Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫جــــامــعــة ابـــن خلــدون ‪-‬تيــــارت‪-‬‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم العلوم السياسية‬
‫مقياس‪ :‬تاريـخ الفكــــر السيـاســي‬
‫السنة‪ :‬أولى ليسانس علوم سياسية‬
‫األستاذ‪ :‬عمـــــر بكــــيري‬

‫املحاضرة السابعة‪ :‬الفكرالسياس ي الروماني القديم‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ظهرت روما في بداية عهدها كدولة‪-‬مدينة مكونة من عدة قبائل تسكن التالل املحيطة بها‪ ،‬و هي‬
‫بذلك تشبه نظام دولة املدينة القائم في املدن اليونانية أثينا و اسبرطة‪ ،‬لكنها مرت في تاريخها السياس ي‬
‫الطويل منذ تأسيسها بعدة مراحل حتى وصلت إلى تأسيس إمبراطورية مترامية األطراف امتدت إلى‬
‫أواسط أوروبا شماال‪ ،‬و انكلترا غربا‪ ،‬أرمينيا و شواطئ الفرات في بالد النهرين شرقا‪ ،‬و إلى أقاص ي‬
‫الصحراء الكبرى في إفريقيا جنوبا‪ ،‬و استمر الحكم الروماني لقرون طويلة بدأ منذ نشأتها عام ‪753‬‬
‫ق‪.‬م و حتى سقوط القسطنطينية عاصمة الشق الشرقي على يد محمد الفاتح عام ‪1453‬م (بينما‬
‫سقطت روما عاصمة الشق الغربي أمام غزو القبائل الجرمانية سنة ‪476‬م)‪ ،‬و خالل هذا التاريخ‬
‫الطويل عرفت روما أشكاال مختلفة من الحكم تراوحت بين امللكية و الجمهورية و اإلمبراطورية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األوضاع السياسية و االجتماعية في روما القديمة‬


‫ينقسم تاريخ روما منذ تأسيسها في القرن الثامن قبل امليالد و حتى سقوط القسطنطينية إلى ثالث‬
‫فترات متعاقبة هي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ .I‬فترة الحكم امللكي‪:‬‬

‫بدأت هذه الفترة مع تأسيس مدينة روما عام ‪ 753‬ق‪.‬م‪ ،‬حيث قدمت تفسيرات مختلفة ألصل‬
‫السلطة السياسية امللكية و مصدر شرعيتها‪ ،‬فهناك من يرجعها إلى أصل أسطوري إلهي متعلق‬
‫بأخوين "ريموس" و "رومولوس" أبناء البطل الطروادي األسطوري "اينياس" الذي فر مع أسرته بعد‬
‫هزيمة طروادة أمام اليونان‪ ،‬فكان فراره و وصوله إلى أرض روما تم بمعجزة إلهية و بذلك تشكل نظام‬
‫ملكي وراثي إلهي في نشأته و انتقاله‪ .‬أما البعض اآلخر فيرجع نشأتها إلى أصل إرادي بشري قائم على‬
‫الصراع و التحالف إذ اتخذت السلطة السياسية في هذا العصر شكال ملكيا احتكرته لنفسها‬
‫مجموعة صغيرة من األسر األرستقراطية من مالك األراض ي عن طريق القوة‪ ،‬و بمرور السنين أتيحت‬
‫الفرصة إلشراك عدد كبير من فئات الشعب الروماني حتى نشأت التقاليد و األنظمة السياسية و‬
‫القانونية الرومانية األولى‪.‬‬

‫أ‪ .‬البنية االجتماعية الرومانية‪:‬‬


‫توزع الرومانيون بين املواطنين األحرار في قمة الهرم و العبيد في قاعدة الهرم‪ ،‬حيث تضم طبقة‬
‫األحرار الطبقات التالية‪:‬‬
‫▪ النبالء‪ :‬هم مالك األرض و الثروة و هم وحدهم أصحاب الحق في امللكية‪.‬‬
‫▪ األتباع و الفرسان‪ :‬و هم أقل مرتبة من النبالء منهم من خسر ملكيته فأصبح في خدمتهم‪.‬‬
‫▪ العوام‪ :‬و هم السواد األعظم من أفراد املجتمع و من سكان األرياف‪ ،‬يعملون لحساب النبالء‬
‫و يزاولون األعمال الحرفية و الزراعية‪ ،‬و قد يكونوا ممن تحرروا من العبودية‪.‬‬
‫ب‪ .‬البنية الحكومية الرومانية‪:‬‬

‫يتمتع األحرار بحق ممارسة النشاط السياس ي مع تفاوت ملحوظ‪ ،‬حيث للنبالء الحق في تولي‬
‫مناصب الحكم و االشتراك في مجلس ي الشيوخ و الشعب و دخول سلك الكهنة‪ ،‬أما العامة فال يجوز‬
‫لهم ذلك‪ ،‬لكن لهم الحق في االشتراك في املجالس املحلية الخاصة بهم و تولي مناصب الحكم في إطار‬
‫فئتهم‪ .‬و تتم ممارسة السلطة أو الحكم في هذا النظام عبر امللك و مجلس ي الشيوخ و الشعب‪.‬‬

‫‪ .1‬امللك‪ :‬يتولى العرش بوصية من امللك السابق ألحد أبنائه أو إخوانه بمعنى عن طريق الوراثة‪ ،‬فان‬
‫لم تكن هناك وصية يقوم مجلس الشيوخ باختيار ملك جديد ملدى الحياة بشرط قبول مجلس‬
‫الشعب له‪ .‬و حين يعين هذا امللك يصبح مقدسا بوصفه اله أو ابن اله أو وسيط بين اآللهة و‬

‫‪2‬‬
‫البشر‪ ،‬و تكون سلطاته مطلقة( سياسية‪ ،‬عسكرية‪ ،‬قضائية‪ ،‬دينية)‪ ،‬أما قرارات الحرب و السالم‬
‫فال بد أن يشاركه فيها مجلس ي الشعب و الشيوخ‪ ،‬كما يحق للملك سن القوانين و يعتبر رئيسا‬
‫ملجلس ي الشعب و الشيوخ و من حقه تعيين أعضائه‪.‬‬
‫‪ .2‬مجلس الشيوخ‪ :‬يضم رؤساء القبائل الرومانية‪ ،‬من وظائفه أن يشير على مجلس الشعب‬
‫بالشخص الذي اختارته اآللهة للحكم‪ ،‬و ينيب هذا املجلس عن امللك في مزاولة سلطاته حال غيابه‬
‫بسبب املرض‪ ،‬املوت أو السفر‪ ...‬الخ‪ ،‬كما يقدم املشورة غير امللزمة له‪.‬‬
‫‪ .3‬مجلس الشعب‪ :‬يضم جميع الرجال الرومانيين األحرار القادرين على حمل السالح‪ ،‬صالحياته‬
‫اختلفت باختالف العصور و األنظمة‪ ،‬لكن غالبا ما كانت تتمثل في اقتراح القوانين‪ ،‬تقرير السالم‬
‫و الحرب‪ ،‬عقد التحالفات‪ ،‬التصويت على مشاريع القوانين املدنية و القضائية‪ .‬يجتمع هذا‬
‫املجلس بدعوة من امللك‪ ،‬و للكاهن األعظم ترأس جلساته عندما تطرح قضايا دينية للتصويت‪.‬‬
‫‪ .II‬فترة الحكم الجمهوري‪:‬‬
‫‪ .1‬األوضاع السياسية و االجتماعية‪:‬‬

‫جاءت هذه الفترة اثر تمرد الرومانيين على هيمنة النبالء االتروسكيين عام ‪ 509‬ق‪.‬م و القضاء على‬
‫آخر ملوكهم‪ .‬اتسمت هذه الفترة بحدثين مهمين هما‪:‬‬

‫▪ إتباع روما لسياسات توسعية عسكرية أدت إلى زيادة األعباء على الطبقة العامة‪.‬‬
‫▪ نشوب صراع حاد بين الطبقتين األرستقراطية و العامة‪ ،‬حيث زادت أعباء هذه األخيرة و زادت‬
‫مسؤولياتها‪ ،‬ليتم في األخير قبول مطالبها في الحكم و املساواة في الحقوق املدنية و السياسية‪ ،‬فتم‬
‫إعادة توزيع أراض ي الدولة و لم اعد ملكيتها مقتصرة على طبقة النبالء‪.‬‬
‫‪ .2‬البنية الحكومية الرومانية‪:‬‬

‫و تشمل القناصل‪ ،‬مجلس ي الشعب و الشيوخ‪ ،‬حكام األقاليم أو الوالة‬

‫‪ )1‬القناصل‪:‬‬

‫هو نظام جديد ابتكره الرومان‪ ،‬ينتخب بموجبه مجلس الشعب قنصلين في كل عام‪ ،‬يوكل إليهما‬
‫الجزء األكبر من اختصاصات امللك و سلطاته في النظام امللكي‪ ،‬باستثناء وظائفه الدينية التي أصبحت‬
‫من اختصاص هيئة كهنوتية من رجال الدين‪ ،‬و من بين سلطاتهما‪ :‬حق إنزال العقوبة للعسكريين‬
‫املخالفين دون محاكمة‪ ،‬دعوة مجلس الشيوخ لالنعقاد و ترأس جلساته‪ ،‬لكن تبقى سلطاتهما غير‬

‫‪3‬‬
‫مطلقة ألنهم منتخبون من مجلس الشعب لعام واحد‪ ،‬و عدم جواز إعادة انتخابهما إال بعد مض ي‬
‫عشر سنوات على انتهاء املدة األولى‪.‬‬

‫‪ )2‬مجلس ي الشعب و الشيوخ‪:‬‬

‫أصبح ملجلس الشيوخ دور متعاظم على حساب مجلس الشعب بعد أن انتزع منه العديد من‬
‫الصالحيات و املسؤوليات‪ ،‬لينفرد بالدور الفاعل األساس ي في تنظيم االختصاصات املالية و السياسية‬
‫و االجتماعية‪ ،‬توجيه العالقات الخارجية عبر عقد املفاوضات‪ ،‬تعيين السفراء‪ ،‬إعالن الحرب بعد‬
‫مشاورة القنصلين‪ ،‬توقيع االتفاقيات و املعاهدات‪..‬الخ‪.‬‬

‫‪ )3‬حكام األقاليم أو الوالة‪:‬‬

‫مع اتساع مساحة اإلمبراطورية و شساعة أراضيها‪ ،‬اعتمدت روما على مبدأ اإلدارة الالمركزية‬
‫فقسمت إلى واليات يحكم كل واحدة منها حاكم روماني بسلطات محلية واسعة‪.‬‬

‫‪ .III‬فترة الحكم االمبراطوري‪:‬‬

‫يعود تاريخ قيام النظام اإلمبراطوري الروماني إلى عام ‪ 27‬ق‪.‬م‪ ،‬عندما أعلن القائد العسكري‬
‫أوكتافيوس قيام هذا النظام و حيازته للقب أغسطس‪ ،‬بعدما أدرك عدم مالءمة شكل النظام‬
‫الجمهوري لحكم و إدارة دولة واسعة و مترامية األطراف‪.‬‬

‫‪ .1‬اإلمبراطورية العليا‪:‬‬

‫وضع أغسطس أسسا جديدة إلدارة اإلمبراطورية مع االحتفاظ بمظاهر املؤسسات القديمة‪،‬‬
‫فاملراحل األولى لقيام النظام اإلمبراطوري لم تشهد تغييرا في مؤسسات الحكم و املتمثلة في القنصلين‪،‬‬
‫مجلس ي الشيوخ و الشعب‪ ،‬لكن الحقا بتطور النظام اإلمبراطوري تحول نظام الحكم إلى حكم مطلق‬
‫سمي بنظام الحكم الثنائي بسبب الطبيعة املشتركة لسلطات اإلمبراطور و مجلس الشيوخ‪ ،‬و التي‬
‫تزايدت على حساب اختصاصات مجلس الشعب و القنصلين؛ الذين فقدا سلطاتهما و أصبحا‬
‫خاضعين ملجلس الشيوخ‪.‬‬

‫‪ .2‬اإلمبراطورية السفلى‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫في هذه املرحلة اتسعت فيها سلطات اإلمبراطور على حساب مجلس الشيوخ خاصة في مجال‬
‫السياسة الخارجية و إعالن الحرب و عقد التحالفات و املعاهدات و اختيار القناصل و الحكام‪،‬‬
‫ليصبح املجلس مقيدا في اختياره باملرشحين الذين يقترحهم اإلمبراطور‪ ،‬حيث كان ذلك تمهيدا لتحول‬
‫نظام الحكم إلى ملكي فردي مطلق تجتمع فيه كل السلطات و الصالحيات في يد اإلمبراطور ابتداء من‬
‫عام ‪284‬م‪ ،‬كما أدى تردي األوضاع السياسية و االجتماعية بشكل كبير إلى قيام اإلمبراطور‬
‫دقلديانوس بتقسيم اإلمبراطورية إلى قسمين شرقي و غربي‪ ،‬و التخلص نهائيا من مجلس الشيوخ الذي‬
‫تحول ملجلس مدني خاص بمدينة روما‪.‬‬

‫أصبح قسطنطين إمبراطورا للقسم الغربي من اإلمبراطورية سنة ‪306‬م‪ ،‬و أهم إصالحاته هو‬
‫تعيين حاكما مسؤوال عن الشؤون املدنية و قائدا مسؤوال عن الشؤون العسكرية في كل والية‪ ،‬كما‬
‫أخذ بمبدأ الوراثة في الحكم‪ ،‬و إصدار تشريعات لتوريث املهن ملنع أبناء الحرفيين و الفالحين من ترك‬
‫مهن آبائهم و أراضيهم‪ ،‬فقض ى بذلك على طبقة العامة من األحرار و مهد الطريق لظهور عبيد األرض‬
‫أساس قيام النظام اإلقطاعي‪ ،‬كما أسس الحقا القسطنطينية كعاصمة بديلة عن روما‪ ،‬و اعترف‬
‫بالديانة املسيحية عام ‪313‬م عبر مرسوم ميالن‪.‬‬

‫في نهاية هذه املرحلة من مراحل تطور اإلمبراطورية زادت الصراعات الداخلية و االنقسامات حول‬
‫السلطة‪ ،‬مما أدى إلى سيطرة املؤسسة العسكرية على الحكم و أصبح لها الكلمة العليا في تعيين‬
‫األباطرة بعيدا عن نظام الوراثة‪ ،‬فأصبح العديد منهم من ضباط الجيش خاصة بعد أن زادت‬
‫التهديدات الخارجية من الشعوب املجاورة التي سماها الرومان البرابرة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نماذج عن الفكرالسياس ي الروماني‬

‫‪ .I‬الفكرالسياس ي عند شيشرون‪:‬‬


‫‪ -1‬املولد و النشأة(‪106‬ق‪.‬م‪43-‬ق‪.‬م)‪:‬‬

‫ولد ماركوس توليوس شيشرون في "أربينوم" من أسرة ميسورة الحال‪ ،‬بدأ مشواره كرجل دولة سنة‬
‫‪76‬ق‪.‬م أين اشتهر ببالغته و طالقته باعتباره محام بارع‪ ،‬و هو ما جعله يتقلد منصب قنصل‬
‫الجمهورية سنة ‪63‬ق‪.‬م‪ .‬عاصر االضطرابات السياسية و املشاكل االقتصادية و االجتماعية التي أدت‬
‫إلى بداية انهيار اإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬أعدم سنة ‪ 43‬ق‪.‬م بسبب اتهامه باالنخراط في تلك األحداث‪.‬‬
‫نهل من املصادر األصلية للفكر اليوناني و تأثر كثيرا بأفكار أفالطون فكتب كتابيه الجمهورية و‬
‫‪5‬‬
‫القوانين تأسيا به‪ ،‬كما تأثر بالفلسفة الرواقية و بأفكار صاحبها زينون الرواقي‪ ،‬الذي كان يدعو إلى‬
‫فكرة املواطنة العاملية و املساواة بين البشر( إلغاء العبودية)‪ ،‬و احترام القوانين( وجود قانون طبيعي‬
‫واحد يحكم الكون كله من وحي اإلرادة اإللهية)‪.‬‬

‫‪ -2‬السياسة و األخالق عند شيشرون‪:‬‬

‫ربط بين السياسة و األخالق‪ ،‬و اعتبر السياسة بمثابة الواجب األخالقي الذي يهدف إلى تحقيق‬
‫الصالح العام ألفراد الدولة‪ ،‬حيث على رجل الدولة أن يسخر كل طاقاته و جهوده لخدمة شعبه دون‬
‫أن ينتظر مقابال وراء ذلك‪ ،‬فالتقيد بالواجبات و املبادئ الخلقية التي يرتكز عليها الضمير الفردي تزيد‬
‫من والء اإلنسان نحو مجتمعه العاملي الكبير الذي يضم اآللهة و البشر أجمعين‪ ،‬و بخدمة نفسه و‬
‫خدمة اآلخرين تتحقق سعادته الكاملة و يبلغ أقص ى درجات الفضيلة‪.‬‬

‫يرى شيشرون أن على رجل الدولة أو املوظف العمومي االمتثال للقانون و تنفيذ ما يأمر به‪ ،‬فكما‬
‫يحكم القانون املوظفين‪ ،‬يحكم املوظفون الناس‪ ،‬لذلك فهو يرى أن املوظف ما هو إال قانونا ناطقا‬
‫بينما القانون ما هو إال موظفا صامتا‪ ،‬و هو يرى أن القوة التي تستخدمها السلطة لتسيير شؤونها عبر‬
‫موظفيها هي أداة ضرورية لتنفيذ مبادئ العدالة و إحقاق الحق‪ ،‬أما عكس ذلك فهو يفقد الدولة‬
‫معناها األخالقي و يؤدي إلى انهيارها‪.‬‬

‫‪ -3‬نشأة الدولة عند شيشرون‪:‬‬

‫يعرف شيشرون الدولة على أنها {شأن من شؤون الشعب} و الذي يطلق عليه باإلغريقية اسم‬
‫"‪ "res populi‬و هو يعرفها كذلك على أنها {مصلحة الناس املشتركة} و هي بذلك تعني عنده "ذلك‬
‫املجتمع املوحد في اعترافه بالحقوق و القوانين و املشاركة الجماعية في األمور العامة و اكتساب‬
‫الفوائد"‪ ،‬بمعنى أن الدولة عنده تجسد مجتمعا للحقوق القانونية و الروابط املصلحية‪ ،‬و تكمن‬
‫وظيفتها األساسية في تنفيذ القانون بهدف تحقيق املنافع املشتركة للجميع‪.‬‬

‫تنشأ الدولة عند شيشرون لضرورة طبيعية في اإلنسان نتيجة حاجته الفطرية لالجتماع و تلبية‬
‫حاجياته‪ ،‬فهي تكونت تاريخيا بشكل طبيعي دون تدخل إرادة األفراد فيها لكون اإلنسان اجتماعي‬
‫بطبعه‪ ،‬كما يرى أن نشأتها جاءت لضرورة تاريخية‪ ،‬فالدول عنده تنشأ و تمتد و تتوسع لتسيطر على‬
‫أراض ي جديدة و جماعات جديدة فهي كالكائن الحي ينمو و يكبر و يتمدد‪ ،‬كما أن لنشأتها ضرورة‬
‫اجتماعية منفعية فهي ناتجة على العمل الجماعي و تعبر عن املصالح الجماعية املشتركة فهي‬
‫‪6‬‬
‫مصلحة الناس املشتركة في حد ذاتها‪ ،‬و هي تقوم على االحترام املتبادل املشترك للحقوق بين أفراد‬
‫الشعب الواحد‪.‬‬

‫يرى شيشرون أن الشعب ليس هو أي مجموعة من األفراد اجتمعت‪ ،‬بل الشعب هو اجتماع‬
‫عدد كبير من األفراد الذين يربطهم توافق رأي مشترك بصدد الخضوع القانون و احترام الحقوق و‬
‫العدالة و تحقيق املنافع املشتركة‪.‬‬

‫يعتقد شيشرون أن أسمى ممارسة للفضيلة يكون من خالل املشاركة في حكومة الدولة أي في‬
‫الشؤون العامة و تحقيق املصالح املشتركة‪ ،‬و هو يرى أن الخروج عن املبادئ األخالقية السامية أي‬
‫الفضائل معناه فقدان الدولة ملعناها الحقيقي و بالتالي بداية زوالها‪ ،‬فالدولة الحقيقية عنده هي‬
‫الدولة العادلة التي ترعى مصالح و حقوق شعبها‪ ،‬و هي تحتاج الستخدام القوة لتحقيق أهدافها و‬
‫هو استخدام لقوة الناس مجتمعين من خالل تطبيق القانون‪ ،‬و هذا القانون عنده ما هو إال قانون‬
‫هللا أو القانون األخالقي الطبيعي؛ و هو القانون األسمى الذي يعلو على جميع القوانين و على تصرفات‬
‫الحكام و املحكومين‪.‬‬

‫‪ -4‬صفات الحاكم عند شيشرون‪:‬‬

‫يرى شيشرون أن الحاكم هو امللك‪ ،‬فهو يمدح النظام امللكي القديم املؤسس لدولة روما و الذي‬
‫كان يتسم بالفضيلة و الشرف و العدالة قبل أن يفسد و يتخلى عن فضائله‪ ،‬و بالتالي لكي تعود روما‬
‫إلى عصرها الذهبي وضع شيشرون بعض الصفات املثالية التي يجب أن يتصف بها من يحكم روما و‬
‫من بينها ما يلي‪:‬‬

‫▪ يجب أن يتحلى امللك بالعدل‪ ،‬الفضيلة و الحكمة‪ ،‬ضبط النفس‪ ،‬القوة‪ ،‬العقل و الثقافة‬
‫الواسعة‪.‬‬
‫▪ يجب أن يكون امللك مثل األب يعتني بمواطنيه كما لو كانوا من أبنائه‪.‬‬
‫▪ يجب أن يكون امللك من املواطنين البارزين بمعنى أن يكون إنسانا نبيال فاضال‪.‬‬
‫▪ يجب أن يكون امللك هو أفضل الخيرين لكنه بإمكانه أن يكون حاكما مطلقا مستبدا في وقت‬
‫الشدائد‪.‬‬
‫▪ يجب أن ال يهدف هذا امللك إلى تحقيق املجد و الثروة بل إن ثوابه الحقيقي هو الخلود األبدي في‬
‫اآلخرة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -5‬املساواة و العدالة عند شيشرون‪:‬‬

‫تنبع فكرة املساواة عند شيشرون من فكرة القانون الطبيعي الذي يقول بوحدة الجنس البشري‪،‬‬
‫حيث يتساوى جميع األفراد باعتبارهم ينتمون إلى العالم اإلنساني بغض النظر عن انتماءاتهم‬
‫العرقية و الوطنية‪ ،‬فاإلنسان المتالكه ملكة العقل يتميز عن باقي املخلوقات الحيوانية‪ ،‬و بالتالي‬
‫يتساوى مع باقي البشر في القدرة على الفهم و اإلدراك‪ ،‬حتى و إن تباينت مستوياتهم املعرفية و‬
‫العلمية‪.‬‬

‫يرى شيشرون أن أفراد الشعب متساوون في صفة املواطنة و الخضوع لنفس القانون ‪ ،‬رغم عدم‬
‫مساواتهم في امللكية‪ ،‬و هذه املساواة القانونية تستدعي من الدولة حمايتها و احترامها و هذا يقود إلى‬
‫تحقيق العدالة‪ ،‬و هي عنده متضمنة عالقة الدولة بمواطنيها و التي لن تكون إال من خالل تطبيق‬
‫القانون بشكل متساو‪ ،‬فالعدالة ليست هدفا مرجوا من الدولة فقط بل هي أساس قيام الدولة و‬
‫سبب بقائها‪.‬‬

‫‪ -6‬القانون عند شيشرون‪:‬‬

‫يرى شيشرون أن القانون هو األساس الذي تبنى عليه الدولة‪ ،‬و هو القانون الطبيعي املنبثق من‬
‫حكم هللا للعالم كله‪ ،‬لذلك فهو ثابت ال يتغير يسمو على جميع القوانين و على جميع البشر حكاما و‬
‫محكومين‪ ،‬حيث يعرفه على أنه "القانون الحق قانون البداهة و التفكير السليم الذي يتماش ى مع‬
‫الطبيعة و ينطبق على كل الناس‪ ،‬و هو الذي تسري أحكامه على جميع البشر و الدول و ال يستطيع‬
‫أحد أن ينكره فيجعل من الصواب خطأ أو من الخطأ صوابا"‪.‬‬

‫يرى شيشرون أن القانون الطبيعي هو ذلك القانون املنقوش في طبيعتنا و هو الذي يربط‬
‫اإلنسان بإلهه و البشر فيما بينهم‪ ،‬و هو القانون الواحد الذي يحكم العالم كله و يجعل اإلنسان‬
‫ينتمي إلى املدينة أو الدولة ذاتها أو الكون كله‪ ،‬وهو قانون بسيط ال يحتاج إلى فقهاء لتوضيحه و‬
‫تفسيره‪ ،‬و هو ثابت ال يضع حكما لليوم و آخر للغد‪ ،‬أو حكما لروما و آخر ألثينا‪ ،‬و هو القانون الذي‬
‫ال يجوز تعطيل أحكامه بتشريعات من صنع البشر‪ ،‬فال يستطيع ال مجلس الشيوخ و ال مجلس‬
‫الشعب ذاته انتهاكه أو حمل الناس على عدم طاعته الن مصدره هو هللا و هو مفسره و راعيه‪ ،‬و‬
‫بذلك فهو مصدر لكل قانون أو دستور‪.‬‬

‫‪ -7‬أنظمة الحكم عند شيشرون‪:‬‬


‫‪8‬‬
‫قسم شيشرون أنظمة الحكم إلى ثالثة أنواع هي‪:‬‬

‫نظام الحكم امللكي‪ :‬ينشأ ألنه شبيه بالسلطة األبوية داخل األسرة‪ ،‬و هو نظام حكم جيد إذا اتصف‬
‫بالفضيلة‪ ،‬لكنه يتحول إلى طغيان باالستبداد في الحكم‪.‬‬

‫نظام الحكم األرستقراطي‪ :‬و هو نظام جيد ألنه نظام حكم النخبة‪ ،‬لكن عندما تظهر فيه الفوارق بين‬
‫الناس يصبح نظاما سيئا‪.‬‬

‫نظام الحكم الديمقراطي‪ :‬و يصبح فيه الحكم لعامة الشعب‪ ،‬و يكون نظام حكم جيد إذا احترم‬
‫القوانين و حافظ على حقوق املواطنين‪.‬‬

‫يرى شيشرون أن أيا من النظم السابقة ال يتصف بالكمال‪ ،‬فامللكية و األرستقراطية واقعيا تقص ي‬
‫أناسا كثيرين من التوجيه املشترك للحكم‪ ،‬أما في الديمقراطية فيتم توزيع املناصب و الخدمات دون‬
‫مراعاة سمعة الشخص و مؤهالته‪ ،‬و بذلك فإن األنظمة الثالث عمليا ال تتضمن العدل و ال تحظى‬
‫بإمكانية االستمرارية إلى زمن طويل‪ ،‬فهي تتعرض دائما إلى التهديد عبر الصراع على السلطة و عبر‬
‫االنحطاط و تحولها إلى االستبداد و األوليغارشية و حكم الغوغاء‪.‬‬

‫أفضل نظام حكم عنده‪ :‬هو النظام املختلط املتوازن الذي يجمع بين األنظمة الثالث حيث يقول‪:‬‬
‫"أحب أن يكون في الدولة ش يء من تعالي امللكية‪ ،‬و تأثير النخبة‪ ،‬إلى جانب ضرورة إرجاع بعض األمور‬
‫إلرادة الشعب"‪ ،‬كما يرى شيشرون أن قوة الدستور املختلط تتمثل في عمليات املراقبة املتبادلة و‬
‫التوازن بين سلطات جهاز الحكم‪ ،‬باإلضافة إلى التمثيل املالئم للعناصر املختلفة التي تتكون منها‬
‫طبقات املجتمع‪.‬‬

‫‪ .II‬الفكرالسياس ي عند سنيكا‪:‬‬


‫‪ -1‬املولد و النشأة(‪2‬ق‪.‬م‪66-‬م)‪:‬‬

‫ولد سنيكا سنة ‪ 02‬ق‪.‬م بقرطبة باسبانيا‪ ،‬أحضر في شبابه إلى روما‪ ،‬حيث أحب الفلسفة و انهمك‬
‫على دراستها حتى اشتهر بها‪ ،‬و اختير ليشرف على تعليم "نيرون" و أصبح وزيرا له‪ ،‬لكن هذا األخير‬
‫اتهمه بالتآمر عليه و أجبره على االنتحار بقطع شرايينه سنة ‪66‬م‪ .‬عاصر سنيكا مرحلة حافلة من تاريخ‬
‫روما شهدت تغيرات و أحداث سياسية مختلفة أدت إلى زوال النظام الجمهوري الدستوري املتوازن و‬
‫قيام النظام اإلمبراطوري العسكري‪ ،‬كما عاصر ظهور املسيحية و صراعها مع الديانة الوثنية‬

‫‪9‬‬
‫الرومانية فتأثر بها تأثرا بالغا‪ ،‬لذلك جاءت رؤيته للقضايا السياسية دينية سياسية‪ ،‬و رغم أنه كان‬
‫من املتأثرين بالفلسفة الرواقية و أحد أبرز دعاتها إال أنه أضفى عليها طابعا دينيا على عكس شيشرون‬
‫الذي كان قد أضفى عليها طابعا قانونيا‪.‬‬

‫‪ -2‬الرؤية الروحية الفلسفية عند سنيكا‪:‬‬

‫كان سنيكا رجال ثريا و سياسيا المعا لعب دورا مهما في الحياة االجتماعية و السياسية‪ ،‬إال أنه كره‬
‫الحياة العامة و فضل االنزواء بعيدا رغبة منه في االنعزال و التأمل الفلسفي الروحي‪ ،‬ليتأمل الحقائق‬
‫الطبيعية و االجتماعية في عصر انحطاط روما‪ ،‬حيث كان يصف املجتمع الذي يعيش فيه بأنه‬
‫محتشد من الوحوش الكاسرة‪ ،‬و الفارق أن الوحوش هي وديعة فيما بينها و ال ينهش بعضها بعضا‪،‬‬
‫بينما البشر فال شأن لهم غير أن يمزق بعضهم بعضا‪.‬‬

‫كان سنيكا يرى أن اإلنسان الفيلسوف ال يمكن أن يكون حكيما في كل ش يء‪ ،‬و أن روحه خاضعة‬
‫لقوة إلهية‪ ،‬فاإلله عنده يسكن جسد اإلنسان كما يسكن الضيف عند مضيفه‪ ،‬حيث أثر انهيار القيم‬
‫األخالقية و الدينية القديمة و انحطاط الحياة االجتماعية على أفكار سنيكا الوثنية‪ ،‬و أدى إلى تكون‬
‫هذه املسحة الروحية التي تنطلق من اإليمان بقوة خالقة مدبرة فوق الوجود املادي الذي سيطر على‬
‫حياة اإلنسان‪ ،‬و بذلك كان سنيكا أول من أشار إلى وجود عاملين واقعيين يسيطران على اإلنسان و‬
‫يؤثران فيه‪ ،‬يعيشهما في الوقت نفسه و هما العالم الروحي الديني و العالم املادي الطبيعي‪.‬‬

‫‪ -3‬األخالق و القيم السياسية الفاضلة عند سنيكا‪:‬‬

‫يرى سنيكا بناءا على الواقع الذي عايشه أن اإلنسان فاسد و في صراع دائم مع الفضيلة‪ ،‬و‬
‫ملواجهة ذلك شدد على تقدير بعض القيم املعنوية التي ترفع من قيمة اإلنسان و تبعده عن الفساد‪،‬‬
‫مؤكدا على صفات الرقة و العطف و الرحمة و الترفق و حب الناس‪ ،‬في مقابل استنكاره للصفات‬
‫املناقضة لها مثل القسوة و الكراهية و الغضب و العنف‪ ،‬حيث رأى سنيكا أن انحطاط روما كان‬
‫نتيجة االبتعاد عن الفضائل و القيم األخالقية التي كانت سائدة و أدت إلى ازدهارها مثل قيم العدل و‬
‫الحق‪ ،‬و املساواة أمام القانون‪ ،‬و الصدق في املعامالت‪..‬الخ‪.‬‬

‫يرى سنيكا أن الفلسفة هي الطريق املوصلة إلى الخالص و إلى الفضيلة‪ ،‬فهي يعتبرها علم الحكمة و‬
‫فن العيش‪ ،‬و الهدف منها هو تحقيق السعادة‪ ،‬و السعادة عنده ال تتحقق بالجري وراء امللذات بل‬

‫‪10‬‬
‫بإتباع قيم الشرف و العدالة و الرحمة و الرأفة‪ ،‬فهذه القيم و الفضائل يمكن اكتسابها و السعي إليها‬
‫و ممارستها في كل يوم من خالل التعليم و القراءة و االقتداء بالحكماء و األفاضل و مصاحبتهم‪.‬‬

‫يرى سنيكا من جهة أخرى أن الفرد ال يصل إلى الفضيلة و راحة النفس إال بتفانيه في أدائه ألعماله‬
‫و واجباته و إال فانه سوف يقع ضحية ألهوائه‪ ،‬فعلى الفرد أن يسعى للكمال الخلقي و الذي لن يكون‬
‫إال بتغليبه للمصلحة العامة على مصلحته الخاصة و التي سوف تتحقق من خالل العمل الجماعي ال‬
‫محالة‪ ،‬فاإلنسان الحكيم الصالح عنده هو الذي يؤدي واجبه االجتماعي و يعرض خدماته على‬
‫مجتمعه و هي بذلك تعتبر من أسمى الفضائل ( تراجع عن دعوته هذه في مؤلفه قصر الحياة و نصح‬
‫كل إنسان عاقل باالبتعاد عن ممارسة السياسة ملا ارتبط بها من سوء لألخالق و فساد لألعمال)‪.‬‬

‫‪ -4‬أصل السلطة و نشأة الدولة عند سنيكا‪:‬‬

‫يرى سنيكا أن اإلنسان كان يعيش في مرحلة الطبيعة أي قبل نشوء الدولة و ظهور السلطة و‬
‫القوانين في عصر ذهبي‪ ،‬يتمتع فيه الجميع بالحرية و السعادة و البراءة و البساطة بعيدا عن حياة‬
‫الترف و امللذات‪ ،‬لذلك كان اإلنسان طاهرا بريئا بعيدا عن الطمع و األنانية‪ ،‬لكن ظهور امللكية الفردية‬
‫قض ى على ذلك الطهر و البراءة اإلنسانية‪.‬‬

‫يرى سنيكا أنه في ذلك العصر لم تكن هناك الحاجة لوجود حكومة أو قانون ملا اتصف به الناس‬
‫من الخير؛ الش يء الذي جعلهم يمتثلون إراديا طوعيا ألوامر أكثر الناس حكمة فيهم‪ ،‬الذين كانوا‬
‫يقدمون إرشاداتهم و نصائحهم خدمة للمجتمع و املصلحة العامة دون سعي للسلطة أو مصالح‬
‫شخصية‪ ،‬لكن ظهور النزعة نحو امللكية في نفوس البشر دفعهم للبحث عن املنافع الشخصية و هنا‬
‫انقلب القادة أصحاب الخبرة و الحكمة و تحولوا إلى طغاة مستبدين ميزتهم الترف و الفساد ‪.‬‬

‫يرى سنيكا أن السلطة السياسية و القوانين ظهرتا من أجل تطويع النفس البشرية الشريرة و الحد‬
‫من مساوئ البشر و فسادهم‪ ،‬فالسلطة الحاكمة إذا تكون وليدة للشر اإلنساني من ناحية و من‬
‫ناحية أخرى تكون وليدة لإلرادة اإللهية التي تستخدمها لتنظيم حياة املجتمع و هذا هو أصل و مصدر‬
‫الطاعة و االمتثال ألوامرها‪ ،‬أما وظيفتها عنده بالنتيجة فهي تنظيم حياة الناس و تلبية حاجياتهم‬
‫خاصة األمنية بإيقاف شرور بعضهم ضد بعض و الحد من فسادهم و انحرافاتهم‪.‬‬

‫‪ -5‬أنظمة الحكم عند سنيكا‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫رأى سنيكا تعذر استعادة روما لعصرها الذهبي (العصر الجمهوري) ألنها دخلت في مرحلة‬
‫الشيخوخة و الفساد‪ ،‬لذلك أصبح خضوعها للحكم اإلمبراطوري املطلق ضرورة تاريخية ال بديل عنها؛‬
‫ألنه الوحيد القادر على حفظ النظام فيها و ضمان استمراريتها‪ ،‬حيث رأى سنيكا أن كل األنظمة سيئة‬
‫و كلها يحمل الشرور و املساوئ و لو بدرجات متفاوتة‪ ،‬لكن أقلها سوءا هو نظام الحكم الفردي‬
‫املطلق ألنه األقدر على تحقيق املنفعة األكبر املتمثلة في األمن و االستقرار‪.‬‬

‫اعتبر سنيكا أن حكم الطاغية املستبد أفضل من حكم الشعب الذي يراه يحمل في ذاته شرورا و‬
‫فسادا أضعاف ما يحمله الطاغية‪ ،‬فالشعب أكثر ظلما و قسوة من الطاغية‪ ،‬و بذلك يكون أفضل‬
‫نظام حكم عنده هو نظام الحكم الفردي امللكي اإلمبراطوري املطلق‪ ،‬ألنه املؤهل لضمان األمن و‬
‫النظام‪ ،‬بينما أسوء نظام حكم عنده هو نظام الحكم الديمقراطي‪ ،‬ملا يتسم به أفراد الشعب حسب‬
‫رأيه من الخسة و االنحطاط‪.‬‬

‫‪12‬‬

You might also like