Professional Documents
Culture Documents
طوفان الأقصي أحمد أبركان
طوفان الأقصي أحمد أبركان
طوفان الأقصي أحمد أبركان
َّللاِ أذِل أك ِب أهن ُهم أقوٌم هَّل أيفأق ُهو أن {الحشر }31/أَّل ورِهم ِم أن ه
أش ُّد أرهأب ًة ِفي ص ُد ِ
ُ أَلأنتُم أ أ
صأن ٍة أأو ِمن أوأراء ُج ُد ٍر أبأ ُس ُهم أبيأن ُهم أش ِد ٌيد تأح أس ُب ُهميعا ِإ هَّل ِفي ُق ًرى ُّم أح ه ِ
ون ُكم أجم ً
ِ
ُيأقاتلُ أ
وب ُهم أشتهى أذلِ أك ِب أهن ُهم أقوٌم هَّل أيع ِقلُو أن {الحشر}31/ ِ
يعا أوُقلُ ُ
أجم ً
سنة 8281
2
المقدمة
بسم هللا الرحمن الرحيم الحمد هلل رب العالمين و الصالة و السالم على سيد اَلنبياء
و المرسلين و خير خلق هللا أجمعين و الرحمة المهداة و الصراط المستقيم و حجة
هللا على خلقه أجمعين سيدنا محمد الذي اختاره هللا و اصطفاه و من أجله خلق هللا
الكون و بدأ خلقه به و ختم به أنبياءه و أرسله إلى الناس كافة بشي ار و نذي ار و داعيا
إلى هللا بإذنه و سراجا مني ار صلى هللا عليه و آل بيته الطيبين الطاهرين الذين أذهب
هللا عنهم الرجس و طهرهم تطهي ار و جعلهم أئمة يهدون بأمره إلى طاعته و امتدادا
لرسالة نبيه و عيبة علمه و أمناء هللا على خلقه و السبب الموصل إليه و جعلهم
الشفعاء َّلهل طاعته .و أخبرنا بان الغاية من خلقنا هي عبادته سبحانه و تعالى
نس ِإ هَّل ِلأيع ُب ُدو ِن {الذاريات }69/أما أ ُِر ُيد ِمن ُهم ِمن ِرز ٍق أو أما ِ ِ
بقوله أو أما أخألق ُت الج هن أواْل أ
ِ أ ُِر ُيد أأن ُيط ِع ُمو ِن {الذارياتِ }65/إ هن ه
ين {الذاريات.}62/ اق ُذو الُقهوِة ال أمت ُ
الرهز ُ
َّللاأ ُه أو ه
إَّل أنه َّلبد و أن يعبد كما أراد هو َّل كما أردنا نحن و هو أرسل رسله و أنبياءه
ليعلموا الناس كيف يعبدون هللا و ختمهم بخير خلقه أجمعين و أخذ عليهم الميثاق
اق الهنِبِيي أن أل أما آتأيتُ ُكم ِمن ِ
أخ أذ َّللاُ ميثأ أ
بأن يؤمنوا به و ينصرونه بقوله سبحانه أوإِذ أ أ
ِ ِِ اءكم رسول ُّم ِ ِ ِ ٍ ِ ٍ
نص ُرهن ُه أق أ
ال أأأق أررتُم صد ٌق ل أما أم أع ُكم ألتُؤم ُن هن به أوألتأ ُ
كتأاب أوحك أمة ثُ هم أج ُ أ ُ ٌ أ
ين {آل وأأخذتُم عألى أذلِ ُكم ِإص ِري أقاُلوا أأقررنا أقال أفاشهدوا وأأنا مع ُكم ِمن ه ِ ِ
الشاهد أ أ أُ أ أ أ أ أ أ أ أ أ أ
عمران .}23/كما أخبرنا ربنا سبحانه و تعالى بأن الغاية من خلق الناس أن يسود
ِ ِ ِ
اناب أوالم أيز أ العدل و القسط بقوله سبحانه ألأقد أأرأسلأنا ُرُسألأنا ِبالأبِيأنات أوأ أ
أنزلأنا أم أع ُه ُم الكتأ أ
يه أبأ ٌس أش ِد ٌيد ومأن ِاف ُع لِلهن ِ
اس أولِأيعأل أم ه لِيُقوم الهناس ِبال ِقس ِط وأأنزلنا الح ِديد ِف ِ
نص ُرهَُّللاُ أمن أي ُ أأ أ أأ أ أ ُ أ أ
أوُرُسأل ُه ِبال أغي ِب ِإ هن ه
َّللاأ أق ِو ٌّي أع ِز ٌيز {الحديد.}86/
َّللا أوأرُسوأل ُه ِ ورسوأله ِإن ُكنتُم ُّمؤ ِمِنين {اَلنفال }3/و بقوله يا أأي ه ِ
يعوا أ آم ُنوا أأط ُين أ
ُّها الذ أ
أ أ أ أأ ُ ُ
ين أقالُوا أس ِمعأنا أو ُهم َّلأ هِ ه
أوَّلأ تأأولوا أعن ُه أوأأنتُم تأس أم ُعو أن {اَلنفال }82/أوَّلأ تأ ُك ُ
ونوا أكالذ أ
أيس أم ُعو أن {اَلنفال .}83/و آيات أخرى...و أكد على أن طاعة رسول هللا صلى هللا
َّللا أو أمن تأأوهلى أف أما
اع أ ط أ ول أفأقد أ أ عليه و آله هي طاعة هللا سبحانه بقوله همن ُي ِط ِع ه
الرُس أ
َّللا أفاتهِب ُعوِني ُيحِبب ُك ُم ِ ِ
ظا {النساء .}22/و بقوله ُقل إن ُكنتُم تُحبُّو أن أ اك أعألي ِهم أح ِفي ًأأرأسلأن أ
يم {آل عمران .}13/و أمر رسوله صلى هللا ِ ِ
ور هرح ٌ وب ُكم أوَّللاُ أغُف ٌ
َّللاُ أوأيغفر أل ُكم ُذ ُن أ
ول أبلِغ أماالرُس ُ
ُّها ه عليه و آله أن ينصب َلمته من بعده إماما و خليفة بقوله أيا أأي أ
صم أك ِم أن الهن ِ
اس ِإ هن َّللاأ َّلأ ِ ِ ه ه ِ ِ ِ
أُنزأل إألي أك من هربِ أك أوإِن لم تأف أعل أف أما أبلغ أت رأساألتأ ُه أوَّللاُ أيع ُ
ِ ِ
ين {المائدة }95/و بإجماع علماء أهل البيت و عدد كبير من أيهدي الأقوأم ال أكاف ِر أ
علماء أهل السنة أن هذا كان لعلي عليه السالم .و قد بلغ هذا رسول هللا صلى هللا
عليه و آله يوم غدير خم بإجماع اَلمة سنة و شيعة بخطبته المباركة المشهورة
بخطبة الغدير و قد وفقني هللا َلن أفرد لها كتابا خاصا لمن أراد الرجوع إليه و قد
سميته بعون هللا و توفيقه و تبقى خطبة الغدير الدليل على نكث الناكثين .و أمرنا
أيضا ان نطيع آل بيت رسول هللا صلى هللا عليه و آله و قرن طاعتهم بطاعته و
يعوا ِ طاعة رسوله صلى هللا عليه و آله بقوله سبحانه و تعالى يا أأي ه ِ
آم ُنوا أأط ُ
ين أ ُّها الذ أأ أ
الرس ِ ِ ِ ٍ ِ الرسول وأُولِي اَلأم ِر ِم ُ ِ ِ
ول نكم أفإن تأأن أازعتُم في أشيء أف ُرُّدوهُ إألى َّللا أو ه ُ يعوا ه ُ أ أ َّللاأ أوأأط ُ
ال {النساء }66/و بقوله ِإن ُكنتُم تُؤ ِم ُنو أن ِباّللِ واليو ِم ِ
اآلخ ِر أذلِ أك أخيٌر أوأأح أس ُن تأأ ِوي ً أ أ
الزأكاة وهم ر ِ ُّكم َّللا ورسولُه و هال ِذين آمنوا هال ِذ ِ
اك ُعو أن الصالأ أة أوُيؤتُو أن ه أ أ ُ أ يمو أن ه ين ُيق ُ
أ ِإهن أما أولِي ُ ُ ُ أ أ ُ ُ أ أ أ ُ
آم ُنوا أفِإ هن ِحز أب َّللاِ ُهم ال أغالِ ُبو أن
ين أ
هِ
{المائدة }66/أو أمن أيتأأو هل َّللاأ أوأرُسوأل ُه أوالذ أ
ُ
{المائدة .}69/و أجمع العلماء عند الفريقين بأن من تصدق بخاتم و هو راكع هو
علي بن أبي طالب عليه السالم و إنما جاءت اآلية بصيغة الجمع َلنها تشمل
ين هِ اَلئمة من ذريته من بعده عليهم السالم .و بقوله أذلِك هال ِذي يب ِشر ه ِ
َّللاُ عأب أادهُ الذ أ ُأ ُ أ
ات ُقل هَّل أأس أُل ُكم أعألي ِه أأج ًار ِإ هَّل ال أم أوهد أة ِفي الُقرأبى أو أمن أيقتأ ِرف
الصالِح ِ ِ
آم ُنوا أو أعمُلوا ه أ أ
ور {الشورى .}81/و بقوله ِ...إهن أما ُي ِر ُيد ه يها ُحسًنا ِإ هن ه ِ
َّللاُ ور أش ُك ٌَّللاأ أغُف ٌ أح أسأن ًة هن ِزد أل ُه ف أ
ير {اَلحزاب .}11/و بقوله أف أمن أحآ هج أك الرج أس أأه أل الأبي ِت أوُي أ
ط ِه أرُكم تأط ِه ًا نكم ِ ِ ِ
ل ُيذه أب أع ُ ُ
اءنا أوِن أس ُ ِ ِ ِ ِِ ِ
اءكم اءكم أوِن أس أ
اءنا أوأأبأن ُ
اءك م أن العل ِم أفُقل تأ أعاألوا أندعُ أأبأن أ فيه من أبعد أما أج أ
4
كما أن رسول هللا صلى هللا عليه و آله الذي َّل ينطق عن الهوى إن هو إَّل وحي
يوحى أمرنا أن نتمسك بالكتاب و العترة الطاهرة بقوله صلى هللا عليه و آله تركت
فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب هللا و عترتي أهل بيتي و إنهما
لن يفترقا حتى يردا علي الحوض أخرجه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة و ابن
أبي شيبة في مصنفه وهو في مسند أحمد و في سنن الترمذي و في السنة َّلبن أبي
عاصم و في مسند البزار و في السنن الكبرى للنسائي و في مسند أبي يعلى و في
شرح مشكل اآلثار و في الشريعة لآلجري و في المعجم اَلوسط و المعجم الصغير
و المعجم الكبير للطبراني و في شرح مذاهب السنة َلبن شاهين و في سنن
الدارقطني و في المستدرك على الصحيحين و في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و
الجماعة وفي حلية اَلولياء و في السنن الكبرى للبيهقي و في مناقب علي َلبن
المغازلي و في ترتيب اآلمالي الخميسية للشجري و في شرح السنة للبغوي و في
معجم ابن عساكر و في غيرهم و ذكره مسلم في صحيحه بلفض أذكركم هللا في أهل
بيتي أذكركم هللا في أهل بيتي أذكركم هللا في أهل بيتي .فإذا عرفناهم و تتبعنا
سيرتهم و عرفنا مناقبهم من الكتاب و السنة بعد الفحص في كتب السيرة و التاريخ و
الحديث و التفاسير فال يبقى حينها أي شك في أن خطبة رسول هللا صلى هللا عليه
و آله يوم غدير خم هذه الخطبة المباركة التي خاطب بها رسول هللا صلى هللا عليه
و آله أمته كلها َّل مائة و عشرين ألف من الصحابة فقط الذين كانوا معه هي
صحيحة بل متواترة و حقيقية و وهللا إنها لوحدها حجة على كل المسلمين ابتداءا
من كبار الصحابة و إلى يوم الدين و كيف َّل و قد جاء في مضمونها الكثير من
اَلحاديث التواترة و الصحيحة عند أهل السنة فهي وهللا الجامعة لكل ما تفرق في
صحاح المسلمين .و لقد رويت لنا عن الصادقين الذين أمرنا هللا و رسوله صلى هللا
عليه و آله باتباعهم بقوله سبحانه و تعالى يا أأي ه ِ
آم ُنوا اتهُقوا َّللاأ أو ُك ُ
ونوا أم أع ين أ
ُّها الذ أ
أ أ
ين {التوبة }336/و َّل يجوز التهاون بها و هي مروية من قبل المكلفين ه ِِ
الصادق أ
5
بالتبليغ عن رسول هللا صلى هللا عليه و آله و المكذب بها هالك َّل محالة لقول
رسول هللا صلى هللا عليه و آله في هذه الخطبة المباركة ...و احذروا أن تخالفوه
فتصلوا بنار وقودها الناس و الحجارة أعدت للكافرين معاشر الناس بي و هللا بشر
اَلولون من النبيين و المرسلين و أنا خاتم النبيين و المرسلين و الحجة على جميع
المخلوقين من أهل السماوات و اَلرضين فمن شك في ذلك فقد كفر كفر الجاهلية
اَلولى و من شك في شي ء من قولي هذا فقد شك في كل ما أنزل علي و من شك
في واحد من اَلئمة فقد شك في الكل منهم و الشاك فينا في النار .فهل َّل تبنا و
رجعنا إلى ما أراده هللا لنا و رسوله و اتبعناه في كل ما جاءنا به َّل في البعض منه
اب أوتأكُف ُرو أن ض ال ِكتأ ِفقط فهذا غير مقبول لقول هللا سبحانه و تعالى ...أأفتُؤ ِم ُنو أن ِبأبع ِ
ام ِة ُي أرُّدو أن ِ نكم ِإَّله ِخزٌي ِفي ال أحأي ِاة ُّ
الدنأيا أوأيوأم القأي أ ض أف أما أج أزاء أمن أيف أع ُل أذلِ أك ِم ُ
ِبأبع ٍ
اب أو أما َّللاُ ِب أغ ِاف ٍل أع هما تأع أملُو أن {البقرة .}26/و الكتاب و العترة الطيبة أش ِد الع أذ ِ ِ
إألى أ أ أ
لرسول هللا صلى هللا عليه و آله لم يتركا أي شيء دون أن يبيناه لنا فما علينا إَّل
الرجوع إليهما عند الحاجة.
لكن وهللا لقد رأيت و أن اَلمة التي من شأنها أن تكون خير أمة أخرجت للناس و
منذ رحيل رسول هللا صلى هللا عليه و آله إلى الرفيق اَلعلى انحرفت انحرافا شديدا
و َّل زالت في انحراف رغم كل ما سخر لها اليوم من إمكانات و تقنيات و وسائل لم
يكن السلف الصالح يحلم بها .لذا نرى أن الغرب الحاقد على اْلسالم و أمة اْلسالم
و على محمد و أمة محمد استعمل كل ما في وسعه لضرب هذه اَلمة بعضها
ببعض و استغل بطريقة ذكية إختالفها و شتت شملها و جعلها من أضعف اَلمم
على هذه البسيطة .و استعمرهم و نهب خيراتهم و هجرهم و جعلهم يقتتلون فيما
بينهم و فوق كل هذا فإن هذا الكيان الصهيوني الغدة السرطانية التي زرعت في قلب
اَلمة اْلسالمية فلسطين الحبيبة كان نتيجة فكرة الغرب الغاشم و الحاقد على هذه
اَلمة الخيرة في تجميع اليهود في دولة منذ أيام حملة نابليون بونابرت الفرنسي عام
( )3566م حيث دعا يهود آسيا وأفريقيا لالنضمام إلى حملته من أجل بناء مدينة
6
القدس القديمة ،وقد جهند منهم عدداً كبي اًر في جيشه ،إَّله ه
أن هزيمة نابليون واندحاره
بحمد هللا حال دون ذلك .ثم ظهرت و يا لألسف من جديد هذه الفكرة بعد ذلك وبدأ
العديد من زعماء الغرب وكبار اليهود يهتمون بها ،ويؤسسون كثي اًر من الجمعيات
المنادية لهذا اَلمر ،وابتدأ التخطيط الفعلي من إصدار(تيودور هرتزل) الزعيم
الصهيوني عام ( )3269م كتابه (الدولة اليهودية) ،حيث عقد مؤتمر بال في
سويس ار سنة ( )3265م ،وجاء في خطاب افتتاح هذا المؤتمر( :إننا نضع حجر
اَلساس في بناء البيت الذي سوف يؤوي اَلمة اليهودية(.
ثم اقترح برنامجاً يدعو إلى تشجيع القيام بحركة واسعة إلى فلسطين ،والحصول على
اعتراف دولي بشرعيهة التوطين.
وكان من ق اررات ذلك المؤتمر:
إنشاء (المنظمة الصهيونية العالمية) لتحقيق أهداف المؤتمر ،والتي تولت أيضاً
إنشاء جمعيات عديدة علنية ِ
وسرية؛ لتخدم هذا الهدف ،ودرس اليهود حال
المستعمرين ،فوجدوا أن بريطانيا أنسب الدول لهذا اَلمر التي تتفق رغبتها في وضع
هذا السرطان في وسط اَلمة اْلسالمية مو ٍ
ال للغرب ،مع رغبة اليهود في وطن
قومي لهم ،وكانت أكثر البالد العربية تحت سيطرتها ،فدبروا معها المؤامرة ،وأخذوا
بذلك وعداً ’الوعد المشؤوم’من (بلفور) رئيس وزراء بريطانيا ،ثم وزير خارجيتها عام
( )3635م ،أعلن فيه أن بريطانيا تمنح اليهود حق إقامة وطن قومي لهم في
فلسطين ’و بأي حق كان لهذا الملعون الحق في منح اليهود هذا الحق المزعوم؟
وأنها ستسعى جاهدة في تحقيق ذلك.
وكان اليهود قد بدؤوا الهجرة إلى فلسطين في الوقت الذي كانت فيه فلسطين تحت
اَّلنتداب البريطاني ،فاستطاع اليهود بسبب الهجرة و بدعم من هذا الغرب المستبد
الظالم الغاصب من تكوين دولة داخل دولة ،وكانت الحكومة البريطانية تحميهم من
بطش المسلمين ،وتتعامل معهم بكل التسامح ،في الوقت الذي تتعامل فيه مع
7
اَلمة اْلسالمية ،وتضع بذور الفرقة والخالف بين أفرادها ،حتى َّل تقوم لها قائمة .و
هذا ما حصل بالفعل و َّل يزال هذا الوضع قائماً ،واَليام مليئة ،وكل يوم يظهر
الهدف واضحاً ،وتظهر الشخصية اليهودية الحقيقية أكثر وأوضح كما وصفها القرآن
الكريم ،وما لم يفق المسلمون لواقعهم المرير ،وينظروا لمستقبلهم بالعين المستبصرة
بنور هللا ،المهتدية بشرعه الواثقة من نصره ،فإنه لن يتغير الحال ،بل ستزداد
اَلزمات والمصائب على العالم اْلسالمي ،حتى يأذن هللا بأمره وتعود اَلمة إلى ربها
ودينها ،فتكون جديرة بنصر هللا واستعادة مقدساتها.
ونرى أن تجمعهم هذا مقدمة لتحقيق كالم الرسول صلى هللا عليه وآله عنهم بأن
المسلمين يقتلون اليهود .ولعل فلسطين ستكون مقبرتهم ،وهللا غالب على أمره ،ولن
يفلح قوم سجل هللا عليهم غضبه ،ولعنهم وضرب عليهم الذلة والمسكنة ،بل لعلها
مؤذنة بفنائهم والقضاء على بذرتهم الخبيثة ،كما نرى أنهم ما توصلوا إلى ما توصلوا
إليه إَّل بعد أن صار المسلمون في غاية التخلف والضعف والبعد عن الدين الذي به
يتوصلون إلى خير الدنيا واآلخرة.
لكن و هلل الحمد لقد استيقض العالم في يوم السبت السابع من شهر أكتوبر 8281
ووجد أن أبطال المقاومة اْلسالمية قاموا بهجوم مبارك مباغث طوفان اَلقصى على
هذا العدو الذي لطالما استكبر و استعلى و سمى نفسه بالجيش الذي َّل يقهرو بدا
اْلنتصار بحمد هللا و توفيقه واضحا منذ الساعات اَلولى .و بدأت اَلمة تستفيق
شيئا ما من رقدتها و هي اليوم و لو بطريقة غير مناسبة للدور المنوط بها تطالب
بحقوقها كاملة َلن بعض اَلنظمة المتطبعة كانت َّل تطالب إَّل بحوالي 88من
المائة من تراب فلسطين .لكن نريدها أمة قوية كما كان عليه رسول هللا صلى هللا
عليه و آله و اَلئمة عليهم السالم بدءا من علي عليه السالم و إلى المهدي عجل
هللا فرجه الشريف الذي بشرنا به جده سيد الخلق صلى هللا عليه و آله بأنه هو الذي
يظهر في آخر الزمن فيمأل اَلرض عدَّل و قسطا بعدما ملئت ظلما و جو ار .كيف
َّل و هم اسوتنا بعد رسول هللا صلى هللا عليه و آله و َّل بد أخي الكريم من أن
أذكرك ببعض سيرتهم بعجالة منها شجاعة علي عليه السالم و مبارزاته .ففي وقعة
خيبر في مطلع العام السابع للهجرة بعث رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم
9
أبابكر برايته إلى بعض حصون خيبر فقاتل فرجع و لم يك فتح و قد جهد .ثم بعث
في الغد عمر بن الخطاب فقاتل ثم رجع و لم يك فتح و قد جهد و في بعض
الروايات يجبن أصحابه و يجبنونه ,فقال الرسول صلى هللا عليه و آله و سلم
(َلعطين الراية غدا رجال يحب هللا و رسوله و يحبه هللا و رسوله ليس بفرار يفتح هللا
على يديه)أخرجه البخاري و مسلم في صحيحيهما و سعيد بن منصور في سننه و
ابن أبي شيبة في مصنفه و أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة و في مسنده و ابن
ماجة و الترمذي في سننهما و ابن أبي عاصم في سنته و البزار في مسنده و
النسائي في السنن الكبرى و أبو يعلى الموصلي في مسنده و في مسند الشاشي و
معجم بن اَلعرابي و غيرهم من الكتب المعتبرة .فتشرف لها أبو بكر و عمر فلما
كان من الغد دعا عليا فجاءه و هو أرمد فتفل في عينيه و دفع الراية إليه فمضى
لسبيله فخرج إليه مرحب و راح يرتجز:
ثم ضرب علي عليه السالم بسيفه على هامته ضربة وصلت إلى أضراسه فقتله و
فتح هللا الحصن على يديه عليه السالم.و قال رافع مولى رسول هللا خرجنا مع علي
بن أبي طالب رضي هللا عنه حين بعثه رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم برايته
فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه من يده
فتناول علي رضي هللا عنه بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل يقاتل
حتى فتح هللا عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ .فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم
نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه كما في تاريخ الطبري .و في رواية فلم يقلبه
إَّل أربعون رجال .للتذكير لما يقول الراوي فتشرف لها أبو بكر و عمر و في رواية
11
أخرى فتطاوَّل لها ,إن كنا منصفين ,وهللا لم ينسجم تطاولهما لها مع قول رسول هللا
صلى هللا عليه و آله َلعطين الراية رجال يحب هللا و رسوله و يحبه هللا و رسوله,
كرار و ليس فرار ,و قد ف ار فالمفروض يعرفان جيدا أنهما لم يعنيا بقول رسول هللا,
ليس بفرار ,فيتطاول لها من لم يفر فلعل الراوي أراد بها تغطية الحقيقة وهذا معروف
عند أصحاب الحديث كما في قوله فرجع و لم يك فتح أراد التغطية عن الفرار لكن
رسول هللا أكد أنهما قد ف ار بقوله َلعطين الراية رجال ليس بفرار مع أن هللا سبحانه و
تعالى يقول في كتابه و من يولهم يومئذ دبره إَّل متحرفا لقتال أو متحي از إلى فئة فقد
باء بغضب من هللا و مأواه جهنم و بئس المصير {اَلنفال . }39/و قد جاء في
الحديث المذكور في الصحاح و غيرها من الكتب حدثنا عبد العزيز بن عبد هللا قال
حدثني سليمان بن بالل عن ثور بن زيد المدني عن أبي الغيث عن أبي هريرة
رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه و آله قال اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا
رسول هللا و من هن؟ قال الشرك باّلل و السحر و قتل النفس التي حرم هللا إَّل بالحق
و أكل الربا و أكل مال اليتيم و التولي يوم الزحف و قذف المحصنات المؤمنات
الغافالت .للتذكير فإن فرارهما لم يكن للمرة اَلولى بل سبق يوم أحد و قد ذكره أبو
الرفاعي
ُّ بن يز أيد
محمد ُ
ُ قال :حدثنا
طاهر المخلص في المخلصيات حدثنا يحيى أ
الجرمي ،عن ٍ
شهاب بن بن ِ
كليب ِ عاصم ُ قال :حدثنا ٍ ِ
ُّ ُ عياش أ بن
أبوبكر ُ قال :حدثنا
أ
ِ
المنبر فق أر آل ِ
الجمعة على يوم ِ
بن الخطاب رضي هللاُ عنه أ عمر ُ
خطب ُ أ قال:
أبيه أ
يقرأها ،فل هما انتأهى إلى قولِ ِه {إن الذين تولوا منكم
ط أب أأن أأ
يعجب ُه إذا خ أ
ُ وكان
ان ،أ عمر أ
قال :لما كان يوم أحد هزمنا ففررت يوم التقى الجمعان } [آل عمران ]366 :اآلية أ
حتى صعدت الجبل فلقد رأيتني أنزو كأني أروى و الناس يقولون قتل محمد فقلت َّل
أجد أحدا يقول قتل محمد إَّل قتلته حتى اجتمعوا على الجبل فنزلت إن الذين تولوا
منكم يوم التقى الجمعان اآلية كلها .و يخبرنا ربنا سبحانه كذلك أنهم فروا أيضا يوم
حنين فيقول سبحانه و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت
عليكم اَلرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين فأنزل هللا سكينته على رسوله و على
المؤمنين .و يقول هللا سبحانه و تعالى في آية أخرى و لقد كانوا عاهدوا هللا من قبل
َّل يولون اَلدبار و كان عهد هللا مسؤوَّل اَلحزاب .36/تقول الكتب لم يبق معه إَّل
11
تسعة أو ثمانية كلهم من بني هاشم معهم أيمن ابن أم أيمن و قد كانوا إثنا عشر
ألف حسب بعض الروايات أي لم يبق معه إَّل أقل من واحد من الأللف .للتذكير
يقول هللا سبحانه في هذه اآلية ثم أنزل هللا سكينته على رسوله و على المؤمنين فمن
هم إذا المؤمنون؟ بالطبع هم هؤَّلء الذين لم يفروا و بقوا مع رسول هللا صلى هللا
عليه و آله يضحون بأنفسهم من أجله و على رأسهم علي ابن أبي طالب عليه
السالم فلنتعظ و نأخذ الدروس و نعتبر لنكون على السراط السوي بإذن هللا .و كذا
ما روى البيهقي في دَّلئل النبوة يوم تحدى عمرو بن عبد ود المسلمين أن يخرجوا
من يبارزه و نادى عمرو أَّل رجل يبرز؟ فجعل يؤنبهم و يقول أين جنتكم التي
تزعمون أنه من قتل منكم دخلها أَّل تبرزون إلي رجال؟ و راح يرتحز و يقول
و سأل رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم ثالث مرات (من يخرج لمبارزته) و
في كل مرة يقول علي أنا فلم يرد عليه رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم و يعيد
عليهم السؤال فلما كانت المرة الثالثة و لم يجبه أحد إَّل علي أمره بمبارزته و قال
(برز اْليمان كله للشرك كله) فقال علي عندها لعمرو
فبارزه علي و قتله فكانت يومها كذلك نصرة المسلمين بسببه وقال هللا تعالى "و
كفى هللا المومنين القتال" أي بعلي و روي أن ابن مسعود كان يق أر و كفى هللا
المؤمنين القتال بعلي .و قال أيضا "و من يكفر باْليمان فقد حبط عمله و هو في
12
اآلخرة من الخاسرين" أي من يكفر بعلي و إَّل كيف الكفر باْليمان؟ فاْليمان عكس
الكفر فإما أن يؤمن اْلنسان أو يكفر لكن لما قال هللا من يكفر باْليمان أي من يكفر
بمن يتجلى فيه اْليمان و قد قال رسول هللا صلى هللا عليه و آله بأمر من ربه برز
اْليمان كله أي علي .و يروى أن عليا لم يجهز على خصمه إجها از نهائيا إَّل بعد
أن هدأت موجدته الشخصية على عمرو الذي بصق في وجهه لكي َّل يكون عمله
إَّل في سبيل اْلسالم .و قال رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم(ضربة علي يوم
أفي كل يوم فارس غير منته ...و عورته وسط العجاجة بادية
يكف لها عنه علي سنانه ...و يضحك منها في الخالء معاوية
فإذا كان اْليمان كله يتجلى في علي و ضربته يوم الخندق خير من عبادة الثقلين و
من يكفر بعلي يحبط عمله و هو في اآلخرة من الخاسرين فهل بقي هناك أدنى شك
في وَّليته و إمامته عليه السالم؟ و كذا لما قال رسول هللا صلى هللا عله و آله و
سلم لمشركي قريش لما كان يوم الحديبية و قالوا له اردد إلينا أبناءنا و إخواننا و
أرقاءنا (:يا معشر قريش لتنتهن أو ليبعثن هللا عليكم من يضرب رقابكم بالسيف قد
13
امتحن هللا قلوبهم على اْليمان) قالوا من هو يا رسول هللا؟ فقال أبو بكر من هو يا
رسول هللا؟ و قال عمر من هو يا رسول هللا؟ قال(:هو خاصف النعل) و كان قد
أعطى عليا نعله يخصفها كما جاء في مصنف ابن أبي شيبة و فضائل الصحابة و
مسند أحمد و سنن الترمذي و مسند البزار و السنن الكبرى للنسائي و مسند ابن أبي
يعلى و شرح مشكل اآلثار و صحيح بن حبان و معجم اَلوسط و طرق حديث من
كذب علي متعمدا للطبراني و اْلبانة الكبرى و المستدرك على الصحيحين و مناقب
علي للمغازلي و شرح السنة للبغوي و تاريخ أبي زرعة الدمشقي و البداية و النهاية
و في سمط النجوم العوالي في أنباء اَلوائل و في سمى المطالب في سيرة أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب .للعلم في هذا الحديث جاء رسول هللا صلى هللا عليه
و آله بصيغة الجمع فقال قد امتحن هللا قلوبهم و لم يقل قلبه و لما سألوه في ذلك
قال هو خاصف النعل و لكن لم قالها بصيغة الجمع ؟ َلنها تشمل ذريته من بعده
كما هو الحال تماما في قول هللا تعالى (إنما وليكم هللا و رسوله و الذين آمنوا الذين
يقيمون الصالة و يوتون الزكاة و هم راكعون) فهذه حسب الكثير من المفسرين في
حق علي و إنما جاءت بصيغة الجمع َلنها تشمل عليا و ذريته من بعده فهل من
يقاتل على تأويل القرآن َّل يعلم ما في القرآن؟ و هل من الممكن أن يعلم غيره ما
يقاتل هو على تأويله؟ و كذا في رد اَلمانات إلى أصحابها لما أراد صلى هللا عله و
آله و سلم الهجرة إلى المدينة فكلف بها عليا عليه السالم .فكان رسول هللا صلى هللا
عليه و آله و سلم يخصه أمام المأل فالكل يشهد لعلي بذلك و كان يناجيه و إذا
تأملت جيدا في حديث مسلم لعائشة كان يناجيه يوميا بل غدوة و عشيا تقول عائشة
كان لعلي بن أبي طالب مناجات مع رسول هللا غدوة و عشيا فيأتي علي إلى باب
رسول هللا و يأتي رسول هللا إلى باب علي فم رسول هللا عند أذن علي و فم علي
عند أذن رسول هللا فتناجيا ليلة حتى انتصف الليل فقلت من خلف الستار ويل لعلي
بن أبي طالب أخذ حظي و نصيبي فدخل رسول هللا .و العاقل يعي أن هذه لم تكن
نكت يتباد َّلنها حاشى و كال و إنما علم فهذا علم رسول هللا صلى هللا عليه و آله و
سلم الذي قال (علي عيبة علمي) أي موضع علمي و سري .كيف باّلل عليك من
يكن هذا حاله مع رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم و ما سبق ذكره و ما
14
سيأتي بيانه يروي عنه البخاري إثنين و ثالثين حديثا وقال مسلم في مقدمة صحيحه
الجراح بن مليح يقول سمعت جاب ار يقول عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر
الباقر عليه السالم عن النبي صلى هللا عليه و سلم كلها فأين هذه الروايات عن
محمد الباقر عليه السالم يا مسلم يا عالم يا جليل؟ أليس هذا من باب الحسد أوَّل
َلهل البيت؟ ثم أليس هذا كتمان للعلم؟ وهللا َّل يستحيي من الحق .و حتى ابن
عباس الذي أخذ علمه من علي لم يرو عنه البخاري إَّل إثنين و خمسين و مائتين
حديثا و هذا َّل شيء مقارنة بما روي عن غيره .و حتى مسلم لم يرو عنهما إَّل
القليل القليل .ألم يلقيا رجالهما أم رجالهما لم يكونوا أهل ثقة؟ أم لم يعرفا كيف
يتوصالن إليهم؟ و نحن نعلم جيدا أن رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم يقول(َّل
يصحبك إَّل مؤمن و َّل يأكل طعامك إَّل تقي) وقوله صلى هللا عليه و آله و سلم
(المؤمن مع من أحب يوم القيامة) .و َّل يشك أحد أبدا أن رجال علي عليه السالم
و رجال بن عباس لم يكونوا إَّل أتقياء .كما أنه بلغنا وأن السلف كانوا يقطعون
المسافات البعيدة و يتحملون مشقة السفر بال زاد و َّل راحلة من أجل الحديث الواحد
لرسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم فكيف بما كان عند علي عليه السالم و ابن
عباس و قد خص علي بالتبليغ عن رسول هللا؟ بل حتى غير المسلمين يقولون :قل
لي من تصحب أقول لك من أنت.فهذه قاعدة فالفطرة تقتضي إلتقاء الطيب بالطيب.
إذا فالعاقل يعي أن هذا لم يكن إَّل بأمر من الساسة فكفى تست ار على ما حدث و
التاريخ يشهد و الكل يعلم هذا و لكن بإمكان علماءنا مراجعة ما يمكن مراجعته و
تصحيح ما يمكن تصحيحه طبعا َّل أقصد العبث داخل الكتب و تحريفها بالزيادة و
النقصان أو حتى تغيير حرف من حروفها كما َّلحضت بعد مقارنتي بعض النسخ
لبعض بدت لي واضحة التحريفات التي تقوم بها أيدي من يتربصون بهذه اَلمة
الدوائر عليهم دائرة السوء و غضب هللا عليهم و لعنهم و أعد لهم جهنم و إنما أعني
تبيين و توضيح السنة حسب ما ثبتت صحته ووافق الكتاب و قبله العقل المنصف و
الراشد و السليم و العمل على إبعاد السنة من أيدي شيوخ أتباع بني أمية وخوارج
العصر النواصب المعروفين عند الجميع و المدعومين بالبترودوَّلر و جعلها بين
أيدي علماء ربانيين مخلصين هلل و لرسوله و للمؤمنين ممن تتوفر لديهم شروط
15
اْلجتهاد من كل المذاهب ليكونوا مراجع أحياء َّل أموات لهذه اَلمة َّل علماء السلطة
وَّل الباحثين عن المال و الجاه والشهرة والنجومية .ثم َّل بد و أن اذكرك بفاجعة
الحسين سبط رسول هللا صلى هللا عليه و آله إذا أردنا أن نعرف حال اَلمة اليوم
بعدما أصابها من التمزق خاصة بعد ما حدث لسبط رسول هللا صلى هللا عليه و آله
و سلم الحسين عليه السالم ما حدث فإننا نجد أن هللا تعالى و رسوله َّل شك
غاضبين على هذه اَلمة و قد قال ربنا سبحانه و تعالى (و من يحلل عليه غضبي
فقد هوى و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى)طه .28و كيف َّل
و قد قتلوه قتلة لم يقتل بمثلها أحد قتلة نهى رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم
أن يقتل بها الكالب قتلوه بالسيوف بالرماح بالسهام باَلعمدة بالخشب بالحجارة .وقتل
معه الكثير من أهل بيته فحتى الرضيع لم يسلم من القتل .و قتل معه أصحابه و
نعم اَلصحاب فكلهم تمنى أن يقتل ثم يحيى ثم يقتل آَّلف المرات فأثبتوا مودتهم و
محبتهم واتباعهم محمدا و آل بيته ففدوهم بكل ما لديهم و استحقوا بذلك محبوبية
رب العالمين لهم .فقتلوا كلهم عطشى و هو من سقى جيشا بأكمله من اَلعداء لما
كانت المشرعة تحت سيطرته .و قد سبي بنات رسول هللا و ضربوا بالسياط
واقتادوهن مع الصبيان و أهالي أصحاب الحسين مقيدين بالحبال .لقد فعل بخير أهل
بيت وجد على اَلرض ما لم يفعل بأحد .أليس هذا من باب الحسد أوَّل و قبل كل
شيء؟ و قد خطب خطبة لما دنا منه القوم دعا براحلته فركبها ثم نادى بأعلى صوته
أيها الناس اسمعوا قولي و َّل تعجلوني حتى أعظكم بما لحق لكم علي و حتى أعتذر
إليكم من مقدمي عليكم فإن قبلتم عذري و صدقتم قولي و أعطيتموني النصف كنتم
بذلك أسعد و لم يكن لكم علي سبيل و إن لم تقبلوا مني العذر و لم تعطوا النصف
من أنفسكم فأجمعوا أمركم و شركاءكم ثم َّل يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي و
َّل تنظرون إن وليي هللا الذي نزل الكتاب و هو يتولى الصالحين فلما سمع أخواته
كالمه هذا صحن وبكين و بكى بناته فارتفعت أصواتهن فأرسل إليهن أخاه العباس
بن علي و عليا ابنه وقال لهما اسكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن فلما سكتن حمد هللا
و أثنى عليه و ذكر هللا بما هو أهله و صلى على محمد و على مالئكته و أنبيائه
ثم قال :أما بعد فانسبوني فانظروا من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم و عاتبوها فانظروا
16
هل يحل لكم قتلي و انتهاك حرمتي ألست ابن بنت نبيكم و ابن وصيه و ابن عمه
و أول المؤمنين باّلل و المصدق لرسوله بما جاء به من عند هللا أوليس حمزة سيد
الشهداء عم أبي أو ليس جعفر الشهيد ذو الجناحين عمي أو لم يبلغكم قول
مستفيض فيكم أن رسول هللا قال لي و َلخي هذان سيدا شباب أهل الجنة فإن
صدقتموني بما أقول و هو الحق وهللا ما تعمدت كذبا مذ علمت أن هللا يمقت عليه
أهله و يضر به من اختلقه و إن كذبتموني فإن فيكم من إذا سألتموه عن ذلك
أخبركم سلوا جابر بن عبد هللا اَلنصاري أو أبا سعيد الخذري أو سهل بن سعد
الساعدي أو زيد بن أرقم أو أنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من
رسول هللا لي و َلخي أفما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي ثم قال فإن كنتم في
شك من هذا القول أفتشكون أث ار ما أنى ابن بنت نبيكم خاصة أخبروني أتطلبونني
بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته أو بقصاص من جراحة .فأخذوا َّل يكلمونه
فنادى يا شبث بن ربعي و يا حجار بن أبحر و يا قيس بن اَلشعث و يا يزيد بن
الحارث ألم تكتبوا لي أن قد أينعت الثمار و اخضر الجناب و طمت الجمام و إنما
تقدم على جند لك مجند فأقبل قالوا لم نفعل فقال سبحان هللا بلى وهللا لقد فعلتم ثم
قال أيها الناس إذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من اَلرض فقال له
قيس بن اَلشعث أوَّل تنزل على حكم بني عمك فإنهم لن يروك إَّل ما تحب و لن
يصل إليك منهم مكروه فقال له الحسين أنت أخو أخيك أتريد أن يطلبك بنو هاشم
بأكثر من دم مسلم بن عقيل َّل وهللا َّل أعطيهم بيدي إعطاء الذليل و َّل أقر إقرار
العبيد عباد هللا إني عذت بربي و ربكم أن ترجمون أعوذ بربي و ربكم من كل متكبر
َّل يؤمن بيوم الحساب .ثم أناخ راحلته فعقلها عقبة بن سمعان وزحف القوم إليه
وجالت خيولهم ،فدعا بفرس رسول هللا صلى هللا عليه وآله المرتجز وعمامته ودرعه
وسيفه ،فركب الفرس ولبس اآلثار ووقف قبالة القوم ،فاستنصتهم فأبوا عليه ،ثم
تالوموا فنصتوا ،فخطبهم :حمد هللا وأثنى عليه ،واستنشدهم عن نفسه الكريمة وما
قال فيها جده رسول هللا صلى هللا عليه وآله وعن فرس رسول هللا ودرعه وعمامته
وسيفه ،فأجابوه بالتصديق ،فسألهم لم يقتلونه؟ فأجابوه لطاعة أميرهم .فخطبهم ثانيا
وقال " :تبا لكم أيتها الجماعة وترحا ،أحينئذ استصرختمونا والهين فأصرخناكم
17
موجفين سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم ،وحششتم علينا نا ار اقتدحناها على عدونا
وعدوكم؟ فأصبحتم البا َلعدائكم على أوليائكم بغير عدل أفشوه فيكم ،وَّل أمل أصبح
لكم فيهم ،فهال لكم الويالت تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن والرأي لم
يستحصف ،ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدباء وتداعيتم إليها كتهافت الفراش ،فسحقا
لكم يا عبيد اَلمة ،وشذاذ اَلحزاب ،ونبذة الكتاب ،ومحرفي الكلم ،وعصبة اْلثم
ونفثة الشيطان ،ومطفئ السنن ،ويحكم أهؤَّلء تعضدون ،وعنا تتخاذلون؟ أجل وهللا،
غدر فيكم قديم وشجت عليه أصولكم ،وتآزرت عليه فروعكم ،فكنتم أخبث ثمر،
شجى للناظر وأكلة للغاصب ،أَّل وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين
السلة والذلة ،وهيهات منا الذلة ،يأبى هللا لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ،وحجور طابت
وطهرت ،وأنوف حمية ،ونفوس أبية ،من أن نؤثر طاعة اللئام ،على مصارع الكرام،
أَّل وإني زاحف بهذه اَلسرة على قلة العدد وخذَّلن الناصر !ثم أنشد أبيات فروة بن
مسيك المرادي:
ثم قال " :أما وهللا َّل تلبثون بعدها إَّل كريث ما يركب الفرص حتى تدور بكم دور
الرحى ،وتقلق بكم قلق المحور ،عهد عهده إلي أبي عن جدي صلى هللا عليه وآله
فأجمعوا أمركم وشركائكم ثم َّل يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي وَّل تنظرون إني
توكلت على هللا ربي وربكم ما من دابة في اَلرض إَّل هو آخذ بناصيتها إن ربي
على صراط مستقيم اللهم احبس عنهم قطر السماء ،وابعث عليهم سنين كسني
يوسف ،وسلط عليهم غالم ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة فإنهم كذبونا وخذلونا وأنت ربنا
عليك توكلنا وإليك المصير .لما قال عذري(أي حجتي) َّل اْلعتذار فإنه لم يرتكب
أي خطيئة في حقهم حتى يعتذر .قلت هذا َلبين بأن أمة محمد صلى هللا عليه و
آله و سلم كانت يومها في أسوإ حال فكيف لم تنصر ابن رسول هللا و سيد شباب
أهل الجنة وسبط اَلمة و ريحانة رسول هللا و ابن سيدة نساء أهل الجنة وابن بنت أم
18
أبيها وابن أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين و سيد العرب والمسلمين و أخ الحسن
المجتبى .فيا ليتهم تدبروا أحاديث رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم .لكن
أختاروا إمامهم المال و الجاه و السلطان و حطام الدنيا و كسادها فأضلوا الطريق و
سفكوا أقول دم رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم و سبي بناته و أبناؤه كالعبيد
و صفدوا في الحديد و جعل رأس ابنه الحسين على رمح و رأس أبي الفضل العباس
قمر العشيرة و رأس علي اَلكبر شبيه رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم و هو
الذي كان يقول عليه أبوه الحسين كنا إذا اشتقنا إلى رسول هللا نظرنا إلى علي.أهذه
الرؤوس باّلل ,على كل إنسان يعقل َّل أقول كل مسلم ,أن تقطع و تحمل على
الرماح؟ فوهللا إنها َلعظم الجرائم التي وقعت على هذه اَلرض.و َّل زالت إلى اليوم
أمة محمد صلى هللا عليه و آله و سلم لم تنكر صراحة هذه الجرائم الشنيعة في حق
خير أهل بيت وجد على اَلرض على اْلطالق و لعل قول رسول هللا صلى هللا عليه
و آله و سلم ما أوذي نبي مثل ما أوذيت أي أوذي في أهل بيته .و طافوا بهذه
الرؤوس النيرة في البلدان وقاموا بأشياء يندى لها الجبين و َّل من ناصر رغم أمر
رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم بذلك ونداء الحسين عليه السالم أَّلهل من
ناصر ينصرني .فلقد نصره هللا و وهللا إنه لرمز الفداء و التضحية لإلنسانية جمعاء.
فهاهو غاندي محرر الهند يقول لقد تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر.
بينما أمم أخرى تصدر قوانين في حق شعوب مارسوا جرائم ضد اْلنسانية .أما
اَلغلبية من المسلمين فال تذكر الحسين و َّل نهضة الحسين و كأنها تريد أن
تطمسها هي اَلخرى و قد خلدها هللا .أيعقل أن أمة محمد صلى هللا عليه و آله و
سلم في أغلبيتها لم تسمع بنهضة الحسين إَّل بحدوث هذه الفضائيات؟ أليس هو من
خرج في طلب اْلصالح في أمة جده و قد طغى عليها الفساد؟ أليس اَلمة قد بايعت
يومها يزيد بن معاوية بالجبر؟ ألم يكف أمة محمد وأنها لم تنصره و َّل ابنه الحسين
رغم أمره بذلك فراحت تريد التعتيم على نهضة الحسين هذه النهضة الخالدة في
أذهان اَلحرار حتى من غير المسلمين و حتى نهضة حفيده زيد بن علي؟ أليس هذا
ما كانت تتمناه بنو أمية؟ و وهللا إنها لمطاعة حتى اليوم مع أن أحد أئمة أهل بيت
رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم قال خلقنا و بنو أمية أعداء قلنا صدق هللا و
19
قالوا كذب هللا حارب أبو سفيان رسول هللا و حارب معاوية عليا و قتل يزيد حسينا و
يحارب السفياني المهدي .ولكن إنما سميت الشبهة بالشبهة َلنها تشبه الحق كما قال
علي عليه السالم فصدوا الناس عن الحق وأوقعوهم في الشبهات .ثم إن اَلمة
اْلسالمية تفتخر بما لها من تراث هائل في العلوم و المعرفة و خاصة الجانب
الديني منها فالمكتبة اْلسالمية تدل على حضارة عريقة و أصيلة و تدل على أمة
تعتز بدينها و تسبق اَلمم إلى العدل و العدالة .لكن ما الفائدة من إرث كهذا و كلما
أخذ منه شيء و أعلن للناس يقال عنه كذب؟ فهل كل هذا الخير الكثير و الوفير
الذي تحتوي عليه المكتبة اْلسالمية كذب؟ ثم من قال و أنه َّل يجوز البكاء وَّل
الندب بمفهومه العرفي يوم إصدار النص؟ فالبكاء على الحسين من السنة و قد بكى
عليه رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم.و أما الندب فروي أن رسول هللا صلى
هللا عليه و آله و سلم مر ببني عبد اَلشهل وهم يندبون قتالهم يوم أحد فقال ( :لكن
حمزة َّل بواكي له ) كما جاء في مصنف عبد الرزاق و في سنن سعيد بن منصور و
مصنف ابن أبي شيبة و مسند إسحاق بن راهويه و في مسند أحمد و في سنن ابن
ماجة و مسند البزار و مسند أبي يعلى و شرح معاني اآلثار و معجم بن اَلعرابي و
في المعجم الكبير للطبراني و في المستدرك على الصحيحين و السنن الكبرى
للبيهقي و غيرهم .قالت المرأة التي روت:فخرجنا حتى أتينا رسول هللا صلى هللا عليه
و آله و سلم فندبنا حمزة و رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم في البيت حتى
سمعنا نشيجه في البيت .فأرسل إلينا( أن قد أصبتم أو قد أحسنتم) يقول بعض
العلماء إنما قال رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم هذا َلن حمزة كان سيد
الشهداء يومئذ لكنه كان غريبا بالمدينة فندبه رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم
بما قال .و ذكر في المغازي أن سعد بن معاذ لما سمع ذلك من رسول هللا صلى هللا
عليه و آله و سلم جمع نساء قومه و كذلك سعد بن عبادة و كذلك معاذ بن جبل
فجاء كل فريق إلى باب بيت رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم يندبون حمزة
رضي هللا عنه فاستأنس رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم ببكائهم حتى نام .و
من ذلك الوقت جرى الرسم بالمدينة أنه إذا مات منهم ميت يبدئون بالبكاء لحمزة
رضي هللا عنه .و قد عرف الندب وقتها حسب أقوال بعض العلماء بالبكاء مع ذكر
21
المحاسن.و هل الحسين عليه السالم لم يقتل غريبا كما هو الحال بالنسبة لحمزه
عليه السالم؟ أليس هما من طينة واحة؟ فهل َّل يجوز البكاء على الحسين؟ بل ورد
فيما أخرجه أحمد عن الربيع بن المنذر عن أبيه قال كان حسين بن علي رضي هللا
عنهما يقول من دمعت عيناه فينا دمعة أو قطرت قطرة أتاه هللا عز و جل الجنة .و
يفخر الملعون الذي قتله مع القتلة و حز رأسه و هو رجل مدحجي يطلب المال
الوفير من يزيد بن مرجانة الملعون اآلخر يقول:
فقال له يزيد و لم قتلته و أنت تعلم أنه خير الناس أما و أبا؟ قال له من أجل المال
فأمر يزيد أن يضرب عنقه و قال لو أعطي مال من أجل قتلي لقتلني .والحسين هو
من كان بكاؤه يؤذي رسول هللا صلى هللا عليه و آله وسلم وكان يغضب إذا عارضه
أحد في حبه له وَلخيه الحسن فعن أنس بن مالك قال:كتب النبي صلى هللا عليه و
سلم لرجل عهدا فدخل الرجل يسلم على النبي و النبي يصلي فرأى الحسن و الحسين
يركبان مرة على عنقه ويركبان على ظهره مرة و يمران بين يديه و من خلفه فلما فرغ
صلى هللا عليه و سلم من الصالة قال له الرجل ما يقطعان الصالة؟ فغضب النبي
صلى هللا عليه و سلم فقال :ناولني عهدك فأخذه فمزقه ثم قال:من لم يرحم صغيرنا
و لم يوقر كبيرنا فليس منا و َّل أنا منه .أما الشواهد و الخوارق للعادة و الكرامات
في حق الحسين عليه السالم فكانت كثيرة و كثيرة جدا و من بينها نوح الجن عليه
حدث عطاء بن مسلم عن أبي جانب الكلبي قال أتيت كربالء فقلت لرجل من أشراف
العرب بلغني أنكم تسمعون نوح الجن على الحسين قال :ما تلقى ح ار و َّل عبدا إَّل
أخبرك أنه سمع ذلك قلت فما سمعت أنت؟ قال :سمعتهم يقولون :
قال هشام بن الكلبي لما أجري الماء على قبر الحسين انمحى أثر القبر فجاء أعرابي
فتتبعه حتى وقع على أثر القبر فبكى و قال:
و عن ابن سيرين لم تبك السماء على أحد بعد يحيى عليه السالم إَّل على الحسين.
قال عثمان بن أبي شيبة عن عيسى بن الحارث الكندي قال :لما قتل الحسين مكثنا
أياما سبعة إذا صلينا العصر فنظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها
المالحف المعصفرة و نظرنا إلى الكواكب يضرب بعضها بعضا .و عن المدائني
عن علي بن مدرك عن جده اَلسود بن قيس قال:احمرت آفاق السماء بعد قتل
الحسين ستة أشهر ترى كالدم .وقال هشام بن حسان عن محمد قال:تعلم هذه الحمرة
في اَلفق مم؟ هو من يوم قتل الحسين.و عن الفسوي قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال
حدثتنا أم سوق العبدية قالت حدثتني نضرة اَلزدية قالت:لما أن قتل الحسين مطرت
السماء ماء فأصبحت و كل شيء لنا مآلن دما.و عن جعفر بن سليمان الضبعي
قال حدثتني خالتي قالت:مطرنا مط ار كالدم.و عن يحيى بن معين عن يزيد بن أبي
زياد قال قتل الحسين و لي أربع عشرة سنة و صار الورس الذي كان في عسكرهم
رمادا و احمرت رفاق السماء و نحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها
النيران.و عن بن عيينة قال حدثتني جدتي فقالت لقد رأيت الورس عاد رمادا و لقد
رأيت اللحم كأن فيه النار حين قتل الحسين.و عن حماد بن زيد قال حدثني جميل
بن مرة قال أصابوا إبال في عسكر الحسين يوم قتل فطبخوا منها فصارت كالعلقم.
قال عطاء بن مسلم الحلبي قال السدي أتيت كربالء تاج ار فعمل لنا شيخ من طي
طعاما فتعشينا عنده فذكرنا قتل الحسين فقلت ما شارك أحد في قتله إَّل مات ميتة
سوء فقال ما أكذبكم أنا ممن شارك في ذلك فلم نبرح حتى دنا من السراج و هو يتقد
بنفط فذهب يخرج الفتيلة بأصبعه فأخذت النار فيها فذهب يطفئها بريقه فلعقت النار
في لحيته فعدا فألقى نفسه في الماء فرأيته كأنه حممة .حماد بن زيد عن معمر قال
أول ما عرف الزهري أنه تكلم في مجلس الوليد فقال الوليد أيكم يعلم ما فعلت أحجار
بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ فقال الزهري بلغني أنه لم يقلب حجر إَّل وجد تحته
22
دم عبيط.عن سويد بن سعيد أن أم سلمة سمعت نوح الجن على الحسين .عن أبي
اَلحوص قال قال عبد الملك بن عمير كان لنا جليس يتعطر و كانت رائحة القطران
تغلب عليه فقال له بعض القوم يا أبا فالن إنك تتعطر و إن رائحة القطران تغلب
عليك قال أوقد وجدتم شيئا قالوا نعم قال أما إني سأحدثكم كنت فيمن سلب الحسين
بن علي و أصحابه قال فرأيت في المنام كأن الناس و قد حشروا و خرجوا عطاشا
قال و إذا رجل قاعد و حوض يسقى الناس منه و إذا رسول هللا صلى هللا عليه و
سلم فقلت يا رسول هللا اسقني قال اسقه قال الرجل يا رسول هللا إنه من سلب الحسين
فقال إذهب فاسأل الحسين فأسقوه قطرانا فأصبحت و رائحة القطران لتغلب علي.و
قد روي عن كعب اَلحبار آثار في كربالء و قد حكى أبو الجناب الكلبي و غيره أن
أهل كربالء َّليزالون يسمعون نوح الجن على الحسين وهن يقلن:
مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود
أبواه من عليا قري ش و جده خير الجدود
و روى بن عساكر أن طائفة من الناس ذهبوا في غزوة إلى بالد الروم فوجدوا في
كنيسة مكتوبا:
شفاعة جده يوم الحساب أترجو أمة قتلت حسينا
فسألوهم من كتب هذا؟ فقالوا إن هذا مكتوب ههنا من قبل مبعث نبيكم يثالثمائة
سنة .و روي أن الذين قتلوه رجعوا فباتوا و هم يشربون الخمر و الرأس معهم فبرز
لهم قلم من حديد فرسم لهم في الحائط بدم هذا البيت .و قد بكى عليه رسول هللا
صلى هللا عليه و آله و سلم و هو َّليزال رضيعا روى البيهقي عن الحكم و غيره
عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول هللا فقالت يا رسول هللا إني رأيت
حلما منك ار الليلة قال ما هو؟ قالت رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في
حجري قال( رأيت خي ار تلك فاطمة إن شاء هللا تلد غالما فيكون في حجرك) فولدت
23
فاطمة الحسين فكان في حجري كما قال رسول هللا فدخلت يوما على رسول هللا
فوضعته في حجره ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول هللا تهريقان الدموع قالت
قلت يا نبي هللا بأبي أنت و أمي مالك؟ قال( أتاني جبريل عليه السالم فأخبرني أن
أمتي ستقتل ابني هذا )فقلت هذا؟ قال( نعم و أتاني بتربة من تربته حمراء) .ووهللا يا
رسول هللا إن المؤمن الحق ليبكي على مظلوميتكم أهل البيت و أن في قلبه لح اررة
لقتل الحسين خاصة َّل تبرد أبدا .أما وأن هناك من أمتك ,و يا لألسف ,من لم يرد
سماع إسم من أسماء أهل البيت فهذا أيضا موجود .لما أمر يزيد بن معاوية بتجهيز
آل الحسين إلى المدينة المنورة و لما دخلوها تلقتهم إمرأة من بنات عبد المطلب ناشرة
شعرها واضعة كفها على رأسها تبكي و هي تقول:
ماذا فعلتم و أنتم آخر اَلمم ماذا تقولون إن قال النبي لكم
منهم أسارى و قتلى ضرجوا بدم بعترتي و بأهلي بعد مفقدي
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم أن تخلفوني بشر في ذوي رحم
أيحق لنا أن ننسب قتلته إلى أمة محمد صلى هللا عليه و آله و سلم بعد هذا القول
لرسول هللا؟ اللهم ربنا إننا نعود إليك باْلستغفار و إلى حبيبك المصطفى صلى هللا
عليه و آله و سلم بمودتنا آلل بيته الطيبين الطاهرين و اتباع سنته .و لكن تبقى
المسؤوليات منكبة على أصحابها وهم الذين يدعون أنهم شيعته,وهم وهللا غير ذلك,
الذين راسلوه و أعلنوا له بيعتهم المسؤولون على قتله و خداعه و خذَّلنه و الغدر به
عليه السالم والدليل قول علي زين العابين وأم كلثوم بعد مقتله عليه السالم لما قتل
الحسين بن علي عليهما السالم وأدخل النسوة من كربالء إلى الكوفة جعلت نساؤها
يلتدمن ويهتكن الجيوب عليه فرفع على بن الحسين عليهما السالم رأسه وقال بصوت
ضئيل وقد نحل من المرض يا أهل الكوفة إنكم تبكون علينا فمن قتلنا غيركم وأومأت
أم كلثوم بنت علي عليهما السالم إلى الناس أن اسكتوا فلما سكنت اَلنفاس وهدأت
اَلجراس قالت أبدأ بحمد هللا والصالة والسالم على أبيه أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل
الختر والخذل َّل فال رقأت العبرة وَّل هدأت الرنة إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها
من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخال بينكم أَّل وهل فيكم إَّل الصلف والشنف
24
وملق اْلماء وغمز اَلعداء وهل أنتم إَّل كمرعى على دمنة وكفضة على ملحوذة أَّل
ساء ما قدمت أنفسكم أن سخط هللا عليكم وفي العذاب أنتم خالدون أتبكون أي وهللا
فابكوا وإنكم وهللا أحرياء بالبكاء فابكوا كثي ار واضحكوا قليال فلقد فزتم بعارها وشنارها
ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة
وسيد شبان أهل الجنة ومنار محجتكم ومدرة حجتكم ومفرخ نازلتكم فتعسا ونكسا لقد
خاب السعي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من هللا وضربت عليكم الذلة والمسكنة
لقد جئتم شيئا إدا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق اَلرض وتخر الجبال هدا
أتدرون أي كبد لرسول هللا فريتم وأي كريمة له أبرزتم وأي دم له سفكتم لقد جئتم بها
شوهاء خرقاء شرها طالع اَلرض والسماء أفعجبتم أن قطرت السماء دما ولعذاب
اآلخرة أخزى وهم َّل ينصرون فال يستخفنكم المهل فإنه َّل تحفزه المبادرة وَّل يخاف
عليه فوت الثار كال إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد ثم ولت عنهم فظل الناس حيارى
وقد ردوا أيديهم إلى أفواههم وقال شيخ كبير من بني جعفي وقد اخضلت لحيته من
دموع عينيه كهولهم خير الكهول ونسلهم إذا عد نسل َّل يبور وَّل يخزى .و بنو أمية
الذين عاصروه المسؤولون على قتله و جميع اَلمة اْلسالمية في عصره المسؤولون
على عدم نصرته رغم ما علم و أن رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم قال( إن
ابني هذا يقتل بأرض بالع ارق يقال لها كربالء فمن أدركه فلينصره) فهذا أمر صريح
من رسول هللا بنصرة الحسين و مع هذا فلم تنصره اَلمة في ذلك الوقت و لم تنصره
حتى اليوم كما كان الحال في الكثير من أوامره التي لم تنفذ من قبل أمته صلى هللا
عليه و آله و سلم .و هل هذه إَّل معصية هلل و رسوله؟ و ها هي خطبة السيدة
زينب بنت علي عليهما السالم بين يدي يزيد ولما وجه عبيد هللا بن زياد آل الحسين
عليه السالم إلى يزيد بدمشق ومثلوا بين يديه أمر برأس الحسين فأبرز في طست
فجعل ينكت ثناياه بقضيب في يده وهو يقول من أبيات :
فقالت زينب بنت علي عليهما السالم صدق هللا ورسوله يا يزيد ثم كان عاقبة الذين
أساءوا السوءى أن كذبوا بآيات هللا وكانوا بها يستهزئون أظننت يا يزيد أنه حين أخذ
علينا بأطراف اَلرض وأكناف السماء فأصبحنا نساق كما يساق اَلسارى أن بنا هوانا
على هللا وبك عليه كرامة وأن هذا لعظيم خطرك فشمخت بأنفك ونظرت في عطفيك
جذَّلن فرحا حين رأيت الدنيا مستوسقة لك واَلمور متسقة عليك وقد أمهلت ونفست
وهو قول هللا تبارك وتعالى وَّل يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير َلنفسهم إنما
نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين.أمن العدل يا بن الطلقاء تخديرك نساءك
وإماءك وسوقك بنات رسول هللا قد هتكت ستورهن وأصحلت صوتهن مكتئبات تخدي
بهن اَلباعر ويحدو بهن اَلعادي من بلد إلى بلد َّل يراقبن وَّل يؤوين يتشوفهن
القريب والبعيد ليس معهن ولي من رجالهن وكيف يستبطأ في بغضتنا من نظر إلينا
بالشنف والشنآن واْلحن واَلضغان أتقول ليت أشياخي ببدر شهدوا غير متأثم وَّل
مستعظم وأنت تنكت ثنايا أبي عبد هللا بمخصرتك ولم َّل تكون كذلك وقد نكأت
القرحة واستأصلت الشأفة بإهراقك دماء ذرية رسول هللا ونجوم اَلرض من آل عبد
المطلب ولتردن على هللا وشيكا موردهم ولتودن أنك عميت وبكمت وأنك لم تقل
فاستهلوا وأهلوا فرحا اللهم خذ بحقنا وانتقم لنا ممن ظلمنا وهللا ما فريت إَّل في جلدك
وَّل حززت إَّل في لحمك وسترد على رسول هللا برغمك وعترته ولحمته في حظيرة
القدس يوم يجمع هللا شملهم ملمومين من الشعث وهو قول هللا تبارك وتعالى وَّل
تحسبن الذين قتلوا في سبيل هللا أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون وسيعلم من بوأك
ومكنك من رقاب المؤمنين إذا كان الحكم هللا والخصم محمد وجوارحك شاهدة عليك
فبئس للظالمين بدَّل أيكم شر مكانا وأضعف جندا مع أني وهللا يا عدو هللا وابن عدوه
أستصغر قدرك وأستعظم تقريعك غير أن العيون عبرى والصدور حرى وما يجزي
ذلك أو يغني عنا وقد قتل الحسين عليه السالم وحزب الشيطان يقربنا إلى حزب
السفهاء ليعطوهم أموال هللا على انتهاك محارم هللا فهذه اَليدي تنطف من دمائنا
26
وهذه اَلفواه تتحلب من لحومنا وتلك الجثث الزواكى يعتامها عسالن الفلوات فلئن
اتخذتنا مغنما لتتخذن مغرما حين َّل تجد إَّل ما قدمت يداك تستصرخ يا بن مرجانة
ويستصرخ بك وتتعاوى وأتباعك عند الميزان وقد وجدت أفضل زاد زودك معاوية
فتلك ذرية محمد فوهللا ما اتقيت غير هللا و َّل شكواي إَّل إلى هللا فكد كيدك واسع
سعيك وناصب جهدك فوهللا َّل يرحض عنك عار ما أتبت إلينا أبدا والحمد هلل الذي
ختم بالسعادة والمغفرة لسادات شبان الجنان فأوجب لهم الجنة أسأل هللا أن يرفع لهم
الدرجات وأن يوجب لهم المزيد من فضله فإنه ولي قدير.
وروي أن يزيد دعا الخاطب وأمره أن يصعد المنبر ويذم الحسين وأباه ـ عليهما
السالم والمدح
لسالم ـ ،فصعد وبالغ في سب أمير المؤمنين والحسين عليمها ه
اه
السالم ـ « :ويلك أيها الخاطب،
لمعاوية ويزيد فصاح به اْلمام السجاد ـ عليه ه
اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق ،فتبوأ مقعدك من النار» .ثم قال« :أتأذن لي
يا يزيد أن أصعد المنبر فأتكلم بكلمات فيهن ّلل رضا ولهؤَّلء الجلساء أجر» فأبى
يزيد ،فقال الناس ،يا أمير المؤمنين إئذن فليصعد فلعلنا نسمع منه شيئاً ،فقال :إنه
إن صعد لم ينزل إَّلبفضيحتي وبفضيحة آل أبي سفيان .فقيل له :وما قد يحسن
هذا؟ فقال :إنه من أهل بيت زقوا العلم زقاً ،فلم يزالوا به حتى اذن له ،فصعد المنبر،
فحمد َّللا وأثنى عليه ،ثم خطب خطبة أبكى بها العيون وأوجل منها القلوب .ثم قال:
«أيها الناس أُعطينا ستا وفضلنا بسبع ،أعطينا :العلم والحلم والسماحة والفصاحة
والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين .وفضلنا بأن منا النبي المختار محمداً ـ ه
صلى
هللا عليه وآله ه
وسلم ـ ،ومنا الصديق ،ومنا الطيار ومنا أسد َّللا وأسد رسول َّللا ،ومنا
خيرة نساء العالمين ،ومنا سبطا هذه اَلُمة الحسن والحسين.
أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي ،أنا ابن مكة
ومنى ،أنا ابن زمزم والصفا ،أنا ابن من حمل الركن بأطراف الرداء أنا ابن خير من
أتزر وارتدى ،أنا ابن خير من انتعل واحتفى ،أنا ابن خير من طاف وسعى ،أنا ابن
27
من حج ولبى ،أنا ابن من حمل على البراق في الهواء أنا ابن من أُسري به من
المسجد الحرام إلى المسجد اَلقصى ،أنا ابن من بلغ به جبرئيل سدرة المنتهى ،أنا
ابن من دنا فتدلى فكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى ،أنا ابن من صلى بمالئكة
السماء ،أنا ابن من أوحى َّللا الجليل إليه ما أوحى ،أنا ابن محمد المصطفى ،أنا ابن
علي المرتضى ،أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا َّلإله إَّلَّللا .أنا ابن من
ضرب بين يدي رسول َّللا بسيفين وطعن برمحين ،وهاجر الهجرتين وبايع البيعتين،
وقاتل ببدر وحنين ،ولم يكفر باّلل طرفة عين .أنا ابن صالح المؤمنين ووارث النبيين
وقامع الملحدين ويعسوب المسلمين ونور المجاهدين وزين العابدين وتاج البكائين
وأمير الصابرين وأفضل العالمين وأفضل القائمين من آل طه وياسين .أنا ابن المؤيد
بجبرئيل ،المنصور بميكائيل .أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين ،و قاتل الناكثين
والقاسطين والمارقين والمجاهد أعداءه الناصبين ،وأفضل من مشى من قريش
أجمعين ،وأول من استجاب ّلل ولرسوله من المؤمنين ،وأول السابقين وقاصم
المعتدين ومبيد المشركين ،وسهم مرامي َّللا على المنافقين ،ولسان حكمة العابدين،
وناصر دين َّللا وولي أمر َّللا وبستان حكمة َّللا وعيبة علمه .ثم قال :أنا ابن فاطمة
الزهراء ،أنا ابن سيدة النساء .»...فلم يزل اْلمام يعرف نفسه ويقدمها ،ويعرف في
الواقع أصل اْلمامة والرسالة حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب واَلنين وخاف يزيد
أن تكون فتنة ،فأمرالمؤذن ،فقالَّ :للا أكبر َّللا أكبر .فقال اْلمامَّ «:للا أكبر من كل
شيء ،فلما قال :أشهد أن محمداً رسول َّللا التفت اْلمام إلى يزيد وقال :محمد هذا
جدي أم جدك يا يزيد؟ فإن زعمت انه جدك فقد كذبت وكفرت ،وإن زعمت انه جدي
فلِ أم قتلت عترته؟».
وكتب عماد الدين الطبري من علماء القرن السابع الهجري في كتاب كامل بهائي
عند نهاية خطبة السجاد... :قال اْلمام السجاد« :يا يزيد هذا الرسول العزيز الكريم
28
جدي أم جدك؟ فإن زعمت انه جدك فقد كذبت ويعلم الناس ذلك ،وإن زعمت انه
جدي فلم قتلت أبي بال ذنب ونهبت ماله وأسرت نساءه».
للتذكير فمعظم بني أمية كانوا يرون في قتل آل بيت رسول هللا صلى هللا عليه و آله
و سلم إنتقام لقتلى بدر منهم فكما قال يزيد
جزع الخزرج من وقع اَلسل ليت أشياخي ببدر شهدوا
إلى آخره قال يوما ما عبد الرحمن بن أم الحكم و كان قد اجتمع معاوية و أصحابه
و كلهم يقول َّلبن عباس مقالته :هلل درك ابن ملجم فقد بلغ اَلمل وأمن الوجل و أحد
الشفرة و أَّلن المهرة و أدرك الثأر و نفى العار و فاز بالمنزلة العليا و رقى الدرجة
القصوى .فأجابه ابن عباس أما وهللا لقد كرع كأس حتفه بيده و عجل هللا إلى النار
بروحه و لو أبدي َلمير المؤمنين صفحته لخالطه الفحل القظم و السيف الخذم و
َللعقه صبابا و سقاه سماما و ألحقه بالوليد و عتبة و حنظلة فكلهم كان أشد منه
شكيمة .فلقد قال علي عليه السالم أن بني أمية لم يسلموا لما أسلموا و إنما استسلموا
فهذا وهللا هو واقعهم .و علماء اَلمة عامة المسؤولون على عدم إنصافه و يأثم وهللا
و أي إثم كل من سمع بقضية الحسين و رضي بها من اَلمة اْلسالمية كلها إلى
يوم الدين .بل أقول كل من سمع بقضية الحسين و لم ينصح بنصرته من اَلمة
يتحمل مسؤولية عدم النصح هاته .فكلنا مسؤول أمام قضية الحسين.اللهم وفقنا للقول
بالحق و العمل بالحق واجعلنا مع الحق واجعل الحق معنا.آمين يا رب العالمين.
وليسأل الناس أنفسهم أين يقف رسول هللا صلى هللا عليه وآله و سلم إن كان حيا مع
أهل بيته المظلومين المعذبين المسجونين المقتولين المصلوبين وأتباعهم أم مع
الظلمة الجبابرة المتكبرين في اَلرض القتالين؟ َّل شك وأنه عند اْلجابة على هذا
يكون قد اختار لنفسه موقفا قبل أن يفاجأ يوم الحشر اَلكبر فيجد نفسه و قد اختار
من لم يقل فيهم أتباعهم(إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب هللا من
شيء) إبراهيم 83و َّل ممن يقول فيهم أتباعهم إنا أطعنا سادتنا و كبراءنا فأضلونا
السبيال و َّل ممن يقول فيهم أتباعهم إنا وجدنا آباءنا على أمة و إنا على آثارهم
مقتدون .إَّل أننا نتفهم عذر علماء عصره إذ ليس من شيم كل الناس أن يواجهوا
الظلم بصدور عارية و إَّل فلم كانت نهضة الحسين عليه السالم فريدة و وحيدة من
29
نوعها إذ انتصر الدم على السيف؟ و هذا ما كان يقدر عليه إَّل إمام يهمه المحافظة
على دين هللا بعد رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم و إَّل فاْلمامة إنما هي
جعل من هللا كما هو الشأن بالنبوة يقول سبحانه وتعالى (هللا أعلم حيث يجعل
رساَّلته ( اَلنعام .381و قال( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني
جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال َّل ينال عهدي الظالمين( البقرة 381
فأبطلت هذه اآلية إمامة كل ظالم إلى يوم الدين أي و لو ظلم نفسه أو غيره و لو
لحضة من عمره و أعظم الظلم الشرك .و بمعنى آخر أي من يناله عهد هللا الذي
هو اْلمامة لن يكون إَّل من اصطفى هللا و كان معصوما من قبل هللا .أَّل ترى أن
هللا سبحانه و تعالى قال َّل ينال عهدي الظالمين و لم يقل الظالمون إذا الفاعل هنا
عهد هللا و المفعول به الظالمين نفهم من هذا أن كل من وصل إلى الحكم و ادعى
التقوى وادعى أنه من تنصيب هللا أو ادعي له فهو من الظالمين َلن من يكون من
قبل هللا فهو منصوص عليه في كتاب هللا و سنة رسوله صلى هللا عليه و آله و هلل
الحمد أما لو قال هللا سبحانه َّل ينال عهدي الظالمون يكون المعنى حينئذ أن كل من
وصل إلى الحكم فهو تقي عادل و ليس بظالم أبدا .قد يقول القائل فما معنى قوله
سبحانه و تعالى قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء
و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير{آل
عمران }89/فأقول إن الملك ملكان ملك في منظور هللا سبحانه و تعالى و هو
الرسالة و النبوة و اْلمامة و الوَّلية و قد سماها سبحانه بالملك العظيم بقوله و
آتيناهم ملكا عظيما أي آل إبراهيم أي آل بيت رسول هللا صلى هللا عليه و آله و
الملك في منظور المخلوق هو ما عبرت عنه بلقيس بالفساد إذ قالت إن الملوك إذا
دخلوا قرية أفسدوها و جعلوا أعزة أهلها أذلة و أكد سبحانه و تعالى بأنهم فعال هكذا
بقوله و كذلك يفعلون .فإذا رجعنا إلى معنى قوله سبحانه تؤتي الملك من تشاء أي
إيتاء هذا الملك الخير و العظيم من قبل هللا لمن اصطفى من عباده و اختارهم
لخالفته في أرضه و هم مائة و أربع و عشرون ألف نبي و آخرهم محمد صلى هللا
عليه و آله و عترته الطيبة الطاهرة أما قول تنزع الملك ممن تشاء أي هذا الملك
العقيم الذي إنما اختاره البشر و ينزعه هللا منهم نزعا و َّل كرامة و لو كان هللا
31
سبحانه يقصد نفس الملك لقال تؤتي الملك من تشاء و تنزعه ممن تشاء و لكن هللا
سبحانه يقول و تنزع الملك ممن تشاء أي هذا الملك الظالم البائس َّل ملك هللا أو
خالفته في أرضه إذ لم ينزعها سبحانه و تعالى من أولياءه بل يخلف بعضهم بعضا.
وأما قوله تعز من تشاء فهي قوله سبحانه و هلل العزة و لرسوله و للمؤمنين وأما الذلة
فهي َلعداء هللا و رسوله و المؤمنين و ذلك قوله سبحانه وتعالى إن الذين يحادون
هللا و رسوله أؤَّلئك في اَلذلين {المجادلة .}82/إذا فاْلمامة من عند هللا و غيرها
من عند البشر و هل ينصب هللا على خلقه فرعون و أمثاله؟ أليس هو القائل و
اسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون
{الزخرف .}16/و هذه اْلمامة جعلها هللا لسيدنا إبراهيم عليه السالم بعد أن ابتاله
بذبح ابنه إسماعيل عليه السالم و هذا عند كبر سنه فيقول هللا سبحانه وتعالى على
لسان سيدنا إبراهيم ( الحمد هلل الذي وهب لي على الكبر إسماعيل و إسحاق) إبراهيم
.16و الشاهد على أن اْلبتالء هو بذبح ابنه إسماعيل قوله تعالى (فلما أسلما و تله
للجبين و ناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا
لهوا لبالء المبين وفديناه بذبح عظيم) 325- 321من الصافات .وإذا قال القائل
بأن المقصود هنا باْلمامة إنماهي النبوة فأقول َّل َلن النبوة إنما كانت لسيدنا إبراهيم
في الصغر لقوله تعالى ( قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) اَلنبياء .92و
ضف إلى ذلك هل اْلمامة التي تطلقون على مالك و الشافعي و أبي حنيفة و أحمد
بن حنبل هي النبوة؟ ونالحظ أن اْلمامة إنما جعلها هللا لسيدنا إبراهيم بعد اْلبتالء.
إذا فهي مرتبة عظيمة عند هللا .و هذه اْلمامة ليست كتلك المعني بها الرئاسة و
التي هي من جعل البشر ,و أحبذ أن يقال عنها رئاسة َّل إمامة ,فسيدنا إبراهيم لم
يكن حاكما .فكذلك أهل بيت رسول هللا هم أئمة بنص رسول هللا صلى هللا عليه و
آله و سلم الذي َّل ينطق عن الهوى إن هو إَّل وحي يوحى أي إنما هي جعل من هللا
لهؤَّلء .و يكفينا هنا ذكر دعاء رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم في صباح
زواج علي من فاطمة عليهما السالم حيث رفع رسول هللا صلى هللا عليه و آله و
سلم كفيه وقال (اللهم اجمع شملهما و ألف بين قلبيهما واجعلهما و ذريتهما من ورثة
الجنة و ارزقهما ذرية طيبة مباركة و اجعل في ذريتهما البركة و اجعلهم أئمة يهدون
31
بأمرك إلى طاعتك) و قال هللا تعالى (و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا
)السجدة .81وفي موضع آخر(و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا و أوحينا إليهم فعل
الخيرات وإيقام الصالة و إيتاء الزكاة و كانوا لنا عابدين) اَلنبياء .51هذا في حق
اَلنبياء .لإلشارة لم تكن هذه اْلمامة لكل اَلنبياء بل للمفضلين منهم فقط .ودعاء
رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم مستجاب فهم إذا بفضل هللا ودعاء رسول هللا
أعطوا اْلمامة التي كانت في اَلمم السابقة خاصة بالمفضلين من اَلنبياء و هلل
الحمد و المنة .و لم العجب و قد أخبرنا رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم بأن
هذه اَلمة تحذو حذو اَلمم السابقة حذو القذة بالقذة و النعل بالنعل .فهم إذا أئمة و
إن لم يحكموا فالحكم هوالذي يتشرف بهم َّلهم يتشرفون به .للتذكير كل ما كان من
أنزأل َّللاُ
أرأيتُم هما أ أ
جعل البشر فهو مذموم في القرآن الكريم كقوله سبحانه و تعالى ُقل أ أأ
اما أو أحالأَّلً ُقل آّللُ أ ِأذ أن أل ُكم أأم أعألى َّللاِ تأفتأ ُرو أن ِ ِ ِ ٍق
أل ُكم من رز أف أج أعلتُم من ُه أح أر ً
آم أن ِِ أج أعلتُم ِسأق أاي أة ال أح ِ ِ
اج أوع أم أارأة ال أمسجد ال أح أار ِم أك أمن أ {يونس .}66/و كذلك قوله أ أ
يل َّللاِ َّلأ أيستأُوو أن ِع أند َّللاِ أوَّللاُ َّلأ أيه ِدي الأقوأماآلخ ِر وجاه أد ِفي سِب ِ
أ أأ أ
ِباّللِ واليو ِم ِ
أ أ
ين {التوبة .}36/واَلمثلة كثيرة في القرآن بل حتى من اختار موسى على نبينا ه ِِ
الظالم أ
و آله و عليه السالم من قومه لم يكونوا أهال للمهمة التي اختارها لهم و لو كانوا
من اختيار هللا له لكانوا بدون شك أهال لها.
وَّل أرى إَّل و أن هذه المعركة المباركة طوفان اَلقصى التي أسست لوحدة الساحات
اليوم لجديرة بأن تكون تأسيس لوحدة اَلمة و لنظام عالمي جديد تكون لألمة
اْلسالمية فيه اَلمة اْلسالمية المتحدة بدل اَلمم المتحدة التي ما أتت بخير أبدا
للعرب و للمسلمين أو على اَلقل أمم متحدة لها منظار واحد و مكيال واحد و كل
اَلعضاء فيها متساوون و َّل يتخذ قرار إَّل بمشاورة الجميع .و لهذا اسميت كتابي
هذا بعون هللا و توفيق منه ب طوفان اَلقصى تأسيس لوحدة اَلمة و لنظام عالمي
جديد .و كعادتي َّل أكتب على الهامش و أكتب المراجع مباشرة بعد المتن و َّل
أكتب رقم الجزء و الصفحة َلن المراجع كثيرة و تختلف عن بعضها البعض .و
البحث اليوم أسهل بكثير مما كان عليه فبكتابة كلمة واحدة تأتيك بكل المراجع .اللهم
وفقنا لما تحبه و ترضاه وانصرنا على القوم الكافرين و انصر المقاومة اْلسالمية
32
على هذا الكيان الغاشم و الغاصب و الظالم و حرر اللهم فلسطين و كل شبر من
أراضي العرب و المسلمين من أيدي اليهود و من أسس لهم.
إن الحمد هلل نحمده و نستعينه و نستغفره و نستهديه و نتوب إليه و نتوكل عليه و
نعوذ باّلل من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده هللا فال مضل له و من
يضلل فلن تجد له و ليا مرشدا و أشهد أَّل إله إَّل هللا وحده َّل شريك له و أشهد أن
محمدا عبده و رسوله صلى هللا عليه و آله الطيبين الطاهرين و جعلنا هللا و جميع
المسلمين من المتقين و ألهمنا جميعا العفو والعافية في الدنيا و الدين و نصرنا على
الكفرة و المشركين و جعلنا مع الصادقين و بعد فإن المتتبع للسيرة والتاريخ يجد أن
أمتنا لم تبق متمسكة بما أمرها به هللا و رسوله صلى هللا عليه و آله و لم يبق من
اْلسالم إَّل اْلسم و من القرآن إَّل الرسم .و بهذا البعد عن الدين و عن شرع هللا
تمزقت و تفتت و تضاءلت و ضعفت حتى صارت لعبة في يد الغرب الكافر و
الغاشم و الظالم فاحتل البلدان و قهر الشعوب و اغتصب الخيرات و لم يكتف حتى
زرع فيهم سرطانه هذا الكيان الذي إنما هو إلى زوال بإذن هللا و قد بدأ يتحقق
بفضل هللا و شجاعة و قوة و بسالة هؤَّلء اَلبطال أبطال المقاومة اْلسالمية الذين
إنما أوجدوا في نفوس المؤمنين و حتى في نفوس اَلحرار من غير المسلمين هذا
اَلمل المفقود من زمان بأن تعود لإلسالم و المسلمين كلمته و يعود لدوره القيادي
الذي إنما اختاره له هللا لقوله كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف و
تنهون عن المنكر و تؤمنون باّلل .نحن َّل ندعي هذا كما تدعي اليهود و أنهم شعب
هللا المختار هذه الكذبة التي غرتهم حتى صاروا َّل يولون أي بال في قتل المئات من
اَلطفال و المئات من النساء و المئات من الشيوخ و المدنيين و تدمير و تحطيم
مساكنهم على رؤوسهم أمام كل العالم و لم يحرك أحد ممن يدعون حقوق اْلنسان و
غيرها ساكنا و إنما هذه الحالة عند العدو الغاشم نتيجة الذعر و الرعب الذي أصابه
33
من قبل المقاتلين اَلحرار حتى درجة فقدانه العقل و إصابته بالجنون الذي إنما
يظهر للعالم كله من تصرفاته هاته التي َّل تزيد ْلنتصار المقاومة إَّل تحقيقا و
ثبوتا .وهللا متم نوره و لو كره الكافرون .و هللا غالب على أمره .إن هللا بالغ أمره .و
لينصرن هللا من ينصره إن هللا لقوي عزيز .و هذا وهللا حاصل إن شاء هللا بظهور
َّللاُ
اْلمام المهدي عجل هللا فرجه الشريف وهذا هو قول هللا سبحانه و تعالى أو أع أد ه
ين ِمن ض أكما استأخأل ه ِ ات ألأيستأخلِأفهن ُهم ِفي اَلأر ِ الصالِح ِ ِ آم ُنوا ِم ُ هِ
ف الذ أ أ أ نكم أو أعمُلوا ه أ ين أ الذ أ
ونِني أَّل ِ ِ ِ هِ ِ ِ ِ
ضى أل ُهم أوأل ُيأبدألهن ُهم من أبعد أخوِف ِهم أأمًنا أيع ُب ُد أأقبل ِهم أوأل ُي أمكأن هن أل ُهم د أين ُه ُم الذي ارتأ أ
اسُقو أن {النور }66/و هو الذي يش ِرُكون ِبي أشيًئا ومن أكأفر بعد أذلِك أفأُوألِئك هم الأف ِ
أ ُُ أ أ أ أ أأ أ ُ
يمأل اَلرض عدَّل و قسطا بعدما ملئت ظلما و جو ار كما بشرنا به سيد خلق هللا
أجمعين .و كثي ار ما حثنا القرآن الكريم على القسط و أذكر لك أخي الكريم البعض
أأو أأع ِرض أعن ُهم أوإِن تُع ِرض وك أفاح ُكم أبيأن ُهمآؤ أ أج ُ اعو أن لِل أك ِذ ِب أ هكاُلو أن لِ ُّ
لسح ِت أفِإن أس هم ُ
ِ ِ ِ أفاح ُكم أبيأن ُهم ِبال ِقس ِط
ِإ هن َّللاأ ُيح ُّب ال ُمقسط أ
ين وك أشيًئا أوإِن أح أكم أت ض ُّر أأعن ُهم أفألن أي ُ
{المائدة.}18/
و ربطت معركتنا هذه اليوم و التي سميتها بالمعركة الكبرى أي معركة تحرير
فلسطين كل فلسطين و كل شبر من اَلراضي العربية و اْلسالمية بقرب ظهور
اْلمام المهدي عجل هللا فرجه الشريف َلني متيقن من أن زوال هذا الكيان بدأ و
سيكتمل و تتضح الصورة و تتغير الخريطة و إننا بهذا إن شاء هللا محضرون لدولة
34
العدالة المطلقة على يد هؤَّلء اَلبطال .و تكون إن شاء هللا المفاوضة مع العدو
على تحرير كل فلسطين َّل 88من المائة منها و أنتم اَللعلون و هللا معكم .فيا
أخي الكريم حتى أضعك أمام أحاديث رسول هللا صلى هللا عليه و آله في اْلمام
المهدي هذه البعض منها و َّل يختلف عليها اثنان من المسلمين.
أهل ِ
بيتي ،حتهى يمألأها ِقس ً
طا أن اَلرض ظلما وعدو ًانا ،ثُ هم أليخرج هن رجل ِمن ِ ألتُم أأل ه
ٌ أ ُأ ً ُ
ظلما وعدو ًانا.وعدَّل ،كما ُم ألئت ً
ً
صلى هللا ِ
عليه ه
وسلم بي ه رجل من أه ِل بي ِت الهن ِ ِ
وعالماتهاُ :خروج ٍ الس ِ
اعة ِمن أشر ِ
اط ه
ُ ُ
المهدي اَلرض بالعد ِل ،وهو وسلم ،أيمألُ صلى هللا ِ
عليه ه بي ه اسم الهن ِ ِ
ُّ أ ُ اسمه أ
ويوافق ُ
ظر.
المنت أ
يوم"، وسلم" :لو لم يبق من ُّ ه عليه هصلى هللا ِ الرسول ه ِ
الدنيا إَّل ٌ أ ُ يقول ه ُ الحديث ُ وفي هذا أ
اليوم" ،أي: الدنيا هإَّل يوم و ِ
أي :لو ُف ِرض أن َّل أيبقى من أيها ِم ُّ
"لطو أل هللاُ ذلك أ
احٌد ،ه ٌ
"رجال
"فيه" ،أي :ذلك اليومًِ ، يم ُّد في وقِته حتهى يطول" ،حتهى يبع أث" هللا تعالىِ ،
ُأ أأ أ أ ُ
الراوي" ،من أه ِل وسلم" ،أو"؛ ه
الش ُّك من ه عليه ه صلى هللا ِ بي ه ذري ِ
هة الهن ِ ِمِني" ،أيِ :من ِ
ُ
وسلم" ،يو ِ
اطئُ" ،أي :يو ِاف ُق ويطاِب ُق، صلى هللا ِ
عليه ه بي ه أبيتي" ،أي :من أه ِل بي ِت الهن ِ
ُ ُ
35
عن عبد المؤمن ،عن الحارث بن حصيرة ،عن عمارة بن جوين العبدي ،عن أبي
سعيد الخدري قال :سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وآله يقول على المنبر :إن
المهدي من عترتي من أهل بيتي يخرج في آخر الزمان تنزل له السماء قطرها وتخرج
له اَلرض بذرها فيمأل اَلرض عدَّل وقسطا كما مألها القوم ظلما وجو ار.
غيبة الشيخ الطوسي :محمد بن إسحاق ،عن علي بن العباس ،عن بكار ،عن
مصبح عن قيس ،عن أبي حصين ،عن أبي صالح ،عن أبي هريرة قال :قال رسول
هللا صلى هللا عليه وآله :لو لم يبق من الدنيا إَّل يوم واحد لطول هللا ذلك اليوم حتى
يخرج رجال من أهل بيتي يمأل اَلرض عدَّل وقسطا كما ملئت ظلما وجو ار.
غيبة الشيخ الطوسي :بهذا اَّلسناد ،عن بكار ،عن علي بن قادم ،عن فطر ،عن
عاصم ،عن زر بن حبيش ،عن عبد هللا بن مسعود ،قال :قال رسول هللا صلى هللا
عليه وآله :لو لم يبق من الدنيا إَّل يوم لطول هللا ذلك اليوم حتى يبعث رجال مني
يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يمأل اَلرض عدَّل كما ملئت ظلما.
غيبة الشيخ الطوسي :محمد بن إسحاق ،عن عبد هللا بن العباس ،عن جعفر بن
محمد الزهري عن إسحاق بن منصور ،عن قيس بن الربيع وغيره ،عن عاصم ،عن
زر ،عن عبد هللا بن مسعود قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله َّ:ل يذهب الدنيا
حتى يلي أمتي رجل من أهل بيتي يقال له :المهدي.
غيبة الشيخ الطوسي :جماعة ،عن البزوفري ،عن أحمد بن إدريس ،عن ابن قتيبة
عن الفضل ،عن نصر بن مزاحم ،عن أبي لهيعة ،عن أبي قبيل ،عن عبد هللا بن
عمرو ابن العاص قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله في حديث طويل :فعند
ذلك خروج المهدي وهو رجل من ولد هذا وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب عليه
السالم به يمحق هللا الكذب ويذهب الزمان الكلب ،به يخرج ذل الرق من أعناقكم ثم
قال :أنا أول هذه اَلمة والمهدي أوسطها وعيسى آخرها وبين ذلك تيح اعوج.
بيان :قال الجزري :كلب الدهر على أهله إذا ألح عليهم واشتد وقال:
الفيروزآبادي :تاح له الشئ يتوح تهيأ كتاح يتيح وأتاحه هللا فأتيح والمتيح كمنبر من
يعرض فيما َّل يعنيه أو يقع في الباليا وفرس يعترض في مشيته نشاطا والمتياح
الكثير الحركة العريض انتهى وفيه تكلف واَلظهر أنه تصحيف ما مر في أخبار
37
اللوح وغير ذلك " نتج الهرج " أي نتائج الفساد والجور ولعله تصحيف " :ثبج أعوج "
الثبج :المتوسط بين الخيار والرذال ،واَلعوج :المائل البين العوج والسيئ الخلق ،وقد
يكون " ثبج أعرج " فاَلول هو البوم النائح والثاني الغراب.
غيبة الشيخ الطوسي :محمد بن علي ،عن عثمان بن أحمد ،عن إبراهيم بن عبد
هللا الهاشمي ،عن إبراهيم بن هانئ ،عن نعيم بن حماد ،عن عقبة بن الوليد ،عن
أبي بكر بن أبي مريم ،عن الفضل بن يعقوب ،عن عبد هللا بن جعفر ،عن أبي
المليح عن زياد بن بنان ،عن علي بن نفيل ،عن سعيد بن المسيب ،عن أم
سلمة قالت:
سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وآله يقول :المهدي من عترتي من ولد فاطمة.
غيبة الشيخ الطوسي :جماعة ،عن التلعكبري ،عن أحمد بن علي ،عن محمد بن
علي ،عن عثمان بن أحمد ،عن إبراهيم بن عالء ،عن أبي المليح مثله.
غيبة الشيخ الطوسي :أحمد بن إدريس ،عن ابن قتيبة ،عن الفضل ،عن مصبح،
عن أبي عبد الرحمان ،عمن سمع وهب بن منبه يقول عن ابن عباس في حديث
طويل أنه قال :يا وهب ثم يخرج المهدي قلت :من ولدك؟ قالَّ :ل وهللا ما هو من
ولدي ولكن من ولد علي عليه السالم فطوبى لمن أدرك زمانه ،وبه يفرج هللا عن
اَلمة حتى يمالها قسطا وعدَّل إلى آخر الخبر.
غيبة الشيخ الطوسي :جماعة ،عن التلعكبري ،عن أحمد بن علي ،عن أحمد بن
إدريس عن ابن عيسى ،عن اَلهوازي ،عن الحسين بن علوان ،عن أبي هارون
العبدي عن أبي سعيد الخدري في حديث له طويل اختصرناه قال :قال رسول هللا
صلى هللا عليه وآله لفاطمة :يا بنية إنا أعطينا أهل البيت سبعا لم يعطها أحد قبلنا:
نبينا خير اَلنبياء وهو أبوك ووصينا خير اَلوصياء وهو بعلك وشهيدنا
خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة و منا من له جناحان خضيبان يطير بهما في
الجنة وهو ابن عمك جعفر ومنا سبطا هذه اَلمة وهما ابناك الحسن والحسين ومنا
وهللا الذي َّل إله إَّل هو مهدي هذه اَلمة الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم
ثم ضرب بيده على منكب الحسين عليه السالم فقال :من هذا ثالثا.
38
الغيبة للنعماني :أحمد بن علي )البنديجي ،عن عبد هللا بن موسى العباسي ،عن
موسى ابن سالم ،عن البزنطي ،عن عبد الرحمان( بن الخشاب ،عن أبي عبد هللا
عن آبائه عليهم السالم قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :مثل أهل بيتي مثل
نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم حتى إذا نجم منها طلع فرمقوه باَلعين
وأشرتم إليه باَلصابع أتاه ملك الموت فذهبت به ثم لبثتم في ذلك سبتا من دهركم
واستوت بنو عبد المطلب ولم يدر أي من أي فعند ذلك يبدو نجمكم فاحمدوا هللا
واقبلوه.
الغيبة للنعماني :أحمد بن هوذه ،عن النهاوندي ،عن عبد هللا بن حماد ،عن أبان
ابن عثمان قال :قال أبو عبد هللا عليه السالم :بيننا رسول هللا صلى هللا عليه
وآله ذات يوم بالبقيع فأتاه علي فسلم عليه فقال له رسول هللا صلى هللا عليه وآله :
اجلس فأجلسه عن يمينه ثم جاء جعفر بن أبي طالب فسأل عن رسول هللا صلى هللا
عليه وآله فقيل :هو بالبقيع ،فأتاه فسلم عليه فأجلسه عن يساره ثم جاء العباس فسأل
عنه فقيل هو بالبقيع فأتاه فسلم عليه وأجلسه أمامه.
ثم التفت رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى علي عليه السالم :فقال :أَّل أبشرك أَّل
أخبرك يا علي؟ قال :بلى يا رسول هللا فقال :كان جبرئيل عندي آنفا وخبرني أن
القائم الذي يخرج في آخر الزمان يمأل اَلرض عدَّل كما ملئت ظلما وجو ار من
ذريتك من ولد الحسين عليه السالم فقال علي عليه السالم :يا رسول هللا ما أصابنا
خير قط من هللا إَّل على يديك.
ثم التفت رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال :يا جعفر أَّل أبشرك؟ قال :بلى يا
رسول هللا فقال :كان جبرئيل عندي آنفا فأخبرني أن الذي يدفعها إلى القائم هو من
ذريتك أتدري من هو؟ قالَّ :ل ،قال :ذاك الذي وجهه كالدينار وأسنانه كالمنشار
وسيفه كحريق النار ،يدخل الجبل ذليال ويخرج منه عزي از يكتنفه جبرئيل وميكائيل.
ثم التفت إلى العباس فقال :يا عم النبي أَّل أخبرك بما أخبرني جبرئيل؟ فقال :بلى يا
رسول هللا :قال :قال لي :ويل لذريتك من ولد العباس فقال :يا رسول هللا أفال أجتنب
النساء؟ قال له :قد فرغ هللا مما هو كائن.
الغيبة للنعماني :ابن عقدة ،عن علي بن الحسين ،عن محمد بن علي ،عن ابن
39
بزيع عن عمرو بن يونس ،عن حمزة بن حمران ،عن سالم اَلشل قال :سمعت أبا
جعفر محمد بن علي الباقر عليه السالم يقول :نظر موسى بن عمران عليه
السالم في السفر اَلول بما يعطي قائم آل محمد قال موسى :رب اجعلني قائم آل
محمد فقيل له :إن ذاك من ذرية أحمد ثم نظر في السفر الثاني فوجد فيه مثل ذلك
(فقال مثله فقيل له مثل ذلك) ثم نظر في السفر الثالث فرأى مثله (فقال مثله) فقيل
له مثله.
الكافي :العدة ،عن سهل ،عن محمد بن سليمان ،عن هيثم بن أشيم ،عن معاوية
بن عمار ،عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :خرج النبي صلى هللا عليه وآله ذات
يوم وهو مستبشر يضحك سرو ار فقال له الناس :أضحك هللا سنك يا رسول هللا وزادك
سرو ار فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :إنه ليس من يوم وَّل ليلة إَّل ولي فيهما
تحفة من هللا أَّل وإن ربي أتحفني في يومي هذا بتحفة لم يتحفني بمثلها فيما مضى
إن جبرئيل عليه السالم أتاني فأقرأني من ربي السالم وقال :يا محمد إن هللا عز
وجل اختار من بني هاشم سبعة لم يخلق مثلهم فيمن مضى وَّل يخلق مثلهم فيمن
بقي :أنت يا رسول هللا سيد النبيين وعلي بن أبي طالب وصيك سيد الوصيين،
والحسن والحسين سبطاك سيد اَلسباط ،وحمزة عمك سيد الشهداء ،وجعفر ابن عمك
الطيار في الجنة يطير مع المالئكة حيث يشاء ومنكم القائم يصلي عيسى بن مريم
خلفه إذا أهبطه هللا إلى اَلرض من ذرية علي وفاطمة ومن ولد الحسين عليه
السالم.
37 -كشف الغمة :وقع لي أربعون حديثا جمعها الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد
هللا رحمه هللا في أمر المهدي عليه السالم أوردتها سردا كما أوردها واقتصرت على
ذكر الراوي عن النبي صلى هللا عليه وآله.
اَلول :عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى هللا عليه وآله أنه قال :يكون من أمتي
المهدي إن قصر عمره فسبع سنين وإَّل فثمان وإَّل فتسع يتنعم أمتي في زمانه نعيما
لم يتنعموا مثله قط البر والفاجر يرسل السماء عليهم مد ار ار وَّل تدخر اَلرض شيئا
من نباتها.
الثاني :في ذكر المهدي عليه السالم وأنه من عترة النبي صلى هللا عليه
41
وآله وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى هللا عليه وآله أنه قال :تمال اَلرض
ظلما وجو ار فيقوم رجل من عترتي فيمالها قسطا وعدَّل يملك سبعا أو تسعا.
الثالث :وعنه قال :قال النبي صلى هللا عليه وآله َّ:ل تنقضي الساعة حتى يملك
اَلرض رجل من أهل بيتي يمأل اَلرض عدَّل كما ملئت جو ار يملك سبع سنين.
الرابع :في قوله لفاطمة عليها السالم المهدي من ولدك ،عن الزهري ،عن علي ابن
الحسين ،عن أبيه عليهما السالم أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله قال لفاطمة:
المهدي من ولدك.
الخامس :قوله صلى هللا عليه وآله إن منهما مهدي هذه اَلمة يعني الحسن والحسين
عليهما السالم عن علي بن هالل ،عن أبيه قال :دخلت على رسول هللا صلى هللا
عليه وآله وهو في الحالة التي قبض فيها فإذا فاطمة عند رأسه فبكت حتى ارتفع
صوتها فرفع رسول هللا صلى هللا عليه وآله إليها رأسه فقال :حبيبتي فاطمة ما الذي
يبكيك؟ فقالت :أخشى الضيعة من بعدك ،فقال:
يا حبيبتي أما علمت أن هللا عز وجل اطلع على اَلرض اطالعة فاختار منها أباك
فبعثه برسالته ثم اطلع اطالعة فاختار منها بعلك وأوحى إلي أن أنكحك إياه يا
فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا هللا عز وجل سبع خصال لم يعط أحدا قبلنا وَّل
يعطي أحدا بعدنا :أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على هللا عز وجل وأحب المخلوقين
إلى هللا عز وجل وأنا أبوك ووصيي خير اَلوصياء وأحبهم إلى هللا عز وجل وهو
بعلك وشهيدنا خير الشهداء وأحبهم إلى هللا عز وجل وهو حمزة بن عبد المطلب عم
أبيك وعم بعلك ومنا من له جناحان يطير في الجنة مع المالئكة حيث يشاء وهو
ابن عم أبيك وأخو بعلك ومنا سبطا هذه اَلمة وهما ابناك الحسن والحسين وهما
سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما والذي بعثني بالحق خير منهما.
يا فاطمة والذي بعثني بالحق إن منهما مهدي هذه اَلمة إذا صارت الدنيا هرجا
ومرجا وتظاهرت الفتن وانقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض فال كبير يرحم
صغي ار وَّل صغير يوقر كبي ار فيبعث هللا عند ذلك منهما من يفتح حصون الضاللة
وقلوبا غلفا يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في آخر الزمان ويمال اَلرض
عدَّل كما ملئت جو ار.
41
يا فاطمة َّل تحزني وَّل تبكي فإن هللا عز وجل أرحم بك وأرأف عليك مني وذلك
لمكانك مني وموقعك من قلبي قد زوجك هللا زوجك وهو أعظمهم حسبا وأكرمهم
منصبا وأرحمهم بالرعية وأعدلهم بالسوية وأبصرهم بالقضية وقد سألت ربي عز وجل
أن تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي قال علي عليه السالم :لم تبق فاطمة بعده
إَّل خمسة وسبعين يوما حتى ألحقها هللا به عليه السالم.
السادس :في أن المهدي هو الحسيني وبإسناده عن حذيفة رضي هللا عنه قال:
خطبنا رسول هللا صلى هللا عليه وآله فذكرنا ما هو كائن ثم قال :لو لم يبق من الدنيا
إَّل يوم واحد لطول هللا عز وجل ذلك اليوم حتى يبعث رجال من ولدي اسمه اسمي
فقام سلمان -ره -فقال :يا رسول هللا من أي ولدك هو؟ قال :من ولدي هذا،
وضرب بيده على الحسين عليه السالم.
السابع :في القرية التي يخرج منها المهدي وبإسناده عن عبد هللا بن عمر قال:
قال النبي صلى هللا عليه وآله :يخرج المهدي من قرية يقال لها :كرعة.
الثامن :في صفة وجه المهدي بإسناده عن حذيفة قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه
وآله:
المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري.
التاسع :في صفة لونه وجسمه بإسناده عن حذيفة قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه
وآله:
المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي وجسمه جسم إسرائيلي على خده اَليمن خال
كأنه كوكب دري يمأل اَلرض عدَّل كما ملئت جو ار يرضى في خالفته أهل اَلرض
وأهل السماء والطير في الجو.
العاشر :في صفة جبينه بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول هللا صلى هللا
عليه وآله :المهدي منا أجلى الجبين أقنى اَّلنف الحادي عشر :في صفة أنفه
بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى هللا عليه وآله أنه قال :المهدي منا
أهل البيت رجل من أمتي أشم اَّلنف يمأل اَلرض عدَّل كما ملئت جو ار.
الثاني عشر :في خاله على خده اَليمن وبإسناده عن أبي أمامة الباهلي قال:
قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :بينكم وبين الروم أربع هدن يوم الرابعة على يد
42
رجل من آل هرقل يدوم سبع سنين فقال له رجل من عبد القيس يقال له :المستورد
بن غيالن :يا رسول هللا من إمام الناس يومئذ؟ قال :المهدي عليه السالم من ولدي
ابن أربعين سنة كأن وجهه كوكب دري في خده اَليمن خال أسود عليه عباءتان
قطريتان كأنه من رجال بني إسرائيل يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك.
الثالث عشر :قوله عليه السالم المهدي أفرق الثنايا بإسناده عن عبد الرحمان بن
عوف قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :ليبعثن هللا من عترتي رجال أفرق
الثنايا أجلى الجبهة يمأل اَلرض عدَّل يفيض المال فيضا .الرابع عشر :في
ذكر المهدي عليه السالم وهو إمام صالح بإسناده عن أبي إمامة قال :خطبنا رسول
هللا صلى هللا عليه وآله وذكر الدجال فقال :فتنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير
خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخالص ،فقالت أم شريك :فأين العرب يومئذ يا
رسول هللا؟ قال :هم قليال يومئذ وجلهم ببيت المقدس إمامهم المهدي رجل صالح.
الخامس عشر :في ذكر المهدي عليه السالم وأن هللا يبعثه عيانا للناس بإسناده
عن أبي سعيد الخدري أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله قال :يخرج المهدي في
أمتي يبعثه هللا عيانا للناس يتنعم اَلمة وتعيش الماشية وتخرج اَلرض نباتها ويعطي
المال صحاحا.
السادس عشر :في قوله عليه السالم على رأسه غمامة وبإسناده ،عن عبد هللا بن
عمر قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :يخرج المهدي وعلى رأسه غمامة فيها
مناد ينادي هذا المهدي خليفة هللا فاتبعوه.
السابع عشر :في قوله صلى هللا عليه وآله على رأسه ملك وبإسناده عن عبد هللا بن
عمر قال:
قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي :هذا
المهدي فاتبعوه.
الثامن عشر :في بشارة النبي صلى هللا عليه وآله أمته بالمهدي بإسناده عن أبي
سعيد الخدري قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :أبشركم بالمهدي يبعث في
أمتي على اختالف من الناس وزَّلزل فيمأل اَلرض عدَّل وقسطا كما ملئت ظلما
وجو ار يرضى عنه ساكن السماء وساكن اَلرض يقسم المال صحاحا فقال له رجل:
43
الحادي والثالثون :في ملكه وبإسناده عن أبي هريرة قال :قال رسول هللا صلى هللا
عليه وآله:
لو لم يبق من الدنيا إَّل ليلة لملك فيها رجل من أهل بيتي.
الثاني والثالثون :في خالفته وبإسناده عن ثوبان قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه
وآله:
يقتل عند كنزكم ثالثة كلهم ابن خليفة ثم َّل يصير إلى واحد منهم ثم تجئ الرايات
السود فيقتلونهم قتال لم يقتله قوم ثم يجيئ خليفة هللا المهدي فإذا سمعتم به فأتوه
فبايعوه فإنه خليفة هللا المهدى .الثالث والثالثون :في قوله عليه السالم إذا سمعتم
بالمهدي فأتوه فبايعوه وبإسناده عن ثوبان قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :
تجيئ الرايات السود من قبل المشرق كأن قلوبهم زبر الحديد فمن سمع بهم فليأتهم
فبايعهم ولو حبوا على الثلج.
الرابع والثالثون :في ذكر المهدي وبه يؤلف هللا بين قلوب العباد وبإسناده عن علي
بن أبي طالب عليه السالم قال :قلت :يا رسول هللا صلى هللا عليه وآله أمنا آل
محمد المهدي أم من غيرنا؟ فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله َّ:ل بل منا يختم هللا
به الدين كما فتح بنا ،وبنا ينقذون من الفتن كما أنقذوا من الشرك وبنا يؤلف هللا بين
قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخوانا كما ألف بينهم بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم.
الخامس والثالثون :في قوله عليه السالم َّل خير في العيش بعد المهدي عليه
السالم و بإسناده عن عبد هللا بن مسعود قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :لو
لم يبق من الدنيا إَّل ليلة لطول هللا تلك الليلة حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ
اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يمالها قسطا وعدَّل كما ملئت ظلما وجو ار ويقسم
المال بالسوية ويجعل هللا الغنى في قلوب هذه اَلمة فيملك سبعا أو تسعا َّل خير في
العيش بعد المهدي.
السادس والثالثون :في ذكر المهدي وبيده تفتح القسطنطينية وبإسناده عن أبي
هريرة عن النبي صلى هللا عليه وآله قالَّ :ل تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل
بيتي يفتح القسطنطينية وجبل الديلم ولو لم يبق إَّل يوم واحد لطول هللا ذلك اليوم
حتى يفتحها.
46
السابع والثالثون :في ذكر المهدي وهو يجئ بعد ملوك جبابرة وبإسناده عن قيس بن
جابر ،عن أبيه ،عن جده أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله قال :سيكون بعدي
خلفاء ومن بعد الخلفاء امراء ومن بعد اَلمراء ملوك جبابرة ثم يخرج رجل من أهل
بيتي يمأل اَلرض عدَّل كما ملئت جو ار.
الثامن والثالثون :في قوله عليه السالم منا الذي يصلي عيسى بن مريم عليه
السالم خلفه وبإسناده عن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه
وآله :منا الذي يصلي عيسى ابن مريم عليه السالم خلفه .التاسع والثالثون :وهو
يكلم عيسى بن مريم عليه السالم وبإسناده عن جابر بن عبد هللا قال :قال رسول هللا
صلى هللا عليه وآله :ينزل عيسى بن مريم عليه السالم فيقول أميرهم المهدي:
تعال صل بنا فيقول :أَّل إن بعضكم على بعض امراء تكرمة من هللا عز وجل لهذه
اَلمة.
اَلربعون :في قوله صلى هللا عليه وآله في المهدي عليه السالم وبإسناده يرفعه
إلى محمد بن إبراهيم اَّلمام حدثه أن أبا جعفر المنصور حدثه عن أبيه ،عن جده،
عن عبد هللا بن العباس رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :
لن تهلك أمة أنا في أولها و عيسى بن مريم في آخرها والمهدي في وسطها.
بيان :جسمه جسم إسرائيلي أي مثل بني إس ارئيل في طول القامة وعظم الجثة وقال
الجزري :في صفة المهدي عليه السالم أنه أجلى الجبهة اَلجلى الخفيف شعر ما
بين النزعتين من الصدغين والذي انحسر الشعر عن جبهته وقال الشمم ارتفاع
قصبة اَّلنف واستواء أعالها وإشراف اَلرنبة قليال وقال :فيه إنه عليه السالم كان
متوشحا بثوب قطري هو ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعالم فيها بعض الخشونة
وقيل هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين.
كشف الغمة :ذكر الشيخ أبو عبد هللا عليه السالم محمد بن يوسف بن محمد
الشافعي في كتاب كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب وقال في أوله :إني
جمعت هذا الكتاب وعريته من طرق الشيعة ليكون اَّلحتجاج به آكد فقال:
في المهدي عليه السالم.
47
الباب اَلول في ذكر خروجه في آخر الزمان بإسناده عن زر ،عن عبد هللا قال:
قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله َّ:ل تذهب الدنيا حتى تملك العرب رجل من أهل
بيتي يواطئ اسمه اسمي أخرجه أبو داود في سننه.
وعن علي عن النبي عليه السالم لو لم يبق من الدنيا إَّل يوم لبعث هللا رجال من أهل
بيتي يمالها عدَّل كما ملئت جو ار هكذا أخرجه أبو داود في سننه.
وأخبرنا الحافظ إبراهيم بن محمد اَلزهر الصريفيني بدمشق والحافظ محمد بن عبد
الواحد المقدسي بجامع جبل قاسبون قاَّل :أنبأنا أبو الفتح نصر بن عبد الجامع
ابن عبد الرحمان الفامي بهرات ،أنبأنا محمد بن عبد هللا بن محمود الطائي أنبأنا
عيسى بن شعيب بن إسحاق السجزي أنبأنا أبو الحسن علي بن بشرى السجزي أنبأنا
الحافظ أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم اآلبري في كتاب مناقب
الشافعي ذكر هذا الحديث وقال فيه :وزاد زائدة هذه الزيادة ليست مخصوصة بحديث
زائدة ،عن زر ،عن عبد هللا ،بل رواه غيره أيضا كما مر عليك في هذا الباب وقد
رواه أبو داود في سننه عن فطر وغيره والظاهر أنهم أرادوا أن يحرفوا الحديث
إلى محمد بن عبد هللا المهدى العباسي ولذلك تراهم يقولون في بعض اَلحاديث:
وكنيته أبو عبد هللا في روايته :لو لم يبق من الدنيا إَّل يوم لطول هللا ذلك اليوم
حتى يبعث هللا فيه رجال مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم
أبي يمأل اَلرض قسطا وعدَّل كما ملئت ظلما وجو ار.
قال الكنجي :وقد ذكر الترمذي الحديث في جامعه ولم يذكر " واسم أبيه اسم أبي "
وذكره أبو داود وفي معظم روايات الحفاظ والثقات من نقله اَّلخبار " اسمه اسمي "
فقط والذي روى " واسم أبيه اسم أبي " فهو زائدة وهو يزيد في الحديث و إن صح
فمعناه " واسم أبيه اسم أبي " أي الحسين وكنيته أبو عبد هللا فجعل الكنية اسما كناية
عن أنه من ولد الحسين دون الحسن ويحتمل أن يكون الراوي توهم قوله " ابني "
فصحفه فقال " :أبي " فوجب حمله على هذا جمعا بين الروايات.
قال علي بن عيسى عفا هللا عنه :أما أصحابنا الشيعة فال يصححون هذا الحديث
لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه عليه السالم وأما الجمهور فقد نقلوا أن زائدة كان
يزيد في اَلحاديث فوجب المصير إلى أنه من زيادته ليكون جمعا بين اَلقوال
48
والروايات.
الباب الثاني في قوله صلى هللا عليه وآله المهدي من عترتي من ولد فاطمة عن
سعيد بن المسيب قال :كنا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي فقالت :سمعت رسول هللا
صلى هللا عليه وآله يقول :المهدي من عترتي من ولد فاطمة أخرجه ابن ماجة في
سننه وعنه عنها رضي هللا عنهما قال :سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وآله يقول:
المهدي من عترتي من ولد فاطمة عليها السالم أخرجه الحافظ أبو داود في سننه
وعن علي عليه السالم قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله:
المهدي منا أهل البيت عليهم السالم يصلحه هللا في ليلة.
وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بالء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق
ومعهم رايات سود فيسألون الخير وَّل يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا
وَّل يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيمالها قسطا وعدَّل كما ملؤوها
جو ار فمن أدرك ذلكم منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج.
وروى ابن أعثم الكوفي في كتاب الفتوح عن أمير المؤمنين عليه السالم أنه قال:
ويحا للطالقان فإن هللا عز وجل بها كنو از ليست من ذهب وَّل فضة ولكن بها رجال
مؤمنون عرفوا هللا حق معرفته وهم أيضا أنصار المهدي في آخر الزمان.
الباب السادس في مقدار ملكه بعد ظهوره عليه السالم عن أبي سعيد الخدري قال:
خشينا أن يكون بعد نبينا حدث فسألنا نبي هللا صلى هللا عليه وآله فقال :إن في أمتي
المهدي يخرج يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا زيد الشاك.
قال :قلنا وما ذاك؟ قال :سنين .قال :فيجئ إليه الرجل فيقول :يا مهدي أعطني قال:
فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله قال الحافظ الترمذي :حديث حسن وقد روي
من غير وجه أبي سعيد عن النبي صلى هللا عليه وآله وعن أبي سعيد أن النبي
صلى هللا عليه وآله قال :يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإَّل فتسع يتنعم فيه
أمتي نعمة لم يتنعموا مثلها قط تؤتي اَلرض اكلها وَّل تدخر منهم شيئا والمال يومئذ
كدوس يقوم الرجل فيقول :يا مهدي أعطني فيقول :خذ.
وعن أم سلمة زوج النبي صلى هللا عليه وآله قال :يكون اختالف عند موت خليفة
فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو
كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث إليه بعث الشام فتنخسف بهم البيداء
بين مكة والمدينة فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه
ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم و ذلك بعث
كلب والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة رسول هللا
صلى هللا عليه وآله ويلقى اَّلسالم بجرانه إلى اَلرض فيلبث سبع سنين ثم يتوفى
ويصلي عليه المسلمون.
قال أبو داود :قال بعضهم عن هشام :تسع سنين قال أبو داود :قال غير معاذ عن
هشام :تسع سنين قال :هذا سياق الحفاظ كالترمذي وابن ماجة القزويني و أبي داود.
51
الباب السابع في بيان أنه يصلي بعيسى بن مريم عليه السالم أبو هريرة قال:
قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟
قال:
هذا حديث حسن صحيح متفق على صحته من حديث محمد بن شهاب الزهري رواه
البخاري ومسلم في صحيحيهما .وعن جابر بن عبد هللا قال :سمعت رسول هللا صلى
هللا عليه وآله يقولَّ :ل تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم
القيامة قال:
فينزل عيسى بن مريم عليه السالم فيقول أميرهم :تعال صل بنا فيقول :أَّل إن
بعضكم على بعض امراء تكرمة هللا لهذه اَلمة.
قال :هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه فإن كان الحديث المتقدم قد
أول فهذا َّل يمكن تأويله َلنه صريح فان عيسى عليه السالم يقدم أمير المسلمين
وهو يومئذ المهدي عليه السالم فعلى هذا بطل تأويل من قال :معنى قوله و إمامكم
منكم ،أي يؤمكم بكتابكم.
قال :فان سأل سائل وقال :مع صحة هذه اَلخبار وهي أن عيسى يصلي
خلف المهدي عليه السالم ويجاهد بين يديه وأنه يقتل الدجال بين يدي المهدي عليه
السالم ورتبة التقدم في الصالة معروفة وكذلك رتبة التقدم في الجهاد وهذه اَلخبار
مما يثبت طرقها وصحتها عند السنة وكذلك ترويها الشيعة على السواء وهذا هو
اَّلجماع من كافة أهل اَّلسالم إذ من عدا الشيعة والسنة من الفرق فقوله ساقط
مردود وحشو مطرح فثبت أن هذا إجماع كافة أهل اَّلسالم ومع ثبوت اَّلجماع على
ذلك وصحته فأيما أفضل اَّلمام أو المأموم في الصالة والجهاد معا.
الجواب عن ذلك أن نقول :هما قدوتان نبي وإمام وإن كان أحدهما قدوة لصاحبه في
حال اجتماعهما وهو اَّلمام يكون قدوة للنبي في تلك الحال وليس فيهما من يأخذه
في هللا لومة َّلئم وهما أيضا معصومان من ارتكاب القبايح كافة و المداهنة
والرياء والنفاق وَّل يدعو الداعي َلحدهما إلى فعل ما يكون خارجا عن حكم الشريعة
وَّل مخالفا لمراد هللا ورسوله صلى هللا عليه وآله.
وإذا كان اَّلمر كذلك فاَّلمام أفضل من المأموم لموضع ورود الشريعة المحمدية
51
بذلك بدليل قول النبي صلى هللا عليه وآله :يؤم بالقوم أقرؤهم فان استووا فأعلمهم فان
استووا فأفقههم فان استووا فأقدمهم هجرة فان استووا فأصبحهم وجها فلو علم
اْلمام أن عيسى أفضل منه لما جاز له أن يتقدم عليه َّلحكامه علم الشريعة
ولموضع تنزيه هللا تعالى له عن ارتكاب كل مكروه وكذلك لو علم عيسى أنه أفضل
منه لما جاز له أن يقتدي به لموضع تنزيه هللا له من الرياء والنفاق والمحاباة بل لما
تحقق اَّلمام أنه أعلم منه جاز له أن يتقدم عليه وكذلك قد تحقق عيسى أن اَّلمام
أعلم منه فلذلك قدمه وصلى خلفه ،ولوَّل ذلك لم يسعه اَّلقتداء باَّلمام فهذه درجة
الفضل.
في الصالة.
ثم الجهاد هو بذل النفس بين يدي من يرغب إلى هللا تعالى بذلك ولوَّل ذلك لم يصح
َّلحد جهاد بين يدي رسول هللا صلى هللا عليه وآله وَّل بين يدي غيره والدليل على
صحة ما ذهبنا إليه قول هللا سبحانه وتعالى " إن هللا اشترى من المؤمنين أنفسهم
وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل هللا فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في
التوراة واْلنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من هللا؟ فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و
ذلك هو الفوز العظيم " براءة.338 :
وَّلن اَّلمام نائب الرسول في أمته وَّل يسوغ لعيسى عليه السالم أن يتقدم على
الرسول فكذلك على نائبه.
ومما يؤيد هذا القول ما رواه الحافظ أبو عبد هللا محمد بن يزيد بن ماجة القزويني في
حديث طويل في نزول عيسى عليه السالم فمن ذلك :قالت أم شريك بنت أبي
العكر:
يا رسول هللا فأين العرب يومئذ؟ فقال :هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم قد
تقدم يصلي بهم الصبح إذا نزل بهم عيسى بن مريم عليه السالم فرجع ذلك اَّلمام
ينكص يمشي القهقري ليتقدم عيسى عليه السالم يصلي بالناس فيضع عيسى عليه
السالم يده بين كتفيه ثم يقول له :تقدم.
قال :هذا حديث صحيح ثابت ذكره ابن ماجة في كتابه عن أبي أمامة الباهلي قال:
52
الخير كله الذي قسمه هللا لمحمد وآل محمد فقال لها :يا فاطمة ولعلي عليه
السالم ثمانية أضراس يعني مناقب إيمان باّلل ورسوله وحكمته وزوجته وسبطاه
الحسن والحسين وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر يا فاطمة إنا أهل البيت أعطينا
ست خصال لم يعطها أحد من اَلولين وَّل يدركها أحد من اآلخرين غيرنا نبينا خير
اَلنبياء وهو أبوك ووصينا خير اَلوصياء وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء وهو
حمزة عم أبيك ومنا سبطا هذه اَلمة وهما ابناك ومنا مهدي اَلمة الذي يصلي
عيسى خلفه ثم ضرب على منكب الحسين فقال :من هذا مهدي اَلمة قال :هكذا
أخرجه الدارقطني صاحب الجرح والتعديل.
الباب العاشر في ذكر كرم المهدي عليه السالم وبإسناده عن أبي نضرة قال :كنا
عند جابر بن عبد هللا فقال :يوشك أهل العراق أن َّل يجبى إليهم قفيز وَّل درهم قلنا
من أين ذاك؟ قال :من قبل العجم يمنعون ذاك ثم قال :يوشك أهل الشام أن َّل يجبى
إليهم دينار وَّل مد قلنا :من أين ذاك؟ قال :من قبل الروم ثم سكت هنيهة ثم قال:
قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا َّل
يعده عدا قال :قلت َلبي نضرة وأبي العالء الرياني :إنه عمر بن عبد العزيز؟
قالَّ :ل ،قال :هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه وبإسناده عن أبي
نضرة عن أبي سعيد قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :من خلفائكم خليفة
يحثو المال حثيا َّل يعده عدا قال :هذا حديث ثابت صحيح أخرجه الحافظ مسلم في
صحيحه.
وعن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :أبشركم بالمهدي
يبعث في أمتي على اختالف من الناس وزَّلزل يمأل اَلرض قسطا وعدَّل كما ملئت
جو ار وظلما يرضى عنه ساكن السماء وساكن اَلرض يقسم المال صحاحا فقال
رجل:
ما صحاحا؟ قال :بالسوية بين الناس ،ويمال هللا قلوب أمة محمد صلى هللا عليه
وآله غنا ويسعهم عدله حتى يأمر مناديا ينادي يقول :من له في المال حاجة؟ فما
يقوم من الناس إَّل رجل واحد فيقول :أنا .فيقول :ائت السدان يعني الخازن فقل له:
إن المهدي يأمرك أن تعطيني ماَّل فيقول له :احث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه
54
ندم فيقول :كنت أجشع أمة محمد نفسا أعجز عما وسعهم فيرده وَّل يقبل منه فيقال
له :إنا َّل نأخذ شيئا أعطيناه فيكون لذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ثم
َّل خير في العيش بعده أو قال :ثم َّل خير في الحياة بعده .قال :هذا حديث صحيح
حسن ثابت أخرجه شيخ أهل الحديث في مسنده وفي هذا الحديث دَّللة على أن
المجمل في صحيح مسلم هو هذا المبين في مسند أحمد بن حنبل وفقا بين الروايات.
وبإسناده عن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :يكون عند
انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له :المهدي (يكون) عطاؤه هنيئا.
قال:
حديث حسن أخرجه أبو نعيم الحافظ.
الباب الحادي عشر في الرد على من زعم أن المهدي هو المسيح بن مريم وبإسناده
عن علي بن أبي طالب عليه السالم قال :قلت :يا رسول هللا صلى هللا عليه
وآله أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا؟ فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله َّ:ل بل
منا يختم هللا به الدين كما فتح بنا وبنا ينقذون من الفتنة كما أنقذوا من الشرك وبنا
يؤلف هللا بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك وبنا
يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم.
قال :هذا حديث حسن عال رواه الحفاظ في كتبهم فأما الطبراني فقد ذكره في المعجم
اَلوسط وأما أبو نعيم فرواه في حلية اَلولياء وأما عبد الرحمان بن حماد فقد ساقه
في عواليه.
وعن جابر قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :ينزل عيسى بن مريم فيقول
أميرهم المهدي :تعال صل بنا فيقول أَّل إن بعضكم على بعض امراء تكرمة هللا
تعالى هذه اَلمة قال :هذا حديث صحيح حسن رواه الحارث بن أبي أسامة في
مسنده ورواه الحافظ أبو نعيم في عواليه وفي هذه النصوص دَّللة على أن المهدي
غير عيسى.
اعلم أن المحدثين متفقون على صحة حديث خروج المهدي فقد صرح الحافظ ابن
حجر بثبوته والحافظ السيوطي بل قال إنه متواتر توات ار معنويا وأكثر اَلئمة الذين
ألفوا في الحديث أو خلق كثير منهم وضعوا ترجمة لخروجه بل أفرد عدة منهم
55
التأليف في أخباره كالحافظ نعيم بن حماد والسيوطي ،وَّل عبرة بطعن أناس ليسوا
من المحدثين في ذلك .فإن عدد من روى حديث المهدي 12نفسا منهم 11
صحابة و 6تابعيون ،ومن جملة ما ورد في المهدي
َّللاِ
ال أخ ِش أينا أأن أي ُكو أن أبع أد أنِبِيأنا أح أد ٌث أف أسأألأنا أنِب هي ه ٍِ ِ
أعن أبي أسعيد ال ُخد ِرِي أق أ
يش أخم ًسا أأو أسب ًعا ِ ِ ِ
ال ِإ هن ِفي أُ همتي ال أمهد هي أيخ ُرُج أيع ُ ِ ه صهلى ه
َّللاُ أعأليه أو أسل أم أفأق أ أ
اك أقال ُقلنا وما أذاك أقال ِسِنين أقال أفي ِج ِ ِ ه ِ
ول أيايء إأليه أر ُج ٌل أفأيُق ُ
أ أ أ ُ أأو تس ًعا أزيٌد الش ُّ أ أ أ أ أ أ
اع أأن أيح ِمأل ُه -رواه ط أال أفأيحِثي أل ُه ِفي ثأوبِ ِه أما استأ أ ِِ ِِ
أمهد ُّي أأعطني أأ عطني أق أ
ِ
ال أي ُكو ُن ِفي أُ همِتي ِ ه صهلى ه أعن أِبي س ِع ٍيد ال ُخد ِرِي أ ه هِ
َّللاُ أعأليه أو أسل أم أق أ أن النب هي أ أ
ط تُؤتأى يه أُ همِتي ِنعم ًة ألم ينعموا ِمثألها أق ُّ صر أفسبع وإِ هَّل أفِتسع أفتنعم ِف ِ ِ ِ ِ
أ أ أُ أ ٌ أ أُ ال أمهد ُّي إن ُق أ أ ٌ أ
ول أيا أمه ِد ُّي الر ُج ُل أفأيُق ُ
وم ه وس أفأيُق ُ
ٍِ
ال أيو أمئذ ُك ُد ٌ
ِ ِ
ُكأل أها أوأَّل تأهدخ ُر من ُهم أشيًئا أوال أم ُ
أُ
ول ُخذ -رواه ابن ماجه ِِ
أأعطني أفأيُق ُ
عن أبي سعيد الخدري -رضي هللا تعالى عنه -قال :قال رسول هللا -صلهى هللا عليه
وسلمَّ :-ل تقوم الساعة حتى تمأل اَلرض ظلما وجو ار وعدوانا ،ثم يخرج من أهل
بيتي من يمألها قسطا وعدَّل كما ملئت ظلما وعدوانا -رواه الحاكم وقال :هذا
حديث صحيح على شرط الشيخين ،ولم يخرجاه وأقره الذهبي
57
َّللاُ أعألي ِه أو أسهل أم َّ :ل تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي
صهلى ه قال رسول ه ِ
َّللا أ أُ ُ
يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يمأل اَلرض قسطا وعدَّل كما ملئت ظلما
وجو ار -رواه ابن حبان
" أما وهللا ليغيبن عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم :ما هلل في آل محمد حاجة
،ثم يقبل كالشهاب الثاقب فيملؤها عدَّل وقسطا كما ملئت جو ار وظلما "
المصادر:
كمال الدين حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي هللا عنه قال حدثنا أبي ،
عن إبراهيم بن هاشم ،عن محمد بن أبي عمير ،عن صفوان بن مهران الجمال ،
قال قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السالم - :
كمال الدين حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي هللا عنه قال :حدثنا عبد هللا
بن جعفر الحميري قال :حدثنا محمد بن أحمد العلوي ،عن أبي غانم الخادم قال :
ولد َلبي محمد عليه السالم ولد فسماه محمدا ،فعرضه على أصحابه يوم الثالث ،
وقال - :
ينابيع المودة كما في كمال الدين بتفاوت يسير ،عن كتاب الغيبة .
و َّل أرى ’و إن لم أوقت’ ان زمنه قريب بإذن هللا و يعم العدل اْللهي المطلق
اَلرض بعدما مألها الغرب الظالم المستبد الغاشم ظلما و جو ار و تنعم البشرية
بالحرية التامة في حدود ما أراده لنا الشرع الحكيم َّل هذه التي تسمى اليوم بالشرعية
الدوليه و هل باّلل عليك يقال لما يسنه الشيطان شرعا؟ فكل هذه القوانين و المواثيق
الدولية اليوم إنما هي من صنع الوَّليات المتحدة و كل الغرب .و َّل يمكن للمسلم
الحق أن يمتثل إَّل لما شرعه هللا و رسوله صلى هللا عليه و آله له َلن كل مسلم
حقيقي لما قال َّل إله إَّل هللا محمد رسول هللا يكون قد قال َّل شرعية إَّل شرع هللا و
رسوله .فكيف نقول باّلل عليك الشرعية الدولية لشرعية الغرب لشرعية أمريكا لشرعية
الشيطان اَلكبر؟
الحمد هلل لقد بدأت معركتنا الكبرى اليوم و التي تتمثل في تحرير فلسطين كل
فلسطين على يد مقاومة شجاعة قوية في إيمانها باّلل و بنصره لها شديدة على العدو
الغاصب َلرضها و القاتل َلبنائها و نسائها و أطفالها و شيوخها المشرد َلهلها و
مهجرهم خارج بالدهم و الناهب لبركاتها و خيراتها .و الحمد هلل من أول يوم لهذه
المعركة المباركة ظهر اْلنتصار لمن كان له أهل و ظهر في الجهة اَلخرى العار و
اْلنهيار .و َّل يزال يتحقق هذا اْلنتصار حتى يبلغ بإذن هللا إنتصار كل اَلمة
اْلسالمية على هذه الهيمنة الظالمة و الطاغية و المستبدة للغرب الذي إنما هو من
أسس ما يسمى باَلمم المتحدة و كل هذه المنظمات التي يدعى لها أنها إنسانية و
حقوقية لكن إنما أرادوا بهذه فقط أن تكون خادمة لهم َّل لغيرهم .فالحمد هلل تستطيع
اَلمة اليوم بهذا اْلنتصار المبارك أن تخرج من تحت سيطرة هذا الغرب المعادي
لكل ما جاءت به الديانات السماوية َّل سيما اْلسالم .هذا اْلسالم الذي إنما ينزعج
59
الغرب بمجرد تسميته أمامهم .و تستطيع اَلمة المحمدية أن تكون بالفعل متوحدة كما
توحدت الساحات اليوم في محور المقاومة و برهنت على أن هذا من أمة خير خلق
هللا أجمعين ممكن .و تستطيع أن تكون لها عملة واحدة و هي الدينار اْلسالمي
الذي قيمته عند كل المسلمين 1.86غ من الذهب أو على اَلقل يكون الدينار هو
المرجع لمختلف العمالت فيخرجون من اَلزمات التي يتخبطون فيها اليوم و َّل
يتحاكمون إلى الطاغوت الذي هو الغرب و قد أمروا أن يكفروا به .و كيف تكون
هذه الورقة الخض ارء اْلمريكية التي َّل تساوي شيءا أفضل من الذهب؟ أيعقل هذا
أخي الكريم؟ و يكون المعتدي على جهة واحدة من المسلمين عرضة لضرباتهم
أجمعين .و َّل تتعجب أخي الكريم أن هذا ممكن فعال فإن الكثير من الشعوب
اْلسالمية و غير اْلسالمية كانت تحت اْلستعمار الغاشم لهذا الغرب الذي ما فتئ
يبيد شعوبا بأسرها و طردتها من بلدانها خاسئة مخزية مهينة و التاريخ يشهد على
ذلك .كما أنه في حقيقة اَلمر إنما بدأ بالثورة اْلسالمية المجيدة اْلمام الخميني
رحمه هللا و انتصر على الظلم و الظالم و أسس الجمهورية اْلسالمية اْليرانية و
أصبح بعد الثورة هو المرشد اَلعلي للثورة اْلسالمية عام 3656و بقي لفترة
( )3626-3656التي شهدت اْلطاحة بالملكية البهلوية ومحمد رضا بهلوي ،الشاه
اَلخير في إيران والذي سبقه الشاه رضا بهلوي وهذا المنصب تم إنشاؤه في دستور
الجمهورية اْلسالمية اْليرانية كأعلى سلطة سياسية ودينية لألمة .وخلفه علي
خامنئي في 1حزيران/يونيو .3626و منذ ان أسس الجمهورية اْلسالمية جعل
معها اليوم العالمي للقدس فجعل القضية الفلسطينية قضية كل المسلمين في مشارق
اَلرض و مغاربها .و ما انفكت الجمهورية اْلسالمية أن تدعم القضية الفلسطينية
بكل ما استطاعت إليه سبيال و َّل تزال تحث على الجهاد و المقاومة و الصبر و
الثبات .وكان الخميني مرجعا دينيا في الشيعة اْلثني عشرية
وهو مجتهد أو فقيه خبير في الشريعة اْلسالمية ومؤلف أكثر من 12كتابا ،لكنه
معروف في المقام اَلول َلنشطته السياسية .أمضى أكثر من 36عاما في المنفى
لمعارضته للشاه اَلخير .و في كتاباته ووعظه وسع نظرية وَّلية الفقيه ،لتشمل الحكم
السياسي الثيوقراطي من قبل الفقهاء اْلسالميين .هذا اَلصل وإن لم يكن معروفا
61
للجمهور اَلوسع قبل الثورة أُل أحق بالدستور اْليراني الجديد بعد طرحه لالستفتاء .
سمته مجلة التايم اَلمريكية برجل العام في سنة 1979.كان الخميني معروفا بتأييده
لمحتجزي الرهائن خالل أزمة رهائن إيران ،وفتواه الداعية إلى قتل الروائي الهندي
البريطاني سلمان رشدي لعنه هللا واْلشارة إلى الوَّليات المتحدة بأنها« الشيطان
اَلكبر وقد تعرض الخميني لعدة محاوَّلت لقتله .و تفتخر اَلمة بكم أن كنتم المثال
اَلعلى لقيم و مبادئ اْلسالم المحمدي اَلصيل الذي إنما نأخذه من سيرة آل بيته
الطيبين الطاهرين و على رأسهم علي عليه السالم الذي إنما كان هذا من كالمه
عليه السالم يوم الجمل قال اْلمام :عباد هللا ،اتقوا هللا ،وغضوا اَلبصار واخفضوا
اَلصوات ،وأقلوا الكالم ،ووطئوا أنفسكم على المنازلة والمجادلة والمبارزة والمناضلة
والمبادلة والمعانقة والمكادمة والمالزمة فاثبتوا .واذكروا هللا كثي ار لعلكم تفلحون .وَّل
تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم .واصبروا إن هللا مع الصابرين .اللهم ألهمهم الصبر
وأنزل عليهم النصر وأعظم لهم اَلجر الطبري ثم نادي مناديهَّ :ل يتبع مدبر .وَّل
يذفف على جريح ،وَّل يقتل أسير ومن أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سالحه فهو
آمن رواه ابن أبي شيبة والبيهقي (كنز العمال) .ثم نادي المناديَّ :ل تبدأوا القوم
بالقتال وكلموهم بألطف الكالم .فإن هذا مقام من فلج فيه فلج يوم القيامة.
وذكر الشيخ الطبرسي في « اَّلحتجاج » أن أمير المؤمنين عليه السالم لما دخل
البصرة ،وفرغ من معركة الجمل ،قال بعض أصحابه :إن علياً َّليقسم الفيء فينا
بالسوية ،وَّل يعدل في الرعية ،وغير ذلك من المسائل التي أجاب عنها أمير
المؤمنين عليه السالم في خطبة خطبها؛ وهذه الخطبة مروية عن أيحيي بن عبد هللا
بن الحسن ،عن أبيه :عبدهللا بن الحسن قال :لما دخل أمير المؤمنين عليه السالم
البصرة ،خطب هذه الخطبة بعد دخوله بأيام .فقام إليه رجل وقال :يا أمير المؤمنين!
السنة ؟
ومن أهل ُّ
ومن أهل البدعة ؟ أ
ومن أهل الفرقة ؟ أ
أخبرني أمن أهل الجماعة ؟! أ
قال أمير المؤمنين عليه السالم في جوابه :وي أح أك! أما إذا سألتني ،فافهم عني؛ وَّل
عليك أن تسال عنها أحداً بعدي!
61
أما أهل الجماعة ،فأنا ومن اتبعني ،وإن قلوا .وذلك الحق عن أمر هللا تعإلی ،وعن
أمر رسوله! وأما أهل الفرقة ،فهم المخالفون لي ولمن اتبعني ،وإن كثروا .أما أهل
السنة ،فهم المتمسكون بما سنه هللا لهم ورسوله ،وإن قلوا .وأما أهل البدعة
فالمخالفون َّلمر هللا ولكتابه ولرسوله ،العاملون برأيهم وأهوائهم ،وإن كثروا .وقد
مضي منهم الفوج اَّلول وبقيت أفواج؛ وعلی هللا قبضها ،واستيصالها عن ُج أد ِد
اَّلرض.
فقام إليه عماربن ياسر ،فقال :يا أمير المؤمنين! إن الناس يذكرون الفيء ،ويزعمون
أن من قاتلنا ( أصحاب الجمل ) فهو وماله وولده فيء لنا.
فقام إليه رجل من بكر بن وائل ،ويدعي عبهاد بن قيس ،وكان ذا عارضة ولسان
َّلعدلت في الرعية!
أ قسمت بالسوية! و
أ شديد ،فقال :يا أمير المؤمنين! وهللا ما
قال أمير المؤمنين عليه السالم :أيُّها الناس! من كانت به جراحة فليداوها بالسمن!
فقال عباد بن أقيس :جئنا نطلب غنائمنا ،فجاءنا بالتُّهرأهات ( الهراء الذي ليس له
معني ).
فقال له أمير المؤمنين عليه السالم :إن كنت كاذباً فال أماتك هللا حتي يدركك غالم
ثقيف! قيل :ومن غالم ثقيف ؟! قال :رجل َّليدع ّلل حرمة إَّل انتهكها.
ين بموت فاحش يحترق منه دبره لكثرة ما يجري الجب ِ ِ
هار أ فقال اْلمام :يقصمه أقاص ُم أ
من بطنه.
علمت أ نا َّلنأخذ
أ ثم قال عليه السالم :يا أخا بكر! أنت امرؤ ضعيف الرأي! أ أأو ما
الصغير بذنب الكبير ؟! وأن اَّلموال كانت لهم قبل الفرقة؛ وتزوجوا علی رشدة،
62
وولدوا علی فطرة! وإنما لكم ما حوي عسكركم ،وما كان في دورهم فهو ميراث .فإن
عدا أحد منهم أخذناه بذنبه؛ وإن كف عنا لم نحمل عليه ذنب غيره.
يا أخا بكر! لقد حكمت فيهم بحكم رسول هللا صلي هللا عليه وآله في أهل مكة،
فقسم ما حوي العسكر ،ولم يتعرض لما سوي ذلك .وإنما اتبعت أثره أحذو الهنع ِل
ِبالهنع ِل.
اس! إنكم وهللا لو اتبعتموه وأطعتموه لنيضل بكم عن منهل فقام عباد ،فقال :أيها الهن ُ
نبيكم حتي قيد شعرة! وكيف َّليكون ذلك ،وقد استودعه رسولهللا صليهللا عليه وآله
طاب علی منهاج هارون وقال له :أأن أت ِمِني الخ أوسلم علم المأنايا والأقضايا وأفصل ِ
أ أ أ أ أ أ أ
وسي ،إَّله أ هن ُه َّلأأنِبي أبع ِدي! فضالً خصه هللا به ،وإكراماً منه ِ ِ ِِ
ب أمنزألة أه ُارو أن من ُم أ
لنبيه حيث أعطاه ما لميعط أحداً من خلقه.
ثم قال أمير المؤمنين عليه السالم :انظروا رحمكم هللا ماتؤمرون ،فامضوا له!
فإن العالم أعلم بما يأتي به من الجاهل الخسيس اَّلخس .فإني حاملكم إن شاء هللا
إن أطعتموني علی سبيل النجاة ،وإن كانت فيه مشقة شديدة ،وم اررة عديدة .والدنيا
حلوة الحالوة لمن اغتر بها من الشقاوة والندامة عما قليل!
ومما روي عن اْلمام علي (ع) في فضل أهل البيت (ع) (( :هم عيش العلم وموت
الجهل ,يخبركم حلمهم عن علمهم ,وصمتهم عن حكم منطقهم َّ ,ل يخالفون الحق
وَّل يختلفون فيه ,وهم دعائم اْلسالم ,و وَّلئج اَّلعتصام ,بهم عاد الحق إلى
63
نصابه ,وانزاح الباطل عن مقامه ,وانقطع لسانه من منبته ,عقلوا الدين عقل وعاية
ورعاية َّ ,ل عقل سماع ورواية ,فان رواة العلم كثير ,ورعاته قليل ))
وأورد العالمة الحليَّ (( :لشك أن النسب والقرب من رسول هللا (ص) مزية وفضيلة
على غيرهم ولهذا شرفهم هللا تعالى بسهم ذي القربى وقال تعالى(:وأ ِ
أنذر أع ِش أيرتأ أك أ
ِ ه
ين) ,وقال تعالى ( أوإِهن ُه ألذكٌر ل أك أولِأقو ِم أك أو أسو أ
ف تُس أُلو أن) ,وحرم عليهم اَلأق أربِ أ
الصدقات تشريفاً وتعظيماً ,وكل من كان من الرسول (ص) أقرب كان أرفع ,وقال
أمير المؤمنين(ع) :نحن أهل بيت َّل يقاس بنا أحد)) .و عنه عليه السالم َّل يقاس
بآل محمد صلى هللا عليه و آله من هذه اَلمة أحد و َّل يسوى بهم من جرت
نعمتهم عليه أبدا هم أساس الدين و عماد اليقين إليهم يفيء الغالي و بهم يلحق
التالي و لهم خصائص الوَّلية و فيهم الوصية و الوارثة اآلن إذ رجع الحق إلى أهله
و نقل إلى منتقله .و عن عكرمة عن بن عباس أن عليا عليه السالم كان يقول في
حياة رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم أن هللا عز و جل يقول(أفئن مات أو
قتل انقلبتم على أعقابكم) آل عمران .311و هللا لن ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا
هللا وهللا لئن مات أو قتل َلقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت وهللا إني َلخوه و
وليه و بن عمه ووارثه فمن أحق به مني.
و قال رسول هللا صلى هللا عليه و آله إنا أهل بيت َّل يقاس بنا أحد المروي في
ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى و في سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير
العباد و في وسائل الوصول إلى شمائل الرسول صلى هللا عليه و آله عن أنس قال
قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (نحن أهل بيت َّل يقاس بنا أحد) .أخرجه المال.
قام أر ُج ٌل يت َّل ُن ُ ِ ِ عليه السالم :نحن أهل ب ٍ قال لي أعلِ ٌّي ِ
قاس بالناس ،أف أ أ ُ ُ أ الحار ُث :أ
يس الهنِب ُّي صلى هللا عليه و ِ ِِ ابن أعب ٍ
ص أد أق أعل ٌّي ،أأوأل أ
قال :أ
بذل أك ،أف أ أخب أرهُ
اس أفأ أ أفأأتأى أ
حات اُ ِ
ولئ أك ُهم إن هالذين آمنوا وع ِملُوا الصالِ ِ
اس ؟ وأقد أن أزأل في أعلِ ٍي ه
قاس ِبالن ِ
أ أ أ آله َّل ُي ُ
خير الب ِري ِ
هة. أُ أ
وقوله " :نحن أهل البيت َّل يقاس بنا أحد ".
65
ومهمة دائرة النفس هي سوق الناس إلى ربهم .ومن صفات أصحاب هذه الدائرة أنهم
يقفون على أرضية الرسول صلى هللا عليه و آله .أرضية العبد الكريم .قال رسول هللا
صلى هللا عليه وآله " :إن هللا جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبا ار عنيدا " ،وقال" :
إنا بعثت رحمة ولم أبعث عذابا " .معالم الفتن.
وبهذا اَّلسناد قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله لعلي عليه السالم :يا علي ان
هللا تبارك وتعالى خلقني وإياك من نوره اَلعظم ،ثم رش من نورنا على جميع اَلنوار
من بعد خلقه لها ،فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلينا ،ومن أخطأه ذلك النور
ضل عنا ،ثم قرأ{ :ومن لم يجعل هللا له نو اًر فما له من نور} يهتدي إلى نورنا .وروي
مسنداً إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله انه قال :نحن أهل البيت َّل يقاس بنا أحد،
من عادانا عادى هللا ،ومن واَّلنا وائتم بنا وقبل منا ما أوحى هللا إلينا ،وعلمنا هللا
إياه ،وأطاع هللا فينا فقد والى هللا ،ونحن خير البرية ،وولدنا منا ومن أنفسنا ،وشيعتنا
[معنا] ،من آذاهم آذانا ومن أكرمهم أكرمنا ،ومن أكرمنا كان من أهل الجنة .يرفعه
إلى محمد بن زياد قال :سأل ابن مهران عبد هللا بن العباس في تفسير قول هللا{ :وإنا
لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون} .قال :كنا عند رسول هللا صلى هللا عليه وآله
فأقبل علي بن أبي طالب عليه السالم ،فلما رآه النبي صلى هللا عليه وآله تبسم في
وجهه وقال :مرحباً بمن خلقه هللا تعالى قبل أبيه آدم بأربعين ألف عام ،فقلت :يا
رسول هللا أكان اَّلبن قبل اَلب؟ فقال :نعم ،ان هللا تعالى خلقني وخلق علياً قبل أن
يخلق آدم بهذه المدة ،خلق نو اًر فقسمه نصفين ،فخلقني من نصفه وخلق علياً من
النصف اآلخر قبل اَلشياء ،فنورها من نوري ونور علي ثم جعلنا عن يمين العرش،
ثم خلق المالئكة فسبحنا فسبحت المالئكة ،وهللنا فهللت المالئكة ،وكبرنا فكبرت
المالئكة ،وكان ذلك من تعليمي وتعليم علي ،وكان ذلك في علم هللا السابق ان
66
المالئكة تتعلم منا التسبيح والتهليل والتكبير ،وكل شيء سبح هللا وكبره وهلله بتعليمي
وتعليم علي.
وكان في علم هللا السابق أن َّل يدخل النار محب لي ولعلي ،وكذا كان في علمه أن
َّل يدخل الجنة مبغض لي ولعلي ،أَّل وإن هللا عزوجل خلق مالئكة بأيديهم أباريق
اللجين مملوة من ماء الجنة من الفردوس ،فما أحد من شيعة علي إَّل وهو طاهر
الوالدين تقي نقي مؤمن باّلل ،فإذا أراد أبو أحدهم أن يواقع أهله جاء ملك من
المالئكة الذين بأيديهم أباريق الجنة ،فطرح من ذلك الماء في إنائه الذي يشرب به
فيشرب ،وذلك الماء ينبت اَّليمان في قلبه كما ينبت الزرع ،فهم على بينة من ربهم،
ومن نبيهم ،ومن وصيي علي ،ومن ابنتي الزهراء ،ثم الحسن ثم الحسين واَلئمة من
ولد الحسين صلوات هللا عليهم أجمعين .قلت :يا رسول هللا ومن هم؟ قال :أحد عشر
مني أبوهم علي بن أبي طالب ،ثم قال النبي صلى هللا عليه وآله :الحمد هلل الذي
جعل محبة علي واَّليمان سببين.
للتذكير فهذا القول من رسول هللا صلى هللا عليه و آله نهي َلمته أن تقيس به وأهل
بيته غيرهم فال يجوز إذا َلحد يدعي أنه من أمته صلى هللا عليه و آله أن يقيس
بأهل بيته غيرهم مهما كان هذا الغير.
ثم ما وقع في الحرة من قبل يزيد بن معاوية فقد أباحوا حرمة مدينة رسول هللا صلى
هللا عليه و آله و سلم كما ذكر صاحب المنتظم في تاريخ الملوك و اَلمم وأباح
مسلم المدينة ثالثا يقتلون الناس ويأخذون اَلموال ،فأرسلت سعدى بنت عوف المرية
إلى مسلم ،تقول بنت عمك مر أصحابك َّل يعترضوا اْلبل لنا بمكان كذا ،فقالَّ :ل
تبدءوا إَّل بها .وجاءت امرأة إلى مسلم وقالت :أنا موَّلتك وابني في اَلسرى ،فقال:
عجلوه لمكانها ،فضربت عنقه وقال :اعطوها رأسه ،أما ترضين أن َّل تقتلي حتى
تكلمي في ابنك ،ووقعوا على النساء ،وقاتل عبد هللا بن مطيع حتى قتل هو وبنون له
67
سبعة ،وبعث برأسه إلى يزيد .فأفزع ما جرى من كان بالمدينة من الصحابة ،فخرج
أبو سعيد الخدري حتى دخل الجبل ،فدخل عليه رجل بسيف ،فقال :من أنت؟ فقال:
ال: أبو سعيد ،فتركه .أخبرنا محمد بن ناصر ،قال :أخبرنا المبارك ب ُن أعب ِد ال أجب ِ
هار ،أق أ
ال :أأخأب أرأنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أأخأب أرأنا أ ُأبو ال ُح أسي ِن ُم أح همد بن عبد الواحد ،أق أ
شاذان ،قال :أخبرنا أحمد بن محمد بن شيبة البزاز ،قال :أخبرنا أحمد بن الحارث
الخزاز ،قال :حدثنا أبو الحسن المدائني ،عن أبي عبد الرحمن القرشي ،عن خالد
الكندي ،عن عمته أم الهيثم بنت يزيد ،قالت :رأيت امرأة من قريش تطوف ،فعرض
لها أسود ،فعانقته وقبلته ،فقلت :يا أمة هللا ،أتفعلين هذا بهذا اَلسود ،قالت :هو ابني
وقع علي أبوه يوم الحرة ،فولدت هذا .وعن المدائني ،عن أبي قرة ،قال :قال هشام
بن حسان :ولدت ألف امرأة بعد الحرة من غير زوج ،ثم دعى مسلم بالناس إلى
البيعة ليزيد ،وقال :بايعوا على أنكم خول له ،وأموالكم له ،فقال يزيد بن عبد هللا بن
ربيعة :نبايع على كتاب هللا ،فأمر به فضربت عنقه ،وبدأ بعمرو بن عثمان ،فقال:
هذا الخبيث ابن الطيب ،فأمر به فنتفت لحيته .كما ذكره ابن كثير في البداية و
النهاية ثم أباح مسلم بن عقبة الذي يقول فيه السلف مسرف بن عقبة قبحه هللا من
شيخ سوء ما أجهله المدينة ثالثة أيام كما أمره يزيد َّل جزاه هللا خي ار و قتل خلقا من
أشرافها و قرائها و انتهب أمواَّل كثيرة منها و وقع شر عظيم و فساد عريض على ما
ذكره غير واحد .فكان ممن قتل بين يديه صب ار معقل بن سنان و قد كان صديقه قبل
ذلك و لكن أسمعه في يزيد كالما غليظا فنقم عليه بسببه ثم استدعى بعمرو بن
عثمان بن عفان و لم يكن خرج مع بني أمية فقال له إنك إن ظهر أهل المدينة قلت
أنا معكم و إن ظهر أهل الشام قلت أنا ابن أمير المؤمنين ثم أمر به فنتفت لحيته
بين يديه و كان ذا لحية كبيرة قال المدائني و أباح مسلم بن عقبة المدينة ثالثة أيام
يقتلون من وجدوا من الناس و يأخذون اَلموال .فأرسلت سعدى بنت عوف المرية
إلى مسلم بن عقبة تقول له أنا بنت عمك فمر أصحابك أَّل يتعرضوا ْلبلنا بمكان
كذا و كذا فقال َلصحابه َّل تبدؤوا إَّل بأخذ إبلها أوَّل .و جاءت امرأة فقالت أنا
موَّلتك في اَلسارى ابني فقال عجلوه لها فضربت عنقه و قال اعطوها رأسه أما
ترضين أَّل تقتلي حتى تتكلمي في ابنك؟ و وقعوا على النساء حتى قيل إنه حبلت
68
ألف امرأة في تلك اَليام من غير زوج.قال المدائني عن أبي قرة قال قال هشام بن
حسان ولدت ألف امرأة من أهل المدينة بعد وقعة الحرة من غير زوج .و قد اختفى
جماعة من سادات الصحابة منهم جابر بن عبد هللا و خرج أبو سعيد الخذري فلجأ
إلى غار في جبل فلحقه رجل من أهل الشام قال فلما رأيته انتضبت سيفي فقصدني
فلما رآني صمم على قتلي فشممت سيفي ثم قلت إني أريد أن تبوء بإثمي و إثمك
فتكون من أصحاب النار و ذلك جزاء الظالمين فلما رأى ذلك قال من أنت قلت أنا
أبو سعيد الخذري قال صاحب رسول هللا صلى هللا عليه و آله قلت نعم فمضى و
تركني .قال المدائني و و جيء إلى مسلم بسعيد بن المسيب فقال له بايع فقال أبايع
على سيرة أبي بكر و عمر فأمر بضرب عنقه.فشهد رجل أنه مجنون فخلى سبيله و
قال المدائني عن عبد هللا القرشي و أبي إسحاق التميمي قاَّل لما انهزم أهل المدينة
يوم الحرة صاح النساء و الصبيان فقال ابن عمر بعثمان و رب الكعبة قال المدائني
عن شيخ من أهل المدينة قال سألت الزهري كم كان القتلى يوم الحرة؟ قال سبعمائة
من وجوه الناس من المهاجرين و اَلنصار و وجوه الموالي و ممن َّل أعرف من حر
و عبد و غيرهم عشرة آَّلف .ما فعل هذا الخبيث مسلم بن عقبة كان بأمر من يزيد
الملعون و من قبله كان أبوه معاوية بن أبي سفيان قد أمر بسر بن أرطأة الذي قام
هو اآلخر بجرائم و إليك من بينها ما ذكر في تثبيت دَّلئل النبوة وأخرى أن بني
العباس قصدوا ،المسلمين من أهل خراسان ،الذين قد اعتقدوا نبوة محمد صلى هللا
عليه وسلم ،فتدينوا بإقامة شريعته وحد حدوده ،بإنكار من أنكره وبإكرام من أكرمه،
وإجالل من أجله ،وبإهانة من ارتكب الكبائر فشكوا اليهم ما نزل ببني هاشم خاصة
ثم بالمسلمين عامة من بني أمية .وبنو هاشم إذ ذاك كلمة واحدة ،ما اختلفوا وَّل
تباينوا .فكان ولد العباس وولد علي وولد جعفر وولد عقيل وسائر بني هاشم متفقين،
وانما اختلفوا بعد مصير الدولة والملك الى بني العباس أيام أبي جعفر المنصور،
فجرى بينه وبين بني عمه من ولد الحسن ما هو معروف ،فحينئذ اختلفوا ،فذكر بنو
هاشم َلهل خراسان ما صنعه بسر بن أرطاة بعبيد هللا بن العباس بن عبد المطلب،
وأنه قصده وهو عامل أمير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي هللا عنه ،فهرب من
يده ،ووجد له ابنين طفلين فقتلهما وقتل جماعة من أصحابه .وأذكروهم بقتل حجر
69
بن عدي .و فوق كل هذا انتهكوا حرمة بيت هللا الحرام فقذفوا بالمنجنيق الكعبة
المشرفة حتى انتهوا إلى تشريد و تطريد آل البيت في البالد مع حرمانهم أدنى
حقوقهم المشروعة الخمس الذي فرضه لهم رب العزة فكان الفقر و الجهل و العوز
مصيرهم و لنذكر بقول رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم عن أبي هريرة قال :
قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :إذا اتخذ الفيء دوَّل واَلمانة مغنما والزكاة
مغرما وتعلم العلم لغير الدين وأطاع الرجل امرأته وعق أمه وأدنى صديقه وأقصى
أباه وظهرت اَلصوات في المساجد وساد القبيلة فاسدهم وكان زعيم القوم أرذلهم
وأكرم الرجل مخافة شره وظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور ولعن آخر هذه
اَلمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وزلزلة وخسفا ومسخا وقذفا وآيات تتابع
كنظام آللئ قطع سلكه فتتابع رواه الترمذي في سننه و الطب ارني في المعجم اَلوسط
و الكبير و الشجري في ترتيب اَلمالي الخميسية .فهل َّل اتعظنا بكالم خير واعظ ؟
و نرى و يا لألسف أنه حتى اليوم َّل تزال خطط بني أمية تطبق في أغلب بالد
اْلسالم لقد بذلوا ما بذلوا في سبيل تحقيق ذلك فيا ليت ما بذلوا كان في سبيل هللا
ولكن هيهات رغم أنهم حققوا الكثير إَّل أنهم لن يستطيعوا أبدا محو أثر أهل البيت و
َّل من تبعهم و لقد ثبت أن رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم قال(قريش وَّلة
الناس فبرهم تبع لبرهم و فاجرهم تبع لفاجرهم) و ربنا سبحانه و تعالى يقول(إن
اَلبرار لفي نعيم و إن الفجار لفي جحيم) و هذا القول من رسول هللا صلى هللا عليه
و آله و سلم دل على أنه يكون من أمته أئمة الهدى و أتباعهم من المتقين و أئمة
الضاللة و أتباعهم من الفجار ألم يقل هللا سبحانه و تعالى و جعلناهم أئمة يدعون
إلى النارو يوم القيامة َّل ينصرون {القصص }13/و أتبعناهم في هذه الدنيا لعنة و
يوم القيامة هم من المقبوحين {القصص. }18/إذا فليختر كلنا من يتبع و هللا وحده
الموفق و اْلنسان يجلب لنفسه هذا التوفيق بسعيه لقول هللا سبحانه و تعالى و أن
ليس لإلنسان إَّل ما سعى و أن سعيه سوف يرى.
ثم ما جرى من قتل للمسلمين على يد الحجاج بن يوسف و ما فعل العباسيون بعدهم
و المماليك و العثمانيون و إلى اليوم...و هل تختلف هذه اَلفعال عما يفعله اليهود؟
71
و أنتم اليوم يا أبطال المسلمين فخر كل اَلمة المحمدية اَلصيلة ليست اَلمة فقط
تؤيدكم بل اَلمة كلها فلسطين و كلها غزة و كلها محور المقاومة و كلها حماس إنما
هللا يكون في عونها على بعض اَلنظمة التي قهرت شعوبها و أخرتهم عن
اْلستجابة لنداء فلسطين رغم أن الكل يعرف بأن رسول هللا صلى هللا عليه و آله
أمرنا أن ننفر إذا استنفرنا .فعن ابن عباس قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه
وسلم -يوم الفتح ،فتح مكة« َّ:ل هجرة ،ولكن جهاد ونية ،وإذا استُنفرتم فانفروا»،
وقال يوم الفتح ،فتح مكة« :إن هذا البلد حرمه هللا يوم خلق السماوات واَلرض ،فهو
حرام بحرمة هللا إلى يوم القيامة» ، ...وفيه قال العباس :يا رسول هللا إَّل اْلذخر،
فإنه لقينهم ولبيوتهم ،فقال« :إَّل اْلذخر».
والحديث أخرجه مسلم حديث وأخرجه البخاري في "كتاب الجنائز"" ،باب اْلذخر
والحشيش في القبر" تعليًقا ،وأخرجه موصوًَّل في "كتاب الحج"" ،باب فضل الحرم"
وأخرجه أبو داود في "كتاب المناسك"" ،باب تحريم حرم مكة" وأخرجه الترمذي في
"كتاب السير"" ،باب ما جاء في الهجرة وأخرجه النسائي في "كتاب مناسك الحج"،
"باب حرمة مكة.
يوم الفتح أي فتح مكة :اَلظهر أن النبي -صلى هللا عليه وسلم -لم يقل ذلك يوم
فتح مكة ،وإنما هذا من المجاز بدليل الحديث الذي يليه قال(( :الغد من يوم الفتح))،
والذي يليه قال :لما فتح هللا عز وجل على رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -
مكة ،قام في الناس فحمد هللا وأثنى عليه.
قال الطيبي -رحمه هللا " :-الهجرة إما فرار من الكفار ،وإما إلى الجهاد ،وإما نحو
طلب العلم ،وقد انقطعت اَلولى ،فاغتنموا اَلخيرتين"؛ انظر فتح المنعم.
71
وإذا استنفرتم فانفروا :أي إذا دعاكم اْلمام إلى الغزو فاخرجوا ،فالجملة تفسر بقاء
الجهاد.
و من دَّلئل الحديث هذا أنه دال على بقاء شعيرة الجهاد في سبيل هللا وبيان
أهميتها ،فلما أخبر النبي -صلى هللا عليه وآله -أن الهجرة من مكة انقطعت أخبر
بأن اْلنسان يمكنه اَّلستزادة من اَلعمال الصالحة بالجهاد في سبيل هللا ونية الخير.
و هو أيضا دليل على حالة من الحاَّلت التي يكون فيها الجهاد فرض عين ،وهي
استنفار اْلمام للمسلمين بأن يخرجوا للجهاد في سبيل هللا .أفتح هنا أخي قوسين قد
يقول قائل من الذين يبحثون دائما عن الثغرات من هو اْلمام اليوم الذي يستنفر
الناس فأقول له إن محور المقاومة اليوم هو من يستنفر و قد فعل .و هل باّلل عليك
أخي الكريم اْلمام الخميني و اْلمام الخمنائي و السيد حسن نصر هللا و غيرهم من
السادة المراجع و هم كما يعلم الجميع من أبناء رسول هللا صلى هللا عليه و آله و
علي و فاطمة الزهراء عليهما السالم و هم بال شك نواب ْلمام العصر و الزمان
اْلمام المهدي عليه السالم و عجل هللا فرجه الشريف ألم يستنفر هؤَّلء اَلمة؟ و
كذلك كل فصائل المقاومة الفلسطينية و غيرها و هم يديرون محور المقاومة من
أجل كل المسلمين ألم يستنفر هؤَّلء؟ كفاكم تضليل لهذه اَلمة .بل إن لم تقبل بهذا
فاَلخبار كثي ار ما تقول و قد استنجد قوم أو فرد و استجيب لنداءه و تذكرون من
ليس بأهل لها المعتصم و قد نادته فتاة و قلتم قالت وا معتصماه فجيش الجيوش و
هجم على اَلعداء و استنقذها منهم .و هذا المعتصم هو من قتل اْلمام محمد
الجواد عليه السالم .فهم إذا من يستنفروا الناس و قد فعلوا و َّل أرى إَّل أن الواجب
على كل مسلم قادركل على قدر استطاعته و لو بالكلمة الطيبة أن يستجيب للنداء و
هللا الموفق للسداد و للجهاد و للنصر المبين بجاه محمد و آل محمد الطيبين
الطاهرين .و انصح كل مسلم غيور على هذه اَلمة و نحن قد بدأنا هذه المعركة
المباركة أن يكثر من هذا الدعاء المبارك للسجاد عليه السالم دعاء أهل الثغور
ص ِل أعألى ه من ه ِ
الرحيمِ ،الل ُه هم أ أضعه بين يديك أخي الكريم و هو هذا ِبس ِم هللاِ ه
الرح ِ
72
اهم ِمن ين ِب ِع هزِت أك ،وأِأيد ُح أماتأ أها ِبُقهوِت أك ،وأأسِبغ أع أ ِِ مح هم ٍد وآلِ ِهِ ،
ط أاي ُ ور ال ُمسلم أ وحصن ثُ ُغ أ أ ُأ
ِج أدِت أك.
وكِثر ِع هدتأ ُهم ،واش أحذ أأسِل أحتأ ُهم ،واح ُرس أحوأزتأ ُهم ،وامأنع الله هم ص ِل عألى مح هم ٍد ِ ِ ه
وآله ،أ ُ أ أ ُأ
وو ِاتر أبي أن ِمأي ِرِهم ،وتأأو هحد ِب ِكأف أاي ِة ُم أؤِن ِهم، ودبر أأم أرُهم ،أ
حومتأهم ،وأألِف جمعهم ،أ ِ
أ أُ أ أ ُ
طف أل ُهم ِفي ال أمك ِر. الصب ِر ،وال ُأعن ُهم ِب ه واعضدهم ِبالهنص ِر ،وأ ِ
ُ ُ
صرُهم أما وآل ِه ،وع ِرفهم ما يجهُلون ،وعِلمهم ما أَّل يعألمون ،وب ِ الله هم ص ِل عألى مح هم ٍد ِ ه
أ ُ أ أ أ ُ أ أ أ أ أ ُ أ ُ أ أ ُأ
ِ ِ ِ ِ ِ ٍ ِِ الله هم ِ ه ِ
صل أعألى ُم أح همد وآله ،وأأنس ِهم عن أد لأقائ ِه ُم ال أع ُدهو ذك أر ُدنأي ُ
اه ُم أَّل ُيبص ُرو أن ُ .أ
ال الأفتُو ِن ،واج أع ِل ال أجهن أة ُنص أب أأع ُيِن ِهم، ات الم ِ طر ِ ِ
ور ،وام ُح أعن ُقلُوبِهم أخ أ أ اع ِة ال أغ ُر ِ
ال أخ هد أ
أ
ازِل ال أك أرام ِة وال ُح ِ
ور اك ِن ال ُخل ِد ومأن ِ ارِهم ما أأعددت ِفيها ِمن مس ِ
صِ أ أ أ أ
ِ ِ ِ
أ أ أأ وألوح من أها َلأب أ
وف الثه أم ِر أحتهى أَّل ار المتأدلِي ِة ِبصن ِ ِ ط ِرأد ِة ِبأأن أو ِ
ار الم ه ال ِحس ِ
اع اَلأش ِرأبة واَلأش أج ِ ُ أ أ ُ ُ ُ
ان واَلأن أه ِ
أ
ِ
ار ،وأَّل ُي أح ِد أث أنف أس ُه أعن ِقرِنه ِب ِف أر ٍار. أيه هم أأحٌد ِمنهم ِب ِ
اْلدأب ِ ُ ُ أ
وبي أن أأسلِ أحِت ِهم ،واخألع أوثأ ِائ أق ِ
الل ُه هم افُلل ِب أذل أك أع ُدهو ُهم ،واقلم أعن ُهم أأظأف أارُهم ،وأفرِق أبيأن ُهم أ
ِ ه
وضلِل ُهم أعن أوج ِه ِهم ،واق أ ِ
وحِيرُهم في ُسُبل ِهم ،أ
ِ ِِ أأفِئدِت ِهمِ ،
طع وبي أن أأزِوأدتهم ،أ وباعد أبيأن ُهم أ أ أ
الرع أب ،واقِبض أأي ِدأي ُهم أع ِن الأبس ِط، أعن ُه ُم ال أم أد أد ،وانُقص ِمن ُه ُم ال أع أد أد ،وام أأل أأفِئ أدتأ ُه ُم ُّ
طع ِب ِخزِي ِهم اء ُهم ،واق أ وش ِرد ِب ِهم من أخلأفهم أ ِ ِ ِ النط ِق ،أ واخ ِزم أأل ِسأنتأ ُهم أع ِن ُّ
ونكل بهم أمن أوأر أ ُ أ
اع أمن أبع أد ُهم.
أأط أم أ
ام ِهم ،أَّل طع نسل دو ِاب ِهم وأأنع ِ ِِ الله هم أع ِقم أأرحام ِنس ِائ ِهم ،أ ِ ه
أ ويبس أأص أال أب ِر أجالهم ،واق أ أ أ أ أ أ أ أ ُ
ات.ض ِهم ِفي نب ٍ تأأ أذن لِسم ِائ ِهم ِفي أقط ٍر ،وأَّل َِلأر ِ
أأ أأ
ِ
صن ِبه ِدأي أارُهم ،وثأ ِمر ِبه أأم أواأل ُهم ،وأف ِرغ ُهم أعن ِ اْلس أالمِ ،وح ِ الله هم وأق ِو ِب أذلِ أك ِمحال أأه ِل ِ ه
أ أ أ ُ
ك ،وأَّل ض أغي ُر أ اع اَلأر ِ وعن ُمأن أاب أذِت ِهم لِل أخل أوِة ِب أك أحتهى أَّل ُيعأب أد ِفي ِبأق ِ ِ ِِ ِ
ُم أح أارأبت ِهم لعأب أادت أك ،أ
ون أك. تُعهفر َِل ٍ ِ
أحد من ُهم أجب أهةٌ ُد أ أأ أ
ين ،وأأم ِدد ُهم ِب أم أالِئ أك ٍة ِ ِ
ين أعألى أمن ِبِإ أزائ ِهم م أن ال ُمش ِرِك أ
ِِ ِ ٍ ِ
الل ُه هم اغ ُز ِب ُك ِل أناحأية م أن ال ُمسلم أ
ه
ض أك وأس اًر ،أأو ُي ِق ُّروا اب أقت ًال ِفي أأر ِط ِع التُّر ِ
وهم ِإألى ُمنأق أ ِ ِ ِ ِ ِ
أ ين أحتهى أيكشُف ُ ك ُمرِدف أ من عند أ
ه ِب أهنك أأنت ه ه ِ
ك أَّل أش ِر أ
يك أل أك. َّللاُ الذي أَّل ِإأل أه ِإَّل أأن أت أوح أد أ أ أ
شالرو ِم والتُّر ِك وال أخ أزِر وال أحأب ِ ار الِب أال ِد ِم أن ال ِهن ِد و ُّ
طِك ِفي أأق أ اء أ
ِِ ه
الل ُه هم واع ُمم ب أذل أك أأع أد أ
وصأفاتُ ُهم، الشر ِك ،هال ِذين تأخأفى أأسماؤهم ِ السأقالِب ِة وال هديالِم ِة وس ِائ ِر أُم ِم ِ وب ِة و ه و ُّ
أ ُُ أ أ أ أ أ الزن ِج و ه أ الن أ
73
صيتأ ُهم ِب أمع ِرأفِت أك ،وأأش أرف أت أعألي ِهم ِبُقد أرِت أك.وأقد أأح أ
ِِ ِ ه
ص أعن وخذ ُهم ِبالهنق ِ ينُ ، ين أعن تأأن ُاو ِل أأط أراف ال ُمسلم أ الل ُه هم اش أغ ِل ال ُمش ِرِك أ
ين ِبال ُمش ِرِك أ
ص ِهم ،وثأِبط ُهم ِبالُفرأق ِة أع ِن ِاَّلحِت أش ِاد أعألي ِهم. تأنُّق ِ
أ
ال ،وأو ِهن الله هم أأخ ِل ُقُلوبهم ِم أن اَلأمأن ِة ،وأأب أد أانهم ِم أن الُقهوِة ،وأأذ ِهل ُقُلوبهم ع ِن ِاَّلحِتي ِ ه
أ أُ أ ُ أ أُ ُ
ال ،واب أعث أعألي ِهم ُجنداً ِمن طِ وجِبن ُهم أعن ُمأق أارأع ِة اَلأب أ أأرأك أانهم عن مأن أازأل ِة ِ ِ
الر أجال ،أ ُ أ ُ
ص ُد ِب ِه أشوأكتأ ُهم، س ِمن أبأ ِس أك أك ِفعلِ أك أيوم أبد ٍر ،تأق أ ِ ِ ِ
ط ُع به أداب أرُهم وتأح ُ أ
م أالِئ أكِت أك ِبأبأ ٍ
أ
ِق ِب ِه أع أد أد ُهم.
وتُأفر ُ
وف ،وأألِ هح أعألي أها اء ،وأأط ِعمتأهم ِباَلأدو ِاء ،وارِم ِب أالدهم ِبالخس ِ الله هم وام ُزج ِمياههم ِبالوب ِ ه
ُُ أُ أ أ ُ أ أُ أأ ُ
ض أك وأأب أع ِد أها أعن ُهم ،وامأنع ص أأر ِ أح ِ ِ ِ ِ ِ
بالُق ُذوف ،واف أرع أها بال ُم ُحول ،واج أعل مأي أرُهم في أ أ
ِ ِ
أصب ُهم ِبال ُجوِع ال ُم ِقي ِم و ُّ
السق ِم اَلألِيمِ. حصونها ِمنهم ،أ ِ
ُ ُ أأ ُ
اع ُسهنِت أك لِأي ُكو أن ِدي ُن أك اه أد ُهم ِمن أأتأب ِ ٍِ ِ ِ هِ
اهم من أأهل ملت أك ،أأو ُم أجاهد أج أ
از أغ أز ِ
ُ الل ُه هم وأأيُّما أغ ٍ
أ
ه
النج ِح، وهِيئ أل ُه اَلأم أر ،وتأأوهل ُه ِب ُّ ِِ وحزبك اَلأقوى ُّ اَلأعألى ِ
وحظ أك اَلأوأفى أفألقه ال ُيس أر ،أ أ ُأ أ
اط،الظهر ،وأأسِبغ عألي ِه ِفي الهنأفأق ِة ،ومِتعه ِبالهن أش ِ وتأخيهر أله اَلأصحاب ،واستأق ِو أله ه
أ ُ أ أ ُ أ أ ُ أ
الشو ِق ،وأ ِجرهُ ِمن أغ ِم ال أوح أش ِة ،وأأن ِس ِه ِذك أر اَلأه ِل وال أوأل ِد .أوأثُر أل ُه ف أعن ُه حرارأة ه
أأ أ
وأأط ِ
الس أال أم أة ،وأأع ِف ِه ِم أن ال ُجب ِن ،وأأل ِهم ُه ال ُج أرأأة، هة ،وتأأوهل ُه ِبال أع ِافأي ِة ،وأأص ِحب ُه ه الني ِ
ح سن ِ
ُ أ
وس ِددهُ ِفي ال ُحكمِ ،واع ِزل أعن ُه السأن أن ،أ السأي أر و ُّ النصرِة ،وعلِمه ِ
وارُزق ُه الش هد أة ،وأِأيدهُ ِب ُّ أ أ ُ
ِ
افص ه ِ ِ السمع ِة ،واجعل ِفكره ِ ِ الرياء ،أ ِ ِ
يك وأل أك .أفإ أذا أ امتأ ُه ف أ
ظعأن ُه وإِ أق أوذك أرهُ و أ أُ أ وخلص ُه م أن ُّ أ أأ
وص ِغر أشأأن ُهم ِفي أقلِب ِه ،وأ ِأدل أل ُه ِمن ُهم ،وأَّل تُِدل ُهم ِمن ُه، ِِ ِ ِ
وع ُدهوهُ أفأقلل ُهم في أعينه ،أ ك أ أع ُدهو أ
ِ السعاد ِة ،وأقضيت أله ِب ه ِ
وبع أد أأن ك ِبالأقتل ،أ اح أع ُدهو أ
الش أه أادة أفأبع أد أأن أيجتأ أ أ أ ُ أفِإن أختأم أت أل ُه ِب ه أ أ
ِ ِِ
ين. ك ُمدِب ِر أ وبع أد أأن ُي أول أي أع ُدُّو أ ين ،أ اف ال ُمسلم أ وبع أد أأن تأأ أم أن أأط أر ُ أيج أه أد ِب ِه ُم اَلأس ُر ،أ
أع أان ُه ِِ ِِ ِ ِ ازياً أأو م ارِبطاً ِفي أد ِِ ف أغ ِ ِ ه
اره ،أأو تأ أع هه أد أخالفيه في أغيأبته ،أأو أ أ ُأ ُّما ُمسل ٍم أخأل أ الل ُه هم وأأي أ
أم هدهُ ِب ِعتأ ٍاد ،أأو أش أح أذهُ أعألى ِج أه ٍاد ،أأو أأتأب أع ُه ِفي أوج ِه ِه أدع أوًة ،أأو ِِ
طائأفة من أماله ،أأو أ أ
ِب أ ِ ٍ ِ
وع ِوض ُه ِمن ِفعلِ ِه ِ ٍ ِ ِِ
أرأعى أل ُه من أوأرائه ُحرأم ًة ،أفآ ِجر أل ُه مث أل أأج ِِره أوزناً ِب أوزٍن و ِمث ًال ِبمثل ،أ
ِ
ور أما أأتأى ِب ِهِ ،إألى أأن أينتأ ِهي ِب ِه ال أوق ُت ِإألى وس ُر أ
ِِ ِ
ع أوضاً أحاض اًر أيتأ أع هج ُل به أنف أع أما أق هد أم ُ
ِ
أ
امِت أك. ِ ِ ِ
أما أأج أري أت أل ُه من أفضل أك ،وأأع أدد أت أل ُه من أك أر أ
الشر ِك أعألي ِهم أفأن أوى أغزواً ،أأو اْلس أالمِ ،وأأح أزنه تأح ُّزب أأه ِل ِ أه هم ُه أأمر ِ ِ ه
أُ أ ُ ُ ُّما ُمسل ٍم أ أ الل ُه هم وأأي أ
74
-اْلمام علي عليه السالم :لما خرج رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى المدينة في
الهجرة أمرني أن أقيم بعده حتى أؤدي ودائع كانت عنده للناس ،وإنما كان يسمى
اَلمين ،فأقمت ثالثا وكنت أظهر ،ما تغيبت يوما واحدا ،ثم خرجت فجعلت أتبع
طريق رسول هللا صلى هللا عليه وآله حتى قدمت بني عمرو بن عوف ورسول هللا
صلى هللا عليه وآله مقيم ،فنزلت على كلثوم بن الهدم وهنالك منزل رسول هللا صلى
هللا عليه وآله كنز العمال في كم من موضع.
-رسول هللا صلى هللا عليه وآله َّ:ل هجرة بعد الفتح كنز العمال في أكثر من
موضع.
-عنه (صلى هللا عليه وآله)َّ :ل هجرة بعد فتح مكة كنز العمال.
-عنه (صلى هللا عليه وآله)َّ :ل هجرة ،ولكن جهاد ونية ،وإذا استنفرتم فانفروا كنز
العمال.
75
-عنه (صلى هللا عليه وآله)َّ :ل هجرة بعد الفتح ،ولكن إنما هو اْليمان والنية
والجهاد كنز العمال.
-عنه (صلى هللا عليه وآله)َّ :ل هجرة بعد الفتح ،ولكن جهاد ونية ،وإذا استنفرتم
فانفروا.كنز العمال.
عدم انقطاع الهجرة -رسول هللا صلى هللا عليه وآله :أيها الناس هاجروا وتمسكوا
باْلسالم ،فإن الهجرة َّل تنقطع ما دام الجهاد.كنز العمال.
-عنه (صلى هللا عليه وآله) :لن تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار.كنز العمال.
-عنه (صلى هللا عليه وآله)َّ :ل تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل كنز العمال.
-اْلمام علي عليه السالم :الهجرة قائمة على حدها اَلول ،ما كان هلل في أهل
اَلرض حاجة من مستسر اَلمة ومعلنهاَّ ،ل يقع اسم الهجرة على أحد [إَّل] بمعرفة
الحجة في اَلرض ،فمن عرفها وأقر بها فهو مهاجر ،وَّل يقع اسم اَّلستضعاف على
من بلغته الحجة فسمعتها اذنه ووعاها قلبه نهج البالغة :الخطبة .٩٨١
-اْلمام الباقر عليه السالم :من دخل في اْلسالم طوعا فهو مهاجر الكافي .
وفي خبر عن الصادق عليه السالم -:من ولد في اْلسالم فهو عربي ،ومن دخل
فيه بعدما كبر فهو مهاجر معاني اَلخبار و كما تعلم أخي الكريم فإننا مأمورون
بالجهاد في الكتاب و السنة و إليك بعض اآليات من القرآن الكريم
يعا {النساء }53/أوإِ هن ِم ُ ِ ِ ٍ ِ ِ يا أأي ه ِ
نكم آم ُنوا ُخ ُذوا حذ أرُكم أفانف ُروا ثُأبات أ ِأو انف ُروا أجم ً ين أ ُّها الذ أ
أ أ
أكن هم أع ُهم أش ِه ًيدا ال أقد أأن أع أم َّللاُ أعأل هي ِإذ ألم أ ُ ِ ِ ه ِ
أل أمن ل ُيأبطأئ هن أفإن أ أ
أص أابت ُكم ُّمص أيب ٌة أق أ
أص أاب ُكم أفض ٌل ِم أن هللا ألأيُقوأل هن أكأأن هلم تأ ُكن أبيأن ُكم أوأبيأن ُه أم أوهدةٌ أيا ِ
{النساء }58/أوألئن أ أ
ين أيش ُرو أن أليتأِني ُكنت معهم أف أ ُفوز أفو از ع ِظيما {النساء }51/أفليأق ِاتل ِفي سِب ِ ِ ه ِ
يل َّللا الذ أ أ ُ أ ً أ ً ُ أأُ
ِ ِِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
يما
ف ُنؤتيه أأج ًار أعظ ً الدنأيا ِباآلخ أرِة أو أمن ُيأقاتل في أسِبيل َّللا أف ُيقأتل أأو أيغلب أف أسو أ اة ُّ
ال أحأي أ
ال و ِ
الن أساء ين ِم أن ِ ِ ِ {النساء }51/وما ألكم َّلأ تأق ِاتلُون ِفي سِب ِ ِ
الر أج أ يل َّللا أوال ُمستأض أعف أ أ ُ أ أأ ُ
ه ِ ه ِ هِ ِ ِِ وال ِولد ِ ه ِ
ين أيُقولُو أن أربأهنا أأخ ِرجأنا من أهذه الأقرأية الظال ِم أأهلُ أها أواج أعل لأنا من ل ُد أ
نك ان الذ أ أ أ
ين ير {النساء }56/هال ِذين آمنوا يأق ِاتُلون ِفي سِب ِ ِ ه ِ ولِيًّا واجعل هلنا ِمن هلدنك ن ِ
يل َّللا أوالذ أ أ أ أُ ُ أ ص ًا ُ أ أ أ أ أ أ
ض ِع ًيفا ان أ ان أك أ طِ ان ِإ هن أكي أد ه
الشي أ طِ وت أفأق ِاتلُوا أأولِأياء ه
الشي أ الطاغ ِ
ُ
يل ه أكأفروا يأق ِاتلُو أن ِفي سِب ِ
ُ ُ
أ
76
اة أفأل هما الصالأ أة وآتُوا ه ِ ُّ ِ {النساء }59/أألم تأر ِإألى هال ِذ ِ
الزأك أ أ يموا ه يل أل ُهم ُكفوا أأيدأي ُكم أوأأق ُ ين ق أ أ أ
ِ ِ ُكِتب عألي ِهم ال ِقتأال ِإ أذا أف ِر ِ
أش هد أخشأي ًة أوأقالُوا أربأهنا اس أك أخشأية َّللا أأو أ أ يق من ُهم أيخ أشو أن الهن أ ٌ ُ أ أ ُ
اآلخ أرةُ أخيٌر ِل أم ِن
يب ُقل متأاع ال هدنيا أقلِيل و ِ لِم أكتأب أت أعأليأنا ال ِقتأال ألوَّل أ هخرتأأنا ِإألى أأج ٍل أق ِر ٍ
أ ُ أ ٌ أ أ أ أ
كك ُم ال أمو ُت أوألو ُكنتُم ِفي ُب ُرو ٍج ونوا ُيد ِر ُّ ِ
اتهأقى أوَّلأ تُظأل ُمو أن أفتيالً {النساء }55/أأيأن أما تأ ُك ُ
صب ُهم أسِيأئةٌ أيُقولُوا أه ِذِه ِمن صبهم حسن ٌة يُقولُوا ه ِذِه ِمن ِع ِند َّللاِ وإِن تُ ِ ِ ٍ
أ أ ُّم أشي أهدة أوإِن تُ ُ أ أ أ أ
َّل أي أك ُادو أن أيفأق ُهو أن أح ِديثًا {النساء }52/هما ك ُقل ُك ًّل ِمن ِع ِند َّللاِ أف أما لِ أه ُؤَّلء الأقو ِم أ ِ ِ
عند أ
اك لِلهن ِ ِ ٍ ِ ِ ِ ٍ ِ ِ
اس أرُسوَّلً أص أاب أك من أسِيأئة أفمن هنفس أك أوأأرأسلأن أ أص أاب أك من أح أسأنة أفم أن َّللا أو أما أ أ أأ
أوأكأفى ِباّللِ أش ِه ًيدا {النساء}56/
اه ُدوا ِفي أسِبيلِ ِه أل أعهل ُكم تُفلِ ُحو أن أأ
ِ ِ
يه الوِسيأل أة وج ِ ه
آم ُنوا اتُقوا َّللاأ أوابتأ ُغوا إأل أ
ين أ
يا أأي ه ِ
ُّها الذ أ
أ أ
{المائدة}16/
ض ُعُفوا وكأِأين ِمن هنِب ٍي أقاتل معه ِربِيُّون كِثير أفما وهنوا لِما أأصابهم ِفي سِب ِ ِ
يل َّللا أو أما أ أ أ أ ٌ أ أ أُ أ أ أ ُ أأ أأُ أأ
ين {آل عمران}319/ أو أما استأ أك ُانوا أوَّللاُ ُي ِح ُّب ه
الصاِب ِر أ
هِ ِ أ ُِذن لِهل ِذين يأق أاتُلو أن ِب أهنهم ُ ِ
َّللا أعألى أنص ِرِهم ألأقد ٌير {الحج }16/الذ أ
ين أُخ ِر ُجوا ظل ُموا أوإِ هن ه أ ُ أ ُ أ
ض ُهم ِبأبع ٍ َّللا وألوأَّل دفع ه ِ ِه ِمن ِدأي ِ ِ ِ
ض اس أبع أ َّللا الهن أ ارهم ب أغي ِر أح ٍق إَّل أأن أيُقولُوا أربأُّنا ه ُ أ أ ُ
نص أرهن ه
َّللاُ أمن َّللاِ أكِث ًا
ير أوألأي ُ يها اس ُم ه ِ ِ
ات أو أم أساج ُد ُيذ أك ُر ف أ
صأل أو ٌ ِ
ص أوام ُع أوِبأي ٌع أو أ
ه ِ
ل ُهد أمت أ
ِ َّللا ألأق ِو ٌّي ع ِز ٌيز {الحج }12/هال ِذين ِإن هم هكهن ِ ِ
الص أال أة
اموا ه اهم في اَلأرض أأق ُ ُ أ أ نص ُرهُ إ هن ه أ
أي ُ
ور {الحج}13/ نك ِر أوِهّللِ أع ِاقأب ُة اَلُم ِ
وف أوأن أهوا أع ِن ال ُم أ الزأكاة وأأمروا ِبالمعر ِ
أ ُ أوآتأُوا ه أ أ أ ُ
ُ
ال أو ُه أو ُكرهٌ هل ُكم أو أع أسى أأن تأك أرُهوا أشيًئا أو ُه أو أخيٌر هل ُكم أو أع أسى أأن تُ ِحبُّوا ِ ِ
ُكت أب أعألي ُك ُم القتأ ُ
الشه ِر ال أح أار ِمون أك أع ِن ه ه
أشيًئا أو ُه أو أشٌّر ل ُكم أوَّللاُ أيعأل ُم أوأأنتُم َّلأ تأعأل ُمو أن {البقرة }839/أيس ألُ أ
اج أأهلِ ِه ِِ ِ ِ ِ
صٌّد أعن أسِبيل َّللا أو ُكفٌر ِبه أوال أمسجد ال أح أار ِم أوإِخ أر ُ يه ُقل ِقتأ ٌ ِ ِ ِ
ال فيه أكب ٌير أو أ
ال ِف ِ
ِقتأ ٍ
وكم أعن ِد ِين ُكم ِ ِ ِ ِ ِ ِ
من ُه أأكأب ُر ع أند َّللا أوالفتأن ُة أأكأب ُر م أن الأقت ِل أوَّلأ أي أازلُو أن ُيأقاتلُ أ
ون ُكم أحته أى أي ُرُّد ُ
طت أأع أماُل ُهم ِفي نكم أعن ِد ِين ِه أفأي ُمت أو ُه أو أك ِافٌر أفأُوألِئ أك أحِب أ اعوا أو أمن أيرتأِدد ِم ُ ط ُ ِإ ِن استأ أ
هِ ِ ِ ِِ ِ
آم ُنوا يها أخال ُدو أن {البقرةِ }835/إ هن الذ أ
ين أ ار ُهم ف أ اب الهن ِ
الدنأيا أواآلخ أرة أوأُوألئ أك أأص أح ُ ُّ
77
ِ
الصاِب ِر أ
ين ِ ِ
يعوا َّللاأ أوأرُسوأل ُه أوَّلأ تأأن أازُعوا أفتأف أشُلوا أوتأذ أه أب ِر ُ
يح ُكم أواصب ُروا إ هن أ
َّللا أم أع ه أوأأط ُ
{اَلنفال}19/
صاِب ُرو أن أيغلِ ُبوا ال ِإن ي ُكن ِم ُ ِ ين عألى ال ِقتأ ِ ِ ُّها الهنِب ُّي أح ِر ِ
نكم عش ُرو أن أ أ ض ال ُمؤ ِمن أ أ أيا أأي أ
ين أكأف ُروا ِب أهن ُهم أقوٌم َّله أيفأق ُهو أن ِ هِ ِ ِمأئتأي ِن وإِن ي ُكن ِم ُ ِ
نكم مأئ ٌة أيغل ُبوا أألًفا م أن الذ أ أ أ
يكم ضعًفا أفِإن ي ُكن ِم ُ ِ نكم وعلِم أ ه ِ
صاِب أرةٌ نكم مأئ ٌة أ أ أن ف ُ أ ف َّللاُ أع ُ أ أ أ اآلن أخهف أ
{اَلنفال }96/أ
ف أيغلِ ُبوا أألأفي ِن ِبِإذ ِن َّللاِ أوَّللاُ أم أع ه
الصاِب ِر أ
ين نكم أأل ٌأيغلِ ُبوا ِمأئتأي ِن أوإِن أي ُكن ِم ُ
{اَلنفال}99/
عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :سئل رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم :-أي
اَلعمال أفضل؟ قال« :إيمان باّلل ورسوله» .قيل :ثم ماذا؟ قال« :الجهاد في سبيل
هللا» .قيل :ثم ماذا؟ قال« :حج مبرور» .متفق عليه .فيه أن الجهاد أفضل من
نافلة الحج.
عن ابن مسعود -رضي هللا عنه -قال :قلت :يا رسول هللا ،أي العمل أحب إلى
هللا تعالى؟ قال« :الصالة على وقتها» .قلت :ثم أي؟ قال« :بر الوالدين» .قلت:
ثم أي؟ قال« :الجهاد في سبيل هللا» .متفق عليه.
عن أبي ذر -رضي هللا عنه -قال :قلت :يا رسول هللا ،أي العمل أفضل؟ قال:
«اْليمان باّلل ،والجهاد في سبيله» .متفق عليه.
عن أنس -رضي هللا عنه -أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -قال« :لغدوة
في سبيل هللا ،أو روحة ،خير من الدنيا وما فيها» .متفق عليه.
عن أبي سعيد الخدري -رضي هللا عنه -قال :أتى رجل رسول هللا -صلى هللا
عليه وسلم -فقال :أي الناس أفضل؟ قال« :مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل
هللا» قال :ثم من؟ قال« :مؤمن في شعب من الشعاب يعبد هللا ،ويدع الناس من
شره» .متفق عليه.
81
عن سهل بن سعد -رضي هللا عنه -أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -قال:
«رباط يوم في سبيل هللا خير من الدنيا وما عليها ،وموضع سوط أحدكم من الجنة
خير من الدنيا وما عليها ،والروحة يروحها العبد في سبيل هللا تعالى ،أو الغدوة ،خير
من الدنيا وما عليها» .متفق عليه.
عن سلمان -رضي هللا عنه -قال :سمعت رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -
يقول« :رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ،وإن مات فيه أجري عليه عمله
الذي كان يعمل ،وأجري عليه رزقه ،وأمن الفتان» .رواه مسلم .قوله« :وأجري عليه
رزقه» أي :برزق من الجنة كما يرزق الشهداء .وعن فضالة بن عبيد -رضي هللا
عنه -أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -قال« :كل ميت يختم على عمله إَّل
المرابط في سبيل هللا ،فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ،ويؤمن من فتنة القبر» .
رواه أبو داود والترمذي ،وقال :حديث حسن صحيح.
عن عثمان -رضي هللا عنه -قال :سمعت رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -
يقول« :رباط يوم في سبيل هللا ،خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل» .رواه
الترمذي ،وقال :حديث حسن صحيح
عن أبي هريرة -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم :-
«تضمن هللا لمن خرج في سبيلهَّ ،ل يخرجه إَّل جهاد في سبيلي ،وإيمان بي،
وتصديق برسلي ،فهو ضامن علي أن أدخله الجنة ،أو أرجعه إلى منزله الذي خرج
منه بما نال من أجر ،أو غنيمة .والذي نفس محمد بيده ،ما من كلم يكلم في سبيل
هللا ،إَّل جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم؛ لونه لون دم ،وريحه ريح مسك .والذي نفس
محمد بيده ،لوَّل أن أشق على المسلمين ما قعدت خالف سرية تغزو في سبيل هللا
أبدا ،ولكن َّل أجد سعة فأحملهم وَّل يجدون سعة ،ويشق عليهم أن يتخلفوا عني.
والذي نفس محمد بيده ،لوددت أن أغزو في سبيل هللا ،فأقتل ،ثم أغزو فأقتل ،ثم
أغزو فأقتل» رواه مسلم ،وروى البخاري بعضه.
81
عنه قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم « :-ما من مكلوم يكلم في سبيل
هللا إَّل جاء يوم القيامة ،وكلمه يدمى :اللون لون دم ،والريح ريح مسك» .متفق
عليه.
عن معاذ -رضي هللا عنه -عن النبي -صلى هللا عليه وسلم -قال« :من قاتل
في سبيل هللا من رجل مسلم فواق ناقة ،وجبت له الجنة ،ومن جرح جرحا في سبيل
هللا أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت :لونها الزعفران ،وريحها
كالمسك» .رواه أبو داود والترمذي ،وقال :حديث حسن صحيح
عن أبي هريرة -رضي هللا عنه -قال :مر رجل من أصحاب رسول هللا -صلى
هللا عليه وسلم -بشعب فيه عيينة من ماء عذبة ،فأعجبته ،فقال :لو اعتزلت الناس
فأقمت في هذا الشعب ،ولن أفعل حتى أستأذن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -
فذكر ذلك لرسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -فقالَّ« :ل تفعل؛ فإن مقام أحدكم في
سبيل هللا أفضل من صالته في بيته سبعين عاما ،أَّل تحبون أن يغفر هللا لكم،
ويدخلكم الجنة؟ أغزوا في سبيل هللا ،من قاتل في سبيل هللا فواق ناقة وجبت له
الجنة» .رواه الترمذي ،وقال :حديث حسن
عن أبي هريرة قال :قيل :يا رسول هللا ،ما يعدل الجهاد في سبيل ...هللا؟ قالَّ« :ل
تستطيعونه» فأعادوا عليه مرتين أو ثالثا كل ذلك يقولَّ« :ل تستطيعونه» ! ثم قال:
« مثل المجاهد في سبيل هللا كمثل الصائم القائم القانت بآيات هللا َّل يفتر من صيام،
وَّل صالة ،حتى يرجع المجاهد في سبيل هللا» .متفق عليه ،وهذا لفظ مسلم.
عن أبي هريرة :أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -قال« :من خير معاش
الناس لهم ،رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل هللا ،يطير على متنه ،كلما سمع هيعة
أو فزعة طار عليه يبتغي القتل والموت مظانه أو رجل في غنيمة في رأس شعفة من
هذه الشعف ،أو بطن واد من هذه اَلودية ،يقيم الصالة ،ويؤتي الزكاة ،ويعبد ربه
حتى يأتيه اليقين ،ليس من الناس إَّل في خير» .رواه مسلم.
82
عن أبي هريرة :أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -قال« :إن في الجنة مئة
درجة أعدها هللا للمجاهدين في سبيل هللا ما بين الدرجتين كما بين السماء واَلرض»
رواه البخاري.
عن أبي سعيد الخدري -رضي هللا عنه -أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -
قال« :من رضي باّلل ربا ،وباْلسالم دينا ،وبمحمد رسوَّل ،وجبت له الجنة» ،فعجب
لها أبو سعيد ،فقال :أعدها علي يا رسول هللا ،فأعادها عليه ،ثم قال« :وأخرى يرفع
هللا بها العبد مئة درجة في الجنة ،ما بين كل درجتين كما بين السماء واَلرض» .
قال :وما هي يا رسول هللا؟ قال« :الجهاد في سبيل هللا ،الجهاد في سبيل هللا» .رواه
مسلم.
عن أبي بكر بن أبي موسى اَلشعري ،قال :سمعت أبي -رضي هللا عنه -وهو
بحضرة العدو ،يقول :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم « :-إن أبواب الجنة
تحت ظالل السيوف» .فقام رجل رث الهيئة ،فقال :يا أبا موسى أأنت سمعت رسول
هللا -صلى هللا عليه وسلم -يقول هذا؟ قال :نعم ،فرجع إلى أصحابه ،فقال :أق أر
عليكم السالم ،ثم كسر جفن سيفه فألقاه ،ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى
قتل .رواه مسلم.
عن أبي عبس عبد الرحمن بن جبر -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -
صلى هللا عليه وسلم « :-ما اغبرت قدما عبد في سبيل هللا فتمسه النار» .رواه
البخاري.
عن أبي هريرة -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم :-
«َّل يلج النار رجل بكى من خشية هللا حتى يعود اللبن في الضرع ،وَّل يجتمع على
عبد غبار في سبيل هللا ودخان جهنم» .رواه الترمذي ،وقال :حديث حسن صحيح
عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال :سمعت رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -
يقول« :عينان َّل تمسهما النار :عين بكت من خشية هللا ،وعين باتت تحرس في
سبيل هللا» .رواه الترمذي ،وقال :حديث حسن
83
عن زيد بن خالد الجهني -رضي هللا عنه -أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم
-قال« :من جهز غازيا في سبيل هللا فقد غزا ،ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد
غ از» .متفق عليه.
عن أبي أمامة الباهلي -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه
وسلم « :-أفضل الصدقات ظل فسطاط في سبيل هللا ومنيحة خادم في سبيل هللا،
أو طروقة فحل في سبيل هللا» .رواه الترمذي ،وقال :حديث حسن صحيح
عن أنس -رضي هللا عنه :-أن فتى من أسلم ،قال :يا رسول هللا ،إني أريد الغزو
وليس معي ما أتجهز به ،قال« :ائت فالنا فإنه قد كان تجهز فمرض» فأتاه ،فقال:
إن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -يقرئك السالم ،ويقول :أعطني الذي تجهزت
به .قال :يا فالنة ،أعطيه لذي كنت تجهزت به ،وَّل تحبسي عنه شيئا ،فوهللا َّل
تحبسي منه شيئا فيبارك لك فيه .رواه مسلم.
عن أبي سعيد الخدري -رضي هللا عنه -أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -
بعث إلى بني لحيان ،فقال« :لينبعث من كل رجلين أحدهما ،واَلجر بينهما» .رواه
مسلم.
عن البراء -رضي هللا عنه -قال :أتى النبي -صلى هللا عليه وسلم -رجل مقنع
بالحديد ،فقال :يا رسول هللا ،أقاتل أو أسلم؟ قال« :أسلم ،ثم قاتل» .فأسلم ،ثم قاتل
فقتل .فقال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم « :-عمل قليال وأجر كثي ار» .متفق
عليه .وهذا لفظ البخاري.
عن أنس -رضي هللا عنه -أن النبي -صلى هللا عليه وسلم -قال« :ما أحد
يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على اَلرض من شيء إَّل الشهيد،
يتمنى أن يرجع إلى الدنيا ،فيقتل عشر مرات؛ لما يرى من الكرامة» .وفي رواية:
«لما يرى من فضل الشهادة» .متفق عليه.
عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما :أن رسول هللا -صلى هللا عليه
وسلم -قال« :يغفر هللا للشهيد كل شيء إَّل الدين» .رواه مسلم.
84
عن أبي قتادة -رضي هللا عنه -أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -قام فيهم
فذكر أن الجهاد في سبيل هللا ،واْليمان باّلل ،أفضل اَلعمال ،فقام رجل ،فقال :يا
رسول هللا ،أرأيت إن قتلت في سبيل هللا ،أتكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول هللا -
صلى هللا عليه وسلم « :-نعم ،إن قتلت في سبيل هللا وأنت صابر محتسب ،مقبل
غير مدبر» ،ثم قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم « :-كيف قلت؟» قال:
أرأيت إن قتلت في سبيل هللا ،أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول هللا -صلى هللا عليه
وسلم « :-نعم ،وأنت صابر محتسب ،مقبل غير مدبر ،إَّل الدين فإن جبريل -عليه
السالم -قال لي ذلك» .رواه مسلم.
عن جابر -رضي هللا عنه -قال :قال رجل :أين أنا يا رسول هللا إن قتلت؟ قال:
«في الجنة» .فألقى تمرات كن في يده ،ثم قاتل حتى قتل .رواه مسلم.
عن أنس -رضي هللا عنه -قال :انطلق رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -
وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر ،وجاء المشركون ،فقال رسول هللا -صلى
هللا عليه وسلم َّ« :-ل يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه» .فدنا
المشركون ،فقال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم « :-قوموا إلى جنة عرضها
السماوات واَلرض» قال :يقول عمير بن الحمام اَلنصاري -رضي هللا عنه :-يا
رسول هللا ،جنة عرضها السماوات واَلرض؟ قال« :نعم» قال :بخ بخ؟ فقال رسول
هللا -صلى هللا عليه وسلم « :-ما يحملك على قولك بخ بخ؟» قالَّ :ل وهللا يا
رسول هللا إَّل رجاء أن أكون من أهلها ،قال« :فإنك من أهلها» .فأخرج تمرات من
قرنه ،فجعل يأكل منهن ،ثم قال :لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة
طويلة ،فرمى بما كان معه من التمر ،ثم قاتلهم حتى قتل .رواه مسلم.
عن أنس -رضي هللا عنه قال :جاء ناس إلى النبي -صلى هللا عليه وسلم -أن
ابعث معنا رجاَّل يعلمونا القرآن والسنة ،فبعث إليهم سبعين رجال من اَلنصار يقال
لهم :القراء ،فيهم خالي حرام ،يقرؤون القرآن ،ويتدارسون بالليل يتعلمون ،وكانوا
بالنهار يجيئون بالماء ،فيضعونه في المسجد ،ويحتطبون فيبيعونه ،ويشترون به
الطعام َلهل الصفة ،وللفقراء ،فبعثهم النبي -صلى هللا عليه وسلم -فعرضوا لهم
85
فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان ،فقالوا :اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك
ورضيت عنا ،وأتى رجل حراما خال أنس من خلفه ،فطعنه برمح حتى أنفذه ،فقال
حرام :فزت ورب الكعبة ،فقال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم « :-إن إخوانكم قد
قتلوا وإنهم قالوا :اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا» .متفق
عليه ،وهذا لفظ مسلم.
عن أنس -رضي هللا عنه قال :غاب عمي أنس بن النضر -رضي هللا عنه -
عن قتال بدر ،فقال :يا رسول هللا ،غبت عن أول قتال قاتلت المشركين ،لئن هللا
أشهدني قتال المشركين ليرين هللا ما أصنع .فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون
فقال :اللهم إني اعتذر إليك مما صنع هؤَّلء -يعني :أصحابه -وأب أر إليك مما
صنع هؤَّلء -يعني :المشركين -ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال :يا سعد بن
معاذ ،الجنة ورب النضر ،إني أجد ريحها من دون أحد! قال سعد :فما استطعت يا
رسول هللا ما صنع! قال أنس :فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف ،أو طعنة
برمح أو رمية بسهم ،ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون ،فما عرفه أحد إَّل أخته
ببنانه .قال أنس :كنا نرى -أو نظن -أن هذه اآلية نزلت فيه وفي أشباهه{ :من
المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا هللا عليه فمنهم من قضى نحبه إلى آخرها اَلحزاب
. 81متفق عليه.
عن سمرة -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم « :-رأيت
الليلة رجلين أتياني ،فصعدا بي الشجرة فأدخالني دا ار هي أحسن وأفضل ،لم أر قط
أحسن منها ،قاَّل :أما هذه الدار فدار الشهداء» .رواه البخاري.
عن أنس -رضي هللا عنه -أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة ،أتت
النبي -صلى هللا عليه وسلم -فقالت :يا رسول هللا ،أَّل تحدثني عن حارثة -وكان
قتل يوم بدر -فإن كان في الجنة صبرت ،وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في
البكاء ،فقال« :يا أم حارثة إنها جنان في الجنة ،وإن ابنك أصاب الفردوس اَلعلى»
رواه البخاري.
86
عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما قال :جيء بأبي إلى النبي -صلى هللا عليه
وسلم -وقد مثل به ،فوضع بين يديه؛ فذهبت أكشف عن وجهه فنهاني قومي ،فقال
النبي -صلى هللا عليه وسلم « :-ما زالت المالئكة تظله بأجنحتها» .متفق عليه.
عن سهل بن حنيف -رضي هللا عنه -أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -
قال« :من سأل هللا تعالى الشهادة بصدق بلغه هللا منازل الشهداء ،وإن مات على
فراشه» .رواه مسلم*** .
عن أنس -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم « :-من
طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه» .رواه مسلم.
عن أبي هريرة -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم :-
«ما يجد الشهيد من مس القتل إَّل كما يجد أحدكم من مس القرصة» .رواه
الترمذي ،وقال :حديث حسن صحيح
عن عبد هللا بن أبي أوفى رضي هللا عنهما :أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -
في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ،ثم قام في الناس
فقال« :أيها الناسَّ ،ل تتمنوا لقاء العدو ،وسلوا هللا العافية ،فإذا لقيتموهم فاصبروا؛
واعلموا أن الجنة تحت ظالل السيوف» .ثم قال« :اللهم منزل الكتاب ،ومجري
السحاب ،وهازم اَلحزاب ،أهزمهم وانصرنا عليهم» .متفق عليه .
عن سهل بن سعد -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم
« :-ثنتان َّل تردان ،أو قلما تردان :الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم
بعضهم بعضا» .رواه أبو داود بإسناد صحيح.
عن أنس -رضي هللا عنه -قال :كان رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -إذا
غزا ،قال« :اللهم أنت عضدي ونصيري ،بك أحول ،وبك أصول ،وبك أقاتل» .رواه
أبو داود والترمذي ،وقال :حديث حسن
87
عن أبي موسى -رضي هللا عنه -أن النبي -صلى هللا عليه وسلم -كان إذا
خاف قوما ،قال« :اللهم إنا نجعلك في نحورهم ،ونعوذ بك من شرورهم» .رواه أبو
داود بإسناد صحيح.
عن ابن عمر رضي هللا عنهما :أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -قال... :
«الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» .متفق عليه.
عن عروة البارقي -رضي هللا عنه -أن النبي -صلى هللا عليه وسلم -قال:
«الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة :اَلجر ،والمغنم» .متفق عليه
عن أبي هريرة -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم :-
«من احتبس فرسا في سبيل هللا ،إيمانا باّلل ،وتصديقا بوعده ،فإن شبعه ،وريه
وروثه ،وبوله في ميزانه يوم القيامة» .رواه البخاري.
عن أبي مسعود -رضي هللا عنه -قال :جاء رجل إلى النبي -صلى هللا عليه
وسلم -بناقة مخطومة فقال :هذه في سبيل هللا .فقال رسول هللا -صلى هللا عليه
وسلم « :-لك بها يوم القيامة سبع مئة ناقة كلها مخطومة» .رواه مسلم.
عن أبي حماد -ويقال :أبو سعاد ،ويقال :أبو أسد ،ويقال :أبو عامر ،ويقال :أبو
عمرو ،ويقال :أبو اَلسود ،ويقال :أبو عبس -عقبة بن عامر الجهني -رضي هللا
عنه -قال :سمعت رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -وهو على المنبر ،يقول :
{ «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة[ }اَلنفال ،] 92أَّل إن القوة الرمي ،أَّل إن القوة
الرمي ،أَّل إن القوة الرمي» .رواه مسلم.
عن أبي حماد -ويقال :أبو سعاد ،ويقال :أبو أسد ،ويقال :أبو عامر ،ويقال :أبو
عمرو ،ويقال :أبو اَلسود ،ويقال :أبو عبس -عقبة بن عامر الجهني -رضي هللا
عنه -قال :سمعت رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -يقول« :ستفتح عليكم
أرضون ،ويكفيكم هللا ،فال يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه» .رواه مسلم.
88
عن أبي حماد -ويقال :أبو سعاد ،ويقال :أبو أسد ،ويقال :أبو عامر ،ويقال :أبو
عمرو ،ويقال :أبو اَلسود ،ويقال :أبو عبس -عقبة بن عامر الجهني -رضي هللا
عنه :-أنه قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم « :-من علم الرمي ،ثم
تركه ،فليس منا ،أو فقد عصى» .رواه مسلم.
عن عن أبي حماد -ويقال :أبو سعاد ،ويقال :أبو أسد ،ويقال :أبو عامر ،ويقال:
أبو عمرو ،ويقال :أبو اَلسود ،ويقال :أبو عبس -عقبة بن عامر الجهني -رضي
هللا عنه -قال :سمعت رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -يقول« :إن هللا يدخل
بالسهم الواحد ثالثة نفر الجنة :صانعه يحتسب في صنعته الخير ،والرامي به،
ومنبله .وارموا واركبوا ،وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا .ومن ترك الرمي بعد ما
علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها» أو قال« :كفرها» .رواه أبو داود.
عن سلمة بن اَلكوع -رضي هللا عنه -قال :مر النبي -صلى هللا عليه وسلم -
على نفر ينتضلون ،فقال« :ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا» رواه البخاري.
عن عمرو بن عبسة -رضي هللا عنه -قال :سمعت رسول هللا -صلى هللا عليه
وسلم -يقول« :من رمى بسهم في سبيل هللا فهو له عدل محررة» .رواه أبو داود
والترمذي ،وقال :حديث حسن صحيح
عن أبي يحيى خريم بن فاتك -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -صلى هللا
عليه وسلم « :-من أنفق نفقة في سبيل هللا كتب له سبع مئة ضعف» .رواه
الترمذي ،وقال :حديث حسن
عن أبي سعيد -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم :-
«ما من عبد يصوم يوما في سبيل هللا إَّل باعد هللا بذلك اليوم وجهه عن النار
سبعين خريفا» .متفق عليه.
عن أبي أمامة -رضي هللا عنه -عن النبي -صلى هللا عليه وسلم -قال« :من
صام يوما في سبيل هللا جعل هللا بينه وبين النار خندقا كما بين السماء واَلرض» .
رواه الترمذي ،وقال :حديث حسن صحيح.
89
عن أبي هريرة -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم :-
«من مات ولم يغز ،ولم يحدث نفسه بغزو ،مات على شعبة من النفاق» .رواه
مسلم.
عن جابر -رضي هللا عنه -قال :كنا مع النبي -صلى هللا عليه وسلم -في غزاة
فقال« :إن بالمدينة لرجاَّل ما سرتم مسيرا ،وَّل قطعتم واديا إَّل كانوا معكم ،حبسهم
المرض» .وفي رواية« :حبسهم العذر» .وفي رواية« :إَّل شركوكم في اَلجر» .
رواه البخاري من رواية أنس ،ورواه مسلم من رواية جابر واللفظ له.
عن أبي موسى -رضي هللا عنه -أن أعرابيا أتى النبي -صلى هللا عليه وسلم -
فقال :يا رسول هللا ،الرجل يقاتل للمغنم ،والرجل يقاتل ليذكر ،والرجل يقاتل ليرى
مكانه؟ وفي رواية :يقاتل شجاعة ،ويقاتل حمية .وفي رواية :ويقاتل غضبا ،فمن في
سبيل هللا؟ فقال رسول هللا« :من قاتل لتكون كلمة هللا هي العليا ،فهو في سبيل هللا»
متفق عليه.
عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما ،قال :قال رسول هللا -صلى هللا
عليه وسلم « :-ما من غازية ،أو سرية تغزو ،فتغنم وتسلم ،إَّل كانوا قد تعجلوا ثلثي
أجورهم ،وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إَّل تم أجورهم» .رواه مسلم.
عن أبي أمامة -رضي هللا عنه -أن رجال قال :يا رسول هللا ،ائذن لي في السياحة
فقال النبي -صلى هللا عليه وسلم « :-إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل هللا -عز
وجل . »-رواه أبو داود بإسناد جيد.
عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما عن النبي -صلى هللا عليه
وسلم -قال« :قفلة كغزوة» .رواه أبو داود بإسناد جيد.
عن السائب بن يزيد -رضي هللا عنه -قال :لما قدم النبي -صلى هللا عليه وسلم
-من غزوة تبوك تلقاه الناس ،فتلقيته مع الصبيان على ثنية الوداع .رواه أبو داود
بإسناد صحيح بهذا اللفظ.
91
عن أبي أمامة -رضي هللا عنه -عن النبي -صلى هللا عليه وسلم -قال« :من
لم يغز ،أو يجهز غازيا ،أو يخلف غازيا في أهله بخير ،أصابه هللا بقارعة قبل يوم
القيامة» .رواه أبو داود بإسناد صحيح.
عن أنس -رضي هللا عنه -أن النبي -صلى هللا عليه وسلم -قال« :جاهدوا
المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم» .رواه أبو داود بإسناد صحيح.
عن أبي عمرو -ويقال :أبو حكيم -النعمان بن مقرن -رضي هللا عنه -قال:
شهدت رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -إذا لم يقاتل من أول النهار أخر القتال
حتى تزول الشمس ،وتهب الرياح ،وينزل النصر .رواه أبو داود والترمذي ،وقال:
حديث حسن صحيح.
عن أبي هريرة -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم :-
«َّل تتمنوا لقاء العدو ،واسألوا هللا العافية ،فإذا لقيتموهم فاصبروا» .متفق عليه.
عن أبي هريرة وعن جابر رضي هللا عنهما :أن النبي -صلى هللا عليه وسلم -
قال« :الحرب خدعة» .متفق عليه.
ه
إن من يطلع على مصادر التشريع اْلسالمي من الـكتاب والسنة يجد فيهما تركي اًز
كبي اًر واهتماماً ضخماً بموضوع الجهاد..
91
ففي القرآن الـكـريم ما ُيقارب ( 12آية) تتحدث عن الجهاد بلفظ الجهاد ومشتقاته،
كقوله تعالى:
ين أواغلُظ أعألي ِهم } سورة التوبة( :اآلية.)51 : الكهفار و ِ ِ ِِ ُّها الهن
المنافق أ
بي أجاهد ُ أ أ أ ُ { أيا أأي أ
أنف ِس ُكم ِفي س ِ
بيل هللا } سورة التوبة( :اآلية: { إن ِفروا ِخأفافاً وِثأقاَّلً وج ِ
اه ُدوا ِبأأموالِ ُكم أوأ ُ
أ أأ أ ُ
.)13
ين ُكُّل ُه هلل} سورة اَلنفال( :اآلية.)16 : ِ ِ ِ
وهم أحتهى َّلأ تأ ُكو أن فتن ٌة أوأي ُكو أن الد ُ
{ أوأقاتلُ ُ
أحياء ِعن أد أرِب ِهم ُيرأزُقو أن } سورة آل { وَّلأ تحسب هن هال ِذ ِ ِ ِ ِ ِ
ين ُقتُلوا في أسبيل هللا أأمواتاً أبل أ ٌ
أ أ أ أأ
عمران( :اآلية.)396 :
باْلضافة إلى مجموعة من اآليات تتحدث عن الجهاد بلفظ الغزو والحرب والشهادة
ومشتقاتها.
الخمس آية
بينما َّل نجد في القرآن الحكيم عن الحج إَّل ( 2آيات) فقط ،وعن ُ
واحدة َّل غير ،وعن الصوم ( 32آيات) تقريب ًا.
فعن الرسول اَلعظم (صلى هللا عليه وآله) « :أفو أق ُك ِل ِذي ِب ٍر بر أحتهى ُيقأتل ِفي
بيل هللاِ أفألي أس أفوأقه بر » [الكافي] :الكليني الرازي.
بيل هللاِ أفإ أذا ُقِتل ِفي س ِ
أ أ
س ِ
أ
92
ويقول اْلمام محمد الباقر (عليه السالم) « :ال ِج أه ُاد هال ِذي أف ه
ضأل ُه هللا أع هز أو أجل أعألى
ات أوال أمغ ِف أرة » [الكافي]: ال ِفي ال هدرج ِ ال تأف ِ ضل ع ِ
امأله عألى العم ِ ِ
أأ ضي ً ُ أ اَلأع أمال أوأف ه أ
الكليني الرازي.
وإذا ما ُقمنا بجولة عابرة في ربوع[نهج البالغة] ،فسنرى أن اْلمام علي بن أبي
طالب (عليه السالم) ،يعطي للجهاد مكانة خاصة ،ويرفعه إلى أعلى مستوى من
اَلهمية والتقدير ،ويمنحه أعظم الصفات ،حيث يقول (عليه السالم) « :ال ِج أه ُاد ِع ُّز
اْلسالم » [نهج البالغة]( :قصار الحكم رقم.)868 :
يل هللا » [نهج البالغة]: أ أ « هللا .هللاِ ،في ال ِج أه ِاد ِبأأموالِ ُكم أوأ ُ
أنف ِس ُكم وأأل ِسأنِت ُكم ِفي سِب ِ
(الكتاب رقم.)15 :
فهذا حنظلة بن أبي عامر ،وقد أنفق شبابه في العمل والكدح ،حتى جمع له مبلغاً
من المال ليتزوج به ،وفي أول ليلة من زواجه ،وقد بدأ يقطف ثمرة أتعابه ،ويعيش
في ربيع أحالمه وأمانيه ،سمع منادي الجهاد عند الفجر وأطل من نافذة داره ،فرأى
المسلمين يحثون السير ،ويركضون ملبين داعي الجهاد ،فما كان منه إَّل أن أسرع
للخروج قبل أن يغتسل ُغسل الجنابة ،وحاولت زوجته مقاومته ومنعه واستثارة
93
عواطفه ،ودغدغة مشاعره ،ولكنه رفض البقاء ،وأصر على الخروج ،فاستشهد في
صبيحة يوم عرسه.
وهذا عمرو بن الجموح ،وقد قطعت السنين شوطاً كبي اًر من ُعمره وأصيب في
إحدى الغزوات في رجله فصار أعرجاً ،ولكنه رغم ذلك حينما سمع منادي الجهاد،
ُّ
بالتخلف رغم معارضة أوَّلده ورأى أوَّلده اَلربعة يتجهزون للخروج لم تسمح له نفسه
َّل يقول :أريد أن أطأ بعرجتي الجنة.
وزوجته ،فخرج مهرو ً
فأراد أهله وبنوه حبسه ،وقالوا له :إن هللا عز وجل قد عذرك .ولم يقتنع بمقالتهم،
وأتى رسول هللا (صلى هللا عليه وآله) وقال :إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا
الوجه والخروج معك فيه ،فوهللا إني َلرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة.
فقال (صلى هللا عليه وآله) :أما أنت فقد عذرك هللا وَّل جهاد عليك .ثم قال لبنيه
وقومهَّ :ل عليكم أن َّل تمنعوه لعل هللا يرزقه الشهادة .فخلوا عنه ،وخرج وهو يقول:
اللهم أرزقني الشهادة وَّل تردني إلى أهلي .وقد كان موقف هذا المجاهد اَلعرج من
مشاهد معركة « أحد » العظيمة ومن قصصها الرائعة ،فقد كان يحمل على اَلعداء
وهو يقول :أنــا وهللا ُمشتاق إلى الجنة .وابنه يعدو في أثره حتى قتال جميعاً [سيد
المرسلين] :الشيخ جعفر السبحاني الطبعة اَلولى ،مؤسسة النشر اْلسالمي ـ قم.
والقاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب ولم أي ُك عمره يتجاوز الرابعة عشرة يتقدم
إلى عمه الحسين ليلة عاشوراء ،وبعد أن أخبر اْلمام أصحابه بالمصير الذي
ينتظرهم صباح عاشوراء ،وهو الشهادة في سبيل هللا حيث قال لهم :يا قوم إني غداً
أُقتل وتقتلون كلكم معي وَّل يبقى منكم واحد .فقالوا :الحمد هلل الذي أكرمنا بنصرك
وشرفنا بالقتل معك ..وهنا تقدم القاسم لعمه الحسين(عليه السالم) قائالً :وأنا فيمن
ه
94
ُيقتل؟ وقبل أن يجيبه اْلمام سأله :يا بني كيف الموت عندك؟ فأجاب القاسم فو اًر :يا
عم أحلى من العسل» .
محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا ،عن أحمد بن محمد ،عن علي بن الحكم
،عن عمر بن أبان ،عن أبي عبدهللا ( عليه السالم ) قال :قال رسول هللا ( صلى
هللا عليه وآله وسلم ) :الخير كله في السيف ،وتحت ظل السيف ،وَّل يقيم الناس
إَّل السيف ،والسيوف مقاليد الجنة والنار.
ورواه الشيخ بإسناده عن الصفار ،عن محمد بن السندي ،عن علي بن الحكم ،
عن أبان.
ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ،عن أبي جعفر ،عن أبيه
،عن وهب ،عن جعفر ،عن أبيه ( عليهما السالم ) نحوه.
التهذيب .
امالي الصدوق.
الكافي .
وبإَّلسناد قال :وقال النبي ( صلى هللا عليه وآله ) أخبرني جبرئيل بأمر قرت به
عيني ،وفرح به قلبي ،قال :يا محمد من غ از من امتك في سبيل هللا ،فأصابه
قطرة من السماء ،أو صداع ،كتب هللا له ثواب اَّلعمال .شهادة يوم القيامة.
وفي ( ثواب اَّلعمال ) عن أبيه ،عن سعد ،عن أحمد بن أبي عبدهللا البرقي ،
عن أبيه ،عن وهب مثله ،وكذا اللذان قبله.
وبهذا اْلسناد قال :قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) جاهدوا تغنموا.
وبهذا اْلسناد قال :قيل للنبي ( صلى هللا عليه وآله ) ما بال الشهيد َّل يفتن في قبره
قال :كفى بالبارقة فوق رأسه فتنة
96
وعن محمد بن يحيى ،عن محمد بن الحسين ،عن علي بن النعمان ،عن سويد
القالنسي ،عن أبي بصير قال :قلت َّلبي عبدهللا ( عليه السالم ) :أي الجهاد
أفضل ؟ فقال :من عقر جواده ،وأهريق دمه في سبيل هللا.
وعنه ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن الحسن بن محبوب ،عن بعض
أصحابه قال :كتب أبو جعفر ( عليه السالم ) في رسالته إلى بعض خلفاء بني
امية :ومن ذلك ما ضيع الجهاد الذي فضله هللا عز وجل على اَّلعمال ،وفضل
عامله على العمال ،تفضيال في الدرجات والمغفرة ،والرحمة َّلنه ظهر به الدين ،
وبه يدفع عن الدين ،وبه اشترى هللا من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنة ،بيعا
مفلحا منجحا اشترط عليهم فيه حفظ الحدود ،وأول ذلك الدعاء إلى طاعة هللا من
طاعة العباد ،والى عبادة هللا من عبادة العباد ،وإلى وَّلية هللا من وَّلية العباد ،
فمن دعى إلى الجزية فابى قتل وسبي أهله ،وليس الدعاء من طاعة عبد إلى طاعة
عبد مثله ،ومن أقر بالجزية لم يتعد عليه ،ولم تخفر ذمته ،وكلف دون طاقته ،
وكان الفيء للمسلمين عامة غير خاصة ،وان كان قتال وسبي سير في ذلك بسيرته
،وعمل فيه في ذلك بسنته من الدين ،ثم كلف اَّلعمى واَّلعرج والذين َّل يجدون
ما ينفقون على الجهاد بعد عذر هللا عز وجل إياهم ،ويكلف الذين يطيقون ما َّل
يطيقون ،وإنما كان أهل مصر يقاتل من يليه ،يعدل بينهم في البعوث ،فذهب
ذلك كله حتى عاد الناس رجلين :أجير مؤتجر بعد بيع هللا ،ومستأجر صاحبه
غارم بعد عذر هللا ،وذهب الحج فضيع ،وافتقر الناس فمن أعوج ممن عوج هذا ،
ومن أقوم ممن أقام هذا ؟ فرد الجهاد على العباد وزاد الجهاد على العباد إن ذلك
خطأ عظيم.
وعن عدة من أصحابنا ،عن أحمد بن محمد بن خالد ،عن بعض أصحابه ،عن
عبدهللا بن عبد الرحمن اَّلصم ،عن حيدرة ،عن أبي عبدهللا ( عليه السالم ) قال :
الجهاد أفضل اَّلشياء بعد الفرائض.
97
ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ،عن جعفر بن محمد ،عن
بعض أصحابنا ،عن عبدهللا بن عبد الرحمان اَّلصم مثله.
وعنهم ،عن ابن خالد ،عن أبيه ،عن أبي البختري ،عن أبي عبدهللا ( عليه
السالم ) قال :قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) :إن جبرئيل ( عليه السالم )
أخبرني بأمر قرت به عيني ،وفرح به قلبي ،قال :يا محمد من غ از غزاة في سبيل
هللا من امتك ،فما أصابه قطرة من السماء أو صداع ،إَّل كانت له شهادة يوم
القيامة.
ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ،عن أبي جعفر ،عن أبيه ،
عن وهب ،عن جعفر ،عن أبيه مثله.
وعنهم ،عن ابن خالد ،عن عثمان بن عيسى ،عن عنبسة ،عن أبي حمزة قال :
سمعت أبا جعفر ( عليه السالم ) يقول :إن علي بن الحسين ( صلوات هللا عليه )
كان يقول :قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) :ما من قطرة أحب إلى هللا عز
وجل من قطرة دم في سبيل هللا.
المصادر
الكافي.
التهذيب.
وعن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن محبوب رفعه أن أمير المؤمنين ( عليه
السالم ) خطب يوم الجمل ـ إلى أن قال :ـ فقال :أيها الناس إن الموت َّل يفوته
المقيم ،وَّل يعجزه الهارب ،ليس عن الموت محيص ،ومن لم يمت يقتل ،وإن
أفضل الموت القتل ،والذي نفسي بيده َ ،للف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة
على فراش . . .الحديث.
وعن أحمد بن محمد بن سعيد ،عن جعفر بن عبدهللا العلوي ،وعن أحمد بن محمد
98
الكوفي ،عن علي بن العباس ،عن إسماعيل بن إسحاق جميعا ،عن أبي روح
فرج بن قرة ،عن مسعدة بن صدقة ،عن ابن أبي ليلي ،عن أبي عبد الرحمن
السلمي قال :قال أمير المؤمنين ( عليه السالم ) :أما بعد فإن الجهاد باب من
أبواب الجنة فتحه هللا لخاصة أوليائه ـ إلى أن قال ـ هو لباس التقوى ،ودرع هللا
الحصينة ،وجنته الوثيقة ،فمن تركه ألبسه هللا ثوب الذل ،وشمله البالء ،
وديث بالصغار والقماءة ،وضرب على قلبه باَّلسداد ،وأديل الحق منه بتضييع
الجهاد ،وسيم الخسف ،ومنع النصف . . .الحديث.
ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد بن سعيد نحوه ،وزاد :وأديل الحق
بتضييع الجهاد وغضب هللا عليه بتركه نصرته وقد قال هللا عز وجل في محكم كتابه
( :إن تنصروا هللا ينصركم ويثبت أقدامكم .الكافي .
ورواه الكليني ،عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن
أبي عبدهللا ( عليه السالم ) مثله ،إلى قوله :فليس فوقه بر.
وعنه ،عن عبدهللا بن المغيرة ،عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني ،عن ضرار بن
عمرو السميساطي ،عن سعد بن مسعود الكناني ،عن عثمان بن مظعون قال :
قلت لرسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) :إن نفسي تحدثني بالسياحة وأن ألحق
بالجبال ،فقال :يا عثمان َّل تفعل فإن سياحة امتي الغزو والجهاد.
وبإسناده عن البرقي ،عن سعد بن سعد اَّلشعري ،عن أبي الحسن الرضا ( عليه
السالم ) قال :سألته عن قول أمير المؤمنين ( عليه السالم ) َّللف ضربة بالسيف
أهون من موت على فراش ؟ فقال :في سبيل هللا
التهذيب .
ورواه الكليني ،عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد ،عن محمد بن خالد ،
عن سعد بن سعد مثله.
محمد بن علي بن الحسين في ( عيون اَّلخبار ) بإسناده عن الفضل بن شاذان ،
عن الرضا ( عليه السالم ) في كتابه إلى المأمون قال :والجهاد واجب مع اَّلمام
العادل.
وفي ( معاني اَّلخبار ) عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ،عن عبد
العزيز بن يحيى الجلودي ،عن هشام بن علي ومحمد بن زكريا الجوهري ،عن ابن
عائشة باسناد ذكره إن عليا ( عليه السالم ) قال في خطبة له :أما بعد فإن الجهاد
باب من أبواب الجنة ،فمن تركه رغبة عنه ألبسه هللا الذل وسيم الخسف وديث
بالصغار الحديث.
ورواه الرضي في ( نهج البالغة ) مرسال.
وفي ( المجالس ) عن جعفر بن علي ،عن جده الحسن بن علي ،عن جده عبدهللا
111
بن المغيرة ،عن إسماعيل بن مسلم السكوني ،عن الصادق جعفر بن محمد ( عليه
السالم ) ،عن أبيه قال :قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) :خيول الغزاة
خيولهم في الجنة.
وفي ( عقاب اَّلعمال ) باسناد تقدم في عيادة المريض عن رسول هللا ( صلى هللا
عليه وآله ) أنه قال ـ في حديث ـ :ومن خرج في سبيل هللا مجاهدا فله بكل خطوة
سبعمائة ألف حسنة ،ويمحا عنه سبعمائة ألف سيئة ،ويرفع له سبعمائة ألف درجة
،وكان في ضمان هللا بأي حتف مات كان شهيدا ،وإن رجع رجع مغفو ار له
مستجابا دعاؤه.
المصادر
الكافي.
عيون اخبار الرضا ( عليه السالم ).
معاني اَّلخبار.
نهج البالغة.
امالي الصدوق.
عقاب اَّلعمال .
أحمد بن محمد بن خالد في ( المحاسن ) عن الوشاء ،عن مثنى ،عن منصور بن
حازم قال :قلت َّلبي عبدهللا ( عليه السالم ) :أي اَّلعمال أفضل ؟ قال :الصالة
لوقتها ،وبر الوالدين ،والجهاد في سبيل هللا.
محمد بن الحسن بإسناده عن أبان بن عثمان ،عن عيسى بن عبدهللا القمي ،عن
أبي عبدهللا ( عليه السالم ) قال :ثالثة دعوتهم مستجابة :أحدهم الغازي في سبيل
هللا فانظروا كيف تخلفونه.
وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ،عن أبي جعفر ،عن أبيه ،عن وهب عن
113
جعفر ،عن أبيه قال :قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) :من بلغ رسالة غاز
كان كمن أعتق رقبة وهو شريكه في ثواب غزوته.
ورواه الصدوق في ( ثواب اَّلعمال ) عن أبيه ،عن سعد ،عن أحمد بن أبي
عبدهللا البرقي ،عن أبيه ،عن وهب بن وهب ،عن جعفر بن محمد ،عن آبائه
عليهم السالم.
وفي ( المجالس ) عن علي بن عيسى ،عن علي بن محمد ماجيلويه ،عن البرقي
،عن أبيه ،عن وهب بن وهب ،عن الصادق ( عليه السالم ) عن أبيه ،عن جده
( عليهم السالم ) مثله.
محمد بن يعقوب ،عن عدة من أصحابنا ،عن أحمد بن محمد بن خالد ،عن أبيه
،عن أبي البختري ،عن أبي عبدهللا ( عليه السالم ) قال :قال رسول هللا ( صلى
هللا عليه وآله ) وذكر مثله.
وعن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن أبي عبدهللا (
عليه السالم ) قال :قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) :من اغتاب مؤمنا غازياً
أوآذاه أو خلفه في أهله بسوء نصب له يوم القيامة فيستغرق حسناته ثم يركس في
النار إذا كان الغازي في طاعة هللا عز وجل.
ورواه الصدوق في ( عقاب اَّلعمال ) عن أبيه ،عن سعد ،عن إبراهيم بن هاشم ،
عن النوفلي.
أقول :وتقدم ما يدل على ذلك في السفر.
باب وجوب الجهاد على الرجل دون المرأة بل تجب عليها طاعة زوجها ،وحكم
جهاد المملوك
محمد بن يعقوب ،عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن أبي الجوزاء ،عن الحسين
بن علوان ،عن سعد بن طريف ،عن اَّلصبغ بن نباتة قال :قال أمير المؤمنين (
114
عليه السالم ) :كتب هللا الجهاد على الرجال والنساء فجهاد الرجل بذل ماله ونفسه
حتى يقتل في سبيل هللا ،وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها
وغيرته.
وفي حديث آخر :وجهاد المرأة حسن التبعل.
ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب.
وتقدم ما يدل وجوب الجهاد عموما ،ويأتي ما يدل على أنه ليس للعبد التصرف
في نفسه وَّل ماله إَّل باذن سيده.
6ـ باب أقسام الجهاد وكفر منكره وجملة من أحكامه
محمد بن يعقوب ،عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،وعلي بن محمد القاساني جميعا
عن القاسم بن محمد ،عن سليمان بن داود المنقري ،عن فضيل بن عياض قال :
سألت أبا عبدهللا ( عليه السالم ) عن الجهاد أسنة هو أم فريضة ؟ فقال :الجهاد
على أربعة أوجه ،فجهادان فرض ،وجهاد سنة َّل تقام إَّل مع الفرض ،وجهاد سنة
،فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي هللا عز وجل وهو من اعظم
الجهاد ،ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض ،وأما الجهاد الذي هو سنة َّل يقام
115
إَّل مع فرض فإن مجاهدة العدو فرض على جميع اَّلمة ولو تركوا الجهاد َّلتاهم
العذاب وهذا هو من عذاب اَّلمة ،وهو سنة على اَّلمام وحده أن يأتي العدو مع
اَّلمة فيجاهدهم ،وأما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة اقامها الرجل وجاهد في
إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل اَّلعمال َّ ،لنها إحياء سنة
،وقد قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) :من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر
من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من اجورهم شئ.
وتقدم ما يدل على عدم وجوب الجهاد على العبد في الحديث 1من الباب 36من
ابواب وجوب الحج وشرائطه.
الزكاة فإخوانكم في الدين فهؤَّلء َّل يقبل منهم اَّل القتل أو الدخول في اَّلسالم
وأموالهم وذ ارريهم سبي على ما سن رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) فإنه سبى
وعفا وقبل الفداء ،والسيف الثاني على أهل الذمة قال هللا تعالى ( :وقولوا للناس
حسنا ) نزلت هذه اآلية في أهل الذمة ،ثم نسخها قوله عز وجل ( :قاتلوا الذين َّل
يؤمنون باّلل وَّل باليوم اَّلخر وَّل يحرمون ما حرم هللا ورسوله وَّل يدينون دين الحق
من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) فمن كان منهم
في دار اَّلسالم فلن يقبل منهم اَّل الجزية أو القتل وما لهم فيء وذ ارريهم سبي واذا
قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم ،وحرمت أموالهم ،وحلت لنا مناكحتهم ،
ومن كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم ،ولم تحل لنا مناكحتهم ،ولم يقبل
منهم اَّل الدخول في دار اَّلسالم أو الجزية أو القتل ،والسيف الثالث سيف على
مشركي العجم ـ يعني :الترك والديلم والخزر ـ قال هللا عز وجل في أول السورة التي
يذكر فيها الذين كفروا فقص قصتهم ثم قال ( :فضرب الرقاب حتى اذا أثخنتموهم
فشدوا الوثاق فاما أمناً بعد واما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ) فأما قوله ( :فأما
مناً بعد ) يعني :بعد السبي منهم ( واما فداء ) يعني :المفاداة بينهم وبين أهل
اَّلسالم ،فهؤَّلء لن يقبل منهم اَّل القتل أو الدخول في اَّلسالم ،وَّل تحل لنا
مناكحتهم ما داموا في دار الحرب ،وأما السيف المكفوف فسيف على أهل البغي
والتأويل ،قال هللا عز وجل ( :وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما
فإن بغت إحداهما على اَّلخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر هللا ) فلما
نزلت هذه اَّلية قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله:
إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل النبي ( صلى
هللا عليه وآله ) من هو ،فقال :خاصف النعل ـ يعني :أمير المؤمنين ( عليه
السالم ) ـ فقال عمار بن ياسر :قاتلت بهذه الراية مع رسول هللا ( صلى هللا عليه
وآله ) ثالثا ،وهذه الرابعة ،وهللا لو ضربونا حتى يبلغونا المسعفات من هجر
117
لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل ،وكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين (
عليه السالم ) ما كان من رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) في أهل مكة يوم فتح
مكة فإنه لم يسب لهم ذرية ،وقال :من أغلق بابه فهو آمن ،ومن ألقى
سالحه فهو آمن ،وكذلك قال أمير المؤمنين ( عليه السالم ) يوم البصرة :نادى
َّل تسبوا لهم ذرية ،وَّل تجهزوا على جريح ،وَّل تتبعوا مدب ار ومن أغلق بابه وألقى
سالحه فهو آمن ،وأما السيف المغمود فالسيف الذي يقوم به القصاص ،قال هللا
عز وجل ( :النفس بالنفس والعين بالعين ) فسله إلى أولياء المقتول وحكمه إلينا
،فهذه السيوف التي بعث هللا بها محمدا ( صلى هللا عليه وآله ) فمن جحدها أو
جحد واحدا منها أو شيئا من سيرها أو أحكامها فقد كفر بما أنزل هللا على محمد (
صلى هللا عليه وآله) .
ورواه الصدوق في ( الخصال ) عن أبيه ،عن سعد بن عبدهللا ،عن القاسم بن
محمد ،وكذا الذي قبله.
هذه بعض اآليات من كتاب هللا في اليهود
َّللاِ ُه أو ال ُه أدى
ص أارى أحتهى تأتهِب أع ِمهلتأ ُهم ۗ ُقل ِإ هن ُه أدى ه ه
ود أوأَّل الن أ
نك الأي ُه ُضى أع أ أوألن تأر أ
صٍ
ير َّللاِ ِمن ولِ ٍي وأَّل ن ِ
اء أك ِم أن ال ِعل ِم ۗ أما أل أك ِم أن ه هِ ِِ ه
أ أ أ اء ُهم أبع أد الذي أج أ ۗ أوألئن اتأبع أت أأه أو أ
﴿ ٩٢١البقرة﴾
118
هاؤهُ ۗ ُقل أفلِ أم ُي أع ِذ ُب ُكم ِب ُذ ُنوبِ ُكم ۗ أبل أأنتُم أب أش وأقاأل ِت اليهود والهنصارى أنحن أأبأناء ه ِ ِ
َّللا أوأأحب ُ ُ ُ أُ ُ أ أ أ أ
ض أو أماات واَلأر ِِ
الس أم أاو أ اء ۗ أوِهّللِ ُمل ُك ه ِ
اء أوُي أعذ ُب أمن أي أش ُ
ِ ِ ِ
ٌر م همن أخأل أق ۗ أيغف ُر ل أمن أي أش ُ
ص ُير ﴿ ٩٨المائدة﴾ بينهما ۗ وِإألي ِه الم ِ
أ أ أُ أ أ
ض ُهم أأولِأياء أبع ٍ ِ ين آم ُنوا أَّل تأته ِخ ُذوا الأي ُه أ ه يا أأي ه ِ
ض ۗ أو أمن ُ ص أارى أأولأي أ
اء ۗ أبع ُ ود أوالن أ ُّها الذ أ أ
أ أ
ه ِِ ِ ِ يتأوهلهم ِم ُ ِ ِ
ين ﴿ ١٩المائدة﴾ نكم أفإهن ُه من ُهم ۗ إ هن ه أ
َّللا أَّل أيهدي الأقوأم الظالم أ أأ ُ
ين أأش أرُكوا ۗ أوألتأ ِج أد هن أأق أرأب ُهم هم أوهد ًة لِهل ِذ هِ
ود أوالذ أ
آم ُنوا الأي ُه أ
ين أ
ِه ِ ألتأ ِج أد هن أ أ
أش هد الهن ِ
اس أع أد أاوًة للذ أ
ين أوُرهأب ًانا أوأهن ُهم أَّل أيستأكِب ُرو أن ين آمنوا هال ِذين أقاُلوا ِإهنا نصارى ۗ أذلِك ِبأ ه ِ ِ ِ ِ
أن من ُهم قسيس أ أ أأ أ أ أ أُ
﴿ ٨٢المائدة﴾
اس أفتأ أمهن ُوا ال أمو أت ِإن ُكنتُمُقل ِإن أك أانت أل ُكم ال هد ُار اآلأ ِخ أرةُ ِع أند َّللاِ أخالِص ًة ِمن ُدو ِن الهن ِ
أ ُ
هِ
يم ِبالظال أ
ِ ِ ِ ِ ِِ
مين ين {البقرة }61/أوألن أيتأ أمهنوهُ أأأب ًدا ب أما أق هد أمت أأيديهم أوَّللاُ أعل ٌ صادق أأ
هِ ٍ ِ
اس أعألى أحأياة أو ِم أن الذ أ
ين أأش أرُكوا أي أوُّد أ أ
أح ُد ُهم ألو ص الهن ِ {البقرة }66/أوألتأج أدهن ُهم أأح أر أ
ص ٌير ِب أما أيع أمُلو أن اب أأن يع همر وَّللا ب ِ ف سأن ٍة وما ُهو ِبم أزح ِز ِح ِه ِم أن الع أذ ِ
ُأ أ أ ُ أ أ ُي أع هم ُر أأل أ أ أ أ أ ُ
ص ِدقاً لِ أما أبي أن ِ ِِ ِ ِ ان أع ُدًّوا لِ ِجب ِر أ ِ ه ه
يل أفإن ُه أنزأل ُه أعألى أقلب أك بإذن َّللا ُم أ {البقرةُ }69/قل أمن أك أ
ِِ ِ ِ ِِ ِِ ِ ِ ِ
أي أديه أو ُه ًدى أوُبش أرى لل ُمؤ ِمن أ
ان أع ُدًّوا ّلل أو أمآلئ أكته أوُرُسله أوجب ِر أ
يل ين {البقرة }65/أمن أك أ
ِ ِ
ال أفِإ هن َّللاأ أع ُدٌّو لل أكاف ِر أ
ين {البقرة}62/ أو ِم أ
يك أ
ِ ِ
وكا وسى لِأقو ِمه أيا أقو ِم اذ ُك ُروا ِنع أم أة َّللا أعألي ُكم ِإذ أج أع أل ِف ُ
يكم أأنِبأياء أو أج أعأل ُكم ُّمُل ً ال ُم أ
أوإِذ أق أ
المأق هد أس أة هالِتي
ض ُ ين {المائدة }82/أيا أقو ِم اد ُخلُوا اَلأر أ
ِ ِ
أح ًدا من ال أعاألم أ
ِ
اكم هما ألم ُيؤت أ أ
أوآتأ ُ
وسى ِإ هن ِ ِ
ين {المائدة }83/أقالُوا أيا ُم أ ارُكم أفتأنأقل ُبوا أخاس ِر أ
أكتأ أب َّللاُ أل ُكم أوَّلأ تأرتأُّدوا أعألى أأدأب ِ
هارين وإِهنا ألن هند ُخألها حتهى يخرجوا ِمنها أفِإن يخرجوا ِمنها أفِإهنا د ِ ِ
اخُلو أن أ أ أ ُُ أ أ أ أ أ ُُ يها أقو ًما أجب ِ أ أ فأ
{المائدة}88/
111
اب ألِئن أُخ ِرجتُم ين أكأفروا ِمن أأه ِل ال ِكتأ ِ ِِ ِ ِ ه ِ هِ
ين أنا أفُقوا أيُقوُلو أن ْلخ أوانه ُم الذ أ ُ أألم تأر ِإألى الذ أ
َّللاُ أيش أه ُد ِإهن ُهم أل أك ِاذ ُبو أن
نص أرهن ُكم أو ه ِ
أح ًدا أأأب ًدا أوإِن ُقوتلتُم ألأن ُ يع ِف ُ
يكم أ أ
ِ
ألأنخ ُر أج هن أم أع ُكم أوأَّل ُنط ُ
ِ ه ِ ِ ِ ِ
وهم
ص ُر ُ ون ُهم أوألئن ن أ نص ُر أ{الحشر }33/ألئن أُخر ُجوا أَّل أيخ ُر ُجو أن أم أع ُهم أوألئن ُقوتُلوا أَّل أي ُ
َّللاِ أذلِ أك
ورِهم ِم أن ه أش ُّد أرهأب ًة ِفي ص ُد ِ
ُ نص ُرو أن {الحشر }38/أَلأنتُم أ أ ُّ
أل ُي أول هن اَلأدأب أار ثُ هم أَّل ُي أ
صأن ٍة أأو ِمن يعا ِإ هَّل ِفي ُق ًرى ُّم أح ه ِ
ون ُكم أجم ً
ِ
ِب أهن ُهم أقوٌم هَّل أيفأق ُهو أن {الحشر }31/أَّل ُيأقاتلُ أ
وب ُهم أشتهى أذلِ أك ِب أهن ُهم أقوٌم هَّل أيع ِقُلو أن ِ ِ
أوأراء ُج ُد ٍر أبأ ُس ُهم أبيأن ُهم أشد ٌيد تأح أس ُب ُهم أجم ً
يعا أوُقُل ُ
{الحشر}31/
ورهُ أوألو أك ِرأه ال أك ِاف ُرو أن ي ِريدون أأن يط ِفؤوا نور َّللاِ ِبأأفو ِ
اه ِهم أوأيأأبى َّللاُ ِإَّله أأن ُيِت هم
ُن أ أ ُ ُ ُأ ُ ُ أ
{التوبة.}18/
من المعلوم عند جميع الناس أن اليهود هم شر خلق هللا ،فهم شر من وطئ الحصى
َلنهم قتلة اَلنبياء ،ومفترو الكذب على هللا ،الخونة الجبناء ،ناقضوا المواثيق ،وفوق
ذلك فقد حاولوا قتل النبي المصطفى – صلى هللا عليه وعلى آله– عدة مرات لكن
هللا – تبارك وتعالى – نجاه وحفظه.
والمتتبع للتأريخ يدرك غدرهم وحمقهم ،وشدة عدائهم للمسلمين ،ومن نظر في عصرنا
الحاضر وما قاموا به من اْلجرام ضد إخواننا في أرض غزة علم ذلك ،فقد هدموا
البيوت ،وقتلوا النساء واَلطفال ،وسفكوا الدماء ,وضربوا باَلسلحة المحرمة دولياً،
وحطموا الكهرباء والممتلكات والمستشفيات – وَّل حول وَّل قوة إَّل باّلل العلي العظيم،
هو حسبنا ونعم الوكيل .و لكن أخي الكريم ما يرجى من نفوس ملئت حقدا و بغضا
و غال فأصيبوا بالجنون و شعروا بالبراكين تغلي داخلهم فهذه التصرفات تنبئ على
حالهم و حال من يؤيدهم و يدعمهم.
112
عداوة للذين
ً قال اْلمام الطبري – رحمه هللا تعالى “ :-لتجدن يا محمد أش هد الناس
اليهود والذين أشركوا تفسير
أ ص هدقوك واتبعوك وصدقوا بما جئتهم به من أهل اْلسالم؛
الطبري.
وقال الحافظ ابن كثير – رحمه هللا – في تفسير اآلية“ :ما ذاك إَّل َلن كفر اليهود
وغمط للناس ،وتأأنقص بحملة العلم ،ولهذا قتلوا كثي اًر
عناد وجحود ،ومباهتة للحق ،أ
من اَلنبياء ،حتى هموا بقتل رسول هللا ﷺ غير مرة ،وسحروه ،و هألبوا عليه أشباههم
من المشركين – عليهم لعائن هللا المتتابعة إلى يوم القيامة تفسير ابن كثير .
وقال الرازي – رحمه هللا “ :-اعلم أنه – تعالى – لما ذكر من أحوال أهل الكتاب
من اليهود والنصارى ما ذكره ذكر في هذه اآلية أن اليهود في غاية العدواة مع
المسلمين ،ولذلك جعلهم قرناء للمشركين في شدة العداوة ،بل نبه على أنهم أشد في
العداوة من المشركين من جهة أنه قدم ذكرهم على ذكر المشركين ،ولعمري أنهم
كذلك تفسير الرازي.
وقال الخازن – رحمه هللا – في تفسيره“ :الالم في قوله لتجدن َّلم القسم تقديره وهللا
يا محمد إنك لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا بك وصدقوك؛ اليهود والذين
أشركوا ،ووصف هللا شدة عداوة اليهود وصعوبة إجابتهم إلى الحق ،وجعلهم قرناء
المشركين عبدة اَلصنام في العداوة للمؤمنين ،وذلك حسداً منهم للمؤمنين تفسير
الخازن
وقال ابن سعدي – رحمه هللا “ :-فهؤَّلء الطائفتان على اْلطالق أعظم الناس معاداة
لإلسالم والمسلمين ،وأكثرهم سعياً في إيصال الضرر إليهم ،وذلك لشدة بغضهم لهم
بغياً وحسداً ،وعناداً وكفر تفسير السعدي .
113
عنادهم وتعنتهم ،وكثرة أسئلتهم واستفسارهم :إذ من صفاتهم القبيحة أنهم متعنتون،
يكثرون اَلسئلة واَّلستفسارات ،ومن أمثلة لذلك ما ذكره هللا – تبارك وتعالى – في
محكم التنزيل عما وقع بين موسى وبين قومه عندما أمرهم أن يذبحوا بقرة فقالوا:
وسى لِأقو ِم ِه ِإ هن َّللاأ أيأ ُم ُرُكم أأن ال ُم أ
أتتخذنا هزواً ثم قالوا :ما هي؟ ما لونها؟ أوإِذ أق أ
ِِ تأذبحوا بأقرة أقالُوا أأتأته ِخ ُذنا ه ُزواً أقال أأعوُذ ِباّللِ أأن أ ُ ِ
ين أقالُوا ادعُ ألأنا أكو أن م أن ال أجاهل أ أ ُ أ ُ أ ُ أ أً
ان أبي أن أذِل أك أفاف أعُلوا َّل ِبكٌر أع أو ٌ ول ِإهن أها أبأق أرةٌ َّله أف ِ هك ُيأبِين لأنا ما ِهي أق ِ
ض أو أ ار ٌ ال إهن ُه أيُق ُ
أ أ أ أرب أ
صف أراء أف ِاق ٌع هك ُيأبِين هلأنا ما ألوُنها أقال ِإهن ُه أيُق ِ
ول إن أها أبأق أرةٌ أ ُ أ أ أ أما تُؤ أمرو أن أقالُوا ادعُ ألأنا أرب أ
هك ُيأبِين هلأنا أما ِهي ِإ هن الأبأق أر تأ أش أاب أه أعأليأنا أوإِهنا ين أقالُوا ادعُ ألأنا أرب أ
ِ ه
لوُن أها تأ ُس ُّر الهناظ ِر أ
أ
ض أوَّلأ تأس ِقي َّللا ألمهتأدون أقال ِإهنه يُقول ِإهنها بأقرة َّله أذُل ِ ِ
ول تُث ُير اَلأر أ ٌ أ ُ أ ُ أ أ أٌ اء ه ُ ُ ُ أ إن أش أ
ه هِ ِ
وها أو أما أك ُادوا أيف أعلُو أن سورة اآلن ِجئ أت ِبال أح ِق أف أذأب ُح أ
يها أقالُوا أ ال أحر أث ُم أسل أمةٌ َّل شأي أة ف أ
البقرة (.)53-95
وسى ألن تعنتاً وعناداً ،وقالوا له كما أخبر هللا – تبارك وتعالى – بذلك :أوِإذ ُقلتُم أيا ُم أ
ض ِمن أبقلِ أها أوِقثه ِآئ أها ِ ٍِ
هك ُيخ ِرج ألأنا م هما تُنِب ُت اَلأر ُ هنصِب أر أعأل أى أ
ط أعا ٍم أواحد أفادعُ ألأنا أرب أ
طوا ِمص اًر ال أأتأستأب ِدلُو أن هال ِذي ُه أو أأدأنى ِب هال ِذي ُه أو أخيٌر اهِب ُ وُفو ِمها وعد ِسها وب ِ
صل أها أق أ
أ أ أ أأ أ أ أ أ
َّللاِ أذلِ أك ِب أهن ُهم
ض ٍب ِم أن ه
آؤوا ِب أغ أ
ِه
ض ِرأبت أعألي ِه ُم الذل ُة أوال أمس أكأن ُة أوأب ُ أفِإ هن أل ُكم هما أسأألتُم أو ُ
ين ِب أغي ِر الحق سورة البقرة ( .)319أذلِ أك ِب أما ات ه ِ أكانوا يكُفرون ِبآي ِ
َّللا أوأيق ُتلُو أن الهنِبِي أ ُ أ ُ أ أ
صوا هوأك ُانوا أيعتأ ُدو أن سورة البقرة (.)93 أع أ
تحريفهم للكتاب :فمن صفاتهم أنهم حرفوا كالم هللا الذي أُنزل إليهم ،وغيروا
وبدلوا حتى قال هللا – تبارك وتعالى – عنهم للمؤمنين :أأفتأط أم ُعو أن أأن ُيؤ ِم ُنوا أل ُكم أوأقد
114
ون ُه ِمن أبع ِد أما أعأقُلوهُ أو ُهم أيعأل ُمو أن سورة ِ أكان أف ِر ِ
يق من ُهم أيس أم ُعو أن أكالأ أم َّللا ثُ هم ُي أح ِرُف أ
ٌ أ
البقرة (.)56
ظرأنا وقال هللا – تبارك وتعالى -:يا أأيُّها هال ِذين آمنوا َّلأ تأُقولُوا ر ِ
اعأنا أوُقولُوا ان ُ أ أ أُ أ أ
لك ِاف ِرين ع أذ ِ
يم سورة البقرة (.)321 أواس أم ُعوا أولِ أ أ أ ٌ
اب أأل ٌ
وقال هللا – تبارك وتعالى – لهم :أوإِذ ُقلأنا اد ُخلُوا أه ِذِه الأقرأي أة أف ُكلُوا ِمن أها أحي ُث ِشئتُم
ِِ ط ٌة هنغ ِفر أل ُكم أخ أرغداً وادخُلوا الباب س هجداً وُقوُلوا ِح ه
ين سورة اكم أو أسأن ِز ُيد ال ُمحسن أ ط أاي ُ أ أ أ ُ أأ أ ُ
البقرة ( .)62فقالوا :حنطة.
الغدر والخيانة :إن الغدر والخيانة صفتان قبيحتان يستقبحهما كل من كانت فطرته
سليمة لم تشبها شائبة ،لكن من أعظم الصفات التي يتصف بها اليهود – قبحهم هللا
– صفتا الغدر والخيانة ،فهم خونة ينقضون المواثيق ويغدرون ،ويخونون من ائتمنهم
قال – تعالى -:وإِ أذا ألُقوا هال ِذين آمنوا أقالُوا آمهنا وإِ أذا خألوا ِإألى أشي ِ
اط ِين ِهم أقالُوا ِإهنا أم أعكم أ أ أ أ أ أُ أ
ِإهن أما أنح ُن ُمستأه ِزُؤو أن سورة البقرة (.)31
وروى اْلمام أبو داود السجستاني – رحمه هللا – في سننه “أن النبي ﷺ كان يقبل
الهدية ،وَّل يأكل الصدقة” ،زاد “فأهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية س همتها ،فأكل
رسول هللا ﷺ منها ،وأكل القوم ،فقال :ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتني أنها
مسمومة ،فمات بشر بن البراء بن معرور اَلنصاري ،فأرسل إلى اليهودية :ما حملك
على الذي صنعت؟ قالت :إن كنت نبياً لم يضرك الذي صنعت ،وإن كنت ملكاً
أرحت الناس منك ،فأمر بها رسول هللا ﷺ فقتلت ،ثم قال :في وجعه الذي مات
فيه :ما زلت أجد من اَلكلة التي أكلت بخيبر ،فهذا أوان قطعت أبهري“ رواه أبو
داود وروي عن جابر بن عبد هللا – رضي هللا عنهما – عند الدارمي في سننه
والحاكم في المستدرك وقال :صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه؛ وقال اَللباني:
حسن صحيح في صحيح أبي داود .
قسوة قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد :بسبب عصيانهم هلل – تبارك وتعالى ،-ولرسله
– صلوات هللا عليهم أجمعين – قال هللا – تبارك وتعالى – مخب اًر عن حال
اسأي ِة
طان ِفتن ًة لِهل ِذين ِفي ُقلُوِب ِهم همرض والأق ِ
أ ٌ أ أ وقال – سبحانه -:لِأيجعل ما ُيل ِقي ه
الشي أ ُ أ أأ أ
اق أب ِع ٍيد سورة الحج (.)61 ين أل ِفي ِشأق ٍ ه ِِ
وب ُهم أوإِ هن الظالم أ
ُقلُ ُ
116
وقد توعد هللا – تبارك وتعالى – القاسية قلوبهم بالعذاب فقال – جل وعال -:أأف أمن
َّللاِ
وب ُهم ِمن ِذك ِر ه ِ ِ ِ ِ إلس أال ِم أفهو عألى ن ٍ ِ
َّللا صدره لِ ِ
ور من هرِبه أف أوي ٌل للأقاسأية ُقلُ ُ ُأ أ ُ أش أرأح ه ُ أ أ ُ
ين سورة الزمر (.)88 ض أال ٍل مِب ٍ ِ ِ
ُ أُوألئ أك في أ
هم قوم مغرورون ومتكبرون :وهاتان الصفتان من أقبح الصفات ،فالكبر وحده مانع
من دخول الجنة كما جاء عن عبدهللا بن مسعود عن النبي ﷺ قال َّ:ل يدخل
الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر رواه مسلم برقم (.)63
ومن كبرهم أنهم قالوا :إنهم أبناء هللا وأحباؤه كما قال هللا – تبارك وتعالى -:أوأقاأل ِت
هاؤهُ ُقل أفلِ أم ُي أع ِذ ُب ُكم ِب ُذ ُنوِب ُكم أبل أأنتُم أب أشٌر ِم همن ِ ِ الأي ُه ُ ه
ص أارى أنح ُن أأبأناء َّللا أوأأحب ُ
ود أوالن أ
ض أو أما أبيأن ُه أما أوإِألي ِه
ات واَلأر ِِ
الس أم أاو أ أخأل أق أيغ ِف ُر لِ أمن أي أشاء أوُي أع ِذ ُب أمن أي أشاء أوِّللِ ُمل ُك ه
ص ُير سورة المائدة (.)32 الم ِ
أ
وقالواَّ :ل يدخل الجنة إَّل من كان منهم كما قال هللا – تبارك وتعالى -:أوأقالُوا ألن
ُّهم ُقل أهاتُوا ُبرأه أان ُكم ِإن ُكنتُم يدخل الجهن أة ِإَّله من أكان هوداً أأو نصارى ِتلك أ ِ
أماني ُ
أ أ أأ أ أ ُ أ أ ُأ أ
ين سورة البقرة (.)333 ِِ
صادق أأ
,ومن كبرهم وغرورهم أنهم إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ولم يستمعوا له كما أخبر
ضوا أعن ُه أوأقالُوا ألأنا أأع أمالُأنا أوأل ُكم ه ِ
هللا – تبارك وتعالى – عنهم :أوإِ أذا أسم ُعوا اللغ أو أأع أر ُ
ين سورة القصص (.)66 ِِ ِ
أأع أمالُ ُكم أس أال ٌم أعألي ُكم أَّل أنبتأغي ال أجاهل أ
قتل اَلنبياء – عليهم الصالة والسالم ،-ومن يأمر بالمعروف وينهى عن
المنكر :ولقبح أخالقهم فقد قاموا بقتل أنبياء هللا – تبارك وتعالى – عليهم الصالة
والسالم ،-وحاولوا قتل نبينا محمد – صلى هللا عليه وعلى آله وصحبه وسلم – قال
ين ِب أغي ِر أح ٍق أوأيق ُتلُو أن ِ ِ هِ
ين أيكُف ُرو أن ِب أآيات َّللا أوأيق ُتُلو أن الهنِبِي أ
هللا – تبارك وتعالى ِ -:إ هن الذ أ
اب أألِي ٍم سورة آل عمران (.)83 اس أفب ِشرُهم ِبع أذ ٍ ِ ِ ِ ِِ
أ ين أيأ ُم ُرو أن ِبالقسط م أن الهن ِ أ
الذ أ
117
أي“ :ظلماً ،فإنهم قتلوا أشعياء ،وزكريا ،ويحيى وغيرهم تفسير السراج المنير
وتفسير النسفي.
,وقال البيضاوي – رحمه هللا – في تفسيره“ :بسبب كفرهم بالمعجزات التي من
جملتها ما ع هد عليهم من فلق البحر ،وإظالل الغمام ،وإنزال المن والسلوى ،وانفجار
العيون من الحجر ،أو بالكتب المنزلة :كاْلنجيل ،والفرقان ،وآية الرجم ،والتي فيها
نعت محمد ﷺ من التوراة ،وقتلهم اَلنبياء ،فإنهم قتلوا أشعياء ،وزكريا ،ويحيى
وغيرهم بغير الحق عندهم إذ لم يروا منهم ما يعتقدون به جواز قتلهم ،وإنما حملهم
صوا هوأك ُانوا ِ ِ
على ذلك اتباع الهوى ،وحب الدنيا كما أشار إليه بقوله :أذل أك ب أما أع أ
أيعتأ ُدو أن أي :جرهم العصيان والتمادي واَّلعتداء فيه إلى الكفر باآليات ،وقتل النبيين،
فإن صغار الذنوب سبب يؤدي إلى ارتكاب كبارها ،كما أن صغار الطاعات أسباب
مؤدية إلى تحري كبارها ،وقيل كرر اْلشارة للدَّللة على أن ما لحقهم كما هو بسبب
الكفر والقتل فهو بسبب ارتكابهم المعاصي ،واعتدائهم حدود هللا – تعالى“ -تفسير
البيضاوي.
الذهل ُة أأي أن أما ثُِقُفوا ِإَّله ِب أحب ٍل ِمن َّللاِ أو أحب ٍل
وقال هللا – تبارك وتعالى -:ض ِربت عألي ِهم ِ
ُ أ أ ُ
ض ِرأبت أعألي ِهم ال أمس أكأن ُة أذلِ أك ِب أهن ُهم أك ُانوا أيكُف ُرو أن ِ ِ ِم أن الهن ِ
ُ ض ٍب م أن َّللا أو ُ
آؤوا ِب أغ أ
اس أوأب ُ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
صوا هوأك ُانوا أيعتأ ُدو أن سورة آل عمران ب أآيات َّللا أوأيق ُتُلو أن اَلأنبأياء ب أغير أح ٍق أذل أك ب أما أع أ
(.)338
نقضهم العهود والمواثيق :ومن أشهر صفات اليهود أيضاً نقضهم العهد والميثاق،
فلقد نقضوا عهدهم مع هللا – تبارك وتعالى – ومع رسله في أكثرِ من موضع،
ه
اه ُدوا أعهداً هنأب أذهُ أف ِر ٌ
يق وسطر هللا ذلك في كتابه فقال – سبحانه وتعالى :-أ أأو ُكل أما أع أ
ِمن ُهم أبل أأكثأ ُرُهم َّلأ ُيؤ ِم ُنو أن سورة البقرة (.)322
َّل تأع ُب ُدو أن ِإَّله َّللاأ أوبِال أوالِ أدي ِن ِإح أساناً
يل أ ويقول سبحانه :وإِذ أأخذنا ِميثأ ِ ِ ِ
اق أبني إس أرائ أ
أ أ أ أ
اة ثُ هم الصالأ أة وآتُوا ه ِ ِه ِ ِ ِ ِ
الزأك أ أ يموا ه امى أوال أم أساكين أوُقولُوا للناس ُحسناً أوأأق ُ أوذي الُقرأبى أوالأيتأ أ
ضو أن سورة البقرة (.)21 ِ ال ِم ُ
نكم أوأأنتُم مع ِر ُ تأأوهليتُم ِإَّله أقلِي ً
ضو أن أعه أد ُهم ِفي ُك ِل أم هرٍة أو ُهم َّلأ أيتهُقو أن سورة وقال هللا :هال ِذين عاه ه ِ
دت من ُهم ثُ هم أينُق ُ أ أ أ
اَلنفال (.)69
وقد حصل هذا قبل بعثة النبي ﷺ ،فلما جاء اْلسالم ،وقدم النبي ﷺ إلى المدينة،
وعاهدهم؛ نقضوا العهد أكثر من مرة ،وتآمروا مع القبائل الكافرة ضد المسلمين حتى
انتقم هللا – تبارك وتعالى – منهم وأخزاهم.
119
· تفرقهم واختالفهم :ومن صفاتهم أنهم تفرقوا إلى جماعات متعددة متناحرة ،وما
تبارك وتعالى :-أوَّلأ وقع ذلك اَّلختالف والتفرق إَّل بعد أن جاءهم العلم قال هللا –
ِ ات أوأُوألِئ أك ِ ِ هِ
يم سورة اب أعظ ٌ
أل ُهم أع أذ ٌ اءه ُم الأبِيأن ُ
ين تأأف هرُقوا أواخأتألُفوا من أبعد أما أج ُ
ونوا أكالذ أ
تأ ُك ُ
آل عمران (.)326
وعن أبي هريرة قال :قال رسول هللا ﷺ :افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين
فرقة رواه أبو داود والترمذي وقال أبو عيسى :حديث أبي هريرة حديث حسن
صحيح؛ وصححه اَللباني في السلسلة الصحيحة وفي صحيح ابن ماجة .
وروي عن معاوية بن أبي سفيان – رضي هللا عنهما – بلفظ :أنه قام فينا فقال:
“أَّل إن رسول هللا ﷺ قام فينا فقال :أَّل إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على
ثنتين وسبعين ملة ،وإن هذه الملة ستفترق على ثالث وسبعين :ثنتان وسبعون في
النار ،وواحدة في الجنة ،وهي الجماعة رواه أبو داود وابن ماجة وقال اَللباني :حسن
صحيح في صحيح الترغيب والترهيب برقم وصححه في السلسلة الصحيحة .
قلة أدبهم مع هللا – تبارك وتعالى ،-ومع أنبيائه ،وأنهم قوم مفسدون :فهم من أخبث
قل أدبهم مع هللا – تبارك وتعالى ،-ومع أنبيائه ،فنسبوا إلى هللا –
خلق هللا ،حيث ه
ود ِ
تبارك وتعالى – الولد ،وقالوا أن هللا فقير قال هللا – تبارك وتعالى -:أوأقاألت الأي ُه ُ
عزير ابن َّللاِ وأقاألت الهنصارى الم ِسيح ابن َّللاِ أذِلك أقولُهم ِبأأفو ِ
اه ِهم يض ِ
اه ُؤو أن أقو أل ُأ أ أ ُ أ ُ ُ أ أ أ ُأ ٌ ُ
ين أكأف ُروا ِمن أقب ُل أق أاتأل ُه ُم َّللاُ أهنى ُيؤأف ُكو أن اته أخ ُذوا أأحأب أارُهم أوُرهأب أان ُهم أأرأباباً ِمن هِ
الذ أ
121
ود ِ
وقالوا :يد هللا – تبارك وتعالى – مغلولة فقال هللا – تبارك وتعالى -:أوأقاألت الأي ُه ُ
ف أي أشاء طتأ ِ ِ
ان ُينف ُق أكي أ أي ُد َّللاِ مغلُوألةٌ ُغهلت أأي ِد ِ
يهم أوُل ِع ُنوا ِب أما أقالُوا أبل أي أداهُ أمب ُسو أ أ
ضاء طغأياناً أو ُكف اًر أوأألأقيأنا أبيأن ُه ُم ال أع أد أاوأة أوالأبغ أُنزأل ِإألي أك ِمن هربِ أك ُ أوألأي ِز أيد هن أكِثي اًر ِمن ُهم هما أ ِ
أها َّللاُ وأيس أعو أن ِفي اَلأر ِ ِ ِإألى يو ِم ال ِقي ِ ه
ض أف أساداً أوَّللاُ َّلأ أ امة ُكل أما أأوأق ُدوا أنا اًر لل أحر ِب أأطأفأ أ
أأ أ
ين سورة المائدة (.)91 ِِ ِ
ُيح ُّب ال ُمفسد أ
وقالوا :إن هللا – تبارك وتعالى – فقير ،ونحن أغنياء فقال هللا – سبحانه -:هلأقد
ين أقاُلوا ِإ هن َّللاأ أف ِق ٌير أوأنح ُن أأغِنأياء أسأنكتُ ُب أما أقاُلوا أوأقتأل ُه ُم اَلأنِبأياء هِ أس ِم أع
َّللاُ أقو أل الذ أ
يق سورة آل عمران (.)323 اب ال أح ِر ِ ول ُذوُقوا أع أذ أأح ٍق أوأنُق ُ ِب أغي ِر
ومن قلة أدبهم مع اَلنبياء ما فعله اليهود مع النبي ﷺ ،فقد كانوا يسلمون عليه
فيقولون :السام عليك أي :الموت ،قالت عائشة – رضي هللا عنها – زوج النبي ﷺ :
“دخل رهط من اليهود على رسول هللا ﷺ فقالوا :السام عليكم ،قالت عائشة – رضي
هللا عنها :-ففهمتها ،فقلت :وعليكم السام واللعنة ،قالت :فقال رسول هللا ﷺ :مهالً يا
عائشة!! إن هللا يحب الرفق في اَلمر كله ،فقلت :يا رسول هللا أو لم تسمع ما قالوا؟
قال رسول هللا ﷺ :قد قلت :وعليكم رواه البخاري ومسلم برقم.
وعن عائشة – رضي هللا عنها – قالت“ :كان على رسول هللا ﷺ ثوبان قطريان
غليظان ،فكان إذا قعد فعرق ثقالً عليه ،فقدم بز من الشام لفالن اليهودي ،فقلت :لو
بعثت إليه فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرة ،فأرسل إليه فقال :قد علمت ما يريد ،إنما
يريد أن يذهب بمالي أو بدراهمي ،فقال رسول هللا ﷺ :كذب ،قد علم أني من أتقاهم
هلل ،وآداهم لألمانة رواه الترمذي وقال أبو عيسى :حديث عائشة حديث حسن غريب
121
تركهم اَلمر بالمعروف والنهي عن المنكر :ومن المعلوم أن اَلمر بالمعرف والنهي
عن المنكر فيه حياة اَلمم ،وصالح الحال والمجتمع ،وذلك َلنه إذا وجدت المنكرات
في المجتمع من غير أن يوجد من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ فإن ذلك
يؤدي إلى فساد المجتمع بأكمله ،وجعل هللا – تبارك وتعالى – الخيرية لهذه اَلمة
وذلك َلمرها بالمعروف ،ونهيها عن المنكر قال هللا – تبارك وتعالى ُ :-كنتُم أخي أر
ِ ِ ِ اس تأأمرون ِبالمعر ِ ِ ٍ
وف أوتأن أهو أن أع ِن الم أ ِ
نكر أوتُؤم ُنو أن باّلل أوألو أ
آم أن أأه ُل ُ أُ همة أُخ ِر أجت للهن ِ ُ ُ أ أ ُ
اسُقو أن سورة آل عمران (.)332 ال ِكتأا ِب أل أكان خي اًر هلهم ِمنهم المؤ ِمنون وأأكثأرهم الأف ِ
أ أ ُ ُ ُ ُ ُ أ أ ُ ُُ
لكن اليهود بخالف هذه اَلمة تركوا اَلمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،فاستحقوا
بذلك غضب هللا – تبارك وتعالى – عليهم ،ولعنهم قال – تبارك وتعالى ُ :-ل ِع أن
ِ ِ ِ ان أداو أ ِ ِ ِ ِ ِ ِ هِ
صوا يسى ابن أمرأي أم أذل أك ب أما أع أ
ود أوع أ يل أعألى ل أس ِ ُ ين أكأف ُروا من أبني إس أرائ أ الذ أ
نك ٍر أف أعلُوهُ ألِبئ أس أما أك ُانوا أيف أعلُو أن سورة المائدة
اهو أن أعن ُّم أ
هوأك ُانوا أيعتأ ُدو أن * أك ُانوا َّلأ أيتأأن أ
(.)56 -52
انعدام الحياء :الحياء من صفات المؤمنين ،وهو من اْليمان ،وَّل يأتي إَّل بخير فعن
مر على رجل من اَلنصار
عبد هللا بن عمر – رضي هللا عنهما – أن رسول هللا ﷺ ه
وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول هللا ﷺ :دعه ،فإن الحياء من اْليمان رواه
البخاري ومسلم .
وعن عمران بن حصين قال :قال النبي ﷺ :الحياء َّل يأت إَّل بخير رواه البخاري
ومسلم .
122
ومن قبح اليهود وخستهم أنهم ليس عندهم حياء لحديث أبي هريرة عن
النبي ﷺ قال :كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ،ينظر بعضهم إلى بعض ،وكان
موسى يغتسل وحده ،فقالوا :وهللا ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إَّل أنه آدر ،فذهب
مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ،ففر الحجر بثوبه ،فخرج موسى في إثره يقول:
ثوبي يا حجر ،حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى ،فقالوا :وهللا ما بموسى من
بأس ،وأخذ ثوبه ،فطفق بالحجر ضرباً فقال أبو هريرة “ :وهللا إنه لندب بالحجر
ستة أو سبعة ضرباً بالحجر” رواه البخاري ومسلم .
أنهم حاسدون للمؤمنين :من صفات المؤمنين الرحمة والتعاطف بعضهم يعطف
على بعض ،ويحبون الخير لبعضهم بخالف اليهود فإنهم يتصفون بحقدهم على
المسلمين ،وعلى كل صاحب نعمة وذلك لحديث عائشة – رضي هللا عنها :-عن
النبي ﷺ قال :ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السالم ،والتأمين رواه
ابن ماجه وصححه اَللباني في صحيح ابن ماجة وفي صحيح الترغيب
والترهيب .وعموماً فإن اليهود قد جمعوا كل صفة قبيحة فاتصفوا بها ،وما ذكرناه
سابقاً هو بعض الصفات التي اتصفوا بها – عليهم من هللا تعالى ما يستحقون ،-
ولذلك استحقوا غضب هللا – تبارك وتعالى – عليهم ،ولعنه لهم ،ومسخهم إلى قردة
وخنازير ،وكل ذلك بسبب مخالفتهم َلوامر هللا – تبارك وتعالى ،-وإيمانهم بالجبت
والطاغوت ،وبسبب توليهم الذين كفروا قال هللا – تبارك وتعالى ُ :-قل أهل أأُنِب ُئ ُكم
ض أب أعألي ِه أو أج أع أل ِمن ُهم ال ِق أرأد أة أوال أخأن ِ
از أير ِب أش ٍر ِمن أذلِك مثُوب ًة ِعند َّللاِ من هلعنه َّللا و أغ ِ
أ أأ ُ ُ أ أ أ أ أ
ُ
يل سورة المائدة (.)92 السِب ِ
أض ُّل أعن أس أواء ه ِ ه
وت أُوألئ أك أشٌّر هم أكاناً أوأ أ
اغ أ
أو أعأب أد الط ُ
اب ُيؤ ِم ُنو أن ِبال ِجب ِت وقال – جل وعال :-أألم تأر ِإألى هال ِذين أُوتُوا ن ِ
صيباً ِم أن ال ِكتأ ِ أ أ أ
آم ُنوا أسِبيالً سورة النساء ِ هِ ِه ِ الط ِه
ين أ اغوت أوأيُقولُو أن للذ أ
ين أكأف ُروا أه ُؤَّلء أأه أدى م أن الذ أ أو ُ
(.)63
وهو أن هللا نفسه قد سماهم بهذا اَّلسم في قوله في التوراة( :أنتم أوَّلد للرب إلهكم).
وفي مصطلحاتهم نجدهم يخلعون على أنفسهم صفات المدح والتعظيم فيسمون
أنفسهم أيضاً بـ(الشعب اَلزلي) وبالعبرية (عام عوَّلم) ،و(الشعب اَلبدي) وبالعبرية
(عام ينصح) ،و(شعب هللا) وبالعبرية (عام ألوهيم) .وانبنى على ذلك احتقارهم لألمم
اَلخرى وتسميتها بألفاظ السباب والشتائم مثل (الجوييم) و(عاريل) و(ممزير) ،ثم
تمادوا في ادعائهم بأن لهم حق السيطرة على العالم ما داموا أنهم أبناء هللا وأحباؤه.
-بطالن هذه الدعوى:
لقد بيهن القرآن الكريم بطالن زعمهم باَلدلة الواضحة الدامغة فقال تعالى :أوأقاأل ِت
هاؤهُ ُقل أفلِ أم ُي أع ِذ ُب ُكم ِب ُذ ُنوِب ُكم أبل أأنتُم أب أشٌر ِم همن ِ ِ الأي ُه ُ ه
ص أارى أنح ُن أأبأناء َّللا أوأأحب ُ
ود أوالن أ
ض أو أما أبيأن ُه أما أوإِألي ِه
ات واَلأر ِِ
الس أم أاو أ أخأل أق أيغ ِف ُر لِ أمن أي أشاء أوُي أع ِذ ُب أمن أي أشاء أوِّللِ ُمل ُك ه
صير[ المائدة] 32 : الم ِ
أ
قال اْلمام القرطبي في تفسير اآلية الكريمة( :لم يكونوا يخلون من أحد أمرين:
إما أن يقولوا :هو يعذبنا .فيقال لهم :فلستم إذاً أبناؤه وَّل أحباؤه ،فإن الحبيب َّل
يعذب حبيبه ،وأنتم تقرون بعذابه ،وذلك دليل على كذبكم ،وإما أن يقولواَّ :ل يعذبنا.
فيكذبوا ما في كتبهم وما جاءت به رسلهم ،ويبيحوا المعاصي وهم معترفون بعذاب
العصاة منهم ،فيلتزمون أحكام كتبهم).
وجل لليهود على ذنوبهم في الدنيا قبل اآلخرة كما
عز هوقد كان وسيكون عذاب هللا ه
سبق في أثناء الحديث عن تاريخهم.
ثم أبيهن هللا عز وجل بطالن أصل اَّلدعاء ،وبين لهم ما هو الحق من أمرهم فقال
125
تعالى :أبل أأنتُم أب أشٌر ِم همن أخأل أق أيغ ِف ُر لِ أمن أي أشاء أوُي أع ِذ ُب أمن
أي أشاء[ المائدة ] 32:أي :ليس اَلمر كما زعمتم أيها اليهود ،بل الحق أنكم كسائر
البشر من خلق هللا ،إن آمنتم وأصلحتم أعمالكم نلتم الثواب ،وإن بقيتم على كفركم
وجحودكم نلتم العقابَّ ،ل فضل َلحد على أحد عند هللا إَّل باْليمان والعمل الصالح.
فالناس من أصل وأب واحد من آدم عليه الصالة والسالم ،وهو من تراب قال
تعالى :و ِمن آي ِات ِه أأن أخألأق ُكم ِمن تُر ٍ
اب ثُ هم ِإ أذا أأنتُم أب أشٌر تأنتأ ِش ُرون[ الروم] 82 : أ أ أ
فال فرق بين أسود وأبيض ،وَّل ميزة لفرد على آخر ،وَّل فضل ْلنسان على إنسان
القرآنية اآلتية:
ف أبل هل أعأن ُه ُم ه
َّللا ِب ُكف ِرِهم أفأقلِيالً هما ُيؤ ِم ُنون[ البقرة] 22 : وبأنا ُغل ٌ
قال تعالى :أوأقاُلوا ُقُل ُ
ص ِد ٌق لِ أما أم أع ُهم أوأك ُانوا ِمن أقب ُل وقال تعالى :وأل هما جاءهم ِكت ِ ِ ِ ِ
اب من عند َّللا ُم أ أ ُ أ ٌ أ
126
كتبهم التي يقدسونها لتظل شاهداً على افترائهم وكذبهم ،فقد ورد في توراتهم قول
موسى عليه الصالة والسالمَ( :لني أنا عارف تمردكم ورقابكم الصلبة ،هو ذا وأنا
حي ٌۗ معكم اليوم قد صرتم تقاومون الرب ،فكم بالحري بعد موتيَ ...لني عارف
بعد ٌّ
128
أنكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق الذي أوصيتكم به ،ويصيبكم الشر في
آخر اَليام؛ َلنكم تعملون الشر أمام الرب حتى تغيظوه بأعمال أيديكم) .وذكرت
المزامير بعض العقوبات اْللهية التي نزلت على اليهود بسبب كفرهم وعصيانهم،
وفيها( :وتعلقوا ببعل فغور ،وأكلوا ذبائح الموتى وأغاظوه بأعمالهم فاقتحمهم الوباء،
فوقف فينحاس ودان فامتنع الوباء ...لم يستأصلوا اَلمم الذين قال لهم الرب عنهم،
بل اختلطوا باَلمم وتعلموا أعمالهم ،وعبدوا أصنامهم فصارت لهم شركاً ،وذبحوا بنيهم
وبناتهم لألوثان ،وأهرقوا دماً زكيًّا ،دم بنيهم وبناتهم الذين ذبحوهم َلصنام كنعان،
وتدنست اَلرض بالدماء ،وتنجسوا بأعمالهم ،وزنوا بأفعالهم ،فحمي غضب الرب
على شعبه وكره ميراثه ،أسلمهم ليد اَلمم ،ه
وتسلط عليهم مبغضوهم ،وضغطهم
أعداؤهم فذلوا تحت يدهم .)...وقال نبيهم أرميا في رثاء بيت المقدس وما أصابها من
اَلعداءَ( :لن الرب قد أذلها َلجل كثرة ذنوبها ،ذهب أوَّلدها إلى السبي قدام
العدو) .وقال أرميا عن هللا وعذابه( :نحن أذنبنا وعصينا أنت لم تغفر ،التحفت
اء يا رب حسب عمل أياديهم ،لعنتك لهم ،اتبع ه
بالغضب وطردتنا) .وقال( :رد لهم جز ً
بالغضب وأهلكهم من تحت سماوات الرب) .ثم قال في نهاية رثائه لما أصاب بني
إسرائيل( :لماذا تنسانا إلى اَلبد وتتركنا طول اَليام ،ارددنا يا رب إليك فنرتدِ ،
جدد
أيامنا كالقديم ،هل كل الرفض رفضتنا ؟! هل غضبت علينا ًّ
جدا ؟!) .كما أن
اَلناجيل نسبت إلى المسيح عليه الصالة والسالم ذ هم اليهود وتوعدهم بالعذاب
اْللهي ،فقال( :يا أورشليم يا أورشليم ،يا قاتلة اَلنبياء ،وراجمة المرسلين إليها ،كم
أردت أن أجمع أوَّلدك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحها ولم تريدوا ،هو ذا
بيتكم يترك لكم خراباً)..
قد حدثتنا سورة اْلسراء أن هللا سبحانه وتعالى قضى على بني إسرائيل أن سيفسدوا
في اَلرض مرتين ،وأنه سيسلط عليهم عقب كل إفساد من يسومهم سوء العذاب؛
ض أم هرتأي ِن أوألتأعلُ هن ضيأنا إألى بِني إسرِائيل ِفي ال ِكتأ ِ
اب ألتُف ِس ُد هن ِفي اَلأر ِ {وأق أ
أ أ أ فقال تعالى :أ
129
وقد تحدث المفسرون عن مرتي إفساد بني إسرائيل اللتين أخبر هللا بهما في هذه
اآليات ،وعن القوم اَلشداء المسلطين عليهم في كل مرة ،فانعقد إجماع غير أهل هذا
العصر منهم على مضي اْلفسادين والعقابين معاً في أزمنة ما قبل اْلسالم من
تاريخ بني إسرائيل ،ثم اختلفوا في تعيين مرتي إفساد بني إسرائيل ،وتحديد المعنيين
بالقوم أولي البأس الشديد ،الذين سلطوا عليهم في المرتين ،وليس إيراد ما قالوه في
هذا الشأن وتتبع آرائهم يخدم الغرض من هذه المقالة ،وقد قام بذلك غير واحد؛ كما
فعل شيخ اَلزهر السابق محمد طنطاوي ،في بحثه حول بني إسرائيل في القرآن
والسنة؛ حيث استقصى أقوال المفسرين في الموضوع ،وخلص إلى أن «الذي يراجع
ما كتبه المفسرون عن هذه اآليات الكريمة ،يجد أنهم متفقون على أمرين:
اَلول :أن مرتي إفساد بني إسرائيل في اَلرض كانتا قبل اْلسالم .الثاني :أن العباد
الذين سلطهم هللا عليهم ليذلوهم عقب إفسادهم اَلول والثاني كانوا أيضاً قبل اْلسالم،
وخالف المفسرين إنما هو فيما سوى هذين اَلمرين»[.]3
ويقصد بما سوى اَلمرين المذكورين ما ذكرته من تعيين مرتي إفساد بني إسرائيل،
وتحديد المعنيين بالقوم الذين سلطوا عليهم عقب كل منهما ،وقد استقصى آراء
المفسرين في ذلك وأدلتهم ،ثم رجح «أن العباد الذين سلطهم هللا على بني إسرائيل
بعد إفسادهم اَلول في اَلرض هم جالوت وجنوده ،كما يراه المحققون من أهل
التفسير ...أما المراد بالعباد الذين سلطهم هللا على بني إسرائيل بعد إفسادهم الثاني
131
في اَلرض ،فيرى جمهور المفسرين أنهم البابليون بقيادة بختنصر ...وهذا الرأي
الذي قاله جمهور المفسرين ليس ببعيد ،لما ذكرنا من تنكيله [أي بختنصر] بهم ،إَّل
أننا نؤثر على هذا الرأي أن يكون المسلط عليهم بعد إفسادهم الثاني هم الرومان
بقيادة تيطس»[.]8
على أن نظم اآليات يأبى أن يكون القوم المسلطون عليهم في المرة الثانية غير
وفي تحديد المسلطين عليهم في المرتين تعيين لإلفسادين بما صدر من بني إسرائيل
قبل كل عقاب يلحق بهم من أحد فريقي المسلطين.
وبعد عرض هذا الرأي ساق اَلدلة التي استند إليها في ترجيحه ،وَّل داعي للتطويل
بإيرادها[َ ،]1لن ما قرره المفسرون القدماء حول معاني هذه اآليات َّل يعنيني هنا
بقدر ما يعنيني ما خالف به بعض المعاصرين إجماع المفسرين حول زمن اْلفسادين
أو اْلفساد الثاني لبني إسرائيل ،مدفوعين بالرغبة في تقرير أن القرآن يبشر بأن زوال
«إسرائيل» واقع َّل محالة؛ وأن اآليات الكريمة نبوءة قرآنية حتمية بتدمير المسلمين
لـ«دولة اليهود»؛ حيث ذهب أكثرهم إلى أن اْلفساد اَلول مضى ،وأن اْلفساد الثاني
هو الذي نعيشه اآلن مع اَّلحتالل الصهيوني لبالد فلسطين وما اقترن به من إفساد
وإهالك للحرث والنسل ،وأن المسلمين هم الذين سيسوؤون وجوه اليهود ،وسيدخلون
131
المسجد اَلقصى كما دخلوه أول مرة ،وسيتبروا ما عال اليهود تتبي اًر ،يعنينا التحقق
من سالمة أو عدم سالمة هذا التفسير الجديد لآليات؛ لما قد يكون له من آثار على
موقف المسلمين من الصراع في فلسطين بما يحمله من خطر اْليحاء بعبثية مقاومة
الكيان الصهيوني؛ ما دام النصر عليه قد اًر محتوماً ،ووعداً إلهياً ،وهذا اَلثر حاصل
مهما حاول من يروج هذا الرأي التأكيد على وجوب المقاومة وعدم انتظار النصر
الموعود.
َّلسيما أن بعضهم -وهو الدكتور مصطفى مسلم في كتابه «معالم قرآنية في
الصراع مع اليهود» -رسم لمستقبل الصراع سيناريو يتصل بظهور المسيح الدجال
ملكاً لليهود في «إسرائيل» ،ونزول عيسى عليه السالم للقضاء عليه وعلى أتباعه؛
ما يعني أن اَّلحتالل الصهيوني لفلسطين سيستمر إلى أن تبدأ أشراط الساعة الكبرى
في الظهور ،وأن على المسلمين أن يقطعوا اَلمل في تحريرها قبل قيام الساعة،
الشيء الذي يوحي للقارئ أن أي محاولة لدحر اَّلحتالل مغالبة للقدر ،واستعجال
للنصر قبل أوانه.
أين هو؟ فقدم جواباً مفاده أن أبناء الصحوة اْلسالمية سيبتلون ابتالء شديداً وفقاً
لسنة هللا في ابتالء من يدعي اْليمان ،فإذا تمحصت صفوفهم مكن هللا المخلصين
منهم «في رقعة من اَلرض ليقيموا عليها حكم هللا ...ومن بين صفوف هؤَّلء تنطلق
كتائب جند هللا إلى اليهود لتقع الملحمة الكبرى ،وينزل نبي هللا عيسى ابن مريم عليه
السالم ليكون في طليعة هذه الكتائب وقائدها في المعركة الفاصلة في باب اللد»[.]1
وفي موضع آخر ذكر أن «قدر هللا الكوني سيقع َّل محالة ،وهو إفساد بني إسرائيل
في اَلرض للمرة الثانية ليأتي بعد ذلك جند هللا الموحدون ،وعلى رأسهم المنقذ
المسيح عيسى ابن مريم صلوات هللا وسالمه عليه ،ليقضي على مملكة الباطل،
وأهل الفساد والشر ،فيقتل بحربته ملكهم المتوج من قبل المفسدين في اَلرض المسيح
اَلعور الدجال ،هذه نهاية الفساد ...ليقوم بعد ذلك حكم هللا في اَلرض ،ويعيش
الناس بسالم في ظل اْلسالم»[.]9
وفي نبرة تفاؤلية يبشرنا الشيخ متولي الشعراوي في تفسيره بأننا «اآلن ننتظر أوعد هللا
سبحانه ،ونعيش على أمل أن تنصلح أحوالنا ،ونعود إلى ساحة ربنا ،وعندها سينجز
لنا ما وعدنا من دخول المسجد اَلقصى ،وتكون لنا الكرة اَلخيرة عليهم ...فهو وعد
ٍ
آت َّل شك فيه»[.]5
هذا ويخشى أن يكون في اْلقدام على التفسير المذكور توجيه لآليات القرآنية
المدروسة نحو قصد يتناغم مع آمالنا في التحرر من اَّلحتالل الصهيوني ،وإن لم
نتحقق من كونه هو مراد هللا سبحانه منها؛ وذلك ضرب من تأويل النص بالتشهي،
وقد أوصى العلماء المتصدي للتفسير بـ«التحفظ من القول في كتاب هللا تعالى إَّل
على بينة»[ ،]2وأن يكون على بال من «أن ما يقوله تقصيد منه للمتكلم ،والقرآن
كالم هللا؛ فهو يقول بلسان بيانه :هذا مراد هللا من هذا الكالم؛ فليتثبت أن يسأله هللا
تعالى :من أين قلت عني هذا؟»[.]6
من أجل ذلك لزم النظر في هذه اآليات -كما في غيرها -على ضوء أصول
التفسير العلمية والشرعية لتبين المراد منها ،والتحقق من أن ما جاء فيها من اْلفساد
الثاني لبني إسرائيل ينطبق حقاً على اليهود المعاصرين وإفسادهم الحالي في
فلسطين.
133
-3ممن ذهب إلى أن اْلفساد الثاني لبني إسرائيل هو احتالل اليهود الحالي َلرض
فلسطين وإفسادهم فيها :الشيخ عبد المعز عبد الستار من علماء اَلزهر ،في مقال له
نشر بمجلة اَلزهر ،بعنوان «سورة اْلسراء تقص نهاية إسرائيل» ،قال في مقدمة
المقال« :أطبق المفسرون على أن ذلك الفساد واْلفساد وقع منهم مرتين في الماضي
قبل اْلسالم ...والذي يعنيني أن أكشف عنه وأن أثبته في هذا البحث أمران :اَلول
أن هاتين المرتين لم تكونا قبل البعثة ،وإنما هما في اْلسالم .الثاني أن المرة اَلولى
كانت على عهد رسول هللا وأصحابه ،واآلخرة هي التي نحن فيها اآلن ،والتي سنسوء
فيها وجوههم ،وندخل المسجد كما دخلناه ،وندمر فيها ما علواً تدمي اًر»[.]32
-٢وعلى هذا الرأي سار الشيخ متولي الشعراوي في تفسيره ،حيث أكد أن اْلفساد
الثاني لبني إسرائيل هو «ما نحن بصدده اآلن ،حيث سيتجمع اليهود في وطن واحد
اء أوع ُد
ليتحقق أوعد هللا بالقضاء عليهم ...وهذا هو المراد من قوله تعالى { :أفإ أذا أج أ
اآلخ أرِة ِجئأنا ِب ُكم أل ِف ًيفا } [اْلسراء ،]321 :أي :مجتمعين بعضكم إلى بعض من أشتى
ِ
-١وبه جزم عبد الكريم الخطيب في تفسيره المسمى «التفسير القرآني للقرآن»،
فقال« :إننا لنقطع عن يقين أن بني إسرائيل معنا اليوم ،واقعون تحت قوله تعالى:
وه ُكم أولِأيد ُخلُوا ال أـمس ِج أد أك أما أد أخلُوهُ أهأو أل أم هرٍة أولِ ُيتأِب ُروا ِ ِ
اء أوع ُد اآلخ أرِة لأي ُس ُ
وؤوا ُو ُج أ { أفإ أذا أج أ
أما أعألوا تأتِب ًيرا} [اْلسراء ..]٧ :وإذن فالجولة التالية بيننا وبين بني إسرائيل ،هي لنا،
وسندخل المسجد إن شاء َّللا كما دخلناه أول مرة ،وسنخزي القوم ونعريهم من كل ما
لبسوا من أثواب الزهو والغرور ..وسنقضي على هذه الدولة المولودة سفاحاً ..فلن
تقوم لها قائمة إلى يوم القيامة»[.]38
134
-٦وبسبب علو اليهود في أرض فلسطين بما لم يبلغوا قط مثله خالل عشرين قرناً
قبل قيام «إسرائيل» ،إذ أصبح لهم كيان مزود بكل وسائل التدمير واْلرهاب
واَّلستعالء ،مال الدكتور محمد المجذوب «إلى اعتبار اآلخرة من المرتين هي التي
نعاصرها اليوم ونعيش مآسيها»[.]31
-1وبهذا التفسير جزم الدكتور صالح عبد الفتاح الخالدي في كتابه «الشخصية
اليهودية من خالل القرآن» ،حيث رجح «أن اْلفساد الثاني لبني إسرائيل هو ما يقوم
به اليهود اآلن ،وأننا نحن الذين نعيش إفسادهم الثاني ،وأن هذا اْلفساد يتمثل في
كيانهم الذي أقاموه في فلسطين ،وفي تحكمهم وسلطانهم وعلوهم وتجبرهم الذي يبدو
أوضح ما يكون في هذه اَليام»[.]31
-6وانتهى الباحث محمد إبراهيم هالل في بحثه «اْلسراء وإسرائيل» كذلك إلى
أن «مرة اْلفساد الثانية هي التي نعيشها اليوم؛ حيث ردت الكرة لبني إسرائيل على
المسلمين»[.]36
-9ودافع عن هذا الرأي اَلستاذ بسام جرار في بحثه «زوال إسرائيل 8288نبوءة
قرآنية أم صدف رقمية؟» ،ليبني عليه ما انتهى إليه في القسم الثاني من الدراسة
بعد حسابات رياضية من أن عمر الكيان الصهيوني سينتهي عام 8288م[.]39
وتعيين وقت نهاية الكيان الصهيوني في السنة المذكورة رجم بالغيبَّ ،ل ينبغي
اْلقدام عليه ،وإن صدر دراسته بوصف هذه النتيجة التي توصل إليها بقولهَّ« :ل
أقول إنها نبوءة ،وَّل أزعم أنها ستحدث حتماً»[.]35
-5وقرر الدكتور مصطفى مسلم أن المرة الثانية ْلفساد بني إسرائيل «بدأت بذورها
من بداية مؤتمر اليهود في بازل بسويس ار عام 3265م ،والتي وضعوا فيها المخطط
135
المدروس ْلفساد العالم ،وأعلن فيها هرتزل وضع اللبنة اَلولى في دولة
إسرائيل ..ومنذ ذلك الوقت إلى اآلن وعلو بني إسرائيل في تزايد مستمر»[.]32
هكذا تواردت أقوال هؤَّلء الباحثين المعاصرين على أن اْلفساد الثاني لبني إسرائيل
هو ما نعيشه اآلن من اَّلحتالل الصهيوني َلرض فلسطين ،مع علمهم بإجماع
المفسرين على خالفه.
وليسلم لهم توجيه اآليات الوجهة المطلوبة ،عمل بعضهم على إزاحة إجماع
المفسرين هذا عن الطريق ،بتعليله بأن هؤَّلء المفسرين -كما يرى بسام جرار -لم
يكن يدور بخلد أحدهم «أن يعود لليهود دولة في اَلرض المباركة؟ [َلن] الدولة
اَلموية ،والدولة العباسية ،والدولة العثمانية ،كانت كل واحدة منها أعظم دولة في
عصرها .فأي مفسر هو هذا الذي سيخطر بباله أن المرة الثانية لم تأت بعد؟ وإن
خطر ذلك بباله ،فهل ستقبل عاطفته أن يخط قلمه مثل هذه النبوءة التي تتحدث عن
سقوط القدس في أيدي اليهود الضائعين المشردين والمستضعفين؟»[.]36
ورأى محمد هالل أن ذلك عائد إلى طبيعة «المعلومات التاريخية التي توفرت لهم
عن بني إسرائيل ،والتي كانت مبتورة وناقصة وموجهة ،..وعائد كذلك إلى واقع بني
إسرائيل في زمنهم (زمن المفسرين)؛ حيث لم يكن لهم دولة وَّل نفوذ في اَلرض ،وَّل
كان واقع حالهم يوحي بأنه ستكون لهم دولة ونفوذ ،..وقد تناسب هذا التأويل مع ما
كان عليه اليهود أيام المفسرين الذين تعرضوا لهذه اآليات من الذلة والصغار ،ولكن
لم يعد يتسق مع واقع العلو الكبير الذي يعيشونه اليوم»[.]82
وقدم صالح الخالدي لهم عذ اًر قريباً من هذا؛ إذ أرجع ذلك إلى كون المفسرين
قديماً «كانوا يعيشون في نظام إسالمي قائم ...وقد نظروا في اليهود ..فإذا هم
مجموعات من اَلفراد المشتتين اَلذَّلء الضعافَّ ،ل يتصور أن يكون لهم كيان في
136
المستقبل ،وَّل أن يقع منهم علو وإفساد في اَلرض ...ولهذا توجه هؤَّلء إلى التاريخ
اليهودي القديم ،فاستقرؤوه ،وبحثوا فيه عن اْلفسادين المذكورين ،فقالوا ما
قالوا»[.]83
الدليل اَلول :أن اَلسلوب الذي حكى هللا به اْلفسادين يدل على اَّلستقبال« ،فإذا
َّلحظنا ..أن هللا ينص على أنه قضى أنهم يفسدون في اَلرض مرتين؛ فإذا جاء
وعد أوَّلهما كان كذا ،وإذا جاء وعد اآلخرة كان كذا ..دل ذلك على أن المرتين غير
ما سبق ،..وأنهما يقعان في المستقبل بالنسبة لمن أنزل عليه الكتاب»[ ،]88وكلمة
«وعد» التي استعملها هللا في قوله «فإذا جاء وعد» «َّل تأتي لشيء يسبق الكالم بل
لشيء يأتي من بعد ..إذن فلم يكن ذلك في زمان بختنصر»[ .]81وكذلك
كلمة «(إذا) الموجودة أوَّلً هي ظرف لما ُيستقبل من الزمان ،أي بعد أن جاء هذا
الكالم»[.]81
وهذا الكالم إنما يصح مستنداً للتفسير المذكور لو كان المراد بـ«الكتاب» في قوله
ضيأنا إألى بِني إسرِائيل ِفي ال ِكتأ ِ
اب} [اْلسراء ،]٦ :هو القرآن؛ وهذا ما {وأق أ
أ أ أ تعالى :أ
حاول أن يوهمنا به عبد المعز عبد الستار بقوله« :يقعان في المستقبل بالنسبة لمن
أنزل عليه الكتاب» ،ولكن المفسرين أطبقوا على أن المراد به التوراة ،وأضاف
137
بعضهم جواز أن يراد به اللوح المحفوظ[ ،]86فال يكون في هذا الكالم مستمسك
لهم؛ َلن مرتي اْلفساد ستقعان في الزمان المستقبل بالنسبة لزمان نزول التوراة.
الدليل الثاني :أن اَلوصاف التي أسندتها اآليات للذين سيسلطون على بني إسرائيل
عقب اْلفسادين اَلول والثانيَّ ،ل تنطبق على من ذكرهم المفسرون كـ«جالوت» أو
«بختنصر» أو غيرهما؛ ففعل «البعث» َّل يستعمل إَّل مع المبعوثين المؤمنين،
و«طالما لم تستخدم كلمة (بعث) أو (بعثنا) في المبعوثين الكافرين ،فال يمكن أن
يراد بكلمة (بعثنا) في مطلع اْلسراء مبعوثين كافرين ،وَّل أن تنطبق على بختنصر
أو غيره»[ ،]89و«كلمة (عباداً) وإضافتها إلى هللا بالم اَّلختصاص( :لنا) ،توحي
بأن هؤَّلء الذين يزيلون إفساد اليهود مؤمنون ربانيون ...وتوحي كلمة (لنا) بمزيد من
التكريم الرباني لهؤَّلء العباد المؤمنين ،فهم عباد هلل خالصون له»[ .]85و«هل كان
بختنصر يدخل ضمن عباد هللا؟ إن قوله الحق( :عباداً لنا) مقصود به الجنود
اْليمانيون ،وبختنصر هذا كان فارسياً مجوسياً»[.]82
وهذا دليل ضعيف ،لكونه مؤسساً على مقدمة خاطئة ،وهي أن كلمة البعث َّل
تستعمل مع المبعوثين الكافرين ،وأن كلمة «العباد» إذا أضيفت هلل ،كان الموصوفون
بها بالضرورة عباداً مؤمنين؛ وهذا ليس بصحيح؛ فقد استعملت كلمة البعث مع
يأجوج ومأجوج ،وليسوا سوى مبعوثين كافرين ،ووصفهم هللا بـ«العبودية» وأضافهم
إلى نفسه ،وما هم بمؤمنين ،ومن جميل اَلقدار أن يجتمع الشاهدان معاً في عبارة
واحدة من حديث يقول هللا فيه لعيسى عليه السالم آخر الزمان ،كما في صحيح
ان َلأح ٍد ِب ِقتأالِ ِهم؛ أفح ِرز ِعب ِادي ِإألى ُّ ِ ِ ِِ
الطور، أ أ مسلم« :إني أقد أأخ أرج ُت عأب ًادا لي َّل أي أد ِ أ
َّللاُ أيأ ُجو أج أو أمأ ُجو أج ،أو ُهم ِمن ُك ِل أح أد ٍب أين ِسُلو أن»[ ،]86فهل يدل هذا على أن
أوأيب أع ُث ه
يأجوج ومأجوج من عباد هللا المؤمنين؟
138
ووصف هللا الوثنيين بالعبودية ،وأضافهم إلى نفسه كما في قوله تعالى خطاباً لآللهة
المعبودة من دون هللا يوم القيامة ،تبكيتاً لمن يعبدها{ :أأأنتُم أأضأللتُم ِعب ِادي هؤ ِ
َّلء أأم
أُ أ
يل} [الفرقان ،]35 :وهذا يدل بوضوح على أن وصف العبودية مضافاً ضُّلوا ه ِ
السب أ ُهم أ
إلى ذات هللا َّل يختص به العباد المؤمنون ،بل يوصف به أيضاً المشركون
والكافرون.
الدليل الثالث :أن اْلفساد لم يقع من بني إسرائيل في الماضي مرتين فقط؛
فقد «أفسدوا من قبل سبعين مرة ،فالمرتان المعنيتان في اآلية وقعتا بعد»[.]12
وهذا ليس بشيء؛ فإن ما قيل عن إفساد بني إسرائيل في الماضي؛ أي قبل نزول
القرآن ،يقال عنهم أيضاً بعد نزوله ،فقد أفسدوا أيضاً بعد ذلك مرات عديدة ،ومن
المعلوم أن اْلفساد الوارد في النبوءة َّل يراد به أي إفساد ،وإنما المراد به اْلفساد
العام الظاهر ،كالخروج الجماعي عن التوحيد وعبادة اَلوثان ،أو قتل نبي ،أو ما
شابه ذلك ،وليس المراد به اْلفساد الفردي الذي يتكرر مرات عديدة كل يوم.
الدليل الرابع :أن ما وعد هللا بني إسرائيل أن يمدهم به في المرة الثانية من اَلموال
والبنين وكثرة النفير ،لم ُي أمد به اليهود عبر تاريخهم إَّل في زماننا[ ،]13مما يدعم
القول بأن ما نعيشه اآلن من احتالل اليهود لفلسطين هو اْلفساد الثاني لبني
إسرائيل.
وهذا الكالم مناف لما سجله التاريخ من فترات ازدهار عاشها بنو إسرائيل بعد
العودة من السبي البابلي أيام قورش الفارسي[ ،]18وعقب نجاح الثورة اليهودية التي
قادها المكابيون[.]11
هذا ِ
ويرُد على هذا التأويل -فضالً عن ضعف أدلته -اعتراضان كل منهما كفيل
بنسفه من أساسه:
139
أولهما :أن اآليات تدل بوضوح على أن العقابين وقعاً معاً ببني إسرائيل في اَلرض
المقدسة ،وأن القوم الذين سلطوا عليهم في المرة اَلولى هم أنفسهم من سلطوا عليهم
ِ ِ
وه ُكم اء أوع ُد اآلخ أرِة لأي ُس ُ
وؤوا ُو ُج أ في المرة الثانية ،كما تقدم؛ لقوله تعالى { :أفإ أذا أج أ
أولِأيد ُخُلوا ال أـمس ِج أد أك أما أد أخُلوهُ أهأو أل أم هرٍة} [اْلسراء ،]٧ :فالضمير في قوله
وه ُكم أولِأيد ُخلُوا ال أـمس ِج أد} عائد بالضرورة على العباد أولي البأس ِ
وؤوا ُو ُج أ
تعالى{ :لأي ُس ُ
{ولِأيد ُخُلوا ال أـمس ِج أد
الشديد الذين جاسوا خالل الديار في المرة اَلولى؛ وقوله تعالى :أ
أك أما أد أخلُوهُ أهأو أل أم هرٍة} يدل على أنهم دخلوا المسجد في المرة اَلولى أيضاً ،ودمروه كما
فعلوا في المرة الثانية ،فهل ُسلط المسلمون يوماً على بني إسرائيل في فلسطين،
ودخلوا هيكلهم ودمروه؟ هذا ما لم يحدث في التاريخ ،فكيف إذن سيكون المسلمون
هم المسلطين على بني إسرائيل في مرة إفسادهم الثانية ،وهم لم يسلطوا عليهم في
اَلولى.
ولتجاوز هذا اَّلعتراض ادعى أصحاب هذا التأويل أن المقصود بالمرة اَلولى من
إفسادي بني إسرائيل هو ما «حدث من اليهود في ظل اْلسالم ،حيث نقضوا عهدهم
مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،والعباد هم رسول هللا والذين آمنوا معه عندما
جاسوا خالل ديارهم ،وأخرجوهم من المدينة وقتلوا منهم من قتلوا ،وسبوا من
سبوا»[ ،]11وأن المسلمين دخلوا «المسجد اَلقصى أول مرة في اَّلمتداد اْلسالمي
في عهد عمر بن الخطاب رضي هللا عنه»[.]16
وهذا تخليط بين؛ فإن دخول المسجد ليس منفصالً عن حدث نكاية العدو ببني
إسرائيل ،بل هو فصل من فصول العقاب واَّلجتياح ،ورمز على انتصار العدو
عليهم ،فكيف يكون الجوس خالل الديار في عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وفي المدينة ،ودخول المسجد في عهد عمر في القدس؟ ثم إن الشيخ الشعراوي وهو
141
قائل هذا الكالم ،يعترف بأن «المسجد اَلقصى أيام عمر بن الخطاب لم يكن في
نطاق بني إسرائيل»[]19؛ فكيف يكون دخوله عقوبة لهم ،وأمارة انتصار عليهم؟
اَلمر الثاني :أن الحديث في اآلية إنما هو عن ساللة عرقية محددة ،وهي ساللة
ضيأنا إألى بِني إسرِائيل ِفي ال ِكتأ ِ
اب} [اْلسراء ،]٦ :وقد أثبت كثير {وأق أ
أ أ أ بني إسرائيل ،أ
من الدارسين المهتمين بتاريخ وأنثروبولوجيا الجماعات اليهودية أن يهود اليوم ليسوا
في معظمهم من ساللة بني إسرائيل ،وإنما هم من سالَّلت عرقية شتى ،بل يعدون
من أشد الجماعات البشرية أو أشدها تنوعاً من الناحية العرقية؛ خالفاً لما حاولت
الحركة الصهيونية وروادها منذ تأسيسها أن تروج له من أن اليهود حافظوا على مدار
التاريخ على نقائهم العرقي ،وأنهم -أينما كانوا -ينحدرون جميعاً من ساللة عرقية
واحدة وهي ساللة بني إسرائيل الذين أجالهم اآلشوريون والبابليون ثم الرومان عن
فلسطين ،وقد راجت هذه اَلكذوبة على عدد غير قليل من الناس -بمن فيهم بعض
العرب والمسلمين -حتى شاع الوهم بأن اَّلنتماء الديني لليهودية يعني تلقائياً
اَّلنتماء العرقي لبني إسرائيل؛ وقد تقدمت اْلشارة إلى أن هذا الوهم مما أوقع بعض
العصريين في اعتقاد أن اَّلحتالل الصهيوني الحالي َلرض فلسطين هو اْلفساد
الثاني لبني إسرائيل.
والحال أن الزعم المذكور ِبي ُن الزيف والكذب؛ لمصادمته للحقائق العلمية والتاريخية
والواقعية المتعلقة بالجماعات اليهودية؛ فقد «أظهرت نتائج أبحاث علم اَلجناس
البشرية [كما يقول الدكتور رافائيل باتال] أنه -خالفاً للرأي الشائع -ليس هناك
جنس يهودي؛ حيث تدل قياسات اَلجسام البشرية التي أجريت على مجموعات من
اليهود أنهم يختلفون بعضهم عن بعض اختالفاً بيناً»[ ،]15وقال الدكتور جوان
كوماسن« :إن نقاوة الساللة اليهودية ما هي إَّل أوهام»[.]12
141
ويؤكد أستاذ علم اَلجناس بجامعة جنيف أوجين بيتار أن «اليهود عبارة عن طائفة
دينية اجتماعية ،انضم إليهم في جميع العصور أشخاص من أجناس شتى ،جاءوا
من جميع اآلفاق؛ فمنهم الفالشا سكان الحبشة ،ومنهم اَللمان ذوو السحنة
الجرمانية ،ومنهم التامل السود في الهند ،والخزر من الجنس التركي ،ومن المستحيل
أن نتصور أن اليهود ذوي الشعر اَلشقر ...والعيون الصافية اللون الذين نلقاهم في
أوربا الوسطى يمتون بصلة القرابة -قرابة الدم -إلى أولئك اْلسرائيليين الذين كانوا
يعيشون بجانب نهر اَلردن»[.]16
وبعد إيراده إحصاءات تفصيلية حول شكل الرأس لدى المجموعات اليهودية في
العالم ،أجمل النتيجة في قوله« :من هذا المسح السريع نصل إذن إلى أن اليهود
يقعون من حيث شكل الرأس في مجموعتين :عراض رؤوس ،وطوال رؤوس ..تزيد
مجموعة عراض الرؤوس على 22إلى %62على اَلقل من كل يهود العالم،
واَلقلية الضئيلة الباقية هي طوال الرؤوس»[.]13
وحيث إن يهود عصر التوراة كانوا ككل الساميين طوال الرؤوس بإجماع
اَلنثروبولوجيين «فإذا ما وجدنا رؤوساً غير ذلك بين يهود اليوم؛ فليس ثمة إَّل تفسير
واحد ووحيد َّل سبيل إلى الشك فيه ،وهو اختالط الدم [اليهودي] بعناصر
غريبة»[.]18
142
ويمكن صياغة هذا «الدليل الرأسي» الذي اعتمده حمدان وعده «محور الدراسات
اَلنثروبولوجية» كما يلي:
يهود بني إسرائيل طوال الرؤوس بإجماع اَلنثروبولوجيين؛ يهود اليوم في معظمهم
عراض الرؤوس ،كما أثبتت الدراسات التي أجريت عليهم = إذن ،يهود اليوم ليسوا
في معظمهم من ساللة بني إسرائيل.
ومع أن اليهود الحاليين خليط من أجناس وأعراق كثيرة كما رأينا إَّل أن معظمهم من
يهود أروبا الشرقية؛ الذين ينحدرون من عرق الخزر ذي اَلصل التركي القوقازي؛
وكون يهود اليوم -في معظمهم -ينحدرون من أصول خزرية حقيقة تواطأت
عليها «آراء ..المؤرخين الحديثين؛ سواء كانوا نمساويين أو إسرائيليين أو بولنديين؛
فقد رأى كل منهم على حدة أن غالبية اليهود العصريين ليسوا من أصل فلسطيني،
بل من أصل قوقازي»[.]11
وفي بيان أوضح يؤكد أن «الغالبية الكبرى من اليهود في العالم كله في الوقت
الحاضر هم من أصل أوربي شرقي؛ وبالتالي لعلهم في الدرجة اَلولى من أصل
خزري ،فإن كان اَلمر كذلك؛ فهذا يعني :أن أجدادهم ...لم يجيئوا من أرض كنعان
بل من القوقاز ..ثم إنهم من حيث التركيب الوراثي أقرب إلى قبائل
143
ونسبة يهود الخزر في يهود العالم تزيد على %62؛ يقول دوغالس دانلوب« :يشكل
المنحدرون من يهود الخزر في أيامنا هذه ما ليس أقل من تسعين بالمئة من يهود
العالم»[.]19
وفي دراسة عن يهود العصر الحالي توصل بنيامين فريدمان إلى «أن من يزعمون
أنفسهم يهوداً المتحدرين تاريخياً من ساللة الخزر يشكلون أكثر من %68من جميع
من يسمون أنفسهم يهوداً في كل مكان من العالم اليوم»[.]15
وإذا تبين أن اليهود المنحدرين من الخزر يمثلون وحدهم نسبة %68من يهود
اليهود من
ُ العصر الحالي ،والنسبة المتبقية ،وهي %2يتوزعها مع اْلسرائيليين
اَلجناس اَلخرى؛ كاليهود العرب ،واَلمازيغ ،والفالشا ،والتامل ،واليهود
اليهود المنحدرون
ُ الصينيين ...فكم عسى أن تكون النسبة التي يمثلها بين يهود اليوم
من أسباط إسرائيل؟
وإذا تقرر أن اَلصول العرقية لليهود الحاليين ليست إسرائيلية ،وأن اْلسرائيليين أقلية
ضئيلة بينهم ،واليهود المجتمعون حالياً في أرض فلسطين ليسوا من ساللة بني
إسرائيل في معظمهم؛ كما تؤكد «دراسة قام بها أنثروبولوجي بريطاني هو «جيمس
فنتون» عن يهود «إسرائيل» ،توصل فيها إلى أن %66من اليهود [يعني المحتلين
فلسطين] ليسوا من بني إسرائيل التوراة ،وإنما هم أجانب متحولون أو
مختلطون»[]12؛ فهل يقبل مع ذلك أن يكون اَّلحتالل اليهودي الحالي لألرض
المقدسة هو اْلفساد الثاني لبني إسرائيل في هذه اآليات ،والمفسدون في أرض
فلسطين ليسوا من بني إسرائيل؟
144
هذا وللدكتور طارق السويدان اجتهاد آخر في تعيين مرتي اْلفساد في اآليات ،لم
يأخذ فيه بإجماع اَلقدمين ،وَّل برأي المعاصرين ،ولكن رأيه يفضي إلى نفس النتيجة
من اآلثار المتوقعة لتفسير المعاصرين ،خاصة وأنه قرر بدوره بناء على قوله تعالى:
{وإن ُعدتُّم ُعدأنا} [اْلسراء ،]٨ :وأحاديث ظهور الدجال ،ومقاتلة المسلمين لليهود أن
أ
الحرب ستستمر سجاَّلً بين المسلمين واليهود في فلسطين إلى أن ينزل عيسى عليه
السالم.
وقد لخص رأيه هذا في قوله« :لكنني أرى -وهللا تعالى أعلم -أن المرة اَلولى هي
التي نعيشها اليوم ،وهي العلو اَلول ،وسيأتي على دولة اليهود هذه عباد هلل
يخرجونهم من فلسطين ،غير أن اليهود سيتجمعون وينصرهم العالم ويمدهم باَلموال،
وينصرهم اليهود المنتشرون في باقي العالم ،فيكونون أكثر نفي اًر بالنصرة العالمية لهم،
فينتصرون علينا ...وبعدها يأتي وعد اآلخرة أي المرة الثانية ،والتي سنتغلب فيها
نهائياً على اليهود ونخرجهم إلى غير رجعة من أرض المقدس ...ويظل اَلمر كذلك
إلى حين خروج المسيح الدجال الذي يؤيده اليهود آنذاك ،فيسيطر على اَلرض
ومنها فلسطين ،وتكون نهايته على يد المسيح عيسى ابن مريم عليه السالم في مدينة
اللد في فلسطين قبيل قيام الساعة ،وهللا أعلم»[.]16
[ ]3محمد سيد طنطاوي« ،بنو إسرائيل في القرآن والسنة» ،ط .دار الشروق،
القاهرة ،ط3182( ،8هـ8222/م) ،ص.951-958
[ ]1د .مصطفى مسلم« ،معالم قرآنية في الصراع مع اليهود» ،ط .دار القلم،
دمشق ،ط3182( ،8هـ3666/م) ،ص.832
[ ]6ثبت من حديث أبي أمامة عند ابن ماجه وغيره أن عيسى عليه السالم ،إذا نزل
اءهُ ال هد هج ُ
ال أم أع ُه اب ،أف ُيفتأ ُح ،أوأوأر أ
وصلى الصبح خلف إمام المسلمين ،قال« :افتأ ُحوا الأب أ
ظ أر ِإألي ِه
اج [أي طيلسان] ،أفِإ أذا أن أ ف ُم أحًّلى أو أس ٍ
سبعو أن أألف يهوِد ٍيُ ،كُّلهم ُذو سي ٍ
أ ُ أ أُ أ ُ
الل ِد
اب ُّ اربا ..أفيد ِرُك ُه ِعن أد ب ِ
أ ُ
اء ،وين أ ِ
طل ُق أه ِ ً
ِ ِ ِ
وب المل ُح في ال أم أ أ اب أك أما أي ُذ ُ ال هد هج ُ
ال أذ أ
ِ
الدجال... الشرِق ِي ،أفأيق ُتُل ُه» .أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن ،باب فتنة ه
[ ]5الشيخ متولي الشعراوي« ،تفسير الشعراوي :الخواطر» ،نشر مطابع أخبار
اليوم( ،بال تاريخ).2199/31 :
[ ]2أبو إسحاق الشاطبي« ،الموافقات» ،تحقيق :مشهور حسن ،ط .دار ابن عفان،
ط3135( ،3هـ3665/م).821/1 :
[ ]32عبد المعز عبد الستار« ،سورة اْلسراء تقص نهاية إسرائيل» ،مقال منشور
بمجلة اَلزهر ،المجلد ،82ص ،926عن محمد سيد طنطاوي« ،بنو إسرائيل في
القرآن والسنة» ،ص.951
[ ]38عبد الكريم الخطيب :التفسير القرآني للقرآن» ،ط .دار الفكر العربي،
القاهرة( ،بال تاريخ).166/ 2 :
[ ]36الدكتور محمد هالل« ،اْلسراء وإسرائيل» ،ط .دار البشير ،عمان ،ومؤسسة
الرسالة ،بيروت ،ط3135( ،3هـ3665/م) ،ص.11
147
[ ]39بسام نهاد جرار« ،زوال إسرائيل 8288نبوءة قرآنية أم صدف رقمية؟»،
ط .مكتبة البقاع الحديثة ،لبنان3661( ،م) ،ص.63
[ ]88عبد المعز عبد الستار ،المرجع السابق ،ج 82ص ،962عن محمد طنطاوي،
المرجع السابق ،ص.956
[ ]86أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة ،باب ذكر الدجال وصفته وما
معه ،رقم (.)5866
148
[ ]12عبد المعز عبد الستار ،المرجع السابق ،المجلد ،82ص ،962عن محمد
طنطاوي ،المرجع السابق ،ص.956
[ ]18انظر وول ديورانت« ،قصة الحضارة» ،ترجمة زكي نجيب محمود وآخرين،
ط .دار الجيل ،بيروت3122( ،هـ3622/م).196-191/8 :
[ ]15آرثر كيستلر« ،القبيلة الثالثة عشرة ويهود اليوم» ،ترجمة :أحمد نجيب هاشم،
ط .الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن سلسلة ألف كتاب3663( ،م) ،ص.322
[ ]12خرافات عن اَلجناس ،ص ،61عن :محمد أحمد محمود حسن« ،اليهودية
التبشيرية في الكتب المقدسة» ،ط .مكتبة النهضة المصرية ،القاهرة (،)3662
ص.68
[ ]16كامل سعفان« ،اليهود من سراديب الجيتو إلى مقاصر الفاتيكان» ،ط .دار
الفضيلة (بدون تاريخ) ،ص.853
[ ]12اليهود أنثروبولوجيا؛ لجمال حمدان ،تقديم عبد الوهاب المسيري ،سلسلة
تصدر عن دار الهالل القاهرة ،العدد ( ،)618فبراير 3669م ،ص.381
[ ]11دوغالس دانلوب؛ «تاريخ يهود الخزر» ،ترجمة :سهيل زكار ،ط .دار
إحسان ،ط ،8دمشق (3132هـ3662/م) ،ص.355
[ ]15بنيامين فريدمان« ،يهود اليوم ليسوا يهوداً» ،إعداد زهدي الفاتح ،ط .دار
النفائس ،ط ،1بيروت (3122هـ3622/م) ،ص.16-11
[ ]16فلسطين :التاريخ المصور ،ط .شركة اْلبداع الفكري للنشر والتوزيع،
الكويت8221( ،م) ،ص.188-183
يل اذ ُك ُروا ِنع أمِتي هالِتي أأن أعم ُت أعألي ُكم أوأأوُفوا ِب أعه ِدي
أ يقول هللا عز وجل ﴿ :أيا أبِني ِإس أرِائ
أ
هاي أفارأه ُبو ِن ﴾ ِ ِ ِ
أُوف ب أعهد ُكم أوإِي أ
إذا نظرنا إلى القرآن الكريم نجد آيات كثيرة تتحدث عن اليهود ولكن أكثرها في سورة
البقرةَ ،لنها أول سورة نزلت في المدينة كما يصرح بعض العلماء ،واليهود كانوا
أشهر مجموعة من أهل الكتاب في المدينة وكانوا قبل ظهور النبي (صلى هللا عليه
وآله وسلم) ينتظرون رسوَّلً بشرت به كتبهم الدينية ،كما أنهم كانوا يتمتعون بمكانة
اقتصادية مرموقة ولذلك كان لليهود نفوذ عميق في المدينة.
151
فاآلية تذكر اليهود بنعم هللا الكثيرة عليهم ومنها اختيار اَلنبياء منهم كموسى وهارون
ويوشع وداوود وسليمان وأيوب وعزير وزكريا ويحيى صلوات هللا عليهم أجمعين
وغيرهم ومريم أم عيسى (عليهما السالم) إسرائيلية ينتهي نسبها إلى داوود ولكن
اليهود َّل يعترفون بالسيد المسيح ابن مريم (عليهما السالم) ويزعمون أن المسيح
المذكور بالتوراة لم يأت بعد.
بعد أن هاجر النبي يعقوب (عليه السالم) بأوَّلده من فلسطين إلى مصر ،حيث يقيم
اما ليوسفولده يوسف (عليه السالم) وزير فرعون في ذاك العهد ،أقطعهم فرعون إكر ً
أمدا غير قصير ،ولكن الفراعنة
أرضا خصبة في مصر وظلت ساللة يعقوب هناك ً ً
الذين جاؤوا فيما بعد اضطهدوا اليهود ،وساموهم الخسف والعذاب ،فذبحوا اَلبناء،
وعبيدا ،ثم أرسل هللا نبيًّا منهم ولهم ،وهو موسى
ً خدما
واستحيوا النساء ،واتخذوا منهم ً
بن عمران (عليه السالم) فحررهم من الظلم واَّلستعباد ،ثم طلب منهم العودة إلى
وجورا ،فكتب هللا عليهم أن
ً جبنا
فلسطين ،وقتال أهلها ووعدهم النصر ،فتقاعسوا ً
يتيهوا في صحراء سيناء أربعين سنة ،وفي هذه البرهة توفي هارون ،ثم أخوه موسى
(عليه السالم) فخلفه ابن أخته يوشع بن نون .وحوالي القرن الثالث عشر قبل الميالد
أغار بهم على أرض فلسطين فاحتلوها ،وأبادوا معظم أهلها ،وشردوا البقية الباقية،
تماما كما صنع نسلهم الصهاينة في فلسطين سنة 3612وعلى سبيل المثال َّل
ً
الحصر ما حصل في دير ياسين حيث جمع الصهاينة حوالي 86امرأة حامالً وبقروا
151
بالم أدى والحراب ،وهكذا جمعوا أهل قرية الزيتونة في المسجد ثم نسفوه
بطونهم ُ
بالديناميت على رؤوسهم وهكذا فعلوا في صب ار وشاتيال والمسجد اْلبراهيمي وكثير
من المجازر وإلى اآلن هي مستمرة في اَلرض المحتلة فلسطين اليوم .المهم بعد
يوشع أرسل هللا سبحانه منهم الكثير من اَلنبياء وفي سنة 669ق.م .أغار على
كثيرا،
فلسطين ملك بابل وهو « بختنصر » فأزال ملكهم من فلسطين ،وذبح منهم ً
كثير.
وأسر ًا
وظلوا بحكم « بختنصر » إلى سنة 612ق.م .حيث تغلب ملك الفرس على «
بختنصر » فتنفس اليهود الصعداء ،واستمروا تحت سيطرة الفرس زهاء مئتأي عام،
وبعدها وقعوا تحت حكم خلفاء اَّلسكندر الكبير ،ثم تحت سيطرة الرومان .وفي سنة
316ق.م .ثار اليهود على الرومان ،ولكن هؤَّلء تغلبوا على اليهود ،وأخمدوا
ثورتهم ،ثم أخرجوهم من فلسطين ،فهاموا على وجوههم في مختلف بقاع اَلرض
شرًقا وغرًبا ،شرذمة في مصر ،وأخرى في لبنان وسورية ،وثالثة في العراق ورابعة
في الحجاز أما اليمن فقد عرفها اليهود ،ورحلوا إليها للتجارة في عهد سليمان (عليه
السالم) الذي تزوج ملكة اليمن بلقيس.
ومع ظهور اْلسالم باعتباره الرسالة التي تقف بوجه مصالحهم الالمشروعة
وانحرافاتهم وغطرستهم فإنهم وقفوا بوجه الدعوة وبدؤوا يحوكون ضدها المؤامرات التي
َّل زالت مستمرة حتى اليوم.
من يتابع تاريخ بني إسرائيل يجد أن أكثر اَلنبياء أرسلوا اليهم وذلك لخبثهم وشدة
مكرهم وانحرافهم .وقد قابلوا هذه العناية بهم ونعم هللا تعالى عليهم بالكفر والمعاصي
واتباع اَلهواء والرغبات وذلك لتكبرهم وإصرارهم على ممارسة الفساد وتعطشهم
للدماء ،فقد كذبوا فريًقا من اَلنبياء كنبي هللا عيسى (عليه السالم) ونبي هللا محمد
(صلى هللا عليه وآله وسلم) وقتلوا فريًقا آخر كنبي هللا يحيى (عليه السالم) وزكريا
(عليه السالم).
ين ِب أغي ِر ال أح ِق ات ه ِوقال أيضا سبحانه ﴿ :أذلِك ِب أهنهم أكانوا يكُفرون ِبآي ِ
َّللا أوأيق ُتُلو أن الهنِبِي أ أ ُ ُ أ ُ أ أ ً
صوا هوأك ُانوا أيعتأ ُدو أن ﴾ ِ ِ
أذل أك ب أما أع أ
عذاب اليهود
طا ْليمانهم يقول هللا سبحانه: حدا طلبوا فيه أن أيرُوا هللا جهرة شر ً لقد بلغ العناد بهم ًّ
الص ِ
اعأقةُ أوأأنتُم أخ أذت ُك ُم ه وسى ألن ُّنؤ ِم أن أل أك أحتهى أن أرى ه
َّللاأ أجه أرًة أفأ أ ﴿ أوإِذ ُقلتُم أيا ُم أ
ظ ُرو أن ﴾
تأن ُ
دوما
فهذه اآلية باْلضافة إلى أنها تحكي ظاهرة لجاج اليهود وعنادهم الذي تميزوا به ً
أيضا هذا الطلب عن جهل بني إسرائيل َلن إدراك اْلنسان الجاهل َّل يتعدى
ينم ً
حواسه.
ومن جملة وقاحتهم في هذا السياق أنهم أنكروا كل الكتب السماوية دفعة واحدة يقول
وسى اب أأن تُن ِزل عألي ِهم ِكتأاباً ِمن ه ِ هللا سبحانه ﴿ :يس أُل أك أأهل ال ِكتأ ِ
الس أماء أفأقد أس أُلوا ُم أ أ أ أ أ ُ أ
ظل ِم ِهم ﴾ الص ِ
اعأق ُة ِب ُ أخ أذت ُه ُم ه أأكأب أر ِمن أذلِ أك أفأقاُلوا أ ِأرأنا ه
َّللاأ أجه أرًة أفأ أ
153
َّللاِ
يق ِمن ُهم أيس أم ُعو أن أك أال أم ه يقول هللا سبحانه ﴿ :أأفتأط أم ُعو أن أأن ُيؤ ِم ُنوا أل ُكم أوأقد أك أ
ان أف ِر ٌ
آمهنا أوإِ أذا هِ ِ ثُ هم يح ِرُف ِ
آم ُنوا أقالُوا أ
ين أ ون ُه من أبعد أما أعأقلُوهُ أو ُهم أيعأل ُمو أن ( )56أوإِ أذا ألُقوا الذ أ
ُأ أ
وكم ِب ِه ِع أند أرِب ُكم أأف أال َّللاُ أعألي ُكم لِ ُي أح ُّ
اج ُ ون ُهم ِب أما أفتأ أح ه ِ ض ُهم ِإألى أبع ٍ
ض أقالُوا أأتُ أحدثُ أ أخ أال أبع ُ
تأع ِقُلو أن ﴾
تاريخ اليهود يؤكد أنهم مصرون على تحريف الحقائق ونكران ما عقلوه ،في الوقت
الذي كان من المتوقع أن يكون اليهود أول من يؤمن بالرسالة اْلسالمية بعد إعالنها
َلنهم أهل كتاب خال ًفا للمشركين وَلنهم ق أروا صفات النبي (صلى هللا عليه وآله
وسلم) في كتبهم.
لكن القرآن يوجه أنظار المسلمين إلى الحالة النفسية السائدة لدى هؤَّلء القوم فهم
يريدون النبي منهم ولهم تعصًبا ويوضح لهم أن اَّلنحراف النفسي يدفع إلى اْلعراض
عن الحقيقة مهما كانت هذه الحقيقة واضحة بينة.
ثم يتحدث عن نفاقهم فهم يتظاهرون باْليمان لدى لقائهم بالمسلمين ويبرزون إنكارهم
عند لقائهم باصحابهم ،بل يلومون أولئك اليهود الذين يكشفون للمسلمين عما في
التوراة من أسرار.
َّللاِ أعهداً
ود ًة ُقل أته أخذتُم ِع أند ه
يقول هللا سبحانه ﴿ :أوأقاُلوا ألن تأ أم هسأنا الهن ُار ِإ هَّل أيهاماً همع ُد أ
َّللاِ أما أَّل تأعأل ُمو أن ﴾ ،فاّلل سبحانه يشير إلى َّللاُ أعه أدهُ أم تأُقولُو أن أعألى ه
ف ه ِ
أفألن ُيخل أ
واحدة من ادعاءات اليهود الدالة على غرورهم ،هذا الغرور الذي يشكل اَلساس
لكثير من انحرافاتهم ،فهم يعتقدون بأنهم شعب هللا المختار ،وأن عنصرهم متفوق
154
على سائر اَلجناس البشرية ،وأن مذنبيهم لن يدخلوا جهنم سوى أيام قليلة كأربعين
يوما بعدد اَليام التي عبدوا فيها العجل ليتنعموا بعدها بالجنة.
ً
هذا اَّلدعاء َّل ينسجم مع أي منطق ،إذ َّل يمكن أن يكون بين أفراد البشر أي
تفاوت في نيل الثواب والعقاب أمام هللا سبحانه وتعالى .وقال هللا سبحانه في هذا
ُّهم ُقل أهاتُوا السياق ﴿ :وأقاُلوا ألن يدخل الجهن أة ِإ هَّل من أكان هوداً أأو نصارى ِتلك أ ِ
أماني ُ
أ أ أأ أ أ ُ أ أ ُأ أ أ
ين ﴾ برهان ُكم ِإن ُكنتُم ِ ِ
صادق أأ ُ أأ
وهذا ينافي العدالة التي تقوم على أساس تفضيل الناس بعضهم على بعض باْليمان
والتقوى والعمل الصالح.
وقال أيضا سبحانه في هذا السياق ﴿ :وأقاأل ِت اليهود والهنصارى أنحن أأبأناء ه ِ ِ
هاؤهُ
َّللا أوأأحب ُ ُ ُ أُ ُ أ أ أ أ ً
ُقل أفلِم يع ِذبكم ِب ُذنوبِكم بل أأنتم بشر ِم همن خألق يغ ِفر لِمن يشاء ويع ِذب من يشاء وِهّللِ
أ أ أ ُ أ أ أ ُ أُأ ُ أ أ أ ُ أ أ ُأ ُُ ُ ُ أ ُ أ أ ٌ
ض وما بينهما وإِألي ِه الم ِ
ص ُير ﴾ ِ ِ
أ الس أم أاوات أواَلأر أ أ أ أ ُ أ أ
ُمل ُك ه
يها أخالِ ُدو أن ِ اب الهن ِ ِ ﴿ بألى من أكسب سيأئ ًة وأأحا أ ِ ِ ِ
ار ُهم ف أ طت به أخط أيئتُ ُه أفأُوألئ أك أأص أح ُ أ أ أ أ أ أ أ
﴾ فهذا هو القانون العام الذي يشمل المذنبين من كل فئة وقوم.
ص ِد ٌق ِل أما أم أع ُهم أوأك ُانوا ِمن يقول هللا عز وجل ﴿ :وأل هما جاءهم ِكتاب ِمن ِع ِند ه ِ
َّللا ُم أ أ أُ أ ٌ أ
َّللاِ أعألى
اء ُهم هما أع أرُفوا أكأف ُروا ِب ِه أفألعأن ُة ه هِ ِ
أقب ُل أيستأفت ُحو أن أعألى الذ أ
ين أكأف ُروا أفأل هما أج أ
ِ
ال أكاف ِر أ
ين ﴾
155
التاريخ يذكر بأن اليهود كانوا يبحثون بولع شديد عن منطلق البعثة النبوية ليكونوا
أول من يؤمن برسول هللا (صلى هللا عليه وآله وسلم) ،فهاجروا ليتخذوا من يثرب
سكنا بعد أن وجدوا فيها ما يشير إلى أنها أرض الرسول المرتقب وبقوا فيها ينتظرون
ً
بفارغ الصبر النبي الذي بشرت به التوراة كما كانوا ينتظرون الفتح والنصر على
الذين كفروا تحت لواء هذا النبي وكانوا يفتخرون أمام اَلوس والخزرج بأنهم سيكونون
من خاصة صحابة النبي المبعوث.
وإذا بهم يقفون إلى جانب أعداء النبي (صلى هللا عليه وآله وسلم) ـ بسبب لجاجهم
بعيدا عن
وعنادهم ـ بينما التف حول الرسول (صلى هللا عليه وآله وسلم) من كان ً
هذه اَلجواء.
ص ِد ٌق لِ أما وقال هللا سبحانه في هذا المجال ﴿ :وأل هما جاءهم رسول ِمن ِع ِند ه ِ
َّللا ُم أ أ أُ أُ ٌ أ
ورِهم أك أهن ُهم أَّل أيعأل ُمو أن ﴾
ظ ُه ِ
اء ُ معهم نب أذ أف ِريق ِمن هال ِذين أُوتوا ال ِكتاب ِكتاب ه ِ
َّللا أوأر أ أ أ أ أ أ ُ ٌ أ أ أ ُ أأ
يتحدث القرآن الكريم عن اَلوس المدعومة من قبل يهود بني قينقاع ،والخزرج
المدعومة من قبل بني النضير ،لما أغرى قوم من اليهود بينهم بذكر حروبهم في
156
حمار
ًا وكاد يقع الصدام بينهم فبلغ ذلك النبي (صلى هللا عليه وآله وسلم) فركب
وآتاهم ونهاهم عن عادات الجاهلية خاصة أنه (صلى هللا عليه وآله وسلم) بينهم،
بعضا فنزلت اآليات المباركة.
وقد أعزهم هللا باْلسالم فبكوا وعانق بعضهم ً
فتاريخهم إذن يشهد عليهم بأنهم أهل فتن فهم الذين أشعلوا الحرب العالمية الثانية
أيضا الخالفات
وكثير من الحروب في هذا العصر سببها ومحركها هم اليهود ً
والصراعات بين اَلحزاب والطوائف ،فعلينا أن نحذرهم ونفوت عليهم مؤامراتهم
وخططهم ونردها إلى نحورهم.
ين هِ آم ُنوا ِب هال ِذي أ ِ ط ِائأف ٌة ِمن أأه ِل ال ِكتأ ِ
اب ِ يقول هللا سبحانه عنهم ﴿ :وأقاألت ه
ُنزأل أعألى الذ أ أ
آخ أرهُ أل أعهل ُهم أير ِج ُعو أن ﴾
ار واكُفروا ِ
آم ُنوا أوج أه الهن أه ِ أ ُ
أ
يقول بعض المفسرين :إن اثني عشر من يهود خيبر وغيرها وضعوا خطة ذكية
لزعزعة إيمان بعض المؤمنين ،فتعاهدوا فيما بينهم أن يصبحوا عند رسول هللا (صلى
هللا عليه وآله وسلم) ويتظاهروا باعتناق اْلسالم ،ثم عند المساء يرتدون عن
إسالمهم ،فإذا سئلوا لماذا فعلوا هذا ،يقولون :لقد راقبنا أخالق محمد عن قرب ،ثم
عندما رجعنا إلى كتبنا وإلى أخبارنا رأينا ما رأيناه من صفاته وسلوكه َّل يتفق مع ما
هو موجود في كتبنا ،لذلك ارتددنا ،إن هذا يحمل بعضهم على القول بأن هؤَّلء قد
رجعوا إلى كتبهم السماوية التي هم أعلم منا بها ،إ ًذا َّل بد أن يكون ما يقولونه
حيحا وبهذا تتزعزع عقيدتهم.
ص ً
157
وسبب اْلصرار على إخراج المسلمين عن دينهم هو الحسد والتعصب والحقد على
يم ِان ُكم ِ ِ ِ المسلمين يقول هللا سبحانه ﴿ :وهد أكِث ٌير ِمن أأه ِل ال ِكتأ ِ
اب ألو أي ُرُّد أ
ون ُكم من أبعد إ أ أ
ِ ُكهفا اًر حسداً ِمن ِع ِند أ ُ ِ ِ
أنفس ِهم من أبعد أما تأأبي أ
هن أل ُه ُم ال أح ُّق ﴾ أأ
عدم الرحمة وقسوة القلب عند اليهود ظاهرة مثل عين الشمس فال شفقة وَّل إنسانية
فهم ينتقلون من مجزرة إلى أخرى فمن دير ياسين إلى الطائرة المدنية إلى صب ار
وشاتيال إلى قانا واآلتي قد يكون أفظع والدول التي ترفع شعار شرعة حقوق اْلنسان
مع مجلس اَلمن واَلمم المتحدة َّل يعملون ما يوقف اْلجرام الصهيوني عند حده بل
يقفون إلى جانبها ضد شعب أعزل من السالح ،فوصفهم بأن قلوبهم كالحجارة أو أشد
قسوة يستحقونه بجدارة وأما ما يؤكد نفسيتهم اْلجرامية قوله تعالىِ ﴿ :من أأج ِل أذلِ أك
س أأو أفس ٍاد ِفي اَلأر ِ
ض أف أك أهن أما أقأت أل أكتأبأنا أعألى أبِني ِإس أرِائي أل أهن ُه من أقأت أل أنفساً ِب أغي ِر أنف ٍ
أ أ
ات ثُ هم ِإ هنالهناس ج ِميعاً ومن أأحياها أف أك أهنما أأحيا الهناس ج ِميعاً وألأقد جاءتهم رسُلنا ِبالبِين ِ
أ أ أ ُ ُُ أ أ أ أ أ أ أ أ أ أأ أ أ
أكِثي اًر ِمن ُهم أبع أد أذلِ أك ِفي اَلأر ِ
ض أل ُمس ِرُفو أن ﴾
كثير ًّ
جدا ما ينتظر العالم من شعب يريد أن يبني لنفسه وارتكابهم للجرائم كما أشرنا ًا
دولة عنصرية بالقوة وعلى يد العصابات الصهيونية التي ارتكبت أبشع الجرائم بحق
اْلنسانية وهي وصمة عار على جبين العالم المتحضر ،وزعماء هذه العصابات
158
أصبحوا وزراء حاكمين كديان وبيغن ورابين وشارون وغيرهم ،فقسوة القلب واْلجرام
متجذرة فيهم وآثارها بادية لمن كان له قلب.
واآلتي قد يكون أكثر بشاعة إذا لم يضع لها العالم والشعوب الحرة ًّ
حدا.
وسبب هذا الخوف والجبن هو حبهم للحياة يقول هللا سبحانهُ ﴿ :قل ِإن أك أانت أل ُك ُم
اس أفتأمهنوا الموت ِإن ُكنتُم ِ ِ ِ ال هدار اآل ِخرة ِعند ه ِ ِ
ين ()61 صادق أ أ ص ًة من ُدو ِن الهن ِ أ ُ أ أَّللا أخال أ أُ أ ُ
ِ هِ وألن يتأمهنوه أأبداً ِبما أق هدمت أأي ِدي ِهم و ه ِ
ص الهن ِ
اس مين ( )66أوألتأج أدهن ُهم أأح أر أ يم ِبالظال أ َّللاُ أعل ٌ أ أ أأ ُ أ أ أ
ف أسأن ٍة أو أما ُه أو ِب ُم أزح ِز ِح ِه ِم أن هِ ٍ
أعألى أحأياة أو ِم أن الذ أ
ين أأش أرُكوا أي أوُّد أ أ
أح ُد ُهم ألو ُي أع هم ُر أأل أ
ص ٌير ِب أما أيع أمُلو أن ﴾ َّللا ب ِ ِ
ال أع أذاب أأن ُي أع هم أر أو ه ُ أ
بعد أن استطاع الرسول (صلى هللا عليه وآله وسلم) أن يضع ًّ
حدا ليهود الجزيرة
العربية وهم يهود بني قينقاع ،والنضير ،وقريظة ،وخيبر ،وفدك ووادي القرى،
وتيماء ،هل استسلم بنو إسرائيل فعالً للنبي محمد (صلى هللا عليه وآله وسلم)؟ وهل
تصير اَلفعى حمامة؟ كانت نفوس اليهود مألى بالخبث والعلل بعد هزيمتهم النكراء،
وصمموا على محاولة أخيرة َّلغتيال الرسول (صلى هللا عليه وآله وسلم) ودبروا
الخطة التالية:
تتظاهر زينب بنت الحارث -قائد اليهود الذي صرعه علي (عليه السالم) -
زمنا طويالً إلى أن تنطلي هذه
بإيمانها الشديد باْلسالم ،وتتقي هللا ورسوله وتتورع ً
الحيلة على محمد (صلى هللا عليه وآله وسلم) وصحبه ،وانطلقت الخدعة على
المسلمين وذاع صيت زينب الطاهرة وفضائلها الحميدة ،فقربها النبي إلى صفوفه،
ال شهيًّا،
وأصبحت تزور بيته باستمرار وفي أحد اَليام ،أعدت زينب اليهودية أح أم ً
وأهدته للنبي وصحبه ليأكلوه وتناول النبي قطعة لحم من الحمل ومضغها لكنه لم
يزدردها ،وقال « :وهللا إن هذا العضم ليخبرني أنه مسموم » ثم لفظ المضغة ،ولم
يكن الصحابة قد بدؤوا الطعام بعد ،ولكن سبق َلحدهم وهو ابن البراء أن تناول لقمة
من اللحم وبلعها فمات على الفور ،وأحضرت زينب « المؤمنة الفاضلة » إلى النبي
واعترفت له اليهودية قائلة « لقد بلغت من قومي يا محمد ما بلغت فقلت في نفسي
ملكا استرحت منك وإن كنت نبيًّا فتُخأبر » وأجابها محمد « ها قد أخبرت،
إن كنت ً
ماذا تقولين اآلن؟ » .ويخبر بعض الرواة أن بنت الحارث ركعت أمام النبي (صلى
هللا عليه وآله وسلم) وأسلمت له فعفا عنها ،ويخبر رواة آخرون أن أحد المسلمين قد
أطاح برأسها بعد أن اعترفت بجريمتها ،على أية حال فعلت حادثة السم هذه فعلها
161
في المسلمين وجعلتهم َّل يثقون باليهود ويخافون غدرهم بالرغم من قضاء الرسول
(صلى هللا عليه وآله وسلم) عليهم.
أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة) (رواه مسلم) ،وقال النبي -صلى هللا عليه
وسلم -عن الدجال أنه يهودي (رواه مسلم).
دلت اَلحاديث الصحيحة على أن نهاية اليهود ستكون في بيت المقدس ،حيث يكثر
فيها شجر الغرقد ،واليوم ُيكثر اليهود من زراعته ،فهذه عالمة كبرى على صدق
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وصدق ما يبلغ عنه ،وكدليل قطعي َّل يقبل الشك
من أن نهايتهم أوشكت قريبة بإذن هللا.
قال النبي صلى هللا عليه وسلمَّ(( :ل تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود
فيقتلهم المسلمون ،حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر ،فيقول الحجر أو
الشجر :يا مسلم ،يا عبد هللا ،هذا يهودي خلفي تعال فاقتله ،إَّله الغرقد فإنه من شجر
اليهود))[1].
قال اْلمام النووي( رحمه هللا)( :الغرقد :نوع من شجر الشوك معروف ببالد بيت
المقدس ،وهناك يكون قتل اليهود)[2].
والذي يقتلهم المسلمون ،ويومئذ هم في منعة وقوة ودولة بحيث تعلو رايتهم في
اَلرض ليخلصوا العباد من دنس اليهود الذين أكثروا فيها الفساد.
قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قالَّ(( :ل تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى
يقول الحجر ووراءه اليهود :يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله)) [3].
ورغم طغيانهم اليوم وجبروتهم وتسلطهم على مقدرات العالم إَّله أن هللا عز وجل
يبعث عليهم بين الحين واآلخر من يسومهم سوء العذاب ويذيقهم الويالت تلو
وم ُهم الويالت ،قال هللا تعالى ﴿:وإِذ تأ هأذن ربُّك أليبعثأ هن عألي ِهم ِإألى يو ِم ال ِقي ِ
امة أمن أي ُس ُ
أأ أ أ أ أ أ أ أأ أ
162
اب ﴾ [اَلعراف ،] [4]395 :والتاريخ قد شهد بذلك ،فهم كلما أفسدوا في سوء الع أذ ِ
ُ أ أ
اَلرض سلط هللا عليهم من يذلهم ويستبيح بيضتهم ،وهكذا إلى قيام الساعة.
وقد َّلح في اَلفق اليوم أن اليهود لم يبق من عهدهم الذي وعدهم هللا إياه إَّله القليل
القليل ،فقد ظهرت قوتهم وظهر تجمعهم وإفسادهم بشكل قاطع يراه القاصي والداني
والعدو والصديق ،وَّل مرية وَّل مفر من نهايتهمَ ،لن وعد هللا َّل يتخلف ،ومن أصدق
ال.
من هللا قي ً
وليعلم كل مسلم أن مخلوقات هللا جميعاً ستساعد على مقاتلة أعداء هللا اليهود ،فقد
جاء في حديث أبي أمامة الباهلي قال :خطبنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال:
(( ..فيهزم هللا اليهود ،فال يبقى شيء مما خلق هللا يتوارى به اليهودي إَّله انطق هللا
ذلك الشيءَّ ،ل حجر وَّل شجر وَّل حائط ،وَّل دابة إَّله الغرقد فإنها من شجرهم َّل
تنطق إَّله قال :يا عبد هللا المسلم هذا يهودي فتعال فاقتله..))[5].
نعم هو صراع قائم َّل يفتر ،والحرب سجال ،كر وفر ،نصر وهزيمة ،وسيظل ذلك
الصراع قائماً حتى تعلو راية (َّل إله إَّله هللا محمد رسول هللا) خفاقة عالية بإذنه
تعالى ،ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر هللا.
163
إذا هو صراع مستمر حتى يأتي وعد هللا الذي وعد به عباده المؤمنين ،وهو في
الحقيقة صراع بين عقيدة التوحيد وبين عقيدة الشرك والخرافة ،إَّله أنه بين عقيدة
الحق التي جاء بها أبو اَلنبياء إبراهيم عليه السالم ثم جددها محمد صلى هللا عليه
وسلم ،وسيجددها عيسى بن مريم عليه السالم في آخر الدنيا ،وبين عقيدة القساوسة
والرهبان رواد الدجل والشعوذة الذين افتروا على هللا الكذب ،وكتبوا باطالً من عندهم،
وقالوا هذا من عند هللا بزعمهم ،لقد ابتدأت هذه الدعوة الضالة بحاخامات اليهود
انتهاء بهرتزل وبلفور ،ثم ينتهي اَلمر في نهاية الزمن بظهور
ً والبابوات الضالون ثم
مسيحهم الدجال ،حيث تنتهي المعركة بين الحق والباطل ،بين الحق بقيادة عيسى
عليه الصالة والسالم وبين الباطل بقيادة اَلعور الدجال ،بين أمة التوحيد واْلسالم
من جهة وبين اليهود والنصارى أهل الكتاب من جهة أخرى.
واْلشارة النبوية كما في حديث ابن عمر أن اليهود هم الذين يبدءون بقتال
المسلمين ،ولكن هللا عز وجل يسلط المسلمين عليهم ويخيب ما يتمنوه ،قال صلى هللا
عليه وسلم(( :تقاتلكم اليهود فتتسلطون عليهم حتى يقول الحجر :يا مسلم ،هذا
يهودي ورائي فاقتله))[6].
إذا نهايتهم حتمية وقضائية ،فال مهرب لهم وَّل مفر من بطش هللا الذي سيعمهم
ويقطع شأفتهم ،وحينها سيندمون ندماً شديداً على طغيانهم وتجبرهم وظلمهم ،وكما
تدين تدان.
وعموم هذه اَلحاديث أن لها دَّللة واضحة وجلية بعودة دين هللا إلى الحكم وسيادته
على العالم من جديد ،وإن كان القضاء على اليهود وأتباعهم في آخر الزمان كما
أشارت تلك اَلحاديث ،المهم أنه رد على من يشكك بعودة اْلسالم وسيادته على
العالم ،وأنه انتهى وإلى اَلبد ،تعالى هللا عما يقولون علواً كبي اًر.
164
] [1رواه مسلم برقم ( ،)8688أحمد برقم ( ،)6125علق عليه شعيب اَلرنؤوط:
إسناده صحيح على شرط مسلم..
] [5الحديث رواه ابن ماجه وإسناده قوي اللفظ له ،وساق أبو داود سنده وهو سند
صحيح إلى أبي أمامة عن النبي صلى هللا عليه وسلم ثم قال :نحوه وذكر الصلوات
مثل معناه ،يعني حديث النواس بن سمعان ،وصححه ابن خزيمة ورواه الحاكم في
المستدرك وقال :صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي ،وأورده الحافظ بن حجر في
فتح الباري مستشهداً به ،فهو عنده حديث صحيح أو حسن.
] [6صحيح مسلم :ج - 1فتن ،23 /وسنن الترمذي :ج ،8819/ 1ومسند أحمد:
ج 8ص .388فتح الباري :ج.8686/ 9
قتال اليهود إحدى النبوءات التي أخبر النبي محمد بها المسلمين ،وإحدى
من عالمات الساعة الصغرى .حيث روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي
الح أج ُر اليه أ ه ِ الس أ ه
ول أود ،حتى أيُق أ اع ُة حتى تُقاتُلوا أ ُ وم ه
هريرة« :أنه رسول هللا ﷺ قالَّ :ل تأُق ُ
165
الي ُهوِد ُّي :يا ُمسلِ ُم ،هذا أي ُهوِد ٌّي أورائي فاق ُتل ُه» ]3[،.وفي رواية أخرى في صحيح و ار أءهُ أ
ِ ه ِ ِ ِ
اع ُة أحتهى ُيأقات أل ال ُمسل ُمو أن الأي ُه أ
ود ،أفأيق ُتلُ ُه ُم ال ُمسل ُمو أن أحتى أيختأب أ
ئ الس أ
وم همسلم« :أَّل تأُق ُ
الش أج ُر :أيا ُمسلِ ُم أيا أعب أد هللاِ أه أذا
الشج ِر ،أفأيُقول الحجر أ ِأو ه
ُ أ أُ
ه ِ ِ ِ
الأي ُهود ُّي من أوأراء ال أح أج ِر أو أ
أيهوِد ٌّي أخل ِفي ،أفتأعال أفاق ُتل ُهِ ،إ هَّل ال أغرأق أد ،أفِإهن ُه ِمن أشج ِر الأيه ِ
ود». ُ أ أ أ ُ
وقد ورد في حديث صحيح أن عيسى يقتل المسيح الدجال عند باب لد الشرقي،
فيهزم هللا اليهود ويقتلون أشد القتل .فال تبقى دابة وَّل شجرة وَّل حجر يتوارى به
يهودي إَّل نطق ذلك الشيء فيقول :يا عبد هللا المسلم هنا يهودي فتعال فاقتله
إَّل الغرقد فإنه َّل ينطق ]6[.فقد روى أحمد بن حنبل في مسنده حديث يربط الواقعتين
ببعضهما :عن عبد هللا بن عمر« :أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال :أين ِزُل
اء ،أحتهى ِإ هن ه ِ ِ ِ ال هد هجال ِفي ه ِذِه ه ِ
الر ُج أل ن السأب أخة ِب أم ِر أقأن أ
اة ،أفأي ُكو ُ أأكثأأر أمن أيخ ُرُج إأليه الن أس ُ أ ُ
طا أم أخا أف أة أأن تأخ ُرأج ِإألي ِه،
ُم ِه أوابأنِت ِه أوأُخِت ِه أو أع همِت ِه ،أف ُيوِثُق أها ِرأبا ً
يم ِه وإِألى أ ِ
ِ ِ ِ ِ
ألأيرج ُع إألى أحم أ
يعتأ ُه ،أحتهى ِإ هن الأي ُهوِد هي ألأيختأِبئُ تأح أت ِ ِ ِِ ثُ هم ُي أسلِ ُ
ون ُه أوأيق ُتلُو أن ش أ ين أعأليه ،أفأيق ُتلُ أ
ط هللاُ ال ُمسلم أ
[]8
الش أج أرةُ لِل ُمسلِمِ :أه أذا أي ُهوِد ٌّي تأحِتي أفاق ُتل ُه». الشجرِة أ ِأو الحج ِر أفأيُقول الحجر أ ِأو ه
ُ أ أُ أأ أأ
ه
قال ابن حجر« :والمراد لقتال اليهود وقوع ذلك إذا خرج الدجال ونزل عيسى ،ووراء
الدجال سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى ،فيدركه عيسى عند باب لُد فيقتله
ويهزم اليهود ،فال يبقى شيء مما يتوارى به يهودي إَّل أنطق هللا ذلك الشيء ،فقال:
«يا عبد هللا -للمسلم -هذا يهودي فتعال فاقتله» ،إَّل الغرقد فإنها من شجرهم».
عقيدتنا أن هللا تعالى أورث علياً وأئمة العترة الطاهرة عليهم السالم الكتاب ومواريث
اَلنبياء عليهم السالم ،وآتاهم الحكمة وفصل الخطاب ،ه
وفضلهم على آل إبراهيم
وأوصياء اَلنبياء ،وجعلهم أئمة يهدون بالحق ،وفرض على اَلمة طاعتهم ،وأمرها أن
تهتدي بهم وتقتدي بهم.
وقد روى الجميع أن النبي صلى هللا عليه وآله قال( :أنا مدينة العلم وعلي بابها ،فمن
166
أراد المدينة فليأتها من الباب) ،وقال صلى هللا عليه وآله (:إني تارك فيكم الثقلين
كتاب هللا وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلول بعدي ) ،ومع هذا حاولوا
أن ينفوا أن يكون علي والعترة عليهم السالم هم المصطفون الذين أورثهم هللا الكتاب
طأفيأنا ِمن ِعأب ِادأنا)(.فاطر)18:
ين اص أ بقوله( :ثُ هم أأورثنا ال ِكتأ ه ِ
اب الذ أ
أ أأ
ف في حجر ولكن الحاكم روى حديثاً وصححه بأن النبي صلى هللا عليه وآله لم ُيتأأو ه
عائشة ،بل توفي وهو يناجي علياً عليه السالم ،قال في المستدرك( :312/1:عن أم
سلمة رضي هللا عنها قالت :والذي أحلف به أن كان علي َلقرب الناس عهداً برسول
غداة وهو يقول جاء
هللا صلى هللا عليه وآله .عدنا رسول هللا صلى هللا عليه وآله ً
علي ؟ م ار اًر ! فقالت فاطمة رضي هللا عنها كأنك بعثته في حاجة ،قالت:
علي جاء ٌّ
ٌّ
فجاء بعد .قالت أم سلمة :فظننت أن له إليه حاجة ،فخرجنا من البيت فقعدنا عند
الباب وكنت من أدناهم الى الباب ،فأكب عليه رسول هللا صلى هللا عليه وآله وجعل
علي
يسارهُ ويناجيه ثم ُقبض رسول هللا صلى هللا عليه وآله من يومه ذلك ،فكان ٌّ
ُّ
أقرب الناس عهداً( .هذا حديث صحيح اْلسناد ولم يخرجاه! ).
وروى أحمد في مسنده :98/9:أن عائشة أقسمت أنها كانت غائبة يومين بعد وفاة
النبي صلى هللا عليه وآله ولم تشهد جنازته ! قال( :عن عمرة عن عائشة قالت :وهللا
ما علمنا بدفن رسول هللا حتى سمعت صوت المساحي من آخر الليل ليلة اَلربعاء)
!! ورواه البيهقي في سننه!6 1/1:
فهل يعقل أن يكون خاتم النبيين وأفضلهم صلى هللا عليه وآله قد هبلغ المسلمين
وجوب الوصية على كل مسلم ،وأخبرهم بوفاته عن قريب ،وح هج بالمسلمين حجة
الوداع ،ثم مات ولم يكتب شيئاً ،ولم يوص بشئ ؟!
قال البخاري( :329/1:حدثنا طلحة بن مصرف قال :سألت عبدهللا بن أبي أوفى،
هل كان النبي أوصى؟ فقالَّ :ل .فقلت :كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا
167
وحتى القرآن الذي هو خاتم الكتب اْللهية ،زعموا أنه أوصاهم به وتركه موزعاً مهدداً
بالضياع ،حتى قام الصحابة بجهود مضنية وجمعوه!!
لقد أقنعهم الذين أبعدوا آل النبي صلى هللا عليه وآله عن السلطة بأن هللا تعالى الذي
اختار آل نوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين وورثهم علوم اَلنبياء عليهم
السالم وجعل أممهم بعد أنبيائها غني ًة بهم ،لم يختر آل محمد ،بل أح أرأم ُهم من إرث
ومرغ أنوفهم بالتراب،
محمد صلى هللا عليه وآله العلمي ،والسياسي ،وحتى المادي ،ه
وجعلهم من يوم وفاته سوق ًة عاديين ! يجب أن يحرق عليهم دارهم بمن فيه إن لم
يبايعوا الخليفة الذي اختاره تحالف قبائل قريش!!
كان إنكار الوصية النبوية ضرورياً لهمَ ،لن القول بوجودها يعني أنها لعلي عليه
السالم ،ويعني بطالن اَلساس الذي بنوا عليه خالفتهم ووراثتهم للنبي صلى هللا عليه
وآله!
لكن إذا ابتعدنا عن الخالفة ،فهم حاضرون لإلعتراف بالتفوق العلمي لعلي عليه
السالم ،وأن النبي صلى هللا عليه وآله مهيزه عن غيره بأمر هللا تعالى ،لكن في العلم
فقط !! فقد رووا أن النبي خص علياً بالتعليم ،وشهد علماؤهم كأحمد بن حنبل أنه
علي عليه السالم ما لم يصدر
صدر من النبي صلى هللا عليه وآله من اَلحاديث في ٍ
في شأن أحد من الصحابة أبداً!
168
وأحاديثهم في علم علي عليه السالم كثيرة ،رووها في جو بعيد عن الخالفة ،أو
أفلتت من رقابة الدولة ،وبعضها ينص على أن هللا تعالى الذي أق أر رسوله صلى هللا
عليه وآله فال ينسى ،أمره أن يعلم علياً عليه السالم وأعطاه وعياً وحفظاً فال ينسى!
قال السيوطي في الدر المنثور( : 89/9:وأخرج سعيد بن منصور ،وابن جرير ،وابن
المنذر ،وابن أبي حاتم ،وابن مردويه ،عن مكحول قال :لما نزلت :وتأ ِعيها أُ ُذن و ِ
اعأيةٌ، أ أأ ٌ أ
قال رسول هللا (ص):سألت ربي أن يجعلها أذن علي .قال مكحول :فكان علي يقول:
ما سمعت من رسول هللا صلى هللا عليه وآله شيئاً فنسيته!
وأخرج ابن جرير ،وابن أبي حاتم ،والواحدي ،وابن مردويه ،وابن عساكر ،وابن
النجاري ،عن بريدة قال قال رسول هللا(ص)لعلي :إن هللا أمرني أن أدنيك وَّل
وحق لك أن تعي .فنزلت هذه اآلية :أوتأ ِعأي أها أُ ُذ ٌن
أقصيك ،وأن أعلمك وأن تعيٌّ ،
وِ
اعأي ٌة! ) أ
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :يا علي
إن هللا أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي ،فأنزلت هذه اآلية :وتأ ِعيها أُ ُذن و ِ
اعأي ٌة ،فأنت أ أأ ٌ أ
أذن واعية لعلمي) .انتهى.
وهذا يدل بوضوح على أن هللا تعالى أمر نبيه صلى هللا عليه وآله أن ُي ِع هد علياً عليه
السالم إعداداً علمياً خاصاً لما بعده.
أما كيف أعده وماذا أوهرثأ ُه ،فينبغي أن تعرفه من مصادر شيعته ..فقد روى الصفار
في بصائر الدرجات ص( :366عن أبي عبدهللا عليه السالم قال ذكروا ُولد الحسن
فذكروا الجفر فقال:وهللا إن عندي لجلدي ماعز وضأن ،إمالء رسول هللا صلى هللا
عليه وآله وخط علي عليه السالم بيده .وإن عندي لجلداً سبعين ذراعاً أماله رسول هللا
صلى هللا عليه وآله وخطه علي عليه السالم بيده! وإن فيه لجميع ما يحتاج إليه
الناس حتى أرش الخدش).
وروى الكليني في الكافي(:816/3:عن أبي جعفر عليه السالم قال :سألته عما
169
يتحدث الناس أنه ُدفعت الى أم سلمة صحيفة مختومة فقال :إن رسول هللا صلى هللا
ورث علياً عليه السالم علمه وسالحه وما هناك .ثم صار الى
عليه وآله لما ُقبض ه
الحسن عليه السالم ،ثم صار الى الحسين عليهما السالم ،فلما خشينا أن ُنغشى
استودعها أم سلمة ،ثم قبضها بعد ذلك علي بن الحسين عليه السالم .قال فقلت:
نعم ،ثم صار الى أبيك ،ثم انتهى إليك ،قال :نعم).
وفي( :882/3:عن جابر قال سمعت أبا جعفر عليه السالم يقول :ما ادعى أحد من
الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إَّل كذاب ،وما جمعه وحفظه كما نزله هللا تعالى
إَّل علي بن أبي طالب ،واَلئمة من بعده.
...عن أبي جعفر عليه السالم أنه قال :ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع
القرآن كله ظاهره وباطنه غير اَلوصياء)
وفي( :812/3:عن أبي بصير قال دخلت على أبي عبدهللا عليه السالم فقلت له:
جعلت فداك إني أسألك عن مسألة ،هاهنا أحد يسمع كالمي؟ قال :فرفع أبو عبد هللا
عليه السالم ست اًر بينه وبين بيت آخر فاطلع فيه ثم قال :يا أبا محمد سل عما بدأ
لك ،قال قلت :جعلت فداك إن شيعتك يتحدثون أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله
علم علياً عليه السالم باباً يفتح له منه ألف باب؟ قال فقال :يا أبا محمد علم رسول
هللا صلى هللا عليه وآله علياً عليه السالم ألف باب يفتح من كل باب ألف باب ! قال
لعلم وما هو بذاك.
قلت :هذا وهللا العلم .قال :فنكت ساعة في اَلرض ثم قال :إنه ٌ
قال ثم قال :يا أبا محمد وإن عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة؟ قال قلت :جعلت
فداك وماالجامعة؟ قال :صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول هللا صلى هللا عليه
وآله وإمالئه من فلق فيه وخط علي بيمينه ،فيها كل حالل وحرام ،وكل شئ يحتاج
الناس إليه حتى اَلرش في الخدش ...إلخ).
وفي( :813/3:عن بكر بن كرب الصيرفي قال :سمعت أبا عبدهللا عليه السالم
يقول :إن عندنا ما َّلنحتاج معه الى الناس ،وإن الناس ليحتاجون إلينا ،وإن عندنا
171
كتاباً إمالء رسول هللا صلى هللا عليه وآله وخط علي عليه السالم صحيف ٌة فيها كل
حالل وحرام...وإنكم لتأتونا باَلمر فنعرف إذا أخذتم به ،ونعرف إذا تركتموه! ).
وفي(:869/3:عن أبي عبدهللا عليه السالم قال:كان في ذؤابة سيف رسول هللا صلى
هللا عليه وآله صحيفة صغيرة ،فقلت َلبي عبدهللا عليه السالم :أي شئ كان في تلك
الصحيفة ؟ قال :هي اَلحرف التي يفتح كل حرف ألف حرف .قال أبو بصير :قال
أبو عبد هللا عليه السالم :فما خرج منها حرفان حتى الساعة ! ) .انتهى.
وقال السيد اَلرموي محقق كتاب اْليضاح َّلبن شاذان ص( :199فممن صرح بهذا
المطلب المحقق الشريف الجرجاني ،فإنه قال في مبحث العلم من شرح المواقف،
عند ذكر الماتن أعني القاضي عضد الدين اْليجي (أنظر ص 859من طبعة بوَّلق
سنة ) 3199ما نصه :الجفر والجامعة ،وهما كتابان لعلي رضي هللا عنه قد ذكر
فيهما على طريقة علم الحروف ،الحوادث التي تحدث الى انقراض العالم ،وكانت
اَلئمة المعروفون من أوَّلده يعرفونهما ويحكمون بهما .وفي كتاب قبول العهد الذي
كتبه علي بن موسى رضي هللا عنهما الى المأمون :إنك قد عرفت من حقوقنا ما لم
يعرف آباؤك وقبلت منك عهدك ،إَّل أن الجفر والجامعة يدَّلن على أنه َّل يتم!
ولمشايخ المغاربة نصيب من علم الحروف ينتسبون فيه الى أهل البيت ،ورأيت أنا
بالشام نظماً أشير فيه بالرموز الى أحوال ملوك مصر ،وسمعت أنه مستخرج من
ذينك الكتابين...
وقال الشيخ اَلجل بهاء الملة والدين محمد بن الحسين العاملي في شرح اَلربعين
حديثاً ،عند شرحه الحديث الحادي والعشرين ما نصه:
وقد تظافرت اَلخبار بأن النبي صلى هللا عليه وآله أملى لعلي عليه السالم كتابي
الجفر والجامعة ،وأن فيهما علم ماكان وما يكون الى يوم القيامة.
ونقل الشيخ الجليل عماد اْلسالم محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الكافي عن
اْلمام جعفر بن محمد الصادق عليه السالم أحاديث كثيرة في أن ذينك الكتابين كانا
171
عنده ،وأنهما َّل يزاَّلن عند اَلئمة عليهم السالم يتوارثونهما واحداً بعد واحد....
وقال الدميري في حياة الحيوان في باب الجيم تحت عنوان (الجفرة) ما نصه:
فائدة :قال ابن قتيبة في كتاب أدب الكاتب :وكتاب الجفر جلد جفر كتب فيه اْلمام
جعفر بن محمد الصادق عليهما السالم آلل البيت كل مايحتاجون الى علمه ،وكل
ما يكون الى يوم القيامة .وإلى هذا الجفر أشار أبوالعالء المعري بقوله:
لقد عجبوا َلهل البيت لم
أتاهم علمهم في ِمسك أجف ِر
ومرآةُ المنجم وهي صغرى
أرت ُـه كل عامـرة وأقـف ِـر
ثم قال المحقق اَّلرموي رحمه هللا :أقول :البيتان من لزوميات أبي العالء وما قبلهما
ثالثة أبيات ،فمجموع القطعة خمسة أبيات ،فإن أردت أن تالحظها فراجع ج 8من
طبعة مكتبة صادر بيروت ص ،816وأما الكتاب المنقول عنه الكالم فالصحيح أنه
تأويل مختلف الحديث َّلبن قتيبة كما صرح به ابن خلكان ،واشتبه اَلمر على
الدميري ،فإنا راجعنا أدب الكاتب َّلبن قتيبة فلم نجد هذا المطلب فيه ،وأما تأويل
مختلف الحديث فالقصة مذكورة فيه (انظر ص).26
وأما ما ذكره السيد الجرجاني فيما تقدم من كالمه عن الرضا عليه السالم ( إَّل أن
الجفر والجامعة يدَّلن على أنه َّل يتم ) فهو مأخوذ من كتاب الفخري َّلبن
الطقطقي ،فإن شئت فراجع ) .انتهى.
أهل البيت عليهم السالم وقفوا ضد اليهود من زمن عمر!
فقد وقفوا في وجه كعب اَلحبار وتالميذهُّ ،
وردوا أفكارهم التحريفية الكافرة وانتقدوا
السلطة َلنها أطلقت أيديهم وألسنتتهم لتعبث في عقول المسلمين!
وقد ذكرنا في المجلد اَلول ،المسألة اَلولى رهد علي عليه السالم على كعب اَلحبار
في مجلس عمر عندما قال كعب ،كما في البحار ( :361/19:نجد في اَلصل
172
الحكيم أن هللا تبارك وتعالى كان قديماً قبل خلق العرش ،وكان على صخرة بيت
المقدس في الهواء ،فلما أراد أن يخلق عرشه تأأف أل تأأفأل ًة كانت منها البحار الغامرة
واللجج الدائرة ،فهناك خلق عرشه من بعض الصخرة التي كانت تحته وآخر ما بقي
منها لمسجد قدسه!)
هه وقام ه ِ
قال ابن عباس :وكان علي بن أبي طالب عليه السالم حاض اًر ،أف أعظ أم أعل ٌّي أرب ُ
لمـها عاد إلى مجلسه ،ففعله .قال عمر: على قدميه ونفض ثيابه ! فأقسم عليه عمر أ
ُغص عليها يا غواص ،ما تقول يا أبا الحسن ،فما علمتك إَّل مفرجاً للغم .فالتفت
وحرفوا كتب هللا ،وفتحوا الفرية
علي عليه السالم إلى كعب فقال( :غلط أصحابك ،ه
عليه!
يا كعب ويحك ! إن الصخرة التي زعمت َّلتحوي جالله وَّلتسع عظمته ،والهواء
الذي ذكرت َّليحوز أقطاره! ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكان لهما ِقدمته
وعز هللا وجل أن يقال له مكان يومى إليه ! وهللا ليس كما يقول الملحدون وَّل كما
يظن الجاهلون ،ولكن كان وَّلمكان بحيث َّلتبلغه اَلذهان ،وقولي(كان) عجز عن
ان فقولي له ه كونه ،وهو مما أعهل أم من البيان يقول هللا عز
وجل:خأل أق اْلنسان أعل أم ُه الأبأي أ
أ
(كان) مما علمني من البيان َلنطق بحججه وعظمته ،وكان ولم يزل ربنا مقتد اًر على
ما يشاء محيطاً بكل اَلشياء ،ثم أكهو أن ما أراد بال فكرة حادثة له أصاب ،وَّل شبهة
دخلت عليه فيما أراد ،وإنه عز وجل خلق نو اًر ابتدعه من غير شئ ،ثم خلق منه
ظلمة ،وكان قدي اًر أن يخلق الظلمة َّلمن شئ كما خلق النور من غير شئ ،ثم خلق
وسبع أرضين ،ثم
ٍ من الظلمة نو اًر وخلق من النور ياقوت ًة غلظها كغلظ سبع سماوات
ماء مرتعداً ،وَّل يزال مرتعداً إلى يوم القيامة.
زجر الياقوتة فماعت لهيبته فصارت ً
ثم خلق عرشه من نوره وجعله على الماء ،وللعرش عشرة آَّلف لسان يسبح هللا كل
لسان منها بعشرة آَّلف لغة ليس فيها لغة تشبه اَلخرى ،وكان العرش على الماء من
دونه حجب الضباب وذلك قوله :وأكان عرُشه عألى الم ِ
اء لِأيبلُ أو ُكم. أ أ أ أ ُ أ
173
يا كعب ويحك ! إن من كانت البحار تفلته على قولك ،كان أعظم من أن تحويه
حل فيه ) ! انتهى.
صخرة بيت المقدس أو يحويه الهواء الذي أشرت إليه أنه ه
وخطابه عليه السالم لكعب شديد يدل على أنه عليه السالم لم يقبل إسالمه بل
يعامله على أنه حاخام يهودي فيقول له(:غلط أصحابك وحرفواكتب هللا وفتحوا الفرية
عليه!! )
من جهة أخرى ،كان أهل البيت عليهم السالم معارضة ،واليهود َّليغضبون السلطة
ويتقربون الى معارضة مضطهدة ،بل يتقربون الى خليفة ينعمون بامتيازاته ،وقدكانوا
يحقدون على أهل البيت عليهم السالم ويؤججون عداء السلطة لهم.
ولهذه اَلسباب مجتمعة ،وهي :استغناء اَلئمة عليهم السالم عن علم اليهود،
وموقفهم ضدهم ،وتقرب اليهود من السلطة وابتعادهم عن المعارضة ،خلت مصادر
الشيعة من اَّلسرائيليات ،إَّل ما تسرب اليها من الرواة السنيين ،خاصة الذين
استبصروا وبقيت فيهم رواسب ،أو روايات رووها عن السنيين!
اَلسئلة
1ـ هل توافقوننا على أن مذهب أهل البيت عليهم السالم أبعد المذاهب اْلسالمية
عن الثقافة اليهوديةَ ،لن أهل البيت عليهم السالم كانوا معادين لليهود ولم يكونوا
بحاجة الى علمهم ،وَلن اليهود كانوا مع السلطة ضد المعارضة ؟!
2ـ أَّل ترون في تضخيم بعضهم َّلبن سبأ اليهودي الذي يلعنه الشيعة وزعمهم أنه
هو الذي أسس التشيع ،محاول ًة للتغطية على دور كعب اَلحبار والحاخامات الذين
تبنتهم الخالفة القرشية ،ونشروا ثقافة اليهود بين المسلمين؟!
3ـ بماذا تفسرون قوله تعالى :ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ..ومن هم
هؤَّلء ؟ وبماذا تفسرون ما رواه البخاري في 312/1:قال (إن هللا اصطفى آدم
ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين..إلى قوله يرزق من يشاء بغير حساب،
قال ابن عباس :وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران ،وآل ياسين وآل
174
علي بن محمد ،عن أحمد بن أبي عبد هللا ،عن عثمان بن عيسى ،عن ميسر قال:
دخلت على أبي عبد هللا (عليه السالم) فقال :كيف أصحابك؟ فقلت:
جعلت فداك لنحن عندهم أشر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا ،قال:
وكان متكئا فاستوى جالسا ،ثم قال :كيف قلت؟ قلت وهللا لنحن عندهم أشر من
اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا فقال " :أما وهللا َّل يدخل النار منكم اثنان
َّل وهللا وَّل واحد ،وهللا إنكم الذين قال هللا عز وجل " :وقالوا ما لنا َّل نرى رجاَّل كنا
نعدهم من اَلشرار * اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم اَّلبصار * إن ذلك
لحق تخاصم أهل النار ( " )1ثم قال :طلبوكم وهللا في النار فما وجدوا منكم أحدا.
(وصية النبي (صلى هللا عليه وآله )َلمير المؤمنين (عليه السالم )) 33 -محمد بن
يحيى ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن علي بن النعمان ،عن معاوية بن عمار
قال :سمعت أبا عبد هللا (عليه السالم) يقول :كان في وصية النبي (صلى هللا عليه
وآله )لعلي (عليه السالم )أن قال :يا علي أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها عني
ثم قال :اللهم أعنه ،أما اَلولى:
فالصدق وَّل تخرجن من فيك كذبة أبدا .والثانية :والورع وَّل تجترئ على خيانة أبدا.
والثالثة :الخوف من هللا عز ذكره كأنك تراه .والرابعة :كثرة البكاء من خشية هللا يبنى
175
لك بكل دمعة ألف بيت في الجنة .والخامسة :بذلك مالك ودمك دون دينك .و
السادسة اَّلخذ بسنتي في صالتي وصومي وصدقتي أما الصالة فالخمسون ركعة و
أما الصيام فثالثة أيام في الشهر :الخميس في أوله واَلربعاء في وسطه والخميس
في آخره وأما الصدقة فجهدك حتى تقول قد أسرفت ولم تسرف ،وعليك بصالة
الليل وعليك بصالة الزوال وعليك بصالة الزوال ،وعليك بصالة الزوال ،وعليك
بتالوة القرآن على كل حال وعليك برفع يديك في صالتك وتقليبهما ،وعليك بالسواك
عند كل وضوء وعليك بمحاسن اَلخالق فاركبها ومساوي اَلخالق فاجتنبها فإن لم
تفعل فال تلومن إَّل نفسك.
سهل ،عن ابن فضال ،عن علي بن عقبة ،وعبد هللا بن بكير ،عن سعيد بن يسار
قال :سمعت أبا عبد هللا (عليه السالم) يقول :الحمد هللا صارت فرقة مرجئه وصارت
فرقة حرورية وصارت فرقة قدرية وسميتم الترابية وشيعة علي ،أما وهللا ما هو إَّل هللا
وحده َّل شريك له ورسوله (صلى هللا عليه وآله )وآل رسول هللا (عليهم
السالم )وشيعة آل رسول هللا (صلى هللا عليه وآله )وما الناس إَّل هم ،كان علي
(عليه السالم )أفضل الناس بعد رسول هللا (صلى هللا عليه وآله )وأولى الناس بالناس
-حتى قالها ثالثا-.
عنه ،عن ابن فضال ،عن علي بن عقبة ،عن عمر بن أبان الكلبي ،عن عبد
الحميد الواسطي ،عن أبي جعفر (عليه السالم )قال :قلت له :أصلحك هللا لقد تركنا
أسواقنا انتظا ار لهذا اَّلمر حتى ليوشك الرجل منا أن يسأل في يده؟ فقال :يا
[أبا ]عبد الحميد أترى من حبس نفسه على هللا َّل يجعل هللا له مخرجا؟ بلى وهللا
ليجعلن هللا له مخرجا ،رحم هللا عبدا أحيا أمرنا ،قلت :أصلحك هللا إن هؤَّلء المرجئة
يقولون ما علينا أن نكون على الذي نحن عليه حتى إذا جاء ما تقولون كنا نحن
وأنتم سواء؟ فقال :يا عبد الحميد صدقوا من تاب تاب هللا عليه ومن أسر نفاقا فال
176
يرغم هللا إَّل بأنفه ومن أظهر أمرنا أهرق هللا دمه ( )3يذبحهم هللا على اَّلسالم
كما يذبح القصاب شاته ،قال :قلت :فنحن يومئذ والناس فيه سواء؟ قال:
َّل أنتم يومئذ سنام اَلرض وحكامها (َّ )8ل يسعنا في ديننا إَّل ذلك ،قلت :فإن مت
قبل أن أدرك القائم (عليه السالم)؟ قال :إن القائل منكم إذا قال :إن أدركت قائم آل
محمد نصرته كالمقارع ( )1معه بسيفه والشهادة ) (4معه شهادتان.
38 -عنه ،عن الحسن بن علي ،عن عبد هللا بن الوليد الكندي قال :دخلنا على
أبي عبد هللا (عليه السالم) في زمن مروان فقال :من أنتم؟ فقلنا :من أهل الكوفة،
فقال :ما من بلدة من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة وَّل سيما هذه العصابة،
إن هللا جل ذكره هداكم َلمر جهله الناس وأحببتمونا وأبغضنا الناس واتبعتمونا
وخالفنا الناس و صدقتمونا وكذبنا الناس فأحياكم هللا محيانا وأماتكم [هللا] مماتنا
فأشهد على أبي أنه كان يقول :ما بين أحدكم وبين أن يرى ما يقر هللا به عينه وأن
يغتبط إَّل أن تبلغ نفسه هذه وأهوى بيده إلى حلقه وقد قال هللا عز وجل في كتابه" :
ولقد أرسلنا رسال من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ( " )6فنحن ذرية رسول هللا
(صلى هللا عليه وآله).
39 -حميد بن زياد ،عن الحسن بن محمد الكندي ،عن أحمد بن عديس ،عن أبان
عن عثمان ،عن أبي الصباح قال :سمعت كالما يروى عن النبي (صلى هللا عليه
وآله )وعن علي (عليه السالم )وعن ابن مسعود فعرضته على أبي عبد هللا (عليه
السالم) فقال :هذا قول رسول هللا (صلى هللا عليه وآله )أعرفه قال:
قال رسول هللا (صلى هللا عليه وآله )الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ
بغيره وأكيس الكيس التقي وأحمق الحمق الفجور وشر الروي روي الكذب ) (6وشر
اَلمور محدثاتها واعمى العمى
177
() ٩كذا.
() ٢أي مرتفع اَلرض والمراد هنا عزتهم ورفعتهم ودولتهم.
() ١قارع وتقارع القوم بعضهم بعضا :ضاربوا ،وبالرماح :تطاعنوا.
() ٦اي لمتمني الشهادة معه أجر شهيد وللشهادة معه أجر شهيدين.
() ١الرعد.١٨ :
)(6رواه الصدوق في الفقيه واَلمالي بسند حسن وفيهما " وشر الرواية
رواية الكذب " و الروى من الروية وهو النظر والتفكر في اَلمور ،أو من الرواية أو
من روى الماء والثاني أظهر.
عمى القلب وشر الندامة ندامة يوم القيامة وأعظم الخطايا عند هللا لسان الكذاب
وشر الكسب كسب الربا وشر المآكل أكل مال اليتيم وأحسن الزينة زينة الرجل ()3
هدي حسن مع إيمان وأملك أمره به وقوام خواتيمه ومن يتبع السمعة يسمع هللا به
( )8الكذبة ومن يتول الدنيا يعجز عنها ومن يعرف البالء يصبر عليه ومن َّل
يعرفه ينكل ( )1و الريب كفر ومن يستكبر يضعه هللا ومن يطع الشيطان يعص هللا
ومن يعص هللا يعذبه هللا ومن يشكر يزيده هللا ومن يصبر على الرزية يعنه هللا ومن
يتوكل على هللا فحسبه هللاَّ ،ل تسخطوا هللا برضا أحد من خلقه وَّل تقربوا إلى أحد
من الخلق تتباعدوا من هللا فإن هللا عز وجل ليس بينه وبين أحد من الخلق شئ
يعطيه به خي ار وَّل يدفع به عنه ش ار إَّل بطاعته واتباع مرضاته ،وإن طاعة هللا نجاح
من كل خير يبتغى ونجاة من كل شر يتقى وإن هللا عز ذكره يعصم من أطاعه وَّل
يعتصم به من عصاه وَّل يجد الهارب من هللا عز وجل مهربا وإن أمر هللا نازل ولو
كره الخالئق وكل ما هو آت قريب ،ما شاء هللا كان وما لم يشأ لم يكن ،فتعاونوا
على البر والتقوى وَّل تعانوا على اَّلثم والعدوان واتقوا هللا إن هللا شديد العقاب.
40 -وبهذا اَّلسناد ،عن أبان ،عن يعقوب بن شعيب أنه سأل أبا عبد هللا (عليه
178
السالم) عن قول هللا عز وجل " :كان الناس أمة واحدة ( " )1فقال :كان الناس قبل
نوح أمة ضالل فبدا هلل فبعث المرسلين وليس كما يقولون :لم يزل ( )6وكذبوا ،يفرق
هللا في ليلة القدر ما كان من شدة أو رخاء أو مطر بقدر ما يشاء هللا عز وجل أن
يقدر إلى مثلها من قابل.
() " ٩زينة الرجل " عطف بيان أو بدل للزينة و " أملك امره به " معطوف على
أحسن الزينة.
() ٢اي أظهره وفي بعض النسخ [يبتغ] وهو اَلصوب.
() ١النكول :الجبن واَّلمتناع وفي الكتابين " ينكر".
() ٦البقرة.٢٩١ :
)(5اي ليس كما يقولون " :ان هللا تعالى قدر اَّلمر في اَلزل وقد فرغ منها فال
يتغير تقديراته تعالى".
بل هلل البداء فيما كتب في لوح المحو واَّلثبات .الكافي للشيخ الكليني.
حط النبي اَلكرم ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) رحاله بالمدينة ،والتف حوله اَلوس
والخزرج ،ففشى أمر اْلسالم وشاع خبره وذكره بين الناس والقبائل القاطنة بأطراف
المدينة ،وكان ذلك بمثابة جرس إنذار لليهود ينبئ عن إقتراب اُفول شوكتهم في
المدينة وماواَّلها بل في شبه الجزيرة العربية برمتها.
وكانت اليهود في سابق عهدها تفتخر على سائر اَّلُمم بأنها تقتفي أثر التوحيد وأن
لهم كتاباً سماوياً يجمع بين دفتيه اَلحكام اْللهية ،ولكن تلك المفخرة أوشكت أن
179
تذهب أدراج الرياح بدعوة النبي اَلكرم الناس كافة إلى التوحيد اَلصيل ونزول القرآن
عليه ،فما كانت لهم بعد إذ ذاك ميزة يمتازون بها على العرب.
وكانت اليهود لفرط حبهم للدنيا وزبرجها تمكنوا من السيطرة على مقاليد أزمة إدارة
التجارة ،وكان وجود الشقة السحيقة بين اَلوس والخزرج ،والنزاعات القبلية بينهما ،
خير معين لإلنفراد بإدارة دفة القوافل التجارية ،غير أن تلك اَلرضية التي فسحت
لهم المجال لتسلم زمام التجارة فيما مضى كادت تنعدم باَّلُخوة اْلسالمية التي جاء
بها اْلسالم ،فصار المتصارعان متصافيين متآخيين متآلفين في مقابل اليهود
وأطماعهم.
كل ذلك صار سبباً لتحفيز اليهود ْلثارة الشبهات حول رسالة الرسول اَلكرم وبث
السموم وتشوية معالم الرسالة الجديدة ليضعضعوا أركان اْليمان الفتي في قلوب
المؤمنين باْلسالم ،وقد غاب عن خلدهم أن سنة هللا الحكيمة تتكفل بنصر رسله.
قال سبحانه :
وم اَلأش أه ُاد ) ( غافر ١۱ / ِ ُّ ِ هِ ِه
آم ُنوا في ال أحأياة الدنأيا أوأيوأم أيُق ُ
ين أ
نص ُر ُرُسألأنا أوالذ أ
( إنا ألأن ُ
).
وإليك نماذج من أسئلتهم وشبهاتهم التي أثاروها حول الرسالة النبوية :
إن أول خطوة خطوها َلجل إيقاف مد الصحوة الدينية واْليمان برسالة النبي اَلكرم
(صلى هللا عليه وآله وسلم) هو إصدار مرسوم يقضي بكتمان عالئم نبوته التي
وردت في التوراة حتى َّلتقع للمسلمين ذريعة يتمسكون بها ضدهم في عزوفهم عن
قبول الدعوة ،وهذا ما يحكي عنه الذكر الحكيم بقوله :
181
وروي عن اْلمام الباقر ( عليه السالم ) أنه قال :كان قوم من اليهود ليسوا من
المعاندين المتواطئين ،إذا لقوا المسلمين حدثوهم بما في التوراة من صفة محمد (
صلى هللا عليه وآله وسلم ) فنهاهم كبراؤهم عن ذلك وقالوا َّ :لتخبروهم بما في
التوراة من صفة محمد ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) فيحاجوكم به عند ربكم (.)۱
ص ِد ٌق لِ أما أم أع ُهم أوأك ُانوا ِمن أقب ُل أيستأفِت ُحو أن أعألى ( وأل هما جاءهم ِكت ِ ِ ِ ه ِ
اب من عند اللـه ُم أ أ أُ أ ٌ أ
ِ هِ ِ هِ
ين ) ( البقرة ۹۸ / اء ُهم هما أع أرُفوا أكأف ُروا ِبه أفألعأنةُ اللـه أعألى ال أكاف ِر أ
ين أكأف ُروا أفأل هما أج أ
الذ أ
).
إن نف اًر من أحبار اليهود جاءوا رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) فقالوا :يا
محمداً أخبرنا عن أربع نسألك عنهن ،فإن فعلت ذلك اتبعناك وصدقناك وآمنا بك ،
181
فقال لهم رسول هللا :عليكم بذلك عهد هللا وميثاقه لئن أنا أخبرتكم بذلك لتصدقنني
؟ قالوا :نعم ،قال :فسألوا عما بدا لكم ...ومما سألوا عنه نوم النبي ( صلى هللا
عليه وآله وسلم ) ـ فقالوا :كيف نومك ؟ فقال :تنام عيني وقلبي يقظان .قالوا :
فأخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه ؟ قال :حرم على نفسه لحوم اْلبل وألبانها ،
فصدقوه في اْلجابة عن هذين السؤالين ،ثم قالوا له :فأخبرنا عن الروح ،قال
:أنشدكم باّلل وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمونه جبرئيل وهو الذي يأتيني ؟ قالوا
:اللهم نعم ،ولكنه يا محمد لنا عدو وهو ملك إنما يأتي بالشدة وسفك الدماء ولوَّل
يل أفِإهن ُه أن هزأل ُه أعألى ِِ
ان أع ُدًّوا لجب ِر أذلك َّلتبعناك ،فأنزل هللا عز وجل فيهم ُ ( :قل أمن أك أ
ان أع ُدًّوا لِهل ِـه ين * أمن أك أ
ِ ِ ِ الل ِـه م ِ ِ
صد ًقا ل أما أبي أن أي أديه أو ُه ًدى أوُبش أرى لل ُمؤ ِمن أ ُأ
أقلِبك ِبِإذ ِن ه
أ
ِ ِ ه
ال أفِإ هن الل أـه أع ُدٌّو لل أكاف ِر أ يل أو ِم أ ِِ ِ ِ ِِ
ين ) ( البقرة ۸۷ /و .)۲( ) ۸۹ يك أ أو أم أالئ أكته أوُرُسله أوجب ِر أ
وما ذكرنا من شأن النزول يؤيد ما ذكرناه سابقاً من أن المقصود من الروح في قوله
ون أك أع ِن ُّ
الرو ِح ) ( اْلسراء ) ۹١ /هو الروح اَلمين َّل الروح سبحانه ( :أوأيس ألُ أ
اْلنسانية ،وأن ما اُثير حولها في التفاسير المختلفة مبني على تفسير الروح بالروح
اْلنسانية وهو غير صحيح.
وعلى أي تقدير فنصب العداء لجبرئيل نصب للعداء له سبحانه َ ،لن جبرئيل مأمور
أم أرُهم أوأيف أعُلو أن أما ه ه
صو أن الل أـه أما أ أ
من جانبه ومبلغ عنه هو وجميع المالئكة َّ ( :ل أيع ُ
ُيؤ أم ُرو أن ) ( التحريم .) ٤ /
إن رسول هللا لما ذكر سليمان بن داود في المرسلين ،قال بعض أحبارهم :أَّل
تعجبون من محمد ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) يزعم أن سليمان بن داود كان نبياً ،
ين أعألى وهللا ما كان إَّل ساح اًر ،فأنزل هللا تعالى في ذلك ( :واتهبعوا ما تأتلُو ه ِ
الشأياط ُ أ أُ أ
182
كتب رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) إلى يهود خيبر بكتاب جاء فيه :
بسم هللا الرحمن الرحيم من محمد رسول هللا صاحب موسى وأخيه والمصدق لما جاء
به موسى على أن هللا قد قال لكم يا معشر أهل التوراة ،وأنكم لتجدون ذلك في
اهم ُرهك ًعا هِ ِه ه ِ هِ
اء أبيأن ُهم تأأر ُ
اء أعألى ال ُكفار ُر أح أم ُ ين أم أع ُه أأشد ُ
ول اللـه أوالذ أ
كتابكم ُّ ( :م أح همٌد هرُس ُ
ود أذلِ أك
السج ِ ِِ ِ الل ِـه وِرضوانا ِسيم ِ س هجدا يبتأ ُغو أن أفض ًال ِمن ه
اهم في ُو ُجوههم من أثأ ِر ُّ ُ أ أً أ ُ أ ُ ً أ
ظ أفاستأأوى أعألى نج ِ
يل أك أزرٍع أأخ أرأج أشطأأهُ أف أآزأرهُ أفاستأغأل أ مأثلُهم ِفي التهورِاة ومأثلُهم ِفي ِ
اْل ِ
أ أأ ُ أ ُ
الصالِح ِ
ات ِمن ُهم ِ
آم ُنوا أو أعمُلوا ه أ
ه هِ اع لِأي ِغي أ
ظ ِب ِه ُم ال ُكهف أار أو أع أد الل ُـه الذ أ سوِق ِه ُيع ِج ُب ُّ
ين أ الزهر أ ُ
يما ). ِ ِ
همغف أرًة أوأأج ًار أعظ ً
وإني انشدكم باّلل ،وانشدكم بما أنزل عليكم وانشدكم بالذي أطعم من كان قبلكم من
أسباطكم المن والسلوى ،وانشدكم بالذي أيبس البحر آلبائكم حتى أنجاهم من فرعون
وعمله إَّل أخبرتموني :هل تجدون فيما أنزل هللا عليكم أن تؤمنوا بمحمد ؟ فإن كنتم
الرش ُد ِم أن ال أغ ِي ) فأدعوكم إلى هللا َّلتجدوني ذلك في كتابكم فالكره عليكم ( أقد تهأبي أ
هن ُّ
وإلى نبيه (.)٦
إن أحد أحبار اليهود قال لرسول هللا :يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل هللا
عليك من آية بينة فنتبعك لها ،وقد كانوا ينكرون العهد الذي أخذه اَلنبياء عليهم أن
يؤمنوا بالنبي اَّلُمي.
183
ات بِين ٍ
ات أو أما أيكُف ُر ِب أها ِإ هَّل ٍ
أنزلأنا ِإألي أك أآي أ أ
فأنزل هللا سبحانه في ردهم ( :أوألأقد أ أ
يق ِمن ُهم أبل أأكثأ ُرُهم أَّل ُيؤ ِم ُنو أن ) ( البقرة /
اه ُدوا أعه ًدا هنأب أذهُ أف ِر ٌ
ه ِ
الأفاسُقو أن * أ أأو ُكل أما أع أ
۸۸و .) ۱۰۰
وقد كان اليهود قد تقدموا باقتراحات تعجيزية على غرار ما بدر من المشركين فقد
سألت العرب محمداً ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) أن يأتيهم باّلل فيروه جهرة ،فنزل
وسى ِمن أقب ُل أو أمن أيتأأب هد ِل ِ ِ
قوله سبحانه ( :أأم تُر ُيدو أن أأن تأس أُلوا أرُسوأل ُكم أك أما ُسئ أل ُم أ
يل ) ( البقرة .) ۱۰۹ / السِب ِ
اء ه ِ ِ
اْليم ِ
ض هل أس أو أ ان أفأقد أ ال ُكف أر ب أ
وقال رافع بن حريملة لرسول هللا :يا محمد إن كنت رسوَّلً من هللا كما تقول فقل هلل
ين أَّل أيعأل ُمو أن ألوأَّل ُي أكلِ ُمأنا فيكلمنا حتى نسمع كالمه ،فنزل قوله سبحانه ( :وأق ه ِ
ال الذ أ
أ أ
اللـه أأو تأأِتينا آي ٌة أك أذلِك أقال هال ِذين ِمن أقبلِ ِهم ِمثل أقولِ ِهم تأ أشابهت ُقُلوبهم أقد بهيهنا اآلي ِ
ات ه
أ أ ُُ أأ أ أ أ أ أ أ ُ
لِأقو ٍم ُيوِق ُنو أن ) (.)٤
۷ـ تنازع اليهود والنصارى عند الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم :
لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) أتتهم
أحبار اليهود فتنازعوا عند رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ،فقال رافع بن
حريملة :ما أنتم على شيء ،وكفر بعيسى وباْلنجيل ،فقال رجل من أهل نجران
من النصارى لليهود :ما أنتم على شيء ،وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة ،فأنزل
هللا في ذلك قوله :
184
ِ
فقوله سبحانه ( :أو ُهم أيتُلو أن الكتأ أ
اب ) إشارة إلى أن كالً من الفريقين يتلو في كتابه
تصديق ما كفر به ،أي كفر اليهود بعيسى بن مريم وعندهم التوراة فيما أخذ هللا
عليهم على لسان موسى بالتصديق بعيسى ،وفي اْلنجيل ما جاء به عيسى ( عليه
السالم ) من تصديق موسى ( عليه السالم ) وما جاء به من التوراة من عند هللا وكل
يكفر بما في يد صاحبه.
ين أَّل أيعأل ُمو أن ِمث أل أقولِ ِهم ) إشارة إلى أن مشركي وقوله سبحانه ( :أك أذلِك أق ه ِ
ال الذ أ
أ أ
العرب الذين هم جهال وليس لهم كتاب ،هكذا قالوا لمحمد ( صلى هللا عليه وآله
وسلم ) وأصحابه :إنهم ليسوا على شيء من الدين مثل ما قالت اليهود والنصارى
بعضهم لبعض (.)۷
وربما بلغ تجاسرهم بساحة النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ،فطلبوا منه أن
يقتدي بإحدى الشريعتين ،قال ابن عباس :إن جماعة من اليهود ونصارى نجران
ذموا أهل اْلسالم ،كل فرقة تزعم أنها أحق بدين هللا من غيرها ،فقالت اليهود :
نبينا موسى أفضل اَلنبياء وكتابنا التوراة أفضل الكتب ،وقالت النصارى :نبينا
عيسى أفضل اَلنبياء وكتابنا اْلنجيل أفضل الكتب وكل فريق منهما قالوا للمؤمنين
كونوا على ديننا ،فأنزل هللا تعالى هذه اآلية ،وقيل :إن ابن صوريا قال لرسول هللا
( صلى هللا عليه وآله وسلم ) :ما الهدى إَّل ما نحن عليه فاتبعنا ِ
تهتد ،وقالت
ص أارى تأهتأ ُدوا ).
ودا أأو أن أ النصارى مثل ذلك ،فأنزل هللا هذه اآلية ( .أوأقالُوا ُك ُ
ونوا ُه ً
185
ِ
اهيم حِن ًيفا وما أك ِ ِه
فرد هللا عليهم بقوله ( :أبل مل أة ِإب أر أ أ أ أ أ
ان م أن ال ُمش ِرِك أ
ين ) ( البقرة /
.) ۱۳١
كان اليهود َّليألون جهدًا في إثارة القالقل والفتن واَّلستهزاء بالنبي إلى حد يصرون
على استعمال الكلمات المشتركة بين المعنى الحسن والمعنى القبيح.
فعلى سبيل المثال عندما كان النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) يتحدث ،كان
المسلمون يطلبون منه التأني في التحدث فيقولون « :راعنا » ،بمعنى أمهلنا مشتق
من مادة « رعى » ،فحرفت اليهود هذه اللفظة ،فقالوا :يا محمد راعنا ،وهم
يلحدون إلى الرعونة يريدون به النقيصة والوقيعة ومعناه « حمقنا » ،وَلجل ذلك
وافى الوحي وأمر أن يتركوا هذه الكلمة ويستعملوا مكانه « انظرنا » قال سبحانه ( :
يم ) ( ظرأنا واسمعوا وِلل أك ِاف ِرين ع أذ ِ ِ يا أأي ه ِ
اب أأل ٌ
أ أ ٌ آم ُنوا أَّل تأُقوُلوا أراعأنا أوُقولُوا ان ُ أ أ ُ أ
ين أ
ُّها الذ أ
أ أ
البقرة .) ۱۰٦ /
وقال العالمة الطباطبائي في اآلية نهي شديد عن قول « :راعنا » ،وهذه الكلمة
ِ هِ
ين أه ُادوا ذكرتها آية اُخرى وبينت معناها في الجملة وهي قوله تعالى ( :م أن الذ أ
اض ِع ِه ويُقولُون س ِمعنا وعصينا واسمع غير مسم ٍع ور ِ
اعأنا أليًّا يح ِرُفون ال أكلِم عن همو ِ
أأ أ أ أ أ أ أ أ أ أ أ أ ُ أ أأ أ أ أ ُأ أ
طعنا ِفي ِ ِ ِ
ين ) ( النساء .) ٦٤ / الد ِ ِبأألسأنت ِهم أو أ ً
ومنه يعلم أن اليهود كانوا يريدون بقولهم للنبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) :راعنا
،نحواً من معنى قوله ( :اس أمع أغي أر ُمس أم ٍع ) ،ولذلك ورد النهي عن خطاب رسول
هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) بذلك وحينئذ ينطبق على ما نقل :إن المسلمين
كانوا يخاطبون النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) بذلك إذا ألقى إليهم كالماً يقولون
ول هللاِ » ،يريدون :أمهلنا وانظرنا حتى نفهم ما تقول ،وكانت ِ
« :أراعأنا أيا أرُس أ
186
اللفظة تفيد في لغة اليهود معنى الشتم ،فاغتنم اليهود ذلك فكانوا يخاطبون النبي (
صلى هللا عليه وآله وسلم ) بذلك ،يظهرون التأدب معه وهم يريدون الشتم ،ومعناه
اض ِع ِه
عندهم :اسمع َّلأسمعت ،فنزل ِ ( :من هال ِذين هادوا يح ِرُفون ال أكلِم عن همو ِ
أ أ أ أ أ ُ ُأ أ أ
اعأنا ) ...ونهى هللا المؤمنين عن ويُقوُلون س ِمعنا وعصينا واسمع غير مسم ٍع ور ِ
أأ أ أ أ أ أ أ أ أ أ أ أ ُ أ أأ
الكلمة وأمرهم أن يقولوا ما في معناه وهو :انظرنا ،فقال ( :أَّل تأُقولُوا ر ِ
اعأنا أوُقولُوا أ
ظرأنا ) (.)۹
ان ُ
سأل معاذ بن جبل ،وسعد بن معاذ ،وخارجة بن زيد ،نف اًر من أحبار اليهود عن
بعض ما في التوراة ،فكتموهم وأبوا أن يخبروهم عنه ،فأنزل هللا تعالى فيهم ِ ( :إ هن
اب أُوألـِئ أك ات وال ُه أدى ِمن أبع ِد ما أبهيهناهُ لِلهن ِ
اس ِفي ال ِكتأ ِ ِ ِ هال ِذين يكتُمون ما أ أ ِ
أ أنزلأنا م أن الأبيأن أ أ أ ُ أ أ
الال ِع ُنو أن ) ( البقرة .)۸( ) ۱١۸ / ه
اللـه ويلع ُنهم ه
أيل أع ُن ُه ُم ُ أ أ أ ُ ُ
ولو أن أحبار اليهود مثل كعب بن اَلشرف وكعب بن أسد وابن صوريا وغيرهم من
علماء النصارى بينوا للناس ما ورد في التوراة واْلنجيل من أوصافه ( صلى هللا عليه
وآله وسلم ) لعم اْلسالم شرق العالم وغربه ويا لألسف رجحوا اَّلحتفاظ بمناصبهم
على ثواب اآلخرة.
وقد رووا أن أحبار اليهود ونصارى نجران إجتمعوا عند رسول هللا ،فقالت اَلحبار :
ما كان إبراهيم إَّل يهودي ًا ،وقالت النصارى من أهل نجران :ما كان إبراهيم إَّل
يم أو أما اب لِم تُح ُّ ن ِ ِ ِ نصرانياً ،فأنزل هللا عز وجل فيهم ( :يا أأهل ال ِكتأ ِ
اجو أ في إب أراه أ أ أ أ أ
يما أل ُكم ِب ِه ِ
اججتُم ف أ
ِ ِ ِِ اْلن ِج ِ ه ِ
يل إَّل من أبعده أأف أال تأعقُلو أن أها أأنتُم أهـ ُؤأَّلء أح أ
ُ
ُنزأل ِت التهوراةُ و ِ
أ أ أِ
اللـه يعألم وأأنتُم أَّل تأعألمون ما أك ِ ِ ه ِِ ِ ِعلم أفلِم تُح ُّ ِ
يم
ان إب أراه ُُ أ أ أ يما ألي أس أل ُكم به عل ٌم أو ُ أ ُ أ اجو أن ف أ ٌ أ أ
ين * ِإ هن أأوألى الهنا ِ وديًّا وأَّل نصرِانيًّا وألـ ِكن أكان حِن ًيفا ُّمسلِما وما أك ِ
أيه ِ
س ان م أن ال ُمش ِرِك أ ً أأ أ أ أ أ أ أ أ ُ
ِ ه هِ اه ه ِ ِِ ِ
آم ُنوا أوالل ُـه أولِ ُّي ال ُمؤ ِمن أ
ين ) ( آل عمران ٤١ / ين اتهأب ُعوهُ أو أهـ أذا الهنِب ُّي أوالذ أ
ين أ يم أللذ أ
بإب أر أ
ـ .)۱۱( ) ٤۹
إن ادعاءهم بأن إبراهيم ( عليه السالم ) كان يهودياً أو نصرانياً نابع عن جهلهم
المطبق بحياة إبراهيم ،فكيف يكون إبراهيم يهودياً أو نصرانياً وهو والد إسحاق الذي
هو والد يعقوب المعروف بيهودا فما ظنك بكونه نصرانياً ؟
عشية :
۱۱ـ اإليمان غدوة والكفر ّ
لما رأت اليهود أن اْلسالم ينتشر شيئاً فشيئاً ،فحاولوا تشويه سمعته بالتظاهر
باْلنتماء إلى اْلسالم صباحاً والخروج عنه عشية حتى يلبسوا على المسلمين دينهم
ويصيروا مثلهم ،فقال جماعة منهم :تعالوا نؤمن بما اُنزل على محمد وأصحابه
غدوة ونكفر به عشية حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع ويرجعون
اب لِم أتلِبسون الح هق ِبالب ِ
اط ِل عن دينه ،فأنزل هللا تعالى فيهم ( :يا أأهل ال ِكتأ ِ
أ أ ُ أ أ أ أ
آم ُنوا ِب هال ِذي أ ِ
ُنزأل أعألى ط ِائأف ٌة ِمن أأه ِل ال ِكتأ ِ
اب ِ وتأكتُمون الح هق وأأنتُم تأعألمون * وأقاألت ه
ُ أ أ أ ُ أ أ أ
188
آخ أرهُ أل أعهل ُهم أير ِج ُعو أن * أوأَّل تُؤ ِم ُنوا ِإ هَّل لِ أمن تأِب أع ِد أين ُكم
ار واكُفروا ِ
آم ُنوا أوج أه الهن أه ِ أ ُ
ين أ
هِ
الذ أ
وكم ِع أند أرِب ُكم ُقل ِإ هن أحٌد ِمث أل أما أُوِتيتُم أأو ُي أح ُّ هِ ِ
اج ُ ُقل إ هن ال ُه أدى ُه أدى اللـه أأن ُيؤتأى أ أ
يم ) ( آل عمران ۷۱ /ـ .) ۷۳ِ ه ِ ِ ِ هِ ِ ِ
اء أوالل ُـه أواس ٌع أعل ٌ
الأفض أل بأيد اللـه ُيؤتيه أمن أي أش ُ
اجتمعت اَلحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول هللا ( صلى هللا
عليه وآله وسلم ) فدعاهم إلى اْلسالم ،فقالوا :أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما
تعبد النصارى عيسى بن مريم ؟ وقال رجل من أهل نجران :أو ذاك تريد منا يا
محمد ؟ وإليه تدعونا ؟ فقال رسول هللا :معاذ هللا أن أعبد غير هللا أو آمر بعبادة
ان
غيره فما بذلك بعثني هللا وَّل أمرني .فأنزل هللا تعالى في ذلك من قولهما ( :أما أك أ
الل ِـه
اس ُكونوا ِعبادا لِي ِمن دو ِن ه
ُ ول للهن ِ ُ أ ً
النبهوة ثُ هم يُق ِ
اب أوال ُحك أم أو ُّ ُ أ أ أ
ه ِ ِ
لأب أش ٍر أأن ُيؤِتأي ُه الل ُـه الكتأ أ
اب أوِب أما ُكنتُم تأد ُرُسو أن أوأَّل أيأ ُم أرُكم أأن ِ ِ وألـ ِكن ُكونوا رب ِ
هانِي أ ِ
ين ب أما ُكنتُم تُ أعل ُمو أن الكتأ أ ُ أ أ
ين أأرأب ًابا أأأيأ ُم ُرُكم ِبال ُكف ِر أبع أد ِإذ أأنتُم ُّمسلِ ُمو أن ) ( آل عمران / ِ ِ
تأتهخ ُذوا ال أم أالئ أك أة أوالهنِبِي أ
۷۸و .) ۹۰
ومحصل ما يستفاد من اآلية إن البشر الذي آتاه هللا تعالى الكتاب والحكم والنبوة
كائناً من كان ـ عيسى كان أم محمد ـ إنما يدعوكم إلى التلبس باْليمان واليقين بما
في الكتاب الذي تعلمونه وتدرسونه من اُصول المعارف اْللهية واْلتصاف بالملكات
واَلخالق الفاضلة التي يشتمل عليها والعمل بالصالحات حتى تنقطعوا بذلك إلى
ربكم وتكونوا به علماء ربانيين.
ثم إن الرباني منسوب إلى الرب ،زيد عليه اَللف والنون للدَّللة على التفخيم كما
يقال « لحياني » لكثير اللحية ونحو ذلك ،فمعنى الرباني شديد اْلختصاص بالرب
وكثير اْلشتغال بعبوديته وعبادته (.)۱۲
189
نزل النبي اَلكرم ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) مدينة يثرب فوجد اَلوس والخزرج في
شقاق ،فآخى بينهما وجعل الجميع صفاً واحداً في وجه اليهود ،فشق ذلك على
الكافرين فحاولوا جاهدين أن يشقوا عرى وحدتهم بوسائل مختلفة ،فمر شاس بن
قيس ـ وكان شيخاً عظيم الكفر ،شديد الضغن على المسلمين ،شديد الحسد عليهم ـ
على نفر من أصحاب رسول هللا من اَلوس والخزرج ،في مجلس قد جمعهم
يتحدثون فيه فغاظه ما رأى من ألفهم وجماعتهم ،وصالح ذات بينهم على اْلسالم
بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية ،وقال :قد اجتمع مأل بني قيلة بهذا
البالد َّ ،ل وهللا ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار ،فأمر فتى شاباً من
ً
اليهود كان معهم ،فقال :أعمد إليهم ،فاجلس معهم ثم اذكر يوم بعاث وما كان
قبله وأنشدهم بعض ما كانوا تقولوا فيه من اَلشعار ،ففعل ذلك الشاب ،فتكلم القوم
عند ذلك وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجالن من الحيين ...فبلغ ذلك رسول هللا (
صلى هللا عليه وآله وسلم ) فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين حتى
جاءهم فقال :يا معشر المسلمين ! هللا هللا ! أبدعوى الجاهلية ،وأنا بين أظهركم
بعد أن هداكم هللا لإلسالم وأكرمكم به وقطع به عنكم أمر الجاهلية ،واستنقذكم به
من الكفر ،وألف به بين قلوبكم ،فعرف القوم أنها نزعة من الشيطان وكيد من
عدوهم فبكوا وعانق الرجال من اَلوس والخزرج بعضهم بعضاً ثم انصرفوا مع رسول
هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ،سامعين مطيعين قد أطفأ هللا عنهم كيد عدو هللا
شاس بن قيس ،فأنزل هللا تعالى في شاس بن قيس وما صنع ُ ( :قل يا أأهل ال ِكتأ ِ
اب أ أ
ص ُّدو أن ِ ِ ِ ِ ِ هِ ه ِ ِ
ل أم تأكُف ُرو أن ب أآيات اللـه أوالل ُـه أشه ٌيد أعألى أما تأع أملُو أن * ُقل أيا أأه أل الكتأاب ل أم تأ ُ
الل ِـه من آمن تأب ُغونها ِعوجا وأأنتُم ُشهداء وما ه
الل ُـه ِب أغ ِاف ٍل أع هما تأع أمُلو أن ) ( يل ه عن سِب ِ
أأ ُ أ أ أأ أ ً أ أ أأ أ أ
آل عمران ۸۹ /و .)۱۳( ) ۸۸
191
قد سبق وأن عرفت أن اليهود كانوا ـ ومازالوا ـ أكثر تعصباً لقوميتهم ودينهم وَلجل
ذلك لم يدخل منهم في اْلسالم إَّل اَلقل القليل مثل عبد هللا بن سالم ،وثعلبة بن
سعية ،وأسيد بن سعية ،وأسد بن عبيد ومن أسلم من اليهود معهم ،فخاف المأل
من اليهود أن يدخل اْلسالم في سائر البيوت ،فنشروا بينهم :ما آمن بمحمد
وَّلاتبعه إَّل ش اررنا ولو كانوا من أخيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره ،فأنزل
الل ِـه أآنا أء
ات هاب أُ هم ٌة أق ِائم ٌة يتُلون آي ِ
أ أ أ أ
هللا تعالى في ذلك ( :أليسوا سواء ِمن أأه ِل ال ِكتأ ِ
ُ أأ ً
ه
اللي ِل أو ُهم أيس ُج ُدو أن ) ( آل عمران .) ۱۱۳ /
كان اْلسالم ينتشر صيته في الربوع واآلفاق بفضل ما كان يمتلكه من مبادئ سامية
وقيم مثالية وإيثار معتنقيه النفس والنفيس ،فشق ذلك على اليهود فحاولوا خداع
المسلمين حتى يصدوهم عن البذل في سبيل نصرة الدعوة المحمدية وخوفوهم بحلول
القحط.
كانت فكرة تأليب العرب هي الفكرة التي إختمرت في نفوس يهود المدينة خصوصاً
بعد غزوة بدر وأُحد ،فخرجوا من المدينة نازلين بمكة ،فقالت قريش لليهود :يا
191
معشر اليهود إنكم أهل الكتاب اَلول وأهل العلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد
أ أفديننا خير أم دينه ؟ قالت اليهود :بل دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق منه ،
صيبا ِم أن ال ِكتأ ِ ِ هِ
اب ُيؤ ِم ُنو أن فنزل القرآن رداً عليهم بقوله ( :أألم تأأر ِإألى الذ أ
ين أُوتُوا أن ً
يال * أُوألـِئ أك ِ هِ ِ ِه ِ الط ِ ه ِ
آم ُنوا أسِب ً
ين أ اغوت أوأيُقوُلو أن للذ أ
ين أكأف ُروا أهـ ُؤأَّلء أأه أدى م أن الذ أ ِبال ِجبت أو ُ
اللـه أفألن تأ ِجد أله ن ِ ه ه هِ
ير ) ( النساء ١۱ /و .) ١۲ ص ًا أ ُأ ين أل أعأن ُه ُم الل ُـه أو أمن أيل أع ِن ُ
الذ أ
وفي موقف اليهود هذا من قريش وتفضيلهم وثنيتهم على توحيد محمد ( صلى هللا
عليه وآله وسلم ) ،يقول الدكتور إسرائيل ولفنسون في كتابه ( تاريخ اليهود في بالد
العرب ) :
« كان من واجب هؤَّلء أَّل يتورطوا في مثل هذا الخطأ الفاحش وأَّل يصرحوا أمام
زعماء قريش بأن عبادة اَلصنام أفضل من التوحيد اْلسالمي ولو أدى بهم اَلمر
إلى عدم إجابة مطالبهم َلن بني إسرائيل الذين كانوا مدة قرون حاملي ارية التوحيد
في العالم بين اَّلُمم الوثنية بإسم اآلباء اَلقدمين والذين نكبوا بنكبات َّلتحصى من
تقتيل وإضطهاد بسبب إيمانهم باله واحد في عصور شتى من اَلدوار التاريخية ،
كان من واجبهم أن يضحوا بحياتهم وكل عزيز لديهم في سبيل أن يخذلوا المشركين
،هذا فضالً عن أنهم بإلتجائهم إلى عبدة اَلصنام إنما كانوا يحاربون أنفسهم
ويناقضون تعاليم التوراة التي توصيهم بالنفور من أصحاب اَلصنام وبالوقوف منهم
موقف الخصومة » (.)۱٦
أتى رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) جماعة من اليهود فكلموه وكلمهم رسول
هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ودعاهم إلى هللا وحذرهم نقمته ،فأنزل هللا تعالى
ُي أع ِذ ُب ُكم ِب ُذ ُنوِب ُكم أبل هاؤهُ ُقل أفلِ أم فيهم ( :وأقاأل ِت اليهود والهنصارى أنحن أأبأن ه ِ ِ
اء اللـه أوأأحب ُ
ُ ُ أُ ُ أ أ أ أ
192
ِ
ات واَلأر ِ
ض اء أولِهل ِـه ُمل ُك ه
الس أم أاو أ
ِ
اء أوُي أعذ ُب أمن أي أش ُ
ِ ِ ِ
أأنتُم أب أشٌر م همن أخأل أق أيغف ُر ل أمن أي أش ُ
ص ُير ) ( المائدة .) ۱۹ / وما بينهما وإِألي ِه الم ِ
أ أ أ أ أُ أ أ
دعا رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) اليهود إلى اْلسالم ورغبهم فيه ،
وحذرهم ِغ أير هللا وعقوبته ،فأبوا عليه وكفروا بما جاءهم به ،فقال لهم معاذ بن جبل
وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب :يا معشر اليهود إتقو هللا فوهللا إنكم لتعلمون أنه
رسول هللا ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه لنا بصفته ،فقال بعضهم :ما
قلنا لكم هذا قط وما أنزل هللا من كتاب بعد موسى وَّلأرسل بشي اًر وَّلنذي اًر بعده ،
فأنزل هللا تعالى في ذلك من قولهما :
اءأنا اب أقد جاء ُكم رسوُلأنا يبِي ُن أل ُكم عألى أفترٍة ِم أن ُّ ِ( يا أأهل ال ِكتأ ِ
الرُسل أأن تأُقوُلوا أما أج أ أ أ ُأ أ أ أُ أ أ
الل ُـه أعألى ُك ِل أشي ٍء أق ِد ٌير ) ( المائدة /
ير أفأقد جاء ُكم ب ِشير ون ِذير و ه
أ أ أ ٌ أأ ٌ أ ير أوأَّل أن ِذ ٍ
ِمن أب ِش ٍ
.)۱١( ) ۱۸
إن أحبار اليهود إجتمعوا في بيت المدارس ،حين قدم رسول هللا المدينة وقد زنى
رجل منهم بعد إحصانه بامرأة من اليهود قد أحصنت ،فقالوا :إبعثوا بهذا الرجل
وهذه المرأة إلى محمد فسلوه كيف الحكم فيهما ،وولوه الحكم عليهما فإن عمل فيهما
بعمل من التجبية فاتبعوه فإنما هو ملك وصدقوه ،وإن هو حكم فيهما بالرجم فإنه
نبي فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكموه ،فأتوه فقالوا :يا محمد ! هذا رجل قد
زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت فاحكم فيهما ،فقد وليناك الحكم فيهما ،فمشى
رسول هللا حتى أتى أحبارهم في بيت المدارس ،فقال :يا معشر اليهود ! أخرجوا
إلي علماؤكم ،فاُخرج له عبد هللا بن صوريا وغيره ،فقالوا :هؤَّلء علماؤنا ،وقالوا :
193
إن عبدهللا ابن صوريا أعلم من بقى بالتوراة ،فخلي به رسول هللا وكان غالماً شاباً
من أحدثهم سناً ،فألح رسول هللا عليه المسألة وقال له :أنشدك هللا واُذكرك بأيامه
عند بني إسرائيل ،هل تعلم أن هللا حكم في من زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة
قال :اللهم نعم ! أما وهللا يا أبا القاسم إنه ليعرفونك أنك لنبي مرسل ولكنهم
يحسدونك ،فخرج رسول هللا فأمر بهما فرجما في باب مسجده ،ثم كفر بعد ذلك ابن
ين الرسول أَّل يحز ه ِ
نك الذ أ ُّها ه ُ ُ أ ُ أ صوريا وجحد نبوة رسول هللا ،فأنزل هللا سبحانه ( :أيا أأي أ
هِ ِ ِ هِ ِ
ين أه ُادوا وب ُهم أو ِم أن الذ أ آمهنا ِبأأف أواه ِهم أوألم تُؤ ِمن ُقُل ُ ارُعو أن في ال ُكف ِر م أن الذ أ
ين أقاُلوا أ
ُيس ِ
أ
اض ِع ِه
س هماعون لِل أك ِذ ِب س هماعون لِأقو ٍم آخ ِرين ألم يأتُوك يح ِرُفون ال أكلِم ِمن بع ِد مو ِ
أ أأ أ أ أ أ أ ُأ أ أ ُ أ أ ُ أ
الل ُـه ِفتأنتأ ُه أفألن تأملِ أك أل ُه
يُقولُو أن ِإن أُوِتيتُم هـ أذا أفخ ُذوه وإِن هلم تُؤتأوه أفاح أذروا ومن ي ِرِد ه
ُ أأ ُ ُ أ ُ ُأ أ
الدنأيا ِخزٌي أوأل ُهم ِفي
وب ُهم أل ُهم ِفي ُّ الل ِـه أشيًئا أُوألـِئك اهل ِذين ألم ي ِرِد ه
ِمن ه
ط ِه أر ُقُل أ
الل ُـه أأن ُي أ أ ُ أ أ
وك أفاح ُكم أبيأن ُهم أأو
اء أ اعو أن لِل أك ِذ ِب أ هكالُو أن لِ ُّ ِ ِ ِ ِ
اآلخ أرِة أع أذ ٌ
لسحت أفإن أج ُ يم * أس هم ُ اب أعظ ٌ
وك أشيًئا أوإِن أح أكم أت أفاح ُكم أبيأن ُهم ِبال ِقس ِط أأع ِرض أعن ُهم أوإِن تُع ِرض أعن ُهم أفألن أي ُ
ض ُّر أ
ِ ِ ه ِ
ين ) ( المائدة ٦۱ /و .) ٦۲ ِإ هن الل أـه ُيح ُّب ال ُمقسط أ
ونقل ابن هشام عن ابن إسحاق :إنه لما حكموا رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله
وسلم ) فيهما ،دعاهم بالتوراة وجلس حبر منهم يتلوها وقد وضع يده على آية الرجم
فضرب عبد هللا بن سالم يد الحبر ثم قال :هذه يا نبي هللا آية الرجم يأبى أن يتلوها
عليك ،فقال لهم رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) :ويحكم يا معشر يهود !
ما دعاكم إلى ترك حكم هللا وهو بأيديكم ؟ قال « :فقالوا أما وهللا أنه قد كان فينا
يعمل به ،حتى زنى رجل منا بعد إحصانه من بيوت الملوك وأهل الشرف فمنعه
الملك من الرجم ثم زنى رجل بعده فأراد أن يرجمه فقالوا َّ :ل وهللا حتى ترجم فالناً !
فلما قالوا له ذلك إجتمعوا فأصلحوا أمرهم على التجبية وأماتوا ذكر الرجم ،والعمل به
» .قال :فقال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) :فأنا أول من أحيا أمر هللا
194
وكتابه وعمل به ،ثم أمر بهما فرجما عند باب مسجده ،قال عبد هللا بن عمر :
فكنت فيمن رجمهما (.)۱۷
كانت قبيلة بني النضير يؤدون الدية كاملة وبنو قريظة كانوا يؤدون نصف الدية
فتحاكموا في ذلك إلى رسول هللا ،فنزل قوله سبحانه ( :أوإِن أح أكم أت أفاح ُكم أبيأن ُهم
ِ ِ ه ِ ِ ِ
ِبالقسط ِإ هن الل أـه ُيح ُّب ال ُمقسط أ
ين ) ( المائدة .) ٦۲ /
۲۱ـ قصدهم الفتنة برسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم :
قال جماعة من اليهود :اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فإنما هو بشر ،
فأتوه فقالوا له « :يا محمد إنك قد عرفت انا أحبار اليهود وأشرافهم وسادتهم وإنا إن
إتبعناك إتبعتك اليهود ولم يخالفنا وإن بيننا وبين بعض قومنا خصومة أفنحاكمهم
إليك فتقضي لنا عليهم ونؤمن بك ونصدقك ؟ » فأبى ذلك رسول هللا ،فأنزل هللا
وك أعن ِ هِ أن اح ُكم بينهم ِبما أ أ ه فيهم ( :أوأ ِ
اء ُهم أواح أذرُهم أأن أيفت ُن أ
أنزأل الل ُـه أوأَّل تأتبع أأه أو أ أ أُ أ
ض ُذ ُنوِب ِهم أوِإ هن اللـه أأن ي ِ
ص أيب ُهم ِبأبع ِ ه ه ض ما أ أ ه
أنزأل الل ُـه ِإألي أك أفِإن تأأولوا أفاعألم أهن أما ُي ِر ُيد ُ ُ أ
أبع ِ
مناصبة اليهود العداء للمسيحيين لها جذور متأصلة في التاريخ فمذ أعلن المسيح
ال
بنبوته ورسالته قامت اليهود في وجهه وأنكروا رسالته ،يقول سبحانه ( :أوإِذ أق أ
ص ِد ًقا لِ أما أبي أن أي أد هي ِم أن التهوأرِاة هِ ِ ِعيسى ابن مريم يا بِني ِإسرِائ ِِ
ول اللـه إألي ُكم ُّم أ
يل إني أرُس ُ
أ أ ُ أ أأ أ أ أ
195
نعم نرى اليوم تحالف اليهود مع المسيحيين لضمان المصالح المشتركة التي على
رأسها وأهمها القضاء على اْلسالم وإبعاده عن المجتمع والحياة ،وَلجل ذلك نرى أن
البابا قام مؤخ اًر بزيارة الكنيست اليهودي في روما وأعلن خالل زيارته له براءة اليهود
من دم المسيح من أجل توحيد الصف ودعم الجهود الكفيلة بالقضاء على المسلمين
ودينهم ،ولكنهم في الواقع والحقيقة َّلزالوا يكنون نفس العداء التاريخي المتأصل في
نفوسهم.
روي أن نف اًر من اليهود أتوا رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) فسألوه عمن
يؤمن به من الرسل ؟ فقال :اُؤمن باّلل ،فعند ذاك جحدوا نبوة المسيح وقالوا وهللا ما
شر من دينكم ،فأنزل هللا ( : نعلم أهل دين قط أخطأ في الدنيا واآلخرة منكم وَّلديناً اً
ُنزأل ِمن أقب ُل الل ِـه أوما أ ِ
ُنزأل ِإأليأنا أوما أ ِ اب هل تأ ِنقمو أن ِمهنا ِإ هَّل أأن آمهنا ِب ه ِ
ُقل أيا أأه أل الكتأ ِ أ
أ أ أ ُ
اسُقو أن ) ( المائدة .)۱۹( ) ١۸ / أن أأكثأرُكم أف ِ
أوأ ه أ
إن العصبية العمياء ربما تبلغ باْلنسان حداً ينكر ما كان يدين به هو وقومه طيلة
قرون إنصرمت ،فهؤَّلء اليهود المعاصرون كانوا يفتخرون ويتمجدون بدين التوحيد ،
وأنهم ضحوا في سبيله نفسهم ونفيسهم ،ولكنهم لما أروا أن النبي اَلكرم يدعو إلى
هذا المبدأ ،ويتخد منه الحجر اَلساس لدعوته ،عادوا ينكرونه ويروجون الشرك
تشفياً لغيظهم وحنقهم.
أتى رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) جماعة من اليهود فقالوا له :يا محمد
أما تعلم مع هللا إله غيره ؟ فقال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) « :هللا َّل
196
أيإله إَّل هو بذلك بعثت وإلى ذلك أدعوا » ،فأنزل هللا فيهم وفي قولهم ُ ( :قل أ ُّ
ُنذ أرُكم ِب ِه أو أمن
ُوحي ِإأل هي هـ أذا الُقرآن َِل ِ
اللـه ش ِهيد بيِني وبينكم وأ ِ
أشي ٍء أأكبر أشهادة ُق ِل ه
ُ أ ُ أ ٌ أ أأ أُ أ أ أُ أ أ ً
الل ِـه آلِه ًة أُخرى ُقل هَّل أأشهد ُقل ِإهنما هو ِإألـه و ِ
احٌد أوِإهنِني أن مع ه ِ
أ ُأ ٌ أ أُ أ أ أبأل أغ أأئهن ُكم ألتأش أه ُدو أن أ ه أ أ
يء ِم هما تُش ِرُكو أن ) ( اَلنعام .)۱۸( ) ۱۸ / أب ِر ٌ
اع ِة ) ( لقمان ، ) ۳٦ /ومع ذلك جاء جماعة من اليهود قالوا :أخبرنا متى الس أ
ه
الس ِ
اها اعة أي أ
هان ُمرأس أ ون أك أع ِن ه أ تقوم الساعة إن كنت نبياً ،فنزل قوله سبحانه ( :أيس ألُ أ
ات واَلأر ِ ِ يها لِ أوقِت أها ِإ هَّل ُه أو ثأُقألت ِفي ه ِ ِ ِ ِ
ض أَّل الس أم أاو أ ُقل إهن أما عل ُم أها ع أند أرِبي أَّل ُي أجل أ
الل ِـه وألـ ِك هن أأكثأأر الهن ِ
اس يكم ِإ هَّل بغتأ ًة يس ألُونك أك أهنك ح ِف ٌّي عنها ُقل ِإهنما ِعلمها ِعند ه
أ ُأ أ أ أ أ أ أ أ أأ تأأِت ُ
أ
أَّل أيعأل ُمو أن ) ( اَلعراف .) ۱۹۷ /
ولم يكن هذا السؤال إَّل تعنتاً وعناداً َلنهم هم الذين ذكروا لقريش :إسألوا محمداً عن
وقت الساعة فإن خول علمها إلى هللا سبحانه فاعلموا أنه نبي .)۲۰( ...
هذه نماذج من مناظراتهم ومشاغباتهم التي تنم عن مبلغ لجاجهم وعنادهم ومما
يصور لك طبيعتهم.
أتى رهط من اليهود إلى رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) فقالوا :يا محمد
هذا هللا خلق الخلق ،فمن خلق هللا ؟ فغضب رسول هللا حتى انتقع لونه ثم
غضباً لربه ،فجاءه جبرئيل ( عليه السالم ) فسكنه فقال :خفض عليك ()۲۱
ساورهم
الص أم ُد * اللـه أأحٌد * ه
الل ُـه ه ه
يا محمد ،وجاءه عن هللا بجواب ما سألوه عنه ُ ( :قل ُه أو ُ أ
أحٌد ). ه ِ
ألم أيلد أوألم ُيوألد * أوألم أي ُكن ل ُه ُكُف ًوا أ أ
197
فلما تالها عليهم ،قالوا :فصف لنا يا محمد كيف خلقة ( هللا ) ،كيف ذراعه ،
كيف عضده ؟ فغضب رسول هللا أشد من غضبه اَلول وساورهم ،فأتى جبرئيل
فقال له مثل ما قال له أول مرة ،وجاءه من هللا تعالى بجواب ما سألوه يقول هللا
ات ام ِة أو ه
الس أم أاو ُ
ِ
ضتُ ُه أيوأم القأي أ
يعا أقب أ
ِ
ض أجم ً
ه
تعالى ( :أو أما أق أد ُروا الل أـه أح هق أقد ِِره أواَلأر ُ
هات ِبأي ِم ِين ِه ُسب أح أان ُه أوتأ أعاألى أع هما ُيش ِرُكو أن ) ( الزمر .) ٤۷ /
أمط ِوي ٌ
إن اليهود كانت جاهلة بحكمة نزول القرآن تدريجياً وقد ورد النص بها في غير واحد
من اآليات ،قال سبحانه ( :وأقال هال ِذين أكأفروا ألوأَّل ُن ِزل عألي ِه الُقرآن جمأل ًة و ِ
اح أد ًة ُ ُ أ أ أ أ ُ أ أ
ك أوأرهتلأناهُ تأرِت ً ِ ِ ِ
يال ) ( الفرقان .) ۳۲ / أك أذل أك ل ُنثأِب أت ِبه ُف أؤ أاد أ
إن في نزول القرآن تدريجياً منجماً حسب الوقائع واَلحداث لدَّللة واضحة على أنه
وحي إلهي ينزل شيئاً فشيئاً حسب الحاجات وليس شيئاً متعلماً عن ذي قبل من إنس
أو جن ،ولكن جهل اليهود بحكمته دعاهم إلى أن يطلبوا عن رسول هللا نزول القرآن
جملة واحدة من السماء حتى يروا باُم أعينهم أنه كتاب سماوي اُنزل من عند هللا
سبحانه وهم يضاهئون في هذا اْلقتراح قول المشركين في مكة (.)۲۲
أتى جماعة من اليهود رسول هللا ،فقالوا :يا محمد ! إن هذا الذي جئت به لحق
من عند هللا ؟ فإنا َّلنراه متسقاً كما تتسق التوراة ؟ فقال لهم رسول هللا :أما وهللا
َلنكم لتعرفون أنه من عند هللا تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة ولو اجتمعت
اْلنس والجن على أن يأتوا بمثله ما جاءوا به ،فقالوا :يا محمد أما يعلمك هذا انس
وَّلجن ؟ فقال لهم رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) :أما وهللا إنكم تعلمون
أنه من عند هللا وإني لرسول هللا تجدون ذلك مكتوباً عندكم في التوراة ،فقالوا :يا
محمد فإن هللا يصنع لرسول إذا بعثه ما يشاء ويقدر منه على ما أراد ،فأنزل علينا
198
كتاباً من السماء نقرأه ونعرفه وإَّل جئناك بمثل ما تأتي به ،فأنزل هللا تعالى فيهم
نس أوال ِج ُّن أعألى أأن أيأتُوا ِب ِمث ِل أهـ أذا الُقر ِ ِ ِ هِ
آن أَّل أيأتُو أن وفيما قالوا ُ ( :قل لئ ِن اجتأ أم أعت اْل ُ
ظ ِه ًا ض ُهم لِأبع ٍ ِ ِِ
ير ) ( اْلسراء .) ۹۹ / ض أ ِبمثله أوألو أك أ
ان أبع ُ
كان النبي اَلكرم ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) يصلي إلى بيت المقدس في المدينة
من الهجرة ،وكانت اليهود تعير المسلمين على ()۲۳
المنورة إلى سبعة عشر شه ار
تبعية قبلتهم ويتفاخرون بذلك عليهم ،فحزن رسول هللا ذلك فخرج في سواد الليل
يقلب وجهه في السماء ينتظر الوحي من هللا سبحانه وكشف همه ،فنزل الوحي بقبلة
السم ِ ِ ِ ُّ
اء جديدة ،فقطع تعييرهم وتفاخرهم ،قال سبحانه ( :أقد أن أرى تأأقل أب أوجه أك في ه أ
ُّ ِ ِ ِ
اها أف أول أوج أه أك أشط أر ال أمس ِجد ال أح أار ِم أو أحي ُث أما ُكنتُم أف أولوا ُو ُج أ
وه ُكم ض أ أفأل ُن أولِأيهن أك قبأل ًة تأر أ
أشطره وِإ هن هال ِذين أُوتُوا ال ِكتأاب أليعألمو أن أهنه الح ُّق ِمن هربِ ِهم وما ه
الل ُـه ِب أغ ِاف ٍل أع هما أيع أمُلو أن أأ ُ أ أ أ ُ أ أُ أ
) ( البقرة .) ۱٦٦ /
وروى الصدوق أن النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) صلى إلى بيت المقدس ثالث
عشرة سنة وتسعة عشر شه اًر بالمدينة ثم عيرته اليهود ،فقالوا :إنك تابع قبلتنا
فاغتم لذلك غماً شديداً ،فلما كان في بعض الليل خرج يقلب وجهه في آفاق السماء
فلما أصبح صلى الغداة فلما صلى من الظهر ركعتين جاء جبرئيل فقال له ( :أقد
اها أف أو ِل أوج أه أك أشط أر ال أمس ِج ِد ال أح أار ِم
ض أ
ِ نرى تأأقُّلب وج ِهك ِفي ه ِ
الس أماء أفأل ُن أولِأيهن أك قبأل ًة تأر أ أ أ أ أأ
) ...ثم أخذ بيد النبي فحول وجهه إلى الكعبة وحول من خلفه وجوههم حتى قام
الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال ،فكان أول صالته إلى بيت المقدس وآخرها
إلى الكعبة ،فبلغ الخبر مسجداً بالمدينة وقد صلى أهله من العصر ركعتين فحولوا
نحو القبلة ،فكان أول صالتهم إلى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة فسمي ذلك
المسجد مسجد القبلتين (.)۲٦
199
وقد أثار هذا اَلمر أسئلة واعتراضات من جانب اليهود بل المؤمنين أنفسهم وجاء
الذكر الحكيم مجيباً عنها بما يلي :
۱ـ أتى جماعة من اليهود مثل رفاعة بن قيس وكعب بن اَلشرف وغيرهما فقالوا :
يا محمد ما وَّلك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه
أرجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك .وإنما يريدون بذلك فتنته عن دينه
اء ِم أن
السأف أه ُ
ول ُّ
،وهذا هو اَّلعتراض الذي يتناوله الوحي مشفوعاً بالجواب ( :أسأيُق ُ
اس أما أوهَّل ُهم أعن ِقبألِت ِه ُم هالِتي أك ُانوا أعألي أها ) وبعبارة اُخرى إن التحول كان بأمر من
الهن ِ
هللا فكيف يأمر به مع انه هو الذي جعل بيت المقدس قبلة فكيف ينقض حكمه
وينسخ ما شرعه ( واليهود من القائلين بامتناع النسخ ) وإن كان بغير أمر هللا فهو
انحراف عن الصراط المستقيم.
وأما الجواب فهو إن جعل بيت من البيوت أو بناء من اَلبنية قبلة ليس َّلقتضاء
ذاتي فيه يستحيل التعدي عنه ،بل جميع اَلجسام واَلبنية بل جميع الجهات من
الشرق والغرب إليه سبحانه على السواء يحكم فيها ما يشاء وكيف يشاء ومتى شاء ،
وان اْلعتراض نابع من قلة عقلهم أو عدم استقامته في درك حقيقة التشريع.
۲ـ لما كان المقدر أن تكون الكعبة هي القبلة اَلخيرة فما هو السبب في جعل بيت
المقدس قبلة اُولى للمسلمين ؟
والجواب :إن المصالح كانت تقتضي أن يصلي المسلمون إلى القبلة اَّلُولى في مكة
والمدينة في أوائل البعثة وأوائل الهجرة وذلك َلن النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم )
في مكة المكرمة وبعد الهجرة بقليل كان مبتلى بالمشركين الذين َّليصلون هلل سبحانه
211
ٍ
فعندئذ أمر النبي بالصالة إلى بيت وَّليعبدونه وإنما يعبدون اَلوثان واَلصنام ،
المقدس ( الذي كان الموحدون من اليهود والنصارى يصلون إليه ) حتى يتميز
الموحدون عن المشركين ويكون ذلك سمة التوحيد وعالمته ،فكانت الصالة إلى بيت
المقدس وسيلة لتميز الموحدين عن المشركين.
ولما كانت العرب شديدة اَّلُلفة بمكة وقبلتها فأحب هللا تعالى أن يمتحن القوم بغير
ما ألفوا ليميز من يتبع الرسول عمن ينقلب على عقبيه.
وَلجل هذين الوجهين ( تميز الموحدون عن المشركين وامتحان من يتبع الرسول ممن
ينقلب على عقبيه من العرب اآللفة بمكة وقبلتها ) أمر المسلمون بالصالة إلى بيت
نت أعألي أها ِإ هَّل ِ هِ
المقدس مؤقتاً وإلى ذلك يشير قوله سبحانه ( :أو أما أج أعلأنا القبأل أة التي ُك أ
هِ ه ِ ِ ِ الرس ِ ِ
ين أه أدى ول م همن أينأقل ُب أعألى أعقأبيه أوِإن أك أانت أل أكِب أيرًة ِإَّل أعألى الذ أ هِ
لأنعأل أم أمن أيتب ُع ه ُ أ
الل ُـه ) ( البقرة .) ۱٦۳ / ه
ول ) إشارة إلى الوجه اَلول. ولعل قوله ( :لِأنعأل أم أمن أيتهِب ُع ه
الرُس أ
كما أن قوله ( :وإِن أكانت أل أكِبيرة ِإ هَّل عألى هال ِذين هدى ه
الل ُـه ) إشارة إلى الوجه الثاني أ أأ أ أً أ أ
وهو اختبار من يخالف العادة واَّلُلفة َلجل إمتثال أمر الرسول ،فإن مخالفة
العادات والتقاليد كبيرة إَّل على الذين هدى هللا.
والحاصل إن جعل بيت المقدس قبلة َلجل تمحيص المؤمنين من غيرهم وتميز
المطيعين من العاصين والمنقادين من المتمردين.
شرف ٍ
وأما العدول عن بيت المقدس إلى الكعبة فقد عرفت أنه ليس لمكان أو بيت ٌ
ذاتي بل الحكم يدور مدار المصلحة ،فصارت المصالح مقتضية بأن يتميز
المسلمون من اليهود بتفكيك قبلتهم التي كانوا يصلون إليها عن قبلة اليهود ،ويميز
211
۳ـ ما حكم الصلوات التي كان المسلمون قد أدوها إلى بيت المقدس ؟
والجواب :إن القبلة قبلة ما لم تنسخ وإن هللا سبحانه إذا نسخ حكماً نسخه من حين
ان
النسخ َّل من أصله لرأفته ورحمته بالمؤمنين ،وإليه يشير قوله سبحانه ( :أو أما أك أ
ِ ِ
ضيع ِإيمان ُكم ِإ هن ه ه
يم ) ( البقرة .) ۱٦۳ /
وف هرح ٌ
الل أـه ِبالهن ِ
اس أل أرُء ٌ الل ُـه لِ ُي أ أ أ
وأما اَّلقتراح الذي تقدمت به اليهود إلى النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) من
رجوعه إلى القبلة السابقة حتى يتبعوه ويصدقوه فإنما هو وعد مكذوب َّليتبعون قبلته
اب ِب ُك ِل أآي ٍة ِ
ين أُوتُوا الكتأ أ
هِ ِ
إلى آخر الدهر ،وإليه يشير قوله سبحانه ( :أوألئن أأتأي أت الذ أ
ض أوألِئ ِن اتهأبع أت
ض ُهم ِبتأاِب ٍع ِقبأل أة أبع ٍ ِ
أنت ِبتأاِب ٍع قبألتأ ُهم أو أما أبع ُ
ِ
هما تأِب ُعوا قبألتأ أك أو أما أ أ
ه ِِ هِ أأهواءهم ِمن بع ِد ما جاء ِ ِ
ين ) ( البقرة .) ۱٦١ / ك م أن العل ِم ِإهن أك ِإ ًذا لم أن الظالم أ أ أ أ أأ أ أُ
يع ِإي أم أان ُكم ) هو العمل. والمراد من اْليمان في اآلية في قوله ( :وما أك ه ِ ِ
ان الل ُـه ل ُيض أ
أأ أ
قال ابن عباس :قالوا كيف بمن مات من إخواننا قبل ذلك ؟ وكان قد مات أسعد بن
ز اررة والبراء بن معرور وكانا من النقباء.
وبذلك يعلم أن ما ذكره سبحانه قبل هذه اآليات من قصة إبراهيم وأنواع كرامته وكرامة
ابنه إسماعيل ودعوتهما للكعبة ومكة وللنبي واَّلُمة المسلمة وبنائهما البيت واَلمر
بتطهيره للعبادة ،كل ذلك تمهيد لحادثة تغيير القبلة واتخاذ الكعبة قبلة ،فإن تحويل
القبلة من أعظم الحوادث الدينية وأهم التشريعات التي قوبل بها الناس بعد هجرة النبي
إلى المدينة .فكانت محتاجة إلى ترويض النفوس لقبولها.
()۲١
۲۹ـ مباهلة النبي نصارى نجران :
212
لما كتب رسول هللا إلى ملوك العرب والعجم رسائله التبليغية وبعث رسله إلى اَلقوام
والقبائل ،أرسل عتبة بن غزوان ،وعبد هللا بن أبي اُمية وصهيب بن سنان إلى
إلى أساقفة نجران يدعوهم إلى رفض اَلقانيم واَلنداد ()۲٤
نجران ونواحيه وكتب معهم
والتزام التوحيد وعبادة هللا تعالى ،وها نحن نسوق إليك نص كتابه :
« بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ،من محمد النبي رسول هللا إلى أسقف نجران ،
فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ،أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة هللا
من عبادة العباد وأدعوكم إلى وَّلية هللا من وَّلية العباد ،وإن أبيتم فالجزية ،فإن
أبيتم آذنتكم بحرب » (.)۲۷
ولما ق أر اَلسقف الكتاب فزع وارتاع وشاور أهل الحجى والرأي منهم ،فقال شرحبيل ـ
وكان ذالب ورأي بنجران ـ :قد علمت ما وعد هللا إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة
فما يؤمنك أن يكون هذا الرجل ؟ وليس لي في النبوة رأي لو كان أمر من اُمور
الدنيا أشرت عليك فيه وجهدت لك.
فبعث اَلسقف إلى واحد من بعد واحد من أهل نجران فتشاوروا فكثر اللغط وطال
الحوار ،فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا وفداً يأتي رسول هللا فيرجع بخبره.
فأوفدوا إليه ستين راكباً وفيهم ثالثة عشر رجالً من أشرافهم وذوو الرأي والحجى منهم
وثالثة يتولون أمرهم :العاقب إسمه عبد المسيح ،أمير الوفد الذي َّليصدرون إَّل
عن رأيه ،والسيد وإسمه اَليهم وهو ثمالهم وصاحب رحلهم ،وأبوحارثة بن علقمة
أسقفهم اَلول وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم وهو اَلسقف اَلعظم (.)۲۹
فجاءوا إلى النبي حتى دخلوا على رسول هللا وقت العصر ،فدخلوا المسجد وعليهم
وأردية الحرير مختمين بخواتيم الذهب وأظهروا الصليب وأتوا ()۲۸
ثياب الحبرات
رسول هللا فسلموا عليه ،فلم يرد عليهم السالم ولم يكلمهم ،فانطلقوا يبتغون عثمان
213
بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وكان لهما معرفة بهم فوجدوهما في مجلس من
المهاجرين ،فقالوا :إن نبيكم كتب إلينا بكتاب فأقبلنا مجيبين له ،فأتيناه وسلمنا
عليه فلم يرد سالمنا ولم يكلمنا .فما الرأي ؟ فقاَّل لعلي بن أبي طالب :ما ترى يا
أبا الحسن في هؤَّلء القوم ؟ قال :أرى أن يضعوا حللهم هذه ،وخواتيمهم ثم يعودون
إليه ،ففعلوا ذلك ،فسلموا فرد عليهم سالمهم ،ثم قال :والذي بعثني بالحق لقد
آتيتموني المرة اَّلُولى وإن إبليس لمعكم (.)۳۰
وكانوا قد أتوا معهم بهدية وهي ُب أسط إلى النبي فيها تماثيل ومسوح ،فصار الناس
ينظرون للتماثيل ،فقال :أما هذه البسط فالحاجة لي فيها ،وأما هذه المسوح فإن
تعطونيها آخذها ،فقالوا :نعم نعطيكها ،ولما رأى فقراء المسلمين ما عليه هؤَّلء
من الزينة والزي الحسن ،تشوقت نفوسهم ،فنزل قوله سبحانه :
ثم أرادوا أن يصلوا بالمسجد بعد أن حانت وقت صالتهم ،وذلك بعد العصر فأراد
الناس منهم ،فقال النبي :دعوهم ،فاستقبلوا المشرق فصلوا صالتهم فلما قضوا
صالتهم ناظروه.
فقالوا لرسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) :إلى ما تدعو ؟ فقال :إلى
شهادة أن َّل إله إَّل هللا وإني رسول هللا وإن عيسى عبد مخلوق ،يأكل ويشرب ،
ويحدث ،فقالوا :فمن أبوه ؟ فنزل الوحي على رسول هللا ،فقال :قل لهم « :ما
ُ
ويحدث وينكح ؟ فسألهم النبي ،فقالواتقولون في آدم أكان عبداً مخلوقاً يأكل ويشرب ُ
الل ِـه أك أمأث ِل أآد أم
:نعم ،فقل :فمن أبوه ؟ فبهتوا ،فأنزل هللا ِ ( :إ هن مأثل ِعيسى ِعند ه
أ أ أ أ
214
فألجل ذلك قال لهم رسول هللا :فباهلوني فإن كنت صادقاً اُنزلت اللعنة عليكم وإن
كنت كاذباً اُنزلت علي ،فقالوا « :أنصفت » ،فتواعدوا للمباهلة ،فلما رجعوا إلى
منازلهم ،قال لهم رؤساؤهم ـ السيد والعاقب واَليهم ـ :إن باهلنا بقومه باهلناه فإنه
ليس نبياً ،وإن باهلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله فإنه َّليقدم أهل بيته إَّل وهو
صادق ،فلما أصبحوا جاءوا إلى رسول هللا ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن
والحسين ،فقال النصارى :من هؤَّلء ؟ فقيل لهم :هذا ابن عمه وصهره علي بن
أبي طالب وهذه ابنته فاطمة وهذان ابناه الحسن والحسين ،ففزعوا ،فقالوا لرسول هللا
:نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة ،فصالحهم رسول هللا على الجزية
وانصرف (.)۳۱
وروى الطبرسي :ولما كان الغد جاء النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) آخذ بيد
علي بن أبي طالب والحسن والحسين ( عليهم السالم ) بين يديه يمشيان وفاطمة (
عليها السالم ) تمشي خلفه ،وخرج النصارى يتقدمهم أسقفهم فلما رأى النبي ( صلى
هللا عليه وآله وسلم ) قد أقبل بمن معه ،سأل عنهم ،فقيل له :هذا ابن عمه وزوج
ابنته وأحب الخلق إليه وهذان ابنا بنته من علي ( عليه السالم ) وهذه الجارية بنته
فاطمة ،أعز الناس عليه وأقربهم إلى قلبه ،وتقدم رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله
وسلم ) فجثا على ركبتيه.
215
قال أبو الحارثة اَلسقف :جثا وهللا كما جثا اَلنبياء للمباهلة ،فسكع ولم يقدم على
المباهلة ،فقال السيد :ادن يا أبا حارثة للمباهلة ،فقال َّ :ل ،إني َلرى رجالً جريئاً
على المباهلة وأنا أخاف أن يكون صادقاً ولئن كان صادقاً لم يحل وهللا علينا الحول
وفي الدنيا نصراني يطعم الماء ،فقال اَلسقف :يا أبا القاسم إنا َّلنباهلك ولكن
نصالحك فصالحنا على ما ينهض به ،فصالحهم رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله
وسلم ) على ألفي حلة من حلل اَلواقي قيمة كل حلة أربعون درهماً فما زاد ونقص
فعلى حساب ذلك ،وعلى عارية ثالثين درعاً ،وثالثين رمحاً ،وثالثين فرساً إن
كان باليمن كيد ،ورسول هللا ضامن حتى يؤديها وكتب لهم بذلك كتاباً.
وروي أن اَلسقف قال لهم :إني َلرى وجوهاً لو سألوا هللا أن يزيل جبالً من مكانه
َلزاله ،فال تباهلوا فتهلكوا وَّليبقى على وجه اَلرض نصراني إلى يوم القيامة ،وقال
النبي :والذي نفسي بيده لو َّلعنوني لمسخوا قردة وخنازير ،وَّلضطرم الوادي
عليهم نا اًر ،ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا كلهم ،قالوا :فلما رجع وفد
نجران ،لم يلبث السيد والعاقب إَّل يسي اًر ،حتى رجعا إلى النبي ،وأهدى العاقب له
حلة وعصا وقدحاً ونعلين وأسلما (.)۳۲
فإن قلت :ما كان دعاؤه إلى المباهلة إَّل لتبين الكاذب منه ومن خصمه وذلك أمر
يختص به وبمن يكاذبه فما معنى ضم اَلبناء والنساء ؟
الرجل بنفسه ،وحارب دونهم حتى يقتل ،ومن ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن
في الحروب لتمنعهم من الهرب ،ويسمون الذادة عنهم بأرواحهم « :حماة الحقائق
» وقدمهم في الذكر على اَلنفس ( في اآلية ) لينبه على لطف مكانهم ،وقرب
منزلتهم وليؤذن بأنهم مقدمون على اَلنفس مفدون بها ،وفيه دليل َّلشيء أقوى منه
على فضل أصحاب الكساء ( عليهم السالم ) وفيه برهان واضح على صحة نبوة
النبي َلنه لم يرو أحد من موافق وَّلمخالف أنهم أجابوا إلى ذلك (.)۳۳
ومن أمعن فيما ورد من سبب النزول وشرحه في كتب الحديث والتفسير يقف على
مكرمة وفضيلة عظيمة َلهل البيت ( عليهم السالم ) في تلك الحادثة ،ومن أراد
التفصيل فليرجع إلى كتاب « الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء » للسيد شرف الدين (
ص ۱۸۷ـ .) ۲۰۳
وهناك نكتة اُخرى نقلها الرازي عن بعض معاصريه من الشيعة ولم يناقش في كالمه
مع غرامه بنقض المحكمات وهيامه في التشكيكات والشبهات ،قال :
كان في الري رجل يقال له محمود بن الحسن الحمصي وكان معلم اْلثنى عشرية
وكان يزعم أن علياً ـ رضي هللا عنه ـ أفضل من جميع اَلنبياء سوى محمد ( صلى
أنف أس ُكم ) إذ ليس
أنف أسأنا أوأ ُ
هللا عليه وآله وسلم ) واستدل على ذلك بقوله تعالى ( :أوأ ُ
أنف أسأنا ) نفس محمد ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) َلن اْلنسان المراد بقوله ( أوأ ُ
َّليدعو نفسه بل المراد غيرها ،وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب
(رض) فدلت اآلية على أن « نفس علي » هي محمد ،وَّليمكن أن يكون المراد إن
هذه النفس هي عين تلك ،فالمراد إن هذه النفس مثل تلك النفس ،وذلك يقتضي
المساواة في جميع الوجوه ،ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة وفي حق الفضل
لقيام الدَّلئل على أن محمداً عليه الصالة والسالم كان نبياً وما كان علي كذلك
وْلنعقاد اْلجماع على أن محمداً ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) كان أفضل من علي
217
ربما نق أر في بعض الصحف والكتب أن عرب الجاهلية هم الذين حرموا الحرب في
اَلشهر الحرم وأضفوا عليها مسحة قدسية خاصة ،وذلك َلنهم كانوا متوغلين في
الحروب والغارات وكان تمادي الظاهرة القبلية الشاذة موجباً لفك عرى الحياة ،وَلجل
ذلك استثنوا هذه اَلشهر لتقويم أودهم وضمان أمن طرق التجارة وتيسير أمر زيارة
الكعبة.
ولكنها فكرة خاطئة تخالف ما نستلهمه من القرآن الكريم ،فإن الظاهر منه أن حرمة
اَلشهر لها جذور دينية وأنها جزء من صميم الدين القيم الذي جاء به إبراهيم ( عليه
الل ِـه اثأنا أع أش أر أشه ًار ِفي
ور ِعند ه
الش ُه ِ أ السالم ) إلى اُمته ،قال سبحانه ِ ( :إ هن ِع هد أة ُّ
وعلى ذلك اَلساس فالنبي اَلكرم أولى بأن يحافظ على حرمتها ويراعي قدسيتها ،
وبذلك يسهل لك القضاء في الحادثة الدموية التي وقعت في مستهل شهر رجب بيد
المسلمين وهي التي استغلتها قريش للتعيير بالنبي واْلزدراء به ،وأنه هدم قدسية تلك
اَلشهر وإراقة الدم فيها ،وإليك نص القصة :
218
بعث رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) عبد هللا بن جحش بن رئاب اَلسدي
في رجب مقفلة من بدر اَّلُولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من
اَلنصار أحد ،وكتب لهم كتاباً وأمره أن َّلينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه
،فيمضي بما أمره به وَّليستكره من أصحابه أحداً.
فلما سار عبد هللا بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فإذا فيه :إذا نظرت في كتابي
هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف ،فترصد بها قريشاً وتعلم لنا من
أخبارهم.
فلما نظر عبد هللا بن جحش في الكتاب قال :سمعاً وطاعة ،ثم قال َلصحابه :قد
أمرني رسول هللا أن أمضي إلى نخلة أرصد بها قريشاً حتى آتيه منهم بخبر ،وقد
نهاني أن أستكره أحداً منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن
كره ذلك فليرجع ،فأما أنا فماض َلمر رسول هللا ،فمضى ومضى معه أصحابه لم
يتخلف منهم أحد.
وسلك إلى الحجاز حتى إذا كان بمعد فوق « الفرع » يقال له « بحران » أضل سعد
ابن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعي اًر لهما ،كانا يتعاقبانه ،فتخلفا عليه في طلبه
ومضى عبد هللا بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل بنخلة ،فمرت به عير لقريش
تحمل زبيباً وأدماً وتجارة من تجارة قريش ،فيها عمرو بن الحضرمي ،فلما رآهم
هابوهم وقد نزلوا قريباً منهم ،فأشرف لهم عكاشة ابن محصن وكان قد ()۳١
القوم
حلق رأسه فلما رأوه أمنوا وقالوا :عمار َّلبأس عليكم منهم ،وتشاور القوم فيهم
وهللا لئن تركتم القوم هذه الليلة ()۳٤
وذلك في آخر يوم من رجب ،فقال القوم :
ولئن قتلتموهم لنقتلنهم في الشهر الحرام ،فتردد ()۳۷
ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم به
وهابوا اْلقدام عليهم ثم شجعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا ()۳۹
القوم
عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد هللا التيمي عمرو بن الحضرمي بسهم
219
فلما قدموا على رسول هللا المدينة ،قال :ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام فوقف
العير واَلسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئاً ،فلما قال ذلك رسول هللا ،سقط في
أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا ،وقالت
قريش :قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام فسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه اَلموال
وأسروا فيه الرجال.
وقد توقع اليهود َلجل هذه الحادثة بالمسلمين الشر ،فلما أكثر الناس في ذلك أنزل
صٌّد أعن يه ُقل ِقتأ ٌ ِ ِ ِ ال ِف ِ
الشه ِر الح ار ِم ِقتأ ٍ
ون أك أع ِن ه
ال فيه أكب ٌير أو أ أأ هللا على رسوله ( :أيس ألُ أ
الل ِـه أوال ِفتأن ُة أأكأب ُر ِم أن
الل ِـه و ُكفر ِب ِه والمس ِج ِد الح ار ِم وِإخراج أأهلِ ِه ِمنه أأكبر ِعند ه
ُ أُ أ أأ أ أ ُ أ أ أ ٌ
يل هسِب ِ
أ
نكم أعن اعوا أو أمن أيرتأِدد ِم ُط ُ وكم أعن ِد ِين ُكم ِإ ِن استأ أ
ون ُكم أحتهى أي ُرُّد ُ ِ
الأقت ِل أوأَّل أي أازُلو أن ُيأقاتُل أ
اب الهن ِ
ار ِِ ِ طت أأع أمالُ ُهم ِفي ُّ
الدنأيا أواآلخ أرة أوأُوألـئ أك أأص أح ُ ِد ِين ِه أفأي ُمت أو ُه أو أك ِافٌر أفأُوألـِئ أك أحِب أ
الل ِـه أُوألـِئ أك
يل ه ين هاجروا وجاه ُدوا ِفي سِب ِ
أ
هِ
آم ُنوا أوالذ أ أ أ ُ أ أ أ ين أ
هِ ِ
يها أخال ُدو أن * ِإ هن الذ أ
ِ
ُهم ف أ
ِ هِ ه
يم ) ( البقرة ۲۱۷ /و .) ۲۱۹ أير ُجو أن أرح أم أت اللـه أوالل ُـه أغُف ٌ
ور هرح ٌ
واآلية الثانية تحكي عن نزول المغفرة لعبد هللا بن جحش وأصحابه وذلك َلجل أنهم
هِ هِ
ين
آم ُنوا أوالذ أ كانوا ذوو سابقة حسنة وبالء محمود كما يشير إليه قوله ِ ( :إ هن الذ أ
ين أ
الل ِـه ).
الل ِـه أُوألـِئك يرجو أن رحمت ه
أ أ ُ أ أأ
يل ههاجروا وجاه ُدوا ِفي سِب ِ
أ أ أُ أ أ أ
قال ابن هشام :لما تجلى عن عبد هللا بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل
القرآن ( اآلية اَّلُولى ) طمعوا في اَلجر ،فقالوا :يا رسول هللا أنطمع أن تكون لنا
211
هِ
آم ُنوا غزوة نعطي فيها أجر المجاهدين ؟ فأنزل هللا عز وجل فيهم ِ ( :إ هن الذ أ
ين أ
اج ُروا .) ... هِ
ين أه أ
أوالذ أ
فلما نزل القرآن بهذا وفرج هللا تعالى عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق قبض
رسول هللا العير واَلسيرين .وبعثت إليه قريش في فداء عثمان بن عبد هللا والحكم بن
كيسان ( اَلسيرين ) ،فقال رسول هللا َّ :لنفديكموهما حتى يقدم صاحبانا ـ يعني
سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان ـ فإنا نخشاكم عليهما فإن تقتلوهما ،نقتل
صاحبيكم ،فقدم سعد وعتبة فأفداهما رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) منهم.
فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن إسالمه وأقام عند رسول هللا حتى قتل يوم بئر
معونة شهيداً ،وأما عثمان بن عبد هللا فلحق بمكة حتى مات بها كاف اًر.
هذا كله راجع إلى حكاية القصة بجزئياتها ،وأما تحليل الحادثة وتوضيح الجواب
الذي جاءت به اآلية اَّلُولى فهو بالشكل التالي :
َّلشك أن عمل عبد هللا بن جحش لم يكن خاضعاً للضوابط العسكرية ،فإن النبي (
صلى هللا عليه وآله وسلم ) لم يأمره بالقتال بل أمر بإستطالع أخبار القوم ونقل
أخبارهم إليه ،فقتاله كان عصياناً َلوامر قائده أوَّلً وهتكاً لقداسة الشهر ثانياً ،وَلجل
ذلك لما جاء إلى النبي لم يقبل منه العير واَلسيرين وانتظر الوحي اْللهي حتى وافاه
،وليس من الصحيح أن يؤاخذ اَلمير ورئيس القوم بإجرام واحد من قادة عسكره.
۱ـ إنهم صدوا الناس عن سبيل هللا ومنعوهم عن الطريق الموصل إلى هللا تعالى
وهو اْلسالم ،حيث كان المشركون يضطهدون المسلمين ويقتلون من يسلم أو
211
يؤذونه في نفسه وأهله وماله فيمنعونه من الهجرة إلى النبي ( صلى هللا عليه وآله
وسلم ).
٦ـ إنهم أخرجوا النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) والمهاجرين.
وكل هذه أكبر عند هللا من قتال المسلمين المشركين في الشهر الحرام.
١ـ والفتنة أكبر من القتل أي فتنة المسلمين في دينهم بإلقاء الشبهات في قلوبهم أو
بتعذيبهم كما فعلوا بعمار بن ياسر وبالل وخباب بن اَلرت وغيرهم ،أكبر من قتل
المشركين.
والقتال في الشهر الحرام أهون من الفتنة عن اْلسالم لو لم يحف بها غيرها من
اآلثار ،كيف وقد قارنها الصد عن سبيل هللا ،والكفر به ،والصد عن المسجد
الحرام وإخراج أهله منه ،فمن وقف على فتنة المشركين لضعفاء المسلمين طيلة
ثالث عشرة سنة واستمرارها بعد هجرته في حق المستضعفين القاطنين في مكة ،
يقف على أن قتل مشرك وأسر نفرين منهم أهون بكثير مما ارتكبوه طوال هذه
السنين.
الل ِـه
الل ِـه و ُكفر ِب ِه والمس ِج ِد الح ار ِم وإِخراج أأهلِ ِه ِمنه أأكبر ِعند ه
ُ أُ أ أأ أ أ ُ أ أ أ ٌ
يل ه( وصٌّد عن سِب ِ
أ أ أ أ
أوال ِفتأن ُة أأكأب ُر ِم أن الأقت ِل ).
الهوامش
212
.۲السيرة النبوية :ج ۱ص .١٦۳مجمع البيان :ج ۲ص ( ۳۲٦طبع بيروت
).
.۳السيرة النبوية :ج ۱ص .١٦۰مجمع البيان :ج ۲ص ( ۳۳٤طبع بيروت
).
.۱٦السيرة النبوية :ج ۱ص ، ١٤۲حياة محمد ( صلى هللا عليه وآله وسلم )
لهيكل :ص ۳۲۹ـ .۳۲۸
الجلِد بحبل من ليف مطلي بقار ثم تسود وجوههما ،ثم يحمالن على حمارين
.۱٤أ
وتجعل وجوهها من قبل ادبار الحمارين.
.۲١نجران في مخاليف اليمن من ناحية مكة ،وبها كان خبر اَلخدود وإليها تنسب
كعبة نجران ،وكانت بيعة ،بها أساقفة مقيمون منهم السيد والعاقب اللذان جاءا إلى
النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) في أصحابها ودعاهم إلى المباهلة وبقوا بها حتى
أجالهم عمر .وقال زيني دحالن :نجران بلدة كبيرة واسعة على سبع مراحل من مكة
إلى جهة اليمن تشتمل على ثالث وسبعين قرية.
.۲٤وكان بخط اْلمام علي بن أبي طالب ( عليه السالم ) راجع :صبح اَّلعشى
ج ۱ص ( ٤١طبع بيروت ).
214
.۳٤المقصود المسلمون.
.۳۹المقصود هم المسلمون.
وأما اآلن فال مجال لكتمان الحقائق فالضروف تختلف عما كانت عليه فكل الوسائل
اليوم مسخرة لنا و نحن و هلل الحمد ننعم بمثل هذه الحريات يجب إذا على علماءنا
215
الخروج من صمتهم ليعلنوا للعالم عامة و للمسلمين خاصة الحق كامال فالمسؤولية
عليهم أكبر بكثير مما كانت على أسالفهم الذين ذاقوا من الويل و العذاب ما ذاقوا و
لم يكن بإمكانهم القول الصريح في كل ما كتموا مرغمين في أكثر اَلحيان على
ذلك .ألم يزدجر العلماء بوعيد هللا إذ يقول إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و
الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أؤَّلئك يلعنهم هللا و يلعنهم الالعنون
{البقرة }159/إَّل الذين تابوا و أصلحوا و بينوا فأؤَّلئك أتوب عليهم و أنا التواب
الرحيم {البقرة .}161/أفال يتوبون و يبينوا ما قد أخفوا أم َّل يزال عندهم متسع من
الوقت؟ و قال رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم من كتم علما ألجم لجاما من
نار يوم القيامة .فالعاقل يتساءل لم كل هذه الكراهية و الحسد آلل بيت النبوة؟ و هذا
التأكيد على التمسك بهم من قبل رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم و كأنه يؤكد
بأن في مودتهم و التمسك بهم تمسك بالسنة الصحيحة الواضحة إذ هم من يدافعوا
عن السنة حق الدفاع و هم من يعلموها و هم معلموها الحقيقيون لقول رسول هللا
صلى هللا عليه وآله و سلم في الحديث المشهور والمتواتر في حجة الوداع بعد ذكر
العترة(و َّل تعلموهم فإنهم أعلم منكم) .إذا فهم السنة بعينها .و نحن ملزمون باتباعهم
لقول هللا سبحانه و تعالى ُقل ِإن ُكنتُم تُ ِحبُّو أن َّللاأ أفاتهِب ُعوِني ُيحِبب ُك ُم َّللاُ أوأيغ ِفر أل ُكم
يم {آل عمران .}13/و قول رسول هللا صلى هللا عليه و آله ِ
ور هرح ٌ
وب ُكم أوَّللاُ أغُف ٌ
ُذ ُن أ
تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا كتاب هللا و عترتي أهل بيتي و
أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كما ذكرته أعاله.
أما ما أطلبه من علماء السلطان فهؤَّلء أقول لهم كفاكم فتاوى على قياس الحكام
مقابل الفتات فما هذا إَّل حب للدنيا و أنكم وهللا متهمون من قبل أمة محمد صلى
هللا عليه و آله فاحذروا و تراجعوا عما أنتم فيه نصيحة مني إليكم خالصة لوجهه
الكريم فوهللا ما ينفع إَّل الحق و الحق أحق أن يتبع و وهللا إنكم إن لم تتداركوا
أنفسكم فأنتم مصاديق قول رسول هللا صلى هللا عليه و آله تعس عبد الدينار و
216
وهذا يكفي إن شاء هللا لتوحيد كلمة اَلمة اْلسالمية و جعلها تهتم بدينها الذي
ارتضاه لها هللا و رسوله و المؤمنون و تخرج بإذن هللا من التيه و الحيرة التي شتت
شمل هذه اَلمة و جعلتها آخر اَلمم .فاللهم اجعلنا من محبي رسول هللا صلى هللا
عليه و آله و أهل بيته و من مواليهم و من معادي أعدائهم و شفعهم اللهم فينا
واجعلنا ممن ركب سفينتهم و احتمى بها فنجى إنك ولي ذلك و القادر عليه.
أستغفرك اللهم و أتوب إليك و صلى هللا على محمد و آله الطيبين الطاهرين .و
آخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين.