Professional Documents
Culture Documents
الاحتكـارفي الفقـــــــــــهالاسلامي
الاحتكـارفي الفقـــــــــــهالاسلامي
مقدمة
الحمد هللا رب العالمين نشهد أن ال إله إال هو وحده ال شريك له ،أنزل الفرقان على عبده هديا للناس
وبيانا ونشهد أن محمدا عبده ورسوله ،بعثه هللا بالقرآن هاديا ومبش ار وداعيا إلى هللا بإذنه وسراجا مني ار
صلى هللا عليه وعلى آله وصحبه الذين كانوا بعلمهم نهجا للسالكين وقدوة للعالمين ،وعلى من تبعهم
تغلغل االحتكار في أكثر ميادين اإلنتاج ،ونجح المحتكرون في بسط إرادتهم ،والتحكم في رقاب الناس
لمصالحهم الشخصية ،فألحق ذلك خط ار بالغا بالمجـتمعات ،وظهرت األزمات االقتصادية في أرجاء
العالم ،مما دعا علماء االقتصاد الحديث إلى بيان مدى ما يلحقه االحتكار بالمجتمعات اإلنسانية من
أضرار جسيمة .وكان اإلسالم من قبل ،قد أولى هذه المشكلة كغيرها من المشاكل اهتمامه البالغ ووضع
لها االحتياطات الوقائية واإلجراءات العالجية كافة؛ ذلك ألن غايته إصالح الفرد والمجتمع معا إذ أمر
بتقوى القلوب لتحقيق مجتمعا صالحا وإنفاء عنهم الضرر .2لقوله تعالى{ :وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَاَّلتقْوَى وَال تَعَاوَنُوا عَلَى
3
اإلثْمِ وَالْعُدْوَانِ}..
يعتبر االحتكار في الفقه اإلسالمي موضوعا يشغل اهتمام العلماء والفقهاء ،حيث يتناول هذا المفهوم
قضايا اقتصادية وتجارية ترتبط بتوزيع الثروة والتجارة والتسعير .االحتكار يشير إلى استحواذ فرد أو
جماعة على كميات كبيرة من سلعة معينة ،مما يؤدي إلى رفع األسعار وتقليل اإلمكانيات المتاحة
1ينظر :االحتكار حقيقته وأحكامه2017( ،م) فاطمة المغربي ،الخير كنزح ،رسالة ماجستير في الفقه وأصوله ،جامعة إدرار :كلية العلوم
اإلنسانية واالجتماعية واإلسالمية -قسم العلوم اإلسالمية ،الجزائر ،ص.1
2ينظر :االحتكار وآثاره في الفقه اإلسالمي2011( ،م) ،عبد الرحمن قحطان الدوري ،كتاب -ناشرون للنشر والتوزيع ،بيروت-لبنان ،ط،1
ص.9
3ينظر :سورة المائدة ،اآليـة.2 :
لآلخرين .في الفقه اإلسالمي ،يعتبر االحتكار من األمور المذمومة ،حيث يتعارض مع مفهوم العدالة
االقتصادية وتوزيع الثروة بشكل عادل .يجدر بالذكر أن اإلسالم يحث على التعاون والتساهل في التجارة،
وينبذ أي نشاط يؤدي إلى استغالل المحتاجين أو يخلق فجوات اقتصادية كبيرة .مصدر تلك األحكام يعود
إلى القرآن الكريم والسنة النبوية ،حيث يجد الفقهاء دعما ألحكامهم في النصوص اإلسالمية .على سبيل
المثال ،يشجع المسلمون على العدالة في التجارة والتعاون االقتصادي ،وينهى عن االحتكار وتحقير
وبهذا ،يظهر الفقه اإلسالمي كإطار أخالقي وقانوني يحكم سلوك المسلمين في المجال االقتصادي،
محددا الحدود والضوابط التي ينبغي أن يلتزم بها األفراد والجماعات في التعامل مع الموارد والثروة.
ومن منطلق هذا البحث بيان موقف الفقه اإلسالمي بمذاهبه المختلفة ،من هذه المشكلة االجتماعية
واالقتصادية التي تواجهنا من مختلف جوانبها وبيان احكامها وآثارها وطرق الوقاية منها.
1ينظر :االحتكار والتسعير في الشريعة اإلسالمية2020( ،م) ،د .محمد علي محمد جمال الدين ،كلية الحقوق -جامعة المنصورة ،مجلة البحوث
القانونية واالقتصادية ،العدد ،72ص.1021
المبحث األول
مفهـوم االحتكار
تم تقسيم هذا المبحث الى ثالث مطالب ،وذلك على النحو اآلتي بيانه:
والحكـرة :حـبس الطعـام منتظـ ار لغالئـه ،وهـو الحكـر .وأصـله في كـالم العـرب الحكـر ،وهـو المـاء المجتمع
كأنه احتكر لقلته.1
الحكر بفتح الحاء وسكون الكاف مأخوذ من حكر يحكر حكرا ،أي ظلمه ،وتنقصه واساء معاشرته،
والحكر الحكر ما احتكر ،والحكر ،والحكرة االسم منه وأصل الحكرة :الجمع واإلمساك والحكر بالتحريك
الماء القليل المجتمع والحكر ادخار الطعام للتربص وصاحبه محتكر واالحتكار جمع الطعام ونحوه مما
يؤكل واحتباسه انتظار وقت الغالء ،وتقول :احتكر زيد الطعام إذا حبسه إرادة الغالء.2
وعرفه صاحب القاموس الحكر بفتح الحاء وسكون الكاف بأنھ الظلم وإساءة المعاشرة.
1ينظر :معجم مقاييس اللغة ،ألحمد بن فارس1979( ،م) ،ت .عبد السالم محمد هارون ،دار الفكر للنشر والتوزيع ،بيروت-لبنان ،ج ،2ص.92
2ينظر :لسان العرب ،لمحمد بن مكرم ابن منظور1984( ،م) ،لسان العرب ،ادب الحوزة للنشر والتوزيع ،ج ،2ص.949
3ينظر :القاموس المحيط ،لحمد بن يعقوب فيروز ابادي1902( ،م) ،مطبعة الميمنة للنشر والتوزيع ،ج ،1ط ،1ص.199
أيضا جاء في أساس البالغة للزمخشري ،ان االحتكار بمعنى حكر وهو المحتج للشيء المستبد فيه.
حكر أي عسر والتواء وسوء معاشرة ،او احتكر الطعام او فالن حرفته الحكرة .فاعل االحتكار حكر.1
عرف الفقهاء االحتكار بعدة تعاريف ،وإن كانت فيها شيء من االختالف ،فهو بناء على القيود والشروط
.1الحنفية :لهم تعاريف متعددة وذلك تبعا الختالف وجهة نظرهم فيه.
وقد عرفه (الحصكفي وابن عابدين) بأنه هو اشتراء طعام ونحوه ،وحبسه إلى الغالء أربعين يوما.2
.2المالكية :هو االدخار للبيع ،وطلب الربح بتقلب األسواق ،أما االدخار للقوت فليس من االحتكار.4
كما صوره المالكية بأنھ "الحكرة في كل شيء في السوق من الطعام والزيت والكتان والصوف وجميع
األشياء ،وكل ما أخذ بالبيوت ،فبمنع من يحتكر شيئا من ذلك كما يمنع من احتكار الحب " وقال اإلمام
.3الشافعية:
1الزمخشري1998( ،م) ،اساس البالغة ،تحقيق محمد باس ،دار الكتب العلمية للنشر ،ج ،1بيروت-لبنان ،ص.205
2محمد أمين (ابن عابدين)2000( ،م) ،رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير االبصار ،مكتب البحوث والدراسات ،دار الفكر للطباعة
والنشر والتوزيع،سوريا -دمشق ج ،6ص.398
3محمد مهدي شمس الدين1998( ،م) ،االحتكار في الشريعة اإلسالمية ،المؤسسة الدولية للدراسات والنشر ،ص.28
4ابي الوليد سليمان الباجي1999( ،م) ،المنتقى شرح موطأ مالك ،دار الكتب العلمية ،ج ،5بيروت -لبنان ،ص.15
5االمام مالك بن انس االصبحي1923( ،م) ،المدونة الكبرى ،ج ،1مطبعة السعادة للنشر والتوزيع ،مصر ،ص.123
في قول الخطيب الشربيني" :إمساك ما اشتراه وقت الغالء ليبيعه بأكثر مما اشتراه عند اشتداد الحاجة،
حيث عرفه الشيرازي بقوله" :ان يبتاع في وقت الغالء ويمسكه ليزداد في ثمنه".2
.4الحنابلة:
عرفه ابن قدامة بقوله" :أن يشتري وأن يكون المشتري ،قوتا ،أن يضيق على الناس بشرائه وال يحصل
ذلك .لم يتعرض الحنابلة لتعريف االحتكار بالطريقة المعهودة لديھم ،وإنما عرفوه ببيان الشروط التي
تؤدي إلى وصف الفعل بالحرمة ،فقالوا :االحتكار المحرم هو ما اجتمع فيه ثالثة شرائط:
ب .أن يكون المشتري قوتا ،فأما اإلدام والحلواء والعسل والزيت وأعالف البھائم فليس فيھا احتكار
محرم....
ت .أن يضيق على الناس بشرائھ" ،وأشار البھوتي إلى ذلك بقولھ :أن يشتريھ للتجارة ويحبسھ ليقل
فيغلو.3
.5من السنة عرفه ابن حزم الظاهري بقوله"" :والحكرة المضرة بالناس حرام ،سواء من االبتياع أو في
إمساك ما ابتاع ويمنع من ذلك ،والمحتكر في وقت رخاء ليس آثما ،بل ھو محسن ألن الجالب إذا
أسرعوا البيع أكثروا الجلب ،وإذا بارت سلعتھم ولم يجدوا لھا مبتاعا تركوا الجلب فأضر ذلك
بالمسلمين"4
1ينظر :الخطيب الشربيني ،مغنى المحتاج1994( ،م) ،ج ،2ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت-لبنان ،ص.392
2ينظر :المهذب في فقه اإلمام الشافعي1995( ،م) ،أبو إسحاق الشيرازي ،ج ،1دار الكتب العلمية للنشر ،بيروت-لبنان ص.192
3ينظر :معالجة الممارسات االحتكارية في الفقه اإلسالمي1028( ،م) ،حاتم امين محمد عبادة ،مجلة كلية الشريعة والقانون تفهنا األشرف-دقهلية،
المجلد ،20العدد ،3ص.1690
4ينظر :المحلى باآلثار2003( ،م) ،ابن حزم االندلسي ،ت .الدكتور عبد الغفار سليمان ،ج ،9ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت-لبنان ،ص.94
.6من الشيعة الزيدية عرفه" :يشتري الطعام من المصر ،ويحبس الفاضل عن كفايته ومن يمونه إلى
الغلة وإنما يحرم مع حاجة الناس إليه وال يوجد إال مع مثله إذ ال اضرار مع خالف ذلك".1
.7عرفه اإلباضية (مذهب المذاهب األربعة) بأنه" :شراء مقيم طعام لتجر ،وقت رخصه في بلده بقصد
االحتكار ،وفق لفظ الفقهاء في مختلف المذاهب ،يعبر عن حجز كميات من الموارد األساسية التي يعتمد
عليها الناس ويحتاجون إليها ،مع فرض شروط وقيود متفاوتة .تتباين التعريفات بين المذاهب ،حيث يحدد
المذهب المالكي شروطا أكثر تشددا ،فيما يميل بعض الشيعة إلى تعميم االحتكار على جميع السلع.
هو ما يطلق عليه باحتكار الدولة ،ويسمي أيضا باالحتكار القـانوني؛ إذا ما استند إلى تشريع أو مرسوم.
والمقصود باالحتكار الحكومي هو انفراد الدولة بإنتاج السلع والخدمات كلها أو بعضها ،كقيام الدولة
والمــبرر في ذلــك اعتبــارات اقتصــادية :تتمثــل في أن االحتكــار العمــومي يعتــبر الشــكل األمثــل لـبعض
القطاعـات ،السـيما اإلسـتراتيجية منهـا مثـل :الـنفط والكهربـاء وسـكك الحديـد ،وذلـك باعتبار الدولـة هـي
األقـدر علـى ضـمان تـوفير هـذه الحاجـات الحيويـة ،كالسـكان وبشـكل متناسب.1
وجــاء في كتــاب االحتكــار في الش ـريعة اإلســالمية " :فأمــا أن يكــون مــن الممتلكــات العامــة لألمة،
كالبحار واألنهار والمعادن في أراضي الدولة واألراضي العامة ،فهذا القسم يمكن للحكومة أن تستثمره
لمصلحة الشعب بنفسها ...والمعيار هـو األصـح واألنفـع للشـعب ،وكـذلك الحـال في انتاج الطاقة وتوزيع
المياه .ان ما تقوم به الدولة ومؤسساتها من احتكارات في كل شي وذلك لحماية الناس من احتكارات
1بن يطو امال ،)2010/2009( ،حماية المستهلك في االحتكار في الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي ،رسالة ماجستير ،مطبوعــة :إشــراف:
قويــدري مصــطفى ،قســم العلــوم القانونيــة ،فــرع قــانون األعمــال ،بكليــة الحقــوق ،بــن عكنــون ،جامعــة الجزائــر ،ص .33
الجشعين فمن واجباتها حفظ لنظام ولوال قيامهـا بهذا اللـون مـن االحتكـار التخـذت منـه الشـركات
1
االحتكاريـة سـبيال للغـنى الفـاحش واللعب بمقدرات الناس بما يتفق مع مصلحتها الخاصة فقط .
تعريفه " :بأنه سوق يواجه فيها بائع واحد لسلعة ،أو خدمة معينة مشتريا واحدا لها."2
يتميـز بوقـوف البـائعين في شـكل احتكـاري أمـام المشـترين في شـكل احتكـاري أخـر ،مثلمـا هـو واق ــع الي ــوم
في األسـ ـواق العالمي ــة ،حي ــث يتكت ــل المش ــترون للمـ ـواد األولي ــة في اتح ــاد مش ــتريين ويضـغطون علـى
سـعر المـواد األوليـة ألقـل سـعر ،فيقـف البـائعون للمـواد األوليـة في تكتـل علـى شكل منظمة تحاول تحديد
السعر والمحافظة على توازنه .وله سمات تميزه عن غيره ،فالسمة األساسية لسوق االحتكار المتبادل هي
عدم تحديد الثمن فيـه؛ أي عـدم القـدرة علـى تعيـين أو تحديـد مسـتوى الـثمن الفعلـي الـذي سيسـود في
السـوق بدقـة ،وذلـك بـالرغم مـن معرفـة حالـة عـرض السـلعة أو الخدمـة محـل االحتكـار المتبـادل وحـال
الطلـب عليها.3
ويقصد باحتكار القلة :أن يتولى فيها بيع سلعة أو خدمة متماثلة أو متميزة عند قليل من
البائعين(المنتجين) يكفي لجعل نشاط أي منهم يؤثر ويتأثر بسياسات وق اررات اآلخرين.4
أ .تلقي الركبان :المقصود بها ان هنالك شخص يلتقي بطائفة يحملون متاعا ،فيشتري منهم قبل
حكم التلقي :تعبر مبدأ التلقي عن أنه إذا كانت فعلة معينة تتعلق بالتجارة أو البيع تؤدي إلى إلحاق
الضرر بسكان محددين ،فإنها تعتبر مكروهة .في سياق التلقي ،إذا كان توجيه اإلضرار لسكان
محظور ومكروها ،خاصة إذا كانت هناك حاجة ضرورية للسلع المستوردة.
ا المنطقة ،فإن هذا يعتبر
صورة التلقي :تظهر موقفا يحظر تعمد حجز السلع خارج المدينة دون بيعها ،مع تقديم تفاصيل
يعتبر مكروها .بينما إذا كان ذلك ال يؤثر سلبا على سكان المدينة ،ولم يتم فرض أسعار مبالغ فيها
المقصود بالحاضر هو ساكن الحضر ،أي سكان المدن ،اما البادي فهو ساكن البادية او من يدخل
1ابن ماره البخاري الحنفي ،)2004( ،المحيط البرهاني في الفقه النعماني ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت-لبنان ،ص.147
صورة بيع الحاضر للبادي :معناها ان البدوي او القروي عليه ان يحمل متاعه الى البلد ليبيعه بسعر
يومه ويرجع فيأتيه البلدي فيقول ،ضعه عندي ألبيعه بالتدريج وبزيادة سعر وذبك يأتي بأضرار على
اهل البالد.1
أ .احتكار البيع والشراء :هو احتكار بيع أو شراء سلع معينة سواء كانت مواد غذائية أو سلعا أخرى،
ويتضمن احتكار البيع والشراء ممارسات احتكارية سلبية وهو قول الحنابلة.2
مثل :اتفاق طائفة من التجار على عدم شراء نوع من السلع إال بثمن معين مع البخس واتفاقهم أيضا
على بيع السلعة نفسها بسعر محدد يشتمل في الغالب على هامش ربح مبالغ فيه ،فإذا اتفقوا على
أقسام ما يتحصلون عليه من الزيادة كان اتفاقهم بمثابة تعاون على االثم والعدوان.3
4
قوله تعاىل{ :وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَال تَعَاوَنُوا عَلَى اإلثْمِ وَالْعُدْوَانِ}..
ب .احتكار الخبرة :هو لجوء بعض المشتركين في مهنة أو حرفة إلى استغالل حاجة الناس إليهم في رفع
أجورهم بصورة مبالغ فيها لكي ينتفعوا بمهنهم وحرفهم وزيادة أرباحهم ،بأن يقصروا أعمال هذه الحرفة
في دائرēم ،فضال عن قيام كثير منهم بقصر تعليم هذه الحرفة أو المهنة على عدد محدود قد ال
يتعدى األبناء واألقارب لكي يضمن رفع السعر حسب رغباته ،وفي الوقت ذاته يضمن والءهم وعدم
1ابن حمد المبارك ،)1992( ،خالصة الكالم شرح عمدة األحكام ،ج ،1ط ،2ص.240
2السيوطي ،)1994( ،مطالب أولى النهى ،المكتب اإلسالمي ،دار الكتب اإلسالمية ،ج ،3ط ،2ص.63
3فهد بن نوار العتيبي ،)2008( ،تجريم االحتكار في نظام المنافسة السعودية :دراسة تأصليه مقارنة ،ص.33-32
4سورة المائدة :اآلية .2
مخالفتهم ألمره ليجبر الناس على الخضوع لما يفرضونه من األجور على أعمالهم اعتمادا على عدم
أ .االحتكار في كل شيء :المقصود به سريان االحتكار على كل شي من طعام وغيره وهو قول
المالكية.2
ب .االحتكار في األقوات فقط :وهو كل ما ضر بالعامة حبسه فهو احتكار وهو سريان االحتكار
على األقوات فقط سواء كانت أقوات آدميين أو بهائم كالحنطة والشعير والتين والقت ،وهو قول
ت .االحتكار في قوت اآلدمي فقط :يجرى االحتكار في قوت اآلدمي فقط ،وهو قول عبد هللا بن
الصورة األولى :جمع السلعة وحبسها من اجل التجارة والمبادلة في حال كثرة السلعة بمقدار يسع الناس،
وعدم تأثير الحبس على كفاية لسلعة في األسواق ووفائها لحاجات الناس.
الصورة الثانية :ان يحبس المحتكر السلعة في حال كثرتها واتساعها لحاجات الناس ،ولكن حبسه يؤثر
الصورة الثالثة :ان المحتكر يقوم بحبس السلعة حال قلتها ،وعدم كون الميسور للناس وافيا لحاجاتهم،
وهنا يكون الحبس مؤث ار على حياة الناس من حيث حاجتهم لهذه السلعة.
الصورة الرابعة :ان يجمع المحتكر سلعة معينة ويحبسها حال كثرتها وتوفرها للناس ،فتحدث القلة في
السلعة وحاجة الناس اليها ،ال يسبب حبس المحتكر بل بسبب اخر خارج عنه وعن فعله.
الصورة الخامسة :ان التجميع للسلعة ال لغرض التجارة والمبادلة بل لغرض االستعمال الشخصي له
ولعائلته.
1محمد مهدي شمس الدين ،)( ،الحتكار في الشريعة اإلسالمية :بحث فقهي مقارن ،المركز الرئيسي للتوزيع ،بيروت ،ط ،2ص.100-90
المطلب الثالث :الفرق بين االحتكار واالكتناز واالدخار
ان الكلمات التي تشبهه االحتكار هي االدخار ،واالكتناز وفيما يلي توضيح للفروق بينهم وبين االحتكار:
جاء في لسان العرب :الكنز اسم للمال إذا أحرز في وعاء ،وقيل الكنز المال المدفون وجمعه كنوز.1
وجاء في تاج العروس :تسمى العرب كل كثير مجموع يتنافس فيه كثي ار واكتنز الشيء اجتمع وامتأل
والفعل االكتناز.2
ب .أما من حيث الشرع :فان المال الذي لم تؤد زكاته يسمى كن از ويستوجب الوعيد.3
وجاء الوعيد في قول هللا تعالى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.4
أي كل من كنز المال ولم يخرج منه الحقوق الواجبة فبشره بعذاب اليم ،وفسر الكنز بالمال الذي لم تؤدى
منه الزكاة.5
.1في حبس األموال عن التداول وعن أداء الواجبات الشرعية المفروضة عليها.
.1في االكتناز يحبس المال عن االنفاق واالستثمار ،وهو تعطيل للمال ،أما االحتكار فتتم في حبس
.2حبس األموال في االكتناز يقتصر على مجرد االحتفاظ بالمال بعيدا عن االستهالك دون استخدامه
أما االحتكار فيكون الغرض منه البيع في وقت حاجة الناس اليها.
والحكمة من تحريم االكتناز لما فيه من تعطيل لوظيفة المال في اإلسالم وهي االنفاق فجاء تحريم
االكتناز واحتجار المال في أيدي قلة من الناس قال تعاىل{ :كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ}،1ولهذا منع الشارع
قال الحطاب(( :االدخار يعني حبس الشيء لوقت حاجة االنسان له دون قصد االضراب بالناس)).1
(اما االدخار فقد قال ابن رسالن في شرح السنن ،وال خالف من أن ما يذخره االنسان من قوت ،وما
2
يحتاجون اليه من سمن وعسل وغير ذلك جائز ال بأس به)
وخالصة تعريفات الفقهاء لالدخار هو حبس الطعام وغيره من األشياء لوقت الحاجة دون قصد االضرار
بالناس.
وبهذا يتفق االدخار مع االحتكار في عنصر الحبس ،وفي أن كال منهما يتم فيه حبس للشيء أو
.1الحبس في االحتكار يكون الغرض منه الحاق الضرر بالناس والتضييق عليهم .أما االدخار
فالغرض من الحبس فيه تأجيل استهالك األشياء للمستقبل دون أن يلحق بذلك ضرر بالناس.
.2لحبس في االحتكار محرم ،وأما في االدخار فهو مباح بل مطلوب تماشيا مع سنة رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم ((عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها
3
من تمر أو زرع وكان يعطيه أزواجه كل عام مائة وسق))
.3الحبس في االحتكار يشترط ان يتم في وقت الغالء عندما تشتد حاجة الناس اليه ،أما االدخار
1ينظر :مواهب الجليل في شرح مختصر خليل1992( ،م) ،شمس الدين الحطاب ،ت .زكريا عميرات ،دار الكتب العلمية ،بيروت -لبنان ،ط،3
.27/4
2ينظر :المجموع شرح المهذب ،)( ،محي الدين النووي ،ابي زكريا ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،سوريا ،دمشق.47 /13 ،
3ينظر :فتح الباري شرح صحيح البخاري1968( ،م) ،أحمد بن علي العسقالني ،دار الريان للتراث ،رقم الحديث .137 /2203
المبحث الثاني
احكام االحتكار
تم تقسيم هذا المبحث الى ثالث مطالب ،وذلك على النحو اآلتي بيانه:
اتفق الفقهاء على ان االحتكار يعتبر من التصرفات التي نهى عنها الشرع ،إال انهم اختلفوا في المراد
القول األول :يرى ان المراد بالنهي هو التحريم ،وبالتالي ان االحتكار يكون محرما وفاعله آثم ،وهذا
ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية ،والمالكية ،والشافعية ،والحنابلة ،والظاهرية ،والزيدية،
استدالل الفقهاء في هذا القول على ان االحتكار المراد بنهيه هو تحريم باألدلة اآلتية:
.1قال تعالى﴿ :يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِإِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِن اللَّهَ كَانَ بِكُمْ
رَحِيمًا﴾ .2
حيث جاءت داللة اآلية على حرمة اكل أموال الناس بالباطل ،واالحتكار أحد الوسائل التي يتوصل
.2قال تعالى﴿ :وَمَن يُرِد فِيهِ بِإِحلَادِ بِظُلمنُّذِقهُ مِن عَذَابٍ أَلِيم﴾.3
حيث جاءت داللة اآلية الكريمة على تحريم االحتكار ،حيث انه من الظلم المنهي عنه ،إذ انه يؤدي
الى اإلضرار بالناس ،وعموم اآلية يشمل االحتكار في الحرم وغيره ،بل ان بعض المفسرين قطع بأن
1ينظر :مغنى المحتاج ،)1994( ،الخطيب الشربيني ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط.392 /2 ،1
2ينظر :سورة النساء ،اآلية.29 :
3ينظر :جزء من سورة الحج ،اآلية.25 :
هذه اآلية نص في االحتكار ،واعتمد على ما رواه أبو داوود عن يعلي بن أمية ان رسول هللا (صل اهلل
▪ ان تخصيص هذه اآلية مردود ،إذ المراد بها كل أمر فظيع من المعاصي الكبار ،ولذلك فسر اإللحاد
هنا بالشرك والقتل وغير ذلك ،ومن فسر اآلية باالحتكار إنما استعمل أسلوب التمثيل والتنبيه على ما
يمكن القول ان الحديث الذي تم االستدالل به على تخصيص اآلية باالحتكار ،وهو حديث يعلي بن ▪
القول الثاني :يرى ان المراد بالنهي هو الكراهة ،وبالتالي ان االحتكار يكون من التصرفات
المكروهة ،ولكن ال يصل الى حد التحريم ،وهذا ما ذهب اليه بعض الشافعية وبعض اإلمامية.3
4
استدالل الفقهاء في هذا القول على ان االحتكار المراد بنهيه هو الكراهية باألدلة اآلتية:
.1استدلوا بحديث حكيم بن حزام وفيه أن النبي قال :إياك أن تحتكر ،حيث قالوا :إن ھذا الحديث يحمل
على المخاطب وھو حكيم بن حزام ،أي أن الحديث خاص به وال يتعداه إلى غيره ،فيكون االحتكار
حيث جاء هذا االستدالل بأن العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب ،كما انه ال توجد قرينة او دليل يدل
على التخصيص ،وبالتالي وجب حمل الحديث على العموم حتى يثبت التخصيص.
1ينظر الى :الجامع ألحكام القرآن ،)( ،محمد بن أحمد القرطبي ،دار الكتب المصرية ،القاهرة.35 /2 ،
2ينظر :الجامع ألحكام القرآن2006( ،م) ،محمد بن احمد القرطبي ،ت .عبد هللا بن عبد المحسن التركي ،مؤسسة الرسالة للنشر ،ط.35/12 1
3ينظر الى :مغنى المحتاج.392/2 ،
4احمد عرفة ،االحتكار :دراسة فقهية مقارنة ،مكتبة صيد الفوائد.
.2استدلوا بقولھم :إن الروايات التي وردت دالة على حرمة االحتكار والتي ذكرھا الجمھور قاصرة من
حيث السنة والداللة ،الختالفھا في تعداد ما يجرى فيھ االحتكار ،فمرة يكون عدده أربعة ،ومرة أخرى
المقصود بذلك ان الروايات الواردة في الصحيح غير قاصرة الداللة على التحريم ،لترتبه على اللعن
والوعيد الذي ورد بهما ،اما تعداد أنواعها فقذ ذكره فقهاء االمامية كما ان الختالف في التعداد ال يراد بھ
وبعد عرض مذاهب الفقهاء فى حكم االحتكار وأدلة كل مذهب فإن مجموع األدلة ترجح رأى جمهور
1د /أحمد مصطفى عفيفي)2003( ،م ،االحتكار وموقف الشريعة االسالمية منه في إطار العالقات االقتصادية المعاصرة ،،طبعة مكتبة وهبة –
القاهرة ،ط ،1ص .198
المطلب الثاني :حكم االحتكار من حيث عقد العقد وعدته
نص على هذا القول الزيدية وهو الصحيح من مذهب الحنابلة واستدلوا به:1
القول الثاني :عدم صحة عقد من اشترى لالحتكار ،وهذا ما رآه بعض الحنابلة.3
1السيوطي ،مطالب أولى النهى ،المكتب اإلسالمي ،دار الكتب اإلسالمية ،ط ،2،ج ،3.ص.63
2ينظر :االحتكار وآثاره في الفقه اإلسالمي ،ص.89
3ينظر :االحتكار وآثاره في الفقه اإلسالمي ،ص.88
فسبب االختالف في حكم االحتكار بين القائلين بالكراهة وبالتحريم مختلفون في اعتبار
بعض القيود في مفهوم االحتكار المنهي عنه شرعا وعدم اعتبارها.1
بشكل عام ،يجب على المسلمين أن يتجنبوا االحتكار وأن يكونوا سمحين في عقودهم وأن
يراعوا مصالح الناس .يجب عليهم أن يتعاونوا في توفير السلع والموارد الضرورية للناس
بأسعار معقولة وأال يستغلوا الحاجة والضيق في األسعار لتحقيق أرباح غير مشروعة.
1محمد مهدي شمس الدين1998( ،م) ،االحتكار في الشريعة اإلسالمية ،ط ،2ص.147
المطلب الثالث :شروط االحتكار
اختلـف الفقهـاء في شـروط االحتكـار فمنهـا مـا هـو متفـق عليهـا ،ومنهـا مـا هـو مختلـف فيهـا؛ وذلك
أ .أن يحدث بشرائه ضيقا وضر ار بالناس :تفق الفقهاء على؛ فمـتى تحققـت العلـة حـرم االحتكـار
وأن الحكمـة مـن تحريمـه هـي دفـع ورفـع الضـرر والضـيق عـن النـاس؛ فمـن ألحـق بالناس ضر ار
بسـبب حبسـه لشـيء مـن األشـياء بقصـد تحيـين الغـالء ،وبيعـه بـأغلى األسـعار كـان محتك ار يحرم
عليه ذلك .ودليـل ذلـك األحاديـث الـواردة في البـاب والناهيـة عـن االحتكـار بسـبب إلحـاق الضـرر
بالعامـة منها:
-عن أبي هريرة رضـي هللا عنـه قـال :قـال رسـول هللا صـلى هللا عليـه وسـلم ((من احتكر مسلم حكرة
1
يريد ان يغلى بها على المسلمين فهو خاطئ))
-عـن سـعيد بـن المسـيب عـن معمـر بـن عبـد هللا رضـي هللا عنـه قـال :قـال رسـول هللا صـلى هللا -
-وعنـد الحنفيـة فقـد كمـا جـاء في بـدائع الصـنائع " :االحتكـار هـو أن يشـتري طعامـا في مصـر
1عبد الرزاق نصرات2020( ،م) ،االحتكار وصوره المعاصرة (دراسة تطبيقية لنماذج مختارة) ،جامعة الشهيد حمه لخضر – الوادي ،معهد
العلوم اإلسالمية قسم الشريعة ،ص.31
2ينظر :االحتكار وصوره المعاصرة (دراسة تطبيقية لنماذج مختارة) ،ص .31
3الكاساني ،)( ،بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ،دار الكتب العلمية ،مطبعة الجمالية ،القاهرة :مصر.129 /5 ،
4عبـد هللا بـن محمـود مـودود الموصـلي (2005م) ،االختيـار لتعليـل المختـار ،ت :عبـد هللا محمـد عبد الرحمان ،ط 3،دار الكتب العلمية،
بيروت ،لبنان.162 /4 ،
-وعند المالكية فقد جاء في مواهب الجليل قال مالك" :فأما ما كان احتكاره ال يضر بالنـاس منـع
محتكره من الحكرة ،وإن لم يضر ذلك بالناس ،وال باألسواق فال بأس به".1
-وفي النوادر والزيادات .قال مالك" :ومما يعينه من مصر ،ويرونـه ظلمـا ،منـع التـاجر إذا لم يكـن
-اما الشافعية ،قال الشربيني " :ويحرم االحتكـار للتضـييق علـى النـاس."3
-وعند الحنابلة :قال ابن قدامه " :واالحتكار المحرم ما اجتمع فيـه ثالثـة شـروط ...الثالـث أن
-أما اإلمامية :ففي مفتاح الكرامة " :و حاصله أن يضيق على النـاس شـرائه ولـو لم يكـن بفعلـه
ب .أن يكون االحتكار عند حاجة الناس إليه وفي وقت الشدة الضرورية:
-عند الحنفية ،قـال الكاسـاني ":وألن حرمـة االحتكـار بحسـب المشـتري في الحصـر لتعلـق حـق
العامـة بـه؛ فيصـير ظالما بمنع حقهم على مـا نـذكر،ولم يوجـد ذلـك في المشـتري خـارج المصـر
مـن مكـان بعيـد؛ ألنـه من اشتراه ولم يتعلق به أهل المصر؛ فال يتحقق الظلم".6
-عند المالكية :جـاء في المنتقـى " :في بيـان معـنى الوقـت الـذي يمنـع فيـه االدخـار ،ن لـذلك
حـالتين :إحـداهما حال الضرورة والضيق؛ فهذا حال يمنـع فيهـا مـن االحتكـار وال خـالف نعلمـه
في ذلـك"7
1مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل1995( ،م) ،الحطاب الرعيني ،جميع الحقوق محفوظة لدار الكتب العلمية الطبعة االولى.227 /4 ،
2النوادر والزيادات1999( ،م) ،أبو زيد القيرواني،دار الغرب اإلسالمي ،بيروت.542/6 ،
3مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج1994( ،م) ،شمس الدين الشربيني ،دار الكتب العلمية ،بيروت :لبنان.392/2 ،
4المجموع شرح المهذب ،)( ،يحيى بن شرف النووي ،مكتبة االرشاد ،المملكة العربية السعودية.47 /13 ،
5مفتاح الكرامة في شرح قواعد العالمة ،)( ،السيد جواد الحسيني العاملي ،مؤسسة النشر االسالمي.358 /12 ،
6ينظر :بدائع الصنائع ،مرجع سابق.129/5 ،
7ينظر :الملتقى شرح الموطأ ،مرجع سبق ذكره.423/3 ،
-عند الشافعية :قال ابن حجر الهيثمي " :ومن المنهي عنه أيضا احتكار القوت؛ بأن يشتريه
وقت الغالء والعبرة فيه بالصرف لبيعه بأكثر من ثمنه للتصنيف حينئذ."1
-عند الحنابلة :فقـد جـاء في المغـني " :واالحتكـار المحـرم مـا اجتمـع فيـه ثـالث شـرو ط ...الثالـث
أن يضـيق علـى النــاس ش ـرائه وال يحصــل ذلــك إال بــأمرين :أحــدهما أن يكــون في بلــد يضــيق
-عند الزيدية :ففي الروض النظير" :وقد شرط أهل المذهب لتحريم االحتكار شروطا ...وأن يكـون
-عند االمامة :ففي مفتاح الكرامة " :إن كان الطعام كثي ار يسع الناس فال بأس ،وإن كان قليال ال
-المالكية :وقد ذكرنا سابقا عند تعريف االحتكـار للبـاجي " :االحتكـار هـو االدخـار للمبيـع وطلـب
الـربح".6
-الشافعية :فقد جاء في إرشاد الساري ":الحكرة وهي إمساك ما اشتراه في وقت الغالء ال في وقت
1تحفة المحتاج وحاشيتا الشرواني وابن قاسم1983( ،م) ،ابن حجر الهيثمي ،لمكتبة التجارية الكبرى بمصر..317/4 ،
2إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين ،البكري الدمياطي.24 /3 ،
3الروض النظير ،الصنعاني ،دار الجيل :بيروت.308 /3 ،
4ينظر :الصنعاني ،مصدر سبق ذكره.309 /3 ،
5العناية شرح الهداية1970(،م) ،محمد بن محمد البابرتي ،شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأوالده بمصر (وصورتها دار الفكر،
لبنان).58 /10 ،
6ينظر :الملتقى شرح الموطأ ،مصدر سبق ذكره.15/5 ،
7إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري1323(،هـ) ،احمد بن محمد القسطالني ،المطبعة الكبرى األميرية ،مصر.95 /5 ،
-الحنابلة :في مطالب أولي النهي " :االحتكار (شراؤه) أي القوت لتجـارة ليحبسـه طلبـا للغـالء مـع
-الزيدية :فقد جاء في الروض النظير " :االحتكار أن يأخذ الطعام ويحبسه ليقل فيغلوا."2
-االمامية :فقد وردنا ذلك عند تعريفهم لالحتكار ففي الروضة البهية" :احتكـار الطعـام هـو حبسـه
-اإلباضية :جاء في شرح كتاب النيل عند تعريف االحتكار"...بقصـد ادخـار لغـالء فيـه .فلـو
اشـتراه لينتظـر به الغالء يوما أو نصف يوم أو ثلثه أو ساعة أو أقل أو أكثر لكان محتك ار".4
اختلف الفقهاء في بعض الشروط المقيدة لالحتكار حتى يكون احتكا ار محرما.
أ .أن يكون المشتري قوتا :سواء لآلدميين أو اآلدميين والبهائم وقد فصلنا في هذا الشرط عند ذكر
ب .أن يكــون الش ـراء وقــت الغــالء ال في زمــن الــرخص ،اشــترط بعــض الفقهــاء ان الشراء في وقت
الغالء فمن اشترى طعاما زمن الرخص وادخره فال يعد محتكرا؛ وهو ما ذهب إليـه المالكيـة
1مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى1994( ،م) ،مصطفى بن سعد بن عبده السيوطي ،المكتب االسالمي للنشر.63 /3 ،
2ينظر :الصنعاني ،مصدر سبق ذكره.307/3 ،
3الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ،)1970( ،زين الدين الجبعي العاملي الشهيد الثاني ،جامعة النجف الدينية.180/2 ،
4النيل وشفاء العليل1985( ،م) ،محمد يوسف اطفيش ،مكتبة االرشاد ،المملكة العربية السعودية -جدة.177/8 ،
-المالكية :جاء في المنتقى“ :يتعلق المنع بمن يشتري في وقت الغالء أكثر من مقدار قوته."1.
-الشافعية :جـاء في المجموع شـرح المهـذب" :ويحـرم االحتكـار في األقـوات؛ وهـو أن يبتـاع في
-الحنابلة :قـال ابـن قدامـه " :فأمـا إن اشـتراه في حـال االتسـاع الـرخص ،علـى وجـه ال يضـيق علـى
-اإلمامية :جــاء في مفتــاح الك ارمــة ":أمــا إذا اشــتراه في حــال الــرخص؛ بحيــث ال يضــيق علــى
-اإلباضية :ففي شرح النيل " :فلو اشتراه غاليا كان محتك ار."5
-الظاهرية :جاء في المحلي " :والمحتكر في وقت رخاء ليس آثما بل هو محسن."6
-الحنفية :وقال الكساني " :أن يشتري طعاما في مصر ويمتنع عن بيعه وذلـك يضـر بالنـاس...
ولـو وجلـب إلى مصر طعاما من مكان بعيد وحبسه ال يكون محتك ار."7
استنتاجات:
.1االحتكار يعتبر ممنوعا في الفقه اإلسالمي ،فهو يتعارض مع األصول اإلسالمية التي تؤكد على
ضرورة توزيع الثروة والموارد بشكل عادل ومتساو بين جميع أفراد المجتمع.
.2يعتبر االحتكار استغالال غير مشروع لالقتصاد ،حيث يؤدي إلى رفع األسعار وتقييد الخيارات
.3يجب أن يلتزم رجال األعمال والتجار المسلمون بالقوانين والضوابط الشرعية المتعلقة بالتجارة
والتعامالت المالية ،وعدم اللجوء إلى االحتكار كوسيلة لتحقيق الربح السريع والمخالف للمصلحة
العامة للمجتمع.
.4يتطلب تعزيز الوعي الشرعي بين المسلمين بضرورة تجنب االحتكار والعمل بطرق تجارية مبنية على
العدل واإلنصاف ،وذلك من خالل الشروع في الدروس والمحاضرات التوعوية والتثقيفية حول مفهوم
االقتصادية المناسبة وتعزيز المنافسة الحرة في السوق ،باإلضافة إلى تشجيع التعاون والشراكات بين
.1ضرورة تشديد الرقابة والرقابة على األسواق لمنع التالعب واالحتكار ،وذلك من خالل تعزيز الهيئات
.2تشجيع التنافسية العادلة في السوق من خالل تقديم الحوافز والتسهيالت للمشاريع الصغيرة والمتوسطة
.3تعزيز التوعية الشرعية حول مفهوم االحتكار وتأثيراته السلبية ،وذلك من خالل تنظيم الندوات
.4المواصلة تطوير األبحاث والدراسات في مجال االحتكار في الفقه اإلسالمي ،وذلك لتحديد المشكالت
.5تشجيع التعاون والتنسيق بين الدول اإلسالمية لتبادل الخبرات والمعرفة في مجال مكافحة االحتكار