‫ﺍﻟﻤﺤﺎﺿﺮﺓ ‪ :01‬ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﺎﺩﺓ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‬

‫ﺃﻭﻻ‪ :‬ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬

‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺭﺱ ﻟﻌﻠﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺳﻴﻼﺣﻆ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺃﻥ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺗﺤﺘﻞ ﺃﻫﻤﻴﺔ‬
‫ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﺎﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﻄﺐ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﺇﻟﻰ‬
‫ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺗﻄﻮﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ‪ ،‬ﺑﺴﺒﺐ ﺃﻥ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺿﻮﺀ‬
‫ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺳﻨﺴﺘﻌﺮﺽ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪ ،‬ﻭﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪ ،‬ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭ‬
‫ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻣﻊ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺗﻌﺎﺭﻳﻒ ﺣﻮﻝ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻜﺮ‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪1.‬‬

‫ﻗﺪ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺄﻥ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻫﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﺳﺘﻌﺮﺍﺽ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ‬
‫ﺃﻭ ﻫﻲ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻟﻤﺎ ﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻮﺍﺋﺪ‬
‫ﺗﺮﺟﻰ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺼﺒﺢ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻣﺠﺮﺩﺓ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻭ ﻻ ﻧﺘﻮﻗﻊ ﺃﻥ‬
‫ﻧﺴﺘﻬﻮﻱ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ‪ ،‬ﻭ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺃﻥ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺫﺍﺕ‬
‫ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺠﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻌﺔ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻭﻻ‪ :‬ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬
‫‪ -1‬ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ‪:‬‬
‫ﺇﻥ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻭ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺭﺑﻂ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭ ﺫﻟﻚ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺴﻼﺳﻞ ﺍﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ‪.‬‬
‫ﻓﻼ ﻳﻌﻘﻞ ﺃﻥ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻛﻤﺘﺨﺼﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﻣﻌﻴﻦ ﻛﻌﻠﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺃﺳﺎﺗﺬﺓ ﻭ ﻃﻼﺏ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮﺕ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻘﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻵﻥ‪ .‬ﻓﻔﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻣﺜﻞ ﺃﻱ‬
‫ﻋﻠﻢ ﺃﺧﺮ ﻧﺠﺪ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﻔﺴﺮ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺃﻭ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺣﻞ‬
‫ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺗﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﺽ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻭ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻕ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‪ ،‬ﻭ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻣﺮﺍ ﺳﻬﻼ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﻧﺸﺄﺗﻬﺎ‬
‫ﺃﻭ ﺑﺪﺍﻳﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻘﻮﻳﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻷﻱ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﻟﻬﺎ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ‬
‫ﻣﻤﻜﻨﺎ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻬﺎ ﻭ ﻇﺮﻭﻑ ﻧﺸﺄﺗﻬﺎ ﻭ ﺗﻄﻮﺭﻫﺎ‪.‬‬

‫‪-1‬ﻋﺒﺪ ﻋﻠﻲ ﻛﺎﻇﻢ ﺍﻟﻤﻌﻤﻮﺭﻱ‪ ،‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﺎﻣﺪ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ‪ ،‬ﺍﻷﺭﺩﻥ‪ ،‬ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ‪ ،1،2012‬ﺹ ‪.33‬‬
 ‫‪ -2‬ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻗﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‪:‬‬
‫ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺔ ﻣﻦ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ‪،‬‬
‫ﻭ ﻳﻌﻮﺩ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻝ‬
‫ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ‪ ،‬ﺳﺠﻞ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺘﻴﺢ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻨﺎ ﻟﻨﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺎﺕ ﻛﻞ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﻧﺘﻌﺮﻑ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻭ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ‬
‫ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻫﺎ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﻟﺘﻤﺜﻞ ﺍﻟﺤﻞ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﻳﺸﻮﻫﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭ‬
‫ﺇﻥ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﻧﺠﺪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭ ﺃﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ‬
‫ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪2.‬‬

‫‪ -3‬ﺗﻔﺘﺢ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﻭ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﺳﺘﻠﻬﺎﻡ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ‪:‬‬

‫ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺗﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﺰﻣﻦ‪ :‬ﻛﻴﻒ ﻧﺸﺄﺕ؟ ﻭ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺿﺎﺕ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ؟ ﻭ ﻟﻤﺎﺫﺍ؟ ﻭ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻠﺼﺖ ﺑﻬﺎ؟ ﻭ ﻫﻞ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﻓﺎﺋﺪﺓ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ؟ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﺑﻼ ﺷﻚ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻔﺘﺢ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﺃﻭ ﺍﺗﺴﺎﻉ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ‬
‫ﺑﻤﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺧﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﻳﻀﻊ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﺘﺎﺏ‬
‫ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ‪ .‬ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﻣﺨﺘﺼﺮﺓ ﺃﻥ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺗﻔﺘﺢ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﻟﻤﻨﻄﻖ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭ ﻫﺬﺍ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻳﺘﻴﺢ ﻓﺮﺻﺔ ﺍﺳﺘﻠﻬﺎﻡ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ‪ .‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ‬
‫ﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻟﻴﺴﺖ ﺃﺑﺪﺍ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﺪﻡ‬
‫ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﺪﻡ‬
‫ﻣﻼﺋﻤﺔ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻇﺮﻭﻑ‬
‫ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻧﺘﺎﺝ ﻋﻘﻞ ﺑﺸﺮﻱ ﻧﺸﺄ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻭ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﺄﻓﻜﺎﺭ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻪ ﺃﻭ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ﻟﻪ‪3.‬‬

‫‪ -4‬ﻳﺸﻴﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ "ﻫﺎﻧﻲ" ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻹﺛﺒﺎﺕ‬
‫ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﻭ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ‪ ،‬ﻭ ﻳﺨﻄﺊ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﻳﻦ‬
‫ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺤﺠﺔ )ﻓﺮﺍﻍ( ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ‪ ،‬ﻣﻊ ﺃﻧﻬﺎ ﺣﻠﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭ‬
‫ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ‪ ،‬ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻭ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻤﺮ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪﺓ‪،‬ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺷﻌﺒﺎﻥ‪،‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪،‬ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻟﻠﺘﺴﻮﻳﻖ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﺭﻳﺪﺍﺕ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻘﺪﺱ‬
‫ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ‪،‬ﻣﺼﺮ‪،‬ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ‪،2،2016‬ﺹ ﺹ ‪.10،11‬‬
‫‪-3‬ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻳﺴﺮﻱ ﺃﺣﻤﺪ‪ ،‬ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪،‬ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ‪،‬ﻣﺼﺮ‪،2003،‬ﺹ‪.24‬‬
‫‪ -5‬ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ‬
‫)ﻛﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺎﺕ ﻭ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ‪.....‬ﺍﻟﺦ( ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﻴﻢ‬
‫ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﻦ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭ ﺍﻟﻮﺳﻴﻂ‪،‬ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺣﺪﺓ ﻭ ﻣﻨﺪﻣﺠﺔ‪.‬‬
‫‪ -6‬ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻧﺴﺒﻴﺔ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﻋﺪﻡ ﺗﻤﺘﻌﻬﺎ ﺑﻘﻴﻢ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻭ ﺗﻮﻗﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ‬
‫ﺍﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺯﻋﻢ "ﻫﺎﻧﻲ"‪ ،‬ﻭ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻛﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻭ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﻴﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻳﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﺣﻴﺎﻥ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﺍﺗﻬﻢ ﻟﻬﺎ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻭ ﻣﺼﻠﺤﻴﺔ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ‪،‬‬
‫ﻭ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻫﻤﻬﻤﺎ ﻋﺎﻣﻼﻥ ﻫﻤﺎ‪ :‬ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ‪.‬‬
‫‪ -7‬ﺇﻥ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺗﻬﻴﺊ ﺍﻟﻤﺪﺧﻞ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ‬
‫ﻭ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻵﻥ‪ ،‬ﻭ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﻴﻦ "ﺭﻭﻝ" ﻟﻢ ﺗﻤﺖ ﺃﺑﺪﺍ‬
‫ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺭﻳﻜﺎﺭﺩﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻳﻊ ﺍﻟﺘﻔﺎﺿﻠﻲ ﺃﻭ ﺃﺭﺍﺀ‬
‫ﺗﻮﻣﺎﺱ ﺍﻷﻛﻮﻳﻨﻲ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺮﺑﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ‪ ،‬ﻛﺬﻟﻚ ﺭﺃﻱ‬
‫ﻛﻴﻨﺰ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﻣﺎﻟﺘﺲ ﻭ ﺳﻴﺴﻤﻮﻧﺪﻱ ﻓﻲ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻔﻌﺎﻝ ﻭ ﺩﻭﺭﻩ ﻓﻲ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺑﻌﺪ ﻧﺴﻴﺎﻧﻬﻢ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻜﻴﻨﺰ‪ .‬ﻭ ﻟﻬﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ‬
‫ﻟﻬﺎ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻟﻠﺠﺪﻝ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﺗﺠﺎﻫﺎﺕ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮ‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ‪ .‬ﻭ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻭﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺐ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻫﻢ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻬﻢ ﻃﺎﺑﻊ ﺗﻤﺜﻴﻠﻲ‬
‫ﻟﻼﺗﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ‪4.‬‬

‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‬

‫‪-4‬ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻛﺒﺔ‪،‬ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ‪ ،‬ﺑﻐﺪﺍﺩ)ﺍﻷﺭﺩﻥ(‪،‬ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ‪،1،1970‬ﺹ ﺹ ‪ ،09،10‬ﻣﻨﺸﻮﺭ ﻋﻠﻰ‬
‫)‪ ، ( c://users/pc/desktop/nouveau%20dossier/601953 .pdf‬ﺗﻢ ﺍﻹﻃﻼﻉ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ )‪(2019/12/07‬‬ ‫ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ‪:‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ‪14:17‬‬
‫ﻗﺒﻞ ﺍﺳﺘﻌﺮﺍﺽ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻳﺠﺐ ﺍﻥ ﻧﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻭ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ‬
‫ﻣﻦ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﻣﻦ ﻣﻴﺰﻭﺍ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻫﻮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ "ﻛﺎﻳﺘﺎﻥ ﺑﻴﺮﻭ" ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﻪ‬
‫)ﺍﻟﻤﻄﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪،1945،‬ﺹ ‪،209-207‬ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ(ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﺪ‬
‫ﺑﺎﻟﺤﺮﻑ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ‪ ،‬ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻭ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﺑﻴﻦ‬
‫ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺳﺎﻳﺮﻩ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﻴﻦ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺧﺮﻫﻢ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻻﺟﻮﺟﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪،1949،‬ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ( ﺣﻴﺚ ﺍﺭﺗﺄﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻭ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻋﻠﻠﻬﺎ ﻭ ﺃﺳﺒﺎﺑﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺗﺮﺻﺪ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺛﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭ ﺗﺸﺨﺺ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﺮ ﺑﻤﻮﺟﺒﻬﺎ ﻭ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻤﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﻩ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻓﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻞ ﺑﻞ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯﻩ ﺇﻟﻰ‬
‫ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﻢ‪ ،‬ﺃﻱ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻗﻴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻣﺤﺪﺩﺓ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﺘﻐﻴﺮ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ‪ ،‬ﻭ ﻳﻘﺘﺮﺡ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺇﺻﻼﺣﻴﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻟﻠﺘﻮﻗﻊ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﺒﺆ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﻴﻦ‪ .‬ﺇﻧﻪ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ‬
‫ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﻭﺟﻬﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻓﻬﻲ‬
‫ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻟﻠﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺑﻐﻴﺔ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﺎﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻭ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﻭﺟﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‪5.‬‬

‫‪ -1‬ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪:‬‬

‫ﻭ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬ﻭ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻋﻠﻠﻬﺎ ﻭ ﺃﺳﺒﺎﺑﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺗﺮﺻﺪ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪ .‬ﻭ ﺗﺒﺪﻭ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﻻ ﺗﺨﺮﺝ ﻋﻦ ﺳﻴﺎﻕ‬
‫ﻛﺸﻒ ﺗﻠﻜﻢ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭ ﺗﺤﺪﻳﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﺭ ﺃﻱ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﻳﺘﻄﺎﺑﻖ ﻣﻊ ﺩﻭﺭ‬
‫ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﺸﻒ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ‬
‫ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪6.‬‬

‫‪ -2‬ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪:‬‬
‫ﻭ ﺗﻌﻨﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻌﺘﻤﺪﻫﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻐﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ‬
‫ﻫﺪﻑ ﻣﻌﻴﻦ ﺃﻭ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻭ ﻟﻬﺬﺍ ﺗﻮﺳﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﻤﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻏﺎﺋﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺃﺣﺴﻦ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ‪ :‬ﻫﻞ ﻳﺴﺘﺤﺴﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺣﺮﺓ ﺩﻭﻥ ﺗﺪﺧﻞ ﻣﻦ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ؟ ﺃﻭ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﺘﺪﺧﻞ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻛﺒﺮ ﻗﺴﻂ ﻣﻦ ﺇﺷﺒﺎﻉ ﺍﻟﺤﺎﺟﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻭ‬
‫ﻣﻦ ﺗﻢ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪ .‬ﻭ ﻳـﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﻟﻜﺒﺢ ﺟﻤﺎﺡ ﺍﻟﺘﻀﺨﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﺃﻡ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﺎﻝ‬

‫‪-5‬ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻛﺒﺔ‪،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬ﺹ ‪.29‬‬

‫‪-6‬ﻋﺒﺪ ﻋﻠﻲ ﻛﺎﻇﻢ ﺍﻟﻤﻌﻤﻮﺭﻱ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬ﺹ ‪.35‬‬
‫ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻱ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻄﻠﻮﺏ‬
‫ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻳﺠﺐ ﺩﺭﺍﺳﺘﻬﺎ ﺑﻌﻤﻖ ﻭ ﺑﻴﺎﻥ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺻﻮﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﺪﺩﺓ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺤﻠﻴﻞ‬
‫ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪:‬‬
‫ﻭ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻣﻌﻴﻦ‪،‬ﻓﻴﻘﺒﻠﻪ ﺃﻭ ﻳﺮﻓﻀﻬﻦ ﻳﺪﺍﻓﻊ‬
‫ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﻳﻌﺪﻝ ﻋﻨﻪ‪.‬ﺃﻭ ﺑﺘﻌﺒﻴﺮ ﺃﺧﺮ ﻳﺘﺨﺬ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻣﺬﻫﺒﻴﺎ‪ ،‬ﻣﻨﻄﻠﻘﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺗﻔﻀﻴﻠﻪ ﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﺮ‪ ،‬ﻣﻀﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻧﺤﻴﺎﺯﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻭ ﺗﻔﻀﻴﻠﻪ ﻟﻘﻴﻢ ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻣﻦ‬
‫ﺩﻭﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﺠﺮﺩﺓ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ ﺑﺼﻮﺭﺗﻪ ﺍﻟﺤﺮﺓ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻭ ﻣﻦ‬
‫ﺩﻭﻥ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﻧﻘﺪ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻓﻴﻪ ﻭ ﺍﻗﺘﺮﺍﺣﻬﻢ ﻟﻨﻈﺎﻡ‬
‫ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺑﺪﻳﻞ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻫﻮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻇﻞ‬
‫ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻟﺘﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻭﺟﻬﺎﺕ ﻧﻈﺮ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺇﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﺴﺘﻮﺣﻲ‬
‫ﻛﻨﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻭ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﻧﻈﻤﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪7.‬‬

‫ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ "ﺃﻣﻴﻞ ﺟﺎﻡ " ﻗﺎﻡ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ ﻛﻞ ﻣﻦ "ﺑﻴﺮﻭ" ﻭ "ﻻﺟﻮﺟﻲ" ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﺍﻋﺘﺮﻑ ﺑﺎﻟﺼﻌﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻛﺜﻴﺮﺓ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﻟﻌﺪﺓ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺃﻫﻤﻬﺎ‪:‬‬
‫*ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺑﻴﻦ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﻴﻦ ﻭ ﻣﺬﺍﻫﺒﻬﻢ‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﻌﺐ ﻓﻬﻢ ﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻬﻢ‬
‫ﺩﻭﻥ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﻢ ﺍﻟﻤﺬﻫﺒﻴﺔ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻓﺸﻞ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻤﺬﻫﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻓﻊ‬
‫ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻏﺪﺕ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻧﺘﻴﺠﺔ‬
‫ﺗﻌﺎﺭﺿﻬﺎ ﺍﻟﺼﺎﺭﺥ ﻣﻊ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺘﺒﺪﻝ‪ ،‬ﺃﻱ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻓﺸﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ‪.‬‬
‫*ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﻤﺬﻫﺒﻲ ﻭ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻟﻸﻓﻜﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﺃﺣﻴﺎﻥ ﻛﺜﻴﺮﺓ‪،‬‬
‫ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺮﻳﻊ ﻟﺮﻳﻜﺎﺭﺩﻭ ﻭ ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺮﺭ ﻟﻠﺒﺮﺍﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ)ﻓﺎﺋﺾ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ(‬
‫ﻟﻤﺎﺭﻛﺲ ﻭ ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ ﺍﻟﻬﺠﻮﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻟـ "ﺑﺎﻓﻴﺮﻙ" ﻭ ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ ﺍﻟﺘﺒﺮﻳﺮﻱ‬
‫ﻟﻠﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ ﻣﻦ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﻗﺼﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺼﺮﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ‪8.‬‬

‫‪-7‬ﻋﺒﺪ ﻋﻠﻲ ﻛﺎﻇﻢ ﺍﻟﻤﻌﻤﻮﺭﻱ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬ﺹ ‪.36‬‬

‫‪-8‬ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻛﺒﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.30،31‬‬
‫ﺇﻻ ﺃﻥ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻳﺨﻄﺌﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ‪ ،‬ﻭ ﻳﻌﻤﻤﻮﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻜﻴﺎﻧﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﺒﻨﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﻴﻦ‬
‫ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﻴﻦ ﺑﻤﻴﻮﻟﻬﻢ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ "ﻫﺎﻳﻚ" ﻭ "ﻓﺮﻭﻧﺴﻮﺍ ﺑﺮﻭ"‪.‬‬
‫*ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺧﺎﻃﺊ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ )ﻭ‬
‫ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ(‪ ،‬ﻭ ﺗﻌﻤﻴﻢ ﻃﺎﺑﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻻﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﻞ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﻮﺻﻠﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ ﻋﻠﻮﻡ ﻏﺎﺋﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺮﺍﻑ ﻋﺪﺩ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺑﻬﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺗﺸﻤﻞ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺍﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰﺍﺕ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻫﻲ ﺗﻤﻴﻴﺰﺍﺕ ﻧﻈﺮﻳﺔ)ﻣﺪﺭﺳﻴﺔ(‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺗﻨﻔﻊ ﻓﻲ ﺗﺤﻠﻴﻞ‬
‫ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻟﻜﻦ ﻻ ﺃﺳﺎﺱ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪ .‬ﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴﻴﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺆﻛﺪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ "ﻻﺟﻮﺟﻲ" ﻭ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻳﺸﻴﺮ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺤﺎﺳﻢ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ‬
‫ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻭ ﺗﻮﻣﺎﺱ ﺍﻷﻛﻮﻳﻨﻲ ﻭ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻳﺴﺘﻨﺘﺞ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺎﺕ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺧﺎﻃﺌﺔ ﺑﺎﻟﻤﺮﺓ‪ ،‬ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺩﺣﺾ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻭ ﺗﻮﻛﻴﺪ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‬
‫ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ﻟﻠﺘﺎﺭﻳﺦ‪ .‬ﻭ ﺃﺧﻴﺮﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ "ﺟﺎﻡ" ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﻛﻠﻴﺎ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ﺗﺎﺭﻳﺦ‬
‫ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻝ‪ ،20‬ﺍﻟﺠﺰﺀ ‪ ،1‬ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ‪ ،1955،‬ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ( ﻭ ﺃﺧﺬ ﻳﻬﺎﺟﻢ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ‬
‫ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﻳﺸﻮﻩ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﻴﻦ ﻭ ﻳﺠﺰﺉ ﻓﻜﺮﻫﻢ‬
‫ﺍﻟﻤﻮﺣﺪ‪ ،‬ﻭ ﻳﻘﺪﻡ ﻋﻨﻬﻢ ﺻﻮﺭﺍ ﻏﻴﺮ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻳﺸﻮﻩ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭ ﻻ ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﻣﺮﺍﺣﻠﻬﺎ ﺍﻟﺨﻤﺲ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻭ ﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻔﺮﺿﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﻢ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ‪ ،‬ﻭ ﺃﺧﻴﺮﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ‪ .‬ﻭ ﻣﻤﺎ ﻳﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ "ﺑﻴﺮﻭ"ﻧﻔﺴﻪ ﻭ ﻫﻮ‬
‫ﺍﻟﺮﺍﺋﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻠﺘﺰﻡ ﺑﻪ ﺑﺪﻗﺔ ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﺓ ﻋﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭ‬
‫ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ‪9.‬‬

‫‪-9‬ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻛﺒﺔ‪،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ )‪.(33-31‬‬