Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 11

‫القطعة األولى ‪:‬‬

‫معضلة المنهج األدبي للقرآن‬

‫الهدف األساسي من هذا المقال هو مناقشة بعض الصعوبات التي تتحدى النهج األدبي للقرآن ‪ ،‬وهو نهج‬
‫يركز على القرآن كنص أدبي في األساس‪ .‬وقد استند أمين الخولي (‪ )1966-1895‬إلى هذا النهج‬
‫باعتباره النهج الوحيد القادر على تفسير إعجاز القرآن‪ .‬وجهة نظره أن قبول القرآن ‪ ،‬وبالتالي قبول العرب‬
‫لإلسالم ‪ ،‬كان قائما ً على االعتراف بسمو القرآن المطلق مقارنة بالنصوص البشرية‪ .‬بمعنى آخر ‪ ،‬اعتنق‬
‫العرب اإلسالم على أساس تقييم القرآن كنص أدبي يفوق كل اإلنتاج البشري‪ .‬لذلك يجب أن تحل الطريقة‬
‫األدبية محل أي نهج ديني ‪ -‬الهوتي أو فلسفي أو أخالقي أو صوفي أو قضائي آخر‪ .‬يعتمد تحليلنا على‬
‫المناقشة التي جرت في األربعينيات في مصر حول دكتوراه محمد أحمد خلف هللا (‪ .)98-96‬أطروحة ‪،‬‬
‫قدمت لقسم اللغة العربية وآدابها ‪ ،‬كلية اآلداب ‪ ،‬جامعة فؤاد األول (اآلن جامعة القاهرة) عام ‪ .1947‬كانت‬
‫بعنوان الفن القصصي في القرآن الكريم وكانت‪ .‬كتب بإشراف أمين الخولي‪ .‬ستكون طبيعة المناقشة التي‬
‫أثارتها األطروحة داخل وخارج الجامعة هي المحور الرئيسي للتحليل‪ .‬عندما قُدمت الرسالة إلى لجنة‬
‫الممتحنين عام ‪ 1947‬لتحديد موعد الدفاع ‪ ،‬كان أعضاء اللجنة ‪ ،‬بحسب الخولي ‪ ،‬راضين عن المستوى‬
‫األكاديمي ‪ ،‬لكنهم طالبوا ببعض التعديل‪ .‬تم تسريب بعض المعلومات عن األطروحة إلى وسائل اإلعالم ‪،‬‬
‫وحدث نقاش ساخن حول التنظيم األكاديمي للجامعة في مجتمع مسلم سمح بمثل هذه األطروحة‪ .‬يمكن‬
‫تلخيص خط الجدل ضد المف ّكر واألطروحة على النحو التالي‪:‬‬
‫(‪ )1‬النص األدبي هو تركيبة من الخيال البشري بينما القرآن يمثل كلمة هللا التي ال ينبغي مقارنتها بأي‬
‫خطاب بشري‪ )2( .‬التعامل مع القرآن على أنه عمل فني أدبي ‪ ،‬فن ‪ ،‬يعني القول بأنه كتبه محمد‪)3( .‬‬
‫عالوة على ذلك ‪ ،‬فإن االدعاء بأن قصص القرآن ال تحتوي على حقائق تاريخية فعلية ‪ ،‬كما يوحي النهج‬
‫األدبي ‪ ،‬يعد بمثابة تجديف أكبر يصل إلى حد الردة‪ .‬مكانة أدنى من كتاب التاريخ‪ )4( .‬أكثر إهانة للقرآن‬
‫من وجهة نظر العقيدة التقليدية هو االدعاء بأن لغته وبنيته محددة تاريخيًا وتشكل ثقافيًا‪ .‬يمكن تفسيره‬
‫بسهولة على أنه يعني أن القرآن نص بشري‪ .‬ال يزال االعتراض على النهج األدبي للقرآن قويا ً للغاية في‬
‫الجدل الدائر في الفكر اإلسالمي الحديث بين التقليديين والحداثيين من جهة ‪ ،‬وبين العلماء المسلمين‬
‫استمرارا للجدل حول أطروحة خلف هللا ‪،‬‬‫ً‬ ‫والغربيين غير المسلمين من جهة أخرى‪ .‬إنه يمثل إلى حد كبير‬
‫دورا ال يمكن إنكاره في تبرير موقف جميع المشاركين‪ .‬يرتبط‬ ‫حيث يلعب الفكر اإلسالمي الكالسيكي دائ ًما ً‬
‫مباشرا بحركة اإلصالح اإلسالمي التي بدأها محمد عبده (‪-1855‬‬ ‫ً‬ ‫خلف هللا وأستاذه الخولي ارتبا ً‬
‫طا‬
‫‪ ، )1905‬الذي تذرع بنفسه بالتقاليد اإلسالمية المستنيرة في الالهوت والفلسفة‪ .‬من الضروري تتبع النهج‬
‫األدبي للقرآن إلى المناقشة الكالسيكية لعقيدة اإلعجاز لتحليل تأثير العناصر التقليدية على الخالف الحديث‬
‫حول النهج األدبي‪ .‬سيتم التعامل مع هذا في القسم األول‪ .‬من ناحية أخرى ‪ ،‬ستكون حركة إعادة التأميم‬
‫اإلسالمية الحديثة ‪ -‬التي بدأت ‪ ،‬كما هو معروف ‪ ،‬في وسط الهيمنة األوروبية العسكرية والسياسية على‬
‫العالم اإلسالمي ‪ -‬هي محور المحور الثاني ‪ ،‬حيث تم فرض الحداثة من أعلى إما من قبل القوة‬
‫االستعمارية أو األنظمة السياسية ما بعد االستعمار‪ .‬تطرقت بعض العناصر الثقافية والفلسفية األوروبية إلى‬
‫القضايا الدينية التي أثارت الجدل وردود فعل اعتذارية من العلماء المسلمين‪ .‬القضية الرئيسية التي أثيرت‬
‫في الفن القصصي ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬هي لكل األصالة التاريخية لألحداث المذكورة في القرآن‪ .‬مثل هذا‬
‫العدد موجود في عدة مقاالت من الطبعة األولى من موسوعة اإلسالم ‪ ،‬التي ظهرت ترجمتها العربية في‬
‫أوائل الثالثينيات في القاهرة‪ .‬سيتم مناقشة هذه المسألة في القسم الثاني من المقالة‪ .‬سيقدم القسم األخير‬
‫االفتراضات األساسية ‪ ،‬وكذلك االستنتاجات األساسية ‪ ،‬ألطروحة خلف هللا في ضوء النقاش الذي تم تحليله‬
‫في القسمين األول والثاني‪.‬‬

‫القطعة الثانية ‪:‬‬


‫محو األمية الكالسيكية شرح اإلعجاز‬

‫يعود تاريخ المقاربة األدبية للقرآن إلى القرن الثالث الهجري ‪ /‬القرن التاسع في تاريخ الثقافة اإلسالمية‪.‬‬
‫لقد ظهر من خالل النقاش حول مسألة اإلعجاز ‪ ،‬اإلعجاز‪ .‬من القرآن ‪ ،‬وهو عقيدة أساسية في علم‬
‫الالهوت‪ .‬من الواضح تما ًما أن القرآن ظل في بداية نزوله قد استحوذ على الخيال العربي بسماته اللغوية‬
‫الفريدة‪ .‬وقد بذل المستمعون قصارى جهدهم لشرح أثرها عليهم من حيث أنواع النصوص المعروفة لديهم‬
‫كالشعر والتكليل ‪ ،‬وكل هذه التفسيرات ذكرها القرآن ودحضها‪ .‬الذي كان حتى غير المتحاربين مفتونين‬
‫بالتأثير الغامض للغة القرآنية‪ .‬تم تطوير مفهوم سمو القرآن ‪ ،‬الذي يشكل إعجازه ‪ ،‬من حيث خصائصه‬
‫النظرية‪ .‬تم تقديم العديد من النظريات في علم الكالم اإلسالمي لشرح السمات التي تشكل إعجاز النص‪.‬‬
‫كان البد من توضيح قضيتين رئيسيتين على األقل‪ :‬أوالً ‪ ،‬ما المقصود بتحدي القرآن إلنتاج شيء "مثل‬
‫القرآن"؟ ما هي الميزات التي يجب مراعاتها؟ ثانيًا ‪ ،‬لماذا فشل العرب في إنتاج شيء مثل النص القرآني‬
‫بمجرد تقليد أسلوبه؟ [ابراهيم بن سيار النظام (ت ‪ .)846/232‬الذي كان عالم دين معتزلي عقالني ‪ ،‬قدم‬
‫نظرية الصرفة‪ .‬كان يعني أن هللا قد تدخل عمدا ومنع العرب من إنتاج نص مثل القرآن‪ .‬بدون هذا التدخل‬
‫كان بإمكان العرب مواجهة التحدي بسهولة‪ .‬هذا التدخل من هللا كان معجزة ‪ ،‬في حد ذاته ألنها جعلت‬
‫العرب الذين كان من المفترض أن يكونوا قادرين جدا في التركيب الشعري غير قادرين‪ .‬أما بالنسبة للنص‬
‫‪ ،‬فال يوجد فيه ما يميزه عن النص ‪ ،‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن تفوقه يرجع إلى المعلومات الواردة في ما إذا كان عن‬
‫الماضي المجهول أو عن األحداث المستقبلية‪ .‬تحتوي على علم ‪ divi‬ال يقلد‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬فإن تفوقه يكمن في‬
‫خيمته وليس أسلوبه‪ ، mu 'jiza ، .‬التي تتجاوز قدرة همهمة‪ .‬إنها مرتبطة بنفس فئة المعجزات التي‬
‫أداها األنبياء السابقون مثل موسى ‪ ،‬وتحويل الوتد إلى سرب وعيسى ‪ ،‬وعالج األمراض وإعادة الموتى إلى‬
‫الحياة ‪ ،‬القرآن هو المعجزة ‪ ،‬المعجزة ‪ ،‬التي يعتمد عليها صدق محمد وصدق القرآن‪ .‬لكن الفكرة القائلة‬
‫بأن "محتوى" القرآن ‪ ،‬أي إخبار ‪ abc‬المجهول والمستقبل ‪ ،‬هو المكون الوحيد للتحدّي ‪ ،‬يثير صعوبات‬
‫الهوتية من المف ّكر المعتزلة على األقل‪ .‬ألن معرفة هللا مطلقة في حين أن معرفة الطنين محدودة ‪ ،‬فمن‬
‫المستحيل أن يتحدى هللا ‪ ،‬الذي يملك حقه المطلق ‪ ،‬اإلنسان بشيء يتجاوز القدرة البشرية‪Divi .‬‬
‫‪ - Justice، Al-'adl‬المبدأ الثاني بعد التوحيد ‪ ،‬مطلق هللا أو ال ‪ ،‬في الالهوت العقالني المعتزلة ‪ -‬يسمح‬
‫فقط بالتحدي الذي يقع ضمن القدرة البشرية‪ .‬تتضمن األدلة التي تدعم هذا الخط من الجدل طبيعة‬
‫المعجزات التي قام بها موسى وجيس لدعم ادعاءاتهما‪ .‬كانت معجزة موسى مرتبطة بمجال النشاط نفسه‬
‫الذي تفوق فيه المصريون ‪ ،‬كما كان الحال بالنسبة لقتل يسوع‪ .‬وألن العرب كانوا سادة البالغة الشعرية ‪،‬‬
‫فإن معجزة اإلسالم ‪ -‬القرآن ‪ -‬يجب أن تكون أدبية‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن ثنائية المضمون والشكل ‪ le ،‬و‬
‫‪ ، ma'na‬التي سادت في النقد األدبي العربي ‪ ،‬لها جذورها في النقاش الكارلي حول ما إذا كانت اللغة‬
‫مبنية على اصطالحية ‪ ، soc húman‬أو المودعة ‪ ،‬أو على اإللهام اإللهي بواسطة ركز هذا النقاش على‬
‫اآلية القرآنية‪" :‬وقَس آدم جميع األسماء ثم أظهرها للمالئكة سايي أخبرني بأسماء هؤالء إذا كان عندك علم"‬
‫(ط ‪.)31‬‬
‫‪ -‬كان المعتزلة متحمسين للغاية إلقامة عالقة الهوتية قوية بين كالم هللا والقرآن واللغة البشرية‪ .‬لذلك ‪ ،‬فقد‬
‫أيدوا بشكل قاطع فكرة االتفاقية البشرية ضد فكرة الوحي اإللهي‪ .‬من أجل تفسير هذه اآلية من القرآن بشكل‬
‫صحيح دون التناقض مع وجهة نظرهم ‪ ،‬كان عليهم أن يشرحوا مصطلح "‪" ، "narmes‬أسماء" ‪ ،‬إلدراج‬
‫"المفهوم" أو "الفكرة" ضمن مرجعها‪ .‬كان تلميذ النظام أبو عثمان بن عمرو بن‪ .‬بحر الجاحظ (ت ‪٢٥٥‬‬
‫هـ ‪ ٨٦٩ /‬م) موضحا‪ :‬ال يجوز له أن يعلّم آدم االسم ويضع المعنى جانبا ‪ ،‬ليأخذ له الداللة وال يثبت‪ .‬له‬
‫المدلول عليه‪ .‬إن االسم الذي ال معنى له هو كلمة ال طائل من ورائها مثل إناء فارغ ‪ ..‬وال يمكن أن تكون‬
‫كلمة (الفز) اسما ً إال إذا اشتملت على معنى (مآنا)‪ .‬الجاحظ ‪ ،‬الذي لم يبقَ كتابه عن نظام القرآن ‪ ،‬سخر‬
‫هو اآلخر من الحكم على القصائد وتفضيله لمضمونه‪ .‬وشدد على أن الشعر يجب أن يُقيَّم وفقًا لنوعية‬
‫صوره ‪ ،‬وبالتالي حل االنقسام بين الشكل والمضمون ‪ ،‬والطبقة والمعنى ‪ ،‬التي سادت النقد األدبي العربي‬
‫لفترة طويلة‪ .‬ويذكر بوضوح أن "المعاني (األفكار) تتواجد على الطرقات السريعة والطرق الفرعية [في‬
‫كل مكان] ويمكن الوصول إليها بسهولة للعرب وغير العرب والبدو وكذلك سكان المدن‪ ".‬البناء ‪ ،‬بالنسبة‬
‫له ‪ ،‬الشعر هو فن التعبير والصب ‪ ،‬وعملية التقديم الفني‪ .‬ما أكده الجاحظ ‪ ،‬مثل أهمية البناء ‪ ،‬والنظم ‪،‬‬
‫على األفكار المجردة ‪ ،‬ماها ‪ ،‬مهد الطريق إلعادة النظر‪ .‬نظرية النظام‪ :‬حاول أبو هاشم الجباعى (ت‬
‫‪ ، )973/321‬وهو الهوت معتزلى آخر ‪ ،‬تعديل نظرية نظام من خالل النظر في أهمية القوة المطلقة‬
‫للصياغة ‪ ،‬جزلة الالفط ‪ ،‬جنبًا إلى جنب مع جمال المعنى ‪ ،‬حسن المعنى ‪ ،‬للمطالبة ببالغة خطاب معين ‪،‬‬
‫وإذا كان المعنى سطحيًا ‪ ،‬فال تؤخذ القوة التعبيرية للمصطلحات في االعتبار‪ .‬ويضيف أن الخطاب ال يعتمد‬
‫على الشكل أو النوع األدبي‪.‬‬
‫أكثر فصاحة من الشاعر والعكس صحيح‪ " .‬وبذلك يتم تعديل نظرية الصرفة ‪ ،‬وثانيا ً ‪ ،‬واألهم من ذلك ‪،‬‬
‫استبعاد اإليقاع الشعري ‪ ،‬أوزان الشعر ‪ ،‬من تعريف البالغة ‪ ،‬وبهذا االستبعاد يحاول الجباع أن يقوض‬
‫المكانة الرفيعة التي توضع فيها الشعر‪ .‬في أذهان العرب ‪" ،‬القرآن ليس شعرا ً ‪ ،‬والنبي ليس شاعراً" ‪،‬‬
‫قول أكده القرآن مرارا ً وتكرارا ً ضد مزاعم العرب ‪ ،‬رغم أن نظرية النظام دحضها الخصوم من المعتزلة‬
‫والمعتزلة ‪ ،‬بقيت ضمنيًا في المناقشة‪ .‬خصص القاضي أبو بكر البقيالني (المتوفى ‪ )1013/404‬كتابًا‬
‫لشرح ما يميز القرآن عن سائر النصوص بما في ذلك النصوص المقدسة السابقة ‪ ،‬ويبدأ بدحض كتاب‬
‫ضا‬
‫النظام أوري الذي يربط اإلعجاز بميزة واحدة فقط‪ .‬ويشير إلى أن الكتب المقدسة السابقة تحتوي أي ً‬
‫على بعض النبوءات‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فهي ال تندرج تحت العنوان ‪ .ot miraculous ، mu jiz‬لذلك ‪،‬‬
‫ضا اعتبار التركيب المركب للقرآن عامالً آخر‪ 10 .‬إن تفرد القرآن عنده أنه ليس شعرا وال نثرا‪.‬‬ ‫يجب أي ً‬
‫إنه نوع أدبي منفصل‪ .‬ال يمكن استخدام أو تطبيق أي معايير أدبية بشرية لتقييمها‪ .‬ويذهب البقالني إلى‬
‫أبعد من ذلك في التقليل من قيمة اآليات السبع العظيمة ‪ ،‬المشهورة جيدًا ‪ ،‬والتي كانت أقل شأنا من القرآن‪.‬‬
‫دليال على االستنتاج القائل بأن طبيعة المتحدث نفسه هي التي‬‫دليال إضافيًا ‪ً 11‬‬
‫حقيقة أن محمدا كان أمي ً‬
‫تجعل من المستحيل التحدث عن أي نوع من التشابه أو التوافق بين القرآن وأي نص آخر‪ .‬وكأشعري ‪ ،‬شدد‬
‫البقيالني على التمييز بين الكالم الخالد ‪ ،‬كالم هللا األزلي القاضين ‪ ،‬وظهوره في القرآن الحاضر ‪ ،‬بين‬
‫المتلو ‪ ،‬والمتلو ‪ ،‬والخطاب الخالد‪ .‬التالوة ‪ ،‬تالوة ‪ ،‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن اإلعجاز بالنسبة له يرتبط بالنص‬
‫الموجود كما هو مقدم في هونمان ريالوة ليس فقط بالكالم اإللهي الخالد ‪ ،‬ماتلو‪ .‬يبدو أن يردد موقف فعال‬
‫تجاه الشعر أقامه القرآن‪ .‬إذا كان اإلبداع الشعري للعرب ضعيفا للغاية في نظر البقيالني ‪ ،‬فإن التحدي‬
‫ضئيل ‪ ،‬ويثبت اإلعجاز عند بقيالني بذكر ثالثة جوانب‪ :‬أحدها أنه يحتوي على معلومات عن الغيب ‪ ،‬وهذا‬
‫شيء يفوق قدرات البشر ‪ ،‬فال سبيل لهم لبلوغه‪ ،‬أما الجانب الثاني ‪ ،‬كما يتابع البقالني ‪ ،‬فيقول‪ :‬إنه من‬
‫المعروف أن الرسول كان أميًا أمميًا ال يعرف الكتابة وال يجيد القراءة‪ .‬وبالمثل ‪ ،‬كان من المسلم به عمو ًما‬
‫أنه لم يكن لديه أي معرفة بكتب األشخاص السابقين ‪ ،‬وال بسجالتهم ‪ ،‬وتاريخهم ‪ ،‬وسيرهم الذاتية‪ - .‬ومع‬
‫ذلك فقد قدم ملخصات لما حدث في التاريخ النهائي ‪ ،‬وأخبرنا عن أمور عظيمة [في األيام الماضية) ‪ ،‬وقدم‬
‫تواريخ مهمة للحياة منذ خلق آدم‪ .‬كما يذكر قصة نوح وإبراهيم وجميع األنبياء اآلخرين المذكورين في‬
‫القرآن‪.‬‬
‫النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،-‬بحسب البقيالني‪ :‬لم يكن لديه أي وسيلة للحصول على معرفة كل هذا ‪ ،‬إال‬
‫علمه‪ ... .‬والخالصة أنه لم يحصل على هذه المعرفة إال بمساعدة الوحي‪ .‬الجانب الثالث هو أن القرآن‬
‫منظم بشكل رائع ومؤلَّف بشكل رائع ‪ ،‬ومرتفع في أناقته األدبية إلى درجة تفوق ما يمكن ألي مخلوق أن‬
‫يبلغه‪ .‬هكذا يختتم البقالني‪ .‬هناك فكرتان مهمتان في خطاب البقيالني لفائدة مقالنا الحالي ‪ ،‬أوالً ‪ ،‬فكرته أن‬
‫عا أدبيًا فريدًا في حد ذاته ‪ ،‬وهو مفهوم تبناه طه حسين (‪ )1973-1889‬عندما يعلن أن‬ ‫القرآن يقدم نو ً‬
‫القرآن ليس شعرا وال نثرا‪ .‬إنه القرآن‪ .‬ثانيًا ‪ ،‬يعد تعريف البقالني لـ "الغيب" ‪ ،‬والذي يتضمن قصص‬
‫عنصرا مه ًما في منة على حجة خلف هللا‪ .‬أكد المعتزلة القاضي عبد الجبار (ت ‪، )1025/415‬‬ ‫ً‬ ‫القرآن ‪،‬‬
‫في مناقشة مستفيضة لإلعجاز ‪ ،‬أن الفساحة التعبيرية البليغة ‪ ،‬ال تتعلق بالمحتوى وال باألسلوب وحده‪.‬‬
‫وبتفصيل نظرية الجباعى لتركيب المحتوى واألسلوب ‪ ،‬فقد ربط الفسحة بالبنية (أو التركيب النحوى) التى‬
‫تتضمن كال من "الموقع" و "الوظيفة" النحوية لمعجمها‪ .‬يكمن االمتياز الجوهري للقرآن بشكل خاص في‬
‫جودته الفائقة للفسح ‪ ،‬حيث قام بتفصيل فكرة الجباع عن ضرورة مراعاة المحتوى واألسلوب ‪ ،‬وربط‬
‫الفصححة بالنظم أو التركيب التركيبي أو النحو‪ .‬وهو يستلزم ضم الكلمات معًا بأسلوب تكتيكي محدد ‪،‬‬
‫صصة" ‪ ،‬الذي يأخذ في االعتبار العناصر الثالثة ‪ ،‬أي المعنى المعجمي لكلمة‬ ‫وهو "الضمينة للطريقة المخ ّ‬
‫المودعة ‪ ،‬و "موقعها" في الهيكل ‪ ،‬و "الوظيفة" النحوية‪ .‬يقول‪ :‬مع التركيب ‪ ،‬يجب أن يكون لكل كلمة‬
‫بالضرورة خاصية (معينة) ‪ ،‬السيفة‪ .‬قد توجد هذه الخاصية بسبب اللغة التقليدية المتضمنة في التركيب‬
‫(االختيار المعجمي]‪ .‬الوظيفة النحوية ‪ ،‬أنا ‪ ،‬التي تعمل فيها ‪ ،‬أو الموقف ‪ ،‬وال رابع لهذه الفئات الثالث‪.‬‬
‫متسلسال لمنع الصفحة‪ :‬العرب‬‫ً‬ ‫كان الحدوث الذي ال جدال فيه لتحدي ‪ ،‬والتهدي ‪ ،‬وتدخل هللا مثل الصرفة‪.‬‬
‫من محاولة مطابقة الوحي ‪ 5.‬العالم اللغوي والناقد األدبي الشهير عبد القاهر الجرجاني (ت ‪ ، )47078‬من‬
‫الرماد كان عري مثل البقيالني ‪ ،‬مقرو ًءا جيدًا في أعمال عبد الجبار‪ .‬لقد نسج أفكار عبد الجبار في موقعه‬
‫تحليال تفصيليًا مع إيضاحات وفيرة من النثر‪ .‬و ‪ ، poctry‬من نظرية‬ ‫ً‬ ‫وأطروحته‪ .‬وكان هو الذي قدم‬
‫النظم‪ -‬النحو‪-‬في بئرته‪ -‬كتاب معروف دليل االعجاز‪ .‬أوالً ‪ ،‬أسس دحضه لـ ‪( t‬فكرة أن اإلعجاز يقتصر‬
‫على "المحتوى" بدالً من األسلوب‪. H 1333525 LLA .‬‬
‫والرد على أرضية صلبة أكثر من أسالفه‪ .‬إذا كان المحتوى ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬الحديث عن األحداث‬
‫مقصورا على السور أو اآليات التي تنقل‬
‫ً‬ ‫"غير المرئية" أو المستقبلية ‪ ،‬كما يقول ‪ ،‬لكان اإلعجاز‬
‫المعلومات المتعلقة بـ "غير المرئي"‪ .‬ويؤكد أن اإلعجاز موجود في كل آية من آيات القرآن ‪ ،‬ألن العرب‬
‫كانوا يطالبون بإخراج نص يشبه القرآن حتى لو لم يكن هناك أكثر من واحدة من أقصر السور ‪ ،‬وهي‬
‫السور الجرجاني‪ .‬يبدو أنه ُملزم بالدكال بالتناقض الضمني في وجهة نظر أحد علماء الدين األشاعرة‬
‫البارزين ‪ ،‬البقيالني‪ .‬كان عليه أن يوسع ويوسع مفهومه الغامض للتكوين ‪ ،‬التأليف ‪ ،‬من خالل االنفتاح‬
‫على التعلم من المعتزلة ‪ ،‬وخاصة من القاضي عبد الجبار‪ .‬النقطة األساسية في نظرية النظام للجرجاني ‪،‬‬
‫التي ينسبها إلى الجاحظ ‪ ،‬عن طريق إعادة التفسير والتفصيل ‪ ،‬أول تعبير لها في تاريخ البالغة ‪ ،‬البالغة‬
‫(‪ ، )16‬قريب من تلك الخاصة بكل من الجبة‪ .‬أنا وعبد الجبار توليف "المحتوى" واألسلوب‪ .‬لكن تحليله‬
‫الشامل وتفسيره المفصل لتفاصيله قاده إلى الكشف عن "قوانين التزامن" ‪ ،‬قوانن النهو‪ .‬دفاعه عن دراسة‬
‫اللغة والبيان ‪ ،‬يعني منطقيا أن دراسة القصيدة ضرورية ‪ ،‬ألنها مخزن اللغة في شكلها الفصيح‪ .‬بالنسبة‬
‫للجرجاني ‪ ،‬تصل دراسة الشعر إلى درجة الواجب اإللهي‪ .‬لم تعد معرفة ثانوية علم وسيلة كما في علم‬
‫الالهوت‪ .‬بل هي معرفة أساسية وحيوية بدونها ينطفئ نور هللا‪ .‬يعتبر خطاب الجرجاني ضمنيًا مبدأ‬
‫أساسيًا من مبادئ الفقه‪ :‬كل ما يحتاجه المسلم ألداء واجب (ديني) هو واجب (ديني) في حد ذاته ‪ ،‬كل ما ال‬
‫يتيم‪ .‬واجيبو إال به فهو وجيبان‪ .‬لذلك ‪ ،‬من الواجب الديني دراسة الشعر من أجل فهم ماهية البالغة وتقديم‬
‫تفسير مفهوم إلعجاز القرآن‪ .‬بدون أداء هذا الواجب ‪ ،‬ال يمكن تفسير نور هللا (أي إعجاز القرآن)‪ .‬منظمة‬
‫العفو الدولية ‪ -‬يصرح الجرجاني أنه‪ :‬ال يمكن ألي شخص مفكر عازم على التقدير الكامل لهذه العقيدة‬
‫اإلسالمية األساسية (اإلعجاز) االستغناء عن االمتحان في هذه األمور‪ .‬إن دراسة كالم العرب وشعرهم‬
‫شرط مسبق ضروري لفهم الظواهر اللغوية التي ال مثيل لها في القرآن ‪ 17 ،‬إذا علمنا االتجاه الذي منه‬
‫حجة القرآن‪ .‬ينبثق ويظهر ويضيء ‪ ،‬هو أنه يصل إلى درجة من الوضوح بحيث تقصر القوة البشرية‬
‫عنها ويصل إلى أقصى (امتياز) لم يتم [حتى] تخيله ‪ ،‬وأنه مستحيل على أي شخص سوى من يعرف‬
‫الشعر ‪ ...‬لتقدير ذلك ‪ ،‬فمن يرفض ذلك يمنع دليل هللا من أن يعرف‪ .‬يقول الجرجاني‪ :‬مجرد علم عجز‬
‫العرب عن معارضة‪ :‬إثبات معجزة محمد باقية على وجه الضهر ‪ ،‬ويمكن ألي شخص في أي عصر أن‬
‫يثبتها‪ .‬الذي يريد أن يكتسب العلم به ‪ ..‬أي نوع من الرجل تريده تكون ‪ ،‬إذا انسحبت من معرفة حجة هللا‬
‫تعالى ‪ ،‬واخترت الجهل وعدم الوضوح في وجودها لعلمها ‪ ،‬وإذا كان التقليد أكثر جاذبية لك ‪ ،‬واالعتماد‬
‫على علم اآلخرين أفضل من ‪ énok61‬وهكذا مهاجمة التقليل من أهمية دراسة الشعر على أساس أنه‬
‫حرام ‪ ،‬أو على األقل ماكروت (غير مرغوب فيه دينيا ً وإن لم يكن ممنوعاً) ‪ ،‬يساوي "الرغبة في إطفاء‬
‫نور هللا"‪ 20 .‬عالوة على ذلك‪ :‬الجهل بالعلم البالغة ‪ ،‬التي ال يمكن الوصول إلى قوانينها إال من خالل‬
‫دراسة الشعر ‪ ،‬تجعل من المستحيل الحصول على أي معرفة بالقرآن وعلومه‪ .‬وقد يؤدي هذا بالتالي إلى‬
‫عدم كفاية أو حتى عدم كفاءة في تفسير نص سفر الرؤيا والتعليق عليه‪ .‬مبلغ ضئيل ‪ ،‬سيقتصرون أنفسهم‬
‫على هذا المقدار الضئيل وال يأخذون على عاتقهم أنفسهم إلعالن ذلك واالنخراط في ما ال يعرفون شيئًا عنه‬
‫وال يتعمقون في الشرح والتفسير والتأويل‪ ، .‬إذن ستكون هناك محنة واحدة‪ .‬ثم ‪ ،‬إذا لم يبنوا ‪[ ،‬على‬
‫األقل] فلن يكونوا مدمرين ‪ ،‬وإذا لم يعالجوا ‪ ،‬فلن يكونوا على األقل سببًا للفساد‪ .‬لكنهم ال يفعلون ذلك‪ .‬بدال‬
‫من ذلك ‪ ،‬فإنها تسبب مرضا مثل إفساد الطبيب وإرباك رجل العقل‪ )22( .‬على الرغم من أن هذا الدفاع‬
‫المؤ ّكد عن ضرورة علم اللغة والبالغة يردد تصريحات سابقة عبّر عنها الجاحظ وآخرين ‪ ،‬يبدو أنه يحمل‬
‫أهمية أكبر مما كان عليه في األمثلة التقليدية السابقة‪ .‬من خالل ربط اإلعجاز بقوانين النحو ‪ ،‬شدد اللرجاني‬
‫بشكل صريح على الطبيعة األدبية للنص القرآني‪ .‬يرتكز تركيزه على الحقيقة التجريبية التي مفادها أن‬
‫تكوين كل من القرآن والنصوص البشرية تحكمهما نفس القواعد اللغوية (قوانن النهو)‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن‬
‫الفرق بين نص وآخر في المصطلحات يكمن في المستوى الذي يتم بموجبه تطبيق هذه القوانين بشكل مثالي‪.‬‬
‫يجب الكشف عن قوانين النحو والنظم من خالل دراسة الشعر ‪ ،‬مما يعني أن الناقد األدبي وحده هو المخول‬
‫بالتحقيق في سمات سمو القرآن‪.‬‬

‫الثالثة ‪:‬‬
‫السياق الحديث‬

‫هو محمد عبده (‪ )1905-1848‬الذي نشر الطبعة النقدية األولى لكتابي الجرجاني الشهيرين واستخدمهما‬
‫كنص كتابي في تدريس "البالغة العربية" في "كلية دار العلوم ‪ ،‬وهي مؤسسة تعليمية‪ :‬تأسست لتجمع بين‬
‫التخصصات التقليدية والحديثة في مناهجها‪ ".‬تنعكس معرفة عبده الجيدة بأفكار الجرجاني في تفسير المنار‪.‬‬
‫إن الطريقة األدبية المستخدمة في تفسير عبده للقرآن مرتبطة بشكل وثيق بهدفه في توفير فهم عقالني‬
‫لإلسالم ‪ ،‬ولكن األسئلة التي كان على عبده أن يتعامل معها كانت أكثر تعقي ًدا من تلك التي اقتصرت على‬
‫مسألة اإلعجاز‪ .‬يمكن صياغة هذه األسئلة على أنها منخفضة‪ :‬أوالً وقبل كل شيء ‪ ،‬سؤال الحداثة‪ :‬هل‬
‫يتوافق اإلسالم مع الحداثة أم ال؟ كيف يمكن لمسلم مؤمن أن يعيش في بيئة سياسية اجتماعية حديثة دون أن‬
‫يفقد هويته أو هويتها كمسلم هل يستوعب اإلسالم ثانيًا ‪ ،‬هناك سؤال يتعلق باالتفاق (الخالف) بين الشريعة‬
‫اإللهية التي تشكل المجتمع التقليدي والقانون الوضعي الذي يشكل الدولة القومية الحديثة‪ :‬هل المؤسسات‬
‫السياسية الحديثة كالديمقراطية واالنتخابات والبرلمان مقبولة في اإلسالم ‪ ،‬فهل يمكن أن تحل محل‬
‫المؤسسات التقليدية للشورى ونخبة العلماء (أهل الحل والعقد)؟ إعادة فتح باب التفسير ‪ ،‬االجتهاد ‪ ،‬في‬
‫جميع جوانب الحياة االجتماعية والفكرية‪ .‬بما أن الدين جزء أساسي من الوجود اإلنساني ‪ ،‬فإن السبيل‬
‫الوحيد لبدء اإلصالح الحقيقي هو اإلصالح (الفكر السالمي‪ .‬وما هو اإلصالحي المسلم المعروف جمال‬
‫الدين األفغاني (‪ 1897-1838‬الذي تم جلبه إلى مصر ‪ ،‬من بين أمور أخرى ‪ ،‬كانت فكرة تفسير معتدل‬
‫جديد لإلسالم جذبت انتباه عبده‪ .‬وقد تبنى عبده مزي ًجا من العقالنية الكالسيكية والوعي االجتماعي‬
‫والسياسي الحديث‪ .‬تفسير القرآن‪ .‬أهم إسهامات عبده هي إصراره على أن القرآن ليس كتابًا للتاريخ ‪ ،‬لذلك‬
‫ال ينبغي اعتبار السرد القرآني وثائق تاريخية‪ .‬الحوادث التاريخية ورد ذكرها في الرواية القرآنية بأسلوب‬
‫أدبي إليصال دروس التحذير والوعظ ‪ ..‬وفيما يتعلق بقصص القرآن ‪ ،‬فإن عبده واضح جدًا في االختالف‬
‫بين "التأريخ" والقرآن‪ .‬تأريخ قصة قصة هو مجال علمي للمعرفة يقوم على االستفسار والتحقيق النقدي‬
‫في البيانات المتاحة مثل التقارير والشهادات والذكريات واألدلة الجغرافية أو المادية‪ .‬من ناحية أخرى ‪،‬‬
‫فإن القصص القرآنية مهمة لخدمة األغراض األخالقية والروحية والدينية‪ .‬قد تستند إلى بعض الحوادث‬
‫التاريخية ‪ ،‬لكن الغرض ليس توفير المعرفة حول التاريخ‪ .‬وهذا يفسر سبب عدم ذكر أسماء األشخاص‬
‫واألماكن والتواريخ في هذه القصص‪ .‬حتى لو كانت القصة عن نبي أو عن أحد أعداء النبي ‪ ،‬مثل فرعون‬
‫‪ ،‬فقد تم حذف الكثير من التفاصيل‪ .‬من الواضح أن عبده يعارض الطريقة التفسيرية الكالسيكية التي‬
‫توضح هذه الغموض‪.‬مبهمات ‪ ،‬وأهمية القصة ال تعتمد على تلك المعرفة ؛ بل يعتمد باألحرى على درس‬
‫"التحذير" المستنتج منه‪ .‬كل هذه المقاطع من "تفسير المنار لعبده عبده قد اقتبسها بشكل كبير من قبل خلف‬
‫هللا من أجل تعزيز حجته في أطروحته وكذلك في الخالف الذي أعقب ذلك‪ ".‬هذا التمييز الواضح بين‬
‫التاريخ والقرآن الذي صنعه عبده‪ .‬وهناك نقطة مهمة أخرى أكدها عبده في تفسيره ‪ ،‬وهو ما أخذه خلف هللا‬
‫‪ ،‬كما سنرى ‪ ،‬وهي حقيقة أن القرآن قد تناول بالدرجة األولى العرب الوثنيون في القرن السابع‪ .‬كل ما‬
‫يبدو غير منطقي أو متناقض مع المنطق والعلم في القرآن يجب فهمه على أنه يعكس رؤية العرب للعالم‪.‬‬
‫األشكال األدبية للكالم مثل "المجاز" و "االستعارة" تستخدم في تفسير المنار لتقديم تفسير عقالني لجميع‬
‫األحداث واألفعال المعجزية الواردة في القرآن‪ .‬كل اآليات القرآنية التي تشير إلى الخرافات مثل الساحرة ‪،‬‬
‫والعين الشريرة ‪ ،‬أو اللمسة الشيطانية ‪ ،‬كان البد من شرحها‪ .‬ملقاة كتعبيرات لما كان العرب يؤمنون به‪.‬‬
‫وقد شرح عبده اآليات القرآنية عن نزول المالئكة من السماء لتشديد الكفار على أنها تعبير عن التشجيع‪.‬‬
‫لقد كانت تهدف إلى توفير الراحة للمؤمنين لتمكينهم من تحقيق النصر‪ )27( .‬إن الفكرة القائلة بأن القرآن‬
‫سا عقلية العرب الوثنيين في القرن السابع اتخذ كنقطة انطالق في أطروحة خلف هللا‪ .‬من خالل‬ ‫تناول أسا ً‬
‫طه حسين والخولي تم تطوير بعض إنجازات عبده‪.‬‬
‫شدد طه حسين بشدة على البعد الجمالي الغريب والفريد جدًا لألسلوب القرآني ‪ ،‬أي إعجازه ‪ ،‬من خالل‬
‫التأكيد على طبيعته األدبية كنوع أدبي في حد ذاته‪ 28 .‬كمؤرخ أدبي وناقد أدبي بامتياز ‪ ،‬يدعي أن القرآن‬
‫نثرا‪ .‬إنه القرآن‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬يعتبر حسين السرد القرآني الخاص بمجيء إبراهيم‬ ‫شعرا وال ً‬
‫ً‬ ‫ليس‬
‫وزوجته هاجر وطفله الجديد إسماعيل إلى مكة ‪ ،‬رواية شفوية كانت موجودة قبل نزول القرآن‪ .‬يذكر‬
‫حسين أن القصة قد تم اختراعها قبل نزول القرآن بفترة طويلة‪ .‬كان الهدف منه تخفيف حدة التوتر بين‬
‫العرب الوثنيين ‪ ،‬سكان يثرب األصليين ‪ ،‬والقبيلة اليهودية‪ :‬الذين جاءوا ليستقروا في المدينة‪ .‬استخدم‬
‫القرآن القصة ليس فقط ليضع اإلسالم في سياق التقليد اليهودي المسيحي ‪ ،‬ولكن‪ .‬أيضا وضع أولويتها‬
‫كدين توحيدي‪ .‬كانت وجهة نظر طه حسين هي التأكيد على أن هذه القصة ال ينبغي أن تُفهم على أنها تنقل‬
‫الحقيقة التاريخية التي بموجبها كانت بعض االفتراضات التي تتعلق بالوضع الخطي في شبه الجزيرة‬
‫العربية مقبولة بال شك‪ )29( .‬على الرغم من أن هذه كانت مجرد نقطة واحدة في خطه من الجدل‬
‫والتشكيك في أصالة جسد الشعر الجاهلي بالكامل ‪ ،‬كنت القشة التي قصمت ظهر العقيق ‪ ،‬كما يقول المثل‪.‬‬
‫أثار كتاب طه حسين جدالً محتدما ً ‪ ،‬على الرغم من أنه اعتبر القرآن المصدر األكثر موثوقية وأصالة لفهم‬
‫الحياة االجتماعية والدينية قبل اإلسالم‪ .‬كما وصل الخالف إلى مجلس النواب المصري ‪ ،‬وظهرت مزاعم‬
‫بأن الكتاب كان إهانة لإلسالم‪ .‬تم استجواب طه حسين من قبل أتومي العام المصري قبل تقديمه للمحاكمة‪.‬‬
‫أعلن الجمهور أتومي أن الحسين بريء من أي شيء آخر (‪ 30‬ضربة قاضية)‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬كان على حسين‬
‫أن يعاني من نية نهائية على الرغم من أنه أزال هذا المقطع المحدد من الطبعة الثانية المكبرة من الكتاب ‪،‬‬
‫والتي ظهرت تحت عنوان آخر في األدب الجاهلي‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن كتابات طه حسين كانت جز ًءا‬
‫من حركة فكرية محلية إبداعية مرتبطة بالمؤسسة األكاديمية الجديدة المؤسسة ‪ ،‬الجامعة الوطنية أو الجامعة‬
‫األهلية ‪ ،‬وكتابات أحمد أمين (‪ )1954-1886‬عن يعد التاريخ والحضارة المسلمة المقدم في كتابه الضخم‬
‫"تثاءب اإلسالم" مثاالً آخر على االتجاه الجديد للمنح الدراسية في المؤسسة األكاديمية الجديدة ‪ ،‬وإعادة‬
‫النظر في تاريخ عيالم بشكل عام ‪ ،‬وكانت السيرة النبوية ‪ ،‬والسيرة ‪ ،‬على وجه الخصوص ‪ ،‬من منظور‬
‫نقدي ‪ ،‬واحدة من النقاط األساسية للحركة الجديدة‪ .‬تأثرت هذه الحركة بالتأكيد باهتمام القرن التاسع عشر‬
‫بالتاريخ ‪ ،‬وخاصة تاريخ اإلسالم وحياة نبيه‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فقد أثرت في نهج السيرة الذاتية المسيحية للنبي‪.‬‬
‫يعتبر بعض علماء المسلمين السيرة الذاتية للنبي التي كتبها محمد حسين هيكل (‪ )1956 - 1888‬وطه‬
‫حسين "أحد األسباب الكامنة وراء التغيرات الهائلة في مستوى النقاش حول حياة الرسول"‪ .‬ووفقًا لوجهة‬
‫النظر هذه ‪" ،‬تحول النقاش بشكل ملحوظ من المواجهة إلى الحوار"‪ )33[ .‬كتب طه حسين العديد من الكتب‬
‫حول التاريخ المبكر لإلسالم ‪ ،‬مثل عالء حميش الصيرة (‪ ، )1943‬الفتنة الكبرى‪ )1974( .‬وفيما بعد‬
‫الشيخان‪.‬‬

‫الرابعة ‪:‬‬
‫بطل تجديد‪ :‬الخول‬

‫عندما بدأ أمين الخولي حياته المهنية ‪ ،‬كانت رياح التجديد تتغلغل في مصر‪ .‬لقد طبق طريقة التاج في‬
‫دراسة اللغة ‪ ،‬والنظرية (البالغة) ‪ ،‬والتفسير القرآني (التفسير) واألدب‪ .‬تقدم المنحة النموذج المثالي‬
‫لمنهجية التجديد التي وضعها الخولي ‪ ،‬لكنه يعتبر أن عصر النهضة يبدأ دائ ًما ‪ ،‬كما أثبت التاريخ ‪ ،‬من‬
‫قادرا على تحقيق‬‫خالل االبتكار في الفنون واألدب‪ .‬والوعي الجمالي للشعب المصري من أجل أن يكون ً‬
‫نهضة مصرية صخرية حقيقية‪ .‬ضرورة التجديد في هذه الطريقة األدبية التي توضح بنيتهما ‪ ،‬وطالما أن‬
‫عصر النهضة أو اإليجديد يقتضي التحرك واالستيقاظ ‪ ،‬فيجب أن يبدأ بدراسة شاملة ومكثفة للتقليد القديم في‬
‫كل مجال من مجاالت المعرفة‪ .‬شعار الخولي هو "الخطوة األولى ألي ابتكار حقيقي هو التحليل الكامل‬
‫للتقاليد" (أوال التجديد قاتل القديم بهثان) ؛ وإال فإن النتيجة ستكون الخسارة وليس إعادة اإلعمار‬
‫(‪ 38 .)Tabdid la tajdid‬إذا تم تنفيذ دراسة األدب في الماضي ‪ ،‬وكذلك دراسة اللغة والبالغة ‪ ،‬من‬
‫أجل المؤمنين‪.‬‬
‫ال ينبغي أن يكون هذا هو الحال اآلن‪ )39( .‬الدراسة األدبية للقرآن ليست مسألة اختيار للخولي ‪ ،‬ألن قبول‬
‫العرب لها مبني على األدب القرآني ‪ .40‬لذلك ‪ ،‬يجب أن تكون القوة العظمى والسيادة‪ .‬التخلي عن أي‬
‫نهج ديني ‪ -‬الهوتي ‪ ،‬فلسفي ‪ ،‬أخالقي ‪ ،‬صوفي أو قضائي آخر‪ .‬في هذه المرحلة ‪ ،‬من المهم أن نذكر أن‬
‫"الرومانسية" ‪ ،‬أو لكي نكون دقيقين ‪ ،‬كانت النسخة العربية منها هي النظرية األدبية السائدة في ذلك الوقت‬
‫‪ 42.‬من خالل تلك النظرية ‪ ،‬طور الخولي العالقة بين دراسة اللغة ‪ ،‬الخطابة واألدب من جهة والتفسير‬
‫القرآني تفسير القرآن من جهة أخرى‪ .‬نظرية باالغو الحديثة التي تؤسس عالقة بالنقد األدبي‪ .‬هذه العالقة‬
‫تتطلب‪ .‬ارتباط آخر بعلم النفس ‪ ،‬عالقة موازية للعالقة بين النقد األدبي وعلم الجمال‪ .‬يجب أن تركز‬
‫دراسة هال اآلغا بعد ذلك على دراسة األسلوب األدبي وتأثيره العاطفي على المتلقي ‪ /‬القارئ ‪ 4.‬يجب أن‬
‫يكون هدفها بعد ذلك تطوير الوعي الجمالي لكل من الكاتب والقارئ‪ :‬يجب إعادة تسميتي باسم فن القول‬
‫‪ 45‬فقط المضاء‪ .‬يمكن للمقاربة الفظة للقرآن ‪ ،‬من خالل النظرية الحديثة لألدب ‪ ،‬أن تكشف عن إعجازه‬
‫سا تعبيريًا واستفزازيًا عاطفيًا (إعجاز نافسي)‪ - 46 .‬اشتهر تلميذان من طالب الخولي‬ ‫‪ ،‬الذي هو أسا ً‬
‫المباشرين ‪ -‬إلى جانب زوجته بنت الشاطئ "(ت ‪ - )1999‬الذين طبقوا أسلوب األدب في الدراسات‬
‫ضا إلى أن سيد قطب ‪ ،‬اإليديولوجي الشهير‬ ‫القرآنية ‪ ،‬وهما خلف هللا وشكري عياد ‪ ،‬لكن وتجدر اإلشارة أي ً‬
‫لألصولية اإلسالمية الحديثة ‪ ،‬بدأ كتاباته عن القرآن بتطبيق منهج أدبي مشابه ‪ ،‬وإن كان انطباعيًا‪ .‬ومشاهد‬
‫القيامة في القرآن ورافصره في ظالل القرآن‪.‬‬
‫الخامسة ‪:‬‬
‫خلف هللا‪ :‬المقدمات والمشاكل‬

‫في أطروحة الماجستير "جدل القرآن" أ) الذي أشرف عليه الخولي ‪ ،‬قام خلف هللا بتطبيق مبادئ المنهج‬
‫األدبي كما اقترحها الخولي في تعليق الخولي على مقال "التفسير" في الترجمة العربية للطبعة األولى من‬
‫موسوعة اإلسالم التي تم تضمينها في كتابه "منهج التجديد"‪ .‬دكتوراه خلف هللا‪ .‬طورت الرسالة المنهج‬
‫الذي طرحه الخولي إلى حد ما‪ .‬وتتكون الرسالة في نسختها المنشورة من جزأين ينقسم كل منهما إلى عدة‬
‫فصول باإلضافة إلى "المقدمة" و "المنهج" و "الخاتمة"‪" .‬مقدمة" الكتاب الذي نُشر الحقًا من تأليف‬
‫الخولي‪ .‬الجزء األول بعنوان "المعاني والقيم التاريخية واالجتماعية واألخالقية والدينية" (المعاني والقيم‬
‫التركيه واإلجليمه والخلقية والدينية) ‪ ،‬وينقسم إلى فصول‪ :‬األول عن "المعنى التاريخي" ‪ ،‬والثاني عن‬
‫"المعنى النفسي واالجتماعي" ‪ ،‬والثالث عن "المعنى األخالقي والديني"‪ .‬من المنطقي أن يتعامل الفصل‬
‫األول مع المسألة اإلشكالية المتعلقة بالعالقة بين التأريخ واألدب ‪ ،‬والتي تبرز المشكلة األكثر إشكالية فيما‬
‫يتعلق بالصالحية التاريخية ‪ ،‬ووفقًا للوظيفة التاريخية في الرواية القرآنية‪ .‬الجزء الثاني بعنوان "فن السرد‬
‫في الروايات القرآنية" (الفن في القصص القرآنية) ‪ ،‬وينقسم إلى سبعة أبواب‪ .‬يتناول الفصل األول‬
‫الموضوع العام "القصاص القرآني" ‪ ،‬وهو الرواية القرآنية ‪ ،‬وهو مقسم إلى أربع مجموعات‪، gories .‬‬
‫أي التاريخية واالستعارية واألسطورية وقصة "الخطيئة"‪ .‬أما الفصل الثاني فقد خصص لـ "الوحدة‬
‫السردية" ‪ ،‬أما الفصل الثالث فقد تناول "المقاصد واألغراد" ‪ ،‬أما الفصل الرابع فقد تناول "المصادر"‪.‬‬
‫("المصادر")‪ .‬في الفصل الخامس يحلل المؤلف "عناصر الحكاية" (أ ‪ /‬أنصير القصسية) أي الخصائص‬
‫واألفعال والحوار‪ .‬يتناول الفصل السادس السؤال المتعلق بمدى مساهمة الرواية القرآنية في "تطور فن‬
‫السرد" في تاريخ األدب العربي‪ .‬أما بالنسبة للمنهج ‪ ،‬فيبدو أن خلف هللا يتبع الخطوات المنهجية التي‬
‫اقترحها أستاذه‪ .‬الخطوة األولى هي جمع قصص القرآن‪ .‬والخطوة الثانية هي إعادة ترتيب هذه القصص‬
‫وفقًا للترتيب الزمني لوحيها (الطرطب عند النُزول) ‪ ،‬من أجل تحليلها وشرحها وفقًا لسياقها األصلي ‪ ،‬مثل‬
‫البيئة االجتماعية ‪ ،‬والحالة العاطفية للنبي ‪ ،‬ومطور الرسالة اإلسالمية‪ 47 .‬يؤكد خلف هللا أن مثل هذا‬
‫السياق سيساعد في الكشف عن المستوى الداللي األصلي للرواية القرآنية ‪ ،‬المستوى األصلي الذي فهمه‬
‫العرب في وقت الوحي‪ )43 .‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن خلف هللا ال يطبق المربط الموضوعي بجمع‬
‫شظايا القصص المذكورة في السور المختلفة‪ .‬إنه يعتبر كل قطعة من القصص قصة مستقلة أنا نفسها‪ .‬لذا‬
‫‪ ،‬فإن قصة موسى ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬ليست قصة واحدة‪ .‬بدالً من ذلك ‪ ،‬فإن إي سي من القصص التي‬
‫ذكر فيها موسى ‪ -‬يمثل وحدة سرد يجب دراستها بمفردها‪ .‬إن التحليل الموضوعي ينتهك البعد السياقي‬
‫الذي أكده خلف هللا‪ .‬يبدو أن خلف هللا كان لديه توقعات قوية لما سيحدث له بسبب توجهه‪ .‬في أطروحته ‪،‬‬
‫يعبر عن مدى صعوبة إنجاز أطروحته ‪ ،‬وكيف يعرض نفسه للخطر‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬يؤكد أن المعرفة‬
‫األكاديمية والعلمية تتخلى عن مثل هذه المخاطر‪ .‬في كلتا الحالتين يتم تجاهل المعنى النصي للقرآن‪.‬‬
‫األصالة التاريخية على أساس أن رواياتها تتعارض أو على األقل ال تتوافق معها‪ .‬حقائق تاريخية ‪ 31‬إن‬
‫دراسة القصص القرآنية على أنها حكايات أدبية وليست وثائق تاريخية ‪ ،‬كما يوحي النهج األدبي ‪ ،‬ستجعل‬
‫مسألة المصداقية التاريخية غير ذات صلة ‪ ،‬أو باألحرى سؤال خاطئ‪ .‬نقالً عن بعض المالحظات من‬
‫مصادر كالسيكية ‪ ،‬مثل القاضي عبد الغفار ‪ ،‬والزمخشري والرازي ‪ ،‬وكذلك المصادر الحديثة ‪ ،‬وخاصة‬
‫عبده خلف هللا مؤكدًا على االستنتاج بأن قصص القرآن هي قصص رمزية‪ .‬أمثال ال تنوي نقل الحقائق‬
‫التاريخية في حد ذاتها‪ .‬كما أنها تنتمي إلى تشي فئة متشابهات أو غامضة‪ .‬وألن المعلقين الكالسيكيين‬
‫يحاولون شرح الغموض ‪ ،‬فإنهم حتى كتبهم ببيانات مستعارة من التقاليد الدينية السابقة ‪ ،‬فهي ال تحتاج‬
‫وثائق المنهج األدبي إلى مثل هذه البيانات ‪ ،‬ألنها تميز بين بنية القصة ‪ ،‬وجسم القصي ‪ ،‬ومعناها‪ .‬يعتمد‬
‫هذا التمايز على التفسير الكالسيكي وكذلك الحديث‪ .‬إن التفسير الكالسيكي ‪ ،‬الذي يقوم على التعامل مع‬
‫القصص على أنها أمثال ‪ ،‬يميز في بنية المثال ‪ ،‬والرمز ‪ ،‬وبين المعنى ‪ ،‬والمعنى ‪ ،‬ومضمونه ‪ ،‬اللوز ؛‬
‫كالهما ليسا متطابقين بالضرورة ‪ 32.‬التفسير المودم مأخوذ من السرد األدبي الذي يتناول بعض العبارات‬
‫التاريخية أو بعض األحداث التاريخية ‪ ،‬مثل شخصية ‪ Qucen Cleopatra‬المصرية ‪ ،‬التي تناولها‬
‫شكسبير ‪ ،‬بيمارد شو ‪ ،‬روايات أحمد شوقي والسير وولتر سكوت ‪ 53.‬يبدو أن جسد هذه القصص تاريخي‬
‫‪ ،‬لكن المعنى ‪ ،‬أو الرسالة ‪ ،‬ال يعكسان التاريخ بالضرورة‪ .‬للكاتب الحق في التمتع بالذكاء في استخدام‬
‫التاريخ في سياق أدبي‪ :‬مثل هذه الحرية غير مسموح بها بأي حال من األحوال للمؤرخ‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫األدلة النظرية المذكورة أعاله ‪ ،‬هناك أدلة قرآنية تثبت ضرورة تطبيق المنهج األدبي‪ .‬بادئ ذي بدء ‪،‬‬
‫ضا بعض‬ ‫يتجاهل القرآن عن عمد ذكر ليس فقط وقت ومكان األحداث التاريخية في قصصه ‪ ،‬ولكن أي ً‬
‫الشخصيات‪ .‬ثانيًا ‪ ،‬عند التعامل مع بعض القصص النسيجية ‪ ،‬يختار القرآن بعض األحداث ويغفل البعض‬
‫ً‬
‫أفعاال معينة ببعض‬ ‫اآلخر ‪ ،‬ثالثًا ‪ ،‬تم انتهاك الترتيب الزمني لألحداث ‪ ،‬وراب ًعا ‪ ،‬يربط القرآن أحيانًا‬
‫الشخصيات وأحيانًا يتصل بها‪ .‬تصرفات سارني لشخصيات مختلفة‪ .‬خامسا ً ‪ ،‬عندما تتكرر القصة في‬
‫سورة أخرى من القرآن ‪ ،‬فإن الحوار المتعلق بنفس الشخصية يختلف عن الحالة األولى‪ .‬سادسا ً ‪ ،‬يضيف‬
‫القرآن في بعض األحيان إلى القصة بعض األحداث التي من المفترض أن تحدث بعد ذلك بترتيب زمني‪.‬‬
‫كل هذه األدلة تشير بوضوح إلى أن القرآن يمارس نفس األسلوب الذي يمارس في القصص األدبية التي‬
‫محاصرا في سياق تحديث البنية االجتماعية السياسية للمجتمعات اإلسالمية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تتناول التاريخ‪ .‬أصبح العقل‬
‫‪ -‬قوله تعالى‪" :‬العقل اإلسالمي" في بعض المشاكل في فهم القرآن‪ .‬على سبيل المثال ‪ ،‬يشرح كيف أن‬
‫العقل اإلسالمي ‪ ،‬باهتمامه الشديد باألصالة التاريخية ‪ ،‬غير قادر على التعرف على األبعاد األخالقية‬
‫والرائعة للقصص القرآنية‪ .‬كما أن العقل اإلسالمي غير قادر على تفسير سبب تكرار القصة أو سبب عدم‬
‫كون التفاصيل هي السامي عند تكرارها‪ - 5 .‬يذكر الخولي ‪ ،‬في مقدمته للطبعة الثانية من كتاب الفن‬
‫القصصي (القاهرة ‪ ، )1957‬حالة طه حسين الذي قال‪ :‬من الواضح جدًا أن المقاربة األدبية للقرآن هي‬
‫الطريقة الوحيدة‪ .‬يمكن أن ينقذ المثقف المسلم من مرض انفصام الشخصية‪ .‬يمكن للمسلم أن يؤمن حقًا‬
‫باإلسالم والقرآن الكريم دون الحاجة إلى االعتقاد بأن القصص المذكورة في القرآن هي مصادر تاريخية‪.‬‬
‫ضا إلى الهجوم على كتابات قاسم أمين (‪ ، )1908-1863‬المدافع‬ ‫ينعكس العقل‪ .‬هنا ‪ ،‬يمكن أن نشير أي ً‬
‫عن حقوق المرأة الذي تأثر بخطاب عبده‪ .‬كما يمكن اإلشارة إلى قضية علي عبد الرازق عام ‪1925‬‬
‫عندما أدانته لجنة تحقيق مشكلة في األزهر لفحص كتابه "اإلسالم والسالم"‪ .‬أصول الحكم‪ .‬من المفترض‬
‫أن يقدم النهج األدبي بشكل عام حالً لتحرير العقل المسلم من مثل هذا الموقف من الركود‪" .‬القرآن ليس‬
‫كتاب علم وال كتاب تاريخ أو نظرية سياسية" ‪ ،‬لذلك يحاول خطاب التجديد تأسيسه‪ .‬القرآن هو في الحقيقة‬
‫كتاب إرشادي روحي وأخالقي ‪ ،‬تستخدم فيه القصص لتحقيق الغرض منه‪ .‬بمعنى آخر ‪ ،‬القصص القرآنية‬
‫هي روايات أدبية تستخدم لخدمة األغراض األخالقية والروحية والدينية‪ .‬لذلك ‪ ،‬يعتبر التعامل مع سرد‬
‫القرآن كحقائق تاريخية بحتة خطأ منهجيًا فاد ًحا‪.‬‬

You might also like