Professional Documents
Culture Documents
النص السند
النص السند
انجلس
:مدخل إشكالي ***
تخلص :كشف النقد السابق عن مبررات العتراضات جذرية *
:تجاه التناول العقالني الميتافيزيقي إلشكالية اإلنية اإلنسانية
إن اختزال اإلنية اإلنسانية في ماهية كلية ثابتة وأزلية هي النفس -
العاقلة أو بعبارة أخرى الذات الواعية واعتبار الجسد آخر يجب
إقصاؤه خارج تلك الماهية باعتباره جسما ماديا يتوقف عند حدود
البقاء العضوي وتتم إدانته كمصدر أخطاء وأوهام ،لم يجد وجاهته
في الفكرالمعاصروالسيما التحليل النفسي مع فرويد عندما بين أن
إنية اإلنسان تكمن في الجسد أي هذا اآلخر كمنظومة من الغرائز
التي تقف بشكل غير واع وراء األحاسيس واألفكار والقرارات
خارج إطار الوعي وسيادة األنا مم يعني أن اإلنية اإلنسانية غيرية
قوامها الكثرة والتغير واالختالف والغريزة والالوعي وليس الوحدة
.والثبات والتماثل والعقل
إن هذا التظنن يتوسع أكثر ويزداد حدة عند مالحظة الغياب التام -
للتاريخ كآخر في فهم اإلنية اإلنسانية وتعريفها .فما يقدم على أنه
خصائص كلية توحد بين جميع الناس يكون في صيغة ماهية سمتها
الوحدة والثبات خارج إطار العالقة بالعالم االجتماعي وبالغير وما
تشهده تلك العالقة من تغير عبر الزمن يكون منتجا الختالفات
ثقافية واجتماعية واقتصادية تحدد معالم بنية المجتمع وطبيعة
العالقات بين األفراد وطبيعة أشكال الوعي والسلوك.إن هذا الغياب
للتاريخ في فهم اإلنية اإلنسانية والكيفية التي ينبغي اعتمادها في
:مقاربة العالقة بين اإلنسان والتاريخ ال يخلوان من إشكال
فهل من المشروع الحديث عن إنية قوامها خصائص كلية تتسم =
بالوحدة والثبات بالنسبة إلى إنسان يوجد في سياق تاريخ قوامه
التغير واختالف الخصوصيات االقتصادية والسياسية والفكرية؟
وهل أن التاريخ بما تتضمنه عصوره خصوصيات اقتصادية =
وسياسية وفكرية وبتحوالته السريعة هو نتاج وعي البشر بما
ينشئونه من تصورات ويتخذونه من قرارات ويحددونه من غايات؟
:اإلشكالية**
هل يحدد الواقع االجتماعي في سياق التاريخ كنتاج لوعي البشر؟
أم أن وعيهم نتاج لواقعهم االجتماعي؟ وماذا يترتب عن هذا
التعارض من تبعات على مستوى فهم اإلنية اإلنسانية :هل يبقى من
الممكن القول إنها ذات واعية تحدد التاريخ كنتاج لمقاصدها؟ أم
إنها نتاج اجتماعي يحدده التاريخ كآخر مستقل عن وعيها
وإرادتها؟
أطروحة الكاتب :إن إنية األفراد والكيفية التي بها يفكرون **
ويحيون هي نتاج غيرية مستقلة عن وعيهم وإرادتهم تتمثل في
الواقع االجتماعي كآخر يتحدد انطالقا من درجة تطور النشاط
.االقتصادي المادي الذي يقوم عليه
االطروحة المستبعدة :نقد التصورين الديكارتي والهيقلي االول **
يحدد ماهية االنسان عبر الوعي المطلق بينما الثاني فيرى ان
.الوعي هو الذي يحدد الحياة المادية
:نظام البرهنة*
:في الوعي كلغة للواقع المادي -
:اإليديلوجيا بما هي وعي مقلوب للواقع-
************************************
:التحلـيـل ***
قد يبدو للوهلة األولى أن التاريخ ليس إال حركة خطية 1 -
للزمان تتعاقب في نطاقها األحداث االقتصادية واالجتماعية
والسياسية والثقافية كنتاج إلرادة البشر ومقاصدهم الواعية،
فالتاريخ في حدوثه ومعناه هو من صنع اإلنسان مما يعني أمه ليس
آخر بالنسبة إليه بل مماثل له لكونه نتاجا لما أراده وخطط له
وفعله.إن هذا الفهم في نضر ماركس مثالي ميتافيزيقي لكونه يجعل
من اإلنسان كائنا مجردا يتعالى على التاريخ فيحدده دون أن يتحدد
به و يعزل تصوراته عن الواقع االجتماعي و نشاط الناس المادي .
لذلك يتعين دحضه و تجاوزه نحو فهم مادي للتاريخ يقارب كحركة
تتحدد انطالقا من شروط موضوعية اقتصادية و تطبيقية مستقلة
عن وعي اإلنسان مما يعني قلبا للعالقة بين اإلنسان و التاريخ
حيث يصبح اإلنسان في أنيته نتاجا للتاريخ كآخر يسهم في إنتاجه
:دون وعي واضح به و تحكم حقيقي في مساره
إن الفهم المادي للتاريخ كما يقترحه كارل ماركس يعني اإلقرار -
بأسبقية الممارسة العملية عل أشكال الوعي في تحديد طبيعة
الواقع االجتماعي وشبكة العالقات التي تقوم بين اإلنسان و
اإلنسان في نطاقه و أشكال الوعي األخالقي و الديني و السياسي و
الفني و الفلسفي التي بها يتمثلون ذلك الواقع ويفهمونه .وتعني
الممارسة في هذا السياق الماركسي العالقة بين البشر و الطبيعة
من جهة وفيما بينهم من جهة أخرى في نطاق اإلنتاج االقتصادي.
فكل مجتمع يقوم على قاعدة اقتصادية مهما كانت بساطتها أو
تعقيدها تتحدد انطالقا من طبيعة القوى المادية و البشرية المعتمدة
في اإلنتاج االقتصادي وطبيعة عالقات الملكية التي تقترن بها .
فنعد تحليل طبيعة القاعدة االقتصادية التي قام عليها المجتمع
اليوناني أو الروماني القديم يمكن االنتباه إلى أنه يتأسس على
ممارسة إنتاجية قوامها قوة إنسانية أساسية تتمثل في العبيد (في
عالقة باألرض و األدوات المادية ) .وهذه القوة اإلنتاجية اقترنت
بعالقات ملكية تمثلت في ملكية السادة للعبيد و لبقية وسائل اإلنتاج
مما جعل المجتمع طبقيا ينقسم إلى طبقتين متناقضتين المصالح
وهما طبقة السادة و طبقة العبيد .أما عند تحليل طبيعة القاعدة
االقتصادية للمجتمع األوربي الحديث ابتداء من القرن السابع
عشر ,فيمكن مالحظة أن هناك تغيرات قد طرأت على مستوى
قوى اإلنتاج المادية حيث فقدت األرض و األقنان دورهم اإلنتاجي
األساسي لفائدة النشاط التجاري والمالي ثم الصناعي ،إنه عصر
المال واآللة فكان ذلك منطلق تغير من نمط إنتاج إقطاعي إلى آخر
رأسمالي أصبح في حاجة إلى قوة إنتاج جديدة هم العمال .عندئذ
انقسم المجتمع طبقيا إلى بورجوازية تملك الرأسمال وإلى عمال
أجراء .ويتضح من خالل ما تقدم أن طبيعة قوى اإلنتاج
االقتصادي هي التي تحدد بنية المجتمع الخاصة وتركيبته الطبقية.
إن هذه الممارسة المادية التي تشكل قاعدة المجتمع االقتصادية هي
".ما يسميه ماركس" البنية التحتية
إن الممارسة العملية كعالقة اقتصادية إنتاجية بين البشر والطبيعة -
من جهة وفيما بينهم من جهة أخرى هي التي تحدد اإلطار
الموضوعي لنشأة أشكال الوعي واإلنتاج الفكري في المجتمع ،من
هنا يتجاوز كل من ماركس وأنجلس التناول الميتافيزيقي المثالي
الذي يعتقد أن البشر بوعيهم وبقيمهم وقراراتهم وأفعالهم الواعية
هم الذين يحددون الواقع االجتماعي ويغيرون التاريخ .يقول
ماركس «:إن التمثالت والتفكير وعالقات البشر تظهر هنا أيضا
كانبثاق مباشر لسلوكهم المادي ».ويضيف في موقع آخر «:ليس
وعي األفراد هو الذي يحدد وجودهم بل وجودهم االجتماعي هو
».الذي يحدد وعيهم
يتضح مما سبق أن الجدلية التي تحكم حركة التاريخ كآخر =
.بالنسبة إلى اإلنسان من وعيه وسيادة إرادته
إن أشكال الوعي بمختلف مجاالتها ومضامينها التي تؤلف ما 2-
يسميه ماركس"البنية الفوقية" ليست تصورات مفككة ومتناقضة بل
تؤلف رؤية منسجمة للعالم تمكن الناس من التفسير والفهم والتبرير
واتخاذ القرارات وتحديد التصورات .إن هذه الرؤية للعالم التي
تسود في مجتمع ما أثناء لحظة معينة من التاريخ تعبير عن طبيعة
اإلنتاج االقتصادي لذلك المجتمع وبنيته الطبقية وصراع المصالح
داخله هي ما يسميه ماركس اإليديولوجيا .غير أن اإليديولوجيا في
نظره ترتبط بوعي زائف يعوق األفراد عن فهم واقعهم االجتماعي
على نحو موضوعي لتكرس خضوعهم للقوى المهيمنة اقتصاديا
: .في ذلك المجتمع خدمة لمصالحها
إن وظيفة اإليديولوجيا مزدوجة تجمع بين فهم الواقع على -
مستوى ذهني وتوجيه الممارسة على مستوى عملي بواسطة
منظومة من التصورات والقيم .كتب عالم االجتماع الفرنسي
ريمون أرون في تعريف اإليديولوجيا «:هي نسق شمولي من
التصورات تمكن من تأويل العالم التاريخي والسياسي ».وأضاف
المؤرخ ماكسيم رودنسون «:إن وظيفتها هي إعطاء توجيهات
.» .عملية لألفراد والجماعات
إن اإليديولوجيا بوظيفتها النظرية والعملية هي منطلق وعي -
زائف يشوه فهم الناس لواقعهم ألنها تخفي عنهم وظيفتها الحقيقية
وهي تبرير مصالح قوى الهيمنة في المجتمع .فهي تخفي عنهم أنها
تعبير عن واقع المجتمع بممارساته االقتصادية وصراعاته الطبقية
ليتوهموا أنها نتاج إلبداع الناس واختياراتهم الحرة ،فيكون تبعا
لذلك واقعهم االجتماعي نتاجا لوعيهم.هذا اإلخفاء هو ما يكشفه
النقد الماركسي.بناءا على ما سبق يمكن فهم المماثلة التي عقدها
ماركس بين اإليديولوجيا من جهة وآلة التصوير واإلبصار في كل
من الغرفة المعتمة آللة التصوير وشبكية العين .فكما أن آلة
التصوير التصور والعين التبصر إال بقلب األشياء في كل من
الغرفة المعتمة والشبكية فإن اإليديولوجيا أن تنتج وعيا بالواقع إال
بقلب العالقة بينهما فيبدو الوعي منتجا للواقع والحال أنه نتاج له
.ومحدد به
:رهانات النص :ما تم كسبه**
:نظريا*
اكتشاف التالزم الوثيق بين الوعي والزيف مم يوجب التخلي عن -
المطابقة بين الوعي والمعرفة .فاإليديولوجيا السائدة التي تؤطر
تصورات الناس وقيمهم وممارساتهم تخفي عنهم شروطها
االقتصادية واالجتماعية الموضوعية وتوهمهم أنها مستقلة والحال
أنها نتاج شروط مستقلة عن إرادتهم وتبرر مصالح الطبقة المهيمنة
.اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا
ال توجد إنية ثابتة بل هي تتشكل في إطار آخر مستقل عنها هو -
التاريخ المادي لتكون إنية متحولة دوما وفي تشكل متواصل
.وموسومة باالختالف
عمليا :التاريخ اليتحدد باإلنسان وال من أجل اإلنسان بل هو *
مسار يتحدد انطالقا من اإلنتاج االقتصادي وصراع الطبقات دون
.بواعث وال غايات