Professional Documents
Culture Documents
السينما الأمازيغية وشم الذاكرة وسؤال الذات
السينما الأمازيغية وشم الذاكرة وسؤال الذات
المهدي المنجرة
( - )1حوار حصفي مع الفنان "عبد الطيف عاطيف" بتارخي 19يونيو ،2016حاوره الصحفي مميون أأم العيد.
السينما ..
اللغة والهوية
بغض النظر عن اللغة الناطقة سيامنئيا (بالغة الصورة -حسر التشكيل -
براعة ا ألداء -فنية االإضاءة وادليكور واالإكسسوار ،)...وبغض النظر عن كوهنا
حقيقة ملموسة أأو جمرد مغاالة التنظرييني ،فاإننا س نجر احلديث غصبا لنحوم
حول اللغة احملكية يف االإنتاجات السيامنئية ا ألمازيغية .وحنن اإذا اس تثنينا بعضها
مما يس تحق التنويه والتشجيع ،فاإن ا ألغلبية الساحقة مهنا يس تدعي التوقف ملا
لها من أاثر سلبية ،وال تُعرب عن ِّكيان مشرتك ،أأو هوية لها خصوصياهتا.
وال ناكد نتفق مع ا ألس تاذ "حلسن ملواين" حني جعل الفيمل ا ألمازيغي ((وعاء
فنيا من خالهل تتبدَّ ى لنا اللغة ا ألمازيغية يف نقاهئا ..و أأن السيناريوهات واحلوارات
اليت تعرتي احلديث التواصيل بني املمثلني تقَدَّم بدرجة من الفنية والريق))(،)1
وهذا ر أأي -رمغ ما نُ ِّكن هل من تقدير واحرتام -نراه حيمل من التعممي ما يفرض
علينا استنطاق عرشات هذه ا ألفالم لتأأكيده( ،)2خاصة و أأن جمرد اس تقرا ٍء أأويل
للمنطوق اللغوي يف أأعاملنا ال حييلنا عىل ضبط حممك يوصلنا اإىل ضفة الصفاء
والنقاء ،فاللغة املس تعمةل بطابعها السويس( )3مبختلف تالويهنا أأقرب ما تكون اإىل
معربة ،ومصطلحات غريبة ال الرطانة مهنا اإىل اللغة ،وذكل ملا يتخللها من صيغ َّ
ملبتذةل ،والاس تعامالتتتحملها اللغة ا ألصيةل ،انهيك عن اللكامت الأجنبية ا َ
الفضفاضة املعربة عن ثقافة ا ألغيار ،لغة قد ترضب صفحا بتضحيات املد
تدمعها يف يشء سوى لملها اللقب اذلي ا ألمازيغي قبل وبعد دس تور ،2011وال َ
ال يعنهيا بتاات ،هذا اإذا علمنا (( أأن املطلب اللغوي (دلى احلركة ا ألمازيغية) يطغى
بشلك الفت عىل املطالب ا ألخرى ..ألنه العنرص الوحيد من العناِص املكونة
للهوية اذلي تَ َبقَّى ل ألمازيغيني من هويهت"""""م ا ألمازيغية))( ،)4ما دامت ترى اللغة
(" - )1أأفالم أأمازيغية ..مالحظات وقراءة أأولية" ،حلسن ملواين ،ص.35:
( - )2ينظر "حدود االإبداعية يف احمليك الفيلمي الأمازيغي" مضن "الفيمل ا ألمازيغي أ ئلته ورهاانته" ص.27-19:
أس
( - )3ابعتبارها الأكرث وفرة وإانتاجا.
(" - )4يف الهوية الأمازيغية للمغرب" ،محمد بودهان ،ص.16:
جمر َد أأداة للتواصل ،وليس ِّكياان حيا ال يضمن لنفسه العيش اإال بأأههل ،ا ألمر
اذلي جعلها حبيسة نفسها ،و َح َّجم مس توى خطاهبا ،و َم ْوقَ َعها يف فضاء حمدود مل
يتجاوز الناطقني هبا.
واملضحك أأن بعض الفنانني احملسوبني عىل الهوية ا ألمازيغية ال حيس نون
لغهتم ،وال يشغلون ابهلم هبا ،وكأهنم جمرد قنطرة ُوجدت لت ْعرب علهيا
"سيناريوهات" املنتجني.
وقد خيطئ الكثري ممن يعتقدون حبيادية اللغة يف اجملال السيامنيئ ،و أأ ْن ال
دور لها سوى نقل مضامني املادة املعروضة ،وهذا طرح ال َخيفى ما يف جعبته
من تأأثريات َسلبية خطرية ،خاصة بني أأحضان اللغة ا ألمازيغية اليت ُحنرت عىل
ادلخيل من اللغات ،وقد كشفت بعض عتبات الفن فتفرق دهما بني اللهجات ،و ِّ
املهرجاانت وشاشات صغرية عن أأعامل أأمازيغية "طويةل" طغى فهيا الطابع الغريب
عىل العريب ،والعريب عىل ا ألمازيغي ،حىت ال تاكد متزي انامتءها احلقيقي ،وموطهنَ ا
ا ألصيل ،أأو المتيزي فهيا بني ا ألعامل ادلارجية املفرنسة ،وا ألعامل ا ألمازيغية اجلامعة
بني التفرنس والتعرب ،و أأخرى "قصرية" بال أأب رشعي ،وال لغة ،وال هوية،
وال انامتء واحض حىت يف "اجلييريك" ،جلُّها ميكن اإدراجه يف أأي خانة ما عدا اخلانة
ا ألمازيغية.
ومعظم هذه ا ألفالم يف نسخهتا الش بابية أأحضت وبشلك غريب غري مقتنعة
ابلطابع ا ألمازيغي اذلي ميزيه لونه اخلاص ،أأفالم تُقدَّ م عىل أأهنا أأمازيغية ،ومع ذكل
ال جتد فهيا ما ميت اإىل الهوية بصةل ،ال من حيث ادليكور ..وال الاكسيسوارات
..وال املالبس ..وال الفضاءات ..وال املوس يقى ،..هذه ا ألخرية اليت اجتهت
اجتاها غربيا حمضا يف ا ألفالم ا ألمازيغية القصرية ،ملا لها من وفرة جاهزة ،وجمانية
تليب طموحات الش باب الصاعد يف ظل غياب البديل ا ألمازيغي.
من املعضالت اخلطرية اليت س تعصف ابجملال السيامنيئ انعدا ُم الثقة يف
املوروث احمليل ،وعد ُم وجود بدائل حقيقية ،ومواد اإبداعية جاهزة ويف املتناول،
كملوس يقى التصويرية ذات الهوية ا ألمازيغية اليت مل تس تطع حلد الن سد الفراغ
القاتل ،املوجود يف الساحة الفنية ،ذلكل ال ضري يف أأن يس تعني ش بابنا مبوجة
التغريب اليت كشفت عن ساق مجودان ،وجع ِّزان عن اإبراز معامل ثقافتنا ولغتنا
وهويتنا وتراثنا ،إوان كن هناك من املهمتني من يرى الاختيارات املوس يقية العاملية
((كفيةل ابملسامهة يف جتديد املادة الفنية الفيلمية ا ألمازيغية اليت -حسب ر أأيه -
تعاين من الراتبة والتكرار))(.)1
اإن الاس تالب الثقايف ،والبعد عن مكوانت ادلين والوطن واللغة ،جعل
منا أأراجوزات تايك وال تبدع ،تُ َفرخ أأعطااب وال تكرتث ابلفن ،تكرس ادلونية،
وال تنظر اإىل عنان السامء ،متجد ا ألقوى وال تصنع ا ألبقى ،تفضل اجلاهز ا َ
ملبتذل
عىل السهل املمتنع ،وال تدعو اإىل اس تغالل مساحات العقل اذلي أأحضى تت
تأأثري املنطق احلايل لهذه العينة من ا ألعامل ال يراتح كثريا لتكل اليت ُختفي معانهيا
ودالالهتا الفلسفية خلف الصور والـ َمشاهد ،مما يزيد الطني بِّةل ،ويكشف عن
الوجه احلقيقي للوهجة املتفامقة ،ويدعو من هجة أأخرى اإىل مزيد من احلذر ،إواعادة
النظر حىت ال نقع حضية خلط ا ألوراق.
فاإن ما مت الاش تغال عليه وبه؛ من الصعب ضبطه بضوابط علمية أأو مضريية،
فلك َمركب يسري بال ُرابن وِّب ُركب ومهيني مأهل التيه والضياع ،وال أأدل عىل
ذكل من التحوالت السلبية اليت عاشها اجملال الفين من ادلاخل ،ويه مجموعة
من الرتس بات الفكرية الالمسؤوةل ،والناجتة عن أأس باب معيقة الغور يف اجلسد
الفين املبين عىل الوهن ،وقد حدثنا الناقد محمد بلوش عن بعضها حني كتب ينتقد
بعض التجاوزات اليت ال حرص لها يف الساحة الفنية ا ألمازيغية قائال(( :كتبنا عن
حاالت كنت ردو ُد املعنيني حولها واهية ،بل من أأطرف ما حدث ،اإنشاء أأحدمه
( - )1نس تحرض هنا املقاالت النقدية اليت كنت تزنل يف اجلرائد قبل عرض املنتوج موضوع املقال يف فرتة الس بعينيات
والامثنينيات.
( - )2محمد نور ادلين افاية :جمةل "دراسات سيامنئية" عدد 6 :أأبريل،1987ص.9 :
لعدة حساابت بريد اإليكرتوين ب أأسامء مس تعارة لفتيات افرتاضيات ،أأمطرن
بريدي الالكرتوين برسائل مشلت أأحياان السب والش مت ،وذكل أأسلوب مل خيف
عنا ما يف قلب فاعهل من مرض))(.)1
ولنا أأن نتخيل جحم اخلسارة اليت يُمى هبا الرصح السيامنيئ الامازيغي وهو
جيازف ابإنتاجات مسعية برصية مبعزل عن حركة نقدية ممهنجة تؤطره وتُقَ ِّوم
اعوجاجه ،بعيدا عن النقد الصحفي اجلاهز ،والنقد الشفوي اذلي تؤطره املقايه
وجمالس الزهو ،لنا أأن نتخيل ذكل وحنن نستبدل اذلي هو أأدىن ابذلي هو خري.
خطأأ ..أأم وهجة نظر ؟
لك ما ُيكتب أأو يقال يف حق أأي اإجناز كيفام كن نوعه ال خيرج عن اإطار
وهجة نظر صاحبه ،فالروايئ مثال يقدم فكرة مرشوعه عىل أأهنا اإحدى بنات
أأفاكره وقناعاته ،مث يأأيت "السيناريست" ليقدم ر أأيه فهيا من منطلق أخر َو ْفق
قواعده اخلاصة ،وبعدها خيضع املرشوع لوهجة نظر اثلثة من قبل اخملرج ،هذا
ا ألخري اذلي تنهتيي وهجات النظر عىل يديه ،فاملشاهد ال يقر أأ العمل ا ألديب كام
أأراد هل صاحبه أأن يُقر أأ ،إوامنا ختضع قراءته للعدسة السيامنئية اليت تضفي عليه
جامليات فنية متباينة ،وهذا اإن دل عىل يشء فاإمنا يدل عىل جسامة املسؤولية
امللقاة عىل كهل الناقد املمتكن من أأدواته وقواعد همنته ،فالناقد اجلدير ابملعاجلة
هو اذلي يلزتم احلياد ال ِّق َيمي كام سامه "ماكس ڤيرب" ،ويكون أأقرب اإىل العمل
من غريهُ ،م َّطلعا عىل دقائقه وخباايه ،جمندا لك أأدواته التحليلية والترشحيية ،ملام
اإملاما كفيا بلك جوانب املوضوع ،مبا يف ذكل اجلانب التقين جبميع وظائفه.
(" - )1الفيمل الأمازيغي ،أأس ئلته ورهاانته" ،ص.39:
وعليه ،فلك ما من أل به جعبة الساحة ا ألمازيغية من أراء شفوية صادرة من
بعض املتابعني أأو املهمتني أأو املتعاطفني أأو الفنانني ...حول ا ألعامل املنجزة
ونسميه نقدا ال يُعتد به ،وليس اإال من قبيل احلراسة الليلية كام سامها
"شكس بري" ،ويُعد جمرد انطباعات حينية غالبا ما تمكها اخللفيات وظروف
اللحظة ،وحيمل أراء مشحونة بت ِّبعات االإيديولوجيات السوداوية ،ال وضوح فهيا
وال شفافية ،وقد يغلب علهيا طابع التناقض اذلي يؤلب الفكرة عىل صاحهبا
وجيعلها مادة للسخرية والانتقام ،وأية ذكل عدم وجود متابعني حقيقيني ل ألعامل
اليت تنجزها الساحة ا ألمازيغية ،تكل املتابعات اجلريئة اليت تس تطيع بقوة الناقد
احملنك َج َّر املنتوج السيامنيئ من قفاه اإىل ردهات احملامك النقدية ،وكشف عوراته
أأمام امل أل ،كتكل اليت حدثنا عهنا "جان جاك روسو" يف "اعرتافاته" ،وغريه من
النقاد اذلين أأزالوا س تار الرذيةل من فوق رؤوس الباابوات والقساوسة رمغ
تظاهرمه ابالإميان والتقوى.
أية ذكل ..أأهنا مل ُت ِّدث تغيريا ملموسا سوى أأهنا ش نَّجت العالقات بني
أأفراد ا ألرسة الفنية ،وجعلت ن َفثاهتا النقدية مصدر الش نأن بيهنم ،ومزقت
وحدهتم ،وفتحت أأبواب التاكلب عىل مصارعها ،و أأدت يف الهناية اإىل اإيقاف جعةل
اجلهاز الفين بغري قصد.
اإن النقد كئن يح هل روح وعقل ووعي ومضري ،والناقد جيمع ش تات هذه
العناِص ،وللتارخي أأن يتحدث عن ماضيه كام يتحدث الن بصوت صارخ عن
مايض ا ألمة الفنية ا ألمازيغية اليت ظلت لعقدين ونصف من الزمن منشغةل ابلمك
البذل ،صارفة النظر عن النقد اذلي س" ((يسامه دون الكيف ،وابمجلع دون ْ
بشلك قوي وفعال يف جعل هذه السيامن تتحول من اإطار الفرجة الفنية اليت
تنهتيي ابنهتاء زمن عرضها ،اإىل اإطار الثقافة الفاعةل اليت تفتح العقول وتنورها
وجتعلها حمبة للفن بشلك عام والفن السيامنيئ بشلك خاص ،ومس توعبة للجامل
يف اختالفيته وتنوعه وغناه))( .)1هذا فضال عن أأن يوجد بني املش تغلني يف احلقل
الفين ا ألمازيغي من أأفرزهتم ساحة النقد ،وكنوا ِّن َتا َجه حىت يتس ى هلم الاش تغال
عىل أأرضية واعية حنكهتا التجربة ،وقوضهتا املعاجلات القبلية.
(" - )1النقد السيامنيئ وأفاق السيامن املغربية" ،نور ادلين حمقق ،موقع احلياة ،امجلعة 25يونيو .2014
السينما ..واألدب
لك ِّمن مصطلح "السيامن" ال تعنينا يف هذه العجاةل التعريفات اليت حيملها ٌّ
و"ا ألدب" ،بقدر ما تعنينا اهلموم الناجتة عن القطيعة احلاصةل بيهنام ،علام أأن
نفسه يويح مبعارشة قبلية ،اإذ القطيعة ال تكون اإال بني ش يئني مصطلح القطيعة َ
أأو أأش ياء حصل بيهنا ائتالف ُمس بق ،فاالإنتاجات الامازيغية اجتهت منذ
كون اإىل اذلات يف اإطار ضيق بعيد عن التأأسيس حنو بناء عالقة انطوائية ،والر ِّ
جتارب ا ألغيار ،مكتفية مبا عندها مما اكتسبته من حميطها اذلي متت صياغته
بشلك تلقايئ ،طغى فيه اجلانب امحلايس عىل اجلانب االإبداعي.
لقد ظلت س يناميان -ل ألسف -ترفع شعار التحدي منذ بداايهتا بعيدا عن
ا ألدب والفلسفة ،واختارت لنفسها نسقا عاداي لمَّلها عبء تراكامت مكية فارغة
احملتوى ،و أأخذت من فنون الداب بعض أأجناسه اليت أأاثرت به انتباه العامة،
السجع ،ويه ا ألجناس اليت ك ألسطورة ،واحلاكية الشعبية ،والشعر( ،)1و ْ
لمست املتلقي ووافقت ميوالته يف فرتة التسعينيات الصارمة ،و أأخذت منه
قسطا وافرا من هذا امحلاس ،فاكن من أأمره أأن وجد نفسه أأسري توجه اإيديولويج
فين غري مؤطر ،سامه يف تدجينه بوسائل بس يطة للغاية ،ومعق بداخهل قابلية
اجلاهز من ا ألش ياء دون أأن يكون هل ر أأي فهيا سوى اس هتالكها ب ِّعالهتاَّ ،
ومرر
اإليه خطاابت سقمية من خالل الثاليث العصايم اذلي انضل -وال يزال -من
أأجل اإرساء قواعد الفيمل ا ألمازيغي" :الطالب ،أأمغار ،أأغيول" (الفقيه ،الش يخ،
امحلار) ،اإذ اندرا ما جند معال فنيا تنكب عن توظيف هذه العناِص ،أأو
اس تحرضها كتاميت اجامتعية لها دالالهتا ولموالهتا اخملتلفة يف اإطار اإبداعي قابل
للتأأويل ،لك هذا جعل املتلقي حين بعد هذا الزمخ الاس هتاليك اإىل ا ألعامل ا ألوىل
اليت ال تاكد تفارق خميلته ،ال جلودهتا أأو متزيها عن الحقاهتا ،إوامنا لكوهنا اللبنات
( - )1من حيث التوظيف ال من حيث الاقتباس.
ا ألوىل للرصح السيامنيئ الناطق اب ألمازيغية ،عىل أثَر ما قال أأبو متام:
مك مزنل يف ا ألرض يأألفه الفىت وحنين""""""""ه أأبدا ألول من""""زل
((هناك مواضيع غري مطروقة ،وعىل املهنيني يف هذا اجملال أأن ُخيرجوه من
قوقعة ادلوار وامحلار و أأمغار ،فالثقافة ا ألمازيغية أأكرب بكثري من هذا الثالوث،
وميكن للفيمل الناطق هبذه اللغة ( أأي ا ألمازيغية) أأن يؤدي أأدوارا هممة ،ويتطرق
اإىل مشالك أنية ،ومواضيع أأكرب من املواضيع املثارة حاليا ،كام جيب الابتعاد عن
الهترجي اجملاين ،مثل وضع "يوغورت" يف اخلزب الإحضاك الناس ،إواعطاء صورة
سيئة عن ا ألمازيغ ساكين القرى))(.)1
اليشء الكثري ،جعلها جسدا لقد لكف البعدُ عن ا ألدب السيامن ا ألمازيغي َة َ
بال روح يذبل مع توايل ا ألحداث وا ألايم ،وحولها اإىل أأداة للتسلية احلينية ،أأدى
اإىل تبين فكرة النسخ والاجرتار ،إواىل السطحية يف التناول ،وتزامح التناقضات،
والاستنجاد ابلهترجي ،والاس تنساخ اللكي ألعامل أأجنبية ،عىل غرار ما حدثنا
عنه الناقد محمد بلوش( ،)2وكنت النتيجة انسحاب النخبة من ميدان الفرجة،
تقليص جحم املس هتلكني ،ولس نا ندري جراء هذا البعد ما اإذا كنت السيامن و َ
ا ألمازيغية فعال ابس تطاعهتا التعبري عن قضاايان الشائكة بريق ينسجم إوايقاعات
احلياة املتجددة ..؟ ،أأم أأن تَ َم ُّسك حلمية بعادهتا القدمية هل مربراته ،و أأن وراء
الأمكة ما وراءها؟
وحنن هنا ال ندعو أأو نطالب سيامنان التوغ َل يف عالقهتا مع ا ألدب ،أأو
البحث عن ماكهنا يف الساحة ا ألدبية ،للوصول اإىل مرحةل تويل العوامل اخليالية
ا ألدبية والفلسفية اإىل اإجنازات تسامق عنان ا ألعامل العاملية الناحجة ،فهذا مطلب
( - )1حوار حصفي مع الفنان "حسن بديدا" بتارخي 29يونيو ،2016حاوره الصحفي مميون أأم العيد.
(" - )2الفيمل الأمازيغي ،أأس ئلته ورهاانته ،ص.19:
صعب املنال يف ظروف حالكة كليت تعيشها السيامن املغربية بشلك عام ،اإمنا
املرجو يف الوقت الراهن الاس تعانة بنصوص أأدبية ممتزية ،شعرا كنت أأو نرثا،
أأمازيغية كنت أأو عربية أأو أأجنبية ،وترمجهتا اإىل متتاليات مسعية برصية تليق مبقام
املشاهد ا ألمازيغي اذلي ظل املساند الرمسي والوحيد للسيامن منذ ادلقيقة ا ألوىل،
ابعتبار أأن ا ألدب يتحمك يف مجيع ا ألهجزة السيامنئية ،فهو يسامه بقوة يف تشكيل
خارطة ا ألداء عند السيناريست ،واملمثل ،واخملرج ،واملصور ،واملونتري ،ويزيد
يف قدرة احملركت اليت من شأأهنا اإنتاج معل متاكمل ،والانتقال ابملشاهد من
عامله الصغري اإىل عامل أأكرث رحابة يف حاجة اإىل قدرة اإبداعية تس تطيع طي صفحات
زمنية غائرة.
((اإن الانتقال من ا ألدب اإىل السيامن يعين التحول من س ياق اإبداعي اإىل
أخر ،ومن شلك اإىل شلك ،ومن جوهر اإىل جوهر))( )1مع اس تحضار جيد
للبعد النفيس والزمين(( ،فاخلطاب السيامنيئ ال بد و أأنه يمتوضع داخل فضاء حمدد،
ويرصد أأش ياء ولكامت اعامتدا عىل جسد خيزتن لك الثقافة الرمزية اليت اس توحاها
من طبيعة هذا الفضاء ،ذلكل تتالىق فيه الس يكولوجيا والتارخي واحلضارة
والعالقات الاجامتعية فضال عن التصور اذلي حيمهل الانسان للعامل َ
وذلاته))(،)2
وعىل هذا فالرتاجعات اليت شهدهتا بعض ا ألمناط السيامنئية عىل مس توى العامل
كن نتيجة ختلهيا عن الاقتباسات ا ألدبية ،مما ودل قطيعة حقيقية بيهنا وبني
مجهورها ،أأما الابتعاد التام عن ساحة ا ألدب وميدانه مل خيلف سوى الكوارث
اليت وصلت حلد التبايه مبا ال ميكن أأن يسمى فنا حبال من ا ألحوال ،دلى فال
أأحد يس تطيع اإناكر أأفضال ا ألدب عىل ا ألعامل السيامنئية املغربية الناحجة ،واليت
(" - )1التفكري يف السيامن التفكري ابلسيامن" ،ص.45:
(" - )2اخلطاب السيامنيئ بني الكتابة والتأأويل" ،ص.55:
ال تزال جتين مثرات جناهحا ،وتعد مرجعا فنيا يف ابهبا ،ملا تمتزي به من معق الطرح،
وكفاءة املوضوع ،وجدية الفكرة ،ونضج التجربة.
((وا ألفالم ا ألمازيغية ال ختتلف يف طريقة تصويرها عام يعمتد يف ا ألعراس،
اإىل جانب أأهنا ال تطرح قضااي تتعلق ابلواقع اجملمتعي املغريب ،و أأان أأصف هذه
النوعية من ا ألفالم ا ألمازيغية مبا يسمى ب""الكيتو" ،حيث يشاهدها ا ألمازيغ
فقط ،واب ألخص اذلين يتحدثون ب""تشلحيت" ،ذلكل مل تس تطع أأن تفرض نفسها
كعينة ممتزية جباملية اإبداعية خاصة))(.)1
طاملا عربت اإنتاجاتنا ا ألمازيغية عن الرجة اليت أأحدثهتا ا ألفاكر الباردة ،بدل
التعبري عن رجات الواقع وتوتراته ،وجعلت العالقة بني السيامن وا ألدب تنعدم
بشلك لكي ،وسامهت يف تفامق حاةل الفتور دلى ُكتاب السيناريو اذلين ال يأألون
هجدا يف تكريس مفهوم اجلاهزية ،ابختاذمه الكتابة الرسيعة مطية رخوية للنأأي
بعربة السيناريو عن قاطرة ا ألعامل اليت تس متد روهحا من االإبداعات ا ألدبية ،اليت
من شأأهنا التأأثري عىل املشاهد بشلك اإجيايب ،والرفع من مس توى اذلائقة الفنية،
تأأكيدا ألحقية قيرص يف املال لكه.
( - )1حوار حصفي مع الفنان "عبد الطيف عاطيف" بتارخي 19يونيو ،2016حاوره الصحفي مميون أأم العيد.
( - )2املقاربة النقدية للخطاب السيامنيئ ابملغرب" العلوي حملرزي ،ص.97:
السينما ..والمرأة
منذ زمن بعيد عرب حقب اترخيية عريقة ،واملر أأة ا ألمازيغية يُشهد لها ابلبساةل
والعفة والتضحية واملشاركة الفعلية يف ش ىت منايح احلياة ،واقرتن امسها
"اتمازيغت"( )1اب ألرض وابللغة ،وكن لها احلظ ا ألوفر أأن دونت امسها يف جسالت
التارخي النضايل والفكري والاجامتعي والس يايس والعلمي والفين ...ويف جمال
الفن السيامنيئ انزتعت مرشوعية حضورها ،وفرضت وجودها بعد هجود
وتضحيات هامة ،ف َت َصدر موضوعُها مرحةل النشأأة اب ألفالم الثالثة ا ألوىل اليت
وخطت خطوات هامة ،فكسبت لملت امسها ،مث بعد ذكل توالت اإجنازاهتاَ ،
ثقة مجهور عريض ،ولعبت أأدوارا خمتلفة ومتنوعة ،ما بني ادلرامية والفاكهية،
وكنت ا ألدوار ادلرامية أأقوى ،لتَنَ ُاسب طبيعهتا مع ا ألوضاع الاجامتعية املطروقة
سيامنئيا ،فهيي ا ألنسب وا ألقرب لها من الهزلية لعدم ارتباط املر أأة ا ألمازيغية
ابلظ َرف والتظرف ،ومع ذكل تنوعت توظيفاهتا ،وتقمصت لك ا ألدوار املنوطة ُّ
هبا ،بني البطولية والثانوية ،كدور البنت ،وا ألم ،والعجوز ،والزوجة ،والرضة،
والبدوية ،واحلرضية ،واخل َِّرية ،والرشيرة ،والعامةل ،واملوظفة ،وا أل َمة ،واملتعلمة،
والولية ،واملشعوذة ..وغريها من ا ألدوار العادية واملركبة .وابملقابل جندها غائبة
السقَطِّ ،وابئعات الهوى، بشلك أأو بأخر يف أأدوار اجملون ،والفجور و َّ
والسكريات ،واملدخنات ،ومراتدات املاليه ..وغريها من ا ألدوار اليت تنكبهتا
السيامن ا ألمازيغية نفسها .ابس تثناء بعض احملاوالت اليت شَ َّذت هبا الشاشة الكبرية
عن القاعدة ،واليت ال متثل اإال نفسها ،وما تزال ترى خلع املالبس والكشف عن
ا ألذرع والساقني ترضا وتقدما وانفتاحا ،يف غياب اتم ألرىق مس توايت اللغة
السيامنئية ،واس تحضار بدهييي ألبشع مس توايت اللغة اجلسدية .اإن لغة اجلسد
ال تعين الكشف عن السوءات يف املاليه واحلاانت ابمس الفن ،أأو ترمجة
( - )1يطلق عىل املرأأة وعىل الأرض.
"الاكماسوترا" ترمجة العاجز عن تأأويالت ممكنة ،فتناوالت اجلسد لها ضوابطها
وقواعدها والزتاماهتا يف أأفق واسعة املدار اإذا ما اقرتنت بفن راق و أأصيل،
ووضعها يف س ياقاهتا الثقافية والاجامتعية وادلينية والتارخيية أأمر رضوري لضامن
احلفاظ عىل متوقعها داخل منظومة اإيديولوجية معينة.
لقد خاضت املر أأة ا ألمازيغية معارك ضارية مع واقعها وحميطها ،من أأجل
فرض ذاهتا أأمام العدسة ،فاكحفت مبا أأوتيت من قوة وصرب وعزمية ،وحضَّت
ابلكثري من أأجل اجتياز املرحةل ،وتقيق طموحاهتا ،وتفجري طاقاهتا االإبداعية،
داء أأمام الاكمريا ،وتقنيا خلفها .لقد قامت فعال هبجرة نوعية من عاملها الصغري أأ ً
اإىل عامل أأوسع ،من نظام أأرسي اإىل تفكك مجعي ،ذكل العامل اذلي وجدته -بعد
مس اخلياط ،وكن لبعض ضيق من َ ِّ
اكتشافها احلقيقة -أأض َّل من تُو َما احلكمي ،و أأ َ
الفناانت جوالت وصوالت ميتافزييقية قبل ولوج العامل اجلديد ،ومع ذكل أأهدت
للفن أأكرث مما أأهداه صنوها الرجل ،وحصلت عىل أألقاب وشهادات وتكرميات.
لقد انترصت جلنسها يف عامل كن من املمكن أأن يكون ذكوراي ابمتياز لوال رضورة
متثيليهتا ،لهذا جاء دورها موازاي دلور الرجل ،غري أأهنا مل تضايقه يف وظائف
أأخرى ،كالإنتاج ،واالإخراج( ،)1وكنت لها أأفضال كبرية عىل الفن بشلك عام،
وعىل املنتجني بشلك أأخص.
لكن ،رمغ لك هذا العطاء الرث ،والبذل املس متيت ،ظلت أأوضاع الفنانة
جحم عطاهئا ،حيث مل مصريها الراهن َ بشلك عام متيل اإىل التدهور ،وال يوازي ُ
مينحها الفن ع ُُرش ما منحت يه للفن ،وظلت تهتادى بني املصري والطموح،
ومناجاة احلظ العاثر ،فاكتفت من الغنمية ابالإايب ،وابجملاراة حسب مجيع
املقاسات ،وسايرت ا ألهواء املطاطية مسايرة طوعية ،فأألْ َفت نفسها اتهئة بني
( - )1هناك حماوالت اإخراجية نسوية قليةل جدا .ينظر "الفيمل الأمازيغي ،أأس ئلته ورهاانته" ،ص.25:
مطرقة واقع فين متألك من ادلاخل ،وس ندان تلبية رغبات الفحوةل املرتجةل ..
رغبات سامرسة الفن اذلين أأب َوا اإال أأن تكون ( أأي الرغبات) عنواان للك ما ميت
اإىل هذا العامل بِّصةل ..تكل الرغبات أأو الطابوهات احليوانية اجلاحمة املسكوت
عهنا ،واليت يعتربها بعض أأهل الفن -ل ألسف -حقا طبيعيا ،وممارسات روتينية
عادية ،إواحدى رضورايت االإبداع ..وقد أأبدعوا يف هذا اجملال فعال ما شاء هلم
أأن يبدعوا ،وخال هلم اجلو الطبيعي كام خال ِّل ُق َّ َربة ابن العبد.
صفحات من التارخي اجلنيس والاس تغاليل البشعُ ،كتبت عىل جباه فتيات
َحرمن أأنفسهن ُم َت َع احلياة مقابل ُم َتع الفن ،فوجدن أأنفسهن بني أأحضان ُم َتع
الزنواة العابرة ،يتلقني صفقات ش به يومية ،دون أأدىن مسؤولية أأو جتربة،
تَ َتخ ََّط ُفهن ا ألهواء منذ طلوع بدرهن فيخرتن ْ
ادلَّو َر وادل َار معا ،بل وخيرتن
ادلخول يف لعبة الشطيان مبحض إارادهتن ،وتت تأأثري ثعالب الفن وسامرسته.
السينما ..
الدين والفتاوى األفالمية
من املوضوعات اليت ال تشغل ابل املهمتني ابلشأأن السيامنيئ ا ألمازيغي
موضوع "عالقة السيامن ابدلين والتارخي" ،وال نعين ابدلين هنا الاستئصال
االإيديولويج للمصطلح ،حبثا عن سيامن متدينة أأو دين سيامنيئ ،فهذا ابب يف
حاجة اإىل تعميق البحث وتكثيف اجلهود والغوص يف أأعامق املصطلَ َحني ،اإال أأن
اذلي يعنينا هنا هو مدى التناوالت السيامنئية للرموز والقضااي ادلينية ،وقد نتفق
وظريف ،أأو متجاوز أأو خنتلف مع اذلين يرون أأن موضوع ادلين يف السيامن َع َريض ْ
ال يشلك أأي انعاكس سليب أأو اإجيايب ،هذا اإذا سلمنا جدال بعدم وجود حاالت
مشلهتا الفوىض الراهنة ،ففي هذه احلاةل ال مندوحة من جعل ادلين تمية من
التاميت الشلكية ،ال موضوعا أأخالقيا هل روابطه وتأأثرياته عىل املتلقي.
وحديثنا عن ادلين من حيث كونه مصدرا سامواي ،ال يعين حبال من ا ألحوال
أأ ْسلَمة السيامن أأو أأخ َْونهتا ،بقدر ما يربطنا ابلهوية املبنية عىل أأخالق َّ
مؤطرة دينيا،
ألن مسأأةل ا ألخالق يف السيامن ابتت موضع ش هبة ،وحامت حولها أراء شاذة
وقالقل ،حىت ظهر بني ظهرانينا من ال يس تحرض ا ألخالق يف اجملال السيامنيئ
هنائيا ،ويرفض أأن تكون حاجزا بينه وبني ترشحيه لواقعه سيامنئيا ،كأن الفنان
يبدع لنفسه داخل منظومة أأخالقية خاصة بعيدة عن امجلهور ،فأأحيا بذكل س نة
وعرى عن واقعه بطرق سافرة أأبعد ما تكون عن الفن الفن للفن من جديدَّ ،
واالإبداع ،لهذا جعلنا عنرص ادلين كئنا حيا يف السيامن ا ألمازيغية اليت ترفض –
شالك -هذا الهنج ،العتقادان أأن الهوية ا ألمازيغية املتعلقة ابدلين شالك ومضموان
حالت دون ذكل ،وهذا ما نتغياه أأن يطال العمق السيامنيئ الأمازيغي حىت نرىق
به ،ونكسب ورقة المتزي اليت يراها البعض جحر عرثة أأمام التقدم والانفتاح.
ليس من الرضوري أأن تكون ا ألخالق مرتبطة ابدلين للقيام مبرشوع اإنساين
مبين عىل القمي ،فا ألخالق ُوجدت قبل ادلين ،سواء كنت اإجيابية أأو َسلبية،
وادلين االإساليم جاء ليمتم ا إالجيايب مهنا ،ال ليبتدعها ،ومن املنظور االإنساين
ينطلق املرشوع ا ألول للباء ا ألخاليق ،والفن جزء من هذا املرشوع.
والثقافة ا ألمازيغية مرتبطة مبفهوم ا ألخالق االإنساين حىت يف بعض مظاهرها
الوثنية قبل مرحةل التدين ،وال تزال تافظ عىل هذا االإرث ا ألخاليق ،يف
العادات ،والتقاليد ،واملعامالت ،واللغة ،والتعايش مع الخر ...ويف ش ىت
منايح احلياة ،ذلكل من البدهييي أأن نعرث عىل مظاهر التحرض ا ألخاليق يف الفن
ا ألمازيغي جبميع مكوانته ،مبا يف ذكل الفن السيامنيئ اذلي حافظ عىل المنط
الاجامتعي ل ألخالق ،وجتاوز اإىل حد ما ا ألمناط ا ألخرى ألس باب س نتناول
بعضها.
لقد ظلت السيامن ا ألمازيغية تش تغل عىل تمييت الرتاث وادلين من زاوية
اجامتعية منذ بداايهتا ،ووظفت الرموز ادلينية ملصاحلها النفعية ،وال ياكد خيلو
معل من أأعاملها من مسحة ادلين ،ا ْإن عىل مس توى الاس تدالل أأو عىل مس توى
الاس تنباط ،أأما ما يسمى ابلفيمل ادليين كام هو متعارف عليه سيامنئيا ،واذلي
يتناول قضية من قضاايه مل يُنتج منه غري معل واحد ،اإضافة اإىل كون فضاء التارخي
ا ألمازيغي الرحب مل تطرقه السيامن اإال بثالثة أأعامل منذ نشأأهتا ،واليت جاءت لكها
يف فرتات متأأخرة ،انهيك عن القضية ا ألمازيغية اليت ظلت السيامن مبعزل عهنا
رمغ انامتهئا الظاهري اإلهيا ،واليت كن من املفروض أأن تناِصها كام انِصت السيامن
الفلسطينية قضيهتا الس ياس ية بعرشات ا ألعامل ،اخرتقت هبا البساط ا أللمر يف
كربى املهرجاانت العاملية ،ومع ذكل مل تس َت ِّح سيامنان من تقويض لبناهتا املهرتئة
عىل أأنقاض موضوعات أأجل ما وصفها هبا النقاد أأهنا خسيفة ،وا ألجود مهنا َ
ِص َف
مهته حنو أأهداف أنية تت وطأأة االإكراهات القاس ية.
عكفت السيامن ا ألمازيغية متتح من ادلين عىل قدر ما يناسب وعاء
موضوعاهتا ،ترىق به حينا عىل حسب ما يقتضيه الس ياق ،وتدين به أأحايني
كثرية يف الوحل حيامن يتسع النطاق ،ذلكل ِّخسرت عىل سبيل املثال من خشص
(الطالْ ْب) مبا فيه الكفاية ،جراي عىل س نة السيامن ادلارجية ،وا ألعامل الفقيه َّ
التلفزية ،والنصوص ُّالر ْكحية ،حيث ملَزتْه ِصاحة ابلسذاجة والغباء والبخل
واجلنب واجلشع والنصب والاحتيال ،وكن أأ ُ
ول فيمل أأمازيغي خرج للوجود ابكور َة
من كرس هذه الظاهرة يف أأبشع صورها ،مث جاء من بعده من ساروا عىل ادلرب،
وكثفوا هجود السخرية ،فنالوا من خشص "الفقيه" دون أأدىن اإشارة اإىل دوره
الرايدي يف اجملمتع ا ألمازيغي .أأضف اإىل ذكل اختاذ بعض الشعائر ادلينية موضع
اس هتزاء ورطانة ،كلصالة والصوم واحلج ،وك" "الاس تغفار" اذلي تول يف أأحد
السخافات املنمتية للفن اإىل رقصة فوللكورية دلغدغة رغبات الغوغاء ،وتوظيفات
الايت القرأنية اليت ما مسعناها يوما سلمية القراءة ،بل مهنا ما تول بقدرة قادر
اإىل أأحاديث نبوية ،أأو العكس ،كقوهل تعاىل" :اإن أأبغض احلالل عند هللا
الطالق" ،وقول الرسول" :من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" ،مث يأأيت دور
القضااي الفقهية املطروحة جزافا للمشاهد ،إوابداء احلمك الهزيل فهيا مما مل خيطر
عىل ابل أأيب حنيفة أأو الشافعي ،أأو حىت أأحصاب املذاهب ادلينية ِّلكها ،وهذا
نتيجة الاس تغناء عن خدمات الفقيه البليد والغيب ،واذلي ال أأعتقد أأن السيامن
ا ألمازيغية يوما ما وثَّقَت بواسطته اقتباساهتا ادلينية.
أأما ما ميكن اإدراجه يف ابب الفتاوى والرمج ابلغيب يف اإنتاجاتنا حفدث وال
حرج ،ا ألمر اذلي مل يأأخذ منا بعدُ نصيبه من العناية والتحليل ،ويدخل يف اإطار
التأأثري االإعاليم اذلي مل نع خطورته وقوة شكميته ..فكثري من ترصفات العامة
مبين عىل فتاوى أأفالمية ،صادرة من مواقف تشخيصية ألحد املمثلني ،أأو أأشعار
غنائية ،يس تدلون هبا عىل جدية نوازهلم و أأحقيهتا ،وا ألدىه من ذكل أأن قول
الفنان يف أأحد ا ألدوار -عند معظمهم -أأقوى جحة من "قال هللا" و"قال
وممكَن الرسول" ،أأو قال العامل الفالين أأو الباحث العالين ،وهنا مربط الفرسْ ،
اخلطر ،وقد مسعنا كثريا من العامة من حييكل أأثناء النقاش عىل أأفالم أأمازيغية
مكصادر هل ومراجع للتوثيق(.)1
إواذا ما سلمنا هبذه الفرضية ،اليت ليست يف حاجة اإىل مزيد من التوضيح،
فاإننا ندرك ال حماةل خطورة التوظيفات ادلينية يف ا ألعامل السيامنئية اليت مل ت ْ َُنب
عىل أأساس علمي ،ملا ُتدثه من تغيريات جذرية يف نفوس وسلوك الطبقة املعنية
لست أأابلغ اإن هبا ،وهذا أأمر َجلل أأصبح ال مناص من وضعه تت اجملهر ،و ُ
قلت أأننا صادفنا يف أأوساط املثقفني من جيعلون من الكوارث الفنية اليت تدثنا
عهنا مصدرا لالس تدالل ،ومن بعض الهبلوانيني رموزا و أأعالما ..وما خفي أأعظم.
لقد أأدت بعض املفاهمي املغلوطة عن عالقة ادلين ابلفن عند بعض الفنانني
الفن ،ووجو ِّدهام عىل لك مهنام ،ومنذ جفر ادلين و ِّ خارج طبيعة ٍ اإىل تأأويالت َ
حصيف واحد؛ مل يضق الكهام ابلخر ،بل حدث بيهنام تعايش و أأتالف حىت شذ
بعض رجال ادلين عام كن متعارفا عليه ،وتقاطعوا مع ذوي ا ألفاكر املتحررة،
فنشبت حروب داحس ية دامت لقرون ،نتيجة أأخطاء مهنجية َّودلت معركة
أأخرى بني من يرون ادلين ختلفا ورجعية ،وبني من يرون الفن تلال إواابحية.
لقد اعتقد الكثري أنذاك بأأن ادلين ال ميكن أأن يعيش مع الفن تت سقف
واحد ،خاصة عندما توغلت احلركت االإصالحية يف مصادرة احلرايت ،وتتبعِّ
رجاالت التوجه التحرري ،وال ميكن ألحدهام خدمة الخر أأو الاس تعانة به،
ذلكل نشأأت بني الطرفني قطيعة وصلت حلد البشاعة واجلُرم ،انطلقت مع
مهنا ما ميكن أأن يكون كذكل. ( )1
ا ألحاكم اجلاهزة اليت أأصدرهتا الكنائس يف فرتة من الفرتات ،مث انتقلت اإىل
التأأويالت املذهبية للنصوص ادلينية االإسالمية ،ل ُي َنرث رذاذها عىل القبة الفنية
احلالية ،ذلكل يوجد من بني الفنانني من ال يزال ممتساك بتكل الاثر الباقية من
خملفات الرصاعات الفكرية ،نشأأت عهنا عالقة متوترة وغري مس تقرة ،وغالبا ما
تنحرص يف معلية الهترب من املسؤوليات والالزتامات اليت َ ُتد من حرية الفرد
وحرية نزواته ،حيث التيه والغليان ،وتضع صاحهبا يف مأأزق التقليد اذلي يشلك
عليه خطرا ،ويضعه يف حرج مع النفس واجملمتع ،ليتيه يف الهناية بني أأفاكر دينية
متطرفة ،وتطرف فكري ال ديين.
الوجه اآلخر للقرصنة
والسؤال الراهن
من املوضوعات اليت ابتت واحضة املعامل ،وال أأحد جيادل يف كرثيهتا ،وال
تطيق املزيد من اللغَط أأكرث مما طرح عىل موائد النقاش ،هو موضوع "القرصنة"،
واذلي يعد أأكرب خطر هيدد الصناعة السيامنئية يف عقر دارها ،ويكبدها خسائر
جس مية ،كام يكبد ادلوةل أأضعافها ،خاصة عندما تقتحم هذه الفة قلب اجملمتع،
وتتحول اإىل ظاهرة وعادة اجامتعية ،مث اإىل حاةل نفس ية تس توطن النفوس عن
طريق االإلف اذلي يعد مصدر لك اجلناايت املقبوةل اجامتعيا ،مهنا فعل القرصنة
املوغل يف اذلات الفاعةل لهذا السلوك السليب االإجيايب ،فهو سليب من حيث كونه
الفعل املهدد ألهجزة متعددة داخل اجملمتع ،إواجيايب من حيث احتوائه عنرص
القابلية مكصدر لفعل مأألوف داخل نفس اجملمتع اذلي يقبهل ويرفضه يف الن نفسه،
وهو ما ربطه أأحد الباحثني بشجرة النسب ،وجعل ا ألمر مقبوال انطالقا من
تأأثريات داخلية اس توعهبا ا ألفراد داخل حقل جامعي ُمهيأأ ،علام أأن التأأثريات
السلبية للقرصنة ال تظهر أاثرها اإال عىل هجة معينة ،يف الوقت اذلي تعد مصدرا
اإجيابيا جلهات أأخرى تشمل ا ألفراد وامجلاعات ،ذلكل أأصبح من املأألوف أأن نلمس
لك حسب مس توى اإدراكه ،مما اخنراط كفة رشاحئ اجملمتع يف هذا الفعل املشنيٌّ ،
َّودل مفاهمي أأخرى غري منتظرةُ ،ح ِّو َر ْت اإىل مربرات أأسعفت بعض الش باب
ملقرصنة بشلك طبيعي ومقبول بعيدا عن أأعني املراقبة ،كشلك لمترير منتوجاهتم ا َ
من الاحتجاج عىل ا ألوضاع الاجامتعية املُعاشة.
وعند الوقوف عىل الاثر اليت يُس تفاد مهنا اإجيابيا ،جندها تؤثر عن طريق
االلْ ِّف عىل اجلهات اليت يقع علهيا فعل القرصنة ،فاذلين يش تكون من معلية
ِ
القرصنة يتحولون تت تأأثري حاةل االإلف اجملمتعية اإىل "قراصنة أأش باح"،
وينخرطون يف منظومة سلبية تولت اإىل عرف مدين خارج عن دائرة الس يطرة،
لهذا جند أأغلب املنتوجات ( افالم – أأغاين -سكيتشات – لكيبات) خضعت
لفعل القرصنة االإنتاجية قبل خضوها للقرصنة بعد مرحةل االإنتاج ،ويف اعتقادي
مثال أأن الاتاكء عىل أأشخاص ال ميتون اإىل الفن بصةل ،ومن َحهم ا ألدوار الرئيس ية
يف ا ألعامل السيامنئية أأو التلفزية يعد قرصنة حقيقية ال غبار علهيا ،بدعوى أأن
متطلبات الفنان املبدع قد يلكف العمل أأكرث من طاقته املادية ،إاضافة اإىل مواد
غنائية تقدم "مغنني أأش باح" بأأصوات مقرصنة ،دون مربر منطقي ،و أأعامل أأخرى
فيلمية أأو موس يقية مقرصنة قرصنة سافرة ليست يف حاجة اإىل تعليق ،ويلحق
هبذه املس توايت ما خيتلط فهمه اإثر احلديث عن ا ألرشطة ا ألصلية وا ألرشطة
املقرصنة ،فالفرق بيهنام أأصبح ال ُ َجياوز ما حيمهل لك مصطلح من حروف غري
متشاهبة ،ابعتبار أأن املادة املوهجة للجمهور عن طريق ا ألرشطة خضع معظمها
للقرصنة ،مما ينفي عهنا صبغة الفنية واالإبداع تقنيا و أأداء ،مث تأأيت مرحةل اإعداد
ا ألقراص وحنهثا بطريقة يدوية (مقرصنة) ال جتعل املس هتكل يس متتع بقمية املنتوج
ا ألصيل ،انهيك عن ا ألعامل املصورة اليت انتجهتا السيامن ا ألمازيغية منذ تأأسيسها
اإىل يومنا هذا ال يوجد من بيهنا حاةل واحدة تمتزي جبودة الصورة والصوت
واملوس يقى ،وكأن املشاهد ا ألمازيغي ال تعنيه هذه ا ألصناف من اجلودة.
مرشعني لفعلوهبذا تتضح خيوط معلية التطبيع بني املنتجني ابعتبارمه َ ِّ
القرصنة ،وقراصنة ا ألعامل ابعتبارمه املس تفيدين املمتازين ،واملس هتلكني
ابعتبارمه الفئة املس هتدفَة من قبل املنتجني والقراصنة ،ومعلي ُة التطبيع تأأخذ
مسارا أخر عندما تطرح بعض رشكت االإنتاج أأعاملها يف ا ألسواق َ
مقرصنة قبل
مدامههتا من قبل قراصنة ا ألعامل ،وهو ما جعلنا منزي بني القراصنة املعلَن عهنم
ومه حيملون راية القرصان املكشوف؛ وبني القراصنة ا ألش باح املتسرتين خلف
أأسامء قانونية ،وحييلنا عىل ثغرات أنية الخرتاق ما اصطلح عىل تسميته بقانون
النسخة اخلاصة ،وابلتايل جند الفعل هنا يكتيس صبغة اجلرمية املتعددة ا ألشاكل،
ويدخل يف اإطارها املامرسات االإلكرتونية اليت بدورها تزيد الرتق اتساعا ،حيث
يزنل املنتوج الفين عىل الش بكة العنكبوتية يف الوقت اذلي يشهد نزوهل اإىل
هتكل من مشاهدة ما يشاء وقت ا ألسواق ،بعيدا عن أأعني الرقابة ،ومي َ ِّكن املس َ
ما يشاء بدون مقابل ،ما يكشف عن الوجه الخر للخطر ،وهيدد اجملال من
ادلاخل ،ومما يعين أأن معلية القرصنة تشمل التطور التقين اذلي يدخل يف اإطار
نتاج الطاقات البرشية ،وهيدد نتاج الطاقات االإبداعية ،ويوسع جمال اخليارات
الفردية ،ويسامه يف تدمري الرتاث االإبداعي بشلك عام ،ويفرض عليه حكام قاس يا
ابالنقراض ،دون أأن يس تثين االإنتاجات الأجنبية الضخمة ،اليت يتصل هبا
املشاهد مقرصنة قُ َبيل نزولها دلُ ور العرض يف بهثا الافتتايح ،رمغ ما فرضته من
رقابة صارمة ،وهذا يدل عىل أأن رسعة التقدم التكنولويج وبطء تفعيل القوانني
يسريان يف خطني متوازيني ،حيث مل يَت َ َس َّن للكهيْ ام الاس تفادة من تَبِّعاهتام.
اإن حاةل الفوىض اليت مشلت القطاع السمعي البرصي أأدت اإىل ارتباك
املوازين ،و أأحدثت رشخا كبريا يف اجلسد الفين ،وقد أأكد تقرير املركز السيامنيئ
املغريب س نة 2015بأأن ((نس بة ا ألقراص ،اليت ال تمل أأي ترخيص من اجلهات
املعنية ،تبلغ 94يف املائة من مجموع ا ألقراص املتداوةل يف ا ألسواق املغربية ،مشريا
اإىل أأن القراصنة يروجون حوايل 100أألف قرص منسوخ بطريقة غري قانونية
يوميا يف خمتلف ا ألسواق ،ما يعين أأن جحم هذه التجارة يناهز مبلغ مليار درمه
س نواي))( ،)1ا ألمر اذلي يؤكد بأأن مسأأةل الوعي خبطورة القرصنة بش ىت أأنواعها
دلى املنتج واملس هتكل معا ال يرىق اإىل مس توى اخلطورة نفسها ،ألن وجود
نس بة %6من املنتوج ا ألصيل اب ألسواق وسط %94من املواد املقرصنة هل أأكرث
من تفسري ،وال ميكن فهم الظاهرة اإال اإذا وضعنا عناِصها الثالثة (املنتج –
( - )1موقع "الصحراء املغربية" عدد 12 :يناير.2015
املس هتكل – القرصان) يف س ياقها الاجامتعي والتارخيي ،وربطناها ابلنتاجئ املرتتبة
عهنا ،واليت يف معقها تيسء اإىل الفن من جانبه الرمزي -كونه أأرىق مس توايت
االإنتاج عند االإنسان -أأكرث من جانبه املادي .إواذا كنت حمتية الانقراض تطارد
ا ألعامل املقرصنة يف مرحةل االإنتاج ،ويه ا ألعامل اليت ختاطب جيوب املس هتكل
مع وضوح معامل اجلرمية ،وتصيب لعنهتُ ا البقية الباقية من ا ألعامل الهادفة ،وحمتية
تضخم موارد القرصنة وتطور مداركها بتطور اجملال التقين ،فاإن السؤال اذلي
يفرض نفسه بقوة ويبحث هل عن اإجابة شافية هو:
مقرصنة ..أأم قرصنة ا ألعامل؟
من ا ألوىل ابملعاجلة يف الوضع الراهن :أأعامل َ
أفالم ..أم سكيتشات
؟؟؟
الط َرف واحلاكايت واملس متلحات حيوي الرتاث ا ألمازيغي خزاان كبريا( )1من ُّ
يدون مهنا التارخي -ل ألسف -اإال الزنر اليسري ،لعدم ارتباط السوس يني بعمل مل ِّ
التارخي( ،)2وانشغاهلم عنه يف مرحةل التدوين ..ومن اللباقة الفنية أأن تتوىل الاكمريا
مبفردها هممة التوثيق والتدوين ،دون الاس تعانة بتقنيات موازية ،أأو اس تحضار
أليات حممكة ،وهذا الغياب الش به التام للك ما هو فين أأو تقين ،ليس هل ما
يربره سوى اقتحام العدسة ا ألمازيغية للمجال يف ظروف غري حصية ،وزمن غري
مناسب .مما سامه يف توير العالقة بني الشلك واملضمون ،وبني الفاعل واملفعول،
وكذا املفاهمي املتعارف علهيا علميا و أأدبيا وفنيا ،كأن يصري الفنان أأداة ..والفن
لعنة ..والوتر انقوسا ..والعود طارة ..وهكذا.
وغالبية االإنتاجات ا ألمازيغية اليت رفعت "بُ ْور َصا" ا ألرقام الفيلموغرافية ،ما
يه يف الهناية اإال جمرد سكيتشات بدائية أأخطأأت طريقها حنو مسمى "الفيمل
الامازيغي"( ،)3و ُكتب لها ما مل يكتب لغريها من الانتشار اذلي حيصد ُّ
الفن
نتا َجئه القاتةل يف الونة ا ألخرية اإىل ما بعد منتصف العرشية الثانية من ا أللفية
الثالثة زمن الانفجار العظمي ألحدث التقنيات.
اإن منط السكيتشات -موضوع البحث -طويةل كنت أأو ما تسلسل مهنا
عرب حلقات تلفزية ،هو منأى عن لك ما ميت اإىل الفن بصةل ،حيث مل ختضع
وحس ُبه أأنه حول طرائف -خضعت أأحياان موضوعاته ألي منطق علمي أأو فينْ ،
ملسخ الشارع -اإىل تشكيةل من املواقف الهزلية ،معززة بالزمات جتارية،
وتشخيصات هبلوانية .اإضافة اإىل كوهنا قزمت جحم ا ألمازيغي البدوي ،فأأردته
( - )1يرى الباحث محمد أأرجدال بأأنه مل يتبق من احلاكايت والأساطري الأمازيغية اإال الزنر القليل ،يف اإشارة اإىل ضياع العديد
مهنا" .قراءة يف بعض الأساطري الأمازيغية ابجلنوب املغريب" مضن " ا ألدب الشفوي الأمازيغي" ،ص.49:
(" - )2سوس العاملة" ،ص 19:و"مدارس سوس العتيقة" ،محمد اخملتار السويس ،ص.74:
( - )3أأغلهبا مت الترصحي هبا قانونيا عىل أأهنا سكيتشات ال أأفالم.
طرحي متثالت مفعمة ابلسخرية والهتمك ،واليت جاءت يف س ياق واحد مع
السكيتشات والوصالت الفاكهية اليت كنت جتعل من "الشلح" مادة للسخرية
والاس هتزاء يف سبيل اإحضاك الخرين مبا فهيم "الشلح" نفسه ،وها يه الن
أأفالمنا ا ألمازيغية تقوم بدور تأأكيدي ملا كن ابالإماكن أأن ال يكون ،وكرست مفهوم
الهامش ية اليت يُنعت هبا ا ألمازيغ ،بدعوى الواقعية(( ،فالسخرية ليست ل إالحضاك
حفسب ،بل من غاايهتا القصوى العمل من أأجل اإبعاد السليب من القمي مع االإبقاء
واحملافظة عىل االإجيايب مهنا ،فليس هناك خسرية من أأجل السخرية))(.)1
حس ُب هذه النوعية من ا ألعامل أأهنا مزقت جحب التحدي لتكشف عن ْ
وجه أخر للمحاوالت غري املوفقة ،ويه حماوالت -ل ألسف -تكررت يف املشهد
الفين ،و أأمكن للمشاهد اخزتالها يف مجموعة من املشاهد الفقرية فنيا وتقنيا،
واملتداخةل فامي بيهنا ،أأش به ما تكون -شالك -بقصيدة النرث ،وقد يويح بعضها
اإىل أأهنا تتوي عىل مادة معينة بروابط فنية ،رمغ نزعهتا التعلميية التقريرية ،اليت
أأغرت أأحد النقاد فسامها ((اباللزتام الفكري وا ألخاليق))( ،)2لتوفرها عىل لقطات
مرئية ومسموعة تتخللها مقاطع موس يقية مبتورة ،ومراحل متنحها صفة معل فين
جاهز لالس هتالك ،بعد أأن ِّحي َك ْت صياغاهتا بطرق مس هتلَكة حىت غذت عبارة
عن عناوين خمتلفة لعمل واحد ،ال فرق فهيا بني "دا حامد" يف هذا العمل و"دا
سعيد" يف معل أخر ،بل ال تاكد جتد فوارق ملموسة متنح املشاهد حق المتيزي،
وتصهل بواقعه اذلي ينتظر تشكيهل فنيا يرىق مبس تواه ،ومس توى حميطه.
إوان كن لها من حس نات تشفع لها لك هذا اجملهود فهو أأهنا وثقت –صوات
وصورة -لعدد ال بأأس به من الطرائف والنكت اليت يشملها الرتاث الالمادي
(" - )1أأفالم أأمازيغية ،مالحظات وقراءة أأولية" ،ص.38:
(" - )2السيامن املغربية الواقع والفاق" ،ص102:
للثقافة ا ألمازيغة ،علام أأهنا أأحياان تقع يف اخللط بني الطرائف احمللية والطرائف
املس هتلكة عربيا وغربيا ،ويه معلية قد تفيد صفحات ا ألجيال الالحقة تأأرخييا(،)1
للطرفة العربية اليت مت تداركها من خالل مجموعة من كام هو الشأأن ابلنس بة ُّ
املؤلفات اليت حافظت عىل نسخهتا ا ألصلية أأدبيا بصيغة أأفالم قصرية دقيقة
التصوير مبفهومنا املعاِص ،ويعد كتاب "البخالء" للجاحظ ،واحدا من ا ألعامل
ا ألدبية الهامة اليت تناولت الطرفة بطريقة سيامنئية ،حيث صيغت حبكهتا وفق
تصورات اإخراجية منسوجة من خيوط الواقع املعيش ،وساعد ذكل املؤ َلف عىل
دمع اجلانب الفين للوصول اإىل خمتلف أأمناط العيش دلى الفئة املدروسة ،بعيدا
عن نسج اخليال أأو املروايت الشفهية ،وصلت حلد أأن حافظت بعد قرون
مضت عىل ا ألسامء احلقيقية ألحصاهبا يف زمن ليست فيه رقابة ،هذا فضال عن
مواقعهم البيئية ،وتوالهتم الاجامتعية.
وعندما تدث بعض النقاد عن معلية اإنتاج أأعامل أأمازيغية يف الفرتات
السابقة من هذه العينة بطامق صغري ،وممثلني هواة وأأش باه هواة ،وابلراغبني يف
الظهور -ومه ُكرث ،-ومزيانية ال تتجاوز يف حدودها القصوى 60أألف درمه،
ويزتمعها خشص يتقمص أأزيد من أأربعة أأدوار بني التقنية والتشخيصية ،فاإن
ا ألدىه من ذكل هو تطور هذه احلاةل املس تعصية عىل العقل البرشي للوصول
بقاطرة التجاوزات( )2الالمنطقية اإىل مرحةل االإنتاج ا ألسطوري ،التحدي اذلي
أأريدَ هل أأن يصل اإىل مرحةل االإجعاز الفين ،ويرىم فيه بفتات الفن( )3اإىل املشاهد
ا ألمازيغي املغلوب عىل أأمره ،حبجة أأنه هو من أأراد ذكل ،و أأنه املدمع الرمسي
( - )1سواء عىل املس توى التأأرخي الأديب أأو السيامنيئ.
( - )2س بق للناقد "محمد بلوش" أأن رصد جانبا من هذه التجاوزات يف مقال" :الفيمل ا ألمازيغي بني الرداءة والنضج" ،مضن
كتاب" :الفيمل الامازيغي ..أأس ئلته ورهاانته" ص.40:
( - )3نعتذر للك الفنانني اذلين حيرتمون فهنم عىل هذا الاس تعامل التعسفي ،وإاال فال ماكن ملصطلح الفتات يف ساحة الفن
احلقيقي.
والوحيد ملثل هذه السخافات .ولنا ابملقابل أأن نتساءل عن ا ألس باب اليت تدفع
بشخص واحد اإىل القيام برتسانة من ا ألدوار ،بني االإنتاج والمتثيل والتوزيع،
اإضافة اإىل أأدوار تقنية أأو كومبارس ية اإذا دعت الرضورة !!!.
السوق ..والڤي يس دي )(VCD
أأحضت عبارة "غَ َيا ْد أأ ْي َرا السوق" (هذا ما يريده السوق)( )1من أأشهر
العبارات اليت جاءت عقب فرتة اهنزام املنتوج ا ألمازيغي يف الساحة الفنية ،ويه
يف معقها ادلاليل ال تبتعد كثريا عن مدلوالت السلبية يف حاةل اإذا ما كنت تمل
معقا ،وظهرت العبارة منذ فرتة انشغال السيامن ا ألمازيغية مبرحةل التكوين والبناء،
فاكن من أأمرها أأن سامهت تقنيا يف تفيش ظاهرة القرصنة ،وواكبت معلية تواطئ
التجار مع الكيان الفين حبثا عن املادة مبفهوهما "البورصوي" من أأيرس طرقها عىل
حساب املادة الفنية ،عىل اإثرها نشأأ مصطلح "الڤي يس دي" (القرص املدمج)
يف بيئة غري حصية ،وتطور مدلوهل البس يط ليس يطر عىل عقول التجار(،)2
واس تغرق وقتا قصريا ألن حيتل ماكن "الڤيديو" ،و أأخذت بضاعته يف الانتشار
برسعة هائةل ،لتاكليفه اليسرية ،وملرونته ،ويرس اس تعامهل ،وسهوةل احلصول عىل
أأهجزة اس تخدامه (قارئ ا ألقراص) ،وبد أأت االإنتاجات الفنية ت َْرتا عىل الساحة
كزخات مطرية هائةل ،فهلل امجليع ملصطلح " أأفالم الڤي يس دي" بدل " أأفالم
الڤيديو" ،وخضع املس هتكل املنهبر لعملية اقتحام عنيفة ،ال جمال فهيا للتأأمل ،متاما
كام دامهته أأغاين الڤيديو لكيب يف فرتة من الفرتات( ،)3وال أأحد ساعهتا تنبأأ
خلطورة املوقف اجللل ،ألن مرحةل التأأسيس متت بواسطة هواة ،حركهتم أأايد
( - )1أأول العبارات اليت تطرق أأذن من سولت هل نفسه ولوج ميدان الفن الأمازيغي.
( - )2لقهبم الفين "منتجون".
(" - )3الڤيديو لكيب واجلسد والعوملة" ،مقال ،عبد الوهاب املسريي.
جتارية مس تغ ًةل حامسهم وغريهتم الفنية ،كام اس تغلت اندفاعهم اجلامح حنو الربوز
وفرض اذلات ،واخنرط يف العملية لك من يرى نفسه قادرا عىل الاخنراط ،كن
أأو مل يكن فناان ،وتطورت العملية االإنتاجية تطورا الفتا لالنتباه ،ووىل الفن
ا ألمازيغي وهجه شطر الرداءة والابتذال ،اليشء اذلي مدد من معر "الڤي يس
دي" ،لفرتة أأطول من معر أأرشطة "الڤيديو" ،ومل ُ َجياوزه اإىل مرحةل "ادلي ڤي
دي" اذلي يفضل غرميه جودة وسالسة ووفرة ،ملا يرى فيه املنتجون من ضعف
املردودية حني خياطبون مجهورمه اذلي يسمونه "مجهور( )1الڤي يس دي" ،وهمل
جرا حنو التقنيات اجلديدة واحلديثة اليت جتاوزت لك هذا.
إوانه ملن الغرابة مباكن أأن ينشأأ يف الثقافة السيامنئية ا ألمازيغية مسميات جعيبة
املغزى مل يعرفها التارخي السيامنيئ منذ ا ألخوين "لوميري" ك":
-أأفالم الڤي يس دي
-مجهور الڤي يس دي
-أأفالم السوق
-سيناريو السوق
-ممثل الڤي يس دي
-خمرج الڤي يس دي
-منتج الڤي يس دي
-تورانج الڤي يس دي
يت ْن الڤي يس دي" ( أأي :التقنيون) ْ -
"ادل ِّر ْ
ميزي بني ا ألشاكل وا ألمناط ،بيد أأن املش تغلني يف
رش َع الوض ُع ُ
وهكذا ..مث َ
احلقل ا ألمازيغي يُعدون اب ألسامء وا ألجحام ،سواء كنوا أأمام كمريا صغرية أأو كبرية،
( – )1ينظر مبحث" :السيامن الأمازيغية واملشاهد ..أأية عالقة؟ ،ص.81:
خاصة و أأن بعض أأفالمنا السيامنئية 35م القليةل بتواضعها اجلم لو ُح ِّورت اإىل
قرص "الڤي يس دي" ملا ملس نا تغيريا ملحوظا.
إواذا ما أأردان اس تحضار أأساس يات أأي معل فين ،ولكفنا أأنفس نا عناء اإعادة
القراءة من زوااي فنية ،فاإننا لن نتأأخر عن معلية ملء اخلاانت الفيلموغرافية
ا ألمازيغية اب ألسامء املناس بة ،وابلتايل نس تطيع أأن منزي بني أأعامل ترىق
خبصوصيات أأو معوميات فنية ألن تسمى "فيمل" ،و أأخرى غلَّبت اجلانب الفاكيه
الهترجيي عىل اجلوانب املتعارف علهيا ،فتسمى -جتاوزا " -سكيتش" ،واثلثة مل
توفق يف مجمل تناوالهتا الفنية والتقنية واالإنتاجية بعدم احتواهئا عىل أأ ٍي من معايري
الصنفني السابقني ،فتبقى اتهئة بني اخلاانت حبثا لها عن ماكن مناسب ،ابعتبار
أأن الثانية يه ا ألخرى مل حيالفها حظ الوصول اإىل مرتبة العمل اجلاد ،أأما أأن
ندَّ عي بأأعاملنا السكيتش ية أأننا ننتج أأفالما ،ونُق ِّحمها جزافا يف قامئة ا ألعامل
السيامنئية ،فهذا فيه من اخلطورة ما ليس يف حاجة اإىل تربير ،وال مطلب فيه
للتأأمل ،كام ال مطلب فيه للتأأين أأو الرتيث بغية اإعادة النظر.
السينما ..
بين اإلبداع والفوضى
من املفارقات الطبيعية يف عامل الفن واالإبداع أأن يكون مقرتان ابلفوىض،
و أأن تكون حياة الفنان عبارة عن حمطات فوضوية ،رمغ اقرتان الفن مبنظومة من
القمي وامل ُثل اليت تويح بنظام كوين مثايل.
ويف عامل االإبداع ا ألمازيغي أأيضا توجد فوىض ،مهنا ما يتصل حباالت نفس ية
طبيعية ،جتعل الفنان يعوم يف حبر المتثالت ،و أأهلها قليلون جدا ،ومهنا من
ينغمس أأحصاهبُ ا يف التَّ َبعية ابملنطق اخلدلوين" ،املغلوب مولع بتقليد الغالب"،
ملنترص تقليدا أ ْح َول ،عن طريق حماكة الشلك ال خر ا َ فتجد بعضَ هم يقدل ال َ
املضمون ،كتقليد منط اللباس أأو املش ية أأو ترسحية الشعر ..وغري ذكل ،ومه
قليلون أأيضا ،ومهنا الفوىض العارمة املنطلقة من بيئة فوضوية حمضة ،واليت طالت
الكثري من املنتس بني للفن ،خاصة أأابطرة االإنتاج وسامرستُه .فالتشكيةل الرتكيبية
اليت أأثقلت كهل املنت ا ألمازيغي دومنا الزتامات أأو رشوط ،وسامهت يف توير
دالالت الفوىض كجمةل من الترصفات داخل املنظومة الفنية اإىل ثقافة قامئة
دمعها ويروج لها ابس تعامل لك الوسائل املتاحة ،واختاذ بذاهتا ،وجدت من ي َ َ
املساحات الفارغة فضاءات للتوسع ،وابلتايل تفتح للمتطفلني اباب واسعا
لالخنراط ،بل ا ألدىه من ذكل أأن استبداد ثقافة الفوىض للفوىض واس تتباهبا
جيعل امللزتمني فنيا خيضعون للصورة املهمينة ،وهو ما حدث فعال عندما ال جيد
الفنان املبدع جماال للخيار من أأن يسقط حضية فوىض عبثية ،كورقة ائامتن عابرة
للوصول اإىل دمع مادي يضمن هل البقاء ميتا بني ا ألحياء ،أأو يطل اإطالةل جخوةل
وسط املبتدئني من خالل معل تلفزي مومسي جيدد هبا العالقة امجلاهريية خوفا
من أأن يطاهل النس يان.
اإن ثقافة الفوىض أأو فوىض الثقافة يف اجملال الفين ابلشلك السالف ال ميكن
أأن تكون بتاات مفتاحا لفهم واقعنا ،بل تنقل هذا الواقع من حاةل التوتر اإىل حاةل
اخلوف والتوجس ،وجتعل جماالت الاش تغال الساذجة تتناخس تت تأأثري خمدرات
ثقافية معينة دون التفكري يف مالمسة أفاق التغيري ،و أأىن لها ذكل ويه غارقة يف
السطحية ،والعبث ،والزتييف ،واحلقد ،والن َّشَ از ،وادعاء الرباءة ،والتنطع،
ومغازةل الفوىض.
لقد أأدت املراحل الفوضوية املس تعارة من ثقافة الخر -مع قليل من
التحريف -اإىل تراكامت َر َّو َعت الصورة احلقيقية للفن ا ألمازيغي ،و أأبعدت
املشاهد عن واقعه ومشالكه وأالمه وأماهل ،وا ألدىه من ذكل أأهنا أأبعدته عن
قضاايه املصريية ،وسامهت يف تدجينه حىت أأصبح مقتنعا هبذه الفوىض رمغ أأنف
التكوين والثقافة وال ُعرف والتقاليد.
اإن ادلور الرتبوي التعلميي والتوجهييي املوكول اإىل الفن بشلك عام تضمحل
أاثره بوجود بوادر الفوىض ،وال معى ألي توجيه ما مل يكن سلامي ومعاىف ،ومن
الطبيعي فنيا أأن ال يكون املقصود ابلتوجيه اللجو ُء اإىل أأساليب اخلَطابة والوعظ
وجتاوز القواعد واملواصفات املرسومة ألي فن حيرتم نفسه ،إوامنا نويل واالإرشادُ ،
امحلوالت الثقافية الاجامتعية ،والفكرية والوجدانية عناية تمنوية كبرية ،سواء كن
العمل دراميا أأو فاكهيا أأو غنائيا ،وهذا يتطلب اإماكنيات ذاتية وليس مادية
هائةل ،يه الكفيةل ابالإجناز احلر أأكرث من غريها.
مية و ُ
اجلهل ال معى للخوض يف أفاق التغيري يف هجازان الفين ا ألمازيغي وا أل ُ
يرضابن بأأطناهبام حىت النخاع ،جتاوزت ِّن َس هبُ ام املئوية العرشي َة التاسعة ،وال
رضت وال معى للحديث عن أأزمة شامةل يف ظل وجود رشذمة من املزايدين أأ َ َّ
تزال تلحق أأرضارا موجعة ابجلسد الفين ،يه َمن متثل الفن حاليا ،وهبا تمت
معليات التقيمي.
اإن التارخي ال يرمح ..يكشف عن املس تور بال رلمة وال حياء وال شفقة،
إواانء السيامن ا ألمازيغية ينضح مبا فيه ،ويرصح مبمتلاكته .اإن للتارخي مجمع نفاايت
س بق و أأن اس تقبل ماليني االإجنازات عرب التارخي دون سابق اإنذار ،وال جمال
فيه للوسائط واحلساابت الهامش ية ،وال وجود خليار اثلث خارج املدار.
فهل يعي الفنان ا ألمازيغي هذا ..؟.
قاطرة السينما ..
والمحطة األخيرة
كن رواد الفن السيامنيئ العاملي يرون أأن َدور السيامن ((جيب أأن ال يقترص
عىل جمرد التسلية فقط ،أأو عىل كوهنا أأداة ترفهيية ،بل من املمكن أأن يتسع أأفقه
ليشمل جوانب حياتية هممة ومؤثرة يف اجملمتع))(.)1
كن ابإماكن السيامن ا ألمازيغية أأن تأأخذ مسارا أخر غري اذلي هنجته ،و أأن تفتح
أفاقا جديدة ُّللرؤى السيامنئية كام فتحهتا السيامن الفارس ية ،والفلسطينيةُ ،
وغريهام،
و أأن تعاجل قضاايها معاجلة علمية دقيقة ،تتوىخ فهيا كثريا من احلذر والنباهة،
و أأن تكون منوذجا أأصيال لثقافة عريقة يف حاجة اإىل من يؤصل لها وينفض عهنا
غبار الس نني ،و أأن تكون مرحةل جديدة تمتزي ابحليوية واذلكء ،و أأن تس تفيد من
جتارب سابقة لها لتأأكيد اذلات عىل أأسس قومية وممهنجة.
كن من املفروض أأن ال تقع أأسرية الس يادة املفربكة ..واتباع الهوى ..و أأن ال
تقع حضية الرصاع ادلاخيل اذلي بسببه هتالكت أأهجزهتا ،و أأن ال تتخذ مشاهدهيا
طرفا يف العملية االإجيابية ،بدل جمرد رعااي يعلنون لها الوالء ،كن لها أأن تكون َ
أأن تكون الر أأس املدبر للك معليات التقهقر والرتاجع.
مرور السيامن ا ألمازيغية من حمك املراحل ا ألولية أأكد وجودها يف زمن الصورة
الرهيبة ،الصورة اليت ال ترمح املتقاعس ،وال تداهن املتفاين ،اإال أأن لها حمطات
ختتلف من شعب اإىل أخر ،تكل احملطات اليت مهنا تنطلق خرائط ا ألمم
وتوهجاهتُ ا ،وتدد مدى يقظهتِّ ا وقدرهتِّ ا عىل المنو الطبيعي يف بيئة سلمية ،ومدى
ت ِّمكها يف قواعد اللعبة ،و أأخ ِّذها زمام املبادرة ،وقدرهتِّ ا عىل بلورة ا ألحاكم للمتيزي
بني السقمي واملعاىف من ا ألفاكر.
وبعد اس تقرا ِّء راهنية السيامن ا ألمازيغية َوفق اس امترة رمزية م ألها الاحتاكك
املبارش ابلواقع؛ نعتقد أأن القاطرة السيامنئية توقفت يف ِّ
ثالث حمطات:
(" - )1الفيمل بني اللغة والنص" ،ص.56:
حمطة التأأسيس والبناء :ويه نقطة الانطالق ،وتعد حمطة التكوين اذلايت
والتضحية ابمتياز ،فهيا ختىل الفنانون عن لك يشء ،من أأجل تأأسيس ِّكيان فين
يربز قدراهتم االإبداعية اليت ظلوا ميارسوهنا عن طريق املرسح، َيوحد لكمهتم ،و ُ
أأو اإصدار أأرشطة مسموعة ذات الطابع الفاكيه ،أأو القيام جبوالت اس تعراضية
بني احلني والخر ،وكنت هذه احملطة من أأبرز ما مزي اجلنوب الفين ،حيث مت
اخرتاق اجملهول ابإحداث فضاء جديد خاص برشحية منس ية من رشاحئ الفن
ببالدان ،أأكدت حضورها بتظافر هجود مكثفة ،وظهرت يف ظروف عصيبة من
الصعب الاش تغال فهيا بأأدوات بس يطة وبدائية .لقد قام فهيا امجليع عىل قدم
وساق دون الاكرتاث بأأي يشء أخر ،سوى أأن املوجة اجلديدة قررت الظهور
فاكن ا ألمر كذكل.
حمطة البذل والعطاء :واليت سامها أأحد الباحثني مبرحةل "الڤي يس دي" ،ويه
شؤون اململكة الفنية بسطا ُء احملطة اليت اختلط فهيا احلابل ابلنابل ،وتوىل فهيا َ
الرعية ،وتَ َف ْر َزن َت فهيا البيادق يف ادلُّ سوت كام قال ابن اله َّبارية ،واس تأأسد جتار
الفن وسامرستُه دون حسيب وال رقيب ،وتناسلت رشكت االإنتاج بشلك ملفت
للنظر حىت جتاوزت حدود املعقول ،وكن من مؤسيس هذه املرحةل أأولئك اذلين
َيرتفَّعون عهنا الن ويعتربوهنا عاةل عىل الفن ،بعد أأن َس نُّوا قواعدها ،وهنلوا من
ومرغوا أأنوفهم يف دقيقها قبل اتصاهلم ابدلقيق امل ُ َّ
دمع. معيهناَّ ،
تُعترب هذه احملطة عند الكثريين مرحةل تدريبية ،ألن لك املش تغلني يف احلقل
السيامنيئ ا ألمازيغي ال ميلكون مؤهالت فنية أأو علمية أأو تقنية أأو معرفية ،سوى
ما أأدركوه عن طريق الهواية من بيئة هذه املرحةل ،وما يزال ا ألمر يتناسل بشلك
غريب اإىل اليوم ،وامجليع ينطبق عليه املثل املغريب السائر " تْ َعلْ ُموا َايحلَ َّجا َمة
فْ ُر ْوس ال َيتَا َمى"( ،)1مبا فهيم حاملوا الشواهد املهنية ،املتخرجون يف املعاهد
(" - )1الأمثال الشعبية املغربية" ،ادريس دادون.46/1 ،
واللكيات ،هذه ا ألخرية اليت سامهت بدورها يف اتساع رشخ هذه املعضةل،
وخرجت أأفواجا من التاهئني املدللني ،اذلين ال تربطهم ابلسيامن اإال الشواهد اليت َّ
حيملوهنا ،مما جعل أأغلهبم يَد ِّفنون مواههبم خلف هذه ا ألوراق املزركشة،
الفن اس تفاد من طاقاهتم الشابة ،وال مه وي َ ْن ِّقمون عىل الفن بصفة عامة ،ال ُّ
استمثروا هجودمه املبذوةل خلف الس تار.
لقد أأدرك بعض منظري هذه املرحةل قبل اتصاهلم بقنوات جديدة بأأن اجملال
ا ألمازيغي ال ميكن أأن يكون أأرضية خصبة لالش تغال ما دامت القوى ادلاخلية
الغث ال ميكن أأن يكون يوما مسينا، واخلارجية تهنشه ،أأدركوا يف الهناية بأأن َّ
واملقصو ُد ابلغث يف مجمل احلاالت هو الاش تغال يف بيئة لها صةل ابلفن ا ألمازيغي
يرق اإىل مس توى اجلدية ،وهو ما جعل القناة ا ألمازيغية( ،)1أأو املفروض اذلي مل َ
أأن تكون أأمازيغية تتجاوزه اإىل ترمجة ا ألعامل ادلارجية( ،قناة الرتمجة ابمتياز)،
أأما السمني فهو اذلي كفاان أأحدُ الفنانني ا ألمازيغيني مؤون َة اإيضاحه عندما ِصح
يف اإحدى خرجاته الصحفية بأأن العمل مع "العرب ،هللا يْعمرها دار"ُ .
وح َّق هل
أأن يقول ذكل.
اإن ترصحيه هذا َّلم ُال أ ْو ُجه ،وميكن أأن َخيترص لنا جتربة فنية أأمازيغية مريرة
دامت ألزيد من مخس وثالثني س نة كام يقول ،وتعترب ن ُ َسخا حقيقية لتجارب
أأشقائه الفنانني"َ ،و َال يُ ْن ِّب ُئ َك ِّمثْ ُل َخ ِّبري" ،و ألمهيته نقتبس منه هذه العبارات اليت
ال أأظهنا س تكون أأكرث تعبريا مما أأجنزانه لهذا املبحث ،واليت ال تتاج اإىل تأأويل
لتأأكيد مدى قساوة مرحةل "الڤي يس دي" ،ويه ابملناس بة عبارات مرقومة عىل
جبني لك فنان عاش ويعيش هذه املرحةل:
يقول الفنان " أألمد ابدوج" صاحب دور البطوةل يف أأول فيمل أأمازيغي:
( – )1الأمل الأخري لتغيري الوضع.
((من خالل جتربيت املريرة يف السيامن ا ألمازيغية ،واليت ميكن أأن خنترصها يف
أأزيد من 35س نة( )1يف امليدان ،سأأقدم نصيحة للك خشص يعشق هذا اجملال،
خاصة السيامن ا ألمازيغية ،بأأن جيد أأوال معال قارا يضمن به قوت يومه ،مث ال بأأس
أأن ميارس هذا الفن ،دون أأن يرجو منه ماال أأو خزبا ألطفاهل(.)2
اإنين أأتدث من خالل جتربيت ،حىت يستيقظ مجموعة من الش باب ِّمن َو ْمه
الشهرة واجملد .الفن ا ألمازيغي ال يُطعم خزبا ،بل اإنه تسبب للكثري من ا ألشخاص
يف الترشد وفقدان أأعامهلم.
عىل الفنان ا ألمازيغي أأن يتعمل حرفة أأخرى تنفعه ،لاميرس المتثيل كهواية
فقط ،أأما أأن يتخذه همنة ،حفامت س يجوع ،وس يحرج كثريا مع اذلين يتحمل
مسؤولية االإنفاق علهيم.
ُأشري اإىل أأن ا ألمازيغي هو اذلي يس تغل شقيقه ا ألمازيغي .تُعطى املشاريع
الفنية بطرق ملتوية جدا ،ويوجد مسلسل َوحيد لك س نة ل ألمازيغ يف القناة
الثامنة يعرض يف رمضان ،ويعاد طول الس نة ،وحيرص امجليع عىل أأن يظهر فيه
ولو بأأقل أأجر .بطةل مسلسل أأمازيغي أأخذت ثالثني أألف درمه كأجر ،يف حني
تتقاىض عنه البطةل يف أأفالم ادلارجة 450أألف درمه ،أأما ا ألدوار الثانوية فالفقر
جيعلهم يعرضون أأنفسهم بمثن خبس ،ألن ممثال أأمازيغيا اإذا طالب بأأجر مرتفع،
فهم يتخلون عنه ،ألن هناك من يقبل بأأقل أأجر ،ألنه منذ س تة أأشهر مل يزاول
معال ،وادليون ترامكت عليه.
أأثناء توقيع العقود مع الرشكت واملصادقة علهيا ،يُلزمون املمثل بأأن يصادق
عىل العقد ويرتك خانة ا ألجر فارغة ،يك مينحوه املبلغ اذلي ُحيبون ،مث ينفخون
( - )1لعهل يقصد أأيضا التجربة املرسحية اليت س بقت جتربته السيامنئية بس نوات ليست ابلقليةل ،وإاال فعمر السيامن الأمازيغية مل
يتجاوز 25س نة.
( - )2الأسلوب اذلي س يجد فيه القارئ بعض الارتباك هو نتيجة الرتمجة من الأمازيغية اإىل العربية.
مه يف تاكليف اإجناز الفيمل لريامكوا الرثوات ،مفا يتقاضاه املمثلون ال ميثل شيئا يف
املزيانية املُخصصة.
أأغلب ا ألفالم ا ألمازيغية تغيب عهنا اإدارة املمثل ،لك ما هناكل "اتَ ْمجاعت"
وليس متثيل ،كمريا واس تظهار لدلور دون أأدىن تقمص .عندما يقررون تصوير
فيمل أأو مسلسل للقناة ا ألمازيغية بأأكدير ،فاإن الرشكت واملساعدون يأأتون من
ادلار البيضاء ،و أأغلهبم ال يتلكمون ا ألمازيغية ،وال يعرفون مغزى حوار أأو مشهد،
ليتخلص منه وينهتيي ا ألمر .أأما
ذلكل جتد ا ألخطاء ابمجلةل ،ألن اللك حيفظ دوره َ
طريقة اختيار املمثلني ف ألمر همني جدا ،مرة وجدت خشصا يبيع " َال ِّف َري ْاي" يف
جلنة اختيار املشاركني ،أأما بعض الظواهر املتعلقة ابختيار االإانث فامجليع يعلمها،
وال داعي ذلكرها تفاداي للك حرج.
نت ،لقد أأسأأت التقدير ،وما أأردده كثريا مؤخرا هو مل أأعد متحمسا كام ُك ُ
"أفْالَّ ْغ ا ْع ُفو ْريب" .مؤخرا ت ْعمدُ مجموعة من امجلعيات والهيئات اإىل تنظمي بدعة
يُسموهنا ِ تكرمي الفنان ،فيختارون فناان حمبواب ويطلبون منه احلضور لتكرميه،
يس تغلون صورته ومساره املهين ،وحب الناس هل ،ويقدمون هل ساعة يدوية مثهنا
70درهام ،ومه اذلين َتسولوا ادلمع واملساعدات من هيئات ُأخرى عىل ظهره.
وجدت املُلصقات ُ مرة ،دُعيت لتكرمي ،فلبيت ادلعوة احرتاما مجلهوري،
مبدخل تكل املدينة هبا ُصوري وامسي ،واجلهات املسامهة يف التكرمي .مر النشاط
هتكل ،ويف ا ألخري قدموا يل شهادة تقديرية .املشلكة برتديد الكثري من الالكم املس َ
يه أأن عطبا وقع بس يارة الصديق اذلي كن يُقلين ،ومل يكن معنا مال الإصالحه،
ووقعت يف ورطة كبرية ،دون أأن أأجد املكرمني اذلين قالوا فينا الكما كثريا قبل
قليل ،لتخليصنا من ورطة التكرمي.
سأأعود ،ملا قلته سابقا" :أفْالَّ ْغ ا ْع ُفو ْريب".)1())..
ِ
( - )1حوار حصفي مع الفنان "أألمد ابدوج" بتارخي 09يونيو ،2016حاوره الصحفي مميون أأم العيد.
حمطة الزهو والغرور :وقد سامها أأحد املهمتني مبرحةل ادلمع ،أأو مرحةل صناعة
السيامن .حمطة أأشد خطورة من سابقاهتا ،ألهنا تشلك حمطة التقيمي ،وتصيل
احلاصل ،واليت أأرى -يف اعتقادي -أأهنا أخر احملطات اإن بقي احلال عىل ما هو
عليه ،ولو تأأملنا هذه املرحةل بقليل من ا ألانة والتبرص َوفق ما ميليه الواقع الراهن
من معطيات أألمية ،سواء فنيا أأو اقتصاداي أأو س ياس يا ،واليت أأسس نا علهيا
مباحث كتابنا هذا ،اإضافة اإىل ا ألس ئ ِّةل العميقة اليت ترسبت أأجوبهتا يف وقت
مبكر دون أأن يلتفت اإلهيا أأحد ،واليت طرهحا النقاد منذ أأن كشفت سيامنان عن
أأوراقها ،فاإننا س ندرك ال حماةل اقرتاب موعد الهناية ،ولنا أأن نس تحرض لك
تذبل أأوراقُها واحدة تلو ا ألخرى ،وا ألعامل اليت تنقرض املعطيات اخلريفية اليت ُ
من الساحة ،والسيامن اليت مل نعد منكل شيئا من مكوانهتا ،والهجرة اليت طالت
ارس نا ،والمال اليت تتبخر يف لك مومس ،والرتاجع اذلي يعرفه املشهد نو َ
السيامنيئ ،واملس توايت املعيش ية لرواد الفن ،والتنازالت املتوالية ألبطالنا،
والغش اذلي أأصبح عنوان ثقافتنا.
مرحةل الزهو والغرور ليست سوى تكل اليت تتبدد فهيا لك املواهب
ابلسخْ ِّف والتافه من واالإبداعات؛ ليحل حملها التبايه اب ألجماد ،والتغين ُّ
االإجنازات ،حمطة ال يزال فهيا لك يشء عىل أأسو أأ ما هو عليه ،فعندما يُرتك
االإبداع والبحث والتنقيب والتكوين والنبش يف الواقع عىل حصيف أأجوف،
اجللوس اإىل فناجني النبش يف وحيل حمهل اللهو والركون اإىل النفس والهوى ،و ُ
ا ألعراض َلسلْ ِّق الخر بأألس ن ٍة ِّحدَ اد ،والنقدُ اجملاين ،والتخطيطُ لعرقةل االإجنازات
أأو تسفهيها قبل وبعد االإنتاج ،فاإن أأوان احملطة ا ألخرية قد حان ال حماةل همام بلغ
الصمود والتحدي ،فأأمثال هؤالء يف الساحة ال يبدعون ،وال ينتجون
سوى عبارات من مثلَ " :ع ْن ِّدي ِّف ْك َرة َواع َْرة"َ ْ" ،ع ْن ِّدي ِّف ْ ْيمل َما ضَ ا ْي ْر ْش"،
"ص َّو ْر ْت ِّف ْ ْيمل ْم َع ْل ْك َو ْر" "خْدَ ْم ْت ْم َع د ِّ
ُوز ْمي" "شَ ْار ْك ْت ْف ِّف ْ ْيمل ْم َع ال ْن َص َارا" َ
" ِّع ُيطو ِّيل فَالقَنَاةْ"" ،هَادَاكْ أانَ ِّيل عَل َّ ْم ُتو" "ال ِّف ْك َرة د َْاي ْل دَاكْ ال ِّف ْ ْيمل د َْاي ِّيل" وغريها
من العبارات السخيفة اليت جندها مت أل ساحة الفنانني والتقنيني ،وال تربر اإطالقا
الوضع الهزيل اذلي تعيشه السيامن ا ألمازيغية ،كام ال نريدها أأن تتسلل اإىل الناش ئة
ف ُتحول أأحالهمم اإىل أأوهام ،فلك اذلين يتبجحون مبثل هذه التفاهات من القول
مل يقدموا للمنتوج ا ألمازيغي أأي يشء يذكر ،غري املسامهة يف تدين املس توى العام
للمسرية الفنية لو كنوا يعلمون.
ال أأعتقد أأننا ابلغنا يف جعل هذه املرحةل حمط َة الزهو والغرور ،كام ال نعتقد
أأننا جتاوزان حدود املبالغة يف جعلها -ختمينا -أ ِّخر حمطات السيامن ا ألمازيغية،
مادامت لك القرائن تؤكد جدية ما نعتقد ،وكن ابالإماكن أأن تُعترب هذه احملطة
مرحةل اس تثنائية قدم فهيا الرعيل ا ألول ما دليه ،ليتسمل املشع َل ُ
اجليل الثاين،
اإال أأن انشغال الرعيل ا ألول بنفسه ،حال دون تأأسيس قاعدة َخلَ ِّفية متينة تُمسك
زمام املبادرة يف املراحل القادمة ،فا ألطفال اذلين مت توظيفهم يف عدة أأعامل فنية
لو مت ت َبنهيم بشلك جيد عن طريق احتضاهنم سيامنئيا عرب قنوات تكوينية تأأهيلية
لاكنوا الن أأكرب استامثر ميكن توظيفه تفاداي لعواقب هذه احملطة ،وكذكل الطاقات
الشابة ..وقس عىل ذكل لك املبادرات الصحية اليت ُأ ِّمهلت واس هتُ ِّ ني هبا لعدم
وضوح الرؤية منذ البداية ،عالوة عىل القضية ا ألمازيغية املس هتدَ فة من لك
جانب ،واليت تدنو يه ا ألخرى من مراحل عصيبة.
C
ال ندعي أأننا أأحطنا بلك مهوم السيامن ا ألمازيغية وما يؤرق ابلها ،فاملوضوع
أأكرب من أأن حياط جبميع مالبساته ،غري أأننا قدَّ منا وهجة نظر خاصة ملس نا فهيا
بعض االتفاق مع وهجات نظر أأخرى لنخبة من الباحثني املهمتني ابلشأأن السيامنيئ
عرشة س نة. ببالدان ،وزكيناها بتقياميت ميدانية دامت ألزيد من ْ
اثين ْ
وما ذكرانه ليس اإال فيضا من غيض ،وميثل الشلك المنطي الغالب عىل أأهجزة
الفن ا ألمازيغي ،وخيتلف اختالفا جذراي مع الفن كقمية اإنسانية كونية ،وكظاهرة
اجامتعية لها مؤهالت التفاعل مع ابيق الظواهر ا ألخرى ..والقيا ُم ابلعكس ال يفي
ابلغرض ،ذلا ال جمال للتطبيل والهتليل حلقل فين أأريدَ هل أأن يُ َودل معاقا ذهنيا
وجسداي ،و أأريدَ هل أأن يعيش حياة االإعاقة والتسول يف ظل أأفاكر غريبة ادلار
واللسان ،وهو أأبعد ما يكون عن الصدق اذلي يعد أأكرب دعامئ الفنون لكها.
اإن الفنان الصادق هو من حيمل مهوم بيئته ال من يُنتجها ..حيمل مرشوعا
فنيا وفكراي مبضامني واعية ،وهل فلسفته اخلاصة يف احلياة ..يرى بعيون واقعه
وفنه ما ال يراه الخرون ..يُ ْمتع من أأجل أأن يفيدُ ،وحيرض من أأجل البناء السلمي
..ميكل قدرة عالية الستامثر تقاس مي الوجه وتعابري اجلسد للكشف عن خمتلف
حمطات احلياة .اإن الفنان الصادق يعرب عن حميطه وال يتأأثر به ،ولكام ابلغ يف
الصدق ،لكام كنت أاثره أأكرث معانقة للواقع ،و أأكرث تأأثريا وفاعلية.
يف البيئة ا ألمازيغية توجد عينة صغرية احلجم وطويةل املشوار من الفنانني
الصادقني ،وعينات كثرية العدد تُرك لها احلبل عىل الغارب ،ال ترى الفن اإال من
اجلري خلف ا ألهواء وتلبية الرغبات ،وليس لها مشوار أأو زاويته التجارية ،و ِّ
هدف ،ويه اليت يُنعت هبا الفن ا ألمازيغي حاليا ،ومتثهل بقوة ورشاسة ،وتؤكد
للعامل اذلي مل ن َ ِّل ْجه بعد ،وال يعرف عنا شيئا ،أأننا فعال ِّفشلنا يف جوالتنا الثالثة
وفشلنا أأيضا ابمتياز يف تقدمي منوذج فين أأمازيغي أأصيل يف الرصاع مع اذلاتِّ ،
حيظى ابلتقدير والاحرتام.
وهمام كن ا ألمر ،فاإن الرصح السيامنيئ ا ألمازيغي يف حاجة اإىل اإعادة النظر يف
الربا ِّن َّية رهني بصالح اجل ََّوا ِّن َّية كام يقال،
ادلاخل قبل اخلارج للهنوض به ،فصالح َ َّ
وال ميكن حبال من ا ألحوال أأن ُيرى ا ألثر االإجيايب للشلك يف حاةل انعدام أأثر
اإجيايب للمضمون ،واملضمون ياكد يكون منعدما اإال يف بعض احلاالت اليت ال يُعبأأ
هبا ،وابلتايل فاملرحةل الانتقالية اس تغرقت وقتا طويال دون جدوى ،وحلظاهتُ ا
ا ألخرية يف مسيس احلاجة اإىل تفعيل خطوات اس تعجالية حكمية ال خطوات
ترقيعية أنية ،بعد اس تقرا ٍء شامل ملسرية ربع قرن من االإنتاج ،واس تحضار
مكوانت الطاقات املش تغةل ،والرتكزي عىل اإعادة هيلكة البنية التحتية الهشة،
والاهامتم مبجاالت التكوين واالإعداد والرتبية الفنية بدل التفكري يف مرحةل االإنتاج
اليت يبدو أأننا يف حاجة اإىل وقت إاضايف أخر للوصول اإلهيا ،اإضافة اإىل إانعاش
احلركة النقدية ،إواعداد طاقات شابة ذلكل ،وتشجيع املهرجاانت السيامنئية اليت
رشعت يف الانسحاب يف مصت ،وتأأطري امجلعيات تأأطريا سيامنئيا جينهبا املطبات
الهبرجية اليت تتضهنا يف الونة ا ألخرية ،من مثل موجة التكرميات اجملانية اليت
تولت اإىل موضة عرصية س تختفي ابختفاء دوافعها.
جيب علينا أأن نفرق بني الفن وِّنتَاجِّ ه ،كام نفرق بني احلضارة ومظاهرها ،علينا
أأن نفكر يف اإصالح اذلات من ادلاخل بلك جر أأة أأو وقاحة اإذا اقتىض ا ألمر،
و أأن نُزيل ِّمن عىل وجوهنا القناع املزيف اذلي رافقنا مدة طويةل وال يزال ،علينا
أأن مننح أأنفس نا حلظة املصارحة بدل الهتويل ملا حنن فيه من غباء وسذاجة ،و أأن
نعيد ترتيب ا ألوراق كمةل ،وقراءة ما فهيا قراءة متأأنية.
لقد أأصبح الاخنراط يف ورشة التغيري أأمرا حمتوما عىل لك "السينفيليني"
ا ألمازيغ ،وال يوجد خيار أخر غريه ،اإذ ال بد من تاكثف اجلهود ،ومجع الشمل،
ومل ش تات اجلهاز السيامنيئ ،وخلق أأكرب فرصة لتوحيد اللكمة ،وفتح حوار وطين
دميوقراطي واسع للتعبري ،وبسط يد اجلَر َاءة للكشف عن العيوب ،والرجوع اإىل
اذلات لفضح مكنوانهتا الغارقة يف الوحل ،وطرد العدو احلقيقي اذلي مت ابتالعه
مبالعق ومهية.
وعليه ،أأصبح لزاما علينا التَّ َو ُّرع مما قدمناه للسيامن ا ألمازيغية من أأعامل ال
تتوفر عىل أأبسط مقومات الفن ،والسيامن مهنا بَ َراء ،و أأن ال ن َقنط من ز ٍةل َع ُظ َمت،
فنتقدم بلك جخل باكمل الاعتذار للجامهري ا ألمازيغية اليت أألهيناها ،وقلَبنا بعض
مفاهميها ،وِصفناها عن أأوكرها احلقيقية ،وعن ثقافهتا وتراهثا ومعاملها اليت ال
تقبل الغ ََنب ،حفرام أأن حنبس مجهورا بأأمكهل يف دائرة فن سقمي وعليل.
اإن املشاهد ا ألمازيغي همام بلغت قوة صربه ،فذكؤه ال يسمح هل ابملواربة،
وال بد يوما سيثور عىل من يعبث هبويته.
كن أأملنا أأن خيتار املشاهد من دوحة الفن ا ألمازيغي ما يروقه ،و أأن
الس ْمن والعسل ،أأو أأن جيمع بيهنام معا ،ال أأن يُدَ َّس هل يُمنح فرصة الاختيار بني َّ
السم يف العسل ،ويُعبث مبشاعره.
اإن ع َةل الفن ا ألمازيغي أأ ُههل ..مث أأ ُههل ..مث اذلين يَلُوهنَ م من سامرس ٍة
و"ب َّياعني".
فاإىل مىت سنبقى أأرسى املادة ،وعبيدَ سامرس ِّة الفن..؟
نتسول الخر من أأجل أأن نُبدع..؟ اإىل مىت سيس يطر امجلود عىل أأدمغتنا و َ
اإىل مىت س يحتاج االإبداع اإىل جواز السفر وتأأشرية ائامتن للخروج من التيه..؟
اإىل مىت س تظل ا ألمية واجلهل والتبعية ينخرون اجلسد الفين..؟
Y
" الأدب الشفوي الأمازيغي ..معامل وأأبعاد" ،منشورات مجعية بويزكرن للتمنية والثقافة ،ط.2013/1:
" أأفالم أأمازيغية ..مالحظات وقراءة أأولية" ،حلسن ملواين ،منشورات املعهد املليك للثقافة ا ألمازيغية،
سلسةل دراسات وأأحباث رمق ،43ط.2013/1:
" الأمثال الشعبية املغربية" ،ادريس دادون ،منشورات مكتبة السالم اجلديدة ،ج ،1:ط.2007/2:
" اترخي السيامن يف العامل" ،جورج سادول ،ترمجة :اإبراهمي الكيالين وفايز مك نقش ،منشورات عويدات
لبنان ،ط.1978/1:
" اتيري ن يكامين أأو حوار التوأأمني" ،عيل الزهمي ،منشورات مركز أألكو للبحث والتوثيق رمق ،4
ط.2013/1:
" التفكري يف السيامن التفكري ابلسيامن" ،محمد اشويكة ،رشكة النرش والتوزيع املدارس ،ط.2015/1:
" امجلهور ال خيطئ أأبدا ،"The Public Is Never Wrongأأدولف زوكر ،Adolph Zukor
ط.1953/1:
" اخلطاب السيامنيئ بني الكتابة والتأأويل" ،محمد نور ادلين أأفاية ،منشورات عاكظ.1988/1 ،
" سوس العاملة" ،محمد اخملتار السويس ،مطبعة فضاةل ،ط.1960/1:
" السيامن الأمازيغية ،اذلاكرة والس ياسة والأدب" ،أأعامل ندوة املهرجان ادلويل السابع للسيامن ا ألمازيغية
بأأكدير ،منشورات اإس ين ن ورغ ،ط.2014/1:
" السيامن املغربية ،الواقع و ...الفاق" ،اإبراهمي ايت حو ،منشورات الفرقان ،ط.2001/1:
"السيامن املغربية ،رهاانت احلداثة ووعي اذلات" محمد اشويكة ،دار التوحيدي للنرش ،ط.2012/1:
" يف الهوية الأمازيغية للمغرب" ،محمد بودهان ،سلسةل يف سبيل ا ألمازيغية ،منشورات اتويزا ،5
ط .2013/2:طبعة اإلكرتونية.
" الفيمل الأمازيغي ،أأس ئلته ورهاانته" ،محمد بلوش ،منشورات اإس ين ن ورغ ،ط.2012/1:
" الفيمل بني اللغة والنص" ،عالء عبد العزيز الس يد ،املؤسسة العامة للسيامن دمشق ،ط.2008/1:
" قمية القمي" ،املهدي املنجرة ،املركز الثقايف العريب ،ط.2007/1:
" مدارس سوس العتيقة" ،محمد اخملتار السويس ،مؤسسة التغليف والطباعة والنرش والتوزيع للشامل،
ط.1987/1:
" مدخل اإىل السيامن املغربية ،من السيامن الوطنية اإىل السيامن الأمازيغية" ،مجيل لمداوي ،سلسةل املعارف
ا ألدبية ،ط.2010/1:
" املقاربة النقدية للخطاب السيامنيئ ابملغرب" العلوي حملرزي ،منشورات سايس مديت ،ط.2007/1:
" موسوعة اترخي السيامن ،"Oxford History Of World Cinemaجيوفري مسيث ،ترمجة :جماهد
عبد املنعم جماهد ،املركز القويم للرتمجة القاهرة ،ج ،1:ط.2010/1:
" وسائل االإعالم واجملمتع ،وهجة نظر نقدية" أرثر أسا بريغر ،Arthur Asa Bergerترمجة :صاحل خليل
أأبو اإصبع ،سلسةل عامل املعرفة الكويت عدد.2012/386:
جمالت وجرائد