Professional Documents
Culture Documents
U o o o o U U U o o U U o o U o o U o U U U o o U U o U o o U o o o U U U o o U U o o U o o U o U o o U o
U o o o o U U U o o U U o o U o o U o U U U o o U U o U o o U o o o U U U o o U U o o U o o U o U o o U o
U o o o o U U U o o U U o o U o o U o U U U o o U U o U o o U o o o U U U o o U U o o U o o U o U o o U o
محمد حركات
بعث السيد رئيس الحكومة المنشور رقم ،2018/5الصادر بتاريخ 22مارس ،2018
بشأن البرمجة الثلاثية لسنوات 20121- 2019حول أهداف ومؤشرات نجاعة الأداء
إلى كل الآمرين بالصرف ،من وزراء وكتاب الدولة والمؤسسات التشريعية
والقضائية كالمجلس الأعلى للسلطة القضائية أو الرقابية كالمجلس الأعلى
للحسابات أو الاستشارية مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ،استنادا إلى
المادة 5من القانون التنظيمي للمالية - 130 -13الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من
عام - 2016المتعلقة بالبرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات التي تدخل حيز التنفيذ
بدورها في عام ، 2019حيث تقتضي تحديد تطور مجموع الموارد وتكاليف الدولة
على مدى ثلاث سنوات ،اعتمادا على فرضيات اقتصادية ومالية واقعية ومبررة .كما
يستند المنشور إلى مرسوم 19ديسمبر ،2017بشأن إعداد وتنفيذ قوانين المالية
والذي ينص على أنه يتعين على القطاعات الوزارية والمؤسسات موافاة وزارة
المالية قبل 15أبريل من كل سنة ،باقتراحات البرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات
الخاصة بميزانياتها وبميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة التابعة لها
وبالحسابات المرصودة لأمور خصوصية التي تعتبر آمرا بالصرف لها.
وتطبيقا للمادة 2من المرسوم 15يوليو المتعلق بإعداد وثيقة قوانين المالية فإن
رئيس الحكومة "يدعو وفي أجل 15مارس ،كما تم تعديله وتتميمه ،بواسطة
منشور ،الآمر ين بالصرف إلى إعداد مقترحاتهم المتعلقة بالبرمجة الميزانياتية لثلاث
سنوات مدعومة بأهداف ومؤشرات نجاعة الأداء" .وتتم دراسة المقترحات المذكورة
قبل 15مايو داخل لجان البرمجة ونجاعة الأداء التي تضم ممثلين عن مصالح
القطاعات الوزارية أو المؤسسات المعنية.
ويقدم وز ير المالية في مجلس الحكومة ،قبل 15يوليو من كل سنة ،عرضا حول
تقدم تنفيذ قانون المالية الجاري .كما يقدم برمجة موارد وتكاليف الدولة لثلاث
سنوات بالإضافة إلى الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية للسنة الموالية.
وما يلاحظ ،وبدون شك ،أن وزير الاقتصاد والمالية ،المعفى مؤخرا ،قد توصل
بمختلف الاقتراحات المقدمة إليه ضمن مشروع نجاعة الأداء في الأجل ،مدعوما
بأهداف ومؤشرات الأداء ،وفق التوجهات العامة التي تضمنها منشور رئيس
الحكومة المتعلق بالبرمجة الميزانياتية المذكورة .والذي حدد فيه طموح الحكومة
تحقيق نسبة نمو سنوية تتراوح ما بين 4,5%و % 5,5من الناتج الداخلي الخام
والتحكم في معدل التضخم في ما دون 2في المائة .وكذا مواصلة سياسة
الانضباط الميزانياتي والتوازنات الماكرو اقتصادية وحصر عجز الميزانية في %3من
الناتج الداخلي الخام ..كما تسعى الحكومة ،وفق هذا المنشور ،إلى التدبير الناجع
للموارد المتاحة والحرص على تعزيز تحصيل الموارد وعقلنة النفقات العمومية مع
إعطاء الأولوية للقطاعات الاجتماعية .كما يؤكد رئيس الحكومة على مواصلة
التحكم في كتلة الأجور المتوقعة في ثلاث سنوات ،وتقليص نمط عيش الإدارة،
وتسريع وتيرة تنفيذ برامج الاستثمار ،وإيلاء أهمية خاصة للوضعية القانونية
للعقارات المخصصة للمشاريع التنموية ،مع مراعاة مقاربة النوع عند البرمجة
الميزانياتية.
والقصد ،من خلال القراءة السريعة لهذا المنشور ،هو الإبداء ببعض الخلاصات
الأساسية التي من شأن بسطها المساهمة في إثراء النقاش حول مختلف المعيقات
الدستورية والتشريعية والعملية التي تحول دون قيام ميزانية مفتوحة ومواطنة
بالمغرب ،على غرار التجارب والتطبيقات الفضلى في هذا المجال ،وهي كالتالي:
* هيمنة الجهاز التنفيذي في الإعداد للبرمجة الثلاثية 2021-2019ودعم أهداف
ومؤشرات نجاعة الأداء .فضلا عن غياب تنصيص القوانين المنظمة لإعداد وتنفيذ
قوانين المالية على إشراك المجتمع المدني في مناقشة هذه التجربة الجديدة
للبرمجة والتي تدخل حيز التنفيذ ،ابتداء من سنة 2019وبالتالي فهي برمجة تهم
المواطنين أساسا ومختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين من خلال تأمين
نجاعة الأداء للخدمات والمرافق الاجتماعية النوعية المقدمة طيلة الـ 3سنوات
المقبلة ،وفق أهداف ومؤشرات نجاعة الأداء .علاوة عن ذلك ،لم تعقد لقاءات علمية
وندوات تحسيسية ولم تعد برامج لتنوير الرأي العام حول هذا المشروع الجديد وأثره
على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد ،في غياب مخطط التنمية والذي تم
الاستغناء عنه بالمغرب منذ ، 2004الشيء الذي يبرز مدى ضبابية الرؤيا الإستراتيجية
وضعف الالتقائية في البرامج والإنجازات وعجز تقييم السياسات العمومية في
البلاد .
* هشاشة الأرضية الاقتصادية المعتمدة في المنشور الحكومي للإعداد للبرمجة
الميزانياتية والتي لم تشر إلى فشل النموذج التنموي ومناداة الأطراف المعنية
بضرورة الوعي بذلك في وضع أهداف واضحة وملائمة من أجل التفكير في نموذج
بديل ،فتظل التوجهات العامة كما جاءت في المنشور غير مقنعة وواضحة من أجل
التحكم في الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد ،التي عامة ما تتميز بالغموض
والركود وهجرة الكفاءات ( 600مهندس سنويا ( .وفي اعتقادي ،أن توقع نسبة نمو
تتراوح بين % 4,5و% 5,5من الناتج الداخلي الخام ،في أفق ،2021تظل غير كافية
أمام سقف التطلعات للمواطنين في مجال الصحة والتعليم والثقافة واقتصاد
المعرفة والتجديد والإبداع ،لكي يتبوأ المغرب المكانة التي يستحقها بين الأمم .ولن
يتسنى ذلك بدون السهر على تحسين القدرة الشرائية للمواطنين وإرجاع الثقة لهم
في المؤسسات؛ غير أن ذلك لا يبدو واضحا في التوجهات العامة التي جاء بها
المنشور ،أمام غياب سياسة واضحة ومندمجة في إدماج الشباب والكفاءات
الوطنية من أجل النهوض بالبلاد ،لا سيما الطبقة الهشة منهم ،ويعني الأمر
الشباب العاطل عن العمل وحملة الشهادات والأطر العليا من مهندسين وأطباء
وكفاءات متنوعة أخرى .حسب دراسة حديثة ،هناك %91من المغاربة يفضلون
الهجرة إلى الخارج ،و% 74منهم يتمنون الرجوع إلى البلاد .لذلك يبدو ،والحالة هاته،
أن نسبة النمو المذكورة ،ضمن التوجهات العامة لإعداد البرمجة ،يصعب تحقيقها
في مناخ متردد لاستثمار وغياب الانخراط الفعلي المجتمعي لكل الفاعلين
الاقتصاديين والاجتماعية في تنمية الثروة وتوزيعها توزيعا عادلا.
* ضعف التواصل والإعلام فيما يتعلق بإنجازات القوانين المالية وأثرها على التنمية
الاقتصادية والاجتماعية للبلاد عبر تكريس قيم المساءلة وتفعيل كل مؤسسات
الحكامة ،كما جاء ذلك في الدستور.
* تناقض المنظومة المتعلقة بقوانين المالية التي تنص على تقديم وزير المالية
للتقرير حول تقدم تنفيذ قانون المالية الجاري ،قبل 15يوليو والمادة 76من
الدستور بشأن تقديم قانون التصفية الذي ينص "تعرض الحكومة سنويا على
البرلمان ،قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية ،خلال السنة الثانية التي تلي
سنة تنفيذ هذا القانون" .هذا يعني أن قوانين المالية المتعلقة بالبرمجة الميزانياتية
لثلاث سنوات 2019و 2021لن تعرض على التوالي على البرلمان إلا خلال السنوات
2021و 2022و . 2023وحتى في حالة إنجاز الحسابات الإدارية تقنيا من طرف
التدبير المندمج للنفقات وإعداد التقرير السنوي لنجاعة الأداء ،من طرف المفتشية
العامة للمالية الذي يقوم بتلخيص وتجميع تقارير نجاعة الأداء المعدة من
القطاعات الوزارية أو المؤسسات أو تقرير افتحاص نجاعة الأداء الذي تعده
المفتشية العامة للمالية كذلك والذي يرفق مشروع قانون التصفية أو إعداد
التصريح العام للمطابقة من طرف المجلس الأعلى للحسابات فإن مشروع قانون
التصفية يعرض على البرلمان بعد فوات سنتين على تنفيذ كل قانون مالية .وهذه
مفارقة كبرى في القانون الموازناتي تعيق الترتيب العالمي الجيد للمغرب في مجال
الميزانية المفتوحة والشفافية.
* ضعف أو غياب التواصل والإعلام فيما يتعلق بتقوية قدرات المجتمع المدني
والمواطنين في مجال الميزانية المفتوحة ومشاركتهم في ذلك ،ثم تقييم إنجازات
القوانين المالية خلال العشر سنوات الأخيرة ،وأثرها على التنمية الاقتصادية
والاجتماعية للبلاد عبر تكريس قيم المساءلة وتفعيل كل مؤسسات الحكامة ،كما
جاء ذلك في الدستور.
* عدم قدرة البرلمان والحكومة على إيداع ومناقشة قوانين التصفية المتعلقة
بسنتي 2017و 2018وهي مطالبة بالتصويت على مشروع قانون المالية .2019
كما أن الحكومة ،على غرار البرلمان والمجتمع المدني تشرع في العمل بالبرمجة
الميزانياتية بدون التعرف على واقع التنفيذ للسنوات 2016و 2017و ،2018كما هو
الحال في بعض البلدان التي تأثر بها المغرب في صياغة قانونه التنظيمي للمالية،
كفرنسا مثلا.
* عدم تقديم ،ب عد ،رئيس الحكومة المنشور المتعلق بإعداد مشروع قانون المالية
لعام ، 2019كما هو منصوص عليه في القانون التنظيمي للمالية ،ضمانا لتناسق
هذا المشروع مع البرمجة الميزانياتية ،حسب الأهداف ومؤشرات النجاعة .ومما لا
شك فيه أن المنشور المعني وكذا المقترحات المتعلقة بالبرمجة الثلاثية سيعاد
فيها النظر ،اعتمادا لمضامين خطاب العرش الذي أوضح جملة من الأولويات
الاجتماعية والاقتصادية التي ينبغي استثمارها في وضع البرمجة الميزانياتية
الجديدة حين توج هذا الخطاب برسالة إعفاء الوزير المسؤول الساهر نفسه على
نجاعة الأداء في إعداد الميزانية.