Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 19

‫محاضرات مقياس المدارس اللسانية‬

‫موجهة لطلبة السنة الثانية‬

‫أدب عربي‬

‫السداسي الرابع‪:‬‬

‫دراسات أدبية‬

‫المجموعة الثانية‬

‫األستاذة ‪ :‬سعيدي منال وسام‬

‫‪ -1‬المحاضرة األولى‬

‫اللسانيات البنيوية‬

‫‪ -2‬المحاضرة الثانية‬

‫‪1‬‬
‫فرديناند دي سوسير والبنيوية‬

‫‪ -3‬المحاضرة الثالثة‬

‫المدرسة الوظيفية‬

‫‪ -4‬المحاضرة الرابعة‬

‫مدرسة براغ و روادها‬

‫محاضرات مقياس المدارس اللسانية‬


‫موجهة لطلبة السنة الثانية‬

‫أدب عربي‬
‫‪2‬‬
‫السداسي الرابع‪:‬‬

‫دراسات أدبية‬

‫المجموعة الثانية‬

‫األستاذة ‪ :‬سعيدي منال وسام‬

‫‪-1‬المحاضرة األولى‪:‬‬

‫اللسانيات البنيوية‬
‫مقياس املدارس اللسانية هو عبارة عن دراسة و مسح تارخيي ألهم احملطات اللسانية ‪،‬نشأت هذه‬
‫املدارس يف الق رن التاس ع عش ر حيث ازده رت خالل ه دراس ات لغوي ة عدي دة ت راوحت بني‬
‫الدراسات التارخيية للغة و الدراسات املقارنة بني اللغات و قد اعتربت هذه الدراسات اللبنة األوىل‬
‫لظهور اللسانيات و هي العلم الذي يعىن بدراسة الظاهرة اللغوية دراسة علمية ممنهجة ‪.‬‬
‫و قد مرت اللسانيات منذ ظهورها مبراحل أدت إىل ظهور مدارس لسانية خمتلفة يف أماكن متفرقة‬
‫و يف بلدان عدة نذكر منها ‪ :‬الواليات املتحدة األمريكية ‪،‬روسيا ‪ ،‬سويسرا ‪...‬لكن بقي حمورها‬
‫األساسي رائد اللسانيات البنيوية احلديثة فرديناند دي سوسري فقد شكلت أفكاره نقطة انطالق‬
‫العديد من الدراسات سواء ألنصاره أو الرافضني ملبادئه‪.‬‬
‫و قب ل الول وج إىل موض وع اللس انيات البنيوي ة ارتأين ا أن نب دأ بتحدي د مفه وم البنيوي ة و املذهب‬
‫البنيوي‬
‫" البنيوية اجتاه معريف ظهر مع بداية القرن العشرين و عرف ازدهارا كبريا و تطورات سريعة بفضل‬
‫تطور الدراسات اللسانية خاصة مع الباحث أأللسين فرديناند دي سوسري بأحباثه اجلليلة و القيمة‬
‫يف اللس انيات العام ة " ‪ 1‬و قب ل التعم ق يف ه ذا اجملال الب د أن نبحث يف أص ل كلم ة بنيوي ة و منه ا‬
‫البني ة و منه ا الفع ل ب ىن ‪ ،‬يب ين ‪ ،‬بن اءا " و هي كلم ة تع ين الكيفي ة ال يت ش يد عليه ا بن اء م ا ‪ ،‬و‬

‫‪3‬‬
‫انطالقا من هذا املفهوم ‪ ،‬أصبحت هذه الكلمة تعين الكيفية اليت تنظم هبا عناصر جمموعة ما "‪2‬ومن‬
‫هذا املنطلق " تعين كلمة بنية جمموعة العناصر املتماسكة فيما بينها حبيث يتوقف كل عنصر على‬
‫باقي العناصر األخرى ‪ ،‬و حبيث يتحدد هذا العنصر لعالقته بتلك العناصر األخرى ‪ .‬فالبنية هي‬
‫جمموع ة العالق ات الداخلي ة الثابت ة ال يت متيز جمموع ة م ا ‪ ،‬حبيث تك ون هن اك أس بقية منطقي ة للك ل‬
‫على األجزاء ‪ ،‬أي أن أي عنصر من البنية ال يتخذ معناه إال بالوضع الذي حيتله داخل اجملموعة " ‪3‬‬

‫من هذا املعىن و املفهوم اخلاص بكلمة بنية مت استخراج اسم املذهب البنيوي أو املنهج البنيوي و‬
‫هو الذي " يتعامل مع الظاهرة موضوع الدراسة كإطار عام وشامل تتحرك يف داخله جمموعة من‬
‫العناصر وفق قواعد و نظام ترابطي داخلي خاص و مميز بشكل بنية مستقلة و قائمة بذاهتا " ‪4‬‬

‫إشكالية ترمجة املصطلح األجنيب إىل اللغة العربية ‪Structuralisme‬‬


‫مواق ف متباين ة حيث نق رأ هلم كلم ات خمتلف ة‪ Structuralisme‬وق ف املرتمجون الّع رب من‬
‫كلم ة فمنهم من ت رجم الكلم ة بالبنيوي ة ومنهم من اخت ار هلا مص طلح الّبنائي ة ‪،‬ومنهم من اس تعمل‬
‫مص طلح الّتفكيكي ة‪ ،‬ومنهم من اخت ار مص طلح الّرتكيبي ة‪ ،‬ف إن ك ان املص طلحني الّبنيوي ة والّبنائي ة‬
‫متقاربني من حيث الّبنية الّص وتية والّد اللية ففي اعتقادنا اأّن مصطلحي الّتفكيكية والّرتكيبية قد‬
‫يبدوان بعيدين عن األداء‪ Structuralisme‬الّد اليل والّو ظيفي ملصطلح ‪.‬‬
‫غري أّن الذي أثار انتباهنا هو احلضور الق ّو ي واملكّث ف ملصطلحي الّبنائية والّبنيوية حيث أّن بعض‬
‫الّب احثني يس تخدمون بنيوي ة نس بة إىل "الّبني ة وه و اش تقاق ص ائٌب ل وال أّن ه جيرح الّنس يج الّص ويت‬
‫للكلمة بوقوع الواو بني ضرتيها مبا يرتبع لذلك تشّد ق حنكي عند الّنطق وهذا ما جعلنا نعدل عن‬
‫هذه الّتسمية ونفّض ل عليه االّبنائية لسالستها وُقرب مأخذها راجني أن تكون هذه الّس يولة الّلفظية‬
‫ذريعة لسيولة أخرى وأعلى وهي السيولة الّف كرية والّد اللية"‪5‬‬

‫ومهم ا يكن من أم ر‪،‬فلق د اس تعمل املرتمجون الّع رب مص طلح الّبنائي ة والّبنيوي ة مبع ىن واحد غ ري أّن‬
‫العناوين تع ّد دت واختلفت ويف اعتقادنا وبالعودة إىل أصل الكلمة يف الّلغة الفرنسية فإّن الرتمجتني‬
‫كان بإمكاهنما االحتاد يف مصطلح لغوي واحد‪.‬‬
‫فالّبنوي ة بص فة عام ة تع ين"طريق ة جدي دة للّنظ ر إىل األنش طة الّف كري ة والّس لوكية للمجتم ع والف رد‬
‫ورب ط بعض ها ببعض ق دميها وح ديثها وأن يك ون ك ّل نش اط يف ح ّد ذات ه نظاًم ا متك امًال بقص د‬
‫االهتداء إىل الّنظام الكوين األصيل والّبناء الكّلي للعقل الّبشري‪ ،‬نستطيع بذلك أن نصل إىل احلقيقة‬
‫‪4‬‬
‫الكربى اليت تكشف الّقناع عن كثري من األمور املعقدة على املستوى االجتماعي والّف ردي وعلى‬
‫املس توى العلمي الط بيعي واإلنت اج الّف ك ري ‪ ...‬فالّبنوي ة تبحث إذن عن املس توى العمي ق كال ذي‬
‫ترتكز عليها حلضارة اإلنسانية وذلك من خالل جتاوز الّظاهر إىل ال اطن"‪6‬‬
‫ّب‬
‫ومهما يكن من أم ر فإّن املرتمجني لّلغة العربي ة بطريق ة ش عورية أوال ش عورية تّف نن وا يف الّتعام ل م ع‬
‫املصطلح الّبنيوي ونّو عوا يف االستخدامات إلّالُمتناهية للمصطلح الّبنيوية والّبنائية وقد‪.‬‬
‫نشري يف هذا اّلصدد إىل ترمجة الدكتور سليم حداد يف املعجم الّنقدي لعلم االجتماع حيث قابل‬
‫مصطلح ‪ Structuralisme‬باملصطلح العريب الّبنيوية واليت يقول عنها‪" :‬تشري هذه الكلمة إىل‬
‫حركة من األفكار الغامضة واملعّق دة اليت تط رت يف نطاق علوم اجتماعية أخرى" ‪7‬‬
‫ّو‬
‫وخالصة القول لقد تفّنَن املرتمجون الّعرب يف استعمال املصطلحني االثنني الّبنيوية والّبنائية كمقابل‬
‫داليل ووظيفي ملصطلح ويف اعتقادنا كان باإلمكان تفادي هذه االزدواجية وهذا الّتالعب الّلفظي‬
‫والّص ويت الذي قد ْحُيرُج الق ارئ معتق ًد ا أّن ك ّل مصطلح قد خيفي أشياء خاصة وأّن املص طلحال‬
‫آخر قد يعجُز عن الّتعبري عن أشياء أخرى‪..‬‬
‫الرّت مجة إىل الّلغة العربية‬ ‫املصطلح بالّلغة الفرنسية‬
‫‪ Structuralisme‬التفكيكية‬
‫الرتكيبية‬
‫البنيوية‬
‫البنائية‬
‫و بعد هذه اللمحة البسيطة حول مصطلح البنيوية و ترمجاته و املنهج البنيوي ارتأينا أن نبدأ من‬
‫دي سوسري و املدرسة اللسانية البنيوية‬
‫‪-‬فردينان د دي سوس ري و مدرس ة ج نيف ‪ :‬فردينان د دي سوس ري ه و لس اين سويس ري ش هري ول د‬
‫‪ 1857‬و ت ويف ‪ ، 1913‬يع د اللس اين أب و اللس انيات احلديث ة و ذل ك من خالل مدرس ة ج نيف‬
‫حيث قدم يف الفرتة املمتدة ما بني ‪1906‬و‪1913‬جمموعة من احملاضرات يف اللسانيات العامة ‪ .‬و‬
‫من أهم مبادئه يف هذه الدراسات ‪:‬‬
‫‪ -‬التمييز بني مناهج الدراسة الوصفية و مناهجها التارخيية للغة ‪ :‬آنية ‪ /‬تارخيية‬
‫‪ -‬حتليل الرموز اللغوية‬
‫‪ -‬التمييز بني اللغة و الكالم‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬دراسة الرتكيب العام للنظام اللغوي‬
‫ان ه ذه املب ادئ هي ال يت اش تهرت هبا النظري ة السوس ريية البنيوي ة و ذل ك من خالل جمموع ة من‬
‫الثنائيات اليت جاء هبا دي سوسري و هي جمموعة من األزواج املتعارضة مثل ‪ :‬لغة ‪/‬كالم – أين ‪/‬‬
‫تارخيي – دال ‪ /‬مدلول‪.‬‬
‫جتدر اإلشارة يف هذا الصدد إىل أن نظرية دي سوسري البنيوية مل تنتشر و مل تشتهر يف أوروبا ومل‬
‫ي ذع ص يتها يف أمريك ا إال بع د وفات ه بفض ل جه ود تالمذت ه ‪ ،‬حيث س افر اح د تالمذت ه و ه و‬
‫كارفس كي إىل موس كو يف روس يا و ع رض على اللغ ويني ال روس م ا ج اء يف نظري ة أس تاذه‬
‫السوسريية البنيوية ‪ ،‬فأعجبوا مبضموهنا و تبنوها لطريقتها العلمية يف دراسة اللغة أو اللسان الذي‬
‫هو موضوع اللسانيات مبنأى عن العوامل التارخيية اخلارجية و تطوراهتا الزمانية ‪.‬‬
‫لقد شكل هذا منعطفا يف تاريخ اللسانيات و من هنا انطلقت نظرية دي سوسري يف رحلة طويلة ‪،‬‬
‫و من هن ا زاد التس ابق و الس عي إىل ترمجة كت اب دي سوس ري ال ذي مجع ه تالمذت ه بع ده و ه و "‬
‫حماضرات يف اللسانيات العامة "‬
‫اإلحاالت‪:‬‬
‫‪-1‬االنثروبولوجي ا ‪ :‬مفهومه ا و فروعه ا و اجتاهاهتا‪ -‬س عيدي حمم د – دار اخللدوني ة للنش ر و‬
‫التوزيع – الطبعة األوىل‪ -‬اجلزائر – ‪- 2013‬ص ‪77‬‬
‫‪-2‬نفسه – ص‪78‬‬
‫‪-3‬مفهوم الواقع يف التفكري العلمي املعاصر – سامل يفوت –منشورات كلية األدب – الرباط –‬
‫د‪.‬ت – ص ‪291‬‬
‫‪-4‬االنثروبولوجيا ‪ :‬مفهومها وفروعها واجتاهاهتا‪ -‬سعيدي حممد‪ -‬ص ‪78‬‬
‫‪-5‬النظري ة البنائي ة يف النق د األديب‪،‬ال دكتور ص احل فض ل‪ :‬مطبع ة دار الش ؤون الثقافي ة العام ة‪،‬‬
‫‪ 1987‬ص‪22‬‬
‫‪-6‬البنائية بني العلم و الفلسفة " جملة أقالم" – عدد ‪ 4‬س‪ – 13‬جانفي ‪ – 1978‬ص ‪12‬‬
‫‪Dictionnaire critique de la sociologie: Baymond Boudon et - 7‬‬
‫‪François Bourricoud‬‬
‫ترمجة سليم حداد ‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية ‪ .‬اجلزائر‪ -‬ط‪،1986 ،1‬ص ‪.102‬‬

‫‪6‬‬
‫محاضرات مقياس المدارس اللسانية‬
‫موجهة لطلبة السنة الثانية‬

‫أدب عربي‬

‫السداسي الرابع‪:‬‬

‫دراسات أدبية‬
‫‪7‬‬
‫المجموعة الثانية‬

‫األستاذة ‪ :‬سعيدي منال وسام‬

‫‪ -2‬المحاضرة الثانية‬
‫فرديناند دي سوسير و البنيوية‬
‫و من أهم املب ادئ ال يت وردت يف الفك ر السويس ري و ال يت س امهت بش كل فع ال يف نش أة االجتاه‬
‫البنيوي األورويب‬
‫‪ -‬التمييز بني الدراسة الوصفية اآلنية و الدراسة التارخيية للغة‪:‬‬
‫لق د اعتم د دي سوس ري يف حماض راته على دراس ة اللغ ة يف ذاهتا و ل ذاهتا و ه ذا م ا مسي بالدراس ة‬
‫الوص فية اآلني ة أي البحث يف تارخيها و ماض يها و تطوره ا ألزم اين ‪ ،‬معت ربا الع ودة إىل ماضي و‬
‫تاريخ اللغة ال يفيد و ال يضيف لدارسها و متعلمها ‪ ،‬فالعودة إىل تاريخ اللغة أمر ثانوي الن ما‬
‫يهم اللس اين ه و دراس ة اللغ ة يف ذاهتا و من اج ل ذاهتا أي نظامه ا ال داخلي من خالل اإلملام و‬
‫التحكم بقواع دها و خصائص ها وقوانينه ا ‪ ،‬و ق د اعتم د دي سوس ري يف الربه ان على رأي ه ه ذا‬
‫مبثال "لعبة الشطرنج"‪1‬فاالعب املاهر يف لعبة الشطرنج ليس حباجة إىل معرفة تاريخ اللعبة و نشأهتا‬
‫و أص وهلا الفارس ية و تطوراهتا و طريق ة وص وهلا إىل أوروب ا ‪ ،‬فم ا يهم العب الش طرنج بالدرج ة‬
‫األوىل ه و التمكن منه ا و من قواع د لعبه ا لتحقي ق الف وز ‪ ،‬نفس ه الش أن بالنس بة للكلم ة فمعرف ة‬
‫تاريخ الكلمة ال يفيد يف حتديد معناها احلايل‪.‬‬
‫إن ابتعاد دي سوسري عن املنهج التطوري الدياكروين و رفضه له مل يكن رفضا تعسفيا و عشوائيا‬
‫و إمنا كان نتيجة "أحباث قام هبا اللساين يف بداياته األوىل –خالل العشرين من عمره‪ -‬حيث كان‬
‫قد قدم مذكرة بعنوان ( مالحظات حول اللغة اهلندو أوروبية )"‪ 2‬و قد اعتمد يف هذه الدراسة‬
‫على املنهج الت ارخيي املق ارن و لكن بع د ف رتة و ج يزة تراج ع و ختلى عن النت ائج ه ذه الدراس ة و‬
‫ذلك ملا اكتشفه من نقائص و سلبيات و عيوب هذا املنهج التطوري الدياكروين يف دراسة اللغة ‪.‬‬
‫‪ -‬املبدأ الثاين من مبادئ دي سوسري هو مبدأ حتليل الرموز اللغوية ‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫يقسم دي سوسري الدليل اللساين إىل عنصرين ‪:‬‬
‫ا‪ -‬الدال ‪:‬هو الصورة الصوتية‬
‫ب‪ -‬املدلول‪:‬املفهوم أو املعىن و هو الصورة املفهومية‪.‬‬
‫بعبارات أخرى الدال هو االسم أو التسمية أو اإلشارة الصوتية إما املدلول فهو الفكرة املوجودة‬
‫يف ال ذهن و بني ال دال و املدلول هن اك م دلول علي ه و ه و املس مى أو الش يء يف ح د ذات ه ‪ .‬إن‬
‫املنط ق السويس ري يف قض ية ال دليل اللس اين يؤك د أن وج ود دال و م دلول يغنين ا عن إحض ار‬
‫املدلول علي ه إىل أعني املتح دثني ‪ ،‬و يؤك د على ه ذين العنص رين يف إجناح عملي ة التواص لية و‬
‫التخاطب ‪.‬‬
‫فاللساين ال يهتم باملدلول عليه أو كما يطلق عليه املرجع و احملسوس املادي و املوجود يف الواقع‬
‫و إمنا يهتم باملفهوم املوجود لدى املتلقي و الذي تلقاه من املتكلم باستعمال الدال ‪.‬‬
‫إن الدليل اللساين حسب دي سوسري هو اعتباطي أي أن العالقة القائمة بني الدال و املدلول ال‬
‫ختضع ملنطق التربير و التعليل ‪،‬إذ ال يسال املخاطب املتلقي ملاذا أطلق علي هذا الدال هذا املدلول و‬
‫ملاذا هذا املدلول مرتبط هبذا املدلول عليه ‪.‬‬
‫إن ه ذا ال دال أو الص ورة الص وتية هي م وروث مجاعي مش رتك بني اجلماع ة الناطق ة بنفس اللغ ة و‬
‫كل دال إال و له مدلول مطابق للمدلول عليه خمزن يف الذاكرة الفردية و هو ميثل استجابة املتلقي‬
‫لرسالة املخاطب " الن الصورة الصوتية ليست هي الصوت املادي ‪ ،‬ألنه شيء فزيائي حمض ‪ ،‬بل‬
‫انطب اع ه ذا الص وت يف النفس ‪ ،‬و الص ورة الص ادرة عم ا تش هده حواس نا ‪ ،‬فال دليل اللغ وي إذا‬
‫كيان ذو وجهني" ‪ 3‬و لذلك نالحظ أن العملية االتصالية هنا نظاما كامال يعمل بشكل آيل خيضع‬
‫ملنطق اللغة و العقل و ذلك ما يبينه الشكل البياين التايل‪:‬‬
‫املتلقي‬ ‫الرسالة‬ ‫املخاطب‬

‫املدلول الص ورة‬ ‫املدلول علي ه‬ ‫ال دال‬


‫الصورة الذهنية‬ ‫الصوتية‬
‫‪ -‬التمي يز بني اللغ ة و الكالم ‪ :‬يف رق اللس اين فردينان د دي سوس ري بني اللغ ة و الكالم و ذل ك‬
‫انطالقا من إميانه القاطع أن اللغة تسبق الكالم ‪ .‬فاللغة مجاعية و مشرتكة يف حني أن الكالم فردي‬
‫رك ز دراس اته على اللغ ة و ليس الكالم فق د ع رف اللغ ة بأهنا ‪ ":‬رص يد يس تودع يف األش خاص‬
‫‪9‬‬
‫الذين ينتمون إىل جمتمع واحد ‪ ...‬و بفصلنا اللسان (اللغة) عن الكالم ‪ ،‬نفصل يف الوقت نفسه ما‬
‫هو اجتماعي عما هو فردي ‪ ،‬ما هو جوهري عما هو إضايف أو عرضي " ‪4‬ان اللغة مشرتكة ناجتة‬
‫عن خمزون و م وروث مش رتك بني فئ ة جمتمعي ة حمددة ‪ ،‬بينم ا الكالم ه و االس تعمال الف ردي هلذا‬
‫املخ زون ‪ ،‬ل ذلك ف ان موض وع اللس انيات ه و اللغ ة اجلماعي ة و ليس الكالم ذي الط ابع الف ردي‬
‫املختلف بني األشخاص ‪ ،‬و يف هذا الصدد مييز متام حسان بني اللغة و الكالم قائال ‪:‬‬
‫" الكالم عمل و اللغة حدود هذا العمل ‪ ،‬و الكالم سلوك و اللغة معايري هذا السلوك ‪ ،‬و الكالم‬
‫نشاط و اللغة قواعد هذا النشاط‪ ،‬و الكالم حركة و اللغة مظاهر هذه احلركة ‪ ،‬و الكالم حيسن‬
‫بالسمع نطقا و البصر كتابة ‪ ،‬و اللغة تفهم بالتأمل يف الكالم ‪ ،‬فالكالم هو املنطوق و هو املكتوب‬
‫‪ ،‬و اللغة هي املوصوفة يف كتب القواعد و املعاجم و حنوها و الكالم قد يكون عمال فرديا و لكن‬
‫اللغ ة ال تك ون إال اجتماعي ة " ‪ 5‬نالح ظ أن هن اك ف وارق و اختالف ات كب رية بني اللغ ة و الكالم م‬
‫هذا ما يتفق عليه جل اللسانيني و الدارسني ‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة الرتكيب العام للنظام اللغوي‬
‫إن وظيفة اللسان الرئيسية هي االتصال و التواصل و التبليغ و ذلك من خالل إمكانية استبدال كل‬
‫لفظ ة مبجموع ة من األلف اظ ال يت تقابله ا و ال يت ميكن تعويض ها يف نفس الس ياق إذ أن الكلم ة ال‬
‫يتوضح معناها إىل بالرجوع إىل اجلملة قال دي سوسري يف هذا السياق ‪ " :‬إن عبارة ما يف تركيب‬
‫ما ال تكتسب قيمتها إال بتقابلها مع ما يسبقها أو ما يليها أو االثنني معا"‪ 6‬معتربا املهم و األهم هو‬
‫حتقيق وظيفة التخاطب و دور اللساين حسب فرديناند دي سوسري هو دراسة خواص هذا النظام‬
‫اللساين ‪.‬‬
‫اإلحاالت‪:‬‬
‫‪-1‬علم اللغة احلديث " املبادئ و اإلعالم – ميشال زكريا –املؤسسة العربية للدراسات و النشر‬
‫– بريوت – الطبعة الثانية – ‪ – 1983‬ص ‪225‬‬
‫‪-2‬علم اللغة احلديث " املبادئ واإلعالم – ميشال زكريا‪ -‬ص ‪146‬‬
‫‪ -3‬مبادئ يف اللسانيات – خولة اإلبراهيمي‪ -‬دار القصبة – اجلزائر ‪– 2002-‬ط‪ -1‬ص‪21‬‬
‫‪-4‬مبادئ يف اللسانيات – خولة اإلبراهيمي ‪ -‬ص ‪12‬‬
‫‪-5‬اللغة العربية ‪ :‬معناها و مبناها – اهليئة املصرية العامة للكتاب –مصر – ط‪1973 -1‬‬

‫‪10‬‬
‫‪-6‬فرديناند دي سوسري‬

‫محاضرات مقياس المدارس اللسانية‬


‫موجهة لطلبة السنة الثانية‬

‫أدب عربي‬

‫السداسي الرابع‪:‬‬

‫دراسات أدبية‬
‫‪11‬‬
‫المجموعة الثانية‬

‫األستاذة ‪ :‬سعيدي منال وسام‬

‫‪ -3‬المحاضرة الثالثة‬

‫المدرسة الوظيفية‬
‫كما أسلفنا الذكر يف إطار اللسانيات البنيوية ‪ ،‬قلنا انه هناك العديد من املدارس اليت نشأت على‬
‫أس س املدرس ة السوس ريية‪ ،‬و قلن ا أن لس انيات دي سوس ري البنيوي ة ك انت نقط ة بداي ة لكث ري من‬
‫النظريات األخرى حيث" انتشرت هذه املدارس يف أماكن متفرقة من الكرة األرضية يرابطها خيط‬
‫رفي ع يع ود إىل رائ دهم دي سوس ري حيث تلقت تعاليم ه عن طري ق التلم ذة املباش رة أو عن طري ق‬
‫دراس ة أث اره ‪ ،‬و ك ان منه ا من اظه ر وف اؤه لألس تاذ األول كمدرس ة ج نيف ‪ ،‬مدرس ة‬
‫براغ ‪،‬املدرسة اإلجنليزية ‪1"...‬‬

‫و هن ا نتح دث عن املدرس ة الوظيفي ة هي األخ رى من املدارس ال يت ت أثرت ب الفكر السويس ري‬


‫وسارت على خطاه و مبادئه ‪.‬‬
‫إذن النظرية الوظيفية هي بطبيعة احلال نظرية لسانية منبثقة من أفكار دي سوسري و جتسدت هذه‬
‫النظري ة من خالل مدرس ة ب راغ‪ ،‬و من أهم رواد ه ذه النظري ة ن ذكر ‪ :‬أن دري مارتيين ه ‪ ،‬روم ان‬
‫جاكبسون ‪ ،‬نيكوالي تروبتسكوي ‪ ،‬فيالم ماثيزيوس ‪...‬‬
‫قبل احلديث عن هذه النظرية و أهم مبادئها‪ ،‬جيب أن حندد اإلطار املفاهيمي للوظيفة و الوظيفية‬
‫و ذلك من خالل بعض التعاريف اللغوية حيث جاء يف لسان العرب ‪ " :‬وظف الوظيفة من كل‬
‫ش يء ‪ :‬م ا يق در ل ه يف ك ل ي وم من رزق أو طع ام أو عل ف أو ش راب و مجعه ا الوظ ائف أو‬
‫الوظف ‪ .‬ووظف الشئعلى نفسه و وظفه توظيفا ألزمه إياه‪ ،‬و قد وظفت له توظيفا على الصيب‬
‫كل يوم حفظ آيات من كتاب اهلل عز و جل "‪2‬‬

‫‪12‬‬
‫و جند يف الق واميس و املع اجم احلديث ة الوظيف ة مبع ين العم ل أو ال دور ال ذي يق وم ب ه الف رد و من ه‬
‫نقول أن النظرية اللسانية الوظيفية هي النظرية اليت تبحث يف دور اللغة أي االتصال و التواصل و‬
‫التخاطب هذا من جهة و من جهة أخرى تبحث يف دور عناصر اللغة مبا يف ذلك عناصر اجلملة ‪.‬‬
‫إذن الوظيفية تطلق على "املذهب الوظيفي يف القرن العشرين ‪ ،‬و تعد امتدادا لالجتاه العقالين ‪ ،‬و‬
‫قد أطلقت الوظيفية يف البداية على اهلندسة املعمارية ‪ ،‬و علم االجتماع فهو مثال يستمد مبادئه‬
‫كم ذهب من مس لمة ت رى أن اجملتم ع ه و ك ل عنص ر عض وي ‪ ،‬يتحق ق من خالل الوظ ائف ال يت‬
‫تؤديها عناصره املختلفة "‪3‬ليتوسع نطاقها ليمس الدراسات اللسانية ‪.‬‬
‫ظه رت اللس انيات الوظيفي ة على أس س أفك ار دي سوس ري و مثلت امت دادا للمب ادئ السوس ريية و‬
‫من أهم مبادئ هذه النظرية نذكر ‪:‬‬
‫‪ -‬وضعت هذه املدرسة نظرية كاملة يف التحليل الفونولوجي‬
‫‪ -‬حتديد الوظيفة احلقيقية للغة واملتمثلة يف االتصال و التواصل‬
‫‪ -‬اللغة ظاهرة طبيعية ذات واقع مادي بعوامل خارجة عنه‬
‫‪ -‬الدعوة إىل الكشف عن تأثر اللغة بكثري من الظواهر العقلية و النفسية و االجتماعية‪.‬‬
‫لق د مشلت نش اطات ه ذه املدرس ة العدي د من اجملاالت ن ذكر منه ا التالي ة ‪":‬الص وتيات الوظيفي ة‬
‫اآلني ة ‪ ،‬الص وتيات الوظيفي ة التارخيي ة ‪ ،‬و التحلي ل الوص في و العروض ي ‪ ،‬و تص نيف التض اد‬
‫الفونولوجي ‪ ،‬و األسلوبية اللسانية الوظيفية ‪ ،‬و دراسة الوظيفة اجلمالية للغة ‪،‬ودورها يف األدب و‬
‫اجملتمع و الفنون "‪4‬‬

‫نالحظ أن النظرية اللسانية قد المست حقول لغوية خمتلفة من دور اللغة الرئيسي و األساسي يف‬
‫التبلي غ و التخ اطب بص فة عام ة وص وال إىل دور اص غر الوح دات اللغوي ة من خالل البحث عن‬
‫القطع الصوتية ووظائفها ‪ " .‬إذ أن الباحث هو الذي يسعى إىل الكشف عن القطع الصوتية اليت‬
‫تؤدي وظيفة داخل الرتكيب أي انه يبحث عن الوحدات اليت ميكنها أن تغري املعىن كلما استبدلت‬
‫بأخرى ‪ ،‬فتغري معىن الوحدات اللغوية دليل على أن هلا وظيفة ‪.‬‬
‫فاملعىن و الوظيفة – إذا مها جوهر اهتمامات املدرسة الوظيفية األوروبية" ‪5‬‬

‫نأخذ مثاال بسيطا يقربنا أكثر إىل هذا املبدأ الوظيفي ‪:‬‬
‫ذهب الولد – جاء الولد – أكل الولد‬

‫‪13‬‬
‫نالح ظ من اجلم ل الثالث ة أن الول د يتك رر لكن الفع ل خيتل ف ‪ ،‬ه ذا االختالف يكس ب ك ل مجل ة‬
‫معىن خمتلف آو ما يسمى يف احلقل اللساين بالفوارق الداللية و هذا ما يبني وظيفة كل كلمة يف‬
‫تأدية املعىن خاصة و أننا أسلفنا الذكر أن املبدأ األساس يف النظرية الوظيفية هو املعين ‪ ،‬و خيص‬
‫ه ذا املب دأ الكلم ات أي املورفيم ات و املورفيم ات س بعة أقس ام ‪":‬االس م‪،‬و الص فة ‪ ،‬و الفع ل ‪ ،‬و‬
‫واخلالفة ‪ ،‬و الظرف ‪ ،‬و األداة "‪ 6‬و جند من اللغويني من يقسمها إىل أربعة أقسام ‪:‬‬ ‫الضمري ‪،‬‬
‫" االسم ‪ ،‬والضمري ‪ ،‬و الفعل ‪ ،‬و األداة "‪. 7‬‬
‫نأخ ذ مث اال أخ ر للنظري ة الوظيفي ة على املس توى الص ويت ‪ :‬دام – ن ام – الم نالح ظ أن األفع ال‬
‫تتشابه مع اختالف يف احلرف األول ‪ ،‬فبعد القيام بتقطيعها إىل فونيمات أي إىل وحدات غري دالة‬
‫نالح ظ االختالف يف املس توى الص ويت من حيث ص فة احلروف و خمارجه ا ‪،‬و ه ذا م ا ي ربر م ا‬
‫ذكرناه آنفا حول مبادئ النظرية الوظيفية و اليت تتبىن الرأي القائل بان اصغر وحدة غري دال ة و هي‬
‫الفونيمات هلا وظيفة و دور تغيري املعىن ‪.‬‬
‫اإلحاالت‪:‬‬
‫‪-1‬جه ود اللس انيني الع رب يف إع ادة وص ف اللغ ة العربي ة وظيفي ا‪-‬متام حس ان من خالل مص نفة‬
‫اللغ ة العربي ة معناه ا و مبناه ا – إميان حس اين‪ -‬إش راف ‪:‬ص الح ال دين مالوي – جامع ة حمم د‬
‫خيضر – بسكرة ‪- 2011/2012-‬ص ‪15‬‬
‫‪-2‬لس ان الع رب‪ -‬ابن منظ ور مجال ال دين أب و الفض ل حمم د بن مك رم بن علي – دار ص ادر –‬
‫بريوت – اجمللد ‪ – 6‬الطبعة األوىل – ‪ – 1997‬مادة (و‪،‬ظ ‪ ،‬ف)‬
‫‪-3‬املونيمات الوظيفية يف املعلقات السبع (دراسة حنوية لسانية )‪ -‬بلقاسم إميان فاطمة الزهراء –‬
‫جامعة تلمسان – ‪ - 2016/1017‬ص ‪32‬‬
‫‪-4‬اللسانيات النشأة و التطور – امحد مؤمن – ديوان املطبوعات اجلامعية – الساحة املركزية –‬
‫بن عكنون – اجلزائر – ص ‪136‬‬
‫‪-5‬حماضرات يف املدارس اللسانية املعاصرة – شفيقة العلوي –أحباث للرتمجة و النشر و التوزيع –‬
‫لبنان – الطبعة األوىل –‪ – 2004‬ص ‪17‬‬
‫‪-6‬اللغة العربية مبناها و معناها – متام حسان – اهليئة املصرية العامة للكتاب – مصر – الطبعة‬
‫الثانية‪ -1979 -‬ص‪88‬‬

‫‪14‬‬
‫‪-7‬من أس رار اللغ ة ‪ -‬إب راهيم أنيس – مكتب ة األجنل و – الطبع ة الثالث ة – ‪ – 1999‬ص‬
‫‪195،196‬‬

‫محاضرات مقياس المدارس اللسانية‬


‫موجهة لطلبة السنة الثانية‬

‫أدب عربي‬

‫السداسي الرابع‪:‬‬

‫‪15‬‬
‫دراسات أدبية‬

‫المجموعة الثانية‬

‫األستاذة ‪ :‬سعيدي منال وسام‬

‫‪ -4‬المحاضرة الرابعة‬

‫مدرسة براغ و روادها‬

‫إن احلديث عن النظري ة الوظيفي ة حييلن ا مباش رة إىل مدرس ة ب راغ ال يت تأسس ت س نة ‪ 1928‬بع د"‬
‫انعقاد أول مؤمتر دويل للسانيات بالهاي و هو املؤمتر الذي ظهرت يف رحابه الفونولوجيا املعاصرة‬
‫"‪1‬‬

‫مدرسة براغ أو حلقة براغ هي املدرسة اليت تستمد " مرجعيتها النظرية من املبادئ اللسانية اليت‬
‫وردت يف كت اب دي سوس ري ‪:‬دروس يف اللس انيات العام ة‪ ،‬تل ك املب ادئ ال يت ش اعت بني الن اس‬
‫ابتداء من سنة ‪ 1916‬السنة اليت نشر فيها الكتاب "‪2‬‬

‫لقد تبنت مدرسة براغ املبادئ السوسريية مع قولبتها يف قالب وظيفي و تطبيقها يف اجملال الصويت‬
‫يف إط ار دراس ة وظ ائف اللغ ة و عناص رها"أطل ق مؤسس و مدرس ة ب راغ على منهجهم اخلاص‬
‫بالدراسة الصوتية اسم الصوتيات الوظيفية ‪ ،‬و يتوىل هذا الفرع من اللسانيات احلديثة دراسة املعىن‬
‫ال وظيفي للنم ط الص ويت ض من نظ ام اللغ ة الش املة ‪ ،‬و اس تخراج ك ل الفونيم ات ‪ ،‬و ض بط‬
‫خصائصها ‪ ،‬و حتديد كيفية توزيع الفونيماهتا "‪3‬‬

‫و من أولوي ات ه ذه املدرس ة االهتم ام بالص وتيات أو الفونولوجي ا الوظيفي ة فف رق رواده ا بني‬


‫"الفونيم ككيان صويت له قيمة متييزية يف البنية اللغوية و بني الصوت الذي ميثل تنوعا يف رتبة هذه‬

‫‪16‬‬
‫الوحدة ‪ ...‬و قد غلب عليهم أمران ‪ :‬االهتمام بالصوتيات‪ ،‬مث االهتمام بالوظائف اللغوية ‪ ،‬أي‬
‫املهام اليت تؤديها اللغة "‪4‬‬

‫يقول اللساين عبد الرمحن حاج صاحل يف مدرسة براغ ‪ ":‬اخص شيء متتاز به هذه املدرسة عن‬
‫غريها هو اعتمادها األساسي على الدور أو العمل الذي تؤديه العناصر اللغوية يف عملية التبليغ " ‪5‬‬

‫‪ -‬رواد مدرسة براغ ‪:‬‬


‫‪ -1‬أندري مارتيينه ‪:‬‬
‫يعد مارتيينه احد أعالم حلقة براغ و هو من مؤسسي الفكر الفونولوجي الوظيفي " ولد أندري‬
‫مارتيينه سنة ‪ 1908‬يف مدينة السافوا الفرنسية‪ ،‬ختصص يف اللغة األملانية ‪ .‬و شغل منصب مدير‬
‫الدراسات اللسانية يف معهد الدروس العليا يف باريس ‪ .‬و عمل يف جامعة السوربون " ‪6‬‬

‫للس اين ع دة أراء و مب ادئ س امهت يف النه وض باللس انيات الوظيفي ة و ق د أب دى خالل مس ريته‬
‫العلمي ة اهتمام ا كب ريا بالص وتيات و ه و من ن ادي إىل التقطي ع املزدوج إذ يعت رب" التقطي ع املزدوج‬
‫من أهم املبادئ اليت تبىن عليها أفكار مارتيينه ‪ .‬و هو امليزة اليت تباين األنظمة اللسانية البشرية عن‬
‫التنظيم ات االتص الية األخ رى كلغ ة احلي وان و الطبيع ة و اإلش ارات و ه و ينص على أن حتلي ل‬
‫الوحدات اللغوية يتم على مستويني ‪:‬‬
‫‪ -‬التقطيع األويل‪ :‬الذي يتكون من الكلمات الدالة أي املونيمات‬
‫‪ -‬التقطي ع املزدوج ‪ :‬و ه و ينطل ق من ه ذه النتيج ة ليق وم بتحلي ل تل ك الوح دات املس تقلة ذات‬
‫احملتوى الصويت و الداليل إىل الفونيمات ‪ ،‬أي إىل اصغر الوحدات الصوتية اجملردة "‪7‬‬

‫للس اين ع دة أعم ال و مؤلف ات س امهت يف نش ر الفك ر اللس اين ال وظيفي و لع ل من أمهه ا ن ذكر ‪:‬‬
‫"اللس انيات العام ة ‪ ،‬اللس انيات التزامني ة ‪ ،‬االقتص اد يف التغ ريات الص وتية ‪ ،‬وص ف ص ويت للكالم‬
‫الفرنسي ‪ ،‬التغريات الصوتية ‪ ،‬اللسانيات الوظيفية "‪8‬‬

‫نالح ظ من خالل ه ذه املؤلف ات األمهي ة البالغ ة ال يت أواله ا مارتيين ه للص وتولوجيا و ه ذا م ا ص بغ‬
‫ميوالت مدرسة براغ و نزوحها حنو الصوتيات الوظيفية ‪.‬‬
‫‪ -2‬رومان جاكبسون ‪:‬‬
‫يعد جاكبسون من ابرز لسانيي حلقة ب راغ و هو من مواليد ‪ 1896‬لغوي مشهور كانت له‬
‫الري ادة يف اجملال الص ويت و الص ريف ال وظيفي ‪ ،‬اهتم ب أمراض الكالم و مش اكله ل دى األطف ال و‬

‫‪17‬‬
‫ط ريقتهم يف اكتس اب اللغ ة ‪ " ،‬لق د م ارس جاكبس ون نش اطه البح ثي املتع دد اجلوانب طبق ا‬
‫لربنامج براغ ‪ ،‬فكان أول من قارب تاريخ اللغة هبدف استكناه املنطق (اللساين) الداخلي للتطور‬
‫اللغ وي ‪ ،‬و من م آثر جاكبس ون أيض ا هي أن تص بح مدرس ة 'هارف ارد ' للدراس ات الس الفية ال يت‬
‫أنشاها اآلن من أكثر املدارس متيزا يف العامل ‪ ،‬تويف جاكبسون ‪ 9"1983‬بعد مسرية حافلة بالعطاء‬
‫يف اجملال اللساين الوظيفي ‪.‬‬
‫إن متيز أعمال جاكبسون تركت امسه خالدا عرب األجيال اللسانية ‪.‬‬
‫‪-3‬نيكوالي تروبسكوي ‪:‬‬
‫من ابرز رجال حلقة براغ نيكوالي تروبسكوي هو " عامل روسي ولد سنة ‪ 1890‬مبوسكو و‬
‫تويف سنة ‪ 1938‬بفينا ‪ ،‬و هو من عائلة عريقة تنتمي إىل أمراء روسيا ‪ ،‬توىل والده منصب عميد‬
‫جامعة موسكو ‪ ،‬و انكب على الدراسات اللغوية منذ أن كان يف اخلامسة عشر من عمره "‪ 10‬أن‬
‫اهتمام ه املبك ر بالدراس ات اللغوي ة منح ه كف اءات عالي ة مكنت ه من االلتح اق مبدرس ة ب راغ م ع‬
‫جاكبس ون و كارسفس كي و "اص در س نة ‪ 1939‬كتاب ه 'مب ادئ الفونولوجي ة ' ال ذي ت رجم إىل‬
‫الفرنسية سنة ‪ 1949‬حتت عنوان تندرج أفكاره يف إطار املفهوم الوظيفي الذي نادت به مدرسة‬
‫براغُ ‪ ،‬و الذي ينظر للغة على أهنا تنظيم وظيفة قائم على وسائط تعبريية ‪ ،‬مستعملة هبدف إقرار‬
‫غاية معينة ‪ ،‬لذا مشلت دراسته كل املستويات اللسانية الفونولوجية و الصرفية و املعجمية" ‪11‬‬
‫كما درس اللساين فقه اللغة اإلسالمية ‪ ،‬لقد سامهت أراء ترويتسكوي يف البحث اللساين الوظيفي‬
‫بصفة عامة ويف مدرسة براغ بصفة خاصة ‪ ،‬لقد ساهم هذا التنوع و الثراء يف لساين و مؤسس‬
‫حلقة براغ يف ملعان جنمها يف مساء املدارس اللسانية األوروبية املعاصرة ‪.‬‬
‫اإلحاالت‪:‬‬
‫‪-1‬مب احث يف اللس انيات – امحد حس اين – منش ورات كلي ة الدراس ات اإلس المية العربي ة – ديب‬
‫‪ -2013‬الطبعة الثانية – ص ‪53-52‬‬
‫‪-2‬مباحث يف اللسانيات – امحد حساين –ص ‪53-52‬‬
‫‪-3‬اللسانيات‪ ،‬النشأة و التطور – امحد مؤمن – ديوان املطبوعات اجلامعية – الساحة املركزية –‬
‫بن عكنون – اجلزائر – ص ‪136‬‬

‫‪18‬‬
‫‪-4‬يف اللس انيات و حنو النص – إب راهيم خلي ل – دار امليس رة للنش ر و التوزي ع و الطباع ة –‬
‫‪-2007‬األردن – ص‪22‬‬
‫‪ -5‬مدخل إىل علم اللسان احلديث ‪ – 3‬عبد الرمحان حاج صاحل – جملة اللسانيات اجمللد ‪– 2‬‬
‫عدد‪ – 1‬اجلزائر ‪ – 1972-‬ص ‪54‬‬
‫‪-6‬حماضرات يف املدارس اللسانية املعاصرة – شفيقة العلوي – أحباث للرتمجة و النشر و التوزيع –‬
‫لبنان – الطبعة األوىل – ‪ – 2004‬ص‪16‬‬
‫‪-7‬حماضرات يف املدارس اللسانية املعاصرة – شفيقة العلوي – ص‪17‬‬
‫‪-8‬حماض رات يف املدارس اللس انية –نعم ان ب وقرة – منش ورات جامع ة ب أجي خمت ار ‪ -‬عناب ة –‬
‫الطبعة األوىل – ‪– 2006‬ص ‪124‬‬
‫‪-9‬اجتاهات البحث اللساين – ميلكا ايفيتش – ترمجة عبد العزيز مصلوح ‪ ،‬وفاء كامل فايد –‬
‫اجمللس األعلى للثقافة – الطبعة الثانية ‪-2000-‬ص ‪255‬‬
‫‪-10‬اجتاهات البحث اللساين – ميلكا ايفيتش – ص ‪235‬‬
‫‪-11‬حماضرات يف املدارس اللسانية –نعمان بوقرة‪ -‬ص ‪– 103‬‬

‫‪19‬‬

You might also like