Professional Documents
Culture Documents
محاضرة3
محاضرة3
لقد شغلت االستفسارات السابقة فكر االقتصادي المعروف دافيد ريكاردو ( ،)David Ricardoحيث
نشر ريكاردو كتابه مبادئ في "االقتصاد السياسي والضرائب" 1عام 1817وقدم فيه قانون النفقات
النسبية الذي يعد من أهم القوانين االقتصادية حتى في عصرنا الحاضر ،ويطلق عليها أيضا نظرية
المنافع المقارنة أو المزايا النسبية ،ووضع هذه النظرية وأكملها من بعده جون ستيوارت ميل وآخرون.2
طبقا لهذه النظرية ،وفي ظل التجارة الحرة فإن كل دولة تتخصص في إنتاج السلع التي تنتجها
بنفقات نسبية أقل من الدول األخرى وتقوم بتصديرها لكي تستورد السلع التي تتمتع دول أخرى في
الخارج بإنتاجها بنفقات نسبية أقل .ويتم التبادل التجاري بين الدولتين إذا اختلفت التكاليف النسبية
بينها ،وليس التكاليف المطلقة التي تمثل حالة خاصة من التكاليف النسبية األكثر عمومية وشمولية،
كما يعطي هذا النموذج الدور الرئيسي للتكنولوجيا ،فالتقنيات المختلفة هي التي تشكل الميزة النسبية
في عملية اإلنتاج بين البلدان المنتجة .ويستند قانون النفقات النسبية إلى مجموعة من االفتراضات:3
1
David Ricardo, The Principles of Political economy and Taxation, London,1817.
زيرمي نعيمة ،مرجع سبق ذكره ،ص .33 2
المصدر :محمد أحمد السريتي ،اقتصاديات التجارة الدولية ،ط ،1دار رؤية للنشر والتوزيع ،مصر ،2011 ،ص .32
الواضح من خالل الجدول أن البرتغال يتفوق على إنجلت ار في إنتاج السلعتين ،لكن هذا
التفوق أعظم في إنتاج الخمر من إنتاج النسيج ،أي أن البرتغال ذات ميزة نسبية في إنتاج الخمر
مقارنة بالنسيج وهي ،0,89وهي أقل من التكلفة النسبية إلنتاج النسيج مقارنة بالخمر وهي ،1,125
على العكس من ذلك ،فإن إنجلت ار ذات ميزة نسبية إلنتاج النسيج مقارنة بالخمور وهي ،1,2ويتضح
مما سبق ،أنه يوجد اختالف في المزايا النسبية بين الدولتين ،لذلك تقوم بينهما تجارة خارجية ،وعليه
يكون من مصلحة البرتغال أن تتخصص في إنتاج وحدتين خمور ،ومن مصلحة إنجلت ار أن تتخصص
في إنتاج وحدتين من النسيج ،ويتم التبادل وحدة بوحدة ،وتستفيد كال الدولتين من قيام التجارة بينهما.
ويتضح ذلك من خالل الجدول الموالي:
الجدول رقم ( :)3وضع إنجلت ار والبرتغال قبل وبعد قيام التجارة الخارجية
وحدة تقوم البرتغال بإنتاج وحدة منسوجات بإنتاج إنجلت ار -1قبل قيام التجارة تقوم
منسوجات +وحدة خمور بتكلفة +وحدة خمور بتكلفة قدرها (+90 الخارجية
-2بعد قيام التجارة تتخصص إنجلت ار في إنتاج تتخصص البرتغال في إنتاج وحدتين
()2×80 قدرها بتكلفة وحدتين منسوجات بتكلفة قدرها خمور الخارجية
=160ساعة عمل (200 = )2×100ساعة عمل
بعد قيام التجارة الخارجية يصبح بعد قيام التجارة الخارجية يصبح لدى -3يتم التبادل
الدولي على أساس لدى إنجلت ار وحدة منسوجات +البرتغال وحدة منسوجات +وحدة
خمور بتكلفة قدرها 160ساعة عمل مبادلة وحدة بوحدة
وحدة خمور بتكلفة قدرها 200
ساعة عمل
المصدر :محمد أحمد السريتي ،اقتصاديات التجارة الدولية ،ط ،1دار رؤية للنشر والتوزيع ،مصر ،2011 ،ص .35
-قبل قيام التجارة قامت كل دولة بإنتاج السلعتين بفض النظر عن تكلفة كل منهما؛
-بعد قيام التجارة الخارجية تخصصت كل دولة بالكامل في إنتاج السلعة التي تتمتع في انتاجيتها
بميزة نسبية ،أي تنتجها بتكلفة نسبية أقل؛
-تتم التجارة الخارجية بين الدولتين على أساس مبادلة وحدة بوحدة ،وهذا افتراض تحليلي مبسط،
ولذا يتحقق مكسب لكل من الدولتين من قيام التجارة الخارجية.
يرى ريكاردو أن انتقال رأس المال يكون من البلد الذي يتميز بإنتاجية رأس مال عالية إلى
البلد الذي يتميز بإنتاجية رأس مال منخفضة إلى أن تصبح اإلنتاجية الحدية لرأس المال متساوية
في البلدين ،وسيتخلص ريكاردو مما تقد أنه ليس من مصلحة البرتغال أن تتخصص في إنتاج
المنسوجات ،رغم أنها تنتجه بتكلفة مطلقة أقل من تكلفة إنتاجه المطلقة في إنجلترا ،ألن التكلفة
النسبية له أكبر من التكلفة النسبية للخمور .فالعبرة إذا هي في التكلفة النسبية ،وليس بالتكلفة المطلقة،
فاالختالف في التكلفة هو الذي يعتبر الشرط الضروري وليس الكافي لقيام التبادل التجاري بين
الدولتين فحسب ،وإنما الستفادة كليهما من هذا التبادل .أي بتعبير أخر ،تتخصص البرتغال في
إنتاج السلعة التي يكون تفوقها في إنتاجها أكثر نسبيا ،وتتخصص إنجلت ار في أنتاج السلعة التي
يكون تخلفها في إنتاجها أقل نسبيا.4
استخدمت نظرية التكاليف النسبية كأساس للتجارة الدولية مدة طويلة من الزمن ،ثم بدأت
االنتقادات توجه إليها في بداية الحرب العالمية األولى .وفيما يلي نعرض أهم االنتقادات:
-تعتمد على نظرية العمل للقيمة في تحديد تكلفة السلعة أو قيمتها بكمية العمل المبذولة في
إنتاجها ،وهذا يعني إهمال مشاركة عناصر اإلنتاج في تكلفة السلعة؛
-تفترض النظرية انعدام نفقات النقل والتعريف ة الجمركية ،علما أنهما تحسبان ضمن تكلفة إنتاج
السلعة ،فإذا كانت هذه النفقات مرتفعة فإنها ستلغي الميزة النسبية التي يتمتع بها البلد المنتج
لهذه السلعة مما يؤدي إلى وقف عملية التصدير ،ألن تكلفة إنتاجها في البلد المصدر تصبح
أعلى منها في البلد المستورد؛
-تفترض النظرية أن جميع الموارد االقتصادية في الدولة مستغلة في حالة التوظيف الكامل أي
أن االقتصاد في حالة توازن؛ إال أن هذا الفرض غير واقعي ،ألن كينز أثبت أن التوازن في بلد
ما يمكن أن يحدث دون مستوى التوظيف الكامل؛
-تفترض هذه النظرية أن نفقة اإلنتاج للوحدة الواحدة تبقى ثابتة بغض النظر عن الزيادة أو
النقصان في حجم اإلنتاج ،ومن ثم يكون التخصص كامال ،وهذا مخالف لما يجري في المشاريع
اإلنتاجية التي تخضع بعد حد معين من اإلنتاج إلى قانون تزايد النفقات (تناقص الغلة) ،وقبل
هذا الحد تخضع أيضا إلى قانون تناقص النفقات (تزايد الغلة)؛
-افتراض النظرية حرية التجارة ،فهذا أمر مغاير للواقع ألن معظم الدول تفرض قيود على حركة
الصادرات والواردات مما يقيد حرية التجارة؛
-تفترض النظرية سلعتين ودولتين يتم التبادل التجاري بينهما وهذا فرض مبسط وتجريدي يتعارض
مع الواقع ،حيث أن التبادل يتم بين العديد من الدول والسلع؛
وعموما فإن نظرية النفقات النسبية مرتكزة على جانب اإلنتاج والعرض ،وتحدد السلع التي
تدخل في التجارة الدولية ،لكنها ال تعالج كيفية تحديد نسبة التبادل الدولي ،وهذا ما أكمله فيما بعد
جون ستيوارت ميل.
سؤال :قارن بين نظرية التكاليف المطلقة ونظرية التكاليف النسبية؟ ✍