Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 90

‫السينما األمازيغية ‪ ..

‬وشم الذاكرة وسؤال الذات‬


‫رؤية من الداخل ـ ـ ـ اإلنتاج السوسي نموذجا‬
‫‪ :‬السينما األمازيغية ‪ ..‬وشم الذاكرة وسؤال الذات‬ ‫العنوان‬
‫رؤية من الداخل ‪ -‬اإلنتاج السوسي نموذجا‬
‫‪ :‬مسعود بوكرن‬ ‫المؤلف‬
‫‪ :‬جمعية إسني ن ورغ ‪Issni n Ourgh‬‬ ‫الناشر‬
‫‪ :‬الفنان ‪ :‬الحسين الهم‬ ‫لوحة الغالف‬
‫‪ :‬حسن الفقير‬ ‫تصميم الغالف‬
‫‪ :‬مجكاري‬ ‫تصفيف وإخراج‬
‫‪Centre Imprimerier, Ait Melloul :‬‬ ‫المطبعة‬
‫‪ :‬األولى ‪2016‬‬ ‫الطبعة‬
‫‪MO4207/2016 :‬‬ ‫رقم اإليداع القانوني‬
‫‪8-653-38-9954-978 :‬‬ ‫ردمك‬
‫‪www.festivalissninourgh.com :‬‬ ‫© الحقوق محفوظة لـ‬
‫‪Festivalissninourgh@gmail.com‬‬
‫إهداء‬
‫إلى كل من يحمل هم اإلبداع ‪..‬‬
‫ويسعى إلى فن مغربي أصيل ‪..‬‬
‫((الَ يُوجد أي عمل فنـي يستطيع أن يعفي نفسه من‬
‫أن يكون شاهدا للمجتمع الذي ينتجه وشاهدا عليه‬
‫))‬ ‫في ذات الوقت‬

‫((إن أردتم معرفة وضع الحريات وحقوق اإلنسان‬


‫والديموقراطية في مجتمع معين‪ ،‬يكفي النظر إلى‬
‫العالقة بين المسؤولين والفن والفنانين‪ ،‬وإن أردتم‬
‫اكتشاف خلل وسبب الشر‪ ،‬إبحثوا عن أولئك الذين‬
‫يشجعون الرداءة‬
‫))‬

‫المهدي المنجرة‬

‫(( الفن إبداع ومسؤولية‪ ،‬وكل فنان ال يقدس اإلبداع‬


‫وال يحترم مسؤولياته‪ ،‬فهو يمارس شيئا آخر بمعزل‬
‫))‬ ‫عن الفن‬
‫الفنان‪ :‬عبد اللطيف عاطيف‬
‫‪Y‬‬
‫كثري من املراجع اليت تناولت "السيامن املغربية" بيشء من التفصيل‪ ،‬مل‬
‫ت َْط ُرق مضن مباحهثا موضو َع "السيامن ا ألمازيغية" كإحدى مكوانت الفن ببالدان‪،‬‬
‫خاصة تكل اليت أأولت عناية ابملنتوج املغريب الناطق ابللهجة احمللية رمغ قلهتا‪،‬‬
‫كام ال نرى اهامتما ملحوظا من طرف الناقد املغريب عىل الصعيد الوطين‬
‫ابالإنتاجات ا ألمازيغية‪ ،‬سواء عىل مس توى التأأليف؛ أأو عىل مس توى املقاالت‬
‫الصحفية ابجملالت واجلرائد‪ ،‬وهذه ظاهرة غريبة لها أأس باب متعددة جتعلنا نطرح‬‫ِّ‬
‫الس ْؤلِّ وجود مربرات مقنعة لها متكن من معلية‬ ‫أأكرث من تساؤل‪ ،‬وغاية ُّ‬
‫التشخيص‪ ،‬والبحث يف مالبساهتا داخل أأو خارج مدارها ا ألمازيغي‪.‬‬
‫واحلديث عن مهوم السيامن ا ألمازيغية َ ُتفه خماطر كثرية‪ ،‬من الصعب‬
‫ت َ ْس ِّيي ُجها‪ ،‬مثهل مثل تناول أأطراف احلديث حول السيامن املغربية بشلك عام‪،‬‬
‫(( ألن احلديث عن السيامن ابملغرب‪ ،‬حديث عن جمالِّ ِِّصاعٍ تتجاذبه العديد من‬
‫القوى والتفاصيل‪ ،‬وتتقاطعه مصاحل الكثري من املتدخلني (دوةل‪ ،‬خواص‪ ،‬ممولون‬
‫للك رهاانته))(‪ ،)1‬مما يزيد من اإكراهات الباحث‪ ،‬ويقلص جحم‬ ‫خارجيون ‪ ،)...‬اإذ ٍ‬
‫مساحة اش تغاهل‪ ،‬خاصة اإذا كنت الغاية دراسة نقدية حمضة‪ ،‬أأو حماوةل البحث عن‬
‫أأس ئةل راهنية‪ ،‬أأو الكشف عن بعض املس تور مما يعرتي اجلهاز الفين من ادلاخل‪.‬‬
‫وغياب الفعل النقدي املواكب للمسرية الفنية من انحية سامه بشلك كبري‬
‫يف معلية الرتاجع‪ ،‬وخلخةل الرؤية الثابتة للهوية السيامنئية ا ألمازيغية‪ ،‬كام أأدى اإىل‬
‫تسطيح الصور الفنية بذهنية املشاهد ا ألمازيغي‪ ،‬فنا‪ ،‬ولغة‪ ،‬وثقافة‪ ،‬وترااث‪،‬‬
‫وهوية‪ ،‬و أأ َّطر وعي وممارس َة الطامق الفين تأأطريا شاذا‪.‬‬
‫(‪" - )1‬السيامن املغربية‪ ،‬رهاانت احلداثة ووعي اذلات"‪ ،‬محمد اشويكة‪ ،‬ص‪.5:‬‬
‫ورمغ احتواء املنتوج السيامنيئ ا ألمازيغي عىل مساحة واسعة من رقعة‬
‫اهن أأصبح مقلقا للغاية‪ ،‬مقارنة مع متتبعي ا ألنشطة‬ ‫املتتبعني‪ ،‬فاإن وضعه الر َ‬
‫ا ألمازيغية ا ألخرى‪ ،‬و أأكد يف أأكرث من مناس بة عدم قدرته عىل املواكبة والاس مترار‬
‫ألس باب جعلْنا بعضَ ها موضوع مباحث هذا ال ُكتيب اذلي نضعه بني يدي القارئ‬
‫الكرمي‪ ،‬واذلي توخينا منه كرس جدار امجلود اذلي أأصاب ميدان الكتاابت‬
‫السيامنئية‪ ،‬ال ألنه كذكل‪ ،‬بل ألنه اختذ من صفحاته املتواضعة دعوة املصاحلة مع‬
‫وحسبُنا أأننا جارينا املثل القائل‪:‬‬
‫الباحثني والنقاد للعودة اإىل حضرية املتابعة‪ْ ،‬‬
‫"رضب ابلطوب خري من الهروب"‪.‬‬ ‫ْ‬
‫واحلُمك العام اذلي أأسقطناه عىل "السيامن ا ألمازيغية" ال يفيد االإسقاط‬
‫املطلق‪ ،‬وال يعين أأهنا ِّخلْو من لك ما هو فن‪ ،‬كام ال يشمل املش تغلني يف احلقل‬
‫مجةل وتفصيال‪ ،‬بقدر ما يس تثين الغيورين عىل فهنم‪ ،‬واملنشغلني هبمومه‪.‬‬
‫أأما مصطلح "السيامن ا ألمازيغية" فقد أأسقطناه بعمومه عىل اللك واجلزء‬
‫دون اس تثناء‪ ،‬وذكل الحتوائه الفن الامازيغي املنمتي اإليه‪ ،‬ومل منزي بني ما هو‬
‫اصط ِّلح‬
‫سيامنيئ ابملفهوم التقين‪ ،‬أأو ما هو تلفزي‪ ،‬أأو ما هو دوهنام‪ ،‬كلأعامل اليت ُ‬
‫عىل تسميهتا ب"" أأفالم الڤيديو" أأو " أأفالم الڤي يس دي"‪ ،‬إوان كنا نرى ذلكل‬
‫مس توى أخر ال يرىق ملفهوم "الفيمل"‪ ،‬ب َ ْ َهل أأن ينمتي اإىل السيامن‪.‬‬
‫وحنن اإذ نقدم هذه الرؤية البس يطة للقارئ السيامنيئ‪ ،‬فاإننا جنزل الشكر‬
‫مجلعية "اإس ين ن ورغ" يف خشص رئيسها ا ألخ رش يد بوقس مي‪ ،‬عىل ما قدمه من‬
‫دمع معنوي‪ ،‬وتويل عناء الطبع اذلي أأصبح مضنيا يف عامل املتابعات االإلكرتونية‪،‬‬
‫وللزميل عبد الرحمي الصاحلي عىل مواكبته ملراحل االإجناز ‪...‬‬
‫راجني تقيق املبتغى ‪ ..‬وهللا من وراء القصد‪.‬‬
‫السينما األمازيغية ‪..‬‬
‫وإشكالية المصطلح‬
‫بعض اجلدل حول اإشاكلية نس بة‬ ‫مصطلح "السيامن ا ألمازيغية" َ‬
‫ُ‬ ‫لقد أأاثر‬
‫الصفة للموصوف بشلك مبارش‪ ،‬وجاء يف س ياق احلديث عن ثقافة وطنية‬
‫متعددة املشارب‪ ،‬وهذا ال غبار عليه‪ ،‬خاصة اإذا دخل يف اإطار الوحدة الشامةل‬
‫ل ألمة‪ ،‬ويسامه يف معلية التكتل اليت من شأأهنا اإيقاف نزيف العنرصية والترشذم‪.‬‬
‫((السيامن يه املعادةل ا إالشاكلية الكربى بني الفن والصناعة)) (‪ ،)1‬يه االإبداع‬
‫بلك توسعاته‪ ،‬وال تمتل ا ألماكن الضيقة‪ ،‬ومصطلح "السيامن" نفسه مصطلح‬
‫عاملي‪ ،‬حافظ عىل صيغته ا ألصلية دون أأي تأأثري لغوي أأو عريق‪ ،‬ألن "السيامن"‬
‫جتاوزت لك املفاهمي‪ ،‬وو َّحدت لقهبا اذلي يُنطق بلك لغات الكون‪ ،‬وا ألمازيغية‬
‫اإحداها‪ ،‬وال تعرتف ابحلدود ا إالقلميية الضيقة‪(( ،‬اإال أأهنا تقر بفضل ُم َروهجا‬
‫وتس تأأثر به‪ ،‬فتحمل يف حناايها ذكل العرفان عىل شلك عصبية إاقلميية))(‪.)2‬‬
‫ليس مثة ما يدعو اإىل العصبية حيامن ندعو اإىل فن نوعي نريده أأن ينطق‬
‫بلغة سيامنئية موحدة‪ ،‬ونكره أأن ينحرص يف دالالت معينة جتعهل حمليا حلد‬
‫ا إالرساف‪ ،‬ذلا مفصطلح "السيامن ا ألمازيغية" يبدو أأكرث مشولية من حيث املبى‬
‫واملعى‪ ،‬وفيه اعرتاف مضين ب ِّكيان ال ينفصل عن ا ألرض والثقافة والوطن‪ ،‬وما‬
‫يراه الناقد "اإبراهمي أأيت حو" من (( أأن الالكم جيب أأن يكون حول سيامن مغربية‬
‫انطقة اب ألمازيغية اإىل جانب ا ألخرى الناطقة ابلعربية))(‪ )3‬فيه جمازفة ابملعاين‬
‫واخللفيات اليت س بق و أأن قال عهنا يف املوضوع ذاته‪(( :‬وبغض النظر عام يثريه‬
‫هذا التقابل (بني السيامن ا ألمازيغية والسيامن العربية) من خلفيات وتوابع اإيديولوجية‬
‫وس ياس ية وثقافية خطرية ‪ ...‬فاإنه تقابل يبدو ابطال علميا وواقعيا‪ ،‬ابعتبار أأن‬
‫احلديث ع"ن سيامن عربية مثال يقتيض عربية ا ألطر والفعاليات ‪ ...‬املنجزة لها ‪..‬‬
‫(‪" - )1‬موسوعة اترخي السيامن ‪ ،"Oxford History Of World Cinema‬جيوفري مسيث‪.15/1 ،‬‬
‫(‪" - )2‬اترخي السيامن يف العامل"‪ ،‬جورج سادول‪ ،‬مقدمة املرتمج‪ ،‬ص‪.7:‬‬
‫(‪" - )3‬السيامن املغربية‪ ،‬الواقع و‪ ...‬الفاق"‪ ،‬اإبراهمي ايت حو‪ ،‬ص‪.97:‬‬
‫وعربية مصادر االإنتاج))(‪.)1‬‬
‫وحىت ال نبتعد كثريا عن صلب القضية‪ ،‬فاإن ما ندعيه من خلفيات انش ئة‬
‫عن العالقة بني بعض املسميات يف هذا االإطار‪ ،‬جنده واقعا ملموسا ‪ -‬بعد‬
‫الرتيث واالإمعان ‪ -‬يف ذات املسميات البديةل‪ ،‬وال نس تطيع أأن نمتثل الفروق‬
‫االإيديولوجية اخلطرية املوجودة بني "سيامن أأمازيغية" وبني "سيامن مغربية انطقة‬
‫اب ألمازيغية"‪ ،‬سوى أأن ا ألوىل تيل عىل ِّكيان متعدد الروافد‪ ،‬هل خصوصيات‬
‫تراثية وثقافية متزيه عن غريه‪ ،‬والثانية ترصه يف املنطوق اللغوي امل ُ ْحنق‪ ،‬والكهام‬
‫هل ارتباط ابملفهوم الشامل للوطن‪ ،‬ويبقى الانتساب التقين (ا ألطر والفعاليات‬
‫ومصادر االإنتاج ‪ )..‬حيمل الكثري من التفاعالت اليت تثري حساس ية توهجات‬
‫موازية‪ ،‬فهوية أأي معل فين من الصعب ضبطها هبوايت تقنية‪ ،‬إواال مفن املستبعد‬
‫التخلص بشلك هنايئ من االإيديولوجية‪ ،‬أأو الانسالخ من توابعها‪ ،‬ولكام تتبعنا‬
‫املنطوق اللغوي مبفهومه احمليل‪ ،‬فاإننا نُقحم اجملال السيامنيئ الفس يح يف دائرة‬
‫احلساابت اللغوية اليت جند بعض النشطاء ا ألمازيغيني أأنفسهم خيزتلون فهيا القضية‬
‫ا ألمازيغية برمهتا‪ ،‬ويرصفون النظر عن القضااي الكربى‪.‬‬
‫ويف هذا الصدد س تدعوان ابيق ا ألصناف ا ألمازيغية ا ألخرى اإىل مزيد من‬
‫التأأمل‪ ،‬ك""ا ألدب ا ألمازيغي" اذلي أأصبح ينافس غرميه العريب‪ ،‬وما مسعنا مبن‬
‫سامه "ا ألدب املغريب الناطق اب ألمازيغية"‪ ،‬وكذا "الشعر ا ألمازيغي"‪ ،‬و"الغناء‬
‫ا ألمازيغي"‪ ،‬و"املرسح ا ألمازيغي" و"الرتاث ا ألمازيغي"‪ ،‬واللغة ا ألمازيغية" اليت‬
‫بدورها ال تمتل أأن تكون "اللغة املغربية الناطقة اب ألمازيغية" مع أأهنا جزء من‬
‫مغربية هذا الوطن اذلي ال يقبل التجزئة أأبدا‪ ،‬و"الثقافة ا ألمازيغية" اليت ليست‬
‫اإال ثقافة مغربية أأصيةل‪ ،‬ومع ذكل مل ن ُ َسمها "الثقافة املغربية الناطقة اب ألمازيغية"‪،‬‬
‫(‪ - )1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.97:‬‬
‫وقس عىل ذكل بقية املصطلحات واملسميات اليت تضفي صيغ اجلزء عىل اللك‪،‬‬
‫كأن نقول مثال "حبر أألكو" أأو "حبر ماسة" وحنن ال نعين اإال حبرا واحدا وهو‬
‫احمليط ا ألطليس أأو حبر الظلامت‪.‬‬
‫اإننا ال نريد أأن ننكر الفضل ذلوي الفضل حىت نتيه يف مثل هذه اجلزئيات‬
‫اليت ال تعين الفن وال االإبداع يف يشء‪ ،‬مفهام كن الامس أأو اللقب فاملغزى هو‬
‫ا ألمه‪ ،‬واذلين أأنعموا عىل االإنسانية اببتاكر فن سابع مل ينكروا فضل بقية الفنون‬
‫الس تة‪ ،‬وما السيامن اإال تكل الفنون الس تة‪ ،‬بل اعرتفوا لها اب ألس بقية‪ ،‬واس تفادوا‬
‫مهنا‪ ،‬وحاولوا احتضاهنا يف فن شامل ومتاكمل‪ ،‬ذلا وجب علينا تطوير مداركنا‪،‬‬
‫والانشغال مبضمون الفن ال بقشوره‪ ،‬و أأن ال نُضَ يق عىل أأنفس نا ما َو َّس َعه غريان‪،‬‬
‫ف"((الفنان‪ ،‬سواء كن انطقا اب ألمازيغية أأو ابدلارجة‪ ،‬عليه أأن تتوفر فيه بعض‬
‫الرشوط الرضورية‪ ،‬أأن يكون انجضا‪ ،‬و أأن يكون ذا مس توى ثقايف جيد‪ ،‬و أأن‬
‫يكون راقيا يف تعامهل و أأعامهل‪ .‬جيب أأن نتحاور مع أأنفس نا‪ ،‬و أأال نسجهنا داخل‬
‫قوقعة ا ألمازيغية))(‪ ،)1‬وهذا بطبيعة احلال ال يويح ابلتسيب اللغوي دلرجة‬
‫السفور‪ ،‬بقدر ما مينح الفنان صفة املثقف املمتكن من أأدواته‪ ،‬وابلتايل مينحه‬
‫القدرة عىل التكيف مع ا ألمناط الفنية املوازية يف ظل احرتام اتم للك لغة عىل‬
‫حدة‪ ،‬دون االإسفاف اذلي طال لغتنا املوزعة بني اللغات واللهجات‪.‬‬

‫(‪ - )1‬حوار حصفي مع الفنان "عبد الطيف عاطيف" بتارخي ‪ 19‬يونيو ‪ ،2016‬حاوره الصحفي مميون أأم العيد‪.‬‬
‫السينما ‪..‬‬
‫اللغة والهوية‬
‫بغض النظر عن اللغة الناطقة سيامنئيا (بالغة الصورة ‪ -‬حسر التشكيل ‪-‬‬
‫براعة ا ألداء ‪ -‬فنية االإضاءة وادليكور واالإكسسوار ‪ ،)...‬وبغض النظر عن كوهنا‬
‫حقيقة ملموسة أأو جمرد مغاالة التنظرييني‪ ،‬فاإننا س نجر احلديث غصبا لنحوم‬
‫حول اللغة احملكية يف االإنتاجات السيامنئية ا ألمازيغية‪ .‬وحنن اإذا اس تثنينا بعضها‬
‫مما يس تحق التنويه والتشجيع‪ ،‬فاإن ا ألغلبية الساحقة مهنا يس تدعي التوقف ملا‬
‫لها من أاثر سلبية‪ ،‬وال تُعرب عن ِّكيان مشرتك‪ ،‬أأو هوية لها خصوصياهتا‪.‬‬
‫وال ناكد نتفق مع ا ألس تاذ "حلسن ملواين" حني جعل الفيمل ا ألمازيغي ((وعاء‬
‫فنيا من خالهل تتبدَّ ى لنا اللغة ا ألمازيغية يف نقاهئا ‪ ..‬و أأن السيناريوهات واحلوارات‬
‫اليت تعرتي احلديث التواصيل بني املمثلني تقَدَّم بدرجة من الفنية والريق))(‪،)1‬‬
‫وهذا ر أأي ‪ -‬رمغ ما نُ ِّكن هل من تقدير واحرتام ‪ -‬نراه حيمل من التعممي ما يفرض‬
‫علينا استنطاق عرشات هذه ا ألفالم لتأأكيده(‪ ،)2‬خاصة و أأن جمرد اس تقرا ٍء أأويل‬
‫للمنطوق اللغوي يف أأعاملنا ال حييلنا عىل ضبط حممك يوصلنا اإىل ضفة الصفاء‬
‫والنقاء‪ ،‬فاللغة املس تعمةل بطابعها السويس(‪ )3‬مبختلف تالويهنا أأقرب ما تكون اإىل‬
‫معربة‪ ،‬ومصطلحات غريبة ال‬ ‫الرطانة مهنا اإىل اللغة‪ ،‬وذكل ملا يتخللها من صيغ َّ‬
‫ملبتذةل‪ ،‬والاس تعامالت‬‫تتحملها اللغة ا ألصيةل‪ ،‬انهيك عن اللكامت الأجنبية ا َ‬
‫الفضفاضة املعربة عن ثقافة ا ألغيار‪ ،‬لغة قد ترضب صفحا بتضحيات املد‬
‫تدمعها يف يشء سوى لملها اللقب اذلي‬ ‫ا ألمازيغي قبل وبعد دس تور ‪ ،2011‬وال َ‬
‫ال يعنهيا بتاات‪ ،‬هذا اإذا علمنا (( أأن املطلب اللغوي (دلى احلركة ا ألمازيغية) يطغى‬
‫بشلك الفت عىل املطالب ا ألخرى ‪ ..‬ألنه العنرص الوحيد من العناِص املكونة‬
‫للهوية اذلي تَ َبقَّى ل ألمازيغيني من هويهت"""""م ا ألمازيغية))(‪ ،)4‬ما دامت ترى اللغة‬
‫(‪" - )1‬أأفالم أأمازيغية ‪ ..‬مالحظات وقراءة أأولية"‪ ،‬حلسن ملواين‪ ،‬ص‪.35:‬‬
‫(‪ - )2‬ينظر "حدود االإبداعية يف احمليك الفيلمي الأمازيغي" مضن "الفيمل ا ألمازيغي أ ئلته ورهاانته" ص‪.27-19:‬‬
‫أس‬
‫(‪ - )3‬ابعتبارها الأكرث وفرة وإانتاجا‪.‬‬
‫(‪" - )4‬يف الهوية الأمازيغية للمغرب"‪ ،‬محمد بودهان‪ ،‬ص‪.16:‬‬
‫جمر َد أأداة للتواصل‪ ،‬وليس ِّكياان حيا ال يضمن لنفسه العيش اإال بأأههل‪ ،‬ا ألمر‬
‫اذلي جعلها حبيسة نفسها‪ ،‬و َح َّجم مس توى خطاهبا‪ ،‬و َم ْوقَ َعها يف فضاء حمدود مل‬
‫يتجاوز الناطقني هبا‪.‬‬
‫واملضحك أأن بعض الفنانني احملسوبني عىل الهوية ا ألمازيغية ال حيس نون‬
‫لغهتم‪ ،‬وال يشغلون ابهلم هبا‪ ،‬وكأهنم جمرد قنطرة ُوجدت لت ْعرب علهيا‬
‫"سيناريوهات" املنتجني‪.‬‬
‫وقد خيطئ الكثري ممن يعتقدون حبيادية اللغة يف اجملال السيامنيئ‪ ،‬و أأ ْن ال‬
‫دور لها سوى نقل مضامني املادة املعروضة‪ ،‬وهذا طرح ال َخيفى ما يف جعبته‬
‫من تأأثريات َسلبية خطرية‪ ،‬خاصة بني أأحضان اللغة ا ألمازيغية اليت ُحنرت عىل‬
‫ادلخيل من اللغات‪ ،‬وقد كشفت بعض‬ ‫عتبات الفن فتفرق دهما بني اللهجات‪ ،‬و ِّ‬
‫املهرجاانت وشاشات صغرية عن أأعامل أأمازيغية "طويةل" طغى فهيا الطابع الغريب‬
‫عىل العريب‪ ،‬والعريب عىل ا ألمازيغي‪ ،‬حىت ال تاكد متزي انامتءها احلقيقي‪ ،‬وموطهنَ ا‬
‫ا ألصيل‪ ،‬أأو المتيزي فهيا بني ا ألعامل ادلارجية املفرنسة‪ ،‬وا ألعامل ا ألمازيغية اجلامعة‬
‫بني التفرنس والتعرب‪ ،‬و أأخرى "قصرية" بال أأب رشعي‪ ،‬وال لغة‪ ،‬وال هوية‪،‬‬
‫وال انامتء واحض حىت يف "اجلييريك"‪ ،‬جلُّها ميكن اإدراجه يف أأي خانة ما عدا اخلانة‬
‫ا ألمازيغية‪.‬‬
‫ومعظم هذه ا ألفالم يف نسخهتا الش بابية أأحضت وبشلك غريب غري مقتنعة‬
‫ابلطابع ا ألمازيغي اذلي ميزيه لونه اخلاص‪ ،‬أأفالم تُقدَّ م عىل أأهنا أأمازيغية‪ ،‬ومع ذكل‬
‫ال جتد فهيا ما ميت اإىل الهوية بصةل‪ ،‬ال من حيث ادليكور ‪ ..‬وال الاكسيسوارات‬
‫‪ ..‬وال املالبس ‪ ..‬وال الفضاءات ‪ ..‬وال املوس يقى ‪ ،..‬هذه ا ألخرية اليت اجتهت‬
‫اجتاها غربيا حمضا يف ا ألفالم ا ألمازيغية القصرية‪ ،‬ملا لها من وفرة جاهزة‪ ،‬وجمانية‬
‫تليب طموحات الش باب الصاعد يف ظل غياب البديل ا ألمازيغي‪.‬‬
‫من املعضالت اخلطرية اليت س تعصف ابجملال السيامنيئ انعدا ُم الثقة يف‬
‫املوروث احمليل‪ ،‬وعد ُم وجود بدائل حقيقية‪ ،‬ومواد اإبداعية جاهزة ويف املتناول‪،‬‬
‫كملوس يقى التصويرية ذات الهوية ا ألمازيغية اليت مل تس تطع حلد الن سد الفراغ‬
‫القاتل‪ ،‬املوجود يف الساحة الفنية‪ ،‬ذلكل ال ضري يف أأن يس تعني ش بابنا مبوجة‬
‫التغريب اليت كشفت عن ساق مجودان‪ ،‬وجع ِّزان عن اإبراز معامل ثقافتنا ولغتنا‬
‫وهويتنا وتراثنا‪ ،‬إوان كن هناك من املهمتني من يرى الاختيارات املوس يقية العاملية‬
‫((كفيةل ابملسامهة يف جتديد املادة الفنية الفيلمية ا ألمازيغية اليت ‪ -‬حسب ر أأيه ‪-‬‬
‫تعاين من الراتبة والتكرار))(‪.)1‬‬
‫اإن الاس تالب الثقايف‪ ،‬والبعد عن مكوانت ادلين والوطن واللغة‪ ،‬جعل‬
‫منا أأراجوزات تايك وال تبدع‪ ،‬تُ َفرخ أأعطااب وال تكرتث ابلفن‪ ،‬تكرس ادلونية‪،‬‬
‫وال تنظر اإىل عنان السامء‪ ،‬متجد ا ألقوى وال تصنع ا ألبقى‪ ،‬تفضل اجلاهز ا َ‬
‫ملبتذل‬
‫عىل السهل املمتنع‪ ،‬وال تدعو اإىل اس تغالل مساحات العقل اذلي أأحضى تت‬
‫تأأثري املنطق احلايل لهذه العينة من ا ألعامل ال يراتح كثريا لتكل اليت ُختفي معانهيا‬
‫ودالالهتا الفلسفية خلف الصور والـ َمشاهد‪ ،‬مما يزيد الطني بِّةل‪ ،‬ويكشف عن‬
‫الوجه احلقيقي للوهجة املتفامقة‪ ،‬ويدعو من هجة أأخرى اإىل مزيد من احلذر‪ ،‬إواعادة‬
‫النظر حىت ال نقع حضية خلط ا ألوراق‪.‬‬

‫(‪" – )1‬أأفالم أأمازيغية‪ ،‬مالحظات وقراءة أأولية‪ ،:‬ص‪.70:‬‬


‫السينما ‪..‬‬
‫والبــــاديــة‬
‫اجتهت جل ا ألفالم ا ألمازيغية منذ بدايهتا حنو البادية‪ ،‬لتعدد مواردها‬
‫الطبيعية والثقافية‪ ،‬وحاولت اس تقراء املعامل الرتاثية اليت تمتزي هبا‪ ،‬وال توجد يف‬
‫غريها‪ ،‬وقد س بق لتارخي البوادي املغربية أأن شغل حزيا هاما من اهامتمات‬
‫الباحثني مبختلف طبقاهتم‪ ،‬وخباصة املسترشقني السوس يولوجيني مهنم‪ ،‬حيث‬
‫تناولوا موضوعاهتم من خمتلف الزوااي‪ ،‬فقاموا ابستنطاق مكوانت البادية‪،‬‬
‫و أأضافوا ‪ -‬اإىل جانب ابحثني حمليني ‪ -‬سامت اجامتعية قمية للموروث القروي‪،‬‬
‫فشلكوا النواة احلقيقية لتنوع طبيعي انطق بلسان احلال‪.‬‬
‫وهذا التنوع الطبيعي أأدى اإىل خلق روابط لمميية مع السيامن ا ألمازيغية‬
‫بشلك الفت لالنتباه‪ ،‬عكس السيامن املغربية ا َّ‬
‫ملدمعة اليت مل تس تفد منه كثريا(‪،)1‬‬
‫فظلت وفية هل لغناه‪ ،‬حىت أأخذ من املونوغرافيا ا ألمازيغية نس بة كبرية من‬
‫مساحهتا‪ ،‬وكد أأن يعم جسدها لوال بعض احملاوالت اليت جعلت املدينة مرسحا‬
‫ألحداهثا‪(( ،‬حيث ظل أأغلهبا وفيا ملعطيات البيئة احمللية ا ألصيةل ‪ ..‬اإذ حرضت‬
‫ادلواوير وا ألسواق ا ألس بوعية والوداين ‪ ..‬مكناظر خارجية و"ديكورات" طبيعية‬
‫رائعة أأمدت هذه ا ألعامل بقدر كبري من الواقعية وا ألصاةل)) (‪.)2‬‬
‫كنت السيامن جتد ضالهتا اإىل مس هتل ا أللفية الثالثة يف البوادي‪ ،‬وهناك تصل‬
‫احلارض ابملايض‪ ،‬ومتنح املشاهد ا ألمازيغي فرصة النبش يف اذلاكرة‪ ،‬واستنطاق‬
‫ثقافة الهامش مبختلف مكوانهتا‪ ،‬دون أأن تلكف نفسها عناء الصنع والتحديث(‪،)3‬‬
‫ألن خصوبة املادة الطبيعية املتوفرة تشلك لوحات فنية أأصيةل‪ ،‬يه يف غى عن‬
‫تداركها ابلتوضيب أأو الرتممي‪ ،‬مما مكن الرصح السيامنيئ من أأرشفة جزء ال بأأس‬
‫به من الرتاث املادي والالمادي للبوادي ا ألمازيغية‪ ،‬وكشفت عن أأوجه التنوع‬
‫(‪" - )1‬السيامن املغربية‪ ،‬رهاانت احلداثة ووعي اذلات" محمد اشويكة‪ ،‬ص‪.157:‬‬
‫(‪" - )2‬السيامن املغربية‪ ،‬الواقع والفاق"‪ ،‬اإبراهمي أأيت رحو‪ ،‬ص‪.99:‬‬
‫(‪ - )3‬نقصد بذكل تأأثيث ادليكورات اخلارجية‪ ،‬وبعض ادليكورات ادلاخلية املناس بة للحقبة‪.‬‬
‫اذلي تنضوي عليه‪ ،‬كام قامت بتتبع أأدق تفاصيل احلياة البدوية‪ ،‬وعربت عن‬
‫تقاس مي المنط ا ألمازيغي من حيث الشلك‪ ،‬وتناولت السلوكيات املعيش ية‪،‬‬
‫وعادات وتقاليد القبائل‪ ،‬والعالقات االإنسانية والتواصلية فامي بيهنا‪ ،‬وعالقاهتا‬
‫ابدلين والسلطة واجملمتع‪ ،‬ومدى ارتباط االإنسان ا ألمازيغي بثقافته ودينه‪ ،‬ومدى‬
‫قدرته عىل التعايش مع رشاحئ جممتعية خيتلف معها اجامتعيا و َعقَ ِّداي‪ ،‬ورصدت‬
‫التحوالت اليت عرفهتا البادية‪ ،‬والنتاجئ املرتتبة عهنا‪ ،‬ووثقت ما أأمكن لها من أاثر‬
‫اترخيية‪ ،‬ومجموعات سكنية قدمية تولت يف العقد ا ألخري اإىل بقااي أأطالل‪ ،‬أأو‬
‫مجموعات حديثة التكوين‪ ،‬كام كشفت ‪ -‬بغري قصد يف الغالب ‪ -‬عن سوءات‬
‫املسؤولني عن الرتاث املادي ابلبوادي‪ ،‬ومدى تبنهيم بشلك صارخ للعمليات‬
‫االإجرامية يف حق هذا الرتاث اذلي عرفته البوادي ببالدان‪.‬‬
‫وهذا ال يعين أأن اللجوء اإىل البادية واس تغالل فضاءاهتا مت ِّب ِّنية حس نة‪،‬‬
‫ووعي اتم بأأمهية الرتاث ا ألمازيغي وب َواديه‪ ،‬إوامنا جاءت معلية الاحتضان نتيجة‬
‫تغليب اجلانب املادي عىل ما هو ترايث أأو فين أأو ثقايف أأو هواييت‪ ،‬الرابعي‬
‫اذلي ال نظن أأن السيامن ا ألمازيغية اش تغلت عليه‪ ،‬أأو رمسته مضن خمطهتا‬
‫االإمنايئ(‪ ،)1‬ذلكل ال حرج أأن تقدَّم ((البادية ا ألمازيغية يف صور كرياكتورية ال‬
‫عالقة لها ابلواقعية(‪ ،)2‬و أأكرث من ذكل يكون اختيار فضاءات تكل البادية‬
‫للتصوير‪ ،‬جمرد حيل فنية‪ ،‬لالش تغال َوفْق رشوط غري ملكفة ماداي‪( ،‬ابس تثناء‬
‫أأفالم قليةل جدا اس تحقت الاحرتام) ))(‪ ،)3‬ففي البادية جيد املنتج موردا صافيا‬
‫من موارد ادلمع امجلاعي‪ ،‬يقرتب أأو يفوق أأحياان مزيانية املنتوج‪ ،‬ويدخل يف‬
‫س ياسة ادلمع غري املبارش‪ ،‬يسامه فيه أأهايل "ادلوار" حس"""""ب طاقة لك فرد‪،‬‬
‫(‪ - )1‬نس تثين هنا قةل قليةل من الفنانني دون املنتجني‪.‬‬
‫(‪ - )2‬قد ال نتفق مع الاكتب يف عدم واقعية الأمناط املتناوةل يف السيامن الأمازيغية‪ ،‬وإان كن بعضها يويح بذكل‪.‬‬
‫(‪" – )3‬الفيمل الأمازيغي‪ ،‬أأس ئةل ورهاانته"‪ ،‬ص‪.40:‬‬
‫ويفتح ‪ -‬من زاوية ‪ -‬أفاق التوغل يف البوادي والقرى‪.‬‬
‫ومن جانب أخر أأصبح البد للتدوين السيامنيئ من تطويق العملية حىت تُبى‬
‫بشلك مشويل يدخل يف اإطار تشكيل وحدة شامةل للتارخي‪ ،‬كام دعت ذلكل‬
‫مدرسة احلوليات‪ ،‬مبعى أأن ال تقترص هممة الفن عىل جانب معني من التارخي‬
‫عىل حساب جوانب أأخرى‪ ،‬وخباصة تكل اليت مل تض ابلتفاتة املؤرخني‪ ،‬و أأن‬
‫تنال حظها من التوثيق املفصل اذلي ال يعمتد عىل االإجياز اذلي يقحمها يف خانة‬
‫"الزمن الوجزي" كام سامه املؤرخ الفرنيس "فرانند برودل" اذلي دافع عن فكرة‬
‫"الزمن الطويل"‪ ،‬يف اإحاةل املؤرخ عىل تبين فكرة التعامل مع احلدث بطريقة‬
‫توثيقية تليلية‪ ،‬ال اعامتدا عىل الرسد احلكوايت اذلي يس تعرض ا ألحداث دون‬
‫وقفات تأأملية‪ ،‬ولعل هذا ادلور منوط أأيضا ابلسيامنيئ‪ ،‬ابإيالئه للامدة موضوع‬
‫البحث عناية كبرية‪ ،‬وتناولها بن َفس معيق مينحها القدرة عىل النطق للتعبري عن‬
‫نفسها من خالل الصورة املعربة‪ ،‬دون اإغفال اجلانب التشويقي اذلي غالبا ما جند‬
‫بعض النقاد يتجاوزونه أأثناء تناوهلم لبعض ا ألعامل املتصةل ابلرتاث‪.‬‬
‫ومع ذكل فال تزال بوادينا تمل يف طياهتا الكثري مما يثري فضول الباحث‪،‬‬
‫ويفتح شهية الفنان‪ ،‬وابلتايل جييب عن تساؤالت اذلين س مئوا اللون البدوي‬
‫للفيمل ا ألمازيغي الغارق يف التقليد والتبعية‪ ،‬وهلم عذرمه يف ذكل‪ ،‬كام للمش تغلني‬
‫يف احلقل الفين عذرمه يف اللجوء اإىل اجملاالت القروية قصد الاش تغال‪ ،‬خاصة‬
‫عندما نس تحرض اجلانب املادي اذلي يؤرق كهل املنتجني‪ ،‬علام أأن معظم‬
‫احملاوالت اليت جتاوزت حدود البادية‪ ،‬وخضعت ملقاييس اللون احلرضي اعرتاها‬
‫ضعف عىل مس توايت عدة‪ ،‬خلفت أأعامال أأقل قمية مما أأنتجته السيامن الرخيصة‬
‫‪ cinema bis‬يف س تينيات القرن العرشين‪ ،‬دون اإغفال بعض اإنتاجات البادية‪.‬‬
‫السينما ‪..‬‬
‫والنـــــــقــد‬
‫ُ‬
‫واحلديث عنه‬ ‫النقد‪ ،‬يعين خلخةل اجلاهز‪ ،‬وزعزع َة الفعل والفاعل‪،‬‬
‫يس توجب اس تحضار معامل املشهد الثقايف معوما‪(( ،‬والواقع أأن النقد السيامنيئ‬
‫ابملغرب قطاع يعاين من نوع من اخللط والفوىض اليت جتعل املفهوم ضبابيا‪ ،‬كام‬
‫هو الشأأن ابلنس بة للميدان الفين عامة))(‪ ،)1‬اإال أأن النقد املوجه للسيامن ا ألمازيغية‬
‫حلسن احلظ ال يعاين خلطا وال فوىض‪ ،‬ألنه غري موجود اب ألساس‪ ،‬فالنقاد اذلين‬
‫كنوا يكتبون فلتات بني احلني والخر يعدون عىل رؤوس أأصابع اليد الواحدة‪،‬‬
‫ومواكبهتم مل تالمس احتياجات الواقع الفين‪ ،‬بل أأحياان يعتربون أأنفسهم غري‬
‫معنيني مبا يصدر من أأعامل فنية‪ ،‬أأو ما توزعه املهرجاانت عىل حصص براجمها‪،‬‬
‫أأو ما تقوم به بعض املؤسسات الرتبوية‪ ،‬وامجلعيات الثقافية من حماوالت اإبداعية‪،‬‬
‫مما ينفي مرشوعية احلديث عن النقد‪ ،‬ويزيك انتفاءه بشلك أأو بأخر‪ ،‬بل وحييل‬
‫وجود بعض أاثره اإىل عدم‪ ،‬لعدم قدرته عىل اإحداث التغيري املنوط به‪ ،‬وانسحابه‬
‫مبكرا من امليدان‪.‬‬
‫وتدد جماهل‬ ‫اإن ميالد النقد السيامنيئ ا ألمازيغي‪ ،‬جاء بعد مرحةل التأأسيس‪َ َ ،‬‬
‫التداويل للمنتوج ا ألمازيعي يف بضع حماوالت واكبت أأعامل العرشية ا ألوىل‪ ،‬مث‬
‫تلهتا أأخرى كن أأغلهبا يفتقد للمهنية اليت تفتقد اإلهيا السيامن موضوع النقد‪ ،‬معظمها‬
‫عبارة عن مقاالت حصفية رسيعة تنمتي للثقافة السيامنئية "املاكدواندلية" كام سامها‬
‫أأحدمه(‪ ،)2‬تعيد قراءة الفيمل من زاوية املوضوع‪ ،‬وتقدم بعض حمتوايته الرسدية‬
‫للقارئ اذلي مل يشاهده(‪ ،)3‬وهتمت بـتأأويلها حسب معتقدات الاكتب وانامتءاته‬
‫الس ياس ية أأو احلزبية(‪ ،)4‬أأو متجيد اخملرج أأو ا ألبطال‪ ،‬تضع مساحيق ابردة عىل‬
‫(‪" - )1‬السيامن املغريب‪ :‬مساكل تطور طري" ادريس القري‪ ،‬جمةل "سينفيليا"‪ ،‬ص‪.25:‬‬
‫(‪" - )2‬السيامن الأمازيغية بني الوعي واجملازفة"‪ ،‬كتاب "اتيري ن يكامين"‪ ،‬عيل الزهمي‪ ،‬ص‪.180 :‬‬
‫(‪ - )3‬لأن من شاهده يف غى عام ُكتب‪.‬‬
‫(‪" - )4‬مدخل اإىل السيامن املغربية‪ ،‬من السيامن الوطنية اإىل السيامن ا ألمازيغية"‪ ،‬مجيل لمدان‪ ،‬ص‪.96:‬‬
‫وجوههم‪ ،‬معمتدة عىل املقارابت الصحفية والتارخيية والتعريفية واحلوارية‪ ،‬بل‬
‫وأل َّفت كتبا جاهزة لهذا الغرض‪ ،‬دون الرتكزي عىل اجلوانب الفنية اليت تتاج اإىل‬
‫دراية واحتاكك ابجملال‪ ،‬هذا دون اإغفال بعض احملاوالت النقدية اليت ال تُنكر‬
‫جمهوداهتا يف سبيل الهنوض ابلقطاع‪ ،‬وكرست أأقالهما من أأجل تقيق أأهدافها‬
‫النبيةل‪ ،‬اإال أأهنا ما فتئت أأن ختلت عن خط املسري لضبابية امليدان اذلي ختللته‬
‫أأجواء غري حصية ال تس تحق ما يراق عىل صفحاهتا من مداد نقدي‪ ،‬اإذ املواكبة‬
‫الفعلية ل إالنتاج السيامنيئ تتطلب ولوج عامل املعايري والقواعد‪ ،‬والبد من وجود‬
‫أأبسط مقومات العمل االإنتايج‪ ،‬اليت من شأأهنا فتح شهية النقد واملتابعة‪ ،‬و اإال‬
‫فتشابه ا ألعامل املطروحة يف ا ألسواق‪ ،‬واملعروضة عىل شاشاتنا حييل عىل تشابه‬
‫املقاالت‪ ،‬اإذ يكفي تدبيج مقال نقدي واحد ليس توعب عرشات ا ألعامل َمت‬
‫اإنتاهجا‪ ،‬وعرشات مل تُنتج بعد(‪ ،)1‬إواذا كن احلديث عن النقد املواكب ل ألعامل‬
‫موهجة‪ ،‬يتطلب ((ابلرضورة تناول كيفية اس تقبال‬ ‫الفنية ابعتباره منظومة فكرية ِّ‬
‫احلقل الثقايف ‪ ..‬للنقد بشلك عام‪ ،‬ومدى تقبل البنية الفكرية للمحامكة والتأأويل))( ‪)2‬‬

‫فاإن ما مت الاش تغال عليه وبه؛ من الصعب ضبطه بضوابط علمية أأو مضريية‪،‬‬
‫فلك َمركب يسري بال ُرابن وِّب ُركب ومهيني مأهل التيه والضياع‪ ،‬وال أأدل عىل‬
‫ذكل من التحوالت السلبية اليت عاشها اجملال الفين من ادلاخل‪ ،‬ويه مجموعة‬
‫من الرتس بات الفكرية الالمسؤوةل‪ ،‬والناجتة عن أأس باب معيقة الغور يف اجلسد‬
‫الفين املبين عىل الوهن‪ ،‬وقد حدثنا الناقد محمد بلوش عن بعضها حني كتب ينتقد‬
‫بعض التجاوزات اليت ال حرص لها يف الساحة الفنية ا ألمازيغية قائال‪(( :‬كتبنا عن‬
‫حاالت كنت ردو ُد املعنيني حولها واهية‪ ،‬بل من أأطرف ما حدث‪ ،‬اإنشاء أأحدمه‬
‫(‪ - )1‬نس تحرض هنا املقاالت النقدية اليت كنت تزنل يف اجلرائد قبل عرض املنتوج موضوع املقال يف فرتة الس بعينيات‬
‫والامثنينيات‪.‬‬
‫(‪ - )2‬محمد نور ادلين افاية ‪ :‬جمةل "دراسات سيامنئية" عدد‪ 6 :‬أأبريل‪،1987‬ص‪.9 :‬‬
‫لعدة حساابت بريد اإليكرتوين ب أأسامء مس تعارة لفتيات افرتاضيات‪ ،‬أأمطرن‬
‫بريدي الالكرتوين برسائل مشلت أأحياان السب والش مت‪ ،‬وذكل أأسلوب مل خيف‬
‫عنا ما يف قلب فاعهل من مرض))(‪.)1‬‬
‫ولنا أأن نتخيل جحم اخلسارة اليت يُمى هبا الرصح السيامنيئ الامازيغي وهو‬
‫جيازف ابإنتاجات مسعية برصية مبعزل عن حركة نقدية ممهنجة تؤطره وتُقَ ِّوم‬
‫اعوجاجه‪ ،‬بعيدا عن النقد الصحفي اجلاهز‪ ،‬والنقد الشفوي اذلي تؤطره املقايه‬
‫وجمالس الزهو‪ ،‬لنا أأن نتخيل ذكل وحنن نستبدل اذلي هو أأدىن ابذلي هو خري‪.‬‬
‫خطأأ ‪ ..‬أأم وهجة نظر ؟‬
‫لك ما ُيكتب أأو يقال يف حق أأي اإجناز كيفام كن نوعه ال خيرج عن اإطار‬
‫وهجة نظر صاحبه‪ ،‬فالروايئ مثال يقدم فكرة مرشوعه عىل أأهنا اإحدى بنات‬
‫أأفاكره وقناعاته‪ ،‬مث يأأيت "السيناريست" ليقدم ر أأيه فهيا من منطلق أخر َو ْفق‬
‫قواعده اخلاصة‪ ،‬وبعدها خيضع املرشوع لوهجة نظر اثلثة من قبل اخملرج‪ ،‬هذا‬
‫ا ألخري اذلي تنهتيي وهجات النظر عىل يديه‪ ،‬فاملشاهد ال يقر أأ العمل ا ألديب كام‬
‫أأراد هل صاحبه أأن يُقر أأ‪ ،‬إوامنا ختضع قراءته للعدسة السيامنئية اليت تضفي عليه‬
‫جامليات فنية متباينة‪ ،‬وهذا اإن دل عىل يشء فاإمنا يدل عىل جسامة املسؤولية‬
‫امللقاة عىل كهل الناقد املمتكن من أأدواته وقواعد همنته‪ ،‬فالناقد اجلدير ابملعاجلة‬
‫هو اذلي يلزتم احلياد ال ِّق َيمي كام سامه "ماكس ڤيرب"‪ ،‬ويكون أأقرب اإىل العمل‬
‫من غريه‪ُ ،‬م َّطلعا عىل دقائقه وخباايه‪ ،‬جمندا لك أأدواته التحليلية والترشحيية‪ ،‬ملام‬
‫اإملاما كفيا بلك جوانب املوضوع‪ ،‬مبا يف ذكل اجلانب التقين جبميع وظائفه‪.‬‬
‫(‪" - )1‬الفيمل الأمازيغي‪ ،‬أأس ئلته ورهاانته"‪ ،‬ص‪.39:‬‬
‫وعليه‪ ،‬فلك ما من أل به جعبة الساحة ا ألمازيغية من أراء شفوية صادرة من‬
‫بعض املتابعني أأو املهمتني أأو املتعاطفني أأو الفنانني ‪ ...‬حول ا ألعامل املنجزة‬
‫ونسميه نقدا ال يُعتد به‪ ،‬وليس اإال من قبيل احلراسة الليلية كام سامها‬
‫"شكس بري"‪ ،‬ويُعد جمرد انطباعات حينية غالبا ما تمكها اخللفيات وظروف‬
‫اللحظة‪ ،‬وحيمل أراء مشحونة بت ِّبعات االإيديولوجيات السوداوية‪ ،‬ال وضوح فهيا‬
‫وال شفافية‪ ،‬وقد يغلب علهيا طابع التناقض اذلي يؤلب الفكرة عىل صاحهبا‬
‫وجيعلها مادة للسخرية والانتقام‪ ،‬وأية ذكل عدم وجود متابعني حقيقيني ل ألعامل‬
‫اليت تنجزها الساحة ا ألمازيغية‪ ،‬تكل املتابعات اجلريئة اليت تس تطيع بقوة الناقد‬
‫احملنك َج َّر املنتوج السيامنيئ من قفاه اإىل ردهات احملامك النقدية‪ ،‬وكشف عوراته‬
‫أأمام امل أل‪ ،‬كتكل اليت حدثنا عهنا "جان جاك روسو" يف "اعرتافاته"‪ ،‬وغريه من‬
‫النقاد اذلين أأزالوا س تار الرذيةل من فوق رؤوس الباابوات والقساوسة رمغ‬
‫تظاهرمه ابالإميان والتقوى‪.‬‬
‫أية ذكل ‪ ..‬أأهنا مل ُت ِّدث تغيريا ملموسا سوى أأهنا ش نَّجت العالقات بني‬
‫أأفراد ا ألرسة الفنية‪ ،‬وجعلت ن َفثاهتا النقدية مصدر الش نأن بيهنم‪ ،‬ومزقت‬
‫وحدهتم‪ ،‬وفتحت أأبواب التاكلب عىل مصارعها‪ ،‬و أأدت يف الهناية اإىل اإيقاف جعةل‬
‫اجلهاز الفين بغري قصد‪.‬‬
‫اإن النقد كئن يح هل روح وعقل ووعي ومضري‪ ،‬والناقد جيمع ش تات هذه‬
‫العناِص‪ ،‬وللتارخي أأن يتحدث عن ماضيه كام يتحدث الن بصوت صارخ عن‬
‫مايض ا ألمة الفنية ا ألمازيغية اليت ظلت لعقدين ونصف من الزمن منشغةل ابلمك‬
‫البذل‪ ،‬صارفة النظر عن النقد اذلي س" ((يسامه‬ ‫دون الكيف‪ ،‬وابمجلع دون ْ‬
‫بشلك قوي وفعال يف جعل هذه السيامن تتحول من اإطار الفرجة الفنية اليت‬
‫تنهتيي ابنهتاء زمن عرضها‪ ،‬اإىل اإطار الثقافة الفاعةل اليت تفتح العقول وتنورها‬
‫وجتعلها حمبة للفن بشلك عام والفن السيامنيئ بشلك خاص‪ ،‬ومس توعبة للجامل‬
‫يف اختالفيته وتنوعه وغناه))(‪ .)1‬هذا فضال عن أأن يوجد بني املش تغلني يف احلقل‬
‫الفين ا ألمازيغي من أأفرزهتم ساحة النقد‪ ،‬وكنوا ِّن َتا َجه حىت يتس ى هلم الاش تغال‬
‫عىل أأرضية واعية حنكهتا التجربة‪ ،‬وقوضهتا املعاجلات القبلية‪.‬‬

‫(‪" - )1‬النقد السيامنيئ وأفاق السيامن املغربية"‪ ،‬نور ادلين حمقق‪ ،‬موقع احلياة‪ ،‬امجلعة ‪ 25‬يونيو ‪.2014‬‬
‫السينما ‪ ..‬واألدب‬
‫لك ِّمن مصطلح "السيامن"‬ ‫ال تعنينا يف هذه العجاةل التعريفات اليت حيملها ٌّ‬
‫و"ا ألدب"‪ ،‬بقدر ما تعنينا اهلموم الناجتة عن القطيعة احلاصةل بيهنام‪ ،‬علام أأن‬
‫نفسه يويح مبعارشة قبلية‪ ،‬اإذ القطيعة ال تكون اإال بني ش يئني‬ ‫مصطلح القطيعة َ‬
‫أأو أأش ياء حصل بيهنا ائتالف ُمس بق‪ ،‬فاالإنتاجات الامازيغية اجتهت منذ‬
‫كون اإىل اذلات يف اإطار ضيق بعيد عن‬ ‫التأأسيس حنو بناء عالقة انطوائية‪ ،‬والر ِّ‬
‫جتارب ا ألغيار‪ ،‬مكتفية مبا عندها مما اكتسبته من حميطها اذلي متت صياغته‬
‫بشلك تلقايئ‪ ،‬طغى فيه اجلانب امحلايس عىل اجلانب االإبداعي‪.‬‬
‫لقد ظلت س يناميان ‪ -‬ل ألسف ‪ -‬ترفع شعار التحدي منذ بداايهتا بعيدا عن‬
‫ا ألدب والفلسفة‪ ،‬واختارت لنفسها نسقا عاداي لمَّلها عبء تراكامت مكية فارغة‬
‫احملتوى‪ ،‬و أأخذت من فنون الداب بعض أأجناسه اليت أأاثرت به انتباه العامة‪،‬‬
‫السجع‪ ،‬ويه ا ألجناس اليت‬ ‫ك ألسطورة‪ ،‬واحلاكية الشعبية‪ ،‬والشعر(‪ ،)1‬و ْ‬
‫لمست املتلقي ووافقت ميوالته يف فرتة التسعينيات الصارمة‪ ،‬و أأخذت منه‬
‫قسطا وافرا من هذا امحلاس‪ ،‬فاكن من أأمره أأن وجد نفسه أأسري توجه اإيديولويج‬
‫فين غري مؤطر‪ ،‬سامه يف تدجينه بوسائل بس يطة للغاية‪ ،‬ومعق بداخهل قابلية‬
‫اجلاهز من ا ألش ياء دون أأن يكون هل ر أأي فهيا سوى اس هتالكها ب ِّعالهتا‪َّ ،‬‬
‫ومرر‬
‫اإليه خطاابت سقمية من خالل الثاليث العصايم اذلي انضل ‪ -‬وال يزال ‪ -‬من‬
‫أأجل اإرساء قواعد الفيمل ا ألمازيغي‪" :‬الطالب‪ ،‬أأمغار‪ ،‬أأغيول" (الفقيه‪ ،‬الش يخ‪،‬‬
‫امحلار)‪ ،‬اإذ اندرا ما جند معال فنيا تنكب عن توظيف هذه العناِص‪ ،‬أأو‬
‫اس تحرضها كتاميت اجامتعية لها دالالهتا ولموالهتا اخملتلفة يف اإطار اإبداعي قابل‬
‫للتأأويل‪ ،‬لك هذا جعل املتلقي حين بعد هذا الزمخ الاس هتاليك اإىل ا ألعامل ا ألوىل‬
‫اليت ال تاكد تفارق خميلته‪ ،‬ال جلودهتا أأو متزيها عن الحقاهتا‪ ،‬إوامنا لكوهنا اللبنات‬
‫(‪ - )1‬من حيث التوظيف ال من حيث الاقتباس‪.‬‬
‫ا ألوىل للرصح السيامنيئ الناطق اب ألمازيغية‪ ،‬عىل أثَر ما قال أأبو متام‪:‬‬
‫مك مزنل يف ا ألرض يأألفه الفىت وحنين""""""""ه أأبدا ألول من""""زل‬
‫((هناك مواضيع غري مطروقة‪ ،‬وعىل املهنيني يف هذا اجملال أأن ُخيرجوه من‬
‫قوقعة ادلوار وامحلار و أأمغار‪ ،‬فالثقافة ا ألمازيغية أأكرب بكثري من هذا الثالوث‪،‬‬
‫وميكن للفيمل الناطق هبذه اللغة ( أأي ا ألمازيغية) أأن يؤدي أأدوارا هممة‪ ،‬ويتطرق‬
‫اإىل مشالك أنية‪ ،‬ومواضيع أأكرب من املواضيع املثارة حاليا‪ ،‬كام جيب الابتعاد عن‬
‫الهترجي اجملاين‪ ،‬مثل وضع "يوغورت" يف اخلزب الإحضاك الناس‪ ،‬إواعطاء صورة‬
‫سيئة عن ا ألمازيغ ساكين القرى))(‪.)1‬‬
‫اليشء الكثري‪ ،‬جعلها جسدا‬ ‫لقد لكف البعدُ عن ا ألدب السيامن ا ألمازيغي َة َ‬
‫بال روح يذبل مع توايل ا ألحداث وا ألايم‪ ،‬وحولها اإىل أأداة للتسلية احلينية‪ ،‬أأدى‬
‫اإىل تبين فكرة النسخ والاجرتار‪ ،‬إواىل السطحية يف التناول‪ ،‬وتزامح التناقضات‪،‬‬
‫والاستنجاد ابلهترجي‪ ،‬والاس تنساخ اللكي ألعامل أأجنبية‪ ،‬عىل غرار ما حدثنا‬
‫عنه الناقد محمد بلوش(‪ ،)2‬وكنت النتيجة انسحاب النخبة من ميدان الفرجة‪،‬‬
‫تقليص جحم املس هتلكني‪ ،‬ولس نا ندري جراء هذا البعد ما اإذا كنت السيامن‬ ‫و َ‬
‫ا ألمازيغية فعال ابس تطاعهتا التعبري عن قضاايان الشائكة بريق ينسجم إوايقاعات‬
‫احلياة املتجددة ‪ ..‬؟‪ ،‬أأم أأن تَ َم ُّسك حلمية بعادهتا القدمية هل مربراته‪ ،‬و أأن وراء‬
‫الأمكة ما وراءها؟‬
‫وحنن هنا ال ندعو أأو نطالب سيامنان التوغ َل يف عالقهتا مع ا ألدب‪ ،‬أأو‬
‫البحث عن ماكهنا يف الساحة ا ألدبية‪ ،‬للوصول اإىل مرحةل تويل العوامل اخليالية‬
‫ا ألدبية والفلسفية اإىل اإجنازات تسامق عنان ا ألعامل العاملية الناحجة‪ ،‬فهذا مطلب‬
‫(‪ - )1‬حوار حصفي مع الفنان "حسن بديدا" بتارخي ‪ 29‬يونيو ‪ ،2016‬حاوره الصحفي مميون أأم العيد‪.‬‬
‫(‪" - )2‬الفيمل الأمازيغي‪ ،‬أأس ئلته ورهاانته‪ ،‬ص‪.19:‬‬
‫صعب املنال يف ظروف حالكة كليت تعيشها السيامن املغربية بشلك عام‪ ،‬اإمنا‬
‫املرجو يف الوقت الراهن الاس تعانة بنصوص أأدبية ممتزية‪ ،‬شعرا كنت أأو نرثا‪،‬‬
‫أأمازيغية كنت أأو عربية أأو أأجنبية‪ ،‬وترمجهتا اإىل متتاليات مسعية برصية تليق مبقام‬
‫املشاهد ا ألمازيغي اذلي ظل املساند الرمسي والوحيد للسيامن منذ ادلقيقة ا ألوىل‪،‬‬
‫ابعتبار أأن ا ألدب يتحمك يف مجيع ا ألهجزة السيامنئية‪ ،‬فهو يسامه بقوة يف تشكيل‬
‫خارطة ا ألداء عند السيناريست‪ ،‬واملمثل‪ ،‬واخملرج‪ ،‬واملصور‪ ،‬واملونتري‪ ،‬ويزيد‬
‫يف قدرة احملركت اليت من شأأهنا اإنتاج معل متاكمل‪ ،‬والانتقال ابملشاهد من‬
‫عامله الصغري اإىل عامل أأكرث رحابة يف حاجة اإىل قدرة اإبداعية تس تطيع طي صفحات‬
‫زمنية غائرة‪.‬‬
‫((اإن الانتقال من ا ألدب اإىل السيامن يعين التحول من س ياق اإبداعي اإىل‬
‫أخر‪ ،‬ومن شلك اإىل شلك‪ ،‬ومن جوهر اإىل جوهر))(‪ )1‬مع اس تحضار جيد‬
‫للبعد النفيس والزمين‪(( ،‬فاخلطاب السيامنيئ ال بد و أأنه يمتوضع داخل فضاء حمدد‪،‬‬
‫ويرصد أأش ياء ولكامت اعامتدا عىل جسد خيزتن لك الثقافة الرمزية اليت اس توحاها‬
‫من طبيعة هذا الفضاء‪ ،‬ذلكل تتالىق فيه الس يكولوجيا والتارخي واحلضارة‬
‫والعالقات الاجامتعية فضال عن التصور اذلي حيمهل الانسان للعامل َ‬
‫وذلاته))(‪،)2‬‬
‫وعىل هذا فالرتاجعات اليت شهدهتا بعض ا ألمناط السيامنئية عىل مس توى العامل‬
‫كن نتيجة ختلهيا عن الاقتباسات ا ألدبية‪ ،‬مما ودل قطيعة حقيقية بيهنا وبني‬
‫مجهورها‪ ،‬أأما الابتعاد التام عن ساحة ا ألدب وميدانه مل خيلف سوى الكوارث‬
‫اليت وصلت حلد التبايه مبا ال ميكن أأن يسمى فنا حبال من ا ألحوال‪ ،‬دلى فال‬
‫أأحد يس تطيع اإناكر أأفضال ا ألدب عىل ا ألعامل السيامنئية املغربية الناحجة‪ ،‬واليت‬
‫(‪" - )1‬التفكري يف السيامن التفكري ابلسيامن"‪ ،‬ص‪.45:‬‬
‫(‪" - )2‬اخلطاب السيامنيئ بني الكتابة والتأأويل"‪ ،‬ص‪.55:‬‬
‫ال تزال جتين مثرات جناهحا‪ ،‬وتعد مرجعا فنيا يف ابهبا‪ ،‬ملا تمتزي به من معق الطرح‪،‬‬
‫وكفاءة املوضوع‪ ،‬وجدية الفكرة‪ ،‬ونضج التجربة‪.‬‬
‫((وا ألفالم ا ألمازيغية ال ختتلف يف طريقة تصويرها عام يعمتد يف ا ألعراس‪،‬‬
‫اإىل جانب أأهنا ال تطرح قضااي تتعلق ابلواقع اجملمتعي املغريب‪ ،‬و أأان أأصف هذه‬
‫النوعية من ا ألفالم ا ألمازيغية مبا يسمى ب""الكيتو"‪ ،‬حيث يشاهدها ا ألمازيغ‬
‫فقط‪ ،‬واب ألخص اذلين يتحدثون ب""تشلحيت"‪ ،‬ذلكل مل تس تطع أأن تفرض نفسها‬
‫كعينة ممتزية جباملية اإبداعية خاصة))(‪.)1‬‬
‫طاملا عربت اإنتاجاتنا ا ألمازيغية عن الرجة اليت أأحدثهتا ا ألفاكر الباردة‪ ،‬بدل‬
‫التعبري عن رجات الواقع وتوتراته‪ ،‬وجعلت العالقة بني السيامن وا ألدب تنعدم‬
‫بشلك لكي‪ ،‬وسامهت يف تفامق حاةل الفتور دلى ُكتاب السيناريو اذلين ال يأألون‬
‫هجدا يف تكريس مفهوم اجلاهزية‪ ،‬ابختاذمه الكتابة الرسيعة مطية رخوية للنأأي‬
‫بعربة السيناريو عن قاطرة ا ألعامل اليت تس متد روهحا من االإبداعات ا ألدبية‪ ،‬اليت‬
‫من شأأهنا التأأثري عىل املشاهد بشلك اإجيايب‪ ،‬والرفع من مس توى اذلائقة الفنية‪،‬‬
‫تأأكيدا ألحقية قيرص يف املال لكه‪.‬‬

‫(‪" - )1‬مدخل اإىل السيامن املغربية"‪ ،‬ص‪.227:‬‬


‫سينما ‪ ..‬المؤلف !!!‬
‫لكام رفعنا من سقف معنوايت امجلهور ‪ ..‬لكام اقرتبنا من سيامن حقيقية‪،‬‬
‫وللجمهور ماكنة قوية يف ارتفاع أأو تدين مس توى املنتوج‪ ،‬ألن املس هتكل الواعي‬
‫واملثقف ال يقبل بأأي سلعة كيفام كن نوعها‪ ،‬وابلتايل تتحدد اخليوط اليت س تصهل‬
‫ابجلودة‪ ،‬خالف أأن يكون جمرد زبون ألي منتوج همام كنت قميته‪ ،‬وهنا البد أأن‬
‫ننتبه اإىل فرضية لها وقعها يف اجملال الفين‪ ،‬ويه أأن املس هتكل أأحياان قد يؤثر يف‬
‫صناعة املنتوج‪ ،‬متاما كام تؤثر ا ألسعار المتوهيية يف قراراته وقدراته الرشائية‪ ،‬وهذا‬
‫جيعلنا نضع جودة املس هتكل قبل جودة املنتوج‪ ،‬كخطوة وقائية يف ميدان ال يتوفر‬
‫عىل هجاز محلاية املس هتكل سوى أأن حيمي املس هتكل نفسه بنفسه‪ ،‬ويه ابدرة‬
‫تكتيس أأمهية ابلغة يف معلية االإنتاج اليت تيل معلية الانتقاء‪ ،‬لكن ليس بعد أأن‬
‫تمت االإجابة عىل السؤال املفرتض ‪ :‬ملن س ننتج ؟‬
‫هذا السؤال هل أأوجه متعددة ل إالجابة‪ ،‬وحنن يعنينا الوجه اذلي ال يمت فيه‬
‫اإقصاء املشاهد كقاعدة أأساس ية للبناء‪ ،‬ابعتباره عضوا بناء يف صياغة السؤال‪،‬‬
‫ألن به تتشلك العناِص املوصةل للعالقة امحلميية بني طرفني متجانسني‪ ،‬املنتوج‬
‫واملس هتكل‪ ،‬الهدف واملس هتدَ ف‪ ،‬وعىل غرارهام تتوقف القمية املضافة اليت ترفع‬
‫من قمية لك مهنام‪.‬‬
‫حقا تس توقفنا عدة أأش ياء يف هذه العالقة‪ ،‬بناء وامتدادا‪ ،‬وهتَ دينا حامت اإىل‬
‫الصيغة احلقيقية لسيامن هادفة‪ ،‬واليت ينبين علهيا مفهوم "سيامن املؤلف"‪ ،‬تكل‬
‫السيامن اليت تنتج من أأجل الريق ابلعقل البرشي قبل تريك عواطفه‪ ،‬وتسمو به‬
‫يف عامل املُثُل وامجلال ‪ ..‬سيامن ترتم املشاهد وتقدر مواهبه ‪ ..‬تس تفز مشاعره وال‬
‫جتيب عن أأس ئلته ‪ ..‬تعطيه أأكرث مما تأأخذ منه ‪ ..‬ختيب أمال توقعاته‪ ،‬وتوسع من‬
‫قاعدة خياهل ‪ ..‬تفرض عليه الصعب مقابل التخيل عن اجلاهز ‪ ..‬متنحه فرصة‬
‫التحدي‪ ،‬وال تكبح اختياراته ‪ ..‬ختلخل عقائده وال تزعزع اإميانه ‪ ..‬تؤثث منابر‬
‫وعيه دون أأن تقض مضجع مشاعره‪.‬‬
‫عامل متعدد العوامل‪ ،‬والسبيل اإليه يف ظل عوملة شامةل أأحضى من العجائب‬
‫الكونية‪ ،‬وما َح َوتْه جعبة الفن ا ألمازيغي ال يدل عىل أأننا س ندندن يوما عىل أأواتر‬
‫سيامن املؤلف‪ ،‬اللهم اإذا مقنا ابجتثاث جذري يف قادم ا ألايم للك قدمي خد َعنا‬
‫بريقه‪ ،‬واس تأأصلنا ادلاء قبل اس تجداء ادلواء‪ ،‬ورفعنا من قدرات الفنان لريى‬
‫بنور الفن ال بظلمة العفن‪ ،‬ف"" ((السيامنيئ احلقيقي هو اذلي يرى الالمريئ‪ ،‬هو‬
‫اذلي هل رؤية وهل خيال‪ ،‬وهو اذلي حيول هذا الالمريئ لنا اإىل مريئ عىل‬
‫وشعاره ‪:‬‬
‫الشاشة))(‪ ،)1‬وابملوازاة يقتين مشاهديه بطريقته اخلاصة ُ‬
‫اإعطين مشاهدا واعيا أأعطك منتوجا جيدا‪.‬‬

‫(‪" - )1‬قمية القمي"‪ ،‬املهدي املنجرة‪ ،‬ص‪.204:‬‬


‫السينما األمازيغية‬
‫والمشاهد ‪ ..‬أية عالقة؟‬
‫هل ترتم السيامن ا ألمازيغية مجهورها‪..‬؟‬
‫سؤال نعتقد أأنه حيمل من الوجاهة ما مينحه القدرة عىل ختطي عفويته ‪..‬‬
‫وسذاجته‪ ،‬ولس نا يف حاجة اإىل عناء كبري لربط العالقة بني السيامن واملشاهد‪،‬‬
‫فالعملية يف حد ذاهتا تقيمي ألزيد من ربع قرن من االإنتاج املتواصل عىل املس توى‬
‫الوطين‪ ،‬وال تتاج اإىل ذكء خارق أأو جتربة كبرية للوصول اإلهيا‪ ،‬فهيي مس تقاة‬
‫من ويح ا ألعامل املن َتجة خالل هذه الفرتة‪ ،‬أوأكدهتا القطيعة اليت يعرفها اجملال مع‬
‫امجلهور‪ ،‬اإذ العالقة احلقيقية بيهنام ال تمكن يف املنتوج اذلي يعد صةل وصل بني‬
‫الطرفني حفسب‪ ،‬بل تتعدى ذكل اإىل ا إالضافات اليت حيملها هذا املنتوج‪ ،‬ويه‬
‫اليت تمتزي حبمولهتا الفنية املتصةل ابلسامت االإبداعية‪ ،‬فليس لك معل خضع‬
‫ألدوات سيامنئية يدخل يف اإطار مصطلح االإبداع‪ ،‬وما السيامن اإال اإبداع‪ ،‬وما‬
‫االإبداع اإال تكل احللقة اليت تمتدد من خاللها قنوات التواصل بص َيغها الفنية‪،‬‬
‫وتنترش أأوردهتا يف مجيع أأعضاء اجلسد الفين‪.‬‬
‫والسيامن ا ألمازيغية‪ ،‬ال تعد اس تثناء من القاعدة‪ ،‬بل مل خترت لنفسها صفة‬
‫المتزي منذ التأأسيس‪ ،‬حبيث تكون ذكل الاس تثناء املتفرد‪ ،‬وتُ َعبِّد ملسارها طريقا‬
‫أمنا من أأجل خوض تدايت احلارض واملس تقبل‪ ،‬خاصة و أأن املعركة ليست‬
‫واحضة املعامل‪ ،‬وتتسم بتعدد ا ألعداء‪ ،‬أأقوامه رضاوة العدو النابع من اذلات‪،‬‬
‫الصادر من ادلاخل‪( ،‬كتااب وفنانني وتقنيني ومنتجني وموزعني)‪ ،‬وال أأحد غريه‪،‬‬
‫اإنه العدو الش بح اذلي يعيش بلك حرية داخل احلقل‪ ،‬وجيعل من رواده ِّم ْعوال‬
‫للهدم واالإقصاء‪ ،‬وهو ما حدث ابلفعل مع كمل ا ألسف‪ ،‬ذلكل جند املسافة بني‬
‫املنتوج ا ألمازيغي واملشاهد تتسع لكام أأضيفت عناوين جديدة للساحة‪ ،‬وتزداد‬
‫العالقة سوءا ونفورا حني يوجه اخلطاب للنخبة‪ ،‬ا ألمر اذلي مل تنتبه اإليه سيامنان‬
‫حني عكفت عىل تروجي سلعها املغشوشة‪ ،‬وتقدميها للمشاهدين ا ألعزاء دون‬
‫مراعاة لرشوط العالقة امحلميية‪ ،‬وظلت لفرتات متباينة تؤصل لفكرة المنو‬
‫الاستبايق‪ ،‬اإرضاء لرشحية جممتعية عىل حساب رشاحئ أأخرى‪ ،‬وتولت بذكل اإىل‬
‫جحر عرثة‪ ،‬و أأحد عوائق المنو الطبيعي السلمي‪.‬‬
‫ولعل من أأمه العوامل اليت أأحدثت رشخا كبريا يف العالقة بني املنتوج‬
‫واملس هتكل ا ألمازيغيني يه(‪:)1‬‬
‫‪ -‬اجلري خلف رشحية معينة من املس هتلكني‪.‬‬
‫‪ -‬تلبية حاجيات هذه الرشحية عىل حساب اجلودة‪.‬‬
‫‪ -‬االإغرتار بقاعدة‪" :‬هذا ما أأراده السوق"‪.‬‬
‫‪ -‬اإنتاج أأعامل كمةل بواسطة الهواة واملبتدئني (كتااب وفنانني وتقنيني)‪.‬‬
‫‪ -‬الاعامتد عىل الكوميداي السخيفة‪ ،‬أأغلهبا مت اإنتاجه صوات قبل اجرتاره‬
‫أأمام الاكمريا‪.‬‬
‫‪ -‬الاس هتانة مبرحةل االإعداد‪.‬‬
‫‪ -‬تبين ثقافة االإلغاء اجلزيئ‪.‬‬
‫‪ -‬اإحقام اجلوانب الشخصية يف العمل‪.‬‬
‫ولكها عوامل اإنتاجية ابدلرجة ا ألوىل‪ ،‬يتحمل فهيا املنتجون القسط الأكرب‬
‫من املسؤولية‪ ،‬ألن بواسطهتم اقتنت السيامن ا ألمازيغية مجهورا خاصا هبا خارج‬
‫احلدود ‪-‬اليت يراها بعض الباحثني مزية(‪ -)2‬من بني أالف امجلاهري اليت من حقها‬
‫الاس متتاع بفن يربطها بثقافهتا وتراهثا‪ ،‬مما يؤكد أأن انهبار س يناميان بعملية الظهور‬
‫شغلها عن تأأسيس قاعدة جامهريية قابةل للتطوير بدل اقتناء مجهور مرحيل‪ ،‬و أأدى‬
‫(‪ - )1‬ينظر بعضها يف "أأفالم أأمازيغية ‪ ..‬مالحظات وقراءة أأولية"‪ ،‬ص‪ ،42:‬و"مدخل اإىل السيامن املغربية"‪ ،‬ص‪.229:‬‬
‫(‪" - )2‬السيامن املغربية وامجلهور ‪ ..‬حنو عالقة مغايرة" مسري عزيم‪ ،‬مقال الكرتوين‪.‬‬
‫اخنداعها جبامهريية تكل الفرتة مكصدر قوة اإىل خض مزيد من املهازل املقبوةل أنذاك‬
‫ألس باب معلومة يف رشايني الفن‪ ،‬ذلكل انفردت بتغريدات خارج الرسب‬
‫الشمويل‪ ،‬تت مظةل ا ألمازيغية‪ ،‬ومل تضع مضن أأولوايهتا مصري العالقة اليت‬
‫تربطها جبمهورها‪ ،‬الرتباطها الوثيق بعقدة مرحةل التأأسيس اليت مل تتخلص مهنا‬
‫بعد‪ ،‬ورافقهتا اإىل مرحةل ما بعد الانكسار‪ ،‬ويه املرحةل ا ألخرية من معرها‪.‬‬
‫اإن تضخم ا ألان دلى املنتجني ‪ ..‬ودلى الفنانني أأجج الرصاع بشلك قوي‬
‫فامي بني هذه ا ألطراف‪ ،‬و َّمعق ه َُّوة املنطق ا ألحادي دلهيم‪ ،‬فأأدى ذكل اإىل‬
‫اإحداث جفوة واسعة بني الفن ا ألمازيغي و أأههل ومجهوره‪ ،‬فاملنتجون حيملهم اهلم‬
‫التجاري اإىل ضفة البحث عن ا ألرابح بش ىت الوسائل وبطريقة "ميكيافيلية"‬
‫حمضة‪ ،‬والفنانون يلعبون بأأذايهلم طمعا يف الشهرة اجملانية‪ ،‬وحبثا عن منافذ لسد‬
‫رمق العيش ولو عىل حساب فهنم ومجهورمه‪ ،‬وابلتايل تتضح معامل التواطؤ‬
‫امجلاعية بني العناِص الفنية املشَ لكة للحدث‪.‬‬
‫أأما امجلهور فقد اته بني التصفيق والتصديق‪ ،‬فهو ال ياكد يصدق تشجيعه‬
‫لعمل كريث من ابب ادلفع بعجةل الفن اإىل ا ألمام؛ حىت يتأأفف ‪ُ -‬مكرها ‪ -‬من‬
‫معل أخر أأسو أأ من سابقه‪ ،‬وهو ال ميكل حوال وال قوة سوى الاخنراط يف معلية‬
‫متارس عليه حلنيٍ من ادلهر‪ ،‬إواال مفا جدوى تكر ُير النفس أأمام أأعامل‬
‫الهتجني اليت َ‬
‫رورة مل تمتكن بدورها من الانسالخ من عقدة التمنيط‪.‬‬ ‫َم ْك َ‬
‫إان لك معل صفقت هل امجلاهري ليس من الرضوري أأن يكون معال انحجا‪،‬‬
‫أأو أأن حيمل من املؤهالت ما ميكنه من كسب ثقة لك امجلاهري‪ ،‬فهذا من رابع‬
‫املس تحيالت‪ ،‬ويدخل يف هذا االإطار عدد املبيعات اليت يُقَ َّمي هبا جناح بعض‬
‫جناح بعض‬‫ا ألفالم‪ ،‬أأو بعدد املشاهدات اليت كنت وال تزال ت ُِّقمي هبا قنواتُنا َ‬
‫معروضاهتا‪ ،‬وكأننا أأمام دراسات علمية دقيقة ينطبق علهيا ما ينطبق عىل‬
‫ادلراسات الغربية اليت تنطلق من جممتع مدرك وواعي‪ ،‬مهنا كام يقول منظرو‬
‫اخلصائص النفس ية للتسويق ب"(( أأن القمي واملعتقدات أأكرث أأمهية من العوامل‬
‫ادلميوغرافية))(‪ ،)1‬ذلكل ظلت العالقة ابهتة وغري مس تقرة‪ ،‬وال تاكد تويح بأأمهية‬
‫امجلهور يف املنظومة الفنية‪ ،‬فالنجومية ال تصنع نفسها‪ ،‬والفن ال ُي َر ِّيق نفسه بنفسه‪،‬‬
‫إوامنا امجلهور هو من يتوىل هذه املهمة‪(( ،‬حيث اإن همارات اخملرجني لكها ولك‬
‫طبول وكييل ادلعاية املدوية ال تصنع جنام‪ ،‬فامجلهور وحده من يس تطيع ذكل))(‪،)2‬‬
‫وهنا تضيع حلقة الباب املسدود بني القطبني‪ ،‬فلك عالقة غري مبنية عىل الاحرتام‬
‫عالقة فاشةل‪ ،‬والوقوف عند شعار "غاايد أأيرا السوق" (هذا ما يريده السوق)‬
‫فيه اإهانة كبرية للمشاهد‪ ،‬وال أأعتقد أأن مسافة الاحرتام هنا أأحضت قريبة‪ ،‬ألن‬
‫تقد َمي َو َصفات رديئة للمشاهد يعد أأكرب احتقار هل‪ ،‬واس هتدافَه ماداي بشلك صارخ‬
‫ليس يف حاجة اإىل تأأويل‪ ،‬ذلكل أأزيد من ثالثة أأرابع اإنتاجاتنا ال تضع املشاهد‬
‫موضع اإجالل وتقدير‪ ،‬وقد س بق أأن ِصحنا(‪ )3‬بأأن هذه ا ألعامل جيب أأن ترىم‬
‫وعدها من مجةل‬ ‫يف مزبةل التارخي‪ ،‬معرتفني بسخافهتا وسذاجهتا بدل االإغرتار هبا ِّ‬
‫االإجنازات احملققة‪ ،‬وليهتا اكتفت بهتمة السخافة والسذاجة‪ ،‬بل تشلك رضرا‬
‫وخطورة أأقوى من رضر امجلرة اخلبيثة‪ ،‬وهو ما جتنيه الن السيامن ا ألمازيغية اليت‬
‫ظلت منذ نعومة أأظفارها تس تغيب مشاهدهيا‪ ،‬وتقدم هلم أأسو أأ ما ميكن اإنتاجه‪،‬‬
‫دون اإغفال ما للرتبية الفنية والتوعية السيامنئية دلى املشاهد نفسه‪ ،‬من أأمهية يف‬
‫تديد مصريه‪.‬‬
‫اإن الفن املغشوش ال يقف عند إارادة امجلاهري وال خيدم مصاحلها‪ ،‬إوامنا خيدم‬
‫(‪" - )1‬وسائل االإعالم واجملمتع"‪ ،‬أرثر أسا بريغر ‪ ،Arthur Asa Berger‬ص‪.79:‬‬
‫(‪" - )2‬امجلهور ال خيطئ أأبدا ‪ ،"The Public Is Never Wrong‬أأدولف زوكر ‪ ،Adolph Zukor‬ص‪.5:‬‬
‫(‪ - )3‬كن ذكل يف لقاء اإذاعي حول أأول أأعاميل حني قلت‪ :‬جيب أأن يرىم مع عرشات الأعامل الأمازيغية يف سةل املهمالت‪،‬‬
‫اقتداء مبن أأعدموا أأعامهلم بعد اكتشافهم خطورهتَ ا‪ ،‬وِصفوا أالف ادلوالرات من أأجل ذكل‪.‬‬
‫مصاحل من يريدون لها أأن تهنزم من ادلاخل‪ ،‬وت ََرتدَّى يف الوحل‪ ،‬ويتخذون الفن‬
‫وس يةل للوصول لهذه الغاية‪.‬‬
‫اإن الفن التائه ال ينتج فنانني أأقوايء صاحلني خلدمة الهوية والوطن‪ ،‬إوامنا‬
‫ينتج اتهئني وخَدَ م ًا لتلبية رغبات ا ألس ياد‪.‬‬
‫مفا يه أليات اإعادة تطبيع العالقة بني السيامن ا ألمازيغية ومجهورها ‪..‬؟ وما‬
‫يه القناعات املؤهةل لكسب جامهري جديدة أأقوى من امجلهور املرحيل(‪.. )1‬؟‪.‬‬

‫‪ - 1‬مجهور "الڤي يس دي" كام حيلو للبعض أأن يسميه‪.‬‬


‫الممثل ‪..‬‬
‫بين المنتج والمخرج‬
‫البحث يف العالقة بني اخملرج واملمثل‪ ،‬واليت تأأخذان اإىل عامل‬ ‫من الطبيعي ُ‬
‫أخر من عوامل الفن السيامنيئ بعيدا عن أأنظار املشاهد‪ ،‬فاخملرج ال يبحث يف‬
‫تقيق أأ ِّ‬
‫كرب‬ ‫ذات املمثل اإال من زاوية ما خيدم مصلحة العمل‪ ،‬ويعمل من أأجل ِّ‬
‫قدر من التوافق بينه وبني ادلور‪ ،‬هذا اإذا كن اخملرج حيمل َمه املبدع احلقيقي‪،‬‬
‫وال ينفض الغبار عن ال َقشة تت ا ألمطار‪.‬‬
‫اإن اخملرج عندما يضع أأمامه أأهدافا سامية يتوىخ هبا الريق بعمهل‪ ،‬ينشغل‬
‫عام سواها‪ ،‬وال يرىض هبا بدال‪ ،‬بل ويرىق حبلبة التصوير اإىل مس توى احل ََرم‪،‬‬
‫واللك سواس ية أأثناء العمل‪ ،‬ال فرق بني اخملرج واملمثل والتقين واملنتج‬
‫و"الكومبارس" اإال ابختالف وظيفة لك مهنم‪.‬‬
‫يف امليدان السيامنيئ ا ألمازيغي خيتلف الوضع‪ ،‬وال ناكد نعرث عىل أأثر‬
‫املس توايت الراقية اإال يف ما نذر من احلاالت ‪ ..‬وعىل لك املس توايت‪ ،‬وذكل‬
‫لطغيان املصاحل النفعية اخلاصة عىل املصلحة العامة‪ ،‬وال معى اإطالقا للهم‬
‫املشرتك‪ ،‬وغالبا ما تقترص املصاحل الشخصية عىل اإش باع الرغبات الفوضوية‪،‬‬
‫سواء كنت جنس ية أأو غريها‪ ،‬وحنن هنا ال هتمنا حاةل االإش باع اليت تتصل مبجال‬
‫احلرايت‪ ،‬بقدر ما تشغلنا حاةل االإحقام اجلزافية لها يف ميدان الشغل‪ ،‬واس تغاللها‬
‫بطرق بدائية موسومة ابدلونية وانعدام املسؤولية‪ ،‬هذا فضال عن طرق أأخرى‬
‫نزهنا القارئ الكرمي عن عرضها أأمام أأنظاره لبشاعهتا‪ ،‬واليت اكتفى أأحد النقاد‬
‫بوصفها "موضوعا شائاك ومعقدا"(‪ )1‬وهو ي ُ َم ِّين نفسه كام مننهيا حنن يف َط ْ ِّرقها يوما‬
‫ما اإذا اس تجاب القدر‪ ،‬فهيي يف حاجة مع رديفهتا (‪ )...‬اإىل وقفات متأأنية للكشف‬
‫عن رساديهبا‪ ،‬ومدى تأأثريها اخلطري عىل التحوالت السلبية يف امليدان الفين‬
‫برمته(‪.)2‬‬
‫(‪" - )1‬الفيمل الأمازيغي‪ ،‬أأس ئلته ورهاانته" ص‪.37:‬‬
‫(‪ - )2‬تعرضنا لبعضها يف مبحث "السيامن واملرأأة" ص‪........:‬‬
‫لقد ادعت الفنانة "لبى أأبيضار" يف كتاهبا ا ألخري "اخلطرية" بأأهنا أأول ممثةل‬
‫جترؤ عىل فضح ما يقع يف كواليس االإنتاجات املغربية‪ ،‬يف اإشارة اإىل مساومة‬
‫جنس ية تعرضت لها من ِّقبل أأحد اخملرجني(‪ ،)1‬يف الوقت اذلي تقع عرشات‬
‫اجلرامئ مع س بق ا إالِصار والرتصد يف ردهات البيئة ا ألمازيغية تنتظر املوقف‬
‫نفسه‪ ،‬ويه من بني أأقوى ا ألس باب اليت أأدت اإىل تدهور الفن ا ألمازيغي ‪ ..‬وما‬
‫زالت ‪ ..‬و أأردته طرحي الفراش يف حاةل احتضار ‪ ...‬مما أأدى اإىل خلق أأجواء‬
‫روتينية بعيدة لك البعد عن العمق الفين املبين عىل التقدير والتقديس‪.‬‬
‫كن ا ألوىل ابلفنان (( أأن يقول احلقيقة عندما جيد الفرصة ذلكل‪ ،‬ال أأن يكذب‬
‫و"يضحك عىل نفسه"‪ ..‬عليه أأن ينقل واقعه للناس واملسؤولني‪ ،‬ليعرفوا أأن‬
‫ا ألمور ليست عىل ما ُيرام‪ ،‬لعل الوضع يتغري اإىل ا ألحسن‪ ،‬ولعل غدا مرشقا‬
‫يأأيت ‪( ..‬ف") اذلنب الكبري ذنب السامرسة والوسطاء اذلين مه يف الغالب أأمازيغ))(‪.)2‬‬
‫بني املنتج واخملرج تتسع ه َُّوة الاس تغالل‪ ،‬وتبد أأ حلقات املسلسل النفعي‪،‬‬
‫اذلي تكون أخر حلقاته بداية مسلسل جديد‪ ،‬مث تتواىل الرصاعات املفتعةل اليت‬
‫تبدو وكأهنا لمميية اجلوهر‪ ،‬يأأيت يف مقدمهتا موضوع املس تحقات ‪ ..‬مفوضوع‬
‫احلساابت اجملانية ‪ ..‬فاحملسوبية‪ ،‬لتنتقل اإىل موضوع العالقات العملية اليت مهنا‬
‫مد جسور التواصل بني املمثل وادلور أأو السيناريو أأو الشخصية‪ ،‬لتبدأأ حاكية‬
‫الرتف‪ ،‬خلصها الفنان عبد اللطيف عاطيف يف قوهل‪(( :‬هناك ممثلون‬ ‫مأألوفة حلد َّ َ‬
‫يشاركون يف أأعامل دون قراءة السيناريو‪ ،‬دون وعي وال اإحساس‪ ،‬يس تظهر‬
‫حفظها‪ ،‬ولو‬ ‫دوره فقط دون أأي فهم‪ ،‬أأحياان يس تظهر مجال بشلك خاطئ‪ ،‬كام َ‬
‫سأألته عن معى ذكل‪ ،‬يقول كل ال أأدري‪ ،‬لقد ُطلب مين أأن أأقول كذا ف ُقل ُته ‪...‬‬
‫(‪ - )1‬جريدة "الأخبار" اليومية‪ ،‬عدد‪ 4 :‬ماي ‪.2016‬‬
‫(‪ - )2‬حوار حصفي مع الفنانة "السعدية أأابعقيل" بتارخي ‪ 12‬يونيو ‪ ،2016‬حاورها الصحفي مميون أأم العيد‪.‬‬
‫هناك مجموعة من الفنانني عندما تطلب مهنم احلضور للتدرب عىل دورمه‪ ،‬يقولون‬
‫كل‪ ،‬نتحدث ا ألمازيغية بشلك جيد‪ ،‬فال داعي للتدرب‪ ،‬يف حني اإن لهذه املهنة‬
‫رشوطها وكيفية أأداء ادلور ال تقترص عىل حديثك لغة ما))(‪ ،)1‬اإضافة اإىل عينة‬
‫مهنم ال يسأألون اخملرج عن دورمه يف السيناريو اذلي قىض بني أأحضاهنم عدة‬
‫أأايم اإال ليةل التصوير‪ ،‬متاش يا مع الفكرة السائدة يف الوسط الفين ا ألمازيغي اليت‬
‫َعترب فرتة التصويرة جمرد نزهة لالس تجامم ال فرتة معل‪ ،‬وهنا تتالىش أأواِص‬ ‫ت ِّ‬
‫العالقات‪ ،‬وتذوب معانهيا‪ ،‬هذا فضال عن كوهنم يهتادون بني حنااي الرشود وثنااي‬
‫التيه‪ ،‬ويقدمون أأسو أأ ما دلهيم ومه َحي ِّس بون أأهنم ُحي ِّس نون صنعا‪.‬‬
‫حصيح أأن الفنان ((املبدع تأأخذه العزة بنفسه‪ ،‬فيدعي أأنه ماكل حقيقة‬
‫مطلقة‪ ،‬ومن مث ميارس منطق االإلغاء ونفي الخر وهتميشه‪ ،‬ويف ذكل تضخم‬
‫ا ألان وتعويض للنقص))(‪ ،)2‬وانس ياقه يف اجتاه واحد تت درجة الصفر جتعهل غنمية‬
‫لغريه‪ ،‬وهو يف مقة زهوه وغروره‪ ،‬سواء كن من ِّقبل اخملرجني أأو املنتجني‪ ،‬أأو‬
‫من ِّقبل غريهام‪ ،‬فغالبية املش تغلني يف احلقل ا ألمازيغي ُكتااب وممثلني وتقنيني يغلب‬
‫علهيم طابع الادعاء‪ ،‬وجيعل انامتءمه أأقرب اإىل اذلين يعرفون لك يشء وال يعرفون‬
‫أأي يشء ‪ ...‬ومك يف السوايه من دوايه‪.‬‬

‫(‪ - )1‬حوار حصفي مع الفنان "عبد الطيف عاطيف" بتارخي ‪ 19‬يونيو ‪ ،2016‬حاوره الصحفي مميون أأم العيد‪.‬‬
‫(‪ - )2‬املقاربة النقدية للخطاب السيامنيئ ابملغرب" العلوي حملرزي‪ ،‬ص‪.97:‬‬
‫السينما ‪ ..‬والمرأة‬
‫منذ زمن بعيد عرب حقب اترخيية عريقة‪ ،‬واملر أأة ا ألمازيغية يُشهد لها ابلبساةل‬
‫والعفة والتضحية واملشاركة الفعلية يف ش ىت منايح احلياة‪ ،‬واقرتن امسها‬
‫"اتمازيغت"(‪ )1‬اب ألرض وابللغة‪ ،‬وكن لها احلظ ا ألوفر أأن دونت امسها يف جسالت‬
‫التارخي النضايل والفكري والاجامتعي والس يايس والعلمي والفين ‪ ...‬ويف جمال‬
‫الفن السيامنيئ انزتعت مرشوعية حضورها‪ ،‬وفرضت وجودها بعد هجود‬
‫وتضحيات هامة‪ ،‬ف َت َصدر موضوعُها مرحةل النشأأة اب ألفالم الثالثة ا ألوىل اليت‬
‫وخطت خطوات هامة‪ ،‬فكسبت‬ ‫لملت امسها‪ ،‬مث بعد ذكل توالت اإجنازاهتا‪َ ،‬‬
‫ثقة مجهور عريض‪ ،‬ولعبت أأدوارا خمتلفة ومتنوعة‪ ،‬ما بني ادلرامية والفاكهية‪،‬‬
‫وكنت ا ألدوار ادلرامية أأقوى‪ ،‬لتَنَ ُاسب طبيعهتا مع ا ألوضاع الاجامتعية املطروقة‬
‫سيامنئيا‪ ،‬فهيي ا ألنسب وا ألقرب لها من الهزلية لعدم ارتباط املر أأة ا ألمازيغية‬
‫ابلظ َرف والتظرف‪ ،‬ومع ذكل تنوعت توظيفاهتا‪ ،‬وتقمصت لك ا ألدوار املنوطة‬ ‫ُّ‬
‫هبا‪ ،‬بني البطولية والثانوية‪ ،‬كدور البنت‪ ،‬وا ألم‪ ،‬والعجوز‪ ،‬والزوجة‪ ،‬والرضة‪،‬‬
‫والبدوية‪ ،‬واحلرضية‪ ،‬واخل َِّرية‪ ،‬والرشيرة‪ ،‬والعامةل‪ ،‬واملوظفة‪ ،‬وا أل َمة‪ ،‬واملتعلمة‪،‬‬
‫والولية‪ ،‬واملشعوذة ‪ ..‬وغريها من ا ألدوار العادية واملركبة‪ .‬وابملقابل جندها غائبة‬
‫السقَطِّ‪ ،‬وابئعات الهوى‪،‬‬ ‫بشلك أأو بأخر يف أأدوار اجملون‪ ،‬والفجور و َّ‬
‫والسكريات‪ ،‬واملدخنات‪ ،‬ومراتدات املاليه ‪ ..‬وغريها من ا ألدوار اليت تنكبهتا‬
‫السيامن ا ألمازيغية نفسها‪ .‬ابس تثناء بعض احملاوالت اليت شَ َّذت هبا الشاشة الكبرية‬
‫عن القاعدة‪ ،‬واليت ال متثل اإال نفسها‪ ،‬وما تزال ترى خلع املالبس والكشف عن‬
‫ا ألذرع والساقني ترضا وتقدما وانفتاحا‪ ،‬يف غياب اتم ألرىق مس توايت اللغة‬
‫السيامنئية‪ ،‬واس تحضار بدهييي ألبشع مس توايت اللغة اجلسدية‪ .‬اإن لغة اجلسد‬
‫ال تعين الكشف عن السوءات يف املاليه واحلاانت ابمس الفن‪ ،‬أأو ترمجة‬
‫(‪ - )1‬يطلق عىل املرأأة وعىل الأرض‪.‬‬
‫"الاكماسوترا" ترمجة العاجز عن تأأويالت ممكنة‪ ،‬فتناوالت اجلسد لها ضوابطها‬
‫وقواعدها والزتاماهتا يف أأفق واسعة املدار اإذا ما اقرتنت بفن راق و أأصيل‪،‬‬
‫ووضعها يف س ياقاهتا الثقافية والاجامتعية وادلينية والتارخيية أأمر رضوري لضامن‬
‫احلفاظ عىل متوقعها داخل منظومة اإيديولوجية معينة‪.‬‬
‫لقد خاضت املر أأة ا ألمازيغية معارك ضارية مع واقعها وحميطها‪ ،‬من أأجل‬
‫فرض ذاهتا أأمام العدسة‪ ،‬فاكحفت مبا أأوتيت من قوة وصرب وعزمية‪ ،‬وحضَّت‬
‫ابلكثري من أأجل اجتياز املرحةل‪ ،‬وتقيق طموحاهتا‪ ،‬وتفجري طاقاهتا االإبداعية‪،‬‬
‫داء أأمام الاكمريا‪ ،‬وتقنيا خلفها‪ .‬لقد قامت فعال هبجرة نوعية من عاملها الصغري‬ ‫أأ ً‬
‫اإىل عامل أأوسع‪ ،‬من نظام أأرسي اإىل تفكك مجعي‪ ،‬ذكل العامل اذلي وجدته ‪ -‬بعد‬
‫مس اخلياط‪ ،‬وكن لبعض‬ ‫ضيق من َ ِّ‬
‫اكتشافها احلقيقة ‪ -‬أأض َّل من تُو َما احلكمي‪ ،‬و أأ َ‬
‫الفناانت جوالت وصوالت ميتافزييقية قبل ولوج العامل اجلديد‪ ،‬ومع ذكل أأهدت‬
‫للفن أأكرث مما أأهداه صنوها الرجل‪ ،‬وحصلت عىل أألقاب وشهادات وتكرميات‪.‬‬
‫لقد انترصت جلنسها يف عامل كن من املمكن أأن يكون ذكوراي ابمتياز لوال رضورة‬
‫متثيليهتا‪ ،‬لهذا جاء دورها موازاي دلور الرجل‪ ،‬غري أأهنا مل تضايقه يف وظائف‬
‫أأخرى‪ ،‬كالإنتاج‪ ،‬واالإخراج(‪ ،)1‬وكنت لها أأفضال كبرية عىل الفن بشلك عام‪،‬‬
‫وعىل املنتجني بشلك أأخص‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬رمغ لك هذا العطاء الرث‪ ،‬والبذل املس متيت‪ ،‬ظلت أأوضاع الفنانة‬
‫جحم عطاهئا‪ ،‬حيث مل‬ ‫مصريها الراهن َ‬ ‫بشلك عام متيل اإىل التدهور‪ ،‬وال يوازي ُ‬
‫مينحها الفن ع ُُرش ما منحت يه للفن‪ ،‬وظلت تهتادى بني املصري والطموح‪،‬‬
‫ومناجاة احلظ العاثر‪ ،‬فاكتفت من الغنمية ابالإايب‪ ،‬وابجملاراة حسب مجيع‬
‫املقاسات‪ ،‬وسايرت ا ألهواء املطاطية مسايرة طوعية‪ ،‬فأألْ َفت نفسها اتهئة بني‬
‫(‪ - )1‬هناك حماوالت اإخراجية نسوية قليةل جدا‪ .‬ينظر "الفيمل الأمازيغي‪ ،‬أأس ئلته ورهاانته"‪ ،‬ص‪.25:‬‬
‫مطرقة واقع فين متألك من ادلاخل‪ ،‬وس ندان تلبية رغبات الفحوةل املرتجةل ‪..‬‬
‫رغبات سامرسة الفن اذلين أأب َوا اإال أأن تكون ( أأي الرغبات) عنواان للك ما ميت‬
‫اإىل هذا العامل بِّصةل ‪ ..‬تكل الرغبات أأو الطابوهات احليوانية اجلاحمة املسكوت‬
‫عهنا‪ ،‬واليت يعتربها بعض أأهل الفن ‪ -‬ل ألسف ‪ -‬حقا طبيعيا‪ ،‬وممارسات روتينية‬
‫عادية‪ ،‬إواحدى رضورايت االإبداع ‪ ..‬وقد أأبدعوا يف هذا اجملال فعال ما شاء هلم‬
‫أأن يبدعوا‪ ،‬وخال هلم اجلو الطبيعي كام خال ِّل ُق َّ َربة ابن العبد‪.‬‬
‫صفحات من التارخي اجلنيس والاس تغاليل البشع‪ُ ،‬كتبت عىل جباه فتيات‬
‫َحرمن أأنفسهن ُم َت َع احلياة مقابل ُم َتع الفن‪ ،‬فوجدن أأنفسهن بني أأحضان ُم َتع‬
‫الزنواة العابرة‪ ،‬يتلقني صفقات ش به يومية‪ ،‬دون أأدىن مسؤولية أأو جتربة‪،‬‬
‫تَ َتخ ََّط ُفهن ا ألهواء منذ طلوع بدرهن فيخرتن ْ‬
‫ادلَّو َر وادل َار معا‪ ،‬بل وخيرتن‬
‫ادلخول يف لعبة الشطيان مبحض إارادهتن‪ ،‬وتت تأأثري ثعالب الفن وسامرسته‪.‬‬
‫السينما ‪..‬‬
‫الدين والفتاوى األفالمية‬
‫من املوضوعات اليت ال تشغل ابل املهمتني ابلشأأن السيامنيئ ا ألمازيغي‬
‫موضوع "عالقة السيامن ابدلين والتارخي"‪ ،‬وال نعين ابدلين هنا الاستئصال‬
‫االإيديولويج للمصطلح‪ ،‬حبثا عن سيامن متدينة أأو دين سيامنيئ‪ ،‬فهذا ابب يف‬
‫حاجة اإىل تعميق البحث وتكثيف اجلهود والغوص يف أأعامق املصطلَ َحني‪ ،‬اإال أأن‬
‫اذلي يعنينا هنا هو مدى التناوالت السيامنئية للرموز والقضااي ادلينية‪ ،‬وقد نتفق‬
‫وظريف‪ ،‬أأو متجاوز‬ ‫أأو خنتلف مع اذلين يرون أأن موضوع ادلين يف السيامن َع َريض ْ‬
‫ال يشلك أأي انعاكس سليب أأو اإجيايب‪ ،‬هذا اإذا سلمنا جدال بعدم وجود حاالت‬
‫مشلهتا الفوىض الراهنة‪ ،‬ففي هذه احلاةل ال مندوحة من جعل ادلين تمية من‬
‫التاميت الشلكية‪ ،‬ال موضوعا أأخالقيا هل روابطه وتأأثرياته عىل املتلقي‪.‬‬
‫وحديثنا عن ادلين من حيث كونه مصدرا سامواي‪ ،‬ال يعين حبال من ا ألحوال‬
‫أأ ْسلَمة السيامن أأو أأخ َْونهتا‪ ،‬بقدر ما يربطنا ابلهوية املبنية عىل أأخالق َّ‬
‫مؤطرة دينيا‪،‬‬
‫ألن مسأأةل ا ألخالق يف السيامن ابتت موضع ش هبة‪ ،‬وحامت حولها أراء شاذة‬
‫وقالقل‪ ،‬حىت ظهر بني ظهرانينا من ال يس تحرض ا ألخالق يف اجملال السيامنيئ‬
‫هنائيا‪ ،‬ويرفض أأن تكون حاجزا بينه وبني ترشحيه لواقعه سيامنئيا‪ ،‬كأن الفنان‬
‫يبدع لنفسه داخل منظومة أأخالقية خاصة بعيدة عن امجلهور‪ ،‬فأأحيا بذكل س نة‬
‫وعرى عن واقعه بطرق سافرة أأبعد ما تكون عن الفن‬ ‫الفن للفن من جديد‪َّ ،‬‬
‫واالإبداع‪ ،‬لهذا جعلنا عنرص ادلين كئنا حيا يف السيامن ا ألمازيغية اليت ترفض –‬
‫شالك ‪ -‬هذا الهنج‪ ،‬العتقادان أأن الهوية ا ألمازيغية املتعلقة ابدلين شالك ومضموان‬
‫حالت دون ذكل‪ ،‬وهذا ما نتغياه أأن يطال العمق السيامنيئ الأمازيغي حىت نرىق‬
‫به‪ ،‬ونكسب ورقة المتزي اليت يراها البعض جحر عرثة أأمام التقدم والانفتاح‪.‬‬
‫ليس من الرضوري أأن تكون ا ألخالق مرتبطة ابدلين للقيام مبرشوع اإنساين‬
‫مبين عىل القمي‪ ،‬فا ألخالق ُوجدت قبل ادلين‪ ،‬سواء كنت اإجيابية أأو َسلبية‪،‬‬
‫وادلين االإساليم جاء ليمتم ا إالجيايب مهنا‪ ،‬ال ليبتدعها‪ ،‬ومن املنظور االإنساين‬
‫ينطلق املرشوع ا ألول للباء ا ألخاليق‪ ،‬والفن جزء من هذا املرشوع‪.‬‬
‫والثقافة ا ألمازيغية مرتبطة مبفهوم ا ألخالق االإنساين حىت يف بعض مظاهرها‬
‫الوثنية قبل مرحةل التدين‪ ،‬وال تزال تافظ عىل هذا االإرث ا ألخاليق‪ ،‬يف‬
‫العادات‪ ،‬والتقاليد‪ ،‬واملعامالت‪ ،‬واللغة‪ ،‬والتعايش مع الخر ‪ ...‬ويف ش ىت‬
‫منايح احلياة‪ ،‬ذلكل من البدهييي أأن نعرث عىل مظاهر التحرض ا ألخاليق يف الفن‬
‫ا ألمازيغي جبميع مكوانته‪ ،‬مبا يف ذكل الفن السيامنيئ اذلي حافظ عىل المنط‬
‫الاجامتعي ل ألخالق‪ ،‬وجتاوز اإىل حد ما ا ألمناط ا ألخرى ألس باب س نتناول‬
‫بعضها‪.‬‬
‫لقد ظلت السيامن ا ألمازيغية تش تغل عىل تمييت الرتاث وادلين من زاوية‬
‫اجامتعية منذ بداايهتا‪ ،‬ووظفت الرموز ادلينية ملصاحلها النفعية‪ ،‬وال ياكد خيلو‬
‫معل من أأعاملها من مسحة ادلين‪ ،‬ا ْإن عىل مس توى الاس تدالل أأو عىل مس توى‬
‫الاس تنباط‪ ،‬أأما ما يسمى ابلفيمل ادليين كام هو متعارف عليه سيامنئيا‪ ،‬واذلي‬
‫يتناول قضية من قضاايه مل يُنتج منه غري معل واحد‪ ،‬اإضافة اإىل كون فضاء التارخي‬
‫ا ألمازيغي الرحب مل تطرقه السيامن اإال بثالثة أأعامل منذ نشأأهتا‪ ،‬واليت جاءت لكها‬
‫يف فرتات متأأخرة‪ ،‬انهيك عن القضية ا ألمازيغية اليت ظلت السيامن مبعزل عهنا‬
‫رمغ انامتهئا الظاهري اإلهيا‪ ،‬واليت كن من املفروض أأن تناِصها كام انِصت السيامن‬
‫الفلسطينية قضيهتا الس ياس ية بعرشات ا ألعامل‪ ،‬اخرتقت هبا البساط ا أللمر يف‬
‫كربى املهرجاانت العاملية‪ ،‬ومع ذكل مل تس َت ِّح سيامنان من تقويض لبناهتا املهرتئة‬
‫عىل أأنقاض موضوعات أأجل ما وصفها هبا النقاد أأهنا خسيفة‪ ،‬وا ألجود مهنا َ‬
‫ِص َف‬
‫مهته حنو أأهداف أنية تت وطأأة االإكراهات القاس ية‪.‬‬
‫عكفت السيامن ا ألمازيغية متتح من ادلين عىل قدر ما يناسب وعاء‬
‫موضوعاهتا‪ ،‬ترىق به حينا عىل حسب ما يقتضيه الس ياق‪ ،‬وتدين به أأحايني‬
‫كثرية يف الوحل حيامن يتسع النطاق‪ ،‬ذلكل ِّخسرت عىل سبيل املثال من خشص‬
‫(الطالْ ْب) مبا فيه الكفاية‪ ،‬جراي عىل س نة السيامن ادلارجية‪ ،‬وا ألعامل‬ ‫الفقيه َّ‬
‫التلفزية‪ ،‬والنصوص ُّالر ْكحية‪ ،‬حيث ملَزتْه ِصاحة ابلسذاجة والغباء والبخل‬
‫واجلنب واجلشع والنصب والاحتيال‪ ،‬وكن أأ ُ‬
‫ول فيمل أأمازيغي خرج للوجود ابكور َة‬
‫من كرس هذه الظاهرة يف أأبشع صورها‪ ،‬مث جاء من بعده من ساروا عىل ادلرب‪،‬‬
‫وكثفوا هجود السخرية‪ ،‬فنالوا من خشص "الفقيه" دون أأدىن اإشارة اإىل دوره‬
‫الرايدي يف اجملمتع ا ألمازيغي‪ .‬أأضف اإىل ذكل اختاذ بعض الشعائر ادلينية موضع‬
‫اس هتزاء ورطانة‪ ،‬كلصالة والصوم واحلج‪ ،‬وك" "الاس تغفار" اذلي تول يف أأحد‬
‫السخافات املنمتية للفن اإىل رقصة فوللكورية دلغدغة رغبات الغوغاء‪ ،‬وتوظيفات‬
‫الايت القرأنية اليت ما مسعناها يوما سلمية القراءة‪ ،‬بل مهنا ما تول بقدرة قادر‬
‫اإىل أأحاديث نبوية‪ ،‬أأو العكس‪ ،‬كقوهل تعاىل‪" :‬اإن أأبغض احلالل عند هللا‬
‫الطالق"‪ ،‬وقول الرسول‪" :‬من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"‪ ،‬مث يأأيت دور‬
‫القضااي الفقهية املطروحة جزافا للمشاهد‪ ،‬إوابداء احلمك الهزيل فهيا مما مل خيطر‬
‫عىل ابل أأيب حنيفة أأو الشافعي‪ ،‬أأو حىت أأحصاب املذاهب ادلينية ِّلكها‪ ،‬وهذا‬
‫نتيجة الاس تغناء عن خدمات الفقيه البليد والغيب‪ ،‬واذلي ال أأعتقد أأن السيامن‬
‫ا ألمازيغية يوما ما وثَّقَت بواسطته اقتباساهتا ادلينية‪.‬‬
‫أأما ما ميكن اإدراجه يف ابب الفتاوى والرمج ابلغيب يف اإنتاجاتنا حفدث وال‬
‫حرج‪ ،‬ا ألمر اذلي مل يأأخذ منا بعدُ نصيبه من العناية والتحليل‪ ،‬ويدخل يف اإطار‬
‫التأأثري االإعاليم اذلي مل نع خطورته وقوة شكميته ‪ ..‬فكثري من ترصفات العامة‬
‫مبين عىل فتاوى أأفالمية‪ ،‬صادرة من مواقف تشخيصية ألحد املمثلني‪ ،‬أأو أأشعار‬
‫غنائية‪ ،‬يس تدلون هبا عىل جدية نوازهلم و أأحقيهتا‪ ،‬وا ألدىه من ذكل أأن قول‬
‫الفنان يف أأحد ا ألدوار ‪ -‬عند معظمهم ‪ -‬أأقوى جحة من "قال هللا" و"قال‬
‫وممكَن‬ ‫الرسول"‪ ،‬أأو قال العامل الفالين أأو الباحث العالين‪ ،‬وهنا مربط الفرس‪ْ ،‬‬
‫اخلطر‪ ،‬وقد مسعنا كثريا من العامة من حييكل أأثناء النقاش عىل أأفالم أأمازيغية‬
‫مكصادر هل ومراجع للتوثيق(‪.)1‬‬
‫إواذا ما سلمنا هبذه الفرضية‪ ،‬اليت ليست يف حاجة اإىل مزيد من التوضيح‪،‬‬
‫فاإننا ندرك ال حماةل خطورة التوظيفات ادلينية يف ا ألعامل السيامنئية اليت مل ت ْ َُنب‬
‫عىل أأساس علمي‪ ،‬ملا ُتدثه من تغيريات جذرية يف نفوس وسلوك الطبقة املعنية‬
‫لست أأابلغ اإن‬ ‫هبا‪ ،‬وهذا أأمر َجلل أأصبح ال مناص من وضعه تت اجملهر‪ ،‬و ُ‬
‫قلت أأننا صادفنا يف أأوساط املثقفني من جيعلون من الكوارث الفنية اليت تدثنا‬
‫عهنا مصدرا لالس تدالل‪ ،‬ومن بعض الهبلوانيني رموزا و أأعالما ‪ ..‬وما خفي أأعظم‪.‬‬
‫لقد أأدت بعض املفاهمي املغلوطة عن عالقة ادلين ابلفن عند بعض الفنانني‬
‫الفن‪ ،‬ووجو ِّدهام عىل‬ ‫لك مهنام‪ ،‬ومنذ جفر ادلين و ِّ‬ ‫خارج طبيعة ٍ‬ ‫اإىل تأأويالت َ‬
‫حصيف واحد؛ مل يضق الكهام ابلخر‪ ،‬بل حدث بيهنام تعايش و أأتالف حىت شذ‬
‫بعض رجال ادلين عام كن متعارفا عليه‪ ،‬وتقاطعوا مع ذوي ا ألفاكر املتحررة‪،‬‬
‫فنشبت حروب داحس ية دامت لقرون‪ ،‬نتيجة أأخطاء مهنجية َّودلت معركة‬
‫أأخرى بني من يرون ادلين ختلفا ورجعية‪ ،‬وبني من يرون الفن تلال إواابحية‪.‬‬
‫لقد اعتقد الكثري أنذاك بأأن ادلين ال ميكن أأن يعيش مع الفن تت سقف‬
‫واحد‪ ،‬خاصة عندما توغلت احلركت االإصالحية يف مصادرة احلرايت‪ ،‬وتتبعِّ‬
‫رجاالت التوجه التحرري‪ ،‬وال ميكن ألحدهام خدمة الخر أأو الاس تعانة به‪،‬‬
‫ذلكل نشأأت بني الطرفني قطيعة وصلت حلد البشاعة واجلُرم‪ ،‬انطلقت مع‬
‫مهنا ما ميكن أأن يكون كذكل‪.‬‬ ‫( ‪)1‬‬
‫ا ألحاكم اجلاهزة اليت أأصدرهتا الكنائس يف فرتة من الفرتات‪ ،‬مث انتقلت اإىل‬
‫التأأويالت املذهبية للنصوص ادلينية االإسالمية‪ ،‬ل ُي َنرث رذاذها عىل القبة الفنية‬
‫احلالية‪ ،‬ذلكل يوجد من بني الفنانني من ال يزال ممتساك بتكل الاثر الباقية من‬
‫خملفات الرصاعات الفكرية‪ ،‬نشأأت عهنا عالقة متوترة وغري مس تقرة‪ ،‬وغالبا ما‬
‫تنحرص يف معلية الهترب من املسؤوليات والالزتامات اليت َ ُتد من حرية الفرد‬
‫وحرية نزواته‪ ،‬حيث التيه والغليان‪ ،‬وتضع صاحهبا يف مأأزق التقليد اذلي يشلك‬
‫عليه خطرا‪ ،‬ويضعه يف حرج مع النفس واجملمتع‪ ،‬ليتيه يف الهناية بني أأفاكر دينية‬
‫متطرفة‪ ،‬وتطرف فكري ال ديين‪.‬‬
‫الوجه اآلخر للقرصنة‬
‫والسؤال الراهن‬
‫من املوضوعات اليت ابتت واحضة املعامل‪ ،‬وال أأحد جيادل يف كرثيهتا‪ ،‬وال‬
‫تطيق املزيد من اللغَط أأكرث مما طرح عىل موائد النقاش‪ ،‬هو موضوع "القرصنة"‪،‬‬
‫واذلي يعد أأكرب خطر هيدد الصناعة السيامنئية يف عقر دارها‪ ،‬ويكبدها خسائر‬
‫جس مية‪ ،‬كام يكبد ادلوةل أأضعافها‪ ،‬خاصة عندما تقتحم هذه الفة قلب اجملمتع‪،‬‬
‫وتتحول اإىل ظاهرة وعادة اجامتعية‪ ،‬مث اإىل حاةل نفس ية تس توطن النفوس عن‬
‫طريق االإلف اذلي يعد مصدر لك اجلناايت املقبوةل اجامتعيا‪ ،‬مهنا فعل القرصنة‬
‫املوغل يف اذلات الفاعةل لهذا السلوك السليب االإجيايب‪ ،‬فهو سليب من حيث كونه‬
‫الفعل املهدد ألهجزة متعددة داخل اجملمتع‪ ،‬إواجيايب من حيث احتوائه عنرص‬
‫القابلية مكصدر لفعل مأألوف داخل نفس اجملمتع اذلي يقبهل ويرفضه يف الن نفسه‪،‬‬
‫وهو ما ربطه أأحد الباحثني بشجرة النسب‪ ،‬وجعل ا ألمر مقبوال انطالقا من‬
‫تأأثريات داخلية اس توعهبا ا ألفراد داخل حقل جامعي ُمهيأأ‪ ،‬علام أأن التأأثريات‬
‫السلبية للقرصنة ال تظهر أاثرها اإال عىل هجة معينة‪ ،‬يف الوقت اذلي تعد مصدرا‬
‫اإجيابيا جلهات أأخرى تشمل ا ألفراد وامجلاعات‪ ،‬ذلكل أأصبح من املأألوف أأن نلمس‬
‫لك حسب مس توى اإدراكه‪ ،‬مما‬ ‫اخنراط كفة رشاحئ اجملمتع يف هذا الفعل املشني‪ٌّ ،‬‬
‫َّودل مفاهمي أأخرى غري منتظرة‪ُ ،‬ح ِّو َر ْت اإىل مربرات أأسعفت بعض الش باب‬
‫ملقرصنة بشلك طبيعي ومقبول بعيدا عن أأعني املراقبة‪ ،‬كشلك‬ ‫لمترير منتوجاهتم ا َ‬
‫من الاحتجاج عىل ا ألوضاع الاجامتعية املُعاشة‪.‬‬
‫وعند الوقوف عىل الاثر اليت يُس تفاد مهنا اإجيابيا‪ ،‬جندها تؤثر عن طريق‬
‫االلْ ِّف عىل اجلهات اليت يقع علهيا فعل القرصنة‪ ،‬فاذلين يش تكون من معلية‬
‫ِ‬
‫القرصنة يتحولون تت تأأثري حاةل االإلف اجملمتعية اإىل "قراصنة أأش باح"‪،‬‬
‫وينخرطون يف منظومة سلبية تولت اإىل عرف مدين خارج عن دائرة الس يطرة‪،‬‬
‫لهذا جند أأغلب املنتوجات ( افالم – أأغاين ‪ -‬سكيتشات – لكيبات) خضعت‬
‫لفعل القرصنة االإنتاجية قبل خضوها للقرصنة بعد مرحةل االإنتاج‪ ،‬ويف اعتقادي‬
‫مثال أأن الاتاكء عىل أأشخاص ال ميتون اإىل الفن بصةل‪ ،‬ومن َحهم ا ألدوار الرئيس ية‬
‫يف ا ألعامل السيامنئية أأو التلفزية يعد قرصنة حقيقية ال غبار علهيا‪ ،‬بدعوى أأن‬
‫متطلبات الفنان املبدع قد يلكف العمل أأكرث من طاقته املادية‪ ،‬إاضافة اإىل مواد‬
‫غنائية تقدم "مغنني أأش باح" بأأصوات مقرصنة‪ ،‬دون مربر منطقي‪ ،‬و أأعامل أأخرى‬
‫فيلمية أأو موس يقية مقرصنة قرصنة سافرة ليست يف حاجة اإىل تعليق‪ ،‬ويلحق‬
‫هبذه املس توايت ما خيتلط فهمه اإثر احلديث عن ا ألرشطة ا ألصلية وا ألرشطة‬
‫املقرصنة‪ ،‬فالفرق بيهنام أأصبح ال ُ َجياوز ما حيمهل لك مصطلح من حروف غري‬
‫متشاهبة‪ ،‬ابعتبار أأن املادة املوهجة للجمهور عن طريق ا ألرشطة خضع معظمها‬
‫للقرصنة‪ ،‬مما ينفي عهنا صبغة الفنية واالإبداع تقنيا و أأداء‪ ،‬مث تأأيت مرحةل اإعداد‬
‫ا ألقراص وحنهثا بطريقة يدوية (مقرصنة) ال جتعل املس هتكل يس متتع بقمية املنتوج‬
‫ا ألصيل‪ ،‬انهيك عن ا ألعامل املصورة اليت انتجهتا السيامن ا ألمازيغية منذ تأأسيسها‬
‫اإىل يومنا هذا ال يوجد من بيهنا حاةل واحدة تمتزي جبودة الصورة والصوت‬
‫واملوس يقى‪ ،‬وكأن املشاهد ا ألمازيغي ال تعنيه هذه ا ألصناف من اجلودة‪.‬‬
‫مرشعني لفعل‬‫وهبذا تتضح خيوط معلية التطبيع بني املنتجني ابعتبارمه َ ِّ‬
‫القرصنة‪ ،‬وقراصنة ا ألعامل ابعتبارمه املس تفيدين املمتازين‪ ،‬واملس هتلكني‬
‫ابعتبارمه الفئة املس هتدفَة من قبل املنتجني والقراصنة‪ ،‬ومعلي ُة التطبيع تأأخذ‬
‫مسارا أخر عندما تطرح بعض رشكت االإنتاج أأعاملها يف ا ألسواق َ‬
‫مقرصنة قبل‬
‫مدامههتا من قبل قراصنة ا ألعامل‪ ،‬وهو ما جعلنا منزي بني القراصنة املعلَن عهنم‬
‫ومه حيملون راية القرصان املكشوف؛ وبني القراصنة ا ألش باح املتسرتين خلف‬
‫أأسامء قانونية‪ ،‬وحييلنا عىل ثغرات أنية الخرتاق ما اصطلح عىل تسميته بقانون‬
‫النسخة اخلاصة‪ ،‬وابلتايل جند الفعل هنا يكتيس صبغة اجلرمية املتعددة ا ألشاكل‪،‬‬
‫ويدخل يف اإطارها املامرسات االإلكرتونية اليت بدورها تزيد الرتق اتساعا‪ ،‬حيث‬
‫يزنل املنتوج الفين عىل الش بكة العنكبوتية يف الوقت اذلي يشهد نزوهل اإىل‬
‫هتكل من مشاهدة ما يشاء وقت‬ ‫ا ألسواق‪ ،‬بعيدا عن أأعني الرقابة‪ ،‬ومي َ ِّكن املس َ‬
‫ما يشاء بدون مقابل‪ ،‬ما يكشف عن الوجه الخر للخطر‪ ،‬وهيدد اجملال من‬
‫ادلاخل‪ ،‬ومما يعين أأن معلية القرصنة تشمل التطور التقين اذلي يدخل يف اإطار‬
‫نتاج الطاقات البرشية‪ ،‬وهيدد نتاج الطاقات االإبداعية‪ ،‬ويوسع جمال اخليارات‬
‫الفردية‪ ،‬ويسامه يف تدمري الرتاث االإبداعي بشلك عام‪ ،‬ويفرض عليه حكام قاس يا‬
‫ابالنقراض‪ ،‬دون أأن يس تثين االإنتاجات الأجنبية الضخمة‪ ،‬اليت يتصل هبا‬
‫املشاهد مقرصنة قُ َبيل نزولها دلُ ور العرض يف بهثا الافتتايح‪ ،‬رمغ ما فرضته من‬
‫رقابة صارمة‪ ،‬وهذا يدل عىل أأن رسعة التقدم التكنولويج وبطء تفعيل القوانني‬
‫يسريان يف خطني متوازيني‪ ،‬حيث مل يَت َ َس َّن للكهيْ ام الاس تفادة من تَبِّعاهتام‪.‬‬
‫اإن حاةل الفوىض اليت مشلت القطاع السمعي البرصي أأدت اإىل ارتباك‬
‫املوازين‪ ،‬و أأحدثت رشخا كبريا يف اجلسد الفين‪ ،‬وقد أأكد تقرير املركز السيامنيئ‬
‫املغريب س نة ‪ 2015‬بأأن ((نس بة ا ألقراص‪ ،‬اليت ال تمل أأي ترخيص من اجلهات‬
‫املعنية‪ ،‬تبلغ ‪ 94‬يف املائة من مجموع ا ألقراص املتداوةل يف ا ألسواق املغربية‪ ،‬مشريا‬
‫اإىل أأن القراصنة يروجون حوايل ‪ 100‬أألف قرص منسوخ بطريقة غري قانونية‬
‫يوميا يف خمتلف ا ألسواق‪ ،‬ما يعين أأن جحم هذه التجارة يناهز مبلغ مليار درمه‬
‫س نواي))(‪ ،)1‬ا ألمر اذلي يؤكد بأأن مسأأةل الوعي خبطورة القرصنة بش ىت أأنواعها‬
‫دلى املنتج واملس هتكل معا ال يرىق اإىل مس توى اخلطورة نفسها‪ ،‬ألن وجود‬
‫نس بة ‪ %6‬من املنتوج ا ألصيل اب ألسواق وسط ‪ %94‬من املواد املقرصنة هل أأكرث‬
‫من تفسري‪ ،‬وال ميكن فهم الظاهرة اإال اإذا وضعنا عناِصها الثالثة (املنتج –‬
‫(‪ - )1‬موقع "الصحراء املغربية" عدد‪ 12 :‬يناير‪.2015‬‬
‫املس هتكل – القرصان) يف س ياقها الاجامتعي والتارخيي‪ ،‬وربطناها ابلنتاجئ املرتتبة‬
‫عهنا‪ ،‬واليت يف معقها تيسء اإىل الفن من جانبه الرمزي ‪ -‬كونه أأرىق مس توايت‬
‫االإنتاج عند االإنسان ‪ -‬أأكرث من جانبه املادي‪ .‬إواذا كنت حمتية الانقراض تطارد‬
‫ا ألعامل املقرصنة يف مرحةل االإنتاج‪ ،‬ويه ا ألعامل اليت ختاطب جيوب املس هتكل‬
‫مع وضوح معامل اجلرمية‪ ،‬وتصيب لعنهتُ ا البقية الباقية من ا ألعامل الهادفة‪ ،‬وحمتية‬
‫تضخم موارد القرصنة وتطور مداركها بتطور اجملال التقين‪ ،‬فاإن السؤال اذلي‬
‫يفرض نفسه بقوة ويبحث هل عن اإجابة شافية هو‪:‬‬
‫مقرصنة ‪ ..‬أأم قرصنة ا ألعامل؟‬
‫من ا ألوىل ابملعاجلة يف الوضع الراهن‪ :‬أأعامل َ‬
‫أفالم ‪ ..‬أم سكيتشات‬
‫؟؟؟‬
‫الط َرف واحلاكايت واملس متلحات‬ ‫حيوي الرتاث ا ألمازيغي خزاان كبريا(‪ )1‬من ُّ‬
‫يدون مهنا التارخي ‪ -‬ل ألسف ‪ -‬اإال الزنر اليسري‪ ،‬لعدم ارتباط السوس يني بعمل‬ ‫مل ِّ‬
‫التارخي(‪ ،)2‬وانشغاهلم عنه يف مرحةل التدوين ‪ ..‬ومن اللباقة الفنية أأن تتوىل الاكمريا‬
‫مبفردها هممة التوثيق والتدوين‪ ،‬دون الاس تعانة بتقنيات موازية‪ ،‬أأو اس تحضار‬
‫أليات حممكة‪ ،‬وهذا الغياب الش به التام للك ما هو فين أأو تقين‪ ،‬ليس هل ما‬
‫يربره سوى اقتحام العدسة ا ألمازيغية للمجال يف ظروف غري حصية‪ ،‬وزمن غري‬
‫مناسب‪ .‬مما سامه يف توير العالقة بني الشلك واملضمون‪ ،‬وبني الفاعل واملفعول‪،‬‬
‫وكذا املفاهمي املتعارف علهيا علميا و أأدبيا وفنيا‪ ،‬كأن يصري الفنان أأداة ‪ ..‬والفن‬
‫لعنة ‪ ..‬والوتر انقوسا ‪ ..‬والعود طارة ‪ ..‬وهكذا‪.‬‬
‫وغالبية االإنتاجات ا ألمازيغية اليت رفعت "بُ ْور َصا" ا ألرقام الفيلموغرافية‪ ،‬ما‬
‫يه يف الهناية اإال جمرد سكيتشات بدائية أأخطأأت طريقها حنو مسمى "الفيمل‬
‫الامازيغي"(‪ ،)3‬و ُكتب لها ما مل يكتب لغريها من الانتشار اذلي حيصد ُّ‬
‫الفن‬
‫نتا َجئه القاتةل يف الونة ا ألخرية اإىل ما بعد منتصف العرشية الثانية من ا أللفية‬
‫الثالثة زمن الانفجار العظمي ألحدث التقنيات‪.‬‬
‫اإن منط السكيتشات ‪-‬موضوع البحث‪ -‬طويةل كنت أأو ما تسلسل مهنا‬
‫عرب حلقات تلفزية‪ ،‬هو منأى عن لك ما ميت اإىل الفن بصةل‪ ،‬حيث مل ختضع‬
‫وحس ُبه أأنه حول طرائف ‪-‬خضعت أأحياان‬ ‫موضوعاته ألي منطق علمي أأو فين‪ْ ،‬‬
‫ملسخ الشارع‪ -‬اإىل تشكيةل من املواقف الهزلية‪ ،‬معززة بالزمات جتارية‪،‬‬
‫وتشخيصات هبلوانية‪ .‬اإضافة اإىل كوهنا قزمت جحم ا ألمازيغي البدوي‪ ،‬فأأردته‬
‫(‪ - )1‬يرى الباحث محمد أأرجدال بأأنه مل يتبق من احلاكايت والأساطري الأمازيغية اإال الزنر القليل‪ ،‬يف اإشارة اإىل ضياع العديد‬
‫مهنا‪" .‬قراءة يف بعض الأساطري الأمازيغية ابجلنوب املغريب" مضن " ا ألدب الشفوي الأمازيغي"‪ ،‬ص‪.49:‬‬
‫(‪" - )2‬سوس العاملة"‪ ،‬ص‪ 19:‬و"مدارس سوس العتيقة"‪ ،‬محمد اخملتار السويس‪ ،‬ص‪.74:‬‬
‫(‪ - )3‬أأغلهبا مت الترصحي هبا قانونيا عىل أأهنا سكيتشات ال أأفالم‪.‬‬
‫طرحي متثالت مفعمة ابلسخرية والهتمك‪ ،‬واليت جاءت يف س ياق واحد مع‬
‫السكيتشات والوصالت الفاكهية اليت كنت جتعل من "الشلح" مادة للسخرية‬
‫والاس هتزاء يف سبيل اإحضاك الخرين مبا فهيم "الشلح" نفسه‪ ،‬وها يه الن‬
‫أأفالمنا ا ألمازيغية تقوم بدور تأأكيدي ملا كن ابالإماكن أأن ال يكون‪ ،‬وكرست مفهوم‬
‫الهامش ية اليت يُنعت هبا ا ألمازيغ‪ ،‬بدعوى الواقعية‪(( ،‬فالسخرية ليست ل إالحضاك‬
‫حفسب‪ ،‬بل من غاايهتا القصوى العمل من أأجل اإبعاد السليب من القمي مع االإبقاء‬
‫واحملافظة عىل االإجيايب مهنا‪ ،‬فليس هناك خسرية من أأجل السخرية))(‪.)1‬‬
‫حس ُب هذه النوعية من ا ألعامل أأهنا مزقت جحب التحدي لتكشف عن‬ ‫ْ‬
‫وجه أخر للمحاوالت غري املوفقة‪ ،‬ويه حماوالت ‪-‬ل ألسف‪ -‬تكررت يف املشهد‬
‫الفين‪ ،‬و أأمكن للمشاهد اخزتالها يف مجموعة من املشاهد الفقرية فنيا وتقنيا‪،‬‬
‫واملتداخةل فامي بيهنا‪ ،‬أأش به ما تكون ‪-‬شالك‪ -‬بقصيدة النرث‪ ،‬وقد يويح بعضها‬
‫اإىل أأهنا تتوي عىل مادة معينة بروابط فنية‪ ،‬رمغ نزعهتا التعلميية التقريرية‪ ،‬اليت‬
‫أأغرت أأحد النقاد فسامها ((اباللزتام الفكري وا ألخاليق))(‪ ،)2‬لتوفرها عىل لقطات‬
‫مرئية ومسموعة تتخللها مقاطع موس يقية مبتورة‪ ،‬ومراحل متنحها صفة معل فين‬
‫جاهز لالس هتالك‪ ،‬بعد أأن ِّحي َك ْت صياغاهتا بطرق مس هتلَكة حىت غذت عبارة‬
‫عن عناوين خمتلفة لعمل واحد‪ ،‬ال فرق فهيا بني "دا حامد" يف هذا العمل و"دا‬
‫سعيد" يف معل أخر‪ ،‬بل ال تاكد جتد فوارق ملموسة متنح املشاهد حق المتيزي‪،‬‬
‫وتصهل بواقعه اذلي ينتظر تشكيهل فنيا يرىق مبس تواه‪ ،‬ومس توى حميطه‪.‬‬
‫إوان كن لها من حس نات تشفع لها لك هذا اجملهود فهو أأهنا وثقت –صوات‬
‫وصورة‪ -‬لعدد ال بأأس به من الطرائف والنكت اليت يشملها الرتاث الالمادي‬
‫(‪" - )1‬أأفالم أأمازيغية‪ ،‬مالحظات وقراءة أأولية"‪ ،‬ص‪.38:‬‬
‫(‪" - )2‬السيامن املغربية الواقع والفاق"‪ ،‬ص‪102:‬‬
‫للثقافة ا ألمازيغة‪ ،‬علام أأهنا أأحياان تقع يف اخللط بني الطرائف احمللية والطرائف‬
‫املس هتلكة عربيا وغربيا‪ ،‬ويه معلية قد تفيد صفحات ا ألجيال الالحقة تأأرخييا(‪،)1‬‬
‫للطرفة العربية اليت مت تداركها من خالل مجموعة من‬ ‫كام هو الشأأن ابلنس بة ُّ‬
‫املؤلفات اليت حافظت عىل نسخهتا ا ألصلية أأدبيا بصيغة أأفالم قصرية دقيقة‬
‫التصوير مبفهومنا املعاِص‪ ،‬ويعد كتاب "البخالء" للجاحظ‪ ،‬واحدا من ا ألعامل‬
‫ا ألدبية الهامة اليت تناولت الطرفة بطريقة سيامنئية‪ ،‬حيث صيغت حبكهتا وفق‬
‫تصورات اإخراجية منسوجة من خيوط الواقع املعيش‪ ،‬وساعد ذكل املؤ َلف عىل‬
‫دمع اجلانب الفين للوصول اإىل خمتلف أأمناط العيش دلى الفئة املدروسة‪ ،‬بعيدا‬
‫عن نسج اخليال أأو املروايت الشفهية‪ ،‬وصلت حلد أأن حافظت بعد قرون‬
‫مضت عىل ا ألسامء احلقيقية ألحصاهبا يف زمن ليست فيه رقابة‪ ،‬هذا فضال عن‬
‫مواقعهم البيئية‪ ،‬وتوالهتم الاجامتعية‪.‬‬
‫وعندما تدث بعض النقاد عن معلية اإنتاج أأعامل أأمازيغية يف الفرتات‬
‫السابقة من هذه العينة بطامق صغري‪ ،‬وممثلني هواة وأأش باه هواة‪ ،‬وابلراغبني يف‬
‫الظهور ‪-‬ومه ُكرث‪ ،-‬ومزيانية ال تتجاوز يف حدودها القصوى ‪ 60‬أألف درمه‪،‬‬
‫ويزتمعها خشص يتقمص أأزيد من أأربعة أأدوار بني التقنية والتشخيصية‪ ،‬فاإن‬
‫ا ألدىه من ذكل هو تطور هذه احلاةل املس تعصية عىل العقل البرشي للوصول‬
‫بقاطرة التجاوزات(‪ )2‬الالمنطقية اإىل مرحةل االإنتاج ا ألسطوري‪ ،‬التحدي اذلي‬
‫أأريدَ هل أأن يصل اإىل مرحةل االإجعاز الفين‪ ،‬ويرىم فيه بفتات الفن(‪ )3‬اإىل املشاهد‬
‫ا ألمازيغي املغلوب عىل أأمره‪ ،‬حبجة أأنه هو من أأراد ذكل‪ ،‬و أأنه املدمع الرمسي‬
‫(‪ - )1‬سواء عىل املس توى التأأرخي الأديب أأو السيامنيئ‪.‬‬
‫(‪ - )2‬س بق للناقد "محمد بلوش" أأن رصد جانبا من هذه التجاوزات يف مقال‪" :‬الفيمل ا ألمازيغي بني الرداءة والنضج"‪ ،‬مضن‬
‫كتاب‪" :‬الفيمل الامازيغي ‪ ..‬أأس ئلته ورهاانته" ص‪.40:‬‬
‫(‪ - )3‬نعتذر للك الفنانني اذلين حيرتمون فهنم عىل هذا الاس تعامل التعسفي‪ ،‬وإاال فال ماكن ملصطلح الفتات يف ساحة الفن‬
‫احلقيقي‪.‬‬
‫والوحيد ملثل هذه السخافات‪ .‬ولنا ابملقابل أأن نتساءل عن ا ألس باب اليت تدفع‬
‫بشخص واحد اإىل القيام برتسانة من ا ألدوار‪ ،‬بني االإنتاج والمتثيل والتوزيع‪،‬‬
‫اإضافة اإىل أأدوار تقنية أأو كومبارس ية اإذا دعت الرضورة !!!‪.‬‬
‫السوق ‪ ..‬والڤي يس دي )‪(VCD‬‬
‫أأحضت عبارة "غَ َيا ْد أأ ْي َرا السوق" (هذا ما يريده السوق)(‪ )1‬من أأشهر‬
‫العبارات اليت جاءت عقب فرتة اهنزام املنتوج ا ألمازيغي يف الساحة الفنية‪ ،‬ويه‬
‫يف معقها ادلاليل ال تبتعد كثريا عن مدلوالت السلبية يف حاةل اإذا ما كنت تمل‬
‫معقا‪ ،‬وظهرت العبارة منذ فرتة انشغال السيامن ا ألمازيغية مبرحةل التكوين والبناء‪،‬‬
‫فاكن من أأمرها أأن سامهت تقنيا يف تفيش ظاهرة القرصنة‪ ،‬وواكبت معلية تواطئ‬
‫التجار مع الكيان الفين حبثا عن املادة مبفهوهما "البورصوي" من أأيرس طرقها عىل‬
‫حساب املادة الفنية‪ ،‬عىل اإثرها نشأأ مصطلح "الڤي يس دي" (القرص املدمج)‬
‫يف بيئة غري حصية‪ ،‬وتطور مدلوهل البس يط ليس يطر عىل عقول التجار(‪،)2‬‬
‫واس تغرق وقتا قصريا ألن حيتل ماكن "الڤيديو"‪ ،‬و أأخذت بضاعته يف الانتشار‬
‫برسعة هائةل‪ ،‬لتاكليفه اليسرية‪ ،‬وملرونته‪ ،‬ويرس اس تعامهل‪ ،‬وسهوةل احلصول عىل‬
‫أأهجزة اس تخدامه (قارئ ا ألقراص)‪ ،‬وبد أأت االإنتاجات الفنية ت َْرتا عىل الساحة‬
‫كزخات مطرية هائةل‪ ،‬فهلل امجليع ملصطلح " أأفالم الڤي يس دي" بدل " أأفالم‬
‫الڤيديو"‪ ،‬وخضع املس هتكل املنهبر لعملية اقتحام عنيفة‪ ،‬ال جمال فهيا للتأأمل‪ ،‬متاما‬
‫كام دامهته أأغاين الڤيديو لكيب يف فرتة من الفرتات(‪ ،)3‬وال أأحد ساعهتا تنبأأ‬
‫خلطورة املوقف اجللل‪ ،‬ألن مرحةل التأأسيس متت بواسطة هواة‪ ،‬حركهتم أأايد‬
‫(‪ - )1‬أأول العبارات اليت تطرق أأذن من سولت هل نفسه ولوج ميدان الفن الأمازيغي‪.‬‬
‫(‪ - )2‬لقهبم الفين "منتجون"‪.‬‬
‫(‪" - )3‬الڤيديو لكيب واجلسد والعوملة"‪ ،‬مقال‪ ،‬عبد الوهاب املسريي‪.‬‬
‫جتارية مس تغ ًةل حامسهم وغريهتم الفنية‪ ،‬كام اس تغلت اندفاعهم اجلامح حنو الربوز‬
‫وفرض اذلات‪ ،‬واخنرط يف العملية لك من يرى نفسه قادرا عىل الاخنراط‪ ،‬كن‬
‫أأو مل يكن فناان‪ ،‬وتطورت العملية االإنتاجية تطورا الفتا لالنتباه‪ ،‬ووىل الفن‬
‫ا ألمازيغي وهجه شطر الرداءة والابتذال‪ ،‬اليشء اذلي مدد من معر "الڤي يس‬
‫دي"‪ ،‬لفرتة أأطول من معر أأرشطة "الڤيديو"‪ ،‬ومل ُ َجياوزه اإىل مرحةل "ادلي ڤي‬
‫دي" اذلي يفضل غرميه جودة وسالسة ووفرة‪ ،‬ملا يرى فيه املنتجون من ضعف‬
‫املردودية حني خياطبون مجهورمه اذلي يسمونه "مجهور(‪ )1‬الڤي يس دي"‪ ،‬وهمل‬
‫جرا حنو التقنيات اجلديدة واحلديثة اليت جتاوزت لك هذا‪.‬‬
‫إوانه ملن الغرابة مباكن أأن ينشأأ يف الثقافة السيامنئية ا ألمازيغية مسميات جعيبة‬
‫املغزى مل يعرفها التارخي السيامنيئ منذ ا ألخوين "لوميري" ك"‪:‬‬
‫‪ -‬أأفالم الڤي يس دي‬
‫‪ -‬مجهور الڤي يس دي‬
‫‪ -‬أأفالم السوق‬
‫‪ -‬سيناريو السوق‬
‫‪ -‬ممثل الڤي يس دي‬
‫‪ -‬خمرج الڤي يس دي‬
‫‪ -‬منتج الڤي يس دي‬
‫‪ -‬تورانج الڤي يس دي‬
‫يت ْن الڤي يس دي" ( أأي‪ :‬التقنيون)‬ ‫‪ْ -‬‬
‫"ادل ِّر ْ‬
‫ميزي بني ا ألشاكل وا ألمناط‪ ،‬بيد أأن املش تغلني يف‬
‫رش َع الوض ُع ُ‬
‫وهكذا ‪ ..‬مث َ‬
‫احلقل ا ألمازيغي يُعدون اب ألسامء وا ألجحام‪ ،‬سواء كنوا أأمام كمريا صغرية أأو كبرية‪،‬‬
‫(‪ – )1‬ينظر مبحث‪" :‬السيامن الأمازيغية واملشاهد ‪ ..‬أأية عالقة؟‪ ،‬ص‪.81:‬‬
‫خاصة و أأن بعض أأفالمنا السيامنئية ‪35‬م القليةل بتواضعها اجلم لو ُح ِّورت اإىل‬
‫قرص "الڤي يس دي" ملا ملس نا تغيريا ملحوظا‪.‬‬
‫إواذا ما أأردان اس تحضار أأساس يات أأي معل فين‪ ،‬ولكفنا أأنفس نا عناء اإعادة‬
‫القراءة من زوااي فنية‪ ،‬فاإننا لن نتأأخر عن معلية ملء اخلاانت الفيلموغرافية‬
‫ا ألمازيغية اب ألسامء املناس بة‪ ،‬وابلتايل نس تطيع أأن منزي بني أأعامل ترىق‬
‫خبصوصيات أأو معوميات فنية ألن تسمى "فيمل"‪ ،‬و أأخرى غلَّبت اجلانب الفاكيه‬
‫الهترجيي عىل اجلوانب املتعارف علهيا‪ ،‬فتسمى ‪ -‬جتاوزا ‪" -‬سكيتش"‪ ،‬واثلثة مل‬
‫توفق يف مجمل تناوالهتا الفنية والتقنية واالإنتاجية بعدم احتواهئا عىل أأ ٍي من معايري‬
‫الصنفني السابقني‪ ،‬فتبقى اتهئة بني اخلاانت حبثا لها عن ماكن مناسب‪ ،‬ابعتبار‬
‫أأن الثانية يه ا ألخرى مل حيالفها حظ الوصول اإىل مرتبة العمل اجلاد‪ ،‬أأما أأن‬
‫ندَّ عي بأأعاملنا السكيتش ية أأننا ننتج أأفالما‪ ،‬ونُق ِّحمها جزافا يف قامئة ا ألعامل‬
‫السيامنئية‪ ،‬فهذا فيه من اخلطورة ما ليس يف حاجة اإىل تربير‪ ،‬وال مطلب فيه‬
‫للتأأمل‪ ،‬كام ال مطلب فيه للتأأين أأو الرتيث بغية اإعادة النظر‪.‬‬
‫السينما ‪..‬‬
‫بين اإلبداع والفوضى‬
‫من املفارقات الطبيعية يف عامل الفن واالإبداع أأن يكون مقرتان ابلفوىض‪،‬‬
‫و أأن تكون حياة الفنان عبارة عن حمطات فوضوية‪ ،‬رمغ اقرتان الفن مبنظومة من‬
‫القمي وامل ُثل اليت تويح بنظام كوين مثايل‪.‬‬
‫ويف عامل االإبداع ا ألمازيغي أأيضا توجد فوىض‪ ،‬مهنا ما يتصل حباالت نفس ية‬
‫طبيعية‪ ،‬جتعل الفنان يعوم يف حبر المتثالت‪ ،‬و أأهلها قليلون جدا‪ ،‬ومهنا من‬
‫ينغمس أأحصاهبُ ا يف التَّ َبعية ابملنطق اخلدلوين‪" ،‬املغلوب مولع بتقليد الغالب"‪،‬‬
‫ملنترص تقليدا أ ْح َول‪ ،‬عن طريق حماكة الشلك ال‬ ‫خر ا َ‬ ‫فتجد بعضَ هم يقدل ال َ‬
‫املضمون‪ ،‬كتقليد منط اللباس أأو املش ية أأو ترسحية الشعر ‪ ..‬وغري ذكل‪ ،‬ومه‬
‫قليلون أأيضا‪ ،‬ومهنا الفوىض العارمة املنطلقة من بيئة فوضوية حمضة‪ ،‬واليت طالت‬
‫الكثري من املنتس بني للفن‪ ،‬خاصة أأابطرة االإنتاج وسامرستُه‪ .‬فالتشكيةل الرتكيبية‬
‫اليت أأثقلت كهل املنت ا ألمازيغي دومنا الزتامات أأو رشوط‪ ،‬وسامهت يف توير‬
‫دالالت الفوىض كجمةل من الترصفات داخل املنظومة الفنية اإىل ثقافة قامئة‬
‫دمعها ويروج لها ابس تعامل لك الوسائل املتاحة‪ ،‬واختاذ‬ ‫بذاهتا‪ ،‬وجدت من ي َ َ‬
‫املساحات الفارغة فضاءات للتوسع‪ ،‬وابلتايل تفتح للمتطفلني اباب واسعا‬
‫لالخنراط‪ ،‬بل ا ألدىه من ذكل أأن استبداد ثقافة الفوىض للفوىض واس تتباهبا‬
‫جيعل امللزتمني فنيا خيضعون للصورة املهمينة‪ ،‬وهو ما حدث فعال عندما ال جيد‬
‫الفنان املبدع جماال للخيار من أأن يسقط حضية فوىض عبثية‪ ،‬كورقة ائامتن عابرة‬
‫للوصول اإىل دمع مادي يضمن هل البقاء ميتا بني ا ألحياء‪ ،‬أأو يطل اإطالةل جخوةل‬
‫وسط املبتدئني من خالل معل تلفزي مومسي جيدد هبا العالقة امجلاهريية خوفا‬
‫من أأن يطاهل النس يان‪.‬‬
‫اإن ثقافة الفوىض أأو فوىض الثقافة يف اجملال الفين ابلشلك السالف ال ميكن‬
‫أأن تكون بتاات مفتاحا لفهم واقعنا‪ ،‬بل تنقل هذا الواقع من حاةل التوتر اإىل حاةل‬
‫اخلوف والتوجس‪ ،‬وجتعل جماالت الاش تغال الساذجة تتناخس تت تأأثري خمدرات‬
‫ثقافية معينة دون التفكري يف مالمسة أفاق التغيري‪ ،‬و أأىن لها ذكل ويه غارقة يف‬
‫السطحية‪ ،‬والعبث‪ ،‬والزتييف‪ ،‬واحلقد‪ ،‬والن َّشَ از‪ ،‬وادعاء الرباءة‪ ،‬والتنطع‪،‬‬
‫ومغازةل الفوىض‪.‬‬
‫لقد أأدت املراحل الفوضوية املس تعارة من ثقافة الخر ‪ -‬مع قليل من‬
‫التحريف ‪ -‬اإىل تراكامت َر َّو َعت الصورة احلقيقية للفن ا ألمازيغي‪ ،‬و أأبعدت‬
‫املشاهد عن واقعه ومشالكه وأالمه وأماهل‪ ،‬وا ألدىه من ذكل أأهنا أأبعدته عن‬
‫قضاايه املصريية‪ ،‬وسامهت يف تدجينه حىت أأصبح مقتنعا هبذه الفوىض رمغ أأنف‬
‫التكوين والثقافة وال ُعرف والتقاليد‪.‬‬
‫اإن ادلور الرتبوي التعلميي والتوجهييي املوكول اإىل الفن بشلك عام تضمحل‬
‫أاثره بوجود بوادر الفوىض‪ ،‬وال معى ألي توجيه ما مل يكن سلامي ومعاىف‪ ،‬ومن‬
‫الطبيعي فنيا أأن ال يكون املقصود ابلتوجيه اللجو ُء اإىل أأساليب اخلَطابة والوعظ‬
‫وجتاوز القواعد واملواصفات املرسومة ألي فن حيرتم نفسه‪ ،‬إوامنا نويل‬ ‫واالإرشاد‪ُ ،‬‬
‫امحلوالت الثقافية الاجامتعية‪ ،‬والفكرية والوجدانية عناية تمنوية كبرية‪ ،‬سواء كن‬
‫العمل دراميا أأو فاكهيا أأو غنائيا‪ ،‬وهذا يتطلب اإماكنيات ذاتية وليس مادية‬
‫هائةل‪ ،‬يه الكفيةل ابالإجناز احلر أأكرث من غريها‪.‬‬
‫مية و ُ‬
‫اجلهل‬ ‫ال معى للخوض يف أفاق التغيري يف هجازان الفين ا ألمازيغي وا أل ُ‬
‫يرضابن بأأطناهبام حىت النخاع‪ ،‬جتاوزت ِّن َس هبُ ام املئوية العرشي َة التاسعة‪ ،‬وال‬
‫رضت وال‬ ‫معى للحديث عن أأزمة شامةل يف ظل وجود رشذمة من املزايدين أأ َ َّ‬
‫تزال تلحق أأرضارا موجعة ابجلسد الفين‪ ،‬يه َمن متثل الفن حاليا‪ ،‬وهبا تمت‬
‫معليات التقيمي‪.‬‬
‫اإن التارخي ال يرمح ‪ ..‬يكشف عن املس تور بال رلمة وال حياء وال شفقة‪،‬‬
‫إواانء السيامن ا ألمازيغية ينضح مبا فيه‪ ،‬ويرصح مبمتلاكته‪ .‬اإن للتارخي مجمع نفاايت‬
‫س بق و أأن اس تقبل ماليني االإجنازات عرب التارخي دون سابق اإنذار‪ ،‬وال جمال‬
‫فيه للوسائط واحلساابت الهامش ية‪ ،‬وال وجود خليار اثلث خارج املدار‪.‬‬
‫فهل يعي الفنان ا ألمازيغي هذا ‪ ..‬؟‪.‬‬
‫قاطرة السينما ‪..‬‬
‫والمحطة األخيرة‬
‫كن رواد الفن السيامنيئ العاملي يرون أأن َدور السيامن ((جيب أأن ال يقترص‬
‫عىل جمرد التسلية فقط‪ ،‬أأو عىل كوهنا أأداة ترفهيية‪ ،‬بل من املمكن أأن يتسع أأفقه‬
‫ليشمل جوانب حياتية هممة ومؤثرة يف اجملمتع))(‪.)1‬‬
‫كن ابإماكن السيامن ا ألمازيغية أأن تأأخذ مسارا أخر غري اذلي هنجته‪ ،‬و أأن تفتح‬
‫أفاقا جديدة ُّللرؤى السيامنئية كام فتحهتا السيامن الفارس ية‪ ،‬والفلسطينية‪ُ ،‬‬
‫وغريهام‪،‬‬
‫و أأن تعاجل قضاايها معاجلة علمية دقيقة‪ ،‬تتوىخ فهيا كثريا من احلذر والنباهة‪،‬‬
‫و أأن تكون منوذجا أأصيال لثقافة عريقة يف حاجة اإىل من يؤصل لها وينفض عهنا‬
‫غبار الس نني‪ ،‬و أأن تكون مرحةل جديدة تمتزي ابحليوية واذلكء‪ ،‬و أأن تس تفيد من‬
‫جتارب سابقة لها لتأأكيد اذلات عىل أأسس قومية وممهنجة‪.‬‬
‫كن من املفروض أأن ال تقع أأسرية الس يادة املفربكة ‪ ..‬واتباع الهوى ‪ ..‬و أأن ال‬
‫تقع حضية الرصاع ادلاخيل اذلي بسببه هتالكت أأهجزهتا‪ ،‬و أأن ال تتخذ مشاهدهيا‬
‫طرفا يف العملية االإجيابية‪ ،‬بدل‬ ‫جمرد رعااي يعلنون لها الوالء‪ ،‬كن لها أأن تكون َ‬
‫أأن تكون الر أأس املدبر للك معليات التقهقر والرتاجع‪.‬‬
‫مرور السيامن ا ألمازيغية من حمك املراحل ا ألولية أأكد وجودها يف زمن الصورة‬
‫الرهيبة‪ ،‬الصورة اليت ال ترمح املتقاعس‪ ،‬وال تداهن املتفاين‪ ،‬اإال أأن لها حمطات‬
‫ختتلف من شعب اإىل أخر‪ ،‬تكل احملطات اليت مهنا تنطلق خرائط ا ألمم‬
‫وتوهجاهتُ ا‪ ،‬وتدد مدى يقظهتِّ ا وقدرهتِّ ا عىل المنو الطبيعي يف بيئة سلمية‪ ،‬ومدى‬
‫ت ِّمكها يف قواعد اللعبة‪ ،‬و أأخ ِّذها زمام املبادرة‪ ،‬وقدرهتِّ ا عىل بلورة ا ألحاكم للمتيزي‬
‫بني السقمي واملعاىف من ا ألفاكر‪.‬‬
‫وبعد اس تقرا ِّء راهنية السيامن ا ألمازيغية َوفق اس امترة رمزية م ألها الاحتاكك‬
‫املبارش ابلواقع؛ نعتقد أأن القاطرة السيامنئية توقفت يف ِّ‬
‫ثالث حمطات‪:‬‬
‫(‪" - )1‬الفيمل بني اللغة والنص"‪ ،‬ص‪.56:‬‬
‫حمطة التأأسيس والبناء‪ :‬ويه نقطة الانطالق‪ ،‬وتعد حمطة التكوين اذلايت‬
‫والتضحية ابمتياز‪ ،‬فهيا ختىل الفنانون عن لك يشء‪ ،‬من أأجل تأأسيس ِّكيان فين‬
‫يربز قدراهتم االإبداعية اليت ظلوا ميارسوهنا عن طريق املرسح‪،‬‬ ‫َيوحد لكمهتم‪ ،‬و ُ‬
‫أأو اإصدار أأرشطة مسموعة ذات الطابع الفاكيه‪ ،‬أأو القيام جبوالت اس تعراضية‬
‫بني احلني والخر‪ ،‬وكنت هذه احملطة من أأبرز ما مزي اجلنوب الفين‪ ،‬حيث مت‬
‫اخرتاق اجملهول ابإحداث فضاء جديد خاص برشحية منس ية من رشاحئ الفن‬
‫ببالدان‪ ،‬أأكدت حضورها بتظافر هجود مكثفة‪ ،‬وظهرت يف ظروف عصيبة من‬
‫الصعب الاش تغال فهيا بأأدوات بس يطة وبدائية‪ .‬لقد قام فهيا امجليع عىل قدم‬
‫وساق دون الاكرتاث بأأي يشء أخر‪ ،‬سوى أأن املوجة اجلديدة قررت الظهور‬
‫فاكن ا ألمر كذكل‪.‬‬
‫حمطة البذل والعطاء‪ :‬واليت سامها أأحد الباحثني مبرحةل "الڤي يس دي"‪ ،‬ويه‬
‫شؤون اململكة الفنية بسطا ُء‬ ‫احملطة اليت اختلط فهيا احلابل ابلنابل‪ ،‬وتوىل فهيا َ‬
‫الرعية‪ ،‬وتَ َف ْر َزن َت فهيا البيادق يف ادلُّ سوت كام قال ابن اله َّبارية‪ ،‬واس تأأسد جتار‬
‫الفن وسامرستُه دون حسيب وال رقيب‪ ،‬وتناسلت رشكت االإنتاج بشلك ملفت‬
‫للنظر حىت جتاوزت حدود املعقول‪ ،‬وكن من مؤسيس هذه املرحةل أأولئك اذلين‬
‫َيرتفَّعون عهنا الن ويعتربوهنا عاةل عىل الفن‪ ،‬بعد أأن َس نُّوا قواعدها‪ ،‬وهنلوا من‬
‫ومرغوا أأنوفهم يف دقيقها قبل اتصاهلم ابدلقيق امل ُ َّ‬
‫دمع‪.‬‬ ‫معيهنا‪َّ ،‬‬
‫تُعترب هذه احملطة عند الكثريين مرحةل تدريبية‪ ،‬ألن لك املش تغلني يف احلقل‬
‫السيامنيئ ا ألمازيغي ال ميلكون مؤهالت فنية أأو علمية أأو تقنية أأو معرفية‪ ،‬سوى‬
‫ما أأدركوه عن طريق الهواية من بيئة هذه املرحةل‪ ،‬وما يزال ا ألمر يتناسل بشلك‬
‫غريب اإىل اليوم‪ ،‬وامجليع ينطبق عليه املثل املغريب السائر " تْ َعلْ ُموا َايحلَ َّجا َمة‬
‫فْ ُر ْوس ال َيتَا َمى"(‪ ،)1‬مبا فهيم حاملوا الشواهد املهنية‪ ،‬املتخرجون يف املعاهد‬
‫(‪" - )1‬الأمثال الشعبية املغربية"‪ ،‬ادريس دادون‪.46/1 ،‬‬
‫واللكيات‪ ،‬هذه ا ألخرية اليت سامهت بدورها يف اتساع رشخ هذه املعضةل‪،‬‬
‫وخرجت أأفواجا من التاهئني املدللني‪ ،‬اذلين ال تربطهم ابلسيامن اإال الشواهد اليت‬ ‫َّ‬
‫حيملوهنا‪ ،‬مما جعل أأغلهبم يَد ِّفنون مواههبم خلف هذه ا ألوراق املزركشة‪،‬‬
‫الفن اس تفاد من طاقاهتم الشابة‪ ،‬وال مه‬ ‫وي َ ْن ِّقمون عىل الفن بصفة عامة‪ ،‬ال ُّ‬
‫استمثروا هجودمه املبذوةل خلف الس تار‪.‬‬
‫لقد أأدرك بعض منظري هذه املرحةل قبل اتصاهلم بقنوات جديدة بأأن اجملال‬
‫ا ألمازيغي ال ميكن أأن يكون أأرضية خصبة لالش تغال ما دامت القوى ادلاخلية‬
‫الغث ال ميكن أأن يكون يوما مسينا‪،‬‬ ‫واخلارجية تهنشه‪ ،‬أأدركوا يف الهناية بأأن َّ‬
‫واملقصو ُد ابلغث يف مجمل احلاالت هو الاش تغال يف بيئة لها صةل ابلفن ا ألمازيغي‬
‫يرق اإىل مس توى اجلدية‪ ،‬وهو ما جعل القناة ا ألمازيغية(‪ ،)1‬أأو املفروض‬ ‫اذلي مل َ‬
‫أأن تكون أأمازيغية تتجاوزه اإىل ترمجة ا ألعامل ادلارجية‪( ،‬قناة الرتمجة ابمتياز)‪،‬‬
‫أأما السمني فهو اذلي كفاان أأحدُ الفنانني ا ألمازيغيني مؤون َة اإيضاحه عندما ِصح‬
‫يف اإحدى خرجاته الصحفية بأأن العمل مع "العرب‪ ،‬هللا يْعمرها دار"‪ُ .‬‬
‫وح َّق هل‬
‫أأن يقول ذكل‪.‬‬
‫اإن ترصحيه هذا َّلم ُال أ ْو ُجه‪ ،‬وميكن أأن َخيترص لنا جتربة فنية أأمازيغية مريرة‬
‫دامت ألزيد من مخس وثالثني س نة كام يقول‪ ،‬وتعترب ن ُ َسخا حقيقية لتجارب‬
‫أأشقائه الفنانني‪"َ ،‬و َال يُ ْن ِّب ُئ َك ِّمثْ ُل َخ ِّبري"‪ ،‬و ألمهيته نقتبس منه هذه العبارات اليت‬
‫ال أأظهنا س تكون أأكرث تعبريا مما أأجنزانه لهذا املبحث‪ ،‬واليت ال تتاج اإىل تأأويل‬
‫لتأأكيد مدى قساوة مرحةل "الڤي يس دي"‪ ،‬ويه ابملناس بة عبارات مرقومة عىل‬
‫جبني لك فنان عاش ويعيش هذه املرحةل‪:‬‬
‫يقول الفنان " أألمد ابدوج" صاحب دور البطوةل يف أأول فيمل أأمازيغي‪:‬‬
‫(‪ – )1‬الأمل الأخري لتغيري الوضع‪.‬‬
‫((من خالل جتربيت املريرة يف السيامن ا ألمازيغية‪ ،‬واليت ميكن أأن خنترصها يف‬
‫أأزيد من ‪ 35‬س نة(‪ )1‬يف امليدان‪ ،‬سأأقدم نصيحة للك خشص يعشق هذا اجملال‪،‬‬
‫خاصة السيامن ا ألمازيغية‪ ،‬بأأن جيد أأوال معال قارا يضمن به قوت يومه‪ ،‬مث ال بأأس‬
‫أأن ميارس هذا الفن‪ ،‬دون أأن يرجو منه ماال أأو خزبا ألطفاهل(‪.)2‬‬
‫اإنين أأتدث من خالل جتربيت‪ ،‬حىت يستيقظ مجموعة من الش باب ِّمن َو ْمه‬
‫الشهرة واجملد‪ .‬الفن ا ألمازيغي ال يُطعم خزبا‪ ،‬بل اإنه تسبب للكثري من ا ألشخاص‬
‫يف الترشد وفقدان أأعامهلم‪.‬‬
‫عىل الفنان ا ألمازيغي أأن يتعمل حرفة أأخرى تنفعه‪ ،‬لاميرس المتثيل كهواية‬
‫فقط‪ ،‬أأما أأن يتخذه همنة‪ ،‬حفامت س يجوع‪ ،‬وس يحرج كثريا مع اذلين يتحمل‬
‫مسؤولية االإنفاق علهيم‪.‬‬
‫ُأشري اإىل أأن ا ألمازيغي هو اذلي يس تغل شقيقه ا ألمازيغي‪ .‬تُعطى املشاريع‬
‫الفنية بطرق ملتوية جدا‪ ،‬ويوجد مسلسل َوحيد لك س نة ل ألمازيغ يف القناة‬
‫الثامنة يعرض يف رمضان‪ ،‬ويعاد طول الس نة‪ ،‬وحيرص امجليع عىل أأن يظهر فيه‬
‫ولو بأأقل أأجر‪ .‬بطةل مسلسل أأمازيغي أأخذت ثالثني أألف درمه كأجر‪ ،‬يف حني‬
‫تتقاىض عنه البطةل يف أأفالم ادلارجة ‪ 450‬أألف درمه‪ ،‬أأما ا ألدوار الثانوية فالفقر‬
‫جيعلهم يعرضون أأنفسهم بمثن خبس‪ ،‬ألن ممثال أأمازيغيا اإذا طالب بأأجر مرتفع‪،‬‬
‫فهم يتخلون عنه‪ ،‬ألن هناك من يقبل بأأقل أأجر‪ ،‬ألنه منذ س تة أأشهر مل يزاول‬
‫معال‪ ،‬وادليون ترامكت عليه‪.‬‬
‫أأثناء توقيع العقود مع الرشكت واملصادقة علهيا‪ ،‬يُلزمون املمثل بأأن يصادق‬
‫عىل العقد ويرتك خانة ا ألجر فارغة‪ ،‬يك مينحوه املبلغ اذلي ُحيبون‪ ،‬مث ينفخون‬
‫(‪ - )1‬لعهل يقصد أأيضا التجربة املرسحية اليت س بقت جتربته السيامنئية بس نوات ليست ابلقليةل‪ ،‬وإاال فعمر السيامن الأمازيغية مل‬
‫يتجاوز ‪ 25‬س نة‪.‬‬
‫(‪ - )2‬الأسلوب اذلي س يجد فيه القارئ بعض الارتباك هو نتيجة الرتمجة من الأمازيغية اإىل العربية‪.‬‬
‫مه يف تاكليف اإجناز الفيمل لريامكوا الرثوات‪ ،‬مفا يتقاضاه املمثلون ال ميثل شيئا يف‬
‫املزيانية املُخصصة‪.‬‬
‫أأغلب ا ألفالم ا ألمازيغية تغيب عهنا اإدارة املمثل‪ ،‬لك ما هناكل "اتَ ْمجاعت"‬
‫وليس متثيل‪ ،‬كمريا واس تظهار لدلور دون أأدىن تقمص‪ .‬عندما يقررون تصوير‬
‫فيمل أأو مسلسل للقناة ا ألمازيغية بأأكدير‪ ،‬فاإن الرشكت واملساعدون يأأتون من‬
‫ادلار البيضاء‪ ،‬و أأغلهبم ال يتلكمون ا ألمازيغية‪ ،‬وال يعرفون مغزى حوار أأو مشهد‪،‬‬
‫ليتخلص منه وينهتيي ا ألمر‪ .‬أأما‬
‫ذلكل جتد ا ألخطاء ابمجلةل‪ ،‬ألن اللك حيفظ دوره َ‬
‫طريقة اختيار املمثلني ف ألمر همني جدا‪ ،‬مرة وجدت خشصا يبيع " َال ِّف َري ْاي" يف‬
‫جلنة اختيار املشاركني‪ ،‬أأما بعض الظواهر املتعلقة ابختيار االإانث فامجليع يعلمها‪،‬‬
‫وال داعي ذلكرها تفاداي للك حرج‪.‬‬
‫نت‪ ،‬لقد أأسأأت التقدير‪ ،‬وما أأردده كثريا مؤخرا هو‬ ‫مل أأعد متحمسا كام ُك ُ‬
‫"أفْالَّ ْغ ا ْع ُفو ْريب"‪ .‬مؤخرا ت ْعمدُ مجموعة من امجلعيات والهيئات اإىل تنظمي بدعة‬
‫يُسموهنا ِ تكرمي الفنان‪ ،‬فيختارون فناان حمبواب ويطلبون منه احلضور لتكرميه‪،‬‬
‫يس تغلون صورته ومساره املهين‪ ،‬وحب الناس هل‪ ،‬ويقدمون هل ساعة يدوية مثهنا‬
‫‪ 70‬درهام‪ ،‬ومه اذلين َتسولوا ادلمع واملساعدات من هيئات ُأخرى عىل ظهره‪.‬‬
‫وجدت املُلصقات‬ ‫ُ‬ ‫مرة‪ ،‬دُعيت لتكرمي‪ ،‬فلبيت ادلعوة احرتاما مجلهوري‪،‬‬
‫مبدخل تكل املدينة هبا ُصوري وامسي‪ ،‬واجلهات املسامهة يف التكرمي‪ .‬مر النشاط‬
‫هتكل‪ ،‬ويف ا ألخري قدموا يل شهادة تقديرية‪ .‬املشلكة‬ ‫برتديد الكثري من الالكم املس َ‬
‫يه أأن عطبا وقع بس يارة الصديق اذلي كن يُقلين‪ ،‬ومل يكن معنا مال الإصالحه‪،‬‬
‫ووقعت يف ورطة كبرية‪ ،‬دون أأن أأجد املكرمني اذلين قالوا فينا الكما كثريا قبل‬
‫قليل‪ ،‬لتخليصنا من ورطة التكرمي‪.‬‬
‫سأأعود‪ ،‬ملا قلته سابقا‪" :‬أفْالَّ ْغ ا ْع ُفو ْريب"‪.)1())..‬‬
‫ِ‬
‫(‪ - )1‬حوار حصفي مع الفنان "أألمد ابدوج" بتارخي ‪ 09‬يونيو ‪ ،2016‬حاوره الصحفي مميون أأم العيد‪.‬‬
‫حمطة الزهو والغرور‪ :‬وقد سامها أأحد املهمتني مبرحةل ادلمع‪ ،‬أأو مرحةل صناعة‬
‫السيامن‪ .‬حمطة أأشد خطورة من سابقاهتا‪ ،‬ألهنا تشلك حمطة التقيمي‪ ،‬وتصيل‬
‫احلاصل‪ ،‬واليت أأرى ‪ -‬يف اعتقادي ‪ -‬أأهنا أخر احملطات اإن بقي احلال عىل ما هو‬
‫عليه‪ ،‬ولو تأأملنا هذه املرحةل بقليل من ا ألانة والتبرص َوفق ما ميليه الواقع الراهن‬
‫من معطيات أألمية‪ ،‬سواء فنيا أأو اقتصاداي أأو س ياس يا‪ ،‬واليت أأسس نا علهيا‬
‫مباحث كتابنا هذا‪ ،‬اإضافة اإىل ا ألس ئ ِّةل العميقة اليت ترسبت أأجوبهتا يف وقت‬
‫مبكر دون أأن يلتفت اإلهيا أأحد‪ ،‬واليت طرهحا النقاد منذ أأن كشفت سيامنان عن‬
‫أأوراقها‪ ،‬فاإننا س ندرك ال حماةل اقرتاب موعد الهناية‪ ،‬ولنا أأن نس تحرض لك‬
‫تذبل أأوراقُها واحدة تلو ا ألخرى‪ ،‬وا ألعامل اليت تنقرض‬ ‫املعطيات اخلريفية اليت ُ‬
‫من الساحة‪ ،‬والسيامن اليت مل نعد منكل شيئا من مكوانهتا‪ ،‬والهجرة اليت طالت‬
‫ارس نا‪ ،‬والمال اليت تتبخر يف لك مومس‪ ،‬والرتاجع اذلي يعرفه املشهد‬ ‫نو َ‬
‫السيامنيئ‪ ،‬واملس توايت املعيش ية لرواد الفن‪ ،‬والتنازالت املتوالية ألبطالنا‪،‬‬
‫والغش اذلي أأصبح عنوان ثقافتنا‪.‬‬
‫مرحةل الزهو والغرور ليست سوى تكل اليت تتبدد فهيا لك املواهب‬
‫ابلسخْ ِّف والتافه من‬ ‫واالإبداعات؛ ليحل حملها التبايه اب ألجماد‪ ،‬والتغين ُّ‬
‫االإجنازات‪ ،‬حمطة ال يزال فهيا لك يشء عىل أأسو أأ ما هو عليه‪ ،‬فعندما يُرتك‬
‫االإبداع والبحث والتنقيب والتكوين والنبش يف الواقع عىل حصيف أأجوف‪،‬‬
‫اجللوس اإىل فناجني النبش يف‬ ‫وحيل حمهل اللهو والركون اإىل النفس والهوى‪ ،‬و ُ‬
‫ا ألعراض َلسلْ ِّق الخر بأألس ن ٍة ِّحدَ اد‪ ،‬والنقدُ اجملاين‪ ،‬والتخطيطُ لعرقةل االإجنازات‬
‫أأو تسفهيها قبل وبعد االإنتاج‪ ،‬فاإن أأوان احملطة ا ألخرية قد حان ال حماةل همام بلغ‬
‫الصمود والتحدي‪ ،‬فأأمثال هؤالء يف الساحة ال يبدعون‪ ،‬وال ينتجون‬
‫سوى عبارات من مثل‪َ " :‬ع ْن ِّدي ِّف ْك َرة َواع َْرة"‪َ ْ" ،‬ع ْن ِّدي ِّف ْ ْيمل َما ضَ ا ْي ْر ْش"‪،‬‬
‫"ص َّو ْر ْت ِّف ْ ْيمل ْم َع ْل ْك َو ْر" "خْدَ ْم ْت ْم َع د ِّ‬
‫ُوز ْمي"‬ ‫"شَ ْار ْك ْت ْف ِّف ْ ْيمل ْم َع ال ْن َص َارا" َ‬
‫" ِّع ُيطو ِّيل فَالقَنَاةْ"‪" ،‬هَادَاكْ أانَ ِّيل عَل َّ ْم ُتو" "ال ِّف ْك َرة د َْاي ْل دَاكْ ال ِّف ْ ْيمل د َْاي ِّيل" وغريها‬
‫من العبارات السخيفة اليت جندها مت أل ساحة الفنانني والتقنيني‪ ،‬وال تربر اإطالقا‬
‫الوضع الهزيل اذلي تعيشه السيامن ا ألمازيغية‪ ،‬كام ال نريدها أأن تتسلل اإىل الناش ئة‬
‫ف ُتحول أأحالهمم اإىل أأوهام‪ ،‬فلك اذلين يتبجحون مبثل هذه التفاهات من القول‬
‫مل يقدموا للمنتوج ا ألمازيغي أأي يشء يذكر‪ ،‬غري املسامهة يف تدين املس توى العام‬
‫للمسرية الفنية لو كنوا يعلمون‪.‬‬
‫ال أأعتقد أأننا ابلغنا يف جعل هذه املرحةل حمط َة الزهو والغرور‪ ،‬كام ال نعتقد‬
‫أأننا جتاوزان حدود املبالغة يف جعلها ‪ -‬ختمينا ‪ -‬أ ِّخر حمطات السيامن ا ألمازيغية‪،‬‬
‫مادامت لك القرائن تؤكد جدية ما نعتقد‪ ،‬وكن ابالإماكن أأن تُعترب هذه احملطة‬
‫مرحةل اس تثنائية قدم فهيا الرعيل ا ألول ما دليه‪ ،‬ليتسمل املشع َل ُ‬
‫اجليل الثاين‪،‬‬
‫اإال أأن انشغال الرعيل ا ألول بنفسه‪ ،‬حال دون تأأسيس قاعدة َخلَ ِّفية متينة تُمسك‬
‫زمام املبادرة يف املراحل القادمة‪ ،‬فا ألطفال اذلين مت توظيفهم يف عدة أأعامل فنية‬
‫لو مت ت َبنهيم بشلك جيد عن طريق احتضاهنم سيامنئيا عرب قنوات تكوينية تأأهيلية‬
‫لاكنوا الن أأكرب استامثر ميكن توظيفه تفاداي لعواقب هذه احملطة‪ ،‬وكذكل الطاقات‬
‫الشابة ‪ ..‬وقس عىل ذكل لك املبادرات الصحية اليت ُأ ِّمهلت واس هتُ ِّ ني هبا لعدم‬
‫وضوح الرؤية منذ البداية‪ ،‬عالوة عىل القضية ا ألمازيغية املس هتدَ فة من لك‬
‫جانب‪ ،‬واليت تدنو يه ا ألخرى من مراحل عصيبة‪.‬‬
‫‪C‬‬

‫ال ندعي أأننا أأحطنا بلك مهوم السيامن ا ألمازيغية وما يؤرق ابلها‪ ،‬فاملوضوع‬
‫أأكرب من أأن حياط جبميع مالبساته‪ ،‬غري أأننا قدَّ منا وهجة نظر خاصة ملس نا فهيا‬
‫بعض االتفاق مع وهجات نظر أأخرى لنخبة من الباحثني املهمتني ابلشأأن السيامنيئ‬
‫عرشة س نة‪.‬‬ ‫ببالدان‪ ،‬وزكيناها بتقياميت ميدانية دامت ألزيد من ْ‬
‫اثين ْ‬
‫وما ذكرانه ليس اإال فيضا من غيض‪ ،‬وميثل الشلك المنطي الغالب عىل أأهجزة‬
‫الفن ا ألمازيغي‪ ،‬وخيتلف اختالفا جذراي مع الفن كقمية اإنسانية كونية‪ ،‬وكظاهرة‬
‫اجامتعية لها مؤهالت التفاعل مع ابيق الظواهر ا ألخرى ‪ ..‬والقيا ُم ابلعكس ال يفي‬
‫ابلغرض‪ ،‬ذلا ال جمال للتطبيل والهتليل حلقل فين أأريدَ هل أأن يُ َودل معاقا ذهنيا‬
‫وجسداي‪ ،‬و أأريدَ هل أأن يعيش حياة االإعاقة والتسول يف ظل أأفاكر غريبة ادلار‬
‫واللسان‪ ،‬وهو أأبعد ما يكون عن الصدق اذلي يعد أأكرب دعامئ الفنون لكها‪.‬‬
‫اإن الفنان الصادق هو من حيمل مهوم بيئته ال من يُنتجها ‪ ..‬حيمل مرشوعا‬
‫فنيا وفكراي مبضامني واعية‪ ،‬وهل فلسفته اخلاصة يف احلياة ‪ ..‬يرى بعيون واقعه‬
‫وفنه ما ال يراه الخرون ‪ ..‬يُ ْمتع من أأجل أأن يفيد‪ُ ،‬وحيرض من أأجل البناء السلمي‬
‫‪ ..‬ميكل قدرة عالية الستامثر تقاس مي الوجه وتعابري اجلسد للكشف عن خمتلف‬
‫حمطات احلياة‪ .‬اإن الفنان الصادق يعرب عن حميطه وال يتأأثر به‪ ،‬ولكام ابلغ يف‬
‫الصدق‪ ،‬لكام كنت أاثره أأكرث معانقة للواقع‪ ،‬و أأكرث تأأثريا وفاعلية‪.‬‬
‫يف البيئة ا ألمازيغية توجد عينة صغرية احلجم وطويةل املشوار من الفنانني‬
‫الصادقني‪ ،‬وعينات كثرية العدد تُرك لها احلبل عىل الغارب‪ ،‬ال ترى الفن اإال من‬
‫اجلري خلف ا ألهواء وتلبية الرغبات‪ ،‬وليس لها مشوار أأو‬ ‫زاويته التجارية‪ ،‬و ِّ‬
‫هدف‪ ،‬ويه اليت يُنعت هبا الفن ا ألمازيغي حاليا‪ ،‬ومتثهل بقوة ورشاسة‪ ،‬وتؤكد‬
‫للعامل اذلي مل ن َ ِّل ْجه بعد‪ ،‬وال يعرف عنا شيئا‪ ،‬أأننا فعال ِّفشلنا يف جوالتنا الثالثة‬
‫وفشلنا أأيضا ابمتياز يف تقدمي منوذج فين أأمازيغي أأصيل‬ ‫يف الرصاع مع اذلات‪ِّ ،‬‬
‫حيظى ابلتقدير والاحرتام‪.‬‬
‫وهمام كن ا ألمر‪ ،‬فاإن الرصح السيامنيئ ا ألمازيغي يف حاجة اإىل اإعادة النظر يف‬
‫الربا ِّن َّية رهني بصالح اجل ََّوا ِّن َّية كام يقال‪،‬‬
‫ادلاخل قبل اخلارج للهنوض به‪ ،‬فصالح َ َّ‬
‫وال ميكن حبال من ا ألحوال أأن ُيرى ا ألثر االإجيايب للشلك يف حاةل انعدام أأثر‬
‫اإجيايب للمضمون‪ ،‬واملضمون ياكد يكون منعدما اإال يف بعض احلاالت اليت ال يُعبأأ‬
‫هبا‪ ،‬وابلتايل فاملرحةل الانتقالية اس تغرقت وقتا طويال دون جدوى‪ ،‬وحلظاهتُ ا‬
‫ا ألخرية يف مسيس احلاجة اإىل تفعيل خطوات اس تعجالية حكمية ال خطوات‬
‫ترقيعية أنية‪ ،‬بعد اس تقرا ٍء شامل ملسرية ربع قرن من االإنتاج‪ ،‬واس تحضار‬
‫مكوانت الطاقات املش تغةل‪ ،‬والرتكزي عىل اإعادة هيلكة البنية التحتية الهشة‪،‬‬
‫والاهامتم مبجاالت التكوين واالإعداد والرتبية الفنية بدل التفكري يف مرحةل االإنتاج‬
‫اليت يبدو أأننا يف حاجة اإىل وقت إاضايف أخر للوصول اإلهيا‪ ،‬اإضافة اإىل إانعاش‬
‫احلركة النقدية‪ ،‬إواعداد طاقات شابة ذلكل‪ ،‬وتشجيع املهرجاانت السيامنئية اليت‬
‫رشعت يف الانسحاب يف مصت‪ ،‬وتأأطري امجلعيات تأأطريا سيامنئيا جينهبا املطبات‬
‫الهبرجية اليت تتضهنا يف الونة ا ألخرية‪ ،‬من مثل موجة التكرميات اجملانية اليت‬
‫تولت اإىل موضة عرصية س تختفي ابختفاء دوافعها‪.‬‬
‫جيب علينا أأن نفرق بني الفن وِّنتَاجِّ ه‪ ،‬كام نفرق بني احلضارة ومظاهرها‪ ،‬علينا‬
‫أأن نفكر يف اإصالح اذلات من ادلاخل بلك جر أأة أأو وقاحة اإذا اقتىض ا ألمر‪،‬‬
‫و أأن نُزيل ِّمن عىل وجوهنا القناع املزيف اذلي رافقنا مدة طويةل وال يزال‪ ،‬علينا‬
‫أأن مننح أأنفس نا حلظة املصارحة بدل الهتويل ملا حنن فيه من غباء وسذاجة‪ ،‬و أأن‬
‫نعيد ترتيب ا ألوراق كمةل‪ ،‬وقراءة ما فهيا قراءة متأأنية‪.‬‬
‫لقد أأصبح الاخنراط يف ورشة التغيري أأمرا حمتوما عىل لك "السينفيليني"‬
‫ا ألمازيغ‪ ،‬وال يوجد خيار أخر غريه‪ ،‬اإذ ال بد من تاكثف اجلهود‪ ،‬ومجع الشمل‪،‬‬
‫ومل ش تات اجلهاز السيامنيئ‪ ،‬وخلق أأكرب فرصة لتوحيد اللكمة‪ ،‬وفتح حوار وطين‬
‫دميوقراطي واسع للتعبري‪ ،‬وبسط يد اجلَر َاءة للكشف عن العيوب‪ ،‬والرجوع اإىل‬
‫اذلات لفضح مكنوانهتا الغارقة يف الوحل‪ ،‬وطرد العدو احلقيقي اذلي مت ابتالعه‬
‫مبالعق ومهية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬أأصبح لزاما علينا التَّ َو ُّرع مما قدمناه للسيامن ا ألمازيغية من أأعامل ال‬
‫تتوفر عىل أأبسط مقومات الفن‪ ،‬والسيامن مهنا بَ َراء‪ ،‬و أأن ال ن َقنط من ز ٍةل َع ُظ َمت‪،‬‬
‫فنتقدم بلك جخل باكمل الاعتذار للجامهري ا ألمازيغية اليت أألهيناها‪ ،‬وقلَبنا بعض‬
‫مفاهميها‪ ،‬وِصفناها عن أأوكرها احلقيقية‪ ،‬وعن ثقافهتا وتراهثا ومعاملها اليت ال‬
‫تقبل الغ ََنب‪ ،‬حفرام أأن حنبس مجهورا بأأمكهل يف دائرة فن سقمي وعليل‪.‬‬
‫اإن املشاهد ا ألمازيغي همام بلغت قوة صربه‪ ،‬فذكؤه ال يسمح هل ابملواربة‪،‬‬
‫وال بد يوما سيثور عىل من يعبث هبويته‪.‬‬
‫كن أأملنا أأن خيتار املشاهد من دوحة الفن ا ألمازيغي ما يروقه‪ ،‬و أأن‬
‫الس ْمن والعسل‪ ،‬أأو أأن جيمع بيهنام معا‪ ،‬ال أأن يُدَ َّس هل‬ ‫يُمنح فرصة الاختيار بني َّ‬
‫السم يف العسل‪ ،‬ويُعبث مبشاعره‪.‬‬
‫اإن ع َةل الفن ا ألمازيغي أأ ُههل ‪ ..‬مث أأ ُههل ‪ ..‬مث اذلين يَلُوهنَ م من سامرس ٍة‬
‫و"ب َّياعني"‪.‬‬
‫فاإىل مىت سنبقى أأرسى املادة‪ ،‬وعبيدَ سامرس ِّة الفن‪..‬؟‬
‫نتسول الخر من أأجل أأن نُبدع‪..‬؟‬ ‫اإىل مىت سيس يطر امجلود عىل أأدمغتنا و َ‬
‫اإىل مىت س يحتاج االإبداع اإىل جواز السفر وتأأشرية ائامتن للخروج من التيه‪..‬؟‬
‫اإىل مىت س تظل ا ألمية واجلهل والتبعية ينخرون اجلسد الفين‪..‬؟‬
‫‪Y‬‬
‫‪" ‬الأدب الشفوي الأمازيغي ‪ ..‬معامل وأأبعاد"‪ ،‬منشورات مجعية بويزكرن للتمنية والثقافة‪ ،‬ط‪.2013/1:‬‬
‫‪" ‬أأفالم أأمازيغية ‪ ..‬مالحظات وقراءة أأولية"‪ ،‬حلسن ملواين‪ ،‬منشورات املعهد املليك للثقافة ا ألمازيغية‪،‬‬
‫سلسةل دراسات وأأحباث رمق ‪ ،43‬ط‪.2013/1:‬‬
‫‪" ‬الأمثال الشعبية املغربية"‪ ،‬ادريس دادون‪ ،‬منشورات مكتبة السالم اجلديدة‪ ،‬ج‪ ،1:‬ط‪.2007/2:‬‬
‫‪" ‬اترخي السيامن يف العامل"‪ ،‬جورج سادول‪ ،‬ترمجة‪ :‬اإبراهمي الكيالين وفايز مك نقش‪ ،‬منشورات عويدات‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪.1978/1:‬‬
‫‪" ‬اتيري ن يكامين أأو حوار التوأأمني"‪ ،‬عيل الزهمي‪ ،‬منشورات مركز أألكو للبحث والتوثيق رمق ‪،4‬‬
‫ط‪.2013/1:‬‬
‫‪" ‬التفكري يف السيامن التفكري ابلسيامن"‪ ،‬محمد اشويكة‪ ،‬رشكة النرش والتوزيع املدارس‪ ،‬ط‪.2015/1:‬‬
‫‪" ‬امجلهور ال خيطئ أأبدا ‪ ،"The Public Is Never Wrong‬أأدولف زوكر ‪،Adolph Zukor‬‬
‫ط‪.1953/1:‬‬
‫‪" ‬اخلطاب السيامنيئ بني الكتابة والتأأويل"‪ ،‬محمد نور ادلين أأفاية‪ ،‬منشورات عاكظ‪.1988/1 ،‬‬
‫‪" ‬سوس العاملة"‪ ،‬محمد اخملتار السويس‪ ،‬مطبعة فضاةل‪ ،‬ط‪.1960/1:‬‬
‫‪" ‬السيامن الأمازيغية‪ ،‬اذلاكرة والس ياسة والأدب"‪ ،‬أأعامل ندوة املهرجان ادلويل السابع للسيامن ا ألمازيغية‬
‫بأأكدير‪ ،‬منشورات اإس ين ن ورغ‪ ،‬ط‪.2014/1:‬‬
‫‪" ‬السيامن املغربية‪ ،‬الواقع و‪ ...‬الفاق"‪ ،‬اإبراهمي ايت حو‪ ،‬منشورات الفرقان‪ ،‬ط‪.2001/1:‬‬
‫‪"‬السيامن املغربية‪ ،‬رهاانت احلداثة ووعي اذلات" محمد اشويكة‪ ،‬دار التوحيدي للنرش‪ ،‬ط‪.2012/1:‬‬
‫‪" ‬يف الهوية الأمازيغية للمغرب"‪ ،‬محمد بودهان‪ ،‬سلسةل يف سبيل ا ألمازيغية‪ ،‬منشورات اتويزا ‪،5‬‬
‫ط‪ .2013/2:‬طبعة اإلكرتونية‪.‬‬
‫‪" ‬الفيمل الأمازيغي‪ ،‬أأس ئلته ورهاانته"‪ ،‬محمد بلوش‪ ،‬منشورات اإس ين ن ورغ‪ ،‬ط‪.2012/1:‬‬
‫‪" ‬الفيمل بني اللغة والنص"‪ ،‬عالء عبد العزيز الس يد‪ ،‬املؤسسة العامة للسيامن دمشق‪ ،‬ط‪.2008/1:‬‬
‫‪" ‬قمية القمي"‪ ،‬املهدي املنجرة‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬ط‪.2007/1:‬‬
‫‪" ‬مدارس سوس العتيقة"‪ ،‬محمد اخملتار السويس‪ ،‬مؤسسة التغليف والطباعة والنرش والتوزيع للشامل‪،‬‬
‫ط‪.1987/1:‬‬
‫‪" ‬مدخل اإىل السيامن املغربية‪ ،‬من السيامن الوطنية اإىل السيامن الأمازيغية"‪ ،‬مجيل لمداوي‪ ،‬سلسةل املعارف‬
‫ا ألدبية‪ ،‬ط‪.2010/1:‬‬
‫‪" ‬املقاربة النقدية للخطاب السيامنيئ ابملغرب" العلوي حملرزي‪ ،‬منشورات سايس مديت‪ ،‬ط‪.2007/1:‬‬
‫‪" ‬موسوعة اترخي السيامن ‪ ،"Oxford History Of World Cinema‬جيوفري مسيث‪ ،‬ترمجة‪ :‬جماهد‬
‫عبد املنعم جماهد‪ ،‬املركز القويم للرتمجة القاهرة‪ ،‬ج‪ ،1:‬ط‪.2010/1:‬‬
‫‪" ‬وسائل االإعالم واجملمتع‪ ،‬وهجة نظر نقدية" أرثر أسا بريغر ‪ ،Arthur Asa Berger‬ترمجة‪ :‬صاحل خليل‬
‫أأبو اإصبع‪ ،‬سلسةل عامل املعرفة الكويت عدد‪.2012/386:‬‬
‫جمالت وجرائد‬

‫‪ ‬الڤيديو لكيب واجلسد والعوملة"‪ ،‬مقال‪ ،‬عبد الوهاب املسريي‪.‬‬


‫‪ ‬جمةل "دراسات سيامنئية" عدد‪ 6 :‬أأبريل‪.1987‬‬
‫‪ ‬جمةل "سينفيليا"‪ ،‬عدد‪ ،3 :‬خريف ‪.2014‬‬
‫‪ ‬جريدة "ا ألخبار" اليومية‪ ،‬عدد‪ 4 :‬مايو ‪.2016‬‬
‫‪ ‬موقع "احلياة"‪ ،‬امجلعة ‪ 25‬يونيو ‪.2014‬‬
‫‪ ‬موقع "الصحراء املغربية"‪ ،‬عدد‪ 21 :‬يناير ‪.2015‬‬
y
...................................................... ............................... ................
........................................................................... .........................................
..................................................................................................................
........................ ........................
............................................... .................................
..........................................................................................
....................................... ............................. .........................
.............................................. ...............................................
............................................................... .........................
............................................
............................................ .........................
.............................................................................................
............................................................
.................................................. ......
............................................... .....................................
.................................................................
..................................... .........................
................................................................. ...................... .........................
.......................... ........................................................................
..................................................................... ...................... .........................

You might also like