Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 339

‫جامعة محمد البشير اإلبراهيمي برج بوعريريج‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫قســـــــــــــــم الحقوق‬

‫الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر‬


‫من المجلس الدستوري إلى المحكمة الدستورية‬

‫أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه الطور الثالث ‪ LMD‬في الحقوق‬


‫تخصص‪ :‬قانون عام‬

‫إشراف الدكتورة‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬


‫جميلة دوار‬ ‫سميرة عتوتة‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‬

‫الصفة‬ ‫الجامعة‬ ‫الرتبة‬ ‫واللقب‬ ‫االسم‬


‫رئيسا‬ ‫جامعة برج بوعريريج‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫فرشـــة‬ ‫كمــــال‬
‫مشرفا ومقر ار‬ ‫جامعة برج بوعريريج‬ ‫أستاذ محاضر" أ "‬ ‫جميلــــــــة دوار‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة البويرة‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫لونيسي‬ ‫علـي‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة سطيف ‪2‬‬ ‫أستاذ محاضر" أ "‬ ‫جدي‬ ‫الصادق‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة برج بوعريريج‬ ‫أستاذ محاضر" أ "‬ ‫خضري‬ ‫محمد‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة برج بوعريريج‬ ‫أستاذ محاضر" أ "‬ ‫عياش‬ ‫حمـــزة‬
‫مدعوا‬ ‫جامعة برج بوعريريج‬ ‫أستاذ محاضر "أ"‬ ‫صديقي‬ ‫سامية‬

‫السنة الدراسية‪:‬‬
‫‪2222 -2222‬‬
‫شكر وعرفان‬

‫امتثاال لقوله تعالى‪.‬‬

‫سورة إبراهيم اآلية ‪.70‬‬ ‫﴿ َوِاذ تَأ ََّذ َن َرُّب ُكم لَئِن َش َكرتُم ََل َِز َيدَّن ُكم ۖ َولَئِن َكفَرتُم إِ َّن َع َذابِي لَ َشِديدَّ ﴾‬

‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬من صنع إليكم معروفا فكافئوه‪ ،‬فإن لم تجدوا ما تكافؤه فادعوا له حتى تروا‬
‫أنكم كافأتموه»‪.‬‬

‫الحمد هلل واهب النعم خالق القلم ومعلم اإلنسان مالم يعلم حمدا يليق بجالل وجهه وعظيم سلطانه‪.‬‬

‫إق ار ار َلهل الفضل بفضلهم واحقاقا َلصحاب الحق بحقهم فإنني أزجي الشكر العظيم لألستاذة المشرفة‬
‫الدكتورة جميلة دوار التي كانت لي خير معين – بعد اهلل عز وجل – في انجاز هذا العمل المتواضع التي‬
‫لم تبخل علي يوما بالتوجيه السديد وأفاضت علي من كرمها وحلمها طيلة فترة انجازه‪ ،‬أسأل اهلل أن يبقيها‬
‫سندا للعلم وطلبته‪.‬‬

‫كما أتقدم بخالص شكري إلى أساتذتي اَلفاضل أعضاء لجنة المناقشة على ما سيسدونه من مالحظات‬
‫وأراء سديدة من شأنها االرتقاء بجودة هذا العمل المتواضع واخراجه بالشكل المطلوب‪.‬‬

‫وأتقدم بالشكر واالمتنان المحفوف بالدعاء إلى أسرتي الكريمة التي عايشت معي جميع مراحل دراستي إلى‬
‫غاية هذه اللحظة لما قدمته لي من جميل العون والتشجيع‪.‬‬

‫كما ال يفوتني أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لكل من قدم لي العون من قريب أو من بعيد ولو بالكلمة‬
‫الطيبة‪.‬‬
‫اإلهداء‬

‫إلى األصلني الطيبني‬

‫أبي الغايل فخرا واعتزازا‪...‬‬

‫أمي الغالية منارة دريب ودفئ حيايت‪...‬‬

‫مصدري األول للقيم ومرجعي األخالقي األخري‪.‬‬

‫إلى عائليت وأهلي وأصدقائي وزمالئي يف الدراسة والعمل وال أخص أحدا فكلهم خاصة وكلهم للقلب ناصية‪.‬‬
‫قائمة بعض المختصرات‪:‬‬

‫ج ر‪ :‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪.‬‬

‫ج ر م م‪ :‬الجريدة الرسمية للمملكة المغربية‪.‬‬

‫د و م ج‪ :‬الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية‪.‬‬

‫ر ر ج ت‪ :‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪.‬‬

‫م د ج‪ :‬المجلس الدستوري الجزائري‪.‬‬

‫‪- ART: Article.‬‬

‫‪- Ed: Edition‬‬

‫‪- JORF: Journal officiel de la république français.‬‬

‫‪- L.G.D.J: Librairie Générale de Droit et de Jurisprudence.‬‬

‫‪- Op.cit: Ouvrage déjà cité.‬‬

‫‪- P.U.F: Presses Universitaires de France.‬‬

‫‪- P: Page.‬‬
‫مقدمة‬
‫مقدمـــة‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫إن احترام القوانين والتشريعات للدستور والتقيد بأحكامه حفاظا على انسجام المنظومة القانونية إضافة‬
‫إلى احترام حقوق ا َلفراد وحرياتهم‪ ،‬هي أهداف يسعى إلى تحقيقها كل نظام ديمقراطي نظ ار لما لهذه‬
‫المبادئ من أهمية بالغة في بناء دولة القانون وتأكيدا للسمو الذي يجب أن يظل الدستور متمتعا به‬
‫باعتباره أساس الحياة الدستورية في الدولة المعاصرة‪ ،‬وكفيل الحريات فيها ومقرر ضمانات حمايتها‪ ،‬فهو‬
‫القانون اَلساسي اَلسمى الذي يرسي القواعد واَلصول التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة‪ ،‬كما ينشئ‬
‫السلطات العامة فيها ويرسم وظائفها ويضع الحدود الضابطة لنشاطها‪ ،‬ولهذا حق لقواعده أن تستوي على‬
‫القمة وأن تحظى باالحترام في كل نظام ديمقراطي‪.‬‬

‫إال أن احترام القوانين للدستور وااللتزام الدائم بأحكامه بما يضمن استق ارره واستم ارره ال يمكن أن‬
‫يحصل إال إذا توافرت في الدولة آليات رقابية فعالة تضمن هذا االحترام وتحمي سمو النص الدستوري‬
‫على ما دونه في المنظومة القانونية في الدولة‪ ،‬لذا حظيت الرقابة على دستورية القوانين باهتمام بالغ من‬
‫رجال الفقه الدستوري‪ ،‬كما حظيت أيضا باهتمام دساتير الدول بها‪ ،‬فقامت معظمها بتنظيمها كونها أسمى‬
‫وسائل صيانة الدستور وسيادة القانون واستقرار النظام القانوني‪ ،‬لتكون بذلك الرقابة على دستورية القوانين‬
‫اآللية المثلى لضمان حسن سير السياسة التشريعية َلي دولة‪.‬‬

‫وان استندت عملية التأسيس للرقابة الدستورية على القوانين لمنطقين متباينين عكسا تجربتين‬
‫مختلفتين تباينت مواقف الدول إزاءها‪ ،‬فمنها من انتهج طريق الرقابة القضائية‪ ،‬ومنها من انتهج طريق‬
‫الرقابة السياسية‪ ،‬إال أنه ال شك أن الرقابة الدستورية تسعى دائما وأبدا إلى صون أحكام الدستور وحمايتها‬
‫من االنتهاك أو الخروج عليها من أي سلطة كانت بما تصدره من تشريعات قد تنطوي في بعض اَلحيان‬
‫على تعارض مع فحوى الدستور‪ ،‬اَلمر الذي دفع بمختلف الدول الديمقراطية إلى إنشاء مجالس وهيئات‬
‫أوكلت لها مهمة الرقابة على دستورية القوانين للحفاظ على اَلحكام والمبادئ الدستورية من االنتهاك‪.‬‬

‫وعلى غرار هذه الدول قطعت الجزائر عبر مر مختلف دساتيرها أشواطا في تكريس الرقابة على‬
‫دستورية القوانين‪ ،‬حيث اعتمد المؤسس الدستوري الجزائري هذه اآللية غداة استعادة السيادة الوطنية‪ ،‬وقد‬
‫ارتبط تاريخ الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر فكرة وتطبيقا بالرقابة السياسية عن طريق المجلس‬
‫الدستوري الذي تم النص على إنشائه في أول الدساتير الجزائرية سنة ‪ ،3691‬وكلف وقتها بالفصل في‬

‫‪1‬‬
‫مقدمـــة‬

‫دستورية القوانين واَلوامر التشريعية ورغم أن المجلس الدستوري لم ير النور عمليا إال بموجب التعديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ 3696‬الذي جسد التحول السياسي والديمقراطي القائم على التعددية الحزبية‪ ،‬فكان من‬
‫الطبيعي أن ينص على رقابة دستورية القوانين باعتبارها السمة اَلساسية لمعظم الدول الديمقراطية‪ ،‬وكلف‬
‫بها المجلس الدستوري الذي أصبح يضطلع بها فضال عن السهر على احترام الدستور إلى غاية التعديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ 6739‬الذي أعاد المؤسس الدستوري بموجبه تنظيم أحكام المجلس الدستوري كهيئة رقابية‬
‫مستقلة وخصه بإصالحات جوهرية لتمكينه من أداء مهامه في إطار االستقاللية والموضوعية ليجعل منه‬
‫أداة فعالة لهيكلة النظام القانوني والمؤسساتي في الدولة‪.‬‬

‫ولم يتوقف اَلمر عند هذا الحد بل منحه زيادة على ذلك سلطة الرقابة الالحقة على دستورية‬
‫القوانين التي لها عالقة بالحقوق والحريات اَلساسية عن طريق الدفع بعدم الدستورية‪ ،‬ورغم اإلصالحات‬
‫الشاملة التي أدت إلى تحسين مركز هذه الهيئة الرقابية بشكل لم تعرفه منذ النص على إنشائها إال أن‬
‫المؤسس الدستوري الجزائري ذهب بالرقابة على دستورية القوانين إلى منحى غير الذي سارت عليه َلزيد‬
‫من نصف قرن من الزمن وذلك بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬الذي نص فيه على إنشاء محكمة‬
‫دستورية أوكل إليها ضمان احترام الدستور وضبط سير المؤسسات ونشاط السلطات العمومية بدال من‬
‫المجلس الدستوري‪ ،‬كنتيجة لتراكمات التشكيك المستمر في الق اررات التي تصدر عن هذا اَلخير‪ ،‬خاصة‬
‫المتعلقة منها بالمنازعات االنتخابية التي وصلت إلى حد الطعن في مصداقيته‪.‬‬

‫زيادة على الجدل القائم بشأن عدم فعالية الرقابة السياسية على دستورية القوانين وعجزها عن كفالة‬
‫الغرض المقصود منها والتي ال يمكن أن تكون كبديل عن الرقابة القضائية وهي من بين الدوافع التي‬
‫كانت سببا مباش ار في أخذها بعين االعتبار من طرف المؤسس الدستوري‪ ،‬زيادة على تلبيته لواقع الحال‬
‫الذي فرض نفسه على إثر الظروف االستثنائية التي مرت بها البالد – الحراك الشعبي‪ -‬كغيرها من دول‬
‫الجوار‪ ،‬اَلمر الذي تفاعلت معه الدولة الجزائرية بإصالحات مهمة على مختلف المجاالت‪ ،‬فكان من‬
‫أهمها االنتقال بالرقابة على دستورية القوانين إلى مرحلة جديدة غاية في اَلهمية‪ ،‬حيث خط الدستور‬
‫الجزائري بين نصوصه النص على انتقال الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر من المجلس‬
‫الدستوري إلى المحكمة الدستورية كواحدة من متطلبات المرحلة التي أريد لها أن تقوم على أساس سيادة‬
‫القانون‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫مقدمـــة‬

‫وعليه فان هذه الدراسة تأتي إلبراز أهمية هيئات الرقابة على دستورية القوانين ودورها الذي ال يمكن‬
‫االستغناء عنه باعتباره واحدا من الركائز اَلساسية لتجسيد النظام الديمقراطي‪ ،‬وأحد أهم ضمانات‬
‫ومؤشرات دولة القانون‪ ،‬لما يوفره من حماية لمبدأ المشروعية من خالل كفالة احترام الدستور وصون‬
‫الحقوق والحريات العامة لألفراد انطالقا من النصوص الدستورية‪ ،‬وفي محور ذلك نجد أن المجلس‬
‫الدستوري حظي بمكانة بارزة في الدساتير الجزائرية عامة والتعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬تحديدا حيث‬
‫خص فيه المؤسس الدستوري هذه الهيئة الرقابية بإصالحات واختصاصات لم تشهدها منذ إنشائها اَلمر‬
‫الذي صنف موضوع المجلس الدستوري ضمن الموضوعات الحديثة رغم أنه نال حظه من الدراسات‬
‫سابقا‪.‬‬

‫فضال على االنتقال بالرقابة على دستورية القوانين من المجلس الدستوري إلى المحكمة الدستورية‬
‫بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6767‬والتي أضحى النص على إنشائها ركنا أساسيا في أي دستور‬
‫لكونها تعتمد أهم وأقوى صور الرقابة إطالقا‪ ،‬كما تعتبر المحاكم الدستورية أكثر اَلجهزة القادرة على‬
‫حماية أركان الدولة وسلطاتها وصون حقوق مواطنيها وال غنى عنها في الدول الديمقراطية التي تعتمد‬
‫الدستور أساس لمنظومتها القانونية‪.‬‬

‫لتكمن أهمية الدراسة بذلك في خصوصية الطرح الذي تقوم عليه من خالل جمع مضمونها بين‬
‫موضوعين غاية في اَلهمية والحداثة في نفس الوقت‪ ،‬اَلمر الذي جعل منها مجاال خصبا للبحث‬
‫اَلكاديمي‪.‬‬

‫وبناء على ذلك فقد سعت دراستنا إلى تحقيق عدد من األهداف التي نأمل أن تكون قد وفقنا ولو قليال‬
‫في الوصول إليها والتي تتمثل أساسا في‪:‬‬

‫‪ -‬إبراز مدى فعالية الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر قبل النص على إنشاء المحكمة‬
‫الدستورية من خالل تبيان مدى استجابة النصوص الدستورية التي تحكم سير عمل المجلس الدستوري‪،‬‬
‫لتحقيق الغاية المتوخاة من إنشائه من خالل تحليلها وتحديد مواطن القوة والقصور فيها في ظل التعديل‬
‫الدستوري لسنة ‪.6739‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمـــة‬

‫‪ -‬الوقوف على أكثر وأهم أسباب اعتماد أسلوب الرقابة القضائية على دستورية القوانين في معظم‬
‫الديمقراطيات العريقة في العالم‪ ،‬وأسباب أخذ المؤسس الدستوري بها‪ ،‬كأسلوب بديل عن الرقابة السياسية‬
‫على دستورية القوانين في الجزائر بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪.6767‬‬

‫‪ -‬تبيان المستجد في مجال آلية تحريك االختصاص الرقابي للمحكمة الدستورية‪.‬‬

‫‪ -‬توضيح الدور الذي تلعبه المحكمة الدستورية من خالل الرقابة على دستورية القوانين باعتباره أهم‬
‫الضمانات للحفاظ على الحقوق والحريات العامة لألفراد‪ ،‬وبه تلزم سلطات الدولة باحترام أحكام الدستور‪.‬‬

‫يرجع اختيارنا لموضوع الدراسة إلى دوافع عديدة تنقسم إلى أسباب ذاتية وأخرى موضوعية‪،‬أما‬
‫األسباب الذاتية فتتمثل في الميول إلى كل ماله صلة بالقانون الدستوري والمؤسسات السياسية بحكم‬
‫التخصص‪ ،‬ولعل من أهم الموضوعات ذات الصلة الوثيقة بالقانون الدستوري موضوع الرقابة على‬
‫دستورية القوانين‪ ،‬فضال على ميولنا إلى االطالع على كل جديد يط أر على مجال الرقابة على دستورية‬
‫القوانين داخل الوطن وخارجه نظ ار لما يكتسيه موضوعها من حداثة وآنية على حد سواء باعتبارها من أهم‬
‫موضوعات العصر الراهن فبالرقابة على دستورية القوانين يتحقق االنسجام في المنظومة القانونية للدولة‪،‬‬
‫ويحدث التوازن المطلوب في العالقة بين سلطاتها‪ ،‬وحينها فقط يتحقق للنظام السياسي االستقرار المطلوب‬
‫لتنمية موارد المجتمع وتأمين حاجاته والمحافظة على حقوق أفراده‪.‬‬

‫أما األسباب الموضوعية الختيار الدراسة فمردها إلى المكانة الخاصة التي حظي بها المجلس‬
‫الدستوري الجزائري بين المؤسسات الدستورية في الدولة منذ النص على إنشائه في أول الدساتير‬
‫الجزائرية‪ ،‬فكان اَلمر بالنسبة لنا دافعا قويا للتطرق إلى هذا الموضوع بالدراسة محاولة منا في التعمق‬
‫والبحث فيه أكثر على ضوء اإلصالحات الدستورية لسنة ‪ ،6739‬وبيان أثر دوره الهام كحارس يقض‬
‫على ضمان مبدأ سمو الدستور وحماية الحقوق والحريات‪ ،‬هذا باإلضافة إلى الوقوف بالدراسة على واقع‬
‫اإلصالحات الجذرية والتطورات التي طرأت على مجال الرقابة على دستورية القوانين بعد التعديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ ،6767‬والنص على إنشاء محكمة دستورية تتولى مهمة الرقابة على دستورية القوانين‬
‫دون سواها لمعرفة اآلليات القانونية المستحدثة لضمان نفاذ القاعدة الدستورية وسمو أحكامها‪ ،‬وبيان طرق‬
‫ضبطها للمخالفات الدستورية‪ ،‬وبيان مدى فاعليتها وفي ظل اَلسلوب الرقابي المنتهج‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمـــة‬

‫وتقوم إشكالية هذه الدراسة حول مسالة ارتباط إسناد مجال الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر‬
‫بالمجلس الدستوري منذ أول دستور جزائري سنة ‪ ،3691‬الذي رغم توسع اختصاصاته على إثر‬
‫التعديالت الدستورية المتوالية والتي كانت تشمله بإصالحاتها إلى غاية التعديل الدستوري لسنة ‪6739‬‬
‫حيث كان بمثابة نقطة التحول اَلكثر أهمية بإصالحاته الجوهرية التي أتت بهيكلة شاملة للمجلس هيئة‬
‫وأعضاء‪ ،‬إال أن المؤسس الدستوري قرر بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬االنتقال بالرقابة على‬
‫دستورية القوانين من المجلس الدستوري إلى المحكمة الدستورية‪ ،‬وعليه فإن إشكالية الدراسة تتمحور حول‪:‬‬

‫‪ -‬ما مدى تأثير اإلصالحات التي مست المجلس الدستوري في ظل التعديل الدستوري لسنة‬
‫‪ 2222‬على مجال اختصاصاته وفاعلية دوره الرقابي؟ وكيف سيساهم خيار االنتقال إلى اعتماد‬
‫المحكمة الدستورية كهيئة رقابية بدال عن المجلس الدستوري في الحفاظ على سمو القاعدة الدستورية‬
‫وانسجام المنظومة القانونية في الجزائر؟‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن دراستنا انصبت في شقها النظري على النصوص الدستورية والنصوص‬
‫القانونية المختلفة التي تحدد نظام عمل المجلس الدستوري بعد تعديل الدستور لسنة ‪ ،6739‬وكذا‬
‫المحكمة الدستورية وفقا للتعديل الدستوري لسنة ‪ ،6767‬أما في شقها العملي فتنصب على أثار ما دخل‬
‫من اختصاصات المجلس الدستوري حيز التطبيق ويخرج من هذا النطاق الجانب العملي للمحكمة‬
‫الدستورية التي لم يتم تنصيبها بعد‪ ،‬مع العلم أنني لم ألتزم في دراستي بجغرافيا محددة‪ ،‬حيث أنه كثي ار ما‬
‫استعنت فيها بإعطاء أمثلة عن تجارب دول رائدة في مجال الرقابة على دستورية القوانين وتفيد الدراسة‬

‫تطلبت طبيعة الدراسة التطرق لمختلف الجوانب التي تخدم الموضوع‪ ،‬اَلمر الذي فرض توظيف‬
‫مناهج مختلفة وبنسب متفاوتة لمعالجة إشكاليتها وهي على وجه الخصوص‪:‬‬

‫‪ -‬المنهج التحليلي وتم اعتماده بشكل أساسي من خالل تحليلنا للنصوص الدستورية ومختلف‬
‫التشريعات واآلراء وكذا الق اررات قصد التفصيل في اختصاصات المجلس الدستوري والمحكمة الدستورية‬
‫وتوضيح الغموض في أحكام نصوصها من أجل الوصول إلى تقييم خاص بكل نوع من أنواع الرقابة وأيها‬
‫يمثل الرقابة الفعالة والناجعة‪ ،‬فضال عن الوقوف على مواطن الضعف فيها والتنبيه إليها قصد تقويمها‪.‬‬

‫‪ -‬المنهج التاريخي الذي فرض نفسه من خالل عرض نشأة وتطور فكرة الرقابة القضائية على‬
‫دستورية القوانين انطالقا من وطنها اَلم في الواليات المتحدة اَلمريكية مرو ار بإدراج بعض النماذج‬

‫‪5‬‬
‫مقدمـــة‬

‫العربية السباقة إلى هذا المجال‪ ،‬وصوال إلى ميالد هذا النوع من الرقابة في الجزائر بموجب التعديل‬
‫الدستوري لسنة ‪.6767‬‬

‫كما تمت االستعانة بمناهج أخرى كالمنهج المقارن الستخالص ايجابيات تجارب الدول المقارنة‪ ،‬وان‬
‫كان التركيز في هذه المقارنة منصب بالدرجة اَلولى على الدستور الفرنسي‪ ،‬فإن ذلك لم يمنعنا من‬
‫استحضار نماذج لدساتير مختلفة كلما رأينا فيها فائدة لهذا المحور أو ذاك من الدراسة‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫االستعانة بالمنهج الوصفي في بعض جزئيات الدراسة‪.‬‬

‫وقد أتاح لنا إعداد الدراسة فرصة االطالع على عديد المصادر والمراجع جلها كتب باللغة العربية‬
‫وبعضها مترجم إلى العربية‪ ،‬وأخرى باللغة الفرنسية واخترت منها ما تعلق بالتخصص رغم صعوبة ذلك‬
‫في كثير من الحاالت َلهمية المراجع وتنوعها من جهة‪ ،‬والتشابه بينها إلى حد التماثل في مضامينها من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬ونذكر منها بعض المراجع المحلية التي تم التركيز عليها في الدراسة‪ :‬المجلس الدستوري في‬
‫الجزائر لمؤلفه "السعيد بوالشعير" طبعة ‪ ،6739‬المجلس الدستوري "لرشيدة العام" نظام الرقابة على‬
‫دستورية القوانين "لسليمة مسراتي"‪ ،‬شرح القانون الدستوري" لفوزي أوصديق"‪ .‬كما تمت االستعانة بمواقع‬
‫الكترونية عدة منها تحديدا موقع اَلمانة العامة للحكومة الجزائرية لتحميل الدساتير الجزائرية مع‬
‫التعديالت الواردة عليها‪ ،‬ومختلف القوانين التي تناولت ونظمت عمل المجلس الدستوري وفصلت في‬
‫اختصاصاته‪ ،‬وكذا موقع المجلس الدستوري لتحميل نظامه الداخلي الذي يعده بنفسه وكل ما يتعلق‬
‫بنشاطه وحصائل عمله في جميع مجاالت اختصاصاته‪ ،‬وما صدر عنه من أراء وق اررات واعالنات إلى‬
‫غاية ‪ ،6767‬باإلضافة إلى مواقع عديدة تم االستناد إليها كمصدر من مصادر معلومات الدراسة كلما‬
‫استدعى اَلمر ذلك‪.‬‬

‫و غني عن البيان أن أي بحث أكاديمي وفي أي مجال يستلزم أن يكون مسبوقا بدراسات يستطيع‬
‫الباحث االستناد إليها لالنطالق منها نحو أفق أوسع في مجال بحثه إلتمام دراسته‪ ،‬وهنا برزت أكبر‬
‫الصعوبات التي اعترضتنا أثناء انجاز الدراسة وتحديدا في الباب الثاني منها نظ ار لحداثة موضوعها‬
‫المتعلق بالمحكمة الدستورية الجزائرية‪َ ،‬لن انجاز الدراسة جاء تزامنا مع التعديل الدستوري لسنة ‪6767‬‬
‫والذي تم بموجبه النص على إنشائها وتكليفها بالرقابة على دستورية القوانين بدال عن المجلس الدستوري‪،‬‬
‫وبما أن دراستنا كانت السباقة لمعالجة هذا االنتقال فقد اعترضتنا صعوبة شح المراجع المتخصصة أو‬
‫باَلحرى انعدامها‪ ،‬وما زاد اَلمر صعوبة هو عدم تنصيب المحكمة الدستورية بعد ما يعني عدم صدور‬

‫‪6‬‬
‫مقدمـــة‬

‫النظام المحدد لقواعد عملها وعدم دخول اختصاصاتها حيز التطبيق والتي تعتبر العامل اَلبرز في إظهار‬
‫حسنات أو سيئات النصوص التي تستمد منها وجودها واختصاصاتها واجراءات أداء مهامها‪.‬‬

‫‪ -‬كما أن النص على إنشاء المحكمة الدستورية كان له اَلثر المباشر في تغيير مسار الد ارسة حيث‬
‫وجدت نفسي مضطرة بعد بلوغ نسبة متقدمة جدا من الدراسة إلى إعادة النظر في الكثير من عناصرها‬
‫وتغيير تام في خطتها واعتماد أخرى فرضتها طبيعة الدراسة من جهة واالنتقال من نهج رقابي إلى نهج‬
‫رقابي آخر من جهة أخرى‪.‬‬

‫وقد اخترنا إلنجاز الدراسة خطة بتقسيم ثنائي بما يتالءم مع طبيعة موضوعها ويمكن عرض‬
‫مضامينها بإيجاز على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬مقدمة تم التطرق فيها إلى إشكالية الدراسة وأهميتها وأهدافها‪.‬‬

‫‪ -‬الباب اَلول وتناول في فصلين المجلس الدستوري على ضوء اإلصالحات الدستورية لسنة‬
‫‪ ،6739‬حيث خصص الفصل اَلول منه لدراسة البنية العضوية للمجلس واجراءات تحريك عمله وطبيعة‬
‫أرائه وق ارراته‪ ،‬أما الفصل الثاني فقد خصص للجانب العملي لمختلف اختصاصات المجلس في الظروف‬
‫العادية وغير العادية منها‪.‬‬

‫‪ -‬الباب الثاني فقد تم تقسيمه هو اآلخر إلى فصلين خصص اَلول منهما لدراسة اإلطار العام‬
‫للرقابة القضائية على دستورية القوانين بدءا بنشأتها‪ ،‬أساليبها‪ ،‬صورها وتقييمها‪ ،‬أما الفصل الثاني فقد‬
‫خصص للرقابة القضائية على دستورية القوانين في الجزائر في جانبها النظري من خالل التطرق إلى‬
‫بنيتها العضوية واجراءات تفعيل عملها واختصاصاتها‪ ،‬وقد اتبعت كل فصل بملخص جمعت فيه‬
‫العناصر اَلساسية التي تم التطرق إليها ضمن مباحثه ومطالبه‪.‬‬

‫‪ -‬أما الخاتمة فقد تضمنت اإلجابة على إشكالية الدراسة كما أدرجنا فيها بعض المقترحات التي‬
‫ارتأينا أنها قد تشكل استدراكا لبعض النقائص التي تم تسجيلها ونتمنى أن نكون قد وفقنا في طرحها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الباب األول‬
‫الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري‬
‫لسنة ‪.2222‬‬
‫النظام القانوني للمجلس الدستوري‬ ‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪:‬‬

‫لقد نص الدستور الجزائري على قيام هيئة تستهدف ضمان مبدأ سمو الدستور تأكيدا على احترامه‬
‫وعدم الخروج على أحكامه‪ ،‬هذا وقد أحاطت الدساتير الجزائرية على تعاقبها المجلس الدستوري بعناية‬
‫بالغة تجسدت في إصالحات كانت تمس هذه الهيئة عقب كل تعديل دستوري إلى غاية التعديل الدستوري‬
‫لسنة ‪ 6739‬الذي يعتبر نقطة التحول اَلكثر أهمية في مسار اإلصالحات التي مست هذه الهيئة منذ‬
‫إنشائها حيث ذهب المؤسس الدستوري الجزائري إلى التأكيد على إسناد مهمة الرقابة على دستورية القوانين‬
‫إلى المجلس الدستوري وخصه بتعديالت في البنية العضوية توحي بأنه هيئة ذو طبيعة خاصة باعتباره‬
‫المؤسسة الدستورية الوحيدة التي تشمل تمثيال عن السلطات الثالثة‪ ،‬وما زاد اإلصالحات الدستورية لسنة‬
‫‪ 6739‬تمي از هو منحها توسيعا لمجال إخطار المجلس الدستوري الذي شمل اَلفراد في سابقة من نوعها‬
‫وهذا في إطار الرقابة الالحقة على دستورية القوانين التي لها عالقة بالحقوق والحريات اَلساسية بإحالة‬
‫قضائية‪ ،‬شريطة أن يكون ذلك بإثارة من أحد أطراف النزاع المطروح أمام القضاء‪ ،‬ويصدر عن المجلس‬
‫الدستوري في إطار اختصاصاته الرقابية أراء وق اررات تتمتع بحجية مطلقة تسري على الكافة أفرادا‬
‫وهيئات وسلطات (الفصل اَلول)‪ ،‬إضافة إلى سهر المجلس الدستوري على علوية القاعدة الدستورية من‬
‫خالل الرقابة على دستورية القوانين بمختلف أنواعها‪ ،‬يضطلع المجلس الدستوري أيضا في ظل التعديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ 6739‬بمهام ال تقل أهمية عن سابقتها تتعلق بالسهر على حسن سير العمليات‬
‫االنتخابية على اختالف طبيعتها‪ ،‬كما أن للمجلس اختصاص استشاري يظهر من خالل اآلراء‬
‫واالقتراحات التي يمكن أن يقدمها طبقا لما حدده له الدستور على اختالف الظروف التي يمكن أن تمر‬
‫بها الدولة‪ ،‬وكذا مؤسساتها الدستورية سواء كانت هذه الظروف عادية أو على العكس من ذلك (الفصل‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول‬
‫النظام القانوني للمجلس الدستوري‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫لكل مجتمع سياسي يعيش تحت لواء النظام الديمقراطي دستور تخضع َلحكامه جميع سلطات‬
‫الدولة‪ ،‬كونه القانون اَلسمى والقاعدة اَلساسية التي يرتكز عليها النظام التشريعي بوصفه يحتل قمة‬
‫التنظيم القانوني‪ ،‬كما تتضمن نصوصه المقومات اَلساسية للمجتمع وكذا القواعد الناظمة الختصاصات‬
‫السلطات وعالقاتها ببعضها وعالقة اَلفراد بها‪ ،‬كما تتحدد بموجبها حقوق اَلفراد وحرياتهم‪ ،‬من هنا تبرز‬
‫أهمية الدستور كقانون أسمى في أي دولة كونه يمثل اإلطار العام المنظم َلسس عالقاتها في الداخل‬
‫والخارج‪.‬‬

‫وانطالقا من مبدأ أن الدستور يسمو على ما عداه من القوانين ظهرت فكرة الرقابة على هذه اَلخيرة‬
‫كآلية لرد أي انتهاك َلحكام القاعدة الدستورية أو مساس بسموها‪ ،‬فبالرقابة الدستورية يتم تأمين خضوع‬
‫المنظومة القانونية َلحكام الدستور وفي هذا اإلطار ومن أجل مسايرة التطور الذي عرفته هذه اآللية في‬
‫النظم المقارنة ارتأى المؤسس الدستوري الجزائري اقتداء بنظيره الفرنسي إعادة هيكلة المجلس الدستوري‪-‬‬
‫تشكيلة واختصاصات ‪ -‬كونه الهيئة التي تسهر على دستورية القوانين في الجزائر من أجل إعطاء‬
‫الفاعلية لدوره بما يوازي مكانته الهامة بين المؤسسات الدستورية في الدولة‪ ،‬وليتسنى له ممارسة‬
‫صالحياته كاملة لتحقيق اَلهداف التي أنشئ من أجلها وتمهيدا لتوفير الظروف الضرورية لتفعيل دور‬
‫المجلس الدستوري نص التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬على رفع عدد أعضاء المجلس الدستوري فضال‬
‫عن إقرار شروط جديدة لعضويتهم ( المبحث اَلول) وصوال إلى تحديث في اَلصول اإلجرائية لتحريك‬
‫الرقابة الدستورية التي عرف مجالها اتساعا شمل اَلفراد (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫المبحث األول‪ :‬البنية العضوية للمجلس الدستوري‬

‫بهدف نجاح المجلس في أداء االختصاصاات الموكلاة لاه دساتوريا للوصاول إلاى الفاعلياة المنشاودة‬
‫للرقابااة الدسااتورية وفاارض احت ارام الدسااتور واإلسااهام فااي انتظااام اَلداء الفعااال للمؤسسااات الدسااتورية فااي‬
‫الدولة عمد المؤسس الدستوري الجزائري إثار التحاديث الدساتوري لسانة ‪ ،16739‬علاى تاوفير الشاروط التاي‬
‫يتوقف عليها المجلس الدستوري لالضطالع الفعال بمهامه الدستورية وذلك من خالل إعطائه مقومات من‬
‫شأنها التكفل باستقالليته وتحصين القائمين على سير أعماله‪ ،‬وهو اَلمر الذي لم تعرفه الدساتير المتعاقبة‬
‫للجمهورية على وجه اإلطالق‪ ،‬فقد نص التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6739‬علاى توسايع مجاال العضاوية فاي‬
‫المجلااس مااع مااا يجااب ت اوافره ماان شااروط (المطلااب اَلول) ترتقااي باختصاصاااته إلااى حااد التاادخل فااي سااير‬
‫عماال ساالطات الدولااة ‪ ،‬ولاام يقتصاار اَلماار علااى ذلااك باال ذهباات اإلصااالحات العميقااة التااي مسات المجلااس‬
‫الدستوري إلى اإلطالة في مدة العضوية فيه (المطلب الثاني) مع التأكيد على نفس سبل توليها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تشكيلة المجلس الدستوري والشروط المتعلقة بها‬

‫اتفقت الدساتير الجزائرية المتعاقبة على إنشاء هيئة تتولى مهمة الرقابة على دستورية القوانين لكن‬
‫الفرق بينها كان فاي عادد التشاكيلة وطريقاة التعياين‪ ،‬إذ ُرِّج َحات الكفاة فاي أولاى الدسااتير لارئيس الجمهورياة‬
‫واستمر الوضع على حاله إلى أن جاء دستور ‪ 3669‬ليكرس في أحكام المادة ‪ 3/391‬منه تفاوق السالطة‬
‫التشا اريعية بتمثي اال أربع ااة أعض اااء عنه ااا‪ ،‬وبه اادف إشا اراك مختل ااف س االطات الدول ااة ف ااي عض ااوية المجل ااس‬
‫الدسااتوري وتماشاايا مااع ذلااك تماات إعااادة النظاار فااي اَلحكااام التااي تاانظم المجلااس ماان حيااث بنيتااه اسااتجابة‬
‫لألصا اوات الت ااي كان اات تن ااادي بض اارورة إح ااداث تع ااديالت جذري ااة ف ااي ه ااذه الهيئ ااة بم ااا يحق ااق له ااا الفاعلي ااة‬
‫القصوى في أداء المهام الموكلة لها‪ ،‬ومن بين أهم تلك اإلصالحات التي جاء بها التعديل الدساتوري لسانة‬
‫‪ 6739‬مامس تشكيلة المجلس (الفرع اَلول)‪ ،‬حيث تم تقسيم العضوية فيه بين السلطات الثالثاة بالتسااوي‬
‫مراعاة للتوازن بينهاا داخال المجلاس‪ ،‬وَلن تفعيال دور عضاو المجلاس الدساتوري فاي مسااره المهناي يتطلاب‬
‫العضوية لمدة كافية (الفرع الثاني) بما يكفل االستقرار للهيئة ويكسب اَلعضاء الخبرة المرجوة الستغاللها‬
‫َلداء المهام المنوطة بالمجلس‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 73-39‬المؤرخ في ‪ 79‬مارس ‪ 6739‬يتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد‪ ،31‬الصادرة بتاريخ ‪ 70‬مارس ‪.6739‬‬

‫‪13‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫الفرع األول‪ :‬تشكيلة المجلس الدستوري‬

‫نظ ار للصالحيات الواسعة التي أوكلت دستوريا للمجلس الدستوري وعلى رأسها السهر على احترام‬
‫الدستور كان البد من إحداث تغييرات جوهرية على التركيبة البشرية لهذه الهيئة لجبر مواطن القصور‬
‫التي فتحت المجال واسعا لالنتقادات التي طالت المجلس لعدم التوازن التمثيلي بين السلطات داخله‬
‫وغياب التخصص والكفاءة لدى أعضائه‪ ،‬اَلمر الذي يؤثر سلبا وبما ال يدع مجاال للشك على أدائه‬
‫لمهامه على الوجه المسطر له‪ ،‬نقائص حاول المؤسس الدستوري تداركها من خالل التعديل الدستوري‬
‫لسنة ‪ 6739‬بإق ارره توسيعا لعضوية المجلس وفقا لشروط لم يسبق وأن نصت عليها سابق دساتير‬
‫الجمهورية قط‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التركيبة البشرية للمجلس الدستوري‪ :‬تولت المادة ‪ 3/391‬من التعديل الدستوري لسنة ‪6739‬‬
‫النص على تشكيلة المجلس الدستوري وحددت عدد أعضائه بقولها‪ « :‬يتكون المجلس الدستوري من اثني‬
‫عشر ‪ 36‬عضوا‪ :‬أربعة ‪ 71‬أعضاء من بينهم رئيس المجلس ونائب رئيس المجلس يعينهم رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬واثنان ‪ 76‬ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬واثنان ‪ 76‬ينتخبهما مجلس اَلمة‪ ،‬واثنان ‪76‬‬
‫تنتخبهما المحكمة العليا‪ ،‬اثنان ‪ 76‬ينتخبهما مجلس الدولة»‪.‬‬

‫من خالل الفقرة أعاله يتضح لنا أن التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬جاء بتشكيلة راعى فيها‬
‫المؤسس الدستوري مقتضيات التوازن بين السلطات في المجلس مساويا بينها في حصص التمثيل ‪ -‬أربعة‬
‫أعضاء عن كل سلطة ‪ -‬رافعا بذلك عدد التشكيلة إلى اثني عشر ‪ 36‬عضوا‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن‬
‫المجلس الدستوري كان يتكون من تسعة ‪ 76‬أعضاء بموجب أحكام المادة ‪ 13/391‬من دستور‪. 3669‬‬

‫ووفقا للتشكيلة الجديدة للمجلس نجد أن المؤسس الدستوري الجزائري حاول إشراك جميع السلطات‬
‫بالتساوي لخلق نوع من التوازن التمثيلي في عضويته‪ ،‬وهي خطوة ايجابية ونتيجة لمالحظات العديد من‬
‫فقهاء القانون الدستوري‪ ،‬وعلى رأسهم اَلستاذ "سعيد بوالشعير"‪ ،2‬الذي ترأس المجلس في فترة ما بين‬
‫مارس‪ 1995‬إلى أفريل ‪ ،6776‬حيث وقف عمليا على مواطن الضعف فيه ليقر أن العضوية في‬
‫المجلس من بين ما يستوجب المراجعة الدستورية وبصفة ملحة‪ ،‬فجاء نص المادة أعاله بزيادة ثالث ‪71‬‬

‫‪-1‬تاانص المااادة ‪ 3/391‬التعااديل الدسااتوري لساانة ‪3669‬الصااادر بتاااريخ ‪ 69‬نااوفمبر‪ ،‬ج ر‪ ،‬العاادد ‪ ،09‬المؤرخااة فااي ‪ 79‬ديساامبر ‪3669‬علااى أنااه‪:‬‬
‫«يتكاون المجلااس الدسااتوري ماان تسااعة ‪76‬أعضاااء‪ :‬ثالثااة ‪ 71‬أعضاااء بياانهم رئاايس المجلااس الدسااتوري يعياانهم رئاايس الجمهوريااة‪ ،‬واثنااان ‪ 76‬ينتخبهمااا‬
‫المجلس الشعبي الوطني واثنان ‪ 76‬ينتخبهما مجلس اَلمة وعضو واحد ‪ 73‬تنتخبه المحكمة العليا‪ ،‬وعضو واحد ‪ 73‬ينتخبه مجلس الدولة‪.»...‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬ط‪ ،2‬دم ج‪ ،‬الجزائر ‪ ،6739‬ص ‪.316‬‬

‫‪14‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫أعضاء‪ ،‬عضو عن السلطة التنفيذية استحدث من خالله المؤسس الدستوري منصب نائب رئيس المجلس‬
‫الدستوري‪ ،‬والغاية هي ضمان ديمومة واستم اررية عمل المجلس‪1‬ويكون ذلك بتفويض رئيس المجلس لنائبه‬
‫لرئاسة جلسات المجلس في حال غياب أو حصول مانع له‪ ،2‬إضافة إلى مضاعفة عدد أعضاء السلطة‬
‫القضائية حيث تم تزويد المجلس بقاض عن المحكمة العليا وآخر عن مجلس الدولة وهي خطوة من شأنها‬
‫إضفاء طابع االحترافية والتخصص على المجلس الدستوري‪ ،‬مع اإلبقاء على نفس العدد التمثيلي عن‬
‫السلطة التشريعية‪ ،‬وبغض النظر عن اَلصوات التي كانت تنادي بإصالحات جذرية على مستوى‬
‫المجلس الدستوري فإنه يمكن إرجاع الزيادة في عدد أعضائه إلى تزايد مهام المجلس بعد توسيع مجال‬
‫إخطاره إلى الوزير اَلول وأعضاء البرلمان وكذا اَلفراد بناء على إحالة قضائية من طرف المحكمة العليا‬
‫أو مجلس الدولة حسب الحالة‪.‬‬

‫رغم التعديالت الحاصلة على تشكيلة المجلس الدستوري إال أن االنتقادات الموجهة صوبه والتي‬
‫كانت منصبة على غياب التوازن في تمثيل السلطات داخل المجلس ال زالت قائمة‪ ،‬فمن اَلهمية بمكان‬
‫أن يجمع المجلس الدستوري في تشكيلته ممثلين عن السلطات الثالثة في الدولة بالتساوي وهي صفة ينفرد‬
‫بها عن ما عداه من المؤسسات الدستورية في الدولة‪ ،‬لكن اَلهم من ذلك أن ال يقتصر التوازن بين‬
‫السلطات فيه على تكريس المساواة العددية على حساب المساواة الفعلية بدءا بتعيين رئيس الجمهورية‬
‫لرئيس المجلس‪ 3‬ونائبه الن ذلك كفيل بضمان هيمنة هذه اَلخيرة على المجلس الدستوري من خالل والء‬
‫رئيسه للسلطة صاحبة التعيين وكتحصيل حاصل فإن اَلمر يتعلق أيضا بنائبه في حال تفويضه عند‬
‫غياب رئيس المجلس أو حدوث مانع له‪ ،‬اَلمر الذي يضمن التفوق الواضح للسلطة التنفيذية على حساب‬
‫السلطتين التشريعية والقضائية‪ ،‬كما أبقى المؤسس الدستوري على نفس التمثيل العددي َلعضاء السلطة‬
‫التشريعية‪ ،‬في توزيع نص عليه سابقا دستور ‪ ،43669‬وهو تمثيل فرضه النظام المزدوج للسلطة‬
‫التشريعية –البيكاميرالية‪ -‬ومن غير المنطق تمثيلها بأقل من هذا العدد وهدف المؤسس الدستوري من ذلك‬
‫هو خلق توازن تمثيلي بين السلطات داخل المجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪ -1‬مولود ديدان‪ :‬مباحث في القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬دار بلقيس‪ ،‬الجزائر‪ ،6730 ،‬ص‪.379‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 6/16‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،16‬الصادرة بتاريخ ‪17‬يونيو ‪.6736‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Pierre PACTET et Ferdinnaud MELIN-SOUCRAMANIEN: droit constitutionnel, 29eme édition, Dalloz,‬‬
‫‪Paris,2010,p 493.‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 391‬من دستور ‪.3669‬‬

‫‪15‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫وخالفا لما كان سائدا من قبل نصت المادة ‪ 391‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬بمضاعفة‬
‫عدد أعضاء السلطة القضائية تدعيما للتركيبة العضوية للمجلس بالعنصر القضائي وهو أمر فيه تعزيز‬
‫للدور الرقابي للمجلس الدستوري‪ ،‬ومن شأنه أن ينعكس إيجابيا بالسير الحسن للهيئة الساهرة على تجسيد‬
‫مبدأ سمو القاعدة الدستورية‪ ،‬هذا إذا ما تغاضينا على أن تعيين القضاة في مناصبهم يكون بموجب‬
‫مرسوم رئاسي وفقا لنص المادة ‪ 9/66‬من دستور ‪،6739‬أما إذا نظرنا إلى اَلمر من زاوية استقاللية‬
‫السلطة القضائية باعتبار القاضي حكما بين السلطة كان على المجلس الدستوري أن يتضمن في تركيبته‬
‫قضاة باعتبارهم حراس الحقوق والحريات العامة‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط تولي العضوي‪ :‬من البديهي أن يشترط الدستور الكفاءة في من يترشح لعضوية المجلس‬
‫الدستوري‪ ،‬وهذا لخصوصية هذه الهيئة وق ارراتها الملزمة للجميع أفرادا ومؤسسات‪ ،‬وهو اَلمر الذي غاب‬
‫طويال عن الدساتير الجزائرية رغم نصها منذ أول دستور سنة ‪ 3691‬وبما اليدع مجاال للشك على‬
‫تأسيس مجلس دستوري يتولى مهام السهر على احترام الدستور من خالل رقابة دستورية القوانين‪ ،2‬غير‬
‫أن ضبط اختصاص هذه الهيئة دستوريا لم يصاحبه ضبط للشروط الواجب توافرها في اَلعضاء‬
‫سيسهر على أداء هذه المهام رغم أهميتها وحساسية مواضيعها‪ ،‬إذا استثنينا اكتفاء‬ ‫باعتبارهم من‬
‫المؤسس الدستوري بتحديد شروط عامة تفرض على اَلعضاء بعد توليهم العضوية في المجلس ليطال‬
‫هذه الهيئة إثر ذلك انتقادات ال حصر لها دار أهمها حول غياب شرط الكفاءة والتخصص لدى أعضاء‬
‫المجلس‪ ،‬ليأتي التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬متداركا الوضع واستوجب في نصوصه توافر شروط لم‬
‫تعهدها الدساتير الجزائرية قبال‪ ،‬وفي خطوة جادة أعطى االنتساب للمجلس الدستوري أهمية تضاهي‬
‫أهمية اختصاصاته وهو ما من شأنه ترسيخ سمو الدستور وتطوير الرقابة على دستورية القوانين في‬
‫الجزائر‪ ،‬وعليه سيتوالى الحديث في هذا المقام عن تلك الشروط بداية بالسن إضافة إلى التخصص‬
‫القانوني وكذا أداء اليمين كشرط إجرائي مكمل لباقي الشروط‪.‬‬

‫أ‪ -‬السن‪ :‬لم يسبق للدستور الجزائري أو النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري اشاتراط سان معيناة‬
‫لتولي العضوية في المجلس الدستوري‪ ،‬كما لم يسبق له تحديد اَلدنى منها أو اَلقصى فاي اَلعضااء عناد‬
‫تعيينهم أو انتخاابهم اَلمار الاذي قاد يفساح المجاال الختياار أعضااء يفتقارون للخبارة المكتسابة مان التجاارب‬
‫الميدانية بسبب صغر سنهم أو على العكس من ذلك باختيار كبار السن الذين تجاوز الزمن عطاءهم‪.‬‬

‫‪ -1‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ط‪ ،3‬دار بالل‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،6731 ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.103‬‬
‫‪ -2‬أنظر المادة ‪ 91‬من دستور ‪.3691‬‬

‫‪16‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫وهي ثغرة عالجها المؤسس الدستوري الجزائري من خالل نص المادة ‪ 1391‬من التعديل الدستوري لسنة‬
‫‪ 6739‬يتم من خالل أحكامها إدراج الشروط الواجب توافرها في عضو المجلس الدستوري وعلى رأسها‬
‫بلوغ العضو اَلربعين ‪ 17‬سنة كاملة يوم التعيين أو االنتخاب كحد أدنى‪ ،‬ذلك لما لسن اَلربعين من‬
‫تميز في حياة اإلنسان‪ ،‬حيث خص اهلل سبحانه وتعالى هذا السن بالذكر في كتابه الحكيم وجعله سنا فيه‬
‫يبلغ العقل تمامه والرشد كماله‪ ،‬كما أنها سن نزول الوحي على رسولنا الكريم صلى اهلل عليه وسلم وقال‬
‫ب أَوِزعنِي أَن أَش ُك َر نِع َمتَ َك الَّتِي أَن َعم َ‬
‫ت‬ ‫ال َر ِّ‬ ‫ين َس َنة قَ َ‬ ‫ِ‬
‫فيها جل وعلى ﴿‪َ ...‬حتَّى إِ َذا َبلَغَ أَ ُش َّدهُ َوَبلَغَ أَرَبع َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ضاهُ َوأَصلِح لِي ِفي ُذِّريَّتِي ۖ إِِّني تُب ُ‬
‫ت إِلَي َ‬ ‫ي وأَن أَعم َل ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َوِاِّني م َن ال ُمسلم َ‬
‫ين﴾‬ ‫صالحا تَر َ‬ ‫َ َ‬ ‫َعلَ َّي َو َعلَى َوال َد َّ َ‬
‫‪ ،2‬فنجد أن اإلنسان ببلوغه سن اَلربعين ينال من اَلسباب الجسدية والعقلية ما يجعله أهال للمسؤولية‬
‫وفق ما تمليه شروطها وتضعه ضوابطها‪ ،‬والمالحظ في هذا المقام أن المؤسس الدستوري الجزائري لم‬
‫يضع بلوغ سن اَلربعين ‪ 17‬كواحد من بين الشروط الواجب توافرها في من يترشح لعضوية المجلس‬
‫الدستوري فقط بل أكد على ضرورة اكتماله يوم التعيين أو االنتخاب من خالل قوله "كاملة"‪.‬‬
‫وشاارط الساان كااان واحاادا ماان بااين الشااروط التااي دعاام اَلسااتاذ "سااعيد بوالشااعير" وجااوب توافرهااا فااي‬
‫عضو المجلس الدستوري ويرى أنه مرتبط بشرط الكفاءة واَلخذ بهما مان شاأنه أن يؤصال ويرفاع مان قيماة‬
‫عمل المجلس الدستوري ويفحم المتربصين به وبمهامه وأهدافاه ويحقاق ماا أنشائ َلجلاه‪ ،‬وهاو ترسايخ سامو‬
‫الدستور وفرض خضوع الجميع مؤسسات وأفراد َلحكامه وتكريس دولة الحق والقانون التي تصبو الشعوب‬
‫إلى تحقيقها والعيش في كنفها‪.3‬‬

‫ب‪ -‬الكفاءة‪ :‬لم تكن مسألة التأهيل القانوني َلعضاء المجلس الدستوري واردة رغم أهميتها كونها تشكل‬
‫عامال أساسيا في تفعيل دور المجلس الدستوري فال تتم مراعاة أي شرط عند اختيار اَلعضاء بالنسبة‬
‫للمؤسسات‪ ،‬سواء رئيس الدولة أو السلطة التشريعية أو القضائية‪ ،‬لذا من الطبيعي أن يكون الطابع‬
‫السياسي هو الغالب والمؤثر بل تظهر الحرية في االختيار مع احتمال عدم اَلخذ بعين االعتبار لعنصر‬
‫الكفاءة والتي يحل محلها البعد السياسي للتعيين من طرف رئيس الجمهورية‪ ،4‬باستثناء ضرورة التوقف‬
‫عن ممارسة أي وظيفة أو تكليف أو مهمة أخرى‪.‬‬

‫‪ -1‬نصت المادة ‪ 391‬من التعديل الدستوري سنة ‪ 6739‬على أنه‪ «:‬يجب على أعضاء المجلس الدستوري المنتخبين أو المعنيين ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬بلوغ سن أربعين (‪ )17‬سنة كاملة يوم تعيينهم أو انتخابهم‪.‬‬
‫‪ -‬التمتع بخبرة مهنية مدتها خمس عشرة (‪ )33‬سنة على اَلقل في التعليم العالي في العلوم القانونية أو في القضاء‪ ،‬أو في مهنة محام لدى‬
‫المحكمة العليا‪ ،‬أو لدى مجلس الدولة أو في وظيفة عليا في الدولة‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة اَلحقاف اآلية ‪.33‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،3‬د م ج‪ ،‬الجزائر‪ ،6731 ،‬ص‪.63‬‬
‫‪ -4‬سليمة مسراتي‪ :‬نظام الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،6733 ،‬ص‪.61‬‬

‫‪17‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫وتأسيسا على ذلك جاءت المطالبة بضرورة توافر الكفاءة والخبرة الكافية في من يرغب تولي‬
‫العضوية في المجلس الدستوري باعتبار أنه يختص بالفصل في مسائل استشارية دقيقة تقتضي الخبرة‬
‫الواسعة والكفاءة القانونية‪،‬إضافة إلى أنه يعد بمثابة محكمة انتخابية واستفتائية تتسم ق ارراتها باإللزامية ومع‬
‫ذلك فاقتصار الكفاءة على ممثلي السلطة القضائية داخل المجلس ساد طويال‪ ،‬رغم عدم التناسب بين‬
‫التشكيلة والمهام‪ ،‬فعمل المجلس الدستوري في مجال الرقابة يتميز بغلبة الطابع القضائي عليه لذا فتشكيلة‬
‫المجلس ال تتناسب مع ذلك إذ كان من المستحسن تحديد شروط االلتحاق بتلك المؤسسة وربطها‬
‫بالتخصص القانوني كشرط أولي‪.1‬‬

‫واستجابة لذلك جاء التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬بإصالحات تدارك من خاللها المؤسس‬
‫الدستوري النقائص التي تشوب هذه الهيئة الرقابية مع ما تقتضيه متطلبات عملها‪ ،‬حيث قضت أحكام‬
‫المادة ‪ 6/391‬بضرورة تمتع من يرغب بتولي عضوية المجلس الدستوري بخبرة مهنية ال تقل عن خمس‬
‫عشرة ‪ 33‬سنة في ميدان التعليم العالي في العلوم القانونية بغض النظر عن تخصصه الدقيق فال فرق‬
‫في أن يكون أستاذ قانون عام أو خاص أو في أي من فروعهما‪ ،‬وفي ذلك كان من اَلفضل لو اشترط‬
‫المؤسس الدستوري الجزائري اختصاص القانون العام أو القانون الدستوري‪ ،‬كونهما أقرب التخصصات إلى‬
‫عمل المجلس من غيرهما من فروع القانون اَلخرى والرأي يبقى على سبيل اَلفضلية ال الوجوب‪ ،‬حيث‬
‫يرى اَلستاذ "يحيى الجمل" أنه من المستبعد أن يرشح لمثل هذا المنصب غير أساتذة القانون العام بكليات‬
‫الحقوق العتبار أن أساتذة هذا الفرع هم اَلقرب في تخصصهم إلى طبيعة ما تنشغل به هذه الهيئة‬
‫بصفتها قوامة على تطبيق الدستور الذي هم فقهاؤه وشراع أحكامه‪ ،2‬وهي كذلك وجهة نظر الفقيه الفرنسي‬
‫"موريس دوفيرجيه" حيث يقول في ذلك أنه مادامت المهمة اَلساسية للمجلس الدستوري هي تفسير‬
‫الدستور فإن اَلمر يتطلب في اَلعضاء تخصصا كافيا في مادة الدستور‪.3‬‬

‫وعلى العكس من ذلك كان المؤسس الدستوري الجزائري أكثر تحديدا بخصوص السلطة القضائية‬
‫إذ تتطلب أن يكون ممثليها أربعة ‪ 71‬أعضاء من بين فئة القضاة‪ ،4‬ممن اشتغلوا خمس عشرة‪ 33‬سنة‬
‫على اَلقل في المحكمة العليا وكذلك اَلمر بالنسبة للقضاة اَلعضاء عن مجلس الدولة‪ ،‬وهو ما سيعود‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.317‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬محمد باهي أبو يونس‪ :‬أصول القضاء الدستوري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪ ،6730 ،‬ص‪.03‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬موريس دوفيرجيه ‪ :"Maurice DUVERGER‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬ترجمة جورج سعد بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،3666 ،‬ص‬
‫‪.931‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 3/391‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫باَلثر االيجابي على عمل المجلس الدستوري باعتبار أن تدعيم تركيبته البشرية بالعنصر القضائي فيه‬
‫تعزيز لدوره الرقابي وتحقيق الستقالليته وحياده حتى ال تكون أحكامه سياسية محضة‪ ،‬وضمن نفس‬
‫الخطوة كان يتوجب على المؤسس الدستوري الجزائري أيضا إقحام شخصيات وطنية تتمتع بالخبرة في‬
‫الميدان القانوني كرؤساء الجمهورية السابقين وكذا رؤساء المحكمة العليا ورؤساء مجلس الدولة المتقاعدين‬
‫واعطائهم عضوية دائمة في المجلس الدستوري لالستفادة من خبرتهم والمضي قدما بدوره في أداء‬
‫اختصاصاته وترشيد عمله في المسائل المنوطة به وخاصة القانونية منها كما هو معمول به في الدساتير‬
‫المقارنة كفرنسا مثال‪.‬‬

‫وضرورة توفر هذه المعايير التقنية إنما هو راجع إلى ما تكتسيه هذه المعايير من أهمية باعتبارها‬
‫إحدى الوسائل التي تمكن العضو من االنفالت من سلطة الجهة التي تعينه‪ ،‬وبالتالي استقالله عنها‪ ،‬غير‬
‫أنه البد من اإلشارة إلى أن بعض الفقهاء من أمثال العميد لويس فافو"‪ "Louis Favreau‬يرى ضرورة‬
‫أن ال يكون كل القضاة الدستوريين من الحقوقيين ذوي الكفاءة القانونية بل البد أن يكونوا أيضا من‬
‫السياسيين‪ ،‬استنادا إلى أن القانون الدستوري هو في حقيقته قانون سياسي‪.1‬‬

‫كما ورد في نفس النص الدستوري انه من بين الفئات المؤهلة لتولي العضوية في المجلس‬
‫الدستوري فئة المحامين‪ ،‬ولم يشترط المؤسس الدستوري الختيارهم عدا أن يكون امتهانهم للمحاماة ال يقل‬
‫عن مدة خمس عشرة ‪ 33‬سنة لدى المحكمة العليا أو لدى مجلس الدولة‪ ،‬كما فسح المؤسس الدستوري‬
‫مجال العضوية لفئة المتقلدين للوظائف العليا في الدولة دون أن يأتي على تحديد نوع هذه الوظائف‪ ،‬وما‬
‫إذا كان مجالها يتسق مع طبيعة مهام عضو المجلس الدستوري اَلمر الذي أثار مسألة دستورية غاية في‬
‫اَلهمية تتعلق بإمكانية اختيار السلطتين التنفيذية والتشريعية َلعضاء يفتقرون إلى شرط التخصص‬
‫القانوني بحجة شغلهم لوظائف عليا في الدولة‪ ،‬وهو ما اعتبر تناقضا بين أحكام المجلس الدستوري نفسه‪.‬‬

‫لكن إذا نظرنا إلى اَلمر من زاوية عدم تهميش المؤسس الدستوري للجانب السياسي عند اختيار‬
‫أعضاء المجلس الدستوري ستتغير وجهة نظرنا استنادا إلى خبرة الفقيه "هنري روسيون ‪Henry‬‬

‫‪ -1‬هنري روسيون ‪ :Henry ROUSSILLION‬المجلس الدستوري‪ ،‬ترجمة محمد وطفة‪ ،‬الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،3‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،6773‬ص‪.67‬‬

‫‪19‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫‪ "ROUSSILLION‬في هذا المجال حيث قال أنه‪" :‬علينا أن ندرك بشكل جيد أن االلتزام بالكفاءة‬
‫القانونية ال يعني دائما‪ -‬كما يتصور البعض‪ -‬تجنب التعيينات ذات السمة السياسية"‪.1‬‬

‫جـ‪ -‬أداء اليمين‪ :‬إجراء مكمل للشروط السابقة وجب أداؤه من قبل أعضاء المجلس الدستوري أمام رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬وذلك بمجرد اكتسابهم للعضوية وقبل البدء في مباشرة مهامهم بموجب أحكام المادة ‪3/391‬‬
‫من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬التي تنص علي أنه‪« :‬يؤدي أعضاء المجلس الدستوري اليمين أمام‬
‫رئيس الجمهورية قبل مباشرة مهامهم‪ ،»...‬ووجوب أداء اليمين من قبل أعضاء المجلس الدستوري يرى‬
‫فيه اَلستاذ "سعيد بوالشعير" أنه من شأنه أن يؤدي إلى احترام الدستور وصون حقوق وحريات اإلنسان‬
‫والمواطن‪ ،‬وما من شك في أن اَلخذ به من شأنه أن يؤصل ويرفع من قيمة عمل المجلس ويفحم‬
‫المتربصين به وبغاية إنشائه‪ ،‬وفي ذلك ترسيخ لمبدأ سمو الدستور وفرض خضوع الجميع مؤسسات وأفراد‬
‫َلحكامه وتكريس دولة الحق والقانون التي تصبو الشعوب إلى تحقيقها والعيش في كنفها‪.2‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن أداء اليمين إجراء تم استحداثه بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪6739‬‬
‫بإلزام من المادة ‪ 391‬أعاله‪ ،‬وبالتالي فمباشرة أعضاء المجلس الدستوري لمهامهم مرهون بأدائهم لهذا‬
‫اإللزام‪.‬‬

‫وهنا يبدو التأثر واضحا بما هو مقرر في فرنسا بخصوص اَلعضاء المعينين‪ ،‬حيث يتم أداء‬
‫اليمين بنص المادة ‪ 71‬من اَلمر رقم ‪ 3790-39‬المؤرخ في ‪ 70‬نوفمبر ‪ 3639‬المتضمن القانون‬
‫العضوي المتعلق بالمجلس الدستوري‪.3‬‬

‫وبمقتضى أحكام المادة ‪ 9/391‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬قام أعضاء المجلس‬
‫الدستوري بما فيهم رئيس المجلس ونائبه بأداء اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية السيد "عبد العزيز‬
‫بوتفليقة" وعقب ذلك حثهم على تعزيز بناء دولة القانون والعمل على تأدية مهامهم بكل نزاهة وحياد لكونه‬
‫الهدف المراد تحقيقه من أداء اليمين الدستورية كما نص عليها الدستور‪ ،4‬وكان من اَلجدر لو نص‬

‫‪ -1‬هنري روسيون‪ : Henry ROUSSILLION‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.36‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم بلمهدي‪ :‬المجالس الدستورية في دول المغرب العربي‪ ،‬مذكرة ماجستير في الحقوق‪ ،‬إشراف غوثي سعاد‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‬
‫بن يوسف‪ ،‬بن خدة‪ ،6737 -6776 ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -4‬أعضاء المجلس الدستوري يؤدون اليمين أمام رئيس الجمهورية‪ ،‬منشور على موقع جريدة الخبر‪ ،‬بتاريخ ‪ 39‬أكتوبر ‪ ،6739‬متوفر على الرابط‬
‫‪ http/www.elkhabar.com‬تاريخ االطالع ‪ 33‬مارس ‪ 6767‬على الساعة ‪.19 :31‬‬

‫‪20‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫المؤسس الدستوري في هذا التعديل على االستقاللية المطلقة للسلطة القضائية في بالدنا ليكون أداء‬
‫اليمين الدستورية َلعضاء المجلس الدستوري أمامها باعتبار القضاء حامي الحقوق والحريات‪ ،‬ال أمام‬
‫رئيس الجمهورية باعتباره ممثال للسلطة التنفيذية وان كان حاميا للدستور َلن في ذلك تكريسا للشفافية في‬
‫ظل مبدأ الفصل بين السلطات الذي يمثل أهم ركائز دولة القانون‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬طرق تولي العضوية في المجلس الدستوري‬

‫بعد الفراغ من استعراض تشكيلة المجلس الدستوري والشروط الواجب توافرها في من يرغب توليها‬
‫كما حددتها أحكام الدستور المعدل سنة ‪6739‬وكذا النظام المحدد لقواعد عمل هذه الهيئة في مقام أول‬
‫وجب التطرق في المقام الثاني إلى طرق تولي العضوية فيها‪ ،‬وبالرجوع إلى نص المادة ‪ 391‬من نفس‬
‫التعديل الدستوري نجد أن المؤسس الدستوري الجزائري قد أبقى على نفس سبل تولي عضوية المجلس‬
‫الدستوري التي جمع فيها بين التعيين واالنتخاب بتقاسم السلطات الثالث التمثيل بالتساوي داخل المجلس‬
‫تفاديا لسلبيات االعتماد على اَلسلوب اَلول لوحده وما يثيره مشكل الوالء للسلطة صاحبة التعيين‪ ،‬وكذا‬
‫عدم االقتصار على اَلسلوب الثاني لتجنب وقوع المجلس تحت الضغط السياسي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التعيـين‪ :‬تماشايا ماع ماا جااءت باه أحكاام الماادة ‪13/391‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6739‬يكااون‬
‫المؤسااس الدسااتوري الج ازئ ااري قااد أكااد عل ااى اسااتمرار منح ااه ل ارئيس الجمهوريااة ص ااالحية التعيااين المباش اار‬
‫لألعضاااء اَلربعااة ‪ 71‬الممثل اين للساالطة التنفيذيااة وماان بياانهم رئاايس المجلااس الدسااتوري ونائب اه‪ ،‬ورغاام أن‬
‫حريااة االختيااار ماان المي ازات اَلساسااية َلساالوب التعيااين إال أن هااذه الحريااة تاام تقيياادها بشااروط تقااع علااى‬
‫اختيار اَلعضاء وهي شروط وليادة التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6739‬كماا تام التطارق لهاا آنفاا وهاذا لضامان‬
‫التماثل بين اَلعضاء المعينين والمنتخبين في الشروط إضافة إلى عدم وجود نص يفارض شاروطا قانونياة‬
‫خاصااة فااي اَلعضاااء المعينااين خالفااا لألعضاااء المنتخبااين‪ ،‬وأساالوب التعيااين ماانح للساالطة التنفيذيااة دون‬
‫غيرها تماشيا مع مكانة رئيس الجمهورية الذي منح دستوريا سلطة التعيين في جميع الوظائف السامية فاي‬
‫الدول ااة باعتبااااره الح ااامي اَلول للدساااتور‪ ،‬إال أناااه يعتب اار امتيا اااز مب ااالغ في ااه بمنح ااه عل ااى إطالقاااه ل ا ارئيس‬
‫الجمهوريااة بااالنظر إلااى نتائجااه المؤديااة إلااى ال اوالء والتبعيااة بغااض النظاار عاان االنتماااء والميااول السياسااي‬
‫لألعض اااء المعني ااين وال ااذي يك ااون واح اادا‪ ،‬وبالت ااالي فطغي ااان الط ااابع السياس ااي عل ااى المجل ااس الدس ااتوري ال‬

‫‪ -1‬ورد في نص المادة ‪ 3/391‬من التعديل الدستوري لسنة ‪« :6739‬أربعة ‪ 1‬أعضاء من بينهم رئيس المجلس ونائب رئيس المجلس يعينهم رئيس‬
‫الجمهورية»‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫مناص مناه‪ ،1‬وفاي ذلاك يقاول اَلساتاذ "ساعيد بوالشاعير"‪" :‬الثابات أن هاذه الشاروط وان تاوفرت ال تغيار مان‬
‫طبيعة المؤسسة كونها في مجال تعيين أعضائها يطغى عليها الطابع السياسي مان حياث الجهاات المكلفاة‬
‫بذلك دستوريا"‪.2‬‬

‫ورغاام أن أساالوب التعيااين منتقااد كثيا ار كونااه غياار قااائم علااى أساااس ديمق ارطااي وال يضاامن اسااتقاللية‬
‫المجلس الدستوري وحياده عن السلطة المعينة‪ ،‬إال أن جل االنتقادات لم يكن الداعي إليها هاذا فحساب بال‬
‫َلن هدف المؤساس الدساتوري الج ازئاري مان ذلاك كاان اإلبقااء علاى هيمناة السالطة التنفيذياة وهاو ماا يؤكاده‬
‫الواقع العملي للمجلس الدستوري‪ ،‬بإبقاء المؤسس الدستوري على االمتياز الكمي والناوعي للسالطة التنفيذياة‬
‫على مستوى المجلس واضافة عضو معين على الحصاة المخصصاة لهاا فاي ظال التعاديل الدساتوري لسانة‬
‫‪ 6739‬دليل كاف على حرص المؤسس الدستوري على عدم المسااس بالمكاناة المهيمناة والمتفوقاة للسالطة‬
‫التنفيذية في المجلس الدستوري كواحدة من أهام المؤسساات الدساتورية فاي الابالد مان خاالل تعييناه َلربعاة‬
‫أعضاء من بي نهم رئيس المجلس الدستوري الذي يتمتع بدوره بسلطة تنظيمية فاي إدارة شاؤون المجلاس مان‬
‫حيااث مهامااه خصوصااا صااوته الماارجح فااي حااال تعااادل اَلص اوات‪ ،3‬إضااافة إلااى تمتع اه بساالطة تنظيميااة‬
‫يشرف من خاللها على إدارة شؤون المجلس‪ ،‬فهو أول من يتلقى رسالة اإلخطار من قبل الجهاات المخاول‬
‫لهم دستوريا ذلك‪4‬كما يحق لرئيس المجلس أن يعين من بين اَلعضاء العضو المقرر‪ ،‬كما خص الدساتور‬
‫رئيس المجلس ونائبه بالصوت المرجح في حال تعادل أصوات أعضاء المجلس‪ ،5‬وفي حاال غيااب رئايس‬
‫المجلااس الدسااتوري يكااون لنائبااه جميااع صااالحيات رئاايس المجلااس الدسااتوري والتااي تنتقاال إليااه آليااا‪ .‬هااذا‬
‫وخااص المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري رئاايس المجلااس الدسااتوري باالستشااارة ماان قباال رئاايس الجمهوريااة قباال‬
‫إق ارره حل المجلس الشعبي الوطني أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها‪ ،6‬إضافة إلاى أن رئايس المجلاس‬
‫الدساتوري يعتبار ثالاث شخصاية سياساية فاي الدولاة وذلاك بتأهيلاه دساتوريا لتاولي منصاب رئاساة الدولاة فااي‬

‫‪1- Dominique ROUSSEAU: Le droit du contentieux constitutionnel, Paris, Montchrestien , 1990, p 47.‬‬
‫‪ -2‬سعيد بوالشعير‪ :‬النظام السياسي الجزائري دراسة تحليلية لطبيعة نظام الحكم في الجزائر في ضوء دستور ‪ -2992‬السلطة التشريعية‬
‫والمراقبة‪ ،‬ط‪ ،6‬د م ج‪ ،‬بن عكنون الجزائر‪ ،‬ج‪ ،6731 ،1‬ص ‪.636‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬إلياس جوادي‪ :‬دور المجلس الدستوري في رقابة دستورية القوانين وصحة االنتخابات البرلمانية‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،6736 ،‬ص‪.67‬‬
‫‪ -4‬نصت المادة ‪ 79‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد‪ ،71‬الصادرة بتاريخ ‪ 17‬يونيو‪ 6736‬أنه‪" :‬يخطر المجلس‬
‫الدستوري في إطار رقابة الدستورية ورقابة المطابقة للدستور برسالة توجه إلى رئيسه مرفقة بالنص موضوع اإلخطار"‪.‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 6/391‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -6‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 310‬من نفس المصدر‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫حال اقتران شغور منصب رئاسة الجمهورية بشغور منصب رئاسة مجلس اَلمة‪ ،1‬كما ألزم الدساتور رئايس‬
‫الجمهورية على استشارة رئيس المجلس الدساتوري قبال تقريار حالاة الطاوارئ أو الحصاار‪ ،2‬وكاذا قبال إقارار‬
‫الحالة االستثنائية‪ ،3‬وقبل إعالن حالة الحرب‪.4‬‬

‫وفااي ذلااك ب اروز واضااح لالمتيااازات التااي يحظااى بهااا رئاايس المجلااس الدسااتوري ونائبااه دون باااقي‬
‫أعضاااء المجلااس والتااي لهااا دون شااك أثرهااا الساالبي علااى مقومااات اسااتقاللية الهيئااة الساااهرة علااى احت ارام‬
‫الدستور وعلى مصداقية ق ارراتها إضافة إلى مساسه بمبدأ المساواة بين السلطات داخلها‪.‬‬

‫فمسألة تعيين رئيس الجمهورية لارئيس المجلاس الدساتوري ونائباه تعاد امتياا از قوياا للسالطة التنفيذياة‬
‫ليس بالنظر فقط إلى أنها صاحبة التعيين بل باالنظر إلاى ماا يملكاه وماا يمارساه رئايس المجلاس الدساتوري‬
‫ماان صااالحيات والتااي تااؤول إلااى نائبااه فااي حااال غيابااه‪ .5‬وَلن المنطااق يسااتبعد فرضااية الصاادفة فااي تعيااين‬
‫أف اراد أعضاااء المجلااس الدسااتوري ف اان اختيااارهم الشااك يكااون وفقااا لاانفس الميااول واالنتماااء السياسااي اَلماار‬
‫الذي من شانه الطعن فاي ن ازهاة المجلاس ومصاداقية ق ار ارتاه لاذا كاان مان اَلجادر علاى المؤساس الدساتوري‬
‫الجزائري اعتماد أحد الخيارين اآلتيين‪:‬‬

‫إمااا مواصاالة مسااايرة نظي اره الفرنسااي الااذي وضااع قيااودا علااى ساالطة رئاايس الجمهوريااة بخصااوص‬
‫التعيين في المناصاب الساامية بماا فيهاا التعياين فاي عضاوية المجلاس الدساتوري وعادم تمكيناه مان ذلاك إال‬
‫بع ااد إب ااداء الا ارأي العلن ااي للجن ااة الدائم ااة المختص ااة ف ااي ك اال م اان مجلس ااي البرلم ااان‪ ،‬وال يج ااوز هن ااا لا ارئيس‬
‫الجمهورية أن يقوم بأي تعيين إذا كان عدد اَلصوات المعارضة في كل من لجنة أقل مان ‪ 3/1‬اَلصاوات‬
‫المدلى بها داخل اللجنتين‪.6‬‬

‫‪ -1‬يعتبار رئايس المجلاس الدسااتوري وفقاا َلحكاام الماادة ‪ 376‬ماان التعاديل الدساتوري لساانة ‪ 6739‬الشخصاية الثالثاة المخاول لهااا دساتوريا تاولي رئاسااة‬
‫الدولة بعد رئيس مجلس اَلمة في حال اقتران شغور منصب هذا اَلخير بشاغور منصاب رئاساة الجمهورياة باساتقالته أو حادوث ماانع لاه يساتحيل معاه‬
‫ممارسة مهامه الدستورية‪ ،‬سواء كان المانع مؤقتا أو دائما وفقا لإلجراءات الواردة في نفس المادة‪.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 373‬من التعديل الدستوري لسنة ‪.6739‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 370‬من نفس المصدر‪.‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 376‬من نفس المصدر ‪.‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ /‬إبراهيم بلمهدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫‪6‬‬
‫‪-Philippe FOILLARD: droit constitutionnel et institutions politiques, 22eme édition, larcier, Bruxelles, 2017,‬‬
‫‪p 409.‬‬

‫‪23‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫وامااا العااودة للحاال اَلنسااب الااذي اعتمااده المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري فااي دسااتور ‪ ،13691‬وذلااك‬
‫بتفااويض أعضاااء المجلااس الدسااتوري أنفسااهم انتخاااب عضااو ماان بياانهم لتااولي رئاسااة المجلااس للخااروج ماان‬
‫دائرة عدم المساواة باين السالطات التاي فرضاها أسالوب التعياين داخال المجلاس‪ ،‬رغام أن هنااك مان يارى أن‬
‫التااأثير السياسااي فااي طريقااة تعيااين أعضاااء هااذه الهيئااة فااي شااكل مجلااس دسااتوري أو محكمااة دسااتورية ال‬
‫يمكاان تجنبااه بصااورة مطلقااة‪ ،2‬وذهااب فااي ذلااك الفقيااه "لااويس فااافور‪"Louis FAVOREU‬إلااى القااول أناه‪:‬‬
‫«حتى وان حاولنا تقييد السلطات السياساية التاي تقاوم باالتعيين االختياار مان باين رجاال القضااء أو الفقهااء‬
‫في القانون فإنه من الصعوبة تجنب تسييس هذه المؤسسة‪ ،‬أو بمعنى أدق من الصعوبة تجنب قياام رئايس‬
‫الجمهورية ورئيسي مجلسي البرلمان بتعيين أعضاء يشاركونهم في وجهات نظرهم»‪.3‬‬

‫وفي خضم هذه الحقائق فإنه كان يجب على المؤسس الدستوري إدخال تعديالت في هاذا المجاال‬
‫من شاأنها أن تضامن مبادأ المسااواة باين السالطات داخال المجلاس َلناه مان المخجال الحاديث عان المسااس‬
‫بمباادأ المساااواة بااين الساالطات وكيااف يحاادث ذلااك وأياان ‪..‬؟ والمجلااس الدسااتوري رقي اب علااى الفصاال بااين‬
‫السلطات بإضفائه الشرعية على ممارسة السلطات‪ ،‬ويكفل الحماية القانونية ورقاباة السالطات العمومياة فاي‬
‫المجتمع حتى تسود الشرعية‪.4‬‬

‫ثانيا‪ :‬االنتخـاب‪ :‬نصات الماادة ‪ 3/391‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6739‬أن المجلاس الدساتوري يتاألف‬
‫من ‪ 36‬عضوا يتم تعيين ثلثهم من طرف رئيس الجمهورية‪ ،‬بينما تشترك السالطتين التشاريعية والقضاائية*‬
‫وحساب نفاس الفقارة فاي انتخااب اَلعضااء البااقين‪ ،‬حياث أن السالطة التشاريعية ممثلاة فاي البرلماان بغرفتيااه‬
‫تنتخب أربعة ‪ 71‬أعضاء‪ ،‬وفي إطاار ذلاك أساند للغرفاة اَلولاى حاق انتخااب عضاوين ‪ 76‬شاأنها فاي ذلاك‬
‫شااأن الغرفااة الساافلى‪،‬باعتبار أن البرلمااان هااو قاعاادة الديمقراطيااة والحاضاان الطبيعااي للمطالااب واالختالفااات‬

‫‪ -1‬نصاات المااادة ‪ 91‬ماان دسااتور ‪ 3691‬الصااادر بتاااريخ‪ 79‬ساابتمبر ‪ ،3691‬ج ر‪ ،‬العاادد ‪ ،91‬المؤرخااة فااي ‪ 37‬ساابتمبر ‪ 3691‬علااى أنااه‪«:‬يتااألف‬
‫المجلس الدستوري من الرئيس اَلول للمحكمة‪ ،‬ورئيسي الحجارتين المدنياة واإلدارياة فاي المحكماة العلياا‪ ،‬وثالثاة ناواب يعيانهم المجلاس الاوطني وعضاو‬
‫يعينه رئيس الجمهورية‪ ،‬ينتخب أعضاء المجلس الدستوري رئيسهم والذي ليس له صوت مرجح »‪.‬‬
‫‪ -2‬رشيدة العام‪ :‬المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬دار الفجر القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،6779 ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ -3‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،3‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،6731‬ص‪.613‬‬
‫‪ -4‬عمار عباس‪ :‬دور المجلس الدستوري الجزائري في ضمان مبدأ سمو الدستور‪ ،‬مجلة المجلس الدستوري العدد ‪ ،6731 ،73‬ص‪.06‬‬
‫* تجاادر اإلشااارة إلااى أن صااياغة هااذه المااادة يسااودها شاايء ماان الغمااوض‪ ،‬حيااث نااص المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري ماان خااالل أحكامهااا علااى وجااوب‬
‫انتخاااب الساالطتين التش اريعية والقضااائية لممثليهم اا فااي المجلااس‪ ،‬فااي حااين كااان يجااب أن يتحلااى نااص المااادة بدقااة اكباار بقولااه‪..« :‬ينتخااب ماان بااين‬
‫أعضائهما‪َ »..‬لنها العبارة اَلصح والبعيدة عن التأويالت على عكس ما هي عليه اآلن‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫وحلق ااة الوص اال ب ااين المؤسس ااات السياس ااية‪ ،‬كم ااا يع ااد مح ااور مأسس ااة المش اااركة السياس ااية وتوس اايع قاع اادة‬
‫الشرعية‪.1‬‬

‫وكما هو معلوم فإن نظام الغرفتين في النظام السياسي الجزائري يقوم على تمايز بينهما مان حياث‬
‫التركيبة واالختصاصات‪ ،‬فقد اعتمد التعديل الدساتوري لعاام ‪ 3669‬فاي تكاوين مجلاس اَلماة أسالوبا مغااي ار‬
‫لااذلك المتبااع فااي المجلااس الشااعبي الااوطني‪ ،2‬فااإلى جانااب اَلغلبيااة المنتخب اة فااي مجلااس اَلمااة يوجااد ثلااث‬
‫‪1/3‬أخر معين من طرف رئايس الجمهورياة فتشاكيلته مزدوجاة تجماع باين االنتخااب غيار المباشار والتعياين‬
‫ماان بااين الشخصاايات والكفاااءات الوطنيااة‪ ،‬وبااالرجوع إلااى نااص المااادة ‪ 3/391‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة‬
‫‪ 6739‬يتبااين لنااا أن المؤسااس الدسااتوري قااد ماانح مجلااس اَلمااة التمثياال بعضااوين فااي المجلااس الدسااتوري‬
‫ويكون ذلك بانتخابهما‪ ،‬إال أن هذه الطريقة القت انتقادات ال حصر لها باعتبار أن الثلث الرئاسي المعاين‬
‫من قبل رئيس الجمهورياة سيرشاح عضاوين مان هاذا الثلاث علاى أسااس االنتمااء الحزباي وسايكون فاي ذلاك‬
‫اعتداء واضح على استقاللية المجلاس الدساتوري وفيهاا ناوع مان السايطرة مان طارف السالطة التنفيذياة علاى‬
‫عضوية المجلس بطريقة غير مباشرة‪ ،‬رغم أنه ال يمكن إنكار الدور الذي يمكن أن يؤدياه العضاوان إن تام‬
‫اختيارهمااا ماان الثلااث الرئاسااي لعضااوية المجلااس الدسااتوري باعتبارهمااا ماان الكفاااءات الوطنيااة ممااا ياانعكس‬
‫الشااك باإليجاااب علااى الاادور الااذي يمكاان أن يؤديااه فااي أداء مهامااه واختصاصاااته داخاال المجلااس‪ ،‬إال أنااه‬
‫وفقا لمنطق االنتماء الحزبي ودورها في المجلس الدستوري ال يمكن بأي حال من اَلحاوال أن يختلاف عان‬
‫دور الهيئااة التااي يمثلونهااا والمتمثاال فااي خدمااة رئاايس الجمهوريااة ومسااايرة مواقفااه‪ ،3‬كمااا أبقااى علااى خيااار‬
‫االنتخاب بالنسبة للمجلس الشعبي الوطني وكذلك الحاال بالنسابة للسالطة القضاائية فاي اختياارهم لممثلايهم‬
‫في المجلس الدستوري‪ ،‬وبذلك يبدو خيار انتخاب اَلعضاء ظاهريا أنه خيا ار ديمقراطيا بامتياز‪.‬‬

‫لكن الواقع يقول خالف ذلك َلن نتيجته النهائياة مماثلاة لطريقاة التعياين‪ ،‬كاون اَلغلبياة البرلمانياة‬
‫تنتمي بالضرورة إلى الحزب الحاكم وذات والء للسلطة التنفيذية‪ ،‬باعتبار أن الترشح ياتم علاى أسااس قاوائم‬
‫ذات انتماءات حزبية‪ ،‬ليتم انتخابها بعد ذلك من قبل بااقي الناواب لتكاون باذلك كال االحتمااالت واردة ومان‬
‫بااين هااذه اَلخي ارة أن يك ااون العضااوين المنتخبااين م اان طاارف المجلااس الشااعبي الا اوطني ماان بااين أعض اااء‬

‫‪ -1‬ميلود ذبيج‪ :‬الفعالية الرقابية للبرلمان الجزائري‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪ ،6733 ،‬ص‪.70‬‬
‫‪ -2‬عقيلة خرباشي‪ :‬مركز مجلس األمة في النظام الدستوري الجزائري‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪ ،6731 ،‬ص‪.311‬‬
‫‪ -3‬عزيااز جمااام‪ :‬عــدم فعليــة الرقابــة علــى دســتورية الق ـوانين فــي الجزائــر‪ ،‬مااذكرة ماجسااتير تخصااص تح اوالت الدولااة‪ ،‬إش اراف طالااب طاااهر‪ ،‬كليااة‬
‫الحقوق والعلوم السياسية جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪25‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫اَلغلبي ااة البرلماني ااة ذات الا اوالء والمس اااندة المطلق ااة للس االطة التنفيذي ااة‪ ،‬الت ااي س ااتحرص الش ااك أن ال ينتم ااي‬
‫ممثلي المجلس الشعبي الوطني إلى غيرها من اَلطياف السياساية اَلمار يعاود باَلذهاان إلاى االتفااق الاذي‬
‫حاادث فعااال ساانة ‪ 6733‬بااين التجمااع الااوطني الااديمقراطي مااع حاازب جبهااة التحرياار الااوطني حااول تقاساام‬
‫التمثياال عاان مجلااس اَلمااة اَلول (‪ )RND‬أمااا التمثي ال فااي المجلااس الشااعبي الااوطني فيكااون ماان نصاايب‬
‫(‪ )FLN‬ف ااي اقتا اراح وف اارض ممثليهم ااا ل اادى التجدي ااد ف ااي المجل ااس الدس ااتوري كونهم ااا يملك ااان اَلغلبي ااة ف ااي‬
‫المؤسستين‪ ،‬وحدث أن تأخر الفصل في تمثيل الجبهة على مستوى المجلس الشعبي الوطني بسبب انقسام‬
‫وقع داخل مناضلي الحزب ما أدى إلى تأجيل التجديد بثالثة أشهر‪.1‬‬

‫وبالرغم من أن خيار االنتخاب يبدو ديمقراطيا إال أن النتيجة تبقى نفسها في كل اَلحوال‪ ،‬ذلك أن‬
‫اَلعضاء الممثلين للبرلمان سينتمون لألغلبياة البرلمانياة‪ ،‬فواقاع العالقاة باين السالطتين التشاريعية والتنفيذياة‬
‫يكتساي ثاوب الديمقراطيااة دون تجسايد عملاي‪ ،2‬هااذا عان السالطة التشاريعية أماا السالطة القضااائية فاي نظااام‬
‫عضااوية المجلااس الدسااتوري فوضااعها ال يختلااف كثي ا ار عاان وضااع سااابقتها بغرفتيهااا حيااث خااول المؤسااس‬
‫الدساتوري الج ازئاري الساالطة القضاائية فااي التعاديل الدسااتوري لسانة ‪ 6739‬الحااق فاي انتخاااب ممثليهاا علااى‬
‫مسااتوى المجلااس الدسااتوري شااأنها فااي ذلااك شااأن الساالطة التش اريعية‪ ،‬وذلااك بأربعااة أعضاااء منتخبااين اثنااان‬
‫منهمااا عاان المحكمااة العليااا‪ ،‬بينم ااا ينتخااب العض اوان اآلخ اران ماان قب اال مجلااس الدولااة‪ .‬وتمكااين المؤس ااس‬
‫الدستوري الجزائري للجهاز القضاائي وتوسايع إساهامه فاي عضاوية وعمال المجلاس وتادعيم اختصااص هاذا‬
‫اَلخير‪ ،‬إضافة إلى تعزيز مكانة القضاة داخلاه‪ ،‬هاو أمار ساينعكس الشاك بالساير الحسان لعمال هيئاة ذات‬
‫اختصاصااات غايااة فااي اَلهميااة علااى أرسااها العماال علااى تجس ايد مباادأ علويااة القاعاادة الدسااتورية‪ .‬واقبااال‬
‫المؤسااس الدسااتوري علااى هااذا اإلصااالح بااأمر جاادير باإلشااادة وهااو واحااد ماان اإلصااالحات التااي نااادى بهااا‬
‫عديااد فقهاااء القااانون الدسااتوري فااي الج ازئاار وعلااى أرسااهم اَلسااتاذ "فااوزي أوصااديق" الااذي ياارى أن تعزيااز‬
‫المجلس الدستوري بالعنصر القضائي ضرورة البد منها لمنع تسييس أحكامه‪.3‬‬

‫‪ -1‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،3‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30‬‬


‫‪ -2‬انظر‪ /‬موريس دوفرجيه ‪ :Maurice DUVERGER‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬فوزي أوصديق‪ :‬الوافي في شرح القانون الدستوري –النظرية العامة للدساتير‪ -‬د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،6730 ،‬ج‪ ،6‬ص‪.661‬‬

‫‪26‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الشروط المرتبطة بالعهدة وضماناتها‬

‫تقتضي الطبيعة الخاصة لمهام المجلس الدستوري استقالليته عن جميع السالطات فاي الدولاة وماا‬
‫ماان جاادل إذا قلنااا أن اسااتقالل أعضاااء المجلااس الدسااتوري ه او أس ااس تحقيااق اَلداء الحساان لمهامااه‪ ،‬وفااي‬
‫إطااار هااذا المنطااق وضاامانا السااتقاللية عضاو المجلااس الدسااتوري تضاامن التعااديل الدسااتوري لساانة ‪6739‬‬
‫أحكاما لعهادة العضاوية فاي هاذه الهيئاة الحساساة والبالغاة اَلهمياة فاي ذات الوقات‪ ،‬وذلاك باإدراج ضامانات‬
‫تؤطر هذه الفترة وبدسترتها أصبحت ضمانات أعلى قيمة من الضمانات القانونية‪ ،‬بهدف وضاع اَلعضااء‬
‫موضااع التجاارد والحياااد وحمااايتهم ماان الضااغوطات التااي يمكاان أن تمااس بحاريتهم‪ ،‬ليكااون لهاام بااذلك مطلااق‬
‫الحريااة فااي تفسااير القواعااد القانونيااة دون أي ضااغط مباشاار أو غياار مباشاار‪ ،‬ولاام يقتصاار الاانص عليهااا فااي‬
‫الدستور فحسب بال وردت أيضاا فاي النظاام المتعلاق بقواعاد عمال المجلاس الدساتوري‪ ،‬لاذا ستنصاب د ارساة‬
‫هاذا المطلااب علااى نظااام عهاادة اَلعضااء وكااذا حصاانتهم فااي المسااائل الجزائيااة (الفاارع اَلول)‪ ،‬إضااافة إلااى‬
‫مبدأ التنافي مع الوظيفة ونظام المتابعة التأديبية لألعضاء(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬نظام العهدة في المجلس الدستوري‬

‫يستمد المجلس الدستوري الجزائري اختصاصاته مان النصاوص الدساتورية التاي نصات علاى كيفياة‬
‫تشكيله وأصول عمله وكذا تنظيمه وتحديد مهامه‪ ،‬وهي نصوص يبني عليهاا ق ار ارتاه تحقيقاا لألهاداف التاي‬
‫أنشئ َلجلها‪ ،‬ورغم تعدد طرق تشكيل المجلس الدستوري في تنوعها بين التعيين واالنتخاب باين السالطات‬
‫الثالث في البالد‪ ،‬إال أن اَلساس الذي يجمع أعضااء هاذه الهيئاة الرقابياة بالدرجاة اَلولاى هاو نظاام عهادة‬
‫واحادة‪ ،‬علااى قاادر مان االسااتقاللية والحصااانة َلداء مهاامهم الرفيعااة والحساسااة فاي آن واحااد دون تااأثير ماان‬
‫هذه السلطة أو تلك في ظل مهنية راقية بحيادها‪ ،‬فضال عن عدم إمكانية عزلهم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مــدة العضــوية وعــدم قابليتهــا للتجديــد‪ :‬اعتباارت ماادة العضااوية فااي المجلااس الدسااتوري والتااي حااددها‬

‫دسااتور ‪ 3669‬بساات(‪ )79‬ساانوات‪ ،1‬قصاايرة مقارنااة مااع مااا يمكاان أن يقدمااه أعضاااء هاذه الهيئااة ماان فائاادة‬
‫تعااود بااالتطور علااى الرقابااة الدسااتورية فااي الاابالد‪ ،‬إضااافة إلااى اسااتقاللية أعضاااء المجلااس الدسااتوري أمااام‬
‫مختلف الضغوطات التي يمكن أن يتعرضوا لها أثناء مسارهم المهني اَلمر الذي يمكن أن يحول المجلس‬
‫الدسااتوري إلااى هيئااة اعتباطيااة ال يعاادو وجودهااا أكثاار ماان أداة لتحقيااق المااآرب الساالطوية تتقاذفااه فااي ذلااك‬

‫‪ -1‬نصت المادة ‪ 1/391‬من دساتور ‪ 3669‬علاى أناه‪ « :‬يضاطلع أعضااء المجلاس الدساتوري بمهاامهم مارة واحادة مادتها سات (‪ )79‬سانوات‪ ،‬ويجادد‬
‫نصف عدد أعضاء المجلس الدستوري كل ثالث (‪ )71‬سنوات»‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫اَلهواء الحزبية‪ ،‬كما أن اإلبقاء على هذه المدة القصيرة للعهدة ال يخدم نجاعة وتطور الفقاه الدساتوري بماا‬
‫سيستجيب لألهمية الملقاة على عاتق هاذه المؤسساة الحيوياة فاي النظاام السياساي والتاي تعاد مان العناصار‬
‫الحاساامة فااي تك اريس دولااة الحااق والقااانون علااى اعتبااار أن الرقابااة الدسااتورية أصاابحت مي ازة الديمقراطيااة‬
‫المستمرة‪ ،1‬واستجابة لذلك مددت أحكام الماادة ‪ 1/391‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6739‬مادة العضاوية‬
‫داخ اال المجل ااس لثمانيا اة ‪ 79‬س اانوات وه ااي م اادة طويل ااة نس اابيا إذا م ااا قورن اات بم ااا كان اات علي ااه ف ااي دسا اتور‬
‫‪3669‬وهااي غيار قابلااة للتجديااد‪ ،‬بالنساابة لارئيس المجلااس الدسااتوري ونائبااه علااى عكااس ماادة باااقي أعضاااء‬
‫المجلس الذين يتم تجديد عضويتهم مرة كل أربع ‪ 71‬سنوات عن طريق القرعة‪.‬‬

‫وعلااى اعتبااار أن التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬قااد نااص علااى تجديااد نصااف أعضاااء المجلااس‬
‫الدستوري مرة كل أربع ‪ 71‬سنوات‪ ،‬تجدر اإلشاارة هناا إلاى اخاتالف أراء فقهااء القاانون الدساتوري حاول ماا‬
‫إذا كان لهذا اإلجراء تأثيره االيجابي على سير عمل المجلس وعلاى اساتقرار تشاكيلته‪ ،‬أو أناه علاى العكاس‬
‫من ذلك فمنهم من يرى أن تقنياة التجدياد النصافي َلعضااء المجلاس الدساتوري ترساخ وتحقاق عادم جماود‬
‫االجتهاااد الدسااتوري وضاامان االسااتم اررية فااي العماال الرقااابي وتبااادل الخب ارة ونقاال التجربااة ماان اَلعضاااء‬
‫الق اادامى إل ااى اَلعض اااء الج اادد عق ااب ك اال عملي ااة تجدي ااد‪ ،‬فتجدي ااد م اادة العض ااوية يحف ااز أعض اااء المجل ااس‬
‫الدستوري على العمل بكل جد ومثابرة لتبيان إتقانهم وتفانيهم في عملهم وقت ترك مناصبهم في المجلس‪.2‬‬

‫وبذلك يمكننا القول أن لهذه الضمانة أهمياة بالغاة فاي تحصاين المجلاس الدساتوري مان احتماال أن‬
‫يصبح مجرد جهاز يعكس الصراعات الثائرة بين السلطات الممثلة فيه وعلى وجه الخصوص منها سلطتي‬
‫التشاريع والتنفيااذ‪ ،‬متااى كاناات لهااا منافااذ للتااأثير فااي اَلعضاااء المنتمااون إليهااا ال يكااون لهااا فااي ذلااك الحااين‬
‫أفضل من مساومتهم في مناصبهم ومستقبلهم فيها‪ ،‬فيما لو ثبتت لهما مكنة التجديد لممثليهم‪.3‬‬

‫وعلااى خااالف ذلااك هناااك ماان ياارى إمكانيااة تعاارض المجلااس الدسااتوري باعتماااده لطريقااة التجديااد‬
‫النصفي إلى عدم االساتقرار وغيااب عنصار الخبارة المهنياة المكتسابة منهاا خاصاة‪ ،‬اَلمار الاذي سايكون لاه‬
‫اَلثاار الساالبي علااى اسااتم اررية اَلداء الحساان لمهااام المجلااس‪ ،‬علااى عكااس لااو تاام اسااتغالل الخبارة المكتساابة‬
‫داخاال المجلااس لفت ارة العهاادة الكاملااة‪َ ،‬لن عاادم تجديااد عضااوية أعضاااء المجلااس الدسااتوري لعهاادة أخاارى‬
‫يتماشاى واسااتقالليه‪ ،‬بحيااث يكااون العضااو علاى علاام بمجاارد توليااه المنصااب بأناه مطالااب بااأداء مهمتااه بكاال‬

‫‪ -1‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،2‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬رشيدة العام‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫‪ -3‬عزيز جمام‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪28‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫موضوعية وأن مجاملة أية جهة ال تحقق له االستمرار بالبقاء في ذلاك المنصاب بعاد انتهااء المادة المحاددة‬
‫دستوريا‪.1‬‬

‫إضااافة إلااى المحافظااة علااى الخب ارة التااي يكااون عضااو المجلااس الدسااتوري قااد اكتساابها خااالل فت ارة‬
‫عضويته فالعضو الجديد أحوج ما يكون إليها‪ ،‬وقد أيد هذا الارأي اَلساتاذ "صاالح بلحااج" بقولاه أن العضاو‬
‫في حالة استمرار عهدته فإنه يفقد االنحياز لطرف معين أثناء مداوالت المجلس الدستوري‪ ،‬ويتمتع بالحرية‬
‫أثناء ممارسته لكل االختصاصات الدستورية المسندة إليه لعلمه بأن مهمته لن تتجدد مرة أخارى مهماا كاان‬
‫اَلمر وبهذا تتحقق استقالليته إضافة إلى أن شرط عادم تجدياد العهادة يضامن االساتم اررية وتفاعال التجرباة‬
‫مع التجديد‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحصانة القضائية ألعضاء المجلس الدستوري‪ :‬من المبادئ المقاررة أن عضاو المجلاس الدساتوري‬

‫نظ ار لطبيعة عمله قد يبدي رأيا أثناء أداء مهامه ال يجد قبوال أو استحسانا لدى إحدى السلطتين التشاريعية‬
‫أو التنفيذية أو كليهما على حد سواء‪ ،‬وعندئذ يمكن أن يصبح العضو عرضة التهام كيدي بغية إثنائه عن‬
‫عزمااه‪ ،‬وفااي خضاام ذلااك لاام يجااد المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري بااديال عاان الحصااانة كوساايلة حمايااة لعضااو‬
‫المجلس الدستوري ضد كل أنواع التهديادات التاي يمكان أن تعارض عضاويته وحقوقاه للعباث‪ ،‬فكانات باذلك‬
‫الحصااانة القضااائية فااي المسااائل الجزائيااة أهاام ضاامانة اسااتحدثها التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ ،6739‬والتااي‬
‫تعززت بها مكاناة عضاو المجلاس الدساتوري وقاد تقال بهاا حاجتاه إلاى ضامانات أخارى أثنااء تأديتاه لمهاماه‬
‫إال أنهااا ليساات علااى إطالقهااا‪ ،‬حيااث تاام حصاار مجااال الحصااانة دسااتوريا وقااد يصاال اَلماار بعضااو المجلاس‬
‫الدستوري إلى فقدانها في حال خروجه عن نطاق االستفادة منها‪.‬‬

‫أ‪ -‬نطـــاق تطبيـــق الحصـــانة القضـــائية لعضـــو المجلـــس الدســـتوري‪ :‬يعتباار المجلااس الدسااتوري ماان أهاام‬

‫المؤسسات الدستورية في الدولة نظ ار لطبيعة دوره وأهميته خاصة فاي سامو الدساتور وحماياة حقاوق اَلفاراد‬
‫لااذا وجااب كفالااة اسااتقالليته ف ااي تأديااة رسااالته وهااي اسااتقاللية ال تتحق ااق إال ماان خااالل تااأمين اس ااتقاللية‬
‫أعضائه كونهم يمثلون حجر اَلساس في بنااء مصاداقيته وفاعلياة أدائاه فاي آن واحاد‪ ،‬لاذا صانفت حصاانة‬
‫أعضاء هذه الهيئاة الرقابياة علاى أنهاا أهام الضامانات المقدماة لهام َلداء وظاائفهم الرقابياة باساتقاللية طيلاة‬
‫فتارة عضااويتهم‪ ،‬وهااي ضاامانة تختصاار هاادف المؤسااس الدسااتوري فااي تحصااين أعضاااء المجلااس ماان أجاال‬

‫‪ -1‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.317‬‬
‫‪ -2‬صالح بلحاج‪ :‬المؤسسات السياسية والقانون الدستوري في الجزائر من االستقالل إلى اليوم‪ ،‬ط‪ ،6‬د م ج‪ ،‬الجزائر‪ ،6733 ،‬ص ‪.131‬‬

‫‪29‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫ضمان المباشرة الحرة لمهامهم‪ ،‬حياث ال يمكان بمقتضاى هاذا االمتيااز أن تباشار ضادهم أي دعاوى جنائياة‬
‫أو أي شكل من أشكال الضغوط وذلك طيلة فترة عضويتهم‪.1‬‬

‫وهااي بااذلك ضاامانة تعماال علااى تقييااد إمكانيااة المتابعااة القضااائية َلي عضااو ماان أعضاااء المجلااس‬
‫الدساتوري بماا فايهم رئايس المجلاس ونائباه‪ ،‬إال بعاد تناازل صاريح عان هاذا االمتيااز مان العضاو المعناي أو‬
‫بااإذن ماان المجلااس الدسااتوري‪ .2‬عاادا ذلااك ال يجااوز إقامااة دعااوى جزائيااة علااى عضااو المجلااس الدسااتوري أو‬
‫اتخاذ أي إجراء جزائي بحقه أو إلقاء القبض عليه طيلة مدة واليته‪.3‬‬

‫ب‪ -‬إجراءات رفع الحصانة القضائية عن عضو المجلس الدستوري‪ :‬يفترض أن أعضاء المجلس‬
‫الدستوري يمارسون وظائفهم على أكمل وجه وبعيدا عن أي خطأ يوجب مسؤوليتهم الجزائية أو التأديبية‬
‫غير أنهم شانهم في ذلك شان سائر الموظفين أن وقعوا في الخطاء توجب تحقق هذه المسؤولية‪ ،4‬ومع‬
‫ذلك منح أعضاء هذه الهيئة الرقابية حصانة اليجوز وفقا إلجراءاتها اتخاذ أي إجراء ضد أي عضو منها‬
‫إال في حالتين اَلولى إذا تنازل العضو المعني على حصانته بموجب قرار صادر من المجلس الدستوري‪،‬‬
‫أما الثانية فتكون بقوة القانون في حال ما إذا قرر المجلس الدستوري رفع الحصانة عن أحد أعضائه بعد‬
‫ثبات الجرم عليه‪ ،5‬وذلك بعد أن يتم تقديم طلب من طرف وزير العدل حافظ اَلختام إلى رئيس المجلس‬
‫الدستوري يطلب فيه رفع الحصانة عن العضو المعني على أن يرفق طلب الوزير بالوثائق الثبوتية مع‬
‫شرح لحيثيات القضية المطلوب رفع حصانة عضو المجلس على إثرها‪ ،‬ووفقا لما تقتضيه المادة ‪393‬‬
‫من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬يجري المجلس الدستوري مداوالت ليفصل في طلب رفع الحصانة‬
‫القضائية في اجتماع يكون الحضور فيه باإلجماع‪ ،‬يتم خالله دراسة الموضوع من الناحية اإلثباتية للتأكد‬
‫ما إذا كان االتهام جديا أو كيديا ذو دوافع انتقامية وبعد االستماع للعضو المعني يتخذ المجلس الق ارر‬
‫دون حضوره ليكون إما بترخيص المجلس برفع الحصانة القضائية عن العضو إذا ما تقررت صحة‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬ابتسام القرام‪ :‬المصطلحات القانونية في التشريع الجزائري‪ ،‬قصر الكتاب‪ ،‬البليدة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.333‬‬
‫‪ -2‬نص ات المااادة ‪ 393‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬علااى انااه‪« :‬يتمتااع رئاايس المجلااس الدسااتوري ونائااب ال ارئيس وأعضاااؤه خااالل عهاادتهم‬
‫بالحص ااانة القض ااائية ف ااي المس ااائل الجزائي ااة‪ ،‬وال يمك اان أن يكونا اوا مح اال متابع ااات أو توقي ااف بس اابب ارتك اااب جناي ااة أو جنح ااة إال بتن ااازل صا اريح ع اان‬
‫الحصانة من المعني باَلمر أو بترخيص من المجلس الدستوري‪".‬‬
‫‪ -3‬إلياس جوادي‪ :‬رقابة دستورية القوانين‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،6776 ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ -4‬أحمااد كريوعاات‪ :‬حمايــة المجلــس الدســتوري للحقــوق والحريــات األساســية‪ ،‬مااذكرة ماجسااتير تخصااص حقااوق اإلنسااان والحريااات العامااة‪ ،‬إشاراف‬
‫محمد بن محمد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة ورقلة‪ ،6733-6731 ،‬ص‪.379‬‬
‫‪ -5‬تنص المادة ‪ 6/63‬من النظام المحادد لقواعاد عمال المجلاس الدساتوري لسانة ‪ 6736‬علاى أناه‪...« :‬ال يمكان أن ترفاع الحصاانة إال بتناازل صاريح‬
‫من المعني أو بترخيص من المجلس الدستوري»‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫االتهامات الموجهة له فتكون الحصانة امتياز يضمن للعضو االستقرار في منصبه وحمايته من أي تدخل‬
‫من أية جهة كانت طالما تحلى في عمله بالنزاهة والمسؤولية والحيطة والحذر وااللتزام بأحكام الدستور‬
‫والنظام الداخلي للمجلس‪.1‬‬

‫أما إذا ارتأى المجلس الدستوري باإلجماع أنه ال مبرر لرفع الحصانة عن العضو المعني يبقى‬
‫هذا اَلخير متمتعا بها إلى حين انتهاء مدة عضويته داخل المجلس‪ ،‬أو ظهور ما يستوجب قانونيا طلب‬
‫رفع هذا االمتياز ويكون ذلك بإتباع نفس اإلجراءات السابقة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عدم إمكانية العزل‪ :‬تشكل عدم إمكانية عزل أي عضو من أعضاء المجلس الدستوري في ظل‬
‫توفر شروط العضوية داخل المجلس عنص ار أساسيا وداعما أكبر لالستقاللية‪ ،‬وذلك بعدم وجود أي‬
‫إمكانية َلي سلطة من السلطات القيام بذلك‪ ،2‬سواء منها التي قامت بتعيينه أو انتخابه‪ ،‬ويضمن هذا‬
‫الوجه واحدة من ضمانات استقاللية عضو المجلس الدستوري بها يتحرر اَلعضاء من الضغوطات‬
‫والتأثي ارت الخارجية أثناء أداء مهامهم السامية حفاظا على أمنهم الوظيفي طيلة فترة عضويتهم‪ ،‬وعدم‬
‫إمكانية عزل عضو المجلس الدستوري لم يتم النص على أحكامها صراحة ضمن النصوص الدستورية وال‬
‫في أحكام النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬وانما تستشف من خالل ما جاءت به أحكام‬
‫المادة ‪ 3/391‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬بقولها‪ « :‬يضطلع أعضاء المجلس الدستوري بمهامهم‬
‫مرة واحدة مدتها ثماني ‪9‬سنوات ويجدد نصف عدد أعضاء المجلس كل أربع ‪ 1‬سنوات»‪.‬‬

‫ويقول اَلستاذ "صالح بلحاج" في ذلك أن معناه عدم قدرة الجهات التي قامت بتعيينهم أو انتخابهم‬
‫على إنهاء مهامهم من خالل الفترة الدستورية المذكورة‪ ،‬وهذا باستثناء الحاالت التي يخل فيها العضو‬
‫إخالال صريحا بواجباته الوظيفية‪ ،‬ففي مثل هذه الحاالت تنظر الجهة التي ينتمي إليها العضو في اَلمر‬
‫ويتخذ اإلجراء المالئم طبقا لنظامها الداخلي‪ ،3‬وعليه يمكننا القول أن اَلصل في عهدة عضو المجلس‬
‫الدستوري معينا كان أو منتخبا هي الوالية الكاملة وال يجوز اختصارها وال وقف مسارها بالعزل شرط عدم‬
‫اإلخالل الخطير بواجباته أي أن المبدأ هو عدم جواز العزل‪ ،‬أما االستثناء فهو ما ورد النص عليه من‬
‫حاالت منها ما هو داخل في إرادة العضو كاالستقالة ومنها ما هو خارج عنها كالعجز الصحي الذي‬
‫يحول دون أداء العضو لمهامه أو وفاته‪ ،‬وفي هذه الحاالت يعلن المجلس الدستوري حالة الشغور بسبب‬

‫‪ -1‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،2‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬
‫‪ -2‬إبراهيم بلمهدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪ -3‬صالح بلحاج‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.131‬‬

‫‪31‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫إنهاء فترة العضوية أو الشغور بسبب الوفاة وهو ما أجازه النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫في نص المادة ‪ 167‬منه على أن يتداول المجلس الدستوري في ذلك لتبلغ بعدها نسخة من المداولة إلى‬
‫رئيس الجمهورية‪ ،‬وحسب الحالة إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني أو رئيس مجلس اَلمة أو إلى الرئيس‬
‫اَلول للمحكمة العليا أو رئيس مجلس اَلمة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موجبات العهدة وعقوبات المخالفة‬

‫أحاط التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬العضوية في المجلس الدستوري بضمانات من اَلهمية‬


‫بمكان بعد دسترتها‪ ،‬لتصبح بذلك أسمى من أن تمس على نحو يسيء إلى استقاللية وحياد أعضائه أثناء‬
‫أداء مهامهم وفقا لما تستدعيه طبيعة مهام المجلس الدستوري‪ ،‬ليظهر بذلك حرص المؤسس الدستوري‬
‫على النأي بأعضاء المجلس عن الضغوطات من جهة وعن اإلغ ارءات التي يمكن أن تمس بأمانتهم‬
‫ومصداقية ق ارراتهم من جهة أخرى‪ ،‬مع العلم أن المجلس الدستوري يتمتع دون سواه من المؤسسات‬
‫الدستورية الجزائرية بحق إعداد قواعد نظام عمله الذي يعالج إلى جانب مجموع اإلجراءات المرتبطة‬
‫باختصاصاته التي خصه بها الدستور‪ ،‬قواعد تعنى بمسألة موجبات العهدة وعلى رأسها التنافي مع‬
‫العضوية الذي عرف توسعا في التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬وواجب التحفظ إضافة إلى مهمة المتابعة‬
‫التأديبية َلعضاء المجلس داخل الهيئة نفسها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬موجبات العهدة‪ :‬يعد عنصر التنافي مع العضوية وواجب التحفظ من بين ضوابط وأساسيات‬

‫الحفاظ على استقاللية وحياد أعضاء هيئة الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬ومن أجل ذلك تم قطع الطريق‬
‫دستوريا أمام الجميع بين عضوية المجلس الدستوري وأي نشاط آخر مهما كانت طبيعته كما تم إلزام‬
‫أعضاء المجلس الدستوري بواجب التحفظ‪ ،‬وهو ما يعني عدم جواز إفشاء أسرار كل ما تعلق بمهام‬
‫المجلس الدستوري عمال بما تقتضيه مبادئ استقاللية وحياد اَلعضاء من جهة‪ ،‬وتحصينا لموقع المجلس‬
‫الدستوري كحام للدستور من جهة أخرى‪.‬‬

‫أ‪ -‬مبدأ التنافي مع العضوية‪ :‬هو مبدأ يخضع بموجبه أعضاء المجلس الدستوري الجزائري لعدم الجمع‬

‫بين الوظائف طوال فترة عضويتهم بالمجلس‪ ،‬حيث ورد في نص المادة ‪ 6/391‬من التعديل الدستوري‬

‫‪ -1‬جاء في نص المادة ‪ 67‬من النظام المحدد لقواعد المجلس الدستوري لسنة‪ 2229‬أناه‪«:‬فاي حالاة وفااة عضاو المجلاس الدساتوري أو اساتقالته أو‬
‫حصول مانع دائم لاه يتاداول المجلاس الدساتوري فاي ذلاك‪ .‬تبلاغ نساخة مان المداولاة إلاى رئايس الجمهورياة‪ ،‬وحساب الحالاة إلاى رئايس المجلاس الشاعبي‬
‫الوطني‪ ،‬أو رئيس مجلس اَلمة أو الرئيس اَلول للمحكمة العليا‪ ،‬أو رئيس مجلس الدولة‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫لسنة ‪ 6739‬أنه‪ « :‬بمجرد انتخاب أعضاء المجلس الدستوري أو تعيينهم يتوقفون عن ممارسة أي‬
‫عضوية أو أي وظيفة أو تكليف أو مهمة أخرى وأي نشاط آخر أو مهمة أخرى »‪.‬‬

‫ليتضح من نص هذه المادة حظر المؤسس الدستوري إلمكانية الجمع بين وظيفتين أو عدة‬
‫وظائف أثناء فترة تولي العضوية في المجلس الدستوري هذا إذا علمنا أن مبدأ التنافي يعني في مدلوله‬
‫العام حظر االضطالع بمهمتين أو عدة مهام في آن واحد وهو مبدأ يقتضيه اعتبا ار التفرغ الكامل للمهام‬
‫والتفاني فيها والتزام الحياد في أدائها وهما االعتباران أو الشرطان اللذان ال غنى عنهما في مجال الرقابة‬
‫على دستورية القوانين‪.1‬‬

‫وبالعودة إلى نص المادة أعاله نجد أنها تشير بما ال يدع مجاال للشك إلى الحظر الكلي على‬
‫إمكانية جمع عضو المجلس الدستوري بين وظيفتين أو أكثر طيلة فترة توليه للعضوية بهدف التفرغ التام‬
‫َلداء مهامه من جهة‪ ،‬إضافة إلى الحفاظ على استقاللية وحياد أعضاء المجلس على نحو يتماشى مع ما‬
‫تتطلبه استقاللية المجلس ذاته من جهة أخرى‪ ،‬لذلك ارتأى المؤسس الدستوري الجزائري أنه من المهم في‬
‫ضوء ذلك أن تتعارض العضوية في المجلس الدستوري مع كل نشاط آخر بمجرد تعيين العضو أو‬
‫انتخابه‪ .‬ومن باب ذلك فانه يكون ممنوعا على عضو المجلس ممارسة عهدة برلمانية أو وظيفة حكومية‬
‫َلن تزامن العضوية في المجلس مع ممارسة مهمة نيابية من شأنه اإلخالل بحياده‪ ،‬فلغة المنطق تقول أنه‬
‫ليس من الممكن مراقبة العضو لنص قانوني يمكن أن يكون من بين المساهمين في سنه هذا من الناحية‬
‫النظرية واَلمر يختلف عليه من الناحية التطبيقية‪ ،‬حيث أثبتت الممارسة أن عضو المجلس الدستوري‬
‫غالبا ما يتأثر بمواقف المؤسسات التي ينتمي إليها حيال نص قانوني معروض على المجلس‪.2‬‬

‫فعدم إمكانية الجمع بين عضوية المجلس الدستوري وتولي وظيفة حكومية يعد غلقا َلي باب يسمح‬
‫بالتأثير والضغط الحزبي على عضو المجلس الدستوري بالتنافي مع أي نشاط آخر أيا كان نوعه وطبيعته‬
‫بهدف التفرغ التام لمهامه على مستوى المجلس‪ ،‬وأكيد أن مرد هذا المنع من طرف المؤسس الدستوري‬
‫الجزائري هو تحقيق االستقاللية الالزمة للمجلس الدستوري‪َ ،‬لن ممارسة أعضائه َلي وظيفة أخرى أو‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬حسينة بعلاوج‪ :‬الرقابـة الدسـتورية فـي النظـام القـانوني الجزائـري‪ ،‬ماذكرة ماجساتير‪ ،‬تخصاص دولاة ومؤسساات‪ ،‬إشاراف ساعاد غاوثي‪ ،‬كلياة‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،6731 -6731 ،‬ص ‪. 99‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬ط‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 66‬‬

‫‪33‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫عضويتهم في هيئات أخرى سيؤدي بهم إلى التأثر باالتجاهات والظروف المحيطة بهم في ظل هذه‬
‫المهام‪ ،‬مما سيؤثر على عمل المجلس الدستوري من خالل أرائه وق ارراته‪.1‬‬

‫كما يسري االلتزام باالمتناع على عضو المجلس الدستوري طيلة فترة عهدته عن استخدام صفته‬
‫بمناسبة استشارة أو مرافعة أو ترؤس جمعية أو شركة‪.2‬‬

‫إال أن مبدأ التنافي مع الوظيفة ال يعني القطع المطلق لكل أنماط التواصل بين أعضاء المجلس‬
‫الدستوري والمجتمع وكذا مختلف مؤسسات الدولة‪ ،‬فاالستثناء على القاعدة العامة في تقييد عضو المجلس‬
‫الدستوري بمبدأ التنافي رخصته أحكام المادة ‪ 99‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬غير‬
‫انه وفقا لنصها يمكن َلعضاء المجلس المشاركة في اَلنشطة ذات الطابع العلمي والفكري في حال كانت‬
‫لهذه المشاركة عالقة بمهام المجلس‪ ،‬شرط أن ال يكون لها أي تأثير على استقاللية ونزاهة آرائه وق ارراته‬
‫كما أنه على العضو المعني تقديم عرض عن مشاركته في االجتماع الموالي الذي يعقده المجلس‬
‫الدستوري على أن يكون العرض مرفقا بالوثائق المتعلقة بذلك النشاط‪.‬‬

‫هذا وقد أتاحت أيضا المواد ‪ 66‬و‪ 61‬للمجلس الدستوري االنضمام إلى عضوية الهيئات‬
‫والمنظمات دولية كانت أو إقليمية‪ ،‬شرط أن ال يتنافى نشاط هذه اَلخيرة ونشاط المجلس الدستوري وأن ال‬
‫يكون لذلك تأثير على استقالليته وحياده‪ ،‬كما أنه يمكن للمجلس الدستوري في نفس اإلطار إبرام اتفاقيات‬
‫تعاون مع مختلف الهيئات الوطنية منها واَلجنبية على أن يكون له ذلك في المجاالت ذات الصلة‬
‫باختصاصاته‪ ،‬كما يمكن له أيضا تنظيم ندوات أو ملتقيات أو نشاطات علمية أو فكرية‪ ،‬سعيا لفسح‬
‫مجال الدراسات والبحث العلمي وتشجيعا للكتابة في الشؤون الدستورية التي من شأنها تعزيز دور الرقابة‬
‫الدستورية في إطار ترسيخ دولة القانون‪.‬‬

‫ب‪ -‬واجب التحفظ‪ :‬نصت أحكام الفقرة اَلخيرة من نص المادة ‪ 391‬من التعديل الدستوري لسنة ‪6739‬‬

‫على أنه‪ ..«:‬يجب عليهم أن يلتزموا بواجب التحفظ‪ ،»..‬ويبدو من فحواها فرض االلتزام بواجب التحفظ‬
‫على أعضاء المجلس الدستوري تماشيا مع ما تقتضيه طبيعة عمله إلضفاء المصداقية على آرائه وق ارراته‬
‫إضافة إلى أنه يعد من بين الترتيبات التي نص عليها المؤسس عناية بمسألة استقاللية المجلس الدستوري‬
‫وأعضائه على حد سواء‪ ،‬باعتبار أنه يفترض في عضوه وفقا َلحكام الدستور تحصين موقعه وظيفيا‬

‫‪ -1‬سلمية مسراتي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.66-69‬‬


‫‪ -2‬أنظر زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.106‬‬

‫‪34‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫والتزام القيم الناظمة للحياة العامة‪ ،‬وهو اَلمر الذي ال يأتي إال بالتزامه بواجب التحفظ‪ ،‬وكذا امتناعه عن‬
‫كل تصريح أو حتى تلميح أو تعبير عن مواقف بشأن ما حدث أو يحدث داخل المجلس من نقاشات أثناء‬
‫المداوالت سواء تعلقت بق ارراته التي اتخذها أو تلك التي مازالت قيد اإلعداد‪.1‬اَلمر الذي يتطلب الكشف‬
‫عن الحاالت المتعددة التي تنضوي تحت لواء هذا الواجب وتتطلب من اَلعضاء التقيد الصارم بها وهي‬
‫كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬يفرض واجب التحفظ على أعضاء المجلس الدستوري بمجرد انتخابهم أو تعيينهما لتحلي بالسرية‬
‫والتكتم التام حول كل ماله عالقة بوظيفتهم‪ ،‬وأكيد أن مرد هذا التكتم هو ضمان الستقاللية هذا الجهاز‬
‫وحياده حتى ال يقع عضو المجلس الدستوري ضحية كتابات ال تتقيد بقواعد النزاهة المهنية وال تعتمد‬
‫اَلمانة الخلقية في نقل الخبر‪.‬‬

‫‪ -‬كما يشمل واجب التحفظ عدم التصريح أو حتى التلميح عن مداوالت المجلس الدستوري بشأن ق ارراته‬
‫الصادرة أو التي ال تزال قيد الدراسة واإلعداد‪ ،‬أو حتى إجراء لقاءات صحفية للرد على اتهامات أو‬
‫اإلدالء بمالحظات حول ق اررات المجلس أو حتى التعبير عن موقف أو إبداء رأي بصفته عضوا في‬
‫المجلس الدستوري‪ ،‬وعليه أيا كانت الحاالت فانه يقتضي بالمطلق تمتع أعضاء المجلس الدستوري بروح‬
‫المؤسسة التي يتوجب أن تحظى باالحترام وثقة الناس ودعمهم لها وحمايتها‪ ،‬وبالتالي التمييز بين‬
‫المؤسسة وبين اَلشخاص وأدائهم‪.2‬‬

‫بمعنى أن واجب التحفظ يفرض على اَلعضاء االمتناع عن كلما يتعلق بأسرار عملهم أثناء‬
‫المداوالت وما ارتبط بها من وثائق ثبوتية أو محاضر تحمل نتائج هذه المداوالت من أراء أو ق اررات بشأنه‬
‫ليكون المؤسس الدستوري الجزائري بذلك قد كرس أبرز التزام على عاتق أعضاء المجلس الدستوري‬
‫بمجرد انتخابهم أو تعيينهم‪ ،‬وهو التزام يمتد بدوره إلى منع إبدائهم تقديم أي استشارات أو اتخاذ مواقف‬
‫علنية سلبية كانت أو إيجابية بصفتهم أعضاء في المجلس الدستوري أو إجراء حوارات صحفية حول‬
‫مواضيع لها عالقة مباشرة أو غير مباشرة بمهام المجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬مراد رداوي‪ :‬مساهمة المجلس الدستوري الجزائري في حماية مبـدأ الفصـل بـين السـلطات‪ ،‬أطروحاة دكتاوراه تخصاص قاانون عاام‪ ،‬إشاراف‬
‫الزين عزري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة بسكرة‪ ،6739-6733 ،‬ص‪.311‬‬
‫‪ -2‬أنط اوان مس ارة‪ :‬موجــب الــتحفظ فــي القضــاء الدســتوري‪ ،‬الكاتااب الساانوي للمجلااس الدسااتوري‪ ،‬منشااورات المجلااس الدسااتوري اللبناااني‪ ،‬المجلااد ‪،71‬‬
‫‪ 6737-6776‬ص‪.106‬‬

‫‪35‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫جـ ‪ -‬النظام التأديبي ألعضاء المجلس الدستوري‬

‫المجلس الدستوري هيئة مستقلة مكلفة بالسهر على احترام الدستور‪ ،1‬كما تتمتع باالستقاللية‬
‫اإلدارية والمالية دعما لتفعيل العدالة الدستورية في الجزائر‪ ،‬وقد خص المؤسس الدستوري الجزائري هذه‬
‫الهيئة بحق إعداد قواعد عملها والذي ينص إلى جانب مجموع اَلحكام المرتبطة باختصاصاته في مجال‬
‫الرقابة الدستورية على إجراءات من اَلهمية بمكان تتعلق بالمتابعة التأديبية َلعضاء المجلس‪ ،‬وتبعا‬
‫َلهمية المكانة التي تحتلها هذه الهيئة الرقابية كمؤسسة دستورية لها مهام واختصاصات استثنائية كان من‬
‫الضروري تزويدها بهياكل ومصالح إدارية تعينها على تأدية وظائفها وممارسة اختصاصاتها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إجراءات سير المساءلة التأديبية ألعضاء المجلس الدستوري‪ :‬اَلصل أن أعضاء المجلس‬
‫الدستوري مستقلون في عملهم وال يخضعون لغير القانون وأي مساس بهذا اَلصل من شأنه أن يمس‬
‫باستقاللية المجلس هيئة وأعضاء ويخل بهيبته بين المؤسسات الدستورية‪ ،‬ويهز دعائم الفصل بين‬
‫السلطات‪ ،‬ولئن كانت هذه الضمانات سندا لعضو المجلس الدستوري تحقيقا لموضوعيته‪ ،‬إال أنها تستهدفه‬
‫في ذات الوقت إحاطته بطائفة من اإلجراءات حال تقرر مسؤوليته باقترافه ما يوجب مساءلته تأديبيا‪ ،‬مع‬
‫العلم أن المجلس الدستوري يحظى في مجال تأديب أعضائه باستقاللية تامة‪ ،‬ولبيان إجراءات النظام‬
‫التأديبي المعمول بها في المجلس الدستوري البد من اإلشارة ولو بصورة موجزة لطبيعة النظام المحدد‬
‫لقواعد عمل المجلس الدستوري ليتم بعدها التطرق إلجراءات المساءلة التأديبية لألعضاء‪.‬‬

‫أ‪ -‬إقرار اختصاص سن المجلس الدستوري لقواعد عمله‪ :‬تضم جملة الضمانات الدستورية والتنظيمية‬
‫التي حظي بها المجلس الدستوري لضمان استقالليته واحاطة أعضائه بحصانة من شأنها النأي بهم عن‬
‫أي ضغوطات محتملة‪ ،‬وفي هذا اإلطار أكد المؤسس الدستوري الجزائري على منح هذه الهيئة الرقابية‬
‫سلطة سن النظام الداخلي الخاص بها‪ ،2‬والذي يعالج إلى جانب مجموع اَلحكام اإلجرائية المرتبطة‬
‫باختصاصاته في مختلف المجاالت مواضيع أخرى ال تقل أهمية عنها تتعلق أساسا بقواعد عمل‬
‫أعضائه‪ ،‬وواجباتهم التي يتعين عليهم مراعاة أحكامها أثناء أداء مهامهم‪ ،‬كما بين أيضا إجراءات‬
‫مساءلتهم تأديبيا في حال اإلخالل الخطير بها‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 281‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،1122‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 1/396‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫وهي ضمانات تكتسي أهمية بالغة تضاهي تلك اَلهمية التي يكتسيها اإلطار اإلجرائي على‬
‫صعيد أداء المهام القانونية بالنسبة لهيئة أو مؤسسة ما‪ ،‬إذ بقدر ما يكون هذا اإلطار واضحا وخاليا من‬
‫التعقيدات بقدر ما يكون اَلداء فعاال والعكس صحيح‪ ،‬من هذا المنطلق من المستبعد أن تعمد السلطة‬
‫التشريعية أو التنفيذية إلى صياغة قواعد إجرائية هدفها إضفاء الفعالية على نشاط الهيئة المنوط بها مراقبة‬
‫أعمالها‪ ،1‬ورغم أن التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬أكد في فقرته اَلخيرة من المادة ‪ 396‬على أحقية‬
‫المجلس الدستوري في إعداده لقواعد عمله إال أنه لم يشر صراحة وال ضمنيا إلى الجهة التي لها صالحية‬
‫تنظيم المجلس الدستوري كجهاز إداري اَلمر الذي أحاط هذا الموضوع بغموض ملفت لالنتباه غير أن‬
‫اَلستاذ "سعيد بوالشعير" يرى أن القراءة الصحيحة للدستور خالصتها تقول أن شأن تنظيم المجلس‬
‫الدستوري يدخل ضمن السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية كما هو وارد في المواد ‪ 3/339‬من دستور‬
‫‪ 3696‬والمادة ‪ 3/363‬من دستور ‪ 3669‬واللتان تقضيان بأن يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية‬
‫في المسائل غير المخصصة للقانون‪ .2‬وهو ما أكدته ضمنيا المادة ‪ 311‬من التعديل الدستوري لسنة‬
‫‪ 6739‬والتي خولت لرئيس الجمهورية ممارسة السلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة للقانون‪،‬‬
‫ولجوء المؤسس الدستوري الجزائري إلى إحالة مسالة تنظيم المجلس الدستوري على السلطة التنفيذية دون‬
‫السلطة التشريعية يشكل صورة من صور التراجع عن مبدأ استقالليته كونه قرار كان مبنيا على تخوف‬
‫المؤسس الدستوري من احتمال تدخل البرلمان مما يجعل المجلس تابعا من خالل إدخال التعديالت على‬
‫تنظيمه‪.3‬‬

‫إال انه كان بإمكان المؤسس الدستوري الخروج من ذلك بإحالة تنظيم وسير عمل المجلس‬
‫الدستوري بموجب قانون عضوي‪ ،‬باعتبار أن المجلس الدستوري هو صاحب القرار الفصل في القوانين‬
‫العضوية قبل إصدارها وبعد مرورها برقابة المطابقة التي هي من بين اختصاصاته‪ ،‬لتكون بذلك مسألة‬
‫استقالليته بيده من خالل إقرار عدم دستورية أي حكم يرى فيه مساسا باستقالليته كما هو الحال عند‬
‫نظيره الفرنسي الذي أحال مسألة تنظيم وعمل المجلس الدستوري إلى القانون العضوي من خالل نص‬
‫المادة ‪ 91‬من الدستور الفرنسي لسنة ‪ 3639‬المعدل سنة ‪ 6779‬التي قال فيها‪ « :‬يحدد قانون عضوي‬

‫‪ -1‬عزيز جمام‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬


‫‪ -2‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.17-66‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.319‬‬

‫‪37‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫قواعد تنظيم المجلس الدستوري وعمله واإلجراء المتبع أمامه‪ ،‬والسيما اآلجال المفتوحة إلخطاره‬
‫بالمنازعات »‪.1‬‬

‫ب‪ -‬المتابعة التأديبية ألعضاء المجلس الدستوري‪ :‬لقد أحاط المؤسس الدستوري الجزائري أعضاء‬
‫المجلس الدستوري بضمانات خاصة حتى في شأن تأديبهم حرصا منه على استقاللية المجلس وأعضائه‬
‫من جهة وحفاظا على مكانة وهيبة المجلس وأعضائه من جهة ثانية نائيا بهم من إساءة استعمال سلطة‬
‫التأديب على نحو يمكن فيه اتخاذها سبيال للكيد بهم‪ ،2‬في حال كلفت بهذه المهمة جهة أخرى غير‬
‫المجلس الدستوري فإسناد مهمة التأديب لغير هذا اَلخير يخدم فقط السلطة التي خولت هذه الصالحية‬
‫وذلك بتمكينها من التحكم في مواقف أعضاء المجلس الدستوري فيما لو خرجوا عن والئها‪ ،‬ليكون الحل‬
‫اَلمثل هو تولية المجلس الدستوري صالحية وسلطة تأديب العضو المخالف في حال ارتكابه َلفعال‬
‫تنطوي على إخالل خطير ومتعمد بواجباته وأدت إلى المساس بشروط عضويته أو كان فيها هز العتبار‬
‫‪3‬‬
‫المجلس الدستوري وصنفت على أنها تقتضي توقيع الجزاء التأديبي عليه وبينت في ذلك المواد ‪ 90‬و‪99‬‬
‫من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري أنه إذا أصبحت الشروط المطلوبة لممارسة العضو‬
‫لمهامه أو في حال ارتكاب عضو المجلس لعمل يخل بواجباته إخالال خطي ار على المجلس الدستوري‬
‫عندئذ التأكد من اَلمر فعليا كونه الجهة الوحيدة التي لها إمكانية التأكد من خطورة الفعل المرتكب وذلك‬
‫بعقد المجلس الدستوري اجتماعا تأديبيا يواجه فيه العضو بالمخالفات المنسوبة إليه وفقا لألدلة الثبوتية‬
‫التي تشير إلى ارتكابه تلك المخالفات التي قد تفقده شروط عضويته في المجلس‪ ،‬رغم أن القانون المحدد‬
‫لقواعد المجلس الدستوري لم يشر ص ارحة إلى ذلك‪ ،‬لكن اَلمر يستشف من نص المادة ‪ 90‬منه التي‬
‫تشير إلى انعقاد المجلس بحضور العضو المعني لمواجهته بمخلفاته وبعد سماعه‪ ،‬يتداول المجلس‬
‫الدستوري باإلجماع دون حضوره ليفصل في موضوع المخالفة التي أوجبت مساءلته تأديبيا‪ ،‬ليصدر‬
‫المجلس بعد المداولة حكما بأحد اَلمرين‪ ،‬أولهما براءة العضو من المخالفات المنسوبة له ليواصل مهامه‬

‫‪1‬‬
‫‪- Art 63 de la constitution française ;constitution de 04 octobre 1958 ;JORF n°0238 du 05 octobre 1958‬‬
‫‪;modifié par la loi constitutionnelle n°2008-724 du 23 juillet 2008 ;JORF n°0171 du 24 juillet 2008: « une loi‬‬
‫‪organique détermine les règles d'organisation et de fonctionnement du conseil constitutionnel, la procédure qui‬‬
‫‪est suivie devant lui et notamment les délais ouverts pour le saisir de contestations«.‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬محمد باهي أبو يونس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.676‬‬
‫‪ -3‬نص ات المااادة ‪ 90‬ماان النظااام المحاادد لقواعااد المجلااس الدسااتوري لساانة ‪ 6736‬علااى أنااه‪ « :‬عناادما تصاابح الشااروط المطلوبااة لممارسااة عضااو‬
‫لمهمته‪ ،‬غير متوفرة أو عندما يخل بواجباته إخالال خطيرا‪ ،‬يعقد المجلس الدستوري اجتماعا بحضور كل أعضائه لالستماع إلى العضو المعني‪.‬‬
‫‪ -‬كمااا تاانص المااادة ‪ 99‬ماان نفااس المصاادر علااى أنااه‪ « :‬يتااداول المجلااس الدسااتوري ويفصاال باإلجماااع فااي قضااية العضااو المعنااي دون حضااوره‪ ،‬واذا‬
‫سجل عليه إخالل خطير يطلب المجلس الدستوري منه تقديم استقالته‪ ،‬ويشعر السلطة المعنية بذلك قصد استخالفه‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫بعدها بالمجلس وكأن شيئا لم يكن‪ ،‬وثانيهما حكم بثبوت اإلخالل الخطير بواجباته أو وصف أفعاله‬
‫بالخطيرة ليطلب المجلس من العضو المعني إثر ذلك تقديم استقالته ليباشر المجلس إجراءات استخالفه‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أنه ال يمكن للمجلس الدستوري أن يوقع على العضو المعني غير هذه العقوبة‬
‫وقرار عزله ال رجعة فيه من منطلق أن بقاؤه له اَلثر السلبي على سمعة المجلس وكذا موضوعية‬
‫أحكامه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬االستقالل اإلداري والمالي للمجلس الدستوري‪ :‬في ظل الضمانات الرامية إلى حفظ مكانة‬
‫واستقاللية المجلس الدستوري ظهرت أهمية وضرورة تزويد هذه الهيئة بهياكل إدارية تكون لها مهمة‬
‫التسيير اإلداري والفني‪ ،‬وهو توجه يتيح للمجلس الدستوري التمتع باالستقالل اإلداري والمالي عن بقية‬
‫المؤسسات والسلطات واالستقالل المالي يعني في هذه الحالة منح المؤسس الدستوري لهذه الهيئة سلطة‬
‫البت في أمورها المالية إلى جانب عديد المصالح اإلدارية التي تدار استنادا إلى نظام قانوني خاص بها‪.‬‬

‫أ‪ -‬االستقالل اإلداري للمجلس الدستوري‪ :‬يسرى على تنظيم اإلدارة الداخلية للمجلس الدستوري الجزائري‬
‫أحكام المرسوم الرئاسي ‪ 673-39‬وحسب نص المادة ‪ 70‬منه يزود المجلس الدستوري وتحت سلطة‬
‫رئيسه باَلجهزة والهياكل اإلدارية التي تتوزع مختلف مصالحها على قطبين هما قطب الدراسات ومديرية‬
‫البحوث ومديرية التوثيق‪ ،‬وقطب يمثل المصالح اإلدارية التابعة لمديرية اإلدارة العامة‪.‬‬

‫أ‪-2-‬األمانة العامة‪ :‬يتولى تسييرها أمين عام يعينه رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من رئيس المجلس‬
‫الدستوري‪ ،1‬يؤدي اَلمين العام مهامه تحت سلطة هذا اَلخير ومهمته اَلساسية اتخاذ التدابير الالزمة‬
‫لتحضير أشغال المجلس الدستوري وتنظيمها‪ ،2‬كما يضمن كتابة جلسات مداوالت المجلس الدستوري‬
‫إضافة إلى تسجيل أراء المجلس وق ارراته وهو بذلك يعكس الدور المهم الذي تلعبه اَلمانة العامة داخل‬
‫المجلس الدستوري في مجال التسيير اإلداري للمجلس وكذا في مجال الرقابة على دستورية القوانين حيث‬
‫تتولى اَلمانة العامة للمجلس ضمن التدابير التحضيرية استالم رسائل اإلخطار التي تسجل على مستواها‬
‫في سجل خاص باإلخطارات‪ ،‬إضافة إلى أن إيداع التصريحات بالترشح للرئاسيات يكون على مستواها‬
‫فضال عن تسجيل مختلف االحتجاجات والطعون الخاصة بمختلف االنتخابات الرئاسية وكذا التشريعية‬
‫والتي يعود للمجلس الدستوري اختصاص الفصل فيها‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظاار‪ /‬المااادة ‪ 36‬ماان المرسااوم الرئاسااي ‪ 673-39‬مااؤرخ فااي ‪33‬ش اوال عااام ‪ 3110‬الموافااق‪ 39‬يوليااو ساانة ‪ 6739‬المتعلااق بالقواعااد الخاصااة‬
‫بتنظيم المجلس الدستوري‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد‪ ،11‬الصادرة بتاريخ ‪36‬شوال ‪ 3110‬الموافق ‪ 30‬يوليو ‪.6739‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 79‬من نفس المصدر‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫أ‪ -2-‬مركز الدراسات والبحوث الدستورية‪ :‬يعتبر هيكال داخليا للتفكير واالقتراح مهمته تطوير البحث‬
‫وترقية ثقافته الرقابية في مجال القانون الدستوري‪ ،‬وفي سبيل ذلك يتولى تطوير التعاون مع الجامعات‬
‫ومراكز الدراسات والبحوث الوطنية واَلجنبية بهدف تعزيز وتدعيم عمل المجلس الدستوري من خالل‬
‫تكليفه القيام بكل الدراسات والبحوث التي تهم أعمال نشاط المجلس الدستوري‪ ،1‬يتولى تسيير هذا المركز‬
‫وتنشيط أعمال مديري الدراسات والبحوث وتنسيقها مدي ار عاما تحت سلطة رئيس الجمهورية‪.2‬‬

‫ب‪-‬االستقالل المالي للمجلس الدستوري‪ :‬لم يتوقف التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬عند حسم االستقالل‬
‫اإلداري للمجلس الدستوري بل ذهب إلى النص صراحة في الفقرة اَلخيرة من المادة ‪ 396‬على أن‬
‫المجلس الدستوري يتمتع باالستقالل اإلداري والمالي على حد سواء‪ ،‬حيث يعتبر االستقالل المالي‬
‫للمجلس الدستوري حجر الزاوية لتحقيق استقالليته التامة عن باقي السلطات والمؤسسات وهو ما دفع‬
‫المؤسس الدستوري إلى االعتراف باالستقالل المالي للمجلس في إدارة أمواله‪ ،‬وتعود تقديرات االحتياجات‬
‫واإلعتمادات المالية التي يتطلبها سير المجلس الدستوري إلى رئيسه‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن المرسوم‬
‫الرئاسي ‪3673-39‬المتعلق بالقواعد الخاصة بتنظيم المجلس الدستوري قد نص على تسجيل اإلعتمادات‬
‫الالزمة لعمل المجلس الدستوري في التكاليف المشتركة بالميزانية العامة للدولة‪ ،‬وهذا يعني أنه ليس‬
‫للمجلس الدستوري مطلق حرية التصرف في المال العام دون الخضوع للرقابة من طرف السلطات‬
‫المختصة ضمانا للشفافية وحماية للمال العام‪.‬‬

‫‪ -1‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط ‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 337‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 37‬من المرسوم الرئاسي ‪ ،673-39‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 31‬و‪ 33‬من نفس المصدر‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫المبحث الثاني‪ :‬القواعد المؤطرة إلجراءات تحريك الرقابة على دستورية القوانين‬

‫تبدأ إجراءات الرقابة على دستورية القوانين أمام المجلس الدستوري الجزائري عن طريق تفعيل آلية‬
‫اإلخطار وفقا َلحكام الدستور وكذا النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري التي تقضي بعدم جواز‬
‫تصدي هذه الهيئة لفحص الدستورية إال بطلب أو دعوى ترفع أمامه وفقا لإلجراءات المقررة قانونا من‬
‫السلطات المخول لها ذلك سواء كانت تنفيذية أو تشريعية أو كان ذلك من طرف اَلفراد بإحالة قضائية‬
‫(المطلب اَلول)‪ ،‬وتليها جملة من اإلجراءات التي تمر بها رسالة اإلخطار حتى يقوم المجلس الدستوري‬
‫بإصدار رأيه أو ق ارره فيها وهو ما سيتم بيانه في (المطلب الثاني)‬

‫المطلب األول‪ :‬إجراءات إخطار المجلس الدستوري‬

‫يعتبر اإلخطار اآللية التي بموجبها تتحرك الرقابة الدستورية من قبل الهيئة الساهرة على ضمان‬
‫سمو الوثيقة الدستورية‪ ،‬ويكون ذلك في شكل طلب يودع على مستوى اَلمانة العامة للمجلس الدستوري‬
‫(الفرع اَلول) من طرف إحدى الجهات المحددة دستوريا والتي تتمتع بهذا الحق (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إجراءات إيداع طلب اإلخطار على مستوى المجلس الدستوري‬

‫يباشر المجلس الدستوري مهمته في الرقابة على دستورية القوانين بموجب رسالة إخطار توجه إلى‬
‫رئيسه من طرف الجهات المخول لها دستوريا ذلك‪ ،‬على أن تكون رسالة اإلخطار مستوفية لشروطها قبل‬
‫أن يبت المجلس في دستوريتها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إيداع رسالة اإلخطار‪ :‬وفقا للنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري يتم إبداع رسالة اإلخطار‬
‫مرفقة بالنص موضوع اإلخطار على مستوى كتابة ضبط المجلس الدستوري من طرف إحدى الجهات‬
‫المخول لها ذلك‪ ،‬ليتم تسجيلها في سجل اإلخطار وفي هذه الحالة اليجوز سحبها بمجرد تسجيلها كما‬
‫يعلم المجلس رئيس الجمهورية وكذا أعضاء ونواب البرلمان والوزير اَلول باإلخطار الوارد إليه‪ ،1‬وبعد أن‬
‫يتم إخطار المجلس الدستوري بموضوع اإلخطار ال يكون له الحق في االمتناع عن البت فيه‪ ،‬وعمال‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 79‬و‪ 79‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪.6736‬‬
‫*يعرف اَلستاذ سعيد بوالشعير اإلخطار بأنه‪ « :‬اإلجراء الاذي تقاوم باه الجهاة المخولاة دساتوريا بطلاب موقاف المجلاس الدساتوري حاول مادى دساتورية‬
‫نااص تشاريعي أو تنظيمااي أو معاهاادة‪ ،‬ويكااون ذلااك بتوجيااه رسااالة ماان الجهااة المخولااة باإلخطااار إلااى رئاايس المجلااس الدسااتوري بغاارض إبااداء المجلااس‬
‫الدسااتوري ل أريااه أو ق ا ارره بشااأن ماادى مطابقااة أو دسااتورية الاانص المعااروض للدسااتور كليااا أو جزئيااا»‪ .‬لالطااالع أكثاار أنظــر‪ /‬سااعيد بوالشااعير‪ :‬النظــام‬
‫السياسي الجزائري دراسة تحليلية لطبيعة نظام الحكم في ضوء دستور ‪ -2992‬السلطة التشريعية والمراقبة‪ ،‬ج‪ ،1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.616‬‬

‫‪41‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫باختصاصاته الدستورية يكون ملزما بالنظر في مدى دستورية النص المعروض عليه بناء على اَلحكام‬
‫الواردة والمشار إليها في رسالة اإلخطار على أن تكون هذه اَلخيرة مستوفية للشروط الشكلية والموضوعية‬
‫التي يجب أن تحوزها‪.‬‬

‫أ‪-‬الشروط الشكلية لإلخطار‪ :‬تتطلب أن يوجه اإلخطار إلى المجلس الدستوري في قالب رسالة مكتوبة‬
‫موجهة إلى رئيس المجلس الدستوري وفقا َلحكام المادتين ‪ 390-399‬من التعديل الدستوري لسنة‬
‫‪ 6739‬كما يجب أن ترفق بالنص المراد فحص مطابقة دستوريته ليبين المجلس رأيه فيه‪.‬‬

‫ب‪ -‬الشروط الموضوعية لإلخطار‪ :‬تقتصر الشروط الموضوعية في رسالة اإلخطار على وجوب توجيهها‬
‫من طرف إحدى الهيئات المخول لها دستوريا إخطار المجلس الدستوري‪ ،‬بمعنى أن تكون موجهة حص ار‬
‫من طرف الهيئات الثالثة المحددة في المادة ‪ 390‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬دون أن ينص هذا‬
‫اَلخير على إلزام سلطة اإلخطار بتسبيب رسائل إخطارها باستثناء ما تلعق بإخطار نواب وأعضاء‬
‫البرلمان للمجلس الدستوري‪ ،‬حيث وردت في ذلك جملة من الشروط التي يجب أن تتضمنها رسالة‬
‫اإلخطار كالتبريرات الواجب تقديمها بخصوص اإلخطار ناهيك عن وجوب احتوائها على أسماء وألقاب‬
‫وتوقيعات نواب وأعضاء البرلمان أصحاب اإلخطار‪ ،‬وكذا إرفاق رسالة اإلخطار بنسخة عن بطاقة النائب‬
‫أو العضو إلثبات صفاتهم‪ ،1‬وعدم تطرق جهة اإلخطار إلى ذكر اَلسباب أو الحجج والبراهين ضمن‬
‫رسالة اإلخطار أمر من شأنه أن يصعب اَلمر على جهة اإلخطار التعرف على مدى تحقيق مبتغاها من‬
‫تحريك هذه الرقابة‪ ،‬ذلك أن حماية الدستور ليست مجرد إحالة بسيطة لنص معين أمام المجلس الدستوري‬
‫من طرف الجهة المخولة بذلك‪ ،‬لذا كان من اَلصح توحيد شروط تقديم التبريرات على جميع الهيئات‬
‫صاحبة الحق في اإلخطار تسهيال للمجلس الدستوري في أداء مهامه وازالة الغموض حول اقتصار إلزامية‬
‫تحديد التبريرات المقدمة بشأن اإلخطار على نواب وأعضاء البرلمان دون غيرهم من باقي الجهات التي‬
‫خصها الدستور باستعمال هذه اآللية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ميعاد فصل المجلس الدستوري في موضوع اإلخطار‪ :‬بعد إيداع رسالة اإلخطار على مستوى‬
‫اَلمانة العامة للمجلس الدستوري وتسجليها بكتابة الضبط‪ ،‬تستلم الهيئة المخطرة وصال باالستالم والذي‬
‫يعد استالمه بمثابة بداية لسريان أجال المدة التي يتعين على المجلس الدستوري فصله في موضوع‬
‫اإلخطار خاللها سواء بقرار أو برأي والتي حددت سابقا بعشرين ‪ 67‬يوما في دستور ‪ ،3669‬ليتم‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 70‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫تمديدها الحقا بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬إلى ثالثين ‪ 17‬يوما نظ ار لما تقتضيه الضرورة‬
‫لفصل المجلس الدستوري في موضوع اإلخطار‪َ ،‬لن قصر المدة السابقة كان يشكل ثقال كبي ار على عاتق‬
‫المجلس خاصة إذا كان هناك العديد من اإلخطارات في نفس الفترة التيتم إخطاره فيها بمشاريع واقتراحات‬
‫قوانين هامة تتطلب التحقيق‪.1‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن المهلة المحددة للفصل في موضوع اإلخطار والمقدرة بثالثين ‪ 17‬يوما‬
‫لفصل المجلس الدستوري فيها تنقسم بدورها إلى أجلين‪ ،‬أجل عادي يؤخذ به في الظروف العادية يستوفي‬
‫خاللها المجلس الدستوري المهلة كاملة لدراسة موضوع اإلخطار‪ ،‬وأجل استثنائي يؤخذ به في حالة وجود‬
‫طارئ ويتم خالله خفض أجل دراسة موضوع اإلخطار إلى عشرة ‪ 37‬أيام بناء على طلب من رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،2‬إال أن اَلمر يختلف في حال إخطار المجلس الدستوري من طرف اَلفراد بإحالة قضائية‬
‫ففي هذه الحالة يصدر المجلس ق ارره أو رأيه خالل اَلشهر اَلربعة التي تلي تاريخ إخطاره كما يمكن‬
‫تمديد هذا اَلجل مرة واحدة لمدة أقصاها أربعة ‪ 71‬أشهر‪ ،‬ويكون ذلك بناء على قرار سبب من طرف‬
‫المجلس الدستوري ويبلغ إلى الجهة القضائية صاحبة اإلخطار حسب الحالة –المحكمة العليا أو مجلس‬
‫الدولة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الجهات المخطرة‬

‫ال شك أن وجود هيئة دستورية تمارس الرقابة على دستورية القوانين وتكفل ضمان انتظام القوانين‬
‫الصادرة عن سلطات الدولة وتسهر على تطابقها مع أحكام الدستور‪ ،‬هو من اَلمور التي تكشف على أي‬
‫نقص في المنظومة القانونية السائدة‪ ،‬اَلمر الذي من شأنه غلق أبواب االنتهاكات التي قد تفقد الدستور‬
‫قيمته ومغزاه وتهدم مبادئ دولة القانون بالمطلق‪ ،‬وبالرجوع إلى أحكام الدستور نجد أن السهر على تطابق‬
‫القوانين المنتظر من المجلس الدستوري ال يكون إال بإخطاره وقد اعتبر المؤسس الدستوري الجزائري آلية‬
‫اإلخطار حق أشرك فيه هيئات ومنحها هذه الصالحية‪ ،‬اَلمر الذي يقودنا إلى القول وبغض النظر عن‬
‫اإلخطار اإلجباري أن عملية اإلخطار ال تكون إال في حالة وجود خالف سواء بين السلطتين التنفيذية‬
‫والتشريعية حول نص تنظيمي أو تشريعي‪ ،‬أو بدافع من أحد الخصوم حول نزاع تمت إثارته أمام القضاء‬
‫وقام هذا اَلخير بإحالته إلى المجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد كريوعات‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 3/399‬من التعديل الدستوري ‪.6739‬‬

‫‪43‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫أوال‪ :‬اإلخطار من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية‪ :‬تبنى المؤسس الدستوري الجزائري أسلوب‬
‫اإلخطار كآلية وحيدة لتحريك عمل المجلس الدستوري‪ ،‬كما حدد الهيئات التي من حقها تحريك الرقابة‬
‫الدستورية حماية للمنظومة القانونية بما يفضي إلى ضمان مبدأ سمو الدستور وبناء على ذلك أوجب‬
‫المؤسس الدستوري من خالل المادة ‪ 390‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬توسيع مجال اإلخطار‬
‫ليشمل الوزير اَلول ممثال عن السلطة التنفيذية‪ ،‬إضافة إلى أعضاء ونواب البرلمان‪.‬‬

‫أ‪ -‬اإلخطار من طرف أعضاء السلطة التنفيذية‪ :‬قضى المؤسس الدستوري من خالل أحكام المادة ‪390‬‬
‫من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬باإلبقاء على حق رئيس الجمهورية في اإلخطار‪ ،‬مع توسيع مجاله‬
‫داخل السلطة التنفيذية ليشمل القطب الثاني منها ممثال في الوزير اَلول وهو ما سنتطرق له تباعا‪.‬‬

‫‪ -2‬رئيس الجمهورية‪ :‬يتمتع رئيس الجمهورية في النظام الدستوري الجزائري بحق إخطار انفرادي ال‬
‫يحق دستوريا لسواه‪ ،‬فرغم التوسيع الذي عرفه مجال هذه اآللية أكد التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬أن‬
‫الحق في مجالها ال يتسع استخدامه لجميع النصوص القانونية التي تخضع لرقابة المجلس الدستوري أو‬
‫لجميع المعنيين بحق اإلخطار‪َ ،‬لن المؤسس الدستوري وضع حدودا لهذه اآللية وخص بها رئيس‬
‫الجمهورية كونه حامي الدستور‪ ،‬وله بذلك حق اإلخطار الوجوبي الذي يشمل القوانين العضوية وكذا‬
‫اَلنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان وذلك قبل دخول هذه القوانين حيز النفاذ طبقا لنص المادة ‪ 399‬من‬
‫التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬ليبقى بذلك هذا النوع من اإلخطار مجاال محصو ار على رئيس الجمهورية‬
‫إضافة إلى منحه وحده حق اإلخطار التفسيري َلحكام الدستور على اعتبار أن رئيس الجمهورية هو‬
‫المؤهل وحده لطلب تفسير بعض أحكام الدستور متى وقع إشكال حول التأويل المناسب لمواده وذلك‬
‫استنادا إلى وضعه كحامي للدستور طبقا لما ينص عليه الدستور‪ .1‬كما يحق لرئيس الجمهورية اإلخطار‬
‫الجوازي السابق بالنسبة للمعاهدات والقوانين والتنظيمات‪ .2‬ومنح رئيس الجمهورية صالحية إخطار‬
‫المجلس الدستوري بهذا الشأن ال يعتبر تدخال في عمل السلطة التشريعية‪ ،‬وال إهدا ار لمبدأ الفصل بين‬

‫‪ -1‬مراد رداوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.393‬‬


‫‪ -2‬ت ا اانص الم ا ااادة ‪ 3/399‬م ا اان التع ا ااديل الدسا ا اتوري ‪ 6739‬عل ا ااى أن ا ااه‪ «:‬يفص ا اال المجل ا ااس الدس ا ااتوري با ا ارأي ف ا ااي دس ا ااتورية المعاه ا اادات والقا ا اوانين‬
‫والتنظيمات‪.»...‬‬
‫‪ -‬كمااا تاانص المااادة ‪ 367‬ماان نفااس المصاادر علااى أنااه‪ «:‬إذا ارتااأى المجلااس الدسااتوري عاادم دسااتورية معاهاادة أو اتفاااق أو اتفاقيااة فااال يااتم التصااديق‬
‫عليها»‪.‬‬
‫‪ -‬وتاانص المااادة ‪ 363‬ماان نفااس المصادر علااى أنااه‪ «:‬إذا ارتااأى المجلااس الدسااتوري أن نصااا تشاريعيا أو تنظيميااا غياار دسااتوري‪ ،‬يفقااد هااذا الاانص أثاره‬
‫ابتداء من يوم قرار المجلس»‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫السلطات بل يعتبر من قبيل الحفاظ على الحدود الدستورية لكل سلطة بحيث تلتزم السلطة التشريعية‬
‫بصالحيتها المحددة دستوريا‪.1‬‬

‫‪ -2‬الوزير األول‪ :‬تماشيا مع مطالب واقتراحات العديد من الباحثين وفقهاء القانون الدستوري مكن‬
‫التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬الوزير اَلول من حق إخطار المجلس الدستوري رغم أن استعمال هذا‬
‫الحق قليل االحتمال‪ ،2‬إال أن اَلستاذة "سلمية مسراتي" قالت في وجوبه أنه من أجل تفعيل دور المجلس‬
‫الدستوري في الرقابة على دستورية القوانين من الضروري توسيع سلطات اإلخطار لتشمل الوزير اَلول‬
‫دون نزعها من رئيس الجمهورية باعتباره حاميا للدستور‪ ،3‬كما شاركها وجهة النظر اَلستاذ "سعيد‬
‫بوالشعير" بقوله أن المؤسس الدستوري قد تدارك ما سبق أن طالبنا به بإسناده حق اإلخطار إلى الوزير‬
‫اَلول إلى جانب رئيس الجمهورية‪َ ،4‬لنه ليس من المنطق بأي حال من اَلحوال أن يكون للوزير اَلول‬
‫مناقشة مشاريع القوانين على مستوى مجلس الوزراء أو حتى بعد إصدارها وال يكون له الحق في الطعن‬
‫بعدم دستوريتها زيادة على أن منحه هذا الحق يجد مبرره في وضعه لخطة عمل الحكومة لتنفيذ البرنامج‬
‫الرئاسي‪ ،‬وقد يت كشف وهو بصدد ذلك قوانين مشوبة بعيب عدم الدستورية‪ ،‬لذلك لم يجد المؤسس‬
‫الدستوري بد من منحه هذه الصالحية‪.‬‬

‫هذا بغض النظر عن المكانة التي أصبح يحتلها بعد التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬على مستوى‬
‫السلطة التنفيذية ناهيك على كونه الشخص اَلكثر دراية بتنفيذ مختلف القوانين والتنظيمات ولهذا ففسح‬
‫المجال أمامه إلخطار المجلس الدستوري يعتبر ضرورة ملحة تؤكدها المقتضيات الدستورية‪.‬‬

‫ب‪ -‬اإلخطار من طرف السلطة التشريعية‪ :‬اعترف دستور ‪ 3691‬بحق رئيس المجلس الشعبي الوطني‬
‫في إخطار المجلس الدستوري منذ النص على إنشاء هذا اَلخير بموجب المادة ‪ 91‬منه واستمر الوضع‬
‫على حاله إلى غاية التعديل الدستوري لسنة ‪ 3669‬الذي كرس البيكاميرالية –نظام الغرفتين‪ -‬ليحض‬

‫‪ -1‬سعاد لحول‪ :‬دور اإلخطار في تحقيق فعالية الرقابة السياسية على دستورية القوانين‪ ،‬مذكرة ماجساتير تخصاص قاانون دساتوري‪ ،‬إشاراف رشايدة‬
‫العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة بسكرة‪ ،6737-6776 ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪ -2‬كااون لجااوء الااوزير اَلول إلااى إخطااار المجلااس الدسااتوري بالدرجااة اَلولااى يكااون فااي حااال مبااادرة أعضاااء البرلمااان بااالقوانين‪ ،‬أو فااي الحالااة التااي ال‬
‫يكااون لااه فيهااا اَلغلبيااة البرلمانيااة وهااو أماار نااادر الحاادوث فااي النظااام السياسااي الج ازئااري ودلياال ذلااك واقااع حصاايلة الفت ارة التش اريعية الس اابعة ‪-6736‬‬
‫‪ 6730‬حيا ا ا ااث تما ا ا اات خاللها ا ا ااا المصا ا ا ااادقة علا ا ا ااى ‪ 07‬قا ا ا ااانون فا ا ا ااي غيا ا ا اااب أي مبا ا ا ااادرة للن ا ا ا اواب لالطا ا ا ااالع أكثا ا ا اار أنظــــــــر‪ /‬الموقا ا ا ااع االلكترونا ا ا ااي‪:‬‬
‫‪http//www.mnp.gov.dz‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬سلمية مسراتي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫‪ -4‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.336‬‬

‫‪45‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫رئيس مجلس اَلمة وفقا له بأحقيته في آلية اإلخطار‪ ،‬وفي سابقة لم تشهدها الدساتير الجزائرية فسح‬
‫المؤسس الدستوري مجال اإلخطار أمام أعضاء ونواب البرلمان‪ ،‬ممكنا بذلك المعارضة البرلمانية من‬
‫التعبير عن وجهة نظرها بخصوص المنظومة القانونية في الدولة أمام المجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪ -2‬رئيسي غرفتي البرلمان‪ :‬اإلخطار بالنسبة لرئيسي غرفتي البرلمان يعتبر حق مشترك يتعلق بالرقابة‬
‫الدستورية االختيارية والتي تشمل كل من المعاهدات والتنظيمات والقوانين العادية حسب نص المادة ‪390‬‬
‫من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬وتأكيد المؤسس الدستوري الجزائري على استم اررية منح رئيسي‬
‫غرفتي البرلمان الحق في إخطار المجلس الدستوري هو أمر منطقي سعيا منه للحفاظ على التوازن بين‬
‫مؤسسات الدولة‪ ،‬إضافة إلى أنه من غير المعقول أن تتم دراسة أو سن القوانين على مستوى الغرفة‬
‫اَلولى وال يكون لرئيسها الحق في إخطار المجلس الدستوري بخصوصها‪ ،‬ثم يتم تمريرها إلى الغرفة‬
‫الثانية لنفس الغرض دون أن يكون لرئيسها أيضا الحق في ذلك‪ ،‬ناهيك عن المكانة التي يتمتع رئيس‬
‫مجلس اَلمة في النظام السياسي الجزائري والتي تؤهله إلى تولي منصب رئاسة الدولة في حال شغور‬
‫منصب رئاسة الجمهورية‪ ،‬لذا فمنحه حق الطعن في دستورية القوانين يعتبر من اَلهمية بمكان‪ ،‬خاصة‬
‫في المجال التنظيمي للسلطة التنفيذية والتي قد تعتدي على صالحيات واختصاصات مجاالت تشريع‬
‫البرلمان وكذا المعاهدات التي هي نصوص دولية خارجية عن صنع البرلمان‪.1‬غير أن الواقع العملي‬
‫كشف عن إحجام رئيسي غرفتي البرلمان عن استعمال حقهما في إخطار المجلس الدستوري باستثناء ما‬
‫يعد منه على اَلصابع‪ ،‬فرئيس المجلس الدستوري لم يبلغه من رئاسة مجلس اَلمة غير إخطار واحد كان‬
‫موضوعه يدور حول طلب فحص دستورية القانون المتضمن نظام التعويضات والتقاعد لعضو البرلمان‪.2‬‬
‫وثالث إخطارات من رئيس المجلس الشعبي الوطني* ولعل ذلك راجع إلى الوالء بسبب االنتماء إلى‬
‫اَلغلبية البرلمانية‪ ،‬فضال عن تضييق دائرة اإلخطار التي حصرها المؤسس الدستوري في المعاهدات‬
‫والتنظيمات وكذا القوانين العادية وغلق المؤسس الدستوري مجال اإلخطار للسلطة التشريعية بخصوص‬
‫طلب تفسير الدستور‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬سلمية مسراتي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬


‫‪ -2‬الارأي رقام ‪/71‬ر‪ ،‬ق‪ ،‬أم‪.‬د‪ 69/‬ماؤرخ فااي ‪ 31‬يونياو سانة ‪ 3669‬حااول دساتورية الماواد ماان ‪ 71‬إلاى ‪ 70‬و‪ 33 ،36 ،31 ،33‬و‪ 63‬مان القااانون‬
‫المتضمن نظام التعويضات والتقاعد لعضو البرلمان‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد‪ ،11‬الصادرة بتاريخ ‪ 39‬يونيو ‪.3669‬‬
‫* أحدهما حول القانون المتضمن تأجيل انتخاباات تجدياد المجاالس الشاعبية البلدياة والاذي قضاى المجلاس الدساتوري بدساتوريته‪ ،‬لالطاالع أكثار انظـر‪/‬‬
‫رأي المجلس الدستوري الجزائري رقم ‪ 76‬بتاريخ ‪ 73‬ديسمبر ‪ ،3696‬أما الثاني فيتضمن تأجيل انتخابات تجديد المجاالس الشاعبية الوالئياة أنظـر‪ /‬فاي‬
‫ذلك رم د‪ ،‬رقم ‪ 71‬بتاريخ ‪ 73‬ديسمبر ‪.3696‬‬

‫‪46‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫‪-2‬نواب وأعضاء البرلمان‪ :‬عمد المؤسس الدستوري الجزائري إلى فسح مجال اإلخطار أمام نواب‬
‫وأعضاء البرلمان بموجب أحكام المادة ‪ 390‬من التعديل الدستوري ‪ 6739‬التي جاء في نصها أنه‪..« :‬‬
‫كما يمكن إخطاره من خمسين ‪ 37‬نائبا أو ثالثين ‪ 17‬عضوا في مجلس اَلمة» وقد حذا في ذلك حذو‬
‫نظيره الفرنسي مع االختالف معه في عدد اَلعضاء المسموح لهم باإلخطار والذي يقدر في فرنسا با‬
‫‪97‬عضوا لكل من مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية‪ ،1‬وفسح المؤسس الدستوري لمجال اإلخطار أمام‬
‫أعضاء ونواب البرلمان فيه إعطاء لدور فعال وحقيقي للمعارضة داخل البرلمان واستجابة مطالبها‪ ،‬كما‬
‫أن فيه تطبيق َلحكام المادة ‪ 331‬من الدستور والتي اعترف من خاللها للمعارضة بمجموعة من الحقوق‬
‫التي تمكنها من المشاركة الفعلية في اَلشغال البرلمانية وفي الحياة السياسية والتي من بينها إخطار‬
‫المجلس الدستوري‪ .2‬اَلمر الذي من شأنه السماح لنواب المعارضة القيام بدورهم بحرية وهو ما من شأنه‬
‫تفعيل دور الرقابة الدستورية واحترام الدستور‪ ،‬وتأتي حرية المعارضة هنا في توجيه النقد إلى أخطاء‬
‫الحكومة استنادا إلى الوسائل المتاحة بحيث يستطيع كل فرد التعبير عن آرائه وأفكاره وتوجهاته‪ ،‬والهدف‬
‫النهائي من ذلك هو خدمة المواطنين‪ ،‬لذلك فإن أي نقد يوجه َلداء الحكومة أو لقانون ما أو قرار صادر‬
‫عن الحكومة البد أن يقترن باقتراح الحلول التي ترى المعارضة أنها مناسبة‪.3‬‬

‫والمتمعن في ظاهر النص الدستوري أعاله يجد أن اعتراف المؤسس الدستوري لنواب وأعضاء‬
‫البرلمان بحقهم في إخطار المجلس الدستوري يعد فعال خطوة ناجحة إلخراج المجلس الدستوري من‬
‫جموده بسبب محدودية اإلخطار قبل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬إال أن النصاب المشترط لتمكين‬
‫البرلمانيين من إخطار المجلس يشكل عائقا أمام اَلقلية منهم إذ ال يمكنه ااجتيازه بأي حال من اَلحوال‬

‫‪1‬‬
‫‪- Art 61/2 de la constitution française 05 octobre 1958 ;modifié par la loi constitutionnelle n°2008-724 du 23‬‬
‫‪juillet 2008.‬‬
‫‪ -2‬ورد في نص المادة ‪ 331‬من التعديل الدستوري أنه‪ " :‬تتمتع المعارضة البرلمانية بحقوق تمكنها من المشاركة الفعلية في اَلشغال البرلمانية وفي‬
‫الحياة السياسية السيما منها‪:‬‬
‫‪ -3‬حرية الرأي والتعبير واالجتماع‬
‫‪ -6‬االستفادة من اإلعانات المالية الممنوحة للمنتخبين في البرلمان‬
‫‪ -1‬المشاركة الفعلية في اَلشغال التشريعية‬
‫‪ -1‬المشاركة الفعلية في مراقبة عمل الحكومة‬
‫‪ -3‬تمثيل مناسب في أجهزة غرفتي البرلمان‬
‫‪ -9‬إخطار المجلس الدستوري طبقا َلحكام المادة ‪( 390‬الفقرتان ‪ 6‬و‪ ) 1‬من الدستور بخصوص القوانين التي صوت عليها البرلمان‬
‫‪ -0‬المشاركة في الدبلوماسية البرلمانية‬
‫تخصص كل غرفة من غرفتي البرلمان جلسة شهرية لمنافسة جدول أعمال تقدمه مجموعة أو مجموعات برلمانية من المعارضة "‪.‬‬
‫‪ -3‬سربست مصطفى رشيد أميدي‪ :‬المعارضة السياسية والضمانات الدستورية لعملها‪ ،‬موكرياني للبحوث والنشر‪ ،‬ط‪ ،3‬أربيل‪ ،‬العراق‪،6733 ،‬‬
‫ص‪.679‬‬

‫‪47‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫خاصة اَلقلية نظ ار الرتفاعه اَلمر الذي من شأنه المساهمة في احتكار اَلغلبية البرلمانية لهذا الحق –‬
‫أحزاب المواالة ‪-‬وبالتالي فمنطق الوالء يقول أنهما لن يخط ار المجلس الدستوري حول أي قانون مخول لهم‬
‫دستوريا حق اإلخطار بخصوصه مادام قد تمت المصادقة عليه من طرفهم‪ ،‬لذا فإنه من المستبعد جدا أن‬
‫تتمكن اَلقلية المعارضة من استعمال حقها في تبليغ رأيها إلى المجلس الدستوري عن طريق آلية‬
‫اإلخطار‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلخطار من طرف األفراد بإحالة قضائية‪ :‬يعتبر إقرار الحق في الدفع بعدم الدستورية من طرف‬
‫اَلفراد بموجب المادة ‪ 399‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬نقلة نوعية في مجال تطوير الرقابة على‬
‫دستورية القوانين في الجزائر‪ ،‬كونها تشكل محور الرهان في الحفاظ على الحقوق والحريات المعترف بها‬
‫دستوريا من االعتداء أو المس بها‪ ،‬واعتراف المؤسس الدستوري الجزائري لألفراد بحقهم في حماية حقوقهم‬
‫ينسجم مع ما نصت عليه المادة الثامنة ‪ 79‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،1‬كما أن فيه حماية‬
‫للحقوق والحريات من جهة وتكريس للرقابة الالحقة على دستورية القوانين من جهة أخرى أسوة بنظيره‬
‫الفرنسي والذي سبق له وأن سلك هذا النهج بعد اعتماده في التعديل الدستوري لسنة ‪ 6779‬بموجب نص‬
‫المادة ‪3/93‬منه‪ ،‬وتمكين الدستور لألفراد من مخاصمة القانون الذي فيه انتهاك لحقوقهم المكفولة دستوريا‬
‫جدد شروطه وكيفياته القانون العضوي ‪ 239-39‬وفق أطر قانونية منها ما تعلق بضوابط إعمال هذا‬
‫الحق ومنها ما تعلق بإجراءات إحالة الدعوى للنظر فيها أمام المجلس الدستوري‪.‬‬

‫أ‪ -‬ضوابط الطعن بعدم الدستورية‪ :‬الدفع بعدم الدستورية هو إجراء يسمح للخصوم المتضررين أثناء‬
‫قضية أو نزاع منظور أمام القضاء بالدفع بعدم دستورية القانون الذي يراد تطبيقه ويتوقف عليه مآل‬
‫النزاع‪ ،3‬أو بتعبير آخر هي آلية يتم بموجبها تحريك الرقابة على دستورية القوانين من طرف اَلفراد بإحالة‬
‫قضائية بناء على نزاع مطروح أمام القضاء للدفع بعدم دستورية الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه مآل‬
‫النزاع أيا كانت طبيعته‪ ،‬بمعنى أن دعوى الدفع بعدم الدستورية هي دعوى موضوعية تقتصر على فحص‬
‫دستورية الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه الفصل في موضوع النزاع المطروح أمام القضاء‪ ،‬وحتى تكون‬
‫هذه دعوى صحيحة وقائمة البد من توافر شروط إجرائية شكلية وأخرى موضوعية‪.‬‬

‫‪ -1‬ورد فااي نااص المااادة ‪ 79‬ماان اإلعــالن العـــالمي لحقــوق اإلنســان لســنة ‪ 2991‬أنااه‪ « :‬لكاال شااخص الحااق فااي أن يلجااأ إلااى المحاااكم الوطنيااة‬
‫إلنصافه من أعمال فيها اعتداء على الحقوق اَلساسية التي يمنحها له القانون»‪.‬‬
‫‪ -2‬القانون العضوي رقم ‪ 39-39‬الماؤرخ فاي ‪ 76‬سابتمبر ‪ ،6739‬المحادد لشاروط وكيفياات تطبياق الادفع بعادم الدساتورية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عادد ‪ ،31‬الصاادرة‬
‫بتاريخ ‪ 73‬سبتمبر ‪.6739‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.160‬‬

‫‪48‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫‪ -3‬الضوابط الشكلية‪ :‬الدعوى الدستورية شأنها شأن كافة الدعاوي‪ ،‬تتقيد بتقديم طلب للجهة القضائية‬
‫فإجراءات التقاضي بشكل عام ال تمارس إال بناء على طلب فال قضاء بغير طلب‪ ،1‬وبالعودة إلى نص‬
‫المادة ‪ 399‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬نجد أنه إضافة إلى ذلك ثمة شروط إجرائية استوجب‬
‫المؤسس الدستوري توفرها من أجل قبول الطعن بعدم الدستورية وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬أن يثار الدفع بعدم الدستورية بمناسبة نزاع مطروح أمام القضاء العادي أواإلداري‪ ،2‬كما يمكن أن يثار‬
‫الدفع َلول مرة في االستئناف أو الطعن بالنقض في حال تمت إثارته أثناء التحقيق الجزائي تنظر فيه‬
‫غرفة االتهام عمال بأحكام المادة ‪ 76‬من القانون العضوي ‪.39-39‬‬

‫‪ -‬أن يقتصر الدفع بعدم الدستورية على الحكم التشريعي المعترض عليه والذي يتوقف عليه مآل النزاع أو‬
‫الم َش ِّكل َلساس المتابعة القضائية‪ ،‬وبالتالي فإن موضوع الدفع بعدم الدستورية ال يجب أن يخرج عن‬
‫النواحي المنحصرة في الحكم التشريعي ذاته محل الدفع بعدم الدستورية كونه موضوع مستقل ومغاير‬
‫لموضوع الدعوى اَلصلية‪.3‬‬

‫‪ -‬أن يثار الدفع بعدم الدستورية من أحد أطراف النزاع‪ ،‬ورغم أن المؤسس الدستوري الجزائري لم يحدد‬
‫مجال دائرة اَلشخاص الذين يحق لهم الدفع بعدم الدستورية إال أن الصفة هي شرط ويجب توافره في رافع‬
‫الدعوى الدستورية لتقبل دعواه‪ ،‬أي أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو المركز القانوني المطلوب‬
‫حمايته من خالل مباشرة الدعوى الدستورية وأن يكون الهدف من الدعوى هو حماية حق أو مركز قانوني‬
‫لرافع الدعوى الدستورية‪ ،4‬وعليه ال يمكن لرقابة المجلس الدستوري أن تنعقد في هذه الحالة إال بتحريكها‬
‫من أحد أطراف النزاع‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن مصطلح "أطراف النزاع" الوارد في نص المادة ‪ 399‬من التعديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ 6739‬يفيد العموم‪ ،‬اَلمر الذي لم يهمله الجانب القانوني الفرنسي الذي شمل في أطراف‬
‫النزاع اَلشخاص الطبيعية والمعنوية على صعيد واحد‪ ،‬كما شمل جميع اَلطراف المعنوية العامة كالبلدية‬
‫أو الوالية وكذا اَلشخاص المعنوية الخاصة كالشركات‪ ،‬ولم يقتصر اَلمر أيضا على المواطنين الفرنسيين‬

‫‪ -1‬شاايراز شااكري طاااهر‪ :‬اختصــاص القضــاء الدســتوري برقابــة دســتورية الل ـوائ ‪ ،‬د ارسااة مقارنااة‪ ،‬دار الفكاار الجااامعي‪ ،‬ط‪ ،3‬اإلسااكندرية‪ ،‬مصاار‪،‬‬
‫‪ ،6739‬ص‪.369‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Louis FAVOREU: droit constitutionnel, Dalloz, paris, 2010.p170.‬‬
‫‪ -3‬زيد أحمد توفيق الكيالني‪ :‬الطعن في دستورية القوانين –دراسة مقارنة‪ ،‬رساالة ماجساتير فاي الحقاوق تخصاص قاانون عاام‪ ،‬إشاراف غاازي منااور‬
‫دويكات ونائل طه‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪ ،6736 ،‬ص‪.36‬‬
‫‪ -4‬إلياس جوادي‪ :‬دور المجلس الدستوري في رقابة دستورية القوانين وصحة االنتخابات البرلمانية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.333-337‬‬

‫‪49‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫وحدهم وانما شمل اَلجانب المقيمين على التراب الفرنسي الذين يتمتعون بالحقوق والحريات اَلساسية ذات‬
‫القيمة الدستورية‪.1‬‬

‫‪ -‬أن يحال الدفع بعدم الدستورية إلى المجلس الدستوري من طرف المحكمة العليا أو مجلس الدولة بعد‬
‫تقدير الجهة المحيلة للدفع بجديته‪ ،‬بمعنى أن تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية أمر معقود لقاضي‬
‫الموضوع قبل غيره سواء كانت الجهة القضائية عادية أو إدارية فتعود لها إمكانية تحديد ما يجب التحقق‬
‫منه حتى وان كان ذلك بطلب من أحد أطراف النزاع‪ ،2‬على أن تكون إحالة الدفع بموجب مذكرة مكتوبة‬
‫ومنفصلة ومسببة من طرف الجهة المحيلة للدفع وذلك بعد استطالع رأي النيابة العامة فيه‪ .3‬ويقصد‬
‫بالتسب يب تبيان مواطن عدم دستورية الحكم التشريعي المطعون فيه‪ ،‬كما يجب أن يكون التعليل كافيا‬
‫لتسهيل عملية فحص الدفع من طرف المجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪ -2‬الضوابط الموضوعية‪ :‬إضافة إلى ما سبق تبيانه من الشروط الشكلية هناك أيضا شروط موضوعية‬
‫يجب أن يستوفيه االدفع بعدم الدستورية‪ ،‬وقد حددتها المادة ‪ 399‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬وكذا‬
‫المادة ‪ 76‬من القانون العضوي ‪ ،39-39‬وهي الشروط التي بمقتضاها يتم تقرير جهة الرقابة على‬
‫الدستورية إما صحة الدفع أو بطالنه‪ ،4‬وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬أال يكون الحكم التشريعي قد سبق التصريح بمطابقته للدستور فال يجوز الدفع بعدم دستورية نص‬
‫تشريعي متمتع بقرينة الدستورية على اعتبار أن ق اررات المجلس الدستوري هي ق اررات ملزمة للسلطات‬
‫العليا ولجميع السلطات اإلدارية والقضائية منها‪ ،‬وال يمكن مناقشة مضمونها أو الطعن فيه لحيازتها‬
‫حجية الشيء المقضي فيه ما لم تتغير الظروف‪.5‬‬

‫‪ -‬أن يكون الحكم التشريعي المطعون فيه ماسا بحق أو حرية مكفولة دستوريا‪ ،‬فال يكفي أن يكون مخالفا‬
‫في ذاته للدستور بل يجب أن يكون تطبيقه على النزاع مخال بأحد الحقوق المكفولة دستوريا أو ماسا‬
‫بمصلحة المدعي‪ ،‬والمصلحة شرط لم يرد ذكره صراحة لكن يستشف ضمنيا من أحكام المادة ‪ 399‬من‬

‫‪1‬‬
‫‪- Dimitri LȎHRER: La protection non juridictionnelle des droit fondamentaux en droit constitutionnel‬‬
‫‪compare, thèse de doctorat en droit public, sous la direction de Olivier LECUCQ, faculté de droit d'économie et‬‬
‫‪de gestion, université de PAU et des pays de l'adour, 2013, pp, 99-99.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Philippe FOILLARD: droit constitutionnel et institutions politiques, Op, cit, p 401.‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 9‬و‪ 0‬من القانون العضوي رقم ‪ ،39-39‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬محمد علي سويلم‪ :‬العوار الدستوري‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،6767 ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 3-363‬من التعديل الدستوري ‪ ،6739‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬وكذا من نص المادة ‪ 76‬من القانون العضوي ‪ ،39-39‬هذا فضال على‬
‫أن الدخول في منازعة أمام القضاء يكون بحثا عن المصلحة أو حماية لها وهي أساس كل نزاع‪ ،‬لذا من‬
‫البديهي أن ال يرد ذكرها صراحة‪ ،‬وقد عرف الفقه الدستوري المصلحة على أنها‪« :‬المنفعة والفائدة التي‬
‫تعود على المدعي من رفع الدعوى أمام القضاء سواء أكانت الفائدة تتمثل بحماية حقه أم الحصول على‬
‫تعويض»‪.1‬‬

‫‪ -‬أن يتسم الدفع بعدم الدستورية بالجدية وهو شرط مفاده تصفية الدفوع على مستوى الجهة القضائية التي‬
‫تنظر في موضوع النزاع والهدف منه التأكد حقيقة أن تطبيق الحكم التشريعي في حل النزاع المطروح فيه‬
‫ضرر حقيقي يمكنه المساس بمصلحة المدعي وليس ضر ار متوهما اَلمر الذي من شأنه استبعاد الطعون‬
‫التي يكون الغرض منها تغيير مجرى الدعوى اَلصلية أو الحكم المتوقع أن يصدر عنها‪ ،‬وتعود السلطة‬
‫التقديرية في ذلك إلى الهيئة القضائية المطعون أمامها لتحديد جدية اَلمر المثار من عدمها‪.2‬‬

‫‪ -‬أن يثار الدفع بعدم الدستورية حول حكم تشريعي‪ ،‬شرط يجد مصدره في التشريعات التي يسنها البرلمان‬
‫واَلوامر الصادرة عن رئيس الجمهورية‪ .3‬ولعل المستبعد عن هذه الطائفة هي القوانين العضوية بحكم أنها‬
‫تخضع للرقابة اإللزامية قبل إصدارها ودخولها حيز النفاذ‪َ ،‬لنه بالنظر إلى حقوق اَلشخاص وواجباته‬
‫اَلساسية السيما نظام الحريات العامة‪ ،‬وحماية الحريات الفردية وواجبات المواطنين تدخل في صميم‬
‫القانون العادي وليس القانون العضوي‪.4‬‬

‫ب‪ -‬ضوابط فصل الجهات القضائية في دعوى الدفع بعدم الدستورية‪ :‬جاء قرار المؤسس الدستوري بعقد‬
‫حق اَلفراد في الدفع بعدم الدستورية محاولة لتجاوز االنتقادات حول عدم منطقية إقصاء المواطنين من‬
‫حق إخطار المجلس الدستوري من جهة ولتدارك انفالت القوانين من الرقابة الدستورية من جهة‪ ،‬أخرى‬
‫وحتى ال يلجأ بعض الخصوم سيئ النية إلى الدفع بعدم الدستورية بغية إطالة أمد التقاضي والحيلولة دون‬
‫صدور حكم ضدهم‪ ،‬كان لزاما أن يحيط المؤسس الدستوري تحريك آلية الدفع بعدم الدستورية وكذا إحالتها‬

‫‪ -1‬علي هادي عطية الهاللي‪ :‬المباحث الموضـحة لذاتيـة شـرط المصـلحة فـي تحريـك الـدعوى الدسـتورية –دراسـة تحليليـة مقارنـة‪ ،‬المركاز العرباي‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،3‬مصر‪ ،6739 ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Laurent FABIUS: la question prioritaire de constitutionnalité en France 2010-2017, revue du conseil‬‬
‫‪constitutionnel N= 08-2017. P109.‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 13‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬ليلى بن بغيلة‪ :‬دعوى الدفع بعدم الدستورية فـي ظـل التعـديل الدسـتوري لسـنة ‪ 2222‬استئناسـا بالتجربـة الفرنسـية‪ ،‬مجلاة الشاريعة واالقتصااد‪،‬‬
‫العدد ‪ ،36‬ديسمبر ‪ ،6730‬ص‪.97‬‬

‫‪51‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫بسياج من اإلجراءات التي تتماشى مع طبيعتها لتحظى بقبول نظر المجلس الدستوري في موضوعها وهو‬
‫ما سنتطرق لمراحله تباعا‪.‬‬

‫‪ -2‬إجراءات اإلحالة القضائية للدفع بعدم الدستورية‪ :‬تعتبر محكمة الموضوع حجر الزاوية الرئيسي في‬
‫إحالة الدفع بعدم الدستورية فهي من تقوم بتحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع القائم أمامها‪ ،‬فضال‬
‫على أنها أول هيئات القضاء استقباال للدفع بعدم الدستورية ويعود لها تقرير ما إذا كان الحكم التشريعي‬
‫مشوبا بعدم الدستورية أم ال‪ ،‬وبالتالي فحق اإلحالة مكفول لها ويرجع لسلطتها التقديرية لذا فهي تعد بمثابة‬
‫حلقة الوصل بين الجهات القضائية واَلفراد‪ ،1‬ويتجسد صميم اختصاصها القضائي في إعمال آلية الدفع‬
‫بعدم الدستورية في القيام بتصفية وغربلة الدفوع المثارة أمامها‪ .2‬حيث تقوم الجهة القضائية التي أثير‬
‫أمامها الدفع بعدم الدستورية أول أو ثاني درجة –قضاء عادي أو قضاء إداري‪ -‬بفحص جدية الدفع قبل‬
‫إحالته أمام الجهات القضائية العليا‪ .3‬والتي تتأكد بدورها من استيفاء الطلب المحال إليها لجميع الشروط‪،‬‬
‫ليخضع بذلك طلب الدفع بعدم الدستورية إلى عملية تصفية مزدوجة مع مراعاة ومراقبة شروط قبول‬
‫الدفع‪.4‬‬

‫وتكون إحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة العليا أو مجلس الدولة حسب الحالة بقرار مسبب‬
‫بعد استطالع رأي النيابة العامة أو محافظ الدولة‪ ،‬على أن يرفق قرار إشعار المحكمة العليا أو مجلس‬
‫الدولة بعرائض اَلطراف ومذكراتهم خالل عشرة ‪ 37‬أيام من صدوره‪ ،‬والذي ال يكون قابال َلي طعن وفي‬
‫حال رفض إرسال الدفع بعدم الدستورية يبلغ القرار إلى اَلطراف والذي ال يمكن أيضا أن يكون محل‬
‫اعتراض إال بمناسبة الطعن ضد القرار الفاصل في النزاع أو في جزء منه والذي يجب أن يقدم بموجب‬
‫مذكرة مكتوبة ومنفصلة ومسببة‪.5‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن إحالة الدفع بعدم الدستورية يترتب عليها وقف الدعوى اَلصلية حتى‬
‫يفصل المجلس الدستوري في دستورية الحكم التشريعي المطعون فيه‪ ،‬وهو حظر ورد النص عليه في‬

‫‪1‬‬
‫‪- Vincent THIBAUD: le raisonnement du juge constitutionnel, thèse du doctorat en droitpublic, sous la‬‬
‫‪direction de Philippe Blacher, faculté de droit et science politique, université lumière Lyon 02, 2011, p 342.‬‬
‫‪ -2‬أحمد لمين أوكيال‪ :‬دور القضاء في تفعيل آلية الـدفع بعـدم الدسـتورية فـي الجزائـر –دراسـة مقارنـة بـالنموذج الفرنسـي‪ ،‬مجلاة حولياات الج ازئار‪،‬‬
‫العدد ‪ ،16‬جوان ‪ ،6739‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 79‬من القانون العضوي ‪ ،39-39‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- DOMINIQUE ROUSSEAU et PIERRE YUES GAHDOU: droit du contentieux constitutionnel ; 11ème‬‬
‫‪édition ; entièrement refondue éditions ; paris France ;2016, p 170.‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 76-70‬من القانون العضوي ‪ ،39-39‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫المادة‪ 39‬من القانون العضوي ‪ .39-39‬يتعين بموجبه على الجهة القضائية المحيلة للدفع بعدم‬
‫الدستورية االنتظار حتى تعود لها كامل سلطاتها للفصل في موضوع النزاع ولكن في ضوء قرار المجلس‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى استثناء المشرع الجزائري على ما سبق ذكره بما جاء في نص المادة ‪ 33‬من‬
‫القانون العضوي ‪ 39-39‬أنه في حرمان الشخص من حريته بسبب النزاع الذي أثير بشأنه الدفع بعدم‬
‫الدستورية وكان الهدف من هذا اَلخير وضع حد لحرمانه من حريته‪ ،‬أو نص القانون على وجوب فصل‬
‫الجهة القضائية في أجل محدد‪ ،‬أو على سبيل االستعجال فإنه على الجهة القضائية في هذه الحالة‬
‫الفصل في الدعوى دون إرجاء‪.1‬‬

‫‪ -2‬نظام فصل الجهات القضائية العليا في إحالة الدفع بعدم الدستورية‪ :‬مكن المؤسس الدستوري‬
‫الجزائري بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬اَلفراد من تحريك الرقابة الدستورية في حال انتهاك حكم‬
‫تشريعي لحقوقهم التي يكفلها الدستور شرط أن يكون لهم ذلك بإحالة قضائية‪ ،‬لتؤسس بذلك مهمة‬
‫اإلحالة التي كلفت بها الجهة القضائية المحيلة لعالقة وساطة بين اَلفراد –أطراف النزاع‪ -‬والمجلس‬
‫الدستوري‪ ،2‬بمعنى الفصل في مقبولية الدفع قبل إحالته إلى المجلس وليس دستورية الحكم التشريعي وفي‬
‫ظل هذه الضوابط يبقى للقاضي السلطة التقديرية في قبول دعوى الدفع بعدم الدستورية وهي السلطة التي‬
‫تالمس اختصاص القاضي الدستوري دون إصدار الحكم بمدى الدستورية وانما يتم االكتفاء بتقرير مدى‬
‫قبول مذكرة الدفع من عدمها‪ .3‬وبعد إشعار الجهات القضائية العليا بالدفع بعدم الدستورية يتحتم عليها‬
‫مباشرة إجراء تصفية ثانية لتلك الدفوع للتأكد من استفاءها للشروط الالزمة على النحو الذي تمت عليه‬
‫العملية في المرحلة اَلولى‪ ،‬وعلى إثر ذلك يجب على المحكمة العليا أو مجلس الدولة الفصل في إحالة‬
‫الدفع من عدمه إلى المجلس الدستوري في أجل ‪ 76‬شهرين ابتداء من تاريخ استالم اإلرسال‪ .4‬وفي حال‬
‫رف ض المحكمة العليا أو مجلس الدولة إحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المجلس الدستوري عليها إشعار‬
‫هذا اَلخير بذلك مع نسخه من قرار الرفض على أن تكون مسببة بذكر دواعي أو موجبات الرفض‪.5‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 37‬و‪ 33‬من القانون العضوي ‪ ،39-39‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Laurent Fabius: op.cit ; p 118.‬‬
‫‪ -3‬عليااان بوزيااان‪ :‬أثراإلحالــة القضــائية للــدفع بعــدم الدســتورية علــى عقلنــة رقابــة دســتورية الق ـوانين الماســة بــالحقوق والحريــات‪ ،‬مجلااة القااانون‬
‫الدستوري والعلوم اإلدارية‪ ،‬العدد ‪ 6736 ،76‬ص ص‪.63-67 ،‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 31‬من القانون العضوي ‪ ،39-39‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 39‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫ويصدر قرار المحكمة العليا أو مجلس الدولة بتشكيلة يرأسها رئيس كل جهة قضائية وان تعذر‬
‫ذلك يرأسها نائب الرئيس مع العلم أن التشكيلة تضم رئيس الغرفة المعنية وثالثة ‪ 71‬مستشارين يعينهم‬
‫حسب الحالة الرئيس اَلول للمحكمة العليا أو رئيس مجلس الدولة‪ ،‬وهو نفس النمط اإلجرائي المتبع في‬
‫الفصل في موضوع اَلولوية الدستورية على مستوى الجهات ‪-‬القضائية العليا الفرنسية‪ -‬محكمة النقض‬
‫أو مجلس الدولة‪.1‬وبتقرير المحكمة العليا أو مجلس الدولة إحالة الدفع إلى المجلس الدستوري عليها أن‬
‫ترسل عرائض اَلطراف مرفقة بالمذكرات وقرار اإلحالة الذي يكون مسببا‪ ،‬على أن يتم إعالم الجهة‬
‫القضائية المرسلة للدفع بقرار الجهة القضائية العليا حسب الحالة‪ ،‬كما يجب أن يبلغ اَلطراف في أجل‬
‫‪ 37‬عشرة أيام ابتداء من تاريخ صدوره‪ ،‬وفي حال عدم فصل المحكمة العليا أو مجلس الدولة في اآلجال‬
‫المحددة يحال الدفع بعد الدستورية إلى المجلس الدستوري تلقائيا‪.2‬‬

‫‪ -3‬إجراءات الفصل في الدفع بعدم الدستورية أمام المجلس الدستوري‪ :‬بعد أن يمر الدفع بعدم‬
‫الدستورية بالمراحل واإلجراءات على النحو السالف بيانه يبدأ مساره أمام المجلس الدستوري في إطار‬
‫اإلجراءات التي رسمها القانون العضوي ‪ ،39-39‬وكذا النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫حتى تصل به نهاية المسار إلى الفصل فيه‪.‬‬

‫‪ -2-3‬مراحل بت المجلس الدستوري في دعوى الدفع بعدم الدستورية‪ :‬تتوجه الجهات القضائية العليا‬

‫–المحكمة العليا أو مجلس الدولة ‪ -‬بقرار إحالة الدفع بعدم الدستورية في رسالة مكتوبة إلى رئيس‬
‫المجلس الدستوري تحوي هذه اَلخيرة عرائض ومذكرات اَلطراف واذا اقتضى اَلمر تصحب بوثائق‬
‫مدعمة‪ ،‬تسجل الرسالة فور إحالتها بالسجل الخاص بالدفع بعدم الدستورية لدى كتابة ضبط المجلس‬
‫الدستوري‪ ،3‬بعد إحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المجلس الدستوري ال يقوم هذا اَلخير ببحث العيب‬
‫الدستوري في الحكم التشريعي المطعون فيه مباشرة‪ ،‬بل يتأكد أوال من استيفاء الدفع للشروط الواجب‬
‫توافرها فيه‪ ،‬هذا وتبلغ السلطات العليا في البالد بقرار اإلحالة وكذا أطراف النزاع ويكون إشعارهم‬
‫مصحوبا بعرائض ومذك ارت اَلطراف‪ ،‬كما يتضمن اإلشعار اَلجل المحددة للسلطات المعنية واَلطراف‬

‫‪1‬‬
‫‪- GUSTANE PEISER: contentieux administratif .16 Emme édition, Dalloz, Paris, France, 2014, p 20.‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 39‬و‪ 30‬و‪ 36‬من القانون العضوي ‪ ،39-39‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 33‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫لتقديم مالحظاتهم‪ ،1‬بعدها يعين رئيس المجلس الدستوري من بين أعضاء المجلس مقر ار لمباشرة التحقيق‬
‫في ملف الدفع بعدم الدستورية‪ ،‬ويمنح هذا اَلخير كل الصالحيات لجمع المعلومات المتعلقة بالمهمة‬
‫الموكلة له‪ ،‬وعند انتهائه منها عليه تقديم نسخة إلى كل عضو في المجلس مع تقرير مرفق بمشروع الرأي‬
‫أو القرار‪،2‬فور إنهاء العضو المقرر لمهامه واستالم أعضاء المجلس لنسخ عنها يقوم رئيس المجلس‬
‫الدستوري بتحديد تاريخ الجلسة واستدعاء اَلعضاء النعقادها‪.3‬‬

‫ولممارسة اَلفراد حقهم في الدفع بعدم الدستورية منحهم المشرع ضمانات مرتبطة بإجراءات بلوغ‬
‫العدالة الدستورية بطريقة قانونية والتي من أهمها إمكانية االستعانة بمحامي لتمثيلهم في المجلس‬
‫الدستوري‪ 4‬كما يمكن َلحد أطراف الدفع بعدم الدستورية أن يقدم طلبا معلال قبل إدراج الدفع في المداولة‬
‫لرد عضو من أعضاء المجلس الدستوري َلسباب جدية قد تمس بحياد المجلس الدستوري‪ ،‬ويعود الفصل‬
‫في طلب الطرف المعني إلى رئيس المجلس الدستوري‪ ،5‬كما يجوز َلحد أطراف النزاع طلب عقد جلسة‬
‫سرية إذا كانت العلنية تمس بالنظام واآلداب العامة‪.6‬‬

‫‪ -2-3‬قرار المجلس الدستوري بشأن الدفع بعدم الدستورية‪ :‬طبقا َلحكام المادة ‪ 6/396‬من التعديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ 6739‬فإن المجلس الدستوري يصدر ق ارره بشأن دعوى الدفع بعدم الدستورية خالل‬
‫اَلشهراَلربعة‪71‬التي تلي إخطاره‪ ،‬ويمكن لهذا اَلجل أن يمدد مرة واحدة لمدة أقصاها أربعة ‪ 71‬أشهر‪،‬‬
‫ويكون ذلك بناء على قرار مسبب من المجلس الدستوري ويبلغ إلى الجهة القضائية صاحبة اإلخطار‪،‬‬
‫وعند فصل المجلس الدستوري في الحكم التشريعي المعيب بعدم الدستورية يكون ذلك وفقا الحتمالين ال‬
‫ثالث لهما‪:‬‬

‫‪ -‬أولهما اإلقرار بمطابقة الحكم التشريعي للدستور وفي هذه الحالة يحتفظ هذا اَلخير بمكانته‪ ،‬وبعد تبليغ‬

‫القرار للجهة القضائية المخطرة تستأنف هذه اَلخيرة من جديد إجراءات الفصل في الدعوى اَلصلية‪-.‬‬
‫ثانيهما اإلقرار بعدم دستورية الحكم التشريعي المطعون فيه وهنا يفقد الحكم أثره ابتداء من التاريخ الذي‬

‫‪ -1‬ورد في نص المادة ‪ 36‬من نفس المصدر أنه‪«:‬يتم إشعار رئيس الجمهورياة ورئايس مجلاس اَلماة ورئايس المجلاس الشاعبي الاوطني والاوزير اَلول‬
‫واَلطراف فو ار بقرار اإلحالة مرفقا بعرائض ومذكرات اَلطراف»‪.‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 19‬و‪ 10‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 19‬من نفس المصدر‪.‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 76/66‬من القانون العضوي ‪ ،39-39‬من المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -5‬المادة ‪ 36‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -6‬المادة ‪ 63‬من نفس المصدر‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫يحدده قرار المجلس الدستوري وفقا لنص المادة ‪ 6/363‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬وفي كلتا‬
‫الحالتين يعلم رئيس المجلس الدستوري رئيس الجمهورية ورئيس مجلس اَلمة ورئيس المجلس الشعبي‬
‫الوطني والوزير اَلول بق ارره حول دعوى الدفع بعدم الدستورية كما يبلغ القرار إلى الجهة القضائية العليا‬
‫المخطرة –حسب الحالة‪ -‬ويكون ذلك في أجل ثمانية (‪ )79‬أيام‪.1‬‬

‫وقد سجل المجلس الدستوري في هذا السياق إصدار أول قرار له حول الدفع بعدم الدستورية‬
‫المثار من طرف السيد‪ :‬ح‪-‬ع القائم في حقه اَلستاذين بن فركان محند وتعلميمت مريامة‪ ،‬ووجه عدم‬
‫الدستورية المثار يتعلق بالفقرتين ‪ 73‬و‪ 76‬من المادة ‪ 169‬من قانون اإلجراءات الجزائية التي تنص على‬
‫عدم التقاضي على درجتين‪ ،‬وحسب الطرف المعني أن نص الحكم التشريعي يتعارض مع حقه في ذلك‬
‫والمكفول له بموجب الدستور المكرس لهذا الحق في نص المادة ‪ 6/397‬منه‪ ،‬كما انه يتعارض مع كافة‬
‫اَلحكام الدستورية الهادفة إلى تكريس الحقوق والحريات وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة وفي إطار‬
‫الصالحيات المخولة للمجلس الدستوري‪ ،‬وبعد الجلسات المنعقدة من طرف هذا اَلخير صرح بدستورية‬
‫الحكم التشريعي المطعون فيه –المادة ‪ 169‬النقطة ‪ -79‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.2‬‬

‫مما ال شك فيه أن اإلصالحات الدستورية التي مست المجلس الدستوري سنة ‪ 6739‬والسيما‬
‫المتعلقة منها بمنح اَلفراد حق استعمال الطعن بعدم الدستورية من شأنها ترسيخ مبادئ الديمقراطية ودولة‬
‫القانون وحماية حقوق اإلنسان من جهة‪ ،‬كما تؤدي إلى السيطرة على دستورية المنظومة القانونية من‬
‫خالل الرقابة المستمرة لها بتحريك الرقابة من طرف اَلفراد من جهة أخرى‪ ،3‬كما أن فيه خلق لنوع من‬
‫العالقة التشاركية بين المؤسسات الرسمية للدولة واَلف ارد وغاية ذلك هو تفعيل العدالة الدستورية‪ ،‬إال أن ما‬
‫يحول دون حدوث هذه اَلخيرة هو غياب الثقافة القانونية لدى السواد اَلعظم َلفراد المجتمع مما يجعل‬
‫من بلوغ دعوى الدفع بعدم الدستورية الغاية من دسترتها أمر بعيد المنال حاليا‪ ،‬فضال عن تحديد مجال‬
‫إثارتها باَلحكام التشريعية دون غيرها من القوانين‪ ،‬كما أن المؤسس الدستوري الجزائري قد حصر مجال‬
‫إثارة الدفع بعدم دستوريتها مما كان منها ماسا "بالحقوق والحريات" مع ترك هذه العبارة دون تعريف واضح‬
‫أمام سعة مجال التشريعات‪ ،‬لذا كان من أجل ضمان فعالية النتائج المنشودة من دسترة حق الدفع بعدم‬
‫الدستورية منح السلطة القضائية حق اإلخطار التلقائي للمجلس الدستوري دون تحريك من اَلفراد‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 16‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستور لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬لالطالع أكثر أنظر‪ /‬الموقع اإللكتروني‪www.conseil-constitutionnel.dz :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- voir/ Mathian Disant: l'exception d'inconstitutionnalité et la transformation des systèmes normatifs‬‬
‫‪etjuridictionnels, revue de conseil constitutionnel ; N 08-2017 ; p49.‬‬

‫‪56‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫ليكون هنا الضمان القضائي حاميا للحرية ومن ناحية أخرى يكفل توقيع الجزاء وبذلك يلعب‬
‫القضاء دو ار مزدوجا‪ ،‬مرة أثناء مباشرة اإلجراء وذلك بضمان التوازن بين المصلحة العامة وحماية الحقوق‬
‫والحريات ومرة إذا وقع عيب عدم المشروعية‪ ،‬وعلى هذا النحو فإن القضاء يكفل المشروعية سواء أثناء‬
‫مباشرة إجراءات النظر في النزاع المطروح أمامه أو بعد هذه المباشرة لمواجهة أي عيب يلحقها‪ ،‬وفي‬
‫نهاية مطاف النزاع البد من الوصول إلى الحل المنصف الذي يعمد طالبه الحصول عليه‪.1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الضوابط المتعلقة بالرقابة الدستورية ومدى حجية ق ارراتها‬

‫تخضع اَلحكام الصادرة عن المجلس الدستوري بشأن مهامه الرقابية واالستشارية منها سواء ما‬
‫تعلق بإخطار من الهيئات أو اَلفراد إلى قواعد إجرائية جسدها النظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري وذلك بما ال يتعارض وطبيعة اإلخطار‪ ،‬وهي إجراءات تتعلق بالتحقق من مدى دستورية‬
‫اَلحكام التشريعية أو التنظيمية وبراءتها من جميع العيوب الدستورية المحتملة (الفرع اَلول)‪ ،‬ومن أهم‬
‫اآلثار المترتبة على هذه اإلجراءات الرقابية نتائج تتجسد في شكل ق اررات لها من االمتيازات ما يجعلها‬
‫سارية على كل من في الدولة أفراد وسلطات (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التحقيق والمداوالت‬

‫تطرقنا سابقا إلى أن عمل المجلس الدستوري ال ينعقد إال بتوجيه رسالة إخطار له من طرف‬
‫إحدى الهيئات التي خولها الدستور ذلك‪ ،‬وسنرى في هذا الفرع النظام اإلجرائي المعتمد لدى المجلس‬
‫الدستوري لمعالجة موضوع اإلخطار المعروض عليه وفقا للمراحل المعتمدة في ذلك والتي تتلخص في‬
‫مرحلتي التحقيق وتليهما مرحلة المداوالت‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التحقيق‪ :‬بالرجوع إلى النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري وتحديدا في الباب الثالث منه‬
‫نجد أنه قد حدد لنا المراحل واإلجراءات التي تمر بها دراسة رسالة اإلخطار بعد إيداعها لدى كتابة‬
‫الضبط باَلمانة العامة للمجلس الدستوري وهي تباعا كاآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬تعيين المقرر‪ :‬يصبح المجلس الدستوري ملزم بالبت في موضوع رسالة اإلخطار بمجرد تسجيلها لدى‬
‫مصالح اَلمانة العامة لديه واستالم الهيئة المخطرة لوصل استالم اإلخطار الذي يعتبر تاريخ تسلمه بداية‬
‫لسريان آجال الفصل فيه‪ ،‬وفي ذات السياق تقيد أحكام المادة ‪ 19‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬أحمد فتحي سرور‪ :‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات‪ ،‬ط‪ ،6‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،6777 ،‬ص ‪.966‬‬

‫‪57‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫الدستوري أنه يتعين على رئيس المجلس الدستوري فور تسجيل رسالة اإلخطار‪ ،‬تعيين مقر ار أو أكثر من‬
‫بين أعضاء المجلس للتكفل بالتحقيق في موضوع رسالة اإلخطار‪.‬‬

‫ويكفي أن تصل الدعوى إلى المقرر ليتولى القيام بالتحقيقات المناسبة التي يختلف مجالها فيما‬
‫إذا كانت مراجعة إبطال قانون‪ ،‬أو عمل إداري أو كانت طعن في نتائج انتخابات رئاسية أو نيابية وتبعا‬
‫لذلك فإن قواعد التنازع الدستوري أو اإلداري متميزة بطابعها االستقصائي‪ ،1‬وقد حدد المؤسس الدستوري‬
‫الجزائري مهلة الثالثين ‪ 17‬يوما للمجلس إلبداء رأيه أو إصدار ق ارره خاللها حول النص موضوع‬
‫اإلخطار هذا في اَلحوال العادية‪ ،‬أما االستثنائية منها فيصدر المجلس ق ارره في أجل عشرة ‪37‬أيام بناء‬
‫على طلب من رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫وال يتدخل المجلس الدستوري بعدها في مهام العضو المقرر حول موضوع رسالة اإلخطار‬
‫المكلف بدراستها إال بعد إتمام المقرر لمهمته واعداد ملف كامل وشامل حول الموضوع بعد قيامه ببحث‬
‫وتحقيق واستشارات متعددة‪.2‬‬

‫ب‪ -‬إعداد مشروع القرار أو الرأي‪ :‬بعد أن يعين رئيس المجلس الدستوري العضو المقرر يصبح هذا‬
‫اَلخير مكلفا بإجراء الدراسات الالزمة َلداء مهامه‪ ،‬مع تمتعه بواسع الصالحيات في سبيل ذلك حيث‬
‫يكون له طلب الوثائق الالزمة وحتى الرسمية منها‪ ،‬كما له أن يطلع على كل ما يراه الزما لجالء غموض‬
‫موضوع اإلخطار كما يمكنه االطالع على الكتب والوثائق التي من شأنها تمكينه من الدراسة الوافية‬
‫للملف‪ ،‬فضال على أن بإمكان المقرر االستعانة باستشارة أي خبير يختاره شرط أن يكون ذلك بعد موافقة‬
‫رئيس المجلس الدستوري‪ 3‬بينما نجد أن العضو المقرر في نظام المجلس الدستوري الفرنسي يمكنه‬
‫االستعانة باَلمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي الذي يتمتع بخبرة قضائية وادارية تمكن العضو المقرر‬
‫من الرجوع له واستشارته وكذا االستعانة به في تفسير المعنى العملي َلحكام نصوص القانون أو الحكم‬
‫التشريعي المطعون في دستوريته مع تحديد اَلساسيات القانونية والدستورية العتمادها كحجج لتبرير‬
‫وجهات النظر حول نتائج الدراسة التي تتوج بتقرير ويتضمن مشروع رأي أو قرار حسب الحالة‪ ،‬ومن‬

‫‪ -1‬عصام نعمة إسماعيل‪ :‬المنازعات الدستورية واإلدارية وفق االجتهاد اللبناني‪ ،‬ط‪ ،3‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبنان‪،6739 ،‬‬
‫ص‪.133‬‬
‫‪ -2‬مراد رداوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫‪ -3‬ورد في نص المادة ‪ 10‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري أنه‪..« :‬يخول للمقرر جمع كل المعلومات والوثائق المتعلقة بملف‬
‫اإلخطار أو اإلحالة الموكلة إليه ويمكنه كذلك االستعانة بأي خبير في الموضوع بعد موافقة رئيس المجلس الدستوري»‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫أوضح المساعدات التي يتلقاها أيضا العضو المقرر في المجلس الدستوري الفرنسي من اَلمين العام‬
‫اقتراح مجموعة من التساؤالت التي يمكن أن تطرح أثناء المداوالت حول التقرير ونتائجه‪ ،‬تدعيما لدراسة‬
‫ملف موضوع اإلخطار بما يضمن سالمة الرأي أو القرار من الذاتية أو االنحياز‪.1‬‬

‫مع العلم أن عبارة تحقيق تفيد التحقيق المنوط في اَلصل للعضو المقرر بينما القول الفصل فيه‬
‫يعود للمجلس الدستوري لتقرير ما إذا كان التحقيق مستوفيا أم ال‪ ،‬فالمقرر إذن مكلف بحكم القانون بإجراء‬
‫كافة التحقيقات التي تستوجبها رسالة إخطار تمهيدا للفصل فيها من قبل المجلس الدستوري‪ ،‬ومن ثم‬
‫فواجب المقرر يقتضي بحث القضية من جميع نواحيها قبل وضع تقريره النهائي في الموضوع مع حرصه‬
‫على أن تكون جميع أعماله كاملة مجردة‪.2‬‬

‫تنتهي مهمة العضو المقرر بتقرير مفصل يأتي فيه على النقاط القانونية التي يجب الفصل فيها‬
‫كما يجب أن يتضمن التقرير ما توصل إليه اَلعضاء أو العضو المقرر طيلة فترة التحقيق مع تبيان‬
‫المسائل القانونية التي من المتوقع أن تثار حول كل نواحي موضوع اإلخطار مع إدراجه للحلول المقترحة‬
‫وتحديد سنده الدستوري في ذلك‪.3‬وتجدر اإلشارة إلى أن إعداد التقرير من طرف العضو المحقق ذو طابع‬
‫إلزامي أشارت له أحكام المادة ‪ 19‬من النظام المحدد لقواعد المجلس الدستوري كونه يمثل خالصة‬
‫للتحقيقات‪ ،‬كما يعتبر خطوة وجوبية تربط أعضاء المجلس الدستوري بوقائع رسالة اإلخطار قبل جلسة‬
‫المداوالت‪.‬‬

‫زيادة على أنه يجب على العضو المقرر وفقا َلحكام المادة ‪ 19‬من نفس النظام تسليم رئيس‬
‫المجلس الدستوري وأعضاء المجلس بعد االنتهاء من دراسة موضوع اإلخطار واكتمال التحقيقات‪ ،‬نسخة‬
‫من الدراسة مع نسخة من ملف موضوع اإلخطار وتكون مرفقة بالتقرير الذي أعده حسب الحالة لمشروع‬
‫الرأي أو القرار تمهيدا لمرحلة المداوالت التي تتوج برأي أو بقرار جماعي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المداوالت‪ :‬بعد إنهاء العضو المقرر لعمله يسلم لكل من رئيس المجلس الدستوري وكذا اَلعضاء‬
‫نسخة ع ن ملف اإلخطار مرفقة بالتقرير الذي أعده وكذا مشروع الرأي أو القرار حسب الحالة تمهيدا‬
‫النعقاد جلسة المداوالت التي تختتم بالفصل النهائي في موضوع رسالة اإلخطار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Vincent THIBAUDI: Op.cit, p 371.‬‬
‫‪ -2‬عصام نعمة إسماعيل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Christine HOREVOTES: (Exception d’inconstitutionnalité: Changement de fonctionnement Traitement‬‬
‫‪des affaires: organisation et gestion interne»), RCCA , numéro thématique sur « l’exception‬‬
‫‪d’inconstitutionnel» , N° 8 – 2017,P 97.‬‬

‫‪59‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫أ‪-‬جلسة التداول‪ :‬تنعقد جلسة المداوالت في التاريخ الذي يحدده رئيس المجلس الدستوري ويتم حضورها‬
‫من طرف اَلعضاء بناء على استدعائهم من طرفه لدراسة موضوع اإلخطار باإلجماع‪ ،‬ويحق لرئيس‬
‫المجلس في هذه المرحلة أن يفوض نائبه لرئاسة الجلسة في حالة غيابه‪ ،‬كما أنه في حالة حصول مانع‬
‫لرئيس المجلس يتولى نائبه رئاسة الجلسة وفقا َلحكام نص المادة ‪ 16‬من النظام المحدد لقواعد عمل‬
‫المجلس الدستوري التي نصت أيضا على أنه في حال اقتران المانع للرئيس ونائبه‪ ،‬يرأس الجلسة العضو‬
‫اَلكبر سنا من بين أعضاء المجلس الدستوري وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يصح أن يفصل المجلس‬
‫الدستوري في موضوع اإلخطار إال بحضور تسعة ‪ 76‬أعضاء كحد أدنى‪.1‬‬

‫على أن يكون التداول في جلسة مغلقة ليبدي المجلس فيها آراءه حول موضوع رسالة اإلخطار‬
‫وفي ختامها يتخذ ق ارراته بأغلبية أعضائه‪2‬دون المساس بأحكام الفقرة اَلولى من المادة ‪ 376‬من الدستور‬
‫وفي حالة تساوي اَلصوات يكون صوت رئيس المجلس الدستوري أو صوت رئيس الجلسة مرجحا حيث‬
‫أن المعمول به في مداوالت المجلس الدستوري تكون على شكل نقاش بين أعضاء المجلس يقدم فيها كل‬
‫طرف حججه وأدلته إلقناع زمالئه‪ ،‬وال يكون التصويت على اتخاذ قرار أو رأي إال في حاالت قليلة جدا‬
‫عند استحالة التوفيق بين وجهات النظر وبالتالي الحصول على أغلبية اَلصوات‪ ،‬وفي هذه الحالة يلجأ‬
‫إلى عملية التصويت كحل نهائي‪.3‬‬

‫هذا ويتولى اَلمين العام للمجلس كتابة محاضر الجلسات وتدوين أراء اَلعضاء دون أن يشاركهم‬
‫المناقشات أو التصويت‪ ،‬وعند انتهاء جلسة المداوالت يوقع الرئيس واَلعضاء الحاضرون وكذا كاتب‬
‫الجلسة المحاضر التي ال يحق َلحد غير أعضاء المجلس الدستوري االطالع عليها‪،‬ما يوحي بطابع‬
‫الس رية وهو اتجاه نجده في أغلب دول العالم سواء تلك التي تأخذ بنظام المجلس الدستوري أو اَلخرى‬
‫التي تأخذ بنظام الجهات القضائية كالمحاكم والغرف الدستورية‪ 4‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أنه يتولى اَلمين‬
‫العام تسجيل وحفظ المحاضر بعد توقيعها وادراجها في اَلرشيف وفقا َلحكام المادة ‪ 13‬من النظام‬
‫المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 17‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 13‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬جمال بن ساالم‪ :‬القضـاء الدسـتوري فـي الـدول المغاربيـة‪ ،‬أطروحاة دكتاوراه تخصاص القاانون العاام‪ ،‬إشاراف منصاور مولاود‪ ،‬كلياة الحقاوق جامعاة‬
‫الجزائر ‪ ،6733-6731 ،73‬ص ص‪.169 -169‬‬
‫‪ -4‬هنري روسيون ‪ :Henry ROUSSILLION‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬

‫‪60‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫ب‪-‬نتائج رقابة المجلس الدستوري‪ :‬يترتب على الرقابة التي يباشرها المجلس الدستوري بناء على إخطاره‬
‫م اان إح اادى الهيئ ااات أو اَلفا اراد المخ ااول له اام دس ااتوريا ذل ااك‪ ،‬ص اادور أراء أو قا ا اررات يج ااب عل ااى المجل ااس‬
‫الدستوري تسبيبها مع توضيح اَلسانيد القانونية والدستورية التي بنى على أساسها حكمه‪ ،‬ويصدر المجلس‬
‫الدستوري هذا اَلخيار باللغاة العربياة خاالل اآلجاال المحاددة فاي ناص الماادة ‪ 396‬مان الدساتور وفاي ناص‬
‫المادة ‪ 19‬من النظاام المحادد لقواعاد عمال المجلاس الدساتوري‪ ،‬وفاي كال اَلحاوال سيتضامن منطاوق الارأي‬
‫أو القرار حسب الحالة واحدة من الفروض اآلتي ذكرها‪:‬‬

‫‪ -‬الحكم بدستورية النص القانوني محل الطعن مع مراعاة بعض التحفظات على أن يعتبرها ساقطت ساهوا‬
‫ماان المشاارع أو خطااأ لغااوي أو خطااأ فااي الصااياغة‪ ،‬اَلماار الااذي يوجااب علااى المجلااس الدسااتوري تصااويب‬
‫الخطأ دون المساس بالنص القانوني حفاظا منه على هيبة المشرع الذي يمثل إرادة الشعب‪ ،1‬هذا من جهة‬
‫وماان جهااة أخاارى فااإن المجلااس الدسااتوري وان كااان يتمتااع بساالطة تفسااير أحكااام الدسااتور باعتباااره مكلااف‬
‫بالسااهر علااى احت ارمااه فإنااه مقيااد بأحكاام الاانص الدسااتوري بمااا يمكنااه ماان إضااافات أو تصااحيحات بموجااب‬
‫قواعد من صنعه‪ ،‬كون رقابة الدستورية مقيدة بالنص مما يجعل المراقب يتمتع بنوع من التحرك لكن داخل‬
‫اإلطار القاعدي المحدد‪ ،‬كما أن عمله يبقى مقيد بآرائه وق ارراته السابقة إذا كانت مواضايعها مماثلاة للحالاة‬
‫الجديدة من جهة أخرى حيث سيتوحد منها أرائه‪.2‬‬

‫‪ -‬أن يكون قرار المجلس الدستوري بعدم دستورية القانون بالكامل فيصبح القانون باطال بطالن نهائيا‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكااون قارار المجلااس بعاادم دسااتورية بعااض ماواد القااانون المطعااون فااي دسااتوريته‪ ،‬بمعنااى أن بالقااانون‬
‫عياب جزئاي ماع إمكانياة فصال هااذا الجازء عان بااقي النصاوص القانونيااة التاي ال تخاالف الدساتور فاي هااذه‬
‫الحالة يكون قرار المجلس الدستوري بإبطال الجزء المعيب بعدم الدستورية فقط‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكاون قارار المجلاس الدسااتوري أيضاا إبطاااال جزئياا لاابعض نصاوص القااانون‪ ،‬ولكان مااع عادم إمكانيااة‬
‫فصل الجزء المعيب عن باقي نصوص القانون رغم عدم مخالفة هذه اَلخيرة للدستور بسبب االرتباط الذي‬
‫ال يقبل التجزئة وفي هذه الحالة يقرر المجلس إبطال القانون بأكمله‪.3‬‬

‫‪ -1‬إلياس جوادي‪ :‬دور المجلس الدستوري في رقابة دستورية القوانين وصحة االنتخابات البرلمانية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.631‬‬
‫‪ -3‬أنظاار‪ /‬إلياااس جاوادي‪ :‬دور المجلــس الدســتوري فــي رقابــة دســتورية القـوانين وصــحة االنتخابــات البرلمانيــة‪ ،‬المرجااع السااابق‪ ،‬ص ص‪-316 ،‬‬
‫‪.317‬‬

‫‪61‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اآلثار القانونية لآلراء وق اررات المجلس الدستوري‪.‬‬

‫س انتطرق ف اي هااذا الفاارع إلااى ن اوع ومكانااة الحكاام الدسااتوري كااآخر وأهاام إج اراء يقااوم بااه المجلااس‬
‫الدسااتوري فااي عملااه الرقااابي‪ ،‬والااذي لااه ماان اَلهميااة مااا يمي ازه عاان غي اره ماان اَلحكااام كونااه يتمتااع بحجيااة‬
‫مطلقة ومرد ذلك أن مصدره ذو طبيعة خاصة‪ ،‬سواء انتهت تلك اَلحكام إلى تأكياد دساتورية أحكاام الانص‬
‫المطعون فيه أو العكس من ذلك ففي الحالتين يتم إصداره ومن ثم يبدأ نفاذه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حجية آراء وق اررات المجلس الدستوري‪ :‬مان أهام اآلثاار المترتباة علاى الرقاباة علاى دساتورية القاوانين‬
‫تلك اَلحكام الصادرة عن المجلس الدستوري سواء منها المنتهية إلى عدم دستورية النص المطعاون فياه أو‬
‫إلااى العكااس ماان ذلااك فماان خااالل اسااتق ارء نصااوص الم اواد ‪ 367‬و‪363‬ماان الدسااتور‪ ،1‬يتضااح ماادى الق اوة‬
‫القانونيااة التااي ميااز بهااا المؤسااس الدسااتوري الارأي أو القارار الصااادر عاان المجلااس الدسااتوري فااأراء وقا ار ارت‬
‫هذا اَلخير فيكال الحالتين ذات حجية مطلقة‪ ،‬حياث لام يفارق المؤساس الدساتوري فاي ناص الماادة ‪1/363‬‬
‫بين حجية الرأي أو القرار في حالة دساتورية الانص القاانوني مان عادمها‪ ،‬بال مانحهم حجياة مطلقاة ونهائياة‬
‫كمااا أنهااا ملزمااة للكافااة أف ارادا وهيئ اات وساالطات س اواء كاناات إداريااة أو قضااائية‪ ،‬بمعنااى أن اإللزاميااة عامااة‬
‫على من في الدولة وفي نفس الوقت محدودة في نطااق الانص أو القاانون المطعاون فاي دساتوريته‪ .‬وتجادر‬
‫اإلشارة إلى أنه عندما يقال عن قرار قضائي بأنه يتمتع بحجية القضاية المقضاي بهاا‪ ،‬فمعناى ذلاك أن هاذا‬
‫القرار قد بت القضايا المعروضة على القاضاي الاذي أصادره وفقاا للحقيقاة وباالقوة التاي تتمثال فيهاا‪ 2‬لياؤدي‬
‫بذلك مبدأ حجية اَلحكاام الصاادرة عان المجلاس الدساتوري إلاى نتيجاة مفادهاا تصافية النازاع حاول دساتورية‬
‫النص التشريعي أو ما سواه من القوانين مرة واحدة وبصافة نهائياة بماا ال يسامح َلي احتمااالت الخاتالف‬
‫االجتهاد في شأنه أو التناقض بين اآلراء حوله‪.3‬‬

‫ثانيا‪ :‬تبليغ قرار أو رأي المجلـس الدسـتوري‪ :‬يقضاي ناص الماادة ‪ 37‬مان النظاام المحادد لقواعاد المجلاس‬
‫الدستوري أن يبلغ الرأي أو القرار الصادر عن المجلس الدستوري إلى رئايس الجمهورياة وكاذا الاوزير اَلول‬
‫ورئيس ااي غرفت ااي البرلم ااان فض ااال ع اان الجه ااة ص اااحبة اإلخط ااار‪ ،‬وف ااي حال ااة تعل ااق اإلخط ااار بال اادفع بع اادم‬
‫الدستورية فإنه يبلغ أيضا إلى المحكمة العليا أو مجلس الدولة حسب الحالة‪.‬‬

‫‪ -1‬ورد فااي نااص المااادة ‪ 1/363‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬أنااه‪« :‬تكااون أراء المجلااس الدسااتوري نهايااة وملزمااة لجميااع الساالطات العموميااة‬
‫والسلطات اإلدارية والقضائية »‪.‬‬
‫‪ -2‬أالء مهدي مطر‪ :‬حجية أحكام وق اررات القضاء الدستوري‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،6736 ،‬ص‪.319‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬أالء مهدي مطر‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.663‬‬

‫‪62‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫وهنا تجدر اإلشارة إلى أنه يجب التفرقة بين الحكم الملغاى الاذي يمكان فصاله عان الانص وبالتاالي‬
‫يلغى الحكم ويصدر النص مبتو ار من الحكم غير الدستوري‪ ،‬إال إذا تعلاق اَلمار بانص ذو طبيعاة عضاوية‬
‫ففي هذه الحالة إماا أن يلغاي الحكام المخاالف للدساتور ويعياده رئايس الجمهورياة للبرلماان لقراءتاه مان جدياد‬
‫شريطة عرض الحكم المخالف للدستور المعدل مرة أخرى على المجلس الدستوري‪ ،‬واذا تعلق اَلمر بقانون‬
‫أو تنظيم وكان الحكم المخالف للدستور فيه غير قابل للفصل عن باقي أحكام النص المخطر بشاأنه فاإن‬
‫ذلك النص يعاد للجهة المخطرة‪.1‬‬

‫وتنطبااق ذات اَلحكااام علااى الاانص الااذي تطلااب ماان المجلااس الدسااتوري بعااد إخطاااره بااه التصاادي‬
‫لاانص أو نصااوص أخ اارى لهااا عالق ااة باَلحكااام موض ااوع اإلخطااار فحينهااا ك ااذلك يعاااد ال اانص إلااى الجه ااة‬
‫المخطرة إذا ترتب عن ذلك مساس ببنية النص‪.2‬‬

‫هااذا ويجااب أن يبلااغ الق ارار أو ال ارأي الصااادر عاان المجلااس الدسااتوري إلااى اَلمااين العااام للحكومااة‬
‫لنشره فاي الجريادة الرسامية‪ ،3‬ويحتال هاذا النشار أهمياة بالغاة علاى مساتوى الرقاباة الدساتورية طالماا أناه هاو‬
‫الااذي يضااع نهايااة َلحكااام قضااى المجلااس الدسااتوري بعاادم دسااتوريتها يكااون حاااج از أمااام إصاادار أو تطبيااق‬
‫أحكاام ارتاأى المجلاس الدساتوري عادم دساتوريتها أو عادم مطابقتهاا للدساتور‪ ،‬ماع العلام أن قا اررات المجلاس‬
‫الدسااتوري أصاابحت تنشاار منااذ العااام ‪ 3663‬فااي نشارية ساانوية يصاادرها المجلااس تحاات عناوان أحكااام الفقااه‬
‫الدستوري‪.4‬‬

‫ورغ اام أن أراء وقا ا اررات المجل ااس الدس ااتوري تتمت ااع بالحجي ااة المطلق ااة ب اانص م اان الدس ااتور‪ ،‬إال أن‬
‫االستثناء قد يارد أيضاا عليهاا وذلاك فاي حاال تعاديل الدساتور ومان ثام انعادام اَلساباب التاي تأسسات عليهاا‬
‫آراؤه وق ارراته‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬فطة نبالي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.196‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬ص ‪.693‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 10‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬عبد القادر شربال‪ :‬ق اررات وأراء المجلس الدستوري في تأويل أحكام الدستور الجزائري‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪63‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫خالصة الفصل األول‬


‫بهدف الحفاظ على المكانة السامية للدستور عقد المؤسس الدستوري الجزائري اختصاص الرقابة‬
‫على دستورية القوانين في المنظومة القانونية الجزائرية للمجلس الدستوري‪ ،‬وأكد على ذلك بمناسبة كل‬
‫تعديل دستوري إلى غاية سنة ‪ 6739‬الذي خص فيه هذه الهيئة بإصالحات جوهرية وعلى رأسها ما‬
‫تعلق منها بالجانب العضوي حيث أصبح بمقتضاها يشمل المجلس تشكيلة من اثني عشرة ‪36‬عضوا‬
‫بتمثيل أربعة ‪ 1‬أعضاء عن كل واحدة من السلطات الثالثة الدستورية‪ ،‬يتم انتسابهم للمجلس وفقا لشروط‬
‫تؤهلهم َلداء اختصاصاته المتشبعة وفي المقابل دعم المؤسس الدستوري الجزائري أعضاء المجلس‬
‫بامتيازات وضمانات تحافظ على نزاهة واستقاللية المجلس هيئة وأعضاء‪ ،‬إال أنها تبقى ضمانات غير‬
‫كافية أمام االمتيازات التي يتمتع بها رئيس الجمهورية الذي تعود له حرية تعيين اَلعضاء الممثلين‬
‫للسلطة التنفيذية بما فيهم رئيس المجلس الدستوري ونائبه‪ ،‬حتى في ظل الشروط الصارمة المحددة‬
‫دستوريا لتولي عضوية المجلس التي بقيت بال جدوى أمام هذه اَلفضلية مقارنة بباقي السلطات داخل‬
‫المجلس الدستوري‪ ،‬اَلمر الذي جعل التوازن فيه مقتصر على التمثيل العددي‪ ،‬كما شملت إصالحات‬
‫التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬أيضا آلية اإلخطار التي رغم توسع مجالها بإسناد هذا الحق إلى الوزير‬
‫اَلول وكذا خمسون ‪ 37‬نائبا عن المجلس الشعبي الوطني وثالثون ‪ 17‬عضوا عن مجلس اَلمة بهدف‬
‫تكثيف نشاط المجلس واثراء آراءه وق ارراته‪ ،‬إال أن النصاب المطلوب لتفعيل حق إخطار البرلمانيين‬
‫للمجلس الدستوري جاء تعجيزيا نظ ار الرتفاعه غير المعقول‪ ،‬اَلمر الذي من شأنه حرمان اَلقلية‬
‫المعارضة من هذا الحق‪ ،‬فضال على أن سبب الشلل الذي تعرفه الرقابة على دستورية القوانين في‬
‫الجزائر ال يقتصر سببه على محدودية جهات اإلخطار فحسب إنما يعود أيضا العتبارات أخرى تتعلق‬
‫بعمل هذه السلطات نفسها إذ أنه من غير المعقول أن تساهم هذه اَلخيرة في سن قوانين أو في‬
‫التصويت عليها لتبادر بعدها في إثارة عدم دستوريتها‪ .‬ورغم أن المؤسس الدستوري قد راعى أسس ترسيخ‬
‫الديمقراطية بدعمه لحماية حقوق اَلفراد وحرياتهم من خالل تمكينهم وَلول مرة في تاريخ الدساتير‬
‫الجزائرية من حق الطعن بعدم الدستورية بإحالة قضائية‪ ،‬وال مجال إلنكار أن ذلك يعد مكسبا حقيقيا‬
‫لحماية الحقوق والحريات إال أنها خطوة تم من خاللها حرمان اَلفراد وكذا السلطة القضائية بطريقة غير‬
‫مباشرة من الحق في اإلخطار المباشر‪ ،‬اَلمر الذي من شأنه التقليل من ضمانات احترام الدستور كما أن‬
‫فيه مساس بالتوازن بين السلطات الحائزة على حق اإلخطار داخل المجلس‪ ،‬ليبقى أكبر عائق أمام تفعيل‬

‫‪64‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬

‫الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر وبإجماع كل الباحثين والمهتمين بالشأن الدستوري هو عدم‬
‫تمكين المجلس الدستوري من التحرك التلقائي لممارسة اختصاصاته‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية‬
‫واالستشارية‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫بعد الفراغ من دراسة تشكيلة المجلس الدستوري وآلياة تحرياك عملاه عبار مختلاف مراحلهاا وفقاا لماا‬
‫ط أر عليها من مستجدات بموجب اإلصالحات التي تم النص عليها ضمن التعديل الدساتوري لسانة ‪6739‬‬
‫سنحاول من خالل هذا الفصل التطرق بشايء مان التفصايل إلاى الجاناب التطبيقاي لالختصاصاات الرقابياة‬
‫واالستش ااارية المتش ااعبة للمجل ااس الدس ااتوري م اان خ ااالل مبحث ااين‪ ،‬س اانتناول ف ااي المبح ااث اَلول من ااه الرقاب ااة‬
‫بصااورتيها اإللزاميااة واالختياريااة علااى مختلااف التش اريعات الوطنيااة منهااا والدوليااة (المبحااث اَلول)‪ ،‬لنعاارج‬
‫بعاادها لد ارسااة مختلااف االختصاصااات التقريريااة واالستشااارية التااي خولتااه إياهااا أحكااام الدسااتور فااي مختلااف‬
‫المجاالت والظروف العادية منها وغير العادية (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫المبحث األول‪ :‬دور المجلس الدستوري في مجال الرقابة على دستورية القوانين‬

‫ماان المساالم بااه أن ساامو الدسااتور ال يكااون رهنااا بعلااو أحكامااه علااى مااا دونااه ماان نصااوص قانوني اة‬
‫فحس ااب‪ ،‬ب اال ه ااو تج اااوز له ااذا المعن ااى ببل ااوغ آلي ااة تعم اال عل ااى تجس اايده وجعل ااه واقع ااا ملموس ااا‪ ،‬ل ااذا ص اانف‬
‫اختصاص الرقابة على دستورية القوانين كاأهم وظاائف المجلاس الدساتوري علاى اإلطاالق وال نباالغ إن قلناا‬
‫أنه مبرر وجوده وأساس نشأة الرقابة على دستورية القوانين عامة‪ ،‬كونه اختصاص يهدف إلاى تفعيال مبادأ‬
‫علااو الدسااتور الااذي يعااد ضاامانة أساسااية للديمقراطيااة ولحمايااة حقااوق اَلف اراد وحرياااتهم‪ ،‬إال أن االخااتالف‬
‫الوارد في مجال الرقابة على دساتورية القاوانين مارده تصانيف القاوانين فاي حاد ذاتهاا حياث تنقسام إلاى رقاباة‬
‫إلزاميااة سااابقة البااد أن يتلقااى المجلااس الدسااتوري إخطااا ار بشااأنها وتشاامل اتفاقيااات الهدنااة ومعاهاادات الساالم‬
‫والقوانين العضوية واَلنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان (المطلب اَلول)‪ ،‬ورقابة اختيارية تشامل فئاة القاوانين‬
‫العادية والتنظيمات والمعاهدات الدولية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬صالحيات المجلس الدستوري في مجال الرقابة اإللزامية –المطابقة‬

‫تعنااي الرقابااة اإللزاميااة – المطابقااة ‪ -‬وجااوب التقيااد الصااارم شااكال وموضااوعا بأحكااام النصااوص‬
‫الدستورية بحيث ال يجوز تخطيها نصا وروحا وهي رقابة قبلية محددة الموضوع ومحصورة المجال بانص‬
‫دساتوري علاى سابيل الحصار‪ ،‬وفاي هاذا اإلطاار فاناه رغام تعادد أسااليب رقاباة المجلاس الدساتوري الج ازئاري‬
‫علااى القاوانين بتعاادد فئااات هااذه اَلخيارة‪ ،‬إال أنهااا فااي المجماال ال تخاارج عاان مجااال مطابقااة الاانص القااانوني‬
‫ش ااكال وموض ااوعا َلحك ااام الدس ااتور سا اواء تعل ااق اَلم اار بااللت ازم ااات الدولي ااة (الف اارع اَلول)‪،‬أو بالمنظوم ااة‬
‫القانونية الداخلية(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الرقابة اإللزامية على اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم‬

‫ال جدل في أن الدولة مطالباة بالعمال لمصالحتها وكاذلك لغيرهاا بوضاع النصاوص التاي تكفال لهاا‬
‫التعاماال مااع الاادول وك اذا الهيئااات والمنظمااات الدوليااة واإلقليميااة والمؤسسااات المتخصصااة للحفاااظ علااى‬
‫مصااالحها ماان خااالل تمثيلهااا‪ ،‬وقبااول تواجااد ممثلااي الغياار علااى أ ارضاايها فض اال عاان حمايااة مصااالحها فااي‬
‫الخارج ومراقبة ومتابعة نشاطات غيرها داخليا وخارجيا‪ ،‬وكلها نشاطات تتطلب وجود أحكام داخلية صادرة‬
‫ع اان الدول ااة لم االء إرادته ااا وس اايادتها‪ ،‬وأخ اارى خارجي ااة بمقتض ااى التعام اال م ااع الغي اار ومراعاته ااا واحترامه ااا‬

‫‪68‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫بالمصااادقة عليهااا أو اعتبااار بعضااها جاازء ماان تشاريعاتها وفقااا لإلجاراءات المحااددة فااي الدسااتور‪،1‬وفااي هااذا‬
‫المجال تتمتع الج ازئار كاأي دولاة مساتقلة ذات سايادة بشخصاية قانونياة دولياة تمكنهاا مان إبارام المعاهادات‬
‫الدولية مع أشخاص المجتمع الدولي في إطار محدد لمجمل أنشطتها وأعمالها دستوريا ال تستطيع الخروج‬
‫عنه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الرقابة اإللزامية علـى الضـوابط اإلجرائيـة‪ :‬إن أول تطبيقاات مبادأ المشاروعية علاى الصاعيد الخاارجي‬
‫َلي دولة هو وجوب مطابقاة تصارفاتها للقاانون بانفس درجاة الخضاوع لاه‪ ،‬وباالعودة إلاى التعاديل الدساتوري‬
‫الجزائري لسنة ‪ 6739‬نجد أن تأكيد المؤسس الدستوري على مبدأ سمو المعاهدات الدولية على القانون لام‬
‫يأتي على إطالقه‪ ،‬بل قيده بجملة من الشروط على رأسها إخضاع طائفة منها للرقابة اإللزامية من طرف‬
‫المجل ااس الدس ااتوري‪ ،‬وف ااي إط ااار ذل ااك الب ااد م اان التأك ااد م اان خض ااوعها للدس ااتور م اان الن اااحيتين اإلجرائي ااة‬
‫والموضوعية‪ ،‬وفي إطار ذلك ينظر المجلس الدساتوري مان خاالل رقابتاه للجاناب اإلج ارئاي إلبارام المعاهادة‬
‫إلااى ماادى م ارعاااة واحتارام الشااروط واإلجاراءات المتخااذة ماان طاارف الساالطة المعينااة بااإبرام هااذه الطائفااة ماان‬
‫المعاهدات‪ ،‬وكذا تطبيقها للشروط التي نص عليها القانون الادولي وكاذا الدساتور فاي هاذا الشاأن عماال بماا‬
‫نصت عليه اتفاقية فيينا*‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن مباشرة المجلس الدستوري لمهامه الرقابية تكون فقط‬
‫بإخطار من رئيس الجمهورية قبل التصاديق عليهاا ليبقاى اإلخطاار هاو المفعال الوحياد َلداء المجلاس حتاى‬
‫وان كااان بأهميااة وحساسااية موضااوعات هااذه الطائفااة ماان المعاهاادات الدوليااة‪ .‬وباعتبااار أن المعاهاادات هااي‬
‫اتفاااق بااين ط ارفين أو عاادة أط اراف ماان أشااخاص المجتمااع الاادولي بصاارف النظاار عاان الموضااوعات التااي‬
‫تتناولها تلاك المعاهادات وهاي متسااوية فاي قيمتهاا القانونياة الدولياة وفاي قوتهاا اإلل ازمياة بوصافها معاهادات‬
‫دولية‪ ،2‬فالبد من خضوعها لشكل معين ال تصح بالخروج عنه وهو ما يطلق عليه الشروط الشكلية إلبارام‬
‫المعاهدة الدولية‪.‬‬

‫فرغم أن الدولة المستقلة تملك حقا كامال في الدخول فاي اتفاقياات دولياة لكان دساتوريا قاد يقياد هاذا‬
‫الحق ويانظم فيحارم عقاد معاهادات فاي أماور معيناة ويعاين كياف ياتم باه التصاديق علاى طائفاة مخصوصاة‬

‫‪ -1‬سعيد بوالشعير‪ :‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬دراسة تحليلية لطبيعة نظام الحكم في دستور ‪ -2992‬السـلطة التنفيذيـة‪ ،‬ط‪ ،6‬د م ج‪ ،‬بان عكناون‬
‫الجزائر‪ ،6731 ،‬ج‪ ،1‬ص‪.316‬‬
‫*‬
‫نص ات المااادة ‪ 31‬ماان اتفاقيــة فيينــا لســنة ‪ 2929‬علااى أنااه‪ « :‬أن أي اتفاقيااة تتعااارض مااع القواعااد الملزمااة للقااانون الاادولي تعااد الغيااة‪ ،‬فالقواعااد‬
‫الملزمة للقانون الدولي هي قواعد يجب على جميع الدول احترامها وال تستثنى أي دولة من االلتزام بها والعمال بموجبهاا‪ ،‬كماا أناه ال يمكان تعاديلها أو‬
‫إحاللها أي قاعدة أخرى ملزمة إال بموافقة الدول الموقعة على هذه االتفاقية»‪ ،‬فضال على أن انضمام الج ازئار إلاى اَلمام المتحادة يوجاب عليهاا احتارام‬
‫مبادئها وعدم الخروج عليها أو خرقها‪.‬‬
‫‪ -2‬صالح الدين عامر‪ :‬مقدمة لدراسة القانون الدولي العام‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،6770 ،‬ص‪.396‬‬

‫‪69‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫م اان االتفاقي ااات‪ ،1‬كم ااا ه ااو الح ااال بالنس اابة للمؤس ااس الدس ااتوري الج ازئ ااري ال ااذي اش ااترط لغ اارض أن تك ااون‬
‫اتفاقيااات الهدنااة ومعاهاادات الساالم ملزمااة أن تخضااع فااي جميااع م ارحاال إبرامهااا إلااى أحكااام الدسااتور حتااى‬
‫تتصف بالدستورية وهي خطوات تعتبر في مجملها إجراءات وضوابط منصوص عليها في الدستور تتعلق‬
‫بإبرام ونفاذ المعاهدة الدولية‪ ،‬من هذه الشروط ما جاء به نص المادة ‪ 6/373‬من التعاديل الدساتوري لسانة‬
‫‪ 6739‬إذ أنه وفقا َلحكامها ال يجوز بأي حال من اَلحوال أن يفاوض رئايس الجمهورياة سالطته فاي إبارام‬
‫هااذا النااوع ماان المعاهاادات والمصااادقة عليهااا باعتبارهااا مصاايرية ومجااال اختصاااص إبرامهااا محصااور فااي‬
‫ش ااخص رئ اايس الجمهوري ااة دون سا اواه‪ ،‬وه ااو أم اار مح ااوري ف ااي إبا ارام المعاه اادات وك ااذا ف ااي رقاب ااة المجل ااس‬
‫الدس ااتوري عليه ااا حي ااث أن ه ااذا اَلخي اار يأخ ااذ بع ااين االعتب ااار أن ي ااتم إبا ارام المعاه اادة م اان ط اارف رئ اايس‬
‫الجمهورية كما يجب أن يتم الحصول على موافقة البرلمان بشأنها قبل التصديق عليها باعتبارها معاهادات‬
‫ذات أهمي ااة كب اارى وع اادم اَلخ ااذ ب ااه يعتب اار أح ااد أوج ااه ع اادم الدس ااتورية‪ ،2‬ه ااذا فض ااال ع اان تأكي ااد المؤس ااس‬
‫الدستوري الج ازئاري علاى حضار تفاويض رئايس الجمهورياة الختصاصاه فاي التصاديق علاى االتفاقياات أو‬
‫المعاه اادات الدولي ااة‪.3‬ليك ااون ب ااذلك مج ااال إبا ارام المعاه اادات والمص ااادقة عليه ااا اختص اااص خ ااالص لا ارئيس‬
‫الجمهوريااة واذا مااا تاام إب ارام هااذا النااوع ماان االتفاقيااات والمعاهاادات الدوليااة علااى غياار هااذا الوجااه فااإن ذلااك‬
‫سيعتبر أحد أوجه عيب عدم الدستورية وسيحكم المجلس الدستوري ببطالنها لعدم مراعاة أحكام الدستور‪.‬‬

‫وفااي ذلااك يقااول اَلسااتاذ "ص االح الاادين عااامر" أنااه ماان المستحساان أن تكااون إرادة اَلط اراف فااي‬
‫االتفاق الدولي قد انصرفت إلى إبرام ذلك االتفاق وفقا َلحكام القانون الدولي العام لكي يمكن الحديث عان‬
‫معاهاادة دوليااة‪ ،‬فثمااة ماان الحاااالت مااا تتصاارف فيهااا إرادة اَلط اراف إلااى وضااع أتفاااق ليباارم بااين دولتااين أو‬
‫أكثر في شكل مكتوب في ظل قانون داخلي إلحداها أو لدولة أخرى أي أن تقوم الدولتان بإبرام عقد دولاي‬
‫وال ترغب في إبرام معاهدة دولية تحكمها قواعد القانون الدولي العام المتعلقة بالمعاهدات‪ ،‬كما يشاترط فيهاا‬
‫أن تكون الادول اَلطاراف قاد انصارفت إرادتهاا إلاى ترتياب آثاار قانونياة تترتاب عنهاا الت ازماات قانونياة دولياة‬
‫ملزمة على عاتق تلك الدول‪.4‬‬

‫‪ -1‬صالح الدين عامر‪ :‬المرجع‪ ،‬السابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬حياة حسين‪ :‬التصديق على المعاهدات الدولية‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص قانون عام‪ ،‬إشاراف محماد ناصار بوغ ازلاة‪ ،‬كلياة الحقاوق جامعاة‬
‫الجزائر ‪ ،6739-6733 ،73‬ص ص ‪.661 -661‬‬
‫‪ -3‬نصاات المااادة ‪ 6/373‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬علااى أنااه‪«:‬كمااا ال يجااوز أن يفااوض ساالطته فااي اللجااوء إلااى االسااتفتاء وحاال المجل اس‬
‫الشااعبي الااوطني وتقرياار إج اراء االنتخابااات التش اريعية قباال أوانهااا‪ ،‬وتطبيااق اَلحكااام المنصااوص عليهااا فااي الم اواد ‪ ،373 ،66 ،63‬وماان ‪ 370‬إلااى‬
‫‪376‬و‪333‬و‪ 316‬و‪311‬و‪313‬و‪ 319‬من الدستور»‪.‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬صالح الدين عامر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.366-363‬‬

‫‪70‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫إن تشااديد المؤسااس الدسااتوري بااالعرض الفااوري لهااذا النااوع ماان المعاهاادات جاااء حرصااا منااه علااى‬
‫حماية الدستور َلنها تتعلاق بسايادة الدولاة واساتقالليتها لهاذا يجاب النظار فاي دساتوريتها قبال عرضاها علاى‬
‫البرلمان إلبداء رأيه بخصوصها‪ .1‬كما أن ذلك يعود لطبيعتها وأثار بعضاها التاي قاد تانعكس علاى القاوانين‬
‫الوطنيااة وكااذلك علااى اختصاصااات الس االطة التش اريعية وهااو مااا يفس اار وجااوب الموافقااة الص اريحة لغرفت ااي‬
‫البرلمااان كاال علااى حاادا علااى هااذا النااوع ماان المعاهاادات ليظهاار دور المجلااس الدسااتوري فااي الرقابااة علااى‬
‫دستورية المعاهدات للحفاظ على التوازن بين السلطات وكذلك سمو الدستور‪.2‬‬

‫وبناء على ذلك يبدي المجلس الدستوري رأيه في مدى دستورية االتفاقيات والمعاهدات الدولياة مان‬
‫الناحية اإلجرائية وفي حال ما إذا شاب هذه اَلخيرة عيب عدم الدستورية فإنه للمجلاس الدساتوري أن يبادي‬
‫رأيه ببطالنها‪.‬‬

‫ثانيـــا‪ :‬الرقابـــة اإللزاميـــة علـــى الضـــوابط الموضـــوعية‪ :‬ال تقتص اار رقاب ااة المجلا اس الدس ااتوري ف ااي مج ااال‬
‫االتفاقيااات والمعاهاادات الدوليااة علااى جانبهااا اإلج ارئااي باال تشاامل رقابااة دسااتورية اَلحكااام الموضااوعية لهااا‬
‫للتأك ااد م اان م اادى مطابق ااة مض اامونها م ااع أحك ااام الدس ااتور‪ .‬ويقص ااد برقاب ااة دس ااتورية اَلحك ااام الموض ااوعية‬
‫للمعاهاادة‪ ،‬قيااام المجلااس الدسااتوري بفحااص لمااا تحتويااه ماان أحكااام قانونيااة ماان شااانها التااأثير علااى الم اركااز‬
‫القانونية للمخاطبين بأحكامها لمعرفة مدى اتفاق هذه اَلحكام مع القواعد الدستورية وكذا المبادئ اَلساسية‬
‫والثوابت الوطنية‪ ،3‬زيادة عن عدم مساسها بالحقوق والحريات العامة‪.‬‬

‫أ‪ -‬عدم المساس باألحكام الدستورية والمبادئ األساسية والثوابت الوطنية‪ :‬يسمو الدستور على ما عاداه‬
‫ماان القاوانين والتنظيمااات فااي المنظومااة القانونيااة الجزائريااة‪ ،‬لااذلك فإنااه يتوجااب فااي االتفاقيااات الدوليااة التااي‬
‫تبرمهااا هااذه اَلخيارة مااع غيرهااا ماان الاادول أيااا كااان موضااوعها أن ال تخاارج علااى أحكامااه موضااوعا وروحااا‬
‫لتكااون بااذلك المطابقااة الموضااوعية هااي وجااوب انسااجام أحكااام المعاهاادات الدوليااة أو االتفاقيااات مااع أحكااام‬
‫الدستور وفي الحالة العكسية فإنه ال ياتم التصاديق عليهاا طبقاا َلحكاام الماادة ‪ 367‬مان التعاديل الدساتوري‬
‫لساانة ‪ ،6739‬كمااا أنااه للمجلااس الدسااتوري أن يفصاال بعاادم دسااتورية اتفاقيااات الهدنااة ومعاهاادات الساالم فااي‬
‫حال مساسها بالمبادئ اَلساسية والثوابت الوطنية‪ ،‬حتى وان تمات مراجعاة الدساتور بغارض توافاق أحكاماه‬

‫‪ -1‬أنظاار‪ /‬اربااح بوسااالم‪ :‬المجلــس الدســتوري الجزائــري *تنظيمــه وطبيعتــه*‪ ،‬مااذكرة ماجسااتير تخصااص القااانون العااام‪ ،‬إش اراف أحمااد رحااال‪ ،‬كليااة‬
‫الحقوق جامعة منتوري قسنطينة‪ ،6773-6771 ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ -2‬محمد بوسلطان‪ :‬الرقابة على دستورية المعاهدات في الجزائر‪ ،‬مجلة المجلس الدستوري‪ ،‬عدد‪ ،73‬الجزائر ‪ ،6731‬ص ‪.10‬‬
‫‪ -3‬كمااال حماريط‪ :‬الرقابــة السياســية علــى دســتورية المعاهــدات الدوليــة التــي يصــادق عليهــا رئــيس الجمهوريــة‪ ،‬مااذكرة ماجسااتير خصااص دولااة‬
‫ومؤسسات‪ ،‬إشراف أبو بكر عبد القادر‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الجزائر‪ ،6731-6736 ،73‬ص‪.90‬‬

‫‪71‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫مااع أحكااام المعاهاادات الدوليااة وذلااك عمااال بااالقيود الموضااوعية التااي أكااد المؤسااس الدسااتوري علااى عاادم‬
‫المساس بها في نص المادة ‪ 1636‬من التعديل الدستوري لسنة ‪.6739‬‬

‫بمعنااى أنهااا مبااادئ ال يمكاان أن تكااون بااأي حااال ماان اَلحاوال موضااع تعااديل دسااتوري وأي انتهاااك‬
‫لألحكام التي جاء بها نص هذه المادة يعتبر خروجا على أحكام الدستور نصا وروحا‪ ،‬وهنا سيتوجب على‬
‫المجلااس الدسااتوري التحقااق ماان أن المعاهاادات المبرمااة ماان طاارف الساالطة التنفيذيااة ال تنتهااك هااذه المبااادئ‬
‫كما أنها مبادئ ال يمكن أن تكون قابلة للمراجعة الدستورية وهي مبادئ جديرة بأن تصان لصلتها المباشارة‬
‫بشااكل الدولااة ونظااام الحكاام‪ ،2‬فضااال عاان أن حمايتهااا يعااد حمايااة للقواعااد والقاايم الدسااتورية فااي الدولااة ذاتهااا‬
‫ودعائم الحكم فيها ‪.‬‬

‫ب‪ -‬عدم المساس بالحقوق والحريـات العامـة‪ :‬يعتبار ضامان الحقاوق والحرياات العاماة أهام الركاائز التاي‬
‫تقوم عليها دولة القانون لاذا أقرهاا المؤساس الدساتوري الج ازئاري ضامن فصال كامال فاي الدساتور كماا جعال‬
‫المجلس الدستوري حاميا لها من احتماالت المساس بها أو تقييد ممارستها لتحظى بذلك الحقوق والحرياات‬
‫العامة في الجزائر بحماية دستورية مباشرة من أي سلطة كانت وتحت أي ظرف كان‪.‬‬

‫فال شك أن وجود السلطة ضروري لقيام المجتمع َلن غيابها يؤدي إلى الفوضى وغياب اَلمن إال‬
‫أنه في المقابل هنااك حقاوق وحرياات لألفاراد الباد لهام مان ممارساتها‪ ،‬لاذا وجادت الدسااتير كإطاار للتعاايش‬
‫بين حرية اَلفراد وسلطة الدولة‪ ،‬وتنظايم العالقاة باين السالطة والفارد وعلاى ضاوء تحدياد العالقاة باين الدولاة‬
‫كسالطة و باين الفاارد تتحادد قائمااة الحقاوق والحريااات‪ ،3‬لتكاون باذلك دسااترة حماياة الحقااوق والحرياات العامااة‬
‫من خالل العمل الرقابي للمجلس الدستوري بمثابة ضمانة كفيلاة بحمايتها‪،‬كماا أناه تقيياد المتياازات السالطة‬
‫التنفيذياة بحادود دسااتور الدولاة والاذي طبقااا لاه ال يمكان بااأي حاال مان اَلحاوال أن تخارج تصارفات وأعمااال‬

‫‪ -1‬نصت المادة ‪ 636‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬على أنه‪ « :‬ال يمكن أي تعديل دستوري أن يمس‪:‬‬
‫‪ -3‬الطابع الجمهوري للدولة‪.‬‬
‫‪ -6‬النظام الديمقراطي القائم على التعددية الحزبية‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلسالم باعتباره دين الدولة‪.‬‬
‫‪ -1‬العربية باعتبارها اللغة الوطنية الرسمية‪.‬‬
‫‪ -3‬الحريات اَلساسية وحقوق اإلنسان والمواطن‪.‬‬
‫‪ -9‬سالمة التراب الوطني ووحدته‪.‬‬
‫‪ -0‬العلم الوطني والنشيد الوطني باعتبارهما من رموز الثورة الجزائرية‪.‬‬
‫‪ -9‬إعادة انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة فقط»‬
‫‪ -2‬أنظر ‪ /‬كمال حمريط‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.07‬‬
‫‪ -3‬أحمد كربوعات‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬

‫‪72‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫واجراءات كل السلطات في الدولة عن أحكامه شكلية كانت أو موضوعية‪ ،‬واال حكم عليها بالبطالن لعيب‬
‫عادم الدساتورية ماان طارف المجلااس الدساتوري الااذي يحادد ماان خاالل عملااه الرقاابي نطاقااا واضاحا للحريااات‬
‫العامة للتفرقة بين تقليص نطاق بعض الحريات خالل ظروف معينة وبين االنحراف فاي اساتعمال السالطة‬
‫نحو المساس بها‪ ،‬ومن ثم فإبرام السلطة التنفيذية لالتفاقيات أو المعاهدات الدولية أيا كان موضاوعها فإناه‬
‫ال يجوز دستوريا أن تشمل نصوصها تقييد أو التدخل بتحديد أو المساس بالحريات العامة في الدولاة‪ ،‬واال‬
‫كان مضمونها باطال لمخالفة أحكام الدستور سواء في جانبه الشكلي أو الموضوعي على حد سواء‪.‬‬

‫وماان ثاام يمكاان القااول بااأن المعاهاادة الدوليااة إذا مااا كااان يتصاال موضااوعها بااأمر يتعلااق بااالحقوق‬
‫والحري ااات العام ااة‪ ،‬فإنه ااا يج ااب أن تلت اازم الح اادود والضا اوابط الموض ااوعية الت ااي وض ااعها الدس ااتور‪ ،‬فكفال ااة‬
‫الدسااتور لحااق ماان الحقااوق أو حريااة ماان الحريااات العامااة دون أن يفاارض عليهااا ثمااة قيااد مان القيااود‪ ،‬يعنااي‬
‫التزام الدستور والمعاهدة على حد سواء بعدم التعرض لهذه الحرية أو ذلاك الحاق أو فارض قياود عليهاا وأن‬
‫أي تعرض لهذه الحرية أو ذلك الحق يشكل مخالفة دستورية‪.1‬‬

‫وتجاادر اإلشااارة هنااا إلااى أن المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري لاام يعااالج مسااألة مااا بعااد عاارض موضااوع‬
‫المعاهادة الدوليااة علاى المجلااس الدسااتوري والمتعلقاة بحااال حكاام هاذا اَلخياار بعاادم دساتورية أحكااام المعاهاادة‬
‫المعروضاة عليااه‪ ،‬باساتثناء إشااارة النظاام المحاادد لقواعااد عمال المجلااس الدساتوري فااي ناص المااادة ‪ 71‬منااه‬
‫إلااى أنااه إذا صاارح المجلااس الدسااتوري بعاادم دسااتورية حكاام أخطاار بشااأنه وكااان هااذا الحكاام فااي الوقاات نفسااه‬
‫غير قابل للفصل عان بااقي أحكاام الانص المخطار بشاأنه فاإن الانص الاذي ورد ضامنه الحكام المعناي يعااد‬
‫إلى الجهة المخطرة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة اإللزامية على القوانين العضوية واألنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان‬

‫وف ااي ه ااذا اإلط ااار تكتس ااي القا اوانين العض ااوية نوع ااا م اان الخصوص ااية اإلجرائي ااة والرقابي ااة‪ ،‬ك ااون‬
‫نصوصااها تكميليااة للدسااتور شااارحة لااه وموضااوعاتها تعنااى بمؤسسااات الدولاة أو تنظيمهااا أو كيفيااة إنشااائها‬
‫وعملهاا أو تنظاايم الحيااة السياسااية والنظااام الماالي واَلماان الااوطني‪ ،2‬هاذا وتعااود الكلمااة الفصال فااي مطابقااة‬
‫النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للمجلس الدستوري وفي نفس إطار الرقابة اإللزامية‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬خاموش عمر عبد اهلل‪ :‬دور السلطات الثالثة في حماية الحقوق والحريات‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،6736 ،‬ص‬
‫ص ‪.693-691‬‬
‫‪ -2‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.636-633‬‬

‫‪73‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫أوال‪ :‬رقابـــة المجلـــس الدســـتوري علـــى القـــوانين العضـــوية‪ :‬تاام اسااتحداث فئااة الق اوانين العضااوية بموجااب‬
‫التع ااديل الدس ااتوري لس اانة ‪ 3669‬وأعطاه ااا المؤس ااس الدس ااتوري مركاا از خاص ااا ومتمياا از ف ااي ه اارم المنظوم ااة‬
‫القانونية الجزائرية كونها ترمي بالدرجة اَلولى إلى توضيح بعض أحكام الدستور‪ ،‬لتصنف بذلك في مرتباة‬
‫أعل ااى م اان التشا اريع الع ااادي وأدن ااى م اان الدس ااتور أي أنه ااا تحت اال مكان ااة الوس ااط بينه ااا‪ ،1‬وب اانص المؤس ااس‬
‫الدستوري على هذه الفئة مان القاوانين يكاون قاد تادارك بعاض النقاائص التاي عرفتهاا دسااتير ماا قبال تعاديل‬
‫الدستور سنة ‪ ،3669‬كماا أناه أكاد علاى تحدياد مجالهاا بموجاب أحكاام الماادة ‪ 313‬مان التعاديل الدساتوري‬
‫لساانة ‪ 6739‬حتااى ال تبقااى مجاااال تش اريعيا مفتوحااا دون ضاوابط‪ ،‬لتكااون للبرلم اان باذلك الساايادة فااي إعااداد‬
‫الق اوانين والتصااويت عليهااا بتأكيااد ماان نااص المااادة ‪ 336‬وماان نفااس التعااديل الدسااتوري‪ ،‬كمااا أنااه صاااحب‬
‫االختصااص اَلصايل فاي التشاريع باالقوانين العضاوية فاي المجااالت المحاددة حصا ار فاي الماادة ‪ 313‬مان‬
‫التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ ،6739‬هااذا عاان الساالطة التش اريعية‪ ،‬أمااا رئاايس الجمهوريااة فبإمكانااه فضااال عاان‬
‫اختصاصاه فاي المجااال التنظيماي أن يشاترك مااع البرلماان فاي الوظيفااة التشاريعية وذلاك بااأوامر طبقاا لاانص‬
‫المادة ‪ 316‬من التعديل الدستوري لسنة ‪.6739‬‬

‫أ‪-‬إجراءات الرقابة اإللزامية على القوانين العضوية‪ :‬رقابة المجلس الدستوري علاى القاوانين العضاوية هاي‬
‫رقاباة إلزامياة تاتم بعااد إقارار البرلماان للقااانون وقبال إصاداره ماان طارف رئايس الجمهوريااة‪ ،‬وذلاك للتحقاق ماان‬
‫مطابقته للدستور بعد إق ارره ويرجع وجاوب العارض للمطابقاة إلاى أهمياة هاذه القاوانين وعلاو مكانتهاا‪ ،2‬وهاي‬
‫رقابااة أوجبهااا فااي النظااام الدسااتوري الج ازئااري نااص المااادة ‪ 313‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬وهااذا‬
‫معنااه وجااوب خضاوع القاوانين العضااوية للرقاباة اإللزاميااة السااابقة مان طاارف المجلااس الدساتوري ليباادي هااذا‬
‫اَلخير راية وجوبا في دستوريتها‪.‬‬

‫يتم تحرياك إجاراءات الرقاباة الساابقة –المطابقاة‪ -‬علاى القاوانين العضاوية أماام المجلاس الدساتوري‬
‫بإخطار هذا اَلخير برسالة تحيل مشروع القانون العضوي ليبت في مطابقته للدستور وذلك بموجب أحكاام‬
‫الم ااادة ‪ 71/313‬وك ااذا الم ااادة ‪ 6/399‬م اان التع ااديل الدس ااتوري لس اانة ‪ 6739‬به اادف الحف اااظ علا اى اَلما اان‬
‫التشريعي القائم بعدم تعريضه للمراجعة المستمرة وأن تتمتاع اَلوضااع القانونياة أو اَلوضااع القائماة بثباات‬
‫كاااف‪ ،‬إذ يحتاااج الفاارد كمااا القاانون الااذي يخضااع لااه إلااى اسااتقرار والااى ضاامانة أن مااا يعتباار حقااا فااي وقاات‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬رشيدة العام‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬ماجد راغب الحلو‪ :‬دستورية القوانين‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية مصر‪ ،6739 ،‬ص‪.377‬‬

‫‪74‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫محاادد ل اان يع اااد النظ اار في ااه الحقااا‪ ،1‬فض ااال عل ااى أن ااه به ااذا الن ااوع ماان الرقاب ااة عل ااى دس ااتورية القا اوانين ي ااتم‬
‫االستيثاق من كونها متوافقة مع أحكام الدستور وذلك قبل إصدارها‪ ،‬ورغم أنها رقابة إلزامية إال أنهاا ليسات‬
‫تلقائية وانما تتم بناء على طلب من رئيس الجمهورية الذي يجاب علياه االلتازام بإحالاة مشاروع القاانون قبال‬
‫إصداره إلى المجلس الدستوري‪.2‬‬

‫بمعنى أن إحالة مشروع القانون العضوي على المجلس الدستوري من طرف رئيس الجمهورية أمر‬
‫إل ازمااي ال تاادخل فيااه الساالطة التقديريااة لهااذا اَلخياار باال هااو ملاازم دسااتوريا بالقيااام بااذلك‪ ،‬وتأسيسااا عليااه فااإن‬
‫تحريك رقابة المجلس الدستوري على هذا النوع من القوانين ال يتوقف على مسألة دستورية القاانون فاي حاد‬
‫ذاته بل هو أمر إلزامي بنص دستوري‪ ،‬ويمكن رد حصر اإلخطار اإللزامي في شخص رئايس الجمهورياة‬
‫إلى كونه حامي الدستور وما القوانين العضوية إال امتداد وتكملة له‪ ،‬لاذا فمان واجاب رئايس الجمهورياة فاي‬
‫هذه الحالة التأكاد مان مطابقتهاا للدساتور مان خاالل عرضاها علاى المجلاس الدساتوري إلباداء أرياه فيهاا كماا‬
‫هو منصوص عليه في أحكام المادة ‪ 393‬من التعديل الدستوري لسانة ‪ .6739‬وكاذلك هاو الحاال بالنسابة‬
‫للنظام الفرنسي إال أن وجه االختالف يكمن في الجهة المخطرة للمجلس الدساتوري فارغم أناه لام ياتم الانص‬
‫ص اراحة فااي الدسااتور الفرنسااي علااى الجهااة التااي يعااود لهااا اختصاااص إحالااة هااذا النااوع ماان الق اوانين علااى‬
‫المجلااس الدس ااتوري إال أن المااادة ‪ 3/30‬م اان القااانون العض ااوي للمجلااس الدس ااتوري الفرنسااي‪ ،3‬ق ااد ح ااددت‬
‫الجهة المخولة بإحالة القوانين العضوية للرقابة في شخص الوزير اَلول‪.‬‬

‫والمالحظ عند الرجوع إلى الدستور الجزائري والنظاام المحادد لقواعاد عمال المجلاس الدساتوري عادم‬
‫وجود نص يحدد آجال المراجعاة اإللزامياة لقاوانين العضاوية أماام المجلاس الدساتوري بعاد مصاادقة البرلماان‬
‫عليهااا‪ ،‬فالمااادة ‪ 311‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬حااددت أجاال الثالثاين ‪ 17‬يومااا إلصاادار القااانون‬
‫ابتداء من تاريخ استالمه‪ ،‬غير أن هذا اَلجل يتوقف آلياا فاي حاال إخطاار المجلاس الدساتوري مان طارف‬
‫رئاايس الجمهوريااة بشااأنه‪ ،‬أو ماان أحااد الهيئااات المخااول لهااا دسااتوريا إخطاااره إن كااان اَلماار يتعلااق بغياار‬
‫القوانين العضوية‪.‬‬

‫تبع ااا ل ااذلك ف ااإن إحال ااة مش ااروع الق ااانون العض ااوي أم ااام المجل ااس الدس ااتوري يع ااود للس االطة التقديري ااة لا ارئيس‬
‫الجمهورياة‪ ،‬وَلن القاوانين العضاوية فئاة تهاتم بتنظايم السالطات وكاذا الهيئاات ومختلاف المجااالت الحساساة‬

‫‪ -1‬مراد رداوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.333-337 ،‬‬


‫‪ -2‬سلمية مسراتي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.311 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Art (17/1) de la loi organique du conseil constitutionnel française; "les lois organique adoptées par le‬‬
‫‪parlement sont transmises au conseil constitutionnel par le premier ministre..».‬‬

‫‪75‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫فااي الدولااة كااان يفتاارض بالمؤسااس الدسااتوري الج ازئااري أن يوليهااا قااد ار اكباار ماان االهتمااام بخصااوص مهلااة‬
‫إحالتها للرقابة من قبل المجلس الدستوري وأن ال يدع أمر ذلك خاضع إل اردته الحرة بال قيد زمني‪!...‬؟‬

‫كما أنه كان من باب أولى إحالاة مشاروع القاانون العضاوي إلاى المجلاس الدساتوري قبال المصاادقة‬
‫عليه من طرف البرلمان للتحقق أوال من مطابقته للدستور مثل ما هو معمول باه فاي النظاام الفرنساي‪ ،‬هاذا‬
‫وقااد حاادد المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري أجاال الثالث اين ‪ 17‬يومااا كحااد أقصااى يتوجااب خاللااه علااى المجلااس‬
‫الدستوري إبداء رأيه في مشروع القانون المحال إليه من طرف رئيس الجمهورية وذلك بدءا من تاريخ إيداع‬
‫رسااالة موضااوع اإلخطااار لاادى مصااالح اَلمانااة العامااة للمجلااس الدسااتوري‪ ،‬وفااي حااال حاادوث طااارئ يمكاان‬
‫لرئيس الجمهورية طلب تخفيض هذا اَلجل إلى عشرة ‪ 37‬أيام‪ ،1‬في حين نجد أن نظياره الفرنساي قاد حادد‬
‫المهلة بثالثين ‪ 17‬يوماا كماا يمكان للحكوماة أن تطلاب تقصاير هاذه المادة باختصاارها إلاى ثمانياة ‪ 79‬أياام‬
‫وفقا َلحكام المادة ‪ 1/63‬من الدستور الفرنسي النافذ‪.2‬‬

‫ب‪ -‬ضـــوابط خضـــوع القـــوانين العضـــوية لرقابـــة المطابقـــة‪ :‬إذا حص اال اتف اااق ب ااين غرفتا اي البرلم ااان وت اام‬
‫التصااويت علااى القااانون العضااوي يبقااى شاارط ضاارورة عرضااه علااى المجلااس الدسااتوري قباال إصااداره ونشاره‬
‫قائمااا‪ ،‬وهااذا يعنااي أن المجلااس الدسااتوري ال يت اولى فقااط مراقبااة مطابقتااه للدسااتور وانمااا فحااص دسااتورية‬
‫اإلجاراءات التااي اتبعاات عنااد المصااادقة عليااه‪ ،3‬حيااث ياارى اَلسااتاذ "مصااطفى قلااوش" أن هناااك نااوعين ماان‬
‫الرقابة على القوانين التنظيمية (القوانين العضوية) فيجعال مان أحادها رقاباة أصالية والثانياة رقاباة عرضاية‬
‫ويقصد بالرقابة اَلصلية الرقابة التي يمارسها المجلس الدستوري بناء علاى إحالاة وجوبياة مان أجال التقريار‬
‫بصافة أصاالية بااأن القاانون ال يتضاامن مااا يتعاارض مااع الدسااتور‪ ،‬وفاي إطااار هااذا الانمط ماان الرقابااة يملااك‬
‫المجلس الدستوري حق النظر في القوانين المعروضة عليه من ناحية الشكل والجوهر من أجل تبيين مادى‬
‫اتفاقها أو مخالفتها مع مقتضيات الدساتور وأحكاماه والتاي تقابلهاا الرقاباة العرضاية ويقصاد بهاا تلاك الرقاباة‬
‫التااي يمارسااها المجلاس الدسااتوري ماان غياار أن يكااون مطلوبااا منااه النظاار فااي دسااتورية القاوانين"‪ ،4‬ساانتطرق‬
‫ماان خااالل العناصاار أدناااه إلااى إج اراءات رقابااة المجلااس الدسااتوري لمشااروع الق اانون العضااوي ماان جوانبااه‬
‫الشكلية والموضوعية‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 3/396‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- voir l'art 61/3 de la constitution française ;constitution de 04 octobre 1958 ;JORF n°0238 du 05 octobre 1958‬‬
‫‪;modifié par la loi constitutionnelle n°2008-724 du 23 juillet 2008,OP ,cit.‬‬
‫‪ -3‬الياس جوادي‪ :‬دور المجلس الدستوري في رقابة دستورية القوانين وصحة االنتخابات البرلمانية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 96‬‬
‫‪ -4‬جمال بن سالم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.639‬‬

‫‪76‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫‪-2‬إج ـراءات المطابقــة فــي جانبهــا الشــكلي(اإلجرائي)‪ :‬ق اوام وجااوهر الع اوار الشااكلي هااو مخالفااة أو عاادم‬
‫م ارعااة اَلوضااع الشاكلية التاي يتطلبهاا الدساتور فااي القاوانين‪ ،‬فالرقاباة علاى دساتورية القاوانين بصافة عامااة‬
‫تقااوم أوال عل ااى تا اوافر اَلوض اااع الش ااكلية الت ااي يتطلبه ااا الدسااتور ف ااي القا اوانين جميعه ااا‪ ،‬وه ااو يعتب اار س ااابقا‬
‫بالضرورة على الخوض في اتفاقها أو تعارضها مع اَلحكام الموضوعية للدستور‪.1‬‬

‫وعلى هذا اَلساس يعتبر اإلخطار الوجوبي أحاد أهام خصاائص رقاباة المطابقاة وأحاد أهام اآللياات‬
‫التااي نااص عليهااا الدسااتور بشااأنها‪ ،‬وهااو مااا يجعاال هااذا النااوع ماان الرقابااة قبليااة أو سااابقة علااى إصاادار‬
‫القااانون‪ ،2‬وبناااء علااى هااذا الشاارط المعياااري والااذي يعتباار شاارطا أساساايا فااي رقابااة المطابقااة يباادأ دائمااا رد‬
‫المجلااس الدسااتوري فااي أ ارئااه بخصااوص مطابقااة مشااروع القااانون العضااوي المعااروض عليااه للدسااتور ماان‬
‫عدمها بقوله‪" :‬بناء على إخطار رئيس الجمهورية" ومثاال ذلاك ماا ورد فاي رأي المجلاس الدساتوري المتعلاق‬
‫بمراقبة القانون العضوي المعدل والمتمم للقانون العضوي رقم ‪ 37-39‬المتعلاق بنظاام االنتخاباات قولاه أن‬
‫المجلاس الدساتوري بنااء علاى إخطاار رئايس الدولاة طبقاا َلحكاام الماادتين ‪ 1/313‬و‪ 6/399‬مان الدساتور‬
‫بالرسااالة المؤرخااة فااي ‪ 31‬ساابتمبر ساانة ‪ 6736‬والمسااجلة باَلمانااة العامااة للمجلااس الدسااتوري بتاااريخ ‪31‬‬
‫ساابتمبر ساانة ‪ 6736‬تحاات رقاام ‪391‬قصااد مراقبااة مطابقااة القااانون العضااوي الااذي يعاادل ويااتمم القااانون‬
‫العضوي رقم ‪ ،337-39‬وذلك في تأكيد مان المجلاس الدساتوري علاى التازام رئايس الجمهورياة بتحرياك هاذا‬
‫النوع من الرقابة وأن اإلخطار الوجوبي في مثل هذا النوع من مشاريع القوانين موجه من رئيس الجمهورياة‬
‫أو رئيس الدولة في الحالة االستثنائية ليخلص المجلس إلى أن هذه اآللية تمت وفقا َلحكام الدساتور النافاذ‬
‫ووفقا لذلك فهو مطابق للدستور من الناحية اإلجرائية فيما يخص جهاة اإلخطاار‪ ،‬غيار أن اَلمار ال يقاف‬
‫عند هذا الحد فمشاروع القاانون العضاوي يمار أثنااء عرضاه لرقاباة المطابقاة أماام المجلاس الدساتوري بجملاة‬
‫من المراحل يراقب خاللها هذا اَلخير سائر اإلجراءات التي تحكم عملياة تشاريعه وهاو ماا سانتطرق لاه فاي‬
‫اآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.967‬‬


‫‪ -2‬محمااد بوماادين‪ :‬آليــات رقابــة المطابقــة التــي يمارســها المجلــس الدســتوري طبقــا للتعــديل الدســتوري ‪ ،2222‬مجلااة الحقيقااة للعلااوم اإلنسااانية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬العدد ‪ ،71‬ديسمبر ‪ ،6736‬ص‪.73‬‬
‫‪ -3‬الارأي رقاام ‪ /73‬ر‪.‬ق‪.‬ع‪/‬م‪ ،‬د‪ 36/‬مااؤرخ‪ ،‬فااي ‪ 31‬محاارم عااام ‪ ،3113‬الموافااق ‪ 31‬ساابتمبر ساانة ‪ ،6736‬يتعلااق بمراقبااة مطابقااة القااانون العضااوي‬
‫المعاادل والمااتمم للقااانون العضااوي رقاام ‪ 37-39‬المااؤرخ فااي ‪ 66‬ذي القعاادة عااام ‪ 3110‬الموافااق ‪ 63‬غشاات ساانة ‪ 6739‬والمتعلااق بنظااام االنتخابااات‬
‫للدستور‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫‪ -‬يتحقق المجلس الدستوري من أن نص القانون العضوي موضاوع اإلخطاار قاد تام إعاداده وفقاا لماا يانص‬
‫علياه الدساتور مان شاروط ومان بينهاا عرضاه علاى مجلاس الدولاة وكاذا مجلاس الاوزراء طبقاا َلحكاام المااادة‬
‫‪ 319‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬ووفقا لذلك يكون مطابقا للدستور من الناحية الشكلية‪.‬‬

‫‪ -‬فضال عن التأكد من أن القانون العضوي موضوع اإلخطار قاد تمات المصاادقة علياه باَلغلبياة المطلقاة‬
‫للنواب وأعضاء مجلس اَلمة وهو إجراء جوهري معمول به من طارف المجلاس الدساتوري فاي رقابتاه لمثال‬
‫هذا النوع من القوانين‪ ،‬ويجب أن يكون ذلك فاي مناقشاة علنياة تاتم خاللهاا المصاادقة علياه بنسابة اَلغلبياة‬
‫المطلقااة م اان طاارف غرفت ااي البرلمااان طبق ااا َلحكااام الم ااادة ‪ 6/313‬ماان التع ااديل الدسااتوري لس اانة ‪،6739‬‬
‫بمعنى أن تفوق نسبة التصويت على مشروع القانون العضوي‪ 37 %‬في كل مجلس على حدا‪.‬‬

‫ويتأكد المجلس الدستوري من حصول القانون العضوي بعد الدراسة والمناقشاة علاى نسابة تصاويت‬
‫اَلغلبيااة المطلقااة لن اواب المجلااس الشااعبي الااوطني وكااذا أعضاااء مجلااس اَلمااة ماان خااالل م ارساالة رساامية‬
‫لرئيس المجلس الشعبي الوطني يطلب مناه تأكياد حصاول الانص علاى اَلغلبياة المطلوباة دساتوريا‪ ،‬اعتباا ار‬
‫أن المجلااس الدسااتوري يتأكااد عنااد إخطاااره بااالقوانين العضااوية وقباال الفصاال فااي مطابقتهااا شااكال وموضااوعا‬
‫للدستور‪ ،‬وعلى ضوء ذلك يعتمد المجلس الدستوري في أرائه بخصوص هذا النوع من القوانين على مراعاة‬
‫الجانااب الشااكلي الخاااص بالنصاااب قباال تناااول الموضااوع بالد ارسااة‪َ .1‬لن إجاراء التشاريع فااي إطااار القاوانين‬
‫العضااوية ال يقااف عنااد حااد االقت اراح والمناقشااة باال إن حياااة الاانص القااانوني تتطلااب أن تااتم الموافقااة علااى‬
‫مشروع القانون ككل عن طريق التصويت وفاق إجاراءات رسامها الدساتور ضامن ساياق معاين ياأتي التعبيار‬
‫عنااه فااي رد المجلااس الدسااتوري عاان رسااالة موضااوع اإلخطااار بشااأنه ونااورد مثاااال ماان نفااس الاانص السااابق‬
‫الذكر (رأي رقم ‪/76‬م‪.‬د‪ )36/‬في الشكل‪ :‬واعتبا ار أن القانون العضوي موضاوع اإلخطاار المعاروض علاى‬
‫المجلااس الدسااتوري قصااد مراقبااة مطابقتااه للدسااتور كااان مشااروعه موضااوع مناقشااة وفقااا للمااادة ‪ 319‬ماان‬
‫الدس اتور ماان طاارف المجلااس الشااعبي الااوطني ومجلااس اَلمااة وحصاال وفقااا للمااادة ‪( 313‬الفق ارة ‪ )76‬ماان‬
‫الدستور على مصادقة المجلس الشعبي الوطني في جلسته المنعقدة بتاريخ ‪ 31‬سبتمبر سنة ‪ 6736‬خالل‬
‫دورة البرلماان العاديااة المفتوحااة بتااريخ ‪ 71‬ساابتمبر ‪ ،6736‬وكنتيجااة منطقيااة لاذلك فإنااه إذا خااالف القااانون‬
‫العضوي هذا اإلجراء تعين على المجلس الدستوري إبطاله بسبب عيب عدم الدساتورية الشاكلية‪ ،‬وفاي حاال‬
‫ما إذا حصل بشأن القانون العضاوي خاالف باين غرفتاي البرلماان علاى تقريار اللجناة المتسااوية اَلعضااء‬

‫‪ -1‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬ص ‪.633‬‬

‫‪78‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫والدليل على ذلك ما أكاده المجلاس الدساتوري فاي أرياه المتعلاق بمراقباة مطابقاة القاانون العضاوي المتضامن‬
‫القانون اَلساسي للقضاء الدستوري لعام ‪.1 6776‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق يمكننا القول أن عياب اإلجاراءات ال يتحقاق إال إذا تمات مخالفاة اإلجاراءات‬
‫المنصوص عليها في الدستور‪ ،‬ومن المقرر أنه إذا خرجت سلطة التشريع عن القواعد الشكلية التي رسمها‬
‫الدسااتور بعمليااة التش اريع فيمااا يتعلااق باااقتراح التش اريع أو اقت ارحااه أو إق ا ارره أو إصااداره‪ ،‬فااإن ج ازاء الاابطالن‬
‫يترتااب علااى هااذا الخااروج تأسيسااا علااى الطبيعااة اآلم ارة للقواعااد الدسااتورية‪ ،‬وقااد فاارق الاادكتور "عبااد الاارزاق‬
‫السنهوري" بين القواعد الجوهرية والقواعد غيار الجوهرياة وبعباارة أخارى فاإن اإلجاراءات الشاكلية الاواردة فاي‬
‫الدسااتور منهااا الجااوهري ومنهااا غياار الجااوهري‪ ،‬وأن تحدياد اَلثاار المترتااب علااى قيااام العيااب الشااكلي يتوقااف‬
‫عل ااى التفرق ااة داخ اال ه ااذه اإلجا اراءات ب ااين الج ااوهري منه ااا وغي اار الج ااوهري ب ااالنظر إل ااى الغاي ااة م اان وض ااع‬
‫اإلج اراء‪ .2‬إال أن اَلسااتاذ "حساان مصااطفى البحااري" ي ارى أن التفرقااة بااين اإلج اراءات الجوهريااة واإلج اراءات‬
‫غياار الجوهريااة تجااد مجالهااا الطبيعااي فااي القضاااء اإلداري‪ ،‬ولكاان هااذه التفرقااة ال مكااان لهااا فااي القضاااء‬
‫الدساتوري فااال محال للتمييااز فاي مجااال اَلوضاااع واإلجاراءات التااي رسامها الدسااتور باين أوضاااع واجاراءات‬
‫شاكلية جوهريااة وأخارى غياار جوهرياة وذلاك َلن الدسااتور حينمااا يقارر حكمااا ساواء تعلاق بأوضاااع شااكلية أم‬
‫اتصال الموضااوع محاال التنظاايم فااإن الساالطة المؤسسااة إنمااا تفصااح بااذلك عاان أهميااة ولاازوم تطبيقااه وهااو مااا‬
‫يعنااي أن جميااع الشااكليات واإلج اراءات التااي وردت فااي الوثيقااة الدسااتورية هااي المرجااع اَلساااس مراعاتهااا‬
‫والتقيااد بهااا‪ 3‬بمعناى أن القواعااد اإلجرائيااة الاواردة فااي الدسااتور هااي المرجااع اَلساااس للمجلااس الدسااتوري فااي‬
‫عمله الرقابي وعيب الشكل ال يتحقق إال بوقوع المخالفة اإلجرائية للشروط الشكلية التي حددها الدستور‪.‬‬
‫‪ -2‬إجراءات المطابقة في جانبها الموضوعي‪ :‬بعد تأكد المجلس الدستوري مان مطابقاة الجاناب اإلج ارئاي‬
‫لسن القانون العضوي للدستور ينتقل لدراسة الجاناب الموضاوعي للتأكاد مان مطابقتاه هاو اآلخار لماا ناص‬
‫عليااه الدسااتور ويضاام عنصاار االختصاااص ذو االرتباااط المباشاار بمباادأ الفصاال بااين الساالطات الااذي يكفاال‬
‫تحديااد مهااام كاال واحاادة ماان الساالطات علااى حاادا‪ ،‬بهاادف قيااام كاال ساالطة باختصاصاااتها علااى نحااو يمنااع‬
‫اعت ااداء أي سا االطة علاااى مهاااام أو اختصاص ااات غيرها ااا لهاااذا نج ااد أن مص اادر اختصاصا اااتها هاااو الااانص‬
‫الدسااتوري بالدرج ااة اَلول ااى‪ ،‬واَلص اال ف ااي الدس ااتور الج ازئااري أن اختص اااص س اان القا اوانين العض ااوية يع ااود‬
‫للسلطة التشريعية كاختصاص أصيل بناء على نصوص صريحة ومحددة المجاالت والى رئيس الجمهورية‬

‫‪ -1‬محمد بومدين‪ :‬آليات رقابة المطابقة التي يمارسها المجلس الدستوري طبقا للتعديل الدستوري ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.999-993‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬حسن مصطفى البحري‪ :‬القضاء الدستوري‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،6730 ،3‬تهميش ص ‪.330‬‬

‫‪79‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫كاستثناء وان حدث وصادر قاانون عضاوي خالفاا لهاذه القواعاد فإناه يتعاين علاى المجلاس الدساتوري إبطالاه‬
‫كونااه معيااب بعاادم االختصاااص بصاادوره ماان ساالطة غياار مختصااة‪ .‬وبااالعودة َلحكااام المااادة ‪11/313‬ماان‬
‫التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬وبتمعنهااا نجااد أنهااا أوجباات خضااوع القاوانين العضااوية لرقابااة المطابقااة فااي‬
‫حااين أن المااادة ‪ 26/399‬ماان نفااس التعااديل الدسااتوري أوجباات خضااوعها لرقابااة الدسااتورية وتقيااد المجلااس‬
‫الدستوري بما جاء في أحكام الدستور أثناء رقابته لهذه الطائفة من القوانين يجعلها تخضع لرقاباة المطابقاة‬
‫ولرقابة الدستورية معا وهاذا خطاأ يجادر بالمؤساس الدساتوري تداركاه فاي التعاديل الدساتوري المرتقاب‪ ،‬وذلاك‬
‫بتوحيد المصطلحات في نصي المادتين خاصة وأن الفرق بين الرقابيتين شاسع سواء من حيث اإلجاراءات‬
‫أو من حيث المجال فضال عن أن الرقاباة الدساتورية تعناي عالقاة تبعياة القاانون للدساتور‪ ،‬أي أن البرلماان‬
‫ملزم بعدم اتخاذ قواعد قانونية غير متوافقة مع الدستور أو مخالفة لاه مماا يترتاب عناه إمكانياة المشارع فاي‬
‫وضع واتخاذ التادابير التشاريعية المناسابة وحتاى غيار الموجاودة فاي الدساتور‪ ،‬بينماا عالقاة المطابقاة بصافة‬
‫عامة تعني التأكيد بأن القانون يخضع للدستور وهذا يعني أن البرلمان ليس مجبار فقاط بعادم وضاع قواعاد‬
‫قانونية غير مخالفة للدستور بل وتكون هذه القواعد مطابقة للدستور‪.3‬‬
‫واذا كا ااان المؤسا ااس الدسا ااتوري قا ااد حا اادد النصا ااوص التا ااي تخضا ااع لرقابا ااة المطابقا ااة فا ااإن المجلا ااس‬
‫الدستوري قد بين بدوره المقصود من مفهوم رقابة المطابقة بأنه يقتضي أن يكون الانص موضاوع اإلخطاار‬
‫قااد ذكاار فااي أحكامااه وعب ار بأمانااة ضاامنها عمااا ورد فااي المبااادئ الدسااتورية المعتمااد عليهااا وعاان الخطااة‬
‫البياني ااة المض اامنة ف ااي القواع ااد الدس ااتورية الت ااي يس ااتنبط منه ااا ج ااوهره‪ ،4‬وف ااي نف ااس الس ااياق ذك اار المجل ااس‬
‫الدستوري بأن كل قانون السيما العضوي منه يجب أال تتخطى أحكامه الحدود الدستورية حتى ال تتعارض‬
‫مااع روح الدسااتور ذاتااه‪ .5‬وتجساايدا لااذلك أكااد المجلااس الدسااتوري بمناساابة أريااه حااول مراقبااة مطابقااة القااانون‬
‫العضااوي المتعلااق بتنظاايم المجلااس الشااعبي الااوطني ومجلااس اَلمااة وعملهااا وكااذا العالقااات الوظيفيااة بينهمااا‬
‫وبااين الحكومااة علااى إعااادة صااياغة عنااوان مشااروع القااانون العضااوي بقولااه‪" :‬يعااد عناوان القاانون العضااوي‬

‫‪ -1‬تنص المادة ‪ 1-313‬من التعديل الدستوري لسنة ‪6739‬على أنه‪« :‬يخضع القانون العضوي لمراقبة مطابقة النص مع الدستور من طرف‬
‫المجلس الدستوري قبل صدوره»‪.‬‬
‫‪ -2‬تنص المادة ‪ 6-399‬من نفس التعديل الدستوري على أنه‪« :‬يبدى المجلس الدستوري‪ ،‬بعد أن يخطره رئيس الجمهورية رأيه وجوبا في دستورية‬
‫القوانين العضوية بعد أن يصادق عليها البرلمان‪.»..‬‬
‫‪ -3‬سليمة مسراتي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪319‬و‪.310‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Dominique ROUSSEAU; droit du contentieux constitutionnel, Op, cit, 161.‬‬
‫‪ -5‬عبد القادر شربال‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪80‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫مطابقا جزئيا للدستور‪ ،‬وتعاد صاياغته كااآلتي‪ :‬قاانون عضاوي رقام ‪...‬ماؤرخ فاي‪ ،...‬يحادد تنظايم المجلاس‬
‫الشعبي الوطني ومجلس اَلمة وعملها وكذا العالقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة"‪.1‬‬
‫وهااو اَلماار الااذي أكااده فااي رده علااى مطابقااة القااانون العضااوي المتعلااق بتحديااد شااروط وكيفيااات‬
‫تطبيق الدفع بعم الدستورية للدستور بقوله‪" :‬يعد عنوان الفصل الثاني مطابقا جزئيا للدساتور‪ "...‬وقاد اساتند‬
‫المجلس الدستوري في ذلك إلى أن العنوان ال يعكس مضمون المواد المدرجة ضمنه وطلب إعادة صياغته‬
‫كماا يلاي‪" :‬الفصال الثااني شااروط وكيفياات ممارساة الادفع بعادم الدسااتورية"‪.2‬هاذا وتمتاد المالحظاات الرقابيااة‬
‫للمجلاس الدسااتوري فااي جانبهااا الموضااوعي إلااى كاال أقساام مشااروع القااانون العضااوي المعااروض عليااه وكااذا‬
‫إلى صياغة المصطلحات الواردة فاي نصوصاه باعتبارهاا اَلرضاية التاي تقاوم عليهاا أساس الانص القاانوني‬
‫لما لها من أثر في معناه‪ ،‬كما أن هدف رقابة المطابقة من ذلك هو احترام حرفياة المصاطلحات الدساتورية‬
‫في النص القانوني حتى ال يخرج هذا اَلخير عن المعنى المقصود به في الوثيقة الدستورية ومثال ذلك ما‬
‫جاء فاي رد المجلاس الدساتوري عناد تطرقاه للفصال فاي مطابقاة دساتورية مشاروع القاانون العضاوي المتعلاق‬
‫بالنظام الداخلي لمجلس اَلمة‪ ،‬للدستور قوله‪" :‬فيما يخص مصطلح "إيفاد" الوارد في المادة ‪ 36‬من النظام‬
‫الااداخلي لمجلااس اَلمااة موضااوع اإلخطااار‪ :‬اعتبااار أن مجلااس اَلمااة باسااتعماله مصااطلح إيفاااد فااي المااادة‬
‫المذكورة أعاله‪ ،‬واقا ارره إجاراء تقاديم اللجناة الدائماة طلاب إيفااد بعثاة اساتعالمية مؤقتاة‪ ،‬فإناه لام يعبار بأماناة‬
‫عاان مصااطلح "تشااكيل" المكاارس دسااتوريا وبااذلك يكااون قااد أضاافى معنااى مغاااي ار لمااا ورد فااي المااادة ‪311‬‬
‫(الفقرة ‪ )6‬من الدستور ومختلفا عن المعناى المقصاود مان محتاوى الماادة ‪ 36‬مان النظاام الاداخلي موضاوع‬
‫اإلخطااار التااي تفيااد إمكانيااة تشااكيل اللجنااة الدائمااة للبعثااة االسااتعالمية المؤقتااة‪ ،‬اَلماار الااذي يعتباار سااهوا‬
‫يتعين تداركه‪.3‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن مفاد المطابقة الدستورية الحرفياة لايس النقال الحرفاي لعباارات الدساتور وانماا‬
‫هااي مطابقااة حرفيااة للمصااطلحات اَلساسااية والمعب ارة عاان الحكاام الدسااتوري فحسااب‪َ ،‬لن النقاال الحرفااي ال‬
‫يشااكل تجساايدا وتطبيقااا لهااا‪ ،‬باال إن نسااخ اَلحكااام الدسااتورية بصااياغتها إلااى تلااك النصااوص يشااكل خط ا ار‬

‫‪ -1‬رأي رقم ‪/71‬ر‪.‬ق‪.‬ع‪/‬م‪.‬د‪ 39/‬مؤرخ في ‪ 79‬ذو القعدة ‪ ،3110‬الموافق ‪ 33‬غشت ‪ 6739‬يتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي الذي يحدد‬
‫تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس اَلمة وعملها وكذا العالقات الوظيفية بينها وبين الحكومة ‪.‬للدستور‪.‬‬
‫‪ -2‬رأي رقم ‪/71‬ر‪.‬ق‪.‬ع‪/‬م‪.‬د‪ 39/‬مؤرخ في ‪ 67‬ذي القعدة عام ‪ ،3116‬الموافق ‪ 76‬غشت سنة ‪ 6739‬يتعلاق بمطابقاة القاانون العضاوي الاذي يحادد‬
‫شروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية للدستور الجزائري‪ ،‬عدد ‪.31‬‬
‫‪ -3‬رأي رقام ‪/76‬ر‪.‬ن‪.‬د‪/‬م‪.‬د‪ 30/‬ماؤرخ فاي أول ذي القعادة عاام ‪ 3119‬الموافاق‪ 63‬يوليااو سانة ‪ ،6730‬يتعلاق بمراقباة النظاام الاداخلي لمجلاس اَلماة‪،‬‬
‫للدستور‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪.16‬‬

‫‪81‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫عليهااا‪ .1‬وعليااه يمكننااا القااول أن تش اريع الق اوانين العضااوية يخضااع لقواعااد –دسااتور‪ -‬أعلااى منااه وال تملااك‬
‫السلطة التشريعية لها خالفا‪ ،‬بل هو شيء خارج عن حدود سلطتها التقديرية ومن ثم فإن نصوص القاانون‬
‫العضااوي ال تكااون صااحيحة بمجاارد ساانها ومصااادقة البرلمااان عليهااا‪ ،‬وال يمكاان أن تكااون كااذلك حتااى مااع‬
‫موافقتهااا الحرفيااة لنصااوص الدسااتور باال يجااب أن تتفااق مااع روح الدسااتور أيضااا حتااى يسااتطيع المجلااس‬
‫الدستوري الحكم بأن ما ورد في مشروع القانون العضوي المعروض عليه بأنه مكمل للدستور‪.‬‬
‫وعن وجوب تطابق التشريع مع المعنى المصرح به فاي الانص الدساتوري يارى اَلساتاذ "السانهوري"‬
‫أن ثمة مبادئ عليا تسود الدستور وتهيمن على جميع أحكامه وهاذه المباادئ العلياا هاي روح الدساتور التاي‬
‫تستخلص استخالصا موضوعيا من نصوصه المدونة‪ ،‬ومتى تم استخالصها كان علاى الشاارع أن يلتزمهاا‬
‫في تشريعاته وأن يتجنب االنحراف عنها فيما له من سلطات تقديرية‪.2‬‬
‫وتجساايدا لااذلك تمتااد رقابااة المجلااس الدسااتوري أيضااا أثناااء رقابتااه لنصااوص م اواد القااانون العضااوي‬
‫المعااروض عليااه لتشاامل رقابااة التأشاايرات وماادى ارتباطهااا بالقااانون موضااوع اإلخطااار‪ ،‬فااإن حاادث واسااتدلت‬
‫الس االطة التشا اريعية بس ااند ال عالق ااة ل ااه بموضا اوع اإلخط ااار حك اام المجل ااس الدس ااتوري بض اارورة حذف ااه م اان‬
‫التأشاايرات وماان ذلااك مااا جاااء فااي أريااه حااول مطابقااة القااانون العضااوي المتعلااق بااالمجمع الج ازئااري للغااة‬
‫اَلمازيغي ااة للدس ااتور حي ااث ارت ااأى ض اارورة ح ااذف اإلس ااناد ف ااي تأش اايرة ه ااذا الق ااانون إل ااى الق ااانون المتعل ااق‬
‫باختصاصاات مجلااس الدولااة وتنظيمااه وعملااه وذلاك بقولااه‪" :‬اعتبااار أن القااانون العضااوي ‪ 73-69‬المتعلااق‬
‫باختصاصااات مجلااس الدولااة وتنظيمااه وعملااه ال يشااكل سااند للقااانون العضااوي موضااوع اإلخطااار حيااث أن‬
‫اَلخااذ ب ارأي مجلااس الدولااة منصااوص عليااه فااي المااادة ‪( 319‬الفق ارة ‪ )1‬ماان الدسااتور وساابقت اإلشااارة إليااه‬
‫وبالتالي فإن إدراج هذا القانون العضوي ضمن التأشيرات بعد سهوا يتعين تداركه‪.3‬‬
‫كمااا ارتاأى المجلااس الدسااتوري عاادم االسااتناد إلااى المااادة ‪ 76-311‬ماان الدسااتور ضاامن التأشاايرات‬
‫المتعلقااة بالقااانون العضااوي المتعلااق بالساالطة الوطنيااة المسااتقلة لالنتخابااات بقولااه‪" :‬اعتبااا ار أن المااادة ‪311‬‬
‫(الفق ارة ‪ )6‬ماان الدسااتور تاانص علااى أنااه ""يناادرج تطبيااق الق اوانين فااي المجااال التنظيمااي الااذي يعااود للااوزير‬
‫اَلول"‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد منير حساني‪ :‬عالقة الدستورية وتأمينها في االجتهاد الدستوري‪ ،‬مجلة الدراسات القانونية المقارنة‪ ،‬العدد‪ ،6739 ،76‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -2‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.031‬‬
‫‪ -3‬رأي رق اام ‪/71‬ر‪.‬ق‪.‬ع‪/‬م‪.‬د‪ 39/‬م ااؤرخ ف ااي ‪ 67‬ذي القع اادة ع ااام ‪ 3116‬المواف ااق ‪ 6‬غش اات س اانة ‪ 6739‬يتعل ااق بمراقب ااة مطابق ااة الق ااانون العض ااوي‬
‫المتعلق بالمجمع الجزائري للغة االمازيغية للدستور الجزائري‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪.31‬‬

‫‪82‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫اعتبار أن المواضيع التاي يتناولهاا القاانون العضاوي موضاوع اإلخطاار ال تنادرج ضامن المجاال التنظيماي‬
‫ا‬ ‫و‬
‫الذي يعود للوزير اَلول وبذلك فإن المادة ‪( 311‬الفقرة ‪ )6‬ال تعد ساندا دساتوريا للقاانون العضاوي موضاوع‬
‫اإلخطار‪.‬‬
‫وفيمااا يخااص تأشاايرات القااانون العضااوي موضااوع اإلخطااار فااان المجلااس الدسااتوري يحكاام غالبااا‬
‫بإضا ااافة المادتا ااان ‪( 396‬الفقرتا ااان ‪ 6‬و‪ )1‬و‪( 361‬الفق ا ارة اَلولا ااى) ما اان الدسا ااتور إلا ااى تأشا اايرات موضا ااوع‬
‫اإلخطار‪ .1‬كما يتأكد المجلس الدستوري فضال عن ذلك من أن المنهجية المتبعة في تقسيم أبواب وفصول‬
‫وفااروع القااانون العضااوي موضااوع اإلخطااار والعناااوين المدرجااة ضاامنها سااليمة وخاليااة ماان أي قصااور‪ ،‬وأن‬
‫جمياع ماواده تنادرج ضاامن موضاوع القااانون العضاوي طبقااا للدساتور بمعنااى أن ال تخاالف أي مااادة أو حكاام‬
‫من أحكامه حكما مان أحكاام الدساتور وهاذا ال يعناي أناه يجاب علاى المجلاس الدساتوري أن يعلاق علاى كال‬
‫م اواد القااانون موضااوع اإلخطااار‪ ،‬وانمااا تعليقااه يجااب أن يكااون منصاابا علااى الم اواد التااي الحااظ أنهااا غياار‬
‫مطابقااة جزئيااا أو كليااا للدسااتور ولهااذا تجااد أن المجلااس الدسااتوري يخااتم أحكامااه بخصااوص رقابااة المطابقااة‬
‫بعبارة "تعد باقي مواد القانون مطابقة للدستور"‪.2‬‬
‫وباَلساااس علااى مااا ساابق ذك اره يمكننااا القااول أن رقابااة المجلااس الدسااتوري تعااد آليااة كاشاافة للعيااب‬
‫الدستوري الذي يمكن أن يحمله مشروع القانون العضوي موضاوع اإلخطاار فاي بعاض أحكاام نصوصاه أو‬
‫ماواده‪ ،‬ليكااون بااذلك حكاام المجلااس الدسااتوري ببطالنهااا ال ينشاائ عيبااا شااكليا كااان أو موضااوعيا فااي صاالب‬
‫القانون محل الرقاباة‪ ،‬وانماا يقار بوجاود عياب قائماا فعاال بحكام تعارضاه ماع الدساتور مان بااب اناه إن كاان‬
‫سان القاوانين العضاوية اختصااص أصايل للسالطة التشاريعية فهاذا ال يعناي إطاالق االختصااص دون التقياد‬
‫بالحدود والضوابط التي نص عليها الدستور ومن ثم فإن تنظيم المؤسس الدستوري لعملية سن هذه الطائفة‬
‫ماان القاوانين علااى وجااه الخصااوص الهاادف منااه ضاامان وجااود منظومااة قانونيااة عضااوية مرتبطااة بالدسااتور‬
‫نصا وروحا ومكملة له‪.‬‬

‫ثانيــا‪ :‬الرقابــة اإللزاميــة علــى النظــام الــداخلي لغرفتــي البرلمــان‪ :‬تاانص الفقارة الثانيااة ماان المااادة ‪ 316‬ماان‬
‫التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬على أنه‪ « :‬يعد المجلس الشعبي الوطني ومجلس اَلماة نظامهماا الاداخلي‬
‫ويصاادقان عليهمااا»‪ ،‬وعمااال بااذلك يعااد كاال ماان المجلاس الشااعبي الااوطني ومجلااس اَلمااة نظامهمااا الااداخلي‬
‫ويصااادقان عليهمااا حيااث يحاادد نظااام كاال غرفااة منهمااا عملهمااا وكااذا اإلج اراءات التنظيمي اة الخاصااة بهااا‬

‫‪ -1‬رأي رقم ‪/73‬ق‪.‬ع‪/‬م‪.‬د‪ 36/‬مؤرخ في ‪ 31‬محرم عام ‪ 3113‬الموافق ‪ 31‬سبتمبر سانة ‪ ،6736‬يتعلاق بمطابقاة القاانون العضاوي المتعلاق بالسالطة‬
‫الوطنية المستقلة لالنتخابات‪ ،‬للدستور‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪.33‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬محمد بومدين‪ :‬آليات رقابة المطابقة التي يمارسها المجلس الدستوري طبقا للتعديل الدستوري ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫‪83‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫بمرجعيااة دسااتورية وفااي ذلااك إتاحااة الفرصااة للبرلمااان لضاابط نظامااه بكاال حريااة بعياادا عاان تاادخل أي ساالطة‬
‫أخاارى‪ ،‬وذلااك فااي صاايغة الئحااة أو عقاد وحيااد الطاارف منفصاال عاان القااانون والتنظاايم َلن هااذين اَلخي ارين‬
‫يحتاجان إلى تعاون وتنسيق مع السالطات اَلخارى‪ ،1‬إال أن حرياة التنظايم الاذاتي للسالطة التشاريعية ليسات‬
‫عل ااى إطالقه ااا حي ااث أك ااد المؤس ااس الدس ااتوري الج ازئ ااري ف ااي الم ااادة ‪ 1/399‬م اان التع ااديل الدس ااتوري لس اانة‬
‫‪ 6739‬خضوع النظام الداخلي لغرفتي البرلمان للرقابة الوجوبياة أماام المجلاس الدساتوري قبال دخولهاا حياز‬
‫التطبيق والتي يتولى رئيس الجمهورية اختصاص اإلخطار الحصري بشأنها تأمينا لوجوبية الرقابة‪.‬‬

‫أ‪ -‬تعريف األنظمة الداخليـة لغرفتـي البرلمـان‪ :‬هاي لاوائح تعمال مان حياث المبادأ علاى تنظايم ساير إحادى‬
‫المؤسسااات الدسااتورية‪ ،‬فهااي قواعااد تخاطااب فئااة معينااة وهاام أعضاااء البرلمااان أو الموظفااون بااه أو كاال ماان‬
‫يحظر إليه في إطار محدد كالزوار وأعضاء الحكومة أو نوابهم‪ ،2‬أو بعبارة أخرى هو مجموع القواعد التي‬
‫تتضمن إجراءات تنظيم وتسايير غرفتاي البرلماان كماا تضابط إجاراءات عملهاا ماع بااقي الهيئاات فاي الدولاة‬
‫ويعتبر من مبادئ االستقاللية التنظيمية للبرلمان الذي يتايح لاه إمكانياة تنظايم عملاه الاداخلي وضابطه أهام‬
‫مظاااهر الفصاال بااين الساالطات الااذي تبناااه المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري لااذا ميااز هااذا اَلخياار بااين الق اوانين‬
‫الخاضعة للرقابة الدستورية وباين اَلنظماة الداخلياة لغرفتاي البرلماان‪ ،‬والفارق باين القاانون والنظاام الاداخلي‬
‫لغرفتي البرلمان يكمن في كون القانون اختصاص مشترك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية‪ ،‬بينما النظاام‬
‫الااداخلي لغرفتااي البرلمااان يعتباار بمثابااة التعبياار عاان اسااتقاللية الساالطة التش اريعية‪ ،3‬كمااا أن قواعااد النظااام‬
‫الااداخلي للمجااالس النيابيااة يسااهر المجلااس علااى تنفيااذها عكااس القواعااد القانونيااة اَلخاارى التااي توكاال مهمااة‬
‫تنفيذها للحكومة ومنه فإن قواعد النظام الداخلي للمجالس النيابية صنيعة صرفة لهذه المجالس‪ ،‬فاال يمكان‬
‫أن تت ا اادخل فيه ا ااا الحكوم ا ااة وال المجل ا ااس الني ا ااابي الث ا اااني سا ا اواء ف ا ااي وض ا ااعها أو مناقش ا ااتها‪ ،‬أو التص ا ااويت‬
‫عليه اا‪.4‬وتعااود مبااادرة وضااع النظااام الااداخلي لغرفتااي البرلمااان َلعضاااء البرلمااان وحاادهم‪ ،‬وذلااك ماان أجاال‬
‫تحديد قواعد سيرها الداخلية‪ ،‬فيهتم هذا النظام بتنظايم ساير العمال الاداخلي لكال غرفاة مان غرفتاي البرلماان‬
‫على حدا وكذا اإلجراءات المتبعة في أعمالها‪ ،‬والتطرق إلى تنظيم انضباط اَلعضاء داخل المجلسين فهو‬
‫باذلك يحاادد القواعااد والضاوابط التااي تاانظم وتحكاام سااير عماال الغارفتين‪ ،5‬علااى خااالف القاوانين العاديااة التااي‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سليمة مسراتي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.316‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬جمال بن سالم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.666‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬أنظر‪ /‬الياس جوادي‪ :‬دور المجلس الدستوري في رقابة دستورية القوانين وصحة االنتخابات البرلمانية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.69-63‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬جمال بن سالم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.611‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬إبراهيم بلمهدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪84‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫تشترك في المبادرة بها عديد الهيئات في الدولة فضاال عان أن النظاام الاداخلي للغارفتين ال يمتاد إلاى خاارج‬
‫أي غرفة منهما فهو ذو طبيعة داخلية ونطاق نفاذه محدد بالغرفة المعنية به دون سواها‪.‬‬

‫ب‪ -‬رقابة مطابقة النظام الداخلي لغرفتي البرلمان للدستور‪ :‬باإلضافة إلى القوانين العضوية تطاال رقاباة‬
‫المجلس الدستوري في مجال رقابة المطابقة القوانين الداخلية لغرفتي البرلمان وهي كما رأينا آنفا طائفة من‬
‫القوانين تسنها السلطة التشريعية وفق المجاالت المحددة لها حصا ار بإتبااع إجاراءات بسايطة وعادياة مقارناة‬
‫بااإجراءات ساان الق اوانين العضااوية‪ ،‬ورقابااة المجلااس لهااا جاااءت عمااال بتأكيااد المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري‬
‫عليهااا فااي نااص المااادة ‪ 71‬ماان الاانظم المحاادد لقواعااد عماال المجلااس الدسااتوري‪ ،‬حيااث أنااه قباال الشااروع فااي‬
‫تطبيق النظام الداخلي لغرفتاي البرلماان فإناه يتوجاب عرضاه علاى المجلاس الدساتوري ليبادي أرياه فاي مادى‬
‫مطابقته َلحكام الدستور بناء على إخطار من رئيس الجمهورية‪ ،‬وتكاون الرقاباة عليهاا مان طارف المجلاس‬
‫الدسا ااتوري با اانفس إج ا اراءات رقابا ااة المطابقا ااة التا ااي تخضا ااع لها ااا الق ا اوانين العضا ااوية فا ااي جانبيها ااا الشا ااكلي‬
‫والموض ااوعي‪ .‬وه ااي ب ااذلك رقاب ااة وجوبي ااة‪ ،‬اَلم اار ال ااذي فس ااح المج ااال واس ااعا النتق اااد المؤس ااس الدس ااتوري‬
‫بإخض اااعه ه ااذه اَلنظم ااة لرقاب ااة المطابق ااة كونا اه أم اار م اان ش ااأنه االنتق اااص م اان حري ااة الس االطة التشا اريعية‬
‫واسااتقالليتها فااي تنظاايم وتساايير أعمالهااا بعياادا عاان التااأثيرات الخارجيااة ماان أي ساالطة كاناات‪ ،‬غياار أنااه ماان‬
‫جهة أخرى هناك من يرى أن مانح البرلماان صاالحية التنظايم الاذاتي َلعمالاه بعيادا عان الرقاباة قاد يشاكل‬
‫ذريعة لتجاوزات قد تمس بمبدأ الفصل بين السلطات إن لم تجد رقيبا يحد من أي خروج عن اختصاصاتها‬
‫المدسااترة‪ ،‬لااذا فجعاال الرقابااة إلزاميااة علااى النظااام الااداخلي لغرفتااي البرلمااان يرجااع إلااى كون اه يتعلااق بتنظاايم‬
‫الس االطة التشا اريعية وال ااذي يس ااتوجب أن ال يك ااون مخالف ااا للدس ااتور‪ ،‬واال وقا اع خل اال ف ااي س ااير المؤسس ااات‬
‫الدس ااتورية وفكا ارة الرقابا اة عليه ااا ناتج ااة ع اان أهمي ااة الموض ااوع ذات ااه ض ااف إل ااى ذل ااك تف ااادي تس االط الس االطة‬
‫التشاريعية فااي اسااتعمال هااذا السااالح‪ ،1‬بمعنااى أن إخضاااع نظااام الغارفتين للرقابااة اإللزاميااة غايتااه الحيلولااة‬
‫دون قيااام أعضاااء البرلمااان عنااد إعاادادهما بتجاااوز اإلطااار الخاااص لهااذين النصااين وهااو تنظاايم هياكاال‬
‫المجلسين وكيفيات سيرهما‪ ،‬فالبرلمانيون عند وضع نظاامهم الاداخلي يميلاون عاادة إلاى إقارار أحكاام تعزياز‬
‫صااالحيات مجلسااهم‪ ،‬ويعااد هااذا مناقضااة للدسااتور َلن ساالطات البرلمااان محااددة باانص الوثيقااة الدسااتورية‪.2‬‬
‫ولهاذه الرقاباة أهمياة بالغاة عبار عنهاا "‪ " Eugene Pierre‬بقولاه‪« :‬ال تشاكل الالئحاة مان حياث المظهار‬
‫سوى القانون الداخلي للهيئة البرلمانية‪ ،‬تشاكل حزماة مان المتطلباات التاي وضاعت َلجال التسايير المنهجاي‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬أنظر‪ /‬الياس جوادي‪ :‬دور المجلس الدستوري في رقابة دستورية القوانين وصحة االنتخابات البرلمانية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صالح بلحاج‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.136‬‬

‫‪85‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫الجتماع تلتقي وتتواجه فيه طموحات متناقضة‪ ،‬وهو في واقع اَلمر أداة ماؤثرة فاي ياد اَلحازاب َلناه غالباا‬
‫ما يكون له تأثير أعظم فعالية من الدستور نفسه على الشؤون العامة»‪.1‬‬

‫وعليااه تباارز أهميااة إحالااة نظااام غرفتااي البرلمااان لرقابااة المطابقااة أمااام المجلااس الدسااتوري الااذي إن‬
‫ارتااأى أثناااء فصااله فااي رقابااة مطابقت اة أن اه يتضاامن حكمااا غياار مطااابق للدسااتور فااإن هااذا الحكاام ال يمكاان‬
‫العمل باه مان طارف الغرفاة المعنياة إال بعاد تعديلاه وعرضاه مارة أخارى علاى المجلاس الدساتوري للتأكاد مان‬
‫مطابقته للدستور وفقا لما نصت عليه المادة ‪ 71‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري وتجدر‬
‫اإلش ااارة هن ااا إل ااى تمي ااز اَلنظم ااة الداخلي ااة لغرفت ااي البرلم ااان وك ااذا القا اوانين العض ااوية مقارن ااة بغيره ااا م اان‬
‫التشاريعات فااي مرحلااة اإلصاادار حيااث يبقااى هااذا النااوع ماان القواعااد القانونيااة معلقااا دون إصاادار حتااى تلقااي‬
‫رئيس الجمهورية رأي المجلس الدستوري بخصوصها الرتباطها برقابة المطابقة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صالحيات المجلس الدستوري في مجال الرقابة االختيارية‬

‫ال يقتصاار اختصاااص المجلااس الدسااتوري فااي مجااال رقابااة الق اوانين علااى مرحلااة مااا قباال ص ادورها‬
‫فحسب بل يشمل طائفة منها بعد صدورها بصاورة اختيارياة يخضاع خاللهاا التشاريع لقياود وضاوابط محاددة‬
‫ماان حيااث الشااكل واالختصاااص باعتبااار أن الدسااتور هااو الااذي يحاادد اإلج اراءات التااي يجااب أن يماار بهااا‬
‫التشا اريع حت ااى يص اابح قانون ااا‪ ،‬والت ااي ال يج ااب عل ااى الس االطة المب ااادرة بالتشا اريع أن تتجاوزه ااا حت ااى ال يفق ااد‬
‫التشااريع وجااوده كقاعاادة قانونيااة ملزمااة ويشاامل مجااال رقابااة الدسااتورية االختياريااة الرقابااة علااى المعاهاادات‬
‫الدولية (الفرع اَلول)‪ ،‬باإلضافة إلى الرقابة على القوانين العادية وكذا النصوص التنظيمية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الرقابة على دستورية المعاهدات الدولية‬

‫إذا كان اات القاع اادة العام ااة للعم اال الرق ااابي للمجل ااس الدس ااتوري تس ااتهدف االلتا ازام ب اااحترام نص ااوص‬
‫الدسااتور القااائم فااإن مناااط هااذه الرقابااة هااو كشااف عياب مخالفااة التشاريع للدسااتور النافااذ‪ ،‬ساواء كااان تشاريعا‬
‫وطنيااا أو تشاريعا دوليااا –معاهاادات‪ -‬فاارغم أن المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري أعطااى المعاهاادات الدوليااة قااوة‬
‫القانون‪ ،‬إال أنه لم يضفي عليها حصانة تحول بين المجلاس الدساتوري ورقاباة دساتوريتها باعتباار أن هاذه‬
‫اَلخيارة تشاكل سادا منيعاا أماام أي خارق لسايادة الدولاة ومصاالحها فاي ظال التنظايم الادولي المعاصار الاذي‬
‫يتطلااب ماان الدولااة باعتبارهااا واحاادا ماان أف اراد المجتم اع الاادولي التعاماال مااع مختلااف أشخاصااه دوال وهيئااات‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مراد رداوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫‪86‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫ومنظمات‪ ،‬ومن هناا تبارز اَلهمياة البالغاة للرقاباة علاى دساتورية المعاهادات مان طارف المجلاس الدساتوري‬
‫كمؤسسة رقابية حامية للشرعية عن طريق تأكيد سمو الدستور‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الرقابــة علــى إج ـراء التصــديق علــى المعاهــدات الدوليــة‪ :‬قضاات أحكااام المااادة ‪ 3/399‬ماان التعااديل‬
‫الدس ااتوري لس اانة ‪ 6739‬بفص اال المجل ااس الدس ااتوري إض ااافة إل ااى اختصاص اااته الرقابي ااة الت ااي خص ااه به ااا‬
‫الدسااتور‪ ،‬فااي دسااتورية المعاهاادات الدوليااة ورقابتااه هنااا اختياريااة قبليااة‪ ،‬وهااي أيضااا رقابااة ال يتحاارك فيهااا‬
‫المجلاس الدسااتوري ماان تلقاااء نفسااه وانمااا بإخطاااره وفقااا َلحكااام المااادة ‪ 390‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة‬
‫‪ ،6739‬لذا وصفت بالرقابة االختيارية على عكس الرقابة الوجوبية التي يكون فيها رئيس الجمهورية ملزما‬
‫بعاارض طائفااة معينااة ماان المعاهاادات كمااا ساابق وأش ارنا علااى المجلااس الدسااتوري ليترتااب عاان هااذا العاارض‬
‫التاارخيص بالمصااادقة أو رفضااه لتمتااد بااذلك رقابااة المجلااس الدسااتوري بشااكل غياار إل ازمااي إلااى المعاهاادات‬
‫المصادق عليها‪ ،‬والتي في حال إخطاره بها فإن عمله الرقابي فضال على الجوانب اإلجرائياة والموضاوعية‬
‫يكاون علاى إجاراء التصاديق الاذي تصابح باه المعاهادات ذات الشاكل المبساط نافاذة بمجارد التوقياع عليهاا‬
‫ليصاابح بااذلك تأوياال المااادة ‪ 399‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬يصااب فااي أن المعاهاادات المعنيااة‬
‫بالعرض على المجلس الدستوري هاي تلاك المعاهادات المساتوجبة للتصاديق‪ ،‬وقاد جعال المؤساس الدساتوري‬
‫من رقابة دستورية المعاهدات واالتفاقيات الدولية رقابة محدودة مع تغييب لخصوصية االلتزام الدولي‪ ،‬ذلك‬
‫أن ه ااذا الن ااوع م اان الرقاب ااة كم ااا س االف وأشا ارنا تم ااارس بع ااد إخط ااار اختي اااري م اان ط اارف الجه ااات ص اااحبة‬
‫اإلخطار باستثناء اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم التي تخضع لرقابة سابقة وجوبية‪.1‬‬

‫وَلنه يمكن وفقا لذلك إخطاار المجلاس الدساتوري فاإن هاذا اَلخيار وفاي إطاار عملاه الرقاابي يتثبات‬
‫ماان عاادم مخالفااة إج اراء التصااديق للدسااتور‪ ،‬رغاام أن الواقااع العملااي يقااول أن التصااديق إج اراء ال يخضااع‬
‫لشكل معين‪ ،‬فيجوز أن يكاون صاريحا كماا يجاوز أن يكاون ضامنيا وصاورة هاذا اَلخيار أن تبادأ الدولاة فاي‬
‫تنفيذ معاهدة سبق وأن وقعت عليها عن طريق ممثليها‪ ،‬ومع ذلك فقد جرى العارف أن يثبات التصاديق فاي‬
‫شكل مكتوب يتضمنه نص المعاهدة أو يشير إليه وتكون هذه الوثيقة صادرة عان السالطة المختصاة باإبرام‬
‫المعاهاادات فااي الدولااة وتعلاان ماان خاللهااا موافقتهاا علااى المعاهاادة وتتعه اد علااى تنفيااذها واحتارام أحكامهااا‪،2‬‬
‫وَلن اَلصل في الدستور الجزائري أن التصديق سلطة محصنة محصورة في شاخص رئايس الجمهورياة وال‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬جمال بن سالم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.670-699‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬حياة حسين‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪87‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫يمكن تفويضها إطالقاا*‪ .‬فاإن العمال الرقاابي للمجلاس الدساتوري علاى دساتورية المعاهادات ينصاب بالدرجاة‬
‫اَلولى على هذا الجانب منها نظ ار َلهميتاه فضاال علاى أناه شارط جاوهري إلدمااج المعاهادة فاي المنظوماة‬
‫القانونية الوطنية‪ ،‬كما أن به يتحقق الوجود القانوني للمعاهادة علاى المساتوى الادولي طبعاا فاي حاال ماا إذا‬
‫كااان التصااديق متطلبااا فااي نصااوص المعاهاادة الدوليااة المبرمااة‪ ،‬وهااو مااا نصاات عليااه اتفاقيااة فيينااا لقااانون‬
‫المعاهدات المبرمة سنة ‪ 3696‬فاي أحكاام الماادة ‪ 31‬منهاا‪ ،‬وهاي رقاباة تهادف إلاى تحقياق ضامانة مفادهاا‬
‫أن المعاهدة الدولية حتى وان دخلت حيز النفاذ مان خاالل التصاديق فإناه يمكان إيقااف العمال بهاا مادامات‬
‫ال تتطابق مع المبادئ الدستورية السائدة في الدولة وفي هذا اإلطار يقول اَلستاذ "هنري روسيون ‪Henry‬‬
‫‪ "ROUSSILLION‬أنااه يمكاان للمجلااس الدسااتوري أن يخطاار لمراقبااة مشااروع أي التازام دولااي ليقاارر ماادى‬
‫مطابقته للدستور‪.1‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المعاهدة قد يحادث وأن تبقاى مادة طويلاة دون تصاديق ومثالهاا ماا جااء باه‬
‫المرسااوم الرئاسااي رقاام ‪ 161-70‬الااذي يتضاامن اتفاقيااة التعاااون القضااائي واإلعالنااات واالنابااات القضااائية‬
‫وتنفيااذ اَلحكااام وتسااليم المجاارمين بااين الج ازئ ار واإلمااارات العربيااة المتحاادة‪ ،‬ولمثاال هااذه اَلسااباب نجااد أن‬
‫للرقابة اإللزامية السابقة أهمية كبيرة كونها ال تثير اإلشكالية المتعلقة بالمسؤولية الدولية وفاي ذلاك محافظاة‬
‫عل ااى م ااا يطل ااق علي ااه بالس اامعة القانوني ااة للدول ااة "َلن ااه إذا انته ااى المجل ااس الدس ااتوري بع ااد فحص ااه إلجا اراء‬
‫التص ااديق عل ااى المعاه اادة الدولي ااة المص ااادق عليه ااا إل ااى ع اادم دس ااتوريتها ف ااإن حكم ااه يك ااون ملزم ااا لجمي ااع‬
‫مؤسسات الدولة وسلطاتها وهو ما نصات علياه أحكاام الماادة ‪ 1/363‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪6739‬‬
‫بقولها‪« :‬تكون أراء المجلس الدستوري وق ارراته نهائية وملزمة بجميع السلطات العمومية والسلطات اإلدارية‬
‫والقضائية»‪.‬‬

‫ثانيــا‪ :‬رقابــة المجلــس الدســتوري علــى نشــر المعاهــدة الدوليــة‪ :‬منطقااي جاادا أن تأخااذ الدولااة علااى عاتقهااا‬
‫أعب اااء التعه اادات بموج ااب اتفاقي ااة دولي ااة أبرمته ااا لتظه اار أول أثاره ااا بص ااورة مباشا ارة عل ااى النظ ااام الق ااانوني‬
‫الااداخلي‪ ،‬وماان ثاام يجااب أن تكااون تلااك االتفاقيااة معلومااة ماان جميااع أشااخاص القااانون الااداخلي وعلااى هااذا‬
‫اَلساس تكون تلك االتفاقيات الدولية محال للنشر وهذا اَلخير ينظمه القانون الداخلي‪ ،2‬وتأكيدا منها علاى‬

‫*علااى عكااس ساالطتي التفاااوض والتوقيااع التاي أجيااز لارئيس الجمهوريااة تفويضااها باسااتثناء مااا تعلااق منهااا باتفاقيااات الهدنااة ومعاهاادات الساالم‪ .‬لالطااالع‬
‫أكثر أنظر‪ /‬المواد من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 171-76‬المؤرخ في ‪ 69‬نوفمبر ‪ ،6776‬المحادد لصاالحيات و ازرة الشاؤون الخارجياة‪ ،‬ج ر‪ ،‬عادد ‪،06‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 73‬ديسمبر ‪.6776‬‬
‫‪ -1‬هنري روسيون ‪ :Henry ROUSSILLION‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬كمال حمريط‪ :‬المرجع السابق ص ‪.93‬‬

‫‪88‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫أهميااة النشاار حثاات منظمااة اَلماام المتحاادة الاادول اَلعضاااء فيهااا علااى نشاار المعاهاادات الدولااة التااي تكااون‬
‫طرفا فيها من خالل أحكام المادة ‪ 3/376‬من ميثاق اَلمم المتحدة بقولها‪« :‬كل معاهادة وكال اتفااق دولاي‬
‫يعقده أي عضو مان أعضااء اَلمام المتحادة بعاد العمال بهاذا الميثااق يجاب أن يساجل فاي أماناة الهيئاة وأن‬
‫تقوم بنشره بأسرع ما يمكن»‪،1‬‬

‫وباانفس اَلهميااة تعاملاات اتفاقيااة فيينااا لقااانون المعاهاادات لعااام ‪ 3696‬مااع إج اراء النش ار وفقااا لمااا‬
‫نصت المادة ‪ 3/97‬منهاا‪ ،‬إال أنناا نجاد المؤساس الدساتوري الج ازئاري قاد ساكت عان شارط نشار المعاهادات‬
‫الدولية كبداية لتطبيقهاا داخال المنظوماة القانونياة للدولاة وذلاك علاى مار الدسااتير المتعاقباة للجمهورياة مناذ‬
‫سنة ‪ 3691‬وصوال إلى التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬على عكس نظيره الفرنسي الاذي ناص علاى نشار‬
‫االتفاقيات الدولية في الجريدة الرسمية وذلك بموجب المادة ‪ 33‬من الدستور الفرنسي التي نصت علاى أناه‬
‫يكون للمعاهدات أو االتفاقيات الدولية التي يتم التصديق أو الموافقة عليها حسب اَلصول وعند نشرها قوة‬
‫تفوق قوة قوانين البرلمان شرط أن يقوم الطرف اآلخر بتطبيقها‪ ،‬وهو اعتراف صريح منه بنشر المعاهادات‬
‫أو االتفاقيااات الدوليااة كواحااد ماان اإلج اراءات الواجااب إتباعهااا وفقااا لمااا تمليااه أحكااام الدسااتور حتااى تحااض‬
‫بالنفاذ داخل إقليم الدولة‪.‬‬

‫وعدم نص المؤسس الدستوري الجزائري على نشر المعاهدات الدولية في الجريدة الرسمية وخاصاة‬
‫مااا تعلااق منهااا بااالحقوق والحريااات يااؤدي الشااك إلااى ضااياع حقااوق مكفولااة قانونااا بساابب جهاال الم اواطن‬
‫لمحتواهااا ليبقااى بااذلك إجاراء نشاارها هااو الوساايلة الوحياادة التااي يمكاان أن يعاارف بهااا الماواطن جياادا مالااه ماان‬
‫حق ااوق نص اات عليه ااا المعاه اادات الدولي ااة فض ااال عل ااى أن ااه بنش اارها يمكا ان للما اواطن الج ازئ ااري التمس ااك به ااا‬
‫وتطبيقها أمام القضاء باعتبار هذا اَلخير ال يستند في أحكامه لغير القوانين المنشودة في الجريدة الرسمية‬
‫عمال بأحكام المادة ‪ 71‬من القانون المدني الجزائري‪ ،2‬التي نص فيها المشرع الجزائري علاى أناه‪« :‬تطباق‬
‫القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ابتداء مان ياوم نشارها فاي الجريادة الرسامية‪،»...‬‬
‫فإذا كان نشر االتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان يعد من بين اآلليات واإلجراءات التي من خاللهاا‬
‫يمكن توفير الحماية الدولياة لتلاك الحقاوق وتبياان آلياات تشاريع القاوانين الداخلياة التاي تتضامن تعهاد الادول‬
‫اَلطاراف فاي االتفاقياات بتشاريع قاوانين داخلياة مالئماة ومنساجمة ماع نصااوص تلاك االتفاقياات‪ ،‬فاان هناااك‬

‫‪ -1‬اَلمم المتحدة‪ ،‬دائر اإلعاالم‪ ،‬ميثااق اَلمام المتحادة‪ :‬الموقاع الرسامي لألمام المتحادة ‪ ،https: //www.un.org‬تااريخ االطاالع‪ 17 :‬أوت ‪6767‬‬
‫على الساعة ‪.36 :66‬‬
‫‪ -2‬اَلمر ‪ 93-03‬المؤرخ في ‪ 69‬سبتمبر ‪ 3603‬المتضمن القانون المدني المعدل والمتسم‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫من الدول من تقر باختصاص لجنة حقوق اإلنسان الستالم الشكاوى من اَلفاراد حاول خروقاات وانتهاكاات‬
‫الادول اَلطاراف فاي االتفاقياات‪ ،1‬لياؤدي باذلك عادم ناص المؤساس الدساتوري الج ازئاري بانص صاريح علاى‬
‫نشار المعاهاادات رغام تسااببه بشاكل مباشاار فاي ضااياع حقاوق مكتساابة إلاى التساااؤل وباساتغراب حااول دوافااع‬
‫وأه ااداف ص اامت المؤس ااس الدس ااتوري الج ازئ ااري عل ااى إجا اراء بمث اال ه ااذه اَلهمي ااة عل ااى الص ااعيدين ال ااداخلي‬
‫والخارجي !!‬

‫وتس اااؤلنا هن ااا ينصاااب فق ااط ح ااول المعاهااادات الدولي ااة المتعلق ااة علاااى وج ااه الخص ااوص با ااالحقوق‬
‫والحريااات َلن مااا تعلااق بغيرهااا ماان المجاااالت يخاطااب أطرافهااا الااذين يفتاارض علمهاام بمحتواهااا‪ ،‬وفااي ذلااك‬
‫يقول اَلستاذ "عمر تمدرتا از" أن عدم إلزام وزير الخارجية بنشر كل المعاهدات الدولية التي أبرمتها الجزائر‬
‫نظ ار لما قد يحيط بها من معطيات سياسية وأمنية في بعض اَلحيان شأنها في ذلك شأن كل الادول تقريباا‬
‫إال أن هذه اَلسباب ال يجاب أخاذها كذريعاة لعادم نشار كال المعاهادات َلن هنااك معاهادات تساتدعي نشا ار‬
‫كالتي ترتبط بالحقوق والحريات‪ ،‬وبعبارة أخرى يجب إخضاع عملية النشر لناوع مان التاوازن باين المصاالح‬
‫الخاصة للفرد والمصالح اَلمنية في الدولة‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلطار الناظم للرقابة الدستورية على القوانين والتنظيمات‬

‫ال ريب أن أهام المباادئ المهيمناة علاى المنظوماة القانونياة فاي معظام الادول الديمقراطياة هاو سامو‬
‫الدسااتور باعتبااار أن نساابة االلت ازام بهااذا المباادأ هااي ماان تعكااس بوضااوح تااام نساابة تك اريس دولااة القااانون‬
‫وساايادته فيهااا‪ ،‬وبهاادف ضاامان ساامو الدسااتور وتحقيااق نتائجااه علااى أرض الواقااع أكااد المؤسااس الدسااتوري‬
‫الجزائري في التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬كما هو الحاال فاي الادول الديمقراطياة التاي تقاوم علاى السايادة‬
‫الشااعبية واحت ارام حقااوق وحريااات اَلف اراد علااى إخضاااع التش اريعات العاديااة والتنظيمااات للرقابااة الدسااتورية‬
‫السابقة* بصافة اختيارياة للتأكاد مان احتارام أحكامهاا لمضامون الوثيقاة الدساتورية باعتباار أن هاذا الناوع مان‬
‫الرقاباة يعاد مان أهام الوساائل القانونياة ضامانا لنفااذ القاعادة الدساتورية وتطبيقهاا تطبيقاا ساليما‪ ،‬اَلمار الاذي‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬خانزاد أحمد عباد‪ :‬العالقة بين الدساتير الحديثـة واالتفاقيـات الخاصـة بحقـوق اإلنسـان‪ ،‬ط‪ ،3‬منشاورات الحلباي الحقوقياة‪ ،‬بياروت‪ ،‬لبناان‪،‬‬
‫‪ ،6736‬ص ص ‪.363-361‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬عماار تمرت اازا‪ :‬المعيــار الدســتوري فــي النظــام القــانوني الجزائــري‪ ،‬أطروحااة دكتااوراه علااوم تخصااص القااانون الدسااتوري وعلاام التنظاايم السياسااي‪،‬‬
‫إشراف سعاد غوثي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ -3-‬بن يوسف بن خدة‪ ،6730-6739 ،‬ص‪.699‬‬
‫* تجدر اإلشارة فاي هاذا المقاام إلاى أن الرقاباة علاى دساتورية القاوانين فاي الج ازئار أصابحت بموجاب الماادة ‪ 399‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪6739‬‬
‫تقتصر على الرقابة الدستورية السابقة وخصص مجال الرقابة الدستورية الالحقة للدفع بعدم الدستورية‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫يقتضي التطرق لمسار اإلجراءات المتبعة من طرف المجلس الدستوري في هذا النوع من الرقابة على هاذه‬
‫الطائفة من القوانين قبل تصريحه بدستوريتها من عدمها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الرقابـة الدسـتورية علــى التشـريعات العاديــة‪ :‬إن سان القاوانين عملياة طويلااة ومعقادة ساواء مان حيااث‬
‫اإلج اراءات أو القن اوات التااي تماار بهااا‪ ،‬فهااي تباادأ ماان المبااادرة التااي قااد تكااون ماان الساالطة التنفيذيااة أو ماان‬
‫السالطة التشاريعية ثاام تعاارض للد ارسااة والمناقشااة فالموافقااة عليهااا‪ .1‬وعلااى هااذا اَلساااس ساانتطرق ماان خااالل‬
‫هذا العنصر إلى التعريف بعملية التشريع قبل الخوض في إجراءات الرقاباة علاى النصاوص الصاادرة عنهاا‬
‫وفيما يتعلق بتعرياف عملياة التشاريع فقاد كثارت وتعاددت التعااريف الاواردة بصاددها خاصاة بعاد أن صاارت‬
‫مصد ار للقانون بل واحتاللها المرتبة اَلولى بين مصادره‪.‬‬

‫إال أن مجمل التعاريف تصب في ساياق واحاد باجتمااع تراكيبهاا حاول السالطة التشاريعية والقواعاد‬
‫القانونية‪ ،‬وفي معارض تنااول تعرياف التشاريع ذهاب الابعض إلاى أن كلماة تشاريع تفياد معنياين األول يعناي‬
‫قيام سلطة عامة في الدولة بوضع القواعد القانونية في صورة مكتوبة واعطائها قوة اإللزام‪ ،‬والتشاريع بهاذا‬
‫المعنى هو ما يعتبر مصد ار رسميا للقانون‪ ،‬أما المعنى الثاني فيقول أنها مجموعاة القواعاد العاماة المجاردة‬
‫التااي تصاادر فااي صااورة مكتوبااة ماان الساالطات التااي تملااك حااق إصاادارها‪ ،‬أوهااي قيااام الساالطة التااي لهااا حااق‬
‫التشريع بصياغة القاعدة القانونية صياغة فنية واعطائها قوة اإللزام في العمل‪.2‬‬

‫وقد عرف اَلستاذ "السنهوري" واَلستاذ "حشمت أبوستيتط في مؤلفهما المشاترك‪ -‬أصاول القاانون‪-‬‬
‫عملياة التشاريع بأنهااا‪« :‬وضااع القواعااد القانونيااة فااي نصااوص بواسااطة الساالطة صاااحبة التشاريع فااي الاابالد‪،‬‬
‫ساواء كانات هاذه الساالطة حاكماا مساتبدا أو هيئااة نيابياة يقاف إلااى جانبهاا رئايس الدولااة»‪ ،3‬وكماا هاو معلااوم‬
‫يتااولى اختصاااص التش اريع فااي الج ازئاار وفقااا لمااا نصاات عليااه المااادة ‪ 336‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة‬
‫‪ 6739‬برلمااان يتكااون ماان غ ارفتين ولااه الس ايادة فااي إعااداد القااانون والتصااويت عليااه‪ ،‬وقااد عماال المؤسااس‬
‫الدستوري على حصر مجال تشريع البرلمان ضمن أحكام المواد ‪ 317‬و‪ 313‬من نفاس التعاديل‪ ،‬وماا عادا‬
‫ذلك فهو مجال مستقل عن البرلمان يعود إلى المجال التنظيمي ويعاود االختصااص فياه لارئيس الجمهورياة‬
‫وتشريعه يكون في المسائل غير المخصصة للقانون‪.‬‬

‫‪ -1‬سااعيد بوالشااعير‪ :‬النظــام السياســي الجزائــري دراســة تحليليــة لطبيعــة نظــام الحكــم فــي الجزائ ـر فــي ضــوء دســتور ‪ -2992‬الســلطة التشــريعية‬
‫والمراقبة‪ ،‬ج‪ ،1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.333‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬سرهنك حميد البرزنجي‪ :‬دراسات دستورية معقمة‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،6736 ،‬ص ‪.361‬‬
‫‪ -3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.363‬‬

‫‪91‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وفي إطار ذلك يمكن للمجلس الدستوري بعد إخطاره وفقا لنص المادة ‪ 390‬من التعديل الدستوري‬
‫لسنة ‪ 6739‬من طرف رئيس الجمهورياة أو رئايس المجلاس الشاعبي الاوطني أو رئايس مجلاس اَلماة رقاباة‬
‫دسااتورية القا اوانين العادي ااة‪ ،‬واقا ارار مراقبااة دس ااتورية القا اوانين معن اااه أن المجلااس التشااريعي يمك اان أن يخط ااأ‬
‫ولتصااحيح الخطااأ‪ ،1‬وجاادت الرقابااة اإللزاميااة كمااا أرينااا بالنساابة للقاوانين العضااوية والرقابااة االختياريااة لباااقي‬
‫النصوص لتعتبر رقابة دستورية القوانين كذلك إحادى نتاائج مبادأ تادرج التشاريع الاذي يقضاي بتقياد التشاريع‬
‫اَلدنى بالتشريع اَلعلى‪.2‬‬

‫فاإذا ماا تاام إخطاار المجلااس الدساتوري ماان طارف إحاادى الجهاات المخااول لهاا دسااتوريا ذلاك بشااأن‬
‫قانون ما‪ ،‬فإنه يفصل في دستوريتها ويصادر بخصاوص ذلاك أرياا أو قا ار ار نهائياا بدساتورية الانص القاانوني‬
‫موضوع اإلخطار من عدمها‪ ،‬وبناء عليه فالمجلس الدستوري ال يكون له التدخل من تلقاء نفسه للنظر في‬
‫دس ااتورية التش ااريعات العادي ااة إال إذا ت اام إخط اااره بخصوص ااها لتخض ااع ب ااذلك إل ااى الرقاب ااة الس ااابقة وه ااو م ااا‬
‫توضااحه أحكااام المااادة ‪ 399‬ماان التعااديل الدسااتوري بقولهااا‪ « :‬باإلضااافة إلااى االختصاصااات اَلخاارى التااي‬
‫خولتهااا إياااه ص اراحة أحكااام أخاارى فااي الدسااتور‪ ،‬يفصاال المجلااس الدسااتوري ب ارأي فااي دسااتورية المعاهاادات‬
‫والق اوانين والتنظيمااات» وذلااك بعاادما كااان المجلااس الدسااتوري يخضااع الق اوانين العاديااة إلااى الرقابااة القبليااة‬
‫والبعدية‪ ،‬حيث كان يفصل فيها بارأي قبال أن تصابح واجباة التنفياذ وبموجاب قارار فاي الحالاة العكساية وفقاا‬
‫لمااا نصاات عليااه المااادة ‪ 393‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 3669‬بنصااها علااى أنااه‪ « :‬يفصاال المجلااس‬
‫الدستوري باإلضافة إلى االختصاصاات التاي خولتهاا إيااه صاراحة أحكاام أخارى فاي الدساتور‪ ،‬فاي دساتورية‬
‫المعاهدات والقوانين والتنظيمات إما برأي قبل أن تصبح واجبة التنفيذ أو بقرار في الحالة العكسية»‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرقابة الدستورية على التنظيمات‪ :‬لئن كانات الهيئاة التاي تعاد القاوانين هاي الجهاة صااحبة السالطة‬
‫اَلعلااى باعتبارهااا المؤهلااة لممارسااة أساامى وظااائف الدولااة والمتمثلااة فااي التعبياار عاان اإلرادة العامااة للشااعب‬
‫بواسااطة التش اريع‪ ،‬فااإن الدساااتير الجزائريااة خولاات رئاايس الجمهوريااة المنتخااب ماان طاارف الشااعب مباش ارة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Jacques ROBERT: le juge constitutionnel juge des libertés, Montchrestien‬‬
‫‪Paris, 1999, p74‬‬
‫‪ -2‬سعاد حاافظي‪ :‬الضمانات القانية لتطبيق القواعد الدستورية والدوليـة بـين الـنص والواقـع‪ ،‬أطروحاة دكتاوراه تخصاص قاانون عاام‪ ،‬إشاراف تشاوار‬
‫جياللي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة تلمسان‪ ،6739-6733 ،‬ص ‪.116‬‬

‫‪92‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وحامي الدستور ومجسد وحدة اَلمة ممارسة السلطة السامية واللجوء إلى الشعب مباشرة إلى جانب إطالق‬
‫سلطته التنظيمية الواسعة من جهة‪ ،‬والمشاركة في التشريع من جهة ثانية‪.1‬‬

‫وكما أشرنا سابقا أن سلطة التنظيم تشمل المجال الخارج عن نطاق البرلمان في المساائل الخارجاة‬
‫عن نطاق القانون‪ ،‬وبالرجع إلى مبدأ تدرج القوانين نجد أن التنظيماات تحال فاي مرتباة أقال مان التشاريعات‬
‫اَلساسية والعادياة‪ ،‬ووفقاا للمعياار العضاوي تعاد بمثاباة قا اررات إدارياة باالنظر الختصااص السالطة التنفيذياة‬
‫بها أما من الناحية الموضوعية فتعتبار بمثاباة تشاريعات قائماة باذاتها لضامان قواعاد قانونياة عاماة ومجاردة‬
‫لذا فإن مسألة إخضاعها للرقابة الدستورية أمر منطقي انطالقا من مركزها القانوني كتشريع قائم بذاته‪.2‬‬

‫ورغم أن رقابة المجلس الدستوري على مطابقاة التنظيماات للدساتور تاتم بانفس اإلجاراءات الساارية‬
‫علاى القاوانين إال أنهاا تنحصاار فاي تلااك التنظيمااات التاي يصاادرها رئايس الجمهوريااة‪ ،‬أماا المجااال التنظيمااي‬
‫المخصص للوزير اَلول فتمارس عليه رقابة مشروعية من طرف مجلس الدولة َلنه تنظيم تنفيذي للقاوانين‬
‫أي يعتبر امتداد له‪.3‬‬

‫هذا وينعقد اختصاص المجلس الدستوري في الرقابة الدستورية على التنظيماات بإخطاار فاي إطاار‬
‫الرقاباة الساابقة عمااال بأحكاام الماواد ‪ 399‬و‪ 390‬مان التعااديل الدساتوري لساانة ‪ 6739‬شاأنه فااي ذلاك شااأن‬
‫القوانين العادية‪ ،‬وفي حال إخطار المجلس الدستوري بخصوص نص تنظيماي يكاون وقتهاا مطالباا باالنظر‬
‫فيااه ماان كافااة اَلوجااه وعلااى أرسااها احت ارام الاانص التنظيمااي للشااكليات واإلج اراءات الدسااتورية المقااررة مثاال‬
‫إجاراء احتارام المواعيااد المقااررة دسااتوريا‪ ،‬إال أن المجلااس الدسااتوري لاام يااتم إخطاااره ماان طاارف أي هيئااة ماان‬
‫الهيئ ااات المخ ااول له ااا الح ااق ف ااي ذل ااك ب ااأي ن ااص تنظيم ااي ص ااادر ع اان الس االطة التنفيذي ااة ل اايفحص م اادى‬
‫دستوريته‪ ،‬اَلمر الذي يمكن معه أن تفلت مان رقاباة الدساتورية وعلاى هاذا اَلسااس تسااءل اَلساتاذ "إليااس‬
‫جاوادي" قاائال ألايس مان الصاواب أن نأخاذ مان المجلاس الدساتوري رقاباة دساتورية التنظيماات ونحولهاا إلاى‬
‫‪4‬‬
‫مجلس الدولة كما هو الحال في لبنان؟‬

‫‪ -1‬سعيد بوالشاعير‪ :‬النظام السياسي الجزائري‪ -‬دراسة تحليلية لطبيعة نظـام الحكـم فـي ضـوء دسـتور ‪ - ،2992‬السـلطة التنفيذيـة ‪-‬ج‪ ،3‬المرجاع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ -2‬نوارة تريعة‪ :‬تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات في دول المغرب العربي – دراسة مقارنة‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القاانون العاام‪ ،‬كلياة الحقاوق‪ ،‬جامعاة‬
‫الجزائر‪ ،6736-6733 ،3‬ص ‪.336‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬سعاد حافظي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫‪ -4‬إلياس جوادي‪ :‬رقابة دستورية التنظيمات‪ ،‬مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد ‪ ،71‬جوان ‪ ،6736‬ص ‪.19‬‬

‫‪93‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫ورغاام أن المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري لاام يحاادد ميعااادا يجااب خاللااه إخطااار المجلااس الدسااتوري‬
‫حول القوانين العادية أو التنظيماات لممارساة رقابتاه بشاأنها‪ ،‬إال أناه حادد المادة التاي يتوجاب علاى المجلاس‬
‫الدستوري أن يبات خاللهاا فاي دساتورية القاانون أو التنظايم المعاروض علياه وهاي ثالثاين ‪ 17‬يوماا الموالياة‬
‫لتاريخ اإلخطار من طرف إحدى الجهات التي خول لها الدستور ذلك‪ ،‬ويبدأ سريان هذا الميعااد مان تااريخ‬
‫تسااجيل رسااالة اإلخطااار بمقاار اَلمانااة العامااة للمجلااس الدسااتوري وفقااا لاانص المااادة ‪ 13‬ماان النظااام المحاادد‬
‫لقواعااد عماال المجلااس الدسااتوري‪ ،‬مااا لاام يااتم النظاار فيهااا ماان طاارف المجلااس الدسااتوري اسااتعجاال فااي ماادة‬
‫عش ارة ‪ 37‬أيااام بطلااب ماان رئاايس الجمهوريااة عمااال بمااا ورد الاانص عليااه فااي المااادة ‪ 3/396‬ماان التعااديل‬
‫الدستوري لسنة ‪.6739‬‬

‫الجزئاري الانص علاى تعلياق العمال‬


‫ا‬ ‫ونشير في هذا المقاام إلاى أناه كاان يجادر بالمؤساس الدساتوري‬
‫ب االنص القااانوني أو التنظيمااي المعااروض أمامااه للتأكااد ماان دسااتوريته‪ ،‬هااذا إذا مااا علمنااا أنااه خااالل فت ارة‬
‫الفصاال فااي الدسااتورية ال يوجااد مااانع قااانوني يحااول دون تطبيااق أحكامااه‪ ،‬لااذا فااالنص علااى تعليااق العماال‬
‫بالقوانين محل النظر الرقابي يعد درء لتطبيق قانون مشكوك في دستوريته‪.‬‬

‫وخالصاة ماا تطرقناا إلياه أن رقاباة المجلاس الدساتوري ال تتوقاف عناد حاد رقاباة القاانون أو التنظايم‬
‫رغاام أن هااذا اَلخياار غياار محاادد بمجااال وال إج اراءات إصاادار فحسااب‪ ،‬باال تتعاادى إلااى تجريااد القااانون ماان‬
‫العيب الدستوري ماع اقتاراح ماا يحال محلاه مان خاالل اعتمااده َلسالوب المطابقاة ماع الاتحفظ عماال بجاوهر‬
‫الرقابة الدستورية التي يكون محلها التشريع بمفهومه الواسع‪ ،‬ورغم ذلك فالتعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬لم‬
‫يااأتي بجديااد فااي مجااال الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين العاديااة والتنظيمااات فكافااة مااا تطاارق لااه المؤسااس‬
‫الدستوري باإلصالح في هذا المجال مجرد تأكياد لماا ذهاب إلياه فاي دساتور ‪ 3669‬ماع تضاييق فاي نطااق‬
‫الرقابة االختيارية التي أصابحت رقاباة ساابقة بعاد أن كانات اختيارياة الرقاباة علاى دساتورية القاوانين العادياة‬
‫واَلنظمة تنصب على مشاريع القوانين كما تمتد لتشمل القانون بعد صدوره بموجاب ناص الماادة ‪ 393‬مان‬
‫التعديل الدستوري لسنة ‪ 3669‬بحجة أن الرقابة الالحقة على القوانين العادية يقتصار مجالهاا علاى اَلفاراد‬
‫في نطاق الدفع بعدم الدستورية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الصالحيات التقريرية واالستشارية للمجلس الدستوري‬

‫ال يمك اان إنك ااار ال اادور الكبي اار ال ااذي لعب ااه المجل ااس الدس ااتوري‪ ،‬وم ااا زال يلعب ااه ف ااي حرك ااة تطبي ااق‬
‫الديمقراطية عن طريق احترام الدستور بتعميم فكرة دستورية القوانين تكريسا لدولة القانون التي يخضع فيها‬

‫‪94‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫الحاااكم والمحكااوم لمباادأ المشااروعية ضاامانا لعلااو الدسااتور والحيلولااة دون الخااروج عاان أحكااام قواعااده‪ ،‬وان‬
‫اختلفاات الظااروف باعتباااره الماانظم للعالقااة بااين المؤسسااات الدسااتورية فااي الدولااة والماادافع اَلول عاان إرادة‬
‫الش ااعب والح ااامي لحقوق ااه وحريات ااه اَلساس ااية‪ ،‬وذل ااك م اان خ ااالل إس ااناد المؤس ااس الدس ااتوري الج ازئا اري إل ااى‬
‫المجلس الدستوري زيادة عن مهاماه الرقابياة اختصاصاات ذات طاابع تقرياري (المطلاب اَلول)‪،‬هاذا بجاناب‬
‫مهااام خاصااة ذات صاالة بالطااابع االستشاااري فااي الظااروف العاديااة كمااا فااي الظااروف الخاصااة (المطلااب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اختصاصات المجلس الدستوري المتعلقة باالنتخابات الرئاسية والتشريعية‬

‫ال نباالغ إذا قلناا أن الشاغل الشااغل للفكار الاديمقراطي الساائد فاي عصارنا الاراهن هاو كيفياة تجساايد‬
‫فكرة الديمقراطية بمعناها الحقيقي‪ ،‬لذلك نجاد أن المؤساس الدساتوري الج ازئاري قاد حارص فاي مجاال الرقاباة‬
‫على االنتخابات* الرئاساية منهاا كماا التشاريعية علاى ضامان ساير العملياة الديمقراطياة فاي أحسان الظاروف‬
‫سعيا منه لحماية حقوق وحريات اَلفراد بشكل عام‪ ،‬وحماية هذه الطائفة من الحقوق بشاكل خااص لماا لهاا‬
‫ماان صاالة فااي إسااهامهم فااي اختيااار قيااادتهم أو ماان ينااوب فااي رعايااة مصااالحهم التااي هااي ركيازة المصااالح‬
‫العليااا للااوطن اَلماار الااذي ماان شااانه تمكااين الماواطن ماان ممارسااة حقوقااه‪ ،‬وال فاارق فااي ذلااك بااين الناخااب‬
‫والمنتخ ااب‪ ،‬فض اارورة الحف اااظ عل ااى الحق ااوق المحمي ااة بموج ااب الدس ااتور ق ااائم عل ااى أس اااس تس ااوده المس اااواة‬
‫باعتبار االنتخابات الدعامة اَلساسية لنظام الحكم الديمقراطي والوسيلة المثلاى المعبارة عان اإلرادة الشاعبية‬
‫في اختيار رئيس الجمهورية أو النائب البرلماني‪ ،‬فضال على أن المشااركة الشاعبية فاي االنتخاباات تجساد‬
‫الممارسة العملية للديمقراطية وتعكس جاوهر عملياة صانع القارار فاي اإلصاالح السياساي‪ ،‬وعماال باذلك أكاد‬
‫المؤسس الدستوري الجزائري على إسناد المجلس الدستوري مهام مراقبة سير إجاراءات االنتخاباات الرئاساية‬

‫* لق ااد اختل ااف الب اااحثون ف ااي إح اااطتهم بموض ااوع االنتخابي ااات ومحاول ااة تعريف ااه با ااختالف مج اااالتهم المعرفي ااة م اان جه ااة واخ ااتالف س ااياقاتهم الثقافي ااة‬
‫والتاريخية والمجتمعية من جهة أخرى ومن بينها تعريف "أندري هوريو" الذي يعتبر االنتخاب "أداة مان أدوات ممارساة السالطة والمراقباة" التاي يمارساها‬
‫الشااعب علااى مؤسسااات الدولااة الساايما التداوليااة منااه‪ ،‬كمااا يعاارف "جاااك الرقااو" االنتخاااب علااى أنااه "يعنااي فااي أحااد جوانبااه ذلااك اإلطااار الااذي يمكاان‬
‫الم اواطنين ماان توظيااف طاقاااتهم فااي التعبياار والتظاااهر السياسااي بأساااليب مقبولااة ومشااروعية‪ ،‬واالنتخاااب بهااذا المعنااى يعباار عاان الطريقااة الشاارعية‬
‫المتالك السالطة‪...‬لالطالع أكثار أنظـر‪ /‬عباد اهلل بلغياث‪ :‬االنتخابـات واالسـتقرار السياسـي فـي الجزائـر –دراسـة فـي السـلوك االنتخـابي‪ ،‬ط‪ ،3‬مكتباة‬
‫الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،6730 ،‬ص ‪.61-66‬‬
‫‪ -‬تجدر اإلشارة هنا إلاى اناه باالعودة إلاى النظاام المحادد لقواعاد عمال المجلاس الدساتوري لسانة ‪ 6736‬نجاد أناه ناص علاى اإلجاراءات الخاصاة برقاباة‬
‫الدستورية وكذا رقابة المطابقة للدستور‪ ،‬فيما سكت عنها فيماا يخاص اإلجاراءات المتبعاة خاالل الفصال فاي صاحة الطعاون المتعلقاة بنتاائج االنتخاباات‬
‫وهو ما يعني أنها إجراءات تطبق قياساا علاى ساائر اختصاصااته‪ ،‬أنظـر‪ /‬فاي ذلاك‪ :‬نسايم ساعودي‪ :‬سـلطات المجلـس الدسـتوري الجزائـري فـي الرقابـة‬
‫علــى االنتخاب ـات‪ ،‬المؤلااف بأكملااه‪ ،‬وكــذا ‪ /‬إلياااس ج اوادي‪ :‬دور المجلــس الدســتوري فــي رقابــة دســتورية الق ـوانين وصــحة االنتخابــات البرلمانيــة‪،‬‬
‫ص‪ 393‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫والتشريعية وتقدير مدى صحتها واعالن نتائجها‪ ،‬وهو ما سنحاول التطرق إليه بشيء من التفصيل في هذا‬
‫المطلب‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬رقابة المجلس الدستوري على صحة االنتخابات الرئاسية‬

‫ألقاات ضاارورة تحقي ااق إج اراء انتخاب ااات ح ارة ونزيه ااة علااى ع اااتق الاادول الديمقراطي ااة واجااب وض ااع‬
‫ضمانات كافياة لممارساة هاذه االنتخاباات واحتارام إرادة الناخاب والمترشاح‪ ،‬وباالعودة إلاى التعاديل الدساتوري‬
‫الج ازئااري لساانة ‪ 6739‬نجااد أن المؤسااس الدسااتوري لاام يحااد فيااه عاان هااذا المسااار وذلااك بعاادم وقوفااه فااي‬
‫نصااوص الدسااتور عنااد مجاارد ضاامان حااق كاال م اواطن فااي ممارسااة حااق االنتخاااب أو الترشااح لالنتخابااات‬
‫الرئاسية‪ ،‬وانما تجاوز ذلك إلى النص على حماية هذا الحاق مان كال ماا يمكان أن يماس أو يعرقال أو يحاد‬
‫ماان حااق الم اواطنين فااي انتخابااات ح ارة ونزيهااة ماان منطلااق أن حااق االنتخاااب ال ينتهااي بمجاارد الترشااح أو‬
‫تعبياار الم اواطن عاان أريااه باال يتعااداه إلااى مصااير هااذا ال ارأي الااذي يعباار عاان رغبتااه الحقيقيااة‪ ،‬فكااان تاادخل‬
‫المؤسس الدستوري باالنص علاى نظاام حماياة رقابياة للحيلولاة دون انحاراف مساار االنتخاباات إلاى غيار ماا‬
‫نص عليه الدستور من نزاهة وشفافية ولعل أهم هذه الضمانات الرقابية التي نص عليهاا الدساتور إلحاطاة‬
‫الحقوق السياسية لألفراد بحماية خاصة التدخل الرقابي للمجلس الدساتوري بصاورة قبلياة كماا يكاون لاه ذلاك‬
‫بعد العملية االنتخابية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الرقابة القبلية للمجلس الدستوري علـى االنتخابـات الرئاسـية‪ :‬تبادأ مهاام المجلاس الدساتوري الرقابياة‬
‫في المرحلة السابقة لالنتخابات الرئاسية برقابة الضمانات المتعلقة بممارساة حاق الترشاح‪ ،‬نظا ار الرتباطهاا‬
‫الوثيااق والمباشاار بالعمليااة االنتخابيااة‪ ،‬وعليااه ساايتم التطاارق فااي هااذا العنصاار إلااى رقابااة المجلااس الدسااتوري‬
‫على الشروط الواجاب توافرهاا فاي المترشاح لمنصاب رئاساة الجمهورياة‪ ،‬مارو ار بالرقاباة علاى إجاراءات تقاديم‬
‫ملف الترشح ‪.‬‬

‫أ‪ -‬شـــروط الترشـــ لالنتخابـــات الرئاســـية‪ :‬يعتب اار االنتخ اااب والترش ااح حق ااان متك ااامالن ال تق ااوم العملي ااة‬
‫االنتخابية بواحد منهما دون اآلخر‪ ،‬والحق ال ينعقد وال يكون نافذا إذا لم تتوفر الحرية ابتداء لذلك تحارص‬
‫كثياار ماان دساااتير الاادول المعاص ارة علااى كفالااة حريااة الترشااح وتمكااين الم اواطنين ماان ممارسااتها‪ ،‬وال يمكاان‬
‫القول بأن إقرار حق الترشح يتيح َلي مواطن كائنا من كان أن يمارس حق الترشح لذلك درجت الدساتير‬

‫‪96‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫‪1‬‬
‫كما القوانين االنتخابية على تحديد شروط يجب توافرها فيمن يرشح نفسه لتولي منصب رئاسة الجمهورياة‬
‫وتتمثل مهمة المجلس الدستوري في المرحلة السابقة على عملية التصويت بالنسبة لالنتخابات الرئاسية في‬
‫رقابة صحة الترشيحات‪ ،‬حيث توجب قواعاد التعددياة وحرياة الترشاح تحدياد وضابط مجموعاة مان الشاروط‬
‫والمبادئ التي تضمن تحقياق هاذه القواعاد‪ ،‬بغارض تحقياق قاعادة المسااواة باين الجمياع أماام حرياة الترشايح‬
‫وبالنتيجة إعطاء مصداقية لعملية الترشح‪ ،2‬لذا حدد المؤسس الدستوري والمشرع الجزائري الشروط الواجاب‬
‫توافرهااا للترشااح لالنتخابااات الرئاسااية علااى أن تخضااع هااذه الشااروط لرقابااة المجلااس الدسااتوري للفصاال فااي‬
‫مادى صاحتها‪ ،‬حيااث يجاب علااى المجلاس الدساتوري فحااص ملاف الترشااح للتأكاد مان تااوفر الوثاائق الثبوتيااة‬
‫للشروط المنصوص عليها في الدستور وكذا الشروط المنصوص عليها في القانون العضوي لالنتخابات‪.‬‬

‫‪-2‬الشـروط المنصــوص عليهـا فــي الدسـتور‪ :‬حاادد المؤساس الدساتوري الج ازئاار شاروط الترشاح للرئاساايات‬
‫في أحكام المادة ‪ 90‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬كما يلي‪:‬‬

‫‪-‬شــرط الجنســية‪ :‬لاايس كاال ماان يقاايم علااى إقلاايم الدولااة لااه حااق الترشااح فاي االنتخابااات العامااة لهااذه الدولااة‬
‫فااالمعروف أن سااكان الدولااة أو ماان يقيمااون علااى أرضااها ليساوا هاام فقااط شااعب الدولااة وانمااا ماانهم اَلجانااب‬
‫أيضااا‪ ،3‬لااذا فماان الطبيعااي أن يشااترط فااي المترشااح التمتااع بالجنسااية الجزائريااة اَلصاالية وهااذا يعنااي إبعاااد‬
‫المتجنس الذي اكتسب الجنسية الجزائرية بعد أن كاان حاامال لجنساية دولاة أخارى أو الاذي يحمال جنسايتين‬
‫والغرض مان ذلاك حماياة مصالحة المجتماع مان إساناد قيادتاه إلاى غيار ذوياه اَلصاليين ويعتبار هاذا الشارط‬
‫ضروريا َلن حامل الجنسية الجزائرية أصال يكون أكثر ارتباطاا وتمساكا باالوطن واَلماة ومصاالحها مقارناة‬
‫بالمتجنس الذي قد يكون طلب الجنسية َلغراض بعيدة عن االنتماء إلى الوطن واَلمة‪،4‬‬

‫‪-‬شرط اإلسالم‪ :‬يمكن اعتبار هذا الشرط ضارورة واقعياة‪ ،‬كماا يمكان اعتبااره امتادادا للماادة الثانياة ‪ 76‬مان‬
‫الدستور الناصة على أن دين الدولة اإلسالم بل الدستور يحمل رئيس الجمهورية –نصا وروحا‪ -‬بأعباء ال‬
‫يقوم بها إال مسالم ويمكان أن نلاتمس ذلاك مان خاالل القسام الاذي سايؤديه عناد اعتالئاه للسالطة‪ ،‬كماا يمكان‬

‫‪ -1‬أنظاار‪ /‬يحااي محم ااد علااى الطي اااري‪ :‬الضـــمانات الدســـتورية والقانونيـــة لالنتخابـــات العامـــة –دراســـة مقارنـــة‪ ،‬ط‪ ،3‬المرك ااز القااومي لإلص اادارات‬
‫القانونية‪ ،‬القاهرة مصر‪ ،6736 ،‬ص ص ‪.133-131‬‬
‫‪ -2‬نسيم سعودي‪ :‬سلطات المجلس الدستوري الجزائري في الرقابة على االنتخابات‪ ،‬ط‪ ،3‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،6739 ،‬ص‪.63‬‬
‫‪ -3‬يحي محمد علي الطياري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬النظام السياسي الجزائري‪ -‬دراسة تحليلية لطبيعة نظام الحكم في ضوء ديسمبر ‪ -2992‬السلطة التنفيذية‪ -‬ج ‪،1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.39-30‬‬

‫‪97‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫اعتبار هذا الشرط كإفراز طبيعي لفطرة المجتمع الجزائري الذي لن يقبل بأي حال من اَلحوال بشاخص ال‬
‫يدين اإلسالم أن يحكمه ويدير شؤون بالده‪.1‬‬

‫‪-‬شرط السن‪ :‬نصات الماادة ‪ 90‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6739‬علاى أناه ال يحاق أن ينتخاب لرئاساة‬
‫الجمهورية إال المترشح الذي يكون عمره أربعين ‪ 17‬سنة كاملة يوم االنتخااب كحاد أدناى‪ ،‬إال أن المؤساس‬
‫الدستوري لم يشترط سنا كحد أقصى للترشح‪ ،‬واكتفى باشتراط بلوغ سن اَلربعين ‪ 17‬العتباره قرينة للنضج‬
‫واإلدراك‪ ،‬حيث يفترض في من بلغ هذا السن أن يكون قد اكتسب من الحياة خبرة وحنكة تؤهالنه العاتالء‬
‫منصب بمثل هذه اَلهمية البالغة‪.‬‬

‫‪-‬شــرط التمتــع بكامــل الحقــوق المدنيــة والسياســية‪ :‬اشااترط المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري الكتمااال أهليااة‬
‫الترشااح لمنصااب رئاايس الجمهوريااة أن يكااون المترشااح متمتعااا بكاماال حقوقااه المدنيااة والسياسااية وبالتااالي ال‬
‫يحااق الترشااح لماان فقااد أو حاارم ماان هااذه الحقااوق كلهااا أو بعضااها‪ ،‬وهااذا الشاارط يترتااب علااى التمتااع بصاافة‬
‫الناخااب‪ ،‬حيااث ال يتحقااق هااذا الشاارط فااي المترشااح إال إذا كااان يحااوز علااى صاافة الناخااب وتثباات المجلااس‬
‫الدستوري مان تاوافر هاذا الشارط يكاون بتقاديم وثيقتاين اَلولاى تتمثال فاي بطاقاة الناخاب والثانياة هاي شاهادة‬
‫السوابق العدلية‪.2‬‬

‫‪-‬شــرط إثبــات تمتــع زوج المترشــ بالجنســية الجزائريــة األصــلية فقــط‪ :‬شاارط جديااد جاااء الاانص عليااه‬
‫بموجااب التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ ،6739‬ألاازم بااه المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري المترشااح لمنصااب رئاسااة‬
‫الجمهورية حيث يجب أن يكون زوجه متمتعا بالجنسية الجزائرية اَلصلية فقط‪ ،‬وهنا يستبعد المترشح الذي‬
‫يكون زوجه حامال للجنسية الجزائرية المكتسبة على خالف دستور ‪ 3669‬الذي كان يسمح بذلك‪.3‬‬

‫‪-‬شــرط اإلقامــة‪ :‬شاارط مسااتحدث بأحك اام التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬وتاام بموجبااه تحديااد الماادة الاادنيا‬
‫لإلقامااة الدائمااة بااالجزائر دون ساواها لماادة عشاار ‪ 37‬ساانوات قباال إيااداع ملااف الترشااح وهااو شاارط بااديهي إذ‬
‫الجزئااري‪ ،‬أن يكااون علااى د اريااة شاابه تامااة بمختلااف جوانااب واقعااة‬
‫ا‬ ‫ينبغااي فااي ماان يريااد أن يحكاام المجتمااع‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬فوزي أوصديق‪ :‬الوافي في شرح القانون الدستوري الجزائري –السلطات الثالث‪ ،‬ط‪ ،1‬د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬بن عكنون الجزائر‪ ،6779 ،‬ج‪ ،1‬ص‬
‫ص ‪.379-373‬‬
‫‪-2‬أنظر‪ /‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬النظام السياسي الجزائري دراسة تحليلية لطبيعة نظام الحكم في ضوء تعديل الدسـتور ‪– 2992‬السـلطة التنفيذيـة‪ -‬ج‪،1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 36-39‬‬

‫‪98‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وخاصة االقتصادية واالجتماعية منها‪ ،‬كما يفترض فيه أن يكون على علم بالتطورات التي شهدتها الساحة‬
‫السياسية وكذا النظام السياسي في البالد‪.‬‬

‫‪-‬شــرط النضــال الثــوري‪ :‬شاارط ألاازم بااه المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري كاال مترشااح‪ ،‬لتااولي منصااب رئاسااة‬
‫الجمهورية‪ ،‬حياث يجاب علاى المترشاح أن يساتوفي شارطين يتعلقاان باالموقف مان ثاورة أول ناوفمبر ‪3631‬‬
‫أحدهما يخص المترشح ذاته‪ ،‬أما الثاني فيخص أبويه‪:‬‬

‫أمااا الشاارط الخاااص بالمترشااح فأساسااه فااتح إمكانيااة الترشااح إلااى أعلااى منصااب فااي الدولااة لماان لاام‬
‫يتخاذلوا في الدفاع عن وطنهم وضحوا في الثورة بأنفسهم وشابابهم مان أجال تحريار الاوطن فاي حاين يحارم‬
‫من هذا الحق من اتخذ موقفا سلبيا متخاذال من الثورة‪.1‬‬

‫أما الشرط الخاص بأبوي المترشح فيتعلق بالمترشح المولود بعد تاريخ يولياو ‪ 3616‬حياث يتوجاب‬
‫عليه تقديم ما يثبت عدم تورط والديه سواء اَلب أو اَلم في أعمال ضد ثورة التحرير‪.2‬‬

‫‪-‬شرط التصري العلني بالممتلكات‪ :‬شرط استحدث بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪ ،3669‬حياث لام ياتم‬
‫الاانص عليااه فااي الدساااتير السااابقة لهااذا التعااديل والهاادف ماان إل ازام المترشااح للرئاساايات بااه إضاافاء الشاافافية‬
‫بخصااوص ممتلكااات المترشااح‪ ،‬فضااال عاان محاربااة اسااتغالل النفااوذ فااي الوصااول إلااى الث اراء والكسااب غياار‬
‫المشروع‪ ،‬إال أن هذا الشرط لم يشمل زوج المترشح أو أبنائه واقتصر فقط على المترشح‪.3‬‬

‫‪ -2‬الشروط المنصوص عليها في قانون االنتخابات‪ :‬فضال عن الشروط المنصوص عليها فاي الدساتور‬
‫أضاف القانون العضوي لالنتخابات شروط تكميلية لقبول ملف الترشح تتمثل في اآلتي‪:‬‬

‫‪-‬تقديم شهادة طبية‪ :‬يتوجب على المترشح لالنتخاباات الرئاساية إرفااق ملاف ترشاحه بشاهادة طبياة مسالمة‬
‫للمعني من طرف أطباء محلفين‪ ،4‬ونظ ار لغماوض الانص القاانوني وعادم وضاوحه ودقتاه وساكوت الدساتور‬
‫عان مسااألة السااالمة البدنياة العقليااة للمترشااح‪ ،‬جعاال المجلاس الدسااتوري يتاادخل لساد هااذه الثغارة موضااحا أن‬

‫‪ -1‬عباااس بلغااول‪ :‬المجلــس الدســتوري ودوره فــي الرقابــة علــى االنتخابــات الرئاســية والتشــريعية وعمليــات االســتفتاء –دراســة مقارنــة‪ -‬دار الكتاااب‬
‫الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،6736 ،‬ص ‪396‬‬
‫‪ -2‬سااعيد بوالشااعير‪ :‬النظــام السياســي الجزائــري دراســة تحليليــة لطبيعــة نظــام الحكــم فــي ضــوء تعــديل دســتور ‪– 2992‬الســلطة التنفيذيــة‪ -‬ج‪،1‬‬
‫المرجع السابق ص ‪.67‬‬
‫‪ -3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.63-67‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 9/316‬من القانون العضوي رقم ‪ 79-36‬المؤرخ في ‪ 31‬محرم عام ‪ 3113‬الموافق ‪ 31‬سبتمبر سنة ‪ 6736‬المعدل والمتمم‬
‫للقانون العضوي رقم ‪ 37-39‬المؤرخ في ‪ 66‬ذي القعدة عام ‪ 3110‬الموافق ‪ 63‬غشت سنة ‪ 6739‬والمتعلق بنظام االنتخابات‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪،33‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 33‬سبتمبر ‪.6736‬‬

‫‪99‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫الشهادة الطبية يجاب أن تثبات تمتاع المترشاح بقاواه البدنياة والعقلياة‪ ،‬لكان تبقاى مساألة الشاهادة الطبياة تثيار‬
‫الكثير من الغماوض َلناه حتاى بياان المجلاس الدساتوري لام يوضاح ناوع اَلماراض أو العاهاات التاي تتناافى‬
‫وممارسة رئيس الجمهورية لمهامه‪ ،1‬وهو ما يبقي المشكل الصحي للمترشح للرئاسيات مطروحا في تاريخ‬
‫االنتخابات الجزائرية ويعيد إلى اَلذهان قبول ترشح السيد عبد العزيز بوتفليقة لرئاسيات ‪ 6731‬وهو مقعاد‬
‫وفوزه فيها‪.‬‬

‫‪ -‬إثبات تأدية الخدمة الوطنيـة أو اإلعفـاء منهـا‪ :‬يعتبار شارط أداء الخدماة الوطنياة أو اإلعفااء منهاا مان‬
‫الشروط القانونية التي أوجبها المشرع على المترشح لالنتخابات الرئاسية‪ ،‬حيث يجاب علاى كال مترشاح أن‬
‫يكون قد أدى واجب الخدمة الوطنية أو تام إعفااؤه منهاا َلي سابب مان اَلساباب إماا أن يكاون فاي وضاعية‬
‫قانونية سواء المؤجل أو الذي تم إرجاؤه من التجنيد‪ ،‬وكذلك الذي لام ياؤدي واجباه الاوطني أو غيار المعفاى‬
‫منااه فااال يحااق لااه الترشااح لالنتخابااات الرئاسااية‪،2‬اَلماار الااذي أكدتااه المااادة ‪ 79‬ماان القااانون رقاام ‪79-31‬‬
‫المتعلق بالخدمة الوطنية بقولها أنه‪ « :‬كل مواطن مادعو لشاغل وظيفاة أو منصاب مساؤولية فاي مؤسساات‬
‫الدولة والهيئات التابعة لها‪ ،‬أو لتاولي مهماة انتخابياة يجاب أن يكاون متحار ار مان الت ازماات الخدماة الوطنياة‬
‫كما هو محدد في المادة ‪ 97‬أدناه»‪.3‬‬

‫‪-‬التمتــع بالمؤهــل العلمــي‪ :‬يقصااد بهااذا الشاارط أن يكااون المرشااح حاصااال علااى شااهادة علميااة فااي مسااتوى‬
‫معين على اَلقل‪ ،‬واذا كانات بعاض التشاريعات العربياة قاد اشاترطت صاراحة علاى المرشاح الكفااءة العلمياة‬
‫وكحد أدنى القراءة والكتابة كالعراق ولبنان‪ .4‬فإن المؤسس الدستوري الجزائري وعلى خالفهام لام ياأتي علاى‬
‫ذكاار هااذا الشاارط رغاام أهميتااه فااي جميااع دساااتير الجمهوريااة منااذ ‪ 3691‬إلااى غايااة التعااديل الدسااتوري لساانة‬
‫‪ 6739‬رغم ضرورة توافره فاي مان يرغاب فاي الترشاح لمنصاب بمثال هاذه اَلهمياة وماا يتعلاق باه مان مهاام‬
‫سامية على الصاعيدين الاداخلي والخاارجي‪ ،‬اَلمار الاذي يادفع إلاى حالاة مان االساتغراب حاول المغازى مان‬
‫سكوت المؤسس الدستوري طيلة هذه الفترة عن شرط يمثل هذه اَلهمية‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.60-69‬‬


‫‪ -2‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -3‬قانون رقم ‪ 79-31‬مؤرخ في ‪ 31‬شوال عام ‪ 3113‬الموافق ‪ 6‬غشت سنة ‪ ،6731‬يتعلق بالخدماة الوطنياة‪ ،‬ج ر‪ ،‬عادد ‪ 19‬الصاادرة بتااريخ ‪37‬‬
‫غشت سنة ‪.6731‬‬
‫‪ -4‬شاوقي يعايش تماام‪ :‬الطعـون فـي انتخابـات المجـالس النيابيـة فـي دول المغـرب العربـي ( الجزائـر‪ ،‬تـونس‪ ،‬المغـرب)‪ ،‬أطروحاة دكتاوراه تخصاص‬
‫قانون دستوري‪ ،‬إشراف عبد الجليل مفتاح‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة بسكرة‪ ،6731 -6731 ،‬ص ‪.331‬‬

‫‪100‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وفي أهمية ذلك يرى "بارتلي"بأنه أصبح من مبادئ العلوم السياسية أن الجماعاات يجاب أن يتاولى‬
‫شؤون أمرها النخبة الممتازة‪ ،‬بينما يرى"ريمون بوكلي" أن ما تتعرض له الدولة من أزمات اقتصادية ومالية‬
‫يعااود إلااى ضااعف مسااتوى البرلمااان الااذي ال يرقااى إلااى مسااتوى تفهاام وادراك هااذه الحقااائق مااع عاادم إلمااامهم‬
‫بوسااائل التغلااب عليهااا‪ ،‬أو التحقيااق ماان حاادتها علااى اعتبااار أن هااذه المسااائل تتساام بالدقااة إذ ال ياادركها إال‬
‫المختصااون الااذين درسااوها د ارسااة معمقااة وأحاااطوا بكاال تفاصاايلها وينتهااي إلااى القااول بااأن علااى الناااخبين أن‬
‫يختاروا نوابا أكفاء يستطيعون االضطالع بأعمال اَلمة والسير بها إلى بر اَلمان بما يحقق سيادة الشعب‬
‫ورفاهيته‪.1‬‬

‫وهي النصيحة التي عمل بها المشرع الجزائري أخي ار بالنص علاى اشاتراط شاهادة جامعياة للمترشاح‬
‫للرئاس اايات أو ش ااهادة معادل ااة له ااا بموج ااب ن ااص الم ااادة ‪ 6/316‬ما ان الق ااانون العض ااوي ‪ 37-39‬المع اادل‬
‫والمتمم بموجب القاانون العضاوي ‪َ 79-36‬لناه يفتارض فاي رئايس الجمهورياة أن يكاون ذو مساتوى علماي‬
‫عالي يؤهله لحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه على اختالفها داخل البالد وخارجها‪ ،‬ونشير إلى أنه رغم‬
‫توافاق الكثيار مان الدسااتير وفاي مختلاف الاادول علاى إدراج شارط المؤهال العلماي كشارط للترشاح للرئاساايات‬
‫إال أنهم اختلفوا حول تحديد درجة المستوى العلمي المطلوب في المترشح‪ ،‬حيث ذهب البعض إلى ضارورة‬
‫اشااتراط المشاارع حصااوله علااى مؤهاال عااال يت ايح لااه إمكانيااة المشاااركة الفعالااة فااي العماال السياسااي وفهاام‬
‫حقيقتااه‪ ،‬فيمااا ذهااب الاابعض اآلخاار إلااى االكتفاااء باشااتراط مؤهاال علمااي معااين ولاايس مؤهاال عااال م ارعاااة‬
‫لظروف العالم الثالث التي مازالت تعاني من انتشار اَلمية بين شعوبها‪.2‬‬

‫‪ -‬نسخة عن بطاقة الناخب‪ :3‬وهي بطاقة تثبت للمجلس الدستوري أن صااحب التصاريح بالترشاح مساجل‬
‫بااالقوائم االنتخابيااة ويمااارس حقوقااه وواجباتااه االنتخابيااة‪ ،‬رغاام أن حيااازة هااذه البطاقااة ال تعنااي أن صاااحبها‬
‫مااارس هااذا الحااق‪ ،‬وف اي كاال اَلح اوال يبقااى الشاارط القااانوني واضااح والااذي هااو إرفاااق ملااف الترشااح ببطاقااة‬
‫الناخب دون اشتراط إثبات مشاركته في المواعيد االنتخابية السابقة‪.4‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬أحمد بنيني‪ :‬اإلجراءات الممهدة للعملية االنتخابية في الجزائر‪ ،‬أطروحة دكتوراه فاي العلاوم القانونياة‪ ،‬إشاراف باارش ساليمان‪ ،‬كلياة الحقاوق‬
‫والعلوم السياسية جامعة باتنة‪ ،6779-6773 ،‬ص ‪.361‬‬
‫‪ -2‬نادية خلفة‪ :‬آليات حماية حقوق اإلنسان في المنظومة القانونية الجزائرية –دراسة بعض الحقوق السياسية‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص قانون‬
‫دستوري‪ ،‬إشراف شادية رحاب كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة باتنة‪ ،6737-6776 ،‬ص ‪.673‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 31/316‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم بموجب القانون العضوي ‪ ،79-36‬مصدر سابق‪.‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪/‬عباس بلغول‪ :‬المجلس الدستوري ودوره في الرقابة على االنتخابات الرئاسية والتشريعية وعمليات االستفتاء –دراسة مقارنة‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.367‬‬

‫‪101‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫‪ -‬شرط جمع التوقيعات‪ :‬يقتضي قبول التصريح بالترشيح لالنتخابات الرئاسية فضال عن استيفاء الشروط‬
‫المحددة في نص المادة ‪ 90‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬إرفاق ملف الترشح وفقا لما نصت عليه‬
‫المادة ‪ 316‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم بموجب القانون العضوي ‪ 79-36‬بقائمة‬
‫تتضمن خمسين ألف ‪ 37777‬توقيع فردي على اَلقل لناخبين مسجلين في قائمة انتخابية‪ ،‬ويجب أن‬
‫تجمع عبر ‪ 63‬والية على اَلقل وينبغي أن ال يقل العدد اَلدنى من التوقيعات المطلوبة في كل والية من‬
‫الواليات المقصودة عن ‪ 36777‬توقيع ويجب أن تدون هذه التوقيعات في مطبوع فردي مصادق عليه‬
‫لدى ضابط عمومي وتودع هذه المطبوعات لدى السلطة الوطنية المستقلة لالنتخابات في نفس الوقت‬
‫الذي يودع فيه ملف الترشح موضوع المادة ‪ 316‬من هذا القانون العضوي‪ ،‬هذا وقد تم تقليص توقيعات‬
‫اَلفراد التي كانت ستين ألف ‪ ،97777‬كما تم استبعاد توقيعات المنتخبين في المجالس البلدية والوالئية‬
‫والبرلمانية وفي ذلك إعمال لمبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين عامة واَلحرار منهم خاصة بموجب نفس‬
‫المادة من نفس القانون‪.‬‬

‫ب‪ -‬إجراءات إيداع ملف الترش للرئيسيات‪ :‬لضرورة فرضتها الظروف التي عاشتها الساحة السياسية‬

‫الجزائرية –الحراك الشعبي‪ -‬مؤخ ار توجه المشرع الجزائري إلى إنشاء سلطة وطنية مستقلة* مهمتها التكفل‬
‫بتجسيد وتعميق الديمقراطية الدستورية وترقية النظام االنتخابي المؤدي للتداول السلمي والديمقراطي على‬
‫ممارسة السلطة وتحتكم في ذلك لمبدأ سيادة الشعب عن طريق انتخابات حرة شفافة تعددية ونزيهة تعبر‬
‫عن اختيار الشعب بإرادته الحقيقية وفي إطار ذلك تختص السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة االنتخابات‬
‫بدراسة ملفات التصريح بالترشح لالنتخابات الرئاسية التي أصبحت تودع على مستوى مصالحها أوال‬
‫وتحديدا لدى رئيس السلطة وفقا لما نصت عليه المادة ‪ 316‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل‬
‫والمتم‪.‬‬

‫وبالرغم من تولي السلطة المستقلة دراسات ملفات الترشح إال أن دور المجلس الدستوري فاي ذلاك‬
‫ال ي ازال قائمااا باعتباااره دور دسااتوري ويااأتي مباش ارة بعااد إعااالن الساالطة الوطنيااة المسااتقلة لالنتخابااات عاان‬
‫القائمااة النهائيااة للمترشااحين المقبولااة ملفاااتهم وارسااال ق ارراتهااا المتعلقااة بالترشاايحات مرفقااة بملفااات الترشاايح‬
‫في أجل أقصاه أربع وعشرون‪ 61‬ساعة من تاريخ صدورها إلى المجلس الدستوري لتتم بذلك دراسة ملفات‬

‫‪102‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫‪1‬‬
‫الترشااح للرئيساايات علااى درجتااين‪ ،‬وتتمثاال إج اراءات تقااديم ملااف الترشااح فااي إيااداع التص اريح بالترشااح‬
‫فضال عن الوثائق الثبوتية كالشروط الدستورية والقانونية‪.‬‬
‫‪ -2‬إيــداع التصــري بالترش ـ ‪ :‬يااتم إيااداع الترشااح لرئاسااة الجمهوريااة ماان قباال الرشااح شخصاايا لاادى رئاايس‬
‫الساالطة الوطنيااة المسااتقلة لالنتخابااات مقاباال تسااليم وصاال وفقااا لمااا نصاات عليااه المااادة ‪ 316‬ماان القااانون‬
‫العضااوي ‪ 37-39‬المعاادل والمااتمم‪ ،‬ويجااب أن يتضاامن الطلااب اساام المترشااح المعنااي ولقبااه وتوقيعااه وكااذا‬
‫مهنته وعنوانه في ظرف اَلربعين‪ 17‬يوما على اَلكثر الموالية لنشر المرسوم الرئاساي المتضامن اساتدعاء‬
‫الهيئااة الناخبااة‪ 2‬ل ايقلص بااذلك ميعاااد إي اداع ملفااات التص اريح بالترشااح بماادة خمسااة ‪ 73‬أيااام علااى مااا كاناات‬
‫عليه قبل تعديل القانون العضوي ‪.37-39‬‬

‫وحدد المجلس الدستوري في بيان له بتاريخ ‪ 76‬فبراير ‪ 6776‬شكل طلاب الترشاح بأناه عباارة عان‬
‫اسااتمارة تسااليم للمترشااح عنااد إيداعااه ملااف الترشااح علااى أن يقااوم بملئهااا والتوقيااع عليهااا فااي عااين المكااان‪،3‬‬
‫ويرفق طلب الترشح فضال عن الوثائق اإلدارية المثبتة للشروط الدستورية وكذا القانونية تعهد كتابي يوقعه‬
‫المترشح يتضمن الحفاظ على الهوية الوطنية في أبعادها الثالث – اإلسالم‪ ،‬العروبة‪ ،‬اَلمازيغية ‪ -‬وعدم‬
‫استعمالها في أغراض حزبية مع احتارام مباادئ أول ناوفمبر ‪ 3631‬والعمال علاى تجسايدها فاي ظال احتارام‬
‫الدستور واالمتثال للقوانين المعمل بها في الجمهورية‪ ،‬وتكريس مبادئ السلم والمصاالحة الوطنياة ماع نباذ‬
‫العنااف كوساايلة للتعبياار أو العماال السياسااي والوصااول أو البقاااء فااي الساالطة والتنديااد بااه‪ ،‬فضااال عاان تعهااد‬
‫المترشااح علااى احت ارام الحريااات الفرديااة والجماعيااة واحت ارام حقااوق اإلنسااان ورفااض الممارسااات اإلقطاعيااة‬
‫والجهويااة والمحسااوبية والعماال علااى توطيااد وحاادة الااوطن والحفاااظ علااى ساايادته الحزبيااة‪ ،‬واحت ارام التااداول‬
‫الااديمقراطي علااى الساالطة عاان طريااق االختيااار الحاار للشااعب الج ازئااري إضااافة إلااى الحفاااظ علااى سااالمة‬
‫التراب الوطني واحترام مبادئ الجمهورية‪.4‬‬

‫*ساالطة وطنيااة مسااتقلة لمراقبااة االنتخابااات تسااتمد وجودهااا وتحديااد صااالحياتها وتشااكيلها وساايرها ماان القااانون العضااوي رقاام ‪ 70-36‬المااؤرخ فااي ‪31‬‬
‫محرم عام ‪ 3113‬الموافق ل ‪ 31‬سبتمبر سنة ‪ ،6736‬ج ر‪ ،‬عدد‪ ،3‬الصادرة بتاريخ ‪ 33‬سبتمبر سنة ‪.6736‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 1/3166‬من القانون العضوي رقم ‪ 37-39‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ -‬كما نصت المادة ‪ 19‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلاس الدساتوري لسانة ‪ 6736‬فاي إطاار ذلاك علاى أناه يجاب تساليم المجلاس الدساتوري‬
‫ق ا اررات الساالطة الوطنيااة المسااتقلة لالنتخابااات المتعلق اة بالترشاايحات‪ ،‬مرفقااة بملفااات الترشااح‪ ،‬وذلااك خااالل اَلربااع والعش ارين (‪ )61‬ساااعة ماان تاااريخ‬
‫صدورها وتودع لدى اَلمانة العامة للمجلس الدستوري مقابل وصل استالم‪.‬‬
‫‪-2‬المادة ‪317‬من القانون العضوي ‪ ،39-39‬المعدل والمتمم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪/‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 67/316‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫‪ -2‬الوثائق الثبوتية للشروط الدسـتورية والقانونيـة‪ :‬أوجبات الماادة ‪ 316‬مان القاانون العضاوي ‪37-39‬‬
‫المعدل والمتم على المترشح للرئيسات إرفاق طلب الترشح زيادة على التعهد الكتابي الذي يوقعاه بمجموعاة‬
‫من الوثائق اإلدارية المثبتة للشروط الدستورية وأخرى مثبتة للشروط القانونية للترشح‪.‬‬

‫‪ -2-2‬الوثائق المثبتة للشروط الدستورية للترشـ ‪ :‬تتمثال فاي الوثاائق المثبتاة للشاروط الاواردة فاي ناص‬
‫المادة ‪ 90‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬وهي اآلتي‪" :‬نسخة كاملاة مان شاهادة مايالد المعناي‪ ،‬شاهادة‬
‫الجنسااية الجزائريااة اَلصاالية للمعنااي‪ ،‬تصاريح بالشاارف يشااهد بموجبااه المعناي أنااه يتمتااع بالجنسااية الجزائريااة‬
‫اَلصاالية فقااط ولاام يساابق لااه التجناايس بجنسااية أخاارى‪ ،‬تص اريح بالشاارف يشااهد بموجبااه المعنااي أنااه ياادين‬
‫باإلسالم‪ ،‬شهادة الجنسية الجزائرية اَلصالية لازوج المعناي‪ ،‬تصاريح بالشارف يشاهد علاى تمتاع زوج المعناي‬
‫بالجنس ااية الجزائري ااة فق ااط‪ ،‬ش ااهادة الجنس ااية اَلص االية َلب المعن ااي‪ ،‬ش ااهادة الجنس ااية اَلص االية َلم المعن ااي‬
‫تصاريح علناي للمعناي بممتلكاتاه العقاريااة والمنقولاة داخال الاوطن وخارجاه‪ ،‬شااهادة تثبات المشااركة فاي ثااورة‬
‫أول نوفمبر سنة ‪ 3631‬للمترشاحين المولاودين قبال أول يولياو سانة ‪ ،3616‬شاهادة تثبات عادم تاورط أباوي‬
‫المترشح بعد أول يوليو ‪ 3616‬في أعمال ضد ثورة أول نوفمبر سنة ‪."3631‬‬

‫‪-2-2‬الوثــائق المثبتــة للشــروط القانونيــة للترشـ ‪ :‬تتمثاال الوثااائق المثبتااة للشااروط القانونيااة للترشااح فاي‬

‫اآلتي‪ :‬صورة شمسية حديثة للمعني‪ ،‬شهادة طبية مسلمة للمعني من طرف أطباء محلفاين‪ ،‬شاهادة جامعياة‬
‫أو شهادة معادلة لها‪ ،‬نسخة من بطاقة الناخب للمعني‪ ،‬شهادة تثبت تأدية الخدمة الوطنية أو اإلعفاء منها‬
‫بالنسبة للمولودين بعد عام ‪.3616‬‬

‫كما اشاترط المشارع الج ازئاري إرفااق ملاف الترشاح باساتمارات اكتتااب التوقيعاات التاي نصات عليهاا‬
‫المادة ‪ 316‬من القانون العضاوي ‪ 37-39‬المعادل والماتم‪ ،‬وتتضامن خمساين ألاف ‪ 37.777‬توقياع فاردي‬
‫على اَلقل لناخبين مسجلين في قائمة انتخابية‪ ،‬ويجب أن تكون قد جمعت عبر ‪ 63‬والية على اَلقل كماا‬
‫ينبغااي أال يقاال العاادد اَلدنااى ماان التوقيعااات المطلوبااة فااي كاال واليااة ماان الواليااات المقصااودة عاان ‪3677‬‬
‫توقيع على أن تدون هذه التوقيعاات المطلوباة فاي مطباوع فاردي مصاادق علياه لادى ضاابط عماومي اَلمار‬
‫الذي من شأنه إثبات جدية الترشح‪.‬‬

‫للرئاسيات‪ :‬تارتبط المنظوماة القانونياة للدولاة‬ ‫ثانيا‪ :‬إجراءات فصل المجلس الدستوري في ملفات الترش‬
‫ارتباطا وثيقا بالقواعد الدستورية باعتباره مصد ار للنظام القانوني فيها‪ ،‬وبموجب ذلك فإنه رغم نص المشارع‬
‫الج ازئ ااري ف ااي الم ااادة ‪ 70‬م اان الق ااانون العض ااوي ‪ 70-36‬عل ااى أن ااه‪« :‬تت ااولى الس االطة المس ااتقلة تحض ااير‬

‫‪104‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫االنتخابات وتنظيمها وادارتها واإلشراف عليهاا ابتاداء مان عملياة التساجيل فاي القاوائم االنتخابياة ومراجعتهاا‬
‫مرو ار بكل العمليات تحضي ار للعملية االنتخابية وعمليات التصاويت والفارز والباث فاي الن ازعاات االنتخابياة‬
‫طبقا للتشريع الساري المفعول إلى غاية إعالن النتائج اَلولية»‪ ،‬فإن قرار المجلس الدستوري في ذلك يبقى‬
‫السيد والفصل بموجب نص المادة ‪ 6/96‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬الذي جاء فيه‪ « :‬كما يساهر‬
‫المجلااس علااى صااحة عمليااات االسااتقراء‪ ،‬وانتخاااب رئاايس الجمهوريااة‪ ،‬واالنتخابااات التشاريعية ويعلاان نتااائج‬
‫هذه العمليات»‪.‬‬

‫وبا ا ااذلك فإنا ا ااه ال يمكا ا اان با ا ااأي حا ا ااال ما ا اان اَلح ا ا اوال أن تحا ا اال االختصاصا ا ااات القانونيا ا ااة محا ا اال‬
‫االختصاصات الدستورية‪ ،‬ليبقى باذلك القارارات التاي تصادرها السالطة الوطنياة المساتقلة لالنتخاباات قا اررات‬
‫قانوني ااة قابل ااة للطع اان أم ااام المجل ااس الدس ااتوري ص اااحب القا ارار الفص اال ف ااي ص ااحة أو ع اادم ص ااحة ملف ااات‬
‫الترشح‪ ،‬ليكون المجلس الدستوري بذلك الهيئة الرقابية الوحيدة المخول لها دستوريا الفصل في كال أناواع‬
‫الطعاون‪ ،‬وتأسيسااا علياه فإنااه بعاد اسااتالم المجلاس الدسااتوري لقا اررات الساالطة الوطنياة المسااتقلة لالنتخابااات‬
‫المتعلقة بالترشيحات مرفقة بملفات الترشح تبدأ مباشرة مرحلة النظار فاي مادى صاحة ملفاات الترشاح مان‬
‫طرف المجلس الدستوري‪ ،‬ليتم بعدها مباشرة إعالنه عن القائمة النهائية للترشيحات‪.‬‬

‫أ‪-‬فحـــص المجلـــس الدســـتوري لملفـــات الترشـــ ‪ :‬ح ااافظ المش اارع الج ازئ اري عل ااى ال اادور الرق ااابي للمجل ااس‬
‫الدستوري حيث أنه بعد إعالن السلطة الوطنية المستقلة لالنتخابات عن قائمة المرشحين المقبولة ملفااتهم‪،‬‬
‫ترساال إلااى المجلااس الدسااتوري مرفقااة بملفااات الترشااح‪ ،‬وذلااك خااالل اَلربااع والعشارين ‪ 61‬ساااعة ماان تاااريخ‬
‫صدورها‪ ،‬وتودع لدى اَلمانة العامة للمجلس الدستوري ويكون ذلك مقابل وصل استالم‪.1‬‬

‫ونشير هنا إلى أنه في ظل منح المشرع الجزائري للسلطة الوطنية المستقلة لالنتخابات اختصااص‬
‫دراسة ملفات الترشح من خالل القانون العضوي ‪ 37-39‬المعادل والماتم كاان يفتارض باالمجلس الدساتوري‬
‫تعااديل النظااام المحاادد لقواعااد عملااه بمااا يتوافااق مااع ذلااك‪ ،‬اَلماار الااذي يثياار ساايال ماان التساااؤالت حااول دور‬
‫المجل ااس الدس ااتوري بع ااد اس ااتالمه لملف ااات الترش ااح فه اال يق ااوم بد ارس ااتها كم ااا ك ااان علي ااه الح ااال قب اال تع ااديل‬
‫القاانون‪37-39‬؟ أم أن دوره هنااا أصابح شااكليا ويقتصار فقااط علاى إعطاااء الصابغة الدسااتورية للقائماة التااي‬
‫استلمها من السلطة الوطنية لالنتخابات بتولي اإلعالن عنها‪..‬؟‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 19‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫خاص ااة وأن المش اارع الج ازئ ااري ق ااد ن ااص ف ااي الم ااادة ‪ 1/313‬م اان الق ااانون العض ااوي رق اام ‪37-39‬‬
‫المعاادل والمااتم علااى أنااه‪« :‬يوافااق المجلااس الدسااتوري بق ارار علااى القائمااة النهائيااة» واذا ساالمنا ب اأن القائمااة‬
‫النهائية المرسلة من طرف السالطة الوطنياة المساتقلة لالنتخاباات هاي التاي سايتم اإلعاالن عنهاا مان طارف‬
‫المجلس الدستوري فإن أمر احتمال رفضه لملف سبق للسلطة الوطنية المستقلة لالنتخاباات قبولاه مساتبعدا‬
‫تماما‪ ،‬وعلى خالف ذلك فإن إمكانية إضافة مترشح لقائمة المترشحين المقبولة ملفات ترشاحهم بعاد رفضاه‬
‫من طرف السلطة الوطنية المستقلة لالنتخابات أمر ال اختالف عليه باعتبااره اختصااص ممناوح للمجلاس‬
‫الدستوري بموجاب الماادة ‪ 6/37‬مان النظاام المحادد لقواعاد عمال المجلاس الدساتوري التاي جااء الانص فيهاا‬
‫عل ااى أن ااه‪« :‬ف ااي حال ااة قب ااول الطع اان يسا اجل المجل ااس الدس ااتوري المترش ااح الط اااعن ف ااي القائم ااة النهائي ااة‬
‫للمترشحين النتخاب رئيس الجمهورية»‪.‬‬

‫وبخصاوص إجاراءات د ارساة المجلاس الدساتوري لملفاات الترشاح فإناه يفتارض باه وفقاا الختصاصااه‬
‫الرقااابي تعااين مقاار ار أو أكثاار للتكفاال بااالتحقيق فااي ملفااات الترشااح‪ ،‬باعتبااار أن ملااف الترشااح لالنتخابااات‬
‫الرئاسااية يتكااون ماان مجموعااة كبيارة ماان الوثااائق الثبوتيااة اَلماار الاذي يسااتدعي التثبات ماان صااحتها بطريقااة‬
‫يدويااة وبعااد االنتهاااء ماان هااذه المرحلااة ي اأتي دور المراقبااة المعلوماتيااة‪ ،‬وي اتم التأكااد ماان صااحة االسااتمارات‬
‫بواسااطة برنااامج معلوم ااتي يعااد خصيصااا لااذلك والغاارض من اه هااو التأكااد ماان أن الناخااب لاام يماانح توقيعااه‬
‫َلكثر من مترشح كشرط قانوني‪.1‬‬
‫إال أنااه برجوعنااا إلااى الق ارار الصااادر عاان المجلااس الدسااتوري والمتضاامن الموافقااة علااى القائمااة النهائيااة‬
‫للمترشااحين لالنتخابااات الرئاسااية لساانة ‪ ،6736‬لاام نجااد فيهااا مااا ياادل علااى أن المجلااس الدسااتوري قااد قااام‬
‫بدراسة ملفات الترشح التي تم قبولها من طرف السلطة الوطنية المستقلة لالنتخابات‪.2‬‬

‫ب‪-‬ضــوابط فصــل المجلــس الدســتوري فــي طعــون الترش ـ للرئاســيات‪ :‬بعااد أن كااان المجلااس الدسااتوري‬

‫يتااولى د ارسااة ملفااات الترشااح واإلعااالن عاان المقبولااة منهااا بق ارار نهااائي غياار قاباال للطعاان‪ ،‬أصاابح بموجااب‬
‫القانون ‪ 37-39‬المعدل والمتم يفصال فاي ملفاات الطعاون المقدماة مان المترشاحين الاذين تام رفاض ملفاات‬
‫ترشيحهم من طرف السلطة الوطنية المستقلة لالنتخابات‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 10‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ -2‬أنظاار ‪ /‬ق ارار رقاام ‪ /19‬ق‪.‬م‪ .‬د‪ /‬مااؤرخ فااي ‪ 36‬ربيااع اَلول عااام ‪ 3113‬الموافااق ‪ 6‬نااوفمبر ساانة ‪ 6736‬يتضاامن الموافقااة علااى القائمااة النهائيااة‬
‫للمترشحين لالنتخابات لرئاسة الجمهورية‪ ،‬جر‪ ،‬العدد‪ ،90‬الصادرة بتاريخ ‪ 37‬نوفمبر سنة ‪.6736‬‬

‫‪106‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫‪ -2‬إجراءات الطعن أمام المجلس الدستوري‪ :‬يفصل المجلس الدساتوري فاي الطعاون المرفوعاة ضاد قارار‬

‫السلطة الوطنية المساتقلة فاالنتخاباات المتعلقاة بصاحة الترشايحات لرئاساة الجمهورياة‪ ،‬وهاو إجاراء جدياد لام‬
‫يرد النص عليه في القانون العضوي ‪ 37-39‬قبل تعديله‪ ،‬حيث منح المشرع الجزائري من خالله المترشح‬
‫ح ااق الطع اان ف ااي قا ارار الس االطة الوطني ااة المس ااتقلة أم ااام المجل ااس الدس ااتوري‪ ،‬فبع ااد فص اال الس االطة الوطني ااة‬
‫المساتقلة لالنتخابااات فااي صاحة الترشاايحات لرئاسااية الجمهوريااة بقارار معلاال تعلاايال قانونياا فااي أجاال أقصاااه‬
‫سبعة ‪ 70‬أيام من تاريخ إيداع التصريح بالترشح يجب أن يبلغ قارار السالطة الوطنياة المساتقلة لالنتخاباات‬
‫إلااى المترشااح فااور صاادوره الااذي يحااق لااه فااي حالااة ال ارفض الطعاان فيااه أمااام المجلااس الدسااتوري ف اي أجاال‬
‫أقصاه ثمانية وأربعون ‪ 19‬ساعة من تبليغه‪ ،1‬وهو ما أكد النظام المحادد لقواعاد عمال المجلاس الدساتوري‬
‫ماان خااالل أحكااام المااادة‪ 16‬منااه بنصااها علااى أنااه‪« :‬يحااق للمترشااح النتخاااب رئاايس الجمهوريااة‪ ،‬فااي حالااة‬
‫رفااض ترشااحه ماان قباال الساالطة الوطنيااة المسااتقلة لالنتخابااات‪ ،‬أن يقاادم طعنااا بإيااداع عريضااة مسااببة ل ادى‬
‫كاتبة ضبط المجلس الدستوري فاي اَلجال المحادد فاي القاانون العضاوي المتعلاق بنظاام االنتخاباات»‪ .‬ليبادأ‬
‫بذلك المجلس الدستوري ممارسة اختصاص الفصل في الطعون المتعلقة بالترشاح‪ ،‬مان خاالل تعياين رئايس‬
‫المجل ااس الدس ااتوري لمق اارر أو أكث اار م اان ب ااين اَلعض اااء لد ارس ااة الطع ااون‪ ،2‬ليفص اال بع اادها ف ااي الطع ااون‬
‫بق اررات تبلغ فو ار للطاعن عمال بما جاءت به أحكام المادة ‪ 3/37‬من النظام المحدد لقواعد عمال المجلاس‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬طبقا للنظاام المحادد لقواعاد عمال المجلاس الدساتوري فاإن رئيساه مان يقاوم بتعاين مقار ار أو‬

‫أكثاار كمااا أشارنا سااابقا للتكفاال بااالتحقيق فااي الطعااون المتعلقااة بالترشااح طبقااا لألحكااام الدسااتورية والتشاريعية‬
‫ذات الصالة وفاي هاذه الحالااة تنصاب مهماة المقارر فااي د ارساة الوثاائق اإلدارياة قصااد التحقاق مان صااحتها‬
‫وله في سبيل ذلك الرجوع لمصادرها اإلدارية لالستعانة بها في ذلك‪ ،‬باعتباار أن ملاف الترشاح لالنتخاباات‬
‫الرئاسية في الجزائر يتكون من مجموعة كبيرة من الوثائق اإلدارية اَلمر الذي يستدعي من المقرر التحقق‬
‫جيدا أو التثبيت من صحتها وضمن ذلاك يتأكاد مان مطابقتهاا لألشاكال والشاروط والمواعياد المقاررة للترشاح‬
‫والطعون‪ ،‬كماا يتطارق المقارر بالد ارساة فضاال عان ذلاك إلاى م ارقباة اساتمارات التوقيعاات المقدماة ماع ملاف‬
‫الترشااح‪ ،‬وخااالل هااذه المرحلااة يكااون عماال المقاارر ياادويا بغارض التأكاد ماان مطابقااة االساتمارات للقااانون وال‬
‫تشوبها نقائص‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر ‪ /‬المادة ‪ 313‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 6/16‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وبعااد انتهاااء المقاارر ماان المراقبااة اليدويااة يااأتي دور الم ارقبااة المعلوماتيااة وذلااك بالتعاااون ماع أحااد‬
‫المتعااملين فااي مجااال اإلعااالم اآللااي للتأكاد ماان خضااوع التوقيعااات للشاارط القاانوني الااذي يشااترط عاادم ماانح‬
‫الناخااب أو المنتخااب توقيعااه َلكثاار ماان مترشااح‪ ،1‬وبعااد إتمااام المقاارر إلجاراءات التحقيااق يعااد مشااروع قارار‬
‫حول ذلك يكون موضوع نقاش في جلسة المداوالت‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬يجتمع المجلس الدستوري ليفصل في الطعون المتعلقاة بالترشاح للرئاسايات فاي شاكل مداولاة‬
‫ليدرس التقارير ومشاريع الق اررات المعدة من طرف المقرر أو المقررين حسب الحالة‪ ،‬ووفقاا للنظاام المحادد‬
‫لقواعد عمل المجلس الدستوري فان ذلك يكاون بعاد أن يسالم العضاو المقارر إلاى رئايس المجلاس الدساتوري‬
‫وأعضاء المجلس بعد االنتهاء من الدراسة نساخة عان الطعان مرفقاة باالتقرير ومشاروع القرار‪،‬هاذا ويتاداول‬
‫المجلااس فااي جلسااة مغلقااة بحضااور تسااعة ‪76‬ماان أعضااائه علااى اَلقاال حيااث تعتباار جلسااة المداولااة بمثابااة‬
‫جلسااة ح اوار ونقاااش حااول موضااوع الطعاان واَلسااانيد التااي اعتمادهااا المقاارر كأساااس لمشااروع ق ا ارره‪ ،‬هااذا‬
‫ويضمن اَلمين العام للمجلس الدستوري كتابة جلسات مداوالت المجلس‪.2‬‬

‫‪-2‬اإلعالن عن القائمة النهائيـة للمترشـحين‪ :‬بعاد االنتهااء مان الماداوالت يفصال المجلاس الدساتوري فاي‬

‫الطعااون بقا ارار‪ ،‬ورغ اام أن ق ا اررات المجل ااس الدس ااتوري مختلفااة الص ااور حس ااب طبيعااة ونتيج ااة اإلخط ااار أو‬
‫ار متضا اامنا القائما ااة النهائيا ااة‬
‫الطعا اان إال أنها ااا كلها ااا ذات حجيا ااة مطلقا ااة‪ ،‬ويصا اادر المجلا ااس الدسا ااتوري ق ا ار ا‬
‫للمترشحين المقبولين لالنتخابات الرئاسية‪ ،‬وذلاك خاالل أجال أقصااه سابعة ‪ 70‬أياام مان تااريخ إرساال أخار‬
‫ق ارار للساالطة الوطنيااة المسااتقلة لالنتخابااات‪ ،3‬وفااي حالااة قبااول الطعاان يااتم تسااجيل المترشااح الطاااعن فااي‬
‫القائماة النهائياة‪ 4‬ويمكان أن يكاون ترتياب أساماء المترشاحين لالنتخاباات الرئاساية حساب الحاروف الهجائيااة‬
‫َللقابهم وذلك لمبادأ الحيااد ويبلاغ القارار بعادها إلاى رئايس الجمهورياة والاى رئايس السالطة الوطنياة المساتقلة‬
‫لالنتخاب ااات‪ ،‬كم ااا يرس اال إل ااى اَلمان ااة العام ااة للحكوم ااة لنش اارها ف ااي الجري اادة الرس اامية للجمهوري ااة الجزائري ااة‬
‫الديمقراطية الشعبية عمال بأحكام المواد ‪ 37‬و‪ 33‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪.‬‬
‫وممااا ساابق بيانااه ماان إج اراءات يمكننااا القااول أن لالنتخابااات الرئاسااية أهميااة بالغااة كونهااا العمليااة‬
‫الوحي اادة الت ااي تس اافر ع اان اختي ااار الش ااخص ال ااذي س اايتولى زم ااام الحك اام ف ااي الدول ااة‪ ،‬ل ااذا نج ااد أن المؤس ااس‬
‫الدستوري قد أحاطها بسياج من اإلجاراءات والشاروط التاي مان بينهاا تلاك المتعلقاة بحرياة الترشاح فارغم أناه‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 19‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 19‬و‪ 16‬و‪ 17‬و‪ 13‬و‪ 16‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 13‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 6/37‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫يحق لكل شخص تتوفر فيه الشروط الدستورية والتشريعية أن يترشح العتالء منصب رئاسة الجمهورية إال‬
‫أنه بمجرد ترشيحه يفقد حرية االنسحاب من الرئاسايات وال يحاق لاه ذلاك بموجاب ناص الماادة ‪ 3/371‬مان‬
‫التعديل الدساتوري لسانة ‪ ،6739‬حياث أناه ال يعتاد بانساحاب المترشاح بعاد إيداعاه لملاف ترشايحه وبشاكل‬
‫مطلق حتى وان كان المجلس الدستوري لام يصادر قا ار ار بموافقتاه علاى القائماة النهائياة للمترشاحين المقبولاة‬
‫ملفاتهم والتي تلقاها من طرف السلطة الوطنية المستقلة لالنتخابات‪.‬‬

‫ثالثــا‪ :‬الرقابــة البعديــة للمجلــس الدســتوري علــى االنتخابــات الرئاســية‪ :‬ال يقتصاار اختصاااص المجلااس‬

‫الدسااتوري علااى الرقابااة السااابقة لعمليااة االقتاراع فااي االسااتحقاقات الرئاسااية‪ ،‬باال تتعاادى مهامااه إلااى الرقابااة‬
‫علااى الم ارحاال التااي تليهااا ماان خااالل الفصاال فااي الطعااون المرفوعااة إليااه وكااذا إعااالن النتااائج النهائيااة بعااد‬
‫اس ااتالم محاض اار اللج ااان االنتخابي ااة م اان داخ اال ال ااوطن وخارج ااه لتنته ااي مهام ااه برقاب ااة حس ااابات الحمل ااة‬
‫االنتخابية للمترشحين‪.‬‬

‫أ‪-‬فصــل المجلــس الدســتوري فــي الطعــون الخاصــة بالرئاســيات‪ :‬ال يعتمااد النظااام االنتخااابي الحاار والنزيااه‬

‫على مبدأ االقتراع العاام وحرياة الترشاح فحساب‪ ،‬بال يجاب أن يكفال حاق الطعان أيضاا كماا يجاب أن يكاون‬
‫ذلك على نحو دقيق يؤدي إلى إضفاء أكبر قدر ممكن من النزاهة على العملية االنتخابية وفي إطاار ذلاك‬
‫نصت المادة ‪1306‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والماتمم علاى أناه‪« :‬يحاق لكال مترشاح أو ممثلاه‬
‫المؤهل قانونا في حالة االنتخابات الرئاسية‪ ،‬أن يطعان فاي صاحة عملياات التصاويت باإدراج احتجاجاه فاي‬
‫محضر الفرز الموجود في مكتب التصويت‪ ،‬يخطر المجلس الدستوري فو ار بهذا االحتجاج للنظر فيه»‪.‬‬

‫وباسااتقرائنا لاانص هااذه المااادة نجااد أن المشاارع الج ازئااري قااد حاادد صاافة الطاااعن فااي المترشااح أو‬
‫ممثله المؤهل قانونا فاي حالاة االنتخاباات الرئاساية‪ ،‬هاذا ويجاب أن يرفاق االحتجااج علاى صاحة عملياات‬
‫االقتاراع ببياناات تحاادد صاافة الطاااعن‪ ،‬لقبااه واساامه وعنوانااه ورقاام بطاقاة هويتااه ومكااان وتاااريخ إصاادارها‬
‫ولقااب المترشااح وتوقيعااه‪ ،‬وكمااا يجااب أن يتضاامن اإلخطااار الفااوري للمجلااس الدسااتوري وبواسااطة البرقااع‬
‫ناصاار المعلومااات الخاصااة بصاااحب االحتجاااج‪ ،‬وكااذا موضااوعه فااي نفااس الشااكل الااذي ت ام إد ارجااه فااي‬

‫*لم يعدل المشرع الجزائري في ظل تعديل قانون االنتخابات لسنة ‪ 6736‬أحكام المنازعات المتعلقاة بصاحة االنتخاباات الرئاساية‪ ،‬ليقتصار دوره باذلك‬
‫في المنازعات االنتخابية المتعلقة باالنتخابات الرئاسية بتلقي الطعون من طرف الجهة الطاعنة المؤهلة قانونا دون فسح لمجال التحقيق الميداني‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫محضر الفرز‪ ،1‬كما أضاف بيان المجلس الدستوري الصادر بتاريخ ‪ 31‬أبريل ‪ 6731‬شرطا أخر يتمثل‬
‫في أن يسجل االحتجاج في محضر فرز اَلصوات الموجودة على مستوى مكتب التصويت‪.2‬‬

‫يتااولى بعاادها رئاايس المجلااس الدسااتوري تعااين مقاارر أو أكثاار لد ارسااة الطع اون واعااداد مشااروع ق ارار‬
‫عنه ويؤدي المقرر وظيفاة أساساية فاي تهيئاة ملاف الطعان االنتخاابي مان تااريخ تكليفاه باالملف إلاى حاين‬
‫إعداد مشروع القرار‪ ،‬وقد وصفه أحد الباحثين بالشخص المفتاح الذي يستعين باه قاضاي االنتخااب أثنااء‬
‫البت في القضية المعروضة عليه‪ ،‬وأي تقصير في أداء مهمته له تأثيره الواضح‪.3‬‬

‫يعااد المقاارر تقريا ار حاول االحتجاااج وموضااوعه فضااال عاان مشااروع القارار الااذي يساالم نسااخة منهماا‬
‫َلعضاااء المجلااس الدسااتوري‪ ،4‬كمااا يشااير النظااام المحاادد لقواعااد عماال المجلااس الدسااتوري أن المجلااس‬
‫يتداول في جلسة مغلقة باستدعاء من رئيسه للفصل في صاحة االحتجاجاات المرفوعاة إلياه ساواء باالقبول‬
‫أو الرفض‪ ،‬ففي حال رفض الطعون أو االحتجاجات فإن ذلاك يكاون بسابب غيااب أدلاة كافياة تمكناه مان‬
‫التأكد من جدية االحتجاجات والطعون المقدمة‪ ،‬أو أن الوقائع التي تضمنتها هاذه االحتجاجاات والطعاون‬
‫كان اات ذات ط ااابع ع ااام أو مبني ااة عل ااى معطي ااات غي اار ص ااحيحة‪ ،‬باعتب ااار أن أص ااحابها اقتص ااروا عل ااى‬
‫انتقادات عامة حول عمليات التصويت أو الطعن في صحتها دون تقديم أدلة اإلثبات‪ ،‬أما في حال تبين‬
‫للمجل ااس الدس ااتوري أن االحتجاج ااات أو الطع ااون مؤسس ااة ف ااي الموض ااوع فإن ااه يق ااوم بإلغ اااء نت ااائج اقتااراع‬
‫المكاتب أو المراكز االنتخابية المتهمة مع إدخال التصحيحات والتعديالت على النتائج النهائية‪.5‬‬

‫ب‪-‬مراحل إعالن المجلس الدستوري للنتائج النهائية لالقتـراع‪ :‬ياتم بمناسابة كال انتخاباات رئاساية تعاين‬
‫لجان داخل وخاارج الاوطن تتاولى مهاام اإلحصااء العاام لألصاوات وبعاد االنتهااء مان مهامهاا تقاوم بتساليم‬
‫محاضرها للمجلس الدستوري لفحصها ليقوم هو اآلخر بعدها بإعالن النتائج النهائية لالقتراع‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 71‬و‪ 71‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 97-31‬المؤرخ في ‪67‬فبراير ‪ ،6731‬المتعلق بكيفياة الطعان فاي صاحة عملياات التصاويت‪،‬ج‬
‫ر‪ ،‬العدد ‪ ،33‬الصادر في ‪ 69‬فبراير ‪.6731‬‬
‫‪ -2‬نسيم سعودي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪ -3‬سماعين لعبادي‪ :‬المنازعات االنتخابية‪ -‬دراسة مقارنة لتجربتي الجزائر وفرنسا في االنتخابات الرئاسية والتشريعية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‬
‫تخصص قانون عام‪ ،‬إشراف عمر فرحاتي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة بسكرة‪ ،6731-6736 ،‬ص‪.09‬‬
‫‪-4‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 31‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪/‬عباس بلغول‪ :‬المجلس الدستوري ودوره في الرقابة على االنتخابات الرئاسية والتشريعية وعمليات االستفتاء –دراسة مقارنة‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪ 139‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫‪ -2‬دراســة المجلــس الدســتوري لمحاضــر اللجــان االنتخابيــة‪ :‬تتااولى اللجااان الوالئيااة جمااع نتااائج البلااديات‬
‫التابعة للوالية إلتمام عملية اإلحصاء العام لألصوات وتعد محاضر بذلك خالل اثنان وسبعين ‪ 06‬ساعة‬
‫الموالية الختتام االقتراع على اَلكثر وايداعها فو ار في ظرف مختوم لدى أمانة ضبط المجلس الدساتوري‪.1‬‬
‫كما يتلقى المجلس الدستوري محاضر اللجان االنتخابية للجالية الجزائرية المقيمة في الخارج التي تجمعها‬
‫اللجان الدبلوماسية أو القنصلية من جميع الدوائر الدبلوماسية أو القنصلية‪ ،‬وتكون في محاضر تاودع فاو ار‬
‫ل اادى أمان ااة ض اابط المجل ااس الدس ااتوري‪ ،2‬وت ااتم مراجع ااة النت ااائج االنتخابي ااة المس ااجلة ف ااي محاض اار اللج ااان‬
‫المختصااة ماان قباال المجل اس الدسااتوري حيااث يقااوم هااذا اَلخياار بتعااين اَلعضاااء المقااررين لتصااحيح جميااع‬
‫اَلخط اااء المادي ااة ويس اااعدهم ف ااي ذل ااك قض اااة‪ ،‬وباإلض ااافة إل ااى المراقب ااة اليدوي ااة توج ااد المراقب ااة اآللي ااة أو‬
‫المعلوماتيااة وهااذه المهمااة يقااوم بهااا تقنيااون مختصااون فااي اإلعااالم اآللااي‪ ،‬وزيااادة علااى مهااامهم التقنيااة يقااوم‬
‫ها ا اؤالء التقني ا ااين بتنبي ا ااه أعض ا اااء المجل ا ااس الدسا ا اتوري لتص ا ااحيح بع ا ااض اَلخط ا اااء المادي ا ااة الموج ا ااودة ف ا ااي‬
‫المحاضر‪.3‬‬

‫‪ -2‬اإلعـــالن عـــن نتـــائج االنتخابـــات الرئاســـية‪ :‬إض ااافة إل ااى د ارس ااة اللج ااان االنتخابي ااة يت ااولى المجل ااس‬

‫الدستوري إعالن النتائج النهائية لالنتخابات الرئاسية‪َ ،‬لن دور السلطة الوطنية المستقلة لالنتخابات ينتهي‬
‫بمجرد إعالنها عن النتائج اَلولية وفقا لنص المادة ‪ 1/391‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬التي جااء‬
‫في نصها أنه‪ ..« :‬ويعلن النتائج النهائية لكل العمليات المنصوص عليها في الفقرة السابقة»‪ ،‬ويكون ذلك‬
‫في مدة أقصاها عشرة ‪ 37‬أيام مان تااريخ اساتالمه محاضار اللجاان االنتخابياة عماال بأحكاام الماادة ‪319‬‬
‫ماان القااانون العضااوي ‪ 37-39‬المعاادل والمااتمم‪ ،‬وفااي حالااة عاادم حصااول أي مترشااح علااى اَلغلبي اة ماان‬
‫اَلصوات المدلى بها في الدور اَلول يقوم المجلس الدستوري بتعيين المترشاحين ‪ 76‬المادعوين للمشااركة‬
‫في الدور الثاني الذي يكون االقتراع فيه بعد اليوم الخامس عشر‪ 33‬مان إعاالن المجلاس الدساتوري لنتاائج‬
‫ال اادور اَلول‪ ،‬عل ااى أن ال تتع اادى الم اادة القص ااوى ب ااين الا ادورين اَلول والث اااني ثالث ااين‪ 17‬يوم ااا‪ ،‬وفا اي ه ااذه‬
‫المرحلاة ال يعتااد بانساحاب أحااد المترشاحين‪ ،‬وان حاادث ذلاك فااال يعتاد بانسااحابه وتساتمر العمليااة االنتخابيااة‬
‫إلى غاية نهايتها‪.4‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 397‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬المواد ‪ 396‬و‪ 391‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتم‪ ،‬المصدر لسابق‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 313‬و‪ 319‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وفااي حااال حاادوث مااانع شاارعي َلحااد المترشااحين للاادور الثاااني وتثباات المجلااس الدسااتور منااه يعلاان‬
‫هذا اَلخير وجوب القيام بكل العمليات االنتخابية من جديد‪ ،‬ويقوم في هاذه الحالاة بتمدياد فاي أجاال تنظايم‬
‫انتخابات جديدة في مدة أقصاها ستون ‪ 97‬يوما عمال بأحكام المادة ‪ 371‬من التعديل الدستوري‪.‬‬

‫جـــ‪ -‬رقابــة المجلــس الدســتوري علــى حســابات الحملــة االنتخابيــة‪ :‬تماار االنتخابااات الرئاسااية كغيرهااا ماان‬

‫االساتحقاقات بم ارحال ممهادة لهااا‪ ،‬ولعال مان أهمهاا مرحلااة الحملاة االنتخابياة التاي يقااوم خاللهاا كال مترشااح‬
‫باإلشهار قصد التعريف ببرنامجه االنتخاابي إلباراز مزيااه مان أجال الحصاول علاى أصاوات النااخبين ورغام‬
‫أن هذه المرحلة سابقة على عملية االقتراع إال أنها تخضع للرقابة البعدية للمجلس الدستوري وقبال التطارق‬
‫إلى كيفية ذلك سنتعرف أوال إلى تعريف الحملة االنتخابية وضوابطها الزمنية‪.‬‬
‫‪ -2‬مدلول الحملة االنتخابية‪ :‬اختلف الفقه حول تعريف الحمالت االنتخابية وذلك حسب اختالف الزاوياة‬
‫التااي ينظاار منهاا كاال فقيااه حيااث عرفهااا بعضااهم بأنهااا‪« :‬مجموعااة اَلعمااال التااي يقااوم بهااا المرشااح لغاارض‬
‫إعط اااء ص ااورة حس اانة للجم اااهير والن اااخبين ع اان سياس ااته وأهداف ااه‪ ،‬ومحاول ااة الت ااأثير ف اايهم بك اال الوس ااائل‬
‫واإلمكانياات المتاحاة مان خااالل قناوات االتصاال الجماهيريااة وذلاك بقصاد تحقيااق الفاوز باالنتخاباات»‪ ،‬كمااا‬
‫تع اارف الحمل ااة االنتخابي ااة أيض ااا بأنه ااا‪« :‬لتل ااك الم اادة الزمني ااة الت ااي يح ااددها المش اارع بغي ااة تق ااديم البا ارامج‬
‫االنتخابية للماواطنين‪ ،‬بحياث يتضامن برناامج كال حازب مشاارك فاي االنتخاباات تشخيصاا دقيقاا للمشاكالت‬
‫التي يمر بها البلد مع إعطاء حلول واقعية لهاا»‪ ،1‬والن الحملاة االنتخابياة تعتبار اَلداة القانونياة التاي يقاوم‬
‫من خاللها المترشح بعرض برنامجه االنتخابي لكسب ثقة المواطنين عمل المشرع الج ازئاري علاى إحاطتهاا‬
‫بجملة من الضوابط حتى ال تخرج عان اإلطاار القاانوني المساطر لهاا‪ ،‬وكانات أول خطاوات ذلاك تخلايص‬
‫الحملااة االنتخابيااة ماان سااطوة اإلدارة‪ ،‬حيااث كااان أماار تنظاايم الحمااالت االنتخابيااة موكاال لااإلدارة بموجااب‬
‫القااانون العضااوي ‪ 37-39‬قبال تعديلااه‪ ،‬إال أن ذلااك تغيار بتعااديل قااانون االنتخابااات ساانة ‪ ،6736‬لتصاابح‬
‫مهمة اإلشراف على الحمالت االنتخابية مسندة للسلطة الوطنية المستقلة لالنتخابات‪.‬‬
‫أمااا اإلطااار الزمنااي للحملااة االنتخابيااة فقااد حاادد القااانون العضااوي ‪ 37-39‬المعاادل والمااتم موعااد‬
‫انطالقه بخمسة وعشرين ‪ 63‬يوما قبل تاريخ االقتراع وتنتهي قبل ثالثة ‪ 71‬أياام مان تااريخ االقتاراع‪ ،‬وفاي‬
‫حااال أجااري دور ثاااني فتباادأ الحملااة االنتخابيااة قباال اثناي عشاار ‪ 36‬يومااا ماان تاااريخ االقتاراع وتنتهااي قب ال‬

‫‪-1‬عكااب أحمااد محمااد العباادي‪ :‬التنظــيم القــانوني للحمــالت االنتخابيــة مــن منظــور دســتوري ومــالي‪ ،‬ط‪ ،3‬منشااورات زيان الحقوقيااة‪ ،‬بيااروت‪ ،‬لبنااان‪،‬‬
‫‪ ،6739‬ص ص ‪.13-11‬‬

‫‪112‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫يااومين ‪ 76‬ماان تاااريخ االقتاراع ‪ ،‬وعليااه ال يمكاان وبااأي شااكل ماان اَلشااكال القيااام بالحملااة االنتخابيااة خاارج‬
‫هذه الفترات‪.1‬‬
‫‪ -2‬البت في حساب الحملة االنتخابية‪ :‬يثير موضوع الرقابة علاى حسااب الحملاة االنتخابياة مساألة غاياة‬
‫في اَلهمية تتمثل في فحص الحساب الماالي لحملاة كال مترشاح للرئاسايات‪ ،‬فقاد ألازم المشارع كال مترشاح‬
‫لرئاسة الجمهورية بتقديم الحصايلة المالياة لحملتاه االنتخابياة للمجلاس الدساتوري فاي أجال أقصااه ثالثاة ‪71‬‬
‫أشااهر ماان تاااريخ نشاار النتااائج النهائيااة لالقت اراع فااي الجرياادة الرساامية‪َ ،2‬لجاال تلقااي تعااويض نظياار مااا تاام‬
‫صارفه خااالل فتارة الحملااة االنتخابيااة‪ ،‬ويجااب أن يتضاامن حساااب هااذه اَلخيارة اإليارادات المتحصاال عليهااا‬
‫والنفقات الحقيقية حسب مصدرها وطبيعته‪ ،‬ويجب أن يسلم هذا الحساب من قبل محاسب خبير أو محافظ‬
‫حسابات إلى المجلس الدستوري والسلطة الوطنية المستقلة لالنتخابات‪.3‬‬
‫وبعد إيداع حسابات الحملة االنتخابية للمترشحين على مستوى مصالح المجلاس الدساتوري‪ ،‬يتاولى‬
‫مقرر أو أكثر لفحصاها والتأكاد مان صاحتها‪ ،‬ويكاون دوره هناا محاسابيا بحتاا يقاوم فياه بد ارساة‬
‫ا‬ ‫رئيسه تعيين‬
‫كال الوثاائق التاي يحتويهااا الملاف ال سايما ماا يثباات اإليارادات أو النفقاات‪ ،‬وبعادما ينتهااي مان د ارساة تقااارير‬
‫الحسابات يقوم بإعداد تقرير ومشروع قرار عان صاحة تقاارير حساابات الحملاة االنتخابياة‪ ،‬ويمكان للمقارر‬
‫االستعانة بأي خبير لمساعدته في دراستها ومعالجتها‪.4‬‬
‫ونشير هنا إلى أن كاال مان النظاام المحادد لقواعاد عمال المجلاس الدساتوري وكاذا القاانون العضاوي‬
‫لالنتخابات ‪ 37-39‬المعدل والمتم لم يحددا أجال لفصل المجلس الدستوري في صحة الحمالت االنتخابية‬
‫للمترشحين‪.‬‬
‫وبانتهاء المقرر أو المقررين من مهامهم يقوم رئيس المجلس الدستوري باستدعاء أعضاء المجلاس‬
‫للتااداول حااول مشاااريع الق ا اررات المعاادة ماان طاارف المقاارر أو المقااررين حااول حسااابات الحمااالت االنتخابيااة‬
‫للبات فيهااا وفقااا َلحكااام المااادة ‪ 369‬ماان القااانون العضااوي ‪ 37-39‬المعاادل والمااتمم‪ ،‬ويبلااغ ق ارار المجلااس‬
‫الدسااتوري إلااى المترشااح والااى الااوزير اَلول بغاارض القيااام بالتعويضااات‪ ،‬كمااا ترساال قا اررات رفااض حسااابات‬
‫الحمل ااة االنتخابي ااة وقا ا اررات الحس ااابات المقبول ااة ب اادون تع ااويض إل ااى المترش ااحين المعني ااين‪ ،5‬كم اااال ي ااتم‬

‫‪ -1‬أنظر‪/‬المواد ‪ 301‬و‪ 301‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 39‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 369‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 30‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -5‬المادة ‪ 39‬من نفس المصدر ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫التعااويض للمترشااحين المعنيااين إال بعااد إعااالن المجلااس الدسااتوري النتااائج النهائيااة لالنتخابااات للرئاسااة‪،1‬‬
‫وفي حال رفض حساب الحملة من طرف المجلس الدستوري فإنه ال يمكن تعويض المترشح المعناي‪ ،2‬ماع‬
‫العلاام أن المشاارع الج ازئااري قااد حصاار مص اادر تموياال الحملااة االنتخابيااة فااي مساااهمة اَلح ازاب السياسااية‬
‫والمساعدات المحتملة من الدولة التاي تقادم علاى أسااس مان اإلنصااف‪ ،‬وكاذا ماداخيل المترشاح ومناع منعاا‬
‫باتا تلقيه بصافة مباشارة أو غيار مباشارة َلي شاكل مان أشاكال الهباات مان أي دولاة أجنبياة أو أي شاخص‬
‫أجنبي‪ -‬معنوي أو طبيعي‪ -‬والهادف مان هاذا الحضار هاو الحفااظ علاى ن ازهاة الحملاة االنتخابياة ومناع أي‬
‫تأثير أجنباي علاى مساارها‪ ،‬كماا حادد المشارع الج ازئاري فاي القاانون العضاوي ‪ 37-39‬المعادل والماتم ساقفا‬
‫لنفقات الحملة االنتخابية والذي ال يمكن أن يتجاوز في الدور اَلول مئة مليون دينار ‪377.777.777‬دج‬
‫كما يمنع تجاوزه مئة وعشرون مليون دينار جزائري ‪ 367.777.777‬دج في الدور الثاني‪.3‬‬
‫ونشير هنا إلى أن كل مترشح لالنتخابات الرئاسية أو التشريعية – أشخاص أو قاوائم مترشاحين ‪-‬‬
‫مل اازم بتق ااديم تقري اار لحس اااب حملت ااه االنتخابي ااة إل ااى المجل ااس الدس ااتوري وق ااد رت ااب المش اارع الج ازئ ااري عل ااى‬
‫اإلخاااالل بها ااذا االلت ا ازام غ ارما ااة ماليا ااة مااان ‪ 17.777‬دج إلا ااى ‪ 677.777‬دج إضا ااافة إلا ااى الحرما ااان ما اان‬
‫التصويت والترشح لمدة تصل في حدها اَلقصى إلى ستة ‪ 79‬سنوات وفقا لنص المادة ‪ 636‬من القانون‬
‫العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬رقابة المجلس الدستوري على صحة االنتخابات التشريعية‬
‫يعتبر البرلمان عصب كل دولة سواء التي تتبنى النظام الرئاساي أو النظاام البرلمااني نظا ار لمكانتاه الرفيعاة‬
‫باين المؤسسااات الدسااتورية‪ ،‬ولادى شاعبها الااذي يضااع أماناة التشاريع واقارار السياساات والرقابااة علااى أعمااال‬
‫الساالطة التنفيذيااة بصاافة عامااة بااين ياادي ممثليااه فااي الساالطة التشاريعية المعبارة عاان إرادة اَلمااة‪ ،4‬وماان هااذا‬
‫المنظور فإن االنتخابات التشريعية تعد إحدى أشكال المشاركة السياسية التي تلعب دو ار بالغ اَلهمياة فاي‬
‫التطااور الااديمقراطي َلي نظااام سياسااي‪ ،‬وَلن رقابااة المجلااس الدسااتوري علااى صااحة االنتخابااات التش اريعية‬
‫تعتبر إحدى الركائز اَلساسية التي اتخذها المؤسس الدستوري لتجسايد الديمقراطياة لاذا سانحاول مان خاالل‬
‫هااذا الفاارع التطاارق إلااى اختصاااص المجلااس الدسااتوري بنظاار الطعااون المتعلقااة بهااا وكااذا إج اراءات د ارسااة‬
‫حسابات الحملة االنتخابية للمترشحين لهذا النوع من االستحقاقات‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 361‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 9/369‬من نفس المصدر‪.‬‬
‫‪ -3‬المواد ‪ 367‬و‪363‬و‪ 366‬من نفس المصدر‪.‬‬
‫‪ -4‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.63‬‬

‫‪114‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫أوال‪ :‬آليــات فصــل المجلــس الدســتوري فــي طعــون االنتخابــات التشــريعية‪ :‬قااد يحاادث وأن يشااوب مرحلااة‬
‫االقتراع وما يتخللها من تصويت وفارز خروقاات عادة يترتاب عليهاا تغييار الوجهاة الحقيقياة إلرادة النااخبين‬
‫لااذا أناااط الدسااتور الج ازئااري بااالمجلس الدسااتوري اختصاااص النظاار فااي جااوهر الطعااون التااي يتلقاهااا حااول‬
‫النتااائج المؤقتااة لالنتخابااات التش اريعية‪ ،‬إلنصاااف الطاااعن بمنااع التعاادي علااى الحقااوق الدسااتورية والقانونيااة‬
‫للمترشح والناخب معا ويكون ذلك وفقا لشاروط قانونياة جااء الانص عليهاا فاي النظاام المحادد لقواعاد عمال‬
‫المجلس الدستوري وكذا القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتم‪.‬‬

‫أ‪-‬شروط صحة الطعون االنتخابية‪ :‬يتسالم المجلاس الدساتوري بعاد انتهااء عملياة االقتاراع محاضار اللجاان‬
‫االنتخابية الوالئية منها وكذلك لجان الدوائر الدبلوماسية أو القنصلية بالخارج خالل االثناين والسابعين ‪06‬‬
‫س اااعة الموالي ااة لالقتا اراع عل ااى اَلكث اار وت ااودع محاض اارها ف ااي أظرفا اة مغلقا اة ومختوم ااة ل اادى أمان ااة ض اابط‬
‫المجلس الدستوري‪ 1‬شأنها في ذلك شأن االنتخابات الرئاسية‪.‬‬

‫وبعا ااد أن يتسا االم المجلا ااس الدسا ااتوري محاضا اار اللجا ااان االنتخابيا ااة تعم ا ال إدارتا ااه علا ااى طبا ااع ها ااذه‬
‫المحاضر إلى ثالث نسخ‪ ،‬حيث تسلم نسخة إلى رئيس المجلس الدستوري ونسخة إلى اَلعضااء المقاررين‬
‫الذين يقومون بدراسة وفحص هذه النتائج وتصحيح اَلخطاء المادياة إن وجادت‪ ،‬ويكاون للمقاررين فاي هاذه‬
‫المرحلة االستعانة بقضاة من المحكمة العليا ومجلس الدولة‪ ،‬كما تسلم نسخة ثالثة إلى خلية اإلعالم اآللي‬
‫التي تقوم بنفس مهمة المقررين‪ ،‬في حين توجه النسخة اَلصلية إلى اَلرشيف للرجوع إليها وقت الحاجة‪.2‬‬

‫هااذا ويقااوم المجلااس الدسااتوري بضاابط نتااائج انتخابااات المجلااس الشااعبي الااوطني ويعلنهااا فااي أجاال‬
‫أقصاه اثنين وسبعين ‪ 06‬ساعة من تاريخ استالمه لمحاضر اللجان الوالئية ولجاان الادوائر الدبلوماساية أو‬
‫القنصاالية بالخااارج‪ ،‬وأثناااء ذلااك فساح المشاارع الج ازئااري مجااال الطعاان فااي صااحة االنتخابااات التشاريعية فااي‬
‫أجل أقصاه ثمان وأربعين ‪ 19‬سااعة الموالياة إلعاالن النتاائج اَلولياة‪ ،3‬ورغام أن تادخل المجلاس الدساتوري‬
‫في المنازعة االنتخابية يكاون أساساه الطعان إال أن هاذا اَلخيار يارتبط الحاق فياه بأصاحاب الصافة واحتارام‬
‫شروطه القانونية‪.‬‬

‫‪ -2‬شروط الطعن في صحة نتائج االنتخابات التشـريعية‪ :‬يتادخل المجلاس الدساتوري للنظار فاي المنازعاة‬
‫االنتخابيااة التش اريعية بناااء علااى طعاان يرفااع أمامااه ويفصاال فيه اا س اواء بقبوله اا أو الحكاام بتعااديل أو إلغاااء‬

‫‪ -1‬المواد ‪ 336‬و‪ 391‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق ص‪ 69‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 3/303‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫نتائجهااا‪ ،‬أو رفااض الطعاان إمااا لعاادم التأساايس أو لعاادم احت ارمااه لجانااب الشااروط القانونيااة التااي جاااء الاانص‬
‫عليها في القانون العضوي المتعلق بنظام االنتخابات‪.‬‬

‫‪-2-2‬الصــفة فــي الطعــن‪ :‬جاااء فااي نااص المااادة ‪ 3/303‬ماان القااانون العضااوي ‪ 37-39‬المعاادل والمااتمم‬
‫أنه‪« :‬لكل مترشح لالنتخابات التشريعية أو حزب سياسي مشارك في هذه االنتخابات الحق فاي االعتاراض‬
‫علاى صاحة عملياات التصاويت‪ ،»..‬لتحادد باذلك الصافة الوحيادة التاي يقبال بهاا المجلاس الدساتوري الفصاال‬
‫في الطعون في المترشح أو الحزب السياسي‪.‬‬

‫‪-‬المترش ‪ :‬تنطبق صفة المترشح علاى كال اَلشاخاص المساجلين فاي قائماة المترشاحين النتخااب المجلاس‬
‫الشااعبي الااوطني إمااا تحاات رعايااة حاازب سياسااي أو أكثاار‪ ،‬وامااا كقائمااة مترشااحين أح ارار‪ ،1‬ونفااس اَلماار‬
‫يالحظ بخصوص انتخاباات التجدياد النصافي َلعضااء مجلاس اَلماة حياث أقار المشارع بحاق كال مترشاح‬
‫فااي االحتجاااج علااى نتااائج االقت اراع‪ ،‬ويعااود ساابب االعتااراف للمترشااح بحااق الطعاان إلااى كونااه ذو مصاالحة‬
‫مباشرة وثابتة خصوصا إذا لم يفز فاي االنتخاباات ماع اإلشاارة إلاى أن عباارة كال "مترشاح" فاي ناص الماادة‬
‫أعاله يجعلها تنسحب بالضرورة على مترشح‪ ،‬مهما بلغ عدد أصواته‪ ،‬اَلمر الذي يعني تمتعه بالصفة في‬
‫الطعن في كل ما يفسد العملية االنتخابية ومهما كان ترتيبه االنتخابي‪.2‬‬
‫‪-‬الحزب السياسي‪ :‬منح المشرع الجزائري الحزب السياسي المشارك في االنتخاباات التشاريعية الصافة التاي‬
‫يكااون لااه بموجبهااا حااق الطعاان فااي صااحة عمليااات التصااويت‪،‬وهو اسااتثناء علااى القاعاادة العامااة فااي عاادم‬
‫تمكين اَلشخاص المعنوية من حق الطعن أو االحتجاج‪.3‬‬
‫وبمفهاوم المخالفاة تكااون اَلحازاب غيار المشاااركة مساتثناة مان الحااق فاي الطعان‪ ،‬ليااتم باذلك حصاار‬
‫مجااال الحااق فااي الطعاان فااي نتااائج االنتخابااات التش اريعية فااي المترشااح والحاازب السياسااي فقااط‪ ،‬فااي حااين‬
‫اسااتمر المشاارع الج ازئااري فااي اسااتبعاد الناخااب رغاام أن مصاالحته ذات صاالة وثيقااة بنتااائج االنتخابااات التااي‬
‫يختار من خاللها ممثليه الذين يقومون على مصالحه والتعبير بطريقة غير مباشرة عن إرادته‪.‬‬
‫والواضح من أمر حصر حق الطعن بهذا الشكل – المرشح والحزب السياسي‪ -‬أنه ال ينم عن نياة‬
‫تشريعية صادقة في إضفاء النزاهة والشفافية على العملية االنتخابية ناهيك عن فقدان الثقة في نتائجها‪.‬‬

‫‪ -1‬عباس بلغول‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬شوقي يعيش تماام‪ :‬الطعون في انتخابـات المجـالس النيابيـة فـي دول المغـرب العربـي ( الجزائـر‪ ،‬تـونس‪ ،‬المغـرب)‪ ،‬المرجاع الساابق‪ ،‬ص‬
‫ص ‪.119-110‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬عباس بلغول‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬

‫‪116‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫على خالف ذلك نجد المشرع الفرنسي الذي فسح مجال الطعن لكل للمترشح والناخب المسجل في‬
‫الادائرة االنتخابياة علاى حاد ساواء‪ ،‬كمااا حفاظ حاق الطعان للمترشاح الااذي تام رفاض ترشايحه أماام المجلااس‬
‫الدستوري عند نظره في الطعون االنتخابية‪.1‬‬

‫‪-2-2‬شــكل الطعــون وميعــاد إيــداعها‪ :‬إن تاوافر الصاافة فااي الطاااعن شاارط غياار كاااف لقبااول طعنااه أمااام‬
‫المجلس الدستوري بل يجب عليه أيضا تقديمه ضمن الميعاد والشكل المحددين قانونا‪.‬‬
‫‪-‬ميعــاد إيــداع الطعــن‪ :‬حاادد المشاارع الج ازئااري ميعاااد الطعاان فااي نااص المااادة ‪ 303‬ماان القااانون العضااوي‬
‫‪ 37-39‬المعدل والمتمم بالنسبة لالنتخابات التشريعية بثمانية وأربعين ‪ 19‬ساعة الموالية إلعالن النتاائج‪،‬‬
‫أما فيما يخص الطعان فاي انتخاباات أعضااء مجلاس اَلماة فقاد حادده المشارع بأربعاة وعشارين ‪ 61‬سااعة‬
‫التي تلي إعالن النتائج‪ .2‬وأجال الطعن تعد من النظام العاام الاذي ال يجاوز تجااوزه والادفع الوحياد المتعلاق‬
‫بالنظام العام والممكن إثارته بعد الميعاد يقتصر حسب ما استقر عليه قضاء المجلس الدستوري على حالة‬
‫عدم توافر شروط الترشيح في المترشح الفائز أو في المترشح البديل‪ ،‬أماا الادفوع المساتمدة مان المخالفاات‬
‫المرتكبة أثناء الحملة االنتخابية أو أثناء عملياة االقتاراع أو فارز اَلصاوات‪ ،‬فهاي ال تعتبار كاذلك وال يمكان‬
‫إثارتها بعد فوات الميعاد‪.3‬‬

‫وهنااا يمكننااا القااول أنااه رغاام أخااذ المشاارع الج ازئااري فااي الحسااابان عناد تحديااده لميعاااد الطعاان تاااريخ‬
‫إعالن المجلس الدستوري للنتائج في أجل أقصاه اثنان وسبعون ‪ 06‬ساعة من تااريخ اساتالمه لمحاضار‬
‫اللجااان الوالئيااة والدبلوماسااية أو القنصاالية‪ ،‬م اا يعنااي أن مجمااوع ذلااك قااد يصاال إلااى خمسااة ‪ 73‬أيااام ماان‬
‫وقت االنتهاء من عملية االقتراع اَلمر الذي قد يمكن الطاعن من إعداد طعنه ضمن ميعااده‪ ،‬إال أن ذلاك‬
‫ال ينفي قصر الميعاد‪ -19-‬ساعة الممنوح للطاعن اَلمر الذي يحول دون تمكنه مان جماع اَلدلاة الكافياة‬
‫والمستندات الالزمة لتأسيس الطعن وفي ذلك مساس بالحقوق القانونية لألفراد وتشجيع بطريقة غير مباشرة‬
‫لضرب الخيار الديمقراطي في البالد‪ ،‬وفي ذلك يقول اَلستاذ "شوقي يعيش تمام" أن المشرع الجزائري حدد‬
‫أج ااال الطعااان وض اابطها بالسا اااعات ع ااوض تحديااادها باَلي ااام‪ ،‬ويب اادو هن ااا أن ااه انس اااق كثي ا ا ار وراء الطا ااابع‬
‫االستعجالي والخاص للنزاع االنتخابي مما أدى إلى تقصير المهل والمواعيد بشكل أخل بحقوق المتقاضين‬

‫‪1- Dominique Rousseau: OP, cit, p378.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 317‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬إلياس جوادي‪ :‬دور المجلس الدستوري في رقابة دستورية القوانين وصحة اال نتخابات البرلمانية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.363‬‬

‫‪117‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وبالضمانات الضرورية إلى درجة انعدام الحق في الطعن الستحالة تحضير الدعوى‪ ،‬اَلمر الذي قد يفوت‬
‫الفرصة على من يتمسك بالطعن في مراقبة نزاهة العملية االنتخابية‪.1‬‬

‫‪-‬شكل الطعن‪ :‬قضى المشرع الجزائري أن يتم الطعن في االنتخابات التشريعية بعاد إعاالن نتائجهاا ويكاون‬
‫ذلك في شكل عريضة عادياة يودعهاا الطااعن لادى كتاباة ضابط المجلاس الدساتوري‪ ،2‬وناص المشارع علاى‬
‫أن "عريضااة الطعاان" هااي عريضااة عاديااة يعنااي أنهااا عريضااة بساايطة تحاارر علااى ورق عااادي دون شااروط‬
‫أخرى كالدمغة وغيرها‪ ،‬لكن دون إعفاء الطاعن من الشروط الواجب توفرها‪ 3‬والتي حاددتها الماادة ‪ 96‬مان‬
‫النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪.‬‬
‫ويجااب تقااديم الطعان بحسااب عاادد اَلطاراف المطعااون ضاادهم كمااا يجااب أن يااودع الطعاان ماان أحااد‬
‫أصحاب الصفة المذكورين أعاله مباشرة لادى كتاباة ضابط المجلاس الدساتوري‪،‬ويجب علاى المكلاف بإياداع‬
‫عريض ااة الطع اان أن يثب اات التف ااويض الممن ااوح ل ااه إذا ل اام يكا ان مترش ااحا أو مم ااثال قانون ااا للح اازب السياس ااي‬
‫الطاعن‪ ،‬وأن تقدم عريضة الطعن باللغة الوطنية الرسمية‪.4‬‬
‫لنخلص بذلك إلى أن المشرع الجزائري ربط قبول الطعون في صحة االنتخاباات التشاريعية بااحترام‬
‫الطاعن لألطر القانونية المحددة لها من خالل إيداعها لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري خالل المواعيد‬
‫المحددة قانونا لها ليبدأ بعدها دور المجلس الدستوري في البت فيها‪.‬‬
‫ب‪-‬إجراءات التحقيق والبت فـي الطعـون‪ :‬يعتبار وجاود رقاباة لتقيايم جمياع جواناب عملياة االقتاراع أما ار ذو‬
‫أهميااة بالغااة لمااا يااوفره ماان دعاام للمصااداقية والشاافافية تحقيقااا لمباادأ الديمقراطيااة‪ ،‬وفااي نطاااق ذلااك يعماال‬
‫المجلااس الدسااتوري علااى التحقيااق والتحااري فااي الطعااون الاواردة إليااه قباال الباات فيهااا بقا اررات تحااوز الحجيااة‬
‫المطلقة‪.‬‬

‫‪-2‬إجراءات التحقيق في الطعون‪ :‬بعد إيداع أصحاب الصفة لطعونهم على مستوى أمانة ضابط المجلاس‬

‫الدسااتوري‪ ،‬وبعااد انقضاااء اآلج اال القانونيااة إليااداع ع ارائض الطعاان يقااوم رئاايس المجلااس الدسااتوري بتعيااين‬
‫اَلعضاء المقررين من بين أعضاء المجلس ثم يقوم بتوزيع الطعاون علايهم وأمار تعياين مقاررين فاي مثال‬
‫هذه الحالة إلزامي نظ ار للكم الهائل للطعون التي تتطلب دراستها‪ ،‬ويبلغ الطعن بجميع الوساائل إلاى النائاب‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬شوقي يعيش تماام‪ :‬الطعون في انتخابـات المجـالس النيابيـة فـي دول المغـرب العربـي ( الجزائـر‪ ،‬تـونس‪ ،‬المغـرب)‪ ،‬المرجاع الساابق‪ ،‬ص‬
‫ص ‪.133-137‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 303‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬مسعود شيهوب‪ :‬المجلس الدستوري قاضي انتخاب‪ ،‬مجلة المجلس الدستوري‪ ،‬العدد ‪ ،6731 ،73‬ص ص ‪.60-69‬‬
‫‪ -4‬إلياس جوادي‪ :‬دور المجلس الدستوري فـي الرقابـة علـى صـحة انتخـاب عضـو البرلمـان‪ ،‬مجلاة االجتهااد للد ارساات القانونياة واالقتصاادية‪ ،‬العادد‬
‫‪ ،37‬ديسمبر ‪ ،6739‬ص ‪.39‬‬

‫‪118‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫الذي تم االعتراض على انتخابه وهذا حتى يتمكن من الرد على الطعن وتقديم مالحظاتاه الكتابياة والحجاج‬
‫المقياادة لمااا نسااب لااه فااي الطعااون خااالل أجاال أربعااة ‪ 71‬أيااام ابتااداء ماان تاااريخ التبليااغ‪ ،1‬وتنصااب مهمااة‬
‫المق ااررين ف ااي بداي ااة ه ااذه المرحل ااة عل ااى د ارس ااة الطع ااون ومطابقته ااا م ااع الش ااروط الش ااكلية والموض ااوعية‬
‫المتطلبااة فااي الطعاان‪ ،‬وفااي هااذا اإلطااار ماانحهم المشاارع الحااق فااي االسااتعانة بكاال مااا يتطلااب التحقيااق ماان‬
‫آلي ااات تمك اانهم م اان أداء دوره اام عل ااى أكم اال وج ااه وم اان بينه ااا جا اواز االس ااتماع َلي ش ااخص يمكن ااه تق ااديم‬
‫توضيحات أو بيانات الزمة حول موضوع االحتجاج‪ ،‬وقد يكون هذا الشخص هو المترشاح نفساه أو ممثلاه‬
‫القانوني أو أعضاء مكتب التصويت باستثناء أعضاء مجلس اَلمة باعتبارهم قضاة ‪.2‬‬
‫واسااتكماال لمسااار التحقيااق يمكاان للمقااررين التاادقيق فااي كافااة أبعاااد الطعاان المقاادم والتأكااد ماان ماادى‬
‫صااحة االدع ااءات المسااجلة فيااه‪ ،‬ويمكاانهم أثناااء ذلااك أن يطلب اوا ماان الجهااات الرساامية موافاااتهم بملفااات‬
‫المترشااحين الفااائزين باالنتخابااات بغاارض التأكااد ماان اسااتيفائها الشااروط القانونيااة واتخاااذ ق ارار بشااأنها‪ ،‬كمااا‬
‫يمكانهم كااذلك أن يطلباوا عنااد الحاجااة محاضار االنتخابااات مرفقااة بجمياع الوثااائق التااي لهاا عالقااة بعمليااة‬
‫االقتراع‪.3‬‬
‫ومماا ساابق بياناه نخلااص إلااى القاول أنااه فااي سابيل تأديااة المقاارر لادوره علااى أكماال وجاه فإنااه يتمتااع‬
‫بسلطة واسعة تمكنه من مراجعة كل مراحل العملية االنتخابية‪ ،‬ومع ذلك فنتاائج تقااريره تبقاى غيار إلزامياة‬
‫حتى تاريخ التداول بشأنها في جلسة مغلقة ليصدر المجلاس ق ار ارتاه الفاصالة فاي صاحة عملياات التصاويت‬
‫الخاصة باالنتخابات التشريعية‪.‬‬

‫‪-2‬الب ـت فــي الطعــون‪ :‬يفصاال المجلااس الدسااتوري فااي الطعااون أو االعت ارضااات المرفوعااة أمامااه فااي هااذا‬
‫الشأن كجهة قضائية حقيقية نظ ار َلنه يصدر ق اررات قضائية بالمعنى القضائي تماما مثل ما يصدر عان‬
‫الجه ا ااات القض ا ااائية‪ ،‬ل ا اادليل عل ا ااى إشا ا اراف المجل ا ااس الدس ا ااتوري عل ا ااى ه ا ااذه االنتخاب ا ااات بص ا اافته قاض ا ااي‬
‫انتخابات‪،4‬حيث تبدأ إجراءات فصل المجلاس الدساتوري فاي الطعاون االنتخابياة خاالل ثالثاة ‪ 71‬أياام التاي‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 6/91‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -‬والمادة ‪ 1/ 303‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتم‪ ،‬المصدر لسابق‪.‬‬
‫‪ -2‬أشار اليه‪ :‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.339‬‬
‫والمادة ‪ 97‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظاار‪ /‬ليليااة قلومجماااج‪ :‬المجلــس الدســتوري قاضــي منازعــات انتخابيــة‪ ،‬مجلااة البحااوث والد ارسااات القانونيااة والسياسااية‪ ،‬العاادد‪ ،6739 ،37‬ص‬
‫‪.676‬‬
‫‪ -4‬إلياس جوادي‪ :‬دور المجلس الدستوري في رقابة دستورية القوانين وصحة االنتخابات البرلمانية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.363‬‬

‫‪119‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫تلي انقضاء مهلة اَلربعة ‪ 71‬أيام الممنوحة للنائب المعترض على انتخابه‪ ،1‬وتزامنا مع ذلك يكون المقرر‬
‫قد أتم عملية التحقيق في الطعون وقام بإعداد تقريره ومشروع قرار يقدم نسخة عنه َلعضاء المجلس الذين‬
‫يجتمعون في جلسة مداوالت باستدعاء رئيس المجلس للفصل النهاائي فاي الطعاون‪ ،‬ونتاائج فصال المجلاس‬
‫الدستوري تختلف باختالف طبيعة االنتخابات بحكم توجه الطعن بنتاائج االنتخاباات التشاريعية نحاو قا اررات‬
‫ثالثة مختلفة كاآلتي‪:‬‬

‫‪-‬رفااض الطعااون التااي لاام يتقي اد أصااحابها باااإلجراءات الشااكلية التااي تضاابط اإلطااار العااام لهااا أو فااي حااال‬
‫ارتااأى أنهااا غياار مبنيااة علااى وقااائع حقيقيااة تثباات االدعاااءات المااذكورة فااي عريضااة الطعاان َلن الكثياار ماان‬
‫الطعون المقدمة يكون الهدف منها انتقامي بالدرجة اَلولى ويعبر عن عدم رضا المترشحين‪ -‬أشخاص أو‬
‫أح ازاب – عاان النتااائج المتحصاال عليهااا‪ ،‬وبااذلك يكااون رفااض المجلااس الدسااتوري للطعااون ناااتج عاان أحااد‬
‫االحتمااالين‪ ،‬أولهمااا رفااض الطعاان أو االحتجاااج لعاادم احتارام اإلجاراءات الشااكلية المتطلبااة فيهااا أو تارفض‬
‫لعدم احترام المواعيد‪.2‬‬
‫‪ -‬أما االحتمال الثاني يكون إذا تبين له أنها غيار مؤسساة علاى اعتباارات صاحيحة وقوياة حياث اساتقر‬
‫قضاؤه في هذا الشأن علاى رفاض الطعاون فاي الموضاوع بسابب غيااب أدلاة كافياة يمكان مان خاللهاا تأكياد‬
‫جديااة االحتجاجااات المقدمااة أو بساابب أن الوقااائع التااي تض امنتها هااذه الطعااون كاناات ذات طااابع عااام ماان‬
‫جهة أو مبنية على معطيات غير صحيحة من جهة‪.3‬‬
‫‪ -‬تعديل نتائج االنتخاب واعادة صياغة محاضر النتائج وفي هذا السياق خول المشرع الجزائري للمجلاس‬
‫الدسااتوري التاادخل لتعااديل نتااائج االنتخابااات ساواء تعلااق اَلماار بانتخاااب ناواب المجلااس الشااعبي الااوطني أو‬
‫بانتخابات التجديد النصفي َلعضاء مجلس اَلمة‪ ،‬إذا تبين له أن الطعن مؤسس وذلك من خالل قوله في‬
‫نص المادة ‪ 1/303‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم على أنه‪ « :‬واذا تبين أن الطعن يستند‬
‫إلااى أس ااس فإنااه يمكنااه أن يصاادر ق ا ار ار معلااال بإلغاااء االنتخاااب المتنااازع فيااه أو بإعااادة صااياغة محض ار‬
‫النتائج المعد واعالن المترشح المنتخب قانونا‪.»...‬‬
‫‪ -‬وفااي نفااس السااياق جاااء نااص المااادة ‪ 6/91‬ماان النظااام المحاادد لقواعااد عماال المجلااس الدسااتوري بقولااه‪:‬‬
‫«واذا اعتبار أن الطعان مؤسااس يمكناه أن يعلاان بموجاب قارار معلال‪ ،‬إماا إلغاااء االنتخااب المتنااازع فياه وامااا‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 1/303‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬عباس بلغول‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪ -3‬شوقي يعيش تمام‪ :‬الطعون في انتخابات المجالس النيابية في دول المغرب العربي ( الجزائر‪ ،‬تونس‪ ،‬المغرب)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‬
‫‪.101-106‬‬

‫‪120‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫إعادة صياغة محضر النتائج‪ ،‬ويعلن فوز المترشح المنتخب قانوناا نهائياا‪ ،»..‬وباالعودة إلاى الواقاع العملاي‬
‫لحصيلة عمل المجلس الدستوري في هذا اإلطار نجد أنه سجل سنة ‪ 6730‬بمناسبة االنتخابات التشريعية‬
‫إيداع ‪ 666‬طعنا من طرف المترشحين وأحزاب سياسية أو ممثليهم المؤهلين قانونا‪ ،‬وبعد د ارستها والفصل‬
‫فيه ااا رف ااض ‪ 1‬طع ااون ف ااي الش ااكل لع اادم اس ااتيفاءها الش ااروط القانوني ااة‪ ،‬بينم ااا ق ااام بد ارس ااة ‪ 663‬طعن ااا ف ااي‬
‫الموض ااوع وص اارح با ارفض ‪ 603‬لع اادم كفاي ااة أدل ااة اإلثب ااات أو لع اادم التأس اايس‪ ،‬وت اام قب ااول ‪ 67‬طعن ااا ف ااي‬
‫الموضوع باعتبارها طعونا مؤسسة‪.1‬‬
‫لاتعكس باذلك سالطة تعاديل المجلاس الدسااتوري لنتاائج االنتخاباات فكارة القضااء الشاامل أو الواسااع‬
‫للمجلس الدستوري في مراقبة العملية االنتخابياة بكال عناصارها باعتبااره قاضاي المنازعاات االنتخابياة علاى‬
‫شاااكلة االختصاااص العائااد للقاضااي اإلداري فااي مراقبااة مسااتويات وم ارحاال مختلفااة فااي العمليااة االنتخابيااة‬
‫النيابية‪ ،‬وتبعا لذلك يكون له الحق فاي تعاديل نتيجاة االنتخااب لايعلن علاى إثاره فاوز المترشاح الاذي انتخاب‬
‫بطريقة قانونية سليمة‪.2‬‬
‫ومن تطبيقات المجلس الدستوري في هذا الشأن إعادة صياغة محضر اَلصوات لبلدية بني وسين‬
‫وبعد االطالع على عريضة الطعن المودعة لدى كاتبة ضبط المجلاس الدساتوري بتااريخ ‪ 37‬ماايو ‪6730‬‬
‫تح اات رق اام ‪ 666/6730‬م اان ط اارف المترش ااحة الس اايدة خ‪-‬ز‪ ،‬والت ااي اعترض اات م اان خالله ااا عل ااى نت ااائج‬
‫االنتخابات بالدائرة االنتخابية ساطيف التاي شاابتها عادة خروقاات السايما أثنااء االقتاراع وبعاد تأكاد المجلاس‬
‫الدسااتورية ماان حقيقااة الطعاان باطالعااه علااى محاضاار اللجااان االنتخابيااة ق ارر إلغاااء نتااائج االقتاراع بمكتااب‬
‫التصويت رقم ‪ 373‬نساء بمكتاب التصاويت احماد قصاري التاابع لبلدياة بناي وساين وأعااد صاياغة محضار‬
‫اَلصاوات‪ ،3‬إن إلغاااء نتااائج االنتخاااب المتنااازع بشااأنها يعااد أخطاار إج اراء يقااوم بااه المجلااس الدسااتوري فهااو‬
‫بااذلك يقااوم بمعاقبااة عاادم الشاارعية التااي أدت إلااى فااوز نائااب بمقعااد فااي المجلااس الشااعبي الااوطني‪ ،‬أو نياال‬
‫عضاو لمقعاد مجلاس اَلماة مااا يعناي أن العملياة االنتخابياة قاد شاابتها خروقاات جسايمة أثارت علاى نزهاتهااا‬
‫بقادر يحاول دون إمكانيااة اعتمااد نتائجهاا‪ ،‬أو حتااى إدخاال تعاديالت عليهااا وبالتاالي فاإن الفااارق فاي النتااائج‬
‫وت ااأثير الخروق ااات والتج اااوزات عل ااى النت ااائج النهائي ااة للعملي ااة االنتخابي ااة هم ااا المعي اااريين الل ااذان س اايكونان‬

‫‪ -1‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.360 -369‬‬


‫ولالطاالع أكثار ارجاع إلااى قا اررات المجلاس الدسااتوري بخصاوص ذلاك‪ ،‬ج ر‪ ،‬العاادد ‪ ،11‬الصاادرة بتااريخ ‪ 36‬رمضااان عاام ‪ 3119‬الموافاق ‪ 0‬يونيااو‬
‫سنة ‪.6730‬‬
‫‪ -2‬شوقي يعيش تمام‪ :‬الطعون في انتخابات المجالس النيابية في دول المغرب العربي ( الجزائر‪ ،‬تونس‪ ،‬المغرب)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪-3‬قرار رقام ‪ /73‬ق‪.‬م‪.‬د‪ 30 /‬ماؤرخ فاي ‪ 63‬شاعبان عاام ‪ 3119‬الموافاق ‪ 39‬ماايو سانة ‪ ،6730‬ج ر‪ ،‬العادد ‪ 11‬الصاادرة بتااريخ ‪ 36‬رمضاان عاام‬
‫‪ 3119‬الموافق ‪ 0‬يونيو ‪.6730‬‬

‫‪121‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫المحااددان لمصااير االنتخاااب‪ ،1‬اَلماار الااذي يعنااي أن ق ارار المجلااس الدسااتوري بإلغاااء النتااائج متوقااف ماان‬
‫الناحية القانونية على ارتكاب جرائم انتخابية بعنوان قاانون االنتخاباات‪2‬وتأخاذ صاور الجارائم االنتخابياة كال‬
‫اَلفعال التي من شأنها أن تشكل خرقا أو تجااو از يماس بمصادقيه ون ازهاة العملياة االنتخابياة التاي لان يتاردد‬
‫معها المجلس الدستوري في إلغاء النتائج المؤسسة عليها لينظم على اثر ذلك اقتراع جديد فاي أجال ثمانياة‬
‫‪ 79‬أيام ابتداء من تااريخ تبلياغ قارار المجلاس الدساتوري إلاى الاوزير المكلاف بالداخلياة عماال بأحكاام الماادة‬
‫‪ 1/313‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتم‪ ،‬وفي كل اَلحوال ينشر قرار المجلس الدساتوري فاي‬
‫الجريدة الرسمية معلنا بذلك النتائج النهائية لالنتخابات التشريعية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬رقابة المجلس الدستوري على حسابات الحملة االنتخابية البرلمانية والعهدة البرلمانية‪ :‬بعد فصال‬
‫المجلس الدستوري في الطعون المتعلقة باالنتخابات التشريعية يواصل مباشرة صالحياته الرقابية في مجال‬
‫االنتخابااات التش اريعية فااي جانبهااا المااالي المتعلااق بالحملااة االنتخابيااة‪ ،‬فضااال عاان تعرضااه بالرقابااة للعهاادة‬
‫البرلمانية‪.‬‬
‫أ‪ -‬فصل المجلس الدستوري في حسـابات الحملـة االنتخابيـة‪ :‬حرصاا مان المشارع الج ازئاري علاى تكاريس‬
‫المساواة كمبدأ دساتوري باين المترشاحين قاام بتحدياد مصاادر تمويال الحملاة االنتخابياة وحادد ساقف النفقاات‬
‫المتعلقة بها‪ ،‬واَلمر سيان في ذلك سواء تعلق باالستحقاقات الرئاسية أو التشريعية‪3‬وذلاك وفقاا لماا ورد فاي‬
‫نص المادة ‪ 369‬من القانون العضوي ‪.37-39‬‬
‫ويعتبر ضبط تنظيم طرق ووسائل تمويل الحملة االنتخابية من بين المسائل التي منحتها أغلب التشريعات‬
‫االنتخابية أهمية بالغة‪ ،‬من خالل وضع اإلطار القانوني لمصدرها بإقرار مجموعاة مان القياود علاى عملياة‬
‫حصااول المترشااح علااى هااذه اإلي ارادات س اواء تمثلاات فااي المساااهمات المقدمااة ماان الدولااة أو الغياار لوضااع‬
‫مصادر تمويل هذه النفقات تحت رقابة الدولة بصفة صارمة‪.4‬‬
‫وبناء على ذلك حدد المشرع الجزائري مصادر تمويال الحملاة االنتخابياة مان خاالل ناص الماادة ‪ 367‬مان‬
‫القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم في مساهمة اَلحازاب السياساية‪ ،‬والمسااعدة المحتملاة مان الدولاة‬
‫والتااي تقاادم علااى أساااس اإلنصاااف فضااال عاان مااداخيل المترشااحين‪ ،‬لتنقساام بااذلك مصااادر تموياال الحمااالت‬

‫‪ -1‬أنظر‪/‬عباس بلغول‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬شوقي يعيش تماام‪ :‬الطعون في انتخابـات المجـالس النيابيـة فـي دول المغـرب العربـي ( الجزائـر‪ ،‬تـونس‪ ،‬المغـرب)‪ ،‬المرجاع الساابق‪ ،‬ص‬
‫‪.101‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬عبد القادر شربال‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬أحمد بنيني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.603‬‬

‫‪122‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫االنتخابية إلى نوعين هما التمويل العام وهو ذلاك التمويال الاذي تقدماه الحكوماة للحماالت االنتخابياة ساواء‬
‫كان بشكل نقدي أو عيني‪.‬‬
‫أما التمويل الخااص فيعناي الحصاول علاى اَلماوال إلنفاقهاا فاي الحماالت االنتخابياة مان مصاادر‬
‫أخرى غير حكومياة مثال اَلماوال التاي يتبارع بهاا اَلفاراد والجمعياات والشاركات الخاصاة‪ ،1‬وقاد قاام المشارع‬
‫الجزائري بتحديد سقف نفقاتها بموجاب ناص الماادة ‪ 361‬مان القاانون العضاوي ‪ 37-39‬المعادل والماتمم‬
‫بقولهااا‪ « :‬ال يمكاان أن تتجاااوز نفقااات الحملااة االنتخابيااة لكاال قائمااة فااي االنتخابااات التشاريعية حاادا أقصاااه‬
‫مليون وخمسمائة ألف دينار ‪ 33.77.777‬دج عن كل مترشح»‪.‬‬
‫وفي إطار رقابة المجلس الدستوري على حسابات حملة االساتحقاقات التشاريعية فإناه يتوجاب علاى‬
‫كل مترشح لها تقديم حساب حملتاه االنتخابياة خاالل الشاهرين‪ 76‬الماواليين لنشار النتاائج النهائياة النتخااب‬
‫أعضاااء المجلااس الشااعبي الااوطني‪ ،‬كمااا يجااب أن يكااون تقرياار الحملااة متضاامنا مصاادر اإلي ارادات المباارر‬
‫قانونا والهدف من إدراج هذا الشرط هو الوقاوف والتصادي فاي وجاه المصاادر غيار المشاروعة لماا لهاا مان‬
‫مخ اااطر عل ااى العملي ااة االنتخابي ااة وعلا اى المص االحة الوطني ااة عل ااى ح ااد سا اواء‪ ،‬عل ااى خ ااالف تم ااول الحمل ااة‬
‫االنتخابية من المال الخاص للمترشحين أو من باق المصادر التي ال ريب في مشاروعيتها مادامات ضامن‬
‫الحاادود والض اوابط القانونيااة‪ ،‬ويجااب أن يتضاامن الملااف النفقااات مدعمااة بالوثااائق الثبوتيااة إلااى جانااب ذلااك‬
‫يجااب أن يااتم إعااداد حساااب الحملااة االنتخابيااة ماان قباال محاسااب خبياار أو محااافظ حسااابات معتمااد ويكااون‬
‫مرفقا بتقرير عن الحساب مختوما وموقعا منه‪.2‬‬
‫ويتم إيداع التقرير لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري سواء كان ذلاك مان ذوي الصافة أو مان أي‬
‫شخص أخر يحمل تفويضا قانونيا منهم‪.3‬‬
‫لتبدأ مباشرة إجراءات فحص المجلس الدساتوري لتقاارير الحساابات والتأكاد مان صاحتها وهناا يكاون‬
‫عماال العضااو المقاارر عمااال محاساابيا بحتااا‪ ،‬وتجاادر اإلشااارة إلااى أن عمليااة الفصاال فااي حسااابات الحملااة‬
‫االنتخابيااة ال تحكمهااا أجااال قانونيااة واضااحة علااى خااالف مااا ورد ماان ضاابط لآلجااال بالنساابة لعمليااة إيااداع‬
‫تقارير حسابات الحملة من قبل المترشحين‪.4‬‬

‫‪ -1‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.316‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 96‬و‪ 07‬من النظام المحدد لعمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر المادة ‪ 6/07‬من نفس المصدر‪.‬‬
‫‪ -4‬سماعين لعبادي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.117-116‬‬

‫‪123‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫يفصل المجلس الدستوري في حسابات الحملة االنتخابية إما بالقبول والقيام بالتعويض ويكون ذلاك‬
‫لقا اوائم المترش ااحين الت ااي أح اارزت عشا ارين‪%67‬عل ااى اَلق اال م اان اَلصا اوات المعب اار عنه ااا أن تحص اال عل ااى‬
‫تعااويض بنساابة خمسااة وعشارين ‪%63‬ماان النفقااات الحقيقيااة وضاامن الحااد اَلقصااى الماارخص باه ويااتم ماانح‬
‫هااذا التعااويض للحاازب السياسااي الااذي أودع الترشااح تحاات رعايتااه‪1‬أمااا فااي حااال رفااض المجلااس الدسااتوري‬
‫حساب الحملة االنتخابية فإنه ال يكون للمترشح حق في التعويض‪.2‬‬
‫وماان ثاام يمكننااا القااول أن مسااألة تموياال الحمااالت االنتخابيااة مسااألة بالغاة اَلهميااة لاايس فقااط علااى‬
‫حسن سير العملية االنتخابية بل المسألة تمتد إلى المساس بسيادة الدولة وشرعية السلطات فيها‪ ،‬لاذا نجاد‬
‫فضال على تحديد مصادرها وتسقيف نفقاتها قد أخضعها المشرع الجزائري لرقابة المجلس الدستوري للتثبت‬
‫من شرعيتها‪.‬‬
‫ب‪ -‬الرقابــة علــى اســتخالف عضــو البرلمــان‪ :‬ماان البااديهي أن تنتهااي مهااام النائااب فااي المجلااس الشااعبي‬
‫الوطني أو العضو في مجلس اَلمة بانتهاء مدة العهدة المقررة له وهو أمر ال يثير إشكاال‪ ،‬لكن قاد يحادث‬
‫وتنتهي هذه العهدة َلسباب طبيعية كالوفاة أو قانونية كاإلقصاء أو قبول وظيفة عضو في الحكومة لذلك‬
‫تتم عملية االستخالف في حال ثبوتها بتدخل رقابي للمجلس الدستوري باعتبار أن رقابته للعهدة التشاريعية‬
‫امتداد الختصاصه الرقابي على االنتخابات التشريعية‪.‬‬

‫‪ -2‬استخالف العضو في المجلس الشعبي الوطني‪ :‬تضمنت المادة ‪ 373‬من القانون العضوي ‪37-39‬‬

‫المعدل والمتمم الحاالت التي يترتب فيها استخالف مقعد النائب الشاغر وتتمثل فاي الوفااة أو االساتقالة أو‬
‫حاادوث مااانع قااانوني لااه‪ ،‬أو اإلقصاااء أو التجريااد ماان وظيفتااه بساابب قبااول وظيفااة عضااو فااي الحكومااة أو‬
‫عضاوية فااي المجلااس الدسااتوري‪ ،‬وفااي حالااة ثبااوت إحادى هااذه الحاااالت فإنااه يااتم اسااتخالف النائااب المعنااي‬
‫بالمترشااح الااذي يااأتي ترتيبااه مباش ارة بعااد المترشااح المنتخااب فااي القائمااة للماادة النيابيااة المتبقيااة مااع م ارع ااة‬
‫أحكام القانون العضوي ‪ 71-36‬المتعلق بتوسيع تمثيل حظوظ المرأة في المجالس المنتخبة‪.‬‬
‫أما حالة الوفاة فتترتب عنها أثار تتمثل في فقدان المجلس َلحد أعضائه وفقدان الادائرة االنتخابياة‬
‫َلحااد ممثليهااا‪ ،‬ممااا يتطلااب تعويضااه باالسااتخالف بالفااائز الااذي يليااه فااي القائمااة التااي كااان ينتمااي إليهااا‬
‫المتااوفي‪ ،3‬أمااا االسااتقالة فهااي حااق مقاارر لعضااو البرلمااان وتعتباار ماان بااين الحاااالت التااي يفقااد علااى إثرهااا‬

‫‪-1‬أنظر المادة ‪ 3/363‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 3/369‬من نفس المصدر‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشاعير‪ :‬النظام السياسي الجزائري دراسة تحليلية لطبيعة نظـام الحكـم فـي ضـوء دسـتور ‪ -2992‬السـلطة التشـريعية والمراقبـة‪،‬‬
‫ج‪ ،1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫‪124‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫عض اويته‪ ،‬فااي ح اين يفقااد النائااب حقااه كمنتخااب بإقصااائه فااي حااال فقدانااه لحقوقااه المدنيااة أو السياسااية أو‬
‫فقدانه اَلهلية وكالهما مرتبط بحاق االنتخااب‪ ،1‬كماا أناه قاد يجارد مان مهمتاه النيابياة إن اقتارف فعاال يخال‬
‫بشرف مهنته عمال بأحكام المادة ‪ 361‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬بينما حسمت المادة ‪ 366‬من‬
‫نفاس التعااديل الدساتوري موضااوع حاااالت التناافي بمنعهااا الجماع بااين الوظيفااة التشاريعية ومهااام أو وظااائف‬
‫أخ اارى‪ ،‬وف ااي ه ااذا اإلط ااار نظ اام أيض ااا الق ااانون العض ااوي رق اام ‪276-36‬الح اااالت الت ااي تتن ااافى م ااع العه اادة‬
‫البرلمانية والتي من بينها وظيفة عضو في الحكومة أو التعيين في المجلس الدستوري‪.‬‬
‫وتب اادأ إجا اراءات اس ااتخالف النائ ااب ب ااالمجلس الش ااعبي ال ااوطني بتصا اريح مكت ااب المجل ااس الش ااعبي‬
‫ال ااوطني بش ااغور مقع ااد النائ ااب وتبليغ ااه إل ااى المجل ااس الدس ااتوري إلع ااالن حال ااة الش ااغور وتعي ااين مس ااتخلف‬
‫المترشح‪ ،‬وذلك بتعيين مقرر من بين أعضاء المجلس ليتولى مهام التحقيق في موضوع االستخالف‪3‬الذي‬
‫يراعي فيه المجلس الدساتوري أحكاام الماادة ‪ 79‬مان القاانون العضاوي ‪ 71-36‬الاذي يحادد كيفياات توسايع‬
‫حظوظ تمثيل المارأة المنتخباة‪ ،‬وبعاد أن يبادي المجلاس الدساتوري قا ارره بهاذا الشاأن يقاوم بتبليغاه إلاى رئايس‬
‫المجلس الشعبي الوطني والى الوزير المكلف بالداخلية والجماعات المحلية كما يتم ينشر قا ارره فاي الجريادة‬
‫الرسمية‪.4‬‬

‫‪-2‬استخالف النائب في مجلس األمة‪ :‬يتشكل مجلس اَلمة من ‪ 311‬عضو ثلثي أعضائه منتخباين عان‬
‫طريق االقتراع العام غير المباشر والسري من بين ومن طرف أعضاء المجاالس الشاعبية البلدياة و الوالئياة‬
‫أم ااا الثل ااث الب اااقي وع ااددهم ‪ 19‬عض ااوا في ااتم تعي اانهم م اان ط اارف رئ اايس الجمهوري ااة م اان ب ااين الشخص اايات‬
‫والكفاااءات الوطنيااة‪ ،‬ليكااون االسااتخالف بااذلك فااي مجلااس اَلمااة علااى طاريقتين اَلولااى بااالتعيين أمااا الثانيااة‬
‫فتكااون باالنتخاااب‪ ،‬ورغاام أن القااانون العضااوي ‪ 37-39‬المعاادل والمااتم وحااد فااي أسااباب االسااتخالف فااي‬
‫غرفتي البرلمان وأخضعها لنفس الحكم مما يوفر أمواال وجهدا وزمنا وقصر في اإلجراءات مما كانت عليه‬
‫سابقا‪ ،‬إال أنه لم ينص على مسألة استخالف أعضاء مجلس اَلمة المعينين مثلما هو عليه الحال بالنسابة‬
‫لألعضاء المنتخبين‪.5‬‬

‫‪ -1‬عباس بلغول‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.699‬‬


‫‪ -2‬أ نظر‪ /‬المادة ‪ 71‬من القانون العضوي رقم ‪ 76-36‬ماؤرخ فاي ‪ 39‬صافر عاام ‪ 3111‬الموافاق ‪ 36‬ينااير سانة‪ ،6736‬يحادد حااالت التناافي ماع‬
‫العهدة البرلمانية‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،73‬الصادر بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪.6736‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 379‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم‪ .‬المصدر السابق‪.‬‬
‫والمادة‪ 99‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪-4‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 90‬و‪ 1/99‬من نفس المصدر‪.‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ /‬ليلية قلو مجماج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.671‬‬

‫‪125‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وعليه فإنه في حال شغور مقعد أحد اَلعضاء المعينين في مجلس اَلمة بسبب حاالت التنافي أو‬
‫الوفاة أو اإلقصاء أو بسبب التجريد من عهدته االنتخابية‪ ،‬فإن عملية استخالفه تتم بموجب مرسوم رئاسي‬
‫صادر من طارف رئايس الجمهورياة يعاين بموجباه عضاو أخار‪.1‬أماا االساتخالف عان طرياق االنتخااب فتاتم‬
‫إجراءاتااه باسااتدعاء الهيئااة الناخبااة للواليااة أو الواليااات المعنياة بعمليااة االسااتخالف‪ ،‬بموجااب مرسااوم رئاسااي‬
‫عمال بأحكام المادة ‪ 376‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫مما تقدم يمكننا القول أن االختصاص الرقابي للمجلس الدستوري في المجال االنتخابي جعل منه‬
‫جهاااا از قضا ااائيا بامتيااااز مااان خاااالل تدخلاااه لضا اامان السا ااير الحسااان للعمليا ااة االنتخابي ااة باعتباره ا اا السا اابيل‬
‫الديمقراطي اَلمثل للتعبير عن اإلرادة الشعبية‪ ،‬كما تتجسد بها مصداقية االستحقاقات الرئاسية والتشريعية‬
‫عل ااى ح ااد سا اواء‪ ،‬خاص ااة بع ااد التع ااديل الدس ااتوري لس اانة ‪ ،6739‬ال ااذي خص ااه بتش ااكيلة تتمت ااع بالتخص ااص‬
‫القااانوني والخبارة التااي تؤهلااه للنظاار فااي جااوهر الطعااون الخاصااة باالنتخابااات الرئاسااية والبرلمانيااة‪ ،‬اَلماار‬
‫الذي يمكنه مان الاتحكم فاي زماام االختصااص الرقاابي المساند لاه مان جهاة وتجسايد الديمقراطياة مان جهاة‬
‫أخاارى ماان خااالل تعزيااز دور الماواطن بحمايااة مساااهمته ب أريااه فااي وضااع أركااان نظااام سياسااي لمؤسسااات‬
‫شرعية ونظام دولة مستقر‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االختصاصات االستشارية للمجلس الدستوري‬

‫فضااال علااى االختصاصااات الرقابيااة المختلفااة للمجلااس الدسااتوري والتااي يسااهر ماان خاللهااا علااى‬
‫علوية الدستور وسمو أحكامه‪ ،‬كلف أيضا وبموجب الدستور بمهاام استشاارية بعضاها يكاون فاي الظاروف‬
‫العاديااة كاالستشااارة حااول التعااديل الدسااتوري وعمليااة االسااتفتاء وشااغور منصااب رئاسااة الجمهوريااة (الفاارع‬
‫اَلول) وبعضااها اَلخاار يتعلااق بااالظروف االسااتثنائية ومااا يلزمهااا ماان تنظيمااات كعاالج تش اريعي لهااا(الفرع‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬نطاق الرقابة على التعديل الدستوري وعملية االستفتاء‬


‫تساامو القواعااد الدسااتورية علااى غيرهااا ماان القواعااد القانونيااة المطبقااة فااي الدولااة وصاافة الساامو فيهااا‬
‫ليست نابعة من كونها تتضمن اَلصول التي يقوم عليها نظام الحكم وطبيعته ووظيفة السلطات العامة في‬
‫الدول ااة ويض ااع اَلس ااس النظري ااة لحق ااوق اإلنس ااان وس اابل حمايته ااا‪ ،‬ب اال ه ااو ن ااابع أيض ااا م اان عملي ااة تعديل ااه‬

‫‪-1‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.396-393‬‬

‫‪126‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫ومختلف القيود الواردة عليها وآليات حمايته‪ ،‬التي تستلزم تدخل المجلس الدستوري للتأكد من احترام قيودها‬
‫اإلجرائية شأنه في ذلك شأن االستفتاء باعتبارهما كال مترابط‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مجـال بسـط الرقابــة علـى التعـديل الدســتوري‪ :‬يشاكل الدساتور فاي أي دولااة اإلطاار العاام الاذي يحاادد‬
‫نظااام الدولااة وياانظم عماال الساالطات فيهااا ويكفاال الحقااوق والحريااات ويجسااد إرادة وتطلعااات الشااعب‪ ،1‬ولهااذا‬
‫فااإن أي عمليااة تط ا أر علااى الساااحة السياسااية فااي الدولااة يتبعهااا بالضاارورة تعااديل لدسااتورها بمااا يااتالءم مااع‬
‫اَلوضاااع والظااروف الطارئااة والمسااتجدة ليعباار التعااديل الدسااتوري بااذلك التغيياار فااي المجتمااع الااذي يفرضااه‬
‫قااانون التغياار والتطااور المسااتمر‪ .‬وعليااه يجاادر قباال التطاارق إلااى الجانااب الرقااابي علااى التعااديل الدسااتوري‬
‫العروج أوال على مبرراته والقيود الواردة عليه‪.‬‬

‫أ‪-‬القاعدة الدستورية بين ضرورة التعديل وقيود الحظر‪ :‬القاعدة العامة المعروفة من الناحية القانونياة أن‬

‫نشااأة أيااة قاعاادة قانونيااة مهمااا كاناات طبيعتهااا إنمااا هااي نتيجااة لظااروف أملتهااا س اواء كاناات هااذه الظااروف‬
‫قانونية أو سياسية‪ ،‬كما تقضي القاعدة العامة أيضا أن النصوص التي يتم اساتحداثها تكاون وليادة ظاروف‬
‫معينة وهي مطالبة بمسايرة التطاور‪.2‬ورغام أن فكارة جماود الدساتور تقاوم علاى الرغباة فاي تحقياق االساتقرار‬
‫والثبات للقواعد الدستورية‪ ،‬غير أنه مهما قيل في مشروعية هذه الرغبة ومهما كانت ضرورة وفائادة تحقياق‬
‫الثبات واالستقرار للقواعد الدستورية فإن النظام الدستوري للدولة ال يمكن أن يرنو إلى الثبات المطلاق ومان‬
‫الالزم تنظيم الطريقاة التاي ياتم بهاا تعاديل الدساتور حتاى ال تكاون ضارورة التعاديل مؤدياة إلاى إتبااع طريقاة‬
‫غير قانونية مثل الثورة واالنقالب‪.3‬والتعديل الدساتوري باالمعنى الواساع يشامل أي تغييار فاي الدساتور ساواء‬
‫انصرف أثره إلى وضع حكم جديد بالنسبة لموضوع لم يسبق للدستور تنظيمه‪ ،‬أو انصارف أثاره إلاى تغييار‬
‫اَلحك ااام الدس ااتورية المنظم ااة لموض ااوع م ااا باإلض ااافة أو الح ااذف ل ااذا يعتب اار الدس ااتور عملي ااة تج ااري خ ااارج‬
‫الدستور على مواده الحالية‪.4‬‬
‫وتعااديل الدسااتور حقيقااة ال مناااص منهااا َلنااه ال يمكاان بااأي حااال ماان اَلح اوال أن يتساام الدسااتور بصاافة‬
‫الثبااات اَلباادي التااي تحااول دون تعديلااه َلن حقيقااة وضااعه تعااود إلااى الساالطة التأسيسااية‪ ،‬بمعنااى أن واضااع‬
‫الوثيقة الدستورية إنسان ومن ثم فهي وثيقة قابلة للتعاديل والتباديل كلماا دعات الحاجاة لاذلك‪ ،‬بحكام ضارورة‬
‫مسااايرة التغيا ارات اإلقليمي ااة وحت ااى الدوليااة منه ااا‪َ ،‬لن ااه ال يعق اال رب ااط مصااير اَلجي ااال القادم ااة ره اان أحك ااام‬

‫‪1‬‬
‫‪- Michel VILLIERS: Dictionnaire de Droit Constitutionnel, Armand Colin/ Masson, Paris 1998, P 42.‬‬
‫‪ -2‬محمد الناصر بوغزالة‪ :‬دوافع التعديل الدستوري‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والسياسية‪ ،‬عدد ‪ ،31‬أكتوبر ‪ ،6739‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -3‬ثروت بدوي‪ :‬القانون الدستوري وتطور األنظمة الدستورية في مصر‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬القاهرة مصر‪ ،3696 ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ -4‬شامل حافظ الموسوي‪ :‬تعديل الدستور وأثره على نظام الحكم في الدولة‪ ،‬ط‪ ،3‬المركز العربي الديمقراطي‪ ،‬مصر‪ ،6739 ،‬ص ‪.16‬‬

‫‪127‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫دسااتورية ال تعباار عاان هويااة مجااتمعهم وتطلعاتااه‪ ،‬كمااا أن ذلااك ال يعنااي أيضااا التخلااي عاان المبااادئ العامااة‬
‫الت ااي تحك اام المجتم ااع مهم ااا كان اات التط ااورات الحاص االة‪َ1‬لن مس ااايرتها يج ااب أن تك ااون نس اابية بم ااا يتواف ااق‬
‫ويتماشى مع هوية المجتمع لتتلخص بذلك الضرورات التي تستدعي التعديل الدستوري كاآلتي‪:‬‬
‫‪-2‬مسايرة التعديل للضرورة القانونيـة‪ :‬إن صافة السامو أعطات الوثيقاة الدساتورية مكاناة الترباع علاى هارم‬
‫ت اادرج قواعا اد المنظوم ااة القانوني ااة ف ااي الدول ااة والثب ااات ال ااذي يعن ااي بالض اارورة ثب ااات م ااا دونه ااا م اان القواع ااد‬
‫القانوني ااة‪ ،‬إال أن منط ااق التغيي اار الق ااانوني يق ااول أن ااه ال يعق اال أن تتس اام قواع ااد الوثيق ااة الدس ااتورية ب ااالجمود‬
‫المطلق رغم كوناه واحادا مان اآللياات الوقائياة المدافعاة عان الدساتور‪َ ،‬لن ذلاك ال يقصاد باه تحجار قواعاده‬
‫في وجه أي تعديل فهي تبقى قاعدة قانونياة وضاعية بحاجاة إلاى إعاادة نظار بماا تملياه الضارورة التشاريعية‬
‫بغااض النظاار عاان المكانااة السااامية لهااا‪ .2‬وهااي مسااألة عامااة فااي كاال الدساااتير حيااث أن واضااعي الدسااتور‬
‫مهما حرصوا على أن يضم ما شاءوا غير أن مسائل ستبقى بدون تغطية ال ريب‪ ،‬وفي بعض اَلحيان قاد‬
‫يكون النص موجود لكن ينتابه نقص أو خلل في الصياغة‪ ،‬أو أن الزمن قد تجاوز بعض جزئياتاه فأصابح‬
‫ناقص الفائدة ويمكننا القول عنه أنه معيب نتيجة عدم مجاراته القواعد الحديثة الواردة في الدساتير الحديثة‬
‫للدول‪.3‬‬
‫ول ااذلك ف ااإن أهمي ااة التع ااديل الدس ااتوري تظه اار م اان الناحي ااة القانوني ااة ف ااي س ااد النا اواقص والثغا ارات‬
‫التشاريعية الدسااتورية ومحاولااة معالجتهااا بااالطرق التااي تضاامن الشاارعية الدسااتورية‪َ ،‬لنااه مااا ماان دسااتور إال‬
‫يسجل عليه القصور والنقص بعد نفاذ أحكامه‪ ،‬إما بسبب إغفال بعض المسائل مان قبال القاائمين علياه أو‬
‫نتيجااة لظهورهااا بعااد ذلااك‪ ،‬فالمؤسااس الدسااتوري س اواء أك اان فااردا أو لجنااة هااو إنسااان والاانقص ماان طبيعااة‬
‫البشر‪ .4‬وفي هذا الشأن توصف عملية تعديل الدستور بأنها المنشاط والمغاذي للقواعاد القانونياة بماا ياتالءم‬
‫والتطورات االجتماعية والسياسية االقتصادية‪.5‬‬

‫‪-2‬مســايرة التعــديل للضــرورة السياســية‪ :‬عااادة مااا تتضاامن الدساااتير الديمقراطيااة اآلليااات المنظمااة للحياااة‬

‫السياسية في الدولة والنظام السياساي والدساتوري لهاا باعتبارهاا واحادة مان باين المقوماات التاي تشاكل اللبناة‬
‫اَلساس ااية للدس ااتور‪ ،‬ليمث اال ب ااذلك الدس ااتور المطب ااق ف ااي الدول ااة كم ااا س اابق وأشا ارنا ما ارآة عاكس ااة للظ ااروف‬
‫السياسااية واالقتصااادية واالجتماعيااة المعاش ااة فيهااا فااي زماان مع ااين وَلن التغياار طبيعااة لصاايقة ب ااالظروف‬

‫‪1‬‬
‫‪- Brand PHILIPE: La notion de liberté publique en droit français, L.G.D.J ,Paris ,1968, P 398.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬داوود عبد الرزاق الباز‪ :‬القانون الدستوري‪ -‬قانون القوانين –ط‪ ،2‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،1122 ،‬ص ص ‪.232-231‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬محمد الناصر بوغزالة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪-4‬شامل حافظ شنان الموسوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪-5‬سرهنك حميد البرزنجي‪ :‬مقومات الدستور الديمقراطي وآليات المدافعة عنه‪ ،‬ط‪ ،6‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،6736 ،‬ص ‪.679‬‬

‫‪128‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وثبات الدستور على حاله يتنافى مع سنة التطاور أصابح تعديلاه باذلك ضارورة قانونياة وسياساية معاا وفكارة‬
‫الدستور في حد ذاتها تتضمن حتما إمكانية تعديله فالدستور قاانون والقاانون مان طبيعتاه قباول التعاديل فاي‬
‫كل وقت‪ ،‬ومن الناحية السياساية نارى أن الدساتور قابال للتعاديل َلناه يقاوم بوضاع القواعاد اَلساساية للدولاة‬
‫وفقا لمختلف أوضاعها وقات صادوره بياد أن هاذه اَلوضااع تتطاور وتتعادل مان وقات إلاى آخار ومان ثام ال‬
‫يمكن تجميد نصوصه تجميدا أبديا بل يجب تعديلها بصفة دائماة بماا ياتالءم ماع التغيارات التاي تطا أر علاى‬
‫اَلوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية في الدولة ومن الالزم في إطاار ذلاك تنظايم الطريقاة التاي ياتم‬
‫‪1‬‬
‫بها تعديله حتاى ال تكاون ضارورة التعاديل مؤدياة إلاى إتبااع طريقاة غيار قانونياة كاالثورة أو االنقاالب ماثال‬
‫بسبب عدم مسايرة الظروف للمستجدات التي تطا أر علاى حركاة المجتماع اَلمار الاذي يحولاه ماع الازمن مان‬
‫وثيقة دستورية تحمل الضمانات المختلفة إلى مجرد عبء يثقل كاهل الشعب وطموحاه فاي التقادم والتطاور‬
‫لذا تصبح النتيجة الحتمية لتجميد التعديل الدستوري بصفة أبدية التعديل عن طريق العنف السياسي‪.2‬‬
‫هذا فضال على أن الضرورة السياسية لتعديل الدستور قد ال تقتصر على الجانب اإلقليماي للادول‬
‫باال يمكاان أن تفرضااها التعااامالت الدوليااة ومااا يكتنفهااا ماان ضااغوط‪ ،‬فغالبااا مااا تقااوم الاادول بشااكل مباشاار أو‬
‫غير مباشر عن طريق المنظمات الحكومية أو غير الحكومية بممارسة ضغوط مستمرة على الدول النامية‬
‫خاصة حتى تتخلى عن بعض القواعد القانونية وتتبنى قواعد جديدة ضمن دساتيرها بمناسبة إعداد دساتور‬
‫جديد أو بمناسبة تعديل دستوري‪.3‬‬
‫وتأسيسااا عليااه يمكننااا القااول أن تعااديل الوثيقااة الدسااتورية يعااد بمثابااة خل اق مناااخ جديااد يااتالءم مااع‬
‫المسااتجد علااى مختلااف الظااروف التااي تعيشااها الدولااة والنصااوص الدسااتورية التااي تحكاام أساااس المنظومااة‬
‫القانونية فيها لصنع توافق بينها وبين التطور المتساارع فاي اَلفكاار السياساية لادى الشاعب الاذي يعاد السايد‬
‫الفعلي للسلطة السياسية بالمفهوم الديمقراطي‪.‬‬

‫ب‪ -‬القيود الواردة على التعديل الدستوري‪ :‬توصلنا في العنصر السابق إلى أن التعديل الدستوري ضرورة‬

‫تتطلبها طبيعة القاعدة القانونية عامة‪ ،‬كما يكون التعديل تابعا للظروف السياساية للمجتماع خاصاة لماا لهاا‬
‫من عالقة مباشرة بالظروف االجتماعية واالقتصادية لذا فأمر التسليم بضرورة التعديل الدستوري ال مناص‬
‫منااه لكاان هااذا ال يعنااي أن التع اديل الدسااتوري يمكاان أن يكااون جااذريا َلنااه حتااى وان كااان التعااديل ضااروريا‬
‫وتحتمه الظروف القانونية والسياسية فانه البد مان وضاع قياود علاى سالطة التعاديل لتجعال مان أمار تعديلاه‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬ثروت بدوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬


‫‪-2‬دلير صابر إبراهيم خوشناو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.99-90‬‬
‫‪-3‬محمد الناصر بوغزالة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.63-61‬‬

‫‪129‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫محظااو ار نساابيا ماان حيااث الاازمن والموضااوع‪ ،‬وف اي ذلااك يقااول الفقيااه "أندريااه هوريااو"‪« :‬إن أصااول التعااديل‬
‫تختلااف هااي أيضااا ولكنهااا تهااتم بوجااه عااام بتفااادي عقبتااين همااا السااهولة التااي تااؤدي إلااى عاادم االسااتقرار‬
‫‪1‬‬
‫الدستوري والجمود الذي من شأنه أن يحبط التعديالت والتغييرات الضرورية» ‪.‬‬

‫‪-2‬الحظـــر الزمنـــي‪ :‬يقص ااد ب ااه تحا اريم المس اااس بالدس ااتور وع اادم الس ااماح ب ااإجراء تع ااديل َلي ن ااص م اان‬

‫نصوصااه إال بعااد انقضاااء ماادة معينااة‪ ،‬ليسااتهدف الحظاار الزمن اي بااذلك حمايااة الدسااتور بالكاماال أو بعااض‬
‫أحكامه ضد أي تعديل خالل فترة معينة تكفي الستقرار أحكامه وحظر التعديل هنا من حيث النطاق يكون‬
‫كلي عادة فيشمل كل الدستور ولكنه حظر نسبي في الزمن فهو ليس مؤبادا بال لفتارة محاددة ويجاوز بعادها‬
‫إجراء التعديل بالشروط الخاصة التي نص عليها الدستور‪ ،‬ويحدد ذلك فاي العاادة عناد إقاماة نظاام سياساي‬
‫جديااد بقصااد تحقيااق االسااتقرار والثبااات لهااذا النظااام‪ ،2‬أو خااالل الظااروف االسااتثنائية كمااا هااو الحااال فااي‬
‫الج ازئاار حيااث قااام المؤسااس الدسااتوري بحضاار تعااديل الدسااتور وبشااكل ص اريح فااي حالااة اسااتخالف رئاايس‬
‫الجمهوريااة –المااانع‪ -‬حيااث ورد فااي نااص المااادة ‪ 371‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬أنااه ال يمكاان‬
‫خالل حدوث المانع لرئيس الجمهورية سواء كان المانع مؤقتا أو نهائيا واساتخالفه بارئيس مجلاس اَلماة أو‬
‫رئيس المجلس الدستوري حسب الحالة إجراء تعديل دستوري باعتبار أن رئيس الدولة في هذه الحالة يكاون‬
‫كذلك بصفة مؤقتة في انتظار عودة الرئيس الفعلي أو الذي تم انتخابه وهدف المؤسس الدستوري مان ذلاك‬
‫هااو حمايااة الدسااتور ماان العبااث فااي مثاال هااذه الظااروف فضااال أن المبااادرة بمراجعااة الدسااتور اختصاااص‬
‫لصيق برئيس الجمهورية المنتخب‪.‬‬

‫‪-2‬الحظــر الموضــوعي‪ :‬يشاامل الحظاار الموضااوعي أمااو ار محااددة يمنااع علااى ساالطة التعااديل المساااس بهااا‪،‬‬

‫وغالبا ما تختلف هاذه الموضاوعات مان دولاة إلاى أخارى حساب توجهاتهاا وفلسافتها فاي تبناي نظاام سياساي‬
‫معااين‪ ،‬أو تعلقهااا بحقااوق وحريااات اَلف اراد أو الحفاااظ علااى المنج ازات الحضااارية والمكتساابات االجتماعيااة‬
‫المحققة‪ ،‬وهذه الموضوعات قد يأتي النص عليها صراحة فاي نصاوص الدساتور‪ ،‬وقاد يساتفاد منهاا بطريقاة‬
‫ضمنية من خالل النصوص الدستورية‪.3‬‬

‫‪-1‬أندريااه هوريااو‪ :‬القــانون الدســتوري والمؤسســات السياســية‪ ،‬ترجمااة شاافيق حااداد‪ ،‬ط‪ ،6‬اَلهليااة للنشاار والتوزيااع‪ ،‬بيااروت‪ ،‬لبنااان‪ ،3600 ،‬ج‪ ،3‬ص‬
‫ص‪.660-669‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬شامل حافظ شنان الموسوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.81-88‬‬
‫‪-3‬أحمااد بيطااام‪ :‬تعــديل الدســتور فــي النظــام السياســي الجزائــري‪ ،‬أطروحااة دكتااوراه‪ ،‬تخصااص قااانون عااام‪ ،‬إشاراف عبااد القااادر بوهنتالااة‪ ،‬كليااة الحقااوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،6739-6733 ،3‬ص ‪.399‬‬

‫‪130‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫ويأخذ الحظر الموضوعي على تعاديل الدساتوري صاورتين اَلولاى منهاا يكاون الحظار فيهاا مؤبادا بحياث ال‬
‫يجوز تعديل النصاوص التاي أصابغت عليهاا الحماياة فاي أي وقات مان اَلوقاات ومثاال ذلاك ماا ناص علياه‬
‫المؤسس الدستوري الجزائري في المادة ‪ 76‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬أما الصاورة الثانياة فتتعلاق‬
‫بالحظر الموضوعي المؤقت وهي حالة يكون الحظر فيها على بعض مواد الدستور بصفة مؤقتة وهاو أقال‬
‫حدوثا من الحظر الدائم ومن أمثلته النص على عدم جواز تعاديل النصاوص المتعلقاة بحقاوق الملاك وورثاة‬
‫العرش أثناء فترة الوصاية على العرش في النظم الملكية‪.1‬‬
‫جــــ‪ -‬الرقابـــة علـــى دســـتورية مشـــروع التعـــديل الدســـتوري‪ :‬يعااد التعااديل الدسااتوري بمثابااة تعاقااب جزئااي‬
‫للدستور لذا نجد أن أغلاب الدسااتير تانص فاي صالب أحكامهاا علاى اإلجاراءات التاي يجاب أن يخضاع لهاا‬
‫أي تعديل يمسها هذا فضال عن القيود الزمنية والموضوعية‪ ،‬ومن بينها الدستور الجزائري الذي حادد بادوره‬
‫إجراءات التعديل الدستوري قبل عرضه على المجلس الدستوري للتأكد من دستوريته‪.‬‬
‫‪-2‬إج ـراءات تعــديل الدســتور‪ :‬حاادد المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري إج اراءات تعااديل الدسااتور وشااروطه فااي‬
‫الباااب ال اربااع ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬والااذي عنونااه بالتعااديل الدسااتوري ماان خااالل الماواد ‪679‬‬
‫إلى ‪636‬وأعطى حق المبادرة بتعديله بناء على اقتراح مان رئايس الجمهورياة فاي ناص الماادة ‪ 3/679‬مان‬
‫التعديل ‪ ،6739‬وفي إطار ذلك يباادر رئايس الجمهورياة بتعاديل الدساتور ويعارض مشاروعه علاى البرلماان‬
‫ليصااوت عليااه باانفس الصاايغة والشااروط التااي تطبااق علااى نااص تش اريعي‪،‬وفي حااال موافقااة البرلمااان عليااه‬
‫يعرض مشروع التعديل الدستوري على االستفتاء الشعبي خالل الخمسين ‪ 37‬يوما التي تلي إقرار المشروع‬
‫ليصدر بعدها رئيس الجمهورية نص التعديل الذي وافق عليه الشعب ‪.2‬‬
‫فااي حااين يصاابح القااانون المتضاامن مشااروع تعااديل الدسااتور الغيااا إذا رفضااه الشااعب وال يمكاان أن‬
‫يعرض عليه مجددا في نفس الفترة التشريعية‪ .3‬وفي حال جاءت المبادرة باقتراح تعديل الدستور من طارف‬
‫البرلمان فيجب أن تكون بنصاب ثالثة أرباع ‪ 1/1‬أعضااء غرفتياه مجتمعتاين معاا‪ ،‬يعارض بعادها مشاروع‬
‫التعديل الدستوري علاى رئايس الجمهورياة الاذي ترجاع لاه السالطة التقديرياة فاي قبولاه أو رفضاه‪ ،‬كماا أن لاه‬
‫سلطة عرضه على الشعب وهنا يصدره الرئيس في حال الموافقة عليه‪.4‬‬

‫‪ -1‬شامل حافظ شنان الموسوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.61-61‬‬


‫‪ -2‬فطة نبالى‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 676‬من التعديل الدستوري ‪.6739‬‬
‫‪-4‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 633‬من نفس المصدر‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه بإمكان رئايس الجمهورياة االساتغناء مطلقاا عان اإلرادة المباشارة للشاعب فاي‬
‫تعديل الدستور‪ ،‬بشرط عرضه لمشروع التعديل الدستوري أوال على المجلس الدستوري ليتأكاد بمقتضاى رأي‬
‫معلل من أن المشروع ال يمس المبادئ العاماة التاي تحكام المجتماع الج ازئاري وال يماس التوازناات اَلساساية‬
‫للسا االطات والمؤسسا ااات الدسا ااتورية وكا ااذا حقا ااوق اإلنسا ااان والم ا اواطن وحريتهما ااا ويعا اارض بعا ااد ذلا ااك رئا اايس‬
‫الجمهوريااة المشااروع المتضاامن التعااديل الدسااتوري علااى البرلمااان ليقااوم بإصااداره فااي حالااة موافقااة البرلمااان‬
‫عليه‪.1‬‬

‫‪-2‬إجراءات الرقابة على دستورية مشروع التعـديل الدسـتوري‪ :‬أشاار المؤساس الدساتوري إلاى اختصااص‬

‫فصل المجلس الدستوري في مدى دستورية مشاروع تعاديل الدساتور ضامن أحكاام الماادة ‪ 637‬مان التعاديل‬
‫الدسااتوري لساانة ‪ ،6739‬ويكااون ذلااك بموجااب رسااالة إخطااار للمجلااس ماان طاارف رئاايس الجمهوريااة الااذي‬
‫خصه الدستور بهذا الحق‪ ،‬وبمقتضى النظام الاداخلي المحادد لقواعاد عمال المجلاس الدساتوري يعاين رئايس‬
‫المجلس الدستوري مقر ار أو أكثر حسب الحالة من بين أعضاء المجلس ليتولى مهماة التحقياق فاي مشاروع‬
‫التعديل الدستوري والتأكد من دستوريته وله في إطار ذلك االستعانة بخبير‪.‬‬
‫وقااد ألقااى المؤسااس الدسااتوري علااى عاااتق المجلااس الدسااتوري مسااؤولية التأكااد ماان سااالمة جااوهر‬
‫أحكااام مشااروع التعااديل الدسااتوري التااي يجااب أن تلتاازم بالشااروط المنصااوص عليهااا فااي الماواد‪ 673‬و‪636‬‬
‫من التعديل الدساتوري لسانة ‪ 6739‬باعتبارهاا حظا ار موضاوعيا يارد علاى مختلاف أحكاام التعاديل الدساتوري‬
‫ليتحدد دور المجلس الدستوري بذلك في هذا الجاناب علاى أن ال يمساه أي تعاديل دساتوري وبشاكل مطلاق‪،‬‬
‫أما بخصوص الحظر الزمني فقد جاءت أحكام الدستور واضحة وصريحة حيث يتم حظار تعاديل الدساتور‬
‫خااالل فتارة حاادوث المااانع لارئيس الجمهوريااة والمحااددة فااي نااص المااادة ‪ 376‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة‬
‫‪.6739‬‬
‫وبعا اد انته اااء المق اارر م اان د ارس ااة موض ااوع اإلخط ااار ح ااول مش ااروع التع ااديل الدس ااتوري يعل اال أري ااه‬
‫باَلسااانيد حااول النتيجااة التااي رآهااا مناساابة ساواء كاناات موافقااة أو مخالفااة للدسااتور ويااتم تبليغهااا إلااى رئاايس‬
‫الجمهورية بعد أن يتداول المجلس بشأنها كما ينشر الرأي في الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫وعليااه يتضااح أنااه رغاام ربااط المؤسااس الدسااتوري مصااير التعااديالت التااي تطا أر علااى الدسااتور ب ارأي‬
‫المجلس الدستوري‪ ،‬إال أن آلية حماية هذا اَلخير غير كافية لتوفير الحماية المثلاى للوثيقاة الدساتورية رغام‬
‫أنها تنصب على حماية المبادئ العاماة التاي تحكام المجتماع الج ازئاري‪ ،‬ولكاي تكاون الحماياة الرقابياة فعالاة‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬فطه نبالي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.663‬‬


‫‪ -‬وكذا المادة ‪ 637‬من التعديل الدستوري ‪.6739‬‬

‫‪132‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫يجاب أن تكااون حمايااة مزدوجاة رقابيااة ماان جهااة المجلاس الدسااتوري والتازام شخصاي لارئيس الجمهوريااة ماان‬
‫جهة ثانية باعتباره حامي الدستور والجهة القائمة على عملية المراجعة الدستورية من حيث تحريك اإلجراء‬
‫واق ارره‪.‬‬
‫ثانيــا‪ :‬رقابــة المجلــس الدســتوري علــى عمليــات االســتفتاء‪ :‬تضاامنت الدساااتير الجزائريااة المتعاقباة أحكامااا‬
‫ترتبط بإمكانية مشاركة الشعب في تسيير الشؤون العمومية في البالد وبطريقة مباشرة من خاالل االساتفتاء‬
‫ويك ااون ذل ااك بمناسا ابة لج ااوء رئ اايس الجمهوري ااة الستش ااارته ف ااي القض ااايا ذات اَلهمي ااة الوطني ااة‪ ،‬وق ااد ح ااذا‬
‫المؤسااس الدسااتوري فااي ذلااك حااذو أغلااب الاانظم الديمقراطيااة التااي تجعاال ماان الناااخبين أهاام ساالطة والبااد ماان‬
‫الرجااوع إليهااا لتجساايد ساايادتها الفعليااة علااى نحااو مباشاار لتظهاار بااذلك أهميااة االسااتفتاء كواحااد ماان اَلسااس‬
‫المعززة لسير العملية الديمقراطية في أي دولة‪ ،‬لهذا أبقى المؤسس الدستوري الجزائري علاى الادور المعهاود‬
‫للمجلس الدستوري في مجال الرقابة على العملية حيث يضطلع المجلس فاي إطاار مهاماه الرقابياة فاي هاذا‬
‫المجال على إعالن النتائج النهائية لالستفتاء مرو ار بجملة من اإلجراءات‪ ،‬وقبل التطارق لهاا وجاب العاروج‬
‫أوال على المقصود باالستفتاء وأهم صوره‪.‬‬

‫أ‪-‬المقصود باالستفتاء‪ :‬يعد االستفتاء الشعبي من أهم مظاهر الديمقراطية‪ ،‬فمن خالله يعبر الشاعب عان‬

‫إرادته ويمارس حريته السياسية‪ ،‬ويقصد به طرح موضوع معين بصورة عامة علاى الشاعب ليادلي ب أرياه فياه‬
‫إما بالموافقة أو بالرفض‪ ،‬وأما المفهوم الخاص لالستفتاء الشعبي فهو يعني تلك العملية التي يتم بواسطتها‬
‫الرجوع إلى الشاعب َلخاذ أرياه بصادد مقتارح جدياد لدساتور الدولاة أو أحاد قوانينهاا أو لغارض تعاديلها وذلاك‬
‫للموافقة عليه أو رفضه ففي هذه الحالة يتم عارض مشاروع التعاديل علاى الشاعب للتصاويت علياه بانعم أوال‬
‫ليكون االستفتاء بذلك أداة ديمقراطية شبه مباشارة بموجبهاا ياتم اساتدعاء هيئاة الماواطنين إلاى أن تعبار عان‬
‫طريق تصويب شعبي عن رأيها وارادتها تجاه تدبير اتخذته سلطة أخرى أو تنوي اتخاذه‪.1‬‬
‫كر إدريس"‪« :‬االحتكام للشعب لمعرفة رأيه فاي أمار معاين ساواء كاان‬
‫كما يقصد به حسب رأي اَلستاذ "بو ا‬
‫تشريعيا أو كان دستوريا أو كان ذلك في مسألة سياسية فيعرض على النااخبين لمعرفاة رأيهام فاي المساألة»‬
‫بينما يعرفه اَلستاذ "بوقفة عبد اهلل" بأناه‪« :‬عارض مشاروع أو قارار علاى االقتاراع العاام وساياقا لهاذا تخويال‬
‫الشعب السيد اإلفصاح بنعم أو ال»‪.2‬‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬نفيسة بختي‪ :‬التعديل الدستوري في الدول العربيـة بـين العوائـق والحلـول‪ ،‬أطروحاة دكتاوراه تخصاص قاانون عاام‪ ،‬إشاراف ماراد بادران‪ ،‬كلياة‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،6739-6733 ،‬ص ‪ 37‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪-2‬محمد البرج‪ :‬النظام القانوني لالستفتاء في الجزائر‪ ،‬مجلة الدراسات القانونية المقارنة‪ ،‬العدد ‪ ،76‬ديسمبر ‪ ،6767‬ص ‪.3197‬‬

‫‪133‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫أماا اَلسااتاذ "نعمااان أحمااد الخطيااب" فينظاار إلااى االسااتفتاء الشااعبي علااى انااه أحااد المظاااهر الثالثااة‬
‫لتحقيق الديمقراطية شبه المباشر‪ ،‬فاالستفتاء الشعبي أو ما يعرف بالتصويت الشعبي هاو أخاذ رأي الشاعب‬
‫السياسي في موضوع معين قد يتعلق بمشروع قانون فيسمى اساتفتاء تشاريعي‪ ،‬أو قاد يتعلاق بموضاوع أخار‬
‫غير القوانين فيسمى استفتاء سياسيا‪.1‬‬
‫‪-2‬صور االستفتاء الشعبي في الجزائر‪ :‬أكدت أحكام التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬على إمكانية اللجوء‬
‫إلى استشارة الشعب بمناسبة التعديل الدستوري‪ ،‬كما يمكان ذلاك فاي كال قضاية وطنياة ذات أهمياة‪.2‬ونشاير‬
‫هنااا إلااى أن المؤسااس الدسااتوري لاام يحاادد مجاااال لطبيعااة القضااايا الوطنيااة ذات اَلهميااة وتاارك أماار ذلااك‬
‫للسلطة التقديرية لرئيس الجمهورية‪ ،‬وعليه فإن عملية االستفتاء ترتبط بشكل صريح بتعديل الدستور وتكون‬
‫في هذه الحالة أمام استفتاء دستوري‪.‬‬

‫‪ -2-2‬االســتفتاء الدســتوري‪ :‬تعااد هااذه الصااورة أكثاار صااور اَلساالوب الااديمقراطي اتساااقا مااع االتجاهااات‬

‫الديمقراطية الحديثة‪ ،‬وهي مظهر مان مظااهر الديمقراطياة المباشارة التاي تسامح للشاعب باأن يباشار السالطة‬
‫بنفسااه‪ ،‬وماان الطبيعااي أن أف اراد الشااعب ال يقترحااون بأنفسااهم نصااوص الدسااتور أو حتااى معالمااه الرئيسااية‪،‬‬
‫وانمااا يااتم تشااكيل لجنااة خاصااة محاياادة تقااوم بوضااع مشااروع الدسااتور وتتكااون ماان عاادد ماان العناصاار ذات‬
‫الكفاءة العالية والخبرة السياسية والحنكاة القانونياة وتتمياز باالساتقالل والحيادة والن ازهاة والبعاد عان الماؤثرات‬
‫الخارجية سواء كانت حزبية أو حكومية‪ ،‬وبعد أن تضع اللجنة مشروع الدستور يعرض على الشعب إلبداء‬
‫أرياه فيااه ماان خااالل االساتفتاء فااإذا وافااق عليااه أصابح دسااتو ار منااذ هااذه الموافقاة‪ ،‬أمااا إن اعتاارض عليااه فإنااه‬
‫يجااب إدخااال تعااديالت علااى المشااروع تتسااق مااع رغبااات الشااعب ليعاااد طاارح المشااروع مارة أخاارى لالسااتفتاء‬
‫عليه بعد إعداده من لجنة أخرى غير التي وضعت المشروع اَلول‪.3‬‬
‫ويرتبط مشروع التعديل الدستوري في هذه الحالة إما بوضع دساتور جدياد ويسامى اساتفتاء تأسيسايا‬
‫أو بتعديل الدستور النافذ فيسمى استفتاء تعديليا‪.‬‬
‫‪-2-2‬االســتفتاء التأسيســي‪ :‬ويقصااد بااه عاارض مشااروع دسااتور جديااد للدولااة علاى الشااعب للموافقااة عليااه‬
‫فبهااذه اَلخي ارة يرقااى مشااروع التعااديل الدسااتوري ويصاابح دسااتو ار واجااب النفاااذ بينمااا يجعلااه ال ارفض الش اعبي‬
‫عااديم اَلثاار بغااض النظاار عاان القااائم بوضااعه‪ ،‬وأصاابح هااذا النااوع ماان االسااتفتاء الساامة البااارزة إلصاادار‬
‫الدساتير فأغلبها حاليا تصادر عان طرياق االساتفتاء الشاعبي بال حتاى الادول الدكتاتورياة تساتخدم االساتفتاء‬

‫‪-1‬نعمان أحمد الخطيب‪ :‬الوجيز في النظم السياسية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬اَلردن‪ ،6733 ،‬ص ‪.691‬‬
‫‪-2‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 9/63‬و‪ 679‬من التعديل الدستوري لسنة ‪.6739‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬داود عبد الرزاق الباز‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 69‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫الشعبي إلصدار دستور البالد من أجل إضفاء واجهة الديمقراطية على تصرفاتها‪ ،‬لذلك يبقى الفيصل باين‬
‫الديمقراطية الحقيقية وديمقراطية الواجهة ليس فقط موافقة الشعب علاى دساتور الدولاة عان طرياق االساتفتاء‬
‫الشااعبي باال بااالنظر إلااى المناااخ السياسااي والظااروف التااي جاارى فيهااا هااذا االسااتفتاء الش اعبي وماادى ت اوافر‬
‫الحرية من عدمها للناخب وهو يقول "ال" أو "نعم" للدستور الجديد‪.1‬‬
‫‪-3-2‬اســتفتاء تعــديل الدســتور‪ :‬يأخااذ االسااتفتاء الدسااتوري صااورة أخاارى ت ارتبط بتعااديل الدسااتور فتاانص‬
‫الدساتير في العادة على كيفياات تعاديلها وقاد يكاون هاذا التعاديل عبار االساتفتاء الشاعبي لكان تسابق عملياة‬
‫االسااتفتاء مجموعااة ماان اإلجاراءات أهمهااا المبااادرة بالتعااديل الدسااتوري فقااد تكااون بمبااادرة رئاايس الجمهوريااة‪،‬‬
‫كما يمكن أن تكون من طرف لبرلمان‪ ،‬ويمر التعديل الدستوري هنا بجملة من اإلجراءات عبر عدة مراحل‬
‫تكون أولها اقتراح التعديل من طرف الهيئة التي تتمتع بسلطة المبادرة بتعديل الدستور لتنتهي هذه المرحلة‬
‫بطرح التعديل الدستوري لالستفتاء الشعبي وقد يشترك في المبادرة الطرفان مان خاالل االقتاراح الاذي يقدماه‬
‫البرلمان لرئيس الجمهورية للقيام بالتعديل الدستوري‪.2‬‬
‫‪-9-2‬االستفتاء التشريعي‪ :‬هو االستفتاء الذي تنصب فيه مشاركة المواطنين على تشريعات عضاوية أو‬
‫عادية حيث يعارض علاى الماواطنين مشاروع قاانون إلباداء رأيهام فياه مان خاالل االساتفتاء بقبولاه أو رفضاه‬
‫ويكون إما علاى مشاروع قاانون أو اقتاراح قاانون لام يصاوت علياه البرلماان أو صاوت علياه‪ ،‬ولكناه فاي كلتاا‬
‫‪3‬‬
‫الحالتين ال يدخل هذا النص التشريعي حيز التطبيق إال بعد أن يقره الشعب من خالل االستفتاء‪.‬‬
‫ولك ااي يك ااون االس ااتفتاء بح ااق اَلسا الوب الا اديمقراطي اَلمث اال لوض ااع الدس اااتير باتف اااق غالبي ااة الفق ااه‬
‫الدستوري فإنه من الضروري أن تتوافر له المقومات أو الضمانان التي تحقق له هاذه اَلفضالية علاى غياره‬
‫من اَلساليب المتبعة في وضع وانشاء الدساتير وهذه المقومات أو تلك الضمانات تتمثل في اآلتي‪:‬‬
‫‪-‬أن يجرى االستفتاء في مجتمع سياسي يكون فيه اَلفراد على درجة مناسبة من الاوعي والنضاج السياساي‬
‫تسمح له بفهم شؤونه العامة‪ ،‬واالشتراك الجدي في مباشرة السلطة التأسيساية والمسااهمة الفعالاة واإليجابياة‬
‫في وضع قواعد نظام الحكم في الدولة‪.4‬‬
‫‪-‬أن يااتم االسااتفتاء فااي مناااخ ماان الحريااة والن ازهااة‪ ،‬فااال يمااارس أي شااخص أو أي هيئااة صااورة ماان صااور‬
‫الضغط أو اإلكاراه علاى أفاراد الشاعب‪ ،‬وهاو ماا يساتلزم بالضارورة إتاحاة الفرصاة أماام الجمياع أفارادا وأح ازباا‬

‫‪ -1‬بختة دنادان‪ :‬االستفتاء كوسيلة لممارسة السيادة الشعبية –دراسة مقارنة‪ -‬أطروحاة دكتاوراه تخصاص قاانون عاام‪ ،‬إشاراف عباد الرحماان عازاوي‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،6730-6739 ،‬ص ص ‪.319-313‬‬
‫‪-2‬محمد البرج‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3191‬‬
‫‪-3‬بختة دندان‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.316-319‬‬
‫‪-4‬حسن مصطفى البحري‪ :‬القانون الدستوري‪ ،‬ط‪ ،6731 ،3‬ص ص ‪.307-396‬‬

‫‪135‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫من المواالة أو المعارضة للتعبير عن أرائيهم بحرية تامة بعيدا عن أجواء الخوف أو القمع ولذلك ال يجاوز‬
‫استبعاد االتجاهات المعارضة أو اضطهادها أو حرمانها من حرية التعبير عن أرائيها‪.1‬‬
‫هذا فضال على أنه يجب أن تجري عمليات االستفتاء في أجواء تسودها النزاهة في جميع مراحلها‬
‫والسيما مرحلاة االقتاراع ماع وجاوب ضامان اَلماناة فاي فارز اَلصاوات فاي ظال رقاباة سالطة رقابياة محايادة‬
‫حتى ال تفقد عملية االستفتاء غايتها الحقيقية التي هي التعبيار الصاريح عان إرادة الشاعب صااحب السالطة‬
‫الفعلي‪.‬‬
‫ب‪-‬الرقابة على عملية االستفتاء‪ :‬عرفناا أن االساتفتاء هاو آلياة بهاا ياتمكن الشاعب مان ممارساة واحاد مان‬
‫حقوقه السياساية بكال ديمقراطياة وذلاك عماال بأحكاام الماادة ‪ 1/79‬مان التعاديل الدساتوري التاي تانص علاى‬
‫حق الشعب في ممارسة سيادته عان طرياق االساتفتاء وكاذا بواساطة ممثلياه المنتخباين‪ ،‬لتكاون باذلك عملياة‬
‫االسااتفتاء ماان المواعيااد ذات البعااد الااوطني الهااام َلن النتااائج التااي تساافر عليهااا القضااية المطروحااة علااى‬
‫الشعب للقبول أو الرفض ال تقل أهمية على نتائج االنتخابات الرئاسية والتشاريعية حياث ياتم فيهاا اساتدعاء‬
‫الهيئة الناخبة بموجب مرسوم رئاسي قبل خمسة وأربعين ‪ 13‬يوما من تاريخ االستفتاء‪.2‬وياتم تخييار الهيئاة‬
‫الناخب ااة فيه ااا بوض ااع ورقت ااان مطبوعت ااان تح اات تص اارف ك اال ناخ ااب للتص ااويت وتكون ااان بل ااونين مختلفت ااين‬
‫إحااداهما تحماال كلمااة "نعاام" واَلخاارى كلمااة "ال"‪ ،‬وذلااك ماان باااب االبتعاااد عاان اَلساااليب الغامضااة والملتويااة‬
‫واَلساائلة المركبااة ذات اَلوجااه المتعااددة فااي عاارض المسااألة محاال المشاااركة االسااتفتائية َلجاال تساايير الفهاام‬
‫علااى الم اواطنين وتمكياانهم ماان اإلدالء ب ارأيهم بخصااوص المسااألة الحقيقيااة المقصااودة باالسااتفتاء‪.3‬وينصااب‬
‫دور المجلاس الدسااتوري فااي رقابتااه علااى صاحة عمليااات االسااتفتاء علااى مرحلااة ماا بعااد االقتاراع ماان خااالل‬
‫النظر في الطعون المرفوعة واعالن النتائج النهائية‪.4‬‬
‫‪ -2‬إجـــراءات البـــت فـــي الطعـــون‪ :‬تباادأ مهااام المجلااس الدسااتوري فااي هااذه المرحلااة بااالنظر فااي الطعااون‬
‫المرفوعااة إليااه حيااث أسااند لااه المؤسااس الدسااتوري فااي إطااار مهااام السااهر علااى صااحة عمليااات االسااتفتاء‬

‫‪-1‬أشار إليه‪ :‬داوود عبد الرزاق الباز‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.69-60‬‬
‫‪ -‬حسن مصطفى البحري‪ :‬القانون الدستوري‪ ،‬ص ‪.307‬‬
‫‪-2‬المادة ‪ 316‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المتعلق بنظام االنتخابات المعدل والمتمم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬أشااار اليااه‪ :‬خاااموش عماار عبااد اهلل‪ :‬اســتفتاء تقريــر المصــير–دراســة تحليليــة مقارنــة‪ -‬ط‪ ،3‬منشااورات زياان الحقوقيااة‪ ،‬بيااروت لبنااان‪،6736 ،‬‬
‫ص‪.06‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 337‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المتعلق بنظام االنتخابات المعدل والمتمم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Philippe foillond: op.cit, p 388.‬‬

‫‪136‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫اختصاااص الفصاال فااي الطعااون‪ 1‬ال اواردة إليااه ماان أصااحاب الصاافة ويتمثاال أصااحاب الصاافة فااي عمليااات‬
‫االستفتاء في الناخب فقط‪.2‬‬
‫والناخااب هااو كاال ماان تتااوفر فيااه الشااروط القانونيااة حيااث تاانص المااادة ‪ 96‬ماان التعااديل الدسااتوري‬
‫لسنة ‪ 6739‬على أنه‪« :‬لكل مواطن تتوفر فيه الشاروط القانونياة أن ينتخاب وينتخاب»‪ .‬كماا ورد فاي ناص‬
‫المااادة ‪ 71‬ماان القااانون العضااوي ‪ 37-39‬المعاادل والمااتمم أنااه‪« :‬يعااد ناخبااا كاال ج ازئااري وجزائريااة بلااغ ماان‬
‫العمر ثماني عشر ‪ 39‬سنة كاملة يوم االقتراع وكان متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية ولم يوجد في إحدى‬
‫حاالت فقدان اَلهلية المحددة في التشريع المعمول به"‪.‬‬
‫ويكااون أيض ااا للناخ ااب االعتا اراض عل ااى ص ااحة عمليااات االقتااراع ب ااإدراج احتجاج ااه ف ااي المحض اار‬
‫الموج ااود عل ااى مس ااتوى مكت ااب التص ااويت ليبق ااى ب ااذلك ح ااق الناخ ااب ف ااي الطع اان مقتصا ا ار عل ااى الخروق ااات‬
‫والتجاوزات الحاصلة أثناء عملية االقتراع‪.3‬‬
‫ويتعااين علااى الطاااعن إرفاااق طعنااه ببيانااات تثباات صاافته كاساامه ولقبااه وعنوانااه ورقاام بطاقااة هويتااه‬
‫ومكااان وتاااريخ إصاادارها وتوقيعااه فضااال علااى عاارض عاان الوقااائع ماادعما بالوثااائق المثبتااة لصااحة الطعاان‬
‫‪4‬‬
‫شأنه في ذلك شأن الطاعن في كل العمليات االنتخابية‪.‬‬
‫وتجاادر اإلشااارة هنااا إلااى أن المااادة ‪ 306‬ماان القااانون العضااوي ‪ 37-39‬المعاادل والمااتمم لاام تحاادد‬
‫ميعادا للطعن بالنسابة لعملياات االساتفتاء إال أن ماا يفهام مان تعبيار المشارع "إدراج احتجاجاه فاي المحضار‬
‫الموجود في مكتب التصويت" الاوارد فاي نصاها أن الطعان يكاون ياوم االقتاراع‪ ،‬كماا أناه لام ياتم تحدياد أجال‬
‫لفصل المجلس الدستوري في الطعون الخاصة بنتائج االستفتاء فالمادة ‪ 09‬من النظام المحدد لقواعد عمل‬
‫المجلا ااس الدسا ااتوري جا اااء فا ااي نصا ااها أنا ااه‪« :‬يفصا اال المجلا ااس الدسا ااتوري فا ااي صا ااحة عمليا ااات التصا ااويت‬
‫والمنازعاات المرتبطااة بهاا فااي حاادود اآلجاال المنصااوص عليهااا فاي أحكااام القااانون العضاوي المتعلااق بنظااام‬
‫االنتخابات» وفضال عن تحققه من صحة الطعون المرسلة إليه عبار الفااكس والتاي تام إياداعها فعلياا علاى‬
‫مستوى كتابة الضبط لديه‪.5‬‬

‫‪-1‬أنظر‪/‬المادة ‪ 6/396‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪-2‬ورد فااي نااص المااادة ‪ 3/306‬ماان القااانون العضااوي ‪ 37-39‬المعاادل والمااتمم أنااه‪« :‬يحااق‪َ...‬لي ناخااب فااي حالااة االسااتفتاء‪ ،‬أن يطعاان فااي صااحة‬
‫عمليات التصويت بإدراج احتجاجه في المحضر الموجود في مكتب التصويت»‪.‬‬
‫‪-3‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.36-39‬‬
‫‪-4‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 01‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪-5‬أنظر‪ /‬محمد البرج‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3167‬‬

‫‪137‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫ويتلقااى المجلااس الدسااتوري أيضااا محاضاار اللجااان االنتخابيااة المنصااوص عليهااا فااي الم اواد ‪ 331‬و‪391‬‬
‫ويتعلق اَلمر هنا باللجان الوالئية واللجان الخاصة بالجالياة الجزائرياة المقيماة بالخاارج‪ ،‬لياتم علاى إثار ذلاك‬
‫تعيااين مقاار ار أو أكثاار ماان بااين أعضاااء المجلااس الدسااتوري ماان طاارف رئيسااه ليتااولى مهمااة د ارسااة الطعااون‬
‫الاواردة إليااه واعااداد تقرياار بشااأنها ويمكاان للعضااو المقاارر فااي إطااار ذلااك االسااتعانة بقضاااة أو خب اراء قصااد‬
‫المساعدة لدراسة الطعون والتحقيق فيهاا عماال بأحكاام الماادة ‪ 09‬مان النظاام المحادد لقواعاد عمال المجلاس‬
‫الدسااتوري وفااي حااال قبااول المجلااس الدسااتور للطعااون بعااد التأكااد ماان صااحتها فااإن مهمتااه تتمثاال فااي هااذه‬
‫الحالة في إلغاء نتائج المكاتب أو المراكز االنتخابية المعينة‪ ،‬ويتم إدخال تعديالت النتائج وفقا لذلك‪.1‬‬
‫‪-2‬إعالن النتائج النهائيـة لالسـتفتاء‪ :‬بعاد أن ينتهاي المجلاس الدساتوري مان الفصال فاي الطعاون يصادر‬
‫ق ا ارره الااذي يعلاان ماان خاللااه النتااائج النهائيااة لعمليااة االسااتفتاء فااي أجاال أقصاااه عش ارة ‪ 37‬أيااام ماان تاااريخ‬
‫اسااتالم محاضاار اللجااان االنتخابيااة الوالئيااة وكااذا اللجااان االنتخابياة للجاليااة المقيمااة بالخااارج بموجااب المااادة‬
‫‪ 333‬من القانون العضوي ‪ 37-39‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫ويكون إعالن المجلس الدستوري لنتائج عمليات االستفتاء في شكل حيثيات مرتبة بالتأشيرات التي‬
‫يتصادرها الدساتور باعتبااره القااانون اَلسامى فاي المنظومااة القانونياة للدولاة‪ ،‬ثام النظااام المحادد لقواعاد عماال‬
‫المجلس الدستوري‪ ،‬ثم النص المتضمن قانون االنتخابات وتليه المراسيم الرئاسية والتنفيذية المنظمة لعملية‬
‫االسااتفتاء‪ ،‬وبعاادها يعلاان المجلااس الدسااتوري عاان اإلحصااائيات الخاصااة بنساابة المشاااركة مااع تفصاايل لعاادد‬
‫اَلصوات المعبر عنها وعدد اَلصوات الملغاة مع تبيان عدد المصوتين بنعم وعدد المصوتين بال‪.‬‬
‫ونشير هنا إلى أن إعالن المجلس الدستوري للنتائج النهائية لايس معنااه دخاول القاانون االساتفتائي‬
‫أو القرار الذي صوت عليه الشعب حيز النفاذ‪ ،‬بل يجب إصدار هذا القانون أو القرار ليصبح واجب النفاذ‬
‫وعملية إصداره يعود االختصاص فيها إلى رئيس الجمهورية طبقا َلحكام الماواد ‪ 679‬و‪ 633‬مان التعاديل‬
‫الدستوري لسنة ‪. 6739‬‬
‫ومما سبق بيانه يمكننا القول أن االستفتاء الشعبي يشكل واحدة من الوسائل المثلى لتعبير الشاعب‬
‫عاان إرادتااه وبااه تتجسااد أهاام مظاااهر تطااور الحياااة السياسااية فااي الاانظم الديمقراطيااة‪ ،‬كمااا يمكاان الشااعب ماان‬
‫المسااهمة فااي تسايير شااؤون الحكام وصاانع القارار السياساي فااي القضاايا ذات اَلهميااة الوطنياة‪ ،‬رغاام مسااألة‬
‫النزاهة في نتائج عملياته التي تطرح نفسها وبشدة عند كل مناسبة له‪.‬‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬اإلعالن رقم‪/73‬إ‪.‬م‪.‬د‪ 73/‬مؤرخ في ‪ 73‬أكتوبر ‪ ،6773‬يتعلق بنتائج استفتاء ‪ 66‬سبتمبر ‪ 6773‬حول الميثاق من أجل السلم‬
‫والمصالحة الوطنية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ 90‬الصادرة بتاريخ ‪ 73‬أكتوبر ‪.6773‬‬

‫‪138‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحاالت االستشارية الخاصة‪ :‬أشرنا سابقا إلى أن أهام ركاائز قياام دولاة القاانون هاو خضاوع‬
‫الحكام والمحكومين لمبدأ المشروعية وهو مبدأ ال يتحقق إال بوجود رقابة دستورية تكون صماما لألمان في‬
‫الدولااة‪ ،‬بهااا تضاامن حمايااة القواعااد القانونيااة المقياادة للساالطات والمحااددة لنشاااطها بحيااث إذا مااا خرقاات تلااك‬
‫القواعاد أمان المجلاس الدساتوري وضااع اَلماور فاي نصاابها الصاحيح فااي اَلحاوال العادياة كماا فاي اَلحاوال‬
‫غير العادية‪ ،‬وبالرجوع إلى أحكام التعديل الدستوري لسانة ‪ 6739‬نجاد أن المؤساس الدساتوري قاد عقاد فياه‬
‫للمجلااس الدسااتوري مهااام استشااارية ذات صاالة بهااذه اَلحاوال‪ ،‬منهااا مااا يتعلااق بحالااة شااغور منصااب رئاسااة‬
‫الجمهورية وبعضها اَلخر خاص بتقرير الحاالت االستثنائية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬استشـــارة المجلـــس الدســـتوري فـــي حـــاالت شـــغور منصـــب رئاســـة الجمهوريـــة‪ :‬ت ارتبط ماادة العهاادة‬
‫الرئاسية فاي النظاام السياساي الج ازئاري بفتارة زمنياة حاددتها الماادة ‪ 99‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪6739‬‬
‫بخمس ‪ 73‬سنوات تبدأ خاالل اَلسابوع الماوالي النتخاباه إلاى غاياة انتهائهاا بقياام انتخاباات رئاساية جديادة‪،‬‬
‫لكن قد يحدث أن يشغر منصب رئاسة الجمهورية خالل هذه الفترة لعوارض قد تكون قانونية كما قاد تكاون‬
‫طبيعيااة اَلماار الااذي ماان شااأنه إحااداث اضااطراب فااي السااير الحساان لمؤسسااات الدولااة َلن منطااق الهرميااة‬
‫السياسية والتدرج الوظيفي يفترض وجود رئيس يعتلي هذه السلطة‪ ،‬زيادة على أن شخص رئيس الجمهورية‬
‫يشكل رم از لوحدة الدولة ووحدة ق ارراتها على حد سواء وهو من يمثلها ويجسد حضورها في المحافل الدولية‬
‫ووجاوده مارادف الساتمرار مؤسسااتها وديموماة الدولاة‪ ،‬وماان هناا تتجلاى أهمياة إجاراءات ساد شاغور منصااب‬
‫رئاسة الدولة لإلحاطة بالجواناب التاي تضامن اساتمرار ممارساة المهاام الرئاساية خاالل هاذه الفتارة تفادياا لماا‬
‫يمكن أن يؤثر سلبا على المسار العادي للمؤسسات الدساتورية فاي الدولاة‪ ،‬وسانميز هناا باين الحااالت التاي‬
‫يقع على عاتق المجلس الدستوري خاللها فضال على حماية الدساتور وجاوب التثبات مان عاوارض الشاغور‬
‫بكل الوسائل المالئمة حفاظا على استمرار قيام المؤسسة المحورية في الدولة‪.‬‬

‫أ‪ -‬حالة المانع المؤقت‪ :‬ميز الفقه الدستوري بين حالتي الشاغور والماانع إذ يعاد هاذا اَلخيار مفهوماا دقيقاا‬

‫ناااتج عاان عااائق ذي طبيعااة وماادة متباااينتين ك ااالمرض‪ ،‬االختفاااء‪ ،‬االختطاااف‪ ،‬أمااا الشااغور فيكااون جااراء‬
‫الغياب الفيزيولوجي للمعني على إثر االستقالة‪ ،‬أو الوفااة‪ ،‬أو العازل بسابب الخياناة العظماى‪ ،‬فهاي مرتبطاة‬
‫بفراغ لذا تكون دائما نهائية‪ .1‬ويكون الشغور مؤقتاا طبقاا َلحكاام الماادة ‪ 376‬مان التعاديل الدساتوري لسانة‬
‫‪ 6739‬إذا اساتحال علاى رئايس الجمهورياة أن يماارس مهاماه بسابب مارض خطيار ومازمن فاي هاذه الحالااة‬
‫يجتماع المجلااس الدساتوري وجوبااا ليتثبات مان حقيقاة هااذا الماانع وهااي واحادة ماان باين الحاااالت التاي يجتمااع‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬دالل لوشان‪ :‬عن فعالية المادة ‪ 222‬من الدسـتور فـي تسـيير األزمـات القانونيـة المترتبـة عـن حـاالت الشـغور‪ ،‬المجلاة اَلكاديمياة للبحاث‬
‫القانوني‪ ،‬العدد ‪ ،6767 ،73‬ص ‪.11‬‬

‫‪139‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫فيها المجلس بقوة القاانون‪ ،‬ويقصاد باالمرض الخطيار والمازمن ذلاك االعاتالل الخطيار والادائم الاذي يصايب‬
‫اَلعضاااء الحيويااة للكااائن الحااي ويجعلااه عاااج از وغياار قااادر تمامااا علااى أداء وممارسااة وظائفااه‪ ،‬فقااد يكااون‬
‫مرضا عضويا إذا تعلق بأحد أعضاء جسم اإلنسان‪ ،‬وقد يكون عقليا ووظيفيا إذا فقد الشخص كل أو جزء‬
‫من قدراته الذهنية والعقلية كما يمكن للمرض أن يكون نفسيا وجسمانيا في نفس الوقت‪.1‬‬
‫وبالرجوع إلى نص المادة ‪376‬من التعديل الدساتوري لسانة ‪ 6739‬نجاد أن المؤساس الدساتوري قاد‬
‫حصر شرط المانع المؤقت في المارض الخطيار والمازمن اَلمار الاذي أضافى عليهاا غموضاا بغاض النظار‬
‫عن الجانب الصحي الذي عادة ما يتم تشخيصه وتحديد طبيعة ودرجاة خطورتاه بنااء علاى تشاخيص مان‬
‫طرف أطباء ذوي خبرة في االختصااص وياتم التثبات فاي اَلمار مان طارف طبياب شارعي وفقاا لقاول الماادة‬
‫‪ 93‬م اان النظ ااام المح اادد لقواع ااد عم اال المجل ااس الدس ااتوري «‪...‬ويمكن ااه ف ااي ه ااذا اإلط ااار أن يقا اوم بجمي ااع‬
‫التحقيقات ويستمع إلى شخص مؤهل والى أي سلطة معينة»‪.‬‬
‫ورغاام حاارص المؤسااس الدسااتوري علااى تنظيمااه لحالااة شااغور منصااب رئاسااة الجمهوريااة إال أن تحديااده‬
‫للمانع المؤقات بعباارة "المارض الخطيار والمازمن" ال غيار مان شاأنه أن ياؤدي إلاى صاعوبات لتحدياد مفهاوم‬
‫المرض الخطير والمزمن المقصود في مثل هذه الحالة الن الفكرة في حد ذاتها تطرح بعض الصاعوبات إذ‬
‫يرتبط معيار تعريف درجة الخطورة تحديدا بإمكانية ممارساة المهاام َلن الجماع باين معياارين أحادهما طباي‬
‫واآلخر سياسي ليس باَلمر اليسير‪ ،‬كون تقدير خطورة المرض المزمن يعاود لألطبااء مان جهاة ومان جهاة‬
‫أخارى نجاد أن إمكانيااة ممارساة المهاام ذو تقاادير سياساي‪ ،‬وحتاى أنااه غيار متااح للمجلااس الدساتوري ذاتااه‪.2‬‬
‫وعمال بأحكام الماادة ‪ 376‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ ،6739‬يعاود اختصااص تحرياك إجاراءات إعاالن‬
‫الم ااانع‪ ،‬حصا ا ار للمجل ااس الدسا اتوري ال ااذي يجتم ااع وجوب ااا بع ااد التثبا ات م اان حقيقت ااه ليقت اارح باإلجم اااع عل ااى‬
‫البرلمااان التص اريح بثبااوت المااانع‪ .‬ورغاام أن ق ارار تصااويت المجلااس الدسااتوري باإلجماااع الهاادف منااه هااو‬
‫حمايااة المؤسسااة الرئاسااية‪ ،3‬لكاان م ان جهااة أخاارى يااؤدي إلااى امااتالك كاال عضااو حااق إيقاااف ق ارار إعااالن‬

‫‪-1‬حميد مزياني‪ :‬إشكالية شغور منصب رئيس الجمهورية في الجزائـر (بـين الـنص والتطبيـق)‪ ،‬المجلاة اَلكاديمياة للبحاث القاانوني‪ ،‬العادد ‪( 71‬عادد‬
‫خاص) ‪ ،6767‬ص ‪.117‬‬
‫‪-2‬أنظر‪ /‬دالل لوشن‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪‬لقد أثارت عبارة "مرض خطير ومزمن" عدة إشكاالت فيما يتعلق بالحالة الصحية للرئيس الساابق "عباد العزياز بوتفليقاة" فاي بداياة عهدتاه الرابعاة سانة‬
‫‪ ،6731‬والااذي رغاام أن كاال المعطيااات كاناات تااوحي بأنااه فااي حالااة اسااتحالة تامااة تحااول دون ممارسااة مهامااه بساابب الماارض والعجااز التااام إال أنااه لاام‬
‫يجتمااع المجلااس الدسااتوري وال البرلمااان لثبااوت حصااول المااانع واقا ارره واَلدهااى فااي هااذه المسااألة أن الساالطة آنااذاك خصوصااا فااي ظاال العهاادتين الثالثااة‬
‫والرابعة كانت تؤكد بأن رئيس الجهورياة وعلاى الارغم أناه كاان مقعادا‪ ،‬إال أناه ال يازال محتفظاا بكامال قاواه العقلياة وأناه علاى د ارياة تاماة بكال ماا يحادث‬
‫من مستجدات على الساحة الوطنية‪ ...‬لالطالع أكثر أنظر‪ /‬حميد مزياني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 6/13‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫المانع أو ما يسمى "حق الفيتو" ليصبح بذلك هذا الشرط عائقا قد يعطل العملية كلها‪ ،‬لكن هنااك مان يارى‬
‫أن المؤسس الدستوري باشتراط اإلجمااع احتااط لكاي يفاوت الفارض علاى مان يرياد اساتخدام عامال المارض‬
‫المفتعل إلزاحة رئيس الجمهورية‪.1‬‬
‫وعمااال بأحكااام المااادة ‪ 376‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬فإنااه بعااد تبليااغ البرلمااان بثبااوت‬
‫المانع فإنه علياه أن يعقاد اجتماعاا بغرفتياه المجتمعاين معاا لايعلن ثباوت الماانع لارئيس الجمهورياة وبأغلبياة‬
‫ثلثااي ‪ 6/1‬أعضااائه‪ ،‬وبتكليااف دسااتوري يتااولى رئاايس مجلااس اَلمااة خ االل هااذه الفت ارة رئاسااة الدولااة لماادة‬
‫أقصااها خمسااة وأربعاون ‪ 13‬يومااا ماع وجااوب م ارعااة ممارساة صاالحياته بمااا يتوافاق وأحكااام المااادة ‪371‬‬
‫من التعديل الدساتوري لسانة ‪ ،6739‬فاإذا زال سابب الماانع خاللهاا وتمكان رئايس الجمهورياة مان اساتئناف‬
‫ممارسة مهامه عادت اَلمور إلى نصابها‪.‬‬
‫ونشا ااير هنا ااا إلا ااى أن المؤسا ااس الدساااتوري لااام يااانص علا ااى اإلج ا اراءات الم ااؤطرة الساااتئناف رئا اايس‬
‫الجمهوريااة َلداء مهامااه ال طبيااا وال حتااى إداريااا‪ ،‬لتثااار هنااا أيضااا مسااألة متابعااة الحالااة الصااحية ل ارئيس‬
‫الجمهوريااة فااي ظاال غياااب النشاار الاادوري للتقااارير الصااحية المثبتااة بالاادليل الطبااي لحقيقااة الواقااع الصااحي‬
‫للرئيس‪ ،‬كما ال توجد هيئة معينة خصيصا للتكفل بمتابعة حالته‪ ،‬فعلى أي أسااس مانح المجلاس الدساتوري‬
‫حق التحرك التلقائي للتثبت من حالة المانع لدى رئيس الجمهورية؟‬
‫ب‪ -‬حالـة الشــغور النهــائي‪ :‬تقااع حالاة الشااغور النهاائي لمنصاب رئاساة الجمهوريااة فاي حاااالت ورد الاانص‬
‫عليها ضمن أحكام المادة ‪ 376‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬وتتحقق في‪:‬‬
‫‪-‬االستقالة الوجوبية بسبب استمرار المانع لممارسة المهام النااتج عان مارض خطيار ومازمن‪2‬وتأكياده يكاون‬
‫من طرف المجلس الدستوري بتبليغ التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان ومهماة المجلاس الدساتوري هناا‬
‫ال تخرج عن إطار إقرار واقع‪.‬‬

‫‪-1‬أحمد كريوعات‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬


‫نصت المادة ‪ 371‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬على الصالحيات المخولة للرئيس المنتخب حص ار والتاي ال يمكان باأي حاال مان اَلحاوال أن‬ ‫‪‬‬

‫يمارسها الارئيس المعاين بقولهاا‪« :‬ال يمكان أن تقاال أو تعادل الحكوماة القائماة إباان حصاول الماانع لارئيس الجمهورياة أو وفاتاه أو اساتقالته حتاى يشارع‬
‫رئيس الجمهورية الجديد في ممارسة مهامه‪= .‬‬
‫= ال يمكا اان ف ا ااي الفتا ا ارتين المنصا ااوص عليهم ا ااا ف ا ااي الفقا ا ارتين ‪0‬و‪ 9‬ما اان الم ا ااادة ‪ 63‬والما ا اواد ‪ 61‬و‪ 316‬و‪ 310‬و‪ 333‬و‪ 679‬و‪ 637‬و‪ 633‬م ا اان‬
‫الدسااتور‪.‬ال يمكاان خااالل هاااتين الفت ارتين تطبيااق أحكااام الم اواد ‪ 373‬و‪ 370‬و‪ 379‬و‪ 376‬و‪ 333‬ماان الدسااتور إال بموافقااة البرلمااان المنعقااد بغرفتيااه‬
‫المجتمعتين معا‪ ،‬بعد استشارة المجلس الدستوري والمجلس اَلعلى لألمن»‪.‬‬
‫‪-2‬سااعيد بوالشااعير‪ :‬النظــام السياســي الجزائــري‪ -‬دراســة تحليليــة ‪-‬لطبيعــة نظــام الحكــم فــي ضــوء دســتور ‪ 2992‬الســلطة التنفيذيــة‪ ،‬ج‪ ،1‬المرجااع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪141‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫‪-‬االس ااتقالة اإلرادي ااة وه ااي حال ااة تخل ااي رئ اايس الجمهوري ااة ع اان منص اابه طواعي ااة ودون إكا اراه‪ ،‬ويك ااون ذل ااك‬
‫بمبررات مقبولة أمام الجهات المنصوص عليها دستوريا مما يوجب تولية غيره‪.1‬‬
‫كم ااا ق ااد يا ارتبط ش ااغور منص ااب رئاس ااة الجمهوري ااة بالوف اااة وهن ااا أيض ااا يق ااع عل ااى ع اااتق المجل ااس‬
‫الدستوري اإلعالن عن شاغور منصاب رئاساة الجمهورياة شاغو ار نهائياا ويكاون ذلاك بانفس اإلجاراءات الاوارد‬
‫ذكرها في نص المادة ‪ 6/376‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ .6739‬وأيا كانت أسباب الشغور النهائي نجاد‬
‫أن المؤس ااس الدس ااتوري ق ااد وحا اد إجا اراءات إعالن ااه‪ ،‬حي ااث يثب اات المجل ااس الدس ااتوري الحال ااة ويبل ااغ ش ااهادة‬
‫التصاريح بالشااغور النهااائي إلااى البرلمااان الااذي يجتمااع وجوبااا ليتااولى خااالل ذلااك رئاايس مجلاس اَلمااة مهااام‬
‫رئاسااة الدولاة بالنيابااة لماادة أقصاااها تسااعون ‪ 67‬يومااا تاانظم خاللهاا انتخابااات رئاسااية وال يحااق الترشااح فيهااا‬
‫لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة‪.‬‬
‫وماان التطبيقااات العمليااة لشااغور منصااب رئاسااة الجمهوريااة اسااتقالة ال ارئيس عبااد العزيااز بوتفليقااة‬
‫بتاريخ ‪ 76‬أفريل ‪ ،6736‬وهي أول حالة عرفتها التجربة الدستورية الجزائرية لشغور رئاساة الجمهورياة فاي‬
‫ظال اعتناااق االزدواجيااة البرلمانيااة‪ ،‬حيااث كاناات وال تازال حاادثا دسااتوريا بامتياااز قباال أن تكااون حاادثا سياساايا‬
‫نظ ار لما اعتراها من غموض‪ ،‬رغام االساتحالة التاماة َلداء مهاماه بسابب الماانع الصاحي الاذي أصاابه مناذ‬
‫بداية العهدة الرئاسية الرابعة سنة ‪ ،6731‬إال أن المجلس الدستوري لم يحرك ساكنا إلثبات حقيقة حصاول‬
‫المانع للرئيس طبقا َلحكام المادة ‪ 3/376‬من التعديل الدستوري لسنة ‪6739‬؟‬

‫‪-‬حال ااة تا ازامن ش ااغور رئاس ااة الجمهوري ااة بش ااغور رئاس ااة مجل ااس اَلم ااة وه ااي حال ااة قض ااى فيه ااا المؤس ااس‬

‫الدستوري الجزائري بوجوب اإلعاالن عان الشاغور النهاائي لمنصاب رئاساة الجمهورياة وفقاا لماا أقرتاه أحكاام‬
‫الم ااادة ‪ 376‬م اان التع ااديل الدس ااتوري لس اانة ‪ 6739‬ليت ااولى رئ اايس مجل ااس اَلم ااة رئاس ااة الدول ااة‪ ،‬ولك اان إن‬
‫اسااتحال ذلااك بساابب شااغور منصااب رئاسااة مجلااس اَلمااة َلي ساابب كااان وهااي واحاادة ماان أخطاار الحاااالت‬
‫التي نظمها المؤسس الدستوري الجزائري بسبب تزامن شاغور مؤسساتين رئيسايتين معاا تفادياا َلي تجااوزات‬
‫قد تمس بالدستور وبالتالي المساس بحقوق اإلنسان وحرياته اَلساسية‪.2‬‬
‫يجتمع المجلس الدستوري على اثر ذلك وجوبا ليثبت وباإلجماع الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية‬
‫وحص ااول الم ااانع لا ارئيس مجل ااس اَلم ااة‪ ،‬وهن ااا نالح ااظ تش ااديد للمؤس ااس الدس ااتوري عل ااى اجتم اااع المجلا اس‬
‫الدستوري باإلجماع وذلك ربما يعود لكون رئيس المجلس الدستوري هو مان سايتولى رئاساة الدولاة وبالتاالي‬
‫فالقياد هنااا موجاه ضااد أي إمكانيااة انحاراف لارئيس المجلاس الدسااتوري نفسااه‪ ،‬وفاي هااذه الحالاة يتااولى رئاايس‬

‫‪-1‬الطاهر زواقري‪ :‬أسباب عزل السلطة السياسية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الحامد‪ ،‬المملكلة اَلردنية‪ ،6731 ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.17‬‬
‫‪-2‬أ أنظر‪ /‬أحمد كريوعات‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫‪142‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫المجلس الدستوري مهام رئاسة الدولة حسب نفس الشروط التاي جااء الانص عليهاا فاي الماواد ‪ 376‬و‪371‬‬
‫من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬وال يمكنه الترشح لرئاسة الجمهورية‪.1‬‬
‫ومن خالل التطرق للحاالت المحتملة لشغور منصب رئاساة الجمهورياة وفقاا لإلجاراءات الدساتورية‬
‫المتبعااة إلعالنهااا ودور المجلااس الدسااتوري فااي ذلااك باعتباااره الهيئااة المكلفااة بالسااهر علااى احت ارام الدسااتور‬
‫الااذي يترتااب علي اه وبالضاارورة حمايااة الحقااوق والحريااات اَلساسااية‪ ،‬ورغاام أن استشااارته ال تعاادو أن تكااون‬
‫ش ااكلية إال أن اَلم اار ال ااذي يجع اال م اان مراجع ااة النص ااوص الدس ااتورية المنظم ااة لت اادخل المجل ااس الدس ااتوري‬
‫ضاارورية فااي ه اذه الحاااالت هااو أهميااة منصااب رئاسااة الجمهوريااة ومااا يلعبااه ماان دور محااوري فااي تساايير‬
‫دوالياب الحكاام فاي الدولااة لاذا البااد مان أن تنصااب المراجعاة علااى أحكاام المااادة ‪ 376‬تحديادا إل ازحااة غطاااء‬
‫الغمااوض المحاايط بتحديااد حقيقااة الماارض الااذي ماان شااأنه أن يااؤدي إلااى شااغور منصااب مثقاال بالمسااؤوليات‬
‫الوطنية والدولية على حد سواء‪.‬‬
‫لذا البد من تسليط ضوء التعديل علاى المصاطلحات وانتقائهاا بالدقاة القانونياة والواضاحة فاي نفاس‬
‫الوقاات بمااا ال ياادع مجاااال للتأوياال لتفااادي الثغارات التااي يمكاان اسااتعمالها السااتغالل اَلوضاااع التااي تصاااب‬
‫فيهااا هااذه المؤسسااة الساايادية بااالوهن‪ ،‬فضااال عاان وجااوب تحديااد المؤسااس الدسااتوري َلجاال أقصااى يتحاارك‬
‫المجلس خالله كبداية لسريان هذا اَلجل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نطاق الدور االستشـاري للمجلـس الدسـتوري فـي الحـاالت االسـتثنائية‪ :‬يحتال رئايس الجمهورياة فاي‬
‫النظااام السياسااي الج ازئااري مرك ا از ساااميا ومكانااة بااارزة اسااتمدها خصوصااا ماان طريقااة اختياااره‪ ،‬وكااذا م اان‬
‫االختصاصات التي خولت لاه دساتوريا لضامان الساير الحسان لمؤسساات الدولاة واساتم ارريتها فاي الظاروف‬
‫العاديااة‪ ،‬كمااا خصااه بساالطات يباشاارها عنااد قيااام ظااروف اسااتثنائية تجيااز لااه اتخاااذ اإلجاراءات التااي تسااتلزم‬
‫مواجهتها ومعالجتها للحيلولة دون تفاقمها باعتبار ظروف مواجهتها تستدعي تنظيم قواعد قانونية استثنائية‬
‫ال يمكاان مواجهتهااا بقواعااد قانونيااة وضااعت لتنظاايم المجتمااع فااي حاالتااه وظروفااه العاديااة‪ ،‬وضاامانا لحقااوق‬
‫اَلفاراد وحرياااتهم فااي مثاال هااذه الظااروف كلااف المجلااس الدسااتوري بمهااام استشااارية حسااب الحاااالت المقااررة‬
‫دسااتوريا والتااي يت اراوح االختصاااص فيهااا بااين المجلااس الدسااتوري ورئيسااه‪ ،‬وعليااه يمكاان الحااديث عاان تلااك‬
‫الحاالت االستثنائية حسب ما ورود النص عليها في الدستور وهي على التوالي‪:‬‬

‫أ‪-‬الرقابـة الدســتورية أثنــاء حالتـا الطـوارئ والحصــار‪ :‬إن حالاة الطاوارئ ماان الناحياة القانونياة ماا هااي إال‬

‫تطبيااق مباشاار لمااا يساامى بحالااة الظااروف االسااتثنائية‪ ،‬والتااي يقصااد بهااا الحالااة التااي تط ا أر فيهااا المخاااطر‬

‫‪-1‬المادة ‪ 9/376‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫واَلزمات على حياة أي دولة ما يشكل تهديدا لبقائها‪ ،‬ويفضي بها بالضرورة إلى الخروج عن المألوف بين‬
‫القواعد القانونية التي تطبق في ظل الظروف العادية أو إلى التحلل منها مؤقتا‪ ،‬ابتغاء مجابهة هذه الحالاة‬
‫الطارئااة وحمايااة حقهااا فااي البق اااء ويااتم التحلاال بوجااه خاااص م اان بعااض القواعااد المقااررة لحمايااة ممارس ااة‬
‫الحريات العامة‪ .1‬أما حالة الحصار فهي المرحلة التاي تلاي حالاة الطاوارئ وتسابق الحالاة االساتثنائية فارغم‬
‫اعتمادهااا علااى عنصاار الضاارورة الملحااة إال أنااه ال يمك ان إعطاؤهااا تفسااي ار أوسااع باعتبارهااا تخااول رئاايس‬
‫الجمهوريااة التاادخل التخاااذ كاال التاادابير الالزمااة السااتتباب الوضااع ولتفااادي إن أمكاان اللجااوء إلااى الحال ااة‬
‫االستثنائية‪.2‬‬

‫‪-2‬ماهية حالتا الطوارئ والحصار‪ :‬لحالة الطوارئ مفهومان أحدهما واقعي واآلخر مفهوم قانوني وال يجب‬

‫الخلط بينهما فالمفهوم الواقعي يتمثل في حادثة أو حوادث تحال باالبالد أو تحادق بهاا ويتعاذر مواجهاة هاذه‬
‫الحالااة أو الخطاار بالوسااائل القانونيااة العاديااة‪ ،‬أمااا مفهومهااا القااانوني فيتمثاال فااي وجااود نظااام قااانوني يشاامل‬
‫مجموعة من القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية في الدولة لمواجهة ما قد يط أر مان حاوادث ال‬
‫يمكن مواجهتها وفقا لقواعد القانون الموضوع لمواجهة الحوادث العادية‪.3‬‬
‫لتكون حالة الطوارئ بذلك «هي الحالاة التاي تتحقاق إذا قامات ضارورة تحاث السالطة التنفيذياة عان‬
‫الخ ااروج عل ااى أحك ااام الدس ااتور أو حك اام الق ااانون ع اان طري ااق ممارس ااة بع ااض اإلجا اراءات الخطيا ارة الماس ااة‬
‫بالحريااات العامااة عناادما تكااون القواعااد القانونيااة المتبعااة فااي الظااروف العاديااة عاااجزة عاان تمكااين الساالطة‬
‫التنفيذية عن مواجهة خطر جسيم محدق»‪ ،4‬بينما يتوسع بعض الفقه في تعريف حالة الطاوارئ فيعتبرونهاا‬
‫«نظااام اسااتثنائي مباارر بفك ارة الخطاار المحاادق بالكيااان الااوطني‪ ،‬ويسااوغ اتخاااذ تاادابير قانونيااة مخصصااة‬
‫لحماية البالد‪ ،‬كال أو جزءا منها ضاد اَلخطاار الناجماة عان عادوان مسالح داخلاي أو خاارجي‪ ،‬هاذا النظاام‬
‫يمكن التوصل إلى إقامته بنقل صالحيات السلطات المدنية إلى السلطات العسكرية»‪.5‬‬
‫وقد جااء الانص علاى حالاة الطاوارئ فاي مختلاف الدسااتير الجزائرياة وتام تجسايدها علاى أرض الواقاع سانة‬
‫‪ 3666‬نظ ار لالضطرابات التي عرفتها الظروف السياسية واَلمنية التي شهدتها الابالد فاي تلاك الفتارة‪ ،‬وتام‬

‫‪-1‬علااي مجيااد العكيليلمااى علااى الظاااهري‪ :‬مــدى دســتورية قــانون الط ـوارئ –دراســة دســتورية مقارنــة‪ -‬المركااز العربااي الااديمقراطي‪ ،‬القاااهرة‪ ،‬مصاار‪،‬‬
‫‪ ،6730‬ص ‪.33‬‬
‫‪-2‬سااعيد بوالشااعير‪ :‬النظــام السياســي الجزائــري –دراســة تحليليــة لطبيعــة نظــام الحكــم فــي ضــوء دســتور ‪ ،2992‬الســلطة التنفيذيــة‪ ،‬ج‪ ،3‬المرجااع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫‪-3‬علي مجيد العكيلي لمى على الظاهري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ -4‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫‪-5‬فاطمة موساوي‪ :‬الرقابة على السلطات ا الستثنائية لرئيس الجمهورية في األنظمة القانونية الجزائرية والفرنسية والمصرية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‬
‫تخصص قانون عام‪ ،‬إشراف محمد ناصر أبوغزالة‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الجزائر ‪ ،6730-6739 ،73‬ص ‪.16‬‬

‫‪144‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫إقرارهااا آنااذاك لماادة اثناي عشاار‪ 36‬شااه ار بغيااة ضاامان أفضاال َلماان اَلشااخاص وحمايااة الممتلكااات وتااأمين‬
‫السير الحسن للمصالح العمومية‪.1‬‬
‫ولتحقيااق ذلااك يؤهاال وزياار الداخليااة والجماعااات المحليااة ف اي كاماال الت اراب ال اوطني أو جاازء منااه‬
‫والوالي في دائرته اإلقليمياة التخااذ التادابير الكفيلاة بحفاظ النظاام العاام عان طرياق قا اررات فاي إطاار احتارام‬
‫التوجيهات الحكومية‪ ،2‬وتم تمديدها بمقتضى المرسوم التشريعي ‪ 76/61‬بتاريخ ‪ 79‬جاانفي ‪ 33661‬إلاى‬
‫غايا ااة تا اااريخ رفعها ااا فا ااي ‪ 61‬فب اريا اار ‪ 6733‬بمقتضا ااى اَلما اار‪ 473-33‬بعا ااد اسا ااتقرار اَلوضا اااع اَلمنيا ااة‬
‫والسياسية في البالد‪.‬‬

‫أمااا حالااة "الحصااار" فتعاارف علااى أنهااا «إجاراء ماان إجاراءات اَلماان العااام تعطاال بمقتضاااه القاوانين‬
‫ويحل محلها النظام العسكري»‪ ،‬ويذهب تعرياف أخار إلاى أنهاا «نظاام اساتثنائي للضابط تبارره فكارة الخطار‬
‫القومي»‪.5‬وتستمد حالة الحصار أساساها مان الماادة ‪ 373‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6739‬مثال حالاة‬
‫الطوارئ بقولها‪« :‬يقرر رئيس الجمهورية إذا دعت الضرورة الملحاة حالاة الطاوارئ أو الحصاار لمادة معيناة‬
‫بعد اجتماع المجلس اَلعلى لألمن واستشارة رئيس مجلس اَلمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬والاوزير‬
‫اَلول ورئيس المجلس الدستوري ويتخذ كل التدابير الالزمة الستتباب الوضع »‪.‬‬

‫وقد عرفت الجزائر تطبيقا لحالة الحصار إثر أحداث أكتوبر ‪ 3699‬بسبب طبيعاة النظاام الكااتم‬
‫للحري ااة والديمقراطي ااة مع ااا وم ااا ن ااتج عنه ااا م اان أعم ااال تخريبي ااة واس ااعة‪ ،‬كم ااا ش ااهدت ال اابالد إع ااالن لحال ااة‬
‫الحصااار وتاادخال للجاايش بموجاب المرسااوم الرئاسااي رقاام ‪ 369-63‬المااؤرخ فااي ‪ 71‬جاوان ‪ 3663‬ورفعاات‬
‫بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 119-63‬بتاريخ ‪66‬سبتمبر‪.63663‬‬

‫‪-1‬المواد اَلولى و‪ 76‬من المرسوم الرئاسي ‪ 11/66‬المؤرخ في ‪ 76‬فيفري ‪ 3666‬المتضامن إعاالن حالاة الطاوارئ‪ ،‬جار‪ ،‬العادد ‪ ،37‬الصاادرة بتااريخ‬
‫‪ 76‬فيفري ‪.3666‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 71‬من المرسوم الرئاسي ‪ ،11/66‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪3‬المادة اَلولى من المرسوم التشريعي رقم ‪ 76/61‬المؤرخ فاي ‪ 79‬ينااير ‪ ،3661‬والمتضامن تمدياد حالاة الطاوارئ‪ ،‬ج ر‪ ،‬العادد ‪ ،79‬الصاادر بتااريخ‬
‫‪ 70‬فيفري ‪.3661‬‬
‫‪4‬المااادة اَلولااى ماان اَلماار رقاام ‪ 73/33‬المااؤرخ فااي ‪ 61‬فيفااري ‪ 6733‬المتضاامن رفااع حالااة الط اوارئ‪ ،‬ج ر‪ ،‬العاادد‪ ،36‬الصااادرة بتاااريخ ‪ 61‬فيفااري‬
‫‪.6733‬‬
‫‪-5‬لاازرق حبشااي‪ :‬أثــر ســلطة التشــريع علــى الحريــات العامــة وضــماناتها‪ ،‬أطروحااة دكتااوراه تخصااص قااانون عااام‪ ،‬إشاراف ماراد باادران‪ ،‬كليااة الحقااوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،6731-6736‬ص ص ‪.369-360‬‬
‫‪-6‬سااعيد بوالشااعير‪ :‬النظــام السياســي الجزائــري دراســة تحليليــة لطبيعــة نظــام الحكــم فــي ضــوء دســتور ‪ -2992‬الســلطة التنفيذيــة‪ -‬ج‪ ،1‬المرجااع‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.137‬‬

‫‪145‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وكان الهدف من إعالنها هو الحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة واساتعادة النظاام العاام‪ ،‬وكاذلك‬
‫السااير العااادي للم ارفااق العموميااة بك ال الوسااائل القانونيااة والتنظيميااة‪ ،1‬ومااا ماان شااك أن شاامولية صااياغة‬
‫المادة ‪ 373‬السالفة الذكر للحالتين واخضاعها لنفس الشروط ال يسهل على الدارس التمييز بينهما بسهولة‬
‫إال من حيث التسمية‪ ،‬وان كان أغلب الفقه يرى أن حالة الحصار تتميز عن حالة الطوارئ في كونها ذات‬
‫صلة باَلعمال التخريبية أو المسلحة‪،2‬وقد خير رئيس الجمهورية في اللجوء إلى إحداهما عند الحاجاة وفقاا‬
‫لسلطته التقديرية في تكييف اَلوضاع التي تساتدعي اللجاوء إلاى تقريار إحادى الحاالتين‪ ،3‬ومان جهاة أخارى‬
‫نجااد أن المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري حتااى وان أعطااى لارئيس الجمهوريااة ساالطة تقرياار حالااة الطاوارئ أو‬
‫الحصااار‪ ،‬إال أنااه ألزمااه بالتقيااد بمااا يعاارف بالمشااروعية االسااتثنائية ومفاااد ذلااك أن إعالنهااا ال يكااون إال‬
‫بالقدر الذي تستلزمه مواجهة الخطر القائم بالفعل ماع وجاوب االلتازام باروح الدساتور فاي سان القاوانين التاي‬
‫تاانظم هااذه الحالااة وان كاناات مؤقتااة‪َ ،‬لن تحرياار رئاايس الجمهوريااة ماان قيااود الشاارعية العاديااة فااي مثاال هااذه‬
‫الحاااالت ال يعنااي الخ ااروج عنهااا كلي ااا وفااي س اابيل ذلااك ألاازم المؤس ااس الدسااتوري استش ااارة رئاايس المجل ااس‬
‫الدستوري كونه يمثل الهيئة الرقابية الساهرة على احترام سمو الدستور‪.‬‬

‫‪ -2‬استشارة رئيس المجلس الدسـتوري‪ :‬فاي حاال اساتدعت الضارورة الملحاة مان رئايس الجمهورياة تقريار‬
‫إحدى الحالتين – الطوارئ أو الحصار‪ -‬فإنه يكون حينها ملزم دستوريا باستشارة رئيس المجلس الدساتوري‬
‫لكونااه المكلااف بالسااهر علااى احت ارام الدسااتور ماان جهااة‪ ،‬فضااال علااى أنااه يعااد الشااخص الثاااني فااي الاابالد‬
‫المؤهاال لتااولي رئاسااة الدولااة فااي حالااة الشااغور طبقااا َلحكااام المااادة ‪ 9/376‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة‬
‫‪ 6739‬ومن هنا تظهر أهمية استشارته والتي تعاد قيادا شاكليا عكاس سالطة رئايس الجمهورياة قبال تقرياره‬
‫إعالن حالة الطوارئ أو الحصار‪.‬‬

‫واستشارة المجلس الدستوري في ظل هذه الظروف رغم أنه قيد شكلي على سلطة رئيس الجمهورية‬
‫وتاادعيم لشاارعية تصارفاته ماان جهااة ثانيااة‪ ،‬إال أنااه ماان الناحيااة القانونيااة ال يعتباار رقاباة سااابقة علااى إعااالن‬
‫حااالتي الحصااار والط اوارئ وهااذا ارجااع إلااى أن النظااام الااداخلي للمجلااس الدسااتوري الصااادر فااي ‪ 79‬أوت‬

‫‪-1‬أنظاار‪ /‬المااادة ‪ 76‬ماان المرسااوم الرئاسااي رقاام‪ 369-93‬المااؤرخ فااي ‪71‬يونيااو‪ 3663‬المتضاامن تقرياار حالااة الحصااار‪ ،‬ج ر‪ ،‬العاادد‪ ،66‬الصااادرة‬
‫بتاريخ ‪ 36‬يونيو ‪3663.‬‬
‫‪éme‬‬
‫‪3- Louis FAVOEUR et Loic PHILIP: Les grandes décisions du conseil constitutionnel, 3 édition, sirey,‬‬
‫‪Paris, France, 1984,p 127 .‬‬
‫‪ -3‬أنظار‪ /‬ساعيد بااو الشاعير‪ :‬النظــام السياسـي الج ازئــري دراســة تحليليـة لطبيعــة نظــام الحكـم فــي ضــوء دسـتور ‪ -2992‬الســلطة التنفيذيــة‪ -‬ج‪،1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.133‬‬

‫‪146‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫‪ ،6777‬لم يرد النص فيه على استشارة رئيس المجلس الدستوري بعيدا عن أعضاء مجلسه‪ ،‬لهذا فإناه لام‬
‫يتطاارق إلااى مكانااة الارأي الااذي يبديااه رئيسااه بمفاارده‪ ،1‬وهااو نفااس مااا لااوحظ فااي النظااام المحاادد لقواعااد عماال‬
‫المجلس الدستوري الصادر بتاريخ ‪39‬أفريال ‪ ،26736‬ماا يؤكاد أن دور المجلاس الدساتوري فاي هاذه الحالاة‬
‫هو دور استشاري محض‪-‬شكلي‪ -‬الهدف منه إضفاء الشرعية على تصرفات رئايس الجمهورياة واستشاارته‬
‫دون التقيد برأيه‪.‬‬

‫ب‪ -‬الرقابة الدستورية أثنـاء الحالـة االسـتثنائية وحالـة الحـرب‪ :‬تختلاف الحالاة االساتثنائية وحالاة الحارب‬
‫عن حالتي الطوارئ والحصار‪ ،‬الرتباطهما بنظام استثنائي يقارره رئايس الجمهورياة بطبيعاة الحالاة الخاصاة‬
‫بالخطر الداهم الذي يوشك أن يصيب المؤسساات الدساتورية للدولاة أو اساتقاللها أو ساالمة ترابهاا الاذي قاد‬
‫يصل إلى حد العدوان عليها‪.3‬‬

‫‪ -2‬ماهيــــة الحالــــة االســــتثنائية وحالــــة الحــــرب‪ :‬تقارب ا ات أوص اااف الفق ااه الدس ااتوري للحال ااة االساااتثنائية‬
‫فاَلسااتاذين "هوريااو" و"دوفرجيااه" يص اافانها بالدكتاتوريااة المؤقتااة ماان قب اال رئاايس الجمهوريااة الااذي يس ااتحوذ‬
‫خاللها على السلطات العامة في الدولة‪ ،‬وله كال الصاالحيات فاي اتخااذ ماا ياراه مناسابا وضاروريا باعتبااره‬
‫ممثل اَلمة واليه يرجع تسيير أمورها أثنااء الفتارة االساتثنائية‪ ،4‬وهاي مان باين أخطار السالطات التاي خولهاا‬
‫الدسااتور الج ازئااري ل ارئيس الجمهوريااة حيااث تاام الاانص عليهااا فااي المااادة ‪ 370‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة‬
‫‪.6739‬‬
‫وتجد الحالة االستثنائية مصادرها اإلنشاائي فاي القاعادة التاي مفادهاا «يجاب اتخااذ أوامار مساتعجلة‬
‫لها قوة القانون استنادا في ذلك إلى ظاهرة الضرورة العامة» وهي القاعدة التي يلجأ إليها رئايس الجمهورياة‬
‫فااي الظاروف غياار العاديااة عناد عاادم قاادرة التشاريع الساااري المفعااول علااى مواجهااة الحالااة االسااتثنائية‪ ،‬وماان‬
‫ذلك المنطلق منحت للرئيس سلطة مطلقة‪ ،5‬ورغام تلاك السالطات الواساعة لارئيس الجمهورياة إال أناه يحظار‬
‫عليه تعديل الدساتور فاي مثال هاذه الظاروف‪َ ،‬لن ذلاك سايتعارض ماع دوره كحاارس للانص الدساتوري وماع‬
‫الضرورة التي تفرض عليه استرجاع السير العادي للسلطات الدستورية‪.6‬‬

‫‪1‬أنظر‪ /‬فاطمة موساوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬


‫‪ 2‬النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الصادر بتاريخ ‪39‬أفريل‪ ،6736‬ج‪ .‬ر‪ ،‬االعدد‪.69‬‬
‫‪ -3‬المواد ‪ 370‬و‪ 376‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6739‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬فاطمة موساوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪-5‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.97-36‬‬
‫‪ -6‬أنظر‪ /‬الرزق حبشي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.316‬‬

‫‪147‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وعليه فإن رئيس الجمهورية رغم السلطات التي يتمتع بها في إقرار الحالة االستثنائية إال أنه ملزم‬
‫على االلتزام بضوابطها‪ ،‬واال اعتبار خروجاه عان حادودها مخالفاة للدساتور‪ ،‬وفاي ذلاك يقاول اَلساتاذ "ساعيد‬
‫بوالشاعير" أن رئايس الجمهورياة ملازم بتلاك القياود والضاوابط واال فقاد مشاروعيته وثقاة الجسام االنتخاابي فيااه‬
‫وما يترتب عن ذلك من وجوب محاسبته سياسيا ودستوريا الرتكابه خيانة عظمى‪.1‬‬

‫إال أن ما يلفت االنتباه في الضوابط التي تحكم إعالن الحالة االستثنائية أنه من البديهي أن ينص‬
‫المؤسس الدستوري علاى اإلجاراءات الماؤطرة لحالاة بمثال خطاورة الحالاة االساتثنائية بهادف حماياة الحرياات‬
‫العامة واستقالل اَلمة والمحافظاة علاى المؤسساات الدساتورية‪ ،‬وبالمقابال فإناه مان غيار المنطقاي أال يانص‬
‫المؤس ااس الدس ااتوري عل ااى أج ااال مح ااددة بمع ااالم معين ااة تس اارى به ااا ت اادابيرها وترف ااع بانتهائه ااا اإلجا اراءات‬
‫االستثنائية ويؤذن بها إلى عاودة الحيااة إلاى ساابق عهادها وعادم تركهاا للسالطة التقديرياة لارئيس الجمهورياة‬
‫َلناه يفتارض أن يكااون زوال الحالاة بازوال مساابباتها علاى أن يكاون ذلااك بانفس إجاراءات وضااعها وفقاا لمااا‬
‫تمليه قاعدة توازي اَلشكال‪.‬‬

‫أمااا حالااة الحاارب فتعاارف علااى أنهااا‪ « :‬قتااال مساالح بااين الاادول بهاادف تغلياب وجهااة نظاار سياسااة‪ ،‬وفقااا‬
‫لقواع ااد تنظ اايم ح اااالت الح اارب وه ااي تختل ااف ع اان الح اارب اَلهلي ااة أو الحم ااالت المس االحة ض ااد الثا اوار أو‬
‫القراصنة لكونها قتاال بين قوات حكومية»‪2‬وهي آخر الدواء فقاد تجاد دولاة ماا أن مصاالحها تاؤمن بإشاهار‬
‫الحرب على الدولة اَلخرى وهذا كان معموال به في القانون الدولي التقليدي انطالقا من مبدأ تمجيد السيادة‬
‫المطلقااة للاادول فااي الااداخل والخااارج‪ ،‬أمااا فااي ظاال القااانون الاادولي المعاصاار فااإن الحاارب أصاابحت جريمااة‬
‫دولي ااة يعاق ااب مرتكبيه ااا ويخض ااع للمس اااءلة القانوني ااة الدولي ااة وال يج ااوز اس ااتعمال العن ااف بأي ااة ص ااورة م اان‬
‫الصور إال في حالتين اثنتين نص عليهما ميثاق اَلمم المتحدة اَلولى في حالة الدفاع المشروع عن النفس‬
‫وضاامن الحاادود التااي رساامتها المااادة ‪ 33‬ماان الميثاااق‪ ،‬أمااا الثانيااة فتكااون تحاات اريااة اَلماام المتحاادة وذلااك‬
‫كتدبير أمن جماعي لحفظ السلم واَلمن الدوليين‪.3‬‬

‫‪-1‬سااعيد بوالشااعير‪ :‬النظــام السياســي الجزائــري دراســة تحليليــة لطبيعــة نظــام الحكــم فــي ضــوء دســتور ‪ -2992‬الســلطة التنفيذيــة‪ -‬ج‪ ،1‬المرجااع‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪-2‬حم ازة نقاااش‪ :‬الظــروف االســتثنائية والرقابــة القضــائية‪ ،‬مااذكرة ماجسااتير تخصااص قااانون عااام‪ ،‬إش اراف حساانة عبااد الحميااد‪ ،‬كليااة الحقااوق والعلااوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،6733-6737 ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ -3‬كماال حمااد‪ :‬النزاعـات الدوليـة – دراسـة قانونيـة دوليـة فـي علـم النزاعـات‪ -‬الادار الوطنياة للد ارساات والنشار والتوزياع‪ ،‬ط‪ ،3‬لبناان‪ ،3669 ،‬ص‬
‫‪.61‬‬

‫‪148‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وقد نظمت حالة الحرب في التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6739‬بموجاب الماواد ‪ 376‬و‪ 337‬و‪ 333‬حياث‬
‫جاء في نص المادة ‪376‬أنه‪« :‬إذا وقع عدوان فعلاي علاى الابالد أو يوشاك أن يقاع حساب ماا نصات علياه‬
‫الترتيب ااات المالئم ااة لميث اااق اَلم اام المتح اادة‪ ،‬يعل اان رئ اايس الجمهوري ااة الح اارب بع ااد اجتم اااع مجل ااس ال ااوزراء‬
‫واالسااتماع إلااى المجلااس اَلعلااى لألماان واستشااارة رئاايس مجلااس اَلمااة ورئاايس المجلااس الشااعبي الااوطني‬
‫ورئاايس المجلااس الدسااتوري‪ ،‬ويجتمااع البرلمااان وجوبااا ‪ ،‬ويوجااه رئاايس الجمهوريااة خطابااا لألمااة يعلمهااا بااذلك‬
‫»ليتضح من خالل هذا النص أن حالة الحرب هي الحالاة الخطيارة التاي تكاون أشاد مان الحالاة االساتثنائية‬
‫ويتباادى ذلااك فااي عاادم االقتصااار علااى أن تكااون الاابالد مهااددة بخطاار داهاام وشاايك وانمااا يشااترط أن يكااون‬
‫العدوان واقع أو على وشك الوقوع حساب ماا نصات علياه الترتيباات المالئماة لميثااق اَلمام المتحادة‪ ،1‬وهاي‬
‫حالة تسبقها التعبئة العامة التي تحكمها المادة ‪ 379‬من نفس التعديل الدستوري‪.‬‬
‫‪ -2‬دور المجلــس الدســتوري أثنــاء الحالــة االســتثنائية والحــرب‪ :‬ألاازم الدسااتور رئاايس الجمهوريااة بشاارط‬
‫استشااارة رئاايس المجلااس الدسااتوري قباال تقرياار الحالااة االسااتثنائية ماان خااالل نااص المااادة ‪ 370‬ماان التعااديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ ،6739‬وهذا على خاالف ماا كاان علياه الحاال فاي أحكاام الماادة ‪ 261‬مان دساتور ‪3669‬‬
‫التااي نصاات علااى وجااوب استشااارة رئاايس الجمهوريااة للمجلااس الدسااتوري باعتباااره الهيئااة الرقابيااة المكلفااة‬
‫بالسهر على احترام الدستور بالدرجة اَلولى لما لذلك من حماية للمنظومة القانونية للدولة بشكل عام‪ ،‬وان‬
‫كان رأي المجلس الدستوري كهيئة غير ملزم أيضا لرئيس الجمهورية في شايء ليكاون دوره باذلك استشااري‬
‫ورقابي في ذات الوقت‪.3‬‬
‫والمالحظ أيضا أن استشارة رئيس الجمهورية لارئيس المجلاس الدساتوري امتادت لتصابح أيضاا إجاراء ساابق‬
‫إلعااالن حالااة الحاارب‪ ،‬حيااث أنااه شاارط مسااتحدث بموجااب نااص المااادة ‪ 376‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة‬
‫‪.6739‬‬

‫‪-1‬سااعيد بوالشااعير‪ :‬النظــام السياســي الجزائــري دراســة تحليليــة لطبيعــة نظــام الحكــم فــي ضــوء دســتور ‪ -2992‬الســلطة التنفيذيــة‪ -‬ج‪ ،1‬المرجااع‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪ -2‬ورد فااي نااص المااادة ‪ 61‬ماان دسااتور ‪ 3669‬أنااه‪ « :‬يقاارر رئاايس الجمهوريااة الحالااة االسااتثنائية إذا كاناات الاابالد مهااددة بخطاار داهاام يوشااك أن‬
‫يصاايب مؤسساااتها الدسااتورية أو اسااتقاللها أو سااالمة ترابهااا‪ ،‬وال يتخااذ مثاال هااذا اإلج اراء إال بعااد استشااارة رئاايس مجلااس اَلمااة والمجلااس الدسااتوري‬
‫واالسااتماع إلااى المجلااس اَلعلااى لألماان ومجلااس الااوزراء‪ ،‬تخااول الحالااة االسااتثنائية رئاايس الجمهوريااة أن يتخااذ اإلج اراءات االسااتثنائية التااي تسااتجوبها‬
‫المحافظااة علااى اسااتقالل اَلمااة والمؤسسااات الدسااتورية فااي الجمهوريااة‪ ،‬ويجتمااع البرلمااان وجوبااا‪ ،‬تنتهااي الحالااة االسااتثنائية حسااب اَلشااكال واإلجاراءات‬
‫السالفة الذكر التي أوجبت إعادتها»‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Guillaume DRAGO: Contentieux constitutionnel français, 2ème édition, presses universitaires de France ,‬‬
‫‪Paris, France, 1998, p 212.‬‬

‫‪149‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫وفااي ن ااص المؤسااس الدس ااتوري عل ااى استشااارة رئ اايس المجلااس الدس ااتوري ف ااي مثاال ه ااذه الظ ااروف‬
‫الخطيارة أهميااة بطااابع ماازدوج اَلولااى تظهاار ماان كونهااا ضاامانة لعاادم خااروج قا اررات رئاايس الجمهوريااة عاان‬
‫حاادود المشااروعية التااي يمكاان معهااا المساااس الخطياار بااالحقوق والحريااات وفااي ذلااك اعتااداء علااى الدسااتور‬
‫بالدرجااة اَلولااى وان كااان أرياه غياار ملاازم‪ ،‬علااى خااالف مااا هااو معمااول بااه فااي التشاريع الفرنسااي الااذي ألاازم‬
‫رئاايس الجمهوريااة بنشاار آراء المجلااس الدسااتوري بخصااوص الحالااة االسااتثنائية اَلماار الااذي يضاافي عليهااا‬
‫الطابع اإللزامي‪.1‬‬

‫أما الثانية فتظهر مان ضارورة إلماماه بحقيقاة اَلوضااع مان مختلاف جوانبهاا خاصاة اَلمنياة منهاا‬
‫في مثل هذه الظروف الخطيرة انطالقا من مكانته التي تؤهله لرئاسة الدولة فاي حاال اقتاران شاغور رئاساة‬
‫الجمهورية بشغور رئاسة مجلس اَلمة وبتجسيد الادور الرقاابي للمجلاس الدساتوري أثنااء حالاة الحارب فاي‬
‫الجزئاري ضارورة توقيعهاا مان طارف‬
‫ا‬ ‫رقابة اتفاقياات الهدناة ومعاهادات السالم إذ يشاترط للمؤساس الدساتوري‬
‫رئيس الجمهورية وتلقاي رأي المجلاس الدساتوري بشاأنها‪ ،‬كماا أقار المؤساس الدساتوري عادم المصاادقة علاى‬
‫تلك االتفاقيات والمعاهدات إذا حكم المجلس الدستوري بعدم دستوريتها ورأيه في هاذه الحالاة يكاون ملزماا‬
‫طبقااا َلحكااام المااادة ‪ 333‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ ،26739‬بمعنااى أن المجلااس الدسااتوري ال يمااارس‬
‫أي دور رقابي على إعالن حالة الحرب في حين يمارس دو ار رقابيا على اتفاقيات الهدنة ومعاهادات السالم‬
‫أثناء الحرب للتأكد من مدى مطابقتها مع أحكام الدستور‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق نخلص إلى أن المؤسس الدستوري الجزائري منح رئايس الجمهورياة سالطات‬
‫غير محددة في سبيل اتخاذ اإلجراءات التي تستلزم السرعة لمواجهة الظاروف االساتثنائية بكال شادة وحازم‬
‫ويستوي اَلمر في ذلك إذا كان الخطر داخليا أو خارجيا‪ ،‬كما منحه في إطار ذلاك سالطة إعاالن الحااالت‬
‫االس ااتثنائية إذا دع اات الض اارورة الملح ااة أو ف ااي ح ااال كان اات ال اابالد مه ااددة بخط اار داه اام يوش ااك أن يص اايب‬
‫مؤسس ااات الدول ااة أو اس ااتقاللها أو س ااالمة ترابه ااا‪ ،‬إال أن ااه حص اار ه ااذه الص ااالحيات بش ااروط إجرائي ااة منه ااا‬
‫استشااارة بعااض الشخصاايات السياسااية والمؤسسااات الدسااتورية وماان بينهااا المجلااس الدسااتوري ك ارئيس فااي‬
‫حاالت وكهيئة في حاالت أخرى باعتبااره الهيئاة الرقابياة التاي تساهر علاى احتارام الدساتور وحماياة الحقاوق‬

‫‪1‬‬
‫‪- Charles DEBBASCH et Frédéric COLIN et Karine FAVOR et Laurence DESFONDS et Pilier‬‬
‫‪MARCANGEL: constitution de la 5eme république, 5ème édition, Economica ,Paris, 2012 ,p 244.‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬فاطمة موساوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬

‫‪150‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫والحريااات رغاام عاادم منحااه أي ساالطة يمكاان ل ارئيس الجمهوريااة التقيااد بهااا‪ ،‬وحتااى أريااه فااي االستشااارة يبقااى‬
‫إجراء شكليا محضا وغير ملزم للرئيس في شيء‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫الباب األول‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬

‫خالصة الفصل الثاني‬

‫من خالل دراستنا لنطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية خلصنا‬
‫إلى أن الدور الرقابي للمجلس الدستوري على دستورية القوانين يتجسد في حدود الفرص المتاحة من‬
‫خالل رقابة المطابقة على القوانين العضوية‪ ،‬إلى جانب النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان بإخطار‬
‫من رئيس الجمهورية وهي رقابة تمتد إلى الجانب الموضوعي في النصوص وصياغتها التشريعية‪ ،‬وقد‬
‫ميز المؤسس الدستوري بين المعاهدات التي تخضع للرقابة اإللزامية وتلك التي تخضع للرقابة االختيارية‬
‫حيث يتولى المجلس الدستوري في إطار الرقابة اإللزامية السابقة الرقابة على اتفاقيات الهدنة ومعاهدات‬
‫السلم‪ ،‬بينما أخضع باقي المعاهدات للرقابة االختيارية كما شملت القوانين العادية والتنظيمات‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك عهد المؤسس الدستوري بالرقابة على االستحقاقات – الرئاسية والبرلمانية‪ -‬إلى‬
‫المجلس الدستوري‪ ،‬أما اَلولى فرقابته عليها مزدوجة قبلية من خالل فحص ملفات الترشح والتأكد من‬
‫استيفائها للشروط الدستورية والقانونية‪ ،‬والحقة تتعلق بدراسة الطعون الخاصة بعملية االقتراع فضال عن‬
‫تعرضه بالرقابة لحسابات الحمالت االنتخابية للمترشحين‪ ،‬أما رقابته على االنتخابات التشريعية فهي رقابة‬
‫بعدية تنصب على البت في الطعون الواردة إليه بخصوص عمليات االقتراع قبل إعالن النتائج النهائية‬
‫لها إضافة إلى رقابة حسابات الحمالت االنتخابية المتعلقة بها‪ ،‬وبعد صدور القانون العضوي ‪70-36‬‬
‫وانشاء السلطة الوطنية المستقلة لالنتخابات وتكليفها بالتحكم في زمام اإلشراف على االستحقاقات بكل‬
‫أنواعها ليصبح دور المجلس بذلك يقتصر فيها على الشكلية في إعالن نتائجها النهائية‪.‬‬

‫أما الدور االستشاري للمجلس الدستوري فيتراوح هو اَلخر بين الشكلية تارة والغموض تارة أخرى فعن دوره‬
‫بخصوص التعديل الدستوري‪ ،‬فهو دور إجرائي بحت ال يخرج عن كونه فتح لمجال إمكانية الموافقة على‬
‫عملية التعديل خارج إطار االستفتاء الدستوري والعودة إلى تحكيم إرادة الشعب من خاللها‪ ،‬كما أن ندرة‬
‫االعتماد على عملية االستفتاء الشعبي في الجزائر أدى إلى قصور في النصوص القانونية الناظمة لها‬
‫والتدخل الرقابي للمجلس الدستوري فيها ال يتجاوز دراسة الطعون المتعلقة باالقتراع واعالن النتائج النهائية‬
‫لها‪ ،‬أما تقرير التدخل الرقابي للمجلس الدستوري في حالة شغور منصب رئاسة الجمهورية وكذا تدخله في‬
‫الحاالت االستثنائية‪ ،‬فاَلولى يحيطها غموض من ناحية ميعاد إعالنها واجراءاته فضال عن استعمال‬
‫المؤسس الدستوري للمصطلحات المرنة بخصوص مرض الرئيس "مرض خطير ومزمن"‪ ،‬ناهيك عن‬
‫الحاالت االستثنائية التي ال تتعدى دور المجلس فيها هيئة وأعضاء للرأي االستشاري غير الملزم لرئيس‬
‫الجمهورية‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6102‬‬ ‫الباب األول‬

‫خالصة الباب األول‬

‫بهاادف ضاامان ساامو القاعاادة الدسااتورية والتقيااد بمقتضااياتها عمااد المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري إلااى‬
‫تولية المجلس الدستوري مهمة الرقابة على دستورية القوانين والحفاظ على المبادئ الدساتورية مان االعتاداء‬
‫وخصاه بإصاالحات بمناسابة كال تعاديل دساتوري إلاى غاياة التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6739‬أتاى بتعاديالت‬
‫عل ااى ه ااذه الهيئ ااة ل اام تش ااهدها من ااذ إنش ااائها‪ ،‬باعتب ااار أن المجل ااس الدس ااتوري مؤسس ااة محوري ااة ف ااي النظ ااام‬
‫السياسااي الج ازئااري وتعنااى بالسااهر علااى حمايااة الدسااتور وتك اريس دولااة القااانون‪ ،‬وفااي إطااار ذلااك تتباااين‬
‫صالحيات المجلس الدستوري بين اختصاصات يمارسها في الحاالت العادية وأخرى يمارسها فاي الحااالت‬
‫غير العادية بتشكيلة تم تعديلها وفقا للمساواة العددياة باين السالطات الاثالث‪ ،‬وهاو أمار ايجاابي وماا زاد فاي‬
‫أهميتااه تمتااع التشااكيلة بالكفاااءة العلميااة بصاافة عامااة وفااي مياادان الحقااوق بصاافة خاصااة بمااا يضاامن قيامااه‬
‫بمهامااه التااي زادت تشااعبا رغاام أن هااذا التجديااد فااي التشااكيلة لاام يغياار ماان اخااتالل الت اوازن داخاال المجلااس‬
‫لصالح السلطة التنفيذية من خالل تعيين رئيس المجلاس ونائباه‪ ،‬ولتجااوز أغلاب االنتقاادات ناص المؤساس‬
‫الدستوري على تمديد مدة العهدة مع عدم قابلياة تجديادها كماا أساس الساتقاللية حقيقياة للمجلاس مان خاالل‬
‫منحااه َلعضاااء المجلااس الحص اانة القضااائية فااي المسااائل الجزائيااة خااالل فت ارة عهاادتهم‪ ،‬ولتحقيااق مسااعى‬
‫المجل ااس الدس ااتوري ف ااي الحف اااظ عل ااى مب اادأ س اامو الدس ااتور عم اال المؤس ااس الدس ااتوري عل ااى توس اايع مج ااال‬
‫اإلخطااار ليشاامل الااوزير اَلول عاان الساالطة التنفيذيااة‪ ،‬كمااا شاامل التوساايع البرلمااانيين وهااو مااا يعتباار خطااوة‬
‫تحسب للمؤساس الدساتوري فاي توجهاه إلقارار وساائل تزياد مان فعالياة دور المجلاس الدساتوري بحكام أناه ال‬
‫يتاادخل تلقائيااا َلداء عملااه الرقااابي فضااال علااى أنهااا خطااوة بهااا تااتمكن المعارضااة ماان المشاااركة الفعليااة فااي‬
‫العمل البرلماني‪ ،‬إال أن ما يعاب علاى المؤساس الدساتوري هناا هاو تقيياده لهاذه الخطاوة بالنصااب المرتفاع‪.‬‬
‫وبهدف إحداث انسجام بين الدستور وما نصات علياه االتفاقياات الدولياة مانح المؤساس الدساتوري الج ازئاري‬
‫اَلف اراد وَلول ما ارة حااق ال اادفع بع اادم الدسااتورية بإحال ااة قض ااائية بغيااة حماي ااة حق ااوقهم وحرياااتهم م اان بع ااض‬
‫المقتضاايات التش اريعية غياار الدسااتورية‪ ،‬ورغاام أنهااا تعتباار نقلااة نوعيااة فااي النظااام الدسااتوري الج ازئااري فااي‬
‫مسااار تحقيااق العدالااة الدسااتورية وتحصااين المنظومااة القانونيااة وحمايااة حقااوق وحريااات اَلف اراد‪ ،‬إال أن فيااه‬
‫بالمقاباال تغيي اب لحااق اإلخطااار المباشاار لألف اراد وللساالطة القضااائية اَلماار الااذي ماان شااأنه أن يحااول دون‬
‫تحقيق اَلهداف المسطرة لهذه اآللية التي تعتبر مكسبا للمنظومة القانونية ‪.‬‬
‫اقتصار الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬على الرقابة الساابقة‬
‫رغم عدم فعاليتها إال ما تعلق منها بالرقابة اإللزامية التي يدخل في مجالها القوانين العضوية وكذا اَلنظمة‬

‫‪153‬‬
‫الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6102‬‬ ‫الباب األول‬

‫الداخلية لغرفتي البرلمان أما المعاهدات الدولية فقد أخضع المؤسس الدستوري طائفة منهاا للرقاباة اإللزامياة‬
‫وأخاارى أخضااعها للرقابااة االختياريااة مااع الق اوانين العاديااة والتنظيمااات‪ ،‬ويرجااع اختصاااص عرضااها لرقابااة‬
‫المجلس الدستوري إلى السلطة التقديرية لرئيس الجمهورية‪.‬‬
‫هااذا فضااال عاان تاادخل المجلااس فااي مجااال االنتخابااات بسااهره عل اى نظاميااة االسااتحقاقات الرئاسااية‬
‫والتشريعية على حد سواء حيث كان يشرف عليها بصفة مباشرة من جميع جوانبها ومحطاتها بدء بالمرحلة‬
‫التمهيدية وصوال إلى الرقابة علاى حساابات الحماالت االنتخابياة‪ ،‬أماا االنتخاباات التشاريعية فيقتصار نطااق‬
‫رقابت ااه عليه ااا عل ااى د ارس ااة الطع ااون ف ااي ص ااحة النت ااائج‪ ،‬قب اال إع ااالن نتائجه ااا النهائي ااة وحس اااب حمالته ااا‬
‫االنتخابية‪ ،‬إال أن استحداث السلطة الوطنية المساتقلة لالنتخاباات قلاب الماوازين وأصابحت عالقاة المجلاس‬
‫الدستوري باالنتخابات عالقة غير مباشرة بعد تحويل كافة الصالحيات لهذه الهيئة التي اساتحدثت بموجاب‬
‫القانون ‪ 70-36‬لضمان النزاهة والشفافية من جهة ودرء لكال ماا مان شاأنه المسااس بشارعية االساتحقاقات‬
‫ماان جهااة أخاارى‪ ،‬كم اا تجاادر اإلشااارة إلااى أن المؤسااس الدسااتوري قااد أبقااى علااى إخضاااع عمليااات التعااديل‬
‫الدستوري وعمليات االستفتاء للرقاباة الدساتورية ويرجاع اختصااص عرضاها لرقاباة المجلاس الدساتوري إلاى‬
‫الساالطة التقديريااة ل ارئيس الجمهوريااة‪ ،‬هااذا فضااال عاان الاادور االستشاااري للمجلااس الدسااتوري كهيئااة أحيانااا‬
‫وكأعضاء أحيانا أخرى رغم عدم إلزامية رأيه‪.‬‬
‫ماان الناحيااة النظريااة تباادو اختصاصااات المجلااس الدسااتوري متشاابعة وواسااعة إال أن الواقااع العملااي‬
‫يظها اار عكا ااس ذلا ااك َلن الرقابا ااة الفعليا ااة للمجلا ااس أتيحا اات علا ااى الا اابعض منها ااا فقا ااط‪ ،‬بغا ااض النظا اار عا اان‬
‫االسااتحقاقات‪ ،‬وتحدياادا مااا تعلااق منهااا بااالقوانين بنوعيهااا العضااوية والعاديااة فااي حااين لاام يحاادث وأن بسااط‬
‫المجلس الدستوري رقابته على التنظيماات والمعاهادات وهاي حقيقاة تعكاس واحادة مان صاور القصاور الاذي‬
‫الزم المجلس الدستوري طويال في مساره الرقابي‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫الباب الثاني‬
‫اإلطار العام للرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫اإلطار العام للرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‬

‫تكماان خصوصااية القااانون الدسااتوري فااي تمتعااه بصاافة الساامو علااى كاال الق اوانين حيااث يجااب أال‬
‫يتعاادى أي تش اريع المبااادئ والقاايم التااي تضاامنها‪ ،‬باال يجااب أن تحترمااه وأن تاادور فااي فلكااه وال تخاارج عاان‬
‫مضاامون نصوصااه‪َ ،‬لن الدسااتور ال يعباار عاان إرادة المؤسااس الدسااتوري باال يعباار عاان إرادة الشااعب كونااه‬
‫مصاادر لجميااع الساالطات وبصاافة الساامو هااذه أصاابح الدسااتور ضاامانة لدولااة القااانون وضااابطا للفصاال بااين‬
‫سلطاتها‪ ،‬لذا نجد غالبية دساتير معظم الدول خاصة الديمقراطية منها تولي الرقاباة علاى دساتورية القاوانين‬
‫ضبط أحكام القوانين تحت لواء الدستور اَلمر الذي استوجب اعتماد الرقابة على دستورية القوانين كواحدة‬
‫من اَلساليب التي توفر الحماية الحقيقية الحترام قواعده إعماال لمبدأ علوه لتعد بذلك الرقابة على دساتورية‬
‫القوانين اَلداة التي تحقق الحماية المنشودة‪ ،‬إضافة إلى ذلك فهي تعد من الوسائل المهماة لحماياة الحقاوق‬
‫والحريات اَلمر الذي أدى بمعظام الادول خاصاة الديمقراطياة لتبناي الرقاباة القضاائية علاى القاوانين وقيامهاا‬
‫بإنشااء هيئاات مختصاة باذلك وتتمتاع بماؤهالت قانونياة واساتقاللية وحيااد‪ ،‬وهاي فاي مجملهاا عوامال جعلاات‬
‫ماان الرقابااة القضااائية اَلساالوب اَلمثاال إلضاافاء الحمايااة الدسااتورية علااى القاوانين فااي ظاال االنتقااادات التااي‬
‫تعرضاات لهااا الرقابااة السياسااية بساابب فشاال مسااعاها فااي ممارسااة اختصاصاااتها العتمادهااا علااى مجااالس‬
‫دستورية يغلب عليها الطابع السياسي هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى عجزهاا عان التحارك التلقاائي َلداء‬
‫مهامها الرقابية كما أنها ال تسمح لألفراد بحق الطعن المباشر أمامها في مشروعية القوانين‪.‬‬

‫لهذا يرى بعض فقهاء القانون الدستوري أن نظام الرقابة السياسية مان الانظم التاي قلماا أدت دورهاا‬
‫بساابب غياااب الحياااد والن ازهااة وك اذا تأثرهااا باالتجاهااات السياسااية والن ازعااات الحزبيااة وهااو الساابب المباشاار‬
‫لفشال هااذا اَلساالوب ساواء ماان حياث أسسااه المنطقياة أو ماان حيااث تطبيقاتاه العمليااة‪ ،‬ولعاال هااذه االنتقااادات‬
‫هااي التااي أدت إلااى عاادول العديااد ماان الاادول عنهااا لتفااادي هااذه العيااوب واعااادة هيكلااة مؤسساااتها الدسااتورية‬
‫واالنتقال من أسلوب الرقاباة السياساية إلاى أسالوب الرقاباة القضاائية علاى دساتورية القاوانين‪ ،‬ومان باين هاذه‬
‫الاادول المملكااة المغربيااة بموجااب التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ ،6733‬كمااا تاام اسااتحداث محكمااة دسااتورية فااي‬
‫تونس إثر صدور دستورها سنة ‪ ،6731‬وعلاى غارار هاذه الادول عاشات الج ازئار سانة ‪ 6767‬بداياة تجرباة‬
‫جديدة في مجال الرقابة على دستورية القوانين مختلفة عن تلك التي عاشتها قبل هذا التاريخ‪ ،‬وهي تجربة‬
‫أريااد لهااا أن تقااوم علااى أساااس حكاام القااانون والمؤسسااات للوصااول إلااى دولااة تحتاارم فيهااا ساايادة القااانون ماان‬
‫خالل االنتقال بالرقاباة علاى القاوانين مان المجلاس الدساتوري بصايغته الحالياة إلاى المحكماة الدساتورية‪ ،‬أي‬
‫التخلااي عاان أساالوب الرقابااة السياسااية علااى دسااتورية الق اوانين واَلخااذ بأساالوب الرقابااة القضااائية عليهااا ماان‬
‫خالل النص على إنشاء محكمة دستورية مستقلة تكلف بضمان احترام الدستور‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫الفصل األول‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫يتفق الفقه على أن الضمانة اَلولى والفعالة التي يتعاين علاى أي مؤساس دساتوري أن يكرساها فاي‬
‫الوثيقة الدستورية هي تنظيم الرقابة على الدستورية ومشروعية اَلعمال القانونية التي تصدر عن السلطات‬
‫العامااة‪ ،‬وذلااك حتااى يتحقااق للدسااتور الساامو ال ادائم علااى باااقي القواعااد القانونيااة لااذا حظياات الرقابااة علااى‬
‫دسااتورية القاوانين عامااة باهتمااام بااالغ ماان الاادول بلااغ حااد ساانها فااي دساااتيرها وعملاات علااى تنظاايم إجراءاتهااا‬
‫صااونا للدسااتور وحفاظااا علااى ساموه‪ ،‬إال أن فقهاااء القااانون الدسااتوري أجمعاوا علااى أهميااة الرقابااة القضااائية‬
‫بشكل خاص وبصورة رئيسية واعتبروهاا الضامانة اَلساساية لتحقياق مبادأ المشاروعية‪ ،‬كماا أكادوا علاى أنهاا‬
‫اَلداة المثلااى لاارد طغيااان الساالطات والزامهااا بحاادودها الدسااتورية ماان جهااة‪ ،‬كمااا أنهااا أعطات الشااعوب ساابل‬
‫الاادفاع عاان حقااوقهم وحرياااتهم التااي كفلهااا لهاام الدسااتور عباار الطعاان فااي أي نااص قااانوني ماان جهااة أخاارى‪،‬‬
‫اَلمر الذي يفسر اإلقبال الواسع عليها من معظم الادول وتأيياد اعتمااد أسالوبها فقهاا وقضااء ليكاون للرقاباة‬
‫القضائية بذلك بالغ اَلثر في النظام القانوني والسياسي واالجتماعي للدول الدستورية الديمقراطية التي تقوم‬
‫على أركان عدة على رأسها احترام الدستور باعتباره قانونها اَلسمى ويشكل أساس حكم القانون فيها‪ ،‬وقبل‬
‫التطرق إلى صور الرقابة القضائية على دستورية القوانين وطرق اَلخذ بها وأهام مبرراتهاا‪ ،‬يقتضاي البحاث‬
‫منا التمهيد لها بفكرة نشأتها أوال‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫المبحث األول‪ :‬التأصيل التاريخي للرقابة القضائية على دستورية القوانين‬

‫تعن ااي الرقاب ااة القض ااائية عل ااى دس ااتورية القا اوانين إس ااناد مهم ااة التحقي ااق ف ااي م اادى مطابق ااة القا اوانين‬
‫المختلف ااة للدس ااتور إل ااى القض اااء‪ ،‬ويعن ااي ذل ااك أن يت ااولى القض اااء فح ااص دس ااتورية القا اوانين الص ااادرة ع اان‬
‫البرلم ااان للتحق ااق م اان مطابقته ااا أو مخالفته ااا لقواع ااد الدس ااتور‪ ،‬فه ااذا الن ااوع م اان الرقاب ااة يتمي ااز ع اان الرقاب ااة‬
‫السياساية باأن الاذي يقاوم بهاا هاو الهيئاة القضاائية ذاتهاا وهاي إماا المحااكم المختلفاة أو محكماة علياا معينااة‬
‫ينص عليها الدستور‪.1‬‬

‫كما تعني العملياة التاي عان طريقهاا يمكان أن تجعال أحكاام القاانون متفقاة ماع أحكاام الدساتور‪ ،‬أي‬
‫أنها التحقق من مخالفة القوانين للدستور تمهيدا لعدم إصدارها إذا كانت لم تصدر والغائها أو االمتناع عن‬
‫تطبيقها أو وقف العمل بأحكامها إذا كان قد تم إصدارها بحيث يجب أن يكون التشريع صاحيحا لايس فقاط‬
‫من الناحية الشكلية المتعلقة بإجراءات تكوينه وانما كذلك من الناحية الموضوعية المتصلة بأحكامه‪.2‬‬

‫ويرجااع الفقهاااء نشااأة فك ارة الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية إلااى الواليااات المتحاادة اَلمريكيااة لتنتقاال‬
‫بعدها هذه الفكرة إلى عدد كبير من الدول التي من بينها الدول العربية كما نصات بعضاها علاى هاذا الناوع‬
‫م ان الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين فااي دساااتيرها‪ ،‬اَلماار الااذي يثياار عديااد اَلساائلة حااول الرقابااة القض اائية‬
‫وكيف كان أول تطبيق لها؟ وما هي أهم المبررات التاي أخاذ بهاا أنصاارها لتلقاى هاذا اإلقباال الواساع فقهاا‬
‫ونظما وقضاء؟‬

‫المطلب األول‪ :‬نشأة فكرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬

‫إن الح ااديث ع اان ت اااريخ نش ااأة الرقاب ااة القض ااائية عل ااى دس ااتورية القا اوانين يقودن ااا إل ااى الح ااديث ع اان‬
‫الساوابق التاريخيااة للحياااة القانونيااة فااي الواليااات المتحاادة اَلمريكيااة قباال وضااع الدسااتور االتحااادي والتااي لاام‬
‫تتضمن تقري ار صريحا لنظام الرقابة على القوانين‪ ،‬رغم أنها الوطن اَلم للرقابة القضائية (الفرع اَلول) كما‬
‫ساانتطرق إلااى نشااأة الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية الق اوانين فااي بعااض الاادول العربيااة وعلااى أرسااها مص ار‬
‫باعتبارها السباقة العتمادها (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬


‫‪ -2‬سااميرة علااي جمعااة وافااي‪ :‬اختصاصــات المحكمــة الدســتورية فــي مشــروع الدســتور الليبــي ‪– 2222‬دراســة مقارنــة‪ -‬رسااالة ماجسااتير تخصااص‬
‫القانون العام‪ ،‬إشراف محمد الشباطات‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الشرق اَلوسط‪ ،6736 ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪159‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫الفرع األول‪ :‬نشأة الرقابة على دستورية القوانين في الواليات المتحدة األمريكية‬

‫أرجع التاريخ نشأة الرقابة علاى دساتورية القاوانين فاي الوالياات المتحادة اَلمريكياة إلاى ماا قبال نشاأة‬
‫اإلتحاد اَلمريكي‪ ،‬حيث ظهر مبدأ مفاده أن المحاكم تستطيع أن تلغي قانونا صاد ار عان البرلماان فاي أري‬
‫رئاايس القضاااة " كااوك " فااي قضااية "د‪-‬بونهااام " ساانة ‪ 3937‬بقا ارره الااذي رأى فيااه أن القاانون الصااادر عاان‬
‫البرلمان في حال كان مخالفا للقانون العام والمنطق أو به تحيز أو يستحيل تطبيقه‪ ،‬حينها يجب أن تكاون‬
‫اَلولويااة للقااانون العااام وعلااى القاضااي أن يلغااي القااانون المخااالف للقااانون العااام‪ ،‬وماان بااين أشااهر تحااديات‬
‫القضاااة فااي الواليااات المتحاادة اَلمريكيااة لقااانون برلماااني حادثااة ‪ 3096‬المتعلقااة باالدعاااء علااى أن مااوظفي‬
‫الجمارك البريطانيين لايس مان حقهام إجاراء البحاث والتفتايش لعادم تازودهم قانوناا بتلاك السالطة‪ ،1‬لاذلك تعاد‬
‫الواليات المتحدة اَلمريكية البلد التقليدي للرقابة القضاائية كماا نشاأت فيهاا هاذه الطريقاة مان الرقاباة بطريقاة‬
‫الدفع دون أن يكاون هنااك ناص صاريح فاي الدساتور لكان يعاود الفضال فاي نشاأتها إلاى اجتهاادات القضااء‬
‫وتأييد الفقه‪ ،‬فقد استخلص القضاء هذه السلطة نفسها نتيجة تحليلهم لنصوص الدستور وتقرياره لمبادأ تادرج‬
‫القواعد القانونية وفاي البداياة لام تكان المحااكم اَلمريكياة تنظار فاي دساتورية القاوانين بال كانات تطبقهاا كماا‬
‫تص اادرها المج ااالس التشا اريعية كان اات أول س ااابقة للنظا ار ف ااي دس ااتورية القا اوانين بمقاطع ااة "رود ايس االند" ع ااام‬
‫‪ ،3099‬أي قبل إنشاء المحكمة االتحادية العليا للواليات المتحدة‪ ،‬حيث رفضات محكماة الوالياات الماذكورة‬
‫تطبيق قانون أصدره البرلمان بحجة أنه مخالف لدستور الواليات المتحدة اَلمريكية‪ ،‬ملخاص حاادث قضااء‬
‫المحكماة فااي قضااية "تريفاات" ضااد "وياادن" عاادم دساتورية قااانون يجعاال النقااود الورقيااة عملااة إلزاميااة لمخالفتااه‬
‫لدستور الوالية‪ ،‬ومن ذلك أيضا الحكم الصادر من محكمة كارولينا الشمالية سنة ‪ 3091‬في قضية "بايار"‬
‫ضااد "ساانجلتون" الااذي قضااى بعاادم دسااتورية قااانون صاادر باااالعتراف بملكيااة العقااارات المشااتراة ماان باين مااا‬
‫صااودر ماان أم اوال خصااوم الثااورة إال أن هااذه اَلحكااام وجاادت معارضااة شااديدة ماان قباال الساالطة التش اريعية‬
‫وأهالي المقاطعات فقد ترتب على الحكم في قضية "تريفت" ضد "ويادن" أن تام عازل ساائر قضااة المحكماة‬
‫ماان قباال المجلااس التشاريعي ورفااض أهااالي المقاطعااة إعااادة انتخااابهم فهاباات المحاااكم ماان ذلااك‪ ،‬وكفاات عاان‬
‫التصدي لهذه المسألة إلى أن أنشئت المحكمة العليا‪.2‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬أحمد كمال أبو المجد‪ :‬دراسات في القانون الدستوري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،3690 ،‬ص ‪ 300‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -2‬علااي يوسااف الشااكري ساامر ناااجي فاضاال‪ :‬نشــأة فكــرة الرقابــة القضــائية علــى دســتورية الق ـوانين‪ ،‬مجلااة الكوفااة‪ ،‬العاادد ‪ ،6733 ،61‬ص ص‬
‫‪.33-37‬‬

‫‪160‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫ليكاارس بعاادها قارار رئاايس قضاااة المحكمااة العليااا مارشااال عااام ‪ 3971‬فااي دعااوى "ماااربوري" ضااد‬
‫"ماديسااون" بالممارسااة القضااائية الدسااتورية اليوميااة عااادة قديمااة عرفتهااا الشااعوب وطورتهااا مناقشااات اآلباااء‬
‫المؤسس ااين لالتح اااد اَلمريك ااي ف ااي م ااؤتمر فيالدلفي ااا ع ااام ‪ ،3090‬ويع ااد ه ااذا الحك اام أول حك اام يق اارر ع اادم‬
‫دسااتورية قااانون لمخالفتااه للدسااتور رغاام أنهااا لاام تقاادم إلااى المحكمااة العليااا االتحاديااة لتثياار مسااألة دسااتورية‬
‫قااانون اتحااادي َلنهااا كاناات مراجعااة عاديااة ض اد ق ارار إداري ضاامني ب ارفض تبليااغ "ماااربوري" ق ارار تعيينااه‬
‫الص ااادر ع اان الا ارئيس الس ااابق‪ ،‬وترج ااع خلفي ااات ذل ااك إل ااى ع ااام ‪ ،3977‬عن اادما ك ااان الصا اراع قائم ااا ب ااين‬
‫االتح اااديين والجمه ااوريين إث اار االنتخاب ااات الت ااي أجري اات ون ااتج عنه ااا هزيم ااة الا ارئيس "ج ااون آدم ااز" المؤي ااد‬
‫للساالطات المركزيااة أمااام "توماااس جيفرسااون" المؤيااد لالمركزيااة السياسااية‪ ،‬وعلااى خلفيااة هااذه الهزيمااة خشااي‬
‫االتحااديون بزعامااة "جااون آدماز" علااى ضااياع مكاسابهم فعماادوا قباال تارك الساالطة إلااى شاغل بعااض الم اركااز‬
‫الحكوميااة الثابتااة متجهااين فااي ذلااك إلااى القضاااء علااى وجااه الخصااوص لمااا يتميااز بااه ماان اسااتقرار وثبااات‬
‫ومكاناة لادى الارأي العاام ترفعهاا فااوق الشابهات والصاراع الحزبااي والسياساي‪ ،‬وخاالل اَليااام اَلخيارة "آلدمااز"‬
‫في منصب الرئاسة وافق مجلس الشيوخ علاى هاذه التعييناات ووقاع الارئيس علاى قا اررات التعياين لكان وزيار‬
‫الداخلية "مارشال" أغفل تسليم القضاة الجدد أوامار التعياين نظا ار لحالاة االساتعجال‪ ،‬وبتاولي الارئيس الجدياد‬
‫"توماااس جيفرسااون" منصااب الرئاسااة اسااتغل هااذا السااهو وحااال دون اسااتكمال إجاراءات التعيااين َلكباار عاادد‬
‫صاارف النظاار عاان تعيينااه فلجااأ إلااى‬
‫ممكاان ماان القضاااة الماواليين لالتحاااديين‪ ،‬وكااان "ماااربوري" أحااد اللااذين ُ‬
‫المحكمااة االتحاديااة مطالبااا بأحقيتااه فااي التعيااين فكااان موقااف المحكمااة العليااا ماان القضااية بعااد النظاار فيهااا‬
‫واستعراض الطروحات ومناقشتها‪ ،‬قرار أنه إذا كان ال يجوز للقضااء التادخل فاي أسارار الحكوماة السياساية‬
‫فااإن اَلماار المطااروح فااي قضااية "ماااربوري" مختلااف جاادا ويتعلااق بحفااظ ق ارار إداري صااادر وفقااا للقااانون‬
‫وموثااق فااي اَلرشاايف الااوطني‪ ،‬وهااذا يعنااي أنااه ماان حااق الماادعي مراجعااة القضاااء بساابب تجاااوز الساالطة‬
‫لح اادودها‪ ،‬وم اان ح ااق المحكم ااة توجي ااه أم اار إل ااى الس االطة التنفيذي ااة لتنفي ااذ واج ااب عليه ااا‪ ،1‬فكان اات الس االطة‬
‫القضائية بذلك هي المؤسسة الدستورية الوحيدة التي تجاوزت بأقل قدر من الخساائر النتاائج السالبية لحارب‬
‫االنفصااال التااي عاشااتها الساالطات المحليااة للواليااات المتحاادة اَلمريكيااة فااي تلااك الفت ارة‪ ،‬فكااان ذلااك بمثابااة‬

‫المحكمة العليا للواليات المتحدة اَلمريكية هي المحكمة الوحيدة التي أنشأها الدستور أما سائر المحاكم اَلخرى فقاد أنشائت مان قبال الكاونجرس‪ ،‬وذلاك‬
‫وفقا للماادة الثالثاة مان القسام اَلول مان الدساتور التاي تانص علاى أناه «تتاولى السالطة القضاائية فاي الوالياات المتحادة المحكماة العلياا والمحااكم اَلدناى‬
‫التااي يجااوز للكااونجرس إنشااائها فااي أي وقاات» وقااد ارتبطاات نشااأة المحكمااة العليااا بنشااأة االتحاااد اَلمريكااي وأريااد أن يكااون لهااا دور بااارز‪ ،‬يتمثاال فااي‬
‫صاايانة االتحاااد وحمايااة الحريااات‪ ،‬وكااذلك صاايانة الدسااتور بمااا يتضاامنه ماان مبااادئ وضااعها أعضاااء مااؤتمر فيالدلفيااا‪ ،‬وأن تقااوم المحكمااة بتفسااير تلااك‬
‫المبادئ بما يتفق مع مصلحة واضعيها…لالطالع أكثر انظر‪ /‬محمد عباد اللطياف‪ :‬إجـراءات القضـاء الدسـتوري –دراسـة مقارنـة بـين مختلـف الـنظم‬
‫القانونية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،3696 ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ -1‬أنظر‪ /‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ 09‬وما بعدها‬

‫‪161‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫تكريس لمرتكازات الرقاباة القضاائية علاى دساتورية القاوانين ليصابح عاام ‪ 3971‬مارتبط بحكام عادم دساتورية‬
‫قانون اتحادي وتأريخ لقيام الرقابة القضائية على دستورية القوانين‪.1‬‬

‫ويذهب بعض الشاراح إلاى أن الرقاباة القضاائية فاي الوالياات المتحادة اَلمريكياة نشاأة بفضال جهاود‬
‫القضاء اَلمريكي ممثال في "المحكمة العليا االتحادية" وتأييد الفقه اَلمريكي له وذلك بقصد حماياة وتكملاة‬
‫مباادأ المشااروعية‪ ،‬الااذي اعتباار ماان المبااادئ اَلساسااية التااي سااجلها الشااعب اَلمريكااي فااي وثائقااه الدسااتورية‬
‫وذلااك بقصااد إخضاااع نظااام الدولااة ماان حكااام ومحكااومين َلحكااام الق اوانين المعمااول بهااا فااي الدولااة‪ ،‬س اواء‬
‫كاناات قاوانين دسااتورية أو عاديااة‪ ،2‬بينمااا أرجعااه بعااض الفقهاااء إلااى عواماال مختلفااة تضااافرت فكاناات أساسااا‬
‫لنشأتها ويمكن إجمالها في اآلتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬جهود الدستور األمريكي وسـموه‪ :‬بعاد اساتقالل الوالياات المتحادة وتحررهاا مان االساتعمار البريطااني‬
‫عام ‪ 3009‬حرصت كل والية على أن يكون لها دستور مكتوب وجامد متأثرة في ذلك بما لمسته من علاو‬
‫اَلوامر الملكية والقوانين البرلمانية اإلمبراطورياة (التعسافية) علاى قاوانين المساتعمرات فكلفات لدسااتيرها مان‬
‫المرتبة ما يجعلها بمنأى عن اعتداء السلطة التشريعية العادية ولتحمل المحااكم علاى االمتنااع عان تطبياق‬
‫أي قانون يتعارض معها‪.3‬‬

‫ويعااد الدسااتور اَلمريكااي الص اادر عااام ‪ 3090‬أقاادم دسااتور مكتااوب وجامااد فااي العصاار الحااديث‬
‫ومعمااول بااه حتااى اآلن‪ ،‬ويرجااع ذلااك إلااى أنااه جاااء فااي وثيقااة مكتوبااة‪ ،‬ويتطلااب لتعااديل نصوصااه إتباااع‬
‫إج ارءات أشاد تعقيادا مان اإلجاراءات التاي تتباع فاي تعاديل القاوانين العادياة وذلاك وفقاا لماا جااءت باه أحكاام‬
‫المااادة الخامسااة ‪ 73‬منااه التااي تاانص علااى أنااه‪ «:‬للكااونجرس أن يقتاارح كلمااا رأى ثلثااا أعضاااء المجلسااين‬
‫ض اارورة ذل ااك‪ -‬تع ااديل ه ااذا الدس ااتور نا اأو أن ي اادعو– بن اااء عل ااى رغب ااة ثلث ااي المج ااالس التشا اريعية للوالي ااات‬
‫المختلفة إلى عقد مؤتمر القتراح تعديالت تصبح في كلتا الحالتين جازءا قانونياا مان هاذا الدساتور»‪،4‬وكاان‬
‫الهدف من وراء جمود الدستور اَلمريكي هو بقاء النظام السياساي للدولاة مساتق ار ال يشاوبه تشاويه بالعباث‬
‫من وقت آلخر دون مبرر وحتى ال يتورط الشاعب فاي أمار التعاديل ج ازفاا‪ ،‬بال يترتاب فياه تريثاا يجماع باين‬

‫‪1‬‬
‫‪- Louis FAVOREU, Patrick GAIA , Richard GHEVONTIAN: droit constitutionnelle, TOM 2 ,19emeédition ,‬‬
‫‪DALLOZ ,Paris,2017.p251.‬‬
‫‪ -2‬ضياء الدين سعيد المدهون‪ :‬الرقابة القضائية على دسـتورية القـوانين –دراسـة مقارنـة بـين أمريكـا ومصـر وفلسـطين–رساالة ماجساتير تخصاص‬
‫إدارة دولااة‪ ،‬إش اراف نافااذ ياسااين الماادهون‪ ،‬أكاديميااة اإلدارة والسياسااة للد ارسااات العليااا‪ ،‬برنااامج الد ارسااات العليااا المشااتركة مااع جامعااة اَلقصااى‪ ،‬غ ازة‬
‫فلسطين‪ ،6731 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -3‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -4‬ضياء الدين سعد المدهون‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪162‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫مزية وزن اَلمور واَلخذ فيها بالصبر وطول اَلناة‪ ،‬من أجل ذلاك تساتهدف الوثيقاة الدساتورية الانص علاى‬
‫اشااتراط تنظاايم خاااص يجعاال تعااديل الدسااتور أم ا ار صااعبا‪ ،1‬وقااد وصااف "الكساايس ديتوكفياال" ساانة ‪3913‬‬
‫الدستور اَلمريكي بأناه‪ « :‬يعتبار اكتشاافا كبيا ار للعلام الدساتوري فاي أيامناا الحاضارة »‪ .2‬ومان الواضاح مان‬
‫نااص المااادة الخامسااة ‪ 73‬أعاااله أن النظااام القااانوني فااي الواليااات المتحاادة اَلمريكيااة اعتمااد مباادأ التاادرج‬
‫للتمييز بين القاوانين العادياة والدساتور مان خاالل شاروط تعديلاه التاي تتطلاب إجاراءات خاصاة ومحاددة فاي‬
‫نفس النص وهي أشد تعقيدا من إجراءات تعديل القوانين العادية‪ ،‬ولم يقف واضعوا الدستور عناد هاذا الحاد‬
‫باال أدرج اوا فااي نااص المااادة ‪ 6/9‬منااه أحكامااا تؤكااد سااموه ووج اوب تقيااد كافااة الساالطات بااه بقولهااا‪ « :‬هااذا‬
‫الدسااتور وق اوانين الواليااات المتحاادة التااي تصاادر تبعااا لااه وجميااع المعاهاادات المعقااودة أو التااي تعقااد تحااد‬
‫سلطة الواليات المتحدة تكون القانون اَلعلى للبالد‪ ،‬ويكون القضاة في جمياع الوالياات ملازمين باه وال يعتاد‬
‫بأي نص في دستور أو قوانين أية والية مخالفة لذلك »‪.‬‬

‫وقااد اعتباار هااذا الاانص الركيازة اَلساسااية للدسااتور االتحااادي والجاازء الااذي يحااول دون انهيااار كاماال‬
‫بنية الحكم وهو يعني بكل صراحة أنه في حال تعارض قوانين الواليات مع القوانين االتحادية وعلى أرساها‬
‫الدستور االتحادي فإن القوانين االتحادية هي التي يجب أن يطبقها القضاة في الوالياات‪ ،‬كماا يعناي ضامنا‬
‫أن القوانين االتحادية العادية يجب أن تكون منسجمة مع الدستور االتحاادي‪ ،‬فضاال عان ذلاك أكادت الفقارة‬
‫الثالثااة ماان نفااس المااادة –السادسااة ‪ -79‬بااأن يك اون أعضاااء مجلااس الشاايوخ والن اواب وأعضاااء المج ااالس‬
‫التش اريعية لمختلااف الوالي اات وجميااع المااوظفين التنفيااذيين والقضااائيين التااابعين للواليااات المتحاادة ولمختلااف‬
‫الوالياات ملاازمين بموجااب قسام أو قارار باااحترام الدساتور االتحااادي فااالوالء اَلسااس يكااون لدسااتور الواليااات‬
‫المتحدة وليس لرئيس أية والية معينة‪ .3‬لذا من الضروري أن نذكر في هذا المقام حقيقاة الصالة التاي تاربط‬
‫الرقابة علاى دساتورية القاوانين بموضاوع التميياز باين القاوانين الدساتورية والقاوانين العادياة‪ ،‬وذلاك أن مشاكلة‬
‫الرقابة ال تثور أصال حيث ينعدم التمييز بين الدستور والتشريعات العادية بحيث يكونان في مرتباة قانونياة‬
‫واحاادة باال إن الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية الق اوانين ليساات فااي الواقااع إال أحااد الج ازاءات المتصااور بهااا‬
‫التميز‪،4‬وبناء على ذلك يمكن تلخيص تلك العوامل في اآلتي‪:‬‬

‫‪-1‬داود عبد الرزاق الباز‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.361‬‬


‫‪-2‬ياسااين أسااود‪ :‬ضاامانة حمايــة الحقــوق والحريــات العامــة بــين الرقابــة الدســتورية والرقابــة القضــائية –دراســة مقارنــة‪ -‬أطروحااة دكتااوراه تخصااص‬
‫قانون عام‪ ،‬إشراف بلقاسم دايم‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة تلمسان‪ ،6730-6739 ،‬ص ‪.316‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.39-33‬‬
‫‪-4‬ضياء الدين سعد المدهون‪ :‬المرجع السابق ص ص‪.13-11‬‬

‫‪163‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫‪-3‬جمود الدستور وحظر تعديل كله أو بعضاه إال وفقاا إلجاراءات معقادة التاي تقاوم علاى أسااس االعتاراف‬
‫لكاال ماان الساالطة االتحاديااة والساالطات المحليااة باادورها فااي هااذا التعااديل‪ ،‬فوضااع الاانص ال يااتم إال بواسااطة‬
‫هيئااة فيدرالي ااة "الكا اونغرس" أو "الم ااؤتمر التأسيس ااي"‪ ،‬والموافق ااة علي ااه ت ااتم عل ااى أي اادي ال اادول اَلعض اااء إم ااا‬
‫بواسطة سلطتها التشريعية واما بواسطة مؤتمرات تأسيسية تعقد خصيصا لهذا اَلمر‪.1‬‬

‫‪ -6‬اختالف طريقة وضع الدستور عن الطريقة التي يتم بها سن القوانين العادية‪.‬‬

‫‪ -1‬التأكيد على أنه ال قيمة قانونية َلعمال السلطات خارج حدود الدستور لاذلك يارى الابعض أن واضاعي‬
‫الدس ااتور اَلمريك ااي ق ااد قص اادوا المحافظ ااة عل ااى م ااا احتا اواه الدس ااتور م اان مب ااادئ تحت اارم مص ااالح الطبق ااة‬
‫االجتماعياة التاي كاانوا يمثلونهاا وأدى ذلاك إلاى قيااامهم بوضاع دساتور جاماد يصاعب تعديلاه‪ ،‬متساما بااالعلو‬
‫حتى يمنع تطبيق القوانين المخالفة له والتي قد يصل إلى وضعها أصحاب اَلفكار الثورية في المستقبل‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬شكل الدولة االتحادي – فيدرالي*‪ :‬يعد شكل الدولة االتحادي عامال مهما في إقامة رقابة الدساتورية‬
‫ذلك َلنه من المباادئ الرئيساية التاي يقاوم عليهاا النظاام االتحاادي الفيادرالي هاو مبادأ توزياع االختصاصاات‬
‫بين الحكومة االتحادية وحكومات الواليات كما هو مباين فاي الدساتور االتحاادي‪ ،‬ويتطلاب ذلاك حتماا نوعاا‬
‫ماان الرقابااة للحفاااظ علااى الت اوازن بااين الساالطة االتحاديااة وساالطة الواليااات المتحاادة ومنااع كاال منهمااا ماان‬
‫التجاوز على اختصاصات اآلخر واال ال يمكن عمليا للنظاام االتحاادي أن يساتمر فاي الوجاود‪ .3‬لاذلك نجاد‬
‫أن ال اادول الت ااي ت اادخل ف ااي اتح اااد – أي ااا ك ااان نوع ااه ‪ -‬تحت اااج إل ااى أن تنظ اايم بص ااورة يقيني ااة كيفي ااة توزي ااع‬
‫الساالطات بينهااا وبااين الدولااة االتحاديااة ولهااذا تحاارص هااذه الاادول علااى إيجاااد الضاامانات الكافيااة والكفيلااة‬
‫بتحقي ااق ه ااذا التنظ اايم المقص ااود‪ ،‬وي ااأتي ف ااي مقدم ااة ه ااذه الض اامانات وج ااود هيئ ااة قض ااائية علي ااا يك ااون م اان‬
‫اختصاصاها الفصال فيمااا يمكان أن يثاور ماان منازعاات باين الواليااات اَلعضااء ودولاة االتحاااد‪ ،‬علاى ضااوء‬

‫‪-1‬محمد طي‪ :‬القانون الدستوري والمؤسسات السياسية‪ ،‬ط‪ ،9‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،6731 ،‬ص ‪.696‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪/‬ياسين أسود‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬
‫* الدولاة الفيدراليااة أو االتحادياة هااي اتحااد قااائم بااين عادد ماان الادول علااى أساااس الحاق الااداخلي (الدساتوري) بحيااث تكااون هنااك دولااة قائماة فااوق تلااك‬
‫الاادول‪ ،‬والاادول التااي تكااون متمتعااة بكاال خصااائص الدولااة‪ ،‬وترغااب فااي االنض اواء تحاات ظاال ساالطة عليااا متخليااة بااذلك عاان بعااض صااالحياتها‪ ،‬وقااد‬
‫انتشرت هذه الصايغة فاي العصار الحاضار علاى نطااق واساع وقامات علاى أساساها أحياناا دول كبيارة وأحياناا دول صاغيرة نسابيا تحتاوي علاى عادد مان‬
‫الاادويالت وقااد كااان قيااام هااذه االتحااادات الفيدراليااة أحيانااا عمليااة تمركااز‪ ،‬كمااا هااو الحااال مااع الواليااات المتحاادة اَلميركيااة وسويسا ار ولكنهااا أحيانااا أخاارى‬
‫قامت على أساس التفكك وليس التمركاز‪ ،‬وذلاك عنادما لجاأت بعاض الادول إلاى التحاول مان دول بسايطة إلاى دول فيدرالياة كالب ارزيال ماثال… لالطاالع‬
‫أكثر أنظر‪ /‬محمد طي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.316-319‬‬
‫‪ -3‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫‪164‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫التفسير السليم للدستور‪ ،1‬وعن شكل الدولة االتحادي وعالقته بتطور الرقابة القضائية في الواليات المتحدة‬
‫اَلمريكية يقول اَلستاذ "أحمد كمال أبو المجاد" أناه يجاب عليناا أن نفارق باين نشاأة الرقاباة القضاائية وعلاى‬
‫دسااتورية الق اوانين الصااادرة فااي الواليااات وبااين نشااأة الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين االتحاديااة فااإذا كاناات‬
‫الرقابة ترتبط في الحالة الثانية بجهود "جون مارشال" في إقامتها‪ ،‬فان فكرة الرقابة بوجه عاام ليسات وليادة‬
‫أفكاااره وآ ارئااه َلنهااا كاناات سااابقة عليااه‪ ،‬باال إن الحجااج التااي قااال بهااا كاناات متداولااة وساابق للمحكمااة العليااا‬
‫اَلمريكية أن سلمت بها قبل تولي مارشال رئاستها‪ ،2‬ومن هنا تظهر الصلة الوطيادة باين النظاام االتحاادي‬
‫والرقابااة علااى دسااتورية القاوانين فااي الواليااات المتحاادة اَلمريكيااة باعتباااره أحااد العواماال الرئيسااية التااي أدت‬
‫إلااى نشااأة الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية القاوانين ماان خااالل عالقااات الاادول المحليااة بعضااها باابعض ومااع‬
‫الدولااة المركزيااة‪ ،‬هااي عالقااات يربطهااا القااانون الااداخلي فااي إطااار حاادود الدسااتور الااذي تسااهر المحكمااة‬
‫الدستورية العليا علاى ضامان ساموه ليشاكل اإلتحااد الفيادرالي باذلك أهام العوامال المسااهمة فاي نشاأة الرقاباة‬
‫القضائية على دستورية القوانين في الواليات المتحدة اَلمريكية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اآلراء والسـوابق التاريخيـة الممهـدة لقيـام الرقابـة علـى دسـتورية القـوانين‪ :‬كاان للساوابق التاريخياة‬
‫قباال قيااام االتحاااد اَلمريكااي أثارهااا فااي نشااأة الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية الق اوانين وذلااك وفقااا للتاادرج‬
‫التاريخي اآلتي ذكره‪:‬‬

‫أ‪ -‬مؤتمر فيالدلفيا و"أوراق الفيدرالي"‪ :‬يعتبر الثالثي "هاملتون" و"آدمز" و"ماديسون" مان أهام دعااة إقارار‬
‫الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬ولقد عبروا عن موقفهم فاي "أوراق الفيادرالي" التاي كتبات كمقااالت فاي بداياة‬
‫العااام ‪ 3090‬لاادفع المااؤتمرين فااي فيالدلفيااا إلااى إق ارار الرقابااة فااي ال انص الدسااتوري‪ ،‬وكااذلك لاادعم تصااديق‬
‫واب ارام الدسااتور ماان قباال الاادول الااثالث عش ارة‪ ،‬وعناادما أقاار الدسااتور لاام يبااين واضااعوه آليااة للرقابااة علااى‬
‫دستورية القوانين ورفضوا الفكرة التي دافع عنها "هاملتون" و"ماديسون" و"آدمز"‪ ،‬والقاضية بإعطاء السالطة‬
‫القضائية صالحية نقض القوانين غير الدستورية‪.3‬‬

‫ب‪-‬المرتكـــزات القانونيـــة والقضـــائية للرقابـــة علـــى دســـتورية القـــوانين فـــي الواليـــات المتحـــدة‪ :‬ويقص ااد‬
‫بالمرتكزات القانونياة "القاانون العرفاي االنكليازي" وباالمرتكزات القضاائية "مبادأ الساوابق القضاائية" الاذي كاان‬
‫مطبقا في بريطانيا العظمى‪ ،‬وعلى أساس هاذين المبادأين وبهادف تعزياز دور السالطة القضاائية فاي حماياة‬

‫‪ -1‬ضياء الدين سعيد المدهون‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪2‬‬
‫‪--Louis FAVOREU et Patrick GAIA et Richard GHEVONTIAN: droit constitutionnelle ,TOM 2 , Op, cit ,‬‬
‫‪p252.‬‬
‫‪ -3‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.30-39‬‬

‫‪165‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫االتحاد وتقويته وكذلك توسيع صالحيات المؤسسات الدستورية االتحادية على حساب الدول المتحدة‪ ،‬وفي‬
‫ظاال غياااب الاانص التش اريعي االتحااادي عماادت الساالطة القضااائية إلااى ماالء الف اراغ حيااث أعطاات المحكمااة‬
‫العليااا الساالطات االتحادياة الصااالحيات التااي عجاازت الساالطة التش اريعية أو لاام تتج ا أر علااى إعطائهااا لااإلدارة‬
‫الفيدرالية‪ ،‬وهكذا عمدت المحاكم إلى ملء اإلطاار التشاريعي الاذي تركاه أبااء الدساتور عان قصاد للسالطات‬
‫االتحادية‪ ،‬وزودت الحكومة المركزياة بترساانة قضاائية ال تقال تطاو ار عان تلاك الموجاودة فاي الادول المتحادة‬
‫في كل المواضيع والمواد التي يعطيها الدستور حق التدخل فيها‪.1‬‬

‫جـ‪ -‬المرتكزات الدستورية والسياسية واالقتصادية‪ :‬وتعاد مان باين أهام العوامال التاي سااهمت فاي اعتمااد‬
‫مب اادأ الرقاب ااة عل ااى دس ااتورية القا اوانين‪ ،‬حي ااث أن ااه من ااذ ع ااام ‪ 3913‬الح ااظ "ألكس اايس دتوكفي اال" ف ااي كتاب ااه‬
‫"الديمقراطيااة فااي أمريكااا" أنااه « مااا ماان حاادث سياسااي إال وللمحكمااة العليااا دو ار فيااه‪ ،‬ولااذلك فااإن القاضااي‬
‫اَلمريكي هاو مان أهام القاوى السياساية»‪ ،‬هاذا الادور الهاام للمحكماة العلياا ت ازياد تادريجيا وتعااظم إلاى درجاة‬
‫عاليااة دفعاات بالفقيااه الفرنسااي "إدوارد المبياار" إلااى إطااالق تساامية "حكومااة القضاااة" علااى النظااام السياسااي‬
‫اَلمريكا ااي منا ااذ عا ااام ‪ ،3631‬كما ااا لعبا اات المحكما ااة العليا ااا دو ار هاما ااا فا ااي التط ااور السياسا ااي واالقتصا ااادي‬
‫واالجتماااعي للدولااة‪ ،‬حيااث أنااه منااذ تكااوين االتحاااد احتاال رجااال القااانون موقعااا أساساايا داخاال المؤسسااات‬
‫الدس ااتورية والسياس ااية وس اااهموا ف ااي تركي ااز وترس اايخ االتح اااد وتعزي ااز س االطاته‪،2‬وف ااي ذل ااك تعزي ااز للس االطة‬
‫القضائية وبسط لرقابتها ممهدة بذلك لتطبيق فكرة رقابة القضاء على دساتورية القاوانين بعاد أن ألفات جمياع‬
‫المجاالت في الواليات المتحدة اَلمريكية فكرة التفرقاة باين القاوانين العادياة والدساتور وأصابح التعامال وفقاا‬
‫لهااذا التوجااه ضاارورة بلغاات حااد المطالبااة بمااا يعتبرونااه غياار دسااتوري ماان ق اوانين الواليااات المتحاادة‪ ،‬لتكااون‬
‫بذلك اآلراء والسوابق التاريخية على اختالفها واحدة من العوامل التي ساعدت علاى تاوفير المنااخ المناساب‬
‫لتطور الرقابة على دستورية القوانين في الواليات المتحدة اَلمريكية‪.‬‬

‫رابعــا‪ :‬جهــود المحكمــة الدســتورية‪ :‬ت ارتبط نشااأة الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية الق اوانين ارتباطااا وثيقااا‬
‫باالحكم الااذي أصادره رئاايس المحكماة العليااا جااون "مارشاال" فااي القضاية "ماااريوري" الشاهيرة ضااد "ماديسااون"‬
‫حيث أنه ليس هناك من الشراح في النظام الدستوري اَلمريكي من ينكار القيماة الكبيارة لهاذه الساابقة التاي‬
‫تعد نقطة التحول في النظام السياسي اَلمريكي كما رأينا سابقا‪ ،‬فلتلك الواقعة يعود الفضل في ترسيخ مبادأ‬
‫الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية الق اوانين وتوضاايح أسسااها الدسااتورية بااالرغم ماان خلااو الدسااتور ماان الاانص‬

‫‪ -1‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.97-36‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.91-91‬‬

‫‪166‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫الص اريح الااذي يبااين حااق القضاااء فااي ذلااك‪ ،1‬وتعااد المحكمااة العليااا االتحاديااة أعلااى المحاااكم فااي الواليااات‬
‫المتحدة اَلمريكياة بانص الدساتور وهاي أرفعهاا شاأنا وتعتبار أحكامهاا مباادئ نهائياة تساير عليهاا وتتقياد بهاا‬
‫باااقي المح اااكم‪ ،‬ولهااا ف ااوق ذلااك دور دس ااتوري خطي اار فااي توكي ااد مباادأ الشا ارعية والحكومااة المقي اادة بحماي ااة‬
‫الحقوق والحريات الفردية وتحقيق التوازن بين السالطات وذلاك بماا تقارر لهاا أو قررتاه هاي لنفساها مان حاق‬
‫مراقبااة الهيئتااين التش اريعية والتنفيذيااة والزامهااا حاادودها الدسااتورية حتااى صااارت بااذلك قيمااة علااى الدسااتور‬
‫وناطقة باسمه بل صارت كما يقول أحد قضاتها هي الدستور‪ ،2‬وفضال على مراقبة دستورية القاوانين تبات‬
‫المحكمااة فااي المجااال السياسااي الحقااوقي وفااي ذلااك تقااوم علااى فاارض احتارام توزيااع الصااالحيات بااين الاادول‬
‫اَلعضاااء (الواليااات) والساالطة االتحاديااة كمااا هااو مقاارر فااي دسااتور ساانة ‪ ،3090‬وهااذه المراقبااة لاام ياانص‬
‫عليهاا الدسااتور ولكنهااا أرساايت بااالقرار الااذي اتخذتااه المحكمااة العليااا ساانة ‪ 3971‬برئاسااة القاضااي "مارشااال"‬
‫فاي قضاية "ماديساون" كماا أن حال اإلشاكاالت الناشاائة باين دول االتحااد والاذي يكاون للمحكماة العليااا دور‬
‫فياادرالي فيااه جعاال لهااا مكانااة خاصااة وأهميااة كبي ارة فااي الاادول الفيدراليااة‪ ،‬فالمشاااكل التااي تنشااأ بااين الاادول‬
‫المحلية بعضها وبعض‪ ،‬أو بين دولة محلية ودولة مركزياة‪ ،‬ال يمكان حلهاا بالوساائل الدبلوماساية ماا دامات‬
‫العالقات بين هذه الادول ليسات مان طبيعاة دولياة وانماا مان طبيعاة دساتورية داخلياة كماا ال يمكان حال هاذه‬
‫المسااائل بااالطرق اإلداريااة‪َ ،‬لن االتحاااد الفياادرالي ال يجعاال الدولااة المركزيااة دولااة أعلااى ماان الدولااة المحليااة‬
‫إداريااا وانمااا يضاامن لهااا االسااتقالل ونتيجااة النغااالق اَلساالوب الدبلوماسااي واَلساالوب اإلداري‪ ،‬ال يبقااى إال‬
‫اَلسلوب القضائي ومن هنا تتضح أهمية الدور الذي تلعبه المحكمة العليا في الواليات المتحدة فهي تتولى‬
‫ماادى حاارص محاااكم الاادول المحليااة علااى وقااف القاوانين الصااادرة بالمخالفااة للدسااتوري االتحااادي ‪ ،‬وبالتااالي‬
‫فهاي ت ارقااب مادى دسااتورية القاوانين المحليااة وتلعاب دو ار فياادراليا ال نظيار لااه فاي الاادول الموحادة البساايطة‪،3‬‬
‫وممااا ساابق بيانااه يتضااح أنااه رغاام عاادم تكليااف الدسااتور االتحااادي المحكمااة االتحاديااة العليااا باانص ص اريح‬
‫بالرقاباة علاى دساتورية القاوانين إال أنهااا قامات باه معتبارة ذلاك ماان صاميم اختصاصااتها باعتباار أن وظيفااة‬
‫القاضااي هااي تطبيااق الق اوانين وفااي حااال تعااارض القااانون العااادي مااع أحكااام الدسااتور وجااب عليااه تفضاايل‬
‫الاانص الدسااتوري باعتباااره أساااس المنظومااة القانونيااة وأسااماها‪ ،‬ليتقاارر بااذلك مباادأ الرقابااة علااى دسااتورية‬

‫‪-1‬أشار إليه‪ -‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫‪ -‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.97‬‬
‫‪ -‬علي يوسف الشكري سمر ناجي فاضل‪ :‬المرجع السابق ص ‪.36‬‬
‫‪-2‬أنظر‪ /‬ضياء الدين سعيد المدهون‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -3‬أشار إليه‪ -‬محمد طي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.169‬‬
‫‪-‬سعاد الشرقاوي‪ :‬النظم السياسة في العالم المعاصر‪ ،6770 ،‬ص ص ‪.96-99‬‬

‫‪167‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫القوانين في الواليات المتحدة اَلمريكية والذي ساهم في تطورها فضال على طبيعة النظاام الفيادرالي وجماود‬
‫الدسااتور‪ ،‬كمااا اآلراء والس اوابق التاريخيااة التااي كااان لهااا الفضاال الكبياار فااي التمهيااد لتقرياار هااذا المباادأ الااذي‬
‫عرف انتشا ار في معظم الدول الديمقراطية في العالم المعاصر‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نشأة الرقابة القضائية على دستورية القوانين في الدول العربية‬

‫نجاااح أساالوب الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية القاوانين جعلهااا نموذجااا يحتااذ فااي معظاام دول العااالم‬
‫ورغم تأخر الدول العربية عن الركاب بسابب خضاوعها للسايطرة اَلجنبياة فاي فتارات اساتعمارها‪ ،‬إال أنهاا لام‬
‫تحااد عاان هااذه القاعاادة بمجاارد نيلهااا لالسااتقالل حتااى مااع االخااتالف فااي اعتماااد النمااوذج الرقااابي إال أننااا ال‬
‫نجد اليوم دولة تخلو من هيئة مختصة بالرقابة على دستورية القوانين فاي العاالم العرباي‪ ،‬وفاي هاذا اإلطاار‬
‫ساانحاول التطاارق إلااى نشااأة الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية القاوانين فااي مصاار باعتبارهااا الساباقة إليهااا فااي‬
‫المنطقة العربية وفي كثير من دول العالم النامي أنذلك‪ ،‬ثم ننتقل إلى دول المغرب العربي وتحديدا في كال‬
‫من المغرب وتونس اللتان فرض فيهما موضوع الرقابة القضائية على دستورية القوانين نفسه فيهما مؤخ ار‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نشأة الرقابة القضائية على دستورية القوانين في مصر‪ :‬مرت الرقابة القضائية في مصر بمرحلتين‬
‫ويتعلق اَلمر بالرقابة الدستورية قبل إنشااء المحكماة العلياا التاي انتقلات خاللهاا مان الرقاباة الالمركزياة إلاى‬
‫الرقابة المركزية والتي خصصت فيها الرقابة القضائية عن طريق المحكمة الدستورية بعد إنشائها‪.‬‬

‫أ‪-‬الرقابة الدستورية قبل إنشاء المحكمة العليا‪ :‬لقد خلت الدساتير الصادرة في هاذه المرحلاة أي (دسااتير‬
‫‪ )3691-3661‬من أية نصاوص تخاول لجهاة القضااء االختصااص فاي مراقباة دساتورية القاوانين كماا أناه‬
‫فااي الوقاات ذاتااه ال يوجااد أي نااص يمنااع المحاااكم ماان مباش ارتها فضااال علااى أنااه المحااتم أن تث اار مشااكلة‬
‫التعااارض بااين القاوانين والدساااتير وذلااك كنتيجااة طبيعيااة لجمااود هااذه الدساااتير وسااموها علااى مااا عااداها ماان‬
‫القوانين العادية‪1‬وازاء سكوت الدستور واجه الفقه والقضاء مسألة الرقابة على دستورية القوانين واتخاذ موقفاا‬
‫موحدا يقضي بحق القضاء بممارسة الرقابة على دستورية القوانين بغية التثبت من مطابقة القاانون للقواعاد‬
‫واَلحكام الدستورية‪.‬‬

‫‪-2‬الفقه‪ :‬انقسم الفقه في ظل هذه الظروف بين معارض لرقابة القضاء لدستورية القاوانين وذلاك باالمتنااع‬
‫عن تطبيق القانون المخالف للدستور بحجة سامو البرلماان واساتقالليته فاي العمال التشاريعي كممثال لاإلرادة‬

‫‪-1‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪168‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫الشعبية‪ ،‬والثاني يقر بأحقية القضاء في النظر بدستورية القوانين إذا ما دفع باذلك أماام المحااكم فاي قضاية‬
‫من القضايا ومن أبرز المدافعين عن حق القضاء باالضطالع بمهمة الرقابة "السايد صابري" الاذي رأى أن‬
‫من حق المحاكم المصرية رغم سكوت الدستور أن تنظر في دساتورية القاوانين وتمتناع عان تطبياق القاانون‬
‫الذي ترى فيه مخالفة َلحكام الدستور‪ .1‬وقد أسس هذا الرأي على حجتين أساسيتين وهما‪:‬‬

‫‪ -‬مبدأ المشروعية الن الحكوماة الشارعية يجاب أن تعمال وفاق القاانون وال تخارج علياه وكال حكوماة تادعي‬
‫لنفسها أنها حكومة شرعية ينبغي فيها خضاوع السالطات الحاكماة لمبادأ مشاروعية التصارفات‪ ،‬ساواء أكانات‬
‫مرساايم (ل اوائح) أو ق ا ار ارت فرديااة‪ ،‬واالحتكااام يكااون عمااال بمباادأ تسلساال القواعااد‬
‫هااذه التص ارفات ق اوانين أم ا‬
‫القانونية وبمبدأ سامو الدساتور وحرماان القضااء مان حاق مباشارة الرقاباة علاى دساتورية القاوانين يعاد مخالفاا‬
‫لمبدأ المشروعية‪ ،‬ويتعارض مع منطق الحكومة الشرعية‪.‬‬

‫‪ -‬الرقابااة الدسااتورية ماان صااميم عماال القاضااي لااذا فإنااه يتوجااب عليااه فااي حااال تعااارض القاوانين أن يغلااب‬
‫القانون اَلعلى مرتبة والذي هو الدستور‪ ،‬والقاضي فاي هاذه الحالاة ال يخارج علاى حادود اختصاصاه‪ ،‬فهاو‬
‫ال يلغي القانون العادي وانما يمتنع عن تطبيقه ويطبق القانون اَلعلى‪.2‬‬

‫‪ -2‬القضاء‪ :‬قبل نشأة المحكماة العلياا تارددت أحكاام القضااء العاادي بشاأن الرقاباة علاى دساتورية القاوانين‬
‫في اتخاذ حكم حاسم بشأنها‪ ،‬أما القضاء اإلداري فكان موقفه حاسما منذ إنشائه عام ‪.3619‬‬

‫‪-2-2‬موقـف القضــاء العــادي‪ :‬تاأثر موقااف القضااء العااادي فاي هااذا الشاأن فااي باادئ اَلماار وجااء الكثياار‬
‫منهااا غياار حاساام فااي إق ارار حااق المحاااكم فااي الرقابااة القضااائية علااى دس اتورية الق اوانين ماان عدمااه وظلاات‬
‫أحكامها متأرجحة بين االتجاهين‪ ،‬وقاد بادأت رقاباة دساتورية القاوانين فاي مصار فاي مجاال القضااء العاادي‬
‫قبل نشأة القضاء اإلداري إذ أنه في أول مايو ‪ 3613‬قضت محكمة مصر االبتدائية اَلهلياة باأن للمحااكم‬
‫مطلق الحرية في بحث دستورية القانون لها أن تمتنع عن تطبيقه على النزاع المطاروح أمامهاا ليكاون لهاذه‬
‫المحكمة فضل السبق في االعتراف بحق المحاكم في رقابة دستورية القوانين واالمتناع عن تطبيق ما تقدر‬

‫‪-1‬أشار إليه‪ :‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ط‪ ،3‬دار بالل‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،6731 ،‬ج‪ ،6‬ص ص ‪.3763-3761‬‬
‫‪ -‬دلير صابر إبراهيم خوشناو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.391‬‬
‫‪-2‬أنظر‪ /‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3763‬‬

‫‪169‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫مخالفتااه للدسااتور ليااتم بعااد ذلااك اسااتبعاد أحااد ق اوانين اإلج اراءات الجنائيااة لمخالفتااه لقاعاادة دسااتورية متعلقااة‬
‫بعدم رجعية قانون العقوبات بتاريخ ‪.13636‬‬

‫‪-2-2‬موقف القضاء اإلداري‪ :‬أنشئ مجلاس الدولاة المصاري عاام ‪ 3619‬لكان القضااء اإلداري لام يساتقر‬
‫علااى حقااه فااي بحااث الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين إال فااي عااام ‪ ،3619‬وكااان ذلااك عاان طريااق محكمااة‬
‫القضاااء اإلداري بتاااريخ ‪ 37‬فب ارياار ‪ 3619‬أياان قااررت أن للقضاااء حااق رقابااة الدسااتورية شااكال وموضااوعا‬
‫ويعتباار هااذا الحكاام مفخ ارة للقضاااء المصااري‪ ،‬وكمااا يقااول الاادكتور "رماازي الشاااعر" أنااه يباادو أن القضاااء‬
‫اإلداري المصااري كااان متحف ا از بتقرياار هااذا الحااق فااي أول فرصااة تواتيااه فوجاادت محكمااة القضاااء اإلداري‬
‫الفرصة سانحة في الحكم الصادر عنها‪ 2‬وقد استند حكمها إلى الحجج اآلتية‪:‬‬

‫‪-‬أن اَلمر الملكي رقم ‪ 16‬سنة ‪ 3661‬بوضع نظام دستوري للدولة المصرية هو أحد القاوانين التاي يجاب‬
‫على المحاكم تطبيقها‪ ،‬ولكنه يتميز على سائر القوانين بما له من طبيعاة خاصاة تضافي علياه صافة العلاو‬
‫والساامو بحساابانه كفياال الحريااات وموئلهااا ومناااط الحياااة الدسااتورية‪ ،‬وبالتااالي إذا تعااارض قااانون عااادي مااع‬
‫الدسااتور فااي منازعااة مطروحااة علااى المحاااكم وجااب عليهااا – بحكاام وظيفتهااا‪ -‬أن تطاارح القااانون العااادي‬
‫وتغلب عليه الدستور وتطبقه بحسبانه القانون اَلعلى‪.3‬‬

‫‪-‬أقر الدستور مبدأ الفصل بين السلطات وحدد لكال سالطة المجاال الاذي تعمال فياه وقرناه بمبادأ آخار حاين‬
‫قرر في الماادة ‪ 61‬مناه أن اساتعمال السالطات يكاون علاى الوجاه المباين فاي الدساتور فيقاوم باين السالطات‬
‫تعاااون متبااادل علااى أساااس احت ارام كاال منه اا للمبااادئ التااي قررهااا الدسااتور‪ ،‬وال تعنااي رقابااة المحاااكم علااى‬
‫دستورية القوانين أنها تعتدي على مبدأ الفصل بين السلطات‪َ ،‬لنها ال تضع بنفسها قانونا والتقضي بإلغائه‬
‫وال تأمر بوقف تنفيذية‪ ،‬غاية اَلمر أنها تفاضل بين قاعدتين قد تعارضتا فتفصل في هذه الصعوبة وتقرر‬
‫أيهما أولى بالتطبيق‪.‬‬

‫‪-‬أن الدستور إذ قرر في المادة ‪ 17‬منه أن السلطة القضائية تتوالها المحاكم‪ ،‬قد عهد إليها تفسير القوانين‬
‫وتطبيقها فيما يعرض عليها من شتى المنازعات وبالتالي تملك المحاكم الفصل عند تعارض القوانين أيهما‬
‫الواجب التطبيق إذ يعد هذا التعارض صعوبة قانونية مما يتولد عنه المنازعاة فتشاملها سالطة المحكماة فاي‬

‫‪ -1‬ماجد راغب الحلو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.319-310‬‬


‫‪-2‬أشار إليه‪ :‬محمد عبد اللطيف‪ :‬إجراءات القضاء الدستوري‪ -‬دراسة مقارنة بين مختلف النظم القانونية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،3696 ،‬‬
‫ص ‪.16‬‬
‫‪-‬وعلي يوسف الشكري سمر ناجي فاضل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬أنظر‪ /‬محمد عبد اللطيف‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪170‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫التقدير‪ ،‬إذ أن قاضي اَلصل هو قاضي الفارع‪ ،1‬قاد اطاردت أحكاام القضااء العاادي واإلداري بعاد ذلاك فاي‬
‫تأكيد حق القضاء في التصدي لبحث موافقة القانون المطبق أمامها للدستور‪ ،‬ونشير هنا أن مجلس الدولة‬
‫المصااري لاام يماانح أي اختصاااص فااي الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية القاوانين واللاوائح ولكنااه خااول لنفسااية‬
‫تلك الرقابة عان طرياق "قضااء اإلهماال" كماا فعال القضااء اَلعلاى مان قبال فاي مجاال رقاباة الشارعية علاى‬
‫اللوائح المخالفة للقانون‪ ،‬وبذلك كان المجلس يهمل تطبيق النص التشاريعي المخاالف للدساتور إذا ماا دفاع‬
‫أمامه بعدم دستوريته دون أن يقضي بعدم دستوريته‪ ،2‬ليعتبار باذلك إنشااء مجلاس الدولاة نقطاة التحاول فاي‬
‫تاريخ الرقابة على دستورية القوانين في مصر من خالل سبق الفصل في أمر تردد القضاء في تقريار مبادأ‬
‫الرقابة القضائية على دستورية القوانين فيما عرض على القضاء اإلداري من منازعات‪.‬‬

‫ب‪ -‬الرقابــة القضــائية علــى دســتورية الق ـوانين فــي ظــل إنشــاء المحكمــة العليــا‪ :‬الرقابااة القضااائية التااي‬
‫مارسها القضاء العدلي واإلداري لم تسلم من مغبة الوقوع في عدم االنتظام في اَلحكام الصادرة عنها‪ ،‬كما‬
‫أن الحجيااة النساابية للمحاااكم بالمخالفااة الدسااتورية تعنااي بالضاارورة أن يعتمااد القضاااء علااى ق اوانين مخالفااة‬
‫للدسااتور إذا لاام ياادفع أحااد اَلطاراف فااي النازاع باادعوى مخالفتهااا للدسااتور باإلضااافة إلااى ذلااك فااإن ممارسااة‬
‫الرقابااة القضااائية كاناات مشااوبة بااالخوف ماان االعتااداء علااى الساالطة التشاريعية باعتبارهااا تصاادر تشاريعاتها‬
‫تعبي ار عن إرادة اَلمة‪ ،‬لذلك اقتصرت اجتهادات القضاء في الرقابة الدستورية على القاوانين المشاوبة بعياب‬
‫االنح اراف فااي اسااتعمال الساالطة التش اريعية‪ ،‬ولااذلك فااإن المحاااكم كاناات ت ارفض فااي أغلااب اَلحيااان الاادفع‬
‫باالنظر فااي دساتورية القاوانين بمقولااة أن القاانون موضااوع الاادعوى غيار مخااالف للدسااتور‪ ،‬لاذلك باارزت عاادة‬
‫محاااوالت للتنظاايم الدسااتوري لمسااألة الرقابااة علااى دسااتورية القاوانين كااان أولهااا نااص مشااروع لجنااة الخمسااين‬
‫التااي شااكلت لوضااع دسااتور جديااد علااى إنشاااء محكمااة دسااتورية عليااا فااي الماواد ‪ 369-367‬وأعطااى لهااذه‬
‫المحكم ااة وح اادها ح ااق الفص اال ف ااي دس ااتورية القا اوانين والم ارس اايم الت ااي له ااا ق ااوة الق ااانون‪ ،‬وك ااذا الفص اال ف ااي‬
‫المنازعات بين سلطات الدولة المختلفة بخصوص تطبيق الدستور وتفسير النصوص الدستورية والتشاريعية‬
‫إال أن هااذا الدسااتور لاام يقاار‪َ ،3‬لنااه لاام يناال موافقااة المسااؤولين بحجااة أنااه ال يسااتجيب َلهااداف الثااورة ممااا‬
‫دعاهم إلى تكليف بعض المتخصصين في الشؤون الدستورية بإعداد دستور جديد وأعلن الدساتور فاي ‪39‬‬
‫يناير ‪ 3639‬ووافق علياه الشاعب فاي اساتفتاء تام فاي ‪ 61‬يونياو ‪ 3639‬إال أناه لام تارد فياه أي إشاارة إلاى‬

‫‪ -1‬محمد عبد اللطيف‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.11-16‬‬


‫‪-2‬أنظر‪/‬على يوسف الشكري سمر ناجي فاضل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.30-39‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.3717-3766‬‬

‫‪171‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫إنشاء قضاء دستوري متخصص‪ .1‬أما الثانية فكانت تقرير ميثاق العمل الوطني لعام ‪ 3696‬الذي تضمن‬
‫التأكيد على مباادئ مشاروع لجناة الخمساين فانص فاي الفصال الخااص بضامانات مبادأ سايادة القاانون علاى‬
‫"ضاارورة أن تقااام كاال الضاامانات الكفيلااة بساايادة القااانون بحيااث يصاادر طبقااا للدسااتور وماان ثاام فقااد أصاابح‬
‫مالئما اآلن تأكيدا ودعما لها أن يتقارر إنشااء محكماة دساتورية علياا يحادد الدساتور الجدياد طريقاة تشاكيلها‬
‫واختصاصها"‪ ،‬ورغم هذا النص في ميثاق العمل الوطني جاء الدساتور المؤقات لعاام ‪ 3691‬خالياا مان أي‬
‫تقرير للرقابة الدستورية‪.2‬‬

‫وتلتهااا مرحلااة تقرياار الميثاااق ومشااروع اللجنااة التحضاايرية لمشااروع دسااتور‪ 3690‬وفااي نفاس العااام تشااكلت‬
‫لجنااة لوضااع مشااروع الدسااتور الجديااد باادال ماان الدسااتور المؤقاات لعااام ‪ 3691‬وقااد تضاامن المشااروع الجديااد‬
‫فكا ارة إنش اااء المحكم ااة الدس ااتورية العليا ااا بين اات الم ااادة ‪ 391‬من ااه طريق ااة تش ااكيلها‪ ،‬وح اادد المش ااروع أيضاااا‬
‫اختصاصها بالنظر في دستورية القوانين واللوائح والمراسيم التشريعية سواء عن طريق الادعوى اَلصالية أو‬
‫عن طريق الدفع الفرعي إال أن الدستور المقترح لم يصادر واساتمر العمال بالدساتور المؤقات‪ ،‬وأخيا ار صادر‬
‫البيااان السياسااي فااي ‪ 17‬مااارس ‪ 3699‬يسااتعرض النصااوص اَلساسااية التااي يجااب أن يتضاامنها الدسااتور‬
‫الدائم وأكد البيان ضرورة أن ينص الدساتور علاى إنشااء محكماة دساتورية علياا‪ ،‬يكاون لهاا الحاق فاي تقريار‬
‫دستورية القوانين وتطابقها مع الميثاق والدستور‪.3‬‬

‫‪ -2‬إنشـاء المحكمــة العليـا‪ :‬فاي عااام ‪ 3696‬باات مان الضااروري ومان المنطاق أن يتاادخل المشارع لتنظاايم‬
‫الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية التش اريعات وهااو مااا تاام بتاااريخ ‪ 13‬أوت ‪ 3696‬حيااث صاادر ق ارار رئاايس‬
‫الجمهورياة بالقاانون رقام ‪ 93‬الخااص بإصاادار قاانون المحكماة العلياا‪ ،‬وتضاامنت ماواد القاانون أناه للمحكمااة‬
‫الدستورية العليا اختصاصات ثالث أساسية بينتهاا الماادة ‪ 63‬مان قاانون إنشاائها وهاذه االختصاصاات هاي‬
‫الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية القاوانين واللاوائح والفصاال فااي تنااازع االختصاااص بتعيااين الجهااة المختصااة‬
‫وذلك إذا رفعات الادعوى عان موضاوع واحاد أماام جهتاي القضااء العاادي واإلداري ولام تتخلاى إحاداهما عان‬
‫نظرهااا (حالااة التنااازع االيجااابي)‪ ،‬أو تخلاات كلتاهمااا عنهااا (حالااة التنااازع الساالبي) والفصاال فااي الن ازاع الااذي‬
‫ينشااأ بشااأن تنفيااذ حكمااين نهااائيين متناقضااين صاااد ار أحاادهما عاان جهااة القض ااء العااادي واآلخاار عاان جهااة‬

‫‪-1‬محمد عبد اللطيف‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪11‬‬


‫‪-2‬أشار إليه‪ :‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري ج‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3717‬‬
‫‪ -‬ومحمد عبد اللطيف‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3717‬‬

‫‪172‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫القض اااء اإلداري‪ ،1‬ث اام ص اادر ف ااي ‪ 63‬أوت ‪ 3607‬الق ااانون رق اام ‪ 307-99‬الخ اااص ب اااإلجراءات وأص ااول‬
‫العمل لدى المحكمة العليا وقد باشرت المحكمة اختصاصها في ‪ 71‬مارس ‪.3607‬‬

‫‪ -2‬إنشــاء المحكمــة الدســتورية العليــا‪ :‬تاام بموجااب الدسااتور الاادائم لعااام ‪ 3603‬تك اريس وجااود المحكمااة‬
‫الدستورية العليا كهيئة قضائية مساتقلة مختصاة بالرقاباة الدساتورية دون غيرهاا كماا أفارد لهاا فصاال مساتقال‬
‫هو الفصال الخاامس مان البااب ال ارباع الخااص بنظاام الحكام‪ ،‬وناص فاي الماادة ‪ 366‬مناه علاى حكام وقتاي‬
‫ه ااو أن تم ااارس المحكم ااة العلي ااا اختصاص اااتها المبين ااة ف ااي الق ااانون الص ااادر بإنش ااائها إل ااى أن ي ااتم تش ااكيل‬
‫المحكمااة الدسااتورية العليااا‪ ،‬التااي لاام يصاادر قانونهااا إال عااام ‪ ،23606‬وبموجااب هااذا االختصاااص فقاادت‬
‫المحاكم في مصر على اختالف أنواعها ودراجتها حق التصدي لمسألة الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬هذا‬
‫ونص الدستور المصري لسانة ‪ 6736‬فاي الماادة ‪ 303‬مناه علاى أن المحكماة الدساتورية العلياا تتاولى دون‬
‫غيرهاا الفصال فااي دساتورية القاوانين واللاوائح اَلمار الاذي أكااده دساتور ‪ 6731‬النافاذ فااي ناص المااادة ‪366‬‬
‫منه بقوله أن المحكمة الدساتورية العلياا تتاولى دون غيرهاا الرقاباة القضاائية علاى دساتورية القاوانين واللاوائح‬
‫وتفسير النصوص التشريعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نشأة الرقابة القضائية على دستورية القوانين في دول المغرب العربي‪ :‬يعتبار إنشااء هيئاة قضاائية‬
‫تتولى مهام الرقابة على دستورية القوانين وتحديد ما إذا كانت التشريعات الصادرة عن السلطات العامة في‬
‫الدولة تتماشى مع أحكاام الدساتور واحادة مان باين الركاائز اَلساساية َلي نظاام ديمق ارطاي‪ ،‬اَلاامر الاذي زاد‬
‫هااذا اَلساالوب شاايوعا فااي دول المغاارب العربااي‪ ،‬حيااث اشااتركت المملكااة المغربيااة وتااونس فااي إسااناد الرقابااة‬
‫على دستورية القوانين لمحكمة دستورية متخصصة بعد أن كانت المجالس الدستورية فيها هي التي تتحلاى‬
‫بصااالحية الرقابااة السياسااية علااى دسااتورية القاوانين وتقتضااي د ارسااة هااذا الجانااب التطاارق إلااى أهاام الم ارحاال‬
‫التاريخيااة التااي ماارت بهااا الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين فااي المغاارب‪ ،‬لنتعاارض بعاادها إلااى مسااألة التطااور‬
‫التاريخي للرقابة على دستورية القوانين في تونس‪.‬‬

‫أ‪ -‬نشأة الرقابة على دستورية القوانين في المملكـة المغربيـة‪ :‬يرجاع التااريخ فكارة الرقاباة علاى دساتورية‬
‫القوانين في المملكة المغربية إلى سنة ‪ 3679‬حيث شهد هذا المجال بعد هذا التاريخ ثالثة م ارحال‪ ،‬مرحلاة‬

‫‪-1‬يوسف الشكري سمر ناجي فاضل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫‪-2‬أشار إليه‪ :‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3713‬‬
‫‪ -‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ -‬محمد عبد اللطيف‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪173‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫مااا قباال إق ارار الدسااتور اَلول‪ ،‬ومرحلااة نظااام الغرفااة الدسااتورية التااي تلتهااا مرحلااة المجلااس واالنتقااال إلااى‬
‫المحكمة الدستورية‪.‬‬

‫‪ -2‬مرحلة ما قبل إقـرار الدسـتور األول لسـنة ‪ :2922‬يمكان القاول أن اإلرهاصاات اَلولاى لفكارة الرقاباة‬
‫على دستورية القوانين في المغرب بدأت مع مشروع الدستور الاذي وضاعه الوطنياون المغارباة سانة ‪3679‬‬
‫وطااالبوا الساالطان عبااد الحفاايظ بااإق ارره َلن هااذا المشااروع أوكاال إلااى "مجلااس الشارفاء" مهمااة مراقبااة القااوانين‬
‫الت ااي يص اادرها "مجل ااس اَلم ااة" ون ااص عل ااى أن تل ااك القا اوانين ال يمك اان أن يص اادر اَلم اار بتنفي ااذها إال بع ااد‬
‫مصادقة مجلس الشرفاء‪.1‬‬

‫وقااد نصاات الم اواد ‪ 31‬و‪ 33‬و‪ 39‬ماان مشااروع ‪ 3679‬علااى أن وظيفااة "مجلااس الش ارفاء" هااي أن‬
‫ينظاار أدق النظاار ويبحااث أدق البحااث فااي التقاارير اللاوائح التااي يصاادرها مجلااس اَلمااة‪ ،‬حتااى إذا رأى فيهااا‬
‫شاايئا مغاااير إلحاادى الش ارائط السااتة عليهااا رفااض تلااك الل اوائح والتقااارير رفضااا قطعيااا مااع إظهااار اَلسااباب‬
‫الداعية إلى ذلك أو أنه يرجعها إلى مجلس اَلمة‪ ،‬مع مالحظة وجوب إصالح وتصحيح ما لازم اإلصاالح‬
‫والتصحيح‪ ،‬أما الشروط الستة التاي يراعيهاا مجلاس الشارفاء وي ارقاب أعماال مجلاس اَلماة فاي ضاوئها فهاي‬
‫أن ال يمااس اسااتقالل الساالطة‪ ،‬وأن ال يضاار بحقااوق الساالطات‪ ،‬كمااا أن ال يجحااف بحقااوق اَلمااة أو يضاار‬
‫بالعامة والفقير خاصة‪ ،‬وأن ال يمس الحرياة والدساتور واآلداب العاماة كماا ال يسابب أضا ار ار وخساائر لبيات‬
‫مااال المساالمين وأمااالك الدولااة‪ ،‬وفااي حااال رأى مجلااس الش ارفاء تقااارير مجلااس اَلمااة صااالحة وموافقااة لكاال‬
‫الشرائط المذكورة فيصادق عليها ثم يقدمها للسلطان عن طريق هيئة الو ازرة ليوافق عليها كتابة‪ ،‬ويعمل بهاا‬
‫بدءا من تاريخ التصديق السلطاني‪ ،‬وفي حال رفض مجلس الشرفاء تقري ار مان تقاارير مجلاس اَلماة مارتين‬
‫فعلى هذا اَلخير أال يقدم ذلك التقرير مرة ثالثة إال بعاد مارور ساتة أشاهر مان تااريخ الارفض اَلخيار وذلاك‬
‫بعد أن يصلح من المالحظات ما استوجب اإلصالح‪.2‬‬

‫إال أن مشروع ‪ 3679‬لم يجد الطريق إلى إق ارره والعمل به وذلك َلن هذا الدستور كما قال محمد معتصم‬
‫"سيولد ميتا ال َلن السلطان عبد الحفيظ الرافض لبيعة ‪ 3679‬المشروط سيرفض مطالب جماعة "لسان‬
‫العرب" بل َلن الظرفية السائدة آنذاك والمتمثلة في بداية االحتالل اَلجنبي الفعلي للمغرب‪ ،‬كانت أكبر‬

‫‪ -1‬رشاايد الماادور‪ :‬تطــور الرقابــة الدســتورية فــي المغــرب‪ :‬الغرفــة الدســتورية‪ ،‬المجلــس الدســتوري‪ ،‬المحكمــة الدســتورية‪ ،‬مجلااة د ارسااات دسااتورية‪،‬‬
‫العدد‪ ،79‬يناير ‪ ،6736‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص‪.10 -19‬‬

‫‪174‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫من أن تلخص في مشكل مؤسسي‪ 1‬اَلمر الذي حال بين وضع فكرة مراقبة دستورية القوانين موضع‬
‫التنفيذ إال غداة االستقالل مع أول دستور عرفه المغرب الحديث سنة ‪ 3696‬وذلك بإحداثه لغرفة‬
‫دستورية‪.2‬‬
‫‪ -2‬مرحلة رقابة الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى على دستورية القوانين‪ :‬صدر أول دستور عام‬
‫‪ 3696‬ودخلت بموجبه الرقابة على دستورية القوانين حيز النفاذ َلول مرة حيث أعطى هذا الدستور مهمة‬
‫الرقابة على دستورية القوانين إلى الغرفة الدستورية بالمجلس اَلعلى‪ ،‬إذ كانت الغرفة الدستورية تابعة‬
‫للمجلس اَلعلى للقضاء والرئيس اَلول لهذا المجلس كان هو رئيس الغرفة الدستورية بحكم الدستور‪ ،‬وقد‬
‫يعود السبب في تبعية الغرفة الدستورية للمجلس اَلعلى للقضاء لكون المغرب قد استقل حديثا وهو في‬
‫المراحل اَلولى لبناء وتأطير مؤسساته الدستورية عن طريق السماح للقضاء بشكل مؤقت خالل تلك الفترة‬
‫بالتدخل في عملية الرقابة والتأكد من مدى مطابقة القوانين لمواد الدستور وعدم مخالفته‪ ،3‬وحدد لها في‬
‫إطار ذلك القوانين التنظيمية واَلنظمة الداخلية للبرلمان قبل تطبيقها‪ ،‬أما قواعد تنظيم هذه الغرفة‬
‫الدستورية وسيرها في مباشرة هذه االختصاصات فحددت بموجب الظهير الشريف رقم ‪-91-310‬‬
‫‪،3‬وتأسست بذلك الغرفة الدستورية لدى المجلس اَلعلى وتألفت من خمسة أعضاء من بينهم الرئيس‬
‫بحكم القانون وعضوان يعينان بمرسوم ملكي لمدة ستة سنوات وهما قاض مستشار بالغرفة اإلدارية‬
‫للمجلس اَلعلى وأستاذ بكليات الحقوق يعينان بمرسوم ملكي لمدة ستة سنوات‪ ،‬وعضوان يعين أحدهما‬
‫رئيس مجلس النواب في مستهل كل مدة نيابية‪ ،‬واآلخر يعينه رئيس مجلس المستشارين عند تنصيب هذا‬
‫المجلس أول مرة واثر كل تجديد جزئي يباشر فيه‪،4‬‬
‫وتغيرت تركيبة الغرفة الدستورية بالمجلس اَلعلى سنة ‪ 3607‬وذلك بحذف عضو ممثل ومعين من طرف‬
‫مجلس المستشارين بعد إلغاء هذا المجلس سنة ‪ ،3607‬والذي كان يشكل الغرفة العليا في البرلمان‬
‫المغربي حينذاك وتم التخلي على الثنائية البرلمانية واستبدالها بمجلس واحد سمي مجلس النواب‪.5‬‬

‫‪-1‬رشيد المدور‪ :‬تطور الرقابة الدستورية في المغرب‪،:‬الغرفة الدستورية‪ ،‬المجلس الدستوري‪ ،‬المحكمة الدستورية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪-2‬رشيد المدور‪ :‬مستجدات القضاء الدستوري المغربي في نطاق دستور ‪ -2222‬تجربة اإلصالح الدستوري في المغـرب‪ ،‬تاأليف مجموعاة بااحثين‪،‬‬
‫منتدى العالقات العربية والدولية‪ ،6733 ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪-3‬أنظاار‪ /‬إساراء محمااود باادر‪ :‬المجلــس الدســتوري المغربــي ودوره فــي الرقابــة علــى دســتورية القـوانين‪ ،‬مجلااة الكوفااة‪ ،‬العاادد ‪ ،6736 ،31‬ص ص‬
‫‪.676-673‬‬
‫‪-4‬رشيد المدور‪ :‬تطاور الرقابة علـى دسـتورية القـوانين فـي المغـرب‪ :‬الغرفـة الدسـتورية‪ ،‬المجلـس الدسـتوري المحكمـة الدسـتورية‪ ،‬المرجاع الساابق‪،‬‬
‫ص ‪ 33‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪-5‬أنظر‪ /‬جمال بن سالم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -‬و الفصا اال ‪ 63‬ما اان الدسا ااتور المغربا ااي لسا اانة ‪ 3606‬الصا ااادر فا ااي ‪ 73‬ما ااارس ‪ 3606‬والصا ااادر بتنفيا ااذه الظهيا اار الش ا اريف رقا اام ‪3-796-06‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 3‬مارس ‪ ،3606‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ 1769‬الصادرة بتاريخ ‪ 33‬مارس ‪.3606‬‬

‫‪175‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫ثم ارتفع في التغيير اآلخر إلى سبعة أعضاء بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪ 3606‬وعالوة على‬
‫ذلك تم تقليص مدة انتداب مجلس النواب من ست ‪ 79‬إلى أربع ‪ 71‬سنوات عمال بأحكام الفصل ‪ 11‬من‬
‫الدستور وهكذا أضحت الغرفة الدستورية بالمجلس اَلعلى تتركب من سبعة ‪ 70‬أعضاء هم الرئيس اَلول‬
‫للمجلس اَلعلى‪ ،‬وثالثة أعضاء يعينهم الملك بظهير شريف لمدة أربع ‪ 71‬سنوات‪ ،‬وثالثة ‪ 71‬أعضاء‬
‫يعينهم في مستهل مدة النيابة رئيس مجلس النواب بعد استشارة فرق المجلس‪ ،‬ويشار كذلك من جهة إلى‬
‫أن رئيس الغرفة الدستورية يحكم القانون منذ الدستور اَلول لعام ‪ 3696‬مرو ار بدستور ‪ 3607‬إلى دستور‬
‫‪ 3606‬ظل هو الرئيس اَلول للمجلس اَلعلى‪ ،‬ومن جهة أخرى إلى تعيين اَلعضاء في الغرفة الدستورية‬
‫الذي يمارسه رئيس مجلس النواب بعد أن كان مطلقا في دستور ‪ 3696‬و‪ 3607‬أمسى مقيدا باستشارته‬
‫في ذلك الفرق البرلمانية في دستور ‪ 3606‬الذي نص الفصل ‪ 63‬منه على أنه‪ « :‬ثالثة ‪ 71‬أعضاء‬
‫يعينهم في مستهل مدة النيابة رئيس مجلس النواب بعد استشارة فروق المجلس»‪.‬‬
‫تمااارس الغرفااة الدسااتورية االختصاصااات المسااندة إليهااا بموجااب دساتور ‪ 3696‬والتاي كرسااها بعااده‬
‫دسااتور ‪ 3607‬و‪ 3606‬والجديااد الااذي يلفاات االنتباااه أن هااذا اَلخياار أضاااف إمكانيااة إسااناد اختصاصااات‬
‫أخاارى إلااى الغرفااة الدسااتورية بموجااب ق اوانين تنظيميااة حيااث نااص الفصاال ‪ 60‬منااه علااى أنااه‪ « :‬تمااارس‬
‫الغرفة الدستورية االختصاصات المسندة إليها بفصول الدستور أو بمقتضيات قوانين تنظيمية»‪.1‬‬

‫ويكااون االتصااال بالغرفااة الدسااتورية لطلااب رقابااة الدسااتورية ماان طاارف ال اوزير اَلول عاان الساالطة التنفيذيااة‬
‫ومن طارف رئايس مجلاس الناواب عان السالطة التشاريعية‪ ،‬أماا فاي حاال الطعاون االنتخابياة البرلمانياة فكاان‬
‫الطعان متاحاا للناااخبين فاي الادائرة المعنيااة باالنزاع وللمترشاحين فااي نفاس الوقات وللعاماال وكاذا أماين اللجنااة‬
‫الوطنية لإلحصاء ما جعل من اجتهاد الغرفة الدستورية ضعيفا ومجاالت تدخلها ضيقة جدا‪،2‬والمالحظ أن‬
‫الغرفااة الدسااتورية ماان حيااث اختصاصاااتها لاام تعاارف أي تجديااد أو إثاراء ذلااك أنهااا ظلاات كمااا كاناات منااذ مااا‬
‫يقاارب ماان ‪ 67‬ساانة تمااارس نفااس الصااالحيات كمااا أن المشاارع المغربااي لاام يسااند إلااى هااذه الغرفااة جميااع‬
‫الصاالحيات حياث ال نجاد فاي الانص الدساتوري المغرباي أي إشاارة إلاى إمكانياة إحالاة القاوانين العادياة إلاى‬
‫الغرفة الدستورية في حالة اقتناع اَلجهزة العليا للدولة بعدم مطابقتهاا للدساتور‪ ،‬كماا أناه ال يمكان إحالاة أي‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬رشيد المدور‪ :‬تطور الرقابة الدستورية في المغرب‪ ،‬الفرقة الدستورية‪ ،‬المجلس الدستوري المحكمـة الدسـتورية‪ ،‬المرجاع الساابق ص ‪36‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -2‬بن سالم جمال‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬

‫‪176‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫التزام دولي على الغرفة الدساتورية حتاى لاو كانات االتفاقياة الدولياة تتطلاب موافقاة مجلاس الناواب‪ ،1‬وبسابب‬
‫ضااعف المكانااة واآلليااات القانونيااة المتاحاة لتفعياال دور الغرفااة الدسااتورية وبالتااالي غياااب القا اررات الحاساامة‬
‫والم ااؤثرة دف ااع بدس ااتور ‪ 3666‬إل ااى إلغائها اا وتعويض ااها بمجل ااس دس ااتوري الش اابيه م اان حيا اث االختص اااص‬
‫بالمجلس الدستوري الفرنسي لكنه يختلف عنه من حيث التركيبة والهيكلة‪.2‬‬

‫‪ -1‬مرحلــة الرقابــة علــى دســتورية الق ـوانين فــي ظــل المجلــس الدســتوري‪ :‬عرفاات الرقابااة علااى دسااتورية‬
‫القوانين فاي المغارب عهادا جديادا علاى إثار المراجعاة الدساتورية لسانة ‪ 3666‬حياث اساتحدث بموجباه هيئاة‬
‫دسا اتورية كلف اات بالرقاب ااة عل ااى دس ااتورية القا اوانين بع ااد ثالث ااين س اانة ‪ 3666-3696-‬م اان تكلي ااف الغرف ااة‬
‫الدستورية بها‪ .3‬لينتقل المغرب بذلك من نظام الغرفة الدستورية إلى مجلاس دساتوري يتكاون مان تساعة ‪76‬‬
‫أعضاااء‪ ،‬أربعااة ‪ 71‬ماانهم ورئاايس المجلااس يعياانهم الملااك وأربعااة ‪ 71‬آخ ارين يعياانهم رئاايس مجلااس الن اواب‬
‫لاانفس الماادة بعااد استشااارة الفاارق النيابيااة‪ ،‬وقااد حااددت ماادة عضااويتهم بساات ‪ 79‬ساانوات‪ ،‬قابلااة للتجديااد م ارة‬
‫واحاادة‪ ،‬علااى أن يااتم التجديااد النصاافي لكاال فئااة كاال ثااالث ‪ 71‬ساانوات وعنااد أول تعيااين َلعضاااء المجلااس‬
‫الدستوري عقب إنشائه يتم تعيين عضوان ‪ 76‬عن كل فئاة لمادة ثالثاة ‪ 71‬سانوات‪ ،‬ويعاين العضاوان‪76‬‬
‫اآلخران لمدة ست ‪ 79‬سنوات‪.4‬‬

‫وعمال بأحكام الفصل ‪ 1/06‬من الدستور المغربي لسنة ‪ 3666‬يتم إخطار المجلس الدستوري من‬
‫طاارف الملااك أو الااوزير اَلول أو رئاايس مجلااس الن اواب أو ربااع اَلعضاااء الااذين يتااألف ماانهم هااذا المجلااس‬
‫على أن يحيلاوا القاوانين قبال إصادار اَلمار بتنفياذها إلاى المجلاس الدساتوري ليفصال فاي مطابقتهاا للدساتور‬
‫هذا وقد طارأت زياادة علاى عادد أعضااء المجلاس الدساتوري بموجاب التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 3669‬حياث‬
‫أصبح عددهم وفقا للفصل ‪ 06‬منه اثني عشار‪ 36‬عضاوا يقاوم الملاك بتعياين ساتة ‪ 79‬أعضااء مانهم لمادة‬
‫تس ااع ‪ 76‬س اانوات‪ ،‬وثالثا اة ‪ 71‬يعي اانهم رئ اايس مجل ااس النا اواب‪ ،‬وثالث ااة ‪ 71‬آخا ارين يعي اانهم رئ اايس مجل ااس‬
‫المستشارين لنفس المدة‪ ،‬على أن يتم التجديد النصفي لألعضاء كل ثالث ‪ 71‬سنوات‪ ،‬أما رئيس المجلس‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬رشيد المدور‪ :‬تطور الرقابة الدسـتورية فـي المغـرب‪ :‬الغرفـة الدسـتورية‪ ،‬المجلـس الدسـتوري‪ ،‬المحكمـة الدسـتورية‪ ،‬المرجاع الساابق‪ ،‬ص‬
‫‪.39‬‬
‫‪ -2‬عبد الحق بلفقياه‪ :‬تجربـة القضـاء الدسـتوري بـالمغرب‪-‬دراسـة تحليليـة نقديـة‪ ،‬مجلاة المناارة للد ارساات القانونياة واإلدارياة‪ ،‬عادد ‪ ،6731 ،79‬ص‬
‫‪.316‬‬
‫‪ -3‬الفصل ‪ 09‬من دستور المغرب لسنة ‪ 3666‬المؤرخ في ‪ 76‬سبتمبر ‪ ،3666‬الصادر بتنفياذه الظهيار الشاريف رقام ‪ 3-66-333‬الصاادر بتااريخ‬
‫‪ 76‬أكتوبر ‪ ،3666‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،1306‬المؤرخ في ‪ 31‬أكتوبر ‪.3666‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬المواد‪ 76‬و‪ 71‬من القانون التنظيماي رقام ‪ 66/61‬المتعلاق باالمجلس الدساتوري المغرباي الصاادر بتنفياذه الظهيار الشاريف رقام ‪-61-361‬‬
‫‪ ،73‬المؤرخ في ‪ 63‬سبتمبر ‪ ،3661‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ 1611‬الصادرة بتاريخ ‪ 76‬مارس ‪.3661‬‬

‫‪177‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫الدساتوري فيااتم تعيينااه ماان طاارف الملااك ماان بااين اَلعضاااء الااذين عياانهم الملااك ولاانفس ماادة العضااوية وهااي‬
‫غير قابلة للتجديد‪ ،‬ويقول اَلستاذ "رشيد المادور" أن ارتفااع عادد أعضااء المجلاس الدساتوري مان تساع ‪76‬‬
‫إلااى اثنااي عشارة ‪ 36‬عضاوا يعااود سااببه إلااى البرلمااان الااذي أصاابح يتكااون ماان مجلسااين اثنااين همااا مجلااس‬
‫النواب ومجلس المستشارين‪ ،‬ويشاار إلاى أن التعييناات المنوطاة برئيساي مجلساي البرلماان تاتم بعاد استشاارة‬
‫كل منهما الفرق البرلمانية على صعيد كل مجلس معني‪.1‬‬

‫أمااا التغيياار الااذي حاادث فااي دسااتور ‪ 3669‬المتعلااق بعاادم إلحاااق المجلااس الدسااتوري بالقضاااء كمااا‬
‫كااان متبااع فااي ظاال الدساااتير السااابقة يعااود لكااون المشاارع الدسااتوري قااد تعمااد عاادم إعطاااء الصاافة القضااائية‬
‫البحتة لهذا الجهاز َلنه سيكون للجهازين المهماة نفساها فضاال عان كاون القاضاي الدساتوري مهمتاه ليسات‬
‫العماال علااى تطبيااق القااانون وانمااا مراقبتااه‪ ،‬أمااا القاضااي العااادي فهااو يخضااع للقااانون ويااأتي بعااد القاضااي‬
‫الدستوري‪ ،2‬وهكذا أصبح المجلس الدستوري وبعد التأكيد عليه في دستور ‪ 3669‬يحتل المكانة الرابعة في‬
‫سالم المؤسساات الدساتورية باعتبااره هيئاة مساتقلة عاان القضااء العاادي تتمتاع باإلضاافة إلاى االختصاصااات‬
‫الس ااابقة – للغرف ااة الدس ااتورية ‪ -‬وَلول ما ارة بس االطة الرقاب ااة الدس ااتورية عل ااى القا اوانين العادي ااة الت ااي تعتب اار‬
‫اختصاصا رئيسيا للقضاء الدستوري‪ ،‬وقد تجلت مظاهر هذه االستقاللية في كون هذه الوضعية تم تعزيزها‬
‫ماان جهااة بالدسااتور نفسااه حيااث خصااص القضاااء الدسااتوري فااي شااكل المجلااس الدسااتوري بابااا خاصااا بااه‬
‫مختل اف عاان الباااب المخصااص للقضاااء العااادي وماان جهااة أخاارى بالقااانون التنظيمااي المتعلااق بااالمجلس‬
‫الدسااتوري‪ .3‬وتجاادر اإلشااارة هنااا إلااى دسااتور ‪ 3669‬قااد وسااع ماان مجااال اإلحالااة علااى المجلااس الدسااتوري‬
‫حيااث أصاابح بموجااب الفصاال ‪ 71/93‬منااه لكاال ماان الملااك أو الااوزير اَلول أو رئاايس مجلااس الن اواب أو‬
‫رئيس مجلس المستشارين أن يحيلوا القوانين قبل إصدار اَلمار بتنفياذها إلاى المجلاس الدساتوري للتأكاد مان‬
‫مطابقته ااا للدس ااتور‪ ،‬كم ااا أن ااه لل ااوزير اَلول ورئ اايس مجل ااس النا اواب ورئ اايس مجل ااس المستش ااارين وأعض اااء‬
‫المجلس ااين الم ااذكورين أن ي اادلوا إل ااى المجل ااس الدس ااتوري بم ااا يب اادوا له اام م اان مالحظ ااات ف ااي ش ااأن القض ااية‬
‫المعروضااة عليااه‪ ،‬كمااا يشااار أيضااا إلااى أن نشاار ق ارار المجلااس الدسااتوري القاضااي بعاادم مطابقااة مااادة ماان‬
‫القااانون المعااروض عليااه وفقااا للمااادة ‪ 91‬ماان القااانون التنظيمااي المتعلااق بااالمجلس الدسااتوري‪ ،‬يحااول دون‬
‫إصدار اَلمر بتنفياذ القاانون واذا قضاى المجلاس الدساتوري باأن قانوناا يتضامن ماادة غيار مطابقاة للدساتور‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬رشيد المدور‪ :‬تطور الرقابة الدسـتورية فـي المغـرب‪ :‬الغرفـة الدسـتورية‪ ،‬المجلـس الدسـتوري‪ ،‬المحكمـة الدسـتورية‪ ،‬المرجاع الساابق‪ ،‬ص‬
‫‪.39‬‬
‫‪-2‬إسراء محمود بدر علي‪ :‬المرجع السابق ص ‪.671‬‬
‫‪-3‬عبد الحق بلفقيه‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.337‬‬

‫‪178‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫ولكن يمكن فصلها من مجموعه يجوز إصدار اَلمر بتنفيذ القانون باستثناء المادة المصرح بعدم مطابقتهاا‬
‫للدستور‪.1‬‬

‫وفااي إطااار تطااور آخاار اتجهاات المملكااة المغربيااة نحااو الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية الق اوانين‬
‫واالنتقااال إلااى نظااام المحكمااة الدسااتورية كبااديل عاان المجلااس الدسااتوري وقااد حاادث هااذا اإلصااالح فااي ظاال‬
‫التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6733‬حيث نص الفصل ‪ 366‬منه على أنه‪ « :‬تحدث محكمة دساتورية» وذلاك‬
‫بعد قرابة حوالي عقدين من الزمن (‪ )6733-3669‬وتمارس المحكمة الدستورية بتشكيلة تتكاون مان اثناي‬
‫عشارة ‪ 36‬عضاوا بموجااب أحكااام الفصاال ‪ 317‬ماان الدسااتور اختصاصااات جدياادة علااى قاادر بااالغ اَلهميااة‬
‫تتعلق بمراقبة الدستورية فضال عن االختصاصات التقليدياة للمجلاس الدساتوري‪ ،‬فأضاحى بإمكاان المحكماة‬
‫الدستورية الفصل في القاوانين بعاد صادور اَلمار بتنفياذها فاي إطاار الادفع بعادم الدساتورية أثنااء النظار فاي‬
‫نزاع معروض على القضاء بموجب الفصل ‪ 311‬من الدستور‪ ،‬فضال على تخفيف المشارع الدساتوري مان‬
‫القيااود علااى الرقابااة الدسااتورية االختياريااة وسااع ماان هااذا االختصاااص ليشاامل إضااافة إلااى مااا ساابق مراقبااة‬
‫دسااتورية االتفاقيااات والمعاهاادات الدوليااة‪ ،‬وعااالوة علااى ذلااك جعاال هااذه الرقابااة تجمااع بااين الرقابااة السياسااية‬
‫السااابقة علااى صاادور اَلماار بتنفيااذ القاوانين وبااين الرقابااة القضااائية التااي تااتم بواسااطة الاادفع بعاادم الدساتورية‬
‫وفيما يتعلق بالرقابة الوجوبية زاد هذا االختصاص توسعا ليشامل إضاافة إلاى القاوانين التنظيمياة والنظاامين‬
‫الداخليين لمجلسي البرلمان بموجاب القاانون التنظيماي المتعلاق بالمحكماة الدساتورية‪ ،‬الرقاباة علاى دساتورية‬
‫سائر اَلنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية‪.2‬‬

‫ويتضااح ممااا ساابق التطاارق لااه أن دسااتور‪ 6733‬أسااس لتطااورات جوهريااة فااي تاااريخ الرقابااة علااى‬
‫دس تورية القوانين في المملكة المغربية من خالل النص على إنشاء محكمة دستورية بأسلوب رقاباة قضاائية‬
‫مع توسيع في االختصاصات الدستورية مقارنة مع ما كانات علياه ساابقا فاي ظال رقاباة المجلاس الدساتوري‬
‫والتاي مان أبرزهاا اختصااص الادفع بعادم الدساتورية لياتم باذلك تطاوير مفهاوم الرقاباة علاى دساتورية القاوانين‬
‫في تجربة الرقابة الدستورية في المملكة المغربية‪.‬‬

‫ب‪ -‬نشــأة الرقابــة القضــائية علــى دســتورية الق ـوانين فــي تــونس‪ :‬لاام تكاان تااونس فااي تسااعينيات القاارن‬
‫الماضي تعير اهتماما لمبدأ سمو الدستور في الابالد‪ ،‬اَلمار الاذي كاان ساببا بالمطالباة بإحاداث هيئاة تساند‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬رشيد المدور‪ :‬تطور الرقابة الدسـتورية فـي المغـرب‪ :‬الغرفـة الدسـتورية‪ ،‬المجلـس الدسـتوري‪ ،‬المحكمـة الدسـتورية‪ ،‬المرجاع الساابق‪ ،‬ص‬
‫‪.93‬‬
‫‪ -2‬رشيد المدور‪ :‬مستجدات القضاء الدستوري المغربي في نطاق دستور ‪ ،2222‬المرجع السابق ص ص ‪.66-69‬‬

‫‪179‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫إليها مهمة الرقابة على دستورية القوانين والحفاظ على سمو الدساتور الضاامن لحقاوق الماواطنين وحريااتهم‬
‫واالتجاه الغالب كان يميل لتبني رقابة سياسة على النمط الفرنسي واستبعاد الرقابة القضائية‪ ،1‬لنجاد باذلك‬
‫أن الرقابة على دستورية القوانين في الجمهورية التونسية مرت خالل نشأتها بمرحلتين كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -2‬مرحلة ما قبل دسـترة المجلـس الدسـتوري‪ :‬جااء فاي الفصال ‪ 99‬مان مشاروع التعاديل الدساتوري الاذي‬
‫تقاادم بعرضااه رئاايس الجمهوريااة علااى مجلااس اَلمااة فااي الفاااتح ماان فيفااري ‪ 3603‬أنااه للمجلااس الدسااتوري‬
‫صالحيات هي‪:‬‬

‫‪ -‬التحقااق ماان مالئمااة مشاااريع القاوانين اَلساسااية (العضاوية) لاانص الدسااتور‪ ،‬تسااجيل المترشااحين لرئاسااة‬
‫الجمهورية في سجل خاص والنظر في صحة ترشحهم اإلعاالن عان نتاائج االنتخاباات الرئاساية‪ ،‬البات فاي‬
‫صااحة االنتخابااات الرئاسااية وذلااك عنااد معارضااة أحااد المترشااحين إثبااات شااغور منصااب رئاسااة الجمهوريااة‬
‫وذلك بطلب من رئيس مجلس اَلمة والوزير اَلول‪.‬‬

‫وعلى إثر ذلك صرح الوزير اَلول التونسي أنه‪ «:‬اقتضى النظار إحاداث المجلاس الدساتوري وهاو مؤسساة‬
‫دستورية جديدة‪ ،‬وضعت لضمان احترام الدساتور بصافة فعالاة‪ ،‬ومهمتاه الرئيساية هاي الحارص علاى تاأمين‬
‫الموافقة ولتطابق بين الدستور وبين القوانين على اختالف أنواعها»‪.2‬‬

‫وبتاريخ ‪ 79‬جوان ‪ 3607‬ألقى رئايس الجمهورياة خطاباا أعلان فياه عان إنشااء لجناة مكلفاة بتعاديل‬
‫الدسااتور‪ ،‬إال أن اَلحااداث التااي ماارت بهااا تااونس آنااذاك حالاات دون إنشاااء المجلااس الدسااتوري وتبريا ار لااذلك‬
‫جاء خطاب الوزير اَلول قائال‪ « :‬وربما يتساءل البعض عن اَلسباب التي أدت إلى العادول عان إحاداث‬
‫هذه الهيئة‪ ،‬والجواب أننا بعد التفكير العميق أنه قد يحادث تنااقض باين الدساتور وباين تكاوين هيئاة قانونياة‬
‫ذلك أن الدستور ينص على أن رئايس الدولاة هاو السااهر علياه‪ ،‬أي علاى تطبيقاه وال أعتقاد أن هنااك هيئاة‬
‫قادرة على السهر على احتا ارم الدساتور أكثار مان مجلاس اَلماة‪ ،‬وال يمكان أن يسان المجلاس قاوانين مخالفاة‬
‫لمفهوم الدستور ولمنطوقه »‪.3‬‬

‫ليسااتمر بااذلك تجاهاال الساالطة لضاارورة إنشاااء هيئااة رقابيااة يعااود لهااا اختصاااص السااهر علااى ساامو‬
‫الدستور حتى في التعديل الدستوري لسنة ‪ 3609‬الذي لم يتضمن أي إشارة لهذا اَلمر وبقي الوضع علاى‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬جمال بن سالم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.19‬‬


‫‪-2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.13-17‬‬

‫‪180‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫حاله إلى غاياة ماا يسامى بالعهاد الجدياد فاي تاونس‪ ،‬وذلاك بعاد نهاياة عهاد الارئيس اَلسابق الحبياب بورقيباة‬
‫ساانة ‪ 3690‬لتباادأ بااذلك الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين متااأخرة فااي تااونس‪ ،‬حيااث تاام إحااداث هيئااة رقابيااة‬
‫تختص بالرقابة علاى دساتورية القاوانين عرفات باالمجلس الدساتوري للجمهورياة بموجاب اَلمار الترتيباي عادد‬
‫‪ 3131‬لسنة ‪ ،13690‬وبموجب ذلك دخلت الرقابة على دستورية القوانين في تونس مرحلة جديادة تام فيهاا‬
‫إنشاء أول هيئاة رقابياة فاي الجمهورياة التونساية بانص مان اَلمار الترتيباي رقام ‪ 3131‬الصاادر بتااريخ ‪39‬‬
‫ديسمبر ‪ 3690‬أطلقت عليها تسمية "المجلس الدساتوري للجمهورياة" حياث جااء فاي ناص الفصال ‪ 73‬مناه‬
‫أنه‪ « :‬أحدثت هيئة استشارية سميت المجلس الدستوري للجمهورية »‪.‬‬

‫ويتااألف المجلااس الدسااتوري وفقااا لهااذا اَلماار ماان إحاادى عشارة ‪ 33‬عضاوا يااتم اختيااارهم ماان طاارف‬
‫رئايس الجمهوريااة ماان بااين الشخصاايات المباشارة أو المحالااة علااى التقاعااد بااالنظر إلاى كفاااءتهم فااي المياادان‬
‫القانوني والسياساي‪ ،‬حياث أن تساعة ‪ 76‬مانهم تخصصاهم قاانوني أربعاة ‪ 71‬مانهم أسااتذة جاامعيين وثالثاة‬
‫‪ 71‬ماانهم ساابق شااغلهم لوظااائف و ازريااة‪ ،‬فضااال علااى أن رئاايس المجلااس كااان عضاوا فاي اللجنااة المركزيااة‬
‫لحاازب الساالطة وعضااو ‪ 73‬أخاار شااغل وظيفااة اَلمااين العااام لاانفس الحاازب‪ ،‬وعض اوان آخ اران ‪ 76‬ش ااغلوا‬
‫وظائف نيابية في مجلس النواب‪.2‬‬

‫هاذا وقاد أنااط نفاس اَلماار الترتيباي فاي الفصال ‪ 76‬و‪ 71‬منااه المجلاس الدساتوري للجمهورياة مهااام‬
‫النظر في مشاريع القوانين التي يعرضاها علياه رئايس الجمهورياة الاذي يقتصار علياه حاق إخطااره أو إحالاة‬
‫مشاااريع الق اوانين أو المسااائل التااي تتعلااق بسااير المؤسسااات باعتباااره الضااامن الحتاارام الدسااتور إلبااداء أريااه‬
‫حول مدى مطابقتها للدستور‪3‬لتكون بذلك هيئة المجلس الدستوري في هاذه المرحلاة هيئاة غيار دساتورية وال‬
‫رقابيااة باال تاام إنشاااؤها بموجااب نااص ترتيبااي دورهااا استشاااري يسااتحوذ عليهااا رئاايس الجمهوريااة ماان حيااث‬
‫التش ااكيلة واالختصاص ااات‪ ،‬وحت ااى م اان الناحي ااة المالي ااة ج اااء ف ااي ها اذا اَلم اار تحمي اال المص اااريف الخاص ااة‬
‫بالمجلس الدستوري على اعتمادات الو ازرة اَلولى لتفتقر بذلك هذه الهيئة حتى لالستقاللية المالية‪.4‬‬

‫‪-1‬الفصاال ‪ 73‬ماان اَلماار الترتيبااي رقاام ‪ 3131‬المااؤرخ فااي ‪ 39‬ديساامبر ‪ 3690‬المتعلااق بإحااداث المجلااس الدسااتوري للجمهوريااة‪ ،‬ال ارعااي الرساامي‪ ،‬ج‬
‫ت‪ ،‬عدد ‪ ،99‬الصادرة بتاريخ ‪ 39‬ديسمبر ‪.3690‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- RAFAA BENAHOUR ABDESSALEM LACHAA: le control de la constitutionalite des Lois – état de la‬‬
‫‪question –Annuaire international de justice constitutionnelle, ،1991-1991 ،7p 642.‬‬
‫‪-3‬ورد في نص الفصل ‪ 76‬من اَلمر الترتيبي ‪ 3131‬سنة ‪ 3690‬أنه‪ « :‬يكلف المجلاس الدساتوري باالنظر فاي مشااريع القاوانين التاي يعرضاها علياه‬
‫رئيس الجمهورية الضامن الحترام الدستور‪ ،‬وذلك لغرض إبداء رأيه في مطابقتها للدستور»‪.‬‬
‫‪ -‬كما نص الفصل ‪ 71‬منه أنه‪ « :‬يمكن لرئيس الجمهورية أن يعرض للدرس على المجلس الدستوري كل المسائل التي تتعلق بسير المؤسسات»‪.‬‬
‫‪-4‬نوارة تريعة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.313-311‬‬

‫‪181‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫وما يعاب على المجلس الدستوري حينذاك هو إنشاؤه بأمر ترتيبي الشيء الذي يجعل أمار إلغائاه‬
‫ياتم بكاال ساهولة عمااال بقاعادة تاوازي اَلشاكال لااذا كاان ماان اَلجادر إنشااائه بانص دسااتوري حتاى تكااون هااذه‬
‫الهيئة في منأى عن اَلهواء السياسية‪ ،‬حيث يقول في هذا الشأن اَلساتاذ "الهاادي بان ماراد"‪ « :‬إن إحاداث‬
‫المجلا ااس الدسا ااتوري للجمهوريا ااة بمقتضا ااى مقا اارر إداري – اَلما اار الترتيبا ااي‪ -‬ال يا ااوفر الضا اامانات الفعليا ااة‬
‫الستق ارره وال يمكن أال ينعكس ذلك على هياكلاه وان تاوازي التكاتالت يقتضاي أن ماا أحادث باأمر يمكان أن‬
‫يح ااذف ب اانفس اإلجا اراء ول ااذلك ف ااإن المجل ااس الدس ااتوري ال يتمت ااع مطلق ااا بالض اامانات الت ااي يوفره ااا إحداث ااه‬
‫بمقتضى الدستور وبذلك يبقى خاضعا لتقلبات الحياة السياسية»‪.1‬‬

‫واسااتمر الوضااع علااى حالااه إلااى أن صاادر القااانون عاادد ‪ 16‬المااؤرخ فااي ‪ 39‬أفرياال ‪ ،23667‬الااذي أعاااد‬
‫تنظايم المجلاس الدسااتوري للجمهورياة ومنحااه قاد ار ماان االساتقاللية فاي التساايير وممارساة المهااام فاي الفصاال‬
‫اَلول منه الذي جاء فيه أن المجلاس الدساتوري هاو هيئاة استشاارية تتمتاع بالشخصاية القانونياة واالساتقالل‬
‫المالي‪ ،‬وأصبح يعمل بتشكيلة تسعة ‪ 76‬أعضاء بما فيهم الرئيس بدال من إحدى عشر ‪ 33‬عضوا يشارف‬
‫على بقيتهم رئيس الجمهورية بمقتضى أمر ويكاون اختياارهم خاصاة مان باين ذوي الخبارة القانونياة المتميازة‬
‫بقطع النظر عن السن‪.3‬‬

‫أوكاال للمجلااس الدسااتوري بموجااب فصااول هااذا القااانون النظاار فااي مشاااريع القاوانين التااي يعرضااها‬
‫علي ااه رئ اايس الجمهوري ااة قب اال إحالته ااا عل ااى مجل ااس النا اواب إلب ااداء أري ااه ف ااي م اادى مطابقته ااا للدس ااتور م اان‬
‫عاادمها‪ ،4‬وذلااك ماان خااالل رقابااة سااابقة وجوبيااة علااى مشاااريع القاوانين اَلساسااية‪ ،‬فضااال علااى رقابااة سااابقة‬
‫اختيارية على مشاريع القوانين غير المنصوص عليها في الفصل ‪ 70‬من هذا القانون‪ ،‬وكذا ما تعلق منهاا‬
‫بالمسائل التي تتعلق بتنظيم المؤسسات وسيرها بعد إحالة من طرف رئيس الجمهورية‪ ،5‬ورغم اإلصالحات‬
‫التي مست المجلس الدساتوري التونساي إال أناه لام يرقاى إلاى هيئاة دساتورية إلنشاائه بواساطة ناص تنظيماي‬
‫صادر عن السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫‪-1‬جمال بن سالم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬


‫‪ -2‬القااانون عاادد ‪ 16‬المااؤرخ فااي ‪ 39‬أفرياال ‪ 3667‬المتعلااق بااالمجلس الدسااتوري‪ ،‬ال ارعااي الرساامي ج ت‪ ،‬عاادد ‪ ،60‬المؤرخااة فااي ‪ 67‬أفرياال ‪،3667‬‬
‫ص ‪.310‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬الفصل ‪ 71‬و‪ 71‬من نفس المصدر‪.‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬الفصل ‪ 79‬من القانون عدد ‪ 16‬المؤرخ في ‪ 39‬أفريل ‪ 3667‬المتعلق بالمجلس الدستوري المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -5‬انظر‪ /‬الفصل ‪ 70‬و‪ 79‬و‪ 36‬من نفس المصدر‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫‪ -2‬مرحلــة دســترة المجلــس الدســتوري‪ :‬وهااي مرحلااة شااهد فيهااا مسااار الرقابااة علااى دسااتورية القاوانين فااي‬
‫تونس تطو ار لم يشهد له مثيل من خالل االنتقال بالمجلس الدستوري من هيئة استشارية إلى هيئة دستورية‬
‫بموجب أحكام فصول الباب التاسع من التعديل الدستوري التونسي لسنة ‪ 3663‬والتعديالت التي تلته وكذا‬
‫االرتقاء بعد ذلك بالمجلس الدستوري إلى محكمة دستورية بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪.6731‬‬

‫حيااث تاام االنتقااال كمرحلااة أولااى بااالمجلس الدسااتوري إلااى هيئااة دسااتورية رقابيااة بموجااب التعااديل الدسااتوري‬
‫التونساي بتاااريخ ‪ 79‬نااوفمبر ‪ 3663‬الااذي ناص الفصاال اَلول منااه علااى إضاافة باااب جديااد للدسااتور‪ ،1‬هااو‬
‫الباب التاسع الذي تضم أحكام فصوله تنظيم المجلس الدستوري أما تشكيلته فأحال مسألتها الفصل ‪6/03‬‬
‫إلى القانون اَلساسي الذي يضبط تركيبته واجراءاته‪ ،2‬وقد حافظ فيه المجلس على نفاس تركيبتاه العضاوية‬
‫إال أنه لم يحدد الجهة التي يجب أن ينتمي إليهاا اَلعضااء كماا كاان علياه الحاال بموجاب القاانون رقام ‪67‬‬
‫لساانة ‪ ،3663‬ولقااد تلااى هااذا التعااديل تعااديل آخاار ساان الدسااتور التونسااي ساانة ‪ 3660‬أضاافى علااى أراء‬
‫المجلااس الدسااتوري الطااابع اإلل ازمااي ودعاام هااذا المسااار التنقاايح الدسااتوري لساانة ‪ ،33669‬الااذي ساان الباااب‬
‫التاسع المتعلق باالمجلس الدساتوري مان خاالل تعاديل الفقارة اَلولاى مان الفصال ‪ 03‬مناه والمتعلقاة بتشاكيلة‬
‫المجلس‪.‬‬

‫ودعم هذا التحول في مسار المجلس الدستوري التونسي قاانون التعاديل الدساتوري العادد ‪ 33‬لسانة ‪6776‬‬
‫والااذي عرفاات تشااكيلة المجلااس الدسااتوري ماان خاللااه بعااض التغي ارات ماان حيااث الجهااة المعينااة وكااذا جهااة‬
‫االنتماااء‪ ،‬حيااث أصاابح تعيااين رئاايس الجمهوريااة بموجااب هااذا التعااديل يقتصاار علااى أربعااة ‪ 71‬أعضاااء بمااا‬
‫فاايهم رئاايس المجلااس بعاادما كااان ينفاارد بتعيااين جميااع اَلعضاااء‪ ،‬وعضاوان‪ 76‬يعياانهم رئاايس مجلااس الناواب‬
‫وثاالث ‪ 71‬أعضاااء يمثلااون الساالطة القضااائية بصاافتهم تلااك وهاام الارئيس اَلول لمحكمااة التعقيااب‪ ،‬والارئيس‬
‫اَلول للمحكمة اإلدارية‪ ،‬والرئيس اَلول لدائرة الحسابات‪ ،4‬اَلمر الذي استقر علياه القاانون اَلساساي لسانة‬
‫‪ 6771‬فضااال علااى حض اره علااى أعضاااء المجلااس الدسااتوري ممارسااة مهااام حكوميااة أو أن يكااون عض اوا‬

‫‪ -1‬الفصل اَلول من القاانون الدساتوري عادد ‪ 67‬لسانة ‪ 3663‬الماؤرخ فاي ‪ 79‬ناوفمبر ‪ 3663‬المتعلاق باالمجلس الدساتوري‪ ،‬ال ارعاي الرسامي‪ ،‬ج ت‪،‬‬
‫العدد ‪ ،67‬الصادرة بتاريخ ‪ 37‬نوفمبر ‪.3663‬‬
‫‪ -2‬أنظار‪ /‬القااانون اَلساساي عاادد ‪ 69‬لسانة ‪ ،3669‬المااؤرخ فاي ‪ 73‬أفرياال ‪ 3669‬المتعلاق بااالمجلس الدساتوري‪ ،‬ال ارعاي الرسامي‪ ،‬ج ت‪ ،‬العاادد ‪،60‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 76‬أفريل ‪.3669‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬القانون الدستوري عدد ‪ 09‬لسنة ‪ 3669‬المؤرخ في ‪ 76‬ناوفمبر ‪ 3669‬المتعلاق بتنقايح الفقارة اَلولاى مان الفصال ‪ 03‬مان الدساتور‪ ،‬ال ارعاي‬
‫الرسمي‪ ،‬ج ت‪ ،‬العدد‪ ،13‬الصادرة بتاريخ ‪ 79‬نوفمبر ‪.3669‬‬
‫‪-4‬أنظ اار‪ /‬الفص اال ‪ 03‬م اان الق ااانون الدس ااتوري ع اادد ‪ 33‬لس اانة ‪ 6776‬الم ااؤرخ ف ااي ‪ 73‬جا اوان ‪ 6776‬يتعل ااق بتنق اايح بع ااض أحك ااام الدس ااتور‪ ،‬ال ارع ااي‬
‫الرسمي‪ ،‬ج ت‪ ،‬العدد ‪ ،13‬الصادرة بتاريخ ‪ 71‬جوان ‪.6776‬‬

‫‪183‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫بمجلااس المستشااارين‪ ،‬أو عض اوا بااالمجلس االقتصااادي أو االجتماااعي وال أن يتحماال نيابااة انتخابيااة عامااة‬
‫جهوية أو محلياة كماا ال يمكانهم االضاطالع بمهاام قيادياة حزبياة أو نقابياة أو مهنياة كانات درجتهاا‪ ،1‬وماا‬
‫يمكاان مالحظتااه فااي شااأن تشااكيلة المجلااس الدسااتوري خااالل هااذه المرحلااة هااو التفاااوت ماان حيااث تمثياال‬
‫الساالطات التااي يتصاادرها رئاايس الجمهوريااة بتعيينااه َلربعااة ‪ 71‬أعضاااء‪ ،‬وماان بياانهم رئاايس المجلااس‪ ،‬وتليااه‬
‫السلطة القضائية بثالث ‪ 71‬أعضاء وفي اَلخير مجلس النواب الذي يمثل بعضوين ‪ 76‬اثنين‪ ،‬مع تغيب‬
‫كاماال للممثلااين عاان مجلااس المستشااارين رغاام اسااتحداث هااذه الهيئااة بموجااب التعااديل الدسااتوري حيااث كااان‬
‫يفترض أن يكون هناك أعضاء من هاته الهيئة مثلما هو معمول به بباقي اَلنظمة المقارنة‪.2‬‬

‫م ااع العل اام أن القا ااانون اَلساس ااي العااادد ‪ 33‬لس اانة ‪ 6771‬ق ااد وسا ااع م اان مجا ااال إخط ااار المجلا ااس‬
‫الدسااتوري التونسااي لكاال ماان رئاايس مجلااس الناواب أو رئاايس مجلااس المستشااارين أن يعاارض علااى المجلااس‬
‫الدسااتوري حسااب الحالااة النظااام الااداخلي للمجلااس المعنااي بموجااب الفصاال ‪ 1/01‬ماان الدسااتور بعاادما كااان‬
‫اَلمر مقتص ار في السابق على رئيس الجمهورية‪.3‬‬

‫هااذا ويخطاار المجلااس الدسااتور للنظاار فااي مشاااريع القاوانين للتأكااد ماان مالءمتهااا للدسااتور علااى أن‬
‫يكون العرض وجوبياا إذا تعلاق اَلمار بمشااريع القاوانين اَلساساية وكاذا مشااريع القاوانين المنصاوص عليهاا‬
‫في الفصال ‪ 10‬مان الدساتور‪ ،‬ومشااريع القاوانين المتعلقاة باَلسااليب العاماة لتطبياق الدساتور وبالجنساية أو‬
‫الحالة الشخصية‪ ،‬وااللتزامات وبضبط الجرائم والعقوبات المطبقة عليها وباإلجراءات أمام مختلاف أصاناف‬
‫المحاااكم وب ااالعفو التشا اريعي‪ ،‬وبالمب ااادئ العام ااة لنظ ااام ملكي ااة مختل ااف أص ااناف المح اااكم والتعل اايم والحص ااة‬
‫العموميااة والشااغل والضاامان االجتماااعي‪ ،‬هااذا ويعاارض وجوبااا علااى المجلااس الدسااتوري طائفااة المعاهاادات‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 76‬من الدستور‪.4‬‬

‫كما أنه للمجلس الدستوري أن يبت في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلس النواب‪ ،‬وأعضاء‬
‫مجل ااس المستش ااارين‪ ،‬كم ااا يب اادي أري ااه ح ااول المس ااائل المتعلق ااة بتنظ اايم المؤسس ااات الدس ااتورية وس اايرها بع ااد‬
‫عرضها عليه من طرف رئيس الجمهورية‪.5‬‬

‫‪-1‬أنظاار‪ /‬الفصاال ‪ 3/37‬ماان القااانون اَلساسااي عاادد ‪ 36‬لساانة ‪ 6771‬مااؤرخ فااي ‪ 36‬جويليااة ‪ ،6771‬يتعلااق بااالمجلس الدسااتوري‪ ،‬ال ارئااد الرساامي‪ ،‬ج‬
‫ت‪ ،‬العدد ‪ 39‬الصادر بتاريخ‪ 39 ،‬جويلية ‪.6771‬‬
‫‪ -2‬نوارة تريعة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬الفصل ‪ 36‬من القانون اَلساسي ‪ 36‬لسنة ‪ ،6771‬مصدر سابق‪.‬‬
‫‪-4‬أنظر‪ /‬الفصل ‪ 3/06‬والفصل ‪ 6/01‬من القانون اَلساسي عدد ‪ 67‬لسنة ‪ ،3663‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪-5‬أنظر‪ /‬الفصل ‪ 1/06‬من القانون اَلساسي عدد ‪ 67‬لسنة ‪ ،3663‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫ورغاام أن المجلااس الدسااتوري كااان مكلفااا بالرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين التااي تعاارض عليااه إال أن‬
‫نمط عمله لم يرقى به إلى مستوى أهمية االختصاصات الموكلة له دستوريا العتباارات عادة‪ ،‬أهمهاا غيااب‬
‫نظام فعال في جانبه التنظيمي والوظيفي بما يتناسب مع طبيعته واختصاصاته‪.‬‬

‫أمااا المرحلااة الثانيااة فااال تقاال أهميااة عاان سااابقتها حيااث تاام االرتقاااء بااالمجلس إلااى محكمااة دسااتورية‬
‫بموجااب أحكااام الفصاال ‪ 339‬ماان دسااتور تااونس الصااادر فااي ‪ 60‬جااانفي ‪ 6731‬حيااث تاام الاانص بموجبااه‬
‫على استحداث محكمة ذات طابع قضائي ومساتقلة يعاود لهاا االختصااص الحصاري للرقاباة علاى دساتورية‬
‫القوانين‪ ،‬كما حدد المواصفات اَلساسية لتركيبتها البشرية التي تتكون من اثناي عشار ‪ 36‬عضاوا مان ذوي‬
‫الكفاااءة‪ ،‬واشااترط أن يكااون ثالثااة أرباااعهم ‪ 1/1‬ماان المختصااين فااي القااانون علااى أن ال تقاال خب ارتهم عاان‬
‫عشرين ‪ 67‬سنة‪ ،‬كما منح حق تعيينهم لرئيس الجمهورية ومجلس النواب والمجلاس اَلعلاى للقضااء أربعاة‬
‫‪ 71‬أعضااء لكاال ماانهم ويكااون تعيياانهم لماادة واحاادة مادتها تسااع ‪ 76‬ساانوات‪ ،‬علااى أن يااتم التجديااد النصاافي‬
‫للعضااوية فااي المحكمااة الدسااتورية كاال ثااالث ‪ 71‬ساانوات‪ ،‬كمااا نااص علااى أن أعضاااء المحكمااة الدسااتورية‬
‫يقوماون بانتخااب رئيسااها ونائباه ماان بيانهم ويجاب أن يكااون االثناان ماان المختصاين فاي القااانون كماا حظاار‬
‫الفصاال ‪ 336‬ماان نفااس الدسااتور الجم اع بااين عضااوية المحكمااة الدسااتورية ومباش ارة أي وظااائف أو مهااام‬
‫أخاارى‪ ،‬فااي حااين حاادد الفصاال ‪ 367‬منااه اختصاصااات المحكمااة الدسااتورية حيااث تقااوم دون ساواها بمراقبااة‬
‫دسااتورية مشاااريع القاوانين بناااء علااى طلااب ماان رئاايس الجمهوريااة أو رئاايس الحكومااة أو ثالثااين ‪ 17‬عضاوا‬
‫من أعضاء نواب الشعب‪.‬‬

‫كما تنظر في مشااريع القاوانين الدساتورية التاي يعرضاها عليهاا رئايس مجلاس ناواب الشاعب حسابما‬
‫هو مقرر بالفصل ‪ 311‬أو لمراقبة احترام إجراءات تعديل الدستور‪ ،‬كماا تخاتص باالنظر فاي مادى مالءماة‬
‫المعاهدات التي يعرضها عليها رئيس الجمهورية ماع الدساتور شارط أن يكاون ذلاك قبال خاتم مشاروع قاانون‬
‫الموافقة عليها‪.‬‬

‫إضافة إلى أنها تفصل في دستورية القوانين التي تحيلها عليها المحاكم تبعاا للادفع بعادم الدساتورية‬
‫بطلب من أحد أطراف الخصومة طبقا لإلجراءات التي يقرها القانون كما تتولى النظر فاي دساتورية النظاام‬
‫الااداخلي لمجلااس ن اواب الشااعب الااذي يعرضااه عليهااا رئاايس المجلااس فضااال عاان مهااام أخاارى مسااندة إليهااا‬
‫بمقتضااى الدسااتور‪ ،‬وقااد جعاال الفصاال ‪َ 363‬لحكااام المحكمااة الدسااتورية الصاافة النهائيااة والملزمااة لجميااع‬
‫السلطات‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫ورغاام أن إنشاااء محكمااة دسااتورية يعتباار ماان أهاام الخيااارات التااي تاام اإلجماااع عليهااا عنااد صااياغة‬
‫دستور ‪ 6731‬ضمانا لمبدأ سمو الدستور وحماية الحقوق والحريات للحيلولة دون سان تشاريعات تتعاارض‬
‫مع أحكامه إال أن غياب اإلرادة السياسية إلرسائها أدى إلى تأجيل تنصيب هذه الهيئة رغم صدور القانون‬
‫اَلساسااي‪ 6733/37‬وفااي انتظااار ذلااك أنشااأ المجلااس الااوطني التأسيسااي الهيئااة الوطنيااة لمراقبااة دسااتورية‬
‫مشاريع القوانين بموجب القانون اَلساسي عدد ‪ 31‬لسنة ‪.16731‬‬

‫وتتااألف هااذه الهيئااة ماان ال ارئيس اَلول لمحكمااة التعقيااب رئيسااا‪ ،‬ال ارئيس اَلول للمحكمااة اإلداريااة‬
‫عضاوا ونائبااا أوال للارئيس‪ ،‬الارئيس اَلول لاادائرة المحاساابات عضاوا ونائبااا ثانيااا للارئيس‪ ،‬ثالثااة ‪ 71‬أعضاااء‬
‫من ذوي االختصاص القانوني يتم تعيينهم تباعا وبالتساوي بينهم كل من رئيس المجلس الوطني التأسيسي‬
‫أو مجلس نواب الشعب ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة‪ ،2‬وقد اشترط في اَلعضاء المعينين من ذوي‬
‫االختصاص القاانون أن ال تقال خبارتهم عان عشارين ‪ 67‬سانة وأن يشاهد لهام بالن ازهاة واالساتقاللية والحيااد‬
‫كما يشترط أن ال يكونوا من أعضاء حكومة قائمة عند تعييانهم وال أعضااء باالمجلس التأسيساي أو مجلاس‬
‫ن اواب الشااعب‪ ،‬هااذا ويحظاار أن يكااون العضااو قااد تحماال مسااؤولية فااي حاازب طيلااة الساانوات الخمااس ‪73‬‬
‫السااابقة لتعيينااه‪ ،‬كمااا يمن ااع أن يكااون ماان أعض اااء حكومااات مرحلااة م ااا قباال ‪ 31‬جااانفي ‪ ،6733‬أو م اان‬
‫اَلعضاء السابقين بمجلس النواب أو مجلس المستشارين أو من اَلعضاء السابقين بالمجلس الدستوري أو‬
‫تحمل مسؤولية في حزب طيلة السنوات الخمس ‪ 73‬السابقة لتعيينه‪.3‬‬

‫وتنظر الهيئة في دستورية مشاريع القوانين وفقا َلحكام الفصل ‪ 73‬من القانون اَلساسي عدد ‪31‬‬
‫لسنة ‪ 6731‬بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة‪ ،‬أو ثالثين ‪ 17‬نائبا على اَلقل على‬
‫أن يرفع إليها الطلب في أجل أقصاه سبعة ‪ 70‬أيام بدءا من تاريخ مصادقة المجلس علاى مشاروع القاانون‬
‫المطعون فيه أو في أحد أحكامه لتفصل بدورها في الطلب شكال ومضمونا‪ ،‬وتتخذ ق ارراتها بشأنه باَلغلبية‬
‫المطلقااة َلعضااائها فااي أجاال عشارة ‪ 37‬أيااام قابلااة للتمديااد مارة واحاادة لماادة أساابوع ويكااون ذلااك بقارار معلاال‬
‫وتتمتع ق ارراتها بالصفة اإللزامية بعد أن تصدر باسم الشعب في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪.4‬‬

‫‪ -1‬القانون اَلساسي عدد ‪ 31‬لسنة ‪ 6731‬المؤرخ في ‪ 39‬أفريل ‪ 6731‬المتعلق بالهيئة الوطنياة لمراقباة دساتورية مشااريع القاوانين‪ ،‬ال ارعاي الرسامي‪،‬‬
‫ج ت‪ ،‬العدد ‪ ،16‬المؤرخة في ‪ 66‬أفريل ‪.6731‬‬
‫‪-2‬أنظر‪ /‬الفصل ‪ 71‬من نفس المصدر‪.‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬الفصل ‪ 73‬من القانون اَلساسي عدد ‪ 31‬لسنة ‪ ،6731‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪-4‬أنظر‪ /‬الفصل ‪ 67‬و‪ 63‬من القانون اَلساسي عدد ‪ 31‬لسنة ‪ ،6731‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫وبناء على ما سبق من تتبع لنشأة الرقابة على دستورية القوانين في كل مان المغارب وتاونس تباين‬
‫أن وصااولها إلااى اعتماااد أساالوب الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية الق اوانين ماار ماان خااالل تعااديالت ع اادة‬
‫لدساتيرها محاولة بذلك فرض أسلوب رقابي فعال‪ ،‬وان عرف مساار ساعيها فاي سابيل ذلاك عراقيال عادة ماا‬
‫تزال تعيشها إلى يومنا هذا خاصة في تونس التي تم فيها النص دستوريا على إنشاء محكمة دساتورية لكان‬
‫تم تغييب ذلك واقعيا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظام الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬

‫رغم تبني معظم دساتير الدول في وقتناا الحاضار للرقاباة القضاائية علاى دساتورية القاوانين إال أنهاا اختلفات‬
‫فااي تحديااد الجهااات القضااائية التااي يعهااد إليهااا السااهر علااى احت ارام القواعااد ال اواردة فااي الوثيقااة الدسااتورية‬
‫الختالف النهج الذي سارت عليه في سياسة التدخل‪ ،‬لكن يبقى هادف الرقاباة علاى دساتورية القاوانين واحاد‬
‫وه ااو ض اامان ع اادم خ ااروج المش اارع ع اان الح اادود الدس ااتورية الختصاص ااه‪ ،‬وف ااي ظ اال ه ااذا االخ ااتالف ظه اار‬
‫اتجاهان رئيسيان‪ ،‬اتجاه يعهد بالرقابة على دستورية القوانين إلى جهة قضاائية واحادة ويطلاق علياه أسالوب‬
‫مركزية الرقابة‪ ،‬واتجاه آخر يعهد بها إلى جميع المحاكم فاي الدولاة ويطلاق علياه أسالوب ال مركزياة الرقاباة‬
‫(الفاارع اَلول)‪ ،‬ولاام يقتصاار اخااتالف الدساااتير علااى أساالوب الرقابااة فحسااب باال شاامل طاارق الرقابااة حيااث‬
‫تقساامت الاادول بصااددها أيضااا إلااى قساامين أحاادهما اعتمااد أساالوبا رقابيااا علااى الدسااتورية يااؤدي إلااى إلغاااء‬
‫الاانص القااانوني المخااالف للدسااتور ويطلااق عليااه أساالوب الاادعوى اَلصاالية فااي الرقابااة علااى الدسااتورية‪ ،‬فااي‬
‫حين اعتمد القسم اآلخر رقابة االمتناع عن تطبيق القانون غير الدستوري دون إلغائه ويطلق عليه أسالوب‬
‫الدفع الفرعي (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أساليب الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬

‫إلعطاء مفهوم واضح عن الرقاباة القضاائية علاى دساتورية القاوانين الباد مان التطارق إلاى نماذجهاا‬
‫الرئيسية مع اإلشارة إلى بعض الدول التي تبنت فكرة هذه النماذج في دساتيرها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أســلوب الرقابــة الالمركزيــة علــى دســتورية القــوانين‪ :‬هااو أساالوب يماانح بموجبااه حااق الرقابااة علااى‬
‫الدس ااتورية لك اال أنا اواع المح اااكم ف ااي ال اادول حي ااث تس ااتطيع أي ااة محكم ااة ف ااي الس االم القض ااائي أن تنظ اار ف ااي‬
‫دسااتورية القاوانين‪ ،‬باعتبااار أن الرقابااة علااى دسااتورية القاوانين جاازء ماان الوظيفااة اَلصاالية للساالطة القضااائية‬
‫فضال عن أن المحاكم على اختالف درجاتها هي من تحدد القانون الواجب التطبياق عناد تعاارض القاوانين‬
‫ويساامى هااذا النمااوذج أيضااا بااالنموذج اَلمريكااي نظا ا ار َلنااه نشااأ واكتملاات عناص اره ومبادئااه فااي الوالي ااات‬
‫‪187‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫المتحدة اَلمريكية‪ ،‬كما يطلق عليه أيضا أسلوب الرقابة الشائعة ومع ذلك فهذا النظاام ال يساتبعد أن تكاون‬
‫المحاااكم فااي رقابتهااا للدسااتورية تحاات إش اراف محكمااة عليااا يكااون لهااا الق ارار النهااائي والملاازم للمحاااكم كافااة‬
‫فالخط اَلساسي الذي يقوم عليه هذا النماوذج هاو أناه لكال محكماة فاي أياة قضاية وفاي أي وقات أن ت ارقاب‬
‫الدستورية‪ ،1‬واذا كان من المسلم باه أن جمياع المحااكم فاي الوالياات المتحادة وعلاى اخاتالف درجاتهاا تملاك‬
‫النظر في دستورية القوانين فإن الفارق بين كل منها في ممارسة هاذه الرقاباة فاارق جاوهري يساتحق التنوياه‬
‫فأما في الواليات فالمحاكم العليا هي صاحبة القول الفصل في هذه المشكلة‪ ،‬وقل أن تساهم المحاكم الدنيا‬
‫مساهمة فعالة في ذلك‪ ،‬أماا عنادما يتصال اَلمار بدساتورية القاوانين االتحادياة أو بدساتورية قاوانين الوالياات‬
‫المتحدة من ناحية صالتها بالدساتور والقاوانين االتحادياة فاإن القضااء االتحاادي وعلاى أرساه المحكماة العلياا‬
‫هو صاحب الكلمة النهائية في هذه الرقابة‪.2‬‬

‫وفاي الغالاب اَلعام نجاد أن دسااتير الادول التاي أخااذت بهاذا النماوذج لام تانص نصاا صاريحا يوكاال‬
‫جميااع المحاااكم مباش ارة الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين‪ ،‬وانمااا يعااود سااند مباش ارة المحاااكم لهااذه الرقابااة إلااى‬
‫طبيعة وظيفة القاضي اَلصلية فاي تطبياق القاوانين والفصال فاي النازع المنظاور أمامهاا والتاي تفارض علياه‬
‫واجب تفسير القوانين وبيان حكمها فيما يعارض علياه مان مشااكل لتكاون المحااكم باذلك ملزماة باإنزال حكام‬
‫القانون اَلعلى الذي هو الدستور واستبعاد القانون اَلدناى الاذي هاو التشاريع العاادي‪ ،3‬وهاو ماا يمكان معاه‬
‫تفسير صمت الدستور في الواليات المتحدة اَلمريكية عان تنظايم طرياق محادد للرقاباة علاى الدساتورية بأناه‬
‫إقرار لجميع المحاكم القضائية بالحق في الرقابة على دستورية اَلعمال القانونية التاي يتعاين تطبيقهاا ومان‬
‫ثم االمتناع عن هذا التطبيق إذا ثبت لديها عدم دستورية أي منها‪.4‬‬

‫هذا من جهة ومان جهاة أخارى فاإن اليماين الدساتورية تفارض علاى القاضاي الت ازماا ضامنيا بالرقاباة‬
‫الدستورية فال يستقيم أن يطالب من يقسموا يمينا على احترام نصوص الدستور ثم يطالبوا في الوقات نفساه‬
‫بتجاهل التعارض الذي ينشا بين التشريع والدستور‪ ،‬وحرمان القضاء من مراقبة هذا التعارض وفكه بإهدار‬
‫النص اَلدنى واعالء النص اَلسمى يهادر كال قيماة عملياة لهاذا القسام‪ ،‬ولقاد انتقادت هاذه الحجاة حياث أن‬
‫جانبا من الفقه وجد أن مقدمات هذا االستنتاج باطلة فحقيقاة أن القضااة ياؤدون اليماين لتطبياق الدساتور ال‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.333-336‬‬


‫‪-2‬حسن مصطفى البحري‪ :‬القضاء الدستوري‪ - :‬دراسة مقارنة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبد أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪ -4‬دلير صابر إبراهيم خوشناو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.693‬‬

‫‪188‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫تعني تمكينهم من الرقابة الدستورية على التشريعات َلن الدستور يتطلاب أداء اليماين مان جمياع الماوظفين‬
‫الفيدراليين وموظفي الواليات‪.1‬‬

‫ومن اَلمثلة على الدول العربية التي أخذت بهذا النموذج القضاء المصري وذلك منذ حكم محكماة‬
‫القضاااء اإلداري فااي ‪ 37‬فب ارياار ‪ 3619‬علااى نحااو جعاال ماان حااق المحاااكم جميعهااا البحااث فااي دسااتورية‬
‫القوانين لتقاف علاى مادى مطابقاة القاانون للنصاوص الدساتورية ولتمتناع عان تطبياق القاانون المخاالف لهاذه‬
‫النص ااوص‪2‬ورغ اام عدي ااد الم ازي ااا له ااذا النم ااوذج وعل ااى أرس ااها إس ااناد الرقاب ااة عل ااى دس ااتورية القا اوانين َله اال‬
‫االختصاص اَلمر الذي من شأنه أن يجعل منهاا أهام الضامانات التاي تكفال سامو الدساتور والحيلولاة دون‬
‫أي اعتداء قد يقع على مبدأ المشروعية‪ ،‬إال أن البعض من الفقهاء يارى أن اَلخاذ بهاذا النماوذج مان شاأنه‬
‫أن يااؤدي إلااى عاادم اسااتقرار النظااام القااانوني نظا ار لتضااارب أو تناااقض اَلحكااام فيااه‪ ،‬فضااال عاان أنااه يااؤدي‬
‫إلاى التااأخير ولشااكلية مااا داماات المحاااكم غياار متخصصاة فقااط برقابااة الدسااتورية باال بااالنظر فااي المنازعااات‬
‫المتنوعاة اَلخاارى كالمدنيااة والجنائيااة والتجاريااة وغيرهااا كمااا أن اَلحكااام الصااادرة عاان المحاااكم فااي المسااائل‬
‫الدسااتورية تحتاااج إلااى تصااديق ماان المحكمااة العليااا فااي النظااام القضااائي لكااي تصاابح نهائيااة وملزمااة لكافااة‬
‫درجات التقاضي وهذا ما يتطلب فترة زمنية كافية ليست بالقصيرة‪.3‬‬

‫إن االنتقااادات التااي وجهاات لنمااوذج الالمركزيااة الرقابيااة علااى دسااتورية الق اوانين ال يمكاان أن تنكاار‬
‫معها أنها نموذج يعالج المسألة الدستورية في سياق نشأتها على مستوى محاكم الموضوع‪ ،‬وبذلك ال يكاون‬
‫أي فرق بين الدعوى الدستورية وغيرهاا علاى مساتوى المحااكم‪ ،‬أماا بشاأن احتماال تنااقض اَلحكاام الصاادرة‬
‫على مستوى المحاكم فإن ذلك ال يكون له أي أثر في الدول التي يكون فيها للمحكمة العليا قوة ملزمة‪.‬‬

‫ثانيــا‪ :‬أســلوب المركزيــة الرقابيــة علــى دســتورية الق ـوانين‪ :‬يقااوم هااذا اَلساالوب علااى قصاار االدعاااء بعاادم‬
‫الدستورية أمام جهة قضائية واحدة بحيث ال يجوز لغير هذه الجهة أن تتصدى لبحث هذه المشكلة كماا ال‬
‫يجوز لمن يمنحهم الدستور حق الطعن بعدم الدستورية االدعاء بعدم مطابقة القانون العادي للدستور سوى‬
‫أمااام هااذه الجهااة‪ ،4‬وعلااى خااالف أساالوب الرقابااة الالمركزيااة علااى دسااتورية الق اوانين فااإن أساالوب المركزيااة‬
‫الرقابيااة تنفاارد فيااه المؤسسااات القضااائية بساالطة رقابيااة بموجااب نصااوص الدسااتور نظ ا ار لخطورتهااا كونهااا‬

‫‪ -1‬سارة علي الصالبي‪ :‬الرقابة الدستورية بطريقة االمتنـاع فـي القـانون القطـري والمقـارن‪ ،‬رساالة ماجساتير تخصاص القاانون العاام‪ ،‬إشاراف حسان‬
‫عبد الرحيم السيد وعبد الحفيظ الشيمي‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة قطر‪ ،6767 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -2‬دلير صابر إبراهيم خوشناو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.693‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.339‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬حسن مصطفى البحري‪ :‬القضاء الدستوري‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪189‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫تمارس كقاعدة عن طريق الدعوى وتؤدي إلى إلغاء النص التشريعي المخاالف للدساتور فاي مواجهاة الكافاة‬
‫لااذا ال يمكاان ممارسااتها إال بموجااب نصااوص دسااتورية ص اريحة وقطعيااة إذ أنهااا تبق اى قائمااة ببقاااء سااندها‬
‫الدستوري وتسقط بسقوطه‪ ،1‬إال أن الدساتير التي أخذت بهذا اَلسلوب وان اتفقت في الغالب فاي اَلصاول‬
‫والخصااائص فقااد اختلفاات فااي تحديااد الجهااة القضااائية الموحاادة التااي يوكاال إليهااا أماار الرقابااة علااى دسااتورية‬
‫القوانين‪ ،‬ولكنها لم تخرج عن اتجاهين رئيسيين هما‪:‬‬

‫االتجــاه األول‪ :‬إســناد االختصــاص إلــى المحكمــة القضــائية العليــا‪ :‬أوكلاات دساااتير بعااض الاادول مهمااة‬
‫الفصل في مدى دستورية القوانين َلعلى سلطة قضائية فاي سالم النظاام القضاائي العاادي كالمحكماة العلياا‬
‫أو محكمة النقض أو التمييز وما شابه ذلاك مان تساميات‪ ،‬بحياث تقاوم هاذه المحكماة برقاباة الدساتورية إلاى‬
‫جانب اختصاصاتها القضائية اَلخرى‪ ،‬وتعد سويس ار من أبرز الدول التي أخذت بهاذه الطريقاة حياث جعال‬
‫دستور االتحاد السويسري لسنة ‪ 3901‬للمحكمة االتحادية العليا وحدها وبناء على طلب ذوي الشأن الحق‬
‫في أن تمتنع عان تطبياق القاوانين لمخالفتهاا للدساتور االتحاادي أو لدسااتير الوالياات المختلفاة وتباشار ذلاك‬
‫االختصاص إلاى جاناب واليتهاا القضاائية فاي المساائل المدنياة والجنائياة‪ ،‬وهاو ماا أخاذ باه النظاام اإليطاالي‬
‫فااي ظاال دسااتور عااام ‪ ،3610‬وكااذلك النظااام الدسااتوري َللمانيااا االتحاديااة فااي ظاال دسااتور عااام‪ 3616‬مااع‬
‫ضرورة مالحظة أن النظام الدستوري اَللماني يسمح لألفراد بالتقدم بالشكاوى الدستورية بعد استنفاذ كافة‬
‫طرق الطعن اَلخرى كما أن المحكماة الدساتورية النمسااوية التاي تسامى بمحكماة العادل الدساتورية فاي ظال‬
‫دستور ‪ 3667‬قد فتحت بابا غير مباشر لألفراد للطعن بعدم الدستورية وذلك بسماحها للمحاكم العليا برفع‬
‫الطعاان أمامهااا‪ ،‬وكااذلك اَلماار بالنساابة للدسااتور الاادائم بجمهوريااة السااودان الديمقراطيااة لساانة ‪ 3601‬حيااث‬
‫جعل نظر الدعوى في دستورية القوانين من بين اختصاصات المحكمة العليا‪.2‬‬

‫ونشااير هنااا إلااى أنااه يااتم تخصاايص ساالطة رقابااة الدسااتورية للمحكمااة العليااا فااي النظااام القضااائي‬
‫العادي لضمان التزام جميع المحاكم اَلدنى منها بقضائها حتى ولو كان التزامها أدبيا‪ ،‬ما لم يقرر المشارع‬
‫الدستوري َلحكامها في هذا الشأن حجية مطلقة ملزمة للكافاة أو أن يعطيهاا سالطة إلغااء القاانون المخاالف‬
‫للدسااتور ولاايس مجاارد إعااالن عاادم دسااتوريته فحسااب‪ ،‬وهااو مااا يظهاار جليااا بقاااء تااأثر هااذا الاانمط بالنظااام‬
‫اَلمريكاي إلاى حاد ماا حتاى وان لام يمانح جمياع المحااكم سالطة الفصال فاي دساتورية القاوانين‪ ،‬إال أناه أبقااى‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.330‬‬


‫‪-2‬أشار اليه‪ :‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.336‬‬
‫‪ -‬وحسن مصطفى البحري‪ :‬القضاء الدستوري دراسة مقارنة‪ ،‬ص ‪.93‬‬

‫‪190‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫عل ااى موق ااع الجه ااة القض ااائية المختص ااة بالرقاب ااة ض اامن إط ااار القض اااء الع ااادي وعل ااى وج ااه الدق ااة أعل ااى‬
‫محكمة‪ ،1‬ويذهب جانب من الفقه إلى أن عهد الرقابة على دستورية القوانين إلى المحكمة الدساتورية العلياا‬
‫يحقق سير اَلمور بطريقة طبيعية ما دامت تقوم بهذه الوظيفة باعتبارها محكمة قانون فقط‪ ،‬فمن الطبيعاي‬
‫أن تختص في فحص مطابقة أو تعارض التشريع مع الدستور دون إقحام نفسها في المسائل السياسية مما‬
‫يحفااظ للرقابااة القضااائية علااى الدسااتورية طابعهااا القااانوني الخااالص‪ ،2‬بينمااا حاااول جانااب آخاار ماان الفقااه‬
‫االنتقاص من أهمية هذا اَلسلوب بقوله أن منح سلطة الحكم بإلغاء القاوانين غيار الدساتورية إلاى المحكماة‬
‫العليا في النظام القضاائي العاادي يجعال منهاا نظا ار الساتقاللها سالطة علياا ذات نفاوذ كبيار اَلمار الاذي قاد‬
‫يصاحبه حدوث نزاع أو خالف بينها وبين السلطة التشريعية ولهاذا السابب ظهار نظاام المحكماة الدساتورية‬
‫الخاصة‪.3‬‬

‫االتجــاه الثــاني‪ :‬إســناد االختصــاص إلــى محكمــة دســتورية متخصصــة‪ :‬أوكلاات غالبياة الاادول التااي أخااذت‬
‫بمركزي ااة الرقاب ااة عل ااى دس ااتورية القا اوانين مهم ااة الرقاب ااة إل ااى محكم ااة دس ااتورية واح اادة خاص ااة أنش اائت له ااذا‬
‫الغاارض‪ ،‬تساامى عااادة بالمحكمااة الدسااتورية حيااث تخااتص دون س اواها فااي النظاار فااي دسااتورية الق اوانين‪،4‬‬
‫ويرجااع نمااوذج المحكمااة الدسااتورية الخاصااة فااي أساسااه إلااى الفكاار التقلياادي للفقيااه النمساااوي "هااانز كلسان"‬
‫الذي كان له الفضال الكبيار فاي إرسااء اَلحكاام والمباادئ اَلولاى لهاذا االتجااه الاذي طباق للمارة اَلولاى فاي‬
‫النمسا عام ‪ 3667‬وأطلق عليه تسمية النظام الكلنسي أو النظام النمسااوي‪ ،‬وفقاا لهاذا النظاام تنشاأ محكماة‬
‫دسااتورية خاصااة بحيااث تكااون منفصاالة عاان القضاااء العااادي وعاان باااقي الساالطات فااي الدولااة‪ ،‬وتكااون لهااذه‬
‫المحكم ااة ميا ازة خاص ااة كونه ااا تق ااع خ ااارج س االم المح اااكم النظامي ااة وله ااا نظ ااام خ اااص م اان حي ااث التك ااوين‬
‫واإلج اراءات بشااكل مختلااف عاان إج اراءات القضاااء العااادي فااي الدولااة‪ ،‬فضااال علااى أن اه تكااون لهااا ساالطة‬
‫حص ارية وأصاالية ونهائيااة بع اادم دسااتورية القواعااد القانوني ااة والغائهااا فااي مواجهااة الكاف ااة إذا تبااين لهااا أنه ااا‬
‫متعارضة مع الدستور‪ ،‬لاذلك يارى "كلسان" أن مساألة تقاديم نماط لإلجاراء أماام محكماة دساتورية مهام بشاكل‬
‫أساسي من ناحية مفادها أناه يقادم الحال المعتماد علاى إجاراء أصالي ضامن إطاار المحكماة الدساتورية لكاي‬
‫يااتم تنفيااذ مهمااة ضاامان ساامو الدسااتور‪ ،5‬وماان دساااتير الاادول العربيااة التااي أخااذت بأساالوب مركزيااة الرقابااة‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.397‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ :‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،3660 ،‬ص ‪.193‬‬
‫‪ -3‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.393‬‬
‫‪ -4‬حسن مصطفى البحري‪ :‬القضاء الدستوري –دراسة مقارنة‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪-5‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 391‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫دسااتور جمهوريااة مصاار العربيااة ساانة ‪ ،6731‬دسااتور المملكااة المغربيااة ساانة ‪ ،6733‬ودسااتور الجمهوريااة‬
‫الجزائرية سنة ‪.6767‬‬

‫وتجاادر اإلشااارة إلااى أنااه عن اد المفاضاالة بااين أساالوب المركزيااة والالمركزيااة فااي تنظاايم الرقابااة علااى‬
‫دستورية القوانين‪ ،‬لم يتفق الفقهاء على رأي واحد فقد ناقش المؤتمر الدولي للقانون العام الذي عقد في ‪67‬‬
‫أكتا ا ااوبر سا ا اانة ‪ 3669‬ها ا ااذا الموضا ا ااوع‪ ،‬وقا ا ااد اشا ا ااترك فا ا ااي الما ا ااؤتمر عا ا اادد كبيا ا اار ما ا اان الفقها ا اااء وما ا اانهم‬
‫"دوجي"و"بااارتملي"و"جيز" و"فلينااز" وغياارهم‪ ،‬وفضاال "بااارتملي" أن يعهااد بالرقابااة إلااى المحاااكم العاديااة أي‬
‫النظااام الالمركاازي وذلااك تجنبااا للصااعوبات التااي تواجااه تخصاايص محكمااة واحاادة لااذلك‪ ،‬كمااا أيااد "دوجااي"‬
‫النظااام الالمركاازي خوفااا ماان أن تتحااول المحكمااة الواحاادة إلااى هيئااة سياسااية تضااف إلااى الهيئااات السياسااية‬
‫اَلصلية وتكاون بالتاالي مصاد ار إلشاكاليات سياساية ودساتورية كثيارة‪ ،1‬إال أن الغالبياة مان الفقاه كانات تؤياد‬
‫تركيز الرقابة في أيدي محكمة خاصة تشكل لهذا الغرض‪.2‬‬

‫ومن وجهة نظرناا فإناه عناد المفاضالة باين االتجااهين يكاون اَلخاذ باتجااه المركزياة الرقابياة أفضال‬
‫مما له من أثر في استقرار المعامالت القانونية فضال عن التخصايص لاذا فاَلجادر أن يتاولى زماام الرقاباة‬
‫على دستورية القوانين فاي الدولاة محكماة دساتورية متخصصاة تتمتاع باالساتقاللية لضامان مبادأ المشاروعية‬
‫إعالء للدستور‪.‬‬

‫الفــرع الثــاني‪ :‬صــور الرقابــة القضــائية علــى دســتورية القـوانين‪ :‬ياارى معظاام الفقهاااء أن الرقابااة القضااائية‬
‫علااى دسااتورية الق اوانين عماال ذو طااابع قااانوني خااالص وان كااان لااه أثااار سياسااية‪ ،‬إال أن ذلااك لاام ي اذهب‬
‫بالطابع القانوني لعملية الرقابة على دساتورية القاوانين َلن أصال المساألة يقتصار علاى مادى التازام المشارع‬
‫بحاادوده الدسااتورية‪ ،‬وفااي ساابيل بحااث ماادى الت ازام المشاارع باَلحكااام الدسااتورية ظهاار اخااتالف بااين الاادول‬
‫الختالف دساتيرها واَلنظمة اإلجرائية المتبعة فيهاا‪ ،‬فمنهاا مان جعال تحرياك الرقاباة علاى دساتورية القاوانين‬
‫ياتم عاان طرياق الادعوى اَلصالية (رقابااة اإللغاااء)‪ ،‬ومنهاا ماان جعال ذلااك يااتم عان طريااق الادفع أو ماا يطلااق‬
‫علي ااه (رقاب ااة االمتن اااع)‪ ،‬وه ااي الص ااور اَلكث اار تطبيق ااا رغ اام تع اادد ص ااور الرقاب ااة القض ااائية عل ااى دس ااتورية‬
‫القوانين‪.‬‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬رمزي طه الشاعر‪ :‬النظرية العامة للقانون الدستوري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مطبعة جامعة عين شمس‪ ،‬ج‪ ،3609 ،3‬هامش ص ‪.969‬‬
‫‪ -2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.966‬‬

‫‪192‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫أوال‪ :‬الـدعوى الدســتورية األصــلية*–رقابــة اإللغــاء‪ :‬يقصاد بهااذه الرقاباة أن يقااوم صااحب الشااأن المتضاارر‬
‫من قاانون معاين برفاع دعاوى أصالية أماام المحكماة المختصاة يطلاب فيهاا الحكام ببطالناه لمخالفتاه َلحكاام‬
‫الدستور‪ ،‬ومن ثم فهي طريقة هجومية تتم دون انتظاار لتطبياق القاانون علاى صااحب الشاأن‪ ،1‬كماا تعارف‬
‫على أنها دعوى قضائية تمكن صاحب الشأن من مهاجمة التشريع بالطعن فيه إللغائه دون انتظار تطبيقه‬
‫عليه وعلى المنازعة‪ ،2‬ويعرفها اَلستاذ "ماجد راغب الحلو" على أنها‪ «:‬رقاباة تاتم بنااء علاى دعاوى يرفعهاا‬
‫أحد اَلشخاص مباشارة أماام المحكماة المختصاة للمطالباة بإلغااء قاانون يازعم مخالفتاه للدساتور‪ ،‬فاإذا قادرت‬
‫المحكمة عدم الدستورية حكمت بإلغاء القانون بحكم نهائي ذي حجية مطلقة»‪.3‬‬

‫ويعني ذلك أن هذا النوع يتمثل في مبادرة من صاحب الشأن برفع دعوى أماام المحكماة المختصاة‬
‫للمطالبة بإلغاء قانون مخالف للدستور دون أن ينتظر حتى يطبق عليه‪ ،‬ويترتب على رفع الدعوى طرحهاا‬
‫على المحكمة المختصة للمطالبة بإلغااء قاانون مخاالف للدساتور للتحقاق مان المخالفاة‪ ،‬فاإذا ثبتات المخالفاة‬
‫قضت المحكمة ببطالن هاذا القاانون والغائاه ولاذلك تسامى هاذه الرقاباة أيضاا برقاباة اإللغااء‪ ،‬ويكاون الحكام‬
‫الصااادر فااي هااذه الحالااة ذو حجيااة عامااة ومطلقااة‪ ،‬أي يسااري فااي مواجهااة الكافااة واعتبااار القااانون المحكااوم‬
‫بإلغائه كأن لم يكن سواء من حيث تاريخ صدوره أم بالنسبة للمستقبل فحسب مما يحول دون عرض النزاع‬
‫مرة أخرى‪ ،‬ولو كان ذلك بصدد مسألة فرعية يحكمها هذا القانون‪ ،4‬ومن الدول التي أخاذت بنظاام الادعوى‬
‫اَلصالية بعادم الدساتورية ألمانياا بموجاب دساتورها لعاام ‪ ،3616‬واليوناان فاي دساتور عاام ‪ ،3603‬واسابانيا‬
‫في دستور عام ‪ ،3609‬وكذلك سويس ار التي سبقت إلى ذلك منذ عام ‪.53667‬‬

‫وبناااء عليااه يمكننااا القااول أن طريقااة الاادعوى اَلصاالية هجوميااة وليساات دفاعي اة العتبارهااا دعااوى‬
‫قائمااة بااذاتها ومنفصاالة عاان غيرهااا ماان الن ازعااات الموضااوعية اَلخاارى فصاااحب الشااأن يطعاان فااي القااانون‬
‫المخااالف َلحكااام الدسااتور مباش ارة أمااام المحكمااة الدسااتورية عاان طريااق رفااع دعااوى مسااتقلة عاان أي ن ازاع‬
‫آخاار‪ ،‬وهااي طريقااة تتميااز بالفعاليااة والحساام حيااث أنااه يبطاال الحكاام بصااحتها القااانون المخااالف للدسااتور‬

‫*ينتقااد الاادكتور سااعد عصاافور اصااطالح الاادعوى اَلصاالية‪ ،‬إذ ياارى أن كلمااة أصاالية تزياادا ال مباارر لااه‪ ،‬وال يوجااد فااي التعبياار الفرنسااي هااذا الوصااف‪،‬‬
‫فضال عن أن اصطالح الدعوى يفيد بذاته أنها أصلية‪ ،‬أنظر‪ /‬رائد صالح أحمد قنديل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬هامش ص ‪.367‬‬
‫‪ -1‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.696‬‬
‫‪-2‬عماار حم ازة التركماااني‪ :‬القضـــاء الدســـتوري فـــي فلســـطين وفقـــا لقـــانون المحكمـــة الدســـتورية العليـــا رقـــم (‪ )3‬لســـنة ‪2222‬م‪ ،‬رسااالة ماجسااتير‬
‫تخصص القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق جامعة اَلزهر‪ ،‬غزة‪ 6737 ،‬ص ‪.369‬‬
‫‪ -3‬ماجد راغب الحلو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.369‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.667-3696‬‬
‫‪ -5‬ماجد راغب الحلو‪ :‬المرجع السابق ص ‪.360‬‬

‫‪193‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫بطالنااا عامااا بالنساابة للكافااة‪ ،‬فيصاابح هااذا الاابطالن حجااة مطلقااة ملزمااة للجميااع وقااد تنتهااي آثااار القااانون‬
‫الملغى في الماضي كما في المساتقبل‪ ،‬وعلاى هاذا اَلسااس حاذر جاناب مان الفقاه اللجاوء إلاى هاذه الصاورة‬
‫ماان صااور الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية القاوانين إال بناااء علااى نااص صاريح فااي الدسااتور تحاادد بموجبااه‬
‫الجهة القضائية المختصة بالرقابة‪.‬‬

‫رغم أن للرقابة عن طريق الدعوى اَلصلية مزايا عدة ال يمكن إنكارها إال أن الفقه الدساتوري انقسام بشاأنها‬
‫ما بين مؤيد ومعارض‪ ،‬مما جعل هذا اَلخير يفضل عليها صورة الرقابة عن طريق الدفع الفرعي‪.‬‬

‫أ‪ -‬مزايا الرقابة القضائية عن طريق الدعوى األصلية‪ :‬يرى بعض فقهاء القانون الدستوري ومنهم اَلساتاذ‬
‫"فتحي الوحيدي" ضرورة منح اَلفاراد حاق رفاع دعاوى أصالية بعادم الدساتورية‪ ،‬وان كاان قاد علاق ذلاك علاى‬
‫شرط وجوب مساس النص المطعون فياه بعادم دساتوريته بمصاالح الطااعن‪ ،‬وكاذا فارض غ ارماة مالياة علياه‬
‫إذا ما خسر دعواه للتأكد من جدية اَلفراد بطعونهم وكذلك الخشية من تكدس الطعون الدستورية‪.1‬‬

‫كما أنها تتميز مان ناحياة تركياز سالطة الرقاباة فاي محكماة واحادة‪ ،‬ومان ثام يصابح الحكام الصاادر‬
‫عنها حاسما للنزاع لايس بالنسابة للخصاوم فحساب وانماا لكافاة المحااكم فاي الدولاة مماا يضامن توحياد كلماة‬
‫القااانون فااي الدولااة‪ ،‬وماان ناحيااة أخاارى فااي حالااة إنشاااء محكماة دسااتورية عليااا تخااتص دون غيرهااا بمباشارة‬
‫الرقابة بأنها تتايح فرصاة مشااركة عنصار سياساي للعناصار القضاائية فاي تشاكيل هاذه المحكماة مماا يوافاق‬
‫بااين االعتبااارات السياسااية التااي تتطل اب فهمااا خاصااا للمشااكلة الدسااتورية وبااين االعتبااارات القانونيااة التااي‬
‫تتطلااب قضاااة متخصصااين فااي المسااائل القانونيااة‪ ،‬لااذلك فااإن حكاام عاادم الدسااتورية يلغااي القااانون نهائيااا فااال‬
‫تثور مشكلة عدم دستوريته مرة أخرى‪.2‬‬

‫‪ -‬إن الرقابة على دستورية القوانين عن طريق الدعوى اَلصلية ال تتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات‬
‫وال تثير االنتقادات واالعتراضات التاي قاد تثاور فاي إعطااء الرقاباة للسالطة القضاائية العادياة‪ ،‬ويعاود سابب‬
‫ذلك إلى أن المحكماة الدساتورية ال تعتبار جهاة قضاائية عادياة وانماا هيئاة قضاائية مساتقلة وخاصاة ينشائها‬
‫الدستور للقيام بالرقابة على دستورية القوانين وتكون أحكامها ملزمة لجميع السلطات في الدولة‪.3‬‬

‫‪ -1‬عمر حمزة التركماني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.673‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.179‬‬
‫‪ -‬ماجد راغب الحلو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.360‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬عمر حمزة التركماني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.676‬‬

‫‪194‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫‪ -‬تمتاز دون غيرها بأنها ترفاع بصاورة أصالية للطعان فاي تشاريع معاين أو فاي ناص مناه والطااعن فيهاا ال‬
‫يخاصم خصما معينا‪ ،‬وانما يخاصم تشاريع مطعاون بدساتوريته قاد عبار عنهاا الفقياه"أيزمن" بقولاه‪« :‬إقاماة‬
‫ن ازاع دسااتوري مميااز ومسااتقل ماان شااأنه أن يحصاار ويحاادد فااي الزمااان الص اراع الدسااتوري‪ ،‬ويتجنااب إثااارة‬
‫المسألة الدستورية المثارة بمناسبة كل قضية َلنه يسمح بإعطائه حال وحيدا ونهائيا»‪.1‬‬

‫ب‪ -‬عيوب الرقابة القضائية عن طريق الدعوى األصلية‪ :‬رغم ما لهذا اَلسلوب من مزايا إال أنه مع ذلاك‬
‫لم يسلم من انتقادات جانب من الفقه الدستوري مبررين ذلك بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إن إعطاااء محكمااة معينااة الساالطة فااي إبطااال قااانون حااال ثبااوت عاادم دسااتوريته يجعاال منهااا صاااحبة قااوة‬
‫ونفااوذ مقارنااة مااع باااقي الساالطات فااي الدولااة ممااا يجعلهااا تغااالي فااي بسااط رقابتهااا علااى الوظيفااة التشاريعية‬
‫بحجة حماية الدستور‪ ،‬وذلك من شاأنه أن يولاد صاداما بينهاا وباين السالطة التشاريعية قاد يهادد نظاام الدولاة‬
‫ويجعله في خطر وعدم استقرار‪.2‬‬

‫ما يعني أناه قاد يتحاول النظاام السياساي إلاى نظاام حكوماة القضااء‪ ،3‬وهاذا ماا حادث باين المحكماة‬
‫االتحادي ااة العلي ااا ف ااي الوالي ااات المتح اادة اَلمريكي ااة وب ااين الا ارئيس "فا ارانكلين روزفل اات" بس اابب اعتا اراض ه ااذه‬
‫المحكمة على القوانين التي استهدف هذا اَلخير من ورائها إنعاش وتنمية االقتصاد اَلمريكي وفي هذا كل‬
‫الخطاار علااى النظااام الااديمقراطي ب اال وعلااى فك ارة خضااوع الحاااكم للق ااانون‪ ،4‬وممااا قالااه ال ارئيس "روزفل اات"‬
‫مهاجم ااا المحكم ااة‪ «:‬إن الوق اات ح ااان لحماي ااة الدس ااتور م اان المحكم ااة وحماي ااة المحكم ااة م اان نفس ااها وذل ااك‬
‫باستئناف أحكامها أمام الدستور نفسه‪ ،‬إذ أن النظاام اَلمريكاي يحتااج إلاى محكماة تعمال فاي ظال الدساتور‬
‫ال فوقه »‪ ،‬وانتهى الصراع بفوز الرئيس "روزفلت" باالنتخابات وهو ماا أثبات للمحكماة أن الارأي العاام كاان‬
‫مع الرئيس "روزفلت" في سياسته وأنه مع القوانين التي تسامح بتادخل الدولاة فاي الحيااة االقتصاادية‪ ،‬اَلمار‬
‫الااذي جعاال المحكمااة العليااا تت ارجااع عاان مواقفهااا المتشااددة وهااذا ماان مساااوئ الرقابااة اَلصاالية فااي حااال غلااو‬
‫المحكمة أو الجهة المختصة في بسط رقابتها‪.5‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬الشوابكة محمد عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.97‬‬


‫‪ -2‬أشار إليه‪ :‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪ -‬والشوابكة محمد عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ -3‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬الشوابكة محمد عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.96-93‬‬
‫‪-5‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.96‬‬

‫‪195‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫‪ -‬كمااا قياال فااي عيااوب الرقابااة القضااائية عاان طريااق الاادعوى اَلصاالية أن ماانح اَلف اراد الحااق فااي إقامتهااا‬
‫بص ااورة مباشا ارة م اان ش ااأنه تعطي اال عم اال المحكم ااة الدس ااتورية العلي ااا واعاق ااة تفرغه ااا لب اااقي اختصاص اااتها‬
‫الدسااتورية نتيجااة االسااتعمال المفاارط لهااذا الحااق وتكاادس القضااايا أمامهااا والنظاار فيهااا لاان يكااون إال علااى‬
‫حساب احتمالين إما حسم كل نزاع يرد إليها وفيه إهماال لبااقي اختصاصااتها الدساتورية‪ ،‬واماا الت ارخاي فاي‬
‫رقابتها واهمال القضايا المكدسة أمامها وفي ذلك مساس بحقوق اَلفراد‪.‬‬

‫وَلن الرقابة القضائية عن طريق الدعوى اَلصلية لم تأتي بنتائج مشجعة فضال عان العياوب التاي‬
‫تضاامنها نظامهااا دفااع بكثياار ماان الاادول إلااى تفضاايل الرقابااة القضااائية عاان طريااق الاادفع الفرعااي‪ ،‬فأصاابحت‬
‫بذلك اَلسلوب اَلكثر شيوعا لتحريك الدعوى الدستورية في الادول التاي لام تأخاذ دسااتيرها بأسالوب الادعوى‬
‫الدستورية اَلصلية‪ ،‬وفي سياق ذلاك سانتطرق مان خاالل العنصار الماوالي إلاى بياان أسالوب الادفع الفرعاي‬
‫مع بيان أهم مزاياه وعيوبه‪.‬‬

‫ثانيــا‪ :‬الــدعوى الدســتورية عــن طريــق الــدفع الفرعــي –رقابــة االمتنــاع‪ :‬يقصااد بهااا الاادفاع ولاايس الهجااوم‬
‫باعتبار أن أثارها ال تكون إال بمناسبة نزاع معروض أمام القضاء‪ ،‬فطريق الدفع الفرعي يفترض أن هنااك‬
‫ن ازعااا مااا مطروحااا أمااام محكمااة جنائيااة أو مدنيااة أو إداريااة وهناااك قااانون معااين مطلااوب تطبيقااه فااي هااذا‬
‫النازاع‪ ،‬فياادفع الخصاام بعاادم دسااتورية ذلااك القااانون‪ ،1‬أي أنهااا وساايلة تباايح لألفاراد بصااورة غياار مباشارة ماان‬
‫ترقب حالة القانون المراد تطبيقه على النزاع والتحقق من مدى اتفاقه مع أحكام الدستور من عدمه ويتحقق‬
‫ذلك في حال وجود نزاع منظور أمام إحادى المحااكم أو الهيئاات ذات االختصااص القضاائي وأثنااء نظرهاا‬
‫لهااذا الن ازاع دفااع أحااد أط ارفااه بااأن نصااوص التش اريع الم اراد تطبيقااه للفصاال فااي هااذا الن ازاع مخالفااا لألحكااام‬
‫الدساتورية‪ ،‬مماا يتحاتم علياه أن يطلاب مان المحكماة عادم تطبيقاه علاى النازاع‪ ،‬اَلمار الاذي يجعال مان هاذه‬
‫الادعوى محااددة وتابعااة فهااي محاددة لتعلقهااا بنازاع معااين معااروض أماام محكمااة الموضااوع‪ ،‬وتابعااة َلنهااا ال‬
‫تثار إال تباعا للمسألة الموضوعية المعروض عليه‪.2‬‬

‫وهااذا اَلس االوب يس اامح للخص ااوم المتضااررين بمناس اابة ناازاع مع ااروض أمااام القض اااء بال اادفع بع اادم‬
‫دستورية أحكام القانون المراد تطبيقه في هذا النزاع لذا تسمى هذه الطريقاة بالدفاعياة التاي تساتهدف تأجيال‬
‫النزاع لحين حسم أمر دساتورية القاانون المطعاون فياه مان عادمها‪ ،‬ولاذلك أطلاق جاناب مان الفقاه علاى هاذا‬
‫اَلس االوب م اان الرقاب ااة القض ااائية رقاب ااة االمتن اااع َلن أم اار حس اام دع ااوى ال اادفع بع اادم الدس ااتورية يح ااتم عل ااى‬

‫‪ -1‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.170‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬عمر حمزة التركماني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.631‬‬

‫‪196‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫القاضااي االمتناااع عاان تطبيااق القااانون فااي حااال تحقااق عاادم دسااتوريته بغااض النظاار عاان موضااوع المنازعااة‬
‫والجهااة القضااائية التااي تنظرهااا‪ ،‬وتجاادر اإلشااارة هنااا إلااى أن الحكاام ف اي ذلااك ال يلاازم المحكمااة فااي قضااية‬
‫أخاارى‪ 1‬ولااذا ياارى بعااض الفقااه المؤياادون لهااذا اَلساالوب ماان الرقابااة أنااه الطريقااة المثلااى التااي يمكاان للرقابااة‬
‫القضااائية أن تبلااغ أهاادافها وتنااتج أثارهااا بهااا‪ ،‬إال أن هناااك جانبااا ماان الفقااه ياارى خااالف ذلااك وللتوضاايح‬
‫سنتطرق إلى معظم وجهات الطرفين بنفسهما في فقرتين للمزايا والعيوب‪:‬‬

‫أ‪ -‬مزايا الرقابة القضائية عن طريق دعوى الدفع الفرعي*‬

‫‪ -‬تتميز الرقابة بأسلوب الدفع الفرعي بأنها تدخل في صميم عمل القاضي‪ ،‬وعلى خالف الدعوى اَلصلية‬
‫هي طريقة دفاعية أكثر منها هجومية باعتبار صاحب الشأن فيها غايته منها عدم تطبيق قانون يرى فيه‬
‫عدم الدستورية على الدعوى المنظورة أمام القضاء‪ ،‬ليكون دور المحكمة هنا إذا ما تبين لها مخالفته‬
‫للدستور االمتناع عن تطبيقه للفصل في الدعوى المطروحة أمامها‪ ،‬كما أن حكم القاضي بعدم دستورية‬
‫القانون ال يؤدي إلى إثارة حساسية المشرع‪َ ،‬لن القاضي وفقا لهذا اَلسلوب من الرقابة القضائية ال يبادر‬
‫بالهجوم بل دوره دفاعي محض يقتصر على االمتناع عن تطبيق القانون المعيب بعدم الدستورية‪ ،‬وليس‬
‫الحكم بإلغائه‪ ،‬كما أنه ال يأمر بوقف تنفيذه حتى يقال أنه يعتدي على اختصاص السلطة التشريعية وغاية‬
‫اَلمر أنه إذا تعارض قانون عادي ونص دستوري وجب عليه بحكم وظيفته القضائية أن يتصدى لهذه‬
‫الصعوبة وأن يفصل فيها بمقتضى أصول هذه الوظيفة وفي حدودها الدستورية المرسومة لها‪.2‬‬

‫‪ -‬كما تتميز أيضا بأن مهمة القاضي حال تيقنه من مخالفة القانون َلحكام الدستور تقتصر على‬
‫االمتناع عن تطبيقه في الدعوى المثارة أمامه يترتب على ذلك أن يظل القانون ساريا ونافذا‪ ،‬يمكن‬
‫بالتالي تطبيقه في حاالت أخرى‪َ ،‬لن حكم القاضي باالمتناع عن التطبيق ال يعد إبطاال للقانون لذا فهو‬

‫‪ -1‬أشار إليه‪ :‬الشوابكة محمد عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -‬وعصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.166‬‬
‫‪ -‬وماجد راغب الحلو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.366‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬محمد علي سويلم‪ :‬المرج السابق‪ ،‬ص ‪176‬‬
‫* يرى اَلستاذ "حسان مصاطفى البحاري" أن هاذه الطريقاة –طريقاة الادفع‪ -‬فاي رقاباة الدساتورية تاتالءم ماع أسالوب ال مركزياة الرقاباة‪ ،‬وتفساير ذلاك أن‬
‫امتناع القاضي عن تنفيذ القانون الذي يقدر عدم دستوريته هاو أحاد االلت ازماات التاي تقاع علاى عاتقاه‪َ ،‬لنهاا تنبثاق مباشارة مان وظيفتاه بتطبياق القاانون‬
‫حيث يتعين عليه إزالة عوائق التطبيق‪ ،‬وحل مشاكل التنازع بين القوانين‪ ،‬لكي يتوصل إلى تحدياد القاانون واجاب التطبياق فاي النازاع المعاروض علياه‪،‬‬
‫ولما كان هذا واجب القضاء بصفة عامة فإنه من المنطقي أن يعترف بهذا الحق لجميع المحااكم علاى اخاتالف درجاتهاا‪ ،‬لالطاالع أكثار أنظـر‪ /‬حسان‬
‫مصطفى البحري‪ :‬القضاء الدستوري –دراسة مقارنة‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬

‫‪197‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫ال يقيد المحاكم اَلخرى في القضايا المثارة أمامها‪ ،‬وبمعنى آخر فإن الحكم الصادر في حالة الدفع‬
‫الفرعي تكون له حجية نسبية تقتصر على موضوع النزاع وأطرافه‪.1‬‬

‫‪ -‬ومما يأخذ أيضا في ميزان حسنات هذا النوع من الرقابة أنه ال يحتاج لما يتضمنه من امتناع القاضي‬
‫عن تطبيق القانون المخالف للدستور‪ ،‬إلى نص خاص ليقررها َلنها تتصل بطبيعة عمل القاضي أيا كان‬
‫نوع المحكمة أو درجتها فالقاضي إذا وجد أن الخصم على حق‪ ،‬وأن القانون مخالف فعال للدستور‬
‫باعتباره قاضيا يجب أن يغلب حكم الدستور اَلعلى ويستبعد تطبيق القانون المخالف للدستور َلن النص‬
‫اَلعلى يقدم على النص اَلدنى عند تعارضهما‪ ،‬ولذلك أخذت الواليات المتحدة اَلمريكية بهذا اَلسلوب‬
‫رغم عدم نص الدستور اَلمريكي عليها كما أخذت به المحاكم في مصر منذ عام ‪ 3619‬رغم صمت‬
‫دستور ‪ ،23661‬ورغم مميزات هذا اَلسلوب التي جعلته اَلكثر شيوعا وأهمية في الرقابة على دستورية‬
‫القوانين إال أنه لم يسلم من النقد من جانب بعض الفقه‪.‬‬
‫ب‪ -‬عيوب الرقابة القضائية عن طريق الدفع الفرعي‪ :‬وجه الفقه المعارض لهذا اَلسلوب من الرقابة‬
‫القضائية انتقادات عدة يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬رقابة االمتناع غير مجدية في االحتراز من ضرر متوقع من قانون غير دستوري النعدام السبل للتمسك‬
‫بعادم الدسااتورية فيهاا إال لوجااود نازاع قااائم بالفعاال‪ ،‬والااى حااين ذلااك إمااا أن يطبااق القااانون فيكااون علااى الفارد‬
‫تحمل تبعاته دون إمكان دفعه واما أن يبقى الفرد مهددا بتطبيقه في أي وقت‪.3‬‬

‫‪ -‬الرقابة بطريقة الدفع الفرعي تجر القاضي إلى حقل السياسة أثناء عملية الرقابة‪ ،‬فبدال من قيام القاضاي‬
‫بفحص القانون وبيان مدى مطابقته مع أحكام الدساتور نجاده يضاع نفساه محال أعضااء السالطة التشاريعية‬
‫أو التنفيذية التي وضاعت نصاوص القاانون أو النظاام الماراد مناقشاته ورقابتاه‪ ،‬وفاي الواقاع أن السالطة التاي‬
‫أصدرت هذا القانون أو النظام تكون حذرة عند إصداره مما يجعل القاضي يضاطر إلاى التغلغال فاي النواياا‬
‫السياسااية للقااائمين بمهمااة التش اريع لمعرفااة االنعكاسااات والاادوافع المحيطااة بالتش اريع موضااوع المراقبااة وهااذه‬
‫العملية تعتبر سياسة أكثر من كونها عملية قضائية‪.4‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬حسن مصطفى البحري‪ :‬القضاء الدستوري –دراسة مقارنة‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -2‬أنظر محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.137-176‬‬
‫‪ -3‬سارة على الصالبي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -4‬ياازن عااوض عضااوب‪ :‬دســتورية القــوانين بــين رقابــة االمتنــاع والــدعوى المباشــرة فــي ضــوء إنشــاء المحكمــة الدســتورية فــي األردن‪ ،‬رسااالة‬
‫ماجستير في القانون‪ ،‬إشراف حمدي القبيالت‪ ،‬كلية الحقوق جامعة اإلسراء‪ ،‬اَلردن ‪ ،6731-6731‬ص ص ‪.379-370‬‬

‫‪198‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫‪-‬إن اَلخذ بطريقة االمتناع تجعل مهمة الرقابة الدستورية في قبضة جميع المحاكم على اخاتالف درجاتهاا‬
‫فيااه إثااارة لالضااطرابات وعاادم االسااتقرار فااي المعااامالت‪ ،‬وفوضااى تش اريعية نتيجااة تناااقض اَلحكااام فيشاااع‬
‫القلااق فااي القضاااء بالنساابة للقااانون الواحااد‪ ،‬الساايما مااع إمكانيااة تصااور تقرياار أحااد المحاااكم أن تمتنااع فااي‬
‫تطبيق نص ما في نزاع معين بينما تقرر محكمة أخرى دستورية القانون ذاته في نزاع آخار فتقاوم بتطبيقاه‬
‫اَلمر الذي من شأنه إثارة زعزعة الثقة بالقوانين وحالة من الفوضى التشريعية‪.1‬‬

‫‪ -‬إن إعطاااء المحاااكم العاديااة صااالحية الرقابااة علااى دسااتورية القاوانين بطريقااة االمتناااع تتعااارض مااع مباادأ‬
‫الفصال باين السالطات‪ ،‬حياث أن إعطاءهاا هاذه الرقاباة يثيار الكثيار مان االعت ارضاات واالنتقاادات‪ ،‬والساابب‬
‫فااي ذلااك أن هااذه المحاااكم تعتباار جهااات قضااائية عاديااة وذلااك علااى العكااس ماان الرقابااة بواسااطة الاادعوى‬
‫اَلصلية التي يتم رفعها أمام جهة قضائية مختصة ومستقلة‪.2‬‬

‫وبعد التطرق َلسلوبي الرقابة القضائية اَلكثر استعماال وشيوعا وجدنا أن ثمة فروقا جوهرياة بينمهاا تتمثال‬
‫في اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬طريقة الرقابة القضائية عان طرياق الادعوى اَلصالية – اإللغااء ‪ -‬يعاود النظار فيهاا إلاى محكماة خاصاة‬
‫غالبااا مااا تكااون محكمااة دسااتورية‪ ،‬اَلماار الااذي يجعاال ماان حكاام المحكمااة فاصااال فااي الن ازاع وحاسااما فااي‬
‫اإلشكال الدستوري بصفة نهائية‪ ،‬على خالف الرقابة القضائية عن طريق دعوى الدفع الفرعي –االمتناع‪-‬‬
‫التااي تعااود صااالحية النظاار فيهااا إلااى جميااع المحاااكم علااى اخااتالف أنواعهااا ودرجاتهااا فااي الساالم القضااائي‬
‫ويكون الحكام الصاادر بشاأنها ذو حجياة نسابية‪ ،‬ومقصاور علاى القضاية المعروضاة ماع بقااء القاانون قائماا‬
‫َلن القاضي لم يقضي بإلغائه وانما امتنع فقط عن تطبيقه بحيث يصح لمحكمة أخرى أن تطبقه‪.‬‬

‫‪ -‬أسالوب الرقابااة عان طريااق الادعوى اَلصاالية تتطلااب إثارتهاا نصااا دساتوريا صاريحا يجيزهاا ويحاادد الجهااة‬
‫القضائية المختصة بنظرها وكذا الميعاد الذي يجب مراجعة الجهة القضائية خالله بينما الرقابة عن طرياق‬
‫الدفع الفرعي – االمتناع ‪ -‬ال تتطلب ذلك‪ ،‬اَلمر الذي ينتج عناه فاي دعاوى اإللغااء زوال الانص القاانوني‬
‫المطعون فيه في حين يكتفي القاضي في دعوى الدفع الفرعي باالمتناع عن تطبيقه‪.‬‬

‫‪ -‬تتحقااق الرقابااة وفقااا لاادعوى اإللغاااء بمهاجمااة القااانون بطريقااة مباش ارة بواسااطة دعااوى أصاالية يتقاادم بهااا‬
‫صاااحب الش ااأن مباشا ارة أم ااام المحكم ااة المختص ااة‪ ،‬ف ااي حااين أن رقاب ااة االمتن اااع ه ااي طريق ااة دفاعي ااة تث ااار‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬سارة علي الصالبي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.10-19 ،‬‬


‫‪-2‬يزن عوض عضوب‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.370‬‬

‫‪199‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫بمناساابة دعااوى مطروحااة أمااام القضاااء يلجااأ إليهااا صاااحب الشااأن لاارد القااانون الم اراد تطبيقااه للفصاال فااي‬
‫النزاع‪ ،‬فالرقابة هنا ال تتخذ شكال هجوميا وانما تتخذ شكال دفاعيا‪.‬‬

‫‪ -‬يظهر الفرق بين الطريقتين من حيث حجية اَلحكام‪ ،‬حيث تقضي المحكمة في الدعوى اَلصلية بإلغااء‬
‫النص القانوني المطعون بعدم دستوريته إذا ماا تحققات مان ذلاك‪ ،‬أماا دعاوى الادفع الفرعاي فاإن القاضاي ال‬
‫يحكم فيها بإلغاء النص القاانوني المطعاون فياه وانماا يكتفاي باالمتنااع عان تطبيقاه فاي الادعوى المعروضاة‬
‫عليه مع بقاء القانون قائما ويصح لمحكمة أخرى أن تطبقه‪.‬‬

‫‪ -‬الرقاباة القضاائية عان طريااق الادعوى اَلصالية يترتااب علياه اصاطدام ماع الساالطات خاصاة منهاا الساالطة‬
‫التشريعية بسبب إلغاء القانون المخالف للدستور الذي ترى فياه هاذه اَلخيارة مواكباة للتطاورات التاي تعيشاها‬
‫الدولااة إقليميااا ودوليااا‪ ،‬أمااا فااي دعااوى الاادفع الفرعااي ال تثااار بخصوصااها هااذه الحساساايات لعاادم تاادخلها فااي‬
‫عمل السلطات وال ينجم عن اللجوء إليها إلغاء القوانين‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مبررات األخذ بالرقابة القضائية على دستورية القوانين‬

‫أدت حركة تطور الشعوب نحو الديمقراطية إلى انبعاث وتعميم فكرة الرقابة علاى دساتورية القاوانين‬
‫لماا لهاا مان دور فااي تكاريس مبادأ دولاة القااانون التاي يخضاع فيهاا الحكااام والمحكاومين لمبادأ سايادة القااانون‬
‫إعالء للدستور وحفاظا على سمو قواعاده‪ ،‬وَلن الدساتور يجاب أن يالزماه العلاو الادائم كاان مان الضاروري‬
‫وجااود نظااام رقااابي فعااال يكفاال دوام هااذا العلااو للدسااتور فااي الاادول خاصااة الديمقراطيااة منهااا‪ ،‬لااذا نجااد أن‬
‫الدساتير الحديثة غالبا ما تنص على اعتناق أسلوب الرقابة القضائية على دستورية القوانين وانشاء محاكم‬
‫دستورية مستقلة يعهد إليها بمهمة فحص القوانين للتأكد من مطابقتها َلحكام الدستور لدرجة أصبحت فيها‬
‫الرقابة القضائية على دساتورية القاوانين مرادفاة للدولاة الدساتورية ولكاي توصاف الدولاة بالدساتورية يجاب أن‬
‫تتمتااع الدولااة بنظااام ديمق ارطااي يسااوده االسااتقرار السياسااي والقااانوني‪ ،‬كمااا يجااب أن تكااون فيااه الرقابااة علااى‬
‫دس ااتورية القا اوانين بمثاب ااة الح ااارس والض ااامن لحق ااوق اَلفا اراد وحري اااتهم المختلف ااة م اان التعس ااف واالنته اااك‬
‫(المطل ااب اَلول) اَلم اار ال ااذي ازدادت مع ااه أهمي ااة الرقاب ااة القض ااائية عل ااى دس ااتورية القا اوانين ف ااي الوق اات‬
‫الحاضر بعد أن أخذت الدول بسياسة التدخل في كافة المجاالت (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫المطلب األول‪ :‬مبررات األخذ بالرقابة القضائية من خالل مبدئي الديمقراطية واحترام الحقوق والحريات‬

‫ال شااك أن قضااية حقااوق اإلنسااان تأخااذ فااي الاازمن الحاضاار أبعااادا مختلفااة لكاان هااذه اَلبعاااد تكاااد‬
‫تجمع على أهمية هذه الحقوق كأساس لبناء الديمقراطية في المجتمع‪ ،‬ومع أن الغالبياة العظماى مان الادول‬
‫تعتاارف اليااوم بحقااوق اإلنسااان وحرياتااه اَلساسااية إال أن أماار حمايتهااا يتطلااب العديااد ماان الضاامانات التااي‬
‫تكفل هذا االحترام‪ ،1‬بما يتماشى مع أسس الديمقراطية دولاة القاانون لاذ نجاد أن الفقاه اتفاق علاى الضامانة‬
‫اَلول ااى والفعالي ااة الت ااي يتع ااين عل ااى دس اااتير ال اادول أن تقرره ااا ف ااي الوثيق ااة الدس ااتورية وه ااي تنظ اايم الرقاب ااة‬
‫القضائية على دستورية القوانين ومشروعية اَلعمال القانونية التي تصدر عن سلطات الدولة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الرقابة الدستورية أساس مبدأ احترام الحقوق والحريات األساسية‬

‫َلنااه ال يكفااي تأكيااد النصااوص الدسااتورية والقااانون علااى الحقااوق والحريااات مااا لاام توجااد إج اراءات تااؤمن‬
‫حمايتهااا ماان انتهاااك الساالطات العامااة ذلااك أن الحااق ال قيمااة فعليااة لااه باادون إج اراءات ضاامانات تااؤمن‬
‫احترامه‪ ،2‬لذلك نجد أن إقرار الحقوق والحريات اَلساسية ضمن دساتير الدول في تزايد مستمر باعتبار أن‬
‫حماية الحقوق والحريات في المجتمع واحدة من بين وظائف الدستور‪ ،‬إذ به تعلن الحقوق والحرياات وفياه‬
‫يااتم الاانص علااى حمايتهااا‪ ،‬وهااذا رغبااة منهااا فااي تعزيااز مكانتهااا كونهااا مكساابا ترتااب عاان نضااال اَلماام فااي‬
‫مواجهة مختلف أنواع القهار عبار مختلاف م ارحال التااريخ البشاري وفاي هاذا المجاال يقاول اَلساتاذ "عصاام‬
‫س ااعيد" أن مهم ااة حماي ااة الحق ااوق والحري ااات اَلساس ااية كان اات دافع ااا رئيس اايا ف ااي العدي ااد م اان ال اادول كألماني ااا‬
‫واسبانيا والبرتغال وايطاليا إلنشاء قضاء دستوري متخصص كرد فعل ضد السلطات الشامولية أو التعسافية‬
‫التااي كاناات قائمااة فيهااا‪ ،‬بحيااث أضااحى وجااود هااذا القضاااء مسااألة ضاارورية لتطهياار النظااام القااانوني ماان‬
‫التشاريعات أو القا اررات التااي تشااكل انتهاكااا أو عاادوانا علااى حقااوق اإلنسااان وحرياتااه اَلساسااية‪ ،‬فضااال عاان‬
‫قيااام هااذا القضاااء فااي بعااض اَلحيااان باادور فاعاال فااي التفسااير الواسااع للقواعااد الدسااتورية الغامضااة وغياار‬
‫المحاددة بشااكل دقيااق بحيااث يسااتنبط منهااا حقااوق أساسااية جدياادة بهاادف مواكبااة القاعاادة الدسااتورية لتطااورات‬
‫المجتمع الديمقراطي‪.3‬‬

‫لذلك تأتي الرقابة القضائية على دستورية القوانين على رأس الضمانات التي تكفل الحقوق‬
‫والحريات لحمايتها من التعسف وفي إطار ذلك شهد المجتمع الدولي صدور العديد من المواثيق‬
‫واالتفاقيات الخاصة وكذلك المواثيق اإلقليمية التي كان لها دور في إرساء وتثبيت دعائم الحقوق والحريات‬

‫‪ -1‬حسن ماز‪ :‬القضاء الدستوري بين اكراهات الديمقراطية وضرورات حقوق اإلنسان‪ ،‬مجلة الندوة للدراسات القانونية‪ ،‬العدد‪ ،6733 ،71‬ص‬
‫‪.301‬‬
‫‪ -2‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-- Louis FAVOREU, Patrick GAIA , Richard GHEVONTIAN: droit constitutionnelle ,TOM 3 ,19emeédition ,‬‬
‫‪DALLOZ ,Paris,2017.p697.‬‬

‫‪201‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫العامة‪ ،‬ومن الثابت أن جميع هذه االتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان وضعت حدا للحقوق‬
‫الجوهرية التي يتعين عدم المساس بها في أي وقت من اَلوقات‪ ،‬فالقانون الدولي لحقوق اإلنسان واجب‬
‫التطبيق في كل زمان ومكان السيما وقت السلم لذلك يرى بعض فقهاء القانون الدولي أن أحكامه تعلو‬
‫على أحكام المعاهدات الدولية حال تعارضها مع أحكام القانون الداخلي وحال تطبيق القاضي الداخلي‬
‫لقاعدة قانونية وطنية تتعارض مع قاعدة دولية فإن المسؤولية الدولية تثار في مواجهة الدولة باعتبار‬
‫السلطة القضائية إحدى هيئاتها العامة‪ ،1‬فضال على االتفاقيات والمعاهدات الدولية فإنه ال يوجد دستور‬
‫في اَلنظمة المعاصرة لم ينص على حقوق اإلنسان وحرياته اَلساسية فهناك من اَلنظمة التي تنص على‬
‫ذلك في صلب الدستور كما هو الحال في دستور ألمانيا االتحادية لعام ‪ 3616‬والدستور اإليطالي لعام‬
‫‪ 3619‬كما أن هنالك من اَلنظمة التي تتخذ ذلك على شكل تعديالت على الدستور كما هو الحال في‬
‫التعديالت العشرة اَلولى لدستور الواليات المتحدة اَلمريكية التي يطلق عليها بإعالن حقوق المواطن‬
‫اَلمريكي‪ ،2‬كما قد تكون الحقوق والحريات مدرجة ضمن الديباجات ومثال ذلك ديباجة الدستور الفرنسي‬
‫لسنة ‪ 3619‬التي تحمل إحالة إلى إعالن حقوق اإلنسان والمواطن مما يسمح بإبطال أي قانون يخالف‬
‫الحقوق والحريات المكرسة في اإلعالن‪ ،3‬لتحل بذلك الحقوق والحريات مكانة رفيعة تستوجب الحماية‬
‫فكان إعمال الرقابة القضائية التي ينطوي معناها على ضمانة أكيدة وفعالة لحماية الحقوق والحريات‬
‫ولهذا استقر الفقه الدستوري في غالبية النظم المعاصرة على أنه بغير قيام سلطة قضائية محايدة ومستقلة‬
‫فإن الحقوق والحريات تتعرض َلخطار جسيمة وتغدو من الخاصية الواقعية تحت رحمة أهواء الحاكمين‬
‫ورغباتهم‪ ،‬وال يستطيع منصف أن ينكر أن قيام الرقابة القضائية كان في ذاته دافع للمشرع على التروي‬
‫واالحتياط فيما يصدره من قوانين تخضع للرقابة القضائية‪.4‬‬

‫فأصبحت الدساتير بذلك وسيلة تنظيم للسلطات من خالل توضيح أبعادها وحدودها في التعامل‬
‫مع المسائل الجوهرية التي تدخل في مجال حمايتها‪ .‬ويتضح ذلك من خالل إضفاء السمة الدستورية على‬
‫حقوق اإلنسان – أي دسترة حقوق اإلنسان‪ -‬سواء أكانت مدنية أم سياسية أم اجتماعية أو اقتصادية‬
‫بوجهيها العام والخاص له أهمية كبيرة يجعل من هذه الحقوق والحريات تحتل مكانة رفيعة كون الدستور‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬صابر إبراهيم خوشناو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 316‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.630‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.161‬‬
‫‪ -4‬حسن ماز‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.106‬‬

‫‪202‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫يعد القانون اَلعلى للدول واالعتراف الدستوري الصريح يؤسس أيضا لما يعرف بالدستورية الموضوعية‬
‫َلن الدستورية الشكلية وحدها ال تكفي لتقييد السلطة‪.1‬‬

‫وعليه فإن الرقابة على دستورية القوانين تعد من أهم ضمانات حماية حقوق اإلنسان وحرياته‬
‫خاصة ما تعلق منها بحرصها على انسجام المنظومة التشريعية مع مبادئ وأحكام الدستور بما يكرس‬
‫دولة القانون التي تصان فيها حقوق وحريات اَلفراد عن طريق رقابة فعالة لهيئات مختصة‪ ،‬حيث‬
‫يضطلع القضاء الدستوري بتدعيم جهود اإلصالح وحماية حقوق اإلنسان من خالل تطوير الدستور وجعل‬
‫نصوصه تتواكب مع التحوالت التي يشهدها المجتمع وتقريبها إلى حقائق العصر المعاش‪ ،‬فضال عن‬
‫تأكيدها أن حقوق اإلنسان التي كفلها الدستور هي مكفولة لجميع المواطنين وأن ال تسمح للسلطة‬
‫التشريعية أو السل طة التنفيذية بفرض قيود على ممارسة تلك الحقوق وخصوصا أن الدستور – وعلى‬
‫اَلخص في الدول الديمقراطية‪ -‬قد فرض قيودا على السلطات العامة في الدولة َلجل ضمان حماية‬
‫حقوق اإلنسان وحرياته‪.2‬‬

‫لكن ما هي تلك الحقوق والحريات التي تتمتع بهذه الحماية؟ ال يوجد إجماع في الفكر القضائي‬
‫حول هذا اَلمر إذ ليست كل الحقوق والحريات مطلقة الحصانة حيث ال يكفي النص على هذه الحقوق‬
‫في متن الدساتير حتى تكتسب طابع اَلخالقية فتصبح مشمولة بالحماية القضائية‪ ،‬كما ال يوجد اتفاق‬
‫على تعريف موحد للحقوق والحريات‪ ،‬كذلك فإن هناك تفاضل بين الحقوق والحريات العامة إذ أن هناك‬
‫ما هو من الدرجة اَلولى مثل الحرية الشخصية وحرية التعليم وهناك حقوق وحريات من الدرجة الثانية‬
‫تستدعي ممارستها ترخيصا خاصا‪ ،‬ليمكننا القول بذلك أنه ليس هناك اجتهاد مطلق في مجال القضاء‬
‫الدستوري في إطار الحقوق والحريات العامة واذا حدث وكان هناك تعارض بين الحق والمصلحة العامة‬
‫التي تفترض فرض القيود على هذا الحق‪ ،‬أو ذاك فإنه يجب أال يمس بجوهر الحق أو الحرية‪ .3‬ليتبين لنا‬
‫من هنا أهمية الدور الذي تلعبه الرقابة القضائية على دستورية القوانين في حماية الحقوق والحريات حيث‬
‫كانت وما زالت حارسا لها للحيلولة دون انتهاكها لتعتبر بحق الضمانة الفعالة لحماية الحقوق والحريات‬
‫المقررة لألفراد بموجب الدستور ليس من خالل الرقابة على القوانين فحسب بل أيضا من خالل تعدد‬
‫طرق الدعوى الدستورية بحسب النظام القانوني لكل دولة – دعوى أصلية أو دعوى فرعية‪ -‬حيث ينصب‬
‫الطعن كما رأينا سابقا وبصورة مباشرة على النص القانوني المشكوك في دستوريته الذي في تطبيقه‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.630-639‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪/‬خانزاد أحمد عبد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 619‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬خاموش عمر عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 666‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫مساس بالحقوق والحريات وفي ذلك حماية لهذه اَلخيرة من خالل تمكين ذوي الشأن من الدفاع عن‬
‫حقوقهم بفتح باب التقاضي أمامهم خصيصا لذلك‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة القضائية على دستورية القوانين ومبدأ الديمقراطية‬

‫لقد كانت الديمقراطية موضوع نقاش لحوالي ألفين وخمسمائة سنة وهي فترة تكفي َلن تقدم‬
‫مجموعة ضخمة من اَلفكار عنها والتي يمكن أن يوافق عليها كل الناس أو جميعهم تقريبا‪ ،‬إال أن هذا‬
‫اَلمر لم يحدث ولم ينجح حوالي خمسة وعشرون قرنا من المناقشة الجدل والدعم والهجوم والتجاهل َلنها‬
‫كانت تعني أشياء مختلفة َلناس مختلفين في أزمنة وأمكنة مختلفة‪ ،‬وقد ظلت الديمقراطية المطلب‬
‫اَلساسي لكل شعوب العالم َلنه في ظلها وكنفها يحس اإلنسان بإنسانية ويتمتع بحريته التي ال تضمنها‬
‫له الديكتاتورية أو الشمولية‪ 1‬ولبيان عالق ة اَلخذ بالرقابة القضائية على دستورية القوانين بمبدأ الديمقراطية‬
‫ينبغي التطرق إلى بيان عالقة الرقابة على دستورية القوانين بالمفهوم التقليدي للديمقراطية‪ ،‬ثم عالقتها‬
‫بالمفهوم الحديث للديمقراطية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عالقـــة الرقابـــة الدســـتورية بـــالمفهوم التقليـــدي للديمقراطيـــة‪ :‬رغا ام م ااا ش اااع ع اان الديمقراطي ااة* أن‬
‫المقصااود بمفهومهااا التقلياادي هااو حكاام الشااعب إال أن اَلكيااد أنااه ال يوجااد تعريااف جااامع مااانع للديمقراطيااة‬
‫وليس هناك شكل تطبيقي صالح لكل زمان تأخذ به جميع نظم الحكم الديمقراطي في العالم‪ ،‬وال تعني بأي‬
‫حااال ماان اَلح اوال أن الديمق ارطيااة شاايء غااامض غياار محاادد المعااالم والصاافات‪ ،2‬والقااول بااأن الشااعب هااو‬
‫صاحب السيادة يعني حكما تبنى الديمقراطية فالديمقراطية وسيادة الشعب هماا صاورتان لمفهاوم واحاد وهاذا‬
‫ما يوضحه الفقيه الفرنسي "الفاارير" بقولاه‪ « :‬إن الديمقراطياة هاي الصايغة السياساية لمساألة تحااول نظرياة‬
‫سيادة اَلمة أن تجد لها الحل القانوني»‪ ،3‬وأن الشعب ال يساتطيع أن يحكام مباشارة مان هناا كانات ضارورة‬
‫مؤسسة التمثيل حيث يعماد الشاعب إلاى اختياار ممثلياه ليتولاوا ممارساة السايادة نياباة عناه وفاي هاذا الصادد‬

‫‪ -1‬منصور جلطي‪ :‬اإلصالحات الدستورية كآليـة لالنتقـال الـديمقراطي‪ ،‬رساالة دكتاوراه تخصاص القاانون العاام‪ ،‬إشاراف بوزياان مكلكال‪ ،‬كلياة الحقاوق‬
‫والعلوم السياسية جامعة بلعباس ‪ ،6730-6739‬ص ‪.37‬‬
‫* يعااود ظهااور اصااطالح الديمقراطيااة َلول م ارة فااي التاااريخ البشااري فااي القاارن الخااامس قباال الماايالد فااي عهااد هياارودوت "‪ - "Herodotus‬المااؤرخ‬
‫اليوناااني الشااهير‪ -‬وقااد اسااتخدمها للداللااة علااى حكاام الشااعب وترساايخ هااذا المفهااوم حيااث أصاابحت الديمقراطيااة تعنااي حكاام الشااعب بنفسااه ولمصاالحته‪،‬‬
‫أنظر‪ /‬أماني صالح دياب العرعير‪ :‬االنتخابات والتحول الـديمقراطي‪ -‬دراسـة مقارنـة بـين النمـوذجين التونسـي والمصـري (‪ ،)2222-2222‬رساالة‬
‫ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬كلية االقتصاد و العلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة اَلزهر‪ ،‬غزة‪ ،6730 ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ -2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ -3‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.667‬‬

‫‪204‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫يق ااول "مونتيس ااكيو" الش ااعب ال يس ااتطيع المش اااركة ف ااي الس االطة ولكن ااه ق ااادر عل ااى اختي ااار ممثلي ااه ليحكما اوا‬
‫باسمه‪.1‬‬

‫وأساااس عالقااة الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين ثااارت بعااد انحاادار الاانظم الديكتاتوريااة التااي كاناات تعتباار‬
‫القانون من اَلعمال المقدسة وتتوافر فيه قيمة المشروعية ومن المستحيل التعرض له من وجهاتهم وبثباوت‬
‫فشل هذه اَلنظمة واندحارها ظهرت الحاجة إلى وسيلة تحماي القاانون اَلمار الاذي تطلاب أن تكاون الصافة‬
‫المقدساة للدسااتور ال للقااانون بحيااث يكااون هااو القااانون اَلسااس لكافااة القاوانين‪ ،‬وماان هااذا المنطااق أصاابحت‬
‫الرقابة القضائية على دساتورية القاوانين مان أهام وظاائف النظاام السياساي عنادما تتكاون اَلغلبياة البرلمانياة‬
‫المستقرة التي تتمكن من الموافقة على القوانين وبالتالي حاجتها إلى قضاء دستوري يراقبها‪.2‬‬

‫وقااد ذهااب جانااب ماان الفقااه الدسااتوري بااأن هااذا النااوع ماان الرقابااة الدسااتورية يتفااق مااع الديمقراطيااة‬
‫الصرفة التي ترتكز على حكم اَلكثرية بالقول أنه منذ تأسايس الرقاباة القضاائية علاى دساتورية القاوانين فاي‬
‫الواليات المتحدة اَلمريكية عام ‪ 3971‬في قضاية "مااربوي" ضاد "ماديساون" نشاأ جادل حاول طبيعتهاا التاي‬
‫يفترض أن تكون مضادة للديمقراطية الصرفة أو حكم اَلكثرية‪ ،‬وذلك من خاالل التسااؤل الاذي مفااده لمااذا‬
‫تااتم مراقبااة التش اريع الااذي أصاابح شاارعيا بشااكل ديمق ارطااي ماان قباال الشااعب فبمالحظااة مراقبااة التش اريع ماان‬
‫وجهة النظر هذه فإن الحل السياسي الاذي يتمثال بأحاد مجلساي البرلماان وفاي الغالاب المجلاس اَلعلاى ماع‬
‫تجريده من االختصاصات التشريعية العادية‪.3‬‬

‫هذا ويقول اَلستاذ "عصاام ساعيد" أناه مادمناا بصادد الديمقراطياة الصارفة أو التاماة كحكام اَلكثرياة‬
‫فإن ذلك يقودنا إلى صعوبة تبرير الرقابة القضائية على دستورية القوانين على الارغم مان أهميتهاا فاي قياام‬
‫الدولة الدستورية َلن أساس تكوين المحاكم ليس ديمقراطيا باعتبار أن القضاة غير منتخبين وبالمقابل نجد‬
‫أن المشرعون منتخبين‪ ،‬وهم نظريا مسؤولون أمام القاانون ومان ناحياة أخارى فإناه حتاى وان كانات النظرياة‬
‫الديمقراطيااة ال تسااتلزم أن يكااون كاال المسااؤولين العمااوميين منتخبااين َلنهااا تسااتلزم ذلااك فقااط فيمااا يتعلااق‬
‫بالمراكز السياسية التي لها قدرات صنع الق اررات واعتمادا علاى ذلاك فاال يساتلزم أن يكاون القضااة منتخباين‬
‫لكن ما يجعل عمل المحاكم غير ديمقراطي قيام القضاة بإلغاء العمال التشاريعي أو تعطيال تطبيقاه أو مناع‬

‫‪ -1‬محمد طي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.330‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬الشوابكة محمد عبد اهلل خليل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪-3‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.663‬‬

‫‪205‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫إصداره اَلمر الذي يجعل المحاكم ليست فقط كونها غير ديمق ارطية فحسب بل كونهاا تحادد فعالياة ونشااط‬
‫المؤسسات التشريعية المنتخبة ديمقراطيا‪.1‬‬

‫فضال على ذلك فإن الديمقراطية التقليدية بمفهومهاا التمثيلاي والسياساي التاام يساتحيل معهاا تحقياق‬
‫االنساجام ماع أساالوب الرقاباة القضااائية علاى دسااتورية القاوانين مااا دامات هيئااات الرقاباة القضااائية التاي هااي‬
‫المحاكم ال ترجع في أصل وجودها مباشرة إلى إرادة الشعب‪ ،‬وباعتبار أن إرادة الشاعب هاي السايادة باذاتها‬
‫والوظيفااة التشاريعية هااي الوظيفااة الوحياادة التااي تمااارس ماان قباال الشااعب لااذلك كااان هااذا النظااام يقضااي بااأن‬
‫يماارس الشااعب بواسااطة ممثليااه سالطة التشاريع دون ساالطتي التنفيااذ والقضااء‪ ،‬ومااا داماات اإلرادة التااي عباار‬
‫عنهااا الممثلااون هااي إرادة الشااعب نفسااه فلاايس ثمااة إرادة تسااتطيع أن ت ارقااب نتاااج عماال ه اؤالء الممثلااين‪،2‬‬
‫ليكااون بااذلك المفهااوم الكالساايكي للديمقراطيااة الااذي جساادته الديمقراطيااة التمثيليااة والااذي عماال علااى تقااديس‬
‫العمل القانوني إلى درجة ال تسمح بالرقابة القضائية على أحكامه سببا كافيا لعدم انسجامه مع ما تقتضايه‬
‫دولااة القااانون مااا دام هااذا النااوع ماان الديمقراطيااة ال يسااتطيع فاارض العدالااة‪ ،‬كمااا يجااب أن تكااون فضااال عاان‬
‫خضااوعه لمااا تمليااه المتغي ارات السياسااية ماان خااالل تغليااب دور البرلمااان الااذي تخطااى بااه جااوهر العدالااة‪،‬‬
‫اَلماار الااذي سااهل فااي تلقيهااا انتقااادات ال حصاار لهااا منهااا أن اسااتم ارره ماان شااأنه أن يلحااق أض ارار كبي ارة‬
‫بالدولة‪ ،‬وهو ما ساهم في خاروج الديمقراطياة مان إطاار هاذا المفهاوم الضايق إلاى مفهومهاا الحاديث بصاورة‬
‫مختلفة‪.‬‬

‫ثانيـا‪ :‬عالقـة الرقابـة بـالمفهوم الحـديث للديمقراطيـة‪ :‬لقاد كاان "لروبارت دال ‪ "Dahl Robert‬الاذي يعاد‬
‫ماان أه اام دارسااي الديمقراطي ااة المعاصا ارة وأباارز منظريه ااا ف ااي الغاارب وص اااحب الفض اال فااي إع ااادة تعري ااف‬
‫الممارساة الديمقراطياة الراهناة بأنهااا نظاام حكام الكثارة وذلاك بعاد أن الحااظ أن الممارساة الديمقراطياة الراهنااة‬
‫فااي الاادول التااي اسااتقرت بهااا نظاام ديمقراطيااة‪ ،‬لاام تبلااغ بعااد حكاام الشااعب وال هااي وفاارت بعااد المصااادر التااي‬
‫تمكن طبقات الشعب كافة مان ممارساة حقوقهاا الرسامية والقانونياة فاي المشااركة السياساية‪ ،3‬ومان هناا فاإن‬
‫الديمقراطيااة المعاص ارة فااي المقااام اَلول كمااا يطرحهااا "روباارت دال" هااي‪ « :‬عمليااة فااذة "‪ "Unique‬التخاااذ‬
‫الق ا اررات الجماعيااة الملزمااة»‪ ،‬وهااذا المفهااوم فااي نظ اره ال يسااتبعد النظاار فااي إلااى الديمقراطيااة ماان الزوايااا‬
‫واَلبعاد واالعتبارات التي نظر إليها آخرون ولكنه يركز على جوهر الديمقراطية باعتبارها في المقام اَلول‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 666‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة‪ ،‬ج‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.96-93 ،‬‬
‫‪ -3‬علاي خليفااة الكاواري‪ :‬مفهــوم الديمقراطيــة المعاصــرة‪ ،‬قـراءة أوليــة فــي خصــائص الديمقراطيــة‪ ،‬المسااتقبل العربااي‪ ،‬عاادد ‪ ،399‬شااباط ‪ ،3661‬ص‬
‫‪.69‬‬

‫‪206‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫نظاما يتم التوصل فيه إلى الق اررات الملزمة لجماعة ما عن طريق ضمان حق أفرادها في المشاركة الفعالة‬
‫بشااكل مباشاار أو غياار مباشاار فااي اتخاااذ الق ا اررات الملزمااة لهاام‪ 1‬فالديمقراطيااة ال تعااين نظامااا خاصااا معينااا‬
‫يجااب أن يطبااق فااي كاال آن وكاال مكااان باال أنهااا تتضاامن مبااادئ عامااة يجااب توفرهااا فااي نظااام كااي يكااون‬
‫ديمقراطيا صاحيحا فالديمقراطياة ليسات بفكارة ساتاتيكية بال هاي فكارة ديناميكياة تنماو تتطاور ماع الازمن إذ‬
‫أن لها خاصية السوائل التي تأخذ شكل اإلناء الذي تحل فيه‪.2‬‬

‫فمنذ أن طبق القدماء في المدن اليونانية الديمقراطياة التمثيلياة أخاذت أشاكاال متعاددة ومتغيارة‪ ،‬إلاى‬
‫أن أصبح الجميع مقتنعا بأنهاا قاد اساتنفذت مباررات وجودهاا علاى السااحة السياساية وأنهاا هرمات‪ ،‬أو علاى‬
‫اَلقل في أزمة أو لنقل أنهاا تعايش مرحلاة تحاول جاذري واقعاي نتيجاة باروز ت ازياد أهمياة العدالاة الدساتورية‪،‬‬
‫فهااذه اَلخي ارة أدخلاات عنص ارين يؤذيااان المنطااق التمثيلااي الكالساايكي فالقااانون لاام يعااد يجااد معناااه فااي إرادة‬
‫النواب ولكن في الدستور كما يفسره ويفرض تفسيره القضااء الدساتوري‪ ،‬فلقاد أصابح لادى الماواطنين وساائل‬
‫إكراه مؤسساتية تتمثل في مراجعة المحااكم الدساتورية التاي تساتطيع فيماا باين دورتاي انتخااب مراقباة العمال‬
‫التش اريعي للن اواب هااذان العنص اران رسااما شااكال جدياادا للديمقراطيااة يمكاان تسااميته بالديمقراطيااة المتواصاالة‬
‫‪ continue Démocratie‬وفقا لتعبير "دومينيك روسو"‪ ،‬وهي تتمياز عان الشاكل اَلول للديمقراطياة الاذي‬
‫يلغااي أي تمييااز بااين الشااعب وممثليااه كمااا أنهااا تتميااز عاان الديمقراطيااة التمثيليااة التااي تلغااي دور الم اواطن‬
‫خااارج أوقااات االنتخاااب فهااي توسااع مساااحة المشااركة الشاعبية باسااتحداثها أشااكاال جدياادة‪ ،‬وبصااورة خاصااة‬
‫القضاء الدستوري حيث تمكن المواطنين من ممارسة عمل سياسي وهو رقابة الحكام خارج أوقات العمل‪.3‬‬

‫ويالح اظ أنااه منااذ بدايااة القاارن العش ارين وعلااى وجااه الخصااوص منااذ نهايااة الحاارب العالميااة الثانيااة‬
‫أخذت أمم العالم وشعوبه في االتجاه نحو الديمقراطية وسعت إلى تأصيلها من خاالل وضاع قياود دساتورية‬
‫تحد من غلواء الممارسة الديمقراطية غير المقيدة العتبا ارت وظروف المجتمع الذي تطبق فيه ولعال نجااح‬
‫تجربااة الهنااد واليابااان وغيرهمااا ماان دول العااالم خااارج المنطقااة الحضااارية اَلوروبيااة خياار برهااان علااى قاادرة‬
‫الديمقراطية علاى التكياف ماع شارائع وقايم المجتمعاات التاي تماارس بهاا باعتباار أن الديمقراطياة مانهج حكام‬
‫يقبل التكيف مع عقائد المجتمعاات المختلفاة وم ارعااة ظروفهاا الخاصاة‪ ،4‬كماا أضاحت الديمقراطياة الحديثاة‬
‫تعتمد على مقومات الليبرالية الدستورية التي تستند إليهاا دولاة القاانون بالتعددياة الحزبياة واالنتخاباات الحارة‬

‫‪ -1‬منصور جلطي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.33-31‬‬


‫‪ -2‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.3379-3370‬‬
‫‪ -4‬على خلفية الكواري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬

‫‪207‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫ونظام اَلغلبية ونظام التداول على السلطة وهذه اَلسس بات ينظر إليها على أنها تراث مشترك لإلنساانية‬
‫لتصبح الديمقراطية الحديثة بنسيجها الدستوري السياساي واالجتمااعي الجدياد مقبولاة عالمياا كنماوذج للحكام‬
‫كونها ديمقراطية دستورية هادفة إلى تحقيق الحرية والعدالة السياسية إذ أن القاانون فاي هاذا النظاام لام يكان‬
‫وليد اإلرادة العامة المطلقة المتحررة من القيود الدستورية بالرغم من أن القيود هاي مان صانعها باعتباار أن‬
‫الدسااتور يعااد قانونهااا اَلساسااي كمااا يسااتمد وجااوده ونصااه وروحااه ماان صااميمها‪ ،‬وفااي النهايااة فااإن إرادتهااا‬
‫تتجلى في القوانين العادية التي تسنها بفضل قاعدة اَلكثرية وهي قاعدة سائدة في كال ديمقراطياة كماا أنهاا‬
‫فااي نفااس الوقاات ماان القواعااد التااي يضاامنها الدسااتور ويفاارض تطبيقهااا باعتبارهااا قاعاادة ماان قواعااد الحياااة‬
‫الدستورية المنظمة مما يترتب عليه أن قاعدة اَلكثرية هي مان القواعاد الدساتورية وهاذا يعناي أنهاا خاضاعة‬
‫له ومن ثم فإنه ال يمكنها تجاوز أحكامه‪.1‬‬

‫ليتعثاار بااذلك المفهااوم التقلياادي القائاال بااأن القااانون هااو نتاااج البرلمااان ويصاابح ماان المفاااهيم التااي‬
‫تجاوزها التطور‪ ،‬فالقانون هو نتاج ثالث مؤسسات تتضاافر جهودهاا معاا السالطة التنفيذياة تقاوم عملياا فاي‬
‫غالبية الدول بتحضير مشاريع القوانين والبرلمان الذي بالرغم من تقهقر دوره مازال يحتفظ بسلطة المناقشة‬
‫والتعديل والتصويت على القانون أخي ار المحكمة الدستورية والتي تستطيع التدخل والغاء القاانون أو بعاض‬
‫أحكامه أو تحديد معناه وتوضيح أشكال تطبيقه وتوسيع نطاقه أو الحاد مناه وأخيا ار تقاديم نصايحة للمشارع‬
‫بتبنااي تش اريع جديااد‪ ،2‬هااذه المشاااركة للمحاااكم فااي صااناعة القااانون تثياار دائمااا فااي أوساااط الفقااه الدسااتوري‬
‫وعااالم السياسااة نوعااا ماان االعت ازاز‪ ،‬علمااا أن "كلساان" الااذي يعتباار بإجماااع الفقااه واالجتهاااد اَلب الروحااي‬
‫للنمااوذج اَلوروبااي للعدالااة الدسااتورية كااان قااد أعلاان منااذ بدايااة القاارن العش ارين بااأن إلغاااء القااانون ماان قباال‬
‫القضاء الدستوري يجعل منه "مشرعا سالبيا"‪ ،‬ولقاد تطاور دور العدالاة الدساتورية مان إمكانياة رفاض القاانون‬
‫إلااى المشاااركة فااي صااناعته عباار ق ا اررات وساايطة تكماال القااانون ماان خااالل عاادة تقنيااات للتفسااير أو دعااوة‬
‫البرلمان إلى إعطاء محتوى محدد لمضمون القانون‪.3‬‬

‫وبااذلك فااإن الرقابااة القضااائية ال تتعااارض مااع الديمقراطيااة باال تتفااق معهااا فالقضاااء الدسااتوري يقااوم‬
‫برقابة الدستورية بتخويل من الدستور‪ ،‬فضال عن أن هاذه الرقاباة ال تنصاب علاى اإلرادة الشاعبية ذاتهاا بال‬
‫تنصب على إرادة ممثليه التي ينبغي أن تكون متطابقة مع الدستور‪ ،‬كما أن رقابة القاضي الدستوري رقابة‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 663‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪-2‬أنظر‪ /‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3769‬‬
‫‪ -3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.3760-3769‬‬

‫‪208‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫معتاارف بهاا باعتباااره ساالطة دسااتورية مؤسسااة وعناادما يقااوم بالرقابااة الدسااتورية فإنااه يشااير ماان خااالل ق ار ارتااه‬
‫إلااى موقااف الساالطات المؤسسااة اَلخاارى تجاااه الدسااتور وماان هااذا المنطلااق تتجلااى أهميااة الرقابااة القضااائية‬
‫والتااي تعااد واحاادة ماان الضاامانات التااي تتحقااق بهااا أهااداف الديمقراطيااة المتمثلااة بصااورة رئيسااية فااي حمايااة‬
‫الحقوق والحريات اَلساسية‪.1‬‬

‫لذا فإنه بإمكاننا القول أن الديمقراطية المعاصرة ديمقراطياة دساتورية فهاذه هاي الخاصاية التاي يقاوم‬
‫عليها مفهومها إلى جانب الخاصية اَلولى المتمثلة فاي كاون الديمقراطياة المعاصارة منهجاا وليسات عقيادة‪،‬‬
‫وتؤكااد هااذه الخاصااية المركزيااة علااى أن الممارسااة الديمقراطيااة اليااوم مقياادة وليساات مطلقااة‪ ،‬مقياادة بدسااتور‬
‫تتراضى القوى الفاعلة على أحكامه وتقبل االحتكام إلى شرعيته‪ ،‬حيث تتحقق الديمقراطية الدستورية عندما‬
‫تتوافر شروط قيامها ويتم التراضي بين القوى الفاعلة فاي المجتماع المعناي علاى صايغة دساتور ديمق ارطاي‪،‬‬
‫وماان بااين الشااروط الهامااة لقيااام الديمقراطيااة الدسااتورية شاارطان أولهمااا قبااول مجتمعااي لمباادأ المساااواة بااين‬
‫المواطنين‪ ،‬وثانيهما التوصل إلى صيغة دستور ديمقراطي يراعي اعتبارات مختلف الجماعات وانخراطها‬
‫في الممارسة الديمقراطية‪.2‬‬

‫وفااي صااميم ذلااك البااد ماان التفرقااة بااين الديمقراطيااة والدسااتورية فلقااد كااان ماان الصااعب إدراك هااذه‬
‫المشكلة َلنه على مدى قرن علاى اَلقال فاي الغارب كانات الديمقراطياة تعناي الديمقراطياة الليبرالياة التقليدياة‬
‫إذ أن الما ازيج م اان الحري ااات الت ااي تق ااوم عليه ااا الليبرالي ااة الدس ااتورية مس ااتقلة ع اان الديمقراطي ااة‪ ،‬فص ااحيح أن‬
‫الديمقراطية عرفت بأنها حكم الشاعب بحياث أن العملياة االنتخابياة للحكوماة جارى الساير عليهاا فتارة طويلاة‬
‫َلن االنتخابااات الح ارة النزيهااة هااي جااوهر وأساااس الديمقراطيااة الااذي ال مفاار منااه إال أن الحكومااات التااي‬
‫تنتجها هذه االنتخابات في بعض البلدان تتجاهل الحدود الدستورية المفروضة على سلطاتها وتحرم اَلفاراد‬
‫من حقوقهم وحرياتهم المدنية والسياسية بسبب فقدان العناصر الدستورية المطلوبة‪.‬‬

‫لذا قام الفقهاء بالتمييز بين الديمقراطياة ذات الطاابع االنتخاابي غيار الليب ارلاي والاديمقراطيات الليبرالياة التاي‬
‫تضامن فاي الحقيقاة حقاوق اإلنساان وحرياتاه َلنهاا تجسااد بحاق الحركاة الدساتورية الحديثاة* التاي تجعال ماان‬

‫‪ -1‬أنظر عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.660‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬علي خليفة الكواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫* تعاد صااياغة أي دساتور مكتااوب فاي الوقاات الحاضار ماان أولوياات المنظمااات السياساية والماليااة والمسااعدة والتجااارة الدولياة‪ ،‬كمااا تعاد هااذه الصااياغة‬
‫شرطا الستتباب اَلمن والسلم ويعد وجود دساتور مكتاوب شارطا لالعتاراف مان قبال اَلمام اَلخارى‪ ،‬وال يكفاي أن يتضامن الدساتور المباادئ الديمقراطياة‬
‫فحسب حتى يوصف بأنه ديمقراطي‪ ،‬إذ قد وجد الكثير من الدسااتير التاي تحتاوي علاى مباادئ مثالياة ديمقراطياة ماواد متعلقاة باالحقوق والحرياات فاي‬
‫ظاال اَلنظمااة االسااتبدادية الشاامولية غياار أن تطبيقهااا فااي الواقااع ناااد ار لااذا يلاازم اَلخااذ بعااين االعتبااار لألساالوب المتبااع فااي إعااداد صااياغة الدساااتير‬

‫‪209‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫الديمقراطية في مفهومها الجديد ترتبط بإيديولوجية الحقوق الدستورية في كل ظل دولة القانون‪ ،1‬وفي إطار‬
‫المنطااق السااالف الااذكر فااإن الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين تعااد ماان أهاام العواماال التااي ساااهمت فااي تعااديل‬
‫تعريااف الديمقراطيااة وارساااء مبادئهااا عباار مختلااف م ارحاال تطورهااا ماان خااالل تشاريع ممثلااي الشااعب المنبثااق‬
‫من صلب الدستور‪ ،‬ليظهر هاذا اَلخيار بمظهاره المعبار عان إرادة الشاعب و سايادته‪ ،‬علاى خاالف ماا كاان‬
‫يعتقد في وقت غيار بعياد بأناه معياق إلرادة الشاعب‪ ،‬لتصابح الرقاباة القضاائية علاى دساتورية القاوانين باذلك‬
‫إحاادى الركااائز اَلساسااية لبناااء الدولااة الديمقراطيااة التااي أساسااها ساايادة القااانون ماان خااالل دورهااا البااارز فااي‬
‫تقرياار اَلعمااال التش اريعية التااي يتطلااب اسااتقرارها موازنتااه بقضاااء دسااتوري ي ارقااب دسااتورية هااذه اَلعمااال‬
‫التش اريعية‪َ ،‬لن الغايااة ماان الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين هااي النفاااذ إلااى جااوهر القااانون حمايااة للحقااوق‬
‫والحريات من جهة‪ ،‬وضمانا لسيادة الشعب من جهة أخرى‪ ،‬وبالتاالي فإناه مان غيار الرقاباة القضاائية علاى‬
‫دستورية القوانين تصبح مبادئ الديمقراطية مجارد حبار علاى ورق‪ ،‬بال ويمكنناا القاول جاازمين أناه ال يمكان‬
‫للديمقراطية أن تكون من دون رقابة على الدستورية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تقدير أسلوب الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬

‫اتجهاات أغلااب الدساااتير الحديثااة إلااى اَلخااذ بنماااذج مختلفااة للرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين إال أن‬
‫النموذج اَلكثر شيوعا بينها هو نموذج الرقابة القضائية لما له من أهمية بالغة في النظام الدستوري للادول‬
‫الديمقراطي ااة ال ااذي يق ااوم عل ااى رك ااائز ع اادة أهمه ااا احتا ارام الدس ااتور باعتب اااره الق ااانون اَلساس ااي لمنظومته ااا‬
‫القانونية‪ ،‬والذي تسهر على أن يطبق فيها جميع أحكامه الشكلية كما الموضوعية‪ ،‬بحياث يفتارض فاي كال‬
‫سلطاتها التقيد بها‪ ،‬حفاظا منها علاى صافة الدولاة القانونياة‪ ،‬وباالرغم مان اَلهمياة التاي حظيات بهاا الرقاباة‬
‫القضائية على دستورية القوانين (الفرع اَلول) إال أنها لم تلقى إجماعا على فعاليتها (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أهمية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬

‫أصبحت حاجة الدول المعاصرة ملحة للرقابة القضائية على دستورية القوانين باعتبارها نظام متين‬
‫يسااهر عليااه كفاااءات تتمتااع بااالخبرة واالسااتقاللية عاان الساالطة السياسااية‪ ،‬لااذلك اعتباارت ماان أهاام ضاامانات‬
‫الحقوق والحريات الفردية وصيانة الدستور وتأمين سيادته‪.‬‬

‫والظااروف التااي وضااعت فيهااا وماادى مشاااركة أفاراد الشااعب‪ ،‬والطااابع التشاااوري وشاافافية العمليااة الدسااتورية فضااال عاان المجتمااع الاادولي الااذي ظهاار فااي‬
‫اآلونااة اَلخي ارة فااي عمليااات صااياغة الدساااتير الوطنيااة الحديثااة‪ ،‬والواقااع أن الوصااف الااديمقراطي للدسااتور يتوقااف أو ي ارتهن بمااا يتضاامنه الدسااتور ماان‬
‫مبادئ وحقوق عندما يدخل حيز النفاذ‪...‬لالطالع أكثر أنظر‪ /‬محمد على سويلم المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 93‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -1‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.613-617‬‬

‫‪210‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫أوال‪ :‬االعتبارات الموضوعية ألسلوب الرقابة القضائية على الدستورية‪ :‬يعتبر مبدأ الرقابة على دستورية‬
‫القوانين نتيجة طبيعة وحتمية لمبدأ سيادة الدستور وعلوه على سائر القوانين داخل الدولة‪ ،‬حيث أن عدم‬
‫وجود الرقابة على دستورية القوانين يفرغ القوانين من أي قيمة لها ويبطل الحكمة من تقرير سمو القاعدة‬
‫الدستورية التي تتميز بها على سائر القوانين داخل الدولة وتأخذ سقف المشروعية فيها‪ ،‬فالقاعدة الدستورية‬
‫تنسج على منوالها كافة القواعد القانونية التي ليس لها أن تخالف بأي حال من اَلحوال القواعد الدستورية‬
‫فإن تعدت حدودها وخالفت القاعدة الدستورية ليس لها إال أن تقع في مجال عدم المشروعية وتدخل في‬
‫حيز البطالن‪ .1‬وبالتالي يجب أن تكون كافة التشريعات متفقة مع ما رسمه لها الدستور وهذا منطلق‬
‫الدولة القانونية ذات النهج الديمقراطي أو ما يعرف بدولة المؤسسات والقانون والمقصود بالقانون هنا‬
‫مجمل النظام القانوني الملزم في الدولة من دستور وقوانين وأنظمة وتعليمات وق اررات كما يقضي وجود‬
‫الدولة الديمقراطية وجود مقومات عدة تشكل ضمانات لخضوع سلطات الدولة للقانون فتظهرأهمية الرقابة‬
‫القضائية هنا كونها تعد واحدة من وسائل صيانة الدستور وسيادته باعتباره قانون القوانين وفقا لمبدأ سمو‬
‫الدستور حيث تحرص الدول على تواجد جهة رقابية تتمثل وظيفتها في مراقبة دستورية القوانين‬
‫والتشريعات المختلفة التي تصدرها هيئات الدولة المختلفة لما لها من سلطة واختصاص كي تضمن‬
‫تطبيق مبدأ سيادة الدستور وتجعله واقعا عمليا من خالل هذه الرقابة كما تفرض بها احترام مبدأ الفصل‬
‫بين السلطات بحيث تستقل كل سلطة بما حدده لها الدستور حتى ال تشكل عائقا في البناء الديمقراطي‬
‫المستند إلى سيادة اَلمة‪.‬‬

‫ومن بين ضمانات الرقابة القضائية أيضا ما نجده في الرقابة على أعمال اإلدارة والتي تتمثل في‬
‫السلطة التنفيذية لتكون أهم تلك الرقابات تلك التي يتوالها القضاء بواسطة المحاكم على اختالف أنواعها‬
‫سواء كانت إدارية أو عادية والمنوطة برجال القضاء لما يتميزون به من حياد واستقالل عند ممارستهم‬
‫لهذه الرقابة سلطتهم في إلغاء الق اررات اإلدارية المخالفة للقانون التي تكون قد سببت ضر ار لألفراد أو‬
‫خالفت مبدأ المشروعية‪.2‬‬

‫وممااا ال شااك فيااه أن الرقاب اة علااى الدسااتورية ماان حيااث مضاامونها تعااد عمااال قانونيااا وهااذا العماال‬
‫يحتاااج إلااى مااؤهالت قانونيااة ذات كفاااءة عاليااة ماان قباال القااائمين عليهااا لتحديااد مااا إذا كاناات التش اريعات‬
‫الصادرة من البرلمان أو السلطة التنفيذية تتفق مع القواعد الدستورية أو تخرج عنهاا ساواء أكانات ضامنا أو‬

‫‪ -1‬عبد اهلل سليم يوسف أبو زيد‪ :‬مدى تأثير غياب المحكمة الدستورية على النظام القانوني فـي فلسـطين‪ ،‬رساالة دكتاوراه فاي القاانون العاام‪ ،‬إشاراف‬
‫أحمد أبو شنب‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عمان العربية‪ ،6733 ،‬ص ص ‪.63-67‬‬
‫‪-2‬أنظر‪ /‬الشوابكة محمد عبد اهلل أحمد خليل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 33‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫صاراحة‪ ،‬وبيااان مااا إذا كاناات تلااك الساالطات قااد خرجاات عاان حاادود اختصاصاااتها ووظائفهااا‪ ،1‬لااذا كااان ماان‬
‫المنطقااي أن تسااند هااذه المهمااة القانونيااة إلااى هيئااة قضااائية يت اوافر فااي أعضااائها التكااوين القااانوني السااليم‬
‫باإلضافة إلى الخبرة والنزاهة والتجرد واالستقالل‪ ،‬فضال على ما يقدمه القضااء مان حقاوق للادفاع وعالنياة‬
‫الجلسات مماا يجعال مان الرقاباة القضاائية الضامانة اَلكيادة والفعالاة لتحقياق احتارام النصاوص الدساتورية‪.2‬‬
‫كمااا تظهاار أهميااة الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية القاوانين فااي البلاادان ذات الدساااتير الجاماادة التااي يتطلااب‬
‫تعديلها إجراءات خاصة أشد تعقيدا من تلك الدساتير المرنة التي تعدل بإتباع نفس اإلجاراءات المتبعاة فاي‬
‫تعااديل الق اوانين العاديااة‪ ،‬وفااي كلتااا الحااالتين – س اواء كاناات الدساااتير جاماادة أم مرنااة ‪ -‬ال يجااوز للساالطة‬
‫إصاادار مااا يخااالف أحكااام وروح الدسااتور َلنااه القااانون اَلعلااى واَلساامى الااذي يجااب أن يعلااو علااى جميااع‬
‫القواعد القانونية في الدولة الواحدة‪.3‬‬

‫ويرى جانب من الفقه أن هذا الموضوع من المواضايع ذات اَلهمياة البالغاة بالنسابة للدولاة واَلفاراد‬
‫على حد سواء فأما اَلفراد فيقول الدكتور إبراهيم شيحا أن موضوع كفالة احتارام الدساتور أو مشاكلة الرقاباة‬
‫علاى دساتورية القاوانين هاي ماان أهام الموضااوعات التاي حظياات باهتماام خاااص لادى رجااال الفقاه الدسااتوري‬
‫فاحتل مكانا بار از في بطون مؤلفاتهم ال بل غادا موضاوع د ارساة تعميقاه لرساائل الادكتوراه لماا يتسام باه مان‬
‫أهميااة عمليااة تفااوق أهميتااه للنظريااة فااي حياااة الدولااة القانونيااة‪ ،‬أمااا بالنساابة للدولااة فتظهاار أهميتااه بحسااب‬
‫طبيعة كل سلطة من السلطات العامة في الدولة أماا السالطة التنفيذياة فيجاب أن تكاون أعمالهاا وتصارفاتها‬
‫متفقااة مااع أحكااام الدسااتور واال كاناات غياار مشااروعة وجااديرة باإللغااء لخروجهااا عاان مباادأ المشااروعية‪ ،‬وأمااا‬
‫السلطة التشريعية فيجب عليهاا أن تضاع الدساتور فاي المرتباة العلياا فاي القواعاد القانونياة للدولاة‪ ،‬بحياث ال‬
‫تسااتطيع مخالفااة أحكامااه بااأي شااكل ماان اَلشااكال الص اريحة أو الضاامنية‪ ،‬أمااا بالنساابة للساالطة القضااائية‬
‫فتظهاار أهميااة هااذه الرقابااة ماان خااالل إلغاااء أو االمتناااع عاان تطبيااق القاوانين المخالفااة للدسااتور فضااال عاان‬
‫تمكين اَلفراد من الطعن بعدم دستورية القوانين اَلمر الذي يؤكد المحافظة على الحقاوق والحرياات الفردياة‬
‫ويصون احترام الدستور‪.4‬‬

‫‪ -1‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.39‬‬


‫‪ -2‬عادل صبحي حميادات‪ :‬رقابة محكمة العدل العليا على دسـتورية القـوانين فـي األردن‪ ،‬رساالة ماجساتير فاي القاانون‪ ،‬إشاراف عياد الحسابان‪ ،‬كلياة‬
‫الدراسات الفقهية و القانونية جامعة آل البيت‪ ،6771-6771 ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪ -3‬داود عبد الرزاق الباز‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.361‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬يزن عوض عضوب‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.33-31‬‬

‫‪212‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫وفق ااا لم ااا س اابق يمكنن ااا الق ااول أن الرقاب ااة القض ااائية تس ااتمد أهميته ااا م اان متطلب ااات الدول ااة القانوني ااة‬
‫الحديثااة التااي تخضااع فااي كافااة تص ارفاتها لحكاام القااانون وغطاااء الشاارعية عمااال بمباادأ ساامو الدسااتور حتااى‬
‫تتمكن من ممارسة مختلف وظائفها المتشعبة‪ ،‬والتي أصبحت تمتاد وتتادخل فاي كافاة منااحي الحيااة‪ ،1‬هاذا‬
‫فضااال علااى أن اَلخااذ بأساالوب الرقابااة القضااائية بجميااع أشااكالها وصااورها يعااد ضاامانة أكياادة لنفاااذ القواعااد‬
‫الدستورية نظ ار لما تتمتع به الهيئات القضائية من تخصص واساتقاللية تجعلهاا بعيادة عان التحياز واالنقيااد‬
‫اَلماار الااذي ماان شااأنه أن يحااول دون صاادور أو اسااتمرار نفاااذ تش اريعات تخااالف الدسااتور أو تعتاادي علااى‬
‫الحقااوق والحريااات اَلساسااية التااي يكفلهااا الدسااتور‪ ،‬لهااذا أصاابحت الرقابااة القضااائية أكثاار شاايوعا فااي دول‬
‫العالم لتميزها بالتخصص الذي جعل منها اَلسلوب اَلحق بالرقابة على دستورية القوانين‪.‬‬

‫ثانيــا‪ :‬الرقابــة القضــائية علــى دســتورية القـوانين بــين التأييــد والمعارضــة‪ :‬ذكرنااا فيمااا ساابق أن المقصااود‬
‫بالرقابااة القضااائية مهمااا اختلفاات أشااكالها وأنواعهااا هااو التأكااد ماان ماادى اتفاااق القااانون مااع أحكااام الدسااتور‬
‫باعتبااره القاانون اَلسامى فاي الدولااة وأن السالطات التاي صادر عنهاا التشاريع قاد التزمات فاي سانه بحاادودها‬
‫الدستورية وهذا لمبدأ سمو الدساتور‪ ،‬وهاو ماا يملياه منطاق العدالاة ومبادأ المشاروعية معاا‪ ،‬وباالرغم مان هاذه‬
‫الجوانب االيجابية التي تمتاز بها الرقابة القضائية إال أن أمر اعتمادها كأسالوب رقاابي علاى الدساتورية لام‬
‫يكاان محاال إجماااع لاادى الكافااة‪ ،‬فهناااك ماان الفقهاااء مماان تبناوا أريااا مناهضااا َلساالوب الرقابااة القضااائية وفقااا‬
‫لحجج وأسانيد تدعم آراءهم‪ ،‬وبالمقابل نجد أن غالبية الفقه ذهب إلى خالف ذلك بتأييد هذه الرقابة‪.‬‬

‫أ‪ -‬االتجاه المناهض للرقابـة القضـائية علـى دسـتورية القـوانين‪ :‬لقاد ذهبات بعاض اآلراء إلاى إنكاار مانح‬
‫القضاء حق التعرض لبحث دستورية القوانين وقد استندوا في ذلك إلى الحجج اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬إن االعتراف للقضاء بالرقابة على دساتورية القاوانين يتضامن اعتاداء علاى سايادة اَلماة الن القاانون هاو‬
‫المعبار عان اإلرادة العاماة ولايس ماان الجاائز فارض الرقاباة علياه‪ ،2‬اَلماار الاذي يوجاب أن ال ي ارقاب أعمااال‬
‫البرلمان غير ضمير أعضائه مادام أنه هو الذي يباشر السيادة نيابة عن اَلمة‪.3‬‬

‫‪ -‬تحتاج مسألة مادى انساجام الرقاباة القضاائية علاى دساتورية القاوانين ماع مبادأ الفصال باين السالطات إلاى‬
‫حسم بحسبان أن القضاء ينبري إلى الحكم على أعمال السلطة التشريعية التعقيب على مدى مطابقتهاا ماع‬

‫‪1‬‬
‫‪--Louis FAVOREU, Patrick GAIA , Richard GHEVONTIAN: droit constitutionnelle ,Tome 1 ,19emeédition ,‬‬
‫‪DALLOZ ,Paris,2017.p43.‬‬

‫‪ -2‬هشام جليل إبراهيم الزبيدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.306‬‬


‫‪ -3‬زيد أحمد توفيق زيد الكيالني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪213‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫الدسااتور فهااو يحكاام علااى أعمااال الساالطة التنفيذي ااة بوصاافها الجهااة التااي قاادمت مشااروع القااانون وأعم ااال‬
‫السلطة التشريعية بوصفها التي أقرته‪.1‬‬

‫لااذلك ياارى الفقهاااء فااي فرنسااا وفااي الكثياار ماان الاادول اَلخاارى الااذين اسااتندوا إلااى مباادأ الفصاال بااين‬
‫الساالطات لمنااع القضاااء ماان الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين أن تناااول أعمااال الساالطة التش اريعية بااالفحص‬
‫والرقابة يعد تدخال في أعمالها اختصاصاتها‪ ،‬وهذا يتنافى مع مبادأ الفصال باين السالطات الاذي يقضاي أن‬
‫تمااارس كاال ساالطة عملهااا دون تاادخل ماان قباال الساالطات اَلخاارى‪ ،‬وماان ثاام فلاايس للقضاااء الحااق فااي مراقبااة‬
‫ماادى م ارعاااة الساالطة التش اريعية للحاادود المقااررة لهااا فااي الدسااتور َلنهااا صاااحبة االختصاااص اَلصاايل فااي‬
‫إصدار القوانين‪ 2‬وقد كان الثوار في فرنسا اَلكثر عداء للعدالة الدساتورية حاذ ار مان السالطة القضاائية التاي‬
‫عارضت كل اإلصاالحات التاي حااول الملاك القياام بهاا والاذي قاد يكاون سابب هيمناة مفهاوم مثاالي للقاانون‬
‫الذي أعطاه "مونتيسكيو" و"فولتير" و"روسو" نوع من الهالة واالحترام المطلق َلنه يمثل العدالاة عنادما يقاره‬
‫الشعب ولو بطريقة غير مباشرة من خالل ممثليه أي النواب‪ ،‬لذلك حرمات دسااتير المرحلاة الثورياة الاثالث‬
‫(‪3063‬و‪3061‬و‪ )3063‬على المحااكم التادخل فاي أعماال السالطة التشاريعية ومنعتهاا مان إعاالن بطاالن‬
‫القاوانين أو حتااى االمتناااع عاان تطبيقهااا َلي ساابب كااان‪ ،‬واسااتمر اَلماار علااى حالااه إلااى غايااة عااام ‪3619‬‬
‫إلقرار نوع من الرقابة الجزئية على دستورية القوانين مع اللجنة االستشارية التي أنشأها دستور ‪ 3619‬إلى‬
‫غاية عام ‪ 3639‬حيث تم إقرار الرقابة على دستورية القوانين التي أنيطت بالمجلس الدستوري‪.3‬‬

‫‪ -‬كما أن خضوع القوانين التي يسنها المشرع لرقابة القضاء تؤدي إلى زعزعة ثقة اَلفراد بها ويضعف من‬
‫قوتها مادامت صحة هذه القوانين معلقة على شرط تأكد القضاء من مدى مطابقتها َلحكام الدستور اَلمار‬
‫الذي يستوجب تحرير إرادة المشرع مان كال رقاباة أو فحاص أو تعطيال َلعمالاه‪ ،‬واساتندوا فاي ذلاك إلاى أن‬
‫الرقيب على أعمال المشرع هو ضميره وشعوره بالمسؤولية‪.4‬‬

‫‪ -‬إن قيام القضاء بالرقابة الدستورية على القوانين يعتبر اعتداء على وظيفة السالطة التنفيذياة المتمثلاة فاي‬
‫رئاايس الدولااة وحقااه فااي إصاادار الق اوانين‪ ،‬فالدساااتير تعطااي ف اي معظاام الاادول حااق إصاادار الق اوانين ل ارئيس‬

‫‪-1‬على هادي عطية الهاللي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫‪ -2‬هشام جليل إبراهيم الزبيدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.301‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -4‬هشام جليل إبراهيم ازبيدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.301‬‬

‫‪214‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫الدولة هذا يعني إعطااءه حاق الرقاباة لاذلك فاإن إصادار رئايس الدولاة للقاانون يعتبار عالماة علاى دساتوريته‬
‫فإن تعرض القضاء لهذه المهمة بعد ذلك كان متعديا على اختصاص السلطة التنفيذية‪.1‬‬

‫‪ -‬إن عدم استقالل القضاة في تعيينهم وتأديبهم ونقلهم نظ ار لتبعيتهم للسلطة التنفيذية تجعلهم غير قاادرين‬
‫عل ااى القي ااام ب اادور الرقاب ااة الدسا اتورية ال ااذي يتطل ااب االس ااتقاللية ولحي اااد‪ ،‬ه ااذا بغ ااض النظ اار ع اان أن عم اال‬
‫القاضي يقتضي منه تطبيق القانون واالستناد في اَلحكام إليه ال الحكم عليه‪.2‬‬

‫ورغم هذه االنتقادات الشديدة التي تعرضت لها الرقابة القضاائية علاى دساتورية القاوانين مان طارف‬
‫معارضيها إال أنه من جانب آخر نجد أن مؤيديها يرون في هذه الحجج أنها واهية تأكيدا منهم على أحقية‬
‫فكرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين‪.‬‬

‫ب‪ -‬االتجاه المؤيـد للرقابـة القضـائية علـى دسـتورية القـوانين‪ :‬ذهاب غالبياة الفقاه إلاى تأيياد فكارة الرقاباة‬
‫القضائية على دستورية القوانين بمختلف أساليب ممارستها وعززوا موقفهم بحجج ومبررات أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬في التقلب الاديمقراطي الكالسايكي فاإن السايادة الشاعبية هاي التاي كانات تكارس مان خاالل مبادأ الشارعية‬
‫فااي كاال النصااوص الدسااتورية الحديثااة فالشااعب صاااحب الساالطة هااو فااي الديمقراطيااة مصاادر وأساااس كاال‬
‫شاايء‪ ،‬فهااو يقاارر ويفااوض ويعاقااب ويحاااكم وي ارقااب وال يمكاان أن يخضااع للمحاساابة أو المحاكمااة واال فقااد‬
‫ساايادته‪ ،‬واذا مااا أردنااا اعتبااار الشااعب مقياادا فهااو ذلااك القيااد الااذي ارتضاااه عنااد وضااع الدسااتور والمتمثاال‬
‫بالقضاء الدستوري فالشعب مقيد في كل أعماله باَلصالة أو بالتفويض (البرلمان) بالقواعد الدساتورية التاي‬
‫ترعاهااا وتحميهااا وتصااونها ماان أي اعتااداء المحكمااة العليااا فااي الاانظم التااي ال يوجااد فيهااا قضاااء دسااتوري‬
‫متخصااص أو المحكمااة الدسااتورية فالعدالااة الدسااتورية بهااذا المعنااى جاازء ماان مفهااوم الديمقراطيااة أو حكاام‬
‫الشاعب‪ ،3‬وباذلك فاال وجاود للتعاارض باين حاق القضااء فاي الرقاباة علاى الدساتورية ومبادأ سايادة اَلماة‪ ،‬باال‬
‫عل ااى العك ااس م اان ذل ااك فممارس ااة القض اااء له ااذه الرقاب ااة فيه ااا تأكي ااد عل ااى احتا ارام إرادة اَلم ااة المتمثل ااة ف ااي‬
‫الدستور‪.‬‬

‫‪ -‬إن السلطة التشريعية وان كانت المعبرة عن إرادة اَلمة فإن ذلك ال يمنحها الحق أو الصالحية إلصدار‬
‫قانون مخالف َلحكام الدستور‪ ،‬بل على العكس من ذلك فإن هذا اَلمر يساتوجب علاى البرلماان أن يحتارم‬

‫‪ -1‬زيد أحمد توفيق زيد الكيالني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪-2‬أنظر‪/‬علي هادي عطية الهاللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.33‬‬

‫‪215‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫أحكااام الدس ااتور عن ااد التشا اريع ك ااون الدس ااتور يمث اال اإلرادة العلي ااا لألم ااة بالت ااالي ف ااإن رقاب ااة القض اااء عل ااى‬
‫دسااتورية الق اوانين هااي إعااالء إلرادة اَلمااة وساايادتها‪ ،‬فالقضاااء ملاازم بااذلك ولاايس مخياار‪ ،‬فااال مناااص ماان‬
‫ممارسة هذا الدور واال عد ممتنعا عن أداء واجبه‪.1‬‬

‫‪ -‬ضمان التكوين القانوني المتكامل َلعضاء السلطة القضائية والفهم القانوني المعمق والسليم‪ ،‬لذلك تميز‬
‫القضاء بالحياد والنزاهة والتجرد واالساتقالل إضاافة إلاى حاق الادفاع وعلنياة الجلساات وغيرهاا مان الحقاوق‬
‫التي يقدمها القضاء هي مزايا تجعل مان الرقاباة القضاائية الضامان الفعاال الاذي يحقاق االحتارام للنصاوص‬
‫الدساتورية ويضاامن عادم المساااس بحقاوق اَلفاراد ويرسااخ سايادة القااانون‪ ،2‬فضاال علااى أن مناع القضاااء ماان‬
‫الرقابة على دستورية القوانين فيه مخالفة لمبدأ المشروعية َلن قيامه بذلك يعد جزءا من مهامه القضائية‪.‬‬

‫‪ -‬أما فيما يتعلق بحجة إصدار رئيس الجمهورياة للقاوانين فهاي حجاة واهياة باعتباار أن إجاراء إصادارها ال‬
‫يعادو أن يكاون أكثار ماان أمار َلعضااء السالطة التنفيذيااة باعتبااره رئيساا لهاا بوضااع القاانون موضاع التنفيااذ‬
‫وليس ذلك باعتراف بدستوريته‪.3‬‬

‫‪ -‬أمااا بالنساابة للحجااة المسااتمدة ماان مباادأ الفصاال بااين الساالطات فإنااه لاايس ماان مقتضااي هااذا المباادأ إذا‬
‫خرج اات الس االطة التشا اريعية ع اان أحك ااام الدس ااتور أن يس اامح بإجب ااار غيره ااا م اان الس االطات ومنه ااا الس االطة‬
‫القضائية على االنقياد وراءها في هذا االعتداء‪ ،‬وانما عليها احترام نصوص الدستور واالمتناع عن تطبيق‬
‫قانون أصدرته السلطة التشريعية علاى خاالف أحكاام الدساتور مادامات السالطة القضاائية مساتقلة‪ ،4‬وتعياين‬
‫القضاء من طرف السلطة التنفيذية ال يؤثر في استقالل السالطة القضاائية بشايء‪ ،‬إذ أن تجاارب كثيار مان‬
‫الاادول أثبتاات أن اه ليساات العب ارة بطريقااة االختيااار والتعيااين للقضاااة وانمااا هااي بماادى قاادرة الساالطة التنفيذيااة‬
‫بالتدخل في شؤونهم بعد تعيينهم ولذلك فإنه إذا لم يحدث أي تادخل بعاد التعياين فاناه لايس لطريقاة التعياين‬
‫أي أثر على استقالل القضاة‪.5‬‬

‫ورغم الجدل الذي أثارته فكرة أحقية القضاء بالرقابة على دستورية القوانين بين مؤيد ومعارض لهاا‬
‫فإننااا نقااول أن الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين ال يمكاان أن تكااون محققااة َلهاادافها مااا لاام تسااند إلااى هيئااة‬

‫‪-1‬أشار إليه‪ :‬هشام جليل إبراهيم الزبيدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.303‬‬
‫‪ -‬وهلي هادي الهاللي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -2‬عادل جالل حمد أمين‪ :‬دور القضاء في ترسيخ سيادة القانون‪ ،‬ط‪ ،3‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،6730 ،‬ص ‪.399‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬زيد أحمد توفيق زيد الكيالني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -4‬هشام جليل إبراهيم الزبيدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.303‬‬
‫‪-5‬أنظر‪ /‬علي هادي عطية الهاللي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬

‫‪216‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫قضااائية تتمتااع باالسااتقالل والحياااد ضاامانا لعاادم تأثرهااا بتيااارات الاوالء‪ ،‬فضااال علااى وجااوب تمتااع أعضااائها‬
‫بالكفاااءة والخب ارة العالي اة التااي تمكاانهم ماان الفهاام المعمااق والسااليم لنصااوص الدسااتور لتحديااد مااا يخالفااه ماان‬
‫أنظمة وتشريعات سواء كانت بطريقة صريحة أو ضمنية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تقدير أسلوب الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬

‫اتجهت معظم الدول في العالم إلى اَلخذ بالرقابة القضائية على دستورية القوانين نظ ار للعيوب التي شاابت‬
‫أسلوب الرقابة السياسية عليها وما عرف عنها من انحياز للتيارات السياسية والحزبياة‪ ،‬فضاال عان اقتصاار‬
‫أعضاااء هيئاتهااا للتكااوين القااانوني الااالزم للقيااام بمهااامهم الرقابيااة اَلماار الااذي نااتج عنااه تغليااب االعتبااارات‬
‫السياسية على االعتبارات القانونية واالبتعاد بذلك عن المقصد الحقيقاي للرقاباة علاى دساتورية القاوانين‪ ،‬لاذا‬
‫فإنه من المنطقي في ظل ذلك أن يعهد إلى هيئة قضائية أمار حماياة الدساتور وكفالاة ساموه وسايادته نظا ار‬
‫للمزايا التي حددها الفقه الدستوري – وهي ال تخرج في مجملها علاى حجاج المؤيادين لهاا والتاي تام التطارق‬
‫لها سابقا‪ -‬في اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬يعرف "فرانسيس هامون" العدالاة الدساتوري بأنهاا مؤسساة ينايط بهاا الدساتور حال النازاع المتعلاق بتطبياق‬
‫أو تفسير نص له قيمة دستورية‪ ،‬ويقول البروفيسور "روسو" أن العدالة الدستورية هي تلك السلطة المعطاة‬
‫َلشاخاص يعيناوا ليقيماوا ويراقباوا ويعااقبوا عاادم المالءماة الدسااتورية َلعماال صادرت عاان السالطات العاماة‬
‫وبصااورة خاصااة التااي يقرهااا الن اواب فالتصااويت يتاارجم ساايادة البرلمااان ويقاار الق اوانين‪ ،‬وماان خااالل الرقابااة‬
‫القضائية على دستورية القوانين يفصل القضاة الدستوريون في هذه القوانين بناء علاى مراجعاة يقادمها أفاراد‬
‫أو مؤسسات يحددهم الدستور‪.1‬‬

‫‪ -‬ويقول اَلستاذ الدكتور "عبد الرزاق السنهوري"‪ ..« :‬مهما يكن من أمر الخاالف فاي شاأن رقاباة القضااء‬
‫لدس ااتورية القا اوانين فم اان الواض ااح أن تشا اريعا يص اادر م اان جه ااة غي اار مختص ااة أو دون م ارع اااة اَلوض اااع‬
‫الدستورية ال يستطيع القضاء أن يصبر عليه وال يستسيغ لنفسه أن يطبقاه فيماا يعارض لاه مان اَلقضاية »‬
‫وما دامت الرقابة القضائية على دساتورية القاوانين تقاوم علاى أسااس قاانوني ساليم وأصابحت ضارورة الزماة‬
‫لضاامان القواعااد الدسااتورية‪ ،2‬فإنااه ال ريااب فااي أن الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية الق اوانين تعااد ماان أهاام‬
‫وسائل تجسيد مبدأ المشروعية الذي يقتضي خضوع جميع سلطات الدولاة لحكام القاانون‪ ،‬لاذا فالرقاباة علاى‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ص ص ‪.39-33‬‬


‫‪ -2‬زيد أحمد توفيق زيد الكيالني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪217‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫دستورية القوانين ال تعد خروجا عان مبادأ الفصال باين السالطات بال هاي تأكياد لاه وتكريساا للديمقراطياة لماا‬
‫للرقابة القضائية من حفظ للحدود الدستورية بين السلطات ضمانا للتوازن بينها‪.‬‬

‫‪ -‬تميااز القضاااء بالحياااد والن ازهااة والتجاارد واالسااتقالل جعاال الرقابااة القضااائية تمتاااز بمااا يمتاااز بااه الجهاااز‬
‫القضائي بعيدا عن اَلهواء الحزبية والمؤثرات السياسية التي تتحرف بالقصد الرقابي لغير أهدافه‪.‬‬

‫‪ -‬تبقااى الرقابااة التااي يمارسااها القضاااء علااى أعمااال الساالطات العامااة وخصوصااا الساالطة التشاريعية لهااا مااا‬
‫يبررها من الناحيتين القانونية والسياسية‪ ،‬فمن الناحية القانونية تعتبر الرقابة القضائية ضمانة لمنع انحراف‬
‫الساالطات العامااة فااي الدولااة ماان إساااءة اسااتعمال اختصاصاااتها الدسااتورية وفااي ذلااك حمايااة لحقااوق اَلف اراد‬
‫وحرياتهم‪ ،‬أما من الناحية السياسية فإن سهر السلطة القضائية على حفظ الحدود الدساتورية باين السالطات‬
‫المختلفة في الدولة يعد واحدا من أهم المقومات واَلسس التي يقوم عليهاا العمال الرقاابي للسالطة القضاائية‬
‫منعا للخروج عن مسار الشرعية وسيادة القانون في آن واحد‪ ،1‬كما أن فاي ذلاك تعبيار عان اإلرادة الشاعبية‬
‫بقيمها ومفاهيمها وفهمها للديمقراطية‪ ،‬وهذا هاو أسااس شارعية العدالاة الدساتورية الاذي تبنااه "هاانس كلسان"‬
‫فااي نظريتااه "هرميااة القواعااد القانونيااة" ليثباات أن العدالااة الدسااتورية ال تتناااقض مااع الساايادة الشااعبية باال هااي‬
‫تعبير عنها‪ ،‬ومنذ كتابات مؤسسي العدالة الدستورية في أوروبا "هانس كلسن" و"شارل أيسمان" فتحات وماا‬
‫ت ازال لغايااة اليااوم مفاااهيم جدياادة فااي النظريااة والفلساافة القانونيااة والسياسااية وفااي الدسااتور والقااانون وفصاال‬
‫السلطات والحقوق والحريات العامة‪.2‬‬

‫كما أن سيادة القانون كما أشرنا سابقا تعني خضوع كل من في الدولة لحكم القانون‪ ،‬وبماا أن أصال كال‬
‫نشاااط قااانوني يمااارس داخاال الدولااة القاعاادة اَلساسااية التااي يرتكااز عليهااا النظااام القااانوني فإنااه ماان غياار‬
‫الممكن الحديث عان دولاة القاانون بادون ممارساة الحقاوق والحرياات العاماة التاي يتضامنها الدساتور‪ ،‬والاذي‬
‫تساامو قواعااده علااى كافااة الق اوانين فااي الدولااة‪ ،‬ولحمايااة هااذا الساامو واجبااار كافااة المؤسسااات الدسااتورية فااي‬
‫الدولااة علااى احتارام قواعااده يجااب أن يكااون هنالااك جازاء لمخالفااة القواعااد الدسااتورية وهااذا الجازاء يتمثاال فااي‬
‫الحكم بإبطال القوانين المخالفة مخالفة كلية أو جزئية للدستور‪ ،3‬وذلك ال يعد خروجا عن مبدأ الفصل بين‬
‫الساالطات باال هااو تأكيااد لااه وحفظااا للت اوازن بااين الساالطات باال إن فااي ذلااك ساايادة للقااانون ووقااوف ضااد أي‬
‫إساءة الستعمال السلطة التي قد تتحول إلى استبداد المشرع َلنه بدون رقابة على دستورية القاوانين تصابح‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬عادل جالل حمد أمين‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.366-369‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬عادل جالل حمد أمين‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.366‬‬

‫‪218‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫السلطة التشريعية فوق السلطات تسن ما تشاء من التشريعات والقوانين للتطبيق بصورة مباشرة دون مراقباة‬
‫أو مراجعااة‪َ ،‬لنااه وكمااا هااو معلااوم ال يكفااي فقااط الاانص علااى تنظاايم الساالطات العامااة فااي الدولااة وتحدياادا‬
‫اختصاصاااتها ووظائفهااا فحسااب وانمااا يجااب أن يتضاامن الدسااتور الاانص علااى احت ارام هااذه االختصاصااات‬
‫والحدود وفرض رقابة قضائية عليهاا لايس تغليباا لهاذه اَلخيارة علاى السالطة التشاريعية وانماا تطبيقاا َلحكاام‬
‫الدستور وتغليبا لقواعده‪.1‬‬

‫والتمثيل بما حدث في الواليات المتحدة اَلمريكياة حياث تحاول النظاام فيهاا إلاى ماا يسامى بحكوماة‬
‫القضاااة قااول ال يصااح َلن القاضااي عناادما يبحااث مشااكلة دسااتورية القااانون فهااو يفصاال فااي منازعااة هااي‬
‫بحساب اَلصال مان اختصاصااته فهاو يفصال فاي المنازعاة المثاارة أياا كانات طبيعتهاا أو أطرافهاا‪ ،‬والخااوف‬
‫من تسلط القضاة وتادخلهم فاي شاؤون السالطات اَلخارى قاول ال يصاح إن صاح التنظايم القاانوني للمحكماة‬
‫التي تقوم بالرقابة من خالل تحدياد اختصاصااتها ووساائل اتصاالها بالادعوى الدساتورية‪ ،‬ثام إن التمثيال بماا‬
‫حدث في الواليات المتحدة قد يصدق على تجربة الواليات المتحدة وليس بالضرورة أن يصادق علاى غيرهاا‬
‫من الدول‪.2‬‬

‫وممااا تقاادم يمكننااا القااول أن إسااناد الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين للهيئااات القضااائية يعااد أم ا ار طبيعيااا َلن‬
‫وظيفة القاضي ال تخرج عن الفصل في النزاعات المعروضة علياه وفقاا لماا تملياه أحكاام القاانون وان وجاد‬
‫من هذه اَلخيرة ما يخالف الدستور وجب عليه تغليب أحكام الدستور الذي هو القاانون االسامي فاي الدولاة‬
‫فكما رأينا في مبحث سابق أنه إذا كانت الرقابة عن طريق الدعوى اَلصالية علاى دساتورية القاوانين تحتااج‬
‫إلى نص دستوري‪ ،‬فعلى العكس من ذلك فإن دعوى االمتنااع أو الادفع الفرعاي ال توجاب ذلاك اَلمار الاذي‬
‫يتوجب معه إعمال مبدأ تدرج القوانين وذلك ال يعد خروجا عان أحكاام القاانون وال عان مجاال االختصااص‬
‫الاوظيفي للقاضاي‪ ،‬كماا ال يتعاارض مااع مبادأ الفصال باين السالطات وال مااع إرادة الشاعب التاي يمثلهاا ناواب‬
‫البرلمااان فحتااى وان باادا ظاااه ار مثاال هااذا التعااارض فإنااه فااي حقيقتااه يرجااع إلااى إعمااال مباادأ ساامو الدسااتور‬
‫وحمايتااه فااي نفااس الوقاات وهااو مااا يتطلااب إخضاااع جميااع الساالطات العامااة فااي الدولااة للقواعااد الدسااتورية‬
‫السامية‪ ،‬ما يعني وجوب امتداد الرقابة على الدستورية إلى أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية‪.‬‬

‫ولهااذه اَلسااباب وغيرهااا ممااا ساابق ذكاره لاام يعااد ينظاار للرقابااة القضااائية علااى أنهااا تاادخل فااي حاادود‬
‫صااالحيات مختلااف ساالطات الدولااة َلن عملهااا ياادخل فااي إطااار تجساايد القاايم والمبااادئ التااي علااى أساسااها‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬هشام جليل إبراهيم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪300-309‬‬


‫‪2‬أنظر‪ /‬زيد أحمد توفيق زيد الكيالني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪39-30‬‬

‫‪219‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫تقااوم المجتمعااات فااي مختلااف الاادول وبهااذا المفهااوم تعتباار الرقابااة القضااائية التااي يمارسااها القضاااء علااى‬
‫دسااتورية الق اوانين خياار ضاامانة لحمايااة مباادأ ساامو الدسااتور وخياار ركي ازة لقيااام دولااة القااانون وفااي هااذا‬
‫الشأن يقول اَلستاذ رائد صالح أحمد قنديل‪ « :‬إن فكرة الرقابة في صورتها العاماة تقاوم علاى أساس نظرياة‬
‫ثابتة حيث ال يوجد خالف فقهي حول اَلساس المنطقي لتلك الفكرة كما أنه ال يثور أي خالف فقهي حول‬
‫إسااناد مهمااة الرقابااة علااى القضاااء لمااا يتمتاع بااه ماان حياادة واسااتقالل ومااا يتصااف بااه التقاضااي ماان عالنيااة‬
‫وتسبيب لألحكام»‪.1‬‬

‫‪ -1‬رائد صالح أحمد قنديل‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،6737 ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪220‬‬
‫ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‪ /‬الفصل األول‬

‫خالصة الفصل األول‬

‫حاولنا التطرق من خالل هذا الفصل إلى نشأة الرقابة القضائية على دستورية القوانين التي ظهرت فكرتها‬
‫تدريجيا بعد اندحار النظم الديكتاتورية التي كان يعد القانون فيها عمال مقدسا ال يجوز المساس به بأي‬
‫حال من اَلحوال‪ ،‬لتشهد انتشا ار مع ظهور الدساتير المكتوبة التي كان أولها دستور الواليات المتحدة‬
‫اَلمريكية لسنة ‪ 3090‬ومن بعده الدستور الفرنسي لسنة ‪ 3063‬وتليها دساتير باقي الدول‪ ،‬وقد أضفى‬
‫الغالب اَلعم من الدول على دساتيرها صفة السمو باعتبارها تمثل اإلطار العام للشرعية والمشروعية‬
‫وأساس سيادة القانون في الدولة‪ ،‬اَلمر الذي يتطلب توفير ضمانات فعالة لحمايته تأكيدا على سموه‬
‫وترسيخا لسيادة القانون فكانت الرقابة القضائية خير أداة للقيام بذلك بإجماع فقهي‪ ،‬وقد اقترنت فكرة‬
‫نشأتها بالواليات المتحدة اَلمريكية حيث كانت نتاجا للجهود التي بذلها قضاة المحكمة العليا في قضية‬
‫"ماربوري" ضد "ماديسون" عام ‪ 3971‬لتكون هذه الحادثة بداية النتشار الرقابة القضائية على القوانين في‬
‫الدول الغربية كما انتقلت إلى الدول العربية‪ ،‬فكانت مصر السباقة في اَلخذ بها ليشمل انتشارها بعدها‬
‫باقي الدول العربية بما فيها دول المغرب العربي التي كانت آخر من أخذ بها الجزائر بموجب التعديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ .6767‬ورغم اختالف أساليب ممارسة هذا النوع من الرقابة وفقا الختالف دساتير الدول‬
‫وأنظمتها إال أنها أثبتت فاعليتها في تأكيد مبدأ سمو الدستور وحماية قواعده من أي تجاوز من جانب‬
‫السلطتين التشريعية أو التنفيذية وتقييد تشريعاتها المختلفة بأحكام الدستور نصا وروحا‪ ،‬فمن الدول من‬
‫انتهج أسلوب الرقابة القضائية بواسطة الدعوى اَلصلية – اإللغاء‪ -‬التي يعطي الدستور بموجبها لألفراد‬
‫الحق في إثارة دعوى أصلية مباشرة أمام المحكمة الدستورية لطلب إلغاء قانون مخالف َلحكام الدستور‬
‫فإذا تحققت المحكمة من ذلك قضت بإلغائه والحق في هذه الدعوى مكفول للجميع‪ ،‬كما أن هناك من‬
‫الدول من انتهج أسلوب الرقابة القضائية بواسطة دعوى الدفع الفرعي –االمتناع‪ -‬حيث يكون للقاضي‬
‫وفقه االمتناع عن تطبيق نص قانوني مخالف َلحكام الدستور‪ ،‬وهي حالة ال تقتضي إلغاء النص‬
‫القانوني كما أن باقي المحاكم ال تتقيد بهذا الحكم كما ال تتقيد المحكمة نفسها به في قضية أخرى ورغم‬
‫االنتقادات التي تعرض لها أسلوب الرقابة القضائية على دستورية القوانين إال أنه أثبت فاعليته في حماية‬
‫مبدأ سمو الدستور وصون الحقوق والحريات العامة لألفراد بما تقتضيه مبادئ الديمقراطية التي تعد إحدى‬
‫الركائز اَلساسية والهامة لدولة القانون‪ ،‬وذلك من خالل تمتع اَلجهزة القضائية بالتخصص والخبرة‬
‫القانونية التي تمكنهم من معرفة مدى مطابقة القانون من مخالفته َلحكام الدستور‪ ،‬اَلمر الذي يفسر‬
‫االنتشار الواسع للرقابية القضائية على الدستور بين معظم دول العالم‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري‬

‫لسنة ‪2222‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫رغام أن الرقابااة السياسااية علااى دسااتورية القاوانين تمتاااز بشايء ماان الحياااد إال أنااه ال يمكاان الجاازم أنهااا‬
‫فااي منااأى عاان اَلهاواء السياسااية وهنااا تظهاار صااعوبات االسااتقاللية التااي ينتفاي معهااا المقصااود ماان الرقابااة‬
‫على دستورية القوانين النتقاء الحياد والموضوعية في ممارستها وفاي ذلاك يقاول اَلساتاذ "إليااس جاوادي"«‬
‫إن الظاااهرة البااارزة فااي الاادول التااي لاام تتقباال بعااد فك ارة الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين عاان طريااق المحاااكم‬
‫العادية أو من خالل قضاء مختص تكمن في أن الحياة السياسية وعمل المؤسسات فيها يسير بمعازل عان‬
‫القواعد الدستورية بمعنى أن الدستور يعيش على هامش الحياة السياسية‪ ،»1..‬وهو ماا يفسار عادول معظام‬
‫دول العاالم عان أسالوب الرقاباة السياسااية علاى دساتورية القاوانين حياث يكااد يجماع فقهااء القاانون الدسااتوري‬
‫وفقه اااء الق ااانون ال اادولي عل ااى أن الرقاب ااة القض ااائية بش ااقيها عل ااى أعم ااال الس االطة التنفيذي ااة والرقاب ااة عل ااى‬
‫دساتورية القاوانين أحااد أهاام عناصاار وضاامانات دول القااانون‪ ،‬وأحااد ضاامانات الحقااوق والحريااات ويؤكااد هااذا‬
‫التوجه العام لدول العالم‪ ،2‬وفي إطار التوجاه العاالمي* فاي اَلخاذ بالرقاباة القضاائية علاى دساتورية القاوانين‬
‫اس ااتحدث التع ااديل الدس ااتوري الج ازئ ااري لس اانة‪ 6767‬محكم ااة دس ااتورية وعه ااد إليه ااا بالرقاب ااة عل ااى دس ااتورية‬
‫القوانين في انتقالة نوعية لم يشهد لها مجال الرقابة على دستورية القوانين في الج ازئار مثايال‪ ،‬حياث اقتارن‬
‫فيهااا تاااريخ هااذا المجااال بااالمجلس الدسااتوري َلزيااد ماان نصااف قاارن‪ ،‬وفضااال عاان تااأثر المؤسااس الدسااتوري‬
‫الج ازئااري بالتوجااه العااام لاادول العااالم فااي اَلخااذ باانهج الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية القاوانين كااان الاانص‬
‫على إنشاء محكمة دستورية خطوة أملتها ضرورة التكفل بالمطالب الشعبية لبناء دولة القانون‪ ،‬كما ورد في‬
‫عرض أسباب ذلك ضمن المشروع التمهيدي لتعديل الدستور في ماي ‪ ،6767‬أن الجمع بين ناوعين مان‬
‫الرقابة ‪ -‬السياسية والقضائية – رقابة من طرف الهيئات‪ ،‬والدفع بعادم الدساتورية الاذي يمارساه اَلفاراد يعاد‬

‫‪ -1‬إلياااس جاوادي‪ :‬تقيــيم الــدور الرقــابي للمجلــس الدســتوري (دراســة مقاربــة)‪ ،‬مجلااة االجتهاااد للد ارسااات القانونيااة واالقتصااادية‪ ،‬العاادد‪ ،76‬المركااز‪،‬‬
‫جوان ‪ ،6736‬ص‪.690‬‬
‫‪ -2‬محمد بومدين‪ :‬مبررات االعتراف للقضـاء الجزائـري بـدور الرقابـة علـى دسـتورية القـوانين وتحويـل المجلـس الدسـتوري إلـى محكمـة دسـتورية‪،‬‬
‫مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد ‪ ،71‬جوان ‪ ،6736‬ص ‪.60‬‬
‫*لقااد انحصاارت الرقابااة عاان طريااق مجلااس دسااتوري فااي كاال الاادول الديمقراطيااة فااي العااالم فااالنموذج الفرنسااي للرقابااة عاان طريااق المجلااس الدسااتوري لاام‬
‫يساهم في العدالة الدستورية على المستوى العالمي‪ ،‬ولم يتبع هذا النماوذج خاارج فرنساا ساوى بعاض الادول المساتعمرة ساابقا مان قبلهاا‪ ،‬ومنهاا الج ازئار‬
‫وتونس والمغرب وموريتانيا ولبنان وبعض الدول اإلفريقية كتشاد والموزمبيق والسنغال وجيبوتي وبوركينافاسو‪ ،‬وعلى مساتوى دول العاالم مان باين ‪331‬‬
‫دولة ستشارك في اجتماع الجزائر في سبتمبر ‪6767‬منهاا فقاط‪ 33‬دولاة‪ ،‬وفرنساا تناتهج مجلساا دساتوريا أماا البااقي مان هاذه الادول المشااركة أي ‪376‬‬
‫فتنتهج محكمة دستورية أو محكمة عليا للرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬وحتى بعض هذه الدول التي كنت تنتهج النهج الفرنسي فاي الرقاباة عليهاا عان‬
‫طريق المجلس الدساتوري واكتشافت عادم نجااح التجرباة الفرنساية فاي هاذا المجاال ومنهاا المملكاة المغربياة وتاونس‪ ،‬اتجهات نحاو التياار العاالمي فعادلت‬
‫دساااتيرها بعااد الح اراك الشااعبي أو مااا يساامى بااالربيع العربااي لتبنااي الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين عاان طريااق محكمااة دسااتورية‪ .‬لالطااالع أكثاار أنظــر‪/‬‬
‫محمااد بوماادين‪ :‬الــدفع بعــدم الدســتورية طبقــا للتعــديل الدســتوري الجزائــري ‪ 2222‬مجــرد تقليــد للنمــوذج الفرنســي الشــاذ‪ ،‬مجلااة القااانون والمجتمااع‪،‬‬
‫العدد‪ ،6736 ،73‬ص ص ‪.06-09‬‬

‫‪223‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫سااببا كافيااا إلااى اقت اراح تحوياال المجلااس الدسااتوري إلااى محكمااة دسااتورية‪ ،‬ممااا يفتاارض إعااادة النظاار فااي‬
‫تشكيلها وصالحياتها الرتباط ذلك بطبيعة الرقابة التي تباشرها المحكمة الدستورية‪.1‬‬

‫‪-1‬لالطاالع أكثار أنظاار‪ /‬عارض اَلسااباب فاي المشااروع التمهيادي للتعاديل الدسااتوري‪ ،‬مااي ‪ ،6767‬رئاسااة الجمهورياة الجزائريااة الديمقراطياة الشااعبية‪،‬‬
‫ص‪.37‬‬

‫‪224‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫المبحث األول‪ :‬القواعد اإلجرائية الضابطة لسير عمل المحكمة الدستورية الجزائرية‬

‫إن دولة القانون التي يشكل الدستور أهم ركائز وجودها كما تشكل أحكامه اَلساس الشرعي لوجود‬
‫السلطات فيها‪ ،‬يفترض في قواعده أن تأتي في قمة القواعد القانونياة ويلتازم بأحكاماه كال مان فاي الدولاة –‬
‫سلطات وأفراد‪ -‬وفي سبيل تحقيق هذا االلتزام منحت أغلاب دسااتير الادول الديمقراطياة مساألة الرقاباة علاى‬
‫دسااتورية القاوانين لهيئااات قضاائية‪ ،‬كمااا تحاادد دساااتيرها كيفيااة تشااكيل هااذه الهيئااات التااي تكااون فااي الغالااب‬
‫اَلعاام محكمااة دسااتورية (المطلااب اَلول)‪ ،‬فضااال علااى اإلشااارة إلااى آليااة مباشارة اختصاصاااتها التااي يسااهر‬
‫على أدائها تشكيلة ذات تكوين أكاديمي متخصص(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تشكيلة المحكمة الدستورية وضمانات أعضائها‬

‫يشااكل القضاااء الدسااتوري* المتمثاال فااي المحاااكم الدسااتورية منااذ نشااأته الضاامانة المثلااى فااي الاادول‬
‫الديمقراطيااة التااي تسااعى فااي تش اريعاتها إلااى كفالااة الحقااوق والحريااات العامااة لألف اراد ضاامن أحكااام واضااحة‬
‫ومحااددة لعماال ساالطاتها والتااي ال تساامح بتجاوزهااا بااأي حااال ماان اَلح اوال حفاظااا علااى مباادأ ساامو الدسااتور‬
‫الذي ال يمكن أن يتحقق دون ضمانة حامية‪ ،‬وفي ذلك يقاول اَلساتاذ "محماد بااهي أبوياونس"إن مبادأ سامو‬
‫الدستور ال يمكن أن يستقيم إعماله دون أداة حامية‪ ،‬وسبل فاعله تعصمه من الخروج عليه وتد أر عناه كال‬
‫مخالفااة َلحكامااه وهااو مااا أكااده جانااب ماان الفقااه بقولااه إن دسااتور الدولااة هااو قانونهااا اَلساسااي‪ ،‬وأنااه يمثاال‬
‫المقااام اَلعلااى فااي ساالم التاادرج القااانوني غياار أنااه وان علاات مكانتااه علااى هااذا النحااو يظاال مجاارد شااعارات‬
‫ارتهااا اإلل ازام‬
‫نظريااة وتقري ارات كالميااة مااا لاام يقاام علااى حمايتهااا وكفال اة االلت ازام بهااا ساالطة مسااتقلة يكااون لقر ا‬
‫‪2‬‬
‫للساالطات جميعااا‪ 1‬وفااي إطااار ذلااك نااص التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬علااى إنشاااء محكمااة دسااتورية‬
‫مستقلة وعهد إليهاا دون ساواها باختصااص الرقاباة علاى دساتورية القاوانين وضابط ساير المؤسساات ونشااط‬

‫*يثياار القضاااء الدسااتوري تساااؤال عاان حقيقااة معناااه وهااو مااا ياادعو إلااى القااول بأنااه وفااق الزاويااة التااي ينظاار إليااه ماان خاللهااا يفتاارق هااذا االصااطالح إلااى‬
‫معنيااين‪ :‬أحاادهما عضااوي مفاااده االعتااداد بالقضاااء الدسااتوري كهيئااة أوكيااان مااادي واَلخاار موضااوعي مااؤداه النظاار إليااه كعماال أو نشاااط‪ ،‬فماان الناحيااة‬
‫العضوية يقصد بالقضاء الدستوري المحكمة التي تختص دون سواها بالرقابة على دستورية القوانين واالصطالح هنا يصرف إلى أمرين‪:‬‬
‫أولهما أن القضاء الدستوري ال ينصارف إال إلاى ماا يصادق علياه وصاف المحكماة دون غياره وهاو ماا يكاون مفااده أن كال ماا ال يعتبار محكماة ال يعاد‬
‫قضاء دستوريا حتى ولو انعقد له االختصااص برقاباة دساتورية القاوانين‪ ،‬وثانيهمـا ال تعاد محكماة قضااء دساتوريا‪ ،‬وانماا يلازم أن تكاون مختصاة برقاباة‬
‫دسااتورية الق اوانين فحسااب‪ ،‬فااال يخااالط هااذا االختصاااص اختصاااص أخاار‪ ،‬أمااا ماان الناحيااة الموضااوعية فااإن القضاااء الدسااتوري يعنااي الفصاال فااي‬
‫المنازعات الدستورية‪...‬أنظر‪ /‬محمد باهي أبويونس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 0‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪-1‬محمد باهي أبو يونس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫‪-2‬نصاات المااادة ‪ 393‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬علااى أن‪« :‬المحكمااة الدسااتورية مؤسسااة مسااتقلة مكلفااة بضاامان احت ارام الدسااتور‪ ،‬تضاابط‬
‫المحكمة الدستورية تسير المؤسسات ونشاط السلطات العمومية‪ ،‬تحدد المحكمة الدستورية قواعد عملها»‪.‬‬
‫* تعاارف المحكمااة الدسااتورية بأنهااا « أعلااى ساالطة قضااائية فااي الاابالد‪ ،‬وتتحاادد طريقااة اختيااار قضاااتها وصااالحيتها ضاامن دسااتور الدولااة وتختلااف ماان‬
‫دولة إلى أخرى‪ ،‬ولكن بشكل عام فإن المحكمة الدستورية هي صاحبة القول الفصل بتوافق أي قرار أو مرسوم أو قاانون أو حكام قضاائي ماع الدساتور‬
‫الااذي هااو التش اريع اَلعلااى فااي الاابالد »‪ .‬تعريااف المحكمااة الدسااتورية علااى الموقااع اإللكترونااي‪ ،https: //dr.wikiedia.org :‬تاااريخ الاادخول ‪60‬‬
‫فيفري‪.6763‬‬

‫‪225‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫السلطات العمومية فضال عن اختصاصات أخرى ضمانا الحترام الدساتور‪ ،‬ومان اجال أن تاتمكن المحكماة‬
‫الدستورية من القيام بدورها الكامل في حماية الدستور نص المؤسس الدستوري الجزائري على شروط يجب‬
‫توافره ااا ف ااي تش ااكيلتها القض ااائية (الف اارع اَلول)‪ ،‬مقاب اال ض اامانات الس ااتقالليتها ف ااي س اابيل قي ااام القاض ااي‬
‫الدستوري بواجباته المحددة دستوريا ( الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أعضاء المحكمة الدستورية* وصفاتهم‬

‫تغير جذريا بموجب التعاديل الدساتوري لسانة‬


‫شهد مجال الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر ا‬
‫‪ 6767‬إثر تبني المؤسس الدستوري الجزائري لنهج الرقابة القضائية كأسلوب للرقابة على دستورية القوانين‬
‫بدال عن أسلوب الرقابة السياسية عليهاا‪ ،‬وقاد تضامن هاذا التعاديل الدساتوري فاي البااب ال ارباع مناه المعناون‬
‫بمؤسسااات الرقابااة الاانص علااى إنشاااء محكمااة دسااتورية وتحدياادا فااي الفصاال اَلول منااه‪ ،‬كمااا تاام الاانص فيااه‬
‫عل ااى تنظ اايم تش ااكيلتها ض اامن أحك ااام مجموع ااة ما اواد من ااه‪ ،‬فض ااال عا ان نص ااه عل ااى ض اامانات االس ااتقاللية‬
‫الممنوحة َلعضاء المحكمة الدستورية ومدة واليتهم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التركيبــة البشــرية للمحكمــة الدســتورية‪ :‬تعااد مسااألة تشااكيل المحكمااة الدسااتورية ماان المسااائل الهامااة‬
‫الت ااي يحك اام م اان خالله ااا عل ااى م اادى فعالي ااة الرقاب ااة عل ااى دس ااتورية القا اوانين ف ااي أي دول ااة وم اادى ج ااديتها‬
‫ومس اااهمتها ف ااي تحقي ااق المب ااادئ الدس ااتورية الس ااامية خاص ااة منه ااا مب اادأ عل ااو الدس ااتور وتكا اريس الحق ااوق‬
‫والحريااات‪ ،‬لااذا حاااول المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري بموجااب التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬إعااادة هيكلااة‬
‫الهيئااة المكلفااة بالرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين فااي الج ازئاار بشاايء ماان التطااور اإليجااابي ماان حيااث نهجهااا‬
‫الرقابي وتشكيلتها‪ ،‬حيث أنه طبقا َلحكام المادة ‪ 399‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬تتشكل المحكمة‬
‫الدستورية من اثني عشر‪36‬عضوا يتوزعون كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬السا االطة التنفيذيا ااة ممثلا ااة بأربع ا اة ‪ 71‬أعضا اااء يعيا اانهم رئ اايس الجمهوري ااة وما اان بي اانهم رئااايس المحكما ااة‬
‫والمالحظ أناه تام اإلبقااء فيهاا علاى تمثيال السالطة التنفيذياة بانفس العادد الاذي كاان تمثيلهاا باه فاي المجلاس‬
‫الدستوري سابقا بموجاب تعاديل ‪ ،6739‬دون نائاب رئايس المحكماة الاذي اساتغنى المؤساس الدساتوري عناه‬
‫فااي تشااكيلة المحكمااة الدسااتورية‪ ،‬ورغاام أن الد ارسااات المقارنااة أثبتاات عاادم تااأثر اسااتقاللية رؤساااء الهيئااات‬
‫الرقابية سواء المعينين أو المنتخبين أثناء أدائهم لمهامهم وبأي حال من اَلحوال‪ .1‬إال انه كان من اَلجدر‬

‫‪1‬‬
‫‪- Dominique ROUSSEAU: la justice constitutionnelle en Europe ;Op ;cit ;p 30.‬‬

‫‪226‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫النص على انتخااب رئايس المحكماة الدساتورية لضامان َلن تغلياب أسالوب التعياين علاى أسالوب االنتخااب‬
‫سيكون له أثره السلبي على نزاهته الهيئة الرقابية وموضوعية ق ارراتها‪.1‬‬
‫‪ -‬السلطة القضائية ممثلة بعضويين ‪ 76‬أحدهما تنتخبه المحكمة العليا من باين أعضاائها واَلخار ينتخباه‬
‫مجلااس الدولااة ماان بااين أعضااائه‪ ،‬والمالحااظ هنااا هااو تقلاايص المؤسااس الدسااتوري لعاادد اَلعضاااء الممثلااين‬
‫للسلطة القضائية مقارنة بعادد ممثليهاا الاذي كاان بأربعاة ‪ 71‬أعضااء فاي تشاكيلة المجلاس الدساتوري ساابقا‬
‫رغ اام أن الناحي ااة العددي ااة للتش ااكيلة ل اام يطا ا أر عليه ااا أي تع ااديل‪ ،‬وفا اي ذل ااك تغلي ااب للص اافة السياس ااية عل ااى‬
‫القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬أربعة ‪ 71‬أعضاء عان السالطة التنفيذياة مقابال عضاوين ‪ 76‬عان السالطة القضاائية‪ ،‬وكاان مان اَلجادر‬
‫بالمؤسس الدستوري الجزائري الحفاظ على نسابة تمثيال العنصار القضاائي فاي تشاكيلة المحكماة الدساتورية‬
‫إن لاام نقاال تعديلااه بالزيااادة ال العكااس‪ ،‬خاصااة بعااد تبنيااه َلساالوب الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية الق اوانين‬
‫نظ ار لما يتمتع به القضاة من تكاوين قاانوني خااص باعتباار القضااء هاو الجهاة المختصاة بتفساير القاوانين‬
‫وتطبيقهااا بحكاام التكااوين المهنااي والقااانوني وهااذا مااا ال يتحقااق لغياارهم ماان القااانونيين وان تمتع اوا بااالخبرة‬
‫اَلكاديمية‪.‬‬
‫فضال عن الد ارية التامة للقضاة بالشؤون القضاائية سايما وأن عمال المحكماة الدساتورية هاو عمال قضاائي‬
‫ساواء ماان جانااب اختصاااص النظاار فااي دسااتورية الق اوانين أو ماان جانااب تفسااير الدسااتور‪ ،‬كمااا تكمان أهمااة‬
‫تمثي اال الس االطة القض ااائية ض اامن تش ااكيلة المحكم ااة الدس ااتورية ف ااي وج ااود جان ااب إج ارئا اي فا اي عم اال وس ااير‬
‫المحكمااة الدسااتورية‪ .2‬لااذا ماان اَلفضاال تواجااد قضاااة كااونهم أدرى بالجوانااب اإلجرائيااة ماان أساااتذة القااانون‬
‫الدستوري باإلضافة إلى مسايرة عملية توسيع اإلخطار سيما بعد استحداث آلية الادفع بعادم الدساتورية سانة‬
‫‪.36739‬‬

‫كمااا تضاامنت تشااكيلة المحكمااة الدسااتورية سااتة ‪ 79‬أعضاااء ينتخبااون باااالقتراع العااام ماان طاارف‬
‫أساتذة القانون الدستوري على أن يحدد رئيس الجمهورياة شاروط وكيفياات انتخاابهم بموجاب قاانون عضاوي‬
‫وفااي ذلااك تاادعيم للتركيبااة العضااوية للمحكمااة الدسااتورية بعنصاار الكفاااءة والخب ارة فااي القااانون الدسااتوري‪.‬‬
‫اَلماار الااذي ماان شااأنه تك اريس رقابااة قضااائية فعالااة ماان خااالل الفهاام القااانوني السااليم والمعمااق للنصااوص‬

‫‪1‬‬
‫‪- Dominique TURPIN: contentieux constitutionnel ;2eme édition: p.u.f ;Paris ; France ; 1994 ;p596‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Mathieu Disant,( L’exception d’inconstitutionnalité et la transformation des systèmes normatifs et‬‬
‫‪juridictionnels) ,RCCA , numéro thématique sur « l’exception d’inconstitutionnel» , N° 8 – 2017,p59‬‬
‫‪-3‬أحسن غربي ‪ :‬قراءة في تشكيلة المحكمة الدستورية في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬مجلة العلوم القانونية واالجتماعية‪ ،‬العدد‪،1‬‬
‫ديسمبر ‪ ،6767‬ص‪.399‬‬

‫‪227‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫التشريعية والدستورية على حد سواء‪ ،‬وهو واحد من بين اإلجاراءات المتخاذة مان طارف المؤساس الدساتوري‬
‫لمنع تسييس الهيئة الساهرة على سمو الدستور‪.1‬كما أنه واحد من بين المستجدات التاي لام تكان ساائدة فاي‬
‫المجلس الدستوري في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬من حيث التخصص والتمثيل معا‪.‬‬

‫أمااا المسااتجد بخصااوص البرلمااان هااو إقصاااء المؤسااس َلعضاااء ون اواب هااذا اَلخياار ماان التمثياال‬
‫داخاال المحكمااة الدسااتورية بموجااب التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ ،6767‬بعااد أن كااان تمثاايلهم فااي المجلااس‬
‫الدساتوري بأربعااة ‪ 71‬أعضاااء بعاادد عضاوين عان كاال غرفااة‪ ،‬ولعاال هااذا اإلقصااء ارجااع إلااى أخااذ المؤسااس‬
‫الدستوري ب االنتقادات التي وجهت إليه بهذا الخصوص بعين االعتبار والتي ترى أنه ليس من الموضاوعية‬
‫في شيء أن يقوم البرلمان بسن تشريعات يعود النظر في دستوريتها إلى ممثليه في المحكمة الدستورية‪.‬‬

‫وبن اااء علي ااه يمكنن ااا الق ااول أن ااه م اان اَلهمي ااة بمك ااان أن يقتص اار تش ااكيل المحكم ااة الدس ااتورية عل ااى‬
‫العناصر القضائية والقانونية لكن كان يفترض بالمؤسس الدستوري الجزائري أن يظهر حرصاه عناد إدخالاه‬
‫لكبار الكفاءات القانونية في عضوية المحكمة الدستورية أن تكون اَلغلبية من القضاة ولماا ال الثلثاين َلن‬
‫فااي خبارتهم التفسااير القضااائي الصااحيح َلحكااام القاوانين وفااي مقادمتها الدسااتور الااذي يعتباار أساااس وجااود‬
‫المنظومة القانونية بأكملها‪ ،‬ويا حبذا لو تام تادعيم عضاوية المحكماة الدساتورية بخباراء فاي الفقاه اإلساالمي‬
‫وفي ذلك دعم للمحكمة بالكفاءات التي من شأنها المساهمة في تفعيل أدائها لمهامهما علاى الوجاه اَلكمال‬
‫ماان خااالل منااع صاادور أو العماال بقااانون يتعااارض مااع أحكااام الش اريعة اإلسااالمية‪ ،‬وفااي ذلااك قااال اَلسااتاذ‬
‫"فوزي أوصديق" أنه يجاب تغلياب العنصار المخاتص أي توسايع العنصار القضاائي‪ ،‬أو المرشاح مان طارف‬
‫المجلااس القضااائي حتااى ال تكااون أحكااام المجلااس الدسااتوري سياسااة‪ ،‬كمااا أنااه يجااب تطعاايم هااذا المجلااس‬
‫ببعض المختصين في الشريعة والفقه‪ ،‬مقترحين من طرف المجلس اَلعلى اإلسالمي حتى ال يكون شاعار‬
‫"اإلسالم دين الدولة" أو تنصيصا غير جاف في فحواه‪.2‬‬
‫لتبقااي بااذلك التركيبااة اَلمثاال للمحكمااة الدسااتورية ه اي فااي وجااود اختصاصاايين فااي بعااض ميااادين الحقااوق‬
‫وفي وجود توازن بين االختصاصيين وبين ممارسي المهن القضائية من جهاة وتاوازن باين الحقاوقيين وباين‬
‫السياسيين أو اَلخصائيين بعلم السياساة مان جهاة ثانياة‪َ ،‬لن المشااكل التاي تنظار بهاا المحكماة الدساتورية‬
‫غالبااا مشاااكل قانونيااة سياسااية‪ ،3‬بينمااا ياارى اَلسااتاذ "غربااي أحساان" أن اعتماااد المؤسااس الدسااتوري علااى‬
‫تشكيلة المحكمة الدستورية على النحو المبين يؤكد على منح المؤساس الدساتوري نصاف السايادة للشاعب‬
‫‪1‬‬
‫‪- Claude LECLERCQ: Droit constitutionnel et institutions politiques , 1er édition , Litec, Paris ,1999 ,p524.‬‬
‫‪-2‬فوزي أوصديق‪ :‬الوافي في شرح القانون الدستوري الجزائري‪ ،‬ج‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.661‬‬
‫‪-3‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.103‬‬

‫‪228‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫في اختيار ستة ‪ 79‬أعضااء ضامن تشاكيلة المحكماة الدساتورية مان باين الكفااءات الجامعياة بينماا النصاف‬
‫اَلخاار يااوزع بااين الساالطتين التنفيذيااة والقضااائية علااى النحااو الااذي بيناااه‪ ،‬وبااذلك يكااون المؤسااس الدسااتوري‬
‫أحدث توازنا بين تمثيل السلطات العمومية وتمثيل الهيئة الناخبة ضمن تشكيلة المحكمة الدستورية‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط تولي العضوية في المحكمة الدستورية‪ :‬حددت الماادة ‪ 390‬مان التعاديل الدساتوري الشاروط‬
‫الواجااب توافرهااا فااي ماان يتااولى العضااوية فااي المحكمااة الدسااتورية بنصااها علااى أنااه‪ " :‬يشااترط فااي عضااو‬
‫المحكمة الدستورية المنتخب أو المعين‪:‬‬
‫‪ -‬بلوغ خمسين ‪ 37‬سنة كاملة يوم انتخابه أو تعيينه‪.‬‬
‫‪ -‬التمتع بخبرة في القانون ال تقل عن عشرين ‪ 67‬سنة‪ ،‬واستنفاد من تكوين في القانون الدستوري‪.‬‬
‫‪ -‬التمتع بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬وأال يكون محكوما بعقوبة سالبة للحرية‪.‬‬
‫‪ -‬عدم االنتماء الحزبي‪.‬‬

‫بمجرد انتخاب أعضاء المحكمة الدساتورية أو تعييانهم‪ ،‬يتوقفاون عان ممارساة أي عضاوية أو أي‬
‫وظيفة أو تكليف أو مهمة أخرى‪ ،‬أو أي نشاط أخر أو مهنة حرة‪ ،‬وقبال تفصايل هاذه الشاروط ينبغاي العلام‬
‫بأنهاا شااروط لهااا ماان عموميااة التطبيااق مااا يجعلهااا الزماة التحقيااق فااي جميااع اَلعضاااء‪ ،‬كمااا أنااه ماان حيااث‬
‫طبيعتها ليست شروطا لعضوية المحكمة ابتداء فحساب‪ ،‬وانماا هاي شاروط اساتمرار أو بقااء فيهاا أيضاا‪ ،‬ال‬
‫سيما ما يعتريه عارض الفقد أو النقص منها كالتمتع بالحقوق المدنية أو السياسية مثال‪.2‬‬

‫وكما هو مبين في نص المادة أعاله اشترط المؤسس الدستوري جملة من الشاروط الواجاب توافرهاا‬
‫في عضو المحكمة الدستورية هي كاآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬الســن‪ :‬اشااترط المؤسااس الدسااتوري فااي عضااو المحكمااة الدسااتورية بلااوغ ساان الخمسااين ‪ 37‬ساانة س اواء‬
‫المعااين أو المنتخااب‪ ،‬وهااو شاارط سابق اشااتراطه لتااولي العضااوي فااي المجلاس الدسااتوري وقااد حاادد بموجااب‬
‫المااادة ‪ 391‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬بااأربعين ‪ 17‬ساانة‪ ،‬وبااذلك رفااع المؤسااس الدسااتوري الساان‬
‫عمااا كااان يتطلبااه سااابقا بعشاار ‪ 37‬ساانوات ورغاام أنااه ببلااوغ ساان الخمسااين ‪ 37‬ينااال فااي اإلنسااان ماان بااين‬
‫اَلسااباب الجساادية والعقليااة مااا يجعلااه أهااال للمسااؤولية وفااق مااا تمليااه شااروطها وتضااعه ضاوابطها‪ ،3‬إال أنااه‬
‫سن مرتفع وحبذا لوترك على ما كان عليه‪.‬‬

‫‪-1‬أحسن غربي‪ :‬قراءة في تشكيلة المحكمة الدستورية في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.396‬‬
‫‪-2‬أنظر‪ /‬محمد باهي أبو يونس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.93-97‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬ط‪ ،3‬ص‪.63‬‬

‫‪229‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫ب‪ -‬الخبرة في القانون‪ :‬يشترط في من يرغب في تولي العضوية في المحكمة الدستورية تمتعاه بخبارة فاي‬
‫القااانون ال تقاال عاان عشارين ‪ 67‬ساانة مااع اسااتفادته ماان تكااوين فااي القااانون الدسااتوري‪ ،‬وهااو شاارط أداركااه‬
‫المؤسس الدستوري بموجب اإلصالحات الدساتورية لسانة ‪ 6739‬حياث أناه لام يسابق قبال ذلاك وأن نصات‬
‫عليه الدساتير الجزائرية‪ ،‬رغم أهميتاه البالغاة لماا تقتضايه متطلباات العمال الرقاابي‪ ،‬وباذلك انتقال المؤساس‬
‫الدستوري من مجرد تمثيل السلطات الدستورية ضامن المؤسساة الدساتورية المتمثلاة فاي المحكماة الدساتورية‬
‫حاليا والمجلس الدستوري سابقا إلى اختيار الكفاءات القانونية من قبل هذه السلطات‪.1‬‬
‫لذا نجد أن اَلستاذ "محمد باهي أبويونس" يقول أن الخبرة والتجربة شرط لحسن تأدية العمل والبد‬
‫أن يكون في نطاق التخصص‪ ،‬وهو ما يستلزم أن يكون االعتداد باالخبرة والتجرباة فاي مجاال االختصااص‬
‫النااوعي للمحكمااة‪ ،‬أي المجااال الدسااتوري قطعااا‪ ،2‬وهااو مااا أكااده المؤسااس الدسااتوري فااي نااص المااادة ‪390‬‬
‫بقولاه‪...« :‬واسااتفاد مان تكااوين فااي المجاال الدسااتوري»‪ ،‬غياار أن الانص الدسااتوري لاام يحادد كيفيااة اكتساااب‬
‫الشخص لخبارة قانونياة والتاي تعتبار مادتها طويلاة جادا‪ ،‬هال عان طرياق التادريس أو ممارساة مهان حارة لهاا‬
‫ص االة بالق ااانون مث اال المحام اااة أو م ااارس القض اااء‪ ،‬إذ تقتض ااي المهم ااة الرقابي ااة للمحكم ااة الدس ااتورية ت ااوفر‬
‫مؤهالت وكفاءة قانونية عالية فاي اَلعضااء بماا يسامح بضامان نجاعاة عمال المحكماة الدساتورية وتجاانس‬
‫ق اررتها‪.3‬‬
‫جـ‪ -‬التمتـع بـالحقوق المدنيـة والسياسـية وعـدم التعـرض لعقوبـة سـالبة للحريـة‪ :‬يتعاين أن يكاون عضاو‬
‫المحكمة الدستورية متمتعا بجميع حقوقه المدنية كحق التملك مثال وحقوقه السياسية السايما حاق االنتخااب‬
‫والترشاح‪ ،‬وأن يساتمر متمتعاا بهاا فاال يلحاق باه أي مااانع مان المواناع التاي تاؤدي إلاى الحرماان مان الحقااوق‬
‫السياسية والمدنية بسبب اإلدانة بجرائم خطيرة بما يؤدي إلاى انعادام اَلهلياة اَلدبياة‪.4‬بمعناى أناه شارط الباد‬
‫من توافره لالنتساب لهذه الهيئة الرقابية‪.5‬‬
‫وبااذلك يمكننااا القااول أن هااذا الشاارط يتأسااس علااى منطااق مفاااده لاازوم أال يختااار للقضاااء إال ماان‬
‫حسنت بين الناس سيرته‪ ،‬وتعاظم في نفوسهم خلقه‪ ،‬فالقضاء مهنة أسسات علاى الخلاق القاويم وعمال جلال‬
‫مستقره السلوك المساتقيم وقاوام تاوافر هاذا الشارط‪ ،‬أماران أولهماا أن يكاون المرشاح لمنصاب القضااء محماود‬
‫السيرة حسن السمعة‪ ،‬وثانيهما أال يكون قد حكم عليه من إحدى المحاكم أو مجاالس التأدياب لفعال مخال‬

‫‪-1‬أحسن غربي‪ :‬قراءة في تشكيلة المحكمة الدستورية في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.303-307‬‬
‫‪-2‬أنظر‪ /‬محمد باهي أبو يونس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬هامش ص ‪.03‬‬
‫‪-3‬أحسن غربي‪ :‬قراءة في تشكيلة المحكمة الدستورية في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.303‬‬
‫‪-4‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.306‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Brand PHILIPE: La notion de liberté publique en droit français, L.G.D.J ,Paris ,1968,P,398.‬‬

‫‪230‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫بالشرف حتى ولو كان قد رد إليه اعتباره‪ ،‬وان لم يتم ذكر محو العقوباة باعتبااره إجاراء يزيال أثار العقوباات‬
‫التأديبيااة‪ ،‬فااال يجااوز التوليااة لماان وقااع عليااه ج ازاء تااأديبي حتااى ولااو تاام محااو هااذا الج ازاء‪ ،1‬وهااو شاارط‬
‫مستحدث بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6767‬حيث لم يتأتى النص عليه في سابق الدساتير الجزائرية‬
‫وال في النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪.‬‬
‫د‪ -‬عدم االنتماء الحزبي‪ :‬واحد من بين الشروط المساتحدثة بموجاب التعاديل الدساتوري لسانة‪ ،6767‬وهاو‬
‫شرط غير واضح وغير محادد بشاكل دقياق‪ ،‬فهال المقصاود باه هاو عادم االنتمااء َلي حازب سياساي طاوال‬
‫حياااة الشااخص وهااو لالحتمااال اَلقاارب‪ ،2‬ولعاال القصااد ماان هااذا الشاارط هااو الحاارص علااى حياااد اَلعضاااء‬
‫ضمانا الستقاللهم والحفاظ على مكانتهم كقضاة‪ ،‬لمنع استغالل صفة العضوية في المحكمة الدستورية في‬
‫أي نشاط خارج عن دائرة اختصاصاتها عاما كان أو خاصا‪ ،‬بعدها ترجع لتكتب فضال عن هذه الشاروط‪،‬‬
‫الشااروط التااي يتوجااب توفرهااا فااي عضااو المحكمااة الدسااتورية‪ ،‬فإنااه يجااب أن تتااوفر فااي رئاايس المحكمااة‬
‫الش ااروط المنص ااوص عليه ااا ف ااي الم ااادة ‪ 90‬م اان التع ااديل الدس ااتوري لس ااتة ‪ 36767‬والواج ااب توفره ااا ف ااي‬
‫المترشااح لرئاسااة الجمهوريااة باعتبااار رئاايس المحكمااة الدسااتورية هااو الشااخص المؤهاال لتااولي منصااب رئاسااة‬
‫الدولة في حال اقتران شغوره بشغور منصب رئاسة مجلس اَلمة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نظام تولي العضوية في المحكمة الدستورية وضمانات أعضائها‬

‫تحظااى المحكمااة الدسااتورية بأهميااة كبي ارة ومكانااة سااامية بااين المؤسسااات الدسااتورية فااي النظااام‬
‫القانوني الجزائرية نظ ار الختصاصااتها المساتمدة مان الدساتور والمرتبطاة بتوجياه الحيااة القانونياة والسياساية‬
‫في الدولة‪ ،‬ومما ال شك فيه أن تحديد الطريقة التي يتم على أساسها تعيين أو انتخاب أعضاء هيئة رقابية‬
‫بهذه اَلهمية تعد من المسائل المهماة ليتمتاع اَلعضااء باالساتقاللية فاي أداء مهاامهم الحساساة طيلاة مادة‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬محمد باهي أبو يونس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.97-36‬‬


‫‪-2‬أحسن غربي‪ :‬قراءة في تشكيلة المحكمة الدستورية في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.306‬‬
‫‪-3‬ورد في نص المادة ‪ 90‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬أنه‪ « :‬يشترط في المترشح لرئاسة الجمهورية أن‪:‬‬
‫‪ -‬يتمتع بالجنسية الجزائرية اَلصلية فقط‪ ،‬ويثبت الجنسية الجزائرية اَلصلية لألب واَلم‪.‬‬
‫‪ -‬ال يكون قد تجنس بجنسية أجنبية‪.‬‬
‫‪ -‬يدين باإلسالم‪.‬‬
‫‪ -‬يبلغ من العمر (‪)17‬كاملة يوم إيداع طلب الترشح‪.‬‬
‫‪ -‬يتمتع بكامل حقوقه المدنية والسياسية‪.‬‬
‫‪ -‬يثبت أن زوجه يتمتع بالجنسية الجزائرية اَلصلية فقط‪.‬‬
‫‪ -‬يثبت إقامة دائمة بالجزائر دون سواها لمدة عشر (‪ )37‬سنوات‪ ،‬على اَلقل قبل إيداع ملف الترشح‪.‬‬
‫‪ -‬يثبت مشاركته في ثورة أول نوفمبر ‪ 3631‬إذا كان مولودا قبل يوليو‪.3616‬‬
‫‪ -‬يثبت عدم تورط أبويه في أعمال ضد ثورة أول نوفمبر ‪ 3631‬إذا كان مولدا بعد يوليو ‪.3616‬‬
‫‪ -‬يقدم التصريح العلني بممتلكاته العقارية المتنقلة والمنقولة داخل الوطن وخارجه»‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫عض ااويتهم‪ ،‬ولتحقي ااق ذل ااك ن ااص الدس ااتور عل ااى ت ااوفير ض اامانات جدي ااة لحي اااد المحكم ااة الدس ااتورية هيئ ااة‬
‫وأعضاء‪.‬‬

‫أوال‪ :‬والية أعضاء المحكمة الدسـتورية‪ :‬نصات الماادة ‪ 1/399‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6767‬علاى‬
‫اضطالع أعضاء المحكمة الدستورية بمهامهم مرة واحدة لمدة ستة ‪ 79‬سنوات غيار قابلاة للتجدياد وهاو ماا‬
‫يفسر على أنه يتماشى واستقاللية المحكمة الدستورية وحياد أعضائها‪.‬‬

‫فهاذه السات ساانوات تكفال لألعضااء االسااتقرار المطلاوب فااي والياتهم‪ ،‬بحياث يحقااق هاذا االسااتقرار‬
‫خبرة اَلعضاء والفائدة المرجوة لحسان اساتخدام سالطة تقيايم دساتورية القاانون والنصاوص التاي تعادلاه فاي‬
‫القوة والتي هي المهمة المتميازة للهيئاة الرقابياة‪ ،1‬وهاي مادة تبادو معقولاة الهاي بالطويلاة وال بالقصايرة يعاود‬
‫لهاا اَلثاار الساالبي علااى اَلداء الرقااابي للهيئااة الرقابيااة‪.2‬كمااا أن عاادم قابليااة العضااو للظفاار بعهاادة جدياادة فااي‬
‫المحكمة الدستورية من طرف الهيئات والجهات التي قامات بتعييناه أو انتخاباه يسااهم فاي مسااعدة للعضاو‬
‫علاى القيااام بوظيفتااه ومهامااه وتحييااد موقفااه‪ ،‬وفااق مااا يقتضايه ضااميره المهنااي ولاايس وفااق مااا تمليااه الجهااة‬
‫التي عينته أو انتخبته‪ 3‬هذا من جهة ومن جهة أخرى هو إجراء فيه قطاع لسابيل الشاك فاي قا اررات العضاو‬
‫ماان خااالل قطااع الساابيل أمااام ظف اره بعهاادة ثانيااة بعااد انقضاااء اَلولااى‪.4‬وقااد أبقااى المؤسااس الدسااتوري فااي‬
‫التع ااديل الدس ااتوري اَلخي اار عل ااى نف ااس اآللي ااة المزدوج ااة لتا اولي العض ااوية والت ااي جم ااع فيه ااا ب ااين التعي ااين‬
‫واالنتخاب كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬أبقى المؤسس الدستوري علاى اعتمااد آلياة التعياين المباشار مان خاالل اساتمرار منحاه لارئيس الجمهورياة‬
‫سلطة تعيين أربعة ‪ 71‬أعضاء مان ضامن تشاكيلة المحكماة الدساتورية مان بيانهم رئيساها بمقتضاى أحكاام‬
‫المادة ‪ 3/399‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬ذلك لفترة غير قابلة للتجديد بالنسبة لألعضاء وللارئيس‬
‫على حد سواء‪ ،‬رغم االنتقادات التي طالت هذا اَلسلوب‪ ،‬والتاي انصابت فاي مجملهاا علاى تعياين الارئيس‬
‫صاحب المركز المتميز‪ ،‬لذا كان من باب أولى ترك أمر رئاساة المحكماة الدساتورية لالنتخااب* مان طارف‬

‫‪-1‬إلياس جوادي‪ :‬رقابة دستورية القوانين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Dominique ROUSSEAU: la justice constitutionnelle en Europe ;montchrestien ; Paris: 1992 ; p 59.‬‬
‫‪-3‬أحسن غربي‪ :‬قراءة في تشكيلة المحكمة الدستورية في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.301‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- François LUCHAIRE: Le conseil constitutionnel ,Economica, France, 1980,p77.‬‬
‫* ماان حيااث المباادأ فااإن انتخاااب الارئيس ماان قباال زمالئااه يعاازز كثي ا ار اسااتقالل المحكمااة‪ ،‬وهااو النظااام المطبااق فااي ايطاليااا‪ ،‬اساابانيا وروساايا حيااث يااتم‬
‫انتخاب الارئيس لمادة ثاالث ‪ 71‬سانوات قابلاة للتجدياد‪ ،‬أماا فاي البرتغاال ينتخاب الارئيس لمادة تساع‪ 76‬سانوات‪ ،‬وفاي كرواتياا ينتخاب الارئيس لمادة أرباع‬
‫‪ 71‬ساانوات وفااي ساالوفينيا ينتخااب لماادة ثااالث ‪ 71‬ساانوات‪ ،...‬لالطااالع أكثاار أنظــر‪ /‬زهياار شااكر‪ :‬النظريــة العامــة للقضــاء الدســتوري‪ ،‬ج‪ ،3‬المرجااع‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.666‬‬

‫‪232‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫اَلعضاااء مثلمااا كااان الحااال عليااه فااي دسااتور ‪ ،3691‬وفااي ذلااك ضاامان السااتقاللية المحكمااة عاان ساايطرة‬
‫السلطة التنفيذية‪ ،‬واضفاء للموضعية على ق ارراتها‪.‬‬

‫‪ -‬كمااا أبقااى علااى ت اولي ممثل اي الساالطة القضااائية عاان طريااق انتخابهم اا ماان بااين قضاااة المحكمااة العليااا‬
‫ومجلس الدولة‪ ،‬غير أنه بالرغم من تبني المؤساس الدساتوري َلسالوب االنتخااب‪ ،‬إال أن القاضايان معيناان‬
‫بحكم منصبهما مما يعد تعيينا حكميا‪.1‬‬

‫‪ -‬وباانفس اآلليااة يت اولى اَلعضاااء السااتة ‪ 79‬الباااقين‪ -‬أساااتذة القااانون الدسااتوري‪-‬العضااوية فااي المحكمااة‬
‫الدستورية‪ ،‬والى غاية تاريخ إنجاز هاذه اَلطروحاة لام تتوضاح كيفياة انتخاابهم وال الجهاة التاي ساتتولى أمار‬
‫اإلشراف عليها لغياب نص دستوري يبين ذلك‪ ،‬باستثناء ما جااء الانص علياه فاي الماادة ‪ 1/399‬علاى أناه‬
‫«‪..‬يحدد رئيس الجمهورية شروط وكيفيات انتخاب هؤالء اَلعضاء»‪.‬‬

‫هذا ونص المؤسس الدستوري في أحكام المادة ‪ 3/399‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6767‬علاى‬
‫أنه يؤدي أعضاء المحكماة الدساتورية أماام الارئيس اَلول للمحكماة العلياا اليماين بمجارد انتساابهم للعضاوية‬
‫وقبل البدء في مباشرة مهامهم‪ ،‬هو إجراء شكلي جاء به التعديل الدستوري لسانة ‪ 6739‬فاي ناص ‪3/391‬‬
‫منه‪ ،‬إال أن المستجد في إجراء اليمين هو أداؤها أمام الرئيس اَلول للمحكمة العليا بعد أن كاان أداؤهاا ياتم‬
‫أم ااام رئ اايس الجمهوري ااة‪ ،‬وم اارد ذل ااك ها او ن ااص التع ااديل الدس ااتوري لس اانة ‪ 6767‬عل ااى اس ااتقاللية الس االطة‬
‫القضاائية فااي المااادة ‪ 391‬منااه‪ ،‬وأداء أعضاااء المحكمااة الدساتورية لليمااين أمااام رئاايس إحاادى هيئاتهااا العليااا‬
‫راجع إلى كون القضاء الحامي اَلول للحقوق والحريات في البالد‪.‬‬

‫أما بخصوص تحديد العهدة فقد نص التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6767‬فاي مادتاه ‪ 3/399‬علاى أن‬
‫عهاادة رئاايس المحكمااة الدسااتورية واحاادة ماادتها سااتة ‪ 79‬ساانوات غياار قابلااة للتجديااد‪ ،‬أمااا باااقي اَلعضاااء‬
‫فنصت نفس المادة في فقرتها الثانية على أن عهدتهم هي اَلخرى واحدة مدتها ستة ‪ 79‬سنوات مع تجديد‬
‫نصاافهم كاال ثااالث ‪ 71‬ساانوات‪ ،‬ويااتم التجديااد النصاافي اَلول عاان طريااق اسااتبعاد سااتة ‪ 79‬أعضاااء عاان‬
‫طريق القرعة ويبقى خمسة ‪ 73‬أعضاء إضافة إلى الرئيس يحكمون العهادة كاملاة والتاي حاددت بسات ‪79‬‬
‫ساانوات بينمااا اَلعضاااء السااتة ‪ 79‬تنتهااي عهاادتهم عنااد ثااالث ‪ 71‬ساانوات‪ ،‬ويااتم تجديااد نصااف التشااكيلة‬
‫بالطريقة نفسها التي تم بها التشكيل ليصبح بعدها بطريقة آلية‪.2‬‬

‫‪-1‬أحسن غربي‪ :‬قراءة في تشكيلة المحكمة الدستورية في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.390‬‬
‫‪ -2‬أحسن غربي‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.303‬‬

‫‪233‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫مهما كان النظام المعتمد فاي العهادة وتأقيتهاا أو ديمومتهاا فاإن لكال نماط م ازيااه وعيوباه‪ ،‬إال أنناا‬
‫نفضل المزج بين التعيين واالنتخاب‪ ،‬على أن تمثل السالطات الاثالث فاي الهيئاة الرقابياة بماا يضامن تفاوق‬
‫السا االطتين القضا ااائية والتنفيذيا ااة ما اان حيا ااث الممثلا ااين‪ ،‬ذلا ااك باعتبا ااار أن ممثل ا اي السا االطة القضا ااائية قضا اااة‬
‫مختص ااون وأفض االهم تكوين ااا وأن الس االطة التنفيذي ااة رغ اام الط ااابع السياس ااي له ااا‪ ،‬وحت ااى ف ااي اختي ااار وتعي ااين‬
‫ممثليها من الهيئة فإنها ‪ -‬احتراما لمكانتها*‪ -‬وكونها حامية الدستور والساهرة على تنفيذ القاوانين‪ ،‬هاو ماا‬
‫ياادفعنا إلااى تفضاايل العهاادة الواحاادة غياار القابلااة للتجديااد ماان جهااة أن يكااون اَلعضاااء الممثلااين للبرلمااان‬
‫منتخبين شريطة أن ال يتجاوز عددهم نصف اَلعضاء‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضـمانات أعضـاء المحكمـة الدسـتورية وواجبـاتهم‪ :‬تانص الماادة ‪ 396‬مان التعاديل الدساتوري لسانة‬
‫‪ 6767‬على انه‪ «:‬يتمتع أعضاء المحكمة الدستورية بالحصانة عن اَلعمال المرتبطة بممارسة مهامهم‪.‬‬

‫ال يمكن أن يكون عضاو المحكماة الدساتوري محال متابعاة قضاائية بسابب اَلعماال غيار المرتبطاة‬
‫بممارسة مهامه إال بتنازل صريح منه عن الحصانة‪ ،‬أو بإذن من المحكمة الدستورية»‪.‬‬

‫وبنا اااء علا ااى ذلا ااك يتمتا ااع أعضا اااء المحكما ااة الدسا ااتورية بقا اادر ما اان الحقا ااوق تحا اايطهم باالسا ااتقاللية‬
‫والحصانة أثناء أداء مهامهم السامية دون تأثير من أي سلطة كانت‪ ،‬مقابل االلتزام بموجبات العضوية في‬
‫ظل مهنية يسودها الحياد والموضوعية‪.‬‬

‫أ‪ -‬ضمانات العهدة في المحكمة الدستورية‪ :‬وضع المؤسس الدستوري الجزائري جملة من الضمانات فاي‬
‫ساابيل ت اوفير الحمايااة َلعضاااء المحكمااة خااالل ماادة عضااويتهم فااي المحكمااة الدسااتورية تتعلااق باَلعمااال‬
‫والمهام المنوطة بهم‪.2‬‬

‫‪-2‬الحصــانة‪ :‬ماان معل اوم القااول أن القضاااء هااو ساابيل فرضااته الحاجااة إلااى تحقيااق العاادل كمصاالحة أولااى‬
‫بالرعاية‪ ،‬وقيمة أجدر بالعناية ومن هذا المنظور يستلزم تقرير طائفة مان الحقاوق للقاضاي الدساتوري َلداء‬
‫الواجبااات الملقاااة علااى عاتقااه خااالف الواجبااات التااي يخضااع لهااا غي اره ماان القضاااة وهااي مااا يمكاان نعتهااا‬
‫بالواجبااات الخاصااة‪ ،3‬لااذا وجااب كفالااة اس اتقاللية أعضاااء المحكمااة الدسااتورية ويتضاامن هااذا الوجااه تحاارر‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪6‬ا‪ ،‬ص‪.331‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬سميرة علي جمعة وافي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬محمد باهي أبو يونس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 391‬‬

‫‪234‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫القضاة سواء مارسوا عملهم بشكل منفرد أو ضمن هيئات قضائية من الضغوط والتأثيرات الخارجية‪ ،1‬وفي‬
‫إطااار ذل ااك لاام يج ااد المؤسااس الدس ااتوري الج ازئااري ب ااد ماان التأكي ااد علااى الحص ااانة كوساايلة لحماي ااة عض ااو‬
‫المحكمااة الدسااتورية فااي نااص المااادة ‪ 396‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬ضااد كاال أن اواع التهدياادات‬
‫التااي يمكاان أن تعاارض عضااويته وحقوق اه للعب اث‪ ،‬وتحصااينا لااه ماان احتمااال قيااام جهااة تعينااه أو انتخابااه‬
‫باسااتغالله ونشااير هنااا إلااى أنهااا خطاوة جاااء بهااا قاابال التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬بموجااب نااص المااادة‬
‫‪ 393‬مناه‪ ،‬وهاي ضاامانة بمقتضااها ال يمكاان أن يتعارض عضاو المحكمااة الدساتورية لمتابعااة قضاائية بمااا‬
‫فيهم رئيسها إال بعد تنازل صريح من العض المعني وال شابهة فاي أن هاذه الحصاانة و‪ -‬تلاك غايتهاا‪ -‬ال‬
‫يج اوز أن تكااون موطئااا لحمايااة أعضاااء المحكمااة الدسااتورية العلي اا ماان المسااؤولية م ان عث اراتهم التااي تخاال‬
‫بشروط تاوليتهم القضااء الدساتوري وقياامهم علاى رساالته‪ ،‬وال أن تكاون عاصاما مان محاسابتهم عماا يصادر‬
‫عنهم من أعمال تؤثر في هيبة المحكمة وعلو منزلتها‪ ،‬وانما يتعين أن تظل الحصانة مرتبطاة بمقاصادها‬
‫ممثلة في تأمين العمل القضائي من محاولة التأثير فيه ضمانة لسالمته‪.2‬‬

‫ونشير هنا إلى أن المؤسس الدستوري الجزائري لم ينص على إج ارءات رفاع الحصاانة وعمال علاى‬
‫إحالة ذلك إلى النظام الداخلي للمحكمة الدستورية*‪.‬‬
‫‪-2-2‬عدم القابلية للعزل‪ :‬عدم القابلية للعزل تعني عدم جواز فصال القضااة أو ساحب تعييانهم أو وقفهام‬
‫عن العمل لغير اَلحوال والشروط المنصاوص عليهاا فاي القاانون‪َ ،‬لن عازل القاضاي مساألة خطيارة ينبغاي‬
‫إحاطتهااا بضاامانات حقيقيااة لتجنااب اسااتخدامها َلغاراض غياار مهنيااة وخاصااة ماان قباال الساالطة التنفيذيااة‪،3‬‬
‫لتشااكل بااذلك ضاامانة عاادم قابليااة عاازل عضااو المحكمااة الدسااتورية بمجاارد انتخابااه أو تعيينااه داعمااا أساسايا‬
‫لضمان اساتقاللية العضاو والهيئاة الرقابياة علاى حاد ساواء‪ ،‬فعادم قابلياة عازل عضاو المحكماة الدساتورية لام‬
‫يأتي النص عليها صاراحة وانماا تستشاف مان خاالل ماا ناص علياه المؤساس الدساتوري فاي الماادة ‪6/399‬‬
‫من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬بقوله‪ « :‬يضطلع أعضاء المحكمة الدستورية بمهامهم مرة واحدة مدتها‬
‫ست ‪ 79‬سنوات‪.»..‬‬

‫‪-1‬عادل جالل أحمد أمين‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.371‬‬


‫‪-2‬حسن مصطفى البحري‪ :‬القضاء الدستوري دراسة مقارنة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.310‬‬
‫*نظ ار لعدم صدور النظام المحدد لقواعد عمل المحكمة الدستورية بعد‪ ،‬سنستعين في انجااز هاذا الفصال مان الد ارساة بنصاوص النظاام المحادد لقواعاد‬
‫عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ 6736‬التي ال تتعارض منها مع نصوص التعديل الدستوري لسنة ‪.6767‬‬
‫‪-3‬عادل جالل أحمد أمين‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.371-371‬‬

‫‪235‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫ويقااول اَلسااتاذ "حساان مصااطفى البحااري" فااي ذلااك‪ « :‬أن عاادم قابليااة القضاااة لإلقالااة هااي حصااانة‬
‫تالزم أعضاء المحكمة الدستورية دوماا طالماا ظال سالوكهم موافقاا لواجبااتهم الوظيفياة مساتجيبا لمتطلباتهاا‬
‫معتصااما باالسااتقامة والبعااد عمااا يشااينها»‪ ،1‬كمااا أنااه أم ار ماان شااأنه أن يحفااظ لعضااو المحكمااة الدسااتورية‬
‫مكانته وهيبته المستمدة من هيبة الهيئة الرقابية التي ينتمي إليها‬

‫ب‪ -‬مقتضيات العضوية في المحكمة الدستورية‪ :‬لما كانت خصوصية العضاوية فاي المحكماة الدساتورية‬
‫تفترض أن يبتعاد القاضاي بنفساه عان ماواطن الشابهة‪ ،‬فإناه يحظار علاى عضاو المحكماة الدساتورية بمجارد‬
‫تعييناه أو انتخاباه وطيلاة فتارة عضاويته ممارساة أي وظيفااة أو أي نشااط آخار‪ ،‬زيااادة علاى ضارورة االلتازام‬
‫بواجب التحفظ‪.‬‬

‫‪-2‬مبدأ التنافي‪ :‬بنص من المادة ‪ 3/390‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬التي جاء فيها أناه‪«:‬بمجارد‬
‫انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية أو تعيينهم‪ ،‬يتوقفون عن ممارسة أي عضوية أو أي وظيفاة أو تكلياف‬
‫أو مهمة أخرى أو أي نشاط آخر أو مهنة حرة»‪ ،‬وبموجب ذلك فان عضو المحكماة الدساتورية يمناع علياه‬
‫كليااا الجمااع بااين وظيفتااه ووظيفااة أخاارى طيلااة فت ارة عضااويته فااي المحكمااة‪ ،‬وهااو مااا يعاارف بالتنااافي الااذي‬
‫يقصد به عدم إمكانية الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية وممارسة أية عهادة انتخابياة أخارى أو مهماة‬
‫فااي القطاااع العااام أو الخاااص أو أيااة وظيفااة عامااة‪ ،‬وعلااى العضااو المعنااي أو المنتخااب التوقااف عاان أي‬
‫عضوية فاي هيئاة أخارى أو وظيفاة أو تكلياف لمناع كال ماا قاد يسارب إلياه تاأثي ار بسابب االنتمااء إلاى غيار‬
‫وظيفته الرئيسية‪ ،2‬وما يمكن أن يقال عنه أنه شرط يقضي بالحظر التام للجمع بين العضوية في المحكمة‬
‫الدستورية أو مهمة أو وظيفة أخرى‪.3‬‬
‫وعلي ااه تش اامل ح اااالت التن ااافي القط اااع الع ااام والقط اااع الخ اااص إذ ل اام يكت ااف المؤس ااس الدس ااتوري‬
‫باستبعاد الوظائف وانما وسعها إلى أي تكلياف أو مهماة أخارى كماا لام يكتاف المؤساس الدساتوري باساتبعاد‬
‫ممارسة المهن الحرة فقط‪ ،‬وانما وسع التنافي إلى أي نشاط آخر يمارسه العضو سواء كاان مربحاا أو غيار‬
‫مريح بما في ذلك العضوية في الجمعيات والنوادي الرياضية وغيرها‪.4‬‬
‫وبناء عليه فإن اشتراط المؤسس الدستوري عدم الجمع بين العضوية فاي المحكماة الدساتورية وأي‬
‫وظيفياة أو أي نشااط أو مهماة أخارى‪ ،‬فيااه حفااظ علاى حيااد واسااتقالل أعضااء المحكماة والتفارغ َلعمالهااا‬

‫‪-1‬حسن مصطفى البحري‪ :‬القضاء الدستوري دراسة مقارنة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.317‬‬
‫‪-2‬أنظر جمال بن سالم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.397‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- François LUCHAIRE: Le conseil constitutionnel, Tome 1 , Op, cit,p80.‬‬
‫‪-4‬أحسن غربي‪ :‬قراءة في تشكيلية الحكمة الدستورية في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.309‬‬

‫‪236‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫وهااو أماار منطقااي تفرضااه طبيعااة اختصاصااات المحكمااة الدسااتورية ماان جهااة وعاادم الخضااوع َلي تااأثيرات‬
‫خاصة كانت أو عامة وأيا كان مصدرها سلطة أو إدارة من جهة أخرى‪ ،‬إضافة إلى أن في ذلك تكافؤ فاي‬
‫توزي ااع أعب اااء العم اال ب ااين أعض اااء المحكم ااة الدس ااتورية‪ ،‬ليتض ااح ب ااذلك أن موجب ااات العه اادة ف ااي المحكم ااة‬
‫الدستورية ال ينحصر نطاقها فاي المجاال الاوظيفي أو السياساي الاذي يمكان أن يشاغله العضاو فحساب‪ ،‬بال‬
‫يمتااد إلااى وجااوب م ارعاااة الحياااد والن ازهااة فااي العماال الرقااابي الااذي يتطلااب ماان عضااو المحكمااة الدسااتورية‬
‫التفاارغ لااه‪ ،‬لمااا يتطلبااه ماان بحااث وتحقيااق وتثباات َلدائااه بإتقااان لاايخلص ماان خاللااه إلااى اجتهااادات وقا اررات‬
‫تليااق بصاافة اإلل ازام التااي تتمتااع بهااا علااى الكافااة وترقااى إلااى المكانااة السااامية التااي تحظااى بهااا المحكمااة‬
‫الدستورية ‪.‬‬
‫‪-2‬واجب التحفظ‪ :‬ألزمات أحكاام الفقارة اَلخيارة مان ناص الماادة ‪ 399‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪6767‬‬
‫أعضاء المحكمة الدساتورية بواجاب الاتحفظ عناد أدائهام لمهاامهم‪ ،‬حياث يتوجاب علايهم مان خاللاه االمتنااع‬
‫عن اتخاذ أي موقف علني تجاه أي قضية تخضع الختصاص المحكمة الدستورية‪ ،‬أو التي سبق للمحكمة‬
‫الدس اتورية أن قضاات فيهااا‪ ،‬أو التااي يحتماال أن يصاادر عنهااا ق ارار فااي شااأنها‪ ،‬كمااا يتوجااب عليااه ممارسااة‬
‫مهامهم بنزاهة وحياد مع الحفاظ التام على سرية المداوالت‪.‬‬
‫وقد كان أول نص في الدساتير الجزائرية على واجب التحفظ في التعاديل الدساتوري لسانة ‪6739‬‬
‫ضامن أحكااام المااادة ‪ 391‬منااه وكاان ذلااك تماشاايا مااع ماا تقتضاايه طبيعااة العماال الرقاابي التااي تسااتلزم حياااد‬
‫اَلعضاء لضمان استقاللهم بعيدا عن أي شبهة قد تماس بماواقعهم الوظيفياة الحساساة‪ ،‬وفاي سابيل االلتازام‬
‫بهذا الواجاب ياؤدي أعضااء المحكماة الدساتورية قبال مباشارة مهاامهم اليماين حساب ماا جااء باه ناص الماادة‬
‫‪ 3/399‬كاآلتي‪» :‬أقسم باهلل العظيم أن أمارس وظائفي بن ازهاة وحيااد وأحفاظ سارية الماداوالت‪ ،‬وأمتناع عان‬
‫اتخ اااذ موق ااف علن ااي ف ااي أي قض ااية تخض ااع الختص اااص المحكم ااة الدس ااتورية«‪ ،‬ويك ااون أداء اليم ااين أم ااام‬
‫الرئيس اَلول للمحكمة العليا ‪.‬‬

‫ورغام أن المؤسااس الدسااتوري حاااول ماان خاالل اإلصااالحات الدسااتورية لساانة ‪ 6767‬تجاااوز معظاام‬
‫االنتقااادات التااي كاناات موجهااة لطريقااة تنظاايم الهيئااة المكلفااة بالرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين فااي الج ازئاار‬
‫بتحديد شروط صارمة لتولي العضوية فيها مع التأكيد على حصانة أعضائها فضاال عان أداء اليماين أماام‬
‫الساالطة القض ااائية ممثلااة ف ااي ال ارئيس اَلول للمحكم ااة العليااا وم ااا يحملااه ذل ااك ماان دالالت احتاارام للحق ااوق‬
‫والحريااات العامااة لألف اراد‪ ،‬إال أنااه لاام يتطاارق إلااى نظااام التعويضااات الماديااة َلعضاااء المحكمااة الدسااتورية‬
‫باعتباره دعامة أساسية الستقاللهم ‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آليات تفعيل رقابة المحكمة الدستورية واجراءات عملها‬

‫أسند المؤسس الدستوري الجزائري بموجب اإلصالحات الدستورية لسانة ‪ 6767‬مهماة الرقاباة علاى‬
‫دسااتورية الق اوانين إلااى المحكمااة الدس اتورية التااي تتمتااع باالسااتقاللية العضااوية والوظيفيااة فااي ظاال الن ازهااة‬
‫والحياد ‪ ،‬ليحظى بذلك مجال الرقابة على دستورية القاوانين فاي الج ازئار بإصاالحات واساعة شاملت توسايعا‬
‫فااي االختصاصااات الموكلااة للمحكمااة الدسااتورية والتااي يجااب أن تخطاار بخصوصااها للقيااام بهااا‪ ،‬س اواء ماان‬
‫طاارف الهيئااات أو اَلف اراد (الفاارع اَلول)‪ ،‬لتكااون ق ا اررات المحكمااة الدسااتورية بشااأنها نهائيااة وملزمااة (الفاارع‬
‫الثاني )‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬ضوابط إخطار المحكمة الدستورية الجزائرية‬

‫ال تتحرك المحكمة الدستورية الجزائرية َلداء مهامها الرقابية من تلقاء نفسها‪ ،‬وانماا ينعقاد لهاا ذلاك‬
‫عن طريق اإلخطار الذي يعد اآللية الوحيدة لتحريك عملها والقيام باختصاصاتها ويكون بطلب من جهات‬
‫محددة خولها الدستور ذلك‪.‬‬

‫أوال – تحريك الرقابة من طرف الهيئات‪ :‬إن أهم ما يميز الهيئات المكلفة بالرقابياة علاى دساتورية القاوانين‬
‫في الدساتير الجزائرية المتعاقبة أنها ال تنظار وال تفصال فاي دساتورية النصاوص القانونياة المختلاة الوطنياة‬
‫منها والدولية على حد سواء إال إذا تم تقديم طلب بذلك من الجهات المعنية والمحددة فاي الدساتور ال غيار‬
‫وضمن النصوص الخاضعة للرقابة القبلية أو البعدية ‪ ،‬وعليه فإن الحق في اإلخطار يعود بالدرجة اَلولى‬
‫للهيئات السياسية التنفيذية والبرلمان‪.1‬‬

‫أ‪-‬اإلخطار من طرف السلطة التنفيذيـة‪ :‬أكاد المؤساس الج ازئاري مان خاالل ناص الماادة ‪ 361‬مان التعاديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ 6767‬استق ارره على أحقية الجهاز التنفيذي فاي تحرياك الرقاباة علاى دساتورية القاوانين مان‬
‫خاالل حاق كال ماان رئايس الجمهورياة والااوزير اَلول أو رئايس الحكوماة حساب الحالااة فاي إخطاار المحكمااة‬
‫الدس ااتورية بقول ااه‪« :‬تخط اار المحكم ااة الدس ااتورية م اان رئ اايس الجمهوري ااة‪...‬أو م اان ال ااوزير اَلول أو رئ اايس‬
‫الحكومة حسب الحالة»‪.‬‬

‫‪-2‬رئيس الجمهورية‪ :‬رغم إشراك المؤسس الدستوري الجزائري للسلطات العامة في الدولة في حق إخطار‬
‫المحكم ااة الدس ااتورية إال ان ااه خ ااص رئ اايس الجمهوري ااة وح ااده بح ااق إخطاره ااا بخص ااوص دس ااتورية القا اوانين‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬عمر تمدرتازا‪ :‬المرجع الساق‪ ،‬ص ‪.391‬‬

‫‪238‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫العضوية قبل إصدارها وبعد أن تتم المصاادقة عليهاا مان طارف غرفتاي البرلماان‪،‬وهي رقاباة وجوبياة ساابقة‬
‫يخطر رئيس الجمهورية في إطارها أيضا المحكمة الدستورية بخصوص اَلنظماة الداخلياة لغرفتاي البرلماان‬
‫وذلك بموجب الفقرتين ‪ 3‬و‪ 9‬مان ناص الماادة ‪ 367‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ ،6767‬وهاو يتمتاع بهاذا‬
‫الحاق بصافة انفرادياة بحيااث ال يحاق لرئيساي غرفتااي البرلماان اإلخطاار فاي هااذا المجاال‪ ،1‬كماا أن اعتاراف‬
‫المؤساس الدساتوري لارئيس الجمهورياة بحقاه فاي اإلخطاار يمتااد بصافة اختيارياة إلاى بااقي القاوانين وفقاا لمااا‬
‫جاء في نص المادة ‪ 361‬من التعديل الدستوري لسنة ‪.6767‬‬

‫‪-2‬الـوزير األول أو رئــيس الحكومــة حســب الحالــة‪ :‬أقار المؤسااس الدساتوري الج ازئااري مان خااالل التعااديل‬
‫الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬حااق الاوزير اَلول فااي تحرياك الرقابااة علااى دسااتورية القاوانين عاان طريااق اإلخطااار‬
‫اَلمر الذي استقر عليه من خالل التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬بموجب أحكام المادة ‪ 361‬مناه‪ ،‬إال أناه‬
‫حااق ال يمكنااه ماان إخطااار المحكمااة الدسااتورية بشااأن الرقابااة اإللزاميااة علااى الق اوانين العضااوية واَلنظمااة‬
‫الداخلية لغرفتي البرلمان وكذا اتفاقيات الهدنة‪ ،‬ومعاهادات السالم‪َ ،‬لنهاا كماا قلناا ساابقا هاي مجاال محجاوز‬
‫لرئيس الجمهورية دون ساواه حتاى وان كاان الشاخص المخطاط هاو الاوزير اَلول أو رئايس الحكوماة حساب‬
‫الحالة باعتباره طرفا ثاني في السلطة التنفيذية‪ ،‬ليكون له بذلك إخطار المحكمة الدستورية في ما دون ذلك‬
‫من القوانين كالتشريعات العادية والتنظيمات ‪.‬‬

‫ب‪-‬اإلخطــار مــن طــرف البرلمــان‪ :‬علااى غ ارار الساالطة التنفيذيااة أكااد المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري أحقيااة‬
‫البرلمان في استخدام هذه اآللية‪ ،‬ليس فقط َلن التشريع اختصاص أصيل للبرلمان‪ ،‬ولكن إلضفاء نوع من‬
‫التوازن بين السلطات في استخدام هذه اآللية‪ ،‬ويتجسد أمر إخطار المحكمة الدستورية من طرف مكونات‬
‫الجهاااز التشاريعي فااي كاال ماان رئيساي غرفتااي البرلمااان‪ ،‬وكااذا الناواب وفقااا لشااروط نصاااب جدياادة جاااء بهااا‬
‫التعديل الدستوري لسنة ‪.6767‬‬

‫‪- 2‬رؤساء غرفتي البرلمان‪ :‬بالرجوع إلاى ناص الماادة ‪ 361‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6767‬نجاد أن‬
‫المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري قااد خااص ماان خاللهااا رؤساااء غرفتااي البرلمااان بحااق اسااتخدام آليااة اإلخطااار‬
‫حي ااث تعتب اار نتيج ااة منطقي ااة ك ااون المحكم ااة الدس ااتورية تعتب اار بمثاب ااة جه اااز ض ااامن لع اادم ت اادخل الس االطة‬
‫التنفيذية عن طريق االقتراع‪ ،‬والتقليل من ظاهرة التجاذب والتنافر السياسي بين السلطتين‪ ،‬أي أن المحكمة‬
‫الدساتورية تساعى إلحاداث ناوع ماان التاوازن الفعلاي باين تلاك الهيئااات والحارص علاى حماياة حقاوق وحريااات‬

‫‪-1‬سليمة مسراتي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬

‫‪239‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫اَلف اراد‪ ،‬لااذلك وسااع المؤسااس الدسااتوري دائ ارة اإلخطااار ليشاامل غرفتااي البرلمااان إذا مااا تعلااق اَلماار بشااأن‬
‫دسا ااتورية المعاها اادات التا ااي ها ااي نصا ااوص دوليا ااة خارجا ااة عا اان صا اانع البرلما ااان‪ ،‬والق ا اوانين العاديا ااة وكا ااذا‬
‫التنظيمااات‪ 1‬رغاام أن الواقااع العملااي يثباات إحجااام رؤساااء غرفتااي البرلمااان عاان اسااتخدام هااذه اآلليااة‪ ،‬حيااث‬
‫يقااول اَلسااتاذ "أحساان غربااي" فااي ذلااك «غياار أنااه منطقيااا أال ناارى رئاايس غرفااة فااي البرلمااان يطعاان ضااد‬
‫القانون الذي تم التصويت عليه من قبال اَلغلبياة فاي البرلماان خصوصاا أن رئايس الغرفاة جارت العاادة أن‬
‫يكااون ماان أحازاب اَلغلبيااة‪ ،‬باسااتثناء آخاار رئاايس للمجلااس الشااعبي الااوطني الااذي انتخااب ساانة ‪ 6736‬ماان‬
‫حاازب معااارض أو علااى اَلقاال لاايس لااه اغلبيااه داخاال المجلااس‪ ،‬وهنااا يمكاان تصااور قيااام رئاايس المجلااس‬
‫بتحري ااك الرقاب ااة علا اى دس ااتورية القا اوانين إذا ل اام يك اان مقتنع ااا بأحك ااام ال اانص ال ااذي وافق اات علي ااه اَلغلبي ااة‬
‫للدستور«‪.2‬‬

‫‪-2‬نواب وأعضاء البرلمان‪ :‬قام المؤسس الدستوري الجزائري بموجب اإلصالحات الدساتورية لسانة ‪6739‬‬
‫بإدخااال جمل ااة تع ااديالت جوهري ااة مس اات الهيئ ااة المكلف ااة بالرقاب ااة عل ااى دس ااتورية القا اوانين آن ااذاك ممثل ااة ف ااي‬
‫المجلس الدستوري‪ ،‬ومان باين تلاك اإلصاالحات إمكانياة تحرياك الرقاباة علاى دساتورية المعاهادات والقاوانين‬
‫وكااذا التنظيمااات م ان طاارف ممثلااي الشااعب داخاال البرلمااان‪ ،‬ويتعلااق اَلمربخمسااين‪ 37‬نائبااا ماان المجلااس‬
‫الشااعبي ال اوطني وثالثااين ‪17‬عض اوا ماان مجلااس اَلمااة وفقااا لاانص المااادة ‪ ، 6-3/390‬وكااان ذلااك بهاادف‬
‫تفعياال دور الرقابااة علااى دسااتورية القاوانين‪ ،‬إال أن هااذه الخطااوة رغاام ايجابيتهااا التااي ماان بينهااا فسااح المجااال‬
‫أمام المعارضة البرلمانية وتمكينها من المشاركة الفعلية في اَلشاغال البرلمانياة وفاي الحيااة السياساية عماال‬
‫بأحكام المادة ‪331‬من التعاديل الدساتوري سانة ‪ ،6739‬إال أن المؤساس الدساتوري لام يسالم مان االنتقاادات‬
‫التاي وجهاات لااه بساابب ارتفااع النصاااب المشااترط إلخطااار المجلااس الدساتوري وساااهم مساااهمة مباشارة فااي‬
‫حرمان اَلقلية البرلمانية من استخدام حقها في تحرياك الرقاباة علاى دساتورية القاوانين‪ ،‬وفاي ظال ذلاك أبقاى‬
‫المؤسااس الدسااتوري علااى ماانح ن اواب وأعضاااء البرلمااان حااق إخطااار المحكمااة الدسااتورية بموجااب التعااديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ 6767‬ضمن نص المادة ‪ 6/361‬منه‪ ،‬كما عمل على تخفيض النصاب المشاترط لتفعيال‬
‫آليااة اإلخطااار ماان خمسااين ‪ 37‬نائبااا عاان المجلااس الشااعبي الااوطني اَلربعااين ‪ 17‬نائبااا‪ ،‬وبخمسااة وعشارين‬
‫‪ 63‬عضوا عن مجلس اَلمة بدال من ‪ 17‬عضوا‪.‬‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬علي محماد‪ :‬متطلبـات تفعيـل الرقابـة علـى دسـتورية القـوانين فـي ظـل التعـديالت الدسـتورية( الجزائـر والمغـرب أنموذجـا)‪ ،‬مجلاة القاانون‬
‫والمجتمع‪ ،‬عدد‪ ،6739 ،9‬ص‪.316‬‬
‫‪-2‬أحساان غربااي‪ :‬الرقابــة علــى دســتورية الق ـوانين فــي ظــل التعــديل الدســتوري لســنة ‪ ،2222‬مجلااة الحقااوق والعلااوم اإلنسااانية‪ ،‬العاادد ‪ ،71‬ديساامبر‬
‫‪ ،6767‬ص‪.13‬‬

‫‪240‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫غياار أن هااذا الحااق ال يقتصاار علااى ن اواب وأعضاااء المعارضااة فقااط‪ ،‬إذ يمكاان إخطااار المحكمااة‬
‫الدسااتورية ماان قباال ن اواب أو أعضاااء اَلغلبيااة البرلمانيااة‪ ،‬غياار انااه عمليااا ال يتوقااع إقاادام ن اواب وأعضاااء‬
‫مجلااس اَلمااة التااابعين لألغلبيااة البرلمانيااة علااى تحريااك الرقابااة علااى دسااتورية نااص س اواء كااان تش اريعيا أو‬
‫تنظيميا أو معاهدة وذلك لكون التجربة السياسية أثبتت عدم خروج اَلغلبية البرلمانية عن التيار السياساي‬
‫الذي تنتمي إليه السلطة‪.1‬‬

‫ثانيـا‪ :‬إخطـار المحكمـة الدسـتورية مـن طــرف األفـراد بإحالـة قضـائية‪ :‬ال يمكان قياام الديمقراطياة الحقيقيااة‬
‫بمجرد قيام شرطها الشكلي المتمثل بحكم اَلغلبية‪ ،‬وانما هي أيضا حكم القيم اَلساسية وعلى رأسها حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،2‬وعماال باذلك وتحقيقاا لحرياة اللجاوء إلاى القضااء أكاد المؤساس الدساتوري الج ازئاري بموجاب ناص‬
‫المادة ‪ 3/363‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6767‬اساتم ارره فاي التوجاه الاذي مانح مان خاللاه لألفاراد حاق‬
‫الدفع بعدم الدستورية‪ ،‬كونها تشكل أداة فعالة في الحفاظ على الحقوق وحريات المواطنين بما يكفل عادم‬
‫االعتااداء عليهااا ماان كاال خاارق قااد يكااون مصاادره تش اريع أو تنظاايم مشااوب بعاادم الدسااتورية‪ 3‬التااي ج ااء فااي‬
‫نصها أنه‪« :‬يمكن إخطار المحكمة الدستورية بالدفع بعدم الدستورية بناء على إحالة من المحكمة العليا أو‬
‫مجل ااس الدول ااة‪ ،‬عن اادما ي اادعي اح ااد اَلطا اراف ف ااي المحاكم ااة أم ااام جه ااة قض ااائية أن الحك اام التشا اريعي أو‬
‫التنظيمي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ينتهك حقوقه وحرياته التاي يضامنها الدساتور»‪ .‬وعلياه فاان إخطاار‬
‫المحكمة الدستورية بإحالة قضائية يكون كاآلتي‪:‬‬

‫أ‪-‬ض ـوابط إخطــار األف ـراد للمحكمــة الدســتورية‪ :‬عرفنااا سااابقا أن الاادفع بعاادم الدسااتورية هااو إج اراء يساامح‬
‫للخصااوم المتضااررين أثناااء قضااية أو ن ازاع منظااور أمااام القضاااء بالاادفع بعاادم دسااتورية القااانون الااذي ي اراد‬
‫تطبيقه ويتوقف عليه مآل النزاع‪ ،4‬وبتعبير آخر هي آلية يتم بموجبها تحريك رقابة المحكمة الدستورية مان‬
‫طاارف اَلفاراد بإحالااة قضااائية بناااء علااى نازاع مطااروح أمااام القضاااء ماان خااالل الاادفع بعاادم دسااتورية الحكاام‬
‫التشريعي أو التنظيمي الذي يتوقف عليه مآل النزاع أيا كانت طبيعة هذا اَلخيار باعتباار أاان دعاوى الادفع‬
‫بعدم الدستورية دعوى موضوعية تقتصر على فحاص دساتورية الحكام التشاريعي أو التنظيماي الاذي يتوقاف‬

‫‪-1‬أحسن غربي‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪،،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪-2‬عليان بوزيان‪ :‬مظاهر االنحراف الدستوري ومدى الرقابـة عليـه بـين الدسـتور الجزائـري والقضـاء الدسـتوري المقـارن‪ ،‬كلياة الحقاوق جامعاة قطار‪،‬‬
‫العدد المنتظم اَلول‪ ،6736 ،‬ص ‪.09‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Bernard CHANTEBOUT: droit constitutionnel, TOME 1,30eme édition DALLOZ , Paris, 2013,p73.‬‬
‫‪-4‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.160‬‬

‫‪241‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫عليااه الفصاال فااي النازاع المطااروح أمااام القضاااء‪ ،‬ووفقااا لمضاامون المااادة ‪ 3/363‬أعاااله فإنااه يتوجااب إلثااارة‬
‫الدفع بعدم الدستورية توفر شروط ثالثة‪:‬‬

‫‪ -‬وجود ن ازع قائم أمام القضاء أيا كان نوعه‪ ،‬عادي أو إداري ويبادر على إثره أحد اَلطراف المتضررين‬
‫بالطعن بعدم دستورية الحكم التشريعي أو التنظيمي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ‪ ،‬وهو ما يفيد أن دعاوى‬
‫الدفع بعدم الدستورية ال تتم بشكل مباشر أمام القضاء‪.‬‬
‫‪ -‬إثااارة الاادفع ماان قب ال أحااد أط اراف الن ازاع ماادعي أو ماادعى عليااه‪ ،‬كمااا يمكاان أن يكااون ماان اَلشااخاص‬
‫الطبيعية أو اَلشخاص المعنوية‪ ،‬والالفت في اَلمر أن النص أعاله لام يمياز باين الاوطنيين واَلجاناب فاي‬
‫مباشرة حق الطعن مما يفسح المجال للتأويل‪.1‬‬

‫‪ -‬يتعين أن يكون النص التشريعي أو التنظيمي المراد تطبيقه لحل النزاع يشاكل انتهاكاا للحقاوق والحرياات‬
‫المض اامونة ف ااي الدس ااتور‪ ،‬ولع اال م اان المها ام اإلش ااارة ف ااي ها اذا اإلط ااار إل ااى س اابب رب ااط قب ااول الطع اان بع اادم‬
‫الدستورية على اَلقل من الناحية الشكلية بضرورة مساسه وتعارضه ماع أحاد الحقاوق والحرياات التاي يقرهاا‬
‫الدستور‪ ،‬يجد سنده في كون القضاء ليس الضمان اَلساسي لدولة القانون فحسب بل يمثل كذلك الضامان‬
‫اَلساسي لحريات اَلفراد وحقوقهم‪.2‬‬
‫ب‪ :‬ضــوابط إحالــة الجهــات القضــائية للــدفع بعــدم الدســتورية‪ :‬ماان المعلااوم أن اَلصاال فااي اختصاااص‬
‫المحكمااة محاادد ومقيااد بطلااب الماادعي اَلصاالي وبالخصااومة الناشاائة عنااه‪ ،‬فااال تقضااي المحكمااة بااأكثر ممااا‬
‫طلااب منهااا إال أن اختصاااص المحكمااة يمتااد كثي ا ار إلااى مسااائل أخاارى تتفاارع عاان الخصااومة‪ ،‬والتااي منهااا‬
‫المسائل الفرعية أو الطارئة التي تثور أثناء نظار الادعوى وتخاتص بهاا المحكماة بماا لهاا مان والياة تكميلياة‬
‫لواليتها اَلصلية بنظر الطلب اَلصلي‪ ،‬وهنااك أيضاا الادفوع التاي تثاار أثنااء ساير الخصاومة وتخاتص بهاا‬
‫أيضا المحكمة التي تنظر الطلب اَلصالي علاى أسااس تمتعهاا بوالياة تكميلياة وأن مان اخاتص باَلصال لاه‬
‫أن ينظر في الفرع المتولد عنه‪.3‬‬
‫واذا مااا تأكاادت الجهااة القضااائية المثااار أمامهااا طلااب الاادفع بعاادم دسااتورية الحكاام التش اريعي أو التنظيمااي‬
‫الااذي يتوقااف عليااه مااآل النازاع أن فيااه مساااس بااالحقوق والحريااات المكفولااة دسااتوريا كاأن تكااون اإلجاراءات‬
‫المنص ااوص عليه ااا ف ااي التشا اريع أو التنظ اايم تش ااكل خطا ا ار عل ااى حري ااة الم ااتهم ك ااالتوقيف للنظا ار‪ ،‬الح اابس‬

‫‪-1‬شااوقي يعاايش تمااام ورياااض دن اش‪ :‬توســيع إخطــار المجلــس الدســتوري ودوره فــي تطــوير نظــام الرقابــة الدســتورية –مقارب ـة تحليليــة فــي ضــوء‬
‫التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪ ،2222‬مجلة السياسة والقانون‪ ،‬عدد‪ ،31‬أكتوبر ‪ ،6739‬ص‪.393‬‬
‫‪-2‬شوقي يعيش تمام رياض دنش‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.396‬‬
‫‪-3‬نعيمة مجادي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.311‬‬

‫‪242‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫االحتياطي أو تشكل اإلجراءات مساسا بحرمة الحياة الخاصة كالتفتيش‪ ،‬اعتاراض الم ارساالت والتساجيالت‬
‫‪2‬‬
‫الصوتية‪ ،1‬زيادة على تأكدها من استيفاء الدفع بعدم الدستورية للشروط المقررة فإنهاا تصادر قا ار ار بإحالتاه‬
‫إلااى المحكمااة العليااا أو إلااى مجلااس الدولااة حسااب الحالااة‪ ،‬ويكااون ذلااك بق ارار مرفااق مااع ع ارائض اَلط اراف‬
‫ومذكراتهم خالل عشرة ‪37‬ايام من صدوره‪ ،‬ويبلغ إلى اَلطراف وال يكون قابال َلي طعان وفاي هاذه الحالاة‬
‫يتم تأجيل الفصل في الادعوى باساتثناء إن كاان الشاخص محروماا مان الحرياة بساببها‪ ،3‬وبانفس اإلجاراءات‬
‫تباشر دعوى الدفع بعدم الدستورية أمام الجهات القضائية العليا التاي يتعاين عليهاا الفصال فاي إحالاة الادفع‬
‫بعدم الدستورية إلاى المحكماة الدساتورية فاي آجال شاهرين ‪ 76‬ابتاداء مان تااريخ اساتالمها لإلرساال الخااص‬
‫بااه ويكااون ذلااك علااى ساابيل اَلولويااة‪ ،‬هااذا ويااتم إعااالم الجهااة القضااائية التااي أرساالت الاادفع بعاادم الدسااتورية‬
‫بقرار المحكمة العليا أو مجلس الدولة‪ ،‬كما يبلغ أطراف النزاع في أجل عشرة ‪ 37‬أيام من تاريخ صدوره‪.4‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أنه يمكان إثاارة الادفع بعادم الدساتورية مباشارة أماام المحكماة العلياا أو مجلاس الدولاة‬
‫خالل خصومة ينظران فيها أول وآخر درجة وفقا لنص المادة ‪3/76‬من القانون العضوي ‪. 39-39‬‬
‫وبإحالااة طلااب الاادفع بعاادم الدسااتورية إلااى المحكمااة الدسااتورية ينعقااد اختصاصااها الرقااابي مباشارة بعااد تقييااد‬
‫رسالة اإلخطار على مستوى مصالحها سواء كانت اإلحالة بقرار من الجهات القضائية العلياا وهاو اَلصال‬
‫فااي اإلحالااة‪ ،‬لكاان إذا لاام يااتم فصاال الجهااات القضااائية العليااا فااي طلااب الاادفع بعاادم الدسااتورية فااي اآلجااال‬
‫المحددة فإنه يحال تلقائيا إلى المحكمة الدستوري للنظر فيه عمال بأحكاام الماادة ‪67‬مان القاانون العضاوي‬
‫‪،39-39‬ليكااون عليهااا بااذلك الفصاال فااي موضااوعه فااي أجاال أربعااة ‪ 71‬أشااهر كأقصااى حااد عمااال بأحكااام‬
‫المااادة ‪ 6/363‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬ابتااداء ماان تاااريخ اإلحالااة‪ ،‬وكاسااتثناء علااى ذلااك يمكاان‬
‫للمحكمة الدستورية تمديد هذا اَلجل مرة واحدة أقصاها أربعة ‪ 71‬أشهر أخرى‪ ،‬ويكون ذلك بناء على قرار‬
‫مسبب من المحكمة الدستورية ويبلغ إلى الجهة صاحبة اإلخطار‪.‬‬
‫ورغام أن نظاام اإلحالااة مان طارف الجهااات القضاائية العلياا فيااه حفااظ علاى مكانااة القضااء وساالطة‬
‫الهيئات القضائية العليا من خاالل مارور دعاوى الادفع بعادم الدساتورية علاى هاذه الهيئاات قبال وصاوله إلاى‬

‫‪-1‬أحسن غربي‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6767‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪-2‬إيهاب محمد عباسي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.693‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 76‬و‪ 33‬من القانون العضوي رقم ‪ ،39-39‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪-4‬أنظر‪ /‬المواد ‪ 30‬و‪ 36‬من نفس المصدر‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫الهيئااات القض ااائية الدسااتورية‪ ،1‬إال أن ااه كااان يفت اارض بالمؤسااس الدس ااتوري التخلااي عن ااه لتبساايط إجااراءات‬
‫التقاضي حفاظا على حقوق المتقاضين المرتبطة بالدعوى اَلصلية‪.‬‬
‫ويعتبر االختصاص الرقابي للمحكمة الدستورية على الدفع بعدم الدستورية من بين االختصاصات‬
‫التي تجعل رقابتها رقابة قضائية لكونها رقابة الحقة علاى صادور القاانون ونفااذه أو تطبيقاه‪ ،‬ومان ثام فهاي‬
‫تفترض أننا إزاء قانون استوفى إجراءات إق ارره واصداره‪.2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات سير عمل المحكمة الدستورية‬
‫تحظى الرقابة على دستورية القوانين في النظام القانوني الجزائري بأهمية بالغة‪ ،‬وهو ما يفسر إعادة هيكلة‬
‫الهيئة المكلفة بها بمناسبة كل تعاديل دساتوري بهادف جعلهاا الدعاماة اَلساساية لتأسايس دولاة القاانون التاي‬
‫يعل ااى ف ااي ظله ااا الدس ااتور وتص ااان فيه ااا الحق ااوق والحري ااات‪ ،‬ف ااي إط ااار ذل ااك ش ااهدت ال اابالد عل ااى ض ااوء‬
‫اإلص ااالحات الدس ااتورية لس اانة ‪6767‬ال اانص عل ااى إنش اااء محكم ااة دس ااتورية تفص اال بتكلي ااف م اان المؤس ااس‬
‫الدستوري في مواضيع رسائل اَلخطاار الموجهاة إليهاا‪ ،‬لاتخلص اثار ذلاك إلاى قا اررات ملزماة للسالطات كماا‬
‫اَلفراد‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التحقيق والمداوالت‪ :‬تمارس المحكماة الدساتورية اختصاصااتها المنبثقاة مان الدساتور والتاي تنعقاد لهاا‬
‫بمجاارد تلقيهااا رسااالة اإلخطااار بخصااوص أي منهااا‪ ،‬وبااالرجوع إلااى النظااام المحاادد لقواعااد عماال المجلااس‬
‫الدستوري لسنة ‪ 6736‬نجد انه قد حدد لنا مراحل واجراءات دراسة رسالة اإلخطار بعد إيداعه كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬تصاابح المحكمااة الدسااتورية ملزمااة بالبحااث فااي موضااوع رسااالة اإلخطااار بمجاارد اسااتالمها‪ ،‬ويكااون ذلااك‬
‫سااواء بقبااول النظاار أو بعدمااه حيااث أن لهااا فااي ذلااك كاماال الساالطة التقديريااة وفااي حااال قبولهااا الفصاال فااي‬
‫موضااوع رسااالة اإلخطااار يقااوم رئيسااها بتعيااين مقاارر أو أكثاار حسااب الحالااة للتكفاال بمهمااة التحقيااق فااي‬
‫موضااوع رسااالة اإلخطااار وتحضااير تقرياار بخصوصااها وكااذا إعااداد مشااروع ق ا ارر‪ ،3‬وفااي ساابيل ذلااك خااول‬
‫المقاارر االسااتعانة بكاال مااا ماان شااأنه تسااهيل مهامااه ماان معلومااات ووثااائق كمااا يمكنااه استشااارة خب اراء فااي‬
‫الموضوع بعد الحصول على موافقة رئيس المحكمة الدستورية‪ ،4‬وبعد انتهاء المقرر من المهام المكلف بها‬

‫‪1‬‬
‫‪- Antoni PANAGOPOULOUS: Modèle américain ou modèle européen de justice constitutionnelle ? étude‬‬
‫‪comparative a travers le cas Hellénique, Thèse pour le doctorat en droit ;Aix Marseille ;Ecole doctorale‬‬
‫‪science juridique et politique ;France ;2011 ,p180.‬‬
‫‪-2‬أنظر‪ /‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.163‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 19‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪-4‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 10‬من نفس المصدر‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫يسلم إلى رئيس المحكمة الدستورية وكاذا أعضاائها نساخة مان ملاف اإلخطاار وتكاون مرفقاة بتقريار مفصال‬
‫على موضوع اإلخطار فضال عن مشروع الق ارر‪.1‬‬
‫وكمرحلااة الحقااة النتهاااء عض ااو المحكمااة الدسااتورية ماان عملي ااة التحقيااق تنعقااد جلسااة الم ااداوالت‬
‫باستدعاء من رئيسها ليتم خاللها االستماع إلى العضو المقارر ود ارساة موضاوع رساالة اإلخطاار باإلجمااع‬
‫ويكون ذلك في جلسة مغلقة تتخذ أثناءها المحكماة قرارهاا بأغلبياة أعضاائها‪ ،2‬وفاي حاال تسااوي اَلصاوات‬
‫يكون صوت الرئيس مرجحا‪ ،3‬هذا ويتعاين علاى المحكماة الدساتورية الفصال فاي مواضايع رساائل اإلخطاار‬
‫المودعة على مستوى مصالحها في اجل أقصاه ثالثون ‪17‬يوما ابتداء من تاريخ استالمها والذي يمكن أن‬
‫يخفض إلى اجل عشرة ‪ 37‬أيام بناء على طلب من رئيس الجمهورية عمال بنص المادة ‪ 361‬من التعديل‬
‫الدستوري لسنة ‪.6767‬‬
‫ثانيا‪ :‬طبيعـة أحكـام المحكمـة الدسـتورية‪ :‬أشاار المؤساس الدساتوري الج ازئاري إلاى أن المحكماة الدساتورية‬
‫ملزمة بالفصل في مواضيع اإلخطار بقارار‪ ،4‬وباعتباار أن المنازعاة الدساتورية ذات طبيعاة موضاوعية فاان‬
‫ذلااك يسااتتبعه ضاارورة التسااليم بحجياة اَلحكااام الفاصاالة فيهااا ومااا يجااب اإلشااارة إليااه هنااا أن الحكاام الصااادر‬
‫عن المحكمة الدستورية ال يخرج عن اَلمرين إما رفض اإلخطار ومن ثم إقارار دساتورية القاانون المطعاون‬
‫فيااه وامااا قبااول اإلخطااار والقضاااء بعاادم دسااتوريته‪ ،5‬وقااد ميااز المؤسااس الدسااتوري الق ا اررات الصااادرة عاان‬
‫المحكمااة الدسااتورية بحجيااة مطلقااة فااي كااال الحااالتين ماان خااالل نااص المااادة ‪ 3/369‬بقولااه أنااه‪ «:‬تكااون‬
‫ق اررات المحكمة الدستورية نهائية وملزمة لجميع السلطات العمومية واإلدارية والقضائية«‪ ،‬لتتجه لذلك إرادة‬
‫المؤسااس الدسااتوري إلق ارار عاادم قابليااة ق ا اررات المحكم ااة الدسااتورية للطعاان فضااال علااى طابعهااا اإلل ازم ااي‬
‫للجميع سواء كانت جهات رسمية أو غيرها‪.‬‬
‫ونشير هنا إلى أن اَلحكام الخالصة غير المركبة التي تصدر عان المحكماة الدساتورية تناتج أثرهاا‬
‫بغياار شاارط أو تحفااظ وقااد عرفهااا اَلسااتاذ" وجاادي ارغااب فهمااي" بأنهااا «اَلحكااام التااي تفصاال فااي الطلبااات‬
‫والاادفوع الموضااوعية كتلااك التااي تجيااب الخصاام إلااى طلباتااه الموضااوعية أو تقضااي برفضااها»‪ ،‬وفااي هااذا‬
‫الفرض ينتهي القضاء الدستوري إلى مخالفة النص القانوني للدستور بالحكم بعادم دساتورية الانص ومان ثام‬
‫يكتسب حجية تمنع من إعادة طرحه‪.‬‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 19‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،6736‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪-2‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 17‬من نفس المصدر‪.‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 3/360‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6767‬المصر السابق‪.‬‬
‫‪-4‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 361‬من نفس المصدر‪.‬‬
‫‪-5‬أنظر‪ /‬نعيمة مجادي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.619‬‬

‫‪245‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫أمااا إذا لاام تاارى المحكمااة الدسااتورية فااي الاانص التشاريعي أو التنظيمااي المطعااون فيااه بعاادم دسااتورية انااه ال‬
‫تشوبه شائبة عدم الدستورية فان المحكمة الدستورية تقضي برفض الطعن‪.1‬‬
‫أمااا عاان أثاار ق ا اررات المحكمااة الدسااتورية فإنهااا تنااتج ابتااداء ماان تاااريخ صاادورها‪ ،‬هااذا بالنساابة للنصااوص‬
‫القانونية التي دخلت حيز التنفيذ‪ ،‬أي بالنسبة للرقابة الالحقة باستثناء ما تعلق منهاا بالادفع بعادم الدساتورية‬
‫الذي يفقد أثره ابتداء من يوم صدور قرار المحكمة الدستورية‪،‬أما بالنسبة للقوانين غير النافذة ويتعلق اَلمر‬
‫فيها بالرقابة السابقة فال يتم إصدارها‪.2‬‬
‫وبااذلك قضااى المؤسااس الدسااتوري ماان خااالل نااص المااادة ‪ 369‬ماان التعااديل الدسااتوري لس اانة ‪ 6767‬أن‬
‫ق ا اررات المحكمااة الدسااتورية هااي ق ا اررات نهائيااة تحااوز الحجيااة المطلقااة وتكااون ملزمااة للكافااة‪ ،‬ويتعااين علااى‬
‫السالطات العموميااة واإلدارياة والقضااائية التقياد بهااا وذلاك علااى أسااس أن الاادعاوى الدساتورية هااي بطبيعتهااا‬
‫دعاااوى عينيااة توج اه الخصااومة فيهااا النصااوص القانونيااة المطعااون فيهااا بعيااب دسااتوري‪ ،‬لااذا فااإن الق ا اررات‬
‫الصااادرة فيهااا تكااون لهااا حجيااة مطلقااة بحيااث ال يقتص اار أثرهااا علااى الجهااات التااي حركاات الرقابااة وانم ااا‬
‫ينصرف اَلثر للكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة‪.3‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام الدستوري الختصاصات المحكمة الدستورية‬
‫تعنااي الرقابااة القضااائية التااي تتوالهااا المحكمااة الدسااتورية تلااك الرقابااة التااي ياانص عليهااا الدسااتور‬
‫لفحااص دسااتورية القاوانين الصااادرة عاان البرلمااان والتحقااق ماان ماادى مطابقتهااا أو مخالفتهااا لقواعااد الدسااتور‬
‫حيث تعتبر رقابة قانونية بحتاة وال تقاوم إالإذا كانات هنااك مساألة قانونياة‪ ،4‬والرقاباة التاي خولهاا المؤساس‬
‫الدستوري سنة ‪ 6767‬للمحكمة الدستورية متشاعبة ومتنوعاة تعبيا ار عان أهمياة دور المحكماة الدساتورية فاي‬
‫الحياة القانونية للدولة من جهاة‪ ،‬واعتمااده لصاورتي الرقاباة الساابقة وكاذا الرقاباة الالحقاة علاى القاوانين مان‬
‫جهة أخارى (المطلاب اَلول)‪ ،‬ورغام تشاعب االختصاصاات الرقابياة للمحكماة الدساتورية وتعادد صاورها‪ ،‬إال‬
‫أن الغاية منها واحدة وهي السهر على احترام الدستور وسمو مبادئه (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬االختصاصات الرقابية للمحكمة الدستورية‬
‫تقاوم المحكمااة الدسااتورية فااي مجااال اختصاصااها الرقااابي علاى دسااتورية القاوانين وهااو اختصاااص ياادور فااي‬
‫مجملااه حااول ماادى التازام الساالطات بحاادودها الدسااتورية فااي ساانها للق اوانين‪ ،‬وبعبااارة أخاارى النظاار فااي ماادى‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬أالء مهدي مطر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 369‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪-2‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 369‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6767‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪-3‬أحسن غربي‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪-4‬سميرة علي جمعة الوافي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬

‫‪246‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫توافااق القااانون مااع الدسااتور ماان عدمااه وانطالقااا ماان هااذا المنطااق عهااد المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري بهااذا‬
‫االختصاص إلى المحكمة الدستورية دون سواها (الفرع اَلول)‪ ،‬فضال عن اختصاصات دستورية أخرى لم‬
‫تخرج في مجملها عن تلك التي عهد بها إلى المجلس الدستوري سابقا(الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬رقابة المحكمة الدستورية على التشريعات الوطنية والدولية‬
‫تنقسم الرقابة التي تمارسها المحكمة الدستورية على النصوص القانونية سواء كانت النصوص فاي‬
‫شااكل معاهاادات دوليااة أو قاوانين عضااوية أو قاوانين عاديااة أو أواماار أو تنظيمااات إلااى رقابااة سااابقة وأخاارى‬
‫الحقة رقابة سابقة وقائية تسبق النص القانوني وتحول دون صدوره إذا كان مخالفا للدستور‪ ،‬ورقابة الحقاة‬
‫تخص النصوص القانونية السارية المفعول وهي دائما جوازية‪.1‬‬
‫أوال‪ :‬الرقابــة الســابقة‪ :‬الرقابااة السااابقة هااي رقابااة تساابق إصاادار القااانون وتكااون فااي الغالااب اَلعام مااا بااين‬
‫السن أي اتخاذ كافة المراحل التشريعية التي تتم في البرلماان بماا فيهاا إقا ارره بصافة نهائياة واجاراء إلصادار‬
‫الذي يقوم به رئيس الجمهورية ويعطي الشرعية والنفاذ لقانون مكتمل‪ ،2‬وللرقابة السابقة أهمياة بالغاة كونهاا‬
‫تعاد حمايااة للقاوانين ماان المخالفااات الدساتورية قبال الخاوض فااي تطبيقهااا وترتياب نتااائج قانونياة علااى أثرهااا‪،‬‬
‫فض ااال عل ااى أنه ااا تمك اان م اان تجن ااب اَلخط اااء الدس ااتورية قب اال وقوعه ااا‪ ،3‬وف ااي إط ااار ذل ااك مي ااز المؤس ااس‬
‫الدستوري الجزائري بين نوعين من الرقابة السابقة اَلولى منها وجوبية أما الثانية فاختيارية‪.‬‬

‫أ‪ -‬الرقابة السابقة الوجوبية‪ :‬خص المؤسس الدستوري الجزائري طائفة من القوانين في مجال الرقابة على‬
‫دسااتورية القاوانين بإخضاااعها وجوبااا لرقابااة المحكمااة الدسااتورية ويتعلااق اَلماار هنااا باالقوانين العضااوية وكااذا‬
‫اَلنظمااة الداخليااة لغرفتااي البرلمااان واَلواماار الرئاسااية والتااي تحااال علااى المحكمااة الدسااتورية بصاافة إلزاميااة‬
‫وهي رقابة مطابقة‪.‬‬

‫‪-3‬رقابــة القـوانين العضــوية والنظــام الــداخلي لغرفتــي البرلمــان‪ :‬تطااال الرقابااة الوجوبيااة السااابقة كاال ماان‬
‫الق اوانين العضااوية والنظااام الااداخلي لغرفتااي البرلمااان بإخطااار ماان رئاايس الجمهوريااة عمااال بأحكااام المااادة‬
‫‪ 9-3/367‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6767‬واخضاع القوانين العضوية لرقابة وجوبية شاأنها فاي ذلاك‬
‫شاأن النظاام الااداخلي لغرفتاي البرلمااان ينطلاق مان خصوصااية هاذه الفئااة مان القاوانين المسااتمدة مان نظامهااا‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬أحسن غربي‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪-2‬إيهاب محمد عباس إبراهيم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪-3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.31‬‬

‫‪247‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫الخ اااص‪ ،‬وَلهميته ااا العملي ااة وق اادرتها عل ااى الت ااأثير ف ااي النظ ااام السياس ااي والدس ااتوري لل اابالد‪ ،1‬فضا اال ع اان‬
‫اخااتالف القا اوانين العض ااوية ع اان القا اوانين العاديا اة م اان حي ااث طبيعته ااا واجا اراءات س اانها ومرتبته ااا ف ااي ه اارم‬
‫المنظوم ااة القانوني ااة للدول ااة باعتباره ااا امت ااداد للدس ااتور ومكمل ااة ل ااه كم ااا ت اادخل ف ااي مجال ااه‪ ،2‬وب ااذلك يك ااون‬
‫المؤسس الدساتوري قاد أكاد علاى رسام طرياق محاددة التصاال المحكماة الدساتورية برقاباة المطابقاة باالقوانين‬
‫العضوية والنظام الداخلي لغرفتي البرلمان والمتمثلة في تحريكها بإخطار من طرف رئيس الجمهورية‪.3‬‬

‫هذا وقد أشار المؤسس الدستوري في نص المادة ‪ 6/317‬على أن يخضاع القاانون العضاوي قبال‬
‫إصااداره لمراقبااة مطابقتااه َلحكااام الدسااتور ماان طاارف المحكمااة الدسااتورية‪ ،‬وكااذلك اَلماار بالنساابة للنظااام‬
‫ال ااداخلي لك اال م اان غرفت ااي البرلم ااان عما اال بأحك ااام الم ااادة ‪ 9/367‬م اان التع ااديل الدس ااتوري لس اانة ‪،6767‬‬
‫ويعرض هذه الطائفة من القوانين على المحكمة الدستورية لتفصل في مطابقتها بموجب قرار إما بالمطابقة‬
‫من حيث الشاكل والموضاوع معاا فيكاون لارئيس الجمهورياة إصادارها‪ ،‬واماا بخاالف ذلاك‪ -‬عادم المطابقاة‪-‬‬
‫وال يمكن لرئيس الجمهورية في هذه الحالة إصدار النص طبقا للمادة ‪ 6/369‬من التعديل الدستوري لسنة‬
‫‪.6767‬‬

‫أمااا بالخصااوص النظااام الااداخلي لغرفتااي البرلمااان فلاام يحاادد المؤسااس أماار التص اريح بعاادم مطابقااة‬
‫أحكامه للدستور‪ ،‬ويرى "اَلستاذ أحسان غرباي" بشاأن ذلاك أناه إذا قاررت المحكماة الدساتورية عادم مطابقاة‬
‫النظام الداخلي للدستور فيتم تأجيل العمل به ويتعين على الغرفة المعنية النظر فيه على ضاوء ماا تضامنه‬
‫قارار المحكمااة الدسااتورية بخصوصااه وعرضااه ماان جديااد علااى المحكمااة الدسااتورية بإتباااع نفااس اإلج اراءات‬
‫السابقة‪.4‬‬

‫‪ -2‬الرقابة على األوامر الرئاسية‪ :‬أخضع المؤسس الدستوري الجزائري وَلول مرة اَلوامر الرئاسية للرقاباة‬
‫الوجوبيااة بموجااب نااص المااادة ‪ 6/316‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬بقولهااا أنااه‪ «:‬يخطاار رئاايس‬
‫الجمهورية وجوبا المحكمة الدستورية بشأن دساتورية هاذه اَلوامار علاى أن تفصال فيهاا فاي أجال عشارة ‪37‬‬
‫أيااام»‪ .‬وتعاارف اَلوام ار الرئاسااية بأنهااا «عبااارة عاان ق ا اررات صااادرة عاان الساالطة التنفيذيااة بشااأن أحااداث ال‬

‫‪1‬‬
‫‪- George BURDEAU et Francis HAMON et Michel TROPER: droitconstitutionnle ; LGDJ‬‬
‫‪.Paris ;1997;p 688.‬‬
‫‪-2‬جمال بن سالم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.679‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬شيرزاد شكري طاهر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.369‬‬
‫‪-4‬أحسن غربي‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.17‬‬

‫‪248‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫تحتمال التأخير‪،‬وقااد تصاادر بشااكل م ارسايم أو قا اررات لهااا قااوة القااانون»‪.1‬وتساتمد الساالطة التنفيذيااة حقهااا فااي‬
‫إصاادار هااذه الل اوائح ماان الدسااتور مباش ارة لمااا تنطااوي عليااه ماان خطااورة علااى حقااوق اَلف اراد وحرياااتهم فااي‬
‫الظروف االستثنائية‪ ،‬إذ أنه قد يترتب على صدورها تعطيل بعض أحكام الدستور‪.2‬‬

‫ولكي يحظى التشريع عن طريق اَلوامر بالشرعية الدستورية بقبوله مان طارف المحكماة الدساتورية‬
‫فإن ااه الب ااد م اان اس ااتيفائه للش ااروط الش ااكلية والموض ااوعية الت ااي ح ااددها ن ااص الم ااادة ‪ 6/316‬م اان التع ااديل‬
‫الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬والتااي طبقاا لهااا يكااون لارئيس الجمهوريااة التشاريع عاان طريااق اَلواماار فااي المسااائل‬
‫العاجلااة فااي حااال شااغور المجلااس الشااعبي الااوطني أو خااالل العطلااة البرلمانيااة بعااد أخااذ رأي مجلااس الدولااة‬
‫بشااأنها‪ ،‬وقااد حاادد المؤس ااس الدسااتوري أجاال عشا ارة ‪ 37‬أيااام يكااون خاللهااا للمحكم ااة الدسااتورية الباات ف ااي‬
‫دسااتورية اَلواماار الرئاسااية وعلااة ذلااك راجعااة إلااى كونهااا ذات طبيعااة متميازة حيااث تتضاامن أحكامهااا الاانص‬
‫علااى معالجااة ساريعة لمواجهااة الظاروف االسااتثنائية التااي يمكاان أن تتعاارض لهااا الدولااة فااي غياااب البرلمااان‬
‫ص اااحب االختص اااص اَلص اايل بالتشا اريع‪ ،‬أم ااا بخص ااوص ميع اااد إخط ااار المحكم ااة الدس ااتورية بش ااأنها فل اام‬
‫يتطرق له المؤسس الدستوري‪ ،‬إال أن ذلك يجب أن يكون قبل عرضها علاى البرلماان للموافقاة عليهاا عماال‬
‫بأحكام المادة ‪ 1/316‬من التعديل الدستوري لسنة ‪.6767‬‬

‫ورغم النص على عرض اَلوامر الرئاسية وجوبا على رقابة المحكمة الدستورية إال أن المؤسس‬
‫الدستوري نص فضال ع لى ذلك على عرضها على كل غرفة من البرلمان في بداية الدورة القادمة لتوافق‬
‫عليها‪ ،3‬وفي حال قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية اَلوامر الصادرة عن رئيس الجمهورية فإنها‬
‫تفقد أثرها ابتداء من تاريخ صدور قرار المحكمة الدستورية دون إعمال لألثر الرجعي حفاظا على الحقوق‬
‫المكتسبة‪.4‬‬

‫وبإخضاع المؤسس الدستوري الجزائري اَلوامر الرئاسية للرقابة الوجوبية السابقة يكون قد استجاب‬
‫للمطالااب المناديااة بااذلك نظ ا ار َلهميااة المواضاايع التااي يتاادخل رئاايس الجمهوريااة لتنظيمهااا بواسااطة اَلواماار‬
‫والتاي تعناى فاي الكثياار منهاا بحقااوق اَلفاراد وحرياااتهم اَلساساية‪ ،‬فضااال عان تمتااع رئايس الجمهوريااة بحريااة‬

‫‪-1‬أنظر‪ /‬شيرزاد شكري طاهر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬و‪:‬‬


‫‪-GeorgeMORANGE: Lecontrôledesdécisionsprisesenvertudel'article16,Dalloz, Paris, 1995, p 1131.‬‬
‫‪-2‬شيرزاد شكري طاهر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪-3‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 1-6/316‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6767‬المصدر السابق‪ .‬و‪:‬‬
‫‪- André HAURIOU: Droit constitutionnel et institutions politiques, Monchrestien, Paris, France, 1970, p841.‬‬
‫‪-4‬أحسن غربي‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪249‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫تامة فاي إعاداد واصادار تلاك اَلوامار دون عرضاها للموافقاة البرلمانياة هاذا إن لام يكان التشاريع قاد تام أثنااء‬
‫شاغور المجلاس الشاعبي الااوطني كماا هاو الحااال فاي وقتناا الاراهن‪ ،‬وهاي فاي مجملهااا اعتباارات تبارز أهميااة‬
‫إخضاع اَلوامر الرئاسية لرقابة وقائية سابقة‪.‬‬

‫ب‪-‬الرقابــــة الســــابقة االختياريــــة‪ :‬وفق ااا لااانص الما ااادة ‪ 367‬م اان التعا ااديل الدس ااتوري لس اانة ‪ ،6767‬فإنا ااه‬
‫باإلض ااافة إل ااى االختصاص ااات الت ااي خولته ااا إياه ااا صا اراحة أحك ااام أخ اارى م اان الدس ااتور تفص اال المحكم ااة‬
‫الدسااتورية بقارار فااي دسااتورية المعاهاادات والقاوانين والتنظيمااات‪ ،‬ويكااون لهااا ذلااك فااي إطااار رقابااة اختياريااة‬
‫س ااابقة بخص ااوص المعاه اادات والقا اوانين والتنظيم ااات‪ ،‬وه ااي رقاب ااة تس ااتهدف صا اون الدس ااتور وحمايت ااه م اان‬
‫الخروج على أحكاماه باعتبااره القاانون اَلسامى واَلساساي فاي الدولاة والاذي يرساي اَلصاول والقواعاد التاي‬
‫يقوم عليها نظام الحكم في الدولة‪.1‬‬

‫‪-2‬الرقابــة علــى دســتورية المعاهــدات الدوليــة‪ :‬حساام المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري بموجااب اإلصااالحات‬
‫الدساتورية لساانة ‪ 6767‬أماار الجادل الااذي كااان قائماا بخصااوص إخضاااع اتفاقياات الهدنااة ومعاهاادات الساالم‬
‫للرقابة اإللزامية قبل هذا التاريخ وذلك ضمن أحكام المادة ‪ 376‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬بقوله‬
‫أنااه‪ « :‬يوقااع رئاايس الجمهوريااة اتفاقيااات الهدنااة ومعاهاادات الساالم‪ ،‬يلااتمس رئاايس الجمهوريااة رأي المحكمااة‬
‫الدستورية بشأن االتفاقيات المتعلقة بهما‪ .‬يعرض رئيس الجمهورية تلك االتفاقيات فو ار علاى كال غرفاة مان‬
‫البرلمان لتوافق عليها صراحة»‪ ،‬وهو ما يفيد استبعاد إجراء عرضها اإللزامي لرقابة المطابقة وفاي حاال تام‬
‫التماااس رأي المحكمااة الدسااتورية بشااأنها بطلااب ماان رئاايس الجمهوريااة فانااه عليهااا أن تفصاال فااي موضااوع‬
‫اإلخطااار بخصااوص هااذا النااوع ماان المعاهاادات ماان الناحيااة الشااكلية وكااذا ماان الناحيااة الموضااوعية‪ ،‬فااإذا‬
‫قضت بعدم دستوريتها فإنه ال يتم التصديق عليها من طرف رئيس الجمهورياة‪ ،‬وذلاك لمخالفتهاا وتعارضاها‬
‫مااع الدسااتور‪ ،‬وخصوصااا فااي حالااة التعااارض بااين اَلحكااام الموضاوعية فااي المعاهاادات وأحكااام الدسااتور إذ‬
‫تعد المعاهدة المخالفة للدستور غير دستورية‪.2‬‬
‫ليقااوم رئ اايس الجمهوري ااة بعرض ااها عل ااى البرلم ااان ف ااور تلقيا اه رأي المحكم ااة الدس ااتورية بخصوص ااها‬
‫واخضاااع المؤسااس الدسااتوري لهااذه الطائف اة ماان المعاهاادات إلج اراءات رقابيااة ذات طااابع اسااتعجالي ارجااع‬
‫إلى الطبيعة الحساسة لمواضيعها‪ ،‬وهو ما جعال مناه أمار يتطلاب فورياة الفصال فاي شاأن دساتوريتها‪ ،‬وهاو‬

‫‪ -1‬أحسن غربي‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬لمرجع السابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ -2‬أحسن غربي‪:‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.17‬‬

‫‪250‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫مااا يؤكااده نااص المااادة ‪ 91‬ماان النظااام المحاادد لقواعااد عماال المجلااس الدسااتوري الااذي نااص علااى أن يباادي‬
‫المجلس "رأيه فورا" بمعنى أن يكون إبداء الرأي على سبيل االستعجال‪.‬‬
‫كمااا أبق ااى علااى إخض اااع مااا دونه ااا ماان المعاه اادات الدوليااة لرقاب ااة اختياريااة م اان طاارف المحكم ااة‬
‫الدستورية قبل التصديق عليها وفقا لنص المادة ‪ 6/367‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬بقولها أناه‪« :‬‬
‫يمكاان إخطااار المحكمااة الدسااتورية بشااأن دسااتورية المعاهاادات قباال التصااديق عليهااا‪ »..‬وهااو مااا يعنااي عاادم‬
‫إمكانية إخضاع المعاهدات الدولية لرقابة الحقاة بعاد دخولهاا حياز النقااد بالمصاادقة‪ ،‬وماع أن الرقاباة علاى‬
‫المعاهاادات الدوليااة تخضااع للرقابااة االختياريااة إال أنهااا تشااترك مااع اتفاقيااات الهدنااة‪ ،‬ومعاهاادات الساالم فااي‬
‫عدم المصادقة إذا قضت المحكمة الدستورية بعدم مطابقة أحكامها للدستور‪.‬‬

‫‪-2‬الرقابــة علــى دســتورية الق ـوانين العاديــة‪ :‬بإمكااان المحكمااة الدسااتورية وفقااا لاانص المااادة ‪ 6/367‬ماان‬
‫التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬أن تراقب وقائيا وبصورة اختيارياة دساتورية القاوانين العادياة قبال صادورها‪،‬‬
‫فااي حااال إثااارة اإلخطااار بشااأنها ماان ط ارف الهيئااات المنصااوص عليهااا فااي نااص المااادة ‪ 361‬ماان التعااديل‬
‫الدستوري لسنة ‪،6767‬لتكون بذلك الرقابة التي تخضع لها القوانين العادية اختيارياة ساابقة فقاط شاأنها فاي‬
‫ذلااك شااأن المعاهاادات الدوليااة‪ ،‬باسااتثناء إثااارة رقابااة الحقااة عليهااا عاان طريااق الاادفع بعاادم الدسااتورية‪ ،‬وفااي‬
‫حالاااة قا ااررت المحكما ااة الدساااتورية عااادم دسا ااتورية القا ااانون الع ااادي فإنا ااه ال ي ااتم إص ااداره ما اان قبااال رئا اايس‬
‫الجمهورية‪.1‬‬

‫غيرأن المؤسس الدساتوري لام يتطارق لمساألة التصادي مان قبال المحكماة الدساتورية للانص ككال أو‬
‫أنها تكتفي بالمواد محل اإلخطار‪ ،‬بينما يفهم من نص المادة ‪ 369‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬أن‬
‫المحكمة الدستورية يمكنها التصريح بعدم دستورية القانون بأكمله دون االكتفاء باالمواد محال اإلخطاار كماا‬
‫كان معموال به سابقا من قبل المجلس الدستوري‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرقابة الالحقة‪ :‬يقصد بالرقابة الالحقة على دستورية القوانين تلك الرقابة التي تباشر على‬
‫التصرف القانون الذي ولج حيز التنفيذ‪ ،3‬وفي هذا اإلطار خول المؤسس الدستوري الجزائري المحكمة‬
‫الدستورية سلطة النظر في دستورية التنظيمات بعد صدورها في إطار الرقابة الالحقة االختيارية‪ ،‬ومن‬

‫‪-1‬أنظر المادة ‪ 6/369‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6767‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪-2‬أحسن غربي‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪-3‬عزيز جمام‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.376‬‬

‫‪251‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫مظاهر توسيع مجال رقابة المحكمة الدستورية االختيارية على دستورية القوانين في إطارها الالحق رقابة‬
‫توافق القوانين والتنظيمات مع المعاهدات‪.‬‬

‫أ‪-‬رقابة دستورية التنظيمات‪ :‬أوكلت المادة ‪ 313‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬لرئيس‬
‫الجمهورية مهمة تنظيم المسائل غير المخصصة للمجال التشريعي وهو مجال غير حصري كما أشرنا إلى‬
‫ذلك في الباب اَلول من هذه الدراسة‪ ،‬وينعقد اختصاص المحكمة الدستورية بالنظر فيها في حال‬
‫إخطارها من طرف الجهات المحددة في نص المادة ‪ 361‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6767‬شرط أن‬
‫يكون ذلك خالل شهر واحد من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية وذلك عمال بأحكام المادة ‪ 1/367‬من‬
‫نفس التعديل الدستوري‪.‬‬

‫وفي حال انقضاء الشهر سقط حق جهات اإلخطار في تحريك الرقاباة ضاد الانص ويبقاى سابيل الرقاباة‬
‫عليه ااا مفتوحا اا ض اامن آلي ااة ال اادفع بعا ادم الدس ااتورية إذا تحقق اات ش ااروطه أو اللج ااوء إل ااى مجل ااس الدول ااة قب اال‬
‫انقضاء آجال الطعن القضائي وهي أربعة ‪ 71‬أشهر طبقا لنص المادة ‪ 966‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪.1‬‬
‫ب‪ -‬رقابة توافق القوانين والتنظيمات مع المعاهـدات‪ :‬مان المؤكاد أن النظاام القاانوني الادولي ال يمكان‬
‫أن ينفصل بأي حال من اَلحوال عن النظام الداخلي‪ ،‬باعتبار أن الادول هاي الالعاب الرئيساي فاي النظاام‬
‫الق ااانوني ال اادولي‪ ،‬واذا ك ااان التشا اريع ه ااو المص اادر الرئيس ااي للق ااانون ف ااي غالبي ااة دول الع ااالم ف ااان التشا اريع‬
‫الدولي‪ -‬معاهدة – هو المصدر الرئيساي للقاانون الادولي علاى اإلطاالق‪ ،2‬لاذا كفال الدساتور الج ازئاري مبادأ‬
‫الس اايادة لالتفاقي ااات داخ اال بني ااة الق ااانون ال ااوطني‪ ،‬وأي خ اارق له ااا بع ااد التص ااديق عليه ااا م اان ط اارف رئ اايس‬
‫الجمهورياة وفقااا للشااروط التاي حااددها الدسااتور يعاد خاارق للدسااتور نفساه‪ ،3‬زيااادة علااى ذلاك أسااند المؤسااس‬
‫الدسااتوري الج ازئااري للمحكمااة الدسااتورية مهمااة الفصاال فااي توافااق القاوانين والتنظيمااات مااع المعاهاادات التااي‬
‫صااادق عليهااا رئاايس الجمهوريااة فااي حااال إخطارهااا ماان الجهااات المخااول لهااا ذلاك دسااتوريا‪ ،‬علااى أن يكااون‬
‫اإلخطار ضمن اآلجال المحددة بالنسبة للقوانين العادية قبل إصدارها‪ ،‬أماا بالنسابة للتنظيماات فيجاب أن‬
‫يكون اإلخطار بخصوصها في أجل شهر واحد ابتداء من تاريخ إصدارها بالجريدة الرسمية‪.4‬‬

‫‪-1‬أحسن غربي‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪-2‬علي يوسف الشكري‪ :‬الرقابة على دستورية المعاهدات الدولية‪ -‬دراسة مقارنة‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪-3‬محمد جير السيد عبد هلل جميل‪ :‬الرقابة الدستورية والمعاهدات الدولية المبرمـة فـي الجزائـر فـي ضـوء التعـديل الدسـتوري لسـنة ‪( 2222‬دراسـة‬
‫مقارنة)‪ ،‬مجلة أبحاث‪ ،‬العدد ‪ ،6767 ،3‬ص‪.333‬‬
‫‪-4‬أنظر‪ /‬المادة ‪ 1/367‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6767‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫وعليه فإن هذا النوع من الرقابة يجمع بين الرقابة الجوازية السابقة والرقابة الجوازية الالحقة وتتقياد بماا‬
‫تتقيد به رقابة الدستورية المتعلقة بالقوانين العادية والتنظيمات من قيود وضوابط‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المحكمة الدستورية والمهام الدستورية األخرى‬

‫إضااافة إلااى اختصاص اها اَلصاايل فااي الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين علااى تشااعبها واخااتالف صااورها‪،‬‬
‫خص المؤسس الدستوري الجزائري المحكمة الدستورية بعديد االختصاصات التي تتولى الفصل فيهاا‪ ،‬منهاا‬
‫التقريرية ومنها االستشارية‪ ،‬على اختالف الظروف والحاالت‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اختصاصات المحكمة الدستورية ذات الطابع التقريري‪ :‬أسند المؤسس الدساتوري للمحكماة الدساتورية‬
‫فااي هااذا اإلطااار مهااام رقابااة عمليااات االنتخابااات الرئاسااية والتشاريعية وكااذا عمليااات االسااتفتاء‪ ،‬فضااال عاان‬
‫توليتها النظر في الخالفات التي قد تحدث بين السلطات‪ ،‬زيادة على التدخل في حالتي المانع والشغور‪.‬‬

‫أ‪-‬المحكمة الدستورية قاضـية انتخابـات‪ :‬حادد المؤساس الدساتوري الج ازئاري مان خاالل ناص الماادة ‪363‬‬
‫من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،6767‬نطاق تادخل المحكماة الدساتورية فاي االنتخاباات الرئاساية والتشاريعية‬
‫وعمليات االستفتاء في بتها في الطعون المرفوعة إليها حول النتائج المؤقتاة لهاذه العملياات‪ ،‬باإلضاافة إلاى‬
‫إعاالن نتائجهاا النهائياة‪ ،‬علاى خاالف ماا كااان علياه دور المجلاس الدساتوري علاى ضاوء التعاديل الدسااتوري‬
‫لساانة ‪ ،6739‬حيااث كااان دوره محوريااا فااي العمليااة االنتخابيااة فااي المرحلااة التااي تساابق عمليااة التصااويت‬
‫بالنس اابة لالنتخاب ااات الرئاس ااية م اان خ ااالل تدخل ااه ف ااي رقاب ااة ص ااحة الترش اايحات وض اابط مجموع ااة الش ااروط‬
‫والمبااادئ التااي تتضاامن تحقيااق هااذه القواعااد‪ ،2‬كمااا يتاادخل فااي مرحلااة مااا بعااد عمليااة االقتاراع ماان خااالل‬
‫الفصاال فااي جااوهر الطعااون‪ ،‬ويعلاان النتااائج النهائيااة للرئاساايات ويتااولى الرقابااة علااى الحمااالت االنتخابيااة‬
‫للمترشحين لها‪ ،‬ناهيك عن تدخله في الرقابة على صحة االنتخابات التشريعية وعمليات االستفتاء بالفصل‬
‫في الطعون الواردة إليه بخصوص نتائجها‪.‬‬

‫ب‪-‬الفصل في المنازعات التي قد تحدث بـين السـلطات‪ :‬لام تتطارق الدسااتير الجزائرياة المتعاقباة إلاى آلياة‬
‫لتسوية الخالفات التي يمكن أن تنشأ بين السلطات في الدولة‪ ،‬رغام أن الخاالف باين السالطات يمكان أن‬
‫يقااع علااى الصااالحيات واالختصاصااات وآليااة العماال‪ ،‬وهنااا يظهاار الاادور الهااام لمباادأ الفصاال بااين الساالطات‬
‫الذي يقصد به عدم تركيز السلطات في قبضة شخص أو هيئة واحدة وذلك ضمانا لحرية اَلفراد ومنعها‬

‫‪-1‬أحسن غربي‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫‪-2‬نسيم سعودي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.63‬‬

‫‪253‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫ماان التعسااف واالسااتبداد‪ ،‬وبهااذا المعنااى يتعااين توزيااع الوظااائف فااي الدولااة علااى ساالطات ثااالث‪ ،‬ساالطة‬
‫تشريعية تختص بإصدار القوانين وسلطة تنفيذية تختص بتنفيذ القاوانين‪ ،‬وسالطة قضاائية تخاتص بتطبياق‬
‫القا اوانين عل ااى م ااا يع اارض عليه ااا م اان منازع ااات‪ ،‬ووفق ااا لمب اادأ الفص اال ب ااين الس االطات يك ااون لك اال س االطة‬
‫اختصاص معين ال يجوز لها الخروج عليه واال اعتدت على اختصاصات السلطات اَلخرى‪.1‬‬

‫وماان هااذا المنطلااق وَلن مباادأ الفصاال باين الساالطات يعااد أهاام المبااادئ اَلساسااية التااي تقااوم عليهااا‬
‫الدولة الديمقراطية عمل المؤسس الدستوري على تكريساه‪ ،‬فضاال علاى ديباجاة الدساتور فاي ناص الماادة‬
‫‪ 39‬منااه بقوله اا‪ « :‬تقااوم الدولااة علااى مبااادئ التمثياال الااديمقراطي والفصاال بااين الساالطات وضاامان الحقااوق‬
‫والحريات والعدالة االجتماعية»‪.‬‬

‫وحرصا منه على تطبيق هاذا المبادأ باين السالطات العاماة فاي الدولاة ناص المؤساس الدساتوري فاي‬
‫المااادة ‪ 3/366‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬علااى أنااه يمكاان إخطااار المحكمااة الدسااتورية بشااأن‬
‫الخالف ااات الت ااي ق ااد تح اادث ب ااين الس االطات الدس ااتورية‪ ،‬ويعق ااد للمحكم ااة الدس ااتورية اختص اااص النظ اار فيه ااا‬
‫بإخطار من الجهات المخول لها ذلاك فاي ناص الماادة ‪ 361‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6767‬فاي حاال‬
‫ارتااأت أن واحاادة أو أكثاار ماان الساالطات الااثالث قااد اتخااذت ق ا اررات تعااود لغيرهااا ماان الساالطات بناااء علااى‬
‫أحكام الدستور وبالتالي تكون قد اعتدت بذلك على حدود اختصاصاتها الدساتورية وانتهااك لمبادأ الفصال‬
‫بين السلطات وفي هذه الحالة فاان القارار الصاادر عان المحكماة الدساتورية هاو الاذي ساتحدد علاى أساساه‬
‫الساالطة المختصااة بممارسااة االختصاصااات التااي تاام االخااتالف بااين الساالطات بشااأنها ماان خااالل إق ا ارره‬
‫ببطالن التصرفات القانونية المشوبة بعيب عدم االختصاص‪.‬‬
‫ج‪-‬تدخل المحكمة الدستورية في حـالتي المـانع والشـغور‪ :‬يقصاد بالتاداول أو التعاقاب علاى السالطة تلاك‬
‫العمليااة التااي تساامح للشاايء بحلااول بااديل محلااه‪ ،‬ويجعاال الشااخص يعقااب نظي اره فااي المسااؤولية واإلدارة‬
‫والقيادة فمنطاق التاداول أو التعاقاب ينباذ الجماود والديموماة علاى خاط المماثلاة‪ .2‬هاذا فاي الحااالت العادياة‬
‫التااي يكااون فيهااا التااداول وفقااا لض اوابط مرتبطااة بفت ارة زمنيااة تنقضااي بانقضااائها دون ع اوارض قانونيااة أو‬
‫طبيعيااة‪ ،‬أمااا فااي حال اة شااغور منصااب الرئاسااة فااالتنظيم الدسااتوري للتااداول عليااه يختلااف تمامااا عنااه فااي‬
‫الحاالت العادية باعتبارها مسألة غاية في اَلهمية الرتباطها بشكل مباشر باستمرار سير مؤسسات الدولة‬

‫‪ -1‬أنظاار‪ /‬مهمااا بهجاات يااونس الصااالحي‪ :‬الحكــم بعــدم دســتورية نــص تشــريعي ودوره فــي تعزيــز دولــة القــانون‪ ،‬ط‪ ،3‬بياات الحكمااة‪ ،‬بغااداد العاراق‪،‬‬
‫‪ ،6776‬ص‪.13‬‬
‫‪-2‬سرهنك حميد البرزنجي‪ :‬مقومات الديمقراطي وآليات المدافعة عنه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.97‬‬

‫‪254‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫فااي فتارة غياااب رئاايس الجمهوريااة عاان منصاابه َلي ساابب كااان‪ ،‬وساواء كااان اَلماار مؤقتااا أو دائمااا‪ ،‬حيااث‬
‫يكاون ذلااك بتاادخل ماان المحكمااة الدسااتورية وفقااا للتعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬وبموجااب نااص المااادة ‪61‬‬
‫منه كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬يكااون تاادخل المحكمااة الدسااتورية فااي تقرياار حالااة المااانع لاادى رئاايس الجمهوريااة باجتماعهااا بقااوة القااانون‬
‫بثالثااة أرباااع ¾ أعضااائها وباادون أجاال لتثباات ماان حقيقااة المااانع وبكاال الوسااائل المالئمااة لتقتاارح علااى‬
‫البرلمااان التصاريح بثبااوت المااانع بعااد ذلااك‪ ،‬ويتااولى خااالل هااذه الفتارة رئاسااة الدولااة بالنيابااة رئاايس مجلااس‬
‫اَلمة‪.‬‬
‫‪ -‬وفااي حالااة اسااتمرار المااانع بعااد انقضاااء خمسااة وأربعااين ‪ 13‬يومااا‪ ،‬تجتمااع المحكمااة الدسااتورية بثالثااة‬
‫أرب اااع أعضا اائها ¾ وبق ااوة الق ااانون لتأكيا اد الش ااغور النه ااائي لمنص ااب رئاس ااة الجمهوري ااة ع اان طري ااق‬
‫االستقالة الوجوبية كنتيجة الستمرار المانع لديه‪ ،‬ويكون تأكيد المحكمة الدستورية للشغور النهاائي لمنصاب‬
‫رئاسة الجمهورية بتبليغ تصريح‪ ،‬بذلك إلى البرلمان الذي يتولى بدوره مهمة إعالنه‪ ،‬وكما هو معلوم ومبين‬
‫أيضاا فاي نااص الماادة ‪61‬أعاااله أن أساباب الشااغور النهاائي ال تقتصار علااى اَلساباب الصااحية‪ ،‬فقاد تكااون‬
‫أيضا بسبب استقالة إرادية أو قد تكون بوفاة‪ ،‬وأيا كانت أسبابه فإنه خالل هذه الفتارة يتاولى رئايس مجلاس‬
‫اَلمة رئاسة الدولة لمدة أقصاها تسعون ‪ 67‬يوما تنظم خاللها انتخابات رئاسية‪،‬وفي حالة استحالة إجرائها‬
‫فإنه يمكن تمديد هذا اَلجل لمدة ال تتجاوز تسعين ‪ 67‬يوما بعد أخذ رأي المحكمة الدستورية‪.‬‬
‫وفااي حالااة اقت اران شااغور منصااب رئاسااة الجمهوريااة مااع شااغور منصااب رئاسااة مجلااس اَلمااة فإنااه‬
‫يتولى خالل هذه الفترة رئاسة الدولة رئيس المحكمة الدستورية ويكون ذلك بعد اجتماع وجوبي للمحكماة‬
‫الدستورية واثباتها بأغلبية ثالثاة ¾ أربااع أعضاائها للشاغور النهاائي لرئاساة الجمهورياة وحصاول الماانع‬
‫لرئيس مجلس اَلمة‪.‬‬
‫وتأسيسا عليه يمكننا القول أناه رغام مراجعاة المؤساس الدساتوري الج ازئاري إلجاراءات ساد شاغور‬
‫منصااب رئاسااة الجمهوريااة فااي حاالتااه المؤقتااة وكااذا الدائمااة حيااث جاااء فااي نااص المااادة ‪ 61‬ماان التعااديل‬
‫الدسااتوري لس انة ‪ 6767‬بحاال دسااتوري لحالااة عاادم إمكانيااة تنظاايم انتخابااات رئاسااية إثاار الشااغور النهااائي‬
‫لمنصب رئاسة الجمهورية خالل مادة التساعين ‪ 67‬يوماا مان خاالل نصاه علاى تمدياد هاذا اَلجال لمادة ال‬
‫تتجاوز تسعين ‪ 67‬يوما‪ ،‬بعد أخذ رأي المحكمة الدساتورية تخوفاا مماا قاد يترتاب مان أثاار وخيماة فاي حاال‬
‫اساتمر شااغور هااذا المنصااب الحساااس فااي الدولااة‪ ،‬وضامانا السااتم اررية هااذه المؤسسااة الدسااتورية التااي تمثاال‬

‫‪255‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫عصب الحياة السياسية فيها‪ ،1‬إال أنها تبقي إجراءات غير كافية لعدم تطرق المؤسس الدستوري إلى تحديد‬
‫الجهااة التااي عليهااا إخطااار المحكمااة الدسااتورية بشااغور منصااب الرئاسااة بساابب حاادوث مااانع مؤقاات ل ارئيس‬
‫الجمهوريااة قباال أن تجتمااع باإلجماااع وبق اوة القااانون للتثبياات ماان هااذا اَلم ار‪ ،‬إضااافة إلااى بقاااء الغمااوض‬
‫محيطا بها في شقها المتعلق بعدم تحديد اَلسباب الحقيقية التي قد تؤدي إلى حدوث المانع المؤقت لرئيس‬
‫الجمهورية ومن ثم شغور منصب بأهمية منصب رئاسة الجمهورية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى اإلبقاء على حصر شروطه في المرض الخطيار والمازمن دون تحدياد لطبيعتاه‪ ،‬كماا‬
‫لم يشير المؤسس الدستوري إلاى اإلجاراءات الماؤطرة الساتئناف رئايس الجمهورياة َلداء مهاماه طبياا وادارياا‬
‫لتبقى بذلك عالمات االستفهام محيطة بمسألة متابعة الحالة الصحية لرئيس الجمهورية‪.‬‬
‫وبن اااء عل ااى ه ااذه المعطي ااات فإن ااه يمكنن ااا الق ااول أن ااه ك ااان يفت اارض بالمؤس ااس الدس ااتوري معالج ااة‬
‫الغماااوض المحا اااط بحا اااالت شا ااغور منصاااب رئاسا ااة الجمهوريا ااة باهتما ااام أكثا اار وبجديا ااة تضا اااهي مكانتا ااه‬
‫الدستورية المتعلقة بالمسؤوليات الوطنية والدولية‪.‬‬

‫ثانيــا‪-‬اختصاصــات المحكمــة الدســتورية ذات الطــابع االستشــاري‪ :‬لقااد أسااندت عديااد الدساااتير إلااى هيئااات‬
‫دستورية قضائية مهام استشارية إلى جانب المهام القضائية‪ ،2‬ولم يخارج التعاديل الدساتوري لسانة ‪6767‬‬
‫عن هذه القاعدة إذ بالرجوع إلى أحكامه نجد أنه عقد للمحكمة الدستورية مهام خاصاة ذات صالة بالطاابع‬
‫االستشاااري فااي الحاااالت غياار العاديااة والتااي يمكاان أن تط ا أر علااى الدولااة ض امانا الحت ارام حقااوق وحريااات‬
‫اَلفراد وسمو الدستور‪.‬‬

‫أ‪-‬دور المحكمة الدستورية في التعديل الدستوري‪ :‬يحتل الدستور مكانة محورية فاي كال منظوماة قانونياة‬
‫فهو القانون الذي يرتكز عليه نظام الحكم من خالل بيان شكله وينظم العالقاة باين هيئاات الدولاة المختلفاة‬
‫ويبين حدودها‪ ،‬وهو الضامن لحقوق وحريات المواطنين وكيفية ممارستها دون إفراط أو تفريط‪ ،‬فضال عان‬
‫ارتباطااه بطبيع ااة ع ااادات وت اااريخ ومب ااادئ ش ااعب الدولااة بوص اافها أيض ااا مجموع ااة قواع ااد تنظيمي ااة سياس ااية‬
‫واجتماعية واقتصادية تتربع على الهرم التشريعي‪ .3‬لكن قد تصبح هذه القواعد غير منسجمة مع التطورات‬
‫المتساارعة التاي تطا أر علااى مختلاف اَلوضااع فااي الدولاة اَلمار الااذي يساتدعي تعاديلها بمااا يتوافاق ماع هااذه‬
‫المتغيارات‪ ،‬إال أن ذلااك ال يااتم إال وفقااا لشااروط عهااد المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري إلااى المحكمااة الدسااتورية‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬حميد مزياني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.110‬‬


‫‪ -2‬سعيد بو الشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬المرجع السابق‪.339 ،‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬عبد اهلل خلف الرقاد ومشعل محمد الرقاد‪ :‬تعديل الدستور‪ ،‬مجلة دراسات وأبحاث‪ ،‬العدد ‪ ،61‬سبتمبر ‪ ،6739‬ص ‪.313‬‬

‫‪256‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫التأكد من العمل بها في أي تعديل يمكن أن يمس الوثيقة الدستورية بموجب نص المادة ‪ 663‬من التعاديل‬
‫الدستوري لسنة ‪.6767‬‬
‫ب‪-‬استشــارة المحكمــة الدســتورية فــي الحــاالت الخاصــة‪ :‬اسااتوجب المؤسااس الدسااتوري استشااارة المحكمااة‬
‫الدسااتورية فااي حالااة إعااالن رئاايس الجمهوريااة للحاااالت االسااتثنائية تجنبااا لممارسااة ساالطات محااددة بصاافة‬
‫انفرادية نظ ار َلهميتها وآثارها على حسن ساير المؤسساات والمسااس بحقاوق وحرياات الماواطنين بالتضاييق‬
‫عليها تحت أي مبرر غير دستوري‪ .1‬وهو أمر استقر عليه أيضاا الدساتور الفرنساي مان خاالل نصاه علاى‬
‫وجوب عرض ما تمارسه السلطة التنفيذية من أعمال واجراءات أثناء الحالة االستثنائية للرقابة‪.2‬‬
‫كما يجد هذا المبرر أساسه الدستوري في نص المادة ‪ 3/393‬من التعديل الدستوري لسانة ‪6767‬‬
‫القاضية بأنه‪ « :‬المحكمة الدستورية مؤسسة مستقلة مكلفة بضمان احترام الدستور»‪ .‬وبذلك تجب استشاارة‬
‫رئا اايس المحكما ااة الدسا ااتورية عما ااال بالما ااادة ‪ 60‬ما اان التعا ااديل الدسا ااتوري لسا اانة ‪ 6767‬ما اان طا اارف رئا اايس‬
‫الجمهورية قبل إعالنه لحالة الطوارئ أو الحصار‪ ،‬كما اشترطت المادة ‪ 6/69‬من نفس التعاديل الدساتوري‬
‫وجااوب استشااارته ماان طاارف رئاايس الجمهوريااة قباال تقري اره للحالااة االسااتثنائية‪ ،‬وقباال إعالنااه لحالااة الحاارب‬
‫بموجب نص المادة ‪ 377‬من التعديل الدستوري لسنة ‪.6767‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مظاهر سهر المحكمة الدستورية على احترام الدستور‬
‫يظهر دور المحكمة الدستورية في السهر على سمو الدستور ليس فقاط مان خاالل الفصال فاي دساتورية ماا‬
‫يعارض عليهااا ماان قاوانين مختلفااة باال أيضاا ماان خااالل الطبيعاة القضااائية لعملهااا علاى اعتبااار أن المؤسااس‬
‫الدسااتوري أعطاهااا اختصاااص تأوياال القواعااد القانونيااة التااي تشااكل الكتلااة الدسااتورية‪ ،‬اَلماار الااذي يسااتوجب‬
‫التطرق إلى ماهية التفسير الدستوري (الفرع اَلول)‪ ،‬ودور المحكمة الدساتورية فاي إرسااء دولاة القاانون مان‬
‫خالل سهرها على احترام الدستور (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االختصاص التفسيري للمحكمة الدستورية‬
‫تقوم المحكمة الدستورية أثناء أدائها لمهامها الرقابية باالرجوع إلاى الدساتور فاي جمياع نصوصاه ساواء منهاا‬
‫ما يقر أوضاعا شكلية البد مان مراعاتهاا أو لقواعاده الموضاوعية‪ ،‬ذلاك أناه ال يكفاي للحكام بدساتورية ناص‬
‫تشريعي أن يكون من الناحية اإلجرائية موافقا لألوضاع الشكلية التي يتطلبها الدستور‪ ،‬وانما يلزم كذلك أن‬
‫يكااون فااي مضاامونه مطابقااا لقواعااد وأحكااام الدسااتور الموضااوعية‪ ،3‬اَلماار الااذي يتطلااب منهااا تفسااير أحكااام‬

‫‪ -1‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.336‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- François LUCHAIRE: Le règlement et l'acte réglementaire en droit constitutionnel,‬‬
‫‪Op,cit, p 452.‬‬
‫‪ -3‬دعاء الصاوي يوسف‪ :‬القضاء الدستوري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،6731 ،‬ص ‪.360‬‬

‫‪257‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫الدستور أو استخالص مواقفه بموجب القراءات الدقيقة لنصوصه واعطائها المفهوم الصحيح المتطابق ماع‬
‫نية المؤسس على اعتبار أن الدستور له روح أو له امتداد ما بقى قائما‪.1‬‬
‫أوال‪ :‬التفســير الدســتوري بــين اخــتالف المــذاهب وتعــدد الوســائل‪ :‬اَلصاال أن القاضااي الدسااتوري ي ارقااب‬
‫مساالك المشاارع ومساالك اإلدارة فااي تنظاايم الحقااوق والحريااات العامااة وحقااوق اإلنسااان‪ ،‬واَلصاال فااي الاانص‬
‫الدسااتوري أن يكااون واضااح الداللااة علااى الم اراد منااه وال يحتماال الداللااة علااى غي اره َلن المشاارع وضااح مااا‬
‫قصااده‪ ،‬ولكاان قااد تاارد علااى خااالف هااذا اَلصاال نصااوص فيهااا نااوع ماان خفاااء أو غمااوض‪ ،‬أو يوجااد فيهااا‬
‫احتمال للداللة على أكثر مان معناى وبالتاالي يجاب علاى القاضاي الدساتوري إ ازلاة هاذا الخفااء أو الغماوض‬
‫وذلااك عباار إج اراء عمليااة التفسااير‪ 2‬وقااد أولااى الفقااه الدسااتوري أهميااة بالغااة لعمليااة التفسااير الدسااتوري نظ ا ار‬
‫للخصوصية التي تحظى بها والتي ال ترجع إلى سامو النصاوص الدساتورية وعموميتهاا فحساب‪ ،‬بال مردهاا‬
‫أيضا إلى عملية التفسير في حد ذاتها والتي اختلفت المذاهب وكذا التوجهات الفقهية بشأنها‪.‬‬
‫أ‪-‬ماهيـــة التفســـير الدســـتوري ومذاهبـــه‪ :‬مااا ماان شااك أن ترساايخ ساايادة القااانون ف اي الدولااة يتطلااب منهااا‬
‫التمسك بالثوابت والمبادئ المدونة في الوثيقة الدستورية‪ ،‬غير أن التعااطي ماع نصاوص هاذه الوثيقاة غالباا‬
‫ما يثير إشكالية الوقوف على المعنى الحقيقي َلحكامها في حال عدم وضوحها أو قبولها َلكثر من تأويل‬
‫ولمعالجة هذا العنصر ارتأينا أن يكون ذلك وفقا للتسلسل التالي‪:‬‬
‫‪ -2‬تعريف التفسير‪ :‬في اللغـة قيال فاي التفساير معااني عادة فقاال "الفراهيادي"«التفساير هاو بياان وتفصايل‬
‫للكتاااب وفس اره يفس اره تفساايرا‪ ،‬وفس اره أبانااه وكاال شاايء يعاارف بااه تفسااير الشاايء ومعناااه هااو التفسااير»‪ .‬أمااا‬
‫اصــطالحا فقااد اختلااف علااى تعريفااه باااختالف الهاادف ماان التفسااير ونطاقااه‪ ،‬إذ ياارى ماان ينظاار إلااى معنااى‬
‫التفسير بمحدودية «أنه االستدالل على ما تتضمنه القواعد القانونية من حكم وتحديد المعنى الذي تتضمنه‬
‫حتى يمكن تطبيقها في الظاروف الواقعياة»‪ .‬فاي حاين ينظار جاناب آخار مان فقهااء القاانون صاوب التوساع‬
‫في معنى التفسير ويعرفونه بأنه «توضيح ما أبهم من ألفاظه وتكميل ما اقتضب من نصوصه وتخريج ما‬
‫نقص من أحكامه والتوفيق بين أجزائه المتناقضة»‪.3‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬سعيد بو الشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.690-699‬‬
‫‪ -2‬سميرة على جعة وافي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.376‬‬
‫*قد يقع الخلط بين عملية تفسير النصوص ومعناها وعمليات ومعاني أخرى تبدو قريبة منه كالتأويل أو الترجمة أو التكييف وهاي فاي الحقيقاة مختلفاة‬
‫فالتأوياال هااو "تفسااير اَللفاااظ خااالف الظاااهر ببيااان الماراد بطريقااة االسااتعارة"‪ ،‬فااي حااين يقتصاار دور التفسااير علااى التوضاايح وكشااف المقصااود أي أن‬
‫"التأوياال يااذهب إلااى بيااان معنااى الاانص غياار الظاااهر"‪ ،‬أمااا الترجمااة فإنهااا تختلااف إذ تكااون ترجمااة لمفااردات قااد تكااون معزولااة "‪ ،‬بينمااا التفسااير ي ارعااي‬
‫المعناى بمجملاه‪ ،‬فااي حاين أن وظيفااة "التكيياف"هي تحديااد الانص القااانوني واجاب التطبيااق" ‪...‬لالطاالع أكثاار أنظـر‪ /‬سااميرة علاى وافااي جمعاة‪ ،‬المرجااع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.371‬‬
‫‪ -3‬محمد علي شحادة‪ :‬تفسير الدستور بين المشرع والقضاء الدستوري‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات زين الحقوقية‪ ،6767 ،‬ص ص ‪.13-17‬‬

‫‪258‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫‪ -2‬مذاهب التفسير الدستوري‪ :‬تكاد تكون مذاهب تفسير الدستور هي نفسها التي عالجت مسألة التفسير‬
‫في علم القانون عموما حيث تتجاذب فكرة التفسير فكرتين اَلولاى تنظار إلاى التفساير باعتبااره فعاال معرفياا‬
‫ال يتعدى حدود الكشاف عان معناى موجاود أصاال للانص‪ ،‬فاي حاين يعتبار التفساير بنااء علاى الفكارة الثانياة‬
‫فعال إرادياا ال يجاب أن يساتند بالضارورة علاى معرفاة ساابقة‪ ،‬بال إناه يتعلاق بحرياة المفسار فاي اختياار أحاد‬
‫المعاااني المحتمل ااة لل اانص أو حت ااى ابتك ااار قاع اادة معياري ااة جدي اادة‪ 1‬وتع اادد م ااذاهب التفس ااير حم اال الفق ااه أو‬
‫القضاااء الدسااتوري علااى تاارك مسااألة تبنااي هااذا المااذهب أو ذاك تبعااا لقناعااات المرجعيااة المفس ارة أو درجااة‬
‫تطور القضاء الدستوري‪2‬ومذاهب التفسير هي كاآلتي‪:‬‬
‫‪-2-2‬مذهب التفسير الحرفي‪ :‬بموجب هذا المذهب يتعين على المفسر أن يتقيد بحرفية ما أورده المشارع‬
‫في الوصاول إلاى مقصاده عناد وضاع التشاريع‪ ،‬أي بمعناى أن علياه التقياد بكلماات النصاوص بحرفياة مهماا‬
‫كانت النتائج غير مالئمة‪ ،3‬وتفسير النصوص في فقاه هاذا الماذهب هاو البحاث عان إرادة الشاارع الحقيقياة‬
‫أو المفترض ااة وق اات وض ااعها ال وق اات تطبيقه ااا‪ ،‬حت ااى ل ااو تغي اارت الظ ااروف تغيا ا ار كبيا ا ار ب ااين وق اات وض ااع‬
‫النصااوص ووقاات تطبيقهااا وبهااذا ينبغااي الااتحكم واالسااتقرار والثبااات‪ ،4‬ولكاان تختلااف الط ارئااق التفساايرية عنااد‬
‫أصااحاب هااذا المااذهب بحسااب حالااة النصااوص محاال التفسااير ليااتم التوصاال إلااى اإلرادة الحقيقيااة المفترضااة‬
‫للمشرع‪ ،‬فإذا كاان الانص واضاحا يمكان الوصاول إلاى هاذه اإل اردة باساتخدام التفساير اللفظاي‪ ،‬أي باساتخدام‬
‫التفسااير المسااتند إلااى المعنااى اللغااوي أو االصااطالحي علااى أن يغلااب المعنااى االصااطالحي علااى اللغااوي‬
‫عندما يكون واضحا أناه نياة المشارع ال تتبناى المعناى اللغاوي‪ ،5‬لتكاون باذلك الميازة اَلساساية لهاذا الماذهب‬
‫تتمثل في أن التفسير يعتمد على المصادر الرسمية للدستور بما يجعال القاضاي مقيادا بالنصاوص ومان ثام‬
‫يبتع ااد ع اان االعتم اااد عل ااى أي اعتب ااارات أخ اارى‪ ،6‬وبالنتيج ااة يقتص اار دوره ب ااذلك عل ااى تفس ااير النص ااوص‬
‫فالتفسااير اللفظااي أو الحرفااي يفاارض وجااوده عناادما يكااون الاانص واضااحا فيعطااي لااه المعنااى اَلول بحسااب‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬كمال جعالب‪ :‬دور المجلس الدستوري الجزائري فـي تفسـير الدسـتور‪ ،‬مجلاة الحقاوق والعلاوم اإلنساانية‪ ،‬العادد ‪ ،71‬ديسامبر ‪ ،6739‬ص‬
‫ص ‪.17-16‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬محمد على شحادة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -3‬عااوض رجااب خشاامان الليمااون‪ :‬تفســير النصــوص الدســتورية‪ -‬دراســة مقارنــة‪ ،‬رسااالة ماجسااتير‪ ،‬إشاراف علااى خطااار الشااطناوي‪ ،‬كليااة الد ارسااات‬
‫الفقهية والقانونية‪ ،‬جامعة آل البيت‪ ،3666 ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -4‬محمد علي شحادة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ /‬عوض رجب خشمان الليمون‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪6‬‬
‫‪- George Burdeau et Manuel: droit constitutionnel et institutions politiques, 20éme édition ,L.G.D.J,Paris ,‬‬
‫‪1984, p ,651..‬‬

‫‪259‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫المدلول اللفظي أو النحوي النية الذاتية لواضاع الانص وقاد يساتعين المفسار باَلعماال التحضايرية لفهام لفاظ‬
‫ونية واضع النص‪.1‬‬
‫وقد انتقد جانب من الفقه هاذا الماذهب إلسارافه فاي اساتعمال طارق التفساير اللفظاي كماا قيال أيضاا أن هاذا‬
‫المذهب يفصل باين دور المشارع ودور المفسار‪ ،‬ذلاك أن علاى المفسار أن يطباق القاانون بعاد التوصال إلاى‬
‫إرادة المشاارع الحقيقيااة أو المفترضااة وقاات وضااع الاانص‪ ،‬فااإذا تغياارت الظااروف مااا علااى المشاارع إال القيااام‬
‫بتعااديل الدسااتور ليااتالءم مااع الظااروف الجدياادة‪ .2‬وردا علااى ذلااك قااال المؤياادون لهاذا المااذهب المااتحفظ أنااه‬
‫يتوافق مع مبدأ سمو الدستور والزام المفسر بحدود وظيفته حتى ال يذهب بعيدا في إنشاء أحكام أو يتعادى‬
‫على اختصاص المشرع‪.3‬‬
‫‪-2 -2‬المذهب االجتماعي‪ :‬وهو مذهب يعتمد في تفسيره للنص الدستوري على مدى اَلهمية االجتماعية‬
‫للمرحلااة المعاشااة وهااذه الطريقااة تكتسااي أهميااة كبيارة وخاصااة بالنساابة للحقااوق والحريااات المتااأثرة بااالتحوالت‬
‫والظا ااروف‪ ،4‬كما ااا يا اارى أصا ااحاب ها ااذا الما ااذهب ضا اارورة مواكبا ااة النصا ااوص القانونيا ااة لكا اال المسا ااتجدات‬
‫االجتماعيااة واالقتصااادية والسياسااية التااي تحصاال بمرحلااة الحقااة لنفاااذ الدسااتورية‪ ،‬بمعنااى اخااتالف مناساابة‬
‫تطبيق القانون عن مناسبة تشريعه مما يوجب تطويع القانون مع المتغيرات فال تقديس إلرادة واضع النص‬
‫المفترضة‪َ ،‬لن تلك اإلرادة تبقاى فاي حالاة تطاور مساتمر لمواكباة التطاورات الحاصالة فاي المجتماع خاصاة‬
‫أنها ليست إرادة شخصية للمؤسس الدستوري بل هي إرادة تأسيسية قام بها عن المجتمع ومن أجال الشاعب‬
‫الذي فوضه بالتعبير عن إرادته العامة‪.5‬‬
‫أمااا تق اادير هااذا الم ااذهب فإنااه عل ااى الاارغم م اان إعط ااء النص ااوص القانونيااة المرون ااة التااي تجعله ااا‬
‫صااالحة لمسااايرة التطااور فااي المجتمااع‪ ،‬إال أن المفساار يخاارج أحيانااا عاان مقتضاايات التفسااير نتيجااة لتااأثره‬
‫بااالظروف االجتماعيااة السااائدة‪ ،‬ممااا يااؤدي بالتفسااير إلااى تعااديل أو خلااق قواعااد قانونيااة جدياادة‪ ،‬ممااا يحااول‬
‫دون اساتقرار وثباات القواعاد القانونيااة باإلضاافة إلاى مخالفااة هاذا الماذهب لمبادأ الفصاال باين السالطات رغاام‬
‫أنااه أهاام المبااادئ الدسااتورية الحديثااة‪،6‬إال أن أنصااار هااذا ال ارأي يقولااون أن النصااوص الدسااتورية يجااب أال‬
‫تتخلف عن الواقع السياسي للجماعة ما يخلق فجوة بين النص والواقع‪.7‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬المرجع السابق‪.607 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬عوض رجب خشمان الليمون‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.28-28‬‬
‫‪ -3‬محمد علي شحادة‪ :‬المرجع السابق‪ :‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -4‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.606‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ /‬محمد علي شحادة‪ :‬المرجع السابق‪ :‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -6‬عوض رجب خشمان الليمون‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪ -7‬محمد علي شحادة‪ :‬المرجع السابق‪ :‬ص ‪.11‬‬

‫‪260‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫‪ -3-2‬مــذهب البحــث العلمــي الحــر‪ :‬يرساام الفقيااه الفرنسااي "جنااي ‪ "Geny‬مؤسااس هااذا المااذهب حاادودا‬
‫للمفسر تضيق وتتسع حسب الحالة فإزاء النص التشريعي أو القاعادة العرفياة ال يكاون بوساع المفسار ساوى‬
‫تحري اإلرادة الحقيقية للمشرع فإذا كانت واضحة ال يسعه إال أعمالها‪ ،‬أما إذا كانات غامضاة فعلياه تفساير‬
‫النص في ضوء متطلبات الواقع والنية المعاصارة وال يقياده فاي ذلاك إال اَلصاول الفكرياة والواقعياة‪ ،1‬وباذلك‬
‫يكون هذا المذهب مخالفاا فاي توجهاه لكال مان الماذهبين الساابقين فاي اتجاههماا للتفساير‪ ،‬وذلاك مان ناحياة‬
‫حصر النص الدستوري وتفسيره وفقا لمنطق التفسير الحرفي وااللتزام التام بالنص الدساتوري‪ ،‬كماا يعاارض‬
‫مااذهب تفسااير الدسااتور وفقااا لتغياار الظااروف االجتماعيااة السااائدة‪ ،‬كمااا أن هااذا المااذهب يرتكااز إلااى ثااالث‬
‫ركائز‪.‬‬
‫‪ -‬إن القانون يتألف من حقائق أربع مختلفة طبيعية وتاريخياة ومثالياة وعلاى أسااس هاذا الفهام للقاانون أقاام‬
‫هذا المذهب طريقة في التفساير‪ ،‬فالقاانون ال يلاتمس تفسايره كماا يارى أنصاار ماذهب التفساير الحرفاي وانماا‬
‫يلتمس تفسيره في التشريع وحده ويلتمسه كذلك في بقية المصادر الرسمية اَلخرى‪.2‬‬
‫‪ -‬النص التشريعي ينفصل عن واضاعه ليتصال بالبيئاة االجتماعياة بمجارد نفااذه لاذا فاان تفساير النصاوص‬
‫الغامضااة يجااب أن يكااون مالئمااا للبيئااة المعاص ارة لهااذا التش اريع‪ ،‬وهااذا مااا أدى الاابعض إلااى تساامية هااذه‬
‫المدرسة التفسيرية بمدرسة "استقالل النصوص"‪.3‬‬
‫‪ -‬كماا ياارى "جيناي" أن ساالطة القاضاي الدسااتوري ليساات مطلقاة وانمااا هاي مقياادة بأصاول علميااة وفنيااة وأن‬
‫القاعدة الدستورية تتكون من عنصرين‪:‬‬
‫األول مادتهااا اَلوليااة التااي تتكااون منهااا وساامي هااذا العنصاار عنصاار الحقااائق وهااي فااي أريااه أربااع حقااائق‬
‫الواقعيااة أو الطبيعيااة والحقااائق التاريخيااة والحقااائق العقليااة والحقااائق المثاليااة‪ ،‬وياارى "جينااي" أن العلاام كفياال‬
‫بالكشف عنها‬
‫أمااا الثـــاني فهااو عنصاار الشااكل أو البناااء وهااو المظهاار أو الصااورة التااي تتخااذها القاعاادة القانونيااة حتااى‬
‫تصاابح قابلااة للتطبيااق وياادخل هااذا العنصاار فااي باااب الفاان والصااياغة‪ ،4‬كمااا ياارى أنصااار هااذا المااذهب أن‬
‫القاانون يمار بازمن ال يكفياه التفساير بمعنااه التقليادي وال يصاابح كافياا لاذا يجاب علاى المفسار االنتقاال عباار‬
‫البحث العلمي الحر ليجد الحل العادل كما لو كان مشرعا وذلك باالساتعانة بالمعطياات التاريخياة المطابقاة‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬محمد علي شحادة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬عوض رجب خشمان الليمون‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -3‬محمد علي شحادة‪ :‬المرجع السابق‪ :‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬عوض رجب خشمان الليمون‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 36‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫للعقل‪ 1‬ورغم أن هاذا الماذهب قاام علاى أسااس منطقاي ساليم باعتمااده علاى اإلرادة الحقيقياة للمشارع إال أناه‬
‫تعاارض لالنتقااادات والتااي منهااا أن البحااث العلمااي الحاار كمااا ي اراه الاابعض كااان منهجااا شااكليا يسااتند إلااى‬
‫المنطق الصوري‪ ،‬ولم يكن بحثا ح ار يهدف إلى تطوير القانون‪.‬‬
‫كمااا أن الفعاال اإلرادي الحاار للجهااة التااي تتااولى تفسااير القااانون ليساات مطلقااة باال مقياادة بحاادود فااي‬
‫هاذا الصاادد فااإن كاناات حارة فااي مرحلااة التفسااير خاالل اختيااار أحاادها‪ ،‬إال أن إرادتهااا التااي تسااتند عليهااا فااي‬
‫التفسير ستكون مقيدة في مرحلة الحقة بإطار عام يجب تحديده بواسطة فعل معرفي‪.2‬‬
‫ب‪ -‬مصادر التفسير الدستوري ووسائله‪ :‬لقد تولد عن التطور الذي شهدته الرقابة الدستورية عبر م ارحال‬
‫نشااأتها الحاجااة إلااى وضااع ساابل ووسااائل تتضاامن عاادم الخااروج عاان النصااوص الدسااتورية فااي موضااوعها‬
‫وروحهااا اَلماار الااذي اسااتوجب اعتماااد تفسااير الدسااتور كواحاادة ماان الضاامانات التااي تحميااه ماان االعتااداء‬
‫بحجة غموضه‪.‬‬
‫‪ -2‬مصادر التفسير‪ :‬يقصد بالمصادر التفسيرية الجهات التي يعود إليها اختصاص تحدياد معناى القاعادة‬
‫الدستورية ومحتواها موضوعا وروحا‪ ،‬أي توضيح القصد الحقيقي للمؤسس الدستوري من أحكامها‪ 3‬وتتمثل‬
‫هذه الجهات في‪:‬‬
‫‪ -2-2‬التفســـير التشـــريعي‪ :‬هااو عماال تش اريعي تقااوم بااه الساالطة التااي أصاادرت العماال التش اريعي اَلول‬
‫ونتيجااة لااذلك فقااد يقااوم المشاارع الدسااتوري بتفسااير بعااض نصااوص الوثيقااة الدسااتورية كمااا قااد يقااوم المشاارع‬
‫العادي بتفسير نصوص القوانين اَلساسية متبعا في ذلك نفس اإلجراءات التي أصدرت بها تلك القوانين‪.4‬‬
‫‪ -2-2‬التفسير القضائي‪ :‬يظهار هاذا الناوع مان التفساير بمناسابة قضاية معروضاة أماام القضااء فالقضااء‬
‫يتولى هذه المهمة أثناء تطبيقه للقانون علاى ماا يعارض علياه مان قضاايا‪ ،‬باعتباار أناه مهماا كانات الوثيقاة‬
‫الدستورية دقيقة وشاملة فال يمكنها اإلحاطة بكل تفاصل ومقتضيات الحياة العملية‪.5‬‬
‫‪ -2‬وسائل التفسير الدستوري‪ :‬تختلف وساائل التفساير وفاق معطياات عديادة منهاا ماا يارتبط بحالاة الانص‬
‫الدستوري موضع التفسير في موضوعه ومنها ما يرتبط بخارجه‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد علي شحادة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬كمال جعالب‪ :‬المرجع السابق‪.13 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- François LUCHAIR ; le conseil constitutionnel et le gouvernement des juges, R.S.A 1987,p32.‬‬
‫‪ -4‬سرهنك حميد البرزنجي‪ :‬دراسات دستورية معقمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ /‬سرهنك حميد البرزنجي‪ :‬دراسات دستورية معقمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬

‫‪262‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫‪ -2-6‬وسائل التفسير الداخلية‪ :‬تتميز باعتمادها على الوثيقة الدستورية محل التفسير بغية الوصول إلى‬
‫نتائج تفسيرية‪ ،‬فهي وسائل ترتكز إلى نصوص الوثيقة ذاتها ومضامينها وتركيب نصوصها وفقراتها‪.1‬‬
‫‪ -2-2‬وســائل التفســير الخارجيــة‪ :‬فااي حااال إذا لاام تساعف القواعااد أو الوسااائل الداخليااة المفساار للوصااول‬
‫إلى المبتغى أال وهو المعنى الحقيقي للنص‪ ،‬فإنه بإمكانه اللجاوء إلاى الوساائل الخارجياة والتاي منهاا الغاياة‬
‫أو الحكمة من التشريع واَلعمال التحضيرية والمصادر التاريخية وكذا الظروف االجتماعية‪.2‬‬
‫ثانيــا‪ :‬دور المحكمــة الدســتورية الجزائريــة فــي تفســير الدســتور‪ :‬مااا مان شااك أن النصااوص الدسااتورية ال‬
‫تخلو من بعض الغموض الذي يشوب صياغتها‪ ،‬اَلمر الذي قد يترتب عليه صاعوبة فهام أو تأويال أحكاام‬
‫بعض نصوصه وهو ما دفع بالمؤسس الدستوري الجزائري إلى إسناد تفسير النصوص الدساتورية وبصاريح‬
‫العبارة في الدستور النافذ إلى المحكمة الدستورية من خالل الماادة ‪ 6/366‬مناه‪ ،‬وسانحاول مان خاالل هاذا‬
‫العنصاار التطاارق إلااى ذلااك بشاايء ماان التفصاايل‪ ،‬مااع العااروج علااى أهميااة هااذا االختصاااص المسااتحدث فااي‬
‫الدستور الجزائري‪.‬‬
‫أ‪ -‬حدود اختصاص المحكمة الدستورية في تفسير الدستور‪ :‬أوكل المؤسس الدستوري الجزائري بالنص‬
‫الصريح إلى المحكمة الدستورية اختصاص تفسير أحكام الدستور وهو أمر طبيعاي كوناه يادخل فاي مجاال‬
‫اختصاصاتها اَلساسية باعتبارهاا الهيئاة السااهرة علاى الرقاباة الدساتورية‪ ،‬وهاي تقاوم باذلك عملياا فاي إطاار‬
‫ممارسة اختصاصاتها المتعلقة بالرقاباة علاى دساتورية القاوانين‪ ،‬فهاذه اَلخيارة وكماا هاو معلاوم تتطلاب مان‬
‫المحكمة الدستورية تفسير النص القانوني لمعرفة معناه الحقيقي للتأكد من مادى عادم خاروج مضامونه عان‬
‫أحكام الدستور‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلاى أن الدسااتير الجزائرياة لام تتضامن الانص مان قبال علاى إساناد هاذا‬
‫االختصاص إلى المجلس الدستوري باعتباره الهيئة المكلفة بالساهر علاى احتارام الدساتور ساابقا كماا لام يارد‬
‫شيء من هذا القبيل في اَلنظمة المحددة لقواعد عمل المجلس الدستوري‪.‬‬
‫إال أن ماان أعمااال المجلااس الدسااتوري مااا يشااير إلااى قيامااه بطلااب حصااري ماان رئاايس الجمهوريااة باعتباااره‬
‫حامي الدستور‪ ،‬مع رفضه بالمقابل تمكين رئيسي غرفتي البرلمان اللذين يحاق لهماا مثال رئايس الجمهورياة‬
‫إخطاره بشأن دستورية القوانين من طلب تفسير الدستور على اعتبار انعدام أي نص يخولهما ذلك بطريقاة‬
‫مباشارة أو غياار مباشارة ولاذلك رفااض طلااب التفسااير الااذي تقاادم بااه رئاايس مجلااس اَلمااة حااول طلااب تكاراري‬
‫حول نص المادة ‪ 393‬من دستور ‪.33669‬‬

‫‪ -1‬محمد علي شحادة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬


‫‪ -2‬سرهنك حميد البرزنجي‪ :‬دراسات دستورية معمقة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -3‬سعيد بو الشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،6‬ص ‪.119‬‬

‫‪263‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫واذا كااان أساااس اختصاااص المحكمااة الدسااتورية فااي تفسااير الدسااتور نااابع ماان اختصاصااه الرقااابي‬
‫على دستورية القوانين‪ ،‬فإنه أيضا اختصاص ناابع مان ناص دساتوري صاريح كماا سابق وأشارنا‪ .‬إد اركاا مان‬
‫المؤسس الدستوري عدم إمكانية استمرار تجاهل تحديد الجهة التي تفسر نصوصه َلن النصوص القانونية‬
‫أيا كان مصدرها فإنها بحاجة إلى توضيح معانيها‪ ،‬ولاذلك ال يوجاد أكفاأ وال أنساب مان المحكماة الدساتورية‬
‫للقيااام بهااذه العمليااة‪ ،‬فهااي مؤهلااة لالضااطالع بهااا ماان خااالل تشااكيلتها الخاصااة ماان ذوي العلاام والخبارة ماان‬
‫مستوى عال ورفيع‪ ،‬باإلضافة إلى وضعها الدساتوري‪ ،‬كال ذلاك يؤهلهاا للقياام بهاذه المهماة خيار قياام وعلاى‬
‫أكمل وجه‪1‬وتختص المحكمة الدستورية بتفسير الدستور حسب نص المادة ‪ 6/366‬عبر سبيلين هما‪:‬‬
‫‪-3‬بإخطااار مباشاار ماان الهيئااات ممثلااة فااي رئاايس الجمهوريااة أو رئاايس مجلااس اَلمااة أو رئاايس المجلااس‬
‫الشعبي أو من الوزير اَلول أو رئيس الحكومة حسب الحالة‪ ،‬رغم أن هناك مان يارى فاي إخطاار المحكماة‬
‫الدستورية من طرف السالطات العاماة فاي الدولاة تعبيار عان قصاورها فاي فهام أحكاام الدساتور‪ ،2‬كماا يمكان‬
‫ذلك أيضا َلربعين ‪ 17‬نائبا من المجلس الشعبي الوطني أو خمسة وعشرين ‪ 63‬عضوا فاي مجلاس اَلماة‬
‫وهااو مااا يطلااق عليااه الواليااة المباش ارة للقضاااء الدسااتوري فااي تفسااير نااص الدسااتور‪ ،‬ويقصااد بهااا مااا يقاارره‬
‫القضاااء الدسااتوري ماان رأي فااي طلااب تفسااير الدسااتور بغاارض إ ازلااة مااا تاام منااه علااى الطالااب لتوضاايح ماراد‬
‫المؤسس الدستوري من النص ويتميز هذا االختصاص بتفرده وقصره على القضاء الدستوري دون غيره‪.3‬‬
‫‪ -6‬بإخطااار غياار مباشاار ماان طاارف الم اواطنين م اان خااالل آليااة الاادفع بعاادم الدسااتورية لتكااون ص ااالحية‬
‫المحكمااة الدسااتورية بتفسااير الدسااتور قااد تعااززت أكثاار خصوصااا وأن الاادفع بعاادم الدسااتورية يتعلااق بااالحقوق‬
‫والحريااات التااي يضاامنها الدسااتور‪ ،‬وماان هنااا فااإن المحكمااة الدسااتورية ماادعوة إلااى تعريااف مضاامون هااذه‬
‫الحقااوق وتحديااد نطاقهااا وهااو مااا يتطلااب ال محالااة تفسااير اَلحكااام التااي تاانص علااى هااذه الحقااوق والحريااات‬
‫والتااي غالبااا مااا يااتم الاانص عليهااا فااي شااكل مبااادئ عام اة وبعبااارات ذات معاااني واسااعة ومتعااددة‪ 4.‬ويطلااق‬
‫فقهااء القاانون الدسااتوري علاى هااذا الناوع مان التفسااير "التفساير التبعااي" وهاو التفساير القضااائي الاذي تجربااه‬
‫المحكمة الدستورية وصوال للفصل فاي المنازعاة حاول شاأن الدساتور‪،5‬والتفساير فاي هاذه الحالاة لايس تفساي ار‬

‫‪ -1‬عوض رجب خشمان الليمون‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.03‬‬


‫‪2- George BRDEAUX et Manuel: droit constitutionnel et institutions politiques, Op,cit, p 651.‬‬
‫‪ -3‬سميرة علي جمعة وافي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.379‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬كمال جعالب‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -5‬سميرة على جمعة وافي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.376‬‬

‫‪264‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫رقابيا معتادا َلحكاام تشاريع معاروض للرقاباة الدساتورية وانماا هاو معناى يقترحاه القاضاي وفقاا لماا هاو وارد‬
‫في النص الدستوري‪.1‬‬
‫ب‪ -‬ضــرورة تفســير الدســتور‪ :‬تظهاار ضاارورة تفسااير الدسااتور بمجاارد الحااديث عاان مباادأ سااموه‪ ،‬وحمايااة‬
‫أحكامااه نصااا وروحااا َلن الغايااة ماان رقابااة المحكمااة الدسااتورية ال تقتصاار علااى حمايااة نصااوص الدسااتور‬
‫شااكال فحسااب باال تتعااداه إلااى روح النصااوص‪ ،‬وماان هنااا تظهاار أهميااة دورهااا فااي تفسااير قواعااد الدسااتور‬
‫باعتبارها قواعد ثابتة تتضمن تنظيم الدولاة وعمال سالطاتها‪ ،‬ورغام اخاتالف تعبيار فقهااء القاانون الدساتوري‬
‫فااي وصااف ضاارورة تفسااير أحكااام الدسااتور باعتباااره أساااس حمايتااه إال أنهااا تصااب فااي مجملهااا فااي منحااى‬
‫واحد كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬يقااول اَلسااتاذ "زهياار شااكر" أن تفساار نصااا فهااذا يعنااي فااي الحقااوق إعطاااءه الحياااة القانونيااة وجعلااه قااابال‬
‫للتطبيق‪ ،‬فالتفسير هو عمل يضع النص حيز التنفيذ‪ ،‬والقاضاي يمكان مان خاللاه أن يرتكاز علاى اَلعماال‬
‫التحضيرية أو على نية واضعي النص أو على روح النظام القانوني أو على تطور المجتمع وروح العصار‬
‫في نهاية هذه العملية تأتي اللحظة التي يقرر فيها القاضي معنى النص‪.2‬‬
‫‪ -‬تااأتي ضاارورة تفسااير قواعااد الدسااتور وبشااكل واضااح عناادما تبعااد المسااافة بااين وضااع القاعاادة القانونيااة‬
‫والوقائع الطارئاة‪ ،‬فيضاطر القاضاي إلاى اساتمداد الحال مان روح الدساتور وغايتاه التاي يجاب أن تكاون هاي‬
‫اَلساس عند تفسيره‪.3‬‬
‫‪ -‬إن النصوص الدستورية تتسم بصفة العمومية والتجريد لاذا فمان الطبيعاي أن يكاون مان الصاعوبة تحدياد‬
‫معانيها ونطاقها على وجه الدقة‪ ،‬لاذا فاإن كيفياة تطبياق النصاوص علاى الوقاائع تكاون مهماة الجهاات التاي‬
‫تتولى تفسيرها ومن هنا تظهر ضرورة تفسير أحكام الدستور‪.4‬‬
‫وفي كل اَلحوال فإنه لتحقيق الغاية من تفسير أحكام الدستور يجب علاى القاضاي الدساتوري أال يلتازم فاي‬
‫تفسيره بالمعنى الظاهر للنص الدستوري وانما يجب عليه التعمق في معناه الحقيقي لبلوغ مغزاه الذي يعبار‬
‫عن روح الدستور‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫;‪- Philippe ARDANT Bertrand MATHIEU: institutions politiques et droitconstitutionnel ; L.G.D.J ;paris‬‬
‫‪20ème édition ;2009.p127.‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ج‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.11-16‬‬
‫‪ -3‬دلير صابر إبراهيم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪ -4‬عادل جاللحمد أمين‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.319‬‬

‫‪265‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أوجه الرقابة على دستورية القوانين‬

‫اَلصاال فااي التشاريعات العاديااة ساواء كاناات نصوصاا قانونيااة أو تنظيميااة أن تصاادر عاان الساالطة‬
‫ذات الصاالة باالختصاااص وفقااا لإلجاراءات التااي حااددها الدسااتور‪ ،‬فااإذا مااا تاام الخااروج عنهااا فااإن المحكمااة‬
‫الدستورية تصبح فاي حاال ماا إذا أخطارت بهاا مطالباة بالكشاف عان هاذا العياب الدساتوري‪ ،‬وعلياه سانبحث‬
‫فااي هااذا الفاارع أوجااه العيااب الدسااتوري التااي تسااتند إليهااا المحكمااة الدسااتورية فااي إصاادار حكمه اا عاال نااص‬
‫القانون موضوع اإلخطار فالتشريع العادي يجب أن يكون صحيحا لايس فقاط مان الناحياة الشاكلية المتعلقاة‬
‫بإجراءات تكوينية وانما كذلك من الناحية الموضوعية المتصلة بأحكامه‪.1‬‬

‫أوال‪ :‬أوجه عدم الدستورية‪ :‬ويقصد بأوجاه عادم الدساتورية العياوب التاي يمكان أن تصايب مختلاف القواعاد‬
‫القانونية فتجعلها غير دستورية‪ ،‬ولما كاان للقارار اإلداري أركاان خمساة وهاي االختصااص والشاكل والمحال‬
‫والسبب والغاية فإن العيوب التي تصيب القرار اإلداري هي مختلف العيوب التاي تصايب فاي أي ركان مان‬
‫أركانه‪ ،‬فإذا كان ذلك مستقر في مجال رقابة المشروعية أمام القاضي اإلداري‪،‬فانه ينطبق أيضا في مجال‬
‫رقابة القاضي الدستوري على دستورية القوانين ماع ضارورة مالحظاة أن الفقاه الدساتوري اختلاف حاول عادد‬
‫اَلركان التي تصايبها عياوب عادم الدساتورية واَلصاوب هاو تساليط الضاوء علاى كافاة أركاان القاانون بادون‬
‫استثناء وذلك إلعطاء صورة أكثر وضوحا لموقف القضاء الدستوري فيها حيال هذه اَلركان‪.2‬‬

‫أ‪ -‬أوجه عدم الدستورية الخارجيـة‪ :‬تقتضاي المشاروعية الدساتورية خضاوع مختلاف القاوانين لقياود معيناة‬
‫واردة في الدساتور وذلاك بماا يتعلاق باالختصااص بإصادارها وبالشاكل الاذي يجاب أن تصادر مان خاللهاا‪،3‬‬
‫وعلي ااه يمك اان رد أوج ااه ع اادم الدس ااتورية الخارجي ااة الت ااي يمك اان أن تش ااوب تشا اريعا م ااا يجعل ااه مح ااال للرقاب ااة‬
‫الدستورية إلى مايلي‪:‬‬

‫‪-2‬عيــب عــدم االختصــاص‪ :‬ويقصااد بااه أنااه يجااب أن يصاادر التشاريع ماان الساالطة المختصااة التااي خولهااا‬
‫الدسااتور صااالحية ساانه‪ ،‬كمااا يقصااد بعاادم االختص ااص الدسااتوري للاانص القااانوني مخالفتااه لقواعااد توزيااع‬
‫االختصااص التااي وضااعها الدسااتور‪ ،‬وعادم االختصاااص الدسااتوري قااد يكاون موضااوعيا ويقصااد بااه مخالفااة‬
‫قواعد االختصاص التي وضعها الدستور من حيث موضوعها أو محلها الذي تنصب عليه‪،4‬وهذا يعني أن‬

‫‪ -1‬ماجد راغب الحلو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.663‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.310-319‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ضياء الدين سعيد المدهون‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.301‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬ماجد راغب الحلو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.176‬‬

‫‪266‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫فك ارة االختصاااص فااي المجااال الدسااتوري تقااوم علااى وجااوب مباش ارة االختصاااص ماان الجهااة التااي حااددها‬
‫الدستور لممارسته‪.1‬‬

‫وفي ذلك توزيع لقواعد االختصاص التي وضعها الدستور فلو صدرت الئحة من رئيس الجمهورية‬
‫في غير حاالت الضارورة فاي مساألة جعلهاا الدساتور مان اختصااص البرلماان كانات الالئحاة مشاوبة بعياب‬
‫عدم االختصاص ولو صدر بالمقابل قانون من السلطة التشريعية خص بها الدستور السلطة التنفيذية كان‬
‫هااذا القااانون غياار دسااتوري لعاادم االختصاااص‪ ،‬وبعبااارة أخاارى يقصااد باالختصاااص عاادم القاادرة علااى اتخاااذ‬
‫تصرف معين أو مباشرة عمال قاانوني معاين جعلاه الشاارع مان سالطة هيئاة أو فارد أخار كاون االختصااص‬
‫هو القدرة أو الصالحية القانونية‪.2‬‬

‫وتأسيسااا عليااه يمكننااا القااول أن المقصااود هنااا باالختصاصااات الدسااتورية هااي تلااك االختصاصااات‬
‫التااي تجااد مصاادرها المباشاار فااي نصااوص الدسااتور وماان ثاام فااإن فكارة االختصاااص فااي المجااال الدسااتوري‬
‫تعنااي أال يباشاار االختصاااص إال ماان الجهااة التااي حااددها الدسااتور لممارسااته ويترت اب عاان ذلااك نتيجتااان‪:‬‬
‫اَلولى أنه ال يجوز لسلطة تستمد مباشرة من الدستور اختصاصا عهد به الدستور‪ ،‬أي أناه إذا لام يتضامن‬
‫الدستور نصا خاصا بالتفويض في مباشرة االختصاصات الدستورية وجدت تفويض فيها فإن هذا التفويض‬
‫يك ااون ب اااطال ومخالف ااا للدس ااتور ف ااي نف ااس الوق اات‪ ،‬أم ااا الثاني ااة ف ااإن الدس ااتور يجي ااز اس ااتثناء الحل ااول ف ااي‬
‫االختصاصات الدستورية في أحوال محددة بعينها‪ ،3‬وتحديد اختصاصات معينة للسلطة التشريعية هي من‬
‫نتااائج مباادأ الفصاال بااين الساالطات والااذي علااى أساسااه يحاادد المؤسااس الدسااتوري اختصاصااات الساالطات‬
‫العامة فالسلطة التشريعية تقوم بالتشريع أما التنفيذية فتقوم بالتنفيذ‪ ،‬وعلى السلطة القضائية حسام النازعاات‬
‫وفقا للقانون وال يمكن بأي حال إلحداها القيام بغيار اختصاصاها إال إذا خاول لهاا المؤساس الدساتوري ذلاك‬
‫استثناء واال عد عملها غير دستوري فضال عن عيب عدم االختصاص‪.4‬‬

‫وقاد يكااون عيااب عاادم االختصاااص زمنيااا وأساااس ذلااك أن ماان اَلمااور المساالم بهااا أن االختصاااص‬
‫الممناوح َلعضااء سالطة التشاريع أياا كانات موقاوف بأجاال معاين ينتهاي بانتهااء هااذا اَلجال‪ ،‬ومفااد ذلااك أن‬

‫‪ -1‬محمد رشيد مصطفى‪ :‬الرقابة على دستورية التشريعات الحكومية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪ -2‬أحمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.963‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.961-966‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.337‬‬

‫‪267‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫تحديااد الدسااتور لاازمن معااين لممارسااة ساالطة التش اريع الختصاصاااتها التش اريعية هااو فااي حقيقااة اَلماار قيااد‬
‫فرضه الدستور على مزاولة هذا االختصاص مما يتحتم معه إخضاعه لرقابة دستورية التشريعات‪.1‬‬

‫لنخلص باذلك إلاى أن عياب االختصااص يجاد أساساه فاي مختلاف التشاريعات لقواعاد االختصااص‬
‫التي حددها الدستور وهي أربعة عناصر تتصل بالنواحي الشخصية والموضوعية والزمنية والمكانياة‪ ،‬وأي‬
‫خروج عن هذه الحدود تكون نتيجتها الحكم باالبطالن مان طارف المحكماة الدساتورية لعياب عادم الدساتورية‬
‫وبذلك فإنها تستطيع أن تخضع مختلف القوانين أثناء رقابتها عليها من حيث االختصاص من خالل أربعة‬
‫عناصر هي‪ :‬العنصر البشري‪ ،‬العنصر الموضوعي‪ ،‬العنصر المكاني والعنصر الزماني‪.‬‬

‫‪-‬العنصــر الشخصــي‪ :‬ومقتضااى العنصاار الشخصااي فااي االختصاااص هااو أن يتااولى التشاريع الساالطة التااي‬
‫خصها الدستور به دون أن تملك النزول عن اختصاصها هذا أو تفويض غيرهاا فياه إال إذا أجااز لهاا ذلاك‬
‫ص اراحة‪ ،2‬ووفقااا َلحكااام المااادة ‪ 317‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬يعااود اختصاااص ساان الق اوانين‬
‫العض ااوية إل ااى الس االطة التشا اريعية إال أن ه ااذا ال يعن ااي إط ااالق ه ااذه الس االطة ف ااي س اان القا اوانين دون التقي ااد‬
‫بالحاادود والضاوابط التااي نااص عليهااا الدسااتور‪ .‬واذا حاادث وأن ساانت تشاريعا علااى خااالف ذلااك كااان مشاوبا‬
‫بعيااب عاادم االختصاااص هنااا تظهاار مهمااة المحكمااة الدسااتورية التااي تهاادف بشااكل أساسااي إلااى التأكااد ماان‬
‫تطابق القانون العضوي مع حدود اختصاص السلطة التشريعية َلن اَلمر يلزم هذه اَلخيرة بالتزام حدودها‬
‫الدستورية في سن القوانين العضوية متطابقة مع الدستور نصا وروحا‪.‬‬
‫وكاس ا ااتثناء له ا ااذا اَلص ا اال فسا ا اح المؤس ا ااس الدس ا ااتوري الج ازئ ا ااري لا ا ارئيس الجمهوري ا ااة مج ا ااال ه ا ااذا‬
‫االختصاص بسن تشريعات بصفة استثنائية حددها نص المادة ‪ 316‬أو في الحالة االستثنائية المنصوص‬
‫عليها في أحكام الماادة ‪ 69‬وكاذلك فاي حالاة عادم مصاادقة البرلماان علاى قاانون المالياة طبقاا لانص الماادة‬
‫‪ 6/319‬ما اان التعا ااديل الدسا ااتور لسا اانة ‪ ،6767‬وان كا ااان المؤسا ااس الدسا ااتوري الج ازئا ااري قا ااد ما اانح ل ا ارئيس‬
‫الجمهورية سلطة التشريع عن طريق اَلوامر إال أنه أحاط ذلاك بشاروط إصادارها فاي هاذه الظاروف تحديادا‬
‫كونها ال تحتمل التأخير وتعد في حقيقتها خروجا على االختصاص االعتيادي للسلطة التنفيذية وتلجأ إليها‬
‫هااذه اَلخيارة بشااروط واردة فااي صاالب الدسااتور وماان ثاام فهااي ال تتمتااع بساالطة تقديريااة بخصااوص االلتجاااء‬
‫إليها بل إن سلطتها هنا مقيدة إلى حد كبير‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.990‬‬
‫‪ -2‬محمد رشيد مصطفى‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫‪ -3‬شيراز شكري طاهر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬

‫‪268‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫والقيااد هنااا ظرفااي زمنااي بالدرجااة اَلولااى لممارسااة هااذا االختصاااص االسااتثنائي ماان جانااب رئاايس‬
‫الجمهوريااة حتااى يمارسااه فااي الوقاات المحاادد لقيااام مقتضااياته ودواعيااه‪ ،‬وخااص منهااا مااا نصاات عليااه المااادة‬
‫‪ 316‬أنفة الذكر بعرضها على البرلمان في أول جلسة له بعد انقضاء العطلة للموافقاة عليهاا وذلاك ضامانا‬
‫لممارس ااة ه ااذا االختص اااص االس ااتثنائي ف ااي ح اادود الضا اوابط الت ااي أح اايط به ااا‪ ،‬ومباشا ارة ه ااذا االختص اااص‬
‫مقصور على رئيس الجمهورية دون غيره إعماال لشرط العنصر الشخصي في ممارسة االختصاص وعلاى‬
‫هذا اَلساس فإن تخلف أيا من الشروط التي يتطلبها الدستور في هذه الحالة من شاأنه أن ياؤدي إلاى عادم‬
‫دستوريته وبالتالي بطالن التشريع‪،‬واذا كان اختصاص البرلمان هو سن القوانين فيجب علياه عناد ممارساته‬
‫لوظيفته في سن القوانين أن يمارسها فاي نطااق أحكاام الدساتور وال يجاوز لاه أن يخالفاه بسان ماا يشااء مان‬
‫التشريعات‪.1‬‬
‫ونفس الشيء ينطبق أيضاا علاى تخويال رئايس الجمهورياة سالطة التصارف بسارعة وحسام لمواجهاة‬
‫الظااروف االسااتثنائية وذلااك بتضاامينه معااايير رساام ماان خاللهااا المؤسااس الدسااتورية الج ازئااري حاادودا علااى‬
‫رئيس الجمهورية التقيد بها أثناء ممارسته الختصاصاته االستثنائية والتي ال يجب أن يخرج عنها‪.‬‬

‫أما الحلول في االختصاص بالتشريع فيتحقق إذا حادث وتغياب صااحب االختصااص اَلصايل فاي‬
‫التشريع أو قام لديه مانع حال دون مباشرته الختصاصاه‪ ،‬فيحال محلاه لممارساتها مان عيناه الدساتور لاذلك‬
‫وتكون سلطاته في ذات سلطات اَلصيل‪ ،2‬والحلول ال مجال له إال إذا نظماه الدساتور صاراحة فاإذا ساكت‬
‫عنه فإن الحلول عندئذ يكاون مساتحيال‪ .‬وقاد نصات الماادة ‪61‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6767‬أناه فاي‬
‫حااال شااغور منصااب رئاسااة الجمهوريااة ساواء باالسااتقالة أو الوفاااة أو بااالعجز الاادائم أو المؤقاات فإنااه يتااولى‬
‫رئاسااة الدولااة مؤقتااا رئاايس مجلااس اَلمااة‪ ،‬أمااا إذا ارتاابط شااغور منصااب رئاسااة الجمهوريااة بشااغور منصااب‬
‫رئاسة مجلس اَلمة فإنه يحل محله رئيس المحكمة الدساتورية‪ ،‬كماا أوجاب المؤساس الدساتوري علاى رئايس‬
‫الدولاة العمال باختصاصاااته المحاددة فاي نطاااق هاذا الانص وبمااا تقتضايه ظاروف تعينااه فاي منصاب رئاسااة‬
‫الدول ااة وال يج ااوز ل ااه الترش ااح لرئاس ااة الجمهوري ااة‪ ،‬وبمقتض ااى ذل ااك يتح اادد نط اااق الحل ااول ف ااي االختص اااص‬
‫بالتشريع وهو حلول ال يتناول سوى اختصاصات رئيس الجمهورية التشريعية‪.‬‬

‫‪ -1‬هشام جليل إبراهيم الزبيدي‪ :‬مبدأ الفصل بين السلطات وعالقته باستقال ل القضاء‪-‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،3‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،6767 ،‬ص ‪.309‬‬
‫‪ -2‬محمد رشيد مصطفى‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.191‬‬

‫‪269‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫والبين مما سابق أن المؤساس الدساتوري الج ازئاري فارق باين أمارين‪ :‬اَلول يتعلاق بإناباة أو تفاويض‬
‫رئيس الجمهورية في االختصاص التشريعي حيث أنه ال يجوز بذلك لغير البرلمان أن يسن قوانين عضوية‬
‫بحكام أناه اختصاصاه اَلصايل ويشاترك فياه رئايس الجمهورياة بصافة اساتثنائية‪ .‬أماا الثااني فيتعلاق بااالحلول‬
‫في االختصااص التشاريعي الاذي يتحقاق إذا تغياب صااحب االختصااص اَلصايل أو اساتحال علياه مباشارة‬
‫اختصاصاته وفقا للحااالت التاي جااء بهاا ناص الماادة ‪ 61‬مان التعاديل الدساتوري لسانة ‪ 6767‬أنفاة الاذكر‬
‫والتااي يترتااب عليهااا أن ال يخاارج فيهااا رئاايس الدولااة عاان االختصاصااات التش اريعية ل ارئيس الجمهوريااة‪ ،‬وان‬
‫حادث وصاادر قاانون عضااوي خالفااا لهاذه القواعااد فإناه يتعااين علااى المحكماة الدسااتورية إبطالاه كونااه معيااب‬
‫بعاادم االختصاااص بصاادوره ماان ساالطة غياار مختصااة‪ ،‬وبااذلك فااإن المحكمااة الدسااتورية تسااتطيع أن تخضااع‬
‫القانون أثناء رقابتها عليه من حيث االختصاص من خالل أربعة عناصر هي‪ :‬العنصر البشري‪ ،‬العنصار‬
‫الموضوعي‪ ،‬العنصر المكاني والعنصر الزماني‪.‬‬
‫‪ -‬العنصـــر الموضـــوعي‪ :‬يتصاال هااذا العنصاار بموضااوع التش اريع ومادت اه ماان جهااة تحديااد اَلعمااال التااي‬
‫أناطها الدساتور بالسالطة التاي عهاد إليهاا بمزاولتهاا‪ ،‬ويعناي ذلاك أن العنصار الموضاوعي فاي االختصااص‬
‫التشريعي يقصد به أن تقوم سلطة التشريع بممارسة اختصاصها في الموضاوع الاذي أسانده الدساتور إليهاا‪،‬‬
‫واال كان التشريع مخالفا للدستور العتوار العنصر الموضوعي في االختصاص‪ ،1‬باعتبار أن االختصاص‬
‫الموضااوعي يتعلااق بترتيااب نوعيااة االختصاصااات بااين الساالطات المختلفااة فااي الدولااة وكااذلك أماار ترتيبهااا‬
‫داخل السلطة الواحدة من حيث الموضوع‪ ،‬فإذا كانات قواعاد االختصااص الشخصاي تفارض أن تباشار كال‬
‫سلطة اختصاصاتها بنفسها‪ ،‬فاإن قواعاد االختصااص الموضاوعي تحادد لكال سالطة ماا يتعاين أو يحاق لهاا‬
‫أن تتخذه من تصرفات قانونية في حدود سلطاتها‪.2‬‬
‫وفااي إطااار ذلااك حاادد المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري مجااال اختصاااص البرلمااان فااي س ان الق اوانين‬
‫العضااوية فااي نااص المااادة ‪ 317‬ماان التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬وكااذا بموجااب م اواد عاادة متفرقااة فيااه‬
‫ومؤدى ذلك أن يمارس البرلمان اختصاصه التشريعي في مجال الموضوعات المحددة بإسناد دستوري واال‬
‫كااان تشا اريعه مخالفااا للدس ااتور لخروجااه ع اان موض ااوع اختصاصااه‪ ،‬كم ااا ينطبااق ذل ااك أيضااا عل ااى الس االطة‬
‫التنفيذية عندما تمارس اختصاصاتها التشريعية االستثنائية حيث حدد المؤسس الدساتوري الج ازئاري مهامهاا‬
‫فااي هااذا المجااال باعتبااار أن اختصاصااها التشاريعي مارتبط بظااروف معينااة ال يجااوز خروجهااا عنهااا م ارعاااة‬
‫للض اوابط والقيااود التااي يمليهااا الدسااتور فااي مثاال هااذه الحاااالت علااى اعتبااار أن الحالااة العكسااية تااؤدي إلااى‬

‫‪ -1‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.996‬‬


‫‪ -2‬حسن مصطفى البحري‪ :‬القضاء الدستوري‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.336‬‬

‫‪270‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫ثباوت صافة عياب عاادم الدساتورية الموضاوعية للقااانون العضاوي‪ ،‬ومان ثام فإنااه ال يجاوز إلحادى الساالطتين‬
‫الخااروج عاان نطاااق مااا يقضااي ب اه الدسااتور فااإذا مااا ثباات س ان قااانون علااى خااالف مااا نااص عليااه الدسااتور‬
‫حكمت المحكمة الدستورية ببطالنه الكلي أو الجزئي حسب الحالة‪.‬‬
‫‪ -‬العنصر الزمني‪ :‬يقصد بالعنصر الزمني فاي تحدياد االختصااص التشاريعي أن يكاون الدساتور قاد وضاع‬
‫قياادا زمنيااا لممارساته ويتحقااق ذلااك فااي فااروض عدياادة ماان بينهااا أن يقاار البرلمااان قانونااا بعااد حلااه أو انتهاااء‬
‫فترته التشريعية‪ ،‬وكذلك اَلمر إذا أصدر رئيس الجمهورية في حالة التفويض التشاريعي تشاريعا بعاد انتهااء‬
‫زماان التفااويض‪ ،1‬كااون التفااويض التش اريعي محاادد فااي نطاااق زمنااي فانااه يجاادر بالساالطة المفوضااة أن ال‬
‫تتخطاه واال كان ما تصدره من قا اررات مشاوبة بعياب عادم الدساتورية كاأن يصادر رئايس الجمهورياة تشاريعا‬
‫بع ااد انته اااء واليت ااه حت ااى ول ااو تن اااول ه ااذا التشا اريع تنظ اايم موض ااوع ي اادخل أص ااال ف ااي اختص اااص رئ اايس‬
‫الجمهورية‪.‬‬
‫وال يش ااترط أن يك ااون التحدي ااد الزمن ااي تحدي اادا قطعي ااا ب اال يكف ااي أن يك ااون ق ااابال للتحدي ااد بم ارع اااة‬
‫الظروف والمالبسات التي صدر فيها التفويض ذلك أن المدة الزمنية التي يكون قد صادر فيهاا التشاريع قاد‬
‫تتضاامن ضااابطا يمكاان علااى أساسااه تحدياادها‪ ،‬كقيااام الظااروف االسااتثنائية التااي ف اوض خاللهااا المؤسااس‬
‫الدساتوري رئايس الجمهورياة بإصادار قا اررات لهاا قاوة القااانون فاي المجااالت التاي فاوض فيهاا ورباط تفااويض‬
‫رئيس الجمهورية بتلك الظروف بحيث يدور معها وجاودا وعادما وفاي ذلاك تحدياد لمادة التفاويض بماا تنتفاي‬
‫معه مخالفة الدستور في هذا الصدد‪ ،2‬وهاو نفساه ماا يمكان أن يقاال علاى رئايس الدولاة الاذي يتوجاب علياه‬
‫التازام الحاادود التنظيميااة التااي رساامها لااه الدسااتور فااي فتارة توليااه رئاسااة الدولااة حتاى يكااون التنظاايم الصااادر‬
‫عنه صحيحا واال عيب بمخالفة االختصاص في جانبه الزمني‪.‬‬
‫‪-‬العنصر المكاني‪ :‬للبرلمان في الدستور الجزائري مكانة الحاضن الطبيعي لمطالب الشعب وحلقاة الوصال‬
‫بين المؤسسات السياسية‪ ،‬كما يحتل موقع صانع السياسات والمنصاة العاماة للتعبيار عان المطالاب الكبارى‬
‫للمجتمع وهو أوال وأخي ار المشرع والرقياب الايقظ علاى أداء الحكوماات‪ ،3‬وقاد جارت العاادة مناذ نشاأة السالطة‬
‫التش اريعية فااي الج ازئاار أن تمااارس اختصاصاااتها فااي مقاار البرلمااان فااي عاصاامة الدولااة الجزائريااة رغاام أن‬
‫المؤساس الدسااتوري الج ازئاري لاام يحادد بخصااوص هاذا الشااأن مكاناا محااددا كماا هااو معماول بااه فاي دساااتير‬
‫بعض الدول‪ ،‬فمثال نجد أن الدستور المصري المعادل سانة ‪ 6731‬قاد ناص فاي الماادة ‪ 331‬مناه علاى أن‬

‫‪ -1‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.990‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ /‬محمد رشيد مصطفى‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.199‬‬
‫‪ -3‬ميلود ذبيح‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.70‬‬

‫‪271‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫مجلس النواب مقره مدينة القاهرة ويجوز له في الظروف االستثنائية عقد جلساته في مكاان آخار بنااء علاى‬
‫طلب رئيس الجمهورية أو ثلث عدد أعضاء المجلس‪ ،‬واجتماع المجلس على خالف ذلاك وماا يصادر عناه‬
‫من ق اررات يعد باطال‪ ،1‬ما لم تكن هناك ضرورة ملحة لذلك أو لم يقدم طلب مان قبال رئايس الجمهورياة أو‬
‫ثلث عدد أعضاء المجلس لنقل جلسات المجلس إلى مكان آخر خارج مدينة القاهرة‪ ،‬فإن اجتماع المجلاس‬
‫في هذه الحالة يعد باطال وكل ما صدر عنه مان قا اررات وتشاريعات يعاد أيضاا بااطال (ماا بناي علاى باطال‬
‫فهو باطل) وغير دستوري بمخالفته قواعد االختصاص المكاني‪.2‬‬
‫‪ -6‬عيب الشكل واإلجراءات‪ :‬من البديهي أن ترد في معظم دساتير الدول المراحل واإلجراءات التاي يجاب‬
‫أن تماار بهااا عمليااة التشاريع وطنيااا كااان أو دوليااا‪ ،‬لتمكااين الساالطات صاااحبة االختصاااص ماان ساانها بشااكل‬
‫ص احيح‪ ،‬وفااي حااال تجاوزهااا لهااذه الم ارحاال أو اإلج اراءات ُعا َّاد القااانون الصااادر عنهااا مشااوبا بعيااب عاادم‬
‫الدستورية ليكون مصير تلك القواعد القانونياة أماام الهيئاات الرقابياة الحكام باالبطالن بسابب عادم الدساتورية‬
‫في جانبها اإلجرائي أو الشكلي‪ ،‬إذن يراد بعيب الشاكل هناا مخالفاة مختلاف القاوانين للقواعاد الدساتورية مان‬
‫حيث المظهر الخارجي واإلجراءات واجبة اإلتباع إلصدار الالئحة أو سن القانون‪.‬‬

‫وقد ذهب جانب من الفقه إلى القول بأن عيب الشكل يمكن أن يتحقق عند مخالفة التشريع للقواعد‬
‫الشااكلية المتصاالة باااقتراح التش اريع أو إق ا ارره أو إصااداره‪ ،‬ويسااتوي فااي ذلااك أن تكااون تلااك القواعااد واردة فااي‬
‫الدستور أو في أدوات قانونية أخرى أدنى مرتبة‪ ،‬بينما ذهب جانب آخر إلى أن هاذا العياب ال يتحقاق عان‬
‫طريا ااق مخالفا ااة التش ا اريع لإلج ا اراءات الشا ااكلية ما ااا لا اام تكا اان اَلوضا اااع التا ااي أصا ااابتها المخالفا ااة فا ااي ذات‬
‫الدستور‪3‬وخالصة ذلك أن قواعد الشكل واإلجراءات التي من شأنها أن تجعل النص غير مشروع هي تلاك‬
‫القواعااد الجوهريااة التااي يمكاان أن يااؤثر إغفالهااا فااي ج اوهر الاانص‪ ،‬والقواعااد الشااكلية التااي تاارد فااي الدسااتور‬
‫تكون غالبا من هذا النوع‪.4‬‬

‫ب‪ -‬أوجـــه عـــدم الدســـتورية الداخليـــة‪ :‬تمتااد الرقابااة علااى دسااتورية الق اوانين إلااى نطاااق اَلوجااه الداخليااة‬
‫للتشاريع مان خااالل النظار فاي محتاواه أو مضامونه باعتباار أن عيااوب عادم الدساتورية قااد تتجااوز إجاراءات‬
‫سا اان التش ا اريعات لتط ا اال موضا ااوعها وها ااو ما ااا يقتضا ااي نظا اار المحكما ااة الدسا ااتورية فا ااي دسا ااتورية اَلحكا ااام‬
‫الموضااوعية التااي يتعااين علااى الساالطة التش اريعية التقي اد بهااا فااي تش اريعاتها وماان ثاام فهااذا النااوع ماان الرقابااة‬

‫‪ -1‬محمد علي سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.996-999‬‬


‫حسن مصطفى البحري‪ :‬القضاء الدستوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪336‬‬
‫‪2‬‬

‫‪-3‬أنظر‪ /‬ماجد راغب الحلو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪171‬‬


‫‪ -4‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.173‬‬

‫‪272‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫ينصااب تحدياادا علااى أوجااه فااي المحاال والساابب والغايااة باعتبارهااا اَلوجااه التااي يمكاان ماان خاللهااا إصااابة‬
‫محتوى التشريع بعيب عدم الدستورية‪.‬‬

‫‪-2‬عيب المحل‪ :‬اَلصل أن يكون محل التشريع متوافقا مع مضمون الدستور وفقا للضوابط والقيود الواردة‬
‫فيه وأن يكون محل التشريع قواعد عامة ومجردة وبماا أن المقارر أصاال أن للمشارع سالطة تقديرياة يملكهاا‪،‬‬
‫إال أن االسااتثناء ال اوارد عليهااا محاادد بقيااد دسااتوري فالساالطة التقديريااة لاايس معناهااا الساالطة المطلقااة وانمااا‬
‫يمارس ااها المش اارع وف ااق ضا اوابط الدس ااتور وف ااي نطاق ااه وال تخ اارج ع اان أحكام ااه َلن ااه مهم ااا اتس ااعت الس االطة‬
‫التقديريااة للمشاارع فيجااب أال تصاال إلااى درجااة اإلهاادار َلصاال الحااق المقاارر دسااتوريا أو االنتقاااص منااه‪،1‬‬
‫وعليه فعيب المحل بشأن رقابة الدستورية في مخالفة نص القانون لقاعدة دساتورية مخالفاة مباشارة ومان ثام‬
‫يشااترط فااي التشا اريع لتقرياار دس ااتوريته أال يكااون مخالف ااا للدسااتور وذلااك با اأن تلتاازم س االطة التش اريع ب ااالقيود‬
‫والضاوابط التاي يتطلبهااا الدساتور حاال مباشارتها الختصاصااتها التشاريعية واال كااان عملهاا بااطال لمخالفتااه‬
‫لهذه القيود ولمجاوزته حرفية النصوص الدستورية‪.2‬‬

‫ومن ذلك يتضح أن محل النص التشريعي أو التنظيمي هو اَلثر القانوني الذي يترتب عليهوالاذي‬
‫يجااب أن يكااون ممكنااا وجااائ از ضاامن الحاادود المرسااومة فااي الدسااتور فااي جااوهره ومادتااه واال كنااا أمااام نااص‬
‫قانوني مشوب بعيب عدم الدستورية‪.‬‬

‫‪ -2‬عيب الغاية أو االنحراف التشريعي‪ :‬يقصد بعيب الغاية في التشريع اساتهداف الانص التشاريعي لغاياة‬
‫غيار تلاك التااي يهادف الدساتور إلااى تحقيقهاا ولتحدياد طبيعااة عياب االنحاراف التشاريعي ينبغاي التطارق إلااى‬
‫الخالف الفقهي بشأنه والذي يمكن رده إلى رأيين رئيسيين‪:‬‬

‫الــرأي األول‪ :‬يمثلااه الفقيااه "الساانهوري" والااذي ذهااب فيااه إلااى القااول أن المشاارع يجااب أن يسااتعمل ساالطته‬
‫التش اريعية لتحقيااق المصاالحة العامااة فااال يتااوخى غايااة غيرهااا وال ينحاارف عنهااا إلااى غايااة أخاارى واال كااان‬
‫التشاريع بااطال‪ ،‬إال أن المعياار المساتخدم فاي هاذه الحالاة ذو شاقين ذاتاي وموضاوعي فالشاق الاذاتي يتعلااق‬
‫بالتعرف على النواياا أو اَلغاراض أو الغاياات التاي أضامرها المشارع وقصاد تحقيقهاا بإصادار تشاريع معاين‬
‫أما الشق الموضوعي فيتمثال بالمصالحة العاماة التاي يجاب أن يتوخاهاا المشارع دائماا فاي تشاريعاته وكاذلك‬
‫الغايااة المخصصااة التااي رساامت لتشاريع معااين‪ ،‬ورغاام ذلاك فااإن الفقيااه "الساانهوري" يقاارر عقااب هااذا الحااديث‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬الشوابكة محمد عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬


‫‪ -2‬محمد على سويلم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.031‬‬

‫‪273‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫بأنه ال يقبل إال معيا ار موضاوعيا خالصاا ال يدخلاه أي عنصار ذاتاي ويبارر ذلاك باأن السالطة التشاريعية ال‬
‫تصدر تشريعاتها إال للمصلحة العامة وال سيما أنها هيئاة تناوب عان الشاعب لاذا يفتارض فيهاا االبتعااد عان‬
‫اَلغراض الذاتية‪.1‬‬

‫ال ـرأي الثــاني‪ :‬رأي يمثلااه الاادكتور "أبااو العينااين" وذهااب فيااه إلااى المعيااار الصااائب فااي تحديااد طبيعااة عيااب‬
‫االنحراف التشريعي هو معيار ذاتي ينصب على نية مصدر القانون وغايته أن تجانب هذه الغاية الصاالح‬
‫الع ام بمعناه الواسع كغاية كل قانون وحقيقاة االنحاراف ال تتاأثر حساب أرياه بموضاوعية الغاياة َلنهاا ليسات‬
‫العياب الوحيااد الااذي ياارد علااى الغايااة‪ ،‬وانمااا هااو العيااب الوحيااد الااذي ياارد علااى غايااة مصاادر القااانون إذ أن‬
‫القاضي الدستوري في نطاق االنحراف يحاسب المشرع علاى نيتاه وغرضاه الحقيقاي الاذي يعلناه غالباا وهاو‬
‫مااا يااؤدي بالقاضااي الدسااتوري إلااى الموازنااة بااين مااا ابتغاااه المشاارع ماان ناحيااة وبااين حقيقااة الصااالح العااام‬
‫بمعناها الواسع من ناحية أخرى‪.2‬‬

‫ورغاام اخااتالف الفقااه حااول التسااليم بمعيااار دقيااق وثاباات لعيااب االنحاراف التشاريعي أو الغايااة وذلااك‬
‫ارجااع إلااى كونااه عيااب خفااي يصااعب إظهاااره بمج ارد المقارنااة بااين الاانص الدسااتوري والاانص التش اريعي أو‬
‫التنظيمااي الرتباطااه بعناصاار ذاتيااة تتعلااق بالمشاارع أيااا كاناات ساالطته وساابب محاولااة هااذا اَلخياار تحقيااق‬
‫مكاسااب إمااا ماديااة أو مصااالح شخصااية أو فئويااة مااع حرصااه علااى إضاافاء صاابغة المصاالحة العامااة علااى‬
‫النص القانوني‪ ،‬إال أن أصل التمييز فاي هاذه الحالاة يكاون أساساه خاروج المشارع بالغاياة مان التشاريع إلاى‬
‫غير ما تتطلبه المصلحة العامة بمفهومها الواسع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهمية الرقابـة الدسـتورية علـى القـوانين‪ :‬أشارنا قابال أن موضاوع دولاة القاانون أصابح مان باين أهام‬
‫المواضيع الهامة فما من دولة إال وتسعى لترسيخ هاذا المبادأ وجعلاه واقعاا معاشاا لدرجاة أناه أصابح الهادف‬
‫اَلساامى الااذي تعماال الاادول لتحقيقااه‪ ،‬باعتباااره مباادأ ال يتحقااق ماان ف اراغ وانمااا يااأتي بحقيقااة قوامهااا منظومااة‬
‫قانونياة تمثال كتلاة المشااروعية فاي الدولاة وبلاوغ ذلااك ال يكاون إال بسامو الانص الدسااتوري علاى مادوناه ماان‬
‫الق اوانين باعتباااره يحماال المبااادئ اَلساسااية والوجااه العااام للنظااام السياسااي فااي الدولااة‪ ،‬وبناااء عليااه يتضااح‬
‫بجااالء أن أساالوب الرقابااة الفعالااة علااى دسااتورية الق اوانين فااي مجملهااا يعتباار تحصااينا للغايااة التااي وضااعت‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أشار إليه‪ :‬الشوابكة محمد عبد هللا‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.221-222‬‬
‫‪ -‬وعصام سعيد عبدو أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 278‬‬
‫‪ -2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪ 309‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪274‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫على أساسها ومن أجلها الرقابة على دساتورية القاوانين التاي تكمان بوجاه خااص وبغاض النظار عان حماياة‬
‫مبدأ سمو الدستور‪ ،‬في تكريس مبدأ الفصل بين السلطات وتحقيق مبدأ المشروعية‪.‬‬

‫أ‪-‬حمايــة مبــدأ ســمو الدســتور‪ :‬يعتباار خضااوع الدولااة للقااانون ماان المساالمات فااي العصاار الحااديث وهااذا‬
‫الخضااوع ال يمك اان تصااوره ب اادون ت اادرج للقواعااد القانوني ااة‪ ،‬يظهاار س اامو بعض ااها علااى ال اابعض اآلخ اار َلن‬
‫القواعااد القانونيااة ليساات متساااوية ماان حيااث القيمااة والقااوة‪ ،‬والتاادرج فااي المنظومااة القانونيااة للاادول يسااتلزم‬
‫بالضرورة خضاوع القاعادة القانونياة اَلدناى للقاعادة القانونياة اَلسامى شاكال ومضامونا حتاى ال يحادث خلال‬
‫في التدرج القانوني للمنظومة القانونية للدولة‪ ،‬لهذه اَلسباب درج إعطاء الدستور المكانة اَلسمى في الهرم‬
‫القانوني لمعظم الدول ولسمو الدستور الذي يقصد به «علو القواعد الدستورية وسيادتها على سائر القواعاد‬
‫‪1‬‬
‫مظهرن أحدهما شكلي أما الثاني فهو موضوعي‪.‬‬
‫ا‬ ‫القانونية في الدولة»‬

‫‪-2‬السمو الشكلي‪ :‬يقصد بالعلو الشكلي للدستور ذلك العلو الذي ينبثق عن مكانة السالطة التاي وضاعته‪،‬‬
‫وصعوبة اإلجراءات التي اتبعت في وضعه مقارنة بإجراءات وضع القوانين العادية‪ ،‬ويسامح العلاو الشاكلي‬
‫للدسااتور بضاامان احت ارام أحكامااه ماان جانااب كافااة ساالطات الدولااة عاان طريااق تنظاايم الرقابااة علااى دسااتورية‬
‫القوانين والق اررات اإلدارية لتأخذ بذلك القواعد الدستورية مكانتها التي تليق بموضاوعها وتعتلاي قماة التنظايم‬
‫القااانوني فااي الدولااة‪ ،2‬اَلماار الااذي يعنااي أن الساامو الشااكلي للدسااتور يتحقااق إذا اسااتلزم وضااعه أو تعديلااه‬
‫إجراءات خاصة تختلف عن اإلجراءات التي تساتلزم إتباعهاا فاي حاال سان التشاريعات العادياة لتكاون باذلك‬
‫صفة العلو واحدة من بين ضمانات احترام الدستور في الواقع العملي‪ ،‬وفي تحديد مرتبة القواعاد الدساتورية‬
‫في الدولة قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر في حكام لهاا صاادر بتااريخ ‪ 30‬ديسامير ‪ 3661‬باأن‬
‫سيادة الدستور ليس مناطها عناصر مادية قوامها مضمون اَلحكام التي احتواهاا والتاي تانظم بوجاه خااص‬
‫تبااادل الساالطة وتوزيعهااا والرقابااة عليهااا‪ ،‬بمااا فااي ذلااك العااائق بااين الساالطتين التش اريعية والتنفيذيااة‪ ،‬وكيفيااة‬
‫مباشا ارتها لوظائفه ااا‪ ،‬ونط اااق الحق ااوق الت ااي يمارس ااها المواطن ااون والحري ااات الت ااي يتمتع ااون به ااا وذل ااك َلن‬
‫الدستور محددا بالمعنى السابق على ضوء القواعاد التاي انتظمهاا يكاون منظاو ار إلياه مان زاوياة مادياة بحتاه‬
‫ال شأن لها بعلو القواعد الدستورية واخضاع غيرها من القواعد القانونية لمقتضااها‪ ،‬وانماا تكاون لاه السايادة‬

‫‪ -1‬دلير صابر إبراهيم خوشناو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.09‬‬


‫‪ -2‬أنظر ماجد راغب الحلو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.90-99‬‬

‫‪275‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫وته اايمن قواع ااده عل ااى التنظ اايم الق ااانوني ف ااي الدول ااة وتحت اال ذراه إذا نظرن ااا إلي ااه م اان زاوي ااة ش ااكلية ال تتقي ااد‬
‫بمضمون القواعد التي فصَّلها‪.1‬‬

‫ووفقا لما سبق فإن السمو الشكلي للدستور ال يتحقق إال بالطريقة التي تتطلبها اإلجراءات الخاصة‬
‫لوضعه والمخالفة لتلك اإلجراءات التي يتم بها وضع أو تعديل القاوانين العادياة‪ ،‬ومختصار ذلاك أن السامو‬
‫الشكلي للدستور ال يتحقق إال إذا كان الدستور جامدا الن هذا النوع من يتطلب وضعه أو تعديله إجراءات‬
‫خاصااة تخااالف اإلجاراءات التااي تتطلبهااا باااقي القاوانين لوضااعها علاى خااالف الدسااتور الماارن الااذي يمكاان‬
‫تعديله بسهولة بذات اإلجراءات التي تعتمد لتعاديل القاوانين العادياة‪ ،‬وفاي ذلاك يقاول اَلساتاذ "ثاروت بادوي"‬
‫جمود الدستور وعدم إمكانية تعديله إال وفقا إلجراءات خاصة تختلف عن إجراءات تعديل القوانين الصادرة‬
‫عن السلطة التشريعية هو الذي يضفي على الدستور صفة السمو القانوني َلن هذا الجمود هو الذي يهيئ‬
‫للقواعد الدستورية مرك از خاصا وأسمى بين القواعد القانونية المختلفة‪.2‬‬

‫‪-2‬الســمو الموضــوعي‪ :‬يعنااي العلااو الموضااوعي للدسااتور أن تس امو قواعااده علااى كافااة القواعااد القانونيااة‬
‫المعتماادة فااي الدولااة‪ ،‬ويرجااع هااذا العلااو إلااى طبيعااة الموضااوعات التااي ينظمهااا الدسااتور‪ ،‬إذ أنااه ماان يضااع‬
‫أسااس النظااام القااانوني للدولااة فيبااين شااكلها واتجاهاتهااا اَلساسااية وينشاائ ساالطاتها العامااة ويحاادد مالهااا ماان‬
‫اختصاصات وما بينها من عالقات كما يبين ما يتمتع به اَلفراد من حقوق وحريات‪.3‬‬

‫تجدر اإلشارة هنا إلى أن العلو الموضوعي للدستور قائم ومعتارف باه بالنسابة لكال أناواع الدسااتير‬
‫سواء أكانت عرفية أم مكتوبة‪ ،‬جامدة أم مرنة وذلك َلنه يتعلق بموضوع الدستور ذاته ولمسائل التي يتولى‬
‫تنظيمها تلك المسائل التي تستتبع بطبيعتها علو القاعدة الدستورية المتضمنة لها‪.4‬‬

‫وعليااه يمكننااا القااول أن الساامو الموضااوعي يتحقااق فااي كااون الدسااتور هااو اَلصاال والمصاادر لكاال‬
‫نشاااط قااانوني فااي الدولااة" فالدسااتور يعلااو علااى كاال القواعااد القانونيااة علااى اإلطااالق‪ ،‬ويتحقااق هااذا العلااو‬
‫والسمو للدستور نتيجة طبيعية الموضوعات التي ينظمها والتي تتميز بخطورتها وأهميتها المطلقة فاي بنااء‬
‫الدول ااة‪ ،‬ونف ااس الحال ااة بالنس اابة للت اادرج الموض ااوعي للقواع ااد القانوني ااة أي تك ااون القواع ااد اَلدن ااى متفق ااة م ااع‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬ماجد راغب الحلو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.06-03‬‬


‫‪ -2‬ثروت بدوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪..96-93‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Ardant PHILIPPE: institutions politiques et droit constitutionnel , 16èmeédition‬‬
‫‪,L.G.D.J.DELTA.Paris ;2004 ,p 55.‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬ماجد راغب الحلو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬

‫‪276‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫مض اامون القاع اادة اَلعل ااى َلن قي ااام النظ ااام القا اانوني للدول ااة عل ااى أس اااس التسلس اال واالرتب اااط ب ااين القواع ااد‬
‫القانونية يمثل عنص ار هاما من عناصر الدولة القانونية‪.1‬‬

‫وعليه فاإن السامو الموضاوعي للدساتور يمثال الركيازة اَلساساية للدولاة كياناا ونظاماا‪ ،‬باعتبااره يباين‬
‫امتياازات الساالطات كمااا يحاادد اختصاصااتها‪ ،‬وااللتا ازم بالساامو الموضااوعي للدساتور يعنااي كمااا أن الدسااتور‬
‫أساااس وجااود الساالطات فااي الدولااة فإنااه يجااب أن تخضااع َلحكامااه احت ارمااا لسااموه وفااي ذلااك تك اريس لمباادأ‬
‫المشااروعية الااذي هااو أماار ماان مساالمات دولااة القااانون‪ ،‬كمااا يترتااب علااى العلااو الموضااوعي لقواعااد الدسااتور‬
‫عاادم ج اواز تفااويض إحاادى الساالطات العامااة الختصاصاااتها الدسااتورية لساالطة أخاارى دون أن يساامح لهااا‬
‫الدسااتور بااذلك ص اراحة وذل اك َلن االختصاااص الدسااتوري لاايس حقااا شخصاايا يجااوز التنااازل عنااه أو تركااه‬
‫لآلخارين وانماا هااو وظيفاة عهااد بهاا الدسااتور لسالطة معيناة بناااء علاى تقاادير مناه لظروفهااا وامكانياتهاا التااي‬
‫تجعلها جديرة بحسن القيام بها‪.2‬‬

‫ب‪ -‬تكــريس مبــدأ الفصــل بــين الســلطات‪ :‬يجمااع فقهاااء القااانون الدسااتوري أن مباادأ الفصاال بااين الساالطات‬
‫يعتبر أحد أهم الضمانات لنفاذ القاعدة الدستورية باعتباره أساس دسترة اختصاصات سلطات الدولة بهدف‬
‫تحقيق التوازن بينها وضمانا لمبدأ المشروعية وصونا للحقوق والحريات‪ ،‬ليكون مبدأ الفصل باين السالطات‬
‫دعام ااة أساس ااية لمب اادأ س اامو الدس ااتور وح ااام للحري ااات الفردي ااة والجماعي ااة م اان خ ااالل الح ااد م اان االس ااتبداد‬
‫السالطوي‪ ،‬اَلماار الاذي يمكننااا معاه القااول أناه بمباادأ الفصال بااين السالطات تنشااأ دولاة القااانون التاي يسااودها‬
‫مبدأ المشروعية الذي يخضع به كل من فيها لسلطان القانون حكاما ومحكومين‪.‬‬

‫هذا وقد ارتبط مبدأ الفصل بين السلطات فاي اَلذهاان باسام الفيلساوف الفرنساي "مونتيساكيو* الاذي‬
‫عرض أفكاره حول هاذا المبادأ فاي كتاباه الشاهير "روح القاوانين" الاذي بادأه بتقسايم وظاائف الدولاة اَلساساية‬
‫إلى ثالث‪ :‬وهي الوظيفة التشريعية والوظيفاة التنفيذياة والوظيفاة القضاائية‪ ،‬ويجاب إعماال مبادأ الفصال باين‬
‫تلك السلطات بهدف ضمان الحرياة وعلاة ذلاك عناد "مونتيساكيو" هاي أن "كال إنساان يمساك بالسالطة يميال‬
‫إلاى إسااءة اساتعمالها وال يتوقاف إال عنادما يجاد أماماه حادودا‪ ،‬ولمناع إسااءة اساتعمال السالطة يجاب ترتياب‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬دلير صابر إبراهيم خوشناو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.3331-331‬‬


‫‪ -2‬ماجد راغب الحلو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫*مونتيسااكيو‪ :‬فيلسااوف سياسااي فرنسااي‪ ،‬ينحاادر ماان أس ارة فرنسااية نبيلااة ولااد فااي قريااة قاارب بااوردو ‪ Bordeaux‬عااام ‪ ،3996‬وتااوفي فااي باااريس عااام‬
‫‪ ،3033‬تلقى تدريبا عمليا في القانون فكان أن أصبح أحد أفراد اَلسرة القضائية فاي باوردو‪ ،‬لاه مؤلفاات عديادة أهمهاا مؤلفاة الخالاد "روح القاوانين" بماا‬
‫أحدثااه ماان أثااار فااي المجاااالت السياسااية والعلميااة‪ ...‬لالطااالع أكثاار أنظـــر‪ /‬حساان مصااطفى البحااري‪ :‬الرقابــة المتبادلـــة بــين الســلطتين التشـــريعية‬
‫والتنفيذيــة كضــمانة لنفــاذ القاعــدة الدســتورية‪ ،‬أطروحااة دكتااوراه فااي الحقااوق‪ ،‬إش اراف عااادل عبااد الاارحمن خلياال‪ ،‬كليااة الحقااوق جامعااة عااين شاامس‪،‬‬
‫‪ ،6779 ،6773‬ص‪.16‬‬

‫‪277‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫اَلمور بحيث السلطة توقف السلطة‪ 1‬بمعنى أنه يجب على كل سلطة أن تراقب السلطة اَلخرى‪ ،‬وتأسيساا‬
‫على ذلك سنعمد في هذا العنصر إلى بيان معنى مبدأ الفصل بين السلطات وكذا مبررات اَلخذ به‪.‬‬

‫‪-2‬مدلول مبدأ الفصل بين السلطات‪ :‬يقصد بهذا المبدأ توزيع وظائف الدولة على هيئاات منفصالة تساتقل‬
‫كل منها على اَلخرى في تأدياة وظيفتهاا بحياث تتحقاق داخال الدولاة سالطة تشاريعية وأخارى تنفيذياة وثالثاة‬
‫قضائية‪2‬كما يعني المبدأ الذي يقضي بإسناد خصاائص السايادة التاي تختلاف بعضاها عان بعاض إلاى أفاراد‬
‫أو هيئات مختلفة ومستقل بعضها عن بعض ولما كانت اَلمة هاي مصادر السالطات فهاي التاي تساند هاذه‬
‫الخصائص المختلفة والمستقلة إلى الهيئات المختلفة والمستقلة‪ 3‬ورغم أن جوهر مبدأ الفصل بين السالطات‬
‫هو تسيير مصالح الدولة سي ار حسنا حتى تضمن الحريات والحول دون التعسف في اساتعمال السالطة‪ ،‬إال‬
‫أن هناك اختالف بين الفقهاء حول المبدأ عند "مونتيسكيو" فيرى جانب من الفقهاء أن هذا اَلخير يوصاي‬
‫بفصل عضوي بين الوظائف أكثر من الفصال باين السالطات‪ ،‬حياث يعتقاد أصاحاب هاذا الارأي أن السالطة‬
‫التنفيذية والتشاريعية والقضاائية كال منهاا هيئاة لهاا وظيفاة معيناة وكال سالطة تخاتص بمباشارة جازء منهاا وال‬
‫يمكاان أن تشاااركه فيااه ساالطة أخاارى‪،‬إال أن اتجاااه أخاارى رأى أن هااذا اَلماار ماان شااأنه أن يااؤدي إلااى فصاال‬
‫جامااد بااين الساالطات ووضااع حاواجز صااماء بينهااا وبالتااالي منااع كاال ساالطة ماان التاادخل فااي ساالطات أخاارى‬
‫ويعتقد أن أسباب وجودها هي الوظيفة التي تمارسها‪.4‬‬

‫وَل ن الفصل الجامد بين السالطات يساتحيل تطبيقاه فاي الواقاع العملاي َلن السالطات العاماة تحتااج‬
‫دائمااا إلااى تعاااون فااي إطااار عالقااة العماال المتبااادل فيمااا بينهااا‪ ،‬وعاان هااذه العالقااة المتبادلااة بااين الساالطات‬
‫العامة في الدولة يقول اَلستاذ "حسن مصطفى البحري" فالسلطات العامة في الدولة هي في الحقيقة جملاة‬
‫اختصاصااات ترتااد جميعااا إلااى أصاال واحااد وماان ثاام ال يمكاان ممارسااتها بطريقااة اسااتقاللية كااال منهااا عاان‬
‫اَلخرى بل يلزم أن تقوم بين الهيئات التي تمارسها عالقات تعاون وتاداخل فاي إطاار منساق بينهاا‪ ،‬وتوجاه‬
‫نش اااطها جميع ااا هدف ااه مش ااترك ل ااذلك ك ااان الا ارأي المن ااادي بالفص اال المطل ااق ب ااين الس االطات قص ااير العم اار‬
‫وساارعان مااا هجاار واسااتبدل بالفصاال الماارن بااين الساالطات الااذي تقااوم فكرتااه علااى أساااس أن ساالطة الدولااة‬
‫تمثاال وحاادة ال تتج ا أز غياار أن للدولااة وظااائف ثااالث هااي الوظيفااة التش اريعية والوظيفااة التنفيذيااة والوظيفااة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bernard CHANTEBOUT: droit constitutionnel et science politique, Armand colin, Masson éditeurs, 14eme‬‬
‫‪éditions, paris, 1997, p. 303.‬‬
‫‪-2‬هيوا رشيد علي‪ :‬الفصل بين السلطات‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،6739 ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -3‬هشام جليل إبراهيم الزبيدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ /‬هيوا رشيد علي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬

‫‪278‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫القضائية وهي وظائف يجب أن تقسم على هيئات ثالث تختص بممارستها باعتبارها اختصاصات تصادر‬
‫من سلطة موحدة هي سلطة الدولة وال يمكن الفصل بينها فصال مطلقا‪.1‬‬

‫‪ -2‬مبــررات األخــذ بمبــدأ الفصــل بــين الســلطات‪ :‬ساانتحدث فااي هااذا العنصاار عاان أهاام مااا لهااذا المباادأ ماان‬
‫مزايا وأبرز ما وجه إليه من انتقادات من قبل الفقهاء على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -2-2‬مزايــا مبــدأ الفصــل بــين الســلطات‪ :‬نسااتخلص أهاام الم ازيااا التااي يحققهااا اَلخااذ بمباادأ الفصاال بااين‬
‫السلطات في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬حماية حقوق اَلفراد وحرياتهم ومنع االستبداد وقاد عبار "مونتيسايكو" عان ذلاك بقولاه الحرياة ال توجاد إال‬
‫في الحكومات المعتدلة‪ ،‬ولكن حتى في الدول المعتدلة ال توجد الحرياة دائماا فهاي تتحقاق فقاط حينماا تتقياد‬
‫ويمتنع عن إساءة استعمالها‪ ،‬ويجب أن ينقش في الذهن ما هي الحرية‪ ،‬فالحرية هاي حاق صانع جمياع ماا‬
‫تبيحه القوانين‪ ،‬فال يمكن مطلقا فاي المجتماع ذي القاوانين أن تقاوم الحرياة علاى غيار القادرة علاى صانع ماا‬
‫يجااب أن ي اراد‪ ،2‬بمعنااى أن الغايااة عنااد "مونتيساايكو" ماان فصاال الساالطات هااي الوصااول إلااى عاادم إساااءة‬
‫استعمال السلطة على أسااس السالطة تجاد السالطة َلن الانفس البشارية تميال بطبعهاا إلاى االساتبداد إذا ماا‬
‫استأثرت بالسلطة وفي ذلك تهديد لحريات وحقوق اَلفراد‪.‬‬

‫‪ -‬ينااتج عاان الفصاال بااين الساالطات تمتااع الق اوانين التااي تصاادر عاان الساالطة التش اريعية بص افتي العموميااة‬
‫والتجريد مما يوفر لها االحترام من جميع الهيئات ويكفل تطبيقها تطبيقا عادال على جميع اَلفاراد‪ ،‬وهاو ماا‬
‫ال يمكاان حدوثااه فااي حااال تركيااز ساالطات الدولااة فااي قبضااة يااد واحاادة اَلماار الااذي ماان شااأنه أن يخلااع عاان‬
‫القانون حيدته وعموميته فمثال إذا ما تركزت وظيفتي التشريع والتنفيذ في يد واحدة لكان بإمكان المشرع أن‬
‫يسن تشريع لحاالت فردية بحته‪ ،‬وذات القول يسري إذا ما تركزت وظيفتاي التشاريع والقضااء فاي ياد واحادة‬
‫إذ يكااون آنااذاك بمقاادور المشاارع أن يساان تشاريعا بقصااد تطبيقااه علااى حاااالت معينااة ومعروضااة فعااال علااى‬
‫القضاء‪ ،‬اَلمر الذي يتعارض مع ما يجب أن يكون للقاعدة القانونية من سمة العماوم والتجرياد‪ 3‬وفاي ذلاك‬
‫تحقيق لشرعية الدولة باعتبار مبادأ الفصال باين السالطات مان أنجاح الوساائل الفعالاة لكفالاة احتارام القاوانين‬
‫وحسن تطبيقها في نفس الوقت وفي رقابة دستورية فعالة‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬حسن مصطفى البحري‪ :‬الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كضمانة لنفاذ القاعدة الدستورية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫ص ‪.33-31‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ /‬مونتيسيكو‪ :‬روح الشرائع‪ ،‬ترجمة عادل زعيتر‪ ،‬مؤسسة هنداوي سي آي سي‪ ،‬المملكة المتحدة ‪ ،6739‬ص ‪ 663‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ /‬دلير صابر إبراهيم خوشناو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.339-330‬‬

‫‪279‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫‪ -‬إتقااان وحساان أداء وظااائف الدولااة وذلااك علااى أساااس أن مباادأ الفصاال بااين الساالطات يحقااق مباادأ تقساايم‬
‫العم اال والتخص ااص ال ااذي م اان ش ااأنه أن يحق ااق إتق ااان ك اال هيئ ااة لوظيفته ااا وحس اان أدائه ااا‪ ،‬فم اان الثاب اات أن‬
‫التخصااص وتقساايم العماال يااؤدي إلااى إتقااان العماال لاايس فقااط فااي مجااال علاام اإلدارة باال أيضااا فااي المجااال‬
‫السياسي‪ 1‬ومقتضى ذلك أن تقسيم العمل إلى أجزاء حسب نوع التخصص وعهده إلى الكفاءة التي تتناسب‬
‫مع كل تخصص فإن النتيجة تكون وال شك إدارة العمل بأكبر قدر من الدقة‪.‬‬

‫‪ -2-2‬االنتقادات الموجهة لمبـدأ الفصـل بـين السـلطات‪ :‬علاى الارغم مان أن مبادأ الفصال باين السالطات‬
‫يهاادف إلااى الحااد ماان االسااتبداد ويعماال علااى تجساايد شاارعية الدولااة وتوزيااع العماال وفقااا للتخصااص بغيااة‬
‫الوصول إلاى اإلتقاان المؤكاد‪ ،‬إال أناه واجاه نقادا مان جاناب الكثيار مان الفقهااء‪ ،‬كماا ال يازال موضاوع جادل‬
‫وتحليل إلى يومنا هذا‪ ،‬وسنعرض بعضا من هذه االنتقادات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬ياارى منتقاادو هااذا المباادأ أن الغاارض منااه كااان محاربااة الساالطان المطلااق للملااوك فااي القاارن الثااامن عشاار‬
‫واالنته اااء ب ااالحكم االس ااتبدادي الملك ااي‪ ،‬وبالنتيج ااة حق ااق المب اادأ اله اادف الرئيس ااي ل ااه‪ ،‬وانقض اات ه ااذه ال اانظم‬
‫االس ااتبدادية وان اادثر عنص اار الس االطات المطلق ااة للحك ااام‪ ،‬لا اذلك ال نحت اااج أن نأخ ااذ به ااذا المب اادأ ف ااي الوق اات‬
‫الراهن‪.‬‬
‫‪ -‬يرى جانب من الفقه أن مبدأ الفصل بين السلطات مبدأ وهمي‪ ،2‬ويبدو أن هذا المبدأ ال فائدة منه إن لم‬
‫تكن السلطات العاماة فاي الدولاة متسااوية‪ ،‬وهاو أمار صاعب ومساتحيل حياث أثبات الواقاع الدساتوري عكاس‬
‫ذلك َلن هناك استحالة في فصل الهيئات المختلفة في الدولة عن بعضها البعض‪ ،‬حيث أدى تطبيق مبادأ‬
‫الفصاال بااين الساالطات إلااى ساايطرة ساالطة معينااة علااى بقيااة الساالطات العامااة فااي الدولااة ممااا قضااى علااى‬
‫الهدف من إقرار المبدأ‪.3‬‬
‫‪ -‬كما قيل عن مبدأ الفصل بين السلطات أنه يتناقض مع سلطات الدولة وسيادتها ووحدة إرادتهاا وسالطة‬
‫الدولة وسيادتها غير قابلة للتجزئة التي تتنافى مع جوهرها‪ ،‬والسلطات الاثالث إنماا هاي بمثاباة أجازاء اآللاة‬
‫الواحدة ومن ثام ال يمكان الفصال بينهاا‪ ،‬حياث أناه مان المتعاذر مباشارة خصاائص السايادة الاثالث (التشاريع‬
‫والتنفيذ والقضاء) من قبل هيئات مختلفة ومستقلة فكما أن سير اآللة يقتضي محركا واحدا كذلك فاإن ساير‬

‫‪ -1‬هشام جليل إبراهيم الزبيدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Michel TROPER: pour une théorie juridique de l’état, presses universitaires de France, 1 ère éd, paris‬‬
‫‪1994 , p255.‬‬
‫‪ -3‬أشار اليه‪ :‬هيوا رشيد علي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. ،60-69‬‬
‫‪ -‬وحسن مصطفى البحري‪ :‬الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كضمانة لنفاذ القاعدة الدستورية‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ‪.39‬‬

‫‪280‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫الحكومااة يقتضااي قيااادة واحاادة‪ ،‬لااذا فااإن توزيااع الساالطات يقضااي علااى الوحاادة واالنساجام الضااروريين لسااير‬
‫نظام الحكم ويتعارض مع وحدة الدولة‪.1‬‬

‫ومان خااالل ماا ساابق وان كاان لاابعض هاذه االنتقااادات مبر ارتاه المقنعااة إلاى حااد ماا‪ ،‬إال أن الاابعض‬
‫اآلخر من الواضاح أنهام باالغوا باعتقاادهم أن مبادأ الفصال باين السالطات يقايم حااج از منيعاا باين السالطات‬
‫العامااة فااي الدولااة بالفصاال المطلااق بينهااا‪ ،‬وهااو اعتقاااد خاااطئ ويتجاااوز حاادود االتصااال والتعاااون فيمااا بااين‬
‫السلطات في ظل التعاون المستمر وكذا الرقاباة المتبادلاة بينهاا‪ ،‬كماا أن القاائلين باأن المبادأ وهماي يصاعب‬
‫تحقيقه َلنه سرعان ما يسقط أمام حقيقة سيطرة سلطة على باقي السلطات في الدولة نقول أنه انتقاد مبني‬
‫على وقائع معاشة في كثير من الدول‪ ،‬إال أنه ليس بالعيب في مبدأ الفصل بين السلطات بل العيب القائم‬
‫في ذلك يكمن في سوء التطبيق العملي لهذا المبدأ ‪ -‬إن لم نقل انعدامه‪ -‬من طرف القائمين على السلطة‬
‫العليا في هذه الدول‪.‬‬

‫وعليه فإنه يمكننا القول أن مبدأ الفصل بين السلطات تنظيم قانوني يؤطر العمل فيما بين سلطات‬
‫الدولة ويعتبر ضمانة أساسية لمبدأ المشروعية وحقوق اَلفراد‪ ،‬حيث أن جمع السلطات في ياد هيئاة واحادة‬
‫تفاديا لالستبداد السلطوي لذلك كان ال بد من تكليف كل سلطة باختصاصااتها المعلوماة والمحاددة دساتوريا‬
‫اَلماار الااذي أدى إلااى اعتبااار مباادأ الفصاال بااين الساالطات أنااه ماان بااين أهاام اَلسااس المعتماادة فااي تصاانيف‬
‫اَلنظمة السياسية‪.‬‬

‫ويعااد مباادأ الفصاال بااين الساالطات ماان أهاام المبااادئ التااي كرسااها المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري ماان‬
‫خااالل تقساايم الساالطات بااين هيئااات ثااالث التشاريعية‪ ،‬التنفيذيااة والقضااائية مااع اسااتحداث آليااات يضاامن ماان‬
‫خاللها إيجاد توازن وتعاون بينها وذلاك مان خاالل التاأثير المتباادل خاصاة باين السالطة التشاريعية والسالطة‬
‫التنفيذيااة‪ ،2‬وتأكيااد المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري علااى إقرارمباادأ الفصاال بااين الساالطات فااي ديباجااة التعااديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ 6767‬وفي صلبه ضمن أحكام المادة ‪39‬منه له عالقة وطيدة بتكريس مبدأ سمو الدستور‬
‫وحمايته وتفعيل الرقابة على دستورية القوانين في آن واحد فمبدأ الفصل بين السلطات تتحدد اختصاصات‬
‫كال سالطة مان الساالطات العاماة فاي الدولاة وبااه ال يمكان َلي منهاا تجااوز حاادودها أو الخاروج عنهاا‪ ،‬وفااي‬
‫ذلك توازن بينها ونفاذ َلحكام الوثيقة الدساتورية وضامان لساموها علاى ماا عاداها مان القاوانين‪ ،‬كماا أن فاي‬
‫ذلك تحقيق للهدف اَلساس من الرقابة على دستورية القوانين‪.‬‬

‫‪ -1‬هشام جليل إبراهيم الزبيدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪ -2‬سليمة مسراتي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.677‬‬

‫‪281‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫ج‪ -‬تحقيق مبدأ المشروعية‪ :‬إن تأسيس حياة دستورية سليمة في كنف دولاة القاانون هاو ماا يضافي علاى‬
‫الدستور مصداقية ويمنح القضاء الدستوري فاعلياة‪ ،‬لاذا نجاد ساعي الادول نحاو تحقياق قانونيتهاا ال يتوقاف‪،‬‬
‫وال عجب في ذلك إذا علمنا أن دولة القاانون صافة ال تاأتي مان عادم‪ ،‬ولبلوغهاا الباد مان تحقياق جملاة مان‬
‫المبادئ اَلساساية والتاي منهاا االلتازام بمبادأ المشاروعية والاذي بتحقيقاه تساتقيم أماور الدولاة وباه تاتمكن مان‬
‫أداء مهامها عندها يمكن القول أننا نانعم باالعيش فاي ظال دولاة القاانون لاذا نجاد أن الج ازئار الحديثاة آمنات‬
‫بضرورة توفير كال الضامانات التاي مان شاانها أن تاوفر الحماياة اَلكيادة والفعالاة لسايادة القاانون‪ ،‬وأن يعلاو‬
‫القااانون عاان كاال شاايء ويخضااع لااه الكاال فهااو أساااس قيااام دولااة القااانون‪ ،‬وأن مباادأ المشااروعية هااو الااذي‬
‫يضمن لكل مواطن العيش في حرية وكرامة‪ 1‬باعتباره أهم ضمانة لحماية الحقوق والحريات‪.‬‬

‫‪ -2‬ماهيــة مبــدأ المشــروعية‪ :‬إن مباادأ المشااروعية يطااال فااي مفهومااه الساالطات الااثالث فااي الدولااة حيااث‬
‫يعني بشكل عام احترام السلطات العامة للقانون‪ ،‬ومن هنا يتضح اتصاله بفكرة الدولة القانونياة التاي يجاب‬
‫أن تخضع له في أنشطتها كلها وتصارفاتها جميعهاا‪ ،‬وكال عمال يصادر عنهاا مشاوب بمخالفاة القاانون يعاد‬
‫عمال غير مشروع‪ 2‬كماا يقصاد بمبادأ المشاروعية خضاوع الحااكم والمحكاوم للقاانون بصافة تاماة‪ ،‬فاال يكفاي‬
‫خضااوع اَلف اراد وحاادهم للقااانون باال يجااب أن تخضااع للقااانون الهيئااات الحاكمااة فااي الدولااة وتكااون أعمالهااا‬
‫متوافقااة مااع أحكااام القااانون‪ ،‬ففااي ظاال مباادأ المشااروعية ال يجااوز للدولااة أو اَلف اراد أن يساالكوا ساالوكا خااارج‬
‫إطار القانون لذا يمثال مبادأ المشاروعية صامام اَلماان للحقاوق والحرياات ويكفال حمايتهاا مان أي اعتاداء‪،3‬‬
‫وهااو مااا يعنااي أنااه بحكاام القااانون تسااود المشااروعية التااي هااي المطلااب اَلساااس لدول اة القااانون كمااا تسااود‬
‫المشروعية والتي هي أساس السلطات العليا منها كما الدنيا‪ ،‬اَلمر الذي يقودناا إلاى التسااؤل حاول التماايز‬
‫بينهما؟ أم أنهما شيء واحد؟‬

‫للتمييز بين مبدأي الشرعية والمشروعية البد من بيان ماهية مبدأ الشرعية مان خاالل تعريفاه‪ ،‬رغام‬
‫أن تعريفااه كااان ومااازال محااط اخااتالف وقااد يبااالغ بعااض الفقااه فااي اخااتالفهم إلااى حااد إنكااار وجااود مصااطلح‬
‫خ اااص لمب اادأ الش اارعية يختل ااف ع اان مص ااطلح مب اادأ المش ااروعية‪ ،‬بينم ااا ذه ااب بع ااض الفق ااه إل ااى أن الما اراد‬

‫‪ -1‬فواز لجلاط‪ :‬الضمانات الدستورية لحماية مبدأ المشروعية‪ ،‬أطروحاة دكتاوراه فاي القاانون العاام‪ ،‬إشاراف عباد القاادر باوبكر‪ ،‬كلياة الحقاوق جامعاة‬
‫الجزائر‪ ،6733 ،6731 ،3‬ص ص‪.311-311‬‬
‫‪ -2‬محمااد طااه حسااين الحساايني‪ :‬ماهيــة مبــدأي الشــرعية والمشــروعية ومصــادرهما‪ ،‬مجلااة العلااوم القانونيااة‪ ،‬العاادد اَلول‪ ،‬جامعااة بغااداد‪ ،6736 ،‬ص‬
‫‪.333‬‬
‫‪ -3‬عبااد اَلمياار حسااون المساالماني‪ :‬نظريــة أعمــال الســيادة فــي الدســتور والتشــريع‪ ،‬ط‪ ،3‬منشااورات زياان الحقوقيااة‪ ،‬بيااروت لبنااان‪ ،6736 ،‬ص ص‬
‫‪.97-06‬‬

‫‪282‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫بالشرعية الفكرة المثالية التي يقصد بها تحقق العدالة أي أنها تعني تحقق العدالة من خاالل احتارام القواعاد‬
‫بشكل عام ساواء فاي ذلاك القواعاد القانونياة أم غيرهاا مان القواعاد‪ ،‬إال أناه ال يمكان القاول باأن الشارعية فاي‬
‫القااانون الدسااتوري تتعلااق بالوصااول إلااى الساالطة فااي الدولااة‪ ،‬فالد ارسااات الدسااتورية تفاارق بااين نااوعين ماان‬
‫السلطة وهما السلطة الشرعية التي يشترط فيها قباول ورضااء الشاعب‪ ،‬والسالطة الثانياة والتاي ال تساتند إلاى‬
‫قبول ورضاء الشعب وانما تستند في وجودها وبقائها علاى اساتخدام القاوة والقهار إلخضااع الشاعب إلرادتهاا‬
‫اَلماار الااذي يعنااي معااه تعلااق مباادأ الشاارعية ب اأمر واحااد وهااو الكيفيااة التااي يمكاان الوصااول بهااا إلااى ساادة‬
‫الحكاام‪ ،1‬وعليااه فااإن مااا يحكاام الشاارعية هااي مرجعيااة سياسااية تكااون خااارج النظااام القااانوني بااالمعني الاادقيق‬
‫حيث تعود لألفراد وآرائهم ممارسة السلطة مان قبال الحكاام‪ ،‬وماا يحكام المشاروعية هاي مرجعياة قانونياة أي‬
‫أن تقدير المشروعية يتم ضامن النظاام القاانوني ليتباين مان ذلاك وجاود مارجعيتين لمفهاومين اَلول مرجعياة‬
‫شرعية وهي مرجعية سياسية واَلخرى مرجعية مشروعية أي مرجعية قانونية‪ ،‬والمالحظ أن كال المرجعيتين‬
‫يأتي على ذكرهما ذكر الحقوق والحريات فكيف لهذه اَلخيرة أن يكون لها عالقة بمبدأ المشروعية؟‬

‫‪ -2‬عالقة مبدأ المشروعية بالحقوق والحريات‪ :‬يعتبر الدستور الهرم القانوني اَلعلى في الدولة فهو قمة‬
‫القواعااد القانونيااة علااى وجااه اإلطااالق‪ ،‬ولقواعااده قااوة اإللازام بالنساابة لكاال مااا عااداه ماان مصااادر المشااروعية‬
‫اَلخرى‪ ،‬إن دستور الدولاة يتضامن القواعاد التاي تباين نظاام الحكام فاي الدولاة‪ ،‬فهاو يانظم السالطات العاماة‬
‫وعالقتهاا فيمااا بينهاا فااي ضاوء مباادأ فصال الساالطات كماا يضاامن الدساتور القواعااد التاي تبااين حقاوق اَلفاراد‬
‫اَلساسية وحرياتهم العامة‪.2‬‬

‫ليشاكل باذلك سامو القاعادة الدسااتورية ضامانة ساامية لحماياة الحقااوق والحرياات مان خاالل دسااترتها‬
‫وتنزيلها منزلة اَلحكام الخاصة بتنظيم السلطة والعالقة بين المؤسسات لتكون بذلك المقوم الثالث للدساتير‬
‫الديمقراطية‪ .‬واالهتمام المتزايد للدول بمختلف أماور الحرياات عازز مان تعادد أصانافها مان جهاة ومان جهاة‬
‫أخرى جعلها من اَلماور العاماة التاي تحتال اهتماماا بهاا شاأنها شاأن أي مان النشااطات والفعالياات اَلخارى‬
‫التاي يتضامنها التشاريع‪ ،‬ولهاذا توصاف الحرياة بوصااف (العاماة) َلنهاا تفتارض تادخل السالطات العاماة فااي‬
‫الدولااة لتنظيمهااا ومعالجتهااا‪ ،3‬وفااي إطااار ذلااك تخضااع كاال قاعاادة قانونيااة لقواعااد قانونيااة تعلوهااا رتب اة كمااا‬
‫أشارنا ساالفا وباعتبااار اإلدارة ال تخضااع للقواعااد القانونيااة التااي تساانها الساالطة التشاريعية فحسااب باال تخضااع‬

‫‪ -1‬أنظر‪ /‬محمد طه حسين الحسيني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 337‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ -2‬عبد اَلمير حسون السلماني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ -3‬خاموش عمر عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.30-39‬‬

‫‪283‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫أيضااا للقواعااد التااي تساانها لنفس اها فنجااد أن مباادأ المشااروعية يفاارض علااى اإلدارة أن تبتغااي فااي أعمالهااا‬
‫المصلحة العامة ليكفل بذلك الحقوق والحريات الشخصية وحصنها من تعسف اإلدارة في أعمالها‪.‬‬

‫ليصبح بذلك مبادأ المشاروعية مان المباادئ التاي ترقاى إلاى المثال العلياا وفاي الوقات نفساه ال يكفاي‬
‫النص عليه في الدساتير والتشريعات‪ ،‬بل يجب أن تتحقق سيادة القانون واقعا وفعال وفي ساياق ذلاك يقاول‬
‫اَلستاذ "فتحاي سارور" إن الدولاة القانونياة بحكام وظيفتهاا عليهاا أن تحماي المصاالح القانونياة‪ ،‬وهاي ليسات‬
‫قاصرة على الدولة وحدها بل تشمل حقوق اَلفراد أيضا والقيمة الحقيقية لمبدأ سيادة القانون ال تكون مجرد‬
‫إخضاااع الم اواطنين لااه‪ ،‬باال التأكيااد ماان خااالل إلازام ساالطات الدولااة ذاتهااا باحت ارمااه َلن اإلنس اان الحاار هااو‬
‫أساس المجتمع الحر‪ ،‬والقوانين هي التي تصون الحقوق اَلساسية لإلنسان وان القاانون حاام للحرياة ولايس‬
‫سيفا مسلطا‪.1‬‬

‫وان كان الهدف من ضرورة احترام مبدأ المشروعية حماية حقوق وحريات اَلفراد إال أن ذلك يجب‬
‫أال يعني تكبيل نشااط اإلدارة بقياود وأحكاام تعرقال أعمالهاا وتشال نشااطها وعلياه فاإن إعطااء اإلدارة هامشاا‬
‫من الحرية يتالءم ودورها في تحقيق المصلحة العامة وفقا لألحوال والظروف‪.2‬‬

‫وبناء على ما سبق يظهر جليا أن سمو الدستور يتحقق بكفالة الرقابة على دساتورية القاوانين التاي‬
‫تجااد أساسااها فااي تطبيااق مباادأ الفصاال بااين الساالطات العامااة فااي الدولااة والتااي عليهااا هااي اَلخاارى احت ارام‬
‫المشروعية القانونية وااللتزام بحدودها‪ ،‬وبهذا المقتضى نكون أمام سيادة حكم القانون الاذي تصاان بموجباه‬
‫الحقوق والحريات وهي الغاية المنشودة من دسترة الرقاباة علاى دساتورية القاوانين اإللزامياة منهاا واالختيارياة‬
‫علااى حااد س اواء فااي الدساااتير الجزائريااة المتعاقبااة إلااى غايااة التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬حيااث تاام ماان‬
‫خاللااه التأكيااد عليااه فااي ظاال االنتقااال بالرقابااة علااى دسااتورية القاوانين ماان المجلااس الدسااتوري إلااى المحكمااة‬
‫الدستورية‪.‬‬

‫‪ -1‬حكمت عسل زيدان‪ :‬حق االنتخاب كضمانة من ضمانات النظام الديمقراطي‪ ،‬مذكرة ماجستير تخصص القانون العام‪ ،‬إشراف محمد سليم‬
‫الغزوي‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة عمان العربية‪ ،6737 ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ -2‬على عبد الحسين الموسوي‪ :‬القواعد التامة في اإلدارة العامة‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،6736 ،‬ص‪.397‬‬

‫‪284‬‬
‫الباب الثاني‪ /‬الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪6161‬‬

‫خالصة الفصل الثاني‬


‫أقدم المؤسس الدستوري الجزائري من خالل اإلصالحات الدستورية لسنة ‪ 6767‬في خطوة على قدر كبيار‬
‫من اَلهمية على اَلخذ بالتوجاه العاالمي فاي مجاال الرقاباة علاى دساتورية القاوانين بإنشااء محكماة دساتورية‬
‫مسااتقلة كبااديل عاان المجلااس الدسااتوري الااذي ارتاابط بااه تاااريخ هااذا المجااال منااذ دسااتور ‪ ،3691‬وقااد نااص‬
‫المؤسااس الدسااتوري فااي إطااار ذلااك علااى أن المحكمااة الدسااتورية هيئااة رقابيااة تتمتااع باالسااتقاللية وتااؤدي‬
‫مهامهااا بتشااكيلة يميزهااا تقااارب كبياار مااع مااا كاناات عليااه تشااكيلة المجلااس الدسااتوري سااابقا ماان حيااث العاادد‬
‫الاذي بقاي بااثني عشاار ‪ 36‬عضاوا ماع االحتفاااظ بتمثيال السالطتين التنفيذيااة والقضاائية دون البرلماان‪ ،‬مااع‬
‫إشاراك الهيئااة الناخبااة وَلول مارة فااي اختيااار نصااف تشااكيلة المحكمااة الدسااتورية ماان اَلكاااديميين – أساااتذة‬
‫القانون الدساتوري‪ -‬بااالقتراع العاام وهاو اَلمار الاذي ساتحدد كيفيتاه بعاد صادور قاانون عضاوي بشاأنه‪ ،‬ماع‬
‫التشديد في شروط العضوية خاصة ما تعلق منها بالسن والخبرة والحياد الحزبي فضال عن التمتع بالحقوق‬
‫المدنية والسياسية‪.‬‬
‫أما من حيث االختصاصات فقاد اختاار المؤساس الدساتوري أن تكاون الرقاباة علاى دساتورية القاوانين ساابقة‬
‫على صدورها‪ ،‬كما قد تكون الحقة عليها‪ ،‬وفي إطار ذلك أبقى المؤسس الدساتوري علاى إخضااع القاوانين‬
‫العضوية واَلنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان لرقابة المطابقة كما أخضاع وَلول مارة اَلوامار الرئاساية لرقاباة‬
‫هااذه اَلخيارة ‪ .‬أمااا القاوانين العاديااة فالرقابااة عليهااا تكااون سااابقة والحقااة‪ ،‬لتقتصاار الرقابااة علااى المعاهاادات‬
‫الدوليااة ضاامن إطااار الرقابااة االختياريااة السااابقة ليحساام المؤسااس الدسااتوري بااذلك أماار كاال جاادل كااان قائمااا‬
‫بخصوص الرقابة عليها‪ ،‬كما أخضع التنظيمات للرقابة االختيارية الالحقة ليوسع بذلك من االختصاصات‬
‫الرقابية للمحكمة الدستورية وهو توسيع لنطاق الرقابة على دستورية القاوانين فاي آن واحاد ماع اإلبقااء علاى‬
‫آلية اإلخطار كوسيلة لتفعيل الرقابة عليها من جانب الهيئات وبالدفع بعدم الدستورية من جانب اَلفراد‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى االختصاصات االستشارية والتقريرية في مختلف الظروف والحاالت‪ ،‬كماا أناه تام الانص‬
‫وَلول مرة على إمكانية تفساير المحكماة الدساتورية َلحكاام الدساتور بطلاب مان طارف الجهاات المخاول لهاا‬
‫دستوريا الحق في اإلخطار‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫اإلطار العام للرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‬

‫خالصة الباب الثاني‬


‫كاناات فك ارة الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية الق اوانين نتاجااا للجهااود التااي بااذلها قضاااة المحكمااة العليااا فااي‬
‫الواليااات المتحاادة اَلمريكيااة وباااَلخص رئيسااها "جااون مارشااال" فااي قضااية "ماااربوري" ضااد "ماديسااون" عااام‬
‫‪ 3971‬فكانت هذه الحادثة المنطلق الحقيقي للرقابة القضاائية علاى دساتورية القاوانين فاي الوالياات المتحادة‬
‫اَلمريكياة وماان ثام باادأ يتساع انتشاارها فااي النصاف الثاااني ماان القارن العشارين‪ ،‬واذا كانات الواليااات المتحاادة‬
‫هااي مهااد الرقابااة القضااائية علااى دسااتورية الق اوانين فااي الاادول الغربيااة‪ ،‬فااإن مصاار تعتباار السااباقة إلااى هااذا‬
‫المجااال فااي الاادول العربيااة ثاام تبعتهااا إليااه تاادريجيا باااقي الاادول العربيااة ومنهااا المملكااة المغربيااة وت اونس ثاام‬
‫الجزائر سنة ‪ 6767‬التي شهد فيها مجال للرقابة على دستورية القوانين النص على إنشاء محكمة دستورية‬
‫تحماال فااي ثناياهااا توجهااا رقابيااا جدياادا باانص ماان الدسااتور‪ ،‬تتااألف ماان ‪ 36‬عض اوا يعينااون لماادة ساات ‪79‬‬
‫سنوات غير قابلاة للتجدياد وهام علاى ثاالث فئاات اَلولاى تمثال السالطة التنفيذياة وعادد أعضاائها أربعاة ‪71‬‬
‫أعضاااء يعياانهم رئاايس الجمهوريااة بمااا فاايهم رئاايس المحكمااة‪ ،‬أمااا الفئااة الثانيااة وعاادد أعضااائها اثنااان ‪76‬‬
‫يمثلون السلطة القضائية عضو تنتخبه المحكمة العليا من بين أعضائها وعضو ينتخبه مجلاس الدولاة مان‬
‫بين أعضائه‪ ،‬أما الفئة الثالثة بنصف عدد التشكيلة ينتخبون باالقتراع العام مان أسااتذة القاانون الدساتوري‪،‬‬
‫ولئن كانت التشكيلة فيها تقارب كبير باين تشاكيلة المجلاس الدساتوري ساابقا إال أن هنااك فروقاا بيناة تتعلاق‬
‫خاصة بشرط السن والخبرة وكذا الحياد الحزبي فضال عن التمتع بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬
‫أسند المؤسس الدستوري للمحكماة الدساتورية اختصاصاات رقابياة متشاعبة باين الرقاباة الساابقة والالحقاة –‬
‫الوجوبية واالختيارية‪ -‬إال أنها ال تنعقد لها تلقائيا وانما يكون لهاا ذلاك عان طرياق آلياة اإلخطاار التاي مانح‬
‫الحاق فااي جانبهااا اإلل ازمااي لارئيس الجمهوريااة‪ ،‬كمااا أبقاى علااى حااق رئاايس الحكومااة أو الااوزير اَلول حسااب‬
‫الحالااة فااي ذلااك إلااى جانااب مكونااات الجهاااز التش اريعي ماان خااالل رؤساااء غرفتااي البرلمااان‪ ،‬فضااال عاان‬
‫تخفاايض المؤسااس الدسااتوري للنصاااب المشااترط إلخطااار المحكمااة الدسااتورية ماان طاارف أعضاااء أو ن اواب‬
‫البرلمان لتمكينهم وبماا فايهم المعارضاة مان اساتعمال هاذا الحاق‪ ،‬كماا كارس آلياة الادفع بعادم الدساتورية ماع‬
‫توسيع مجاله إلى التنظيمات مع اإلبقاء عن نظام إحالتها من طرف الجهات القضائية العليا‪.‬‬
‫كما أتاح التعديل الدستوري لسنة ‪ 6767‬للمحكمة الدستورية البت في الخالفات التي يمكن أن تحصل بين‬
‫السلطات في الدولة وهو مستجد من شاأنه المسااهمة فاي تحقياق العدالاة الدساتورية‪ ،‬ويكاون ذلاك بتنبياه مان‬
‫إح اادى الجه ااات الت ااي له ااا الح ااق ف ااي اإلخط ااار‪ ،‬كم ااا أن ااه بإمك ااان المحكم ااة الدس ااتورية الب اات ف ااي ص ااحة‬
‫االنتخابات الرئاسية والبرلمانية وكذا عمليات االساتفتاء مان خاالل الفصال فاي الطعاون الاواردة إليهاا بشاأنها‬
‫وكااذا إعااالن نتائجهااا النهائيااة‪ ،‬كمااا تستشااار المحكمااة الدسااتورية فااي الظااروف العاديااة بخصااوص التعااديل‬
‫‪286‬‬
‫اإلطار العام للرقابة القضائية على دستورية القوانين‬ ‫الباب الثاني‬

‫الدس ااتوري وش ااغور منص ااب رئاس ااة الجمهوري ااة وتك ااون استش ااارتها ف ااي الظ ااروف غي اار العادي ااة بخص ااوص‬
‫الحا اااالت االسا ااتثنائية‪ ،‬إضا ااافة إلا ااى ذلا ااك أسا ااند المؤسا ااس الدسا ااتوري للمحكما ااة الدسا ااتورية وبا اانص ص ا اريح‬
‫اختصاااص تفسااير أحكااام الدسااتور‪ ،‬ليكااون بااذلك لرقابااة المحكمااة الدسااتورية الاادور الفعااال فااي ترساايخ ساايادة‬
‫القانون‪ ،‬وكذلك إرساء اَلسس التي تبنى عليها الدولة القانونية حماية للحقوق والحريات واعالء للدستور‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‬

‫الخاتمة‬

‫من خالل معالجة موضوع الرقابة على دستورية القاوانين فاي الج ازئار مان المجلاس الدساتوري إلاى المحكماة‬
‫الدستورية وبناء على اَلهداف المسطرة وفق إشكالية الدراسة تم التوصل إلى عدة نتائج ومقترحات نجملهاا‬
‫بما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬النتائج‪:‬‬

‫‪ -‬حرص المؤسس الدستوري الجزائري بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬على اَلخاذ بأسالوب الرقاباة‬
‫السياسااية علااى دسااتورية الق اوانين بواسااطة المجلااس الدسااتوري ونااص علااى أنااه هيئااة مسااتقلة تكلااف بالسااهر‬
‫على احترام الدستور‪.‬‬

‫‪ -‬يسااهر المجلااس الدسااتوري علااى أداء مهامااه بتشااكيلة وازن ماان خاللهااا المؤسااس الدسااتوري بااين تمثياال‬
‫الساالطات الااثالث داخاال المجلااس رغاام انفاراد رئاايس الجمهوريااة فيهااا بحااق التعيااين‪ ،‬فأصاابح المجلااس يتشااكل‬
‫من اثني عشر ‪ 36‬عضوا راعى المؤسس الدستوري فيهم شروطا تتعلق أساسا بالكفاءة والخبرة في المجاال‬
‫القاانوني فضاال عاان مادة العضااوية وموجباتهاا وضااماناتها وهاي فاي مجملهااا شاروط منطقيااة عمال المؤسااس‬
‫الدستوري من خاللها على إ ازلاة السالطة التقديرياة الختياار أعضااء المجلاس لتكاون باذلك تشاكيلته أحاد أهام‬
‫محاور المستجدات في التعديل الدستوري لسنة ‪.6739‬‬

‫‪ -‬وَلن أداء المجلس الدستوري الختصاصاته ال ينعقد له تلقائيا‪ ،‬وانماا يكاون لاه عان طرياق آلياة اإلخطاار‬
‫نجد أن المؤسس الدستوري قد خص مجال هذه اآللية بتوسيع مان خاالل إضاافة الاوزير اَلول عان السالطة‬
‫التنفيذية‪ ،‬كما فسح مجالها َلعضاء نواب البرلمان وهو إجراء من شأنه تدعيم التوازن القائم بين السلطات‬
‫فااي المجلااس كمااا يمكاان المعارضااة ماان المشاااركة الفعليااة فااي اَلشااغال البرلمانيااة‪ ،‬وفااي المقاباال تاام تغييااب‬
‫السلطة القضائية عن مجال اإلخطار المباشر‪.‬‬

‫‪ -‬تم دسترة حق اَلف ارد في االتصال بالمجلس الدستوري وَلول مرة في تاريخ الدساتير الجزائرية وذلاك عان‬
‫طريااق الاادفع بعاادم الدسااتورية بإحالااة قضااائية‪ ،‬وهااو مااا يعتباار قف ازة نوعيااة فااي مجااال الرقابااة علااى دسااتورية‬
‫القوانين بما له من حماية للحقوق والحريات العامة للمواطنين‪.‬‬

‫‪ -‬كانت رقابة دستورية القوانين وما تزال تمثل االختصاص اَلهم من بين االختصاصات الموكلة للمجلس‬
‫الدسااتوري كونااه اختصاااص بااه يتحقااق مباادأ المشااروعية وساايادة القااانون‪ ،‬لااذا كاارس المؤسااس الدسااتوري فااي‬
‫‪289‬‬
‫الخاتمة‬

‫التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬الرقابة اإللزامية علاى القاوانين العضاوية الكتساائها طبيعاة خاصاة – امتاداد‬
‫للدسااتور‪ -‬والرقابااة عليهااا تكااون سااابقة قباال دخولهااا حيااز النفاااذ‪ ،‬ونفااس الشاايء بالنساابة لألنظمااة الداخليااة‬
‫لغرفتي البرلمان بهدف إضفاء االستقرار علاى عمال السالطة التشاريعية بعاد دخاول النظاام الاداخلي لغرفتيهاا‬
‫حيز النفاذ واكتسابه لصفة الدستورية بعد إخضاعه لرقابة المطابقة‪.‬‬

‫‪ -‬كما أكاد المؤساس الدساتوري علاى التميياز فاي إخضااع المعاهادات الدولياة لرقاباة المجلاس الدساتوريحيث‬
‫تخضاع منهاا اتفاقياات الهدنااة ومعاهادات السالم للرقاباة اإللزاميااة الساابقة فاي حاين يخضااع ماا ساواها للرقابااة‬
‫السابقة االختيارية شأنها في ذلك شأن القوانين العادية والتنظيمات‪.‬‬

‫ه ااذا إض ااافة إل ااى عدي ااد االختصاص ااات التقريري ااة منه ااا والمتعلق ااة باالنتخاب ااات الرئاس ااية والتشا اريعية‪ ،‬وك ااذا‬
‫االختصاصات االستشارية في الحاالت العادية منها بخصوص التعاديل الدساتوري وحااالت شاغور منصاب‬
‫رئاسة الجمهورية‪.‬‬

‫‪ -‬هااذا وأضاااف التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6739‬نصااا جديادا يفيااد بإلزاميااة قا اررات وأراء المجلااس الدسااتوري‬
‫حول مواضيع اإلخطار المعروضة عليه‪ ،‬وهو أمار مساتحدث اكتسابت باه أراء وقا اررات المجلاس الدساتوري‬
‫ص افة اإللزاميااة علااى الكافااة ساالطات وأف اراد‪ ،‬بهاادف إقامااة نظااام قااانوني يحفااظ الحقااوق َلصااحابها ويحقااق‬
‫التوازن بين مصالح اَلطراف المختلفة تطبيقا لمبدأ سيادة القانون في البالد‪.‬‬

‫وماان خااالل د ارسااتنا لمختلااف اإلصااالحات التااي مساات المجلااس الدسااتوري بموجااب التعااديل الدسااتوري لساانة‬
‫‪ 6739‬من تشكيلة واختصااص وطبيعاة عمال والزامياة َلرائياه وق ار ارتاه يمكنناا القاول أن المجلاس الدساتوري‬
‫أدى ومااازال يااؤدي دو ار بااالغ اَلهميااة وغياار ذلااك ماان القااول يعااد جحااودا ونك ارنااا فلطالمااا كااان الساااهر علاى‬
‫ساامو الدسااتور ونفاااذ قواعااده وضاابط حاادود الساالطات العموميااة‪ ،‬وأي اخااتالل اعتاارى ذلااك ال يمكاان إرجاعااه‬
‫إلى تقصير من المجلس الدستوري وحده َلن المرجعية اَلساسية الختصاصاته هي النص الدستوري‪ ،‬ومن‬
‫جهة أخرى فإن اإلصالحات التي جاء بها التعديل الدستوري لسنة ‪ 6739‬رغم أنها لم تنص علاى التحارك‬
‫التلق ااائي للمجل ااس َلداء مهام ااه إال أنه ااا ك ااان بإمكانه ااا أن تجع اال من ااه أداة فعال ااة لهيكل ااة النظ ااام الق ااانوني‬
‫والمؤسساااتي فااي الدولااة وتسااير بمجااال الرقابااة علااى دسااتورية القاوانين قاادما‪ ،‬إال أن الظااروف التااي عاشااتها‬
‫بالدنا – الحراك الشعبي‪ -‬كانت أسرع من اإلصالحات التي جاء بها التعديل الدستوري والتي كان من بين‬
‫إف ارزاتهااا محاايط سياسااي جديااد يسااتوعب التح اوالت االجتماعيااة واالقتصااادية فضااال عاان التعااديل الدسااتوري‬
‫لسنة ‪ 6767‬فكاان مان باين ماا ناص علياه إنشااء محكماة دساتورية وخصاص لهاا فصاال مساتقال تأكيادا مان‬

‫‪290‬‬
‫الخاتمة‬

‫المؤسس الدستوري على أنها هيئة سامية تتمتع باالستقاللية والوزن المتمياز باين المؤسساات الدساتورية فاي‬
‫الدولة نظ ار لدورها المحاوري ذو الطاابع المازدوج – قاانوني وسياساي‪ -‬فاي الدولاة‪ ،‬مان خاالل تكليفهاا بمهاام‬
‫السااهر علااى احت ارام الدسااتور وضاابط سااير المؤسسااات ونشاااط الساالطات العموميااة‪ ،‬لتأخااذ بااذلك المحكمااة‬
‫الدسااتورية النصاايب اَلوفاار ماان المسااتجدات التااي جاااء بهااا التعااديل الدسااتوري لساانة ‪ 6767‬باادءا بالتركيبااة‬
‫البشرية وان لم تختلف كثي ار على ماا كانات علياه ساابقا فاي المجلاس الدساتوري خاصاة مان الناحياة العددياة‬
‫التي أبقى فيها المؤسس الدستوري على اثني عشر ‪ 36‬عضاوا نساب إليهاا ممثلاين عان السالطتين التنفيذياة‬
‫والقضااائية‪ ،‬مااع تاارجيح لكفااة الساالطة التنفيذيااة تغيي اب تااام َلعضاااء البرلمااان‪ ،‬كمااا نااص وَلول م ارة علااى‬
‫إش اراك الهيئااة الناخبااة فااي اختيااار نصااف تشااكيلة المحكمااة الدسااتورية‪ ،‬هااذا وشاادد المؤسااس الدس اتوري فااي‬
‫شرطي السن والخبرة‪ ،‬كما أضاف شروطا جديدة يجب توفرها في عضو المحكمة الدستورية لم يأتي النص‬
‫عليها من قبل تتعلق بالحياد الحزبي مع وجوب التمتع بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬

‫‪ -‬يتجسد الدور الرقابي للمحكمة الدساتورية مان خاالل إخطاار مباشار مان طارف الهيئاات – سالطة تنفيذياة‬
‫والبرلمان‪ -‬وبإخطار غير مباشر بالنسبة لألفراد عن طريق الدفع بعدم الدستورية بإحالة قضائية‪.‬‬

‫‪ -‬باإلضااافة إلااى االختصاصااات التااي خولتهااا إياهااا ص اراحة أحكااام أخاارى فااي الدسااتور تفصاال المحكمااة‬
‫الدس ااتورية ف ااي دس ااتورية مختل ااف التشا اريعات الوطني ااة منه ااا والدولي ااة وك ااذا التنظيم ااات‪ ،‬واخت ااار المؤس ااس‬
‫الدسااتورية أن تكااون الرقابااة إلزاميااة بالنساابة للق اوانين العضااوية واَلنظمااة الداخليااة لغرفتااي البرلمااان وكااذلك‬
‫اَلمر بالنسبة لألوامر الرئاسية التي أخضعها المؤسس الدستوري َلول للرقابة اإللزامية وهي رقابة مطابقة‪،‬‬
‫أمااا بالنساابة للمعاهاادات الدوليااة فقااد حساام المؤسااس الدسااتوري أماار رقابتهااا بإخضاااعها للرقابااة االختياريااة‬
‫السااابقة ش ااانها فااي ذل ااك شااأن القا اوانين العاديااة وعلي ااه فهااذه اَلخياارة بمنااأى ع اان الرقابااة الالحق ااة باس ااتثناء‬
‫تحريكها في إطار الدفع بعدم الدستورية‪ ،‬أما التنظيمات فتخضاع لرقاباة اختيارياة ساابقة علاى صادورها كماا‬
‫تخضااع لرقابااة اختياريااة الحقااة شاارط أن يااتم ذلااك خااالل شااهر واحااد ابتااداء ماان تاااريخ صاادورها بالجرياادة‬
‫الرسمية‪.‬‬

‫‪ -‬وماان بااين أهاام المقتضاايات ال اواردة فااي اإلصااالحات الدسااتورية لساانة ‪ 6767‬الاانص علااى رقابااة توافااق‬
‫الق اوانين والتنظيمااات مااع المعاهاادات وهااو اختصاااص أخضااع بموجبااه المؤسااس الدسااتوري الق اوانين العاديااة‬
‫والتنظيمااات لرقابااة توافااق مااع المعاهاادات المصااادق عليهااا‪ ،‬لكاان بإخطااار ماان قباال الجهااات التااي منحهااا‬
‫الدستور الحق في ذلك َلن الجزائر ملزمة باالستجابة اللتزاماتها الدولية‪ ،‬واسناد هذا االختصاص للمحكمة‬

‫‪291‬‬
‫الخاتمة‬

‫الدستورية الغاية منه هي أقلمة التشاريعات العادياة والتنظيماات ماع ماا تقتضايه هاذه المعاهادات خاصاة فاي‬
‫مجااال حقااوق اإلنسااان باعتبااار أن المعاهاادات تأخااذ صاافة الساامو علااى الق اوانين العاديااة بمجاارد المصااادقة‬
‫عليها‪.‬‬

‫‪ -‬كما تم تمكين المحكماة الدساتورية مان اختصااص النظار فاي الطعاون التاي تتلقاهاا حاول النتاائج المؤقتاة‬
‫لالنتخابااات الرئاسااية والتشاريعية وعمليااات االسااتفتاء كمااا يعااود لهااا اختصاااص إعااالن النتااائج النهائيااة لهااذه‬
‫العمليااات ولهااا فااي ذلااك كاماال الساالطة التقديريااة وفقااا لمجريااات العمليااة االنتخابيااة أو االسااتفتائية فااي أن‬
‫تقضي إما بعدم قبول الطعون أو ببطالن االنتخابات جزئيا أو كليا مع إمكانية تصحيح نتائجها‪.‬‬

‫‪ -‬كما أتيح للمحكمة الدساتورية البات فاي الخالفاات التاي يمكان أن تحادث باين السالطات بسابب التجااوزات‬
‫علا ااى االختصاصا ااات الممنوحا ااة لكا اال منها ااا بتنبيا ااه ما اان إحا اادى جها ااات اإلخطا ااار‪ ،‬وها ااو أيضا ااا ما اان با ااين‬
‫االختصاصات المستحدثة بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪.6767‬‬

‫‪ -‬ولعل من بين أهم ما جاء باه التعاديل الدساتوري اَلخيار مان مساتجدات الانص علاى اضاطالع المحكماة‬
‫الدستورية بتفسير أحكام الدستور‪ ،‬على أن يكون ذلك بطلب من الجهات التي لها حق االتصاال بالمحكماة‬
‫الدس ااتورية بموج ااب ن ااص الم ااادة ‪ 361‬ما ان التع ااديل الدس ااتوري لس اانة ‪ ،6767‬وه ااو اختص اااص م اان ش ااأنه‬
‫المساهمة في الفهم السليم للمغزى العمياق َلحكاام الدساتور لتصابح المحكماة الدساتورية باذلك مناارة للقاانون‬
‫وحامية للحقوق والحريات في ذات الوقت وهي واحدة من أسمى صور احترام سمو الدستور‪.‬‬

‫‪ -‬إضاافة إلااى ذلااك يقااع علااى عاااتق المحكمااة الدساتورية مهااام خاصااة ذات طااابع استشاااري باعتبارهااا هيئااة‬
‫دستورية استشارية ورقابية وذلك في الحاالت العادية ويتعلق اَلمر بالتعديل الدستوري‪ ،‬كماا يكاون لهاا ذلاك‬
‫في الحاالت الخاصة والمتعلقة بشغور منصب رئاسة الجمهورية سواء كان الشغور مؤقتا أو دائما‪ ،‬كما أنه‬
‫للمحكمااة الدسااتورية دو ار استشاااريا فااي الحاااالت االسااتثنائية وتقااوم ماان خاللااه بالسااهر علااى احتارام الدسااتور‬
‫وحمايااة الحقااوق والحريااات فااي إطااار تقااديم االستشااارات ماان طاارف رئيسااها فااي حالااة الضاارورة بتقرياار حالااة‬
‫الطوارئ أو الحصار وقبل تقرير الحالة االستثنائية‪.‬‬

‫‪ -‬وتعتبر ق اررات المحكمة الدستورية ملزمة وذات حجية على كافة السلطات العمومية اإلداريةوالقضائية‪.‬‬

‫تأسيسااا عليااه يمكننااا القااول أن أخااذ المؤسااس الدسااتوري الج ازئااري بالرقابااة القضااائية علااى دسااتورية‬
‫القوانين أسوة بنظيرياه المغرباي والتونساي أمار مان شاأنه الرقاي بمبادأ الرقاباة علاى دساتورية القاوانين خاصاة‬

‫‪292‬‬
‫الخاتمة‬

‫بعد فشال تجرباة الرقاباة السياساية عان طرياق المجلاس الدساتوري فاي تحقياق ذلاك‪ ،‬واثباات الرقاباة القضاائية‬
‫عل ااى دس ااتورية القا اوانين لفاعليته ااا ونجاعته ااا ف ااي إع ااالء النص ااوص الدس ااتورية ونف اااذ أحكامه ااا م اان جه ااة‪،‬‬
‫وض امان الحقااوق والحريااات العامااة والسااعي لحمايتهااا ماان جهااة أخاارى‪ ،‬فااي معظاام الاادول الديمقراطيااة التااي‬
‫أخااذت بهااذا الاانهج الرقااابي لتحماال بااذلك المحكمااة الدسااتورية المسااتحدثة بموجااب التعااديل الدسااتوري لساانة‬
‫‪ 6767‬توجهااا رقابيااا جدياادا أصاابح علااى إث اره القضاااء الدسااتوري المتخصااص حقيقااة مجساادة فااي الج ازئاار‬
‫والشك أن ذلك يعد تطو ار دستوريا بالغ اَلهمية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االقتراحات‪:‬‬

‫قلنا فيما سابق أن اختياار المؤساس الدساتوري االنتقاال بالرقاباة علاى دساتورية القاوانين مان الرقاباة السياساية‬
‫إلى الرقابة القضائية عليها والنص على إنشااء محكماة دساتورية يعاد خطاوة مهماة فاي مسايرة تطاور الرقاباة‬
‫على دستورية القوانين في الج ازئار‪ ،‬إال أن ذلاك ال يعناي أنهاا ال تحتااج إلاى مزياد مان الجهاود لادعم ترسايخ‬
‫المبااادئ الخاصااة بالمحكمااة كهيئااة وكأعضاااء لتكااون ركي ازة أساسااية لساارح دولااة القااانون وحاميااة للحقااوق‬
‫والحرياات العاماة لألفاراد إعاالء َلحكاام الدساتور وصاونا لمبادئااه كماا هاو ماأمول منهاا‪ ،‬وعلياه فإناه لتحقيااق‬
‫الفعالية المقصودة للرقابة على دستورية القوانين بواسطة المحكمة الدستورية في رأينا البد من إعاادة النظار‬
‫في مسائل عدة لها عالقة مباشرة بأسس عملها ومن شأنها تفعيل دورها كحارسة للدستور من جهة‪ ،‬وحتاى‬
‫تااتمكن ماان مواكبااة ساارعة التطااورات فااي الحياااة السياسااية والقانونيااة للاابالد ماان جهااة أخاارى وتساااير اَلداء‬
‫الفعال للهيئات المشابهة في اَلنظمة المقارنة وفي إطار ذلك نحدد التوصيات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬وجوب تعميم االنتخااب كأسالوب لالنتسااب للمحكماة الدساتورية علاى جمياع اَلعضااء بماا فايهم رئيساها‪،‬‬
‫َلن اسااتمرار ماانح المؤسااس الدسااتوري ل ارئيس الجمهوريااة حااق التعيااين داخاال المحكمااة الدسااتورية وخاصااة‬
‫رئيسها أمر يتناافى واَلصاول الديمقراطياة التاي تعطاي اَلولوياة واَلهمياة البالغاة لتنصايب أعضااء المحااكم‬
‫الدسااتورية عباار االنتخاااب باعتباااره أضاامن أساااليب االنتساااب لهااذه الهيئااات تحقيقااا للحياااد ولن ازهااة للهيئااات‬
‫واَلعضاء معا‪.‬‬

‫‪ -‬فسااح المجااال أمااام أعضاااء ون اواب البرلمااان لعضااوية المحكمااة الدسااتورية تكريسااا لمباادأ المساااواة وتكااافؤ‬
‫الفاارص المنصااوص عليهمااا دسااتوريا‪َ ،‬لن حرمااانهم ماان العضااوية بحجااة النزعااة الحزبيااة فيااه تغييااب إلرادة‬
‫الشااعب بطريقااة غياار مباش ارة‪ ،‬هااذا فضااال علااى أن إش اراك أعضاااء ون اواب البرلمااان فااي عضااوية المحكمااة‬
‫الدستورية فيه إضفاء للتوازن بين السلطات داخلها وهو أمر من شأنه تعزيز حياد أعضائها‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -‬تعزيااز تشااكيلة المحكمااة الدسااتورية بالعنصاار القضااائي نظ ا ار لمااا تتطلبااه طبيعااة مهامهااا ماان صاافات ال‬
‫تتوفر في غير القضاة كالتكوين القاانوني المتخصاص والفهام القاانوني المعماق والساليم‪ ،‬فضاال عان تميازهم‬
‫بالحياد والنزاهة‪.‬‬

‫‪-‬العمل على إشراك ممثلين عن المجلس اإلسالمي اَلعلى فاي عضاوية المحكماة الدساتورية للحيلولاة دون‬
‫إصاادار أو اسااتمرار فااي العماال بقاوانين قااد يكااون فيهااا مساااس بأحكااام الاادين اإلسااالمي باعتباااره دياان الدولااة‬
‫وبنص دستوري‪.‬‬

‫‪ -‬الاانص ص اراحة علااى عاادم إمكانيااة عاازل عضااو المحكمااة الدسااتورية‪ ،‬مااع معالجااة دقيقااة ومفصاالة لااذلك‬
‫ضمن النظام المحدد لقواعد عمل المحكمة الدستورية ضمانا الستقالليتها وتأكيدا على حصانة العضو من‬
‫أي تأثيرات مهما كان مصدرها‪.‬‬

‫‪ -‬تخفاايض النصاااب المش اترط لصااحة اإلخطااار ماان طاارف أعضاااء ون اواب البرلمااان َلن فااي ذلااك إتاحااة‬
‫للفرصااة أمااام اَلقليااة البرلمانيااة إلبااداء رأيهااا وايصاااله إلااى المحكمااة الدسااتورية وخاصااة فااي حااال اسااتندت‬
‫اَلكثرياة إلاى قوتهااا العددياة واالسااتبداد برأيهاا لخدمااة مصاالحها الضايقة‪ ،‬وحتااى ال تمار الرقابااة عان طريااق‬
‫المحكمة الدساتورية بانفس التجرباة التاي مارت بهاا خاالل حقباة الرقاباة عان طرياق المجلاس الدساتوري والتاي‬
‫أثبتت فشلها بامتياز‪.‬‬

‫إع ااادة النظ اار ف ااي ال اانص الخ اااص بإحال ااة ال اادفع بع اادم الدس ااتورية ع اان طري ااق الجه ااات القض ااائية العلي ااا‪،‬‬
‫الختصااار درجااات التقاضااي وفسااح المجااال أمااام محاااكم الموضااوع َلداء مهامهااا دون ح اواجز قانونيااة ماان‬
‫جهة ولتسريع إجاراءات الفصال فاي الادفع بعادم الدساتورية مان جهاة أخارى‪ ،‬كماا أن فاي ذلاك حماياة لحقاوق‬
‫المتقاضين المتعلقة بالدعوى اَلصلية‪.‬‬

‫‪ -‬الاانص علااى مانح المحاااكم علااى اخااتالف درجاتهااا وأنواعهااا حااق اإلحالااة التلقائيااة َلي نااص قااانوني فيااه‬
‫شبهة مخالفة الدستور إلى المحكمة الدستورية حتى من دون دفع اَلفراد لتقريار أمار دساتوريته مان عادمها‪،‬‬
‫وجعلهااا واحاادة ماان وظائفهااا القضااائية باعتبااار القضاااء حااامي القااانون بصاافة عامااة والساااهر علااى حساان‬
‫تطبيقه بما في ذلك منع المشرع من تجاوز اختصاصاته الدستورية‪ ،‬وهذه الطريقة وان كانت وسيلة دفاعية‬
‫فهااي فااي ذات الوقاات تمهيديااة لالتجاااه نحااو تفعياال اَلساالوب الرقااابي المنااتهج حااديثا والرقااي بمجااال الرقابااة‬
‫على دستورية القوانين في بالدنا إلى مصاف تجارب الديمقراطيات العريقة التي قطعت أشواطا مان النجااح‬
‫في هذا المجال‪.‬‬
‫‪294‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -‬م اانح المحكم ااة الدس ااتورية ح ااق التح اارك التلق ااائي َلداء مهامه ااا‪ ،‬أو عل ااى اَلقا ال تبس اايط إجا اراءات آلي ااة‬
‫اإلخطار وجعلها موحدة بين جميع الجهاات التاي خاول لهاا دساتوريا ذلاك‪ ،‬لماا لاه مان دور فعاال فاي تعزياز‬
‫المنظومة القانونية في البالد‪.‬‬

‫‪ -‬ضرورة منح المحكمة الدستورية السلطة المطلقة في بسط رقابتها التلقائية على مختلف أنواع المعاهدات‬
‫الدولية‪ ،‬ترسيخا لمبدأ المشروعية وتأمينا لحماية أفضل للدستور وحقوق وحريات اَلفراد‪.‬‬

‫‪ -‬ض اارورة فس ااح مج ااال اإلخط ااار لهيئ ااات المجتم ااع الم اادني كالجمعي ااات والنقاب ااات وك ااذا المجل ااس ال ااوطني‬
‫لحقوق اإلنساان‪ ،‬بخصاوص النصاوص القانونياة والتنظيمياة التاي تحكام نشااطها َلنهام أول مان يتاأثر بعادم‬
‫دستوريتها‪.‬‬

‫‪ -‬وفاي اَلخيار نتمنااى أن نكاون قااد أحطناا بااأهم جواناب الد ارسااة واضاافة شاايء جدياد إلااى المكتباة القانونيااة‬
‫من شأنه أن يفيد الباحث في مجال القانون‪ ،‬فإن وفقنا فذاك مرادنا وما توفيقنا إال باهلل‪ ،‬وان أخفقناا فحسابنا‬
‫أننا بذلنا غاية جهدنا وال نزيد على ما قال عماد الدين اَلصفهاني‪:‬‬

‫« رأيت أناه ال يكتاب إنساان كتااب فاي يوماه إال قاال فاي غاده لاو غيار هاذا لكاان أحسان ولاو زياد كاذا لكاان‬
‫يستحسن ولو قدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا لكان أجمل وهذا من أعظم العبر وهاو دليال علاى اساتيالء‬
‫النقص على جملة بني البشر»‪.‬‬

‫تمت بعون اهلل وحمده‪.‬‬

‫‪295‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪-‬قائمة المصادر والمراجع‬

‫القران الكريم‬

‫أوال‪ -‬قائمة المصادر والمراجع باللغة العربية‬

‫أ‪-‬قوانين الجمهورية الجزائرية‬

‫‪-2‬الدساتير‪:‬‬

‫‪ -‬دستور ‪ 3691‬الصادر بتاريخ‪ 79‬سبتمبر ‪،3691‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،91‬الصادرة بتاريخ ‪ 37‬سبتمبر‬


‫‪.3691‬‬

‫‪ -‬التعديل الدستوري لسنة ‪3669‬الصادر بتاريخ ‪ 69‬نوفمبر‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪،09‬الصادرة بتاريخ ‪ 79‬ديسمبر‬
‫‪.3669‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 73-39‬المؤرخ في ‪ 79‬مارس ‪ 6739‬يتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد‪،31‬‬


‫الصادرة بتاريخ ‪ 70‬مارس ‪.6739‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 116-67‬مؤرخ في ‪ 33‬جمادى اَلولى عام ‪ 3116‬الموافق لا ‪ 17‬ديسمبر سنة‬
‫‪ ،6767‬يتعلق بإصدار التعديل الدستوري‪ ،‬المصادق عليه في استفتاء أول نوفمبر سنة ‪ ،6767‬ج ر‪،‬‬
‫العدد ‪ ،96‬الصادرة بتاريخ ‪ 33‬جمادى اَلولى عام ‪ 3116‬ه الموافق ل ا ‪ 17‬ديسمبر سنة ‪. 6767‬‬

‫‪ -2‬القوانين العضوية‪:‬‬

‫‪-‬القانون العضوي رقم ‪ 39-39‬المؤرخ في ‪ 76‬سبتمبر ‪ ،6739‬المحدد لشروط وكيفيات تطبيق الدفع‬

‫بعدم الدستورية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،31‬الصادرة بتاريخ ‪ 73‬سبتمبر ‪.6739‬‬

‫‪-‬القانون العضوي رقم ‪ 79-36‬المؤرخ في ‪ 31‬محرم عام ‪ 3113‬الموافق ‪ 31‬سبتمبر سنة ‪6736‬‬
‫المعدل والمتمم للقانون العضوي رقم ‪ 37-39‬المؤرخ في ‪ 66‬ذي القعدة عام ‪ 3110‬الموافق ‪ 63‬غشت‬
‫سنة ‪ 6739‬والمتعلق بنظام االنتخابات‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،33‬الصادرة بتاريخ ‪ 33‬سبتمبر ‪.6736‬‬

‫‪-‬القانون العضوي رقم ‪ 70-36‬المؤرخ في ‪ 31‬محرم عام ‪ 3113‬الموافق ل ‪ 31‬سبتمبر سنة ‪،6736‬‬
‫‪.6736‬‬ ‫ج ر‪ ،‬عدد‪ ،3‬الصادرة بتاريخ ‪ 33‬سبتمبر سنة‬

‫‪297‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -3‬القوانين العادية‪:‬‬

‫‪-‬قانون رقم ‪ 79-31‬مؤرخ في ‪ 31‬شوال عام ‪ 3113‬الموافق ‪ 6‬غشت سنة ‪ ،6731‬يتعلق بالخدمة‬
‫الوطنية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ 19‬الصادرة بتاريخ ‪ 37‬غشت سنة ‪.6731‬‬

‫‪ -9‬األوامر‪:‬‬

‫‪-‬اَلمر ‪ 39-03‬المؤرخ في ‪ 69‬سبتمبر ‪ 3603‬المتضمن القانون المدني المعدل والمتم‪.‬‬

‫‪ -‬اَلمر رقم ‪ 73/33‬المؤرخ في ‪ 61‬فيفري ‪ 6733‬المتضمن رفع حالة الطوارئ‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد‪،36‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 61‬فيفري ‪.6733‬‬

‫‪ -5‬األنظمة الداخلية ‪:‬‬

‫‪ -‬النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬المؤرخ في ‪ 63‬ربيع اَلول عام ‪ 3136‬الموافق ‪69‬‬
‫يونيو ‪ ،6777‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،19‬الصادرة بتاريخ ‪ 79‬جمادي اَلول ‪ 3136‬الموافق ‪ 79‬غشت ‪.6777‬‬

‫‪ -‬النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬المؤرخ في ‪ 79‬أفريل ‪ ،6739‬جر‪ ،‬العدد ‪ ،66‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 33‬ماي ‪.6739‬‬

‫‪ -‬النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪،‬ج ر‪ ،‬عدد‪ ،71‬الصادرة بتاريخ ‪ 17‬يونيو‪.6736‬‬

‫‪ -2‬المراسيم‬

‫‪ -‬المراسيم الرئاسية ‪:‬‬

‫‪-‬المرسوم الرئاسي رقم‪ 369-93‬المؤرخ في ‪71‬يونيو‪ 3663‬المتضمن تقرير حالة الحصار‪ ،‬ج‬
‫ر‪،‬العدد‪ ،66‬الصادرة بتاريخ ‪ 36‬يونيو‪.3663‬‬

‫‪-‬المرسوم الرئاسي ‪ 11/66‬المؤرخ في ‪ 76‬فيفري ‪ 3666‬المتضمن إعالن حالة الطوارئ ‪،‬جر‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،37‬الصادرة بتاريخ ‪ 76‬فيفري ‪.3666‬‬

‫‪ -‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 171-76‬المؤرخ ‪ 69‬نوفمبر ‪ ،6776‬المحدد لصالحيات و ازرة الشؤون‬


‫الخارجية‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،06‬الصادرة بتاريخ ‪ 73‬ديسمبر ‪.6776‬‬

‫‪-‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 97-31‬المؤرخ في ‪67‬فبراير ‪ ،6731‬المتعلق بكيفية الطعن في صحة عمليات‬
‫التصويت‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،33‬الصادر في ‪ 69‬فبراير ‪.6731‬‬

‫‪298‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫التشريعية‪:‬‬ ‫‪-‬المراسيم‬

‫‪ -‬المرسوم التشريعي رقم ‪ 76/61‬المؤرخ في ‪ 79‬يناير ‪ ،3661‬والمتضمن تمديد حالة الطوارئ‪ ،‬ج ر‪،‬‬
‫‪.3661‬‬ ‫العدد ‪ ،79‬الصادر بتاريخ ‪ 0‬فيفري‬

‫‪ -2‬آراء وق اررات المجلس الدستوري ‪:‬‬

‫‪-‬اإلعالن رقم‪/73‬إ‪.‬م‪.‬د‪ 73/‬مؤرخ في ‪ 73‬أكتوبر ‪ ،6773‬يتعلق بنتائج استفتاء ‪ 66‬سبتمبر ‪ 6773‬حول‬


‫الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ 90‬الصادرة بتاريخ ‪ 73‬أكتوبر ‪.6773‬‬

‫‪-‬رأي رقم ‪/71‬ر‪.‬ق‪.‬ع‪/‬م‪.‬د‪ 39/‬مؤرخ في ‪ 79‬ذو القعدة ‪ ،3110‬الموافق ‪ 33‬غشت ‪ 6739‬يتعلق‬


‫بمراقبة مطابقة القانون العضوي الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس اَلمة وعملها وكذا‬
‫العالقات الوظيفية بينها وبين الحكومة‪ .‬للدستور‪.‬‬

‫‪-‬رأي رقم ‪/76‬ر‪.‬ن‪.‬د‪/‬م‪.‬د‪ 30/‬مؤرخ في أول ذي القعدة عام ‪ 3119‬الموافق‪ 63‬يوليو سنة ‪ ،6730‬يتعلق‬
‫بمراقبة النظام الداخلي لمجلس اَلمة‪ ،‬للدستور‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪.16‬‬

‫‪-‬قرار رقم ‪ /73‬ق‪.‬م‪.‬د‪ 30 /‬مؤرخ في ‪ 63‬شعبان عام ‪ 3119‬الموافق ‪ 39‬مايو سنة ‪ ،6730‬جر‪،‬العدد‬
‫‪.6730‬‬ ‫‪ 11‬الصادرة بتاريخ ‪ 36‬رمضان عام ‪ 3119‬الموافق ‪ 0‬يونيو‬

‫‪ -‬رأي رقم ‪/71‬ر‪.‬ق‪.‬ع‪/‬م‪.‬د‪ 39/‬مؤرخ في ‪ 67‬ذي القعدة عام ‪ ،3116‬الموافق ‪ 76‬غشت سنة ‪6739‬‬
‫يتعلق بمطابقة القانون العضوي الذي يحدد شروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية للدستور‬
‫الجزائري‪ ،‬عدد ‪.31‬‬

‫‪ -‬رأي رقم ‪/71‬ر‪.‬ق‪.‬ع‪/‬م‪.‬د‪ 39/‬مؤرخ في ‪ 67‬ذي القعدة عام ‪ 3116‬الموافق ‪ 6‬غشت سنة ‪6739‬‬
‫يتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي المتعلق بالمجمع الجزائري للغة االمازيغية للدستور الجزائري‪،‬ج ر‪،‬‬
‫عدد ‪.31‬‬

‫‪ -‬الرأي رقم ‪ /73‬ر‪.‬ق‪.‬ع‪/‬م‪،‬د‪ 36/‬مؤرخ‪ ،‬في ‪ 31‬محرم عام ‪ ،3113‬الموافق ‪ 31‬سبتمبر سنة ‪،6736‬‬
‫يتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي المعدل والمتمم للقانون العضوي رقم ‪ 37-39‬المؤرخ في ‪ 66‬ذي‬
‫القعدة عام ‪ 3110‬الموافق ‪ 63‬غشت سنة ‪ 6739‬والمتعلق بنظام االنتخابات للدستور‪.‬‬

‫‪-‬رأي رقم ‪/73‬ق‪.‬ع‪/‬م‪.‬د‪ 36/‬مؤرخ في ‪ 31‬محرم عام ‪ 3113‬الموافق ‪ 31‬سبتمبر سنة ‪ ،6736‬يتعلق‬
‫بمطابقة القانون العضوي المتعلق بالسلطة الوطنية المستقلة لالنتخابات‪ ،‬للدستور‪،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪.33‬‬

‫‪299‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫ب‪-‬قانونين المملكة المغربية‬

‫‪ -2‬الدساتير‪:‬‬

‫‪-‬الدستور المغربي لسنة ‪ 3606‬الصادر في ‪ 73‬مارس ‪ 3606‬والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 3-796-06‬الصادر بتاريخ ‪ 3‬مارس ‪ ،3606‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ 1769‬الصادرة بتاريخ ‪ 33‬مارس ‪3606.‬‬

‫‪-‬دستور المغرب لسنة ‪ 3666‬المؤرخ في ‪ 76‬سبتمبر ‪ ،3666‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 3-66-333‬الصادر بتاريخ ‪ 76‬أكتوبر ‪ ،3666‬ج ر عدد ‪ ،1306‬المؤرخ في ‪ 31‬أكتوبر ‪.3666‬‬

‫‪-2‬النصوص التنظيمية‪:‬‬

‫‪-‬القانون التنظيمي رقم ‪ 66/61‬المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ ،73-61-361‬المؤرخ في ‪ 63‬سبتمبر ‪ ،3661‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ 1611‬الصادرة بتاريخ ‪ 76‬مارس ‪.3661‬‬

‫ت‪-‬قوانين الجمهورية التونسية‬

‫‪-2‬الدساتير‪:‬‬

‫‪-‬من القانون الدستوري عدد ‪ 67‬لسنة ‪ 3663‬المؤرخ في ‪ 79‬نوفمبر ‪ 3663‬المتعلق بالمجلس الدستوري‪،‬‬
‫الراعي الرسمي‪ ،‬ج ت‪ ،‬العدد ‪ ،67‬الصادرة بتاريخ ‪ 37‬نوفمبر ‪.3663‬‬

‫‪-‬القانون الدستوري عدد ‪ 09‬لسنة ‪ 3669‬المؤرخ في ‪ 76‬نوفمبر ‪ 3669‬المتعلق بتنقيح الفقرة اَلولى من‬
‫الفصل ‪ 03‬من الدستور‪ ،‬الراعي الرسمي‪ ،‬ج ت‪ ،‬العدد‪ ،13‬الصادرة بتاريخ ‪ 79‬نوفمبر ‪.3669‬‬

‫‪-‬القانون الدستوري عدد ‪ 33‬لسنة ‪ 6776‬المؤرخ في ‪ 73‬جوان ‪ 6776‬يتعلق بتنقيح بعض أحكام‬
‫‪.6776‬‬ ‫الدستور‪ ،‬الراعي الرسمي‪ ،‬ج ت‪ ،‬العدد ‪ ،13‬الصادرة بتاريخ ‪ 71‬جوان‬

‫‪-2‬القوانين األساسية‪:‬‬

‫‪ -‬القانون اَلساسي عدد ‪ 69‬لسنة ‪ ،3669‬المؤرخ في ‪ 73‬أفريل ‪ 3669‬المتعلق بالمجلس الدستوري‪،‬‬


‫الراعي الرسمي‪ ،‬ج ت‪ ،‬العدد ‪ ،60‬الصادرة بتاريخ ‪ 76‬أفريل ‪.3669‬‬

‫‪ -‬القانون اَلساسي عدد ‪ 36‬لسنة ‪ 6771‬مؤرخ في ‪ 36‬جويلية ‪ ،6771‬يتعلق بالمجلس الدستوري‪ ،‬الرائد‬
‫الرسمي‪ ،‬ج ت‪ ،‬العدد ‪ 39‬الصادر بتاريخ‪ 39 ،‬جويلية ‪.6771‬‬

‫‪300‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪-‬القانون اَلساسي عدد ‪ 31‬لسنة ‪ 6731‬المؤرخ في ‪ 39‬أفريل ‪ 6731‬المتعلق بالهيئة الوطنية لمراقبة‬
‫دستورية مشاريع القوانين‪ ،‬الراعي الرسمي‪ ،‬ج ت‪ ،‬العدد ‪ ،16‬المؤرخة في ‪ 66‬أفريل ‪.6731‬‬

‫‪ -3‬األوامر‪:‬‬

‫‪-‬الفصل ‪ 73‬من اَلمر الترتيبي رقم ‪ 3131‬المؤرخ في ‪ 39‬ديسمبر ‪ 3690‬المتعلق بإحداث المجلس‬
‫الدستوري للجمهورية‪ ،‬الراعي الرسمي‪ ،‬ج ت‪ ،‬عدد ‪ ،99‬الصادرة بتاريخ ‪ 39‬ديسمبر ‪.3669‬‬

‫ج‪ -‬وثائق دولية مختلفة‪:‬‬

‫‪ -‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة ‪3619‬‬

‫‪-‬اتفاقية فيينا لسنة ‪.3696‬‬

‫ثانيا‪ :‬قائمة المراجع‬

‫‪ -2‬الكتب‪:‬‬

‫‪ -3‬أحمد فتحي سرور‪ :‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات‪ ،‬ط‪ ،6‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.6777‬‬

‫‪ -6‬أحمد كمال أبو المجد‪ :‬دراسات في القانون الدستوري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.3690 ،‬‬

‫‪ -1‬أالء مهدي مطر‪ :‬حجية أحكام وق اررات القضاء الدستوري‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪.6736 ،‬‬

‫‪ -1‬إلياس جوادي‪ :‬دور المجلس الدستوري في رقابة دستورية القوانين وصحة االنتخابات البرلمانية‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.6736 ،‬‬

‫‪ -3‬إلياس جوادي‪ :‬رقابة دستورية القوانين‪ -‬دراسة مقارنة‪،‬ط‪ ،3‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪.6776 ،‬‬

‫‪ -9‬عبد اَلمير حسن المسلماني‪ :‬نظرية أعمال السيادة في الدستور والتشريع‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات زين‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان‪.6736 ،‬‬

‫‪ -2‬أندريه هوريو‪ :‬القانون الدستوري والمؤسسات السياسية‪ ،‬ترجمة شفيق حداد‪ ،‬ط‪ ،6‬اَلهلية للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.3600 ،‬‬

‫‪301‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -9‬إيهاب محمد عباس إبراهيم‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين‪ -‬السابقة والالحقة‪،‬مصر‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪.6739،‬‬

‫‪ -6‬ثروت بدوي‪ :‬القانون الدستوري وتطور األنظمة الدستورية في مصر‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬القاهرة مصر‪،‬‬
‫‪.3696‬‬

‫‪ -37‬حسن مصطفى البحري‪ :‬القانون الدستوري‪ ،‬ط‪.6731 ،3‬‬

‫‪ -33‬حسن مصطفى البحري‪ :‬القضاء الدستوري‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪.6730،3‬‬

‫‪ -36‬خاموش عمر عبد اهلل‪ :‬استفتاء تقرير المصير–دراسة تحليلية مقارنة‪ -‬ط‪ ،3‬منشورات زين‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان‪.6736 ،‬‬

‫‪ -31‬خانزاد أحمد عبد‪ :‬العالقة بين الدساتير الحديثة واالتفاقيات الخاصة بحقوق اإلنسان‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.6736 ،‬‬

‫الباز‪ :‬القانون الدستوري‪ -‬قانون القوانين – ط‪،3‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬ ‫‪-31‬داوود عبد الرزاق‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.6739.،‬‬

‫‪ -33‬دعاء الصاوي يوسف‪ :‬القضاء الدستوري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.6731 ،‬‬

‫‪ -39‬رائد أحمد قنديل‪ :‬الرقابة على دستورية‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.6737 ،‬‬

‫‪ -30‬رشيدة العام‪ :‬المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬دار الفجر القاهرة‪ ،‬مصر‪.6779 ،‬‬

‫‪ -39‬رمزي طه الشاعر‪ :‬النظرية العامة للقانون الدستوري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مطبعة جامعة عين شمس‪ ،‬ج‪،3‬‬
‫‪.3609‬‬

‫‪ -36‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ط‪ ،3‬دار بالل‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪.6731،3‬‬

‫‪ -67‬زهير شكر‪ :‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬ط‪ ،3‬دار بالل‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪.6731 ،6‬‬

‫سربست مصطفى رشيد أميدي‪ :‬المعارضة السياسية والضمانات الدستورية لعملها‪ ،‬موكرياني للبحوث‬
‫والنشر‪ ،‬ط‪ ،3‬أربيل‪ ،‬العراق‪.6733 ،‬‬

‫‪-63‬سرهنك حميد البرزنجي‪ :‬دراسات دستورية معقمة‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان‪،‬‬
‫‪.6736‬‬

‫‪302‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪-66‬سرهنك حميد البرزنجي‪ :‬مقومات الدستور الديمقراطي وآليات المدافعة عنه‪ ،‬ط‪ ،6‬منشورات زين‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان‪.6736 ،‬‬

‫‪ -61‬سعاد الشرقاوي‪ :‬النظم السياسة في العالم المعاصر‪.6770 ،‬‬

‫‪ -61‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪،‬ط‪ ،3‬د م ج‪ ،‬الجزائر‪.6736 ،‬‬

‫‪ -63‬سعيد بوالشعير‪ :‬المجلس الدستوري في الجزائر‪،‬ط‪ ،6‬د م ج‪ ،‬الج ازئر‪.6739 ،‬‬

‫‪ -69‬سعيد بوالشعير‪ :‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬دراسة تحليلية لطبيعة نظام الحكم في دستور‬
‫‪ -2992‬السلطة التنفيذية‪ ،‬ط‪ ،6‬د م ج‪ ،‬بن عكنون الجزائر‪ ،‬ج‪.6731 ،1‬‬

‫‪ -60‬سعيد بوالشعير‪ :‬النظام السياسي الجزائري دراسة تحليلية لطبيعة نظام الحكم في الج ازئر في ضوء‬
‫دستور ‪ -2992‬السلطة التشريعية والمراقبة‪ ،‬ط‪ ،6‬د م ج‪ ،‬بن عكنون الجزائر‪ ،‬ج‪. 6731،1‬‬

‫‪ -69‬سليمة مسراتي‪ :‬نظام الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.6733 ،‬‬

‫‪ -66‬شامل حافظ الموسوي‪ :‬تعديل الدستور وأثره على نظام الحكم في الدولة‪ ،‬ط‪ ،3‬المركز العربي‬
‫الديمقراطي‪ ،‬مصر‪.6739 ،‬‬

‫‪ -17‬شيراز شكري طاهر‪ :‬اختصاص القضاء الدستوري برقابة دستورية اللوائ ‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار‬
‫الفكر الجامعي‪ ،‬ط‪ ،3‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.6739 ،‬‬

‫‪ -13‬صالح بلحاج‪ : :‬المؤسسات السياسية والقانون الدستوري في الجزائر من االستقالل إلى اليوم‪،‬‬
‫ط‪ ،6‬د م ج‪ ،‬الجزائر‪.6733 ،‬‬

‫‪ -16‬صالح الدين عامر‪ :‬مقدمة لدراسة القانون الدولي العام‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪.6770،‬‬

‫‪ -11‬الطاهر زواقري‪ :‬أسباب عزل السلطة السياسية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الحامد‪ ،‬المملكة اَلردنية‪ ،‬ج‪.6731 ،3‬‬

‫‪ -11‬عباس بلغول‪ :‬المجلس الدستوري ودوره في الرقابة على االنتخابات الرئاسية والتشريعية وعمليات‬
‫االستفتاء –دراسة مقارنة‪ -‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.6736 ،‬‬

‫‪ -13‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ :‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.3660‬‬

‫‪303‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -19‬عبد القادر شربال‪ :‬ق اررات وأراء المجلس الدستوري في تأويل أحكام الدستوري الجزائري‪ ،‬دار‬
‫هومة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪ -10‬عبد اهلل بلغيث‪ :‬االنتخابات واالستقرار السياسي في الجزائر –دراسة في السلوك االنتخابي‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.6730 ،‬‬

‫‪ -19‬عصام سعيد عبد أحمد‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬ط‪ ،3‬المؤسسة الحديثة‬
‫للكتاب‪ ،‬لبنان‪.6731 ،‬‬

‫‪-16‬عصام نعمة إسماعيل‪ :‬المنازعات الدستورية واإلدارية وفق االجتهاد اللبناني‪،‬ط‪ ، 3‬المؤسسة‬
‫الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبنان‪.6739 ،‬‬

‫‪ -17‬عقيلة خرباشي‪ :‬مركز مجلس األمة في النظام الدستوري الجزائري‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.6731‬‬

‫‪ -13‬عكاب أحمد محمد العبادي‪ :‬التنظيم القانوني للحمالت االنتخابية من منظور دستوري ومالي‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.6739 ،‬‬

‫‪ -16‬على عبد الحسين الموسوي‪ :‬القواعد التامة في اإلدارة العامة‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‬
‫لبنان‪.6736 ،‬‬

‫‪ -11‬على هادي عطية الهاللي‪ :‬المباحث الموضحة لذاتية شرط المصلحة في تحريك الدعوى‬
‫الدستورية –دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬المركز العربي للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،3‬مصر‪.6739 ،‬‬

‫‪ -11‬علي مجيد العكيلي لمى على الظاهري‪ :‬مدى دستورية قانون الطوارئ –دراسة دستورية مقارنة‪-‬‬
‫المركز العربي الديمقراطي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.6730 ،‬‬

‫‪ -13‬عمر عبد اهلل‪ :‬دور السلطات الثالثة في حماية الحقوق والحريات‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات زين الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪.6736 ،‬‬

‫‪ -19‬الغفلول أحمد‪ :‬الرقابة القضائية السابقة على دستورية المعاهدات –دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬

‫‪ -10‬فوزي أوصديق‪ :‬الوافي في شرح القانون الدستوري الجزائري –السلطات الثالث‪ -‬ج‪ ،1‬ط‪،1‬‬
‫د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬بن عكنون الجزائر‪.6779 ،‬‬

‫‪304‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -19‬فوزي أوصديق‪ :‬الوافي في شرح القانون الدستوري –النظرية العامة للدساتير‪ -‬د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬بن‬
‫عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،6730 ،‬ج‪.6‬‬

‫‪ -16‬كمال حماد‪ :‬النزاعات الدولية – دراسة قانونية دولية في علم النزاعات‪ -‬الدار الوطنية للدراسات‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬ظ‪ ،3‬لبنان‪.3669 ،‬‬

‫‪ -37‬ماجد راغب الحلو‪ :‬دستورية القوانين‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.6739 ،‬‬

‫‪ -33‬محمد باهي أبو يونس‪ :‬أصول القضاء الدستوري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪.6730 ،‬‬

‫‪ -36‬محمد رشيد مصطفى‪ :‬الرقابة على دستورية التشريعات الحكومية‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات زين الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪.6739 ،‬‬

‫‪ -31‬محمد طي‪ :‬القانون الدستوري والمؤسسات السياسية‪ ،‬ط‪ ،9‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪.6731 ،‬‬

‫‪ -31‬محمد عبد اللطيف‪ :‬إجراءات القضاء الدستوري‪ -‬دراسة مقارنة بين مختلف النظم القانونية‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪.3696،‬‬

‫‪ -33‬محمد علي سويلم‪ :‬العوار الدستوري‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪.6767 ،‬‬

‫‪ -39‬محمد علي شحادة‪ :‬تفسير الدستوري بين المشرع والقضاء الدستوري‪،‬ط‪ ،3‬منشورات زين‬
‫الحقوقىة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.6767 ،‬‬

‫‪ -30‬مها بهجت يونس الصالحي‪ :‬الحكم بعدم دستورية نص تشريعي ودوره في تعزيز دولة القانون‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬بيت الحكمة‪ ،‬بغداد العراق‪.6777 ،‬‬

‫‪ -39‬موريس دوفيرجيه‪ :‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬ترجمة جورج سعد بيروت‪ ،‬لبنان‪.3666 ،‬‬

‫‪ -36‬مولود ديدان‪ :‬مباحث في القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬دار بلقيس‪ ،‬الجزائر‪.6730 ،‬‬

‫‪ -97‬مونتيسيكو‪ :‬روح الشرائع‪ ،‬ترجمة عادل زعيتر‪ ،‬مؤسسة هنداوي سي آي سي‪ ،‬المملكة المتحدة‬
‫‪.6739‬‬

‫‪ -93‬ميلود ذبيج‪ :‬الفعالية الرقابية للبرلمان الجزائري‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪.6733 ،‬‬

‫‪305‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -96‬نسيم سعودي‪ :‬سلطات المجلس الدستوري الجزائري في الرقابة على االنتخابات‪ ،‬ط‪ ،3‬دار هومة‪،‬‬
‫الجزائر‪.6739 ،‬‬

‫‪ -91‬نعمان أحمد الخطيب‪ :‬الوجيز في النظم السياسية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬اَلردن‪.6733 ،‬‬

‫‪ -91‬نعيمة مجادي‪ :‬الحق في التقاضي أمام المحاكم والمجالس الدستورية‪ -‬دراسة مقارنة‪ -‬ط‪،3‬‬
‫المصدر القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.6736 ،‬‬

‫‪ -93‬هشام جليل إبراهيم الزبيدي‪ :‬مبدأ الفصل بين السلطات وعالقته باستغالل القضاء‪-‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.6767،‬‬

‫‪ -99‬هنري روسيون‪ :‬المجلس الدستوري‪ ،‬ترجمة محمد وطفة‪ ،‬الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫لبنان‪.6773 ،‬‬

‫‪ -90‬هيوا رشيد علي‪ :‬الفصل بين السلطات‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.6739 ،‬‬

‫‪ -99‬يحي محمد على الطياري‪ :‬الضمانات الدستورية والقانونية لالنتخابات العامة –دراسة مقارنة‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬القاهرة مصر‪.6736 ،‬‬

‫‪ -2‬المعاجم والقواميس‪:‬‬

‫‪ -3‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد ‪ ،33‬ط‪ ،3‬دار الفكر للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪.3667 ،‬‬

‫‪ -6‬ابتسام القرام‪ :‬المصطلحات القانونية في الترشيع الجزائري‪ ،‬قصر الكتاب‪ ،‬البليدة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد سعيقان‪ :‬قاموس المصطلحات السياسية والدستورية والدولية (عربي‪ ،‬انجليزي‪ ،‬فرنسي)‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬مكتبة لبنان للنشر‪ ،‬لبنان‪.6771 ،‬‬

‫‪ -1‬أبي بكر بن عبد النادر الرازي‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬مكتبة لبنان‪.3699 ،‬‬

‫‪ -3‬أبي جمال الدين المصري‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد ‪ ،33‬ط‪ ،1‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بيروت لبنان‪.3661 ،‬‬

‫‪306‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -3‬األطروحات والرسائل‪:‬‬

‫أ‪ -‬األطروحات‪:‬‬

‫‪ -3‬أحمد بنيني‪ :‬اإلجراءات الممهدة للعملية االنتخابية في الجزائر‪ ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم القانونية‪،‬‬
‫إشراف بارش سليمان‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة باتنة‪.6779-6773 ،‬‬

‫‪-6‬أحمد بيطام‪ :‬تعديل الدستور في النظام السياسي الجزائر‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬تخصص قانون عام‪،‬‬
‫إشراف عبد القادر بوهنتالة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪.6739-6733 ،3‬‬

‫‪ -1‬بختة دندان‪ :‬االستفتاء كوسيلة لممارسة السيادة الشعبية –دراسة مقارنة‪ -‬أطروحة دكتوراه‬
‫تخصص قانون عام‪ ،‬إشراف عبد الرحمان عزاوي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪،‬‬
‫‪.6730-6739‬‬

‫‪ -1‬جمال بن سالم‪ :‬القضاء الدستوري في الدول المغاربية‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص القانون العام‪،‬‬
‫اشراف منصور مولود‪،‬كلية الحقوق جامعة الجزائر ‪.6733-6731 ،73‬‬

‫‪ -3‬حسن مصطفى البحري‪ :‬الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كضمانة لنفاذ القاعدة‬
‫الدستورية‪ ،‬رسالة دكتوراه في الحقوق‪ ،‬إشراف عادل عبد الرحمن خليل‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عين شمس‪،‬‬
‫‪.6779 ،6773‬‬

‫‪ -9‬حياة حسين‪ :‬التصديق على المعاهدات الدولية‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص قانون عام‪ ،‬إشراف محمد‬
‫ناصر بوغزالة‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الجزائر ‪.6739-6733 ،73‬‬

‫‪ -0‬سعاد حافظي‪ :‬الضمانات القانية لتطبيق القواعد الدستورية والدولية بين النص والواقع‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه تخصص قانون عام ‪ ،‬إشراف تشوار جياللي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة تلمسان‪،‬‬
‫‪.6739-6733‬‬

‫‪ -9‬سماعين لعبادي‪ :‬المنازعات االنتخابية د ارسة مقارنة لتجربتي الجزائر وفرنسا في االنتخابات‬
‫الرئاسية والتشريعية‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص قانون عام‪ ،‬إشراف عمر فرحاتي كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية جامعة بسكرة‪.6731-6736 ،‬‬

‫‪307‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪-6‬شوقي يعيش تمام‪ :‬الطعون في انتخابات المجالس النيابية في دول المغرب العربي ( الجزائر‪،‬‬
‫تونس‪ ،‬المغرب)‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص قانون دستوري‪ ،‬إشراف عبد الجليل مفتاح‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية جامعة بسكرة‪.6731 -6731 ،‬‬

‫‪ -37‬ضياء الدين سعيد المدهون‪ :‬الرقابة القضائية على دستورية القوانين –دراسة مقارنة بين أمريكا‬
‫ومصر وفلسطين –رسالة ماجستير تخصص إدارة دولة‪ ،‬إشراف نافذ ياسين المدهون‪ ،‬أكاديمية اإلدارة‬
‫والسياسة للدراسات العليا‪ ،‬برنامج الدراسات العليا المشتركة مع جامعة اَلقصى‪ ،‬غزة فلسطين‪.6731 ،‬‬

‫‪ -33‬عبد اهلل سليم يوسف أبو زيد‪ :‬مدى تأثير غياب المحكمة الدستورية على النظام القانوني في‬
‫فلسطين‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانون العام‪ ،‬إشراف أحمد أبو شنب‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عمان العربية‪،‬‬
‫‪.6733‬‬

‫‪ -36‬عمر تمرتا از‪ :‬المعيار الدستوري في النظام القانوني الجزائري‪ ،‬أطروحة دكتوراه علوم في تخصص‬
‫القانون الدستوري وعلم التنظيم السياسي‪ ،‬إشراف اَلستاذة الدكتورة سعاد غوثي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪3‬بن يوسف بن خدة‪.6730-6739 ،‬‬

‫‪ -31‬فاطمة موساوي‪ :‬الرقابة على السلطات االستثنائية لرئيس الجمهورية في األنظمة القانونية‬
‫الجزائرية والفرنسية والمصرية‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص قانون عام‪ ،‬إشراف محمد ناصر أبوغزالة‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق جامعة الجزائر‪.6730-6739 ،3‬‬

‫‪ -31‬فطة نبالى‪ :‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة مجال ممدود وحول‬
‫محدود‪ ،‬أطروحة دكتوراه في الحقوق تخصص‪ :‬القانون‪ ،‬إشراف طاهر طالب‪ ،‬كلية الحقوق جامعة تيزي‬
‫وزو‪.6737 ،‬‬

‫‪ -33‬فواز لجلط‪ :‬الضمانات الدستورية لحماية مبدأ المشروعية‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانون العام‪،‬‬
‫إشراف عبد القادر بوبكر‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الجزائر‪.6733 ،6731 ،3‬‬

‫‪ -39‬لزرق حبشي‪ :‬أثر سلطة التشريع على الحريات العامة وضماناتها‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص‬
‫قانون عام‪ ،‬إشراف مراد بدران‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪.6731-6736‬‬

‫‪ -30‬مراد رداوي‪ :‬مساهمة المجلس الدستوري الجزائري في حماية مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه تخصص قانون عام‪ ،‬إشراف الزين عزري ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة بسكرة‪-6733،‬‬
‫‪.6739‬‬
‫‪308‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -39‬منصور جلطي‪ :‬اإلصالحات الدستورية كآلية لالنتقال الديمقراطي‪ ،‬رسالة دكتوراه تخصص القانون‬
‫العام‪ ،‬إشراف بوزيان مكلكل‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة بلعباس ‪.6730-6739‬‬

‫نادية خلفة‪ :‬آليات حماية حقوق اإلنسان في المنظومة القانونية الجزائرية –دراسة بعض‬ ‫‪-36‬‬
‫الحقوق السياسية‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص قانون دستوري‪ ،‬إشراف شادية رحاب كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية جامعة باتنة‪.6737-6776 ،‬‬

‫‪ -67‬نفيسة بختي‪ :‬التعديل الدستوري في الدول العربية بين العوائق والحلول‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص‬
‫قانون عام‪ ،‬إشراف مراد بدران‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪.6739-6733 ،‬‬

‫‪ -63‬نوارة تريعة‪ :‬تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات في دول المغرب العربي –دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه تخصص القانون العام‪ ،‬إشراف سعاد غوثي‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الجزائر‪.6736-6733 ،3‬‬

‫‪ -66‬ياسين أسود‪ :‬ضمانة حماية الحقوق والحريات العامة بين الرقابة الدستورية والرقابة القضائية –‬
‫دراسة مقارنة‪ -‬رسالة دكتوراه تخصص قانون عام‪ ،‬إشراف بلقاسم دايم‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫جامعة تلمسان‪.6730-6739 ،‬‬

‫ب‪ -‬الرسائل‪:‬‬

‫‪ -3‬إبراهيم بلمهدي‪ :‬المجالس الدستورية في دول المغرب العربي‪ ،‬مذكرة ماجستير في الحقوق‪ ،‬إشراف‬
‫غوثي سعاد‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر بن يوسفبن خدة‪.6737 -6776 ،‬‬

‫‪ -6‬أحمد كريوعات‪ :‬حماية المجلس الدستوري للحقوق والحريات األساسية‪ ،‬مذكرة ماجستير تخصص‬
‫حقوق اإلنسان والحريات العامة‪ ،‬إشراف محمد بن محمد‪،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة‬
‫ورقلة‪.6733-6731،‬‬

‫‪-1‬أماني صالح دياب العرعير‪ :‬االنتخابات والتحول الديمقراطي‪ -‬دراسة مقارنة بين النموذجين التونسي‬
‫والمصري (‪ ،)2222-2222‬رسالة ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم اإلدارية‪،‬‬
‫جامعة اَلزهر‪ ،‬غزة‪.6730 ،‬‬

‫بعلوج‪ :‬الرقابة الدستورية في النظام القانوني الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في الحقوق‪،‬‬ ‫‪ -1‬حسينة‬
‫تخصص دولة ومؤسسات‪ ،‬إشراف غوثي سعاد‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪.6731-6731، 73‬‬

‫‪309‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -3‬حكمت عسل زيدان‪ :‬حق االنتخاب كضمانة من ضمانات النظام الديمقراطي‪ ،‬مذكرة ماجستير‬
‫تخصص القانون العام‪ ،‬إشراف محمد سليم الغزوي‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة عمان العربية‪.6737 ،‬‬

‫‪ -9‬حمزة نقاش‪ :‬الظروف االستثنائية والرقابة القضائية‪ ،‬مذكرة ماجستير تخصص قانون عام‪ ،‬إشراف‬
‫حسنة عبد الحميد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪.6733-6737 ،‬‬

‫‪ -0‬رابح بوسالم‪ :‬المجلس الدستوري الجزائري *تنظيمه وطبيعته*‪ ،‬مذكرة ماجستير تخصص القانون‬
‫العام‪،‬إشراف أحمد رحال‪ ،‬كلية الحقوق جامعة منتوري قسنطينة‪.6773-6771،‬‬

‫‪ -9‬زيد أحمد توفيق الكيالني‪ :‬الطعن في دستورية القوانين –دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير في الحقوق‬
‫تخصص قانون عام‪ ،‬إشراف غازي مناور دويكات ونائل طه‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة النجاح‬
‫الوطنية‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪.6736 ،‬‬

‫‪-6‬سارة علي الصالبي‪ :‬الرقابة الدستورية بطريقة االمتناع في القانون القطري والمقارن‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير تخصص القانون العام‪ ،‬إشراف حسن عبد الرحيم السيد وعبد الحفيظ الشيمي‪ ،‬كلية القانون‪،‬‬
‫جامعة قطر‪.6767 ،‬‬

‫‪-37‬سعاد لحول‪ :‬دور اإلخطار في تحقيق فعالية الرقابة السياسية على دستورية القوانين‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير تخصص‪ :‬قانون دستوري‪ ،‬إشراف رشيدة العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة بسكرة‪،‬‬
‫‪.6737-6776‬‬

‫‪ -33‬سميرة علي جمعة وافي‪ :‬اختصاصات المحكمة الدستورية في مشروع الدستور الليبي ‪– 2222‬‬
‫دراسة مقارنة‪ -‬رسالة ماجستير تخصص القانون العام‪ ،‬إشراف محمد الشباطات‪ ،‬كلية الحقوق جامعة‬
‫الشرق اَلوسط‪.6736 ،‬‬

‫‪ -36‬ضياء الدين سعيد المدهون‪ :‬الرقابة القضائية على دستورية القوانين –دراسة مقارنة بين أمريكا‬
‫ومصر وفلسطين –رسالة ماجستير تخصص إدارة دولة‪ ،‬إشراف نافذ ياسين المدهون‪ ،‬أكاديمية اإلدارة‬
‫والسياسة للدراسات العليا‪ ،‬برنامج الدراسات العليا المشتركة مع جامعة اَلقصى‪ ،‬غزة فلسطين‪.6731 ،‬‬

‫‪ -31‬عادل صبحي حميدات‪ :‬رقابة محكمة العدل العليا على دستورية القوانين في األردن‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير في القانون‪ ،‬إشراف عيد الحسبان‪ ،‬كلية الدراسات الفقهية والقانونية جامعة آل البيت‪-6771 ،‬‬
‫‪.6771‬‬

‫‪310‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -31‬عزيز جمام‪ :‬عدم فعلية الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر‪ ،‬مذكرة ماجستير تخصص‬
‫تحوالت الدولة‪ ،‬إشراف طالب طاهر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.‬‬

‫‪ -33‬عمر حمزة التركماني‪ :‬القضاء الدستوري في فلسطين وفقا لقانون المحكمة الدستورية العليا رقم‬
‫(‪ )3‬لسنة ‪2222‬م‪ ،‬رسالة ماجستير تخصص القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق جامعة اَلزهر‪ ،‬غزة‪.6737 ،‬‬

‫‪ -39‬عوض رجب خشمان الليمون‪ :‬تفسير النصوص الدستورية‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬
‫إشراف على خطار الشطناوي‪ ،‬كلية الدراسات الفقهية والقانونية‪ ،‬جامعة آل البيت‪.3666 ،‬‬

‫‪ -30‬كمال حمريط‪ :‬الرقابة السياسية على دستورية المعاهدات الدولية التي يصادق عليها رئيس‬
‫الجمهورية مذكرة ماجستير خصص دولة ومؤسسات‪ ،‬إشراف أبو بكر عبد القادر‪ ،‬كلية الحقوق جامعة‬
‫الجزائر‪.6731-6736 ،73‬‬

‫‪ -39‬يزن عوض عضوب‪ :‬دستورية القوانين بين رقابة االمتناع والدعوى المباشرة في ضوء إنشاء‬
‫المحكمة الدستورية في األردن‪ ،‬رسالة ماجستير في القانون‪ ،‬إشراف حمدي القبيالت‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫جامعة اإلسراء‪ ،‬اَلردن ‪.6731-6731‬‬

‫جـ‪-‬المقاالت‪:‬‬

‫‪ -3‬أحسن غربي‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬مجلةالحقوق‬
‫والعلوم اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،71‬ديسمبر ‪.6767‬‬

‫‪ -6‬أحسن غربي‪ :‬قراءة في تشكيلة المحكمة الدستورية في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2222‬مجلة‬
‫العلوم القانونية واالجتماعية‪ ،‬العدد‪ ،1‬ديسمبر ‪.6767‬‬

‫‪ -1‬أحمد لمين أوكيل‪ :‬دور القضاء في تفعيل آلية الدفع بعدم الدستورية في الجزائر –دراسة مقارنة‬
‫بالنمو\ج الفرنسي‪ ،‬مجلة حوليات الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،16‬جوان ‪.6739‬‬

‫‪ -1‬إسراء محمود بدر‪ :‬المجلس الدستوري المغربي ودوره في الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬مجلة‬
‫الكوفة‪ ،‬العدد ‪.6736 ،31‬‬

‫‪ -3‬إلياس جوادي‪ :‬تقييم الدور الرقابي للمجلس الدستوري (دراسة مقاربة)‪ ،‬مجلة االجتهاد للدراسات‬
‫القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد‪ ،76‬المركز‪ ،‬جوان ‪.6736‬‬

‫‪311‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -2‬إلياس جوادي‪ :‬دور المجلس الدستوري في الرقابة على صحة انتخاب عضو البرلمان‪ ،‬مجلة‬
‫االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد ‪ ،37‬ديسمبر ‪.6739‬‬

‫‪ -0‬إلياس جوادي‪ :‬رقابة دستورية التنظيمات‪ ،‬مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد ‪،71‬‬
‫جوان ‪.6736‬‬

‫‪ -1‬أنطوان مسرة‪ :‬موجب التحفظ في القضاء الدستوري‪ ،‬الكاتب السنوي للمجلس الدستوري‪ ،‬منشورات‬
‫المجلس الدستوري اللبناني‪ ،‬المجلد ‪.6737-6776 ،71‬‬

‫‪ -6‬حسن ماز‪ :‬القضاء الدستوري بين اكراهات الديمقراطية وضرورات حقوق اإلنسان‪ ،‬مجلة الندوة‬
‫للدراسات القانونية‪ ،‬العدد‪.6733 ،71‬‬

‫‪-37‬حميد مزياني‪ :‬إشكالية شغور منصب رئيس الجمهورية في الجزائر (بين النص والتطبيق)‪ ،‬المجلة‬
‫اَلكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬العدد ‪( 71‬عدد خاص)‪.6767‬‬

‫‪ -33‬دالل لوشن‪ :‬عن فعالية المادة ‪ 222‬من الدستور في تسيير األزمات القانونية المترتبة عن‬
‫حاالت الشغور‪ ،‬المجلة اَلكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬العدد ‪.6767 ،73‬‬

‫‪ -36‬رشيد المدور‪ :‬تطور الرقابة الدستورية في المغرب‪ :‬الغرفة الدستورية‪ ،‬المجلس الدستوري‪،‬‬
‫المحكمة الدستورية‪ ،‬مجلة دراسات دستورية‪ ،‬العدد‪ ،79‬يناير ‪.6736‬‬

‫‪ -31‬رشيد المدور‪ :‬مستجدات القضاء الدستوري المغربي في نطاق دستور ‪ -2222‬تجربة اإلصالح‬
‫الدستوري في المغرب‪ ،‬تأليف مجموعة باحثين‪ ،‬منتدى العالقات العربية والدولية‪.6733 ،‬‬

‫رياض دشن‪ :‬توسيع إخطار المجلس الدستوري ودوره في تطوير نظام‬ ‫‪ -33‬شوقي يعيش تمام‬
‫الرقابة الدستورية – مقاربة تحليلية في ضوء التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪ ،2222‬عدد‪،31‬‬
‫أكتوبر ‪.6739‬‬

‫‪ -39‬عبد الحق بلفقيه‪ :‬تجربة القضاء الدستوري بالمغرب‪-‬دراسة تحليلية نقدية‪ ،‬مجلةالمنارة للدراسات‬
‫القانونية واإلدارية‪ ،‬عدد ‪.6731 ،79‬‬

‫‪ -30‬علي خليفة الكواري‪ :‬مفهوم الديمقراطية المعاصرة‪ ،‬قراءة أولية في خصائص الديمقراطية‪،‬‬
‫المستقبل العربي‪ ،‬عدد ‪ ،399‬شباط ‪.3661‬‬

‫‪312‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -39‬علي محمد‪ :‬متطلبات تفعيل الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديالت الدستورية(الجزائر‬
‫والمغرب أنموذجا)‪ ،‬مجلة القانون والمجتمع‪ ،‬عدد‪.6739 ،9‬‬

‫سمر ناجي فاضل‪ :‬نشأة فكرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين‪،‬‬ ‫‪ -36‬علي يوسف الشكري‬
‫مجلة الكوفة‪ ،‬العدد ‪.6733 ،61‬‬

‫‪ -67‬عليان بوزيان‪ :‬أثر اإلحالة القضائية للدفع بعدم الدستورية على عقلنة رقابة دستورية القوانين‬
‫الماسة بالحقوق والحريات‪ ،‬مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‪ ،‬العدد ‪.6736 ،76‬‬

‫‪ -63‬عليان بوزيان‪ :‬مظاهر االنحراف الدستوري ومدى الرقابة عليه بين الدستور الجزائري والقضاء‬
‫الدستوري المقارن‪ ،‬كلية الحقوق جامعة قطر‪ ،‬العدد المنتظم اَلول‪.6736 ،‬‬

‫‪ -66‬عمار عباس‪ :‬دور المجلس الدستوري الجزائري في ضمان مبدأ سمو الدستور‪ ،‬مجلة المجلس‬
‫الدستوري العدد ‪.6731 ،73‬‬

‫‪-61‬عمار عباس‪ :‬دور المجلس الدستوري الجزائري في ضمان مبدأ سمو الدستور‪ ،‬مجلة المجلس‬
‫الدستوري العدد ‪.6731 ،73‬‬

‫‪ -61‬كمال جعالب‪ :‬دور المجلس الدستوري الجزائري في تفسير الدستور‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،71‬ديسمبر ‪.6739‬‬

‫‪ -63‬ليلى بن بغيلة‪ :‬دعوى الدفع بعدم الدستورية في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ 2222‬استئناسا‬
‫بالتجربة الفرنسية‪ ،‬مجلة الشريعة واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،36‬ديسمبر ‪.6730‬‬

‫‪ -69‬ليلية قلومجماج‪ :‬المجلس الدستوري قاضي منازعات انتخابية‪ ،‬مجلة البحوث والدراسات القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬العدد‪.6739 ،37‬‬

‫‪ -60‬محمد بوسلطان‪ :‬الرقابة على دستورية المعاهدات في الج ازئر‪ ،‬مجلة المجلس الدستوري‪ ،‬عدد‪،73‬‬
‫الجزائر ‪.6731‬‬

‫‪ -69‬محمد بومدين‪ :‬آليات رقابة المطابقة التي يمارسها المجلس الدستوري طبقا للتعديل الدستوري‬
‫‪ ،2222‬مجلة الحقيقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬العدد ‪ ،71‬ديسمبر‪. 6736‬‬

‫‪ -66‬محمد البرج‪ :‬النظام القانوني لالستفتاء في الجزائر‪ ،‬مجلة الدراسات القانونية المقارنة‪ ،‬العدد ‪،76‬‬
‫ديسمبر ‪.6767‬‬

‫‪313‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -17‬محمد الناصر بوغزالة‪ :‬دوافع التعديل الدستوري‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والسياسية‪ ،‬عدد ‪ ،31‬أكتوبر‬
‫‪.6739‬‬

‫‪ -13‬محمد بومدين‪ :‬الدفع بعدم الدستورية طبقا للتعديل الدستوري الجزائري‪ 2222‬مجرد تقليد للنموذج‬
‫الفرنسي الشاذ‪ ،‬مجلة القانون والمجتمع‪ ،‬العدد‪.6736 ،73‬‬

‫‪ -16‬محمد بومدين‪ :‬مبررات االعتراف للقضاء الجزائري بدور الرقابة على دستورية القوانين وتحويل‬
‫المجلس الدستوري إلى محكمة دستورية‪ ،‬مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد ‪،71‬‬
‫جوان ‪.6736‬‬

‫‪ -11‬محمد جير السيد عبد هلل جميل‪ :‬الرقابة الدستورية والمعاهدات الدولية المبرمة في الجزائر في‬
‫ضوء التعديل الدستوري لسنة ‪( 2222‬دراسة مقارنة)‪ ،‬مجلة أبحاث‪ ،‬العدد ‪.6767 ،3‬‬

‫‪ -11‬محمد طه حسين الحسيني‪ :‬ماهية مبدأي الشرعية والمشروعية ومصادرهما‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‪،‬‬
‫العدد اَلول‪ ،‬جامعة بغداد‪.6736 ،‬‬

‫‪ -13‬محمد منير حساني‪ :‬عالقة الدستورية وتأمينها في االجتهاد الدستوري‪ ،‬مجلة الدراسات القانونية‬
‫المقارنة‪،‬العدد‪.6739 ،76‬‬

‫‪ -19‬مسعود شيهوب‪ :‬المجلس الدستوري قاضي انتخاب‪ ،‬مجلة المجلس الدستوري‪،‬العدد ‪.6731 ،73‬‬

‫‪ -10‬منصور جلطي‪ :‬اإلصالحات الدستورية كآلية لالنتقال الديمقراطي‪ ،‬رسالة دكتوراه تخصص القانون‬
‫العام‪ ،‬إشراف بوزيان مكلكل‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة بلعباس ‪.6730-6739‬‬

‫ثانيا‪ :‬قائمة المصادر والمراجع باللغة األجنبية‬


‫‪1-La constitution française ; constitution de 04 octobre 1958 ;JORF n°0238 du 05 octobre‬‬
‫‪1958 ;modifié par la loi constitutionnelle n°2008-724 du 23 juillet 2008 ;JORF n°0171 du 24‬‬
‫‪juillet 2008.‬‬

‫‪-LES OUVRAGES:‬‬
‫‪1- André‬‬ ‫‪HAURIOU: Droit constitutionnel et institutions politiques,‬‬
‫‪Monchrestien, Paris, France, 1970.‬‬

‫‪1- Ardant PHILIPPE: institutions politiques et droit constitutionnel , 16ème‬‬


‫‪édition ,L.G.D.J.DELTA .Paris ;2004 .‬‬

‫‪314‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

2- Bernard CHANTEBOUT: droit constitutionnel et science politique,


Armand colin, Masson éditeurs, 14èmeéditions, paris, 1997.
3- Bernard CHANTEBOUT: droit constitutionnel, TOME 1,30ème édition
DALLOZ , Paris, 2013.
4- Brand PHILIPE: La notion de liberté publique en droit français, L.G.D.J
,Paris ,1968.

5- Charles DEBBASCH et Frédéric COLIN et Karine FAVOR et Laurence


DESFONDS et

6- Claude LECLERCQ: Droit constitutionnel et institutions politiques , 1er


édition , Litec, Paris ,1999 .
7- Dominique ROUSSEAU: la justice constitutionnelle en Europe ;
montchrestien ;Paris ;1992 .
8- Dominique ROUSSEAU: Le droit du contentieux constitutionnel, Paris,
Montchrestien , 1990.
9- Dominique ROUSSEAU et PIERRE YUES GAHDOU: droit du
contentieux constitutionnel; 11ème édition ; entièrement refondue éditions;
paris France; 2016.
10- Dominique ROUSSEAU et PIERRE YUES GAHDOU: droit du
contentieux constitutionnel ; 11èmeédition , entièrement refondue éditions, paris
France ,2016.
11- Dominique TURPIN: contentieux constitutionnel,2ème édition: p.u.f, Paris,
1994.

Economica, France, 1982.

12- François LUCHAIRE: Le conseil constitutionnel ,Economica, France,


1980.
13- François LUCHAIR ; le conseil constitutionnel et le gouvernement des
juges, R.S.A 1987.

315
‫قائمة المصادر والمراجع‬

14- François LUCHAIRE: Le règlement et l'acte réglementaire en droit


constitutionnel,
15- George BURDEAU et Francis HAMON et Michel TROPER: droit
constitutionnel ;LGDJ .Paris ;1997
16- GeorgeMORANGE:Lecontrôledesdécisionsprisesenvertudel'article16,Da
lloz, Paris , 1995.
17- George BURDEAU et Manuel: droit constitutionnel et institutions
politiques, 20èmeédition ,L.G.D.J,Paris , 1984.
18- Guillaume DRAGO: Contentieux constitutionnel français, 2éme édition,
presses universitaires de France , Paris, France, 1998.
19- Gustane PEISER: contentieux administratif , 16ème édition, Dalloz, Paris,
France, 2014.
20- Jacques ROBERT: le juge constitutionnel juge des
libertés,Montchrestien , Paris, 1999.
21- Louis FAVOEUR et Loic PHILIP: Les grandes décisions du conseil
constitutionnel, 3émeédition, sirey, Paris, France, 1984
22- Louis FAVOREU: droit constitutionnel, Dalloz, paris, 2010.
23- Louis FAVOREU, Patrick GAIA , Richard GHEVONTIAN: droit
constitutionnelle ,Tome 1 ,19èmeédition , DALLOZ ,Paris,2017.
24- Louis FAVOREU, Patrick GAIA , Richard GHEVONTIAN: droit
constitutionnelle ,TOM 2 ,19e édition , DALLOZ ,Paris,2017
25- Louis FAVOREU, Patrick GAIA , Richard GHEVONTIAN: droit
constitutionnelle ,TOM 3 ,19ème édition , DALLOZ ,Paris,2017.
26- Michel TROPER: pour une théorie juridique de l’état, presses
universitaires de France, 1er éd, paris 1994 .
27- Philippe ARDANT Bertrand MATHIEU: institutions politiques et droit
constitutionnel ; L.G.D.J ;paris; 20ème éd ;2009.

28- Philippe FOILLARD: droit constitutionnel et institutions politiques,


22eme édition,larcier, Bruxelles, 2017.

316
‫قائمة المصادر والمراجع‬

29- Pierre PACTET et Ferdinnaud MELIN-SOUCRAMANIEN: droit


constitutionnel, 29ème édition, Dalloz, Paris,2010.
30- Pilier MARCANGEL: constitution de la 5eme république, 5ème édition,
Economica ,Paris, 2012.

317
‫الفهرس‬
‫الفهرس‬

‫‪2‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪22‬‬ ‫الباب األول‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪2222‬‬
‫‪22‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬النظام القانوني للمجلس الدستوري‬
‫‪31‬‬ ‫المبحث اَلول‪ :‬البنية العضوية للمجلس الدستوري‬
‫‪31‬‬ ‫المطلب اَلول‪ :‬تشكيلة المجلس الدستوري والشروط المتعلقة بها‬
‫‪31‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬تشكيلة المجلس الدستوري‬
‫‪31‬‬ ‫أوال‪ :‬التركيبة البشرية للمجلس الدستوري‬
‫‪39‬‬ ‫ثانيا‪ :‬شروط تولي العضوية‬
‫‪39‬‬ ‫أ‪ -‬السن‬
‫‪30‬‬ ‫ب‪ -‬الكفاءة‬
‫‪67‬‬ ‫جا‪ -‬أداء اليمين‬
‫‪63‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬طرق تولي العضوية في المجلس الدستوري‬
‫‪63‬‬ ‫أوال‪ :‬التعيين‬
‫‪61‬‬ ‫ثانيا‪ :‬االنتخاب‬
‫‪60‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الشروط المرتبطة بالعهدة وضماناتها‬
‫‪60‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬نظام العهدة في المجلس الدستوري‬
‫‪60‬‬ ‫أوال‪ :‬مدة العضوية وعدم قابليتها للتجديد‬
‫‪66‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الحصانة القضائية َلعضاء المجلس الدستوري‬
‫‪66‬‬ ‫أ‪ -‬نطاق تطبيق الحصانة القضائية لعضو المجلس الدستوري‬
‫‪17‬‬ ‫ب‪ -‬إجراءات رفع الحصانة القضائية عن عضو المجلس الدستوري‬
‫‪13‬‬ ‫ثالثا‪ :‬عدم إمكانية العزل‬
‫‪16‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬موجبات العهدة وعقوبات المخالفة‬
‫‪16‬‬ ‫أوال‪ :‬موجبات العهدة‬
‫‪16‬‬ ‫أ‪ -‬مبدأ التنافي مع العضوية‬
‫‪11‬‬ ‫ب‪ -‬واجب التحفظ‬
‫‪19‬‬ ‫جا‪ -‬النظام التأديبي َلعضاء المجلس الدستوري‬
‫‪19‬‬ ‫ثانيا‪ :‬إجراءات سير المساءلة التأديبية َلعضاء المجلس الدستوري‬
‫‪19‬‬ ‫أ‪ -‬إقرار اختصاص سن المجلس الدستوري لقواعد عمله‬
‫‪19‬‬ ‫ب‪ -‬المتابعة التأديبية َلعضاء المجلس الدستوري‬

‫‪320‬‬
‫الفهرس‬

‫‪16‬‬ ‫ثالثا‪ :‬االستقالل اإلداري والمالي للمجلس الدستوري‬


‫‪16‬‬ ‫أ‪ -‬االستقالل اإلداري للمجلس الدستوري‬
‫‪16‬‬ ‫أ‪ -3-‬اَلمانة‬
‫‪17‬‬ ‫أ‪ -6-‬مركز الدراسات والبحوث الدستورية‬
‫‪17‬‬ ‫ب‪ -‬االستقالل المالي للمجلس الدستوري‬
‫‪13‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬القواعد المؤطرة إلجراءات تحريك الرقابة على دستورية القوانين‬
‫‪13‬‬ ‫المطلب اَلول‪ :‬إجراءات إخطار المجلس الدستوري‬
‫‪13‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬إجراءات إيداع طلب اإلخطار على مستوى المجلس الدستوري‬
‫‪13‬‬ ‫أوال‪ :‬إيداع رسالة اإلخطار‬
‫‪16‬‬ ‫أ‪ -‬الشروط الشكلية لإلخطار‬
‫‪16‬‬ ‫ب‪ -‬الشروط الموضوعية لإلخطار‬
‫‪16‬‬ ‫ثانيا‪ :‬ميعاد فصل المجلس الدستور في موضوع اإلخطار‬
‫‪11‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الجهات المخطرة‬
‫‪11‬‬ ‫أوال‪ :‬اإلخطار من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية‬
‫‪11‬‬ ‫أ‪ -‬اإلخطار من طرف أعضاء السلطة التنفيذية‬
‫‪11‬‬ ‫‪ -3‬رئيس الجمهورية‬
‫‪13‬‬ ‫‪ -6‬الوزير اَلول‬
‫‪13‬‬ ‫ب‪ -‬اإلخطار من طرف السلطة التشريعية‬
‫‪19‬‬ ‫‪ -3‬رئيسي غرفتي البرلمان‬
‫‪10‬‬ ‫‪ -6‬نواب وأعضاء البرلمان‬
‫‪19‬‬ ‫ثانيا‪ :‬اإلخطار من طرف اَلفراد بإحالة قضائية‬
‫‪19‬‬ ‫أ‪ -‬ضوابط الطعن بعدم الدستورية‬
‫‪16‬‬ ‫‪ -3‬الضوابط الشكلية‬
‫‪37‬‬ ‫‪ -6‬الضوابط الموضوعية‬
‫‪33‬‬ ‫ب‪ -‬ضوابط فصل الجهات القضائية في دعوى الدفع بعدم الدستورية‬
‫‪36‬‬ ‫‪ -3‬إجراءات اإلحالة القضائية للدفع بعدم الدستورية‬
‫‪31‬‬ ‫‪ -6‬نظام فصل الجهات القضائية العليا في إحالة الدفع بعدم الدستورية‬
‫‪31‬‬ ‫‪ -1‬إجراءات الفصل في الدفع بعدم الدستورية أمام المجلس الدستوري‬
‫‪31‬‬ ‫‪ -3-1‬مراحل بت المجلس الدستوري في دعوى الدفع بعدم الدستورية‬
‫‪33‬‬ ‫‪ -6-1‬قرار المجلس الدستوري بشأن الدفع بعدم الدستورية‬

‫‪321‬‬
‫الفهرس‬

‫‪30‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الضوابط المتعلقة بالرقابة الدستورية ومدى حجية ق ارراتها‬
‫‪30‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬التحقيق والمداوالت‬
‫‪30‬‬ ‫أوال‪ :‬التحقيق‬
‫‪30‬‬ ‫أ‪ -‬تعيين المقرر‬
‫‪39‬‬ ‫ب‪ -‬إعداد مشروع القرار أو الرأي‬
‫‪36‬‬ ‫ثانيا‪ :‬المداوالت‬
‫‪97‬‬ ‫أ‪ -‬جلسة التداول‬
‫‪93‬‬ ‫ب‪ -‬نتائج رقابة المجلس الدستوري‬
‫‪96‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬اآلثار القانونية آلراء وق اررات المجلس الدستوري‬
‫‪96‬‬ ‫أوال‪ :‬حجية آراء وق اررات المجلس الدستوري‬
‫‪96‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تبليغ قرار أو رأي المجلس الدستوري‬
‫‪29‬‬ ‫خالصة الفصل األول‬
‫‪22‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬نطاق ممارسة المجلس الدستوري الختصاصاته الرقابية واالستشارية‬
‫‪99‬‬ ‫المبحث اَلول‪ :‬دور المجلس الدستوري في مجال الرقابة على دستورية القوانين‬
‫‪99‬‬ ‫المطلب اَلول‪ :‬صالحيات المجلس الدستوري في مجال الرقابة اإللزامية‪ -‬المطابقة‬
‫‪99‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬الرقابة اإللزامية على اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم‬
‫‪96‬‬ ‫أوال‪ :‬الرقابة اإللزامية على الضوابط اإلجرائية‬
‫‪03‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الرقابة االلزامية على الضوابط الموضوعية‬
‫‪03‬‬ ‫أ‪ -‬عدم المساس باَلحكام والمبادئ اَلساسية والثوابت الوطنية‬
‫‪06‬‬ ‫ب‪ -‬عدم المساس بالحقوق والحريات العامة‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة اإللزامية على القوانين العضوية واَلنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان‬
‫‪01‬‬ ‫أوال‪ :‬رقابة المجلس الدستوري على القوانين العضوية‬
‫‪01‬‬ ‫أ‪ -‬إجراءات الرقابة اإللزامية على القوانين العضوية‬
‫‪09‬‬ ‫ب‪ -‬ضوابط خضوع القوانين العضوية لرقابة المطابقة‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3‬إجراءات المطابقة في جانبها الشكلي (اإلجرائي)‬
‫‪06‬‬ ‫‪ -6‬إجراءات المطابقة في جانبها الموضوعي‬
‫‪91‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الرقابة اإللزامية على النظام الداخلي لغرفتي البرلمان‬
‫‪91‬‬ ‫أ‪ -‬تعريف اَلنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان‬
‫‪93‬‬ ‫ب‪ -‬رقابة مطابقة النظام الداخلي لغرفتي البرلمان‬
‫‪99‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صالحيات المجلس الدستوري في مجال الرقابة االختيارية‬

‫‪322‬‬
‫الفهرس‬

‫‪99‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬الرقابة على دستورية المعاهدات الدولية‬


‫‪90‬‬ ‫أوال‪ :‬الرقابة على إجراء التصديق على المعاهدات الدولية‬
‫‪99‬‬ ‫ثانيا‪ :‬رقابة المجلس الدستوري على نشر المعاهدة الدولية‬
‫‪67‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬اإلطار الناظم للرقابة الدستورية على القوانين والتنظيمات‬
‫‪63‬‬ ‫أوال‪ :‬الرقابة الدستورية على التشريعات العادية‬
‫‪66‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الرقابة الدستورية على التنظيمات‬
‫‪61‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الصالحيات التقريرية واالستشارية للمجلس الدستوري‬
‫‪63‬‬ ‫المطلب اَلول‪ :‬اختصاصات المجلس الدستوري المتعلقة باالنتخابات الرئاسية والتشريعية‬
‫‪69‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬رقابة المجلس الدستوري على صحة االنتخابات الرئاسية‬
‫‪69‬‬ ‫أوال‪ :‬الرقابة القبلية للمجلس الدستوري على االنتخابات الرئاسية‬
‫‪69‬‬ ‫أ‪ -‬شروط الترشح لالنتخابات الرئاسية‬
‫‪60‬‬ ‫‪ -3‬الشروط المنصوص عليها في الدستور‬
‫‪66‬‬ ‫‪ -6‬الشروط المنصوص عليها في قانون االنتخابات‬
‫‪376‬‬ ‫ب‪ -‬إجراءات إيداع ملف الترشح للرئاسيات‬
‫‪371‬‬ ‫‪-3‬إيداع التصريح بالترشح‬
‫‪371‬‬ ‫‪ -6‬الوثائق الثبوتية للشروط الدستورية والقانونية‬
‫‪371‬‬ ‫‪ -3-6‬الوثائق المثبتة للشروط الدستورية للترشح‬
‫‪371‬‬ ‫‪ -6-6‬الوثائق المثبتة للشروط القانونية للترشح‬
‫‪371‬‬ ‫ثانيا‪ :‬إجراءات فصل المجلس الدستوري في ملفات الترشح للرئاسيات‬
‫‪373‬‬ ‫أ‪ -‬فحص المجلس الدستوري لملفات الترشح‬
‫‪379‬‬ ‫ب‪ -‬ضوابط فصل المجلس الدستوري في طعون الترشح للرئاسيات‬
‫‪379‬‬ ‫‪ -3‬إجراءات الطعن أمام المجلس الدستوري‬
‫‪379‬‬ ‫‪ -6‬اإلعالن عن القائمة النهائية للمترشحين‬
‫‪376‬‬ ‫ثالثا‪ :‬الرقابة البعدية للمجلس الدستوري على االنتخابات الرئاسية‬
‫‪376‬‬ ‫أ‪ -‬فصل المجلس الدستوري في الطعون الخاصة بالرئاسيات‬
‫‪337‬‬ ‫ب‪ -‬مراحل إعالن المجلس الدستوري للنتائج النهائية لالقتراع‬
‫‪333‬‬ ‫‪ -3‬دراسة المجلس الدستوري لمحاضر اللجان االنتخابية‬
‫‪333‬‬ ‫‪ -6‬اإلعالن عن نتائج االنتخابات الرئاسية‬
‫‪336‬‬ ‫جا‪ -‬رقابة المجلس الدستوري على حسابات الحملة االنتخابية‬
‫‪336‬‬ ‫‪ -3‬مدلول الحملة االنتخابية‬

‫‪323‬‬
‫الفهرس‬

‫‪331‬‬ ‫‪ -6‬البت في حساب الحملة االنتخابية‬


‫‪331‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬رقابة المجلس الدستوري على صحة االنتخابات التشريعية‬
‫‪333‬‬ ‫أوال‪ :‬آليات فصل المجلس الدستوري في طعون االنتخابات التشريعية‬
‫‪333‬‬ ‫أ‪ -‬شروط صحة الطعون االنتخابية‬
‫‪333‬‬ ‫‪ -3‬شروط الطعن في صحة نتائج االنتخابات التشريعية‬
‫‪339‬‬ ‫‪ -3-3‬الصفة في الطعن‬
‫‪330‬‬ ‫‪ -6-3‬شكل الطعون وميعاد إيداعها‬
‫‪339‬‬ ‫ب‪ -‬إجراءات التحقيق والبت في الطعون‬
‫‪339‬‬ ‫‪ -3‬إجراءات التحقيق في الطعون‬
‫‪336‬‬ ‫‪ -6‬البت في الطعون‬
‫‪366‬‬ ‫ثانيا‪ :‬رقابة المجلس الدستوري على حسابات الحملة االنتخابية البرلمانية والعهدة البرلمانية‬
‫‪366‬‬ ‫أ‪-‬فصل المجلس الدستوري في حسابات الحملة االنتخابية‬
‫‪361‬‬ ‫ب‪ -‬الرقابة على استخالف عضو البرلمان‬
‫‪361‬‬ ‫‪ -3‬استخالف العضو في المجلس الشعبي الوطني‬
‫‪363‬‬ ‫‪ -6‬استخالف النائب في مجلس اَلمة‬
‫‪369‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬االختصاصات االستشارية للمجلس الدستوري‬
‫‪369‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬نطاق الرقابة على التعديل الدستوري وعملية االستفتاء‬
‫‪360‬‬ ‫أوال‪ :‬مجال بسط الرقابة على التعديل الدستوري‬
‫‪360‬‬ ‫أ‪-‬القاعدة الدستورية بين ضرورة التعديل وقيود الحظر‬
‫‪369‬‬ ‫‪ -3‬مسايرة التعديل للضرورة القانونية‬
‫‪369‬‬ ‫‪ -6‬مسايرة التعديل للضرورة السياسية‬
‫‪366‬‬ ‫ب‪ -‬القيود الواردة على التعديل الدستوري‬
‫‪317‬‬ ‫‪ -3‬الحظر الزمني‬
‫‪317‬‬ ‫‪ -6‬الحظر الموضوعي‬
‫‪313‬‬ ‫جا‪ -‬الرقابة على دستورية مشروع التعديل الدستوري‬
‫‪313‬‬ ‫‪ -3‬إجراءات تعديل الدستور‬
‫‪316‬‬ ‫‪ -6‬إجراءات الرقابة على دستورية مشروع التعديل الدستوري‬
‫‪311‬‬ ‫ثانيا‪ :‬رقابة المجلس الدستوري على عمليات االستفتاء‬
‫‪311‬‬ ‫أ‪ -‬المقصود باالستفتاء‬
‫‪311‬‬ ‫‪ -3‬صور االستفتاء الشعبي في الجزائر‬

‫‪324‬‬
‫الفهرس‬

‫‪311‬‬ ‫‪ -3-3‬االستفتاء الدستوري‬


‫‪311‬‬ ‫‪ -6-3‬االستفتاء التأسيسي‬
‫‪313‬‬ ‫‪ -1-3‬استفتاء تعديل الدستوري‬
‫‪313‬‬ ‫‪ -1-3‬االستفتاء التشريعي‬
‫‪319‬‬ ‫ب‪ -‬الرقابة على عملية االستفتاء‬
‫‪319‬‬ ‫‪ -3‬إجراءات البت في الطعون‬
‫‪319‬‬ ‫‪ -6‬إعالن النتائج النهائية لالستفتاء‬
‫‪316‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الحاالت االستشارية الخاصة‬
‫‪316‬‬ ‫أوال‪ :‬استشارة المجلس الدستوري في حاالت شغور منصب رئاسة الجمهورية‬
‫‪316‬‬ ‫أ‪ -‬حالة المانع المؤقت‬
‫‪313‬‬ ‫ب‪ -‬حالة الشغور النهائي‬
‫‪311‬‬ ‫ثانيا‪ :‬نطاق الدور االستشاري للمجلس الدستوري في الحاالت االستثنائية‬
‫‪311‬‬ ‫أ‪ -‬الرقابة الدستورية أثناء حالتا الطوارئ والحصار‬
‫‪311‬‬ ‫‪ -3‬ماهية حالتا الطوارئ والحصار‬
‫‪319‬‬ ‫‪ -6‬استشارة رئيس المجلس الدستوري‬
‫‪310‬‬ ‫ب‪ -‬الرقابة الدستورية أثناء الحالة االستثنائية وحالة الحرب‬
‫‪310‬‬ ‫‪ -3‬ماهية الحالة االستثنائية وحالة الحرب‬
‫‪316‬‬ ‫‪ -6‬دور المجلس الدستوري أثناء الحالة االستثنائية والحرب‬
‫‪333‬‬ ‫خالصة الفصل الثاني‬
‫‪336‬‬ ‫خالصة الباب األول‬
‫‪255‬‬ ‫الباب الثاني‪ :‬اإلطار العام للرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫‪330‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬ماهية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫‪336‬‬ ‫المبحث اَلول‪ :‬التأصيل التاريخي للرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫‪336‬‬ ‫المطلب اَلول‪ :‬نشأة فكرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫‪397‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬نشأة الرقابة على دستورية القوانين في الواليات المتحدة اَلمريكية‬
‫‪396‬‬ ‫أوال‪ :‬جهود الدستور اَلمريكي وسموه‬
‫‪391‬‬ ‫ثانيا‪ :‬شكل الدولة االتحادي– فيدرالي‪-‬‬
‫‪393‬‬ ‫ثالثا‪ :‬اآلراء والسوابق التاريخية الممهدة لقيام الرقابة على دستورية القوانين‬
‫‪393‬‬ ‫أ‪ -‬مؤتمر فيالدلفيا و"أوراق الفيدرالي"‬
‫‪393‬‬ ‫ب‪ -‬المرتكزات القانونية والقضائية للرقابة على دستورية القوانين في الواليات المتحدة‬

‫‪325‬‬
‫الفهرس‬

‫‪399‬‬ ‫جا‪ -‬المرتكزات الدستورية والسياسية واالقتصادية‬


‫‪399‬‬ ‫رابعا‪ :‬جهود المحكمة الدستورية‬
‫‪399‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬نشأة الرقابة القضائية على دستورية القوانين في الدول العربية‬
‫‪399‬‬ ‫أوال‪ :‬نشأة الرقابة القضائية على دستورية القوانين في مصر‬
‫‪399‬‬ ‫أ‪-‬الرقابة الدستورية قبل إنشاء المحكمة العليا‬
‫‪399‬‬ ‫‪-3‬الفقه‬
‫‪396‬‬ ‫‪ -6‬القضاء‬
‫‪396‬‬ ‫‪ -3-6‬موقف القضاء العادي‬
‫‪307‬‬ ‫‪-6-6‬موقف القضاء اإلداري‬
‫‪303‬‬ ‫ب‪ -‬الرقابة القضائية على دستورية القوانين في ظل إنشاء المحكمة العليا‬
‫‪306‬‬ ‫‪ -3‬إنشاء المحكمة العليا‬
‫‪301‬‬ ‫‪ -6‬إنشاء المحكمة الدستورية العليا‬
‫‪301‬‬ ‫ثانيا‪ :‬نشأة الرقابة القضائية على دستورية القوانين في دول المغرب العربي‬
‫‪301‬‬ ‫أ‪ -‬نشأة الرقابة على دستورية القوانين في المملكة المغربية‬
‫‪301‬‬ ‫‪ -3‬مرحلة ما قبل إقرار الدستور اَلول لسنة ‪3696‬‬
‫‪303‬‬ ‫‪ -6‬مرحلة رقابة الغرفة الدستورية بالمجلس اَلعلى على دستورية القوانين‬
‫‪300‬‬ ‫‪ -1‬مرحلة الرقابة على دستورية القوانين في ظل المجلس الدستوري‬
‫‪306‬‬ ‫ب‪ -‬نشأة الرقابة القضائية على دستورية القوانين في تونس‬
‫‪397‬‬ ‫‪ -3‬مرحلة ما قبل دسترة المجلس الدستوري‬
‫‪391‬‬ ‫‪ -6‬مرحلة دسترة المجلس الدستوري‬
‫‪390‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬نظام الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫‪390‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬أساليب الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫‪390‬‬ ‫أوال‪ :‬أسلوب الرقابة الالمركزية على دستورية القوانين‬
‫‪396‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أسلوب المركزية الرقابية على دستورية القوانين‬
‫‪366‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬صور الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫‪361‬‬ ‫أوال‪ :‬الدعوى الدستورية اَلصلية–رقابة اإللغاء‬
‫‪361‬‬ ‫أ‪ -‬مزايا الرقابة القضائية عن طريق الدعوى اَلصلية‬
‫‪363‬‬ ‫ب‪ -‬عيوب الرقابة القضائية عن طريق الدعوى اَلصلية‬
‫‪369‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الدعوى الدستورية عن طريق الدفع الفرعي –رقابة االمتناع‬
‫‪360‬‬ ‫أ‪ -‬مزايا الرقابة القضائية عن طريق دعوى الدفع الفرعي‬

‫‪326‬‬
‫الفهرس‬

‫‪369‬‬ ‫ب‪ -‬عيوب الرقابة القضائية عن طريق الدفع الفرعي‬


‫‪677‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مبررات اَلخذ بالرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫المطلب اَلول‪ :‬مبررات اَلخذ بالرقابة القضائية من خالل مبدئي الديمقراطية واحترام الحقوق ‪673‬‬
‫والحريات‪369‬‬
‫‪673‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬الرقابة الدستورية أساس مبدأ احترام الحقوق والحريات اَلساسية‬
‫‪671‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة القضائية على دستورية القوانين ومبدأ الديمقراطية‬
‫‪671‬‬ ‫أوال‪ :‬عالقة الرقابة الدستورية بالمفهوم التقليدي للديمقراطية‬
‫‪679‬‬ ‫ثانيا‪ :‬عالقة الرقابة بالمفهوم الحديث للديمقراطية‬
‫‪637‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تقدير أسلوب الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫‪637‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬أهمية الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫‪633‬‬ ‫أوال‪ :‬االعتبارات الموضوعية َلسلوب الرقابة القضائية على الدستورية‬
‫‪631‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الرقابة القضائية على دستورية القوانين بين التأييد والمعارضة‬
‫‪631‬‬ ‫أ‪ -‬االتجاه المناهض للرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫‪633‬‬ ‫ب‪ -‬االتجاه المؤيد للرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫‪630‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تقدير أسلوب الرقابة القضائية على دستورية القوانين‬
‫‪222‬‬ ‫خالصة الفصل األول‬
‫‪222‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين في ظل التعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪2222‬‬
‫‪663‬‬ ‫المبحث اَلول‪ :‬القواعد اإلجرائية الضابطة لسير عمل المحكمة الدستورية الجزائرية‬
‫‪663‬‬ ‫المطلب اَلول‪ :‬تشكيلة المحكمة الدستورية وضمانات أعضائها‬
‫‪669‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬أعضاء المحكمة الدستورية وصفاتهم‬
‫‪669‬‬ ‫أوال‪ :‬التركيبة البشرية للمحكمة الدستورية‬
‫‪666‬‬ ‫ثانيا‪ :‬شروط تولي العضوية في المحكمة الدستورية‬
‫‪666‬‬ ‫أ‪-‬السن‬
‫‪617‬‬ ‫ب‪ -‬الخبرة في القانون‬
‫‪617‬‬ ‫جا‪ -‬التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وعدم التعرض لعقوبة سالبة للحرية‬
‫‪613‬‬ ‫د‪ -‬عدم االنتماء الحزبي‬
‫‪613‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬نظام تولي العضوية في المحكمة الدستورية وضمانات أعضائها‬
‫‪616‬‬ ‫أوال‪ :‬والية أعضاء المحكمة الدستورية‬
‫‪611‬‬ ‫ثانيا‪ :‬ضمانات أعضاء المحكمة الدستورية وواجباتهم‬
‫‪611‬‬ ‫أ‪ -‬ضمانات العهدة في المحكمة الدستورية‬

‫‪327‬‬
‫الفهرس‬

‫‪611‬‬ ‫‪ -3‬الحصانة‬
‫‪613‬‬ ‫‪ -6‬عدم القابلية للعزل‬
‫‪619‬‬ ‫ب‪ -‬مقتضيات العضوية في المحكمة الدستورية‬
‫‪619‬‬ ‫‪-3‬مبدأ التنافي‬
‫‪610‬‬ ‫‪-6‬واجب التحفظ‬
‫‪619‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬آليات تفعيل رقابة المحكمة الدستورية واجراءات عملها‬
‫‪619‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬ضوابط إخطار المحكمة الدستورية الجزائرية‬
‫‪619‬‬ ‫أوال – تحريك الرقابة من طرف الهيئات‬
‫‪619‬‬ ‫أ‪-‬اإلخطار من طرف السلطة التنفيذية‬
‫‪619‬‬ ‫‪-3‬رئيس الجمهورية‬
‫‪616‬‬ ‫‪-6‬الوزير اَلول أو رئيس الحكومة حسب الحالة‬
‫‪616‬‬ ‫ب‪-‬اإلخطار من طرف البرلمان‬
‫‪616‬‬ ‫‪– 3‬رؤساء غرفتي البرلمان‬
‫‪617‬‬ ‫‪-6‬نواب وأعضاء البرلمان‬
‫‪613‬‬ ‫ثانيا‪ :‬إخطار المحكمة الدستورية من طرف اَلفراد بإحالة قضائية‬
‫‪613‬‬ ‫أ‪-‬ضوابط إخطار اَلفراد للمحكمة الدستورية‬
‫‪616‬‬ ‫ب‪-‬ضوابط إحالة الجهات القضائية للدفع بعدم الدستورية‬
‫‪611‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات سير عمل المحكمة الدستورية‬
‫‪611‬‬ ‫أوال‪ :‬التحقيق والمداوالت‬
‫‪613‬‬ ‫ثانيا‪ :‬طبيعة أحكام المحكمة الدستورية‬
‫‪619‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬النظام الدستوري الختصاصات المحكمة الدستورية‬
‫‪619‬‬ ‫المطلب اَلول‪ :‬االختصاصات الرقابية للمحكمة الدستورية‬
‫‪610‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬رقابة المحكمة الدستورية على التشريعات الوطنية والدولية‬
‫‪610‬‬ ‫أوال‪ :‬الرقابة السابقة‬
‫‪610‬‬ ‫أ‪ -‬الرقابة السابقة الوجوبية‬
‫‪610‬‬ ‫‪-3‬رقابة القوانين العضوية والنظام الداخلي لغرفتي البرلمان‬
‫‪619‬‬ ‫‪ -6‬الرقابة على اَلوامر الرئاسية‬
‫‪637‬‬ ‫ب‪-‬الرقابة السابقة االختيارية‬
‫‪637‬‬ ‫‪-3‬الرقابة على دستورية المعاهدات الدولية‬
‫‪633‬‬ ‫‪-6‬الرقابة على دستورية القوانين العادية‬

‫‪328‬‬
‫الفهرس‬

‫‪633‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الرقابة الالحقة‬


‫‪636‬‬ ‫أ‪-‬رقابة دستورية التنظيمات‬
‫‪636‬‬ ‫ب‪-‬رقابة توافق القوانين والتنظيمات مع المعاهدات‬
‫‪631‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬المحكمة الدستورية والمهام الدستورية اَلخرى‬
‫‪631‬‬ ‫أوال‪ :‬اختصاصات المحكمة الدستورية ذات الطابع التقريري‬
‫‪631‬‬ ‫أ‪ -‬المحكمة الدستورية قاضية انتخابات‬
‫‪631‬‬ ‫ب‪-‬الفصل في المنازعات التي قد تحدث بين السلطات‬
‫‪631‬‬ ‫ج‪ -‬تدخل المحكمة الدستورية في حالتي المانع والشغور‬
‫‪639‬‬ ‫ثانيا‪-‬اختصاصات المحكمة الدستورية ذات الطابع االستشاري‬
‫‪639‬‬ ‫أ‪ -‬دور المحكمة الدستورية في التعديل الدستوري‬
‫‪630‬‬ ‫ب‪ -‬استشارة المحكمة الدستورية في الحاالت الخاصة‪:‬‬
‫‪630‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مظاهر سهر المحكمة الدستورية على احترام الدستور‬
‫‪630‬‬ ‫الفرع اَلول‪ :‬االختصاص التفسيري للمحكمة الدستورية‬
‫‪639‬‬ ‫أوال‪ :‬التفسير الدستوري بين اختالف المذاهب وتعدد الوسائل‬
‫‪639‬‬ ‫أ‪ -‬ماهية التفسير الدستوري ومذاهبه‬
‫‪639‬‬ ‫‪ -3‬تعريف التفسير‬
‫‪636‬‬ ‫‪ -6‬مذاهب التفسير الدستوري‬
‫‪636‬‬ ‫‪-3-6‬مذهب التفسير الحرفي‬
‫‪697‬‬ ‫‪-6 -6‬المذهب االجتماعي‬
‫‪693‬‬ ‫‪ -1-6‬مذهب البحث العلمي الحر‬
‫‪696‬‬ ‫ب‪ -‬مصادر التفسير الدستوري ووسائله‬
‫‪696‬‬ ‫‪ -3‬مصادر التفسير‬
‫‪696‬‬ ‫‪ -3-3‬التفسير التشريعي‬
‫‪696‬‬ ‫‪ -6-3‬التفسير القضائي‬
‫‪696‬‬ ‫‪ -6‬وسائل التفسير الدستوري‬
‫‪691‬‬ ‫‪ -3-6‬وسائل التفسير الداخلية‬
‫‪691‬‬ ‫‪ -6-6‬وسائل التفسير الخارجية‬
‫‪691‬‬ ‫ثانيا‪ :‬دور المحكمة الدستورية الجزائرية في تفسير الدستور‬
‫‪691‬‬ ‫أ‪ -‬حدود اختصاص المحكمة الدستورية في تفسير الدستور‬
‫‪693‬‬ ‫ب‪ -‬ضرورة تفسير الدستور‬

‫‪329‬‬
‫الفهرس‬

‫‪699‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬أوجه الرقابة على دستورية القوانين‬


‫‪699‬‬ ‫أوال‪ :‬أوجه عدم الدستورية‬
‫‪699‬‬ ‫أ‪ -‬أوجه عدم الدستورية الخارجية‬
‫‪699‬‬ ‫‪-3‬عيب عدم االختصاص‬
‫‪606‬‬ ‫‪ -6‬عيب الشكل واإلجراءات‬
‫‪606‬‬ ‫ب‪ -‬أوجه عدم الدستورية الداخلية‬
‫‪601‬‬ ‫‪-3‬عيب المحل‬
‫‪601‬‬ ‫‪ -6‬عيب الغاية أو االنحراف التشريعي‬
‫‪601‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أهمية الرقابة الدستورية على القوانين‬
‫‪603‬‬ ‫أ‪-‬حماية مبدأ سمو الدستور‬
‫‪603‬‬ ‫‪-3‬السمو الشكلي‬
‫‪609‬‬ ‫‪-6‬السمو الموضوعي‬
‫‪600‬‬ ‫ب‪ -‬تكريس مبدأ الفصل بين السلطات‬
‫‪609‬‬ ‫‪-3‬مدلول مبدأ الفصل بين السلطات‬
‫‪606‬‬ ‫‪-6‬مبررات اَلخذ بمبدأ الفصل بين السلطات‬
‫‪606‬‬ ‫‪ -3-6‬مزايا مبدأ الفصل بين السلطات‬
‫‪697‬‬ ‫‪ -6-6‬االنتقادات الموجهة لمبدأ الفصل بين السلطات‬
‫‪696‬‬ ‫ج‪ -‬تحقيق مبدأ المشروعية‬
‫‪696‬‬ ‫‪ -3‬ماهية مبدأ المشروعية‬
‫‪691‬‬ ‫‪ -6‬عالقة مبدأ المشروعية بالحقوق والحريات‬
‫‪693‬‬ ‫خالصة الفصل الثاني‬
‫‪699‬‬ ‫خالصة الباب لثاني‬
‫‪696‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪669‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪167‬‬ ‫الفهرس‬
‫ملخصات‬

‫‪330‬‬
‫ملخصات‬
‫ملخصات‬

‫الملخص‪:‬‬

‫تعد الرقابة على دستورية القوانين الحصن المنيع لألمن القانوني َلي دولة‪ ،‬ناهيك عن سمتها اَلساسية‬
‫في إرساء ركائز دولة القانون‪ ،‬فبها يتحقق مبدأ المشروعية إعالء الدستور من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى‬
‫تعد أسمى ضمانات حماية الحقوق والحريات العامة لألفراد‪ ،‬ولما كان إرساء دولة القانون وحفظ الحقوق‬
‫والحريات فيها يتطلب التصدي للعقبات التي تواجهها‪ ،‬حتى وان كان العائق هو القانون في حد ذاته‪،‬‬
‫أصبح للرقابة على دستورية القوانين أهمية بالغة في معظم الدول الديمقراطية رغم اختالفها في تنظيمها‬
‫تبعا الختالف التنظيم الدست وري لكل دولة‪ ،‬إال أنها في المجمل تتحقق عن طريق نوعين من الرقابة إما‬
‫رقابة سياسية أو قضائية‪ ،‬ولكل منها منطقه ومبرراته‪ ،‬أما اَلفضلية فقد اجمع الفقه الدستوري العالمي‬
‫على أنها ميزة للرقابة القضائية قياسا لمدى فعاليتها في صون نصوص الدستور‪ ،‬لذا اعتبرت إحدى أهم‬
‫ا لوسائل ضمانا لحسن تنفيذ القاعدة الدستورية لتصبح بذلك ضرورة بها تستقر العالقات ويستمر سير‬
‫السلطات‪ ،‬وعلى أساسها توزع العدالة في الدولة كونها خير أداة تضمن عدم الخروج على أحكام الدستور‬
‫شكال وموضوعا‪ ،‬خصوصا بعد ضعف الثقة في قدرة الرقابة السياسية على تحقيق هذه اَلهداف وفي‬
‫محور ذلك كان من الطبيعي أن ينتقل المؤسس الدستوري الجزائري بموجب التعديل الدستوري لسنة‬
‫‪ 6767‬بالرقابة على دستورية القوانين إلى حيث اَلسلوب المالئم بما يضمن للرقابة فعاليتها والحفاظ على‬
‫جوهر مهامها فاختار اَلخذ بالرقابة بواسطة جهة قضائية متمثلة في المحكمة الدستورية وكلفها دون‬
‫غيرها بضمان احترام الدستور وضبط سير المؤسسات ونشاط السلطات العمومية‪ ،‬مستغنيا بذلك عن‬
‫أسلوب الرقابة السياسية على دستورية القوانين بواسطة المجلس الدستوري الذي ارتبط به تاريخ الرقابة‬
‫على دستورية القوانين في الجزائر منذ أول دستور لها‪.‬‬

‫‪332‬‬
‫ملخصات‬

Summary:

The monitoring the constitutional law is considered the invincible bulwark of the legal
safety of any country. Not to mention its fundamental character on laying the foundations of
the rule of law. On the one hand, the principle of legality is achieved by upholding the
Constitution. On the other hand, it is the highest guarantee of protection of the rights and
freedoms of the public. The establishment of the rule of law and the preservation of its rights
and freedoms required addressing the obstacles it faces. Even if the obstacle is the law itself,
the monitoring of the constitutionality of laws has become very important in most democratic
countries. Although the later countries are very much different depending on their different
constitutional systems; however, it is achieved through two types of control: either political or
judicial. Each has its own logic and justification. The preferred type was expressed by the
universal constitutional jurisprudence as an advantage of judicial control in relation to its
effectiveness in safeguarding constitutional texts. It’s regarded as the most effective tool to
ensure the implementation of the constitutional rule thus it became a necessity with it, the
relations stabilize and the authorities continue. Based on which, justice is distributed in the
country. Which make it the best tool to ensure not to deviate from the constitutional
provisions especially after the lack of trust in the political oversight in achieving these goals.
In this connection, it was only natural for the Algerian Constitutional Founder, in accordance
with the Constitutional Amendment of 2020, to monitor the constitutionality of laws in an
appropriate manner to ensure their effectiveness and to preserve the essence of their functions.
The method of political control over the constitutionality of laws is thus eliminated by the
Constitutional Council, which has been linked to the history of monitoring the
constitutionality of laws in Algeria since its first Constitution.

333
‫ملخصات‬

Sommaire:

Le contrôle de la constitutionnalité des lois est le rempart de la sécurité juridique de tout État,
sans parler de sa caractéristique essentielle pour poser les piliers de l'état de droit. Par lui, le
principe de légalité est atteint en faisant respecter la constitution d'une part, et d'autre part,
c'est la plus haute garantie de protection des droits et libertés publiques des individus. Puisque
l'instauration de l'État de droit et la préservation des droits et libertés qui y règnent nécessitent
de s'attaquer aux obstacles auxquels il est confronté, même si l'obstacle est la loi en elle-
même, le contrôle de la constitutionnalité des lois est devenu d'une grande importance dans la
plupart pays démocratiques, malgré leurs différences dans leur organisation selon
l'organisation constitutionnelle différente de chaque pays. En général, il est réalisé par deux
types de contrôle, soit politique, soit judiciaire, chacun avec sa propre logique et ses propres
justifications. Quant à la préférence, la jurisprudence constitutionnelle internationale a
unanimement reconnu qu'il s'agit d'un avantage du contrôle judiciaire par rapport à son
efficacité dans la sauvegarde des dispositions de la constitution, pour ça il est considéré
comme l'un des moyens les plus importants pour assurer la bonne mise en œuvre du droit
constitutionnel, afin qu'elle devienne une nécessité, à travers laquelle les relations se
stabilisent et le fonctionnement des autorités se poursuit, et sur la base de laquelle la justice
est distribuée dans l'État car c'est le meilleur outil pour s'assurer qu'il y a n'y a aucune
dérogation aux dispositions de la constitution en la forme et au fond, surtout après le manque
de confiance dans la capacité du contrôle politique à atteindre ces objectifs, et au centre de
cela, il était naturel pour le fondateur constitutionnel algérien, selon l'amendement
constitutionnel de 2020, de déplacer le contrôle de la constitutionnalité des lois vers la
méthode appropriée pour assurer le contrôle de son efficacité et préserver l'essence de ses
missions, il a donc choisi d'exercer le contrôle par un organe juridictionnel représenté par la
Cour constitutionnelle, et lui a confié exclusivement le respect de la constitution et le contrôle
du fonctionnement des institutions et de l'activité des pouvoirs publics, s'affranchir ainsi du
mode de contrôle politique de la constitutionnalité des lois par le Conseil constitutionnel,
auquel l'histoire du contrôle de la constitutionnalité des lois en Algérie est liée depuis sa
première constitution.

334

You might also like