفاق التحكيم عما لحقه من ضرر نتيجة إخالل الطرف األول بالتزامه الناشئ
عن اتفاق التحكيم(.)1
وق د تع رض المش رع الجزائ ري للق وة الملزم ة التف اق التحكيم التج اري ال دولي ،من
خالل م ا تض منته الم ادة ( )1041في فقرته ا الثاني ة ،حيث نص ت على أن ه " :في غي اب
التع يين ،و في حال ة ص عوبة تع يين المحكين أو ع زلهم أو اس تبدالهم ،يج وز للط رف ال ذي
يهمه التعجيل ،القيام بما يأتي:
- 1رفع األمر إلى رئيس المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها التحكيم ،إذا كان التحكيم
يجري في الجزائر.
-2رف ع األم ر إلى رئيس محكم ة الجزائ ر ،إذا ك ان التحكيم يج ري في الخ ارج و اختي ار
األطراف تطبيق قواعد اإلجراءات المعمول بها في الجزائر.
)(2أحمد عبد الكريم سالمة ،التحكيم في المعامالت المالية الداخلية و الدولية المدنية و التجارية و اإلدارية و الجمركية
والضريبية ،دراسة مقارنة – الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،القاهرة ، 2006ص .245
)(1لزهر بن سعيد ،التحكيم التجاري الدولي ،دار هومة ،الجزائر ،2012 ،ص.71
28
حس ب المب ادئ العام ة في نظري ة العق د ،أن العق د ال يتع دى أث ره أطراف ه ،والوض ع
نفس ه بالنس بة التف اق التحكيم باس تثناء الخل ف الع ام والخل ف الخ اص ،وال يعت بر من الغ ير
الشريك والمدين المتضامن( ،)1و يتضح جليا في شركات األشخاص و شركات المحاصة.
يتضح و أن نطاق التحكيم في القانون الداخلي يفسر تفسيرا ضيقا و في الحدود التي
تحق ق الغ رض من ه ألن ه طري ق اس تثنائي لفض المنازع ات ،وعلى ذل ك إذا ورد اتف اق
التحكيم على المنازع ات الخاص ة لتفس ير عق د معين ،فال تمت د س لطات هيئ ة التحكيم إلى
()2
المنازعات المتصلة بتنفيذه.
غ ير أن ه في مج ال التحكيم التج اري ال دولي و لزي ادة فاعلي ة اتف اق التحكيم فق د دعى
الفق ه إلى الخ روج عن المج ال الض يق لموض وع اتف اق التحكيم ،واعتم اد تفس ير موس ع و
منطقي وفعال التفاق التحكيم.
نظ را ألهمي ة ه ذه المس ألة في مج ال تفعي ل التحكيم التج اري ال دولي و تش جيع
األطراف على اللجوء إليه خاصة في مجال التجارة الدولية ،وبهدف إعطاء اتفاق التحكيم
الحصانة الالزمة والضرورية من أجل حمايته من تقاعس وتماطل األطراف السيئة النية،
مم ا دف ع بمعظم الق وانين الداخلي ة لل دول إدراج نص ص ريح يؤك د مب دأ اس تقاللية إتف اق
()3
التحكيم عن العقد األصلي.
تبنت غالبية التشريعات الوطنية و لوائح مراكز ومؤسسات التحكيم الدائمة هذه اآلثار
وجس دتها تش ريعيا ،وتتمث ل في األث ر الم انع التف اق التحكيم ،ومب دأ اإلختص اص
باإلختصاص.
ي ترتب على اتف اق التحكيم ،أث ران هام ان ،أث ر إيج ابي ه و ح ق ك ل من طرفي ه في
اللج وء إلى التحكيم وأث ر س لبي ه و ال تزام طرفي ه بع دم اللج وء إلى قض اء الدول ة لنظ ر
المنازع ة مح ل التحكيم ،وإ عم اال له ذا األث ر األخ ير يل تزم ك ل من الط رفين بع دم عرقل ة
إس تعمال الط رف اآلخ ر لحق ه في اللج وء للتحكيم ،كم ا تل تزم مح اكم الدول ة باإلمتن اع عن
نظر النزاع المتفق على التحكيم بشأنه.
وقد تبنى المشرع الجزائري مبدأ األثر المانع التفاق التحكيم ،حيث نصت المادة (
)1045من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة على أن ه " :يك ون القاض ي غ ير مختص
بالفصل في موضوع النزاع ،إذا كانت الخصومة التحكيمية قائمة ،أو إذا تبين له وجود
إتفاقية تحكيم ،على أن تثار من أحد األطراف".
وبالتالي يترتب على وجود إتفاق التحكيم حجب قضاء الدولة عن نظر النزاع الذي
يوج د بش أنه إتف اق التحكيم( ،)1وق د اش ترط المش رع الجزائ ري لكي يطب ق القاض ي األث ر
المانع التفاق التحكيم أن يدفع أحد أطراف النزاع بأنه يوجد إتفاق تحكيم بشأنه.
وباس تقراء نص الم ادة ( )1044من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة يظه ر جلي ا
اعتراف المشرع الجزائري بمبدأ اإلختصاص باإلختصاص.
حيث نصت على أنه ":تفصل محكمة التحكيم في اإلختصاص الخاص بها ،و يجب
إثارة الدفع بعدم اإلختصاص قبل أي دفاع في الموضوع .
تفص ل محكم ة التحكيم في اختصاص ها بحكم أولي ،إال إذا ك ان ال دفع بع دم
اإلختصاص مرتبطا بموضوع النزاع" .
يتضح من النص السالف الذكر و أن المشرع قد وضع قيدين على مبدأ اإلختصاص
باإلختصاص:
القيGGGGد األول :لكي تفص ل هيئ ة التحكيم في اختصاص ها بنظ ر ال نزاع يجب أن يك ون
األطراف لم يبدوا أي وجه من أوجه الدفاع في الموضوع.
القيد الثاني :اشترط المشرع أن يكون الحكم الذي تصدره هيئة التحكيم فيما يخص تحديد
اختصاصها حكما أوليا ،إال أنه استثنى من ذلك األحكام التي تصدر بشأن الفص ل في ال دفع
بعدم اإلختصاص ما إذا كان مرتبطا بموضوع النزاع ،فوجب أن يكون الفصل في هذه
الدفوع بحكم نهائي.
كم ا ت ترتب على عاتق ه التزام ات في مواجه ة الخص وم ،مرتبط ة بالمهم ة الموكل ة
إليه.
األص ل أن يق وم األط راف بتع يين المحكمين وه ذا تجس يدا للط ابع اإلتف اقي للتحكيم
خصوصا في التحكيم الحر ،كما يمكنهم اللجوء إلى أحد مراكز ومؤسسات التحكيم الدائمة
وبالتالي يتوجب عليهم احترام لوائح هذه المراكز في موضوع تشكيل هيئة التحكيم ،كما
()2
يمكن للقضاء التدخل لمساعدة األطراف في تشكيل هيئة التحكيم.
يتم إختي ار المحكمين من قب ل األط راف مباش رة ،بع د اتف اقهم على كيفي ة ووقت
اختي ارهم ،وعلى ع دد المحكمين ،والتش كيل اإلتف اقي لهيئ ة التحكيم يك ون إم ا عن طري ق
التحكيم الحر ،أو بطريقة التحكيم المؤسسي .
جعف ر مش يمش ،التحكيم في العق ود اإلداري ة والمدني ة والتجاري ة ،الطبع ة االولى ،منش ورات زين الحقوقي ة،2009 ، )(1
ص.109
)(2طلعت محم د دوي دار ،ض مانات التقاض ي في خص ومه التحكيم ،الطبع ة األولى ،منش ورات الحل بي الحقوقي ة ،ب يروت،
لبنان ،2009 ،ص.121
32
لألط راف في التحكيم الح ر تع يين محكم واح د ،أو أك ثر ،وذل ك ألن كاف ة قواع د
التحكيم لم تقيد األطراف بل أطلقت لهم مجاال واسعا للحرية في اإلتفاق على تحديد كيفية
تش كيل هيئ ة التحكيم ،ولم تت دخل لف رض أي ن وع من اإلج راءات على األط راف ،إال في
حالة عدم توصلهم التفاق على عدد المحكمين ،أو وقت تشكيل هيئة التحكيم ،فتتولى جهة
()1
أو سلطة أخرى تشكيل هيئة التحكيم.
وق د نص المش رع الجزائ ري في الم ادة ( )1041من ق انون اإلج راءات المدني ة
واإلدارية على أنه" :يمكن لألطراف مباشرة أو بالرجوع إلى نظام التحكيم تعيين المحكم،
أو المحكمين ،أو تحديد شروط تعيينهم و شروط عزلهم و استبدالهم".
وبهذا يكون المشرع الجزائري قد أعطى لألطراف الحرية الكاملة في اختيار المحكم
أو المحكمين ال ذين س تتوكل إليهم مهم ة الفص ل في ال نزاع ،و يع د ه ذا تجس يدا للط ابع
اإلتفاقي الذي يقوم عليه نظام التحكيم ،حيث جعل إرادة األطراف في مركز ريادي في ما
يتعل ق بتنظيم العملي ة التحكيمي ة ،كم ا أعط اهم الح ق في اللج وء إلى أح د هيئ ات و مراك ز
التحكيم الدائم ة لتش كيل محكم ة التحكيم ،كم ا أعط اهم الحري ة الكامل ة في وض ع الش روط
الواجب توافرها في المحكم حتى توكل إليه مهمة الفصل في النزاع ،كما أعطاهم مكنة
تحديد شروط بتحققها يمكن لألطراف عزل المحكم أو استبداله ،مع مراعاة القواعد التي
نص ت عليه ا الم واد القانوني ة في ه ذا اإلط ار كالم ادة ( )1018/03من ق إم وإ ال تي
اش ترطت أن يك ون ع زل المحكم باتف اق جمي ع األط راف ،وهي قاع دة آم رة ال يج وز
()2
مخالفتها.
هذا و يتضح أن المشرع الجزائري قد نص على بعض القواعد الواجب إتباعها عند
تشكيل هيئة التحكيم وهي:
يشترط المشرع الجزائري كأغلب تشريعات التحكيم ،أن تشكل محكمة التحكيم من
عدد فردي فأعطى لألطراف المتخاصمة مكنة اإلتفاق على اختيار محكم واحد ،أو أكثر
)(1محمود السيد عمر التحيوي ،التحكيم الحر والتحكيم المقيد ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،مصر ،2002 ،ص.49
)(2
Alliouch-kerboua-meziani (N), OP.cit, P32.
33
بش رط أن يك ون الع دد وت را( ،)1وه ذا م ا ج اءت ب ه الم ادة ( )1017من ق انون اإلج راءات
المدني ة و اإلداري ة و ال تي نص ت على أن " :تتش كل محكم ة التحكيم من محكم أو ع دة
محكمين بعدد فردي ".
لإلشارة فإن القانون الفرنسي كان يجيز أن يكون عدد هيئة التحكيم زوجيا ،ثم عدل
هذا الحكم بموجب نص المادة ( )1453و أصبح يشترط الوترية عند تشكيل هيئة التحكيم
ل ذلك فإعم ال مب دأ الوتري ة عن د تش كيل هيئ ة التحكيم يعت بر أساس ا لتفعي ل م يزة مهم ة من
ميزات التحكيم ،والتي من أهمها السرعة في عملية الفصل في الخصومة التحكيمية ،حيث
()2
أن وترية العدد تسهل وتسرع الفصل في الخصومة التحكيمية.
جع ل المش رع الجزائ ري إختي ار المحكم أو المحكمين بواس طة إرادة المحتكمين هي
الطريقة األساسية مقدمة على باقي الطرق التي يمكن أن تتخذ سبيال الختيارهم سواء عن
طريق مراكز التحكيم المختلفة أو عن طريق المحكمة المختصة.
إن الحرية التي منحتها قوانين وتشريعات التحكيم المختلفة لألطراف في اختيار هيئة
التحكيم ي رد عليه ا قي د ج وهري يتعل ق بالنظ ام الع ام ،وه و ض رورة مراع اة المس اواة بين
الط رفين في عملي ة اختي ار و تش كيل هيئ ة التحكيم ،و ي ترتب على ذل ك بطالن ك ل ش رط
يقض ي باس تقالل أح دهما دون اآلخ ر باإلختي ار ،أو أن يك ون ألح دهما اختي ار األغلبي ة،
بربارة عبد الرحمان ،شرح قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،الطبعة األولى ،منشورات بغدادي ،الجزائ ر،2009 ، )(1
ص.542
نبي ل ص قر ،الوس يط في ش رح ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة ،دار اله دى ،عين مليل ة ،الجزائ ر ،2008 ،ص )(2
.567
34
ولآلخر اختيار األقلية ،أو يقضي باستقالل المحكم المختار من قبل أحد األطراف بالفصل
في النزاع في حالة تخلف الطرف اآلخر عن اختيار محكمه(.)1
وإ ذا ك ان المش رع الجزائ ري لم ينص ص راحة على مب دأ المس اواة بين األط راف في
تشكيل هيئة التحكيم فمرجع ذلك أن مبدأ المساواة يعد من المبادئ األساسية في التقاضي،
مم ا يع ني أن ه يجب إعمال ه عن د تش كيل محكم ة التحكيم ،وإ ال ك ان حكم التحكيم عرض ة
للطعن بالبطالن لتعلق مبدأ المساواة كباقي مبادئ التقاضي األساسية بالنظام العام(.)2
والشك أن عدم مراعاة مبدأ المساواة بين الخصوم في اختيار المحكمين يعد مخالفة
جوهرية لحقوق الدفاع األساسية التي تبرر رفض تنفيذ الحكم فيما بعد و بطالنه.
قد يرغب المحتكمين عند تشكيلهم لهيئة التحكيم في اللجوء ألحد مراكز أو مؤسسات
التحكيم الدائم ة ،وإ تب اع قواع دها لتع يين المحكمين ،ه ذا و ق د تخض ع العملي ة التحكيمي ة
برمته ا لقواع د المرك ز ( مث ال غرف ة التج ارة الدولي ة بب اريس أو محكم ة تحكيم لن دن ،أو
مركز القاهرة اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي .....الخ) ،أو تخضع له بعض مراحلها،
وذلك مرتبط بإرادة األطراف.
واالس تعانة بنظ ام التحكيم المؤسس ي ال يس لب حري ة األط راف في اختي ار محكميهم،
وأن سلطة هذه الهيئات في اختيار المحكم لها طابع احتياطي ،فال تبادر إلى تعيينه إال بعد
التثبت من فشل األط راف أو امتناع أح دهم عن اختياره ،فاالستعانة باألنظمة المؤسسية
مش روط بع دم اإلخالل بالح د األدنى من الض مانات ال واجب توافره ا عن د تش كيل محكم ة
التحكيم ،و سالمة اإلجراءات ،واتساقها مع المبادئ القانونية(.)3
وفيم ا يلي س وف نع رض كيفي ة اختي ار هيئ ة التحكيم و تش كيلها وفق ا لقواع د بعض
المنظمات الدولية و منها:
أبو العال النمر ،المركز القانوني للمحكم في خصومة التحكيم ،الطبعة األ,لى ،دار أبو مجد للطباعة ،القاهرة ،مصر، )(1
،2006ص 230
)(2ماهر محمد حامد ،مرجع سابق ،ص.92
)(3هدى محمد مجدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .131
35
أوال /تشكيل محكمة التحكيم وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس:
ه ذا النظ ام ي ترك الحري ة ألط راف عق د التحكيم في اختي ار المحكم أو المحكمين ،إال
أن ه وبم وجب الم واد من ( 07إلى )12من نفس النظ ام ع الج جمي ع الف روض ال تي يتحق ق
فيها عدم اتفاق األطراف على اختيار المحكم ،أو تخلف أحدهم عن تعيين محكمه ،فسواء
ك انت هيئ ة التحكيم مكون ة من محكم منف رد ،أو من ثالث ة محكمين ،ولم يتف ق األط راف
عليهم خالل ثالثين ( )30يوما اعتبارا من يوم استالم تبليغ طلب التحكيم للطرف اآلخر،
أو ض من أي مهل ة إض افية منحته ا األمان ة العام ة لهيئ ة التحكيم الدولي ة ،ف إن هيئ ة التحكيم
الدولية تتولى التعيين ،باالستعانة باللجان الوطنية التابعة لغرفة التجارة الدولية ،وهنا نفرق
بين حالتين:
الحالة الثانية :إذا تخل ف أح د أط راف عن تع يين محكم ه ،تباش ر الهيئ ة تع يين ه ذا المحكم
بن اء على اق تراح اللجن ة الوطني ة للبل د ال ذي ينتمي ل ه الط رف ،وإ ذا لم تقب ل الهيئ ة به ذا
االقتراح ،أو أن هذه اللجنة الوطنية لم تتقدم باإلقتراح المطلوب خالل المهلة الممنوحة من
الهيئ ة ،أو إذا ك ان الط رف المعين ينتمي لبل د لم تش كل ب ه لجن ة وطني ة ،ف إن للهيئ ة حينئ ذ
اختيار من تعتبره مؤهال ،وعلى األمانة العامة أن تعلم اللجنة الوطنية للبلد الذي ينتمي إليه
الشخص المختار إن وجدت هذه اللجنة(.)2
كم ا نص ت قواع د اإلتفاقي ة على أداء المحكمين اليمين أم ام رئيس المرك ز أو من
ينوب ه ،قب ل مباش رة مه امهم ،وتت ألف هيئ ة التحكيم من ثالث ة أعض اء ،و يج وز للط رفين
اإلتفاق على محكم واحد.
وفي حال ة ع دم إتف اق األط راف على اختي ار هيئ ة التحكيم ف إن اإلتفاقي ة ق د وض عت
إجراءت يسير عليها األطراف لتشكيل هيئة التحكيم تتمثل في التالي:
-حس ب الم ادة ( )18/1من اإلتفاقي ة إذا لم يخ تر ط الب التحكيم المحكم خالل م دة أس بوع
من تاريخ تقديمه لطلب التحكيم ،فإن مكتب المركز يقوم بتعيينه.
-كما يقوم مكتب المركز بدعوة األطراف لإلتفاق على اختيار المحكم الثالث الذي يترأس
هيئ ة التحكيم ،ف إن اتفق وا وقعت ،وإ ن لم يتفق وا ،فيت ولى المكتب تعيين ه بع د 30يوم ا من
تاريخ دعوة األطراف لإلتفاق على اختيار رئيس هيئة التحكيم.
القض اء ل ه دور احتي اطي في تش كيل هيئ ة التحكيم ،ال يتم اللج وء إلي ه إال في حال ة
اختالف األط راف وع دم اتف اقهم على تش كيل هيئ ة التحكيم ،وق د يك ون للمح اكم الوطني ة
الدور األساسي في حال اتفاق األطراف على أن المحكمة المختصة هي التي تتولى مهمة
تشكيل هيئة التحكيم.
37
وق د راعى المش رع أن يك ون ت دخل القض اء بالق در المطل وب ( ال دور االحتي اطي)،
وضمن أسباب و ضوابط يتوجب مراعاتها في تشكيل هيئة التحكيم.
إن المحتكم حين يتف ق على ح ل ال نزاع عن طري ق التحكيم ال يتن ازل عن حق ه في
اللجوء إلى القضاء ،هذا األخير الذي يتدخل لمساعدة األطراف على تشكيل هيئة التحكيم
()1
في حالة اختالفهم.
وفي هذا الصدد عالج المشرع الجزائري الصعوبات التي تواجه األطراف في تشكيل
محكمة التحكيم سواء إذا تخلف أحد األطراف عن تعيين محكمه ،أو إذا صادف األطراف
عقب ات في استكمال تش كيل الهيئة كم ا في حال ة اختالفهم في تع يين المحكم الثالث ،وذلك
بموجب المادة ( )1041من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،والتي ميز فيها المشرع
بين التحكيم ال ذي يج ري في الجزائ ر والتحكيم ال ذي يج ري في الخ ارج واخت ار األط راف
()2
تطبيق أحكام القانون الجزائري.
أوال :التحكيم التجاري الذي يجري في الجزائر ،إذا اعترضته صعوبة بشأن تشكيل محكمة
التحكيم للط رف ال ذي يهم ه التعجي ل أن يلج أ إلى رئيس المحكم ة ال تي يج ري في دائ رة
اختصاصها التحكيم ،أي رئيس محكمة مكان التحكيم.
ثانيGGا :التحكيم التج اري ال دولي ال ذي يج ري في الخ ارج ،واخت ار أطراف ه تط بيق أحك ام
الق انون الجزائ ري و في ه أعطى المش رع للط رف ال ذي يهم ه أم ر تعجي ل تش كيل محكم ة
التحكيم ح ق اللج وء إلى رئيس محكم ة الجزائ ر ،لتع يين محكم الط رف ال ذي تق اعس عن
تعيين محكمه ،أو تعيين المحكم المرجح الذي اختلف األطراف حول تعيينه.
خلي ل بوص نوبرة ،الت دخل القض ائي في مج ال التحكيم التج اري ال دولي في التش ريع الجزائ ري ،المجل ة القض ائية )(1
األولى :إذا ك ان التحكيم التج اري ال دولي يج ري في الجزائ ر ،فاالختص اص ي ؤول ل رئيس
المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها التحكيم.
أما الثانية :إذا كان التحكيم يجري في الخارج ،واتفق أطرافه على تطبيق أحكام القانون
الجزائري فاالختصاص يؤول لرئيس محكمة الجزائر العاصمة.
وتق وم المحكم ة بتع يين المحكم أو المحكمين بن اء على طلب من أح د الط رفين ،فال
تق وم المحكم ة ب اإلجراء من تلق اء نفس ها ،ويتم تقديم ه إلى رئيس المحكم ة المختص ة ،ولم
يح دد الق انون كيفي ة رف ع الطلب بم وجب أم ر على ذي ل عريض ة ،أو عريض ة دع وى
()2
قضائية.
ويرى جانب من الفقه أنه من صالح الطرفين أن يتم الطلب بموجب عريضة افتتاح
دعوى حتى تتمكن المحكمة من سماع الطرف اآلخر ،تحقيقا لمبدأ المواجهة للتأكد ما إذا
كان هناك فعال خالف حول تشكيل هيئة التحكيم من عدمه.
نص المشرع على ضرورة تمتع المحكم باألهلية ،وأكد على مبدأ اإلس تقالل والحي اد،
كشروط يجب توفرها في المحكم ،وتعد هذه الشروط من النظام العام نظرا ألن المش رع لم
()2
يترك أمر تقديرها ألطراف التحكيم ،وإ نما أوجب توافرها في من يتوّلى هذا العمل.
يش ترط في المحكم أن يك ون متمتع ا باألهلي ة القانوني ة و أال يص يبه ع ارض من
ع وارض األهلي ة ،س واء ك ان اختي ار المحكم بواس طة أط راف التحكيم أو المحكم ة ،و يتم
تحديد األهلية وشروطها وفقا ألحكام القانون الواجب التطبيق.
حيث نص المش رع الجزائ ري في الم ادة ( )1014من ق انون اإلج راءات المدني ة
واإلداري ة على أن ه " :ال تس ند مهم ة التحكيم لش خص ط بيعي ،إال إذا ك ان متمتع ا بحقوق ه
المدنية".
-أن يك ون بالغ ا س ن الرش د ،لم يص به ع ارض من ع وارض األهلي ة ك الجنون والعت ه،
السفه والغفلة.
-أال يك ون محروم ا من حقوق ه المدني ة (إث ر الحكم علي ه في جناي ة أو جنح ة أو في حال ة
شهر إفالسه).
م اهر محم د حام د ،النظ ام الق انوني للمحكم في التحكيم في التحكيم التج اري ال دولي ،دار الكتب القانوني ة ،مص ر، )(1
،2011ص.111
)(2لزهر بن سعيد ،مرجع سابق ،ص.146
40
يق وم التحكيم على الثق ة المتبادل ة بين أطراف ه في محكميهم ،ل ذلك يجب أن يت وافر في
المحكم الحياد واإلستقاللية عن الخصوم(.)1
وقد جعل المشرع الجزائري على عاتق المحكم التزام مهم أال وهو إخط ار األط راف
عن كل الظروف ال تي من ش أنها أن تثير الشكوك حول حيدت ه و استقالله من تلق اء نفسه
بحيث ال يمكن ه مباش رة مهام ه إال بع د إبالغهم به ذه الظ روف ،وقب ل األط راف ص راحة
قيامه بالمهمة وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة ( )1015من قانون اإلجراءات
المدنية واإلدارية.
وقد جعل المشرع الجزائري من اإلستقاللية أحد األسباب التي تؤدي إلى رد المحكم
وذل ك طبق ا للفق رة الثالث ة للم ادة ()1016من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة وال تي
نصت على أنه " :عندما تتبين شبهة مشروعه في استقاللية المحكم ،ال سيما بسبب وجود
مصلحة أو عالقة اقتصادية أو عائلية مع أحد األطراف مباشرة أو عن طريق وسيط ".
اإلستقالل يعني عدم التبعية ،ويمكن إثباته وتقديره بالرجوع إلى المظاهر الخارجية،
فه و أمر واق ع م ادي ،بعكس " ع دم الحي اد" فه و حال ة نفس ية تستش ف من ممارسة وس لوك
()2
المحكم.
واستقالل المحكم ضمانة هامة لعدالة حكمه ،فيجب أن يستمر استقالل المحكم حتى
صدور الحكم وال يكون ذلك إال من خالل تحقق ما يلي:
-اس تقالل المحكم عن الغ ير أي ع دم خض وعه ألي م ؤثرات خارجي ة ت ؤثر على إدارت ه
للخصومة التحكيمية.
)(1
jean francois poudret et sebastien besson , droit compare de l'arbitrage internatioal L-G-D-
J , 2002,P,366
)(2ماهر محمد حامد ،النظام القانوني للمحكم في التحكيم التجاري الدولي ،مرجع سابق ،ص.122
41
ثانيا/مفهوم الحيدة:
ويقصد بحياد المحكم عدم ميله أو تحيزه ألحد األطراف ،أي أنها مسألة شخصية أو
حالة نفسية تعني خلو المحكم من أي ميل ،أو تعاطف مسبق مع وجهة نظر أحد الخصوم
()1
في النزاع الذي سيفصل فيه بغض النظر عن الطريقة التي تم اختياره بها.
وحي اد المحكم يتأك د من مس لكه غ ير المتح يز ،وذل ك بع دم محابات ه ألح د الخص وم،
وبتوف يره الظ روف المالئم ة في التحكيم بع دل دونم ا تح يز ،وت أثر بض غوط خارجي ة ،أو
خشية االنتقاد.
أعطت النظم و التش ريعات لألط راف المحتكمين الحري ة الكامل ة في تحدي د ص فات
وش روط مختلف ة في من يختارون ه محكم ا ،ومن ه ذه الش روط أن يك ون المحكم من جنسية
معينة ،أو من جنس محدد ،أو من ديانة معينة ،أو أن يكون المحكم ذا خبرة و كفاءة ،أو
أن يكون صاحب مهنة أو وظيفة ما وسنتناولها كما يلي:
لم تشترط أغلب التشريعات بما فيها الجزائري أن يكون المحكم من جنس أو جنسية
مح ددة ،فيم ا أن ألط راف الخص ومة اإلتف اق على ذل ك ،أي أن ه أم ر م تروك لحري ة
األطراف.
وقد نصت المادة ( )16من ق انون التحكيم المصري على أنه " :ال يشترط أن يكون
المحكم من جنس أو جنس ية معين ة إال إذا اتف ق طرف ا التحكيم أو نص الق انون على غ ير
ذلك" ،و مع هذا فإن هناك بعض األنظمة التي اشترطت أن يكون المحكم وطنيا ،اعتبارا
ب أن التحكيم ن وع من القض اء ينبغي أال يت واله األج انب ،ومن بينه ا تش ريعات أمريك ا
الالتينية مثل شيلي و كولومبيا(.)2
)(1ماهر محمد حامد ،النظام القانوني للمحكم في التحكيم التجاري الدولي ،مرجع سابق ،ص.122-121
)(2خالد محمد القاضي ،موسوعة التحكيم الدولي ،الطبعة األولى ،دار الشروق ، 2002ص .212
42
في حين ي رى البعض اآلخ ر من الفق ه على أن جنس ية المحكم له ا ت أثير كب ير على
اس تقالليته ،مم ا ينعكس ب دوره على ق راره بش أن ال نزاع ،ف اختالف الجنس ية يعت بر أك ثر
ضمانا للحياد والعدالة(.)1
أم ا البعض اآلخ ر من األنظم ة و مراك ز التحكيم فق د ف رقت بين جنس ية المحكمين
المعينين من قبل األطراف ،وبين جنسية المحكم الوحيد أو رئيس هيئة التحكيم ،واشترطت
أن يكون المحكم الرئيس ينتمي لجنسية مغايرة لجنسية الخصوم ضمانا لحياده ،ومن بينها
مركز القاهرة اإلقليمي في مادته السادسة ،والمادتان السادسة و السابعة من قواعد التحكيم
ال تي وض عتها لجن ة األمم المتح دة ( )CNUDCIوالم ادة الثامن ة عش ر من اتفاقي ة عم ان
العربية للتحكيم التجاري لسنة .1987
من الخي ارات المتروك ة لألط راف إمكاني ة اتف اقهم على اش تراط الخ برة والكف اءة في
المحكم الذي سوف يختارونه للقيام بإدارة العملية التحكيمية ،ولم تشترط أغلب التشريعات
خبرة معينة في المحكم ،أو تمتعه بدرجة معينة من الثقافة( ،)2لكن البعض منها اشترط أن
يك ون المحكم من ذوي الخ برة ،وحس ن الس يرة والس لوك ومثاله ا نظ ام التحكيم الس عودي
ال ذي تنص مادت ه الرابع ة على أن ه " :يش ترط في المحكم أن يك ون من ذوي الخ برة حس ن
السيرة و السلوك" ،إال أن أغلب األنظمة و التشريعات قد سكتت عن هذا الشرط و تركت
األمر لتقدير طرفي التحكيم ،ومنها التشريعين المصري والجزائري الذين لم يشترطا في
المحكم خبرة معينة.
ويعت بر البحث من قب ل األط راف عن المحكم ال ذي يمتل ك المه ارات والكف اءة
المتخصص ة من األس باب المهم ة لع زوف األط راف عن القض اء مفض لين اللج وء إلى
التحكيم ،فيتوجب أن يكون المحكم متمتع بقدر من الكفاءة و الخبرة القانونية و الفنية.
)(1هدى محمد مجدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .98- 97
ماهر محمد حامد ،النظام القانوني للمحكم في التحكيم التجاري والدولي ،مرجع سابق ،ص.120 )(2
43
لم ي بين المش رع الجزائ ري موقف ه من إمكاني ة ت ولي القاض ي مهم ة المحكم ،ل ذلك
سنتطرق للتشريع المصري ،من خالل قانون السلطة القضائية رقم ( )46لسنة 1972في
التي ال تجيز للقاضي أن يكون محكما إال في حاالت ثالث هي: ()1
المادة ()63
-1يجوز للقاضي أن يكون محكما بعد موافقة المجلس األعلى للهيئات القضائية.
-2يج وز للقاض ي أن يك ون محكم ا ب دون موافق ة المجلس األعلى للهيئ ات القض ائية إذا ك ان
أحد أطراف النزاع من أقاربه أو أصهاره حتى الدرجة الرابعة.
-3كما يجوز له ذلك ،عندما تكون الدولة أو إحدى الهيئات العامة أحد طرفي النزاع.
وعلى ال رغم من ه ذا النص الص ريح إال أن االجته اد القض ائي في مص ر عن د نظ ره في
بطالن حكم التحكيم بسبب أن التشكيلة تضم قاضي لم يحصل على موافقة المجلس األعلى
للهيئات القضائية ،قد قضى برفض طلب البطالن ،على أساس عدم حصول القاضي على
موافقة المجلس األعلى للهيئات القضائية يترتب عليه مساءلة تأديبية للقاضي الذي ترأس
الهيئة ،و ليس بطالن عمله في هيئة التحكيم(.)2
أم ا في فرنس ا فيش ترط لت ولي القاض ي مهم ة المحكم أن يحص ل على تص ريح من
رئيس المحكمة(.)3
تنص المادة ( ،)63على أنه » :ال يجوز للقاضي بغير موافقة مجلس القضاء األعلى ،أن يكون محكما ولو بغير أجر، )(1
ولو كان غير مطروح على القضاء ،إال أذا كان أحد أطراف النزاع من أقاربه أو أصهاره حتى الدرجة الرابعة.
كما ال يجوز بغير موافقة المجلس المذكور ندب القاضي ليكون محكما عن الحكومة أو إحدى الهيئات العامة م تى ك انت
طرف ا في ن زاع ي راد فض ه بطري ق التحكيم ،وفي ه ذه الحال ة يت ولى ه ذا المجلس وح ده تحدي د المكاف أة ال تي يس تحقها
القاضي « .
اس تئناف الق اهرة دائ رة 91تج اري في ال دعوى 37لس نة 11ق ،جلس ة 29/01/2003أش ار إلي ه لزه ر بن س عيد، )(2
44
لق د س عى المش رع إلى تقري ر ع دة إلتزام ات تقي د المحكم أثن اء نظ ر ال نزاع م ع ت رك
المج ال واس عا أم ام حري ة و إرادة األط راف في التخفي ف من ه ذه اإللتزام ات ،أو اش تراط
المزيد منها على المحكم المختار من قبلهم.
هناك التزامات قانونية أوجبها المشرع على المحكم ،والتي تبدأ من مرحلة ترشيحه
للمهمة التحكيمية لكن أغلبية هذه االلتزامات ال تطبق إال عند قبوله للمهمة التحكيمية.
يلزم المحكم في مرحلة الترشيح أن يبدي قبوله للمهمة ،وأن يفصح عن كل ما يثير
الشكوك حول حيدته أو استقالله ،لكي يكون بعيدا عن الشبهات.
مالحظة :1ه ذا يع ني أن المش رع لم يح دد ش كال معين ا للكتاب ة إثبات ا للقب ول ،إال أنن ا ن رى
ب أن الكتاب ة ض رورية الرتب اط ت اريخ قب ول المحكم بالمهم ة م ع م دة التحكيم ،ألن أغلبي ة
التشريعات تحدد ميعاد إصدار حكم التحكيم من تاريخ قبول المحكم لمهمة التحكيم ،وعلى
سبيل المثال أن المشرع الجزائري حدد ميعاد إصدار الحكم التحكيمي في المادة ()1018
بأربع ة أش هر تب دأ من ت اريخ تع يين المحكمين ،في حال ة تخل ف اتف اق األط راف عن تحدي د
مدته.
45
مالحظGGة : 2المحكم ح ر في قب ول أو رفض ه ذه المهم ة ،ويج وز أن يع تزل عن القي ام
بالمهمة قبل البدء في الخصومة أو بعدها ،وهنا يتدخل القضاء لتعيين المحكم البديل طبقا
لنص المادة ( )1041من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية.
ويقص د باإلفص اح اإلل تزام بالتص ريح و بإحاط ة األط راف بص لته الس ابقة أو الحالي ة
بموضوع النزاع و أطرافه و ممثليهم ،وقد نصت المادة ( )1015/2من ق انون اإلج راءات
المدني ة واإلداري ة على ض رورة إفص اح المحكم عن أي ة ظ روف من ش أنها إث ارة ش كوك
حول استقالليته أو حيدته.
كما يعد أيضا سببا إلبط ال الحكم إذا تبين لألطراف عدم إفص اح المحكم عن وقائع
تمس حيدت ه و اس تقالله بع د ص دور الحكم ،فتع يين المحكم ال يع د ص حيحا قانون ا ،م الم
()1
يستوف شروطه ،و منها اإلفصاح.
من ه ذه االلتزام ات الجوهري ة ال تي يتقي د به ا المحكم ،مراع اة المب ادئ األساس ية في
التقاضي ومراعاة النظام العام )2(،وكذلك التزامه بالحياد تجاه أطراف الخصومة .فسواء
ك ان مص در إج راءات التحكيم اتف اق الط رفين أو إرادة المحكم ،فيل تزم األخ ير ب احترام
المبادئ األساسية في التقاضي ومراعاة حقوق الدفاع األساسية للطرفين ،ووجوب حصول
اإلجراءات في مواجهة الخصوم و أهم هذه المبادئ:
ماهر محمد حامد ،النظام القانوني للمحكم في التحكيم التجاري الدولي ،مرجع سابق ،ص.141 )(1
ماهر محمد حامد ،أثر النظام العام في الحد من اللجوء إلى التحكيم ،مرجع سابق ،ص.127-126 )(2
46
-مبدأ المواجهة
يق ع على المحكم خالل مرحل ة إص دار الحكم العدي د من االلتزام ات القانوني ة
واالتفاقية ،هذه االلتزامات تعد من مقومات حكم التحكيم التي قد يؤدي إغفالها إلى بطالن
حكم التحكيم.
وبالت الي يل تزم المحكم بمراع اة الش روط الش كلية و الش روط الموض وعية ،كالتزام ه
بتسبيب الحكم وإ صداره في المدة التي حددها األطراف أو المحددة قانونا.
ويقصد بالتسبيب بيان الحجج واألدلة القانونية والواقعية التي اعتمد عليها المحكم في
اص دار حكم ه و ق د نص ت الم ادة ( )1027من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة على
وجوب تسبيب حكم التحكيم ،وعدم التسبيب يترتب عليه البطالن طبقا للفقرة الخامسة من
المادة ( )1056من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية .
ه ذا على عكس المش رع المص ري فق د نص في الم ادة ( )43من ق انون التحكيم على
وجوب تسبيب حكم التحكيم مالم يتفق أطراف التحكيم على خالف ذلك.
وقد ذهب جانب فقهي( )1إلى أن هذا االتجاه الذي تبناه المشرع المصري ،وإ ن كان
يتماش ى ومب دأ س لطان اإلرادة في التحكيم ،إال أن ه يتع ارض م ع الطبيع ة القض ائية لحكم
التحكيم ،كم ا يتع ارض م ع حجي ة الحكم ،فم ا ي برر ف رض إرادة المحكم على الخص وم،
ومنح ق راره ق وة األم ر المقض ي في ه ه و تحقيق ه في وق ائع ال نزاع تحقيق ا كافي ا ،ومنطقي ا،
وهو ما يجمله في أسباب حكمه بما يضمن عدالته.
هدى محمد مجدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .180 )(1
47
ثانيا /التزام المحكم بإيداع الحكم و محتوياته:
على المحكم ف ور إص داره لحكم التحكيم المس توفي لكاف ة الش روط الش كلية و
الموضوعية أن يقوم هو أو أحد األطراف ( في الغالب هو الطرف المستعجل على التنفي ذ)
بإيداع ه ،و ذل ك س واء ك ان التحكيم ح را أو مؤسس يا إذا ك انت قواع د ه ذه المؤسس ة تنص
على إيداع الحكم ،أو إذا كان قانون البلد الذي صدر فيه الحكم يتطلب إيداعه أو تسجيله و
هذا في قانون اإلجراءات المدنية الملغى على عكس القانون رقم ( )08/09الذي لم يشترط
اإليداع من قبل المحكم.
ويجب على هيئ ة التحكيم إج راء المداول ة بس رية تام ة ،وع دم التص ريح بالمناقش ات
التي تمت خالل المداولة ،وعدم إشراك شخص آخر خارج هيئة التحكيم في المداوالت.
ولم ي رتب الق انون ج زاء معين على ع دم قي ام المحكم ب اإللتزام بإي داع الحكم ،و إن
ك ان له ذا اإلج راء أهميت ه العملي ة في تمكين من ص در الحكم لص الحه بالقي ام ب إجراءات
تنفيذه.
48
ه ذه االلتزام ات مص درها االتف اق الم برم م ا بين المحكم و أط راف الخص ومة
التحكيمية ،والذي يعطي المحكم واليته في التحكيم ،وفقا لما اتفق عليه األطراف إعماال
لمبدأ سلطان اإلرادة في التحكيم ،و من بين هذه االلتزامات :
اختيار المحكم مرتبط باعتبار شخصي أساسه الثقة التي يعطيها األطراف للمحكم ،
لذلك يكون هذا األخير ملزما شخصيا ببذل عناية ليخرج بحكم تحكيمي ينهي ب ه الخص ومة
التحكيمية ،فاألصل قيامه هو بنفسه بهذه المهمة ،وعدم تفويض غيره للفصل في النزاع.
مالحظة :لم ينص المشرع الجزائري و كذا المصري على هذا اإللتزام ،إال أن جانب من
الفق ه()1يعت بره من اإللتزام ات المفروض ة على المحكم ،وال يحت اج النص علي ه ،ألن ه ال تزام
تفرض ه طبيع ة عملي ة التحكيم و الفلس فة ال تي يق وم عليه ا ،ذل ك أن المهم ة التحكيمي ة ذات
طابع شخصي بحت.
وعلى المحكم القيام بمهمة التحكيم حتى نهايتها،وفي هذا الصدد تنص المادة ( )1021من
ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة على أن ه " :ال يج وز للمحكمين التخلي عن المهم ة
التحكيمية إذا شرعوا فيها ،وال يجوز ردهم إال إذا طرأ سبب من أسباب الرد بعد تعيينهم
".
وبالت الي ف المحكم مل زم بالقي ام بالعملي ة التحكيمي ة بنفس ه ،واس تمراره في عمل ه ح تى
نهايته ،فليس له أن يعتزل التحكيم طالما بدأت إجراءاته ما لم يوجد سبب جدي يمنعه من
()2
مباشرة مهمته التحكيمية.
طلعت محمد دويدار ،ضمانات التقاضي في خصومة التحكيم ،الطبعة االولى ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت، )(2
الفرع الثاني :التزام المحكم بتطبيق القانون المتفGق عليGه بين األطGراف و باألجGل المتفGق
عليه
يلتزم المحكم باإلجراءات و األوضاع و المواعيد التي يتفق عليها الخصوم في اتفاق
التحكيم و منها:
عندما يتفق طرفا التحكيم على القانون الواجب التطبيق ،ال يكون للمحكم إال أن يلتزم
وه ذا م ا نص علي ه ()1
به ذا االختي ار ،وال يج وز ل ه اس تبعاده وإ ال ع ّر ض حكم ه للبطالن،
المشرع الجزائري في المواد( )1043و( )1050من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية،
لكن من جهة أخرى أعطى السلطة لهيئة التحكيم لتحديد القانون الواجب التطبيق ،في حالة
ع دم اتف اق األط راف على تحدي ده ،فيطب ق المحكم الق انون األك ثر اتص اال ب النزاع مراعي ا
ش روط العق د و موض وع ال نزاع ،آخ ذا في اعتب اره األع راف الجاري ة في ن وع المعامل ة،
والعادات المتبعة ،وما جرى عليه التعامل بين الطرفين في هذا الشأن(.)2
محم ود الس يد عم ر التحي وي ،اإلتجاه ات النظري ة والحل ول الوض عية في تحدي د التنظيم االج رائي لخص ومة التحكيم، )(1
مالحظ GGة :1نص ت الم ادة ( )1018الم ذكورة أعاله على إمكاني ة تمدي د األج ل بموافق ة
الطرفين و في حالة عدم الموافقة عليه يتم التمديد وفقا لنظام التحكيم ،و في غياب ذلك يتم
من طرف رئيس المحكمة المختصة.
مالحظGGة :2المش رع الجزائ ري لم يح دد الح د األقص ى لم دة التمدي د على عكس الق انون
المصري الذي حددها في المادة ( )45من القانون رقم 27لسنة 1994بستة أشهر ما لم
يتفق الطرفان على مدة أطول.
الف GGرع الث GGالث :ال GGتزام المحكم بالمحافظ GGة على س GGرية المس GGتندات وع GGدم إفش GGاء أس GGرار
الخصوم
الب د من ال تزام المحكم بالس رية في مهمت ه التحكيمي ة بالمحافظ ة على س رية
المستندات ،وعدم إفشاء مضمونها للغير ،وهذا االلتزام يمتد بالسرية إلى كافة المراسالت
والمناقشات والمرافع ات والحكم ،وكل ما يطلب فيه الخص وم االحتفاظ بسريته ،فاألصل
في خص ومة التحكيم الس رية على عكس إج راءات التقاض ي العادي ة ال تي تس تلزم جلس ات
()3
علنية.
وق د نص المش رع الجزائ ري على س رية الم داوالت بم وجب أحك ام نص الم ادة (
)1025من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ،أما في القانون المصري فلم يرد نص
ماهر محمد حامد ،النظام القانوني للمحكم في التحكيم التجاري الدولي ،مرجع سابق ،ص.140 )(1
محسن شفيق ،التحكيم التجاري الدولي ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ،1997 ،ص.28 )(3
51
على ه ذا االل تزام إال أن ه نص في الم ادة ( )44على ع دم ج واز نش ر حكم التحكيم إال
بموافقة طرفي التحكيم.
يقصد برد المحكم منعه من مواصلة الفصل في النزاع لظهور أسباب قد تثير الشك
حول حياد المحكم وبالتالي يكون لهم الحق في طلب تنحيته ،لذلك كما سبق ذكره يتعين
على المحكم المختار أن يفصح للخصوم عن كل الظروف التي قد ت ؤدي إلى رده ،أو ع دم
قدرت ه على القي ام بالمهم ة التحكيمي ة ،بش رط أال يك ون الخص م المع ني بطلب ال رد عالم ا
()2
باألمر مسبقا عندما قام بتعيين المحكم.
أورد المش رع الجزائ ري أس باب ال رد في الم ادة ( )1016من ق انون اإلج راءات
المدنية واإلدارية فيما يلي:
-عندما يوجد سبب رد منصوص عليه في نظام التحكيم الموافق عليه من قبل األطراف.
-عندما تتبين من الظروف شبهة مشروعة في استقالليته ،السيما بسبب وجود مصلحة أو
عالقة اقتصادية أو عائلية مع أحد األطراف مباشرة أو عن طريق وسيط.
ماهر محمد حامد ،النظام القانوني للمحكم في التحكيم التجاري الدولي ،مرجع سابق ،ص.199 )(1
52
مالحظة :قانون التحكيم المصري لم يورد حاالت على سبيل الحصر للرد و إنما نص في
الم ادة ( )18بش كل ع ام إذا وردت أو ق امت ظ روف تث ير ش كوكا جدي ة ح ول حي دة أو
()1
استقالل المحكم.
حسب نص المادة ( )1016من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية فإن لكال طرفي
خص ومة التحكيم الح ق في طلب رد المحكم ،م ا لم يكن الط رف ال ذي عينه أو ش ارك في
تعيين ه على علم بأس باب ال رد قب ل التع يين و ال يك ون ل ه ح ق ال رد إال إذا علم بس بب ال رد
()2
بعد تعيينه.
ويجب على الط رف ص احب طلب ال رد أن يبل غ محكم ة التحكيم و الط رف اآلخ ر
دون تأخير بسبب الرد.
وطبقا للفقرة األخيرة من نفس المادة ،إذا اتفق الطرفان على الرد يتم استبدال المحكم
محل طلب الرد بمحكم آخر ،لكن إذا لم يحصل هذا االتفاق ،يتم اللجوء إلى نظام التحكيم
لتس وية ال نزاع ،وفي حال ة غي اب قواع د منظم ة ل ذلك يتم اللج وء للقض اء للفص ل في طلب
الرد بناء على أمر غير قابل ألي طعن.
أما عن الجهة المختصة للفصل في طلب الرد ،فقد نصت المادة ( )1041من قانون
اإلجراءات المدنية واإلدارية على أنه يؤول االختصاص إلى:
-2أو رئيس محكم ة الجزائ ر ،إذا ك ان التحكيم يج ري في الخ ارج واخت ار األط راف تط بيق
قواعد اإلجراءات المعمول بها في الجزائر.
عامر فتحي البطانية ،دور القاضي في التحكيم التجاري الدولي ،الطبعة االولى ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان، )(1
53
وب الرجوع إلى ق انون التحكيم المص ري من خالل نص الم ادة ( )19م ا قب ل التع ديل
ك ان االختص اص للنظ ر في طلب ال رد ي ؤول لهيئ ة التحكيم ،إال أن المحكم ة الدس تورية
العليا قضت بعدم دستورية هذا النص ألنه ال يعقل أن تنظر نفس الجهة في طلب ردها،
لذلك تم تعديل نص المادة ( )19بموجب القانون رقم ( )08لسنة 2000و التي مفادها أنه
إذا لم يتنح المحكم المطل وب رده خالل 15يوم ا من ت اريخ تق ديم الطلب كتاب ة إلى هيئ ة
التحكيم ،يحال الطلب للمحكمة المشار إليها في المادة ( )09من نفس القانون وهي محكمة
()1
استئناف القاهرة مالم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر.
-ال يقبل طلب الرد ممن سبق له تقديم طلب برد المحكم نفسه في ذات التحكيم .
-كم ا أن ه ال ي ترتب على تق ديم طلب ال رد وق ف إج راءات التحكيم ،و إذا حكم ب رد المحكم
ت رتب على ذل ك اعتب ار م ا يك ون ق د تم من إج راءات التحكيم بم ا في ذل ك حكم المحكمين
كأن لم يكن .
المش رع الجزائ ري لم ينص على ه ذه الح االت ،و بالت الي في رأين ا أن طلب ال رد
يمكن تقديم ه ممن س بق ل ه تق ديم طلب مماث ل إذا ك ان يس تند إلى أس باب أخ رى لل رد غ ير
السبب محل طلب الرد المفصول فيه سابقا.
أم ا عن إج راءات التحكيم فلم ينص المش رع الجزائ ري على وقفه ا عن د تق ديم طلب
ال رد لكن في حال ة الفص ل في ه ب الرد يك ون حكم التحكيم ب اطال ألن تشكيلة محكم ة التحكيم
مخالفة للقانون طبقا للمادة ( )1056الفقرة الثانية من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية.
يعد عزل المحكم ضمانة مهمة تقررها معظم التشريعات كجزاء يوقع على المحكم،
ويقص د ب العزل س حب الخص وم من المحكم أو المحكمين س لطة الفص ل في ال نزاع ال ذي
تحدد في اتفاق التحكيم ،بحيث ال يواصل المحكم المهمة المسندة إليه إلى نهايتها ،والعزل
نوعان:
عامر فتحي البطانية ،مرجع سابق ،ص.108 )(1
54
أوال /العزل االتفاقي:
تجيز معظم القوانين عزل المحكم بتراضي الطرفين ،كما أجازت تعيينه بتراضيهما،
وسواء كان التعيين قد تم أصال من قبل المحكمة ،أو من قبل الطرفين )1(،والعزل االتفاقي
طبق ا للفق رة الثالث ة من نص الم ادة ( )1018من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة و ال
يكون إال باتفاق صريح بين جميع األطراف ،و على ذلك فإن العزل باإلرادة المنفردة من
جانب أحد الطرفين غير جائز ،وغير منتج بل يجوز للمحكم مباشرة عمله حتى ولو أبلغه
عن عزله بقراره المنفرد.
ويمكن ع زل المحكم من ت اريخ قبول ه عملي ة التحكيم ،وتس تمر إمكاني ة عزل ه في أي
مرحل ة ق د تك ون عليه ا ال دعوى م ادام المحكم لم يص در حكم ه المنهي لل نزاع ،فال يعت د
ب العزل إذا تم بع د ص دور الحكم في الموض وع ،فه ذا الحكم يعت بر ص حيحا م ا لم يتف ق
الخصوم على اعتباره كأن لم يكن(.)2
أم ا إذا لم يتف ق الخص وم على ع دم االعتداد ب الحكم الص ادر قبل ع زل المحكم ،ف إن
هذا الحكم يعتبر صحيحا وواجب النفاذ.
حس ب نص الم ادة ( )1041من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة في حال ة
صعوبة عزل المحكم ،يجوز للطرف الذي يهمه التعجيل اللجوء إلى القضاء لطلب عزل ه،
إال أن المش رع الجزائ ري لم ي بين ح االت الع زل على عكس الق انون المص ري ال ذي نص
في الم ادة ( )20من ق انون التحكيم على أن ه يع زل المحكم في حال ة تع ذر أداء مهمت ه أو
ع دم مباش رتها و انقطاع ه عن د أداءه ا بم ا ي ؤدي إلى ت أخير ال م برر ل ه في إج راءات
()3
التحكيم.
55
المحور الثالث :إجراءات التحكيم
قد يتفق المحتكمون على تطبيق قانون إجرائي لدولة ما ،قد تكون دولة مكان التحكيم
أو ق انون جنس يتهما ،أو ق انون جنس ية أح د األط راف ،أو ق انون دول ة أخ رى ،كم ا يمكنهم
()1
وضع قواعد إجرائية من عندهم.
وق د يخل و اتف اق األط راف من تحدي د ق انون إج رائي ،ت اركين أم ر تنظيمه ا لهيئ ة
التحكيم ال تي تم تش كيلها وفق ا الختي ارهم الح ر ،أو إلى أح د مراك ز التحكيم الدائم ة ال تي
تتولى مهمة تحديد اإلجراءات الواجبة اإلتباع أمامها.
وتحدي د الق انون ال واجب التط بيق على اإلج راءات أم ر ض روري لتحدي د بعض
المس ائل ذات الص لة وفق ا ألحك ام ه ذا الق انون المخت ار ،مث ل ب دء س ريان اإلج راءات،
()2
وتحديد لغة و مكان التحكيم و مسائل اإلثبات و سير اإلجراءات و غيرها.
حفيظة السيد الحداد ،الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي ،كرجع سابق ،ص.163 )(1
مناني فراح ،مرجع سابق ،ص ،170أحمد بلقاسم ،التحكيم ،دار هومة ،الجزائر ،2005 ،ص.104 )(2
56
المبحث األول :تحديد القانون واجب التطبيق على إجراءات التحكيم
يمكن تحديد القانون الذي يحكم اإلجراءات بإرادة األطراف و اختي ارهم (ق انون إرادة
األطراف) أو يتركون األمر لهيئة التحكيم.
وعلى سبيل المثال تنص المادة ( )25من قانون التحكيم المصري على أنه :لطرفي
التحكيم االتفاق على اإلجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم ،بما في ذلك حقها في إخضاع
ه ذه اإلج راءات للقواع د الناف ذة في أي منظم ة أو مرك ز تحكيم في جمهوري ة مص ر أو
خارجها.
وه ذه الم ادة تك ريس لم ا ج اء ب ه الق انون النم وذجي للتحكيم التج اري ال دولي لس نة
1985في المادة ( )19منه والتي نصت على حرية األطراف في اختيار القانون الواجب
()1
التطبيق على اإلجراءات.
ويظه ر من النص وص الس الفة ال ذكر والس يما الم ادة ( )1043المتعلق ة ب التحكيم
التج اري ال دولي أن المش رع الجزائ ري أك د على ض رورة اح ترام إرادة األط راف فيم ا
يخص تحدي د الق انون ال واجب التط بيق على اإلج راءات ،حيث يمكن لألط راف اختي ار أي
قانون إجرائي لدولة ما ليطبق على إجراءات التحكيم ،كما يمكنهم تطبيق القواعد اإلجرائية
جعف ر مش يمش ،التحكيم في العق ود اإلداري ة والمدني ة والتجاري ة ،دراس ة مقارن ة ،الطبع ة األولى ،منش ورات زين )(1
قد يتولى أطراف التحكيم أنفسهم مهمة وضع القواعد اإلجرائية التي تتبعها محكمة
التحكيم()1وذلك بتضمينها في اتفاق التحكيم ذاته ،أو أي محرر آخر يحدد فيه كيفية تشكيل
هيئ ة التحكيم وإ ج راءات رد واس تبدال وع زل أعض ائها ،وتحدي د وقت بداي ة و نهاي ة
اإلج راءات ،وتحدي د مك ان ولغ ة التحكيم ،كيفي ات إخط ار األط راف ،وكيفي ة تق ديم طلب
التحكيم ،وأج ل تقديم ه والبيان ات ال واجب أن يتض منها ،وكيفي ة ووقت تق ديم أدل ة اإلثب ات،
والمرافعات الشفوية وإ مكانية سماع الشهود و كيفيته ،وحكم تخلف أحد األطراف عن تقديم
م ا يطلب من ه من مس تندات ووث ائق تخص موض وع ال نزاع ،ووقت إقف ال ب اب المرافع ة،
وكيفية إنهاء إجراءات التحكيم.
إذا كان ألطراف اتفاق التحكيم وضع قواعد إجرائية من إختيارهم ،فمن باب أولى
يمكنهم اختيار قواعد إجرائية وضعية محددة و معلومة سلفا( ،)2ويعتبر هذا الطريق األكثر
انتشارا عمليا و ذلك لسببين:
- 1التحديد و الوضوح الذي يميز القواعد المختارة ،ومن ثم اليقين حول وجودها ومداها.
وقد يكون النظام القانوني الذي تستمد منه القواعد اإلجرائية من قبل األطراف:
)(1
GOLD MAN(B) ,la volantè des parties et le rôle de l'arbitrage dans l'arbitrage international
, revue de l'arbitrage , 1981 , p 469.
)(2
Mostefa trari tami, OP.cit, P83. Alliouch-kerboua-Meziani(N), Op.cit, P45.
58
-قانون دولة معينة
المطلب الثاني :تدخل هيئة التحكيم لتحديد القانون الواجب التطبيق على اإلجراءات.
في حالة عدم اتفاق األطراف على القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم ،
تت دخل هيئ ة التحكيم لتحدي ده ،كم ا يمكن لهيئ ة التحكيم أن تكم ل القواع د اإلجرائي ة ال تي
()1
اختارها األطراف إذا ظهر عليها النقص أثناء نظر النزاع.
وبالتالي فالحاالت التي تتصدى فيها محكمة التحكيم لتحديد القانون الواجب التطبيق
على اإلجراءات هي:
لقي تطبيق قانون مقر التحكيم على إجراءات التحكيم في حالة غياب اتفاق األطراف
قبوال واسعا لدى الفقه واالتفاقيات الدولية و حتى بعض التشريعات الوطنية ،حيث تلجأ
محكمة التحكيم هنا لتطبيق قانون اإلجراءات للدولة التي يجري فيها التحكيم.
-أن تط بيق ق انون دول ة مح ل إج راء التحكيم ليس في ه أي مفاج أة ألط راف التحكيم ،فهم
بحس ب األص ل ال ذين يح ددون مح ل أو مك ان التحكيم ،فال غراب ة ب ذلك في تط بيق ق انون
ذلك المكان.
-أنه ال يمكن إنكار الروابط العضوية بين دولة مقر التحكيم و عملية التحكيم ذاتها ،ففي
بداي ة العملي ة التحكيمي ة تت دخل مح اكم دول ة مق ر التحكيم في المس اعدة في تش كيل هيئ ة
أش رف عب د العليم الرف اعي ،النظ ام الع ام والق انون ال واجب التط بيق على اإلج راءات التحكيم في العالق ات ذات )(1
59
التحكيم عن د إخف اق األط راف في اختي ار المحكمين أو اتخ اذ الت دابير الوقتي ة والتحفظي ة أو
رد المحكمين ،كما تختص بنظر الطعن بالبطالن لحكم التحكيم.
-أن إخض اع إج راءات التحكيم لقواع د دول ة مق ر التحكيم يتماش ى م ع قاع دة التن ازع
المعروف ة في ك ل النظم القانوني ة بش أن مس ائل اإلج راءات ،وهي القاع دة ال تي تنص على
أنه " :يسري على قواعد االختصاص ،و جميع المسائل الخاصة باإلجراءات قانون البلد
الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه اإلجراءات ".
وي رى ج انب من الفق ه( ،)1أن ه ال يس وغ ف رض تط بيق ق انون مق ر التحكيم كقاع دة
عام ة ،ألن ه من الص عب الترك يز المك اني للتحكيم ح تى يتس نى معرف ة مق ره ،ففي التحكيم
اإللك تروني مثال يص عب تحدي د مق ر التحكيم ،كم ا يص عب تط بيق ق انون مق ر التحكيم إذا
تمت إجراءاته في أكثر من دولة واحدة ،ومع ذلك ال مانع من تطبيق قانون مقر التحكيم
على إج راءات التحكيم م تى اتف ق األط راف على ذل ك تجس يدا لمب دأ س لطان اإلرادة في
التحكيم.
ثانيا /تطبيق القانون اإلجرائي للدولة التي يطبق قانونها على موضوع النزاع:
يؤيد بعض الفقه( )2تطبيق القانون اإلجرائي للدولة التي يتفق األطراف على تطبيق
قانونها على موضوع النزاع ،فاألصل هو وحدة القانون الواجب التطبيق على الموضوع
واإلجراءات.
وإ ذا كان المراد بالموضوع هنا موضوع ال نزاع ،أي االدعاءات المتصلة ب الحق أو
المركز القانوني الناشئ عن العالقة القانونية ،العقدية أو غير العقدي ة بين األط راف ،ومن
ثم ف إن الق انون ال ذي يحكم ه ه و ال ذي يحكم اإلج راءات ليطب ق على ك ل من المس ائل
الموضوعية واإلجرائية.
وق د يقص د بق انون الموض وع ،الق انون ال ذي يحكم اتف اق التحكيم ذات ه ،بحيث يك ون
القانون واجب التطبيق على اتفاق التحكيم هو الذي يحكم أيضا إجراءات التحكيم.
60
إال أن ج انب آخ ر من الفق ه ي رى أن مس ألة اإلج راءات تع رض أوال أم ام هيئ ة
التحكيم ،عند التفكير في تشكيلها واختيار أعضائها ،في حين مسألة الموضوع تعرض في
()3
مرحلة الحقة ،وعند بدء أو سير خصومة التحكيم.
كم ا ي رون أن ه ال يجب االنس ياق وراء الق ول بهيمن ة الق انون ال ذي يحكم موض وع
التحكيم وتعميم ه على مس ائل اإلج راءات ،ح تى ال ترج ع الطبيع ة التعاقدي ة على الطبيع ة
القضائية للتحكيم.
ثالثا /تطبيق القواعد اإلجرائية ألحد مراكز أو مؤسسات التحكيم الدائمة .
يمكن لهيئ ات التحكيم الح ر أن تلج أ إلى تط بيق القواع د اإلجرائي ة المنص وص عليه ا
في أحد لوائح مراكز و مؤسسات التحكيم الدائمة.
وقد أعطت غالبية تشريعات التحكيم الحديثة هيئة التحكيم اختيار قواعد أحد مراكز
التحكيم أو مؤسس اته الدائم ة لتنظيم س ير اإلج راءات أمامه ا ،كم ا ه و الوض ع بالنس بة
للمشرع الجزائري من خالل الفقرة الثانية للمادة ( )1043من قانون اإلجراءات المدنية و
اإلدارية ،ومن بينها الئحة تحكيم غرفة التجارية الدولية بباريس ،كذلك اإلتفاقية األوروبية
لع ام 1961بش أن التحكيم التج اري ال دولي وقواع د التحكيم الخاص ة بمرك ز الق اهرة
اإلقليمي للتحكيم التج اري ال دولي ،وأيض ا القواع د اإلجرائي ة المنص وص عليه ا في اتفاقي ة
عمان العربية للتحكيم التجاري لعام .1987
أغف ل المش رع الجزائ ري عن تنظيم ه ذا العنص ر اإلج رائي ،من حيث تحدي د مك ان
التحكيم أو لغته لذلك سنتطرق إلى القانون المصري.
األص ل في نظ ام التحكيم ه و قي ام األط راف المتخاص مة باالتف اق على تحدي د المك ان
المناس ب لنظ ر الخص ومة التحكيمي ة ،لكن إذا خال اتف اقهم من تحدي د مك ان التحكيم يك ون
61
لهيئ ة التحكيم ذل ك ،واختي ار مك ان التحكيم ي ترتب علي ه آث ار إجرائي ة عدي دة ،فللقض اء في
الدول ة ال تي يق ام فيه ا التحكيم س لطات واس عة في ت دعيم س ير التحكيم ،ورقابت ه علي ه من
الناحية اإلجرائية.
الفرع األول :سلطة المحكم ،أو هيئة التحكيم في تحديد مكان التحكيم
نص ت الم ادة ( )28من ق انون التحكيم المص ري على أن ه " :لط رفي التحكيم االتف اق
على مك ان التحكيم في مص ر أو خارجه ا ،ف إذا لم يوج د اتف اق عينت هيئ ة التحكيم مك ان
التحكيم مع مراعاة ظروف الدعوى و مالئمة المكان ألطرافه".
هذا النص مأخوذ من المادة ( )20/1من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي
للجنة األمم المتحدة والقصد من مبدأ المالئمة في تحديد مكان التحكيم ،هو أن يكون قريبا
من الخص وم أو ممثليهم أو من الش هود ،وك ذلك من مح ل ال نزاع لتيس ير المعاين ة إن ل زم
األم ر ،كم ا يستحس ن أن يك ون التحكيم في بل د يس هل دخول ه من المحكمين األج انب،
والش هود ،والخ براء ،وبمك ان محاي د ،ويمكن تنفي ذ الحكم الص ادر في ه دون مش اكل أو
()1
صعوبات.
و ق د امت د االع تراف بح ق األط راف في تحدي د مك ان التحكيم إلى مؤسس ات التحكيم
رغم أن لها مقر دائم ،وبعضها ينص على تحديد مكان التحكيم مسبقا ،فإذا أراد األطراف
تحدي د مك ان آخ ر فـإن ذل ك يك ون مرهون ا بموافق ة هيئ ة التحكيم ،كقواع د مرك ز التحكيم
التج اري ال دولي ل دول مجلـس التع اون الخليجي في مادته ا السادس ة ،وال تي تنص على أن
مكان التحكيم كمبدأ عام هو دولة البحرين ،وفي حالة اتفاق األطراف على غير ذلك فيجب
أن توافق هيئة التحكيم على ذلك بعد التشاور مع األمين العام للمركز.
62
التركيز الجغرافي للتحكيم في دولة معينة يرتب عدة آثار قانونية تنعكس على نظام
التحكيم ذاته ،من بدايته ومرورا بسير خصومته وصوال إلى الفصل في النزاع ،و يمكن
()2
تلخيصها فيما يلي:
اختي ار مك ان التحكيم يعطي اختصاص ا لمح اكم تل ك الدول ة للمس اعدة في تش كيل هيئ ة -
التحكيم.
اختي ار مك ان التحكيم من قب ل األط راف دالل ة على تط بيق قواع د إج راءات التحكيم -
المعمول بها في تلك الدولة إذا لم يحدد القانون الواجب التطبيق على اإلجراءات في اتفاق
التحكيم ،وهذا ما ذهب إليه جانب كبير من الفقه واتفاقيات التحكيم الدولية.
كم ا يعت بر ك ذلك إش ارة الختص اص مح اكم دول ة مك ان التحكيم كي تس اعد في تيس ير -
وتسيير اجراءات الخصومة التحكيمية ،مثل حالة امتناع أحد األطراف عن تقديم مستندات
أو اتخاذ تدابير وقتية أو تحفظية.
أن إجراء التحكيم في دولة معينة يؤثر في كيفية نهاية التحكيم ،فقد يتدخل القضاء في -
تلك الدولة لتمديد األجل المحدد لنهاية خصومة التحكيم ،أو األمر بإنهاء إجراءات التحكيم.
الفرع الثالث :سلطة هيئة التحكيم في اإلجتماع بالمكان الذي تراه مناسبا
المادة ( )28من قانون التحكيم المصري ،تسمح لهيئة التحكيم في أن تجتمع في أي
مك ان ت راه مناس با إم ا لس ماع الش هود ،أو الخ براء أو االطالع على المس تندات أو معاين ة
بضاعة ما لم يتفق األطراف في اتفاق التحكيم على اإللتزام بمكان تحكيم محدد.
تج در اإلش ارة إلى أن المش رع الجزائ ري لم يتع رض لمس ألة مك ان التحكيم و لغت ه،
س واء في تنظيم ه للتحكيم ال داخلي أو ال دولي ،إذ تف ترض النص وص المنظم ة للتحكيم
ال داخلي أن مك ان إج راء التحكيم في الجزائ ر ،بينم ا في التحكيم ال دولي فاألص ل خض وعه
لمبدأ سلطان اإلرادة ،فيتمتع األطراف بحرية تكاد تكون مطلقة في تحديد كافة شروطه و
63
التي يدخل ضمنها تحديد مكان و لغة التحكيم ،و بهذا يكون المشرع الجزائري قد انتهج
()1
مسلك المشرع الفرنسي في هذا الشأن.
أم ا ق انون التحكيم المص ري فق د تعرض لمس ألة تحدي د لغ ة التحكيم في الم ادة (،)29
واشترط أن يجري باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان أو تحدد هيئة التحكيم لغة أو لغات
()2
أخرى.
وأولى ه ذه المس ائل هي اإلج راءات ال تي يتعين اتباعه ا لتحري ك خص ومة التحكيم،
وطرح النزاع على هيئة التحكيم بعد تشكيلها ،وتتابع اإلجراءات من عقد جلسات التحكيم،
وتمكين الخصوم من عرض دفاعهم في سبيل الفصل في النزاع ،و إصدار حكم التحكيم
في وقت محدد ،كما أن الفصل في النزاع يقتضي إثبات الحق المتنازع عليه ،وقد يتطلب
هذا الحق توفير حماية عاجلة و مؤقتة لحين إصدار حكم التحكيم.
تحديد زمان بدء إجراءات التحكيم له أهمية ،ألنه أساس حساب مواعيد رفع الدعوى
وإ خط ار المطل وب ض ده التحكيم ورد ه ذا األخ ير على طلب التحكيم ،و قط ع التق ادم و
س ريان الفوائ د المت أخرة ،وك ذا آج ال تس ليم المس تندات و تب ادل الم ذكرات ،أو قف ل ب اب
المرافع ة ،أو إب داء دف ع من ال دفوع ،وأخ يرا تحدي د الم دة ال تي يتعين في غض ونها إص دار
حكم التحكيم.
64
الفرع األول :تحديد وقت بداية اجراءات التحكيم
لم يورد المشرع الجزائري نصا صريحا فيما يخص بدء اجراءات التحكيم ،غير أنه
باس تقراء نص الم ادتين ( 1015و )1018من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة يمكن
الق ول ب أن إج راءات التحكيم تب دأ من ذ ت اريخ إعالن المحكم ،أو المحكمين بقب ولهم المهم ة
المس ندة إليهم ،على اعتب ار أن تع يين المحكم فق ط دون قبول ه لمهمت ه ال يعت بر تش كيال
صحيحا لهيئة التحكيم ،وبالتالي ال يمكن اتخاذه كنقطة لبداية اإلجراءات ألن اعتباره كذلك
()1
قد يؤدي إلى بطالن حكم التحكيم ألن التشكيلة غير صحيحة.
وبالتالي إذا كانت هيئة التحكيم مكونة من فرد واحد يعتد بتاريخ قبوله للمهمة لبدء
اإلج راءات و في حال ة تع دد المحكمين يعت د بت اريخ موافق ة آخ ر محكم ،و ه ذا م ا نص ت
()2
عليه صراحة المادة ( )1456من قانون المرافعات الفرنسي.
طلب التحكيم ه و ك ل طلب يوجه ه أح د الط رفين أو ممثل ه الق انوني إلى الط رف
اآلخر ،أو إلى مركز التحكيم المتفق عليه ،يخطره فيه برغبته في رفع ال نزاع إلى التحكيم،
()3
ويطلب منه اتخاذ الالزم لتحريك إجراءات التحكيم و استكمالها.
وإ ن كان المشرع الجزائري لم يتطرق إلى شكل و بيانات الطلب و مضمونه إال أنه
ونظرا لوظيفة التحكيم القضائية ،يتضمن الطلب هوية الطالب كاملة وعنوانه و كذا هوية
المدعى عليه و عنوانه ،شرحا لوقائع الدعوى ،وتحديد المسائل محل النزاع و طلباته و
اتفاق التحكيم الذي يستند إليه عند لجوئه للتحكيم.
65
ال تخض ع هيئ ة التحكيم في تنظيم س ير عملي ة التحكيم إال للقواع د ال تي اتف ق عليه ا
األطراف ،فإذا لم يوجد مثل هذا االتفاق تختار الهيئة القواعد و اإلجراءات المالئمة تبعا
لطبيعة النزاع.
-1لغة التحكيم
-3مواعي د تق ديم بي ان ال دعوى و دف اع ك ل من الط رفين ،و مواعي د تق ديم المس تندات و
تقارير الخبرة.
-4تحديد أدلة اإلثبات التي ستقدم في التحكيم و القواعد القانونية الموض وعية و اإلجرائية
بالنسبة لكل دليل.
66
-6تحديد المسائل التي تحتاج إلى خبرة فنية
ويفرغ ما تم أو انتهت إليه الجلسة التمهيدية في محضر جلسة أو في وثيقة توقع من
األطراف أو ممثليهم ،ومن المحكمين.
يقصد ببيان الدعوى المذكرة المكتوبة التي يجب على الطرف الذي بادر لتقديم طلب
التحكيم أن يرس لها إلى الم دعى علي ه و إلى جمي ع أعض اء هيئ ة التحكيم خالل الميع اد
المتفق عليه أو الميعاد الذي تحدده الهيئة ،يتضمن بياناته الشخصية وتحديد هوية المدعى
عليه وعنوانه ،وتفصيل وقائع الدعوى وبيان المسائل موضوع النزاع ،وكافة البيانات التي
()1
نص اتفاق األطراف على ذكرها وتحديد طلباته.
ويق وم الم دعى علي ه خالل الميع اد المتف ق علي ه أو بق رار من هيئ ة التحكيم بإع داد
م ذكرة مكتوب ة يض منها رده على م ا تض منه بي ان الم دعي ،وع رض كاف ة أوج ه دفاع ه
وطلباته المتصلة بموضوع النزاع ،وله إبداء طلباته في وقت الحق إذا قدرت هيئة التحكيم
وج ود ظ روف ت برر الت أخير في إعالن طلبات ه ،و في ه ذا اإلط ار نص ت الم ادة ()1022
من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على وجوب تقديم كل طرف دفوعه و مستنداته
قب ل انقض اء أج ل التحكيم بخمس ة عش رة ( )15يوم ا على األق ل ،وإ ال فص ل المحكم بن اء
على ما قدم إليه خالل هذا األجل.
)(1تنص المادة ( )30الفقرة األولى من القانون رقم 27لسنة ،1994المتعلق بقانون التحكيم في المواد المدنية والتجاري
المصري ،على أنه » :يرسل المدعي خالل الميعاد المتفق عليه بين الطرفين والذي تعينه هسئة التحكيم إلى الم دعى علي ه
وإ لى كل واحد من المحكمين بيانا مكتوبا بدعواه يشتمل على إسمه وعنوانه وإ سم المدعى عليه وعنوانه وشرح لوقائع
الدعوى وتحديد للمسائل محل النزاع وطلباته وكل أمر آخر يوجب إتفاق الطرفين ذكره في هذا البيان« ...
67
ويح ق للط رفين أن يرفق ا م ا يش اءان من ص ور الوث ائق و المس تندات ،أو يش يرا إلى
المستندات وأدلة اإلثبات التي يعتزمان تقديمها للهيئة في وقت الحق ،ويظل للهيئة دائما
الحق في طلب تقديم أصول ما يقدم من وثائق أو مستندات.
ليس لهيئ ة التحكيم إذا تش كلت من أك ثر من محكم ،أن تعق د أي جلس ة من جلس اتها
دون التش كيلة الكامل ة أو أن تنت دب عض وا منه ا التخ اذ إج راء من اإلج راءات إال إذا ك ان
يج وز له ا ذل ك بم وجب اتف اق األط راف ،وه ذا م ا نص ت علي ه الم ادة ( )1020من ق انون
اإلجراءات المدنية واإلدارية على أنه " :تنجز أعمال التحقيق و المحاضر من قبل جميع
المحكمين إال إذا أجاز اتفاق التحكيم سلطة ندب أحدهم للقيام بها".
أعطى المشرع الجزائري لهيئة التحكيم سلطة واسعة في تحقيق أدلة اإلثبات ،حيث
نصت المادة ( )1047من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على أن " :تتولى محكمة
التحكيم البحث في األدلة ".و عليه سنتعرض ألهم سلطات المحكم في مجال اإلثبات على
النحو التالي:
أعطى المش رع الجزائ ري لهيئ ة التحكيم الس لطة في البحث في األدل ة مثل ه مث ل
التش ريعات األخ رى ،و بالت الي له ا الس لطة إلل زام المحتكمين لتق ديم المس تندات واالطالع
()1
عليها ،أو بناء على طلب أحد األطراف.
مص طفى محم د الجم ال ،عكاش ة عب د الع ال ،التحكيم في العالق ات الخاص ة الدولي ة ،منش ورات الحل بي الحقوقي ة، )(1
لم يعط المشرع السلطة للمحكم للبت في الطعن بالتزوير ،وإ نما له أن يعاينه ،ويطلع
عليه فقط ،أما الفصل فيه فهي مسألة تخرج عن والية المحكم و يختص به القضاء ،وهذا
طبقا لنص المادة ( )1021من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية التي تحيل مسألة الطعن
ب التزوير م دنيا في ورق ة أو إذا حص ل ع ارض جن ائي إلى الجه ة القض ائية المختص ة
ويستأنف سريان أجل التحكيم من تاريخ الحكم في المسألة العارضة.
لهيئ ة التحكيم االنتق ال لمعاين ة مح ل ال نزاع ،ك أن تق وم بنفس ها بمعاين ة البض ائع أو
األموال أو غيرها من األشياء المتعلقة بالنزاع ،بناء على قرار من هيئة التحكيم من تلقاء
نفسها أو بطلب الخصوم.
كم ا للمحكم س لطة اس تجواب الش هود ،و ل ه س لطة تقديري ة في ع دم األخ ذ بش هادتهم
كله ا أو بعض ها في حال ة ع دم اتف اق المحتكمين أو في حال ة طلب أح دهم ،إذا ت بين لهيئ ة
التحكيم أن م ا ت وفر ل ديها من أدل ة اإلثب ات كافي ة إلص دار الحكم ،على أن تب دي م بررات
مقبولة لهذا الرفض(.)1
وقد أجاز قانون التحكيم المصري لهيئة التحكيم أن تأمر بسماع الشهود في المادة (
)33وبدون يمين ،وإ ذا لم يمتثل الشهود ويحضروا لإلدالء بشهادتهم جاز لهيئة التحكيم أن
تطلب من القض اء إل زام الش هود ب المثول أم ام هيئ ة التحكيم و اإلدالء بش هادتهم ح ول
موضوع النزاع ،وهذا ما نصت عليه كذلك المادة ( )1048من قانون اإلجراءات المدنية
و اإلدارية الجزائري.
هدى محمد مجدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص . 230- 229 )(1
69
-4اإلستعانة بالخبراء:
لم ينص علي ه المش رع الجزائ ري ص راحة ،لكن م ادام لهيئ ة التحكيم البحث عن
األدلة ،فإن لها السلطة في االستعانة بخبير في النزاع.
وطبقا للمادة ( )36من قانون التحكيم المصري فإن لهيئة التحكيم تعيين خبير أو أكثر
ليعد تقريرا بشأن مسائل معينة تحددها ،ما لم يتفق األطراف على خالف ذلك ،وال يحلف
الخب ير اليمين ،م ع إج راء الخ برة بحض ور األط راف ،وعلي ه أن يح ترم مب دأ المس اواة و
حقوق الدفاع.
وطبقا للفقرة الثانية لنص المادة ( )1046من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ،
فإنه يجوز تدخل القضاء بناء على طلب من محكمة التحكيم إذا لم يقم أحد أطراف النزاع
بتنفيذ التدبير الذي أمرت به هيئة التحكيم.
علي رمضان بركات ،تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ،1996 ،ص.416 )(1
70
وعليه يتضح و أن اللجوء منذ البداية للقضاء التخاذ مثل هذه التدابير هو أكثر فعالية
ألن القاضي يملك السلطة األمرية التي يفتقدها المحكم ،لذلك من الناحية العملية غالبا ما
()1
يلجأ األطراف في اتفاق التحكيم إلى إسناد مثل هذه المهمة للقضاء ال للمحكم.
يمكن أن يرد على خصومة التحكيم قبل الفصل فيها اإلنقطاع أو الوقف.
الق انون ال واجب التط بيق على إج راءات التحكيم ه و ال ذي يختص بتنظيم قواع د و
ح االت وإ ج راءات وق ف خص ومة التحكيم ،واس تئناف س يرها بع د ذل ك ،ورغم وق ف
الخصومة ،إال أن طلب التحكيم يظل مرتبا ألثره و يحتفظ كل طرف بمركزه الق انوني ،إال
أن ه ذه الخص ومة القائم ة يص يبها الرك ود ،فال يج وز ألي من أطرافه ا أو لهيئ ة التحكيم
القيام بأي نشاط فيها ،ويترتب على وقف الخصومة وقف ميعاد التحكيم ،و لو كان ميعادا
اتفاقيا أو ميعادا إضافيا قررته هيئة التحكيم أو المحكمة المختصة ،والوقف أنواع:
لم ينص عليه المشرع الجزائري ،إال أنه تماشيا مع مبدأ سلطان اإلرادة الذي يعتبر
أس اس نظ ام التحكيم فإن ه يمكن أن يتف ق جمي ع األط راف في خص ومة التحكيم على وق ف
س يرها لم دة معين ة ،وه ذا م ا نص ت علي ه الم ادة ( )128من ق انون المرافع ات المص ري،
على أن ه إذا ك ان األط راف ق د اخت اروا قانون ا معين ا ،أو نظ ام مرك ز تحكيم تخض ع ل ه
إجراءات التحكيم ،و كان هذا القانون أو هذا النظام يحدد حدا أقصى للوقف اإلتفاقي فإنه
يجب عليهم التقيد بما ينص عليه(.)2
محمود مختار احمد بريري ،مرجع سابق ،ص ،148حفيظة السيد الحداد ،مدى إختصاص القضاء الوطني بإتخاذ )(1
اإلج راءات الوقتي ة والتحفظي ة في المنازع ات الخاص ة الدولي ة المتف ق بش أنها على التحكيم ،دار الفك ر الج امعي،
اإلسكندرية ،مصر ،بدون ذكر تاريخ النشر ،ص....
فتحي والي ،مرجع سابق ،ص .380-379 )(2
71
غالبا ما تلجأ هيئة التحكيم إلى وقف اإلجراءات لوجود مسألة تخرج عن واليتها و
تدخل في اختصاص جهة قضائية إما بحسب طبيعتها ،و إما أن األطراف لم يتفقوا على
التحكيم بش أنها ،ف إذا ق درت هيئ ة التحكيم الفص ل في تل ك المس ائل للبت في القض ية
المعروض ة أمامه ا ك ان له ا أن تحكم بوق ف س ير اإلج راءات ح تى الفص ل في المس ألة
العارض ة من المحكم ة المختص ة ،ومثاله ا الطعن ب التزوير ال ذي نص ت علي ه الم ادة (
)1021السالفة الذكر.
يتحقق الوقف بقوة القانون بمجرد توافر أسبابه ودون حاجة إلى اتفاق الطرفين على
الوقف ،أو قرار من هيئة التحكيم ،و لم ينص عليه المشرع الجزائري وال المصري .
لكن هناك أنظمة أخرى نصت على هذا النوع من الوقف و مثالها المادة ( )13من
الئح ة إج راءات التوفي ق و التحكيم التج اري لمرك ز أب و ظ بي للتوفي ق و التحكيم التج اري
لسنة 1993والتي نصت على أنه ":يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات التوفيق،
أو التحكيم حتى صدور قرار لجنة العرف و التحكيم".
لم يتعرض المشرع الجزائري لمسألة انقطاع خصومة التحكيم ولم يحل إلى األحكام
المنظم ة النقط اع الخص ومة أم ام الجه ات القض ائية ،على عكس المش رع المص ري ال ذي
أح ال بم وجب نص الم ادة ( )38من ق انون التحكيم المص ري مس ألة انقط اع الخص ومة في
التحكيم على الح االت والش روط المق ررة في ق انون المرافع ات المص ري وبالت الي تطب ق
()1
أحكام نص المادة ( )130من هذا األخير.
تنص الم ادة ( )38من ق انون التحكيم المص ري الس الف ال ذكر أن ه» :ينقط ع س ير الخص ومة أم ام هيئ ة التحكيم في )(1
االح وال ووفق ا للش روط المق ررة ل ذلك في المرافع ات المدني ة المدني ة والتجاري ة ،وي ترتب على إنقط اع س ير الخص ومة
اآلثار المقررة في القانون المذكور « .
72
طبق ا لنص الم ادة ( )210من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة تنقط ع الخص ومة
لألسباب التالية:
-وف اة أو اس تقالة أو توقي ف أو ش طب أو تنحي المح امي ،إال إذا ك ان التمثي ل جوازي ا وهي
تقريبا نفس الحاالت المنصوص عليها في المادة ( )130من قانون المرافعات المصري.
ويتم استئناف اإلجراءات بناء على قيام الخلف العام للطرف المتوفى من الخص وم أو
ولي أو مقدم الطرف الناقص أو عديم األهلية ،باستئناف الخصومة وطبقا ألحكام القانون
تخطر الجهة القضائية الناظرة في النزاع المعنيين باألمر من أجل استئناف اإلجراءات و
إال يحكم في حقهم غيابيا .
تناول المشرع الجزائري مسألة إنهاء إجراءات التحكيم في المادة ( )1024من قانون
اإلج راءات المدني ة واإلداري ة ال تي نص ت على الح االت ال تي ينتهي فيه ا التحكيم و هي
كاآلتي:
بوفاة أحد المحكمين أو رفضه القيام بمهمته بمبرر أو تنحيته أو حصول مانع له ما لم -1
يوج د ش رط مخ الف أو إذا اتف ق األط راف على اس تبداله ،أو اس تبداله من قب ل المحكم أو
المحكمين الباقين ،وفي حالة غياب اإلتفاق تطبق المادة ( )1009أي بتدخل القضاء.
بانتهاء المدة المقررة للتحكيم ،فإذا لم تشترط المدة فبانتهاء مدة أربعة ( )04أشهر -2
ويترتب على إنهاء إجراءات التحكيم على هذا النحو إنتهاء مهمة هيئة التحكيم تماما كما
ل و انتهت مهمتهم بص دور الحكم ،فال تك ون للهيئ ة أي ص فة في إتخ اذ أي إج راء ،أو
اإلستجابة ألي طلب يقدمه األطراف بعد صدور قرارها بإنهاء اإلجراءات.
طبق ا لنص الم ادة ( )1050من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة تفص ل محكم ة
التحكيم في النزاع عمال بقواعد القانون الذي اختاره األطراف ،وهنا نكون أمام احتمالين:
قد تتجه إرادة األطراف الختيار قانون دولة معينة ليكون الفصل في النزاع وفقا لما
تض منه ه ذا الق انون من نص وص و أحك ام ،و ق د يك ون ق انون وطني ا أو أجنبي ا عن مك ان
التحكيم أو عن جنسية أطرافه ،أو جنسية المحكمين .
ويجوز لألطراف بدال من اإلتفاق على تطبيق قانون دولة معينة ،اإلتفاق على تط بيق
نظ ام ق انوني معين ،وإ ن ك ان ال ينتمي إلى دول ة معين ة ،كاالتف اق على تط بيق قواع د
الشريعة اإلسالمية.
)(1
Fouchard (ph), Arbitrage et droit international de développement, col. Alger, les 11,12,13 et
14 October 1976, col. OPU, 1978, P73.
74
أغلب نزاعات التحكيم تتعلق بالتجارة الدولية ،لذلك تحتاج إلى تنظيم خ اص و قواع د
مستمدة من األعراف التجارية ،واألطراف هم األقدر على وضع ما يالئم النزاع من حلول
()1
مبتكرة ال تجد مصدرها في قانون دولة معينة ،وإ نما في إرادة األطراف مباشرة.
وق د تك ون ه ذه القواع د المتعلق ة بموض وع العق د ،أو اإلحال ة إلى القواع د و الش روط
التي تتضمنها وثيقة أو عقد نموذجي ،ففي هذه الصور ال توجد أي إشارة لتطبيق قانون
دولة معينة.
المبحث الثاني :تحديد هيئة التحكيم للقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع
حسب المادة ( )1050من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية إذا لم يخ تر األط راف
الق انون ال واجب التط بيق على موض وع ال نزاع تفص ل هيئ ة التحكيم حس ب قواع د الق انون
واألعراف التي تراها مالئمة ،ويستفاد من النص أن هيئة التحكيم قد تلجأ إلى قانون دولة
معين ة ،أو تطب ق الع ادات واألع راف الجاري ة الخاص ة بالمعامل ة ال تي ك انت مح ل اتف اق
()2
تحكيم ،و قد تفصل في النزاع وفقا لقواعد العدالة و اإلنصاف.
يختار المحكم القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع ،وقد يكون قانون الدولة
ال تي يج ري فيه ا التحكيم أو ق انون الدول ة ال تي ج رت فيه ا وق ائع ال نزاع ،أو أي ة قواع د
قانونية نافذة في دولة أخرى.
لكن هيئ ة التحكيم ليس ت له ا س لطة مطلق ة في ه ذا االختي ار ،فق د ألزمه ا المش رع
باختي ار القواع د الموض وعية للق انون ال ذي ت رى أن ه األك ثر اتص اال ب النزاع ،وه و بطبيع ة
الح ال ق انون الدول ة ال تي تم في ه إب رام العق د ،وإ ذا ك ان ال نزاع ح ول تنفي ذ إل تزام معين في
العقد ،فالقانون األكثر اتصاال بالنزاع هو قانون الدولة التي تم فيها تنفيذ هذا اإللتزام ،أو
التي اتفق األطراف على تنفيذه فيها.
)(1
Mostefa trari tani, OP.cit, P131.
محمد نور عبد الهادي شحاته ،النشأة اإلتفاقية للسلطات القضائية للمحكمين ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر، )(2
،1999ص.422
75
المطلب الثاني :تطبيق هيئة التحكيم لألعراف الجارية
وإ ذا تع ارض الع رف المطب ق من هيئ ة التحكيم م ع نص تش ريعي واجب التط بيق أو
مع قاعدة قانونية اتفق األطراف على تطبيقها على موضوع النزاع ،فإن هيئة التحكيم ال
تطبق العرف و إنما القانون المتفق عليه.
لم ينص عليه المشرع الجزائري في قانون اإلجراءات المدنية واإلداري ة ،على عكس
المش رع المص ري ال ذي نص في الم ادة ( )39الفق رة الرابع ة من ق انون التحكيم المص ري
على أن ه " :يج وز لهيئ ة التحكيم إذا اتف ق طرف ا التحكيم ص راحة على أن تفص ل في
موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة و اإلنصاف دون تقيد بأحكام القانون".
وهذه القواعد تحرر المحكم من التقيد بأي نصوص تشريعية أو أية قواعد قانونية أيا
ك ان مص درها ،لكي يس تطيع المحكم إيج اد نوع ا من التس وية لل نزاع المع روض علي ه،
مس تلهما م ا ي راه محقق ا للعدال ة و م ا يرض ي ض ميره ،وبالت الي تخض ع لمع ايير شخص ية
ترجع إلى تكوين المحكم وشخصيته و ثقافته.
لكن ه ذه الس لطة مقي دة بع دم مخالف ة المب ادئ األساس ية للتقاض ي واإلل تزام بالقواع د
اآلم رة المتعلق ة بالنظ ام الع ام ال دولي م ا دمن ا أم ا تحكيم تج اري دولي و ح تى ل و ك انت
مخالفة لنظام عام داخلي.
76
المحور الرابع :إنتهاء خصومة التحكيم
قد تنتهي خصومة التحكيم نهاية طبيعية بإصدار حكم فاصل في النزاع ،و قد تصدر
هيئة التحكيم العديد من األحكام الجزئية ،أو األولية قبل الفصل في الموضوع ،و تلتزم في
هذا الصدد باتباع إجراءات معينة إلصدار هذه األحكام ،ووفقا لبيانات معينة حتى ال يكون
عرضة للطعن بالبطالن.
وحكم التحكيم باعتب اره حكم ص ادر عن قض اء خ اص ارتض اه الخص وم ،ف إن ش أنه
شأن أي حكم قضائي يجب إتباع إجراءات معينة لتنفيذه ،كما يمكن الطعن فيه.
وإ ذا ك انت ه ذه النهاي ة الطبيعي ة للتحكيم ،فإن ه ق د ينتهي التحكيم دون بلوغ ه هدف ه و
المتمثل في الفصل في النزاع المعروض على هيئة التحكيم ،فقد تنتهي إجراءات التحكيم
في حالة توصل األطراف لتسوية ودية أو تركهم لخصومة التحكيم ،أو بسبب خ ارج عن
إرادتهم.
يعت بر حكم التحكيم النتيج ة ال تي تتوص ل إليه ا هيئ ة التحكيم بع د النظ ر في دف وع
وطلب ات الخص وم ،وإلص داره يجب أن تتب ع الهيئ ة مجموع ة من اإلج راءات ،وتل تزم
بالميعاد المحدد لها ،كما يمكن لهيئة التحكيم أن تصدر أحكاما جزئية و أحكاما أولية قبل
إصدار الحكم المنهي للخصومة.
وحكم التحكيم كغيره من أحكام القضاء حيث يمكن الطعن فيه وفقا لمواعيد و طرق
محددة ،كما يستلزم األمر تنفيذه وفقا إلجراءات معينة نظرا لصدورها عن نظام ذي طابع
خاص.
77
المبحث األول :صدور حكم التحكيم
ال ش ك أن ص دور حكم التحكيم ه و الغاي ة من اللج وء لنظ ام التحكيم ،و ه و النهاي ة
الطبيعي ة للعملي ة التحكيمي ة ،كم ا يمل ك المحكم إص دار مختل ف أن واع األحك ام جزئي ة أو
وقتية إال أنه ملزم بإصدار حكمه في الميعاد المحدد قانونا أو إتفاقا و بإتباع اإلجراءات
الالزمة ووفقا للشروط التي تحصنه من الطعن.
قد تصدر هيئة التحكيم أحكاما ال تفصل في النزاع ،فقد تصدر أحكاما جزئية ،كما
قد تصدر أحكاما وقتية ،وذلك خالل إدارتها للعملية التحكيمية ،أو إصدار حكم تمهيدي
قبل إصدار الحكم المنهي للخصومة و النزاع المعروض عليها.
قد تصدر عن هيئة التحكيم أحكام فاصلة في جزء من الموضوع ( بعض الطلبات)
وتس مى ه ذه األحك ام باألحك ام الجزئي ة ،وق د نص ت عليه ا الم ادة ( )1049من ق انون
اإلج راءات المدني ة واإلداري ة و تص در عن هيئ ة التحكيم م الم يتف ق األط راف على خالف
ذلك.
والحكم الجزئي هو حكم موضوعي و ليس حكما وقتيا ،و يتميز بأنه يفصل فقط في
جزء من المسائل محل النزاع المطروحة على التحكيم وليس فيها كلها ،مع استمرار هيئة
التحكيم في نظر باقي هذه المسائل و لهذا فإن الحكم الجزئي الذي تصدره هيئة التحكيم ال
ينهي واليتها في نظر النزاع في باقي المسائل التي لم يشملها الحكم الجزئي(.)1
إال أنه يجوز لألطراف االتفاق على حرمان هيئة التحكيم من إصدار أحكام جزئية،
وفي هذه الحالة يمتنع عليها إصدار حكم جزئي و إال عرضت حكمها للبطالن طبقا لنص
المواد ( 1049و )1056من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية.
حفيظة السيد الحداد ،الوجيز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي ،مرجع سابق ،ص.311 )(1
78
الفرع الثاني :سلطة هيئة التحكيم في إصدار األحكام الوقتية
طبق ا لنص الم ادة ( )1046من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة خ ول المش رع
لهيئة التحكيم سلطة إصدار أحكاما وقتية ( مستعجلة) كالحكم بالحراسة القضائية ،و يكون
لهيئ ة التحكيم ه ذه الس لطة م ا لم يتف ق األط راف على خالف ذل ك ،أي ع دم تخويله ا س لطة
إصدار مثل هذه األحكام.
ويشترط لكي يصدر المحكمون حكما وقتيا متعلقا بالنزاع شروط هي(:)1
-1أن يقدم الطلب من أحد األطراف لهيئة التحكيم ،لألمر بالتدبير المطلوب ،و بالتالي
ليس لها القضاء به من تلقاء نفسها.
-2أن تت وافر ش روط ال دعوى اإلس تعجالية ،أي عنص ر االس تعجال و ع دم مس اس األم ر
بأصل الحق.
-3أن تكون إجراءات التحكيم قد بدأت ،فال يمكن لهيئة التحكيم أن تصدر أحكام وقتي ة إال
إذا تم فعال بدء إجراءات التحكيم أمامها.
حس ب نص الم ادة ( )1035من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة فق د أش ار
المش رع الجزائ ري إلى األحك ام التحض يرية ،ويتم يز الحكم التمهي دي أو التحض يري بأن ه
حكما ليس فاصال في موضوع النزاع كليا أو جزئيا و ليس منهيا للخصومة ،كما أنه ال
يصدر في طلب وقتي ،فهو يرمي إلى التمهيد إلصدار حكم موضوعي أو وقتي.
ولم ينص القانون على شكل خاص للحكم التمهيدي أو التحضيري ،و له ذا فإن ه يمكن
أن يص در في ش كل ق رار من الهيئ ة ،يثبت في محض ر جلس ة ،كم ا يمكن أن يص در في
()2
شكل ورقة حكم مستقلة يوقع عليها أعضاء هيئة التحكيم أو أغلبيتهم.
79
المطلب الثاني :حجز الدعوى للمداولة و ميعاد إصدار حكم التحكيم
إلصدار حكم التحكيم يجب أن تتبع هيئة التحكيم مجموعة من اإلجراءات ،حيث يقدم
األطراف دفوعهم و مستنداتهم و تعقد الهيئة جلسات للمرافعة و سماع الشهود و الخبراء
ثم تص در أم را بقف ل ب اب المرافع ة و حج ز ال دعوى للم داوالت ،و يجب أن تتم ك ل ه ذه
اإلج راءات وف ق الق انون ال واجب التط بيق على اإلج راءات ،كم ا أن هن اك إل تزام ج وهري
يق ع على ع اتق هيئ ة التحكيم أال وه و ض رورة إص دار الحكم في الميع اد المح دد اتفاق ا أو
قانونا.
إذا استنفذت هيئة التحكيم جميع اإلجراءات الواجبة التطبيق على النزاع تنفرد الهيئة
بمراجعة و تدقيق المستندات و األدلة( ،)1و مناقشة طلبات و دفوع األطراف و يجب على
الهيئ ة أن تخط ر األط راف بموع د قف ل ب اب المرافع ة ب وقت ك اف و تحدي د أج ل إلص دار
الحكم.
وقد حدد المشرع الجزائري أجال لقفل باب المرافعة حيث تنص المادة ( )1022من
قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على أنه يجب على كل طرف تقديم دفاعه و مستنداته
قب ل انقض اء أج ل التحكيم بخمس ة عش رة ( )15يوم ا على األق ل ،و إال فص ل المحكم بن اء
على ما قدم إليه خالل هذا األجل .
ويالحظ أن المشرع الجزائري قد نص صراحة على موعد قفل باب المرافعة وحج ز
ال دعوى للمداول ة ،حيث ح ددها ب 15يوم ا قب ل أج ل انقض اء التحكيم ،ح تى تت داول هيئ ة
التحكيم إلصدار حكمها.
80
ال رأي و التش اور دون الوق وع في الح رج ال ذي ق د يتعرض ون ل ه في حال ة الس ماح
لألطراف ،أو ممثليهم بالحضور أثناء المداوالت.
وتج در اإلش ارة إلى أن ه إذا تمت الم داوالت بش كل عل ني ف إن ذل ك يفتح الب اب أم ام
إمكانية الطعن بالبطالن في الحكم الذي تصدره هيئة التحكيم.
إذا كان لهيئة التحكيم سلطة الفصل في النزاع محل التحكيم ،فإن هذه السلطة يجب
أن تم ارس خالل الميع اد المح دد ،وب الرجوع إلى نص الم ادة ( )1018من ق انون
اإلجراءات المدنية واإلدارية ،يتضح و أن هناك ميعاد اتفاقي و ميعاد قانوني تلتزم خالله
الهيئ ة بالفص ل في ال نزاع ،كم ا يمكن م د ه ذا الميع اد باتف اق األط راف ب اقتراح من هيئ ة
التحكيم ،أو بأمر من رئيس المحكمة المختصة.
األص ل أن يتف ق األط راف على ميع اد التحكيم ،فهم األق در على معرف ة ظ روف و
مالبسات النزاع و الوقت الكافي للفصل فيه ،وليس هناك حد أقصى للميع اد ال ذي يمكن أن
()1
يتفق عليه األطراف .
كما يمكن تحديد ميعاد التحكيم وفقا لقواعد و لوائح أحد مراكز و مؤسسات التحكيم
الدائم ة إذا اتف ق أط راف التحكيم على أن يتم التحكيم وفق ا لإلج راءات المتبع ة أم ام ه ذه
المراكز(.)2
إذا أغف ل الطرف ان االتف اق على تحدي د ميع اد التحكيم ف إن الهيئ ة تل تزم بالفص ل في
ال نزاع وفق ا للميع اد المح دد في الق انون ال واجب التط بيق على اإلج راءات ،و بالنس بة
أحمد السيد الصاوي ،التحكيم طبقا للقانون رقم 27لسنة 1994وأنظمة التحكيم الدولية ،المؤسسة الفنية للطباعة )(1
ويالحظ أن المدة التي حددها المشرع الجزائري ( 04أشهر) تتماشى و مزايا نظام
التحكيم أال وهي الس رعة على عكس الميع اد ال ذي ح دده المش رع المص ري ( 12ش هرا)
الذي يبدو طويال نوعا ما.
أعطى المشرع الجزائري لهيئة التحكيم سلطة مد ميعاد التحكيم بموافقة األطراف ،
و في حال ة ع دم اتف اق األط راف على ف ترة التمدي د( ،)1ف إن م د ميع اد التحكيم يك ون وفق ا
للق انون ال ذي يحكم إج راءات التحكيم و ه ذا طبق ا للفق رة الثاني ة من الم ادة ( ، )1018و
يؤخذ على هذا النص ما يلي:
-2هذا النص لم يحد من سلطة محكمة التحكيم في مد الميعاد ،حيث لم يحدد المدة اإلضافية
التي يمكن أن تأمر بها هيئة التحكيم ،مما يفتح المجال أمام المحكمين في تحديد فترة المد.
أعطى المش رع الجزائ ري للقض اء س لطة م د ميع اد التحكيم ،حيث نص المش رع
الجزائري في المادة ( )1018على تمديد أجل التحكيم من طرف رئيس المحكمة المختص ة
سليم بشير ،الحكم التحكيمي والرقابة القضائية ،اطروحة لنيل شهادة دكتوراه علوم ،تخصص قانون خاص ،جامعة )(1
يش ترط أن يت وفر في حكم التحكيم بعض الش روط الموض وعية و أخ رى ش كلية ح تى
يكون صحيحا.
يجب أن يكون حكم المحكمين فاصال في موضوع النزاع على نحو حاسم ،فال يعد
حكما مجرد حث األطراف أو توجيههم إلى انتهاج أسلوب معين في تنفيذ إلتزاماتهم.
فحكم التحكيم الذي يكتسب هذا الوصف هو الحكم الصادر في موضوع النزاع على
نح و يحس م ب ه داب ر ال نزاع ،ولكن إذا ك ان حكم التحكيم به ذا المع نى يط ابق مع نى الحكم
القضائي.
إال أن المحكمين على عكس القضاة ،ال يستمدون سلطتهم من الدولة وإ نما من اتفاق
األط راف ،ول ذا فهم ال ذين يح ددون مهم ة المحكم ونط اق س لطاته ،فه و قاض ي ال نزاع كم ا
حدده األطراف ،وال تنطبق عليه قاعدة أن قاضي األصل هو قاضي الفرع ،فهو ال يفصل
إال فيما طرح عليه ،وال يملك التصدي لما لم يعرض عليه و لم يطلب منه الفصل فيه.
ل ذلك يع د س ببا من أس باب بطالن حكم التحكيم ،تج اوز المحكم ح دود المهم ة ،أو
التصدي لما لم يتفق األطراف على عرضه على التحكيم.
ويجب أن يصدر المحكمون حكم التحكيم وفقا لقواعد القانون الذي اختاره األطراف،
سواء بالنسبة لإلجراءات أو للموضوع( ،)2ويعد سببا لبطالن حكم التحكيم تجاهل المحكمين
83
إلرادة األط راف و الحكم وفق ا لق انون آخ ر ،ح تى ل و ك ان ه و الق انون ال ذي ك ان س يطبقه
القاض ي ل و ع رض علي ه ال نزاع ،وه ذا طبق ا للفق رة الثالث ة للم ادة ( )1056من ق انون
اإلجراءات المدنية واإلدارية.
كما يشترط صدور حكم التحكيم بأغلبية أصوات تشكيلة هيئة التحكيم ،هذا في حالة
تعدد المحكمين ،وذلك طبقا لنص المادة ( )1026من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية.
لم ي ورد المش رع الجزائ ري نص ا خاص ا بالش روط الش كلية وإ نم ا بنص وص متفرق ة
على عكس المش رع المص ري ال ذي نص في الم ادة ( )43الفق رة األولى من الق انون رقم
27لس نة 1994على أن ه ":يص در حكم التحكيم كتاب ة و يوقع ه المحكم ون ،و في حال ة
تش كيل هيئ ة التحكيم من أك ثر من محكم واح د يكتفي بتوقيع ات أغلبي ة المحكمين بش رط أن
تثبت في الحكم أسباب عدم توقيع األقلية".
أوال /الكتـابة:
الكتابة شرط لوجود الحكم ال إلثباته ،فالقانون ال يعترف بالحكم الشفوي ،فمثل هذا
الحكم يك ون منع دما ،فحكم التحكيم يجب إيداع ه ،وتنفي ذه ل ذلك يجب أن يك ون مكتوب ا وال
()1
يمكن لألطراف اإلتفاق على خالف ذلك.
والمش رع الجزائ ري لم ينص ص راحة على كتاب ة الحكم ،غ ير أن ه ب الرجوع إلى
نص وص الم واد ( 1027و 1028و )1029من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة
يتضح وأنه أشار ضمنيا للكتابة.
ويتم كتابة الحكم باللغة التي جرى بها التحكيم ،سواء كانت اللغة العربية ،أو أي لغة
أخرى حددها إتفاق الطرفين أو قرار هيئة التحكيم.
ثانيـا /التوقيع:
84
نص المشرع الجزائري في المادة ( )1029من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية
على أن يوقع حكم التحكيم من قبل جميع المحكمين ،وإ ذا تشكلت محكمة التحكيم من أكثر
من محكم ،يجب توقيع األغلبية على الحكم .
ولم يستلزم المشرع الجزائري ضرورة بيان أسباب عدم توقيع األقلية ،على عكس
الق انون المص ري ال ذي اش ترط ذل ك ،وإ نم ا اقتص ر فق ط على ض رورة اإلش ارة إلى واقع ة
رفض األقلية التوقيع على الحكم ،واعتبر الحكم الموقع من األغلبية كأنه موقعا من جميع
المحكمين.
ثالثا/التسبيب:
من خالل نص الم ادة ( )1027من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلدارية ف إن تس بيب
حكم التحكيم من اإللتزام ات الجوهري ة ال تي تق ع على المحكم ،وع دم التس بيب ي ؤدي إلى
بطالن حكم التحكيم طبق ا للم ادة ( 1056الفق رة الخامس ة) من ق انون اإلج راءات المدني ة و
اإلداري ة ،ولم يمنح لألط راف إمكاني ة إعف اء المحكم من تس بيب حكم ه كم ا ه و الوض ع في
قانون التحكيم المصري.
ذل ك ألن التس بيب يعت بر من أهم ض مانات التقاض ي ،ويض من حس ن أداء المحكمين
لمهمتهم ،ويبين مدى استيعابهم لوقائع النزاع و دفوع الخصوم ،من خالل ما يشتمل عليه
الحكم من أسباب واقعية و قانونية التي اعتمدت عليها الهيئة في إصداره .
نص المشرع الجزائري على البيانات التي يجب أن يتضمنها حكم التحكيم و هي :
-أن يتض من حكم التحكيم عرض ا م وجزا الدع اءات األط راف و أوج ه دف اعهم و ه ذا طبق ا
للفقرة األولى للمادة ( )1027من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية.
-إس م و لقب المحكم أو المحكمين ،وذل ك طبق ا لنص الم ادة ( )1028الفق رة األولى من
قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية و ذلك لمراقبة تطابق األسماء الواردة في الحكم مع
85
األسماء التي تضمنها اتفاق التحكيم ،حيث يلزم المشرع ذكر أسماء المحكمين أو طريقة
تعيينهم في شرط أو مشاركة التحكيم(.)1
-ت اريخ ص دور الحكم ،وذل ك طبق ا للفق رة الثاني ة من الم ادة ( ، )1028و الغاي ة من ه إثب ات
صدور الحكم خالل مدة سريان إتفاق التحكيم.
-مك ان إص دار الحكم ،طبق ا للفق رة الثالث ة من نفس الم ادة ،وتحدي د مك ان ص دور الحكم يتم
على أساسه تحديد المحكمة المختصة لطلب التنفيذ والطعن فيه بالبطالن(.)2
-يجب أن يتض من الحكم أس ماء وألق اب األط راف ،وم وطن ك ل منهم ،وتس مية األش خاص
المعنوية و مقرها االجتماعي.
-ذكر أسماء وألقاب المحامين أو من مثل أو ساعد األطراف ،عند اإلقتضاء .
إذا صدر حكم التحكيم المنهي للخصومة وجب على هيئة التحكيم أن تسلم صورة من
هذا الحكم تحمل توقيعات جميع المحكمين أو أغلبيتهم.
وق د ح دد المش رع المص ري في الم ادة ( )44من ق انون التحكيم م دة 30يوم ا من
تاريخ صدور الحكم ميعادا إلتمام هذا التسليم ،كما ألزم الطرف الذي صدر حكم التحكيم
لصالحه بإيداع أصل الحكم أو صورة موقعة منه باللغة التي صدر بها ،أو ترجمة باللغة
العربية مصادق عليها من جهة معتمدة إذا كان صادرا بلغة أجنبية ،وذلك لدى كتابة ضبط
محكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق األطراف على محكمة استئناف أخرى.
أم ا المش رع الجزائ ري فلم ينص ص راحة على تس ليم الحكم ،لكن ب الرجوع إلى نص
الم ادة ( )1052من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة ،فق د نص على أن ه يثبت حكم
86
التحكيم بتقديم األصل مرفقا باتفاقية التحكيم ،أو بنسخ عنهما ،تستوفي شروطها ،وبالتالي
ال يتم ذلك إال عن طريق تسليم هيئة التحكيم الحكم لألطراف.
الفرع الرابع :أثر صدور حكم التحكيم على انتهاء مهمة المحكمين
رغم ارتب اط بق اء ص فة الهيئ ة بص دور الحكم المنهي للخص ومة ،ف إن بعض
التشريعات أبقت لهيئة التحكيم صفة محدودة لمواجهة حاالت محددة وتتمثل فيما يلي:
-1يج وز لك ل من ط رفي التحكيم أن يطلب من هيئ ة التحكيم ،خالل الثالثين يوم ا التالي ة
لتسلمه حكم التحكيم ،تفسير ما وقع في منطوقه من غموض ،و يجب على طالب التفسير
إعالن الطرف اآلخر بهذا الطلب قبل تقديمه لهيئة التحكيم.
-2يص در التفس ير كتاب ة خالل الثالثين يوم ا التالي ة لت اريخ تق ديم طلب التفس ير لهيئ ة
التحكيم ويجوز لهذه الهيئة مد هذا الميعاد ثالثين يوما أخرى إذا رأت ضرورة لذلك.
- 3و يعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمما لحكم التحكيم الذي يفسره وتسري عليه أحكامه.
أحمد أبو الوفا ،مرجع سابق ،ص.267 )(1
87
ثانيا /سلطة المحكم في تصحيح حكم التحكيم:
تمتد سلطة المحكم طبقا للفقرة الثانية للمادة ( )1030إلى تصحيح األخطاء المادية الواردة
في حكم التحكيم كالخط أ في أس ماء الخص وم ،أو الخط أ الحس ابي و تنص الم ادة ( )50من
قانون التحكيم المصري على أنه:
-1تتولى هيئة التحكيم تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة ،كتابية أو حسابية
وذل ك بق رار تص دره من تلق اء نفس ها أو بن اء على طلب أح د الخص وم ،و تج ري هيئ ة
التحكيم التصحيح من غير مرافعة خالل الثالثين يوما التالية لتاريخ صدور الحكم أو إي داع
طلب التصحيح بحسب األحوال ،ولها مد هذا الميعاد ثالثين يوما أخرى إذا رأت ضرورة
لذلك.
-2و يصدر قرار التصحيح كتابة من هيئة التحكيم و يبلغ إلى الطرفين خالل ثالثين يوما من
تاريخ صدوره و إذا تجاوزت هيئة التحكيم سلطتها في التصحيح جاز التمسك ببطالن هذا
القرار بدعوى بطالنه.
ثالثا /سلطة المحكم في الفصل فيما أغفله حكم التحكيم ،وإ صداره أحكاما إضافية:
ويع ني ذل ك اس تكمال هيئ ة التحكيم الفص ل في المس ائل ال تي ك انت معروض ة عليه ا
أثناء النزاع ،إال أنها عند الفصل في النزاع لم تتعرض لها في حكمها بالفصل فيها ،مما
يعطي للمحكم س لطة إص دار حكم تكميلي فاص ل فيم ا أغفلت ه من مس ائل في حكم التحكيم
األص لي ،وذل ك طبق ا لنص الم ادة ( )1030الفق رة الثاني ة من ق انون اإلج راءات المدني ة
واإلدارية.
وهذا ما نصت عليه كذلك المادة ( )51من قانون التحكيم المصري( ،)1والتي أجازت
لألط راف ول و بع د انته اء ميع اد التحكيم ،أن يطلب من هيئ ة التحكيم خالل الثالثين يوم ا
التالي ة لتس لمه الحكم إص دار حكم تحكيمي إض افي في طلب ات ق دمت خالل اإلج راءات
وأغفلها حكم التحكيم و يجب إعالن هذا الطلب إلى الطرف اآلخر قبل تقديمه.
تنص الم ادة ( )51من ق انون التحكيم المص ري على أن ه» :يج وز لك ل من ط رفي التحكيم ،ول و بع د إنته اء ميع اد )(1
التحكيم ،أن يطلب من هيئة التحكيم خالل الثالثين يوما التالية لتسلمه حكم التحكيم إصدار حكم تحكيم إضافي في طلبات
قدمت خالل اإلجراءات وأغفلها حكم التحكيم ،ويجب إعالن هذا الطلب إلى الطرف اآلخر قبل تقديمه. « ..
88
وتصدر هيئة التحكيم حكمها خالل ستين ( )60يوما من تاريخ تقديم الطلب ويجوز
لها مد هذا الميعاد ثالثين يوما أخرى ،إذا رأت ضرورة لذلك.
ق د ال يرض ى في الغ الب المحك وم ض ده بتنفي ذ حكم التحكيم طواعي ة ،و إن ك ان
المش رع ق د أج از اللج وء للتحكيم لح ل النزاع ات إال أن ه لم يع ط ألحك ام التحكيم الق وة
التنفيذية ،رغم حيازته لحجية األمر المقضي فيه بمجرد صدوره ،فالقوة التنفيذية ال تلحق
حكم المحكمين إال بصدور أمر خاص بها من قضاء الدولة ،يسمى بأمر التنفيذ.
تنص الم ادة ( )1031من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة على أن ه " :تح وز
أحك ام التحكيم حجي ة الش يء المقض ي في ه بمج رد ص دورها فيم ا يخص ال نزاع المفص ول
فيه".
وترتيبا على ما سبق فإن من صدر حكم التحكيم لصالحه يحق له التمسك بحجية هذا
الحكم إذا قام الطرف اآلخر برفع دعوى أمام القضاء للنظر في الموضوع الذي فصل فيه
حكم التحكيم ،و كانت الدعوى مؤسسة على السبب الذي استندت إليه دعوى التحكيم.
غير أنه لما كان التحكيم نظام تعاقدي يخضع منذ البداية لمبدأ سلطان اإلرادة ،فإن
حجية الحكم التحكيم تزول إذا اتفق األطراف على رفض ما قضت به هيئة التحكيم ،حيث
يمكن لهم بدء إجراءات تحكيم جديدة ،أمام هيئة جديدة ،وبالتالي يتضح وأن هيئة التحكيم
أحمد محمد حشيش ،القوة التنفيذية لحكم التحكيم ،دار الكتب القانونية ،مصر ،2008 ،ص.34 ،33 )(1
89
الجديدة والقضاء ال يملكان من تلقاء نفسهما إثارة الدفع بسبق الفصل ومن ثم حجية حكم
التحكيم ،وإ نما يثيرها أحد الطرفين.
وهذا يعني أن حجية حكم التحكيم يتوقف على مدى رضى الطرفين بما توصل إليه
من حلول للفصل في النزاع.
إن حكم التحكيم ش أنه ش أن الحكم القض ائي ،ال يتمت ع بحجي ة مطلق ة ،وإ نم ا تتح دد
حجيت ه بالموض وع ال ذي فص ل في ه ،أي مح ل ال نزاع و أساس ه ال ذي ق ام علي ه ،كم ا تتح دد
هذه الحجية من ناحية األشخاص ،وذلك كما يلي:
حكم التحكيم ال يتمت ع بالحجي ة إال في ح دود م ا فص ل في ه من خالف تض منه إتف اق
التحكيم شرطا ك ان أو مش اركة ،كم ا أنه ال يعت بر حجة فيم ا ال يجوز في ه التحكيم كمس ألة
حال ة األش خاص وأهليتهم والمس ائل المتعلق ة بالنظ ام الع ام ،والبت في الطعن ب التزوير أو
البت في مس ألة ال يش ملها إتف اق التحكيم أو تج اوز الهيئ ة ح دود اإلتف اق والفص ل فيم ا لم
يعرض عليها ،وكذا المسائل التي أغفل عنها إال إذا صدر فيها حكم إضافي فاصل في تل ك
المسألة.
90
مالحظGG Gة :ال يجب الخل ط بين نط اق اتف اق التحكيم و قوت ه الملزم ة ،وبين حجي ة حكم
التحكيم ،فإنه ال يحتج بالحكم إال على أطراف اإلتفاق الذين ثار بينهم النزاع و ش اركوا في
()1
خصومة التحكيم.
كم ا أن حجي ة الحكم التحكيمي ال تس ري في مواجه ة ممثلي الخص وم ،وإ نم ا في
مواجه ة الخص وم أنفس هم و إذا تعل ق األم ر بمش روعات مش تركة أو ش ركات المحاص ة،
حيث ال يوج د كي ان ق انوني مس تقل ،حيث أن التحكيم ال ذي يتم بين أح د األط راف في
المش روع المش ترك ،أو بين أح د ش ركاء ش ركة المحاص ة و الغ ير ،ويك ون مؤسس ا على
س بب يتعل ق بالمش روع المش ترك ،أو بش ركة المحاص ة ف إن الحكم تك ون ل ه حجي ة بالنس بة
للجمي ع ،وذل ك إذا ك ان الش ريك ق د أب رز ص فته كن ائب عن ش ركائه لتم ثيلهم في خص ومة
التحكيم.
إذا انتهت إج راءات التحكيم بإص دار الحكم ،يمكن لألط راف اللج وء للقض اء
الستصدار أمر التنفيذ وقد عالجت مختلف تشريعات التحكيم مسألة تنفيذ أحكام التحكيم،
حيث حددت الجهات القضائية المختصة بإصدار أوامر التنفيذ واإلجراءات الواجب إتباعه ا
لتنفيذ هذه األحكام و كيفية الطعن فيها.
في أغلب األحك ام التحكيمي ة الدولي ة يك ون اإلع تراف بحكم التحكيم مالزم ا للتنفي ذ،
فط الب التنفي ذ يم ر حتم ا بعملي ة االع تراف أوال ،ثم األم ر بإعط اء الص يغة التنفيذي ة إال أن
هذه القاعدة ال تعد مطلقة ،بل يمكن أن تكون أحكاما تحكيمية دولية تحتاج إلى اإلعتراف
دون األم ر بالتنفي ذ :ك الحكم ال ذي ال يحت وي على إل زام و مثال ه رفض ال دعوى ،وفي ه ذه
الحالة يلجأ إلى اإلعتراف به ليكسبه حجية الشيء المقضي فيه(.)2
أحمد الورفلي ،التحكيم الدولي في القانون التونسي ،مجمع األطرش للنشر وتوزيع الكتاب المختص ،تونس،2006 )(2
ص.724
91
ومفهوم اإلعتراف هو أن الحكم التحكيمي صدر بشكل صحيح وملزم لألطراف ،أما
التنفيذ فمعناه أن يطلب الخصم المحكوم له من القضاء إلزام المحكوم عليه بتنفيذ ما جاء
بالحكم التحكيمي جبرا عنه ،وذلك بموجب اإلجراءات التنفيذية(.)1
وطلب اإلع تراف ب الحكم التحكيمي إج راء دف اعي يلج أ إلي ه ص احب المص لحة قب ل
التنفي ذ ،أو لتف ادي مطالبت ه ح ول نفس ال نزاع أم ام قض اء الدول ة ،من خالل دفع ه بحجي ة
الشيء المقضي فيه ،والتي ال يكتسبها الحكم التحكيمي إال بعد اإلعتراف به.
أوال /اإلعتراف بأحكام التحكيم األجنبية وفقا التفاقية نيويورك لسنة :1958
تع د إتفاقي ة نيوي ورك لس نة 1958نم وذج فري د من نوع ه ،بش أن اإلع تراف وتنفي ذ
األحك ام التحكيمي ة الدولي ة وهي نتيج ة للتط ور اإلتف اقي ال دولي الخ اص ب اإلعتراف وتنفي ذ
األحكام التحكيمية الدولية.
وعالجت المادة ( )03من اإلتفاقية موضوع اإلعتراف بأحكام التحكيم بنصها على أن
تعترف كل دولة متعاقدة بحجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقا لقواعد المرافعات المتبعة
في اإلقليم المطل وب إلي ه التنفي ذ و طبق ا للش روط المنص وص عليه ا في الم واد التالي ة ،وق د
أرست إتفاقية نيويورك مبدأ "المعاملة الوطنية" أي إلتزام الدولة الموقعة باإلعتراف وتنفي ذ
أحك ام التحكيم وفق ا لقواع د المرافع ات الس ارية دون تمي يز أو إخض اع األحك ام األجنبي ة
لشروط أكثر تشددا أو لرسم أكثر تكلفة بدرجة ملحوظة عن الشروط الخاصة لتنفيذ أحكام
التحكيم الوطنية(.)2
وق د فص لت اتفاقي ة نيوي ورك في موض وع األحك ام التحكيمي ة الوطني ة واألحك ام
التحكيمية األجنبية معتمدة في ذلك على معيار مكان صدور الحكم التحكيمي ،حيث نصت
في الفقرة األولى من المادة األولى على أن " :هذه اإلتفاقية تطبق على اإلعتراف و تنفيذ
أحكام التحكيم الصادرة في إقليم دولة غير تلك التي يطلب فيها اإلعتراف وتنفيذ األحكام
الناتجة عن الخالفات بين األشخاص الطبيعية و المعنوية.
أحمد هندي ،تنفيذ أحكام المحكمين ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ، 2003 ،ص 24-23 )(1
محمود مختار أحمد بريري ،التحكيم التجاري الدولي ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،الطبعة الثالثة ،2004 ،ص )(2
.280
92
وتطب ق أيض ا على األحك ام التحكيمي ة ال تي ال تعت بر من األحك ام الوطني ة في الدول ة
المطلوب فيها اإلعتراف و تنفيذ األحكام".
ويتض ح من النص أن اإلتفاقية لم تكتف بالمعيار اإلقليمي بل أضافت أمرا آخر هو
نظ رة الدول ة ال تي س ينفذ به ا الحكم التحكيمي ،ف إذا ك انت تعت بر الحكم التحكيمي الص ادر
بإقليمه ا غ ير وط ني فإنه ا تطب ق أحك ام اتفاقي ة نيوي ورك على أس اس أن ه حكم تحكيمي
دولي(.)1
وبالرجوع لذات القانون في باب التحكيم ،فالمشرع الجزائري قد أورد فرعا خاصا
باإلعتراف بالحكم التحكيمي الدولي و فرعا آخر خاص بتنفيذ أحكام التحكيم الدولية.
وعلى ه ذا األس اس يمكن الق ول أن موض وع اإلع تراف مس تقال عن موض وع التنفي ذ
وأن ه من الممكن إتخ اذ إج راءات خاص ة ب اإلعتراف دون مباش رة إج راءات التنفي ذ ،وله ذا
تقتضي طبيعة الموضوع معالجته في موضوع مستقل.
فوزي محمد سامي ،شرح القانون التجاري ،التحكيم التجاري الدولي ،المجلد الخامس ،مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع، )(1
،1997ص.38
93
ولإلحاط ة بالموض وع الب د من إس تقراء الم واد 1053 ، 1052 ، 1051/1من
قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ،والتي تنص على شروط اإلعتراف بالحكم التحكيمي
الدولي وهي:
الف رق بين الحكم التحكيمي ال داخلي و الحكم التحكيمي ال دولي ه و الش روط ال واجب
توافرها في كل من هذين الحكمين عند تنفيذهما ،فإذا كان األول ال يشترط في تنفيذه عدا
إيداع أصله لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة ،خالفا لذلك فإن الحكم التحكيمي الدولي
ألزم المشرع الجزائري توافر شروط أخرى ،حيث نصت المادة ( )1051على أن ":يتم
اإلعتراف بأحك ام التحكيم الدولية في الجزائر إذا أثبت من تمسك بها وجودها و كان هذا
اإلعتراف غير مخالف للنظام العام الدولي".
ويفهم من المادة أن طلب األمر باإلعتراف يقتضي تقديم الحكم التحكيمي الدولي أم ام
الجهة المختصة و ال يعقل أن يصدر األمر باإلعتراف دون وجود الحكم التحكيمي.
ولذا نصت المادة ( )1052من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على الكيفية التي
من خاللها يتم إثبات وجود الحكم التحكيمي الدولي ،و أكدت على أن يثبت ذلك عن طريق
تقديم أص ل الحكم التحكيمي ال دولي مرفق ا باتفاقي ة التحكيم أو بنسخ عنهما تستوفي شروط
ص حتهما وعليه ،من أراد االستفادة من اإلعتراف ب الحكم التحكيمي الدولي الصادر سواء
لص الحه أو ض ده أن يق دم للجه ة المختص ة أص ل الحكم التحكيمي مرفق ا باتفاقي ة التحكيم
أونسخ منهما يصادق عليهما من المصالح الرسمية .
وقد غض النظر المش رع الجزائ ري عن ترجمة تلك الوث ائق ،وبالت الي ف إن للقاضي
الس لطة التقديرية الكامل ة في طلب الترجمة وله أن يعتمد إم ا على الم ادة ( )08من ق انون
اإلج راءات المدني ة واإلداري ة و المتعلق ة بترجم ة الوث ائق أو الم ادة الرابع ة من اتفاقي ة
نيوي ورك لس نة 1958ال تي أوجبت ترجم ة الحكم التحكيمي األجن بي واتفاقي ة التحكيم إلى
لغة البلد الرسمية المطلوب إليها التنفيذ.
94
الشرط الثاني/عدم مخالفة النظام العام الدولي:
وهن اك قواع د تتعل ق بالنظ ام الع ام ذات ط ابع دولي ،واألمثل ة على ذل ك عدي دة،
كالقاع دة الدولي ة ال تي تمن ع الرش وة ،وتح ارب الفس اد أو ال رق أو التفرق ة العنص رية أو
اإلتجار في األسلحة والتهريب والمخدرات ،هذه األمثلة و أخرى تعد تجسيدا للنظام العام
الدولي(.)2
بلي غ حم دي محم ود ،ال دعوى ببطالن أحك ام التحكيم الدولي ة ،دار الجامع ة الجدي دة ،االس كندرية ، 2007،ص )(1
.465
نفس المرجع ،ص.470 )(2
95
إذا كانت محررة بغير اللغة العربية ،مع مراعاة القواعد العامة للنظام العام الدولي دون
تعقيد األمور ودون الدخول في مدى توافر عدالة الحكم التحكيمي من عدمه.
الحكم التحكيمي الدولي غير قابل للتنفيذ إال بعد إعطائه القوة التنفيذي ة ،ويبقى الس ؤال
مطروحا ماهي الجهة المختصة المانحة لهذه القوة التنفيذية ،وهل يسبق ذلك إيداع الحكم
التحكيمي ال دولي وم اهي اإلج راءات ال واجب إتخاذه ا الستص دار األم ر بتنفي ذ الحكم
التحكيمي الدولي.
وقد نصت المادة ( )600من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على أنه " :ال يجوز
التنفيذ الجبري إال بسند تنفيذي" وقد حصرت المادة السندات التنفيذية القابلة للتنفي ذ الجبري
بثالث ة عش ر س ندا ومن بين ه ذه الس ندات أحك ام التحكيم الم أمور بتنفي ذها من قب ل رؤس اء
الجهات القضائية و المودعة بأمانة الضبط.
وعليه فإن القوة التنفيذية للحكم التحكيمي ال تتحقق ما لم يصدر بشأنها أمر قضائي
بتنفيذها وهو ما يسمى " باألمر بالتنفيذ" بحيث بموجب القانون لإلعتراف بالقوة التنفيذية
للحكم التحكيمي صدور أمر بتنفيذه من جانب القضاء العام في الدولة.
وبعبارة أخرى أن القوة التنفيذية يستمدها الحكم التحكيمي من القضاء الرسمي الذي
يستمد هو اآلخر قوته من السلطة العامة ،مع العلم أن الحكم سواء كان قضائيا أو تحكيميا
ليس له القوة التنفيذية مالم يكن يقضي بإلزام المحكوم عليه بشيء يمكن تنفيذه جبرا وهو
م ا يع رف بحكم اإلل زام أم ا األحك ام المق ررة والمنش ئة فهي ال ت دخل ض من الس ندات
التنفيذية(.)1
فتحي والي ،التنفيذ الجبري ،الطبعة الثانية ،مطبعة جامعة القاهرة ،مصر ، 1975 ،ص.31 )(1
96
المشرع الجزائري على غرار دول مختلفة منظمة إلى اتفاقية نيويورك لسنة 1958
سن نصوصا خاصة بالتحكيم الدولي ،وأسند االختصاص إلى القضاء الوطني وفرق بين
حالة ما إذا جرى التحكيم الدولي في الجزائر ،وما إذا جرى هذا التحكيم في الخارج.
-1الجهة المختصة باألمر بالتنفيذ بالنسبة لحكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر:
طبق ا للفق رة الثاني ة للم ادة ( )1051من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة ف إن
المحكم ة المختص ة بإص دار األم ر بالتنفي ذ لحكم التحكيم ال دولي الص ادر في الجزائ ر ،هي
المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها مكان وقوع التحكيم الدولي.
والمشرع الجزائري إختار محكمة مقر التحكيم ألسباب موضوعية ،منها أن المحكمة
قد تكون على علم بالعملية التحكيمية مسبقا ،وذاك عن طريق بعض الطلبات التي قد سبق
و أن قدمت أمامها أثناء المحاكمة ،كتعيين المحكمين مثال أو الرد أو سماع الشهود.
-2الجهة المختصة باألمر بالتنفيذ بالنسبة للحكم التحكيمي الدولي الصادر خارج الجزائر:
على خالف حكم التحكيم ال دولي الص ادر في الجزائ ر ف إن حكم التحكيم ال دولي
الص ادر خ ارج الجزائ ر يك ون رئيس محكم ة مح ل التنفي ذ ه و المختص محلي ا و نوعي ا
بإصدار أمر بالتنفيذ.
97
حتى يكون لألحكام التحكيمية مكانة تنظيمية معتبرة يجب إيداعها لدى أمانة ضبط
المحكمة بمجرد صدورها ،ألنها وسيلة لحمل األطراف على تنفيذه ،واإليداع ال يحتاج إلى
رقاب ة موض وعية وال ش كلية معين ة ،حيث يكفي تس ليم أص ل الحكم التحكيمي ال دولي أو
ص ورة معتم دة من ه ،وال يحت اج إلى رأي رئيس المحكم ة وال إلى أي قاض ي فه و من
اختصاص كاتب الضبط ال غير و قد نص المشرع الجزائري على التنفيذ المتعلق بأحكام
التحكيم الدولي في المادة ( )1054هذه األخيرة التي أحالت بدورها األمر إلى المواد من (
)1035إلى ( )1038من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ،وهي المواد المتعلقة بتنفيذ
حكم التحكيم الداخلي ،وبالتالي تطبق نفس األحكام.
أما بخصوص اإليداع فإنه وفقا لما جاءت به المادة ( )1035من قانون اإلجراءات
المدنية واإلدارية فهو أمر وجوبي سواء كان الحكم داخليا أو دوليا.
واألهم في عملي ة اإلي داع ه و إدخ ال الحكم التحكيمي ال دولي في النظ ام اإلداري
للقض اء إلعطائ ه رقم ا في المحفوظ ات مثل ه مث ل الحكم القض ائي ح تى يمكن لك ل من ل ه
مص لحة اس تخراج نس خة من ه ذل ك ألن المش رع ق د نص ص راحة على أن األحك ام
التحكيمية سواء كانت نهائية أو جزئية أو تحضيرية كلها قابلة لإليداع و التنفيذ.
ويتم إيداع أصل الحكم من الطرف الذي يهمه التعجيل ،و تكون نفقات اإليداع على
عاتق األطراف .
ثالثا /اإلجراءات الواجب اتخاذها الستصدار األمر بتنفيذ الحكم التحكيمي الدولي:
تنص الم ادة ( )1035على أن حكم التحكيم يك ون ق ابال للتنفي ذ ب أمر من قب ل رئيس
المحكم ة ،وطبق ا لنص الم ادة ( )1036يس لم رئيس أمان ة الض بط نس خة رس مية ممه ورة
بالصيغة التنفيذية من حكم التحكيم لمن يطلبها من األطراف.
انطالقا من هاتين المادتين يمكن القول أن إجراءات استصدار األمر بالتنفيذ إجراءات
بس يطة تتمث ل في مج رد تق ديم الطلب ممن ل ه مص لحة في ذل ك ،كم ا أن المش رع لم يقي د
الطلب بميع اد معين ،ويمكن الق ول أن الميع اد يخض ع للقواع د العام ة المتعلق ة بس قوط
األحكام القضائية بالتقادم.
98
ويش ترط على ط الب األم ر بالتنفي ذ إرف اق الطلب بأص ل حكم التحكيم ،م ع المالحظ ة
أن المش رع الجزائ ري أح ال في مس ألة التنفي ذ على الم واد من ( )1035إلى ( ،)1038و
طبق ا لنص الم ادة ( )1035فإنه ا لم تش ترط من الوث ائق س وى أص ل حكم التحكيم و لم
يتطرق إلى اتفاقية التحكيم وهذا يعتبر سهوا من المشرع يجب تداركه بتعديل نص المادة (
)1035السالفة الذكر.
أما عن كيفية تقديم طلب األمر بالتنفيذ فإنها حسب نفس المادة ( ،)1035فإن الطلب
يقدم بكيفية عادية ال تحتاج إلى تبليغ الطرف اآلخر وال حضوره بل تخضع إلى إجراءات
األوامر على عرائض و هي من األعمال الوالئية و ليس من األعمال القضائية.
وأن األم ر بالتنفي ذ يوض ع على أص ل حكم التحكيم بع د مباش رة القاض ي المختص
للرقاب ة الش كلية الخارجي ة دون التط رق لموض وع التحكيم ،وه ذا م ا يس مى بالعم ل
الوالئي(.)1
الجه ة القض ائية المختص ة ب األمر بالتنفي ذ ،ال يتع دى نط اق رقابته ا على الحكم
التحكيمي الدولي الجانب الشكلي دون التطرق للموضوع وال يجوز لها النظر فيما إذا كان
المحكم طبق الق انون أم ال ،أو أن الحكم التحكيمي عادل أم غير ذلك ،ألن في ذلك مساس
بالتحكيم و تجاوز في السلطة.
ول ذا يمكن الق ول أن النظ ر في طلب األم ر بالتنفي ذ ال يع د اس تئنافا أم ام القض اء ،ب ل
هو مجرد رقابة قضائية شكلية بالمفهوم الضيق ال بالمفهوم الواسع ،خاصة بالنسبة للحكم
التحكيمي الدولي.
خامس GGا /اس تئناف األم ر القض ائي الص ادر بش أن طلب اإلع تراف أو تنفي ذ حكم التحكيم
الدولي:
عاشور مبروك ،النظام القانوني لتنفيذ أحكام التحكيم ،الطبعة الثانية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر، 2002 ، )(1
ص .375،376
99
إن الجه ة القض ائية المختص ة للفص ل في طلب التنفي ذ ،ق د ت أمر ب االعتراف أو تنفي ذ
حكم التحكيم ال دولي ،وق د ت أمر برفض ه ،والمش رع الجزائ ري ق د ف رق بينهم ا في مس ألة
الطعن باالستئناف.
-1االس تئناف في األم ر ال رافض لإلع تراف أو تنفي ذ حكم التحكيم ال دولي في الق انون
الجزائري:
نص ت الم ادة ( )1055من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة على ":يك ون األم ر
القاضي برفض اإلعتراف أو برفض التنفيذ قابال لالستئناف".
أم ا الجه ة ال تي يتم االس تئناف أمامه ا هي طبق ا للم ادة ( )1057من نفس الق انون
المجلس القض ائي الواقع ة في دائرت ه المحكم ة ال تي أص درت األم ر ب رفض االع تراف أو
تنفيذ حكم التحكيم ،وذلك في أجل شهر واحد ابتداء من تاريخ التبليغ الرسمي ألمر رئيس
المحكمة.
ودور المجلس القض ائي ه و دور ش كلي و يعتم د المراقب ة الوالئي ة و ذل ك من خالل
التأكد فقط من الوجود المادي لحكم التحكيم الدولي و اتفاقية التحكيم و المستندات الالزمة
من جهة ،ومن جهة أخرى مراقبة ما إذا كان األمر محل االستئناف غير مخالف للنظام
العام الدولي ،ألن األصل هو الموافقة على اإلعتراف أو التنفيذ و اإلستثناء هو الرفض.
-2االستئناف في األمر الصادر بالموافقة على االعتراف أو تنفيذ حكم التحكيم الدولي:
أك د المش رع الجزائ ري في الم ادة ( )1056من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة
على ع دم ج واز االس تئناف في مث ل ه ذه األوام ر كمب دأ إال إذا ت وافرت ش روط مح ددة
ومذكورة على سبيل الحصر وهي:
-إذا فصلت محكمة التحكيم بدون اتفاقية التحكيم أو بناء على اتفاقية غير صحيحة.
-إذا كان تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد مخالفا للقانون.
100
-إذا لم يراع مبدأ الوجاهية.
هذه األسباب جاءت على سبيل الحصر والتحديد وال يجوز للمستأنف أن يعتمد على
غيرها من األسباب وإ ال رفض استئنافه.
ومعظم األسباب المذكورة أعاله نقلت حرفيا عن المشرع الفرنسي و بالضبط المادة
( )1502من ق انون اإلج راءات المدني ة الفرنس ية ،ماع دا س بب واح د لم يدرج ه المش رع
الفرنسي وهو" تسبيب حكم التحكيم".
أدى ت أثير الطبيع ة التعاقدي ة التف اق التحكيم على الص فة القض ائية لحكم التحكيم إلى
فتح س بيل دع وى البطالن ض د حكم التحكيم ،وله ذا اإلعتب ار تج يز التش ريعات المختلف ة
()1
الدعوى ببطالن أحكام التحكيم.
فقد يصدر القرار من المحكمين وهو يحمل معه سببا من األسباب التي تجعله باطال،
وبالتالي يصبح كأن لم يكن ،وهي أسباب قد تتعلق بعقد التحكيم ،أو بإجراءاته أو لمخالفة
النظام العام أو ألسباب تتعلق بحكم التحكيم ذاته.
أجاز المشرع الجزائري طلب بطالن أحكام التحكيم الدولية الصادرة في الجزائر ،و
ذلك في الحاالت الواردة على سبيل الحصر والتي يجوز فيها كذلك استئناف األمر الصادر
ب اإلعتراف وتنفي ذ حكم التحكيم الص ادر بالخ ارج ،و ه ذه الح االت منص وص عليه ا في
المادة ( )1056من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية وتشمل ما يلي:
حفيظ ة الس يد الح داد ،الطعن ب البطالن على أحك ام التحكيم الص ادرة في المنازع ات الخاص ة الدولي ة ،دار الفك ر )(1
-2إذا كان تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد مخالفا للقانون الذي اتفق عليه
األطراف.
-3إذا فصلت محكمة التحكيم بما يخالف المهمة المسندة إليها ،أي لم تلتزم بجدود المهمة
المنوطة بها بحيث تفصل في ما لم يطلبه منها األطراف.
-5إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها أو إذا وجد تناقض في األسباب ،حيث أن المشرع
الجزائري يشترط تسبيب األحكام.
سواء من حيث الجهة القضائية المختصة واآلجال ،أو من حيث آثار الطعن بالبطالن
على التنفيذ.
حسب المادة ( )1059من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية فإن الجهة المختصة
بنظر دعوى بطالن حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر يكون للمجلس القض ائي ال ذي
صدر الحكم في دائرة اختصاصه.
أي أن المش رع الجزائ ري عام ل حكم التحكيم ال دولي الص ادر في الخ ارج ك الحكم
القضائي ،واعتبر محكمة التحكيم كدرجة أولى و لكن المجلس القضائي عند نظره لدعوى
البطالن ال ينظر فيها كقاضي استئناف ألنه ال يلغي وال يعدل الحكم و إنما يقضي ببطالنه
أو رفض الطعن وتثبيت الحكم.
102
ولم يحدد المشرع الجزائري اإلجراءات الخاصة برفع دعوى البطالن ،هل تخضع
إلج راءات رف ع ال دعوى ،كم ا ه و الوض ع في الق انون الفرنس ي( ،)1أو أن ه مج رد عم ل
والئي.
أم ا بالنس بة لآلج ال فإن ه حس ب الم ادة ( )1059من ق انون اإلج راءات المدني ة و
اإلدارية ،فرق المشرع الجزائري بين حالتين هما:
الحالة األولى :إذا لم يبلغ الطرف باألمر القاضي بالتنفيذ ،فإن الطعن غير مربوط بآج ال،
ويمكن للطرف المعين رفع دعوى البطالن بمجرد صدور حكم التحكيم.
الحالة الثانية :إذا ش رع المحك وم ل ه ب إجراءات اإلع تراف أو التنفي ذ ،ف إن المحك وم علي ه
مج بر في ه ذه الحال ة أن يرف ع دع وى البطالن قب ل انقض اء ش هر واح د من ي وم التبلي غ
الرسمي لألمر القاضي بالتنفيذ.
ثانيا /آثار البطالن على تنفيذ حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر:
وله ذا يجب على ك ل من ي رغب في تق ديم طلب التنفي ذ أن ينتظ ر إم ا انقض اء ميع اد
()2
الطعن في حالة عدم رفعه و إما االنتظار إلى غاية الفصل فيه في حالة رفعه.
)(2وهو ما ذهب إليه كذلك ،القانون الفرنسي من خالل المادة ( )1506التي نصت على le délai pour exercer « :
les recours prévus aux articles 1501, 1502, et 1504 suspend l’exécution de la sentence
.» arbitrale. Le recours exercés dans le délai est également suspensif
103
مالحظGGة :لق د أعطى المش رع الجزائ ري ألط راف التحكيم ح ق الطعن ب النقض في الحكم
الص ادر بطلب بطالن حكم التحكيم وفق ا لألحك ام المنظم ة للطعن ب النقض في الق انون
الجزائري(.)1
ق د تنتهي خص ومة التحكيم دون الفص ل في ال نزاع ب إرادة األط راف ،وذل ك في حال ة
توص لهم لتس وية ودي ة لل نزاع ،كم ا يمكن أن تنتهي إج راءات التحكيم لس بب خ ارج عن
إرادة األطراف ،كما في حالة امتناع المحكم عن القيام بمهمته.
قد يلجأ األطراف بإرادتهم إلى إنهاء إجراءات التحكيم ،وذلك في الحاالت التالية:
نظ را لطبيع ة التحكيم االتفاقي ة ،فإن ه ال يوج د م ا يمن ع اتف اق األط راف على تس وية
ودية لنزاعهم.
وإ ذا تمت التس وية الودي ة واتف ق األط راف على عناص رها ،و كيفي ة تنفي ذها ،ف إن
إج راءات التحكيم تتعط ل نهائي ا و تنقض ي خص ومة التحكيم ،و ق د نص على التس وية
()2
المشرع المصري في نص المادة ( )41من قانون التحكيم رقم 27لسنة .1994
م ادام أن التحكيم قض اء اتف اقي خ اص ،فق د اع ترفت غالبي ة تش ريعات التحكيم بح ق
األطراف في اإلتفاق على إنهاء إجراءات التحكيم دون ص دور الحكم الفاصل في النزاع،
أنظر المواد 349و ما يليها من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية و المادة ( )1061من نفس القانون. )(1
عبد الحميد األحدب ،التحكيم وثائق التحكيم ،الجزء الرابع ،مؤسسة نوفل ،بيروت ،لبنان ،1990 ،ص.478 )(2
104
فق د نص ت الم ادة ( )48من الق انون المص ري للتحكيم على انته اء إج راءات التحكيم
بصدور قرار من هيئة التحكيم ،إذا اتفق األطراف على ذلك (.)1
هن ا يك ون ال ترك بن اء على طلب الم دعي في التحكيم ،إال أن ه و عمال بأحك ام نص
الم ادة ( )48من ق انون التحكيم المص ري ،تنتهي إج راءات التحكيم إذا ت رك الم دعي
خص ومة التحكيم م ا لم تق رر هيئ ة التحكيم بن اء على طلب الم دعى علي ه أن ل ه مص لحة
جدية في استمرار اإلجراءات حتى يحسم النزاع.
المبحث الثاني :إنهاء إجراءات التحكيم لسبب خارج عن إرادة األطراف .
تنتهي مهمة المحكم لطارئ لحق بالمحكم ،يحول دون إمكانية استمراره في مباشرة
مهمته ،و تتحدد تلك العوارض أو األسباب في اآلتي:
أ-وف اة المحكم :تعت بر وف اة المحكم من أس باب إنقض اء خص ومة التحكيم ،إال إذا وج د إتف اق
مخ الف ل ذلك يج يز اإلبق اء على االختص اص التحكيمي ،وذل ك باس تبدال المحكم المت وفي
واالس تمرار في اإلج راءات طبق ا لنص الم ادة ( )1024من ق انون اإلج راءات المدني ة
()2
واإلدارية.
تنص المادة ( )48من قانون التحكيم المصري على أنه» :تنتهي إجراءات التحكيم بصدور الحكم المنهي للخصومة )(1
كله ا أو بص دور أم ر بإنه اء إج راءات التحكيم وفق ا للفق رة الثاني ة من الم ادة ( )45من ه ذا الق انون ،كم ا تنتهي أيض ا
بصدور قرار من هيئة التحكيم بإنهاء اإلجراءات في األحوال التالية:
إذا إتفق الطرفان على إنهاء التحكيم. « ... أ-
تنص المادة ( )1024من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على أنه» :ينتهي التحكيم: )(2
105
ب-قي ام م انع للمحكم :و يقص د به ا ك ل عقب ة واقعي ة ،أو قانوني ة تجع ل من المس تحيل على
المحكم الفص ل في ال نزاع ،ويمكن أن يقص د ب ذلك األس باب ال تي تتعل ق بص حته ،أو وج ود
عاه ة ،أو اإلبع اد كعقب ة قانوني ة كع دم األهلي ة أو حرمان ه من حقوق ه المدني ة ،وتنتهي
خصومة التحكيم مالم يتفق األطراف على استمرارها أو استبدال المحكم.
ج -امتناع المحكم عن مباشرة مهمته :وذلك بدون عذر مقبول بما يؤدي إلى تأخير ال مبرر له
في إجراءات التحكيم ،وبالتالي تنتهي خصومة التحكيم ،مالم يتفق األطراف على استبداله
تتعدد أسباب انقضاء مهمة المحكم لسبب يرجع للخصوم و يمكن حصرها فيما يلي:
نصت المادة ( )48من قانون التحكيم المصري على أنه تنتهي إجراءات التحكيم ،إذا
رأت هيئة التحكيم ألي سبب آخر عدم جدوى استمرار إجراءات التحكيم أو استحالتها.
بوفاة أحد المحكمين أو رفضه القيام بمهمته بمبرر أو تنحيته أو حصول مانع له ،ما لم يوجد شرط مخالف ،أو -1
إذا إتفق األطراف على إستبداله من قبل المحكم أو المحكمين الباقين ،وفي حالة غياب اإلتفاق تطبق أحكام المادة
1009أعاله« ..
106
غير أن ه ال يمكن لهيئ ة التحكيم أن تص در أمرا بإنه اء اإلجراءات في ه ذه الحالة إال
إذا توافرت بعض الشروط هي:
-أن تت وفر الظ روف والعوام ل ال تي تجع ل من االس تمرار في الخص ومة التحكيمي ة ع ديم
الج دوى أو مس تحيال ،كم ا ل و ك ان موض وع ال نزاع من المس ائل ال تي تقب ل التحكيم ،أو
علمت الهيئ ة بص دور حكم قض ائي س ابق في موض وع ال نزاع ،أو كم ا نص المش رع
الجزائ ري في الم ادة ( )1024من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة ،في حال ة فق دان
الشيء المتنازع عليه أو انقضاء الدين.
-عدم اعتراض أحد أطراف الخصومة على عزم هيئة التحكيم إنهاء اإلجراءات.
تسقط خصومة التحكيم إذا تقاعس المدعي عن متابعة السير في إجراءاتها إهم اال أو
عق دا لم دة معين ة من ت اريخ آخ ر إج راء ص حيح تم فيه ا ،كم ا يمكن أن تس قط الخص ومة
بتقادم الحق موضوع النزاع ،وفي هذه الحالة تسقط الخصومة إذا لم تبدأ هذه األخيرة في
الميعاد المتفق عليه ،أو عند انقضاء ميعاد التحكيم أو نتيجة تقادم أو سقوط الحق المتنازع
حوله.
وبه ذا عن د س قوط خص ومة التحكيم ،يس ترد ك ل من الط رفين حقهم ا في اللج وء إلى
القضاء ،للفصل في نزاعهم.
الخــــــاتمة:
أض حى التحكيم الطري ق الب ديل لح ل ال نزاع ال ذي يس عى األط راف خاص ة المس تثمر
األجنبي إلدراجه كبند في العقد األصلي واستبعاد اختصاص القضاء ،وما يميز هذا األخ ير
أنه نظام يقوم على مبدأ سلطان اإلرادة ،لذلك تدخل المشرع عبر مراحل لتنظيمه أين ف رق
107
م ا بين التحكيم ال داخلي والتحكيم التج اري ال دولي وأف رد لك ل منهم ا قواع دها الخاص ة،
إضافة إلى قواعد مشتركة ما بينهما.
ومن خالل دراسة تلك القواعد تبين أن المشرع الوطني مثله مثل أغلب التشريعات
لم يع رف نظ ام التحكيم ولم يح دد طبيعت ه القانوني ة ،األم ر ال ذي أدى إلى احت دام الخالف
الفقهي ح ول ذل ك ،أين اعت بره البعض تعاق دي والبعض اآلخ ر ذو طبيع ة قض ائية وج انب
آخر جمع ما بين الطبيعتين عبر مراحل العملية التحكيمية ،في حين جانب حديث من الفقه
يدعو إلى استقالليته.
ويتض ح أن نظ ام التحكيم مص دره إتف اق األط راف على اللج وء إلي ه واس تبعاد قض اء
الدولة ،وتختلف صور هذا االتفاق بحسب زمانه ،ذلك أن االتفاق المسبق على شكل بند
في العق د األص لي يع د ش رطا تحكيمي ا ،أم ا إذا تم اإلتف اق علي ه بع د قي ام ال نزاع فيعت بر
مشارطة تحكيم ،أما عن شرط التحكيم باإلحالة فلم ينص عليه المشرع الوط ني على عكس
المشرع المصري والذي أقره كذلك القضاء الفرنسي.
كم ا نظم آث ار ه ذا االتف اق اإلجرائي ة والموض وعية من خالل الق وة الملزم ة التف اق
التحكيم ومبدأ االس تقاللية من حيث الموض وع ،أم ا الجانب اإلجرائي فيتعلق ب األثر الم انع
إلتفاق التحكيم ومبدا اإلختصاص باإلختصاص.
وق د ك رس المش رع مب دأ س لطان اإلرادة من خالل منح ه لألط راف حري ة إختي ار
المحكم أو هيئ ة التحكيم ،وأعطى دورا احتياطي ا لمرك ز أو مؤسس ة التحكيم أو القض اء
بحسب ما إذا كنا أمام تحكيم حر أو مؤسسي ،كما منح للمحكم سلطات مصدرها القانون
إال أنه ا س لطات مح دودة مقارن ة بتل ك ال تي يمنحه ا إي اه األط راف ،ومن جه ة أخ رى نظم
المشرع الوطني األسباب واإلجراءات الواجب إتباعها لرد المحكم أو عزله ،وأعطى دورا
إحتياطيا للقضاء من أجل المساعدة على ذلك.
ويتم إختي ار الق انون اإلج رائي ال ذي يطب ق على خص ومة التحكيم من قب ل األط راف
بحيث لهم س ن أو وض ع قواع د من إبتك ارهم أو إختي ار قواع د وض عية ،وه ذا ه و ال راجح
108
لتف ادي أي ص عوبات أو عراقي ل ق د تط رأ في الخص ومة ،وفي حال ة ع دم االتف اق أعطى
المشرع للمحكم دورا احتياطيا الختيار القانون الواجب التطبيق.
وهو األمر الذي طبقه كذلك على قواعد إختيار القانون الموضوعي الواجب التطبيق
فق د يخت ار األط راف ق انون دول ة م ا أو م زيج من القواع د ،ويت دخل المحكم في حال ة ع دم
إتفاقهم ،وقد يطبق على سبيل المثال قانون مكان التحكيم.
ويبرز الطابع القضائي لنظام التحكيم من خالل اإلجراءات الواجب إتباعها عند طلب
التحكيم وإ ج راء التحقي ق وع وارض الخص ومة ،أين يظه ر جلي ا ال دور المس اعد للقض اء
خاص ة في مج ال البحث عن األدل ة وتنفي ذ الت دابير التحفظي ة وعن د النظ ر في الطعن
بالتزوير.
كما نظم المشرع إجراءات صدور الحكم التحكيمي دون أن يتطرق إلى تعريفه مثله
مث ل أغلب التش ريعات لع دم اس تقرارهم أص ال ح ول طبيعت ه القانوني ة ،وإ هتم وا بالج انب
الش كلي المس تقر علي ه وال ذي ال يختل ف عن البيان ات ال واجب توافره ا في الحكم القض ائي،
وركز على ميعاد إصداره وطرق تمديده سواء اإلتفاقي أو القضائي.
وال يكتس ب الحكم التحكيمي التج اري ال دولي الحجي ة إال بع د االع تراف ب ه بم وجب
إجراءات بسيطة تتعلق أساسا بثبوت ووجود الحكم التحكيمي وعدم مخالفته للنظام العام،
وقد يكون هذا اإلجراء موازيا لطلب التنفيذ الذي يقوم على نفس الشروط ،أين تبرز فيه
رقابة القضاء وإ ن كانت رقابة شكلية ال تمس الموضوع .
يتضح كذلك الدور الرقابي للقضاء من خالل دعوى بطالن الحكم التحكيمي التج اري
ال دولي ،ال تي حص رها المش رع الوط ني في األحك ام التحكيمي ة الص ادرة في الجزائ ر فق ط
وإ ستثنى تلك الصادرة في الخارج ،كما حدد حاالت البطالن على سبيل الحصر في المادة
( )1056من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية والتي جعل منها سببا لوقف تنفيذ الحكم
التحكيمي أو وقف دعوى الفصل فيه.
109
قائمة المصادروالمراجع:
110
.3المرسوم الرئاسي رقم ( )88/233المؤرخ في 13/11/1988المتضمن انضمام الجزائر
بتحف ظ إلى اإلتفاقي ة ال تي ص ادق عليه ا م ؤتمر األمم المتح دة في نيوي ورك بت اريخ
،10/06/1958الجريدة الرسمية العدد 48بتاريخ .23/11/1988
أ-الكتب
.1إبراهيم أحمد إبراهيم ،التحكيم الدولي الخاص ،دار النهضة العربية ،مصر. 2005 ،
.2أب و العال النم ر ،المرك ز الق انوني للمحكم في خص ومة التحكيم ،الطبع ة األولى ،دار أب و
مجد للطباعة ،القاهرة ،مصر.2006 ،
.3أحم د أب و الوف ا ،التحكيم اإلختي اري واإلجب اري ،الطبع ة الخامس ة ،منش أة المع ارف،
اإلسكندرية. 2001 ،
.4أحمد أبو الوفاء ،عقد التحكيم وإ جراءاته ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية.2007 ،
.5أحمد السيد الص اوي ،التحكيم طبقا للقانون رقم 27لسنة 1994وأنظم ة التحكيم الدولية،
المؤسسة الفنية للطباعة والنشر ،مصر ،دون ذكر تاريخ النشر.
.6أحمد الورفلي ،التحكيم الدولي في القانون التونسي مجمع األطرش للنشر وتوزيع الكتاب
المختص تونس.2006
.7أحم د عب د الك ريم س المة ،التحكيم في المع امالت المالي ة الداخلي ة والدولي ة ،دار النهض ة
العربية ،القاهرة . 2006
.8أحمد عبد الكريم سالمة ،التحكيم في المعامالت المالية الداخلية والدولية المدنية والتجاري ة
واإلداري ة والجمركي ة والض ريبية ،دراس ة مقارن ة–الطبع ة األولى ،دار النهض ة العربي ة،
القاهرة .2006
.9أحمد هندي ،تنفيذ أحكام المحكمين ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية. 2003 ،
111
.10بلي غ حم دي محم ود ،ال دعوى ببطالن أحك ام التحكيم الدولي ة ،دار الجامع ة الجدي دة،
االسكندرية. 2007،
.11بربارة عبد الرحمان ،شرح قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،الطبعة األولى ،منش ورات
بغدادي ،الجزائر.2009 ،
.12جعفر مشيمش ،التحكيم في العقود اإلدارية والمدنية والتجارية ،الطبعة االولى ،منشورات
زين الحقوقية.2009 ،
.13حسن محمد سليم ،النظام القانوني للتحكيم في إطار المجموعة العقدية ،الطبعة األولى ،دار
النهضة العربية ،القاهرة ،مصر.2008 ،
.14حفيظ ة الس يد الح داد ،الم وجز في النظري ة العام ة في التحكيم التج اري ال دولي ،منش ورات
الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان.2010 ،
.15حفيظة السيد الحداد ،الطعن بالبطالن على أحكام التحكيم الص ادرة في المنازعات الخاصة
الدولية ،دار الفكر الجامعي ،مصر.1997 ،
.16حفيظة السيد الحداد ،مدى إختصاص القضاء الوطني بإتخاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية
في المنازع ات الخاص ة الدولي ة المتف ق بش أنها على التحكيم ،دار الفك ر الج امعي،
اإلسكندرية ،مصر ،بدون ذكر تاريخ النشر.
.17خالد محمد القاضي ،موسوعة التحكيم الدولي ،الطبعة األولى ،دار الشروق. 2002،
.18رضوان أبو زيد ،األسس العامة في التحكيم التجاري الدولي ،دار الفكر الجامعي ،القاهرة،
.1981
.19سامية راشد ،التحكيم في العالقات الدولية الخاصة ،دار النهضة العربية ،القاهرة.1984 ،
.20س حر عبد الستار يوسف ،المركز الق انوني للمحكم ،الطبع ة األولى ،دار النهض ة العربية،
القاهرة ،مصر.2006 ،
.21سيد أحمد محمود ،نظام التحكيم ،دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي،
دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر.2000 ،
.22طلعت محم د دوي دار ،ض مانات التقاض ي في خص ومه التحكيم ،الطبع ة األولى ،منش ورات
الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان.2009 ،
.23عاشور مبروك ،النظام القانوني لتنفيذ أحكام التحكيم ،دار النهضة العربية ،الطبعة الثانية،
. 2002
112
.24عبد الحميد األحدب ،التحكيم وثائق التحكيم ،الجزء الرابع ،مؤسسة نوفل ،بيروت ،لبنان،
.1990
.25ع زمي عب د الفت اح ،ق انون التحكيم الكوي تي ،الطبع ة األولى ،مطبوع ات جامع ة الك ويت،
الكويت.
.26علي رمضان بركات ،تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر،
1996
.27علي طاهر البياتي ،التحكيم التجاري البحري– دراسة مقارنة ،دار الثقافة للنش ر والتوزيع،
الطبعة األولى عمان. 2006،
.28علي ع وض حس ن ،التحكيم اإلختي اري واإلجب اري في المنازع ات المدني ة والتجاري ة ،دار
الفكر الجامعي ،اإلسكنرية ،مصر،2004 ،
.29فتحي والي ،التنفيذ الجبري ،الطبعة الثانية ،مطبعة جامعة القاهرة ،مصر. 1975 ،
.30فتحي والي ،الوسيط في قانون القضاء المدني ،دار النهضة العربية.1980 ،
.31ف وزي محم د س امي ،ش رح الق انون التج اري ،التحكيم التج اري ال دولي ،المجل د الخ امس،
مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع.1997 ،
.32ماهر محمد حامد ،أثر النظام العام في الحد من اللجوء إلى التحكيم ،دار النهضة العربي ة ،
القاهرة ،مصر.2012 ،
.33محمد سليم العوا ،النظام الق انوني للتحكيم ،الطبع ة األولى ،دار النهضة العربية ،القاهرة،
مصر.2008 ،
.34محم د ك وال ،تط ور التحكيم التج اري ال دولي في الق انون الجزائ ري ،منش ورات بغ دادي،
.2008
.35محمد نور عبد الهادي شحاته ،النشأة اإلتفاقية للسلطات القضائية للمحكمين ،دار النهضة
العربية ،القاهرة ،مصر.1999 ،
.36محمود مختار أحمد بريري ،التحكيم التجاري الدولي ،الطبعة الثالثة ،دار النهضة العربية،
القاهرة.2007 ،
.37مص طفى محم د الجم ال ،عكاش ة عب د الع ال ،التحكيم في العالق ات الخاص ة الدولي ة،
منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان.1998 ،
.38مناني فراح ،التحكيم طريق بديل لحل النزاعات ،دار الهدى ،عين مليلة ،الجزائر2010 ،
113
.39نبي ل إس ماعيل عم ر ،التحكيم في الم واد المدني ة والتجاري ة الوطني ة والدولي ة ،دار الجامع ة
الجديدة ،الطبعة الثانية ،اإلسكندرية . 2005
.40نبيل صقر ،الوسيط في شرح قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،دار الهدى ،عين مليلة،
الجزائر،2008 ،
.41ه دى محم د مج دي عب د ال رحمن ،دور المحكم في خص ومة التحكيم وح دود س لطاته ،دار
النهضة العربية. 1997 ،
.42هشام خالد تكوين المحكمة التحكيمية في منازعات التجارة الدولية ،المجلد األول ،منشأة
المعارف ،اإلسكندرية . 2008،
ب -األطروحات:
-س ليم بش ير ،الحكم التحكيمي والرقاب ة القض ائية ،اطروح ة لني ل ش هادة دكت وراه عل وم،
تخصص قانون خاص ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة.2012 ،
ج -المقاالت:
.1أنور رسالن ،اإلختصاص القضائي لهيئات التحكيم وفقا لقانون المحكمة الدستورية،
المجلة الدستورية ،العدد الثالث ،السنة األولى ،جويلية .2003
.2حفيظ ة الس يد الح داد ،ش رط التحكيم باإلش ارة بين منهج تن ازع الق وانين ومنهج القواع د
المادية ،دراسة تحليلية وإ نتقادية ألحكام القضاء الفرنسي ،مجلة الحقوق للبحوث القانونية
واإلقتصادية ،العدد األول والثاني.1990 ،
.3خلي ل بوص نوبرة ،الت دخل القض ائي في مج ال التحكيم التج اري ال دولي في التش ريع
الجزائري ،المجلة القضائية الصادرة عن المحكمة العليا ،العدد .02
ثالثا /المراجع باللغة الفنرسية:
a)Ouvrages :
1.Alliouch-Kerboua, Meziani Naima, L’arbitrage Commercial
International En Algerie, OPU, Alger, 2010
2.Jean francois poudret et sebastien besson, droit compare de
l'arbitrage internatioal L-G-D-J 2002.
3.Mostefa trari-tani, droit algérien de l’arbitrage commercial
international, Berti éditions, Alger, 2007.
4.René rodiére et roger Houin, Droit commercial, Dalloz, Paris, 1970,
N° 298.
114
5.Rousseau (CH), Droit international public-précis, Dalloz, 6em ed,
Paris, 1976, 1976.
b) Articles:
1.BELLET (p) ,lejuge- arbitre, revue de l'arbitrage,1980.
2.GOLD MAN(B) ,la volantè des parties et le role de l'arbitrage dans
l'arbitrage international , revue de l'arbitrage , 1981
الفهـرس
01...............................................................................مقدمة
الفص ل الث اني :مزاي ا و مس اوئ التحكيم و تمي يزه عن غ يره من ط رق تس وية
المنازعات12...........................................................................
116
ل ة لح رق البديل يره من الط يز التحكيم عن غ اني :تمي المبحث الث
النزاع15...............................................................................
117
الف رع األول :الق وة الملزم ة التف اق التحكيم ............................................
28
118
المطلب الثاني :الشروط اإلتفاقية الواجب توافرها في المحكم43..........................
الف رع الث اني:ال تزام المحكم بتط بيق الق انون المتف ق علي ه بين األط راف وباألج ل المتف ق
عليه50................................................................................
الف رع الث الث :ال تزام المحكم بالمحافظ ة على س رية المس تندات و ع دم إفش اء أس رار
الخصوم52............................................................................
119
الفرع الثاني :عزل المحكم55...........................................................
المطلب الث اني :ت دخل هيئ ة التحكيم لتحدي د الق انون ال واجب التط بيق على
اإلجراءات60...........................................................................
الفرع الثالث :سلطة هيئة التحكيم في اإلجتماع بالمكان الذي تراه مناسبا64...............
120
المطلب الثالث :عوارض خصومة التحكيم72............................................
المبحث الث اني :تحدي د هيئ ة التحكيم للق انون ال واجب التط بيق على موض وع
النزاع76...............................................................................
المطلب األول :س لطة هيئ ة التحكيم في إص دار األحك ام الجزئي ة والوقتي ة................
79
121
الفرع الثاني :سلطة هيئة التحكيم في إصدار األحكام الوقتية79...........................
الفرع الرابع :أثر صدور حكم التحكيم على انتهاء مهمة المحكمين88....................
122
المطلب األول :حاالت الطعن بالبطالن في حكم التحكيم الدولي102......................
المطلب الث اني :ع دم ج دوى االس تمرار في اإلج راءات أو اس تحالتها...................
107
الخاتمة109...........................................................................:
المصادر والمراجع112................................................................:
الفهرس117..........................................................................:
123