Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 34

‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كيف نتعامل مع عنصرية كانط‪ ،‬داخل‬


‫القاعة الدراسية وخارجها ‪ -‬فيكتىر‬
‫أبىنديز‪-‬غىيرا‬

‫‪ ‬فيكتور أبونديز‪-‬غويرا‬
‫ترجمة‪ :‬فاطمة مصطفى‬
‫مراجعة وتدقيق‪ :‬دليلة ميمون‬

‫‪ .1‬املقدمة‪:‬‬

‫حظي الفيلسوؼ األظتاين إنتانويل كانط ابلكثَت من االىمااـ يف العقود األخَتة بصفمو أحد‬
‫موضوعا لغالبية‬
‫ً‬ ‫أكرب الفالسفة اظتؤثرين يف القرف الواحد والعشرين‪ .‬كانت فلسفة كانط األخالقية‬
‫أساسا اثبمًا يف غالبية الفصوؿ الماهيدية يف اجملاؿ الفلسفي‪.‬‬
‫مصادر اظتعلومات ومراجعها‪ ،‬و ً‬
‫ٍ‬
‫بشكل‬ ‫ابلرغم من أف فلسفمو العرقية دل تملقى نفس القدر من الشهرة‪ ،‬إال أف االىمااـ هبا قد زاد‬
‫ملحوظ يف السنوات األخَتة‪ .‬والفضل يعود لفالسفة مثل تشارلز ميلز‪ ،‬وإنتانويل إيز‪ ،‬ولوشيوس‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪1‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أوتلو ظتا قاموا بو من جهود لرفعها من القاع وتسليط الضوء عليها‪ .‬حفزت مؤلفاهتم الكثَت من‬
‫اظتناقشات حوؿ طرؽ تفسَت فلسفمو العرقية وما إف كاف بينها وبُت فلسفمو األخالقية عالقةً أو‬
‫رابطًا كتاعهاا‪.‬‬

‫قد يمساءؿ القارئ عن مدى أقتية أفكار كانط العرقية مقارنةً بفلسفمو األخالقية الواسعة‪،‬‬
‫مسبقا على أفكار كانط العرقية فقد يمساءؿ ما إف كاف لديو ما‬
‫ويف حاؿ كاف القارئ غَت مطلع ً‬
‫يسمحق القوؿ أو إضافة مهاة يف موضوع العرؽ من األساس‪ ،‬لكن النقطة اظتركزية عتذه‬
‫النقاشات ىي ػتاضرات كانط عن اصتغرافيا واألنثروبولوجيا‪ ،‬وقد حاضر كانط يف ىذين اجملالُت‬
‫فصال يف‬
‫عاما‪ ،‬منذ ‪ 6771‬حىت ‪ .6771‬قدـ كانط اثنُت وسبعُت ً‬
‫بصورة مكثفة ظتدة أربعُت ً‬
‫فصال يف الفلسفة األخالقية‪.1‬‬
‫كال من األنثروبوصتيا واصتغرافيا الطبيعية‪ ،‬بيناا قدـ ذتانية وعشرين ً‬
‫ً‬
‫كاف كانط يعمرب ىذين اجملالُت كالموأمُت يسَتاف جنبًا إذل جنب؛ فاصتغرافيا تدرس اصتوانب‬
‫اطتارجية ضتياة اإلنساف‪ ،‬بيناا تدرس األنثروبوصتيا اصتوانب الداخلية والسيكولوجية ضتياة اإلنساف‪.‬‬

‫قاؿ كانط أنو نتكن تناوؿ األنثروبولوجيا أبسلوب سيكولوجي وأسلوب براغاايت‪ .‬يعٌت‬
‫قادرا على المصرؼ حبرية"‪ .2‬ومن خالؿ ىذه‬
‫اصتانب الرباغاايت بػ "اكمشاؼ ما كتعل اظترء ً‬
‫احملاضرات يسمطيع القارئ أف كتد أفكار كانط العرقية‪ ،‬وعرب شرحو اظتسهب يزودان بواجهة‬
‫ممكاملة لفلسفمو العرقية اليت جتعلنا نمساءؿ عن مدى أتثَتىا العاـ‪.‬‬

‫كثَتا يف غتاؿ الفلسفة‪ ،‬أال وىو‪" :‬كيف كتب‬ ‫ٍ‬


‫سأبدأ ىذه اظتناظرة بمناوؿ سؤاؿ غليظ يمكرر ً‬
‫ٍ‬
‫لفيلسوؼ ما؟"‬ ‫على اظترء أف يمصرؼ جتاه المصرلتات اظتمعصبة‬

‫سًتكز ىذه األطروحة على كانط ونظرتو جتاه العرؽ‪ ،‬وأريد أف أوضح أف ىذه اظتشكلة ال‬
‫ختص كانط فقط أو الفلسفة‪ 3.‬اظتؤلفات والنصوص اظتمعصبة ليست مشكلة خاصة ابلفلسفة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Eze, p. 107.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Eze, p.104.‬‬
‫‪ٕ٠ 3‬بلش اٌفالؿفخ ِٓ فزغح ألسغ‪ ٜ‬أزّبء ٘‪١‬ضجغ ٌٍذؼة إٌبػ‪ِٚ ،ٞ‬غ طٌه ‪ّ٠‬ىٕٕب إٌظغ ٌفالؿفخ آسغ‪ ٓ٠‬ث‪ٛ‬ج‪ٙ‬بد ٔظغ ِزؼصجخ‪١٘ ،‬جً ػٍ‪ٝ‬‬
‫ؿج‪ ً١‬اٌّضبي لبي أٔٗ ال ربع‪٠‬ز ٌألفغ‪٠‬م‪ ٌُٚ ٓ١١‬رزط‪ٛ‬ع أسالل‪ ُٙ‬ئال ِٓ سالي االؿزؼجبص‪(Introduction to The Philosophy of History, .‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪2‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فلذا ًأًي يكن اظتوقف الذي نمخذه جتاه كانط نتكننا اعمباره بطريقة ما اظتوقف الناوذجي الذي‬
‫عاوما‪.‬‬
‫سنمبناه يف مواجهة أي مشكلة مشاهبة ً‬
‫أفكار كانط عن العرؽ قد تكوف أفضل ٍ‬
‫ؽتثل لأليدولوجيات يف عصر المنوير‪ ،‬حيث أنو بدأ‬
‫ينشر مؤلفاتو يف نفس الوقت الذي ظهرت فيو اظتعارضة الدينية والفلسفية للعبودية‪.‬‬

‫أفممح ىذا البحث من خالؿ إلقاء نظرةٍ سريعة على آراء كانط وكماابتو عن العرؽ‪ .‬سأدتعن‬
‫بعد ذلك يف اظتواقف العديدة اليت قد يمخذىا القارئ ظتواجهة مؤلفات كانط‪ ،‬وسأشَت إذل ما‬
‫يمضانو كل موقف من ٍ‬
‫عيوب أخالقية وتربوية‪ ،‬والعوائق اليت قد تواجو الطالب داخل القاعة‬
‫وخارجها‪.‬‬ ‫الدراسية‬
‫وهنايةً أؤكد على أف اظتوقف الذي يموجب علينا اختاذه البد أف يكوف مبنيًا على معرفة عايقة‪،‬‬
‫تشال االعًتاؼ بثالثة أمور‪:‬‬

‫أ) إدراؾ أف أفكار كانط العرقية تعكس طبيعة شخصيمو‬

‫مسؤوؿ عن العنصرية اليت تمضانها مؤلفاتو‬


‫ٌ‬ ‫ب) إدراؾ أف كانط‬

‫أيضا على‬
‫ج) أف يضع القارئ احمااؿ كوف أفكار كانط العرقية ليست مثبمة فقط‪ ،‬ولكن تؤثر ً‬
‫عقيدتو وفلسفمو األخالقي ة بدرجة عالية‪ ،‬ونميجة لذلك قد ؿتماج ظتراجعة الطريقة اليت نفسر هبا‬
‫فلسفمو األخالقية‪.‬‬

‫))‪ . trans. John Sibree (New York: Dover, 1956‬أ‪ ٚ‬ئصغاع ج‪ ْٛ‬ؿز‪ٛ١‬عاد ِ‪ ً١‬ػٍ‪ ٝ‬أْ "االؿزجضاص أؿٍ‪ٛ‬ة ِزبح شغػ‪ً١‬ب أِبَ‬
‫اٌذى‪ِٛ‬خ ف‪ ٟ‬دبي اٌزؼبًِ ِغ اٌجغثغ ]ؿىبْ أِغ‪٠‬ىب األصٍ‪ [ٓ١١‬ألْ اٌّغاص ِٓ ٘ظا االؿزجضاص ٘‪ ٛ‬رط‪٠ٛ‬غُ٘"‪On Liberty and Other ( .‬‬
‫‪ٚ‬أس‪١‬غا اصػبء ع‪ٚ‬ؿ‪ ٛ‬أْ "ّ٘ج‬
‫ً‬ ‫‪.Writings, ed. Stefan Collini (Cambridge: Cambridge University Press, 1989) p. 13‬‬
‫أِغ‪٠‬ىب ٌُ ‪٠‬ؼغف‪ٛ‬ا اٌؼعاػخ ‪ٚ‬ال ػٍُ اٌّؼبصْ‪ٌٙٚ ،‬ظا اٌـجت ثم‪ٛ‬ا ّ٘ج‪- ).Rousseau, Discourse on Inequality , p 116( ".‬وهذا ادعاء‬
‫باطل‪ .-‬هناك الكثير من المفكرين ذوي اآلراء المتعصبة خارج المجال الفلسفي‪ ،‬ومنهم مؤسسي الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬مثل توماس‬
‫جيفرسون الذي وصف األمريكيين بـ "حفنة من الهنود الهمج منعدمي الرحمة" في وثيقة االستقالل‪Richard Drinnon, Facing ( .‬‬
‫)‪ .West: The Metaphysics of Indian Hating and Empire Building New York: Meridian, 1980), p.332‬وفي العلوم‬
‫الغربية يخبرنا توماس مكارثي عن تشارلز داروين ‪ ":‬المدافعين عن داروين ينسبون سوء أفكاره عن األعراق والنساء لأليدولوجيات‬
‫الجاهلة في المجال البيولوجيي‪McCarthy, Race, Empire, and the Idea of Human Development. (UK: University ( ".‬‬
‫‪.)Press Cambridge, 2010), p. 75‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪3‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ .2‬أفكار كانط العرقية‪:‬‬

‫إف أوؿ األشياء اليت قد يالحظها القارئ يف أفكار كانط العرقية ىو اعترـ العرقي اظتمدرج‪،‬‬
‫حيث يضع كانط يف قاة اعترـ العرؽ األبيض بصفمو األعلى واألفضل وتليو بدرجات ممفاوتة‬
‫بقية األعراؽ‪.‬‬

‫على األرجح أف ىذا اعترـ العرقي ىو أوضع جانب يف أفكار كانط عن العرؽ‪ ،‬وابلرغم من‬
‫أحدا ال نتكنو أف ينكر حقيقة أف ىذا اعترـ‬
‫غاوض نواًي كانط لمصايم ىذا اعترـ وإطالقو إال أف ً‬
‫ينهض ابألفضلية للعرؽ األبيض‪.‬‬

‫نسمطيع أف نبدأ إبلقاء نظرةٍ سريعة على مقاؿ كانط "حوؿ األعراؽ اظتخملفة" اظتنشور عاـ‬
‫ووضح كيفية اخمالفو مع‬
‫‪6771‬ـ‪ ،‬حيث أ ّكد كانط يف ىذا اظتقاؿ على ثبوت ودنتومة العرؽ‪ّ ،‬‬
‫مفكرين آخرين مثل فولمَت‪ ،‬إذ كاف فولمَت يعمقد يف تعددية اصتينات‪ ،‬وىذه النظرية ابتت ػتل‬
‫ٍ‬
‫شك لدى غالبية العلااء يف عصران اضتارل‪.‬‬

‫مماسك ابلنظرية األحادية للجينات‪،‬‬


‫ٌ‬ ‫ويرجع ىذا االخمالؼ لكوف كانط رجل مسيحي وبذلك‬
‫فيخربان كانط‪" :‬كل البشر من كل ٍ‬
‫مكاف يف العادل يرجعوف (ينماوف) ٍ‬
‫ألصل واحد طبيعي‪ ،‬من‬
‫عامة‪ -‬نتكننا‬
‫خالؿ ىذا االحتاد لألنواع يف الطبيعة ‪-‬الذي يوازف بُت قوتو وأتثَته على األجياؿ ً‬
‫‪4‬‬
‫احدا يفسر كيف ينماي كل البشر لنفس اصتذور األحادية‪".‬‬
‫دليال و ً‬
‫أف نقدـ ً‬
‫تعقيدا فور دخوؿ عنصر شائك‬
‫كل شيء جيد حىت اآلف‪ ،‬لكن سرعاف ما تزداد اظتسألة ً‬
‫كاسألة العرؽ يف األمر‪ ،‬فبالرغم من اعًتاؼ كانط أف "الزنوج والبيض ليسا نوعُت ؼتملفُت من‬
‫البشر"‪ 5‬مبا أهنم ينماوف لنفس اصتذور‪ ،‬إال أهنم يمألفوف من أعراؽ ؼتملفة وممباينة؛ وبذلك يؤدي‬
‫ىذا إذل انقساـ رابعي من نوع اإلنساف‪ " :‬البيض‪ ،‬والزنوج‪ ،‬اعتونية (اظتنغوؿ وكلكااش)‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫‪Kant, On the Different Human Races. p46.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Ibid.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪4‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اعتندوش أو اعتندوسمانيش‪ 6".‬تكونت ىذه األعراؽ نميجة لمجا ٍع البذور واصتراثيم‪ ،‬فمطورت‬
‫مناخ مسمار عرب‬
‫بطرؽ ؼتملفة حسب الطبيعة اصتغرافية للاكاف‪ ،‬وحاظتا تمطور ىذه اصترثومة يف ٍ‬
‫‪7‬‬ ‫ٍ‬
‫عدد من األجياؿ؛ لمصبح اثبمة وغَت قابلة للمغيَت‪.‬‬

‫وصوال عت ذه النقطة يبدو أف كانط بٌت نظريمو على هن العلوـ الزائفة‪ ،‬اليت حتاوؿ فصل اإلنساف‬
‫ً‬
‫وتقسياو جملاوعات بيولوجية ؼتملفة‪ ،‬ولو كاف ىذا االهتاـ يف ػتلو؛ فإف نظرية كانط العرقية نتكن‬
‫جتاىلها كهرطقات من العلوـ الزائفة‪ ،‬ضعيفة األصل وال دخل عتا بفلسفمو األخالقية‪ ،‬لكن‬
‫لألسف أف تنماي ألحد غتاوعات كانط البيولوجية ال متربان ىذا عن اتريخ نسبك اصتغرايف‬
‫أيضا طبيعمك الشخصية وقيامك الذاتية من اظتنظور األخالقي‪ .‬مت حتديد‬
‫فحسب بل لتدد ً‬
‫المفاوت بُت طبقات ىرـ كانط العرقي حبسب اظتواىب الفطرية لكل عرؽ‪ ،‬ويشرح إيز ىذه‬
‫جيدا فيقوؿ‪:‬‬
‫النقطة ً‬
‫"اظتوىبة حسب اظتفاىيم الكانطية يف العرؽ واألخالؽ ىي عنصر تضانو الطبيعة للعرؽ األبيض؛‬
‫فهم األعلى مراتبًا فوؽ كل األنواع البشرية واظتخلوقات األخرى‪ ،‬يليهم بعد ذلك "الصفر"‪ ،‬مث‬
‫أخَتا "اضتُار"‪ .‬نتثل لوف البشرة عند كانط العامل الفارؽ الذي سيحدد ما إف كاف‬
‫"السود"‪ ،‬و ً‬
‫أيضا القدرة على‬
‫مسمقرا يف درجة عليا أو دنيا‪ ،‬ولتدد كذلك اظتوىبة من انعدامها‪ ،‬و ً‬
‫ً‬ ‫العرؽ‬
‫اسميعاب اظتنطق وإدراؾ الفكر األخالقي‪ .‬لذلك ال نتكن القوؿ أبف لوف البشرة عند كانط ما ىو‬
‫سوى غترد جزء بسيط يشكل اظتظهر اطتارجي‪ ،‬بل العرؽ ابلنسبة إليو مبثابة الدليل ٍ‬
‫ظتثل أخالقية‬
‫اثبمة وغَت قابلة للمغيَت‪ ،‬قد ُلترـ اإلنساف األسود على سبيل اظتثاؿ من وصفو كػ"إنساف كامل" مبا‬
‫‪8‬‬
‫أف اإلنسانية الكاملة لدى كانط تنطبق فقط على األوروبيُت البيض‪".‬‬

‫يصرح كانط بذلك يف كمابو "اصتغرافيا الطبيعية" حُت يقوؿ‪:‬‬


‫ّ‬

‫‪6‬‬
‫‪Ibid. 47‬‬
‫‪7‬‬
‫‪Ibid. 49-54.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪Eze, 119.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪5‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"تمجلى اإلنسانية بشكلها األمثل يف العرؽ األبيض‪ .‬اعتنود الصفر لديهم قدر أقل من اظتوىبة‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫مسموى بينهم ىم األمريكيوف‪".‬‬
‫ً‬ ‫الزنوج أقل من الصفر منزلة‪ ،‬واألدىن‬
‫وّ‬
‫فاثال‪ ،‬كشف كانط عن اتفاقو مع‬
‫يظهر ىذا األمر يف جوانب كثَتة من مؤلفات كانط األخرى‪ً ،‬‬
‫آراء ديفيد ىيوـ ونظرتو لألفريقيُت عاـ ‪6711‬ـ يف كمابو "مالحظات"‪:‬‬

‫"زنوج القارة األفريقية بطبيعمهم ال نتلكوف إحساسا يدفعهم لالرتقاء فوؽ المفاىة والوضاعة‪.‬‬
‫السيد ىيوـ يمحدى أف أييت أحد ٍ‬
‫مبثاؿ واحد على زؾت ٍي أظهر أدىن قدر من اظتوىبة‪ ،‬كاا أنو‬
‫يؤكد أف من بُت مئات األلوؼ من السود الذين انمقلوا من مواطنهم (وابلرغم من أف الكثَت منهم‬
‫احدا‪ ،‬أو يطرح ما فيو منفعة للاجاؿ العلاي‬
‫فردا و ً‬
‫أي منهم‪ ،‬ولو ً‬ ‫قد حترر من العبودية) دل يربز ٌ‬
‫ٍ‬
‫طبقات‬ ‫أو الفٍت‪ ،‬أو ممضانًا ظتا يسمحق اإلشادة بو‪ .‬وابلرغم من أف الكثَت من البيض كانوا من‬
‫‪10‬‬
‫فقَتة‪ ،‬فإنو من خالؿ مواىبهم الفذة انلوا مكانةً ػتًتمة يف العادل‪".‬‬

‫قد يصر القارئ أف كانط دل يقم إال ابسمعراض آراء ىيوـ اطتبيثة‪ ،‬لكن لألسف كانط ال يموقف‬
‫عند ىذا اضتد‪ ،‬فيكال الفقرة السابقة إبعطاء بعض النصائح‪:‬‬

‫"الفروقات بُت العروؽ اظتخملفة ] األبيض واألسود[ أساسية‪ ،‬ويظهر الفرؽ الكبَت بوضوح يف‬
‫تفاوت القدرات العقلية بقدر ما ىو واضح يف لوف البشرة‪ ".‬وبذلك " عبارة مثل (ىذا الرجل‬
‫تفسَتا منطقيًا ِدلَ نعمنا ما قالو الرجل األسود ابلغباء أو‬
‫ً‬ ‫أسود من رأسو ألستص قدميو) تعطي‬
‫‪11‬‬
‫اصتهل‪".‬‬

‫نصائح كانط ال تنمهي ىنا‪ ،‬بل يماادى بطرح اقًتاحات حوؿ الكيفية الصحيحة اليت كتب أف‬
‫آالما مضاعفة‪،‬‬
‫ُكتلد هبا السود "اسمخداـ عصا البامبو أفضل من السوط‪ ،‬حىت يعاين الزؾتي ً‬
‫‪9‬‬
‫الدع أْ "األِغ‪٠‬ى‪ "ْٛ١‬ال ‪ٕ٠‬زّ‪ ْٛ‬وٍ‪ً١‬ب ٌزمـ‪ّ١‬بد وبٔػ األعثؼخ ٌٍؼغق‪٘ٚ ،‬ظا لض ‪٠‬ؼ‪ٛ‬ص ٌٍذضؽ ‪ٌٍٚ‬زذ‪١‬ؼاد اٌّزجؼخ ٌزمـ‪ ُ١‬اٌؼغق‪ِٚ .‬غ طٌه‪،‬‬
‫‪٠‬م‪ٛ‬ي وبٔػ ف‪ ٟ‬وزبثٗ اٌؼغ‪ٚ‬ق اٌّشزٍفخ ٌإلٔـبْ ص‪ 64‬أٔ‪٠ ٌُ ْٛ٘" ُٙ‬زألٍّ‪ٛ‬ا ثؼض ِغ ث‪١‬ئز‪ ُٙ‬اٌذبٌ‪١‬خ‪ٕ٘ ".‬بن ادزّب ٌي آسغ‪ ،‬أْ رمـ‪ّ١‬بد وبٔػ لض‬
‫ٌىض‪١‬غ ِٓ اٌزصٕ‪١‬فبد اٌؼغل‪١‬خ‪ .‬دضص رمـ‪ّ١‬برٗ األعثؼخ ػبَ ‪ٚ ،َ5771‬ػبَ ‪ٚ َ5081‬ظغ األِغ‪٠‬ى‪ ٓ١١‬ف‪ ٟ‬إٌّؼٌخ األس‪١‬غح‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫رغ‪١‬غد وّب ‪٠‬ذضس‬
‫‪10‬‬
‫‪Kant, Observations on the feeling of the Beautiful and the Sublime, p111-113.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪Ibid.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪6‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فجلد الزنوج شتيك ولن تضنيو ضرابت السوط اطتفيفة‪ ،‬واضترص واجب يف حاؿ اسمخداـ‬
‫‪12‬‬
‫البامبو حىت ال نتوت‪".‬‬

‫من خالؿ ىذه المعليقات العنصرية واظتريعة يمضح أف كانط ال يرى أف كل البشر سواسية‪ ،‬لكن‬
‫ماىي اظتقومات اليت جتعل البيض أعلى مرتبةً يف نظره؟ يبدو أف اإلجابة تكان يف العقالنية‪ ،‬أو‬
‫فضال عن ذلك العقالنية الناقصة‪.‬‬
‫ً‬
‫فعندما يمحدث كانط عن أعر ٍاؽ أخرى نالحظ فورا اعمقاده أف ملكة العقل لديهم انقصة بطر ٍ‬
‫يقة‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫أو أبخرى‪ ،‬ونطرح ىنا اقمباس آخر من كماب اصتغرافيا الطبيعية‪ ،‬يقوؿ فيو كانط‪:‬‬

‫أمر مسمحيل؛ فهم ال نتلكوف دوافع حتفيزية‪ ،‬إذ تنقصهم العاطفة‬


‫"تثقيف األمريكيُت وتعلياهم ٌ‬
‫أيضا‪ ،‬ال يالطفوف بعضهم البعض‪،‬‬
‫والشغف‪ .‬ال يقعوف يف اضتب وبذلك ال يشعروف ابطتوؼ ً‬
‫‪13‬‬
‫جدا‪ ،‬ال يهماوف أبي شيء‪ ،‬وىم بطبيعمهم كساذل‪".‬‬
‫وكالمهم قليل ً‬
‫بعد ذلك يمطرؽ كانط لوصف السود‪ ،‬ويمحوؿ أسلوبو للمفاؤؿ إذ يرى أهنم قابلُت "للًتويض"‬
‫(غالبًا عن طريق المعذيب اصتسدي)‪:‬‬

‫دتاما؛ إهنم عطوفوف وشغوفوف‪ ،‬حيويّوف‬


‫"يسمطيع اظترء أف يصف الزنوج أبهنم عكس األمريكيُت ً‬
‫غتاؿ‬
‫أمر قابل للمحقيق‪ ،‬لكن كخدـ وعبيد فقط‪ .‬ىناؾ ٌ‬ ‫كثَتا‪ .‬تعلياهم ٌ‬‫جدا‪ ،‬ويمحدثوف ً‬ ‫ً‬
‫س‬ ‫ِ‬
‫لًتويضهم وتدريبهم‪ ،‬فهم نتلكوف دوافع حتفيزية كاا أهنم حساسوف للغاية‪ ،‬وألف لديهم ح ٌ‬
‫‪14‬‬
‫ابلكرامة والشرؼ فهم متافوف اصتَلد‪".‬‬

‫كثَتا من طبيعة البيض‪ ،‬لكن حدودىم‬


‫أما ابلنسبة للهندوسيُت‪ ،‬يقوؿ كانط أف طبيعمهم تمقارب ً‬
‫تظهر عندما أتيت اظتسألة لمعلم العلوـ‪ .‬فيصفهم كانط كالمارل‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫‪Kant’s Physische Geographie in The Racism of Kant and Hegel, p264 .Translated by Emmanuel Eze.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Physische Kant’s philosophishe Anthropologie: Nach handschriften Vorsleungen from Kant’s‬‬
‫‪p353. Translated by Emmanuel Eze. Geographie,‬‬
‫‪14‬‬
‫‪Ibid. Translated by Emmanuel Eze.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪7‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"دوافعهم المحفيزية قوية لكنهم يقفوف عند حد معُت من الكاوف‪ .‬رتيعهم يبدوف كالفالسفة‪،‬‬
‫ومع ذلك نتكن القوؿ أهنم ميّالوف ظتشاعر الغضب واضتب‪ ،‬وىذا سبب تفوقهم يف المعليم‬
‫ٍ‬
‫غتاالت معينة كالفنوف‪ ،‬أما إجادة العلوـ فليست من‬ ‫ٍ‬
‫بدرجات عالية‪ ،‬لكن تفوقهم يقمصر على‬
‫ؽتيزاهتم‪ ،‬فقدراهتم ال تسع لفهم النظرًيت واألفكار اجملردة‪ .‬الرجل اعتندوسماين الناجح ىو من‬
‫مبكرا‬
‫صل ظتنزلة رفيعة يف الفنوف اظتضللة وحصل على ثروة طائلة‪ ،‬وعلى الرغم من بدء تعلياهم ً‬
‫َو َ‬
‫‪15‬‬
‫دائاا ما يبقوف على حاعتم‪ ،‬فيصلوف ظترحلة ػتدودة من المقدـ ليقفوا عندىا‪".‬‬
‫إال أهنم ً‬
‫سرعاف ما سيالحظ القارئ عدـ إدراج كل األعراؽ حتت تصنيفات كانط الثالث‪ :‬اعتندوس‪،‬‬
‫ماا سمكوف نظرتو دونية‪ .‬عندما‬
‫مغايرا عنهم‪ ،‬فح ً‬
‫والزنوج‪ ،‬واألمريكيُت‪ .‬لكنٍت أشك أف لديو ر ًأًي ً‬
‫حتضرا‪،‬‬
‫حتدث عن جزيرة اتىييت قاؿ كانط‪" :‬دل يقم سكاف اتىييت بزًيرة مناطق أخرى أكثر ً‬
‫آلالؼ من القروف‪ .‬ال يسمطيع أي شخص أف يقدـ‬ ‫ٍ‬ ‫مقدر عتم أف يعيشوا يف ستوعتم‬
‫وىكذا ٌ‬
‫إجابة مرضية للسؤاؿ ِ(دلَ ىم موجودين يف األساس؟) فاضتاؿ لن يمغَت سواء كانوا سكاف ىذه‬
‫‪16‬‬
‫رجاؿ منشغلوف ابظتمعة فقط‪".‬‬
‫اصتزيرة غتاوعة من اطتراؼ واظتاشية أو ٌ‬
‫على ما يبدو أف العرؽ الوحيد القادر على اسمحواذ اظتلكة الكلية للعقل والثقافة يف نظر كانط‬
‫ىو العرؽ األبيض‪ .‬متربان كانط "العرؽ األبيض بطبيعمو نتملك كل اظتواىب والدوافع‪ ،‬لذلك ىو‬
‫‪17‬‬
‫يسمحق اظتعاينة والدراسة عن كثب أكثر من غَته‪".‬‬

‫بعد أف ذكران كل ما سبق قد كتيب من يدافع عن كانط على أنو ابلرغم من وجود تفاوت يف‬
‫عادال أماـ‬
‫اعمبارا ً‬
‫بشرا وبذلك يسمحقوف ً‬
‫اظتواىب والقدرات الذىنية بُت األعراؽ فإهنم ال يزالوف ً‬
‫القانوف األخالقي‪ .‬رغم كوف السود كساذل وأضعف ذىنيًا حسب رأي كانط‪ ،‬فإنو يف نفس‬
‫الوقت عندما نقارف بُت عبقر ٍي أبيض وقريب لو أقل منو يف اظتسموى الفكري ال يُهاجم ىذا‬
‫‪15‬‬
‫‪Ibid. pp353-54. Translated by Emmanuel Eze.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪Beck, Lewis. “Kant on History.” Reviews on Herder’s Ideas for a philosophy of the history of mankind.‬‬
‫‪Bobb-Merrill Publishing, Indianapolis. (1963) pp 50-51.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪Quoted by Starke in Kant’s philosophishe Anthropologie: Nach handschriften Vorsleungen from Kant’s‬‬
‫‪Physische Geographie, p353. Translated by Emmanuel Eze.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪8‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫رد مقبوؿ‪ ،‬لكٍت‬


‫القريب على مسمواه األدىن‪ ،‬وال يزاؿ يمساوى مع العبقري أماـ القانوف‪ .‬ىذا ٌ‬
‫اخمالؼ بُت‬
‫ٌ‬ ‫طرحو سيثبت أي شيء يف حاؿ المطبيق الفعلي‪ ،‬فهنالك‬ ‫غَت ممأكد إف كاف ما ُ‬
‫عادال أماـ القانوف وبيناا أف تمم معاملمك بمايي ٍز فور تطبيق ىذا القانوف‬
‫اعمبارا ً‬
‫كونك تسمحق ً‬
‫العادؿ‪ .‬يقوؿ كانط عندما يناقش الفرؽ بُت الواجبات لغَتؾ من البشر‪ ،‬وبُت واجبك جتاه‬
‫اآلخرين حسب اخمالؼ حاالهتم‪:‬‬

‫"ال حتماج واجبات الفضيلة لفصل خاص هبا يف نظاـ األخالؽ؛ مبا أف الفضيلة ال تمضان أي‬
‫إلزٍاـ أخالقي ابلكيفية اليت هبا يعامل البشر بعضهم البعض‪ ،‬فملك األخالقيات ما ىي إال غترد‬
‫طبقا الخمالؼ اضتاالت اليت يطبق عليها مبدأ الفضيلة‪ ،‬وىذه اضتاالت‬
‫قواعد ػتسنة وجدت ً‬
‫تروى عن جتارب واقعية ؽتا كتعل لمطبيق مبدأ الواجبات الفضيلة نمائ ٌ ؼتطط عتا‪ ،‬وتقدـ‬
‫كأخالقيات عالية جاىزة لإلسمعااؿ‪ .‬كيف على اظترء أف يمصرؼ جتاه الشخص الصاحل أو‬
‫عامل الناس حسب تفاوت منازعتم سواء كاف‬
‫الفاسق؟ جتاه اظتثقف أو اظتمخلف؟ كيف كتب أف يُ َ‬
‫من انحية جنسية أو عارية أو الثراء أو الفقر‪...‬إخل‪ .‬ىذا النوع من األسئلة ال كتعلنا نموسع يف‬
‫األنواع اظتخملفة لإللزامات األخالقية (فهي يف األساس نوعٌ واحد أال وىو الفضيلة)‪ ،‬وإفتا يوضح‬
‫‪18‬‬
‫لنا فقط األساليب المطبيقية عتا"‬

‫أتشارؾ مع توماس مكارثي يف شكوكو حوؿ ىذه اضتاالت اظتخملفة اليت تطبق عليها نظريمو‬
‫أساسا‪ ،‬فهذه اضتاالت إما جتعل المعامل مع العرؽ كقضية خاصة أو‬
‫تدخل فيها مسألة العرؽ ً‬
‫‪19‬‬
‫ولست أرى‬
‫ُ‬ ‫يدرجها حتت حالة أخرى‪ ،‬فيعاملها كصفات مثل المخلف والفساد األخالقي‪.‬‬
‫عادال‪،‬‬
‫اعمبارا أخالقيًا ً‬
‫أي قياة يف اضترص على المأكيد أف األعراؽ (غَت البيض) يسمحقوف ً‬
‫خاصةً عندما يُطبق ىذا القانوف من خالؿ عالية ؼتططة النمائ ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪Kant, The Metaphysics of Morals. §45.‬‬
‫‪19‬‬
‫‪McCarthy. P46.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪9‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بعد أف قانا مبعاينة آراء كانط حوؿ العرؽ بوسعنا اآلف أف نعاين اظتواقف اظتخملفة اليت قد‬
‫يمخذىا القارئ للمعامل مع ىذه األفكار كجزء من سياؽ فلسفة كانط‪ ،‬حيث سنبدأ بذكر‬
‫انمقاال إذل أخرى اثبمة اضتكم‪ ،‬وننظر يف تلك اإلشكاليات من وجهة نظر‬
‫اظتواقف الشائكة ً‬
‫أخالقية وتربوية‪.‬‬

‫‪ .3‬اإلنكار‪ :‬انعدام التوافق بني الفلسفة األخالقية والشخصية‬

‫اظتوقف األوؿ الذي قد يمخذه القارئ جتاه آراء كانط العرقية ىو إنكار كوهنا تعكس جانبًا من‬
‫شخصيمو‪ .‬قد يفًتض القارئ ابلطبع أف كانط كمب الكثَت من اعتراء واعترطقات‪ ،‬لكن ال نتكن‬
‫مبعٌت ما‪ ،‬ينكر أصحاب ىذا اظتوقف عنصرية كانط من األساس بسبب كونو‬
‫وصفو ابلعنصرية‪ً .‬‬
‫فيلسوفًا أخالقيًا؛ فهذا عال يضان نزاىة وصدؽ صاحبو‪ ،‬وىذه صفات ال تنطبق على‬
‫العنصريُت‪.‬‬

‫من انحية نظرية‪ ،‬ال يوجد أي فرصة لكانط أف يمسم ابلعنصرية يف ظل فلسفمو اليت وضعها‪َ .‬من‬
‫يمخذ ىذا اظتوقف قد يشَت إذل مساقتات كانط يف اظتناىضة حبق اإلنساف أو ما قالو عن المفرقة‬
‫بُت اإلنساف واصتااد‪ ،‬االىمااـ الكبَت الذي أواله لألخَت على وجو المحديد‪ .‬على سبيل اظتثاؿ‪،‬‬
‫يف كماب األنثروبولوجيا من وجهة نظر براغااتية يقوؿ لنا كانط‪:‬‬

‫فورا فوؽ كل اظتخلوقات األخرى‪ .‬فهذا ما كتعلو إنساان‪.‬‬


‫"حقيقة أف اظترء و ٍاع بفكرة األان ترفعو ً‬
‫ومن فضائل ىذا الوجود الواعي يبقى اإلنساف نفس الشخص مهاا تكن المقلبات اليت تلم بو‪.‬‬
‫غتاوع من الصفات ىو ما كتعلو قادر‬
‫ٍ‬ ‫ذات مدركة بسبب كراممو وتفوقو‪ ،‬اسمحواذه على‬ ‫فهو ٌ‬
‫‪20‬‬
‫على تطويع اضتيواف الغَت عاقل ليفرض سلطانو عليو ولتكاو‪".‬‬

‫ابخمصار‪ ،‬ما يقولو أصحاب ىذا اظتوقف ىو أف كل اظتؤلفات واألقاويل العنصرية اليت وردت عن‬
‫كانط تسقط أماـ فلسفمو األخالقية‪ ،‬فال يُعقل أف نموقع أف يثبت الفيلسوؼ دوف زلة أو تناقض‬
‫‪20‬‬
‫‪Kant, Anthropology from a Pragmatic Point of View, p9. Hereafter cited as Anthropology.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪10‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫نعُت أقاويل كانط العنصرية كأخطاء أو اؿترافات البد من‬


‫يف كل مؤلفاتو‪ .‬لذلك علينا أف ّ‬
‫جتاىلها أماـ فلسفمو‪ .‬عالوًة على ذلك‪ ،‬عندما ننظر لشخصية كانط نرى أهنا تعكس فلسفمو‬
‫األخالقية وليس فكره العرقي‪ ،‬وىذا ما كتب أخذه بعُت االعمبار‪.‬‬

‫أوال‪ ،‬ىناؾ مشكلمُت يف ىذا اظتوقف ويف اضتج اليت يذرع هبا‪ ،‬فبدايةً كانت معظم ػتاضرات‬ ‫ً‬
‫اضحا ِدلَ كتدر بنا‬
‫كانط عن األنثروبولوجيا واصتغرافيا أكثر منها عن الفلسفة‪ ،‬وعتذا السبب ليس و ً‬
‫أف نعمرب أفكار كانط العرقية كػ"اؿترافات" ال تمناسب مع نظرًيتو األخالقية‪ .‬نسمطيع أف نطرح‬
‫مهاا‪ :‬ىل فتلك أي سبب يدفعنا لمجاىل اعمبار العكس؟ وأف نظرًيت كانط‬ ‫ىنا سؤ ًاال ً‬
‫األخالقية ماىي إال اؿترافات ال تمناسب مع أفكاره العنصرية؟‬

‫اثنيًا‪ ،‬قراءة مؤلفات كانط واإلصرار على اسمحالة كونو ممعصبًا جملرد قولو أف كل الناس‬
‫جتاىل اتـ ظتقصد اضتديث ىنا‪ ،‬فإف اظتقصد ىو على األرجح‬
‫ٌ‬ ‫يسمحقوف االحًتاـ واظتساواة يُعمرب‬
‫أصال‪ .‬دايفيد ليفنجموف شتيث يعلق‬
‫أف كانط ال يعمرب َمن يعيش خارج اجملماعات األوروبية بشرًّي ً‬
‫نظرا‬
‫على ىذه النقطة بقولو أف اظتركزية العرقية قد تؤدي إذل حصر تصنيف اظترء ظتا يعمرب إنساان‪ً ،‬‬
‫ألف ليفنجموف يعيش يف غتماع مشابو لكانط‪:‬‬

‫" من المعابَت اظتمطرفة عن المعصب أو اظتركزية العرقية ىو االعمقاد أبف أبناء ثقافمك وغتماعك ىم‬
‫ظ‬
‫الح َ‬
‫البشر الوحيدوف‪ .‬فرانمز بوس ‪-‬الذي ينسب لو أتسيس األنثربوبوصتيا الثقافية اظتعاصرة‪َ -‬‬
‫أنو من بُت اصتااعات البدائية ال يُ َكرـ أحد مبساى البشر إال أبناء القبائل‪".‬‬
‫ٍ‬
‫فحص سريع للقبائل األمريكية نفهم ما يرمي إليو بوس‪ .‬الكثَت من تلك القبائل مبن‬ ‫من خالؿ‬
‫فيهم إنويت‪ ،‬اتانينا‪ ،‬تشيبواف‪ ،‬انفاجو‪ ،‬كوتشُت‪ ،‬إنو‪ ،‬كالماث‪ ،‬أابش‪ ،‬مانداف‪ ،‬كومانش‪ ،‬أوت‪،‬‬
‫ىورؾ‪ ،‬شيُت ( ‪Inuit, Tanaina, Chipewyan, Navajo, Kutchin,‬‬
‫‪InnuKlamath, Apache, Mandan, Comanche, Ute, Hurrok,‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪11‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ )and Cheyenne‬يُساوف أنفسهم "البشر"‪ ،‬كاا يفعل األظتاف اظتعاصرين؛ فكلاة‬


‫‪21‬‬
‫)‪ (Deutsch‬ترجع للغات اعتندوأوروبية ومعناىا "البشر"‪.‬‬

‫مالؾ‬
‫اعمبارا بملك اظتعلومة فنحن نرجح احمااليّة أف كانط كاف يقصد الرجاؿ األوروبيوف األغنياء ّ‬
‫ً‬
‫‪22‬‬
‫مكرمُت"‪ .‬فكانط دل يغادر حدود كوينزبَتج طواؿ حياتو وقد‬
‫األراضي حُت قاؿ‪" :‬كل البشر ّ‬
‫‪23‬‬
‫عامال مؤثر يف نظرتو ظتن يُعد إنساان‪.‬‬
‫يكوف ىذا ً‬
‫قد يهمم القارئ مبعرفة أف اظتفكرين من اظتذىب اظتساوي (اظتفكروف اظتساويوف) يف الوالًيت‬
‫ٍ‬
‫لدرجة أعاق؛‬ ‫اظتمحدة األمريكية الزالوا ممساػتُت مع العنصرية‪ ،‬وىذه اضتقيقة تضعف اظتوقف‬
‫فعلى سبيل اظتثاؿ‪ ،‬توماس جيفرسوف أحد مؤسسي الوالًيت اظتمحدة‪ ،‬ادعى اظتساواة للجايع يف‬
‫ٍ‬
‫بشكل كامل على‬ ‫وثيقة االسمقالؿ مث تشوىت شتعمو بعد أف ظهر للعلن أنو نتملك مزارع قائاة‬
‫عاالة العبيد‪ .‬ختلى العديد من اظتبطلُت عن اسمَتاد العبيد من أفريقيا خوفًا من احمااؿ "إغااؽ‬
‫أمريكا"‪ .‬اعًتض بينجامُت فرانكلُت ‪-‬أحد أوائل اظتبطلُت يف اتريخ الوالًيت اظتمحدة‪ -‬على‬
‫المجارة ابلعبيد واسمَتادىم لدرجة أنو ذىب لقوؿ "ظتاذا نزيد عدد بٍت أفريقيا بمأصيلهم يف‬
‫أمريكا؟ بيناا أمامنا الفرصة إلبعاد كل السود والثيواف خارج البالد‪ ،‬فمزداد نسبة البيض‬
‫واضتار‪ 24".‬إف كنا نعمقد العنصرية يف ىؤالء اظتفكرين اظتشهورين‪ ،‬فباقدوران أف نعمقد ابظتثل يف‬
‫حالة كانط‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪Smith, p. 58. F. Boas, “Individual, Family, Population and Race,” Proceedings of the American‬‬
‫‪Philosophical Society. vol. 87, no 2 (1943): 161.‬‬
‫ِالن األعاظ‪ِ ٟ‬زـ‪ٛ‬ا‪ .ٓ٠‬رزعخ عؤ‪٠‬خ وبٔػ اٌـٍج‪١‬خ ٌجؼط‬ ‫‪22‬لض ‪٠‬ؼزغض اٌجؼط ‪٠ٚ‬م‪ٛ‬ي أٔٗ ثبٌٕـجخ ٌىبٔػ ٌ‪١‬ؾ وً اٌغجبي األ‪ٚ‬عث‪ ْٛ١‬ا‬
‫األ‪ٚ‬عث‪ ٓ١١‬ف‪ ٟ‬وزبثٗ ِالدظبد د‪ ٓ١‬لبي‪" :‬اٌ‪ٛٙ١‬ص‪ٚ ،‬األرغان‪ٚ ،‬األؿجبْ جبٍ٘‪ ْٛ‬ثبٌض‪ٓ٠‬؛ ‪ ُ٘ٚ‬أ‪٠‬عًب غض ااع‪ ٓ٠‬ئْ سبف‪ٛ‬ا ‪ٚ‬غغبح ف‪ ٟ‬دىّ‪.ُٙ‬‬
‫اٌ‪ٌٕٛٙ‬ض‪٠ ٓ١٠‬زىجغ‪ٌ ْٚ‬ضغاءُ٘‪ٚ ،‬اإلٔجٍ‪١‬ؼ ِ‪ٛٙ‬ؿ‪ ْٚٛ‬ثبٌـٍطخ ‪ٚ‬اٌذغ‪٠‬خ‪ .‬اغزغاع ٘ظٖ األُِ ثـٍطبٔ‪ٙ‬ب اٌؼظ‪ ُ١‬اٌظ‪ ٞ‬أص‪ ٜ‬ئٌ‪ ٝ‬اٌىجغ‪٠‬بء‪...‬اٌىض‪١‬غ ِٕ‪ُٙ‬‬
‫‪ٕ٠‬زّ‪ٌ ٟ‬طجمخ إٌجالء ‪٠ٚ‬جض‪٠ ِٓ ْٚ‬ط‪١‬ؼ‪ ِٓ ُٙ‬إٌبؽ‪ٚ ،‬لض ‪٠‬ى‪ ْٛ‬ؿجت اٌطبػخ اٌج‪ٚ ًٙ‬اٌزٍّك ِؼًب‪ٚ .‬اٌذبي ٔفـٗ ‪ٕ٠‬طجك ػٍ‪ ٝ‬اٌج‪ٌٕٛ‬ض‪".ٓ١٠‬‬
‫(‪181554‬‬
‫‪23‬رفـغ ٘بٔب أع‪ٕ٠‬ضد لٍخ ؿفغ وبٔػ أٔٗ أِغ ئ‪٠‬جبث‪ ٟ‬ثطغ‪٠‬م ٍخ ِب "رزعخ ػؼ‪ّ٠‬خ وبٔػ ف‪ ٟ‬ر‪ٛ‬ؿؼخ ئصعاوٗ ِٓ اجز‪ٙ‬بصٖ ف‪ ٟ‬رؼٍ‪ ُ١‬اٌجغغاف‪١‬ب اٌطج‪١‬ؼ‪١‬خ‬
‫ػغف غغق ‪ٚ‬ش‪ٛ‬اعع ٌٕضْ ‪ٚ‬ئ‪٠‬طبٌ‪١‬ب؛ ‪٠‬م‪ٛ‬ي وبٔػ أْ ال ‪ٚ‬لذ ٌض‪ٌٍ ٗ٠‬ـفغ ألٔٗ‬ ‫ثٕ‪ ُٙ‬وً رمبع‪٠‬غ اٌغدالد ‪ٚ‬اٌـفغ‪ِٕٙٚ ،‬ب َ‬
‫ف‪ ٟ‬اٌجبِؼخ‪ .‬وبْ ‪٠‬مغأ ٍ‬
‫وض‪١‬غا ػٓ ِشزٍف اٌجٍضاْ‪(Arendt, Hannah. Lectures on Kant’s Political Philosophy. Chicago, The ".‬‬ ‫أعاص أْ ‪٠‬مغأ ً‬
‫‪(1992) P, 44). Press. Harvester‬‬
‫‪Black, 24 Franklin. Observations Concerning the Increase of Mankind. (1751), quoted in Jordan, White over‬‬
‫‪p.143.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪12‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يف النهاية‪ ،‬اظتشكلة األساسية يف ىذا اظتوقف تماثل يف تغاضيو عن مؤلفات كانط اليت تمضان‬
‫اسمغفاؿ غشيم وال يصدؽ‪ ،‬ولو كانت عنصرية كانط ػتدودة يف‬
‫ٌ‬ ‫أفكاره ونظرًيتو العرقية؛ فذلك‬
‫مناضال على‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫تعليقات عرضية قد يسمطيع القارئ حينها القوؿ أبف كانط دل يكن عنصرًّي‬ ‫بضعة‬
‫األقل‪.‬‬

‫لكن كاا ذكران‪ ،‬عنصرية كانط منهجية‪ ،‬وقد تكوف األشد تعصبًا قبل ظهور العلوـ العنصرية اليت‬
‫مؤثرا‬
‫عنصرا ً‬
‫تبلورت يف منمصف القرف الماسع عشر‪ .‬إذ وصل تعصب كانط لدرجة أصبح فيها ً‬
‫‪25‬‬
‫على فريدريك بلومينباخ الذي غالبًا ما يعمرب كواضع ظتفهوـ العرؽ يف اجملاؿ البيولوجي‪.‬‬

‫أخَتا‪ ،‬يقًتح أصحاب ىذا اظتوقف أف نضع مسألة ما إف كانت آراء كانط اظتمعصبة تعكس‬ ‫ً‬
‫شخصيمو أـ ال‪ ،‬فهذا أمر ال دخل لو ابظتوضوع‪ .‬ما كتب على الفيلسوؼ أو اظتفكر الًتكيز فيو‬
‫ىو ما إف كانت ىذه العنصرية اظتزعومة تؤثر يف فلسفمو األخالقية وليس يف شخصيمو وسلوكو‪.‬‬

‫لدي رداف على ىذا االقًتاح‪ ،‬أوعتاا‪ -:‬علينا أف نلغي من األساس فكرة أف شخصية كانط ال‬
‫دخل عتا بفلسفمو‪ ،‬والسكوت عن ىذه الفكرة قد يؤدي إذل اسمنماجات مضللة‪ .‬إف كاف القارئ‬
‫داع لطرحها أو المطرؽ عتا يف‬
‫يرى أف شخصية كانط ال عالقة عتا بنظرًيتو‪ ،‬فلن يكوف ىناؾ ٍ‬
‫الدراسات األكادنتية‪ ،‬ومع ذلك فإف ىذا النقص يف الدافع لتال إقحامات تربوية‪ .‬خاصةً أنو قد‬
‫شعورا ابطتيانة‬
‫يؤدي إذل اعمقاد الطالب أف كانط دل يكن عنصرًًي‪ ،‬ويف النهاية سيخاجل الطالب ً‬
‫واطتيبة بعد أف يكمشفوا حقيقة كانط خارج اظتنه الدراسي‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫بدال‬
‫اثنيهاا‪ -:‬ال أعمقد أنو من اضتكاة تطبيق مقولة "مات اظتؤلف" حبذافَتىا‪ ،‬فيجدر بنا ً‬
‫عن ذلك أف أنخذ بنصيحة نيمشو ونعامل ما كمبو اظتؤلف كسَتة ذاتية مسملهاة من قياو ومبادئو‬

‫‪ٌ 25‬الغالع ػٍ‪ ٝ‬رأص‪١‬غ وبٔػ ػٍ‪ ٝ‬ثٍ‪ِٕٛ‬جبر أظغ ف‪J.H. Zammito, “Policing Polygeneticism In Germany, 1775”, and ٟ‬‬
‫‪Bernasconi, “Kant on Blumenbach’s Polyps”, both in Larrimore (ed.) The German Invention of Race, pp.‬‬
‫‪35-54 and 73-90‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪13‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اطتاصة‪ 27.‬حقيقة وجود جانب عنصري من شخصية كانط من شأهنا تعايق معرفمنا بفلسفمو‬
‫ممسرعا كاسألة ال عالقة عتا ابظتوضوع‪ .‬ال أقصد‬
‫ً‬ ‫األخالقية وليس على القارئ أف يمجاىلها‬
‫أيضا أف عنصرية كانط ىي‬
‫اجب علينا ػتو فلسفة كانط جملرد كونو عنصرًًي‪ ،‬وال أعٍت ً‬
‫بقورل أنو و ٌ‬
‫كقراء‬
‫العامل الذي لتدد قياة فلسفمو األخالقية ابلعكس‪ ،‬فإف معيار اضتكم ىنا ىو أتكيد قدرتنا ّ‬
‫على توظيف شخصية الكاتب كالدليل اظترشد لإلتياف ابلمفسَتات اظتموقعة حسب نية الكاتب‪،‬‬
‫وهبذه الطريقة تصبح شخصية اظتؤلف اظترشد األساسي ظتبادئ فكره‪.‬‬

‫‪ .4‬اإلعتذار عن اإلخفاقات التارخيية‪:‬‬


‫ٍ‬
‫كانعكاس لشخصيمو‪ ،‬وال ننكر‬ ‫موقف آخر مماح أماـ القارئ ىو االعًتاؼ بعنصرية كانط‬
‫ٌ‬
‫ؿتالو مسؤولية شناعة أقوالو‪ 28.‬ىذا اظتوقف‬
‫أيضا على مساػتمو وأال ّ‬
‫تعصبو فقط بل نصر ً‬
‫نماج لطبيعة الظروؼ اليت عايشها؛‬
‫أي أنو مثل كثُػَر يف ذاؾ الوقت‪ ،‬غترد ٍ‬
‫يمضان ترب ًيرا لكانط‪ّ ،‬‬
‫فلقد كاف مقدر لو أف يمبٌت ىذه األفكار اظتاحقة بطر ٍ‬
‫يقة ما أبي ٍ‬
‫حاؿ من األحواؿ؛ ففي آخر‬ ‫ٌ‬
‫اظتطاؼ كل ما عرفو كانط وكثر من أمثالو عن األعراؽ وقمها مسمقى من منشورات الرحالت‬
‫يكونوا صورة ذىنية أخرى تقف يف وجو األفتاط السطحية؟‪ 29‬فان الظلم‬
‫اظتضللة‪ ،‬فكيف عتم أف ّ‬
‫أف ؿتالو كامل مسؤولية أفكاره العنصرية‪ ،‬كوف ذلك يُعد إجحافًا يف حق رجل مفكر وابرع‪،‬‬
‫ٍ‬
‫كمفاصيل بسيطة قد تطرؽ عتا يف حياتو وال كتب أف نوليها أدىن‬ ‫كتب أف يُنظر لفلسفمو العرقية‬
‫اىمااـ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫٘ظٖ اٌفىغح ِأس‪ٛ‬طح ػٓ ع‪ٚ‬الٔض ثبطعػ ِٓ ِمبٌٗ "ِ‪ٛ‬د اٌّإٌف" د‪١‬ش ٔبلش فىغح فصً ٔ‪ٛ‬ا‪٠‬ب اٌّإٌف ػٓ ػٍّٗ‪Barthes, Roland. .‬‬
‫‪Image, Music, Text. Hill and Wang Publishing, (1977). Pp 142-149‬‬
‫‪27‬‬
‫‪Nietzsche, Frederich. Beyond Good and Evil (§6). trans. Walter Kaufman. See also, William Earle,‬‬
‫‪"Philosophy as Autobiography," Public Sorrows and Private Pleasures, Indiana University Press, (1976).‬‬
‫‪28‬‬
‫أػ‪ ٟ‬أْ ٕ٘بن أوضغ ِٓ ؿجت "ٌ ئال ٔذٍّٗ اٌّـإ‪١ٌٚ‬خ" ‪ٚ‬أْ ‪ٚ‬عاءٖ ػ‪ٛ‬اًِ ػض‪٠‬ضح ِٓ شأٔ‪ٙ‬ب أْ رّٕؼٕب ِٓ ٔـج‪ٙ‬ب ٌىبٔػ‪ .‬وبٔػ ثبٌطجغ ٌ‪١‬ؾ د‪ٟ‬‬
‫ً‬
‫‪ِ ٞ‬ـإ‪١ٌٚ‬خ ؿ‪١‬جؼً ِٓ ػٕصغ‪٠‬زٗ ِؼٍمخ ف‪ ٟ‬اٌزبع‪٠‬ز ص‪ِ ْٚ‬ضاْ‪.‬‬ ‫اٌ‪ٚ ،َٛ١‬ػضَ رذّ‪ ٍٗ١‬أ ُّ‬
‫‪29‬‬
‫‪See footnote 21. Kant was an avid reader of travel brochures.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪14‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أرى الضعف يف ىذا اظتوقف من نو ٍاح عدة؛ فبدايةً‪ ،‬تذىب توقعاتنا يف كث ٍَت من األحياف أف‬
‫يرتقي الفالسفة بفكرىم ويمخطوا حدود زماهنم والمعصبات الرائجة فيو‪ ،‬فنحن نموقع األفضل من‬
‫ىؤالء اظتفكرين ‪-‬أو الفالسفة األخالقيُت على وجو اطتصوص‪ -‬أكثر من الشخص العادي‪.‬‬

‫أحد أىم األفكار اليت تناوعتا فالسفة عصر المنوير ىي أف اإلنساف قادر على ختطي حدود زمانو‬
‫َعرب المفكَت والمأمل‪ ،‬سواء كانت اظتعايَت اليت وضعاهنا للفالسفة األخالقيُت أعلى من معايَتان‬
‫مربر لو أـ ال‪ ،‬وىذا سؤاؿ مفموح اإلجابة وقابل للنقاش‪ ،‬لكن كانط‬ ‫للشخص العادي عا ٌل ٌ‬
‫وعدا‬
‫كتيب بنفسو عن مدى قدرتنا على ختطي اضتدود الفكرية للوقت الذي نعايشو‪ ،‬ويقدـ ً‬
‫يمفق مع سائر ذويو المنويريُت‪:‬‬

‫"االسمنارة ىي جتلي اظترء عن فجاجمو‪ .‬قلة النض ىي عدـ قدرة اظترء على اسمخداـ مفاىياو‬
‫اطتاصة دوف إرشاد من اآلخرين‪ .‬ىذه الفجاجة سببها الشخص نفسو‪ ،‬ألهنا ليست منطلقة من‬
‫قل فهم‪ ،‬بل منطلقة من ٍ‬
‫نقص يف المصايم‪ .‬وىذا النقص لتوؿ بُت اظترء وبُت المحلي ابلشجاعة‬
‫إرشاد خارجي‪ .‬فشعار مفكري عصر المنوير‬‫الالزمة السمخداـ اظتفاىيم اليت قاـ بمكوينها دوف ٍ‬
‫‪30‬‬
‫حكياا" حتلى ابلشجاعة الكافية السمخداـ عقلك‪".‬‬
‫ً‬ ‫ىو "جترأ وكن‬

‫أصحاب ىذا اظتوقف يعًتضوف بنفس أسلوب سابقيهم حوؿ مسألة ما إف كاف كانط مسؤوؿ‬
‫عن عنصريمو أـ ال‪ ،‬وتلك قضية ال عالقة عتا بفلسفمو األخالقية‪ .‬ىذا االعًتاض يصفح عن‬
‫الموسط يف االلمزاـ ابألخالقيات‪ ،‬حىت وإف كاف الموسط يف األخالؽ يمعارض بوضوح مع‬
‫أخالقي وتربوي للحفاظ على اظتعايَت األخالقية وتعاياها‬
‫ٌ‬ ‫فشل‬
‫مؤلفات الفيلسوؼ نفسو‪ .‬وىذا ٌ‬
‫مغفور لو‬
‫انطباعا أبف ىذا النوع من األخطاء ٌ‬
‫ً‬ ‫على رتيع الفالسفة‪ ،‬ويعطي طالب الفلسفة اصتدد‬
‫ومقبوؿ كليًا‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪Kant, Immanuel. An Answer to the Question: “What is Enlightenment?” London, Penguin Books.‬‬
‫‪(2009). P. 1.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪15‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أيضا تقصَتٌ يف اإلشارة حملدودية مصادر كانط الذي كاف يكمفي مبنشورات السفر اليت‬
‫ىناؾ ً‬
‫ُعرفت بناطيمها منذ ذاؾ الوقت لدرجة أف كانط نفسو اعًتؼ بضعف دقمها‪ ،‬إذ يقوؿ مكارثي‪:‬‬

‫"كاف كانط يمكالب على قراءة تقارير الرحالت كافة‪ ،‬سواء كانت مكموبة من قبل مسمكشفُت‪،‬‬
‫أو جتار‪ ،‬أو مبشرين‪ ،‬أو مسموطنُت‪ ،‬أو من كاف على اتصاؿ مباشر مع ٍ‬
‫نفوذ من خارج البالد‪.‬‬ ‫َ‬
‫كانت ىذه المقارير حينها اظتصدر األساسي يف أورواب ظتعرفة طبيعة البلداف الواقعة وراء البحر‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫وقد ح ّذر كانط مر ًارا من ضعفها‪ ،‬إال أنو اسمند إليها يف أفكاره العرقية‪".‬‬

‫ولسوء حظ ابقي األعراؽ دل يمورع كانط عن االسمفادة من منشورات السفر عندما أجرى‬
‫دراساتو عنهم‪ ،‬بل كانت اظتصدر الرئيسي عتا‪ .‬قاؿ كارؿ فوف زيدليمز‪ ،‬وزير المعليم آنذاؾ وأحد‬
‫معجيب كانط‪:‬‬

‫"ؽتا ال شك فيو أف االسمنماجات السيئة أفضل من عدـ االسمنماج على اإلطالؽ‪ ،‬واألساتذة إف‬
‫كانوا حكياُت مبا يكفي‪ ،‬فال بد أف يطوروا ولتسنوا من أقواؿ اظتؤلف بقدر اسمطاعمهم‪ .‬لكن أف‬
‫يلقي األساتذة ػتاضرات قطع كاا وردت ما ىو غَت نشاط كتب إيقافو‪ ،‬ونسمثٍت من القاعدة‬
‫‪32‬‬
‫نظرا لعدـ وجود كمب منهجية عتذه اظتادة‪".‬‬
‫األسماذ كانط وػتاضراتو يف اصتغرافيا الطبيعية‪ً ،‬‬
‫كانت حقيقة وجود الكثَت من االعًتاضات حينها على آراء كانط اظتمعصبة ىي القشة اليت‬
‫قصات ظهر البعَت‪.‬‬

‫أولئك الذين اعًتضوا دل يمذرعوا بظروؼ وقمهم عكس ما يفعل أصحاب ىذا اظتوقف لكانط‪.‬‬
‫مثال أف يعمرب أعااؿ جورج فوسًت ‪-‬عادل يف األعراؽ ورحالة حقيقي نقيض‬‫يسمطيع القارئ ً‬
‫كانط‪ -‬يف كمابو "أعااؿ" أبنو أهنى نقاشو عن نظرية كانط بدعوةٍ أخالقية‪ ،‬متاطب فيها كل‬

‫‪31‬‬
‫‪McCarthy p. 49.‬‬
‫‪32‬‬
‫‪May, J.A. Kant’s Concept of Geography and its Relation to Recent Geographical Thought. Department‬‬
‫)‪of Geographical Research Publications. University of Toronto Press. (1971‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪16‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫جديرا ابظتنزلة العليا فعليهم إ ًذا أف يزودوا‬


‫قائال إف كانوا يروا يف أنفسهم اسمحقاقًا ً‬
‫البيض مباشرة ً‬
‫‪33‬‬
‫بدال من تدمَت فكرىم إبحالمهم ظتالكة اضتيواف‪.‬‬
‫اإلفريقيُت ابظتناى العلاية وتطوراهتا ً‬
‫أيضا العادل الالىويت فريدريك شلَتمانمشر على آراء كانط ووصف كمابو األنثروبولوجي‬
‫اعًتض ً‬
‫‪34‬‬
‫من وجهة نظر براغااتية "غتاوعة تفاىات ػتقونة ابلصور الناطية‪".‬‬
‫ٍ‬
‫لشخصيات اترمتية من عهد "اكمشاؼ أمريكا" كبارتلوـ دو الكازاس الذي‬ ‫ىناؾ أمثلة أخرى‬
‫اضا يف كمابو "مذابح اعتنود اضتار"‪ 35‬على فاحتي أمريكا ومعاملمهم اليت خلت من‬‫أبدى اعًت ً‬
‫الرزتة جتاه اعتنود اضتار‪ ،‬ويف بداية القرف العشرين ظهر مارؾ تواين الذي دل متفي اخمالفو مع‬
‫اإلمربًيلية الغربية‪ ،‬وعلى وجو اطتصوص االسمعاار األمريكي يف حرهبم يف الفلبُت‪ ،‬بل ساىم‬
‫‪36‬‬
‫أيضا من خالؿ الكمابة للحزب اظتضاد لإلمربًيلية‪.‬‬
‫ً‬
‫كفيل أبف يردعنا من تبٍت‬
‫حدا لفكرىم ٌ‬
‫عدد من الشخصيات الذين دل كتعلوا من امميازاهتم ً‬
‫وجود ٌ‬
‫آراء تع ّذر لشخصيات مثل كانط‪ ،‬فهذه حج واىنة وال نتكنها الدفاع عنو‪.‬‬

‫‪ .5‬التعقيــم‪:‬‬

‫يمضان ىذا اظتوقف كالً من االعًتاؼ بعنصرية كانط وإدراكها كانعكاس لشخصيمو‪ ،‬وحتايلو‬
‫كامل مسؤوليمها‪ .‬لكن ىذا االعًتاؼ ابلمعصب يليو عالية من شأهنا تصفية الفلسفة األخالقية؛‬
‫يقة ما‪ .‬يرى أصحاب موقف المعقيم أف‬ ‫فعلى ممخذ ىذا اظتوقف احملاولة تعقيم كماابت كانط بطر ٍ‬

‫‪33‬‬
‫‪Kleingeld 103 citing MR 8:155‬‬
‫‪34‬‬
‫‪“Rezension” in his Kritische Gesamtausgabe at 1.2:365-366, trans. Wellmon, 196-7.‬‬
‫‪35‬‬
‫‪ِ ٟ‬غح أٔٗ ثاِىبٔه اٌـفغ‬
‫‪٠‬صف الوبػاؽ أْ اٌّـزؼّغ‪ ٓ٠‬اإلؿجبٔ‪٠ ٌُ ٓ١١‬ـزشضِ‪ٛ‬ا اٌج‪ٛ‬صٍخ ف‪ ٟ‬ؿفغُ٘ ٌٍجؼع اٌ‪ٕٙ‬ض‪٠‬خ اٌغغث‪١‬خ "أسجغٔ‪ ٟ‬أؿجبٔ ٌ‬
‫ف‪ ٟ‬رٍه إٌّبغك ثض‪ ْٚ‬ث‪ٛ‬صٍخ ‪ّ٠‬ىٕه أْ رجض غغ‪٠‬مه ِٓ سالي ارجبع اٌّـبفخ ث‪ ٓ١‬اٌجؼع ‪١٘ٚ‬ـجبٔ‪ٛ‬ال‪ ،‬رمضع ٘ظٖ اٌّـبفخ ث‪ ٓ١‬ؿز‪ ٓ١‬أ‪ ٚ‬ؿجؼ‪ٓ١‬‬
‫فغؿز‪ .‬ظ‪ٙ‬غد ػٍ‪ ٝ‬اٌـطخ جضش اٌىض‪١‬غ ِٓ اٌ‪ٕٛٙ‬ص ثبٌمغة ِٓ اٌـفٓ األ‪ٌٍّ ".ٌٝٚ‬ؼ‪٠‬ض أظغ ف‪.de las Casas, Barolome. Trans ٟ‬‬
‫‪.Herma Biffault. The Devastation of the Indies: A Brief Account. Baltimore, John Hopkins UP. (1992). p‬‬
‫‪80‬‬
‫‪36‬‬
‫‪See Zwick, Jim. Confronting Imperialism: Essays on Mark Twain and the Anti-Imperialist League. West‬‬
‫‪Conshohoken, Infinity Publishing. (2007).‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪17‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أفكارا جيدة وأخرى سيئة‪ ،‬وال كتب أف ندع األفكار السيئة تعرقل‬
‫لدى الفالسفة األخالقيُت ً‬
‫االسمفادة من األفكار اصتيدة‪.‬‬

‫عوضا عن ذلك‬
‫ابخمصار‪ ،‬يطلب منا ىذا اظتوقف أف نقف يف وجو مبدأ "الشر يعم"‪ ،‬ونعزؿ ً‬
‫األفكار السيئة وإيضاح مواطن بطالهنا‪.‬‬

‫لكن كيف سمبدو آلية تطبيق ىذا يف حالة كانط؟ قد يعمقد القارئ أف عنصرية كانط ببساطة‬
‫تنطلق من اعمقاده أف اآلدمية توجد يف العرؽ األبيض فقط أما ابقي األعراؽ فال‪ .‬إف كاف ىذا‬
‫الرأي صائبًا فإف اضتل البسيط سيكوف توسعة مفردة "اظترء" وجعلها أمشل حىت تضم رتيع‬
‫األعراؽ‪ .‬دل يواكب كانط ُمثل عصر المنوير كاظتساواة‪ ،‬ألنو حصر اإلنسانية والكرامة للعرؽ‬
‫األبيض دوف سواه‪ .‬لكن ىذا ال يعٍت أننا سنخطو خطاه يف ىذا اظتوقف‪.‬‬

‫يسمطيع أصحاب ىذا اظتوقف أف يطرحوا حجة إدراكنا اظتسبق أنو ال جداؿ يف حقيقة تساوي‬
‫اصتايع‪ ،‬وإفتا يكان اطتطأ يف االعمقاد أف ليس الكل يندرج حتت مساى الػ"إنساف" ويعمرب ىذا‬
‫بعيدا عن اآلراء اطتبيثة‪.‬‬
‫صنّا اصتوىر ً‬
‫خاطئا‪ ،‬وهبذه الطريقة نكوف ُ‬
‫بعدًي ً‬
‫عمقادا ّ‬
‫ا ً‬
‫الدعوى األساسية لفلسفة كانط‪ :‬العلم اظتسبق أف الكل يسمحق االحًتاـ‪.‬‬

‫الدعوى اصتانبية لفلسفة كانط‪ :‬العلم البَعدي أف كل شخص ال ينماي للعرؽ األبيض ال يعمرب‬
‫"إنساان"‪.‬‬

‫بعد أف وضحنا الغرض اصتوىري والغرض اصتانيب من فلسفة كانط األخالقية‪ ،‬نبقي على األوؿ‬
‫ونقصي األخَت ابعمباره دعوى غَت ضرورية‪ ،‬كاا أف االعمقاد اطتاطئ ال يُسمنم ابلعقل‪ ،‬بل يظل‬
‫معمقدا يف القلب بسبب اصتهل‪ ،‬وىكذا ننمهي بنسخة معقاة من كانط حبفاظنا على قلب‬ ‫ً‬
‫فلسفمو األخالقية‪ ،‬ابإلضافة إذل أف ىذا اضتل فيو ميزة االعمقاد أبف تعصبات كانط ال َدتس‬
‫اصتوىر األساسي لفلسفمو‪.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪18‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وقعا بُت الكثَت من الناس‪ ،‬إال أنو ال متلو من الثغرات واألخطاء‪.‬‬


‫أظن أف ىذا اظتوقف سيالقي ً‬
‫يقوؿ تشارلز ميلز أف ىذا اضتل الذي يمضان فصل اصتوىري عن اعتامشي يف حالة كانط كتعلنا‬
‫ؿتسن ونقلم كانط لدرجة جتعل من تساية ما انمهينا معو "نظرية كانط" أمر غَت منطقي‪ .‬ال‬
‫ّ‬
‫يصح أف ندعوىا بػ "نظرية كانط" أو "آراء كانطية" ويف الوقت نفسو نكوف قد أقصينا عنها‬
‫كبَتا يف حياة كانط؛ فإف اسمخالص جزء كبَت من نظرية‬
‫دورا ً‬
‫األفكار العرقية اليت لعبت ً‬
‫دتاما‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫تعقياا بل نكوف أسسنا نظرية ؼتملفة ً‬
‫فيلسوؼ ما ال يػُ َعد ً‬
‫ومع ذلك قد يصر البعض على تساية النسخة اظتعقاة بػ "نظرية كانط اظتعاصرة" أو "نظرية‬
‫مسملهاة من مبادئ كانطية" وأظن أنو ال ضرر يف ذلك‪ ،‬لكن اطتوض يف جداؿ عن المساية‬
‫سيخرج بنا لعلم الدالالت واأللفاظ‪.‬‬

‫أيضا أف االسمارار يف اإلشارة إليها كػ "نظرية كانط اظتعاصرة" فيو عيب؛ أال وىو أف‬
‫لكٍت أعمقد ً‬
‫فعال يعمقد ابظتساواة للجايع؛ فمصبح‬
‫إبمكانو تضليل الفالسفة اصتدد لالعمقاد أف كانط كاف ً‬
‫ؼتاتال يف أسوأىا‪.‬‬
‫ىذه المساية مضللة يف أحسن اضتاالت‪ ،‬وخطأ لفظيّا ً‬
‫أيضا تشارلز ميلز‪ ،‬يف أنو يفًتض أتسيسنا طريقة‬
‫أما اظتشكلة الثانية يف ىذا اظتوقف‪ ،‬يشَت إليها ً‬
‫ممفق عليها لنفصل هبا األساسي عن اصتانيب يف أي مسألة‪ ،‬قد يعمقد اظتدافعُت عن كانط أننا‬
‫نفعل ذلك من خالؿ تصنيف اظتعرفة اظتسبقة كأساس واظتعرفة البَعدية كادعاءات ىامشية‪.‬‬

‫تمضح لنا أقتية اظتعرفة البعدية وتساوي أقتيمها ابصتوىر عندما أنيت لمطبيق نظرية كانط يف كال‬
‫اجملالُت السياسي واالجمااعي‪ ،‬ففي ىذه اصتوانب يمبُت لنا من ىم مسمحقي لقب "أفراد‬
‫اجملماع"‪.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪19‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كانط نفسو ال يوضح ما إف كانت اظتعرفة اليت وصفناىا ابعتامشية أقل أقتية أـ ال‪ ،‬وعدـ‬
‫إيضاحو عتذه النقطة يعود بنا للاشكلة األوذل لنمساءؿ ‪ :‬دل قد نساي ىذه النسخة اظتعقاة‬
‫"نظرية كانط"؟‬

‫أفكارا ويصفوىا‬
‫واألىم من ذلك أف ممخذي ىذا اظتوقف يفًتضوف أنو مبقدورىم أف أيخذوا ً‬
‫حسب مبادئهم دوف أف يؤثر ذلك على الفلسفة كلها‪ ،‬فهم ال يروف رابطًا بُت فلسفة كانط‬
‫األخالقية وفلسفمو العرقية لدرجة تساح عتم حبذؼ أفكار معينة دوف أف ختل إحداىن أبخرى‬
‫‪،‬وال ينمبهوف الحمااؿ كوف فلسفة كانط العرقية اثبمة وممينة على مدى فلسفمو األخالقية وترتبط‬
‫ضعيفا يف نقده‪ ،‬وتغاضيو عن ىذه‬
‫هبا لدرجة عايقة‪ ،‬وجتاىل ىذا االحمااؿ كتعل موقف المعقيم ً‬
‫كبَتا من مؤلفات كانط‪ ،‬اليت تمضان روابطًا من شأهنا توضيح العالقة بُت‬
‫اظتسألة يًتؾ جزءًا ً‬
‫فلسفمو العرقية وفلسفمو األخالقية‪.‬‬

‫ويمخَت فياا يعمربه فلسفة كانط وما كتب‬


‫ّ‬ ‫منهجا واىنًا يف طرح نقده‪،‬‬
‫موقف المعقيم يسمخدـ ً‬
‫المخلص منو‪ ،‬لكن ؿتن معشر الفالسفة هتانا اضتقيقة‪ ،‬وبذلك علينا أف نلمزـ بنقل اضتقائق‬
‫المارمتية كاملةً دوف تصفية أو حذؼ‪.‬‬

‫نظرا لكوف ذلك األسلوب‬ ‫سابقا‪ ،‬إسقاط أفكار كانط العرقية خطوة تعود بنا للوراء ً‬
‫كاا قلنا ً‬
‫يضا لدرجة ما‪ -‬لكن ابلنسبة للفالسفة‪ ،‬الذين دخلوا اجملاؿ واسمثاروا حياهتم‬
‫وؼتادعا أ ً‬
‫مضلال ‪ً -‬‬
‫ً‬
‫فيو‪ ،‬يبدو أف حذؼ أفكار كانط العرقية أقرب لإلحباط للقيم من كونو ؼتادعة للنفس‪.‬‬

‫‪ .6‬اإلقرار احلقيقي‪:‬‬

‫ىا قد وصلنا للاوقف األخَت‪ ،‬والذي أعمربه اظتوقف الصحيح ظتواجهة عنصرية كانط‪ ،‬ففيو اإلقرار‬
‫الصحيح واضتقيقي‪ ،‬وما أعنيو ابإلقرار ىو اإلدراؾ والفهم لنظرية كانط بثالث طرائق‪ ،‬وىي‪:‬‬
‫مسؤوؿ عن العنصرية‬
‫ٌ‬ ‫إدراؾ أف أفكار كانط العرقية تعكس طبيعة شخصيمو‪ ،‬وإدراؾ أف كانط‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪20‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اليت تمضانها مؤلفاتو‪ ،‬وأف يضع القارئ احمااؿ كوف أفكار كانط العرقية ليست مثبمة فقط‪،‬‬
‫أيضا على عقيدتو وفلسفمو األخالقية بدرجة كبَتة‪ ،‬ونميجة لذلك قد ؿتماج ظتراجعة‬
‫ولكن تؤثر ً‬
‫الطريقة اليت نفسر هبا فلسفمو األخالقية‪.‬‬

‫كل اظتواقف اليت سبق أف انقشناىا تنقصها النقطة الثالثة‪ ،‬ونميجة ىذا اإلقرار يصبح تركيز ىذا‬
‫نصب يف مدى أتثَت نظرية كانط العرقية على مفهومو للحقوؽ العاظتية‪ ،‬والكرامة‬
‫اظتوقف ُم ٌ‬
‫اإلنسانية‪ ،‬والشخصية‪ ،‬ويمضح عاق ىذا اظتوقف منذ البداية‪ ،‬عكس اظتواقف األخرى اليت نتكن‬
‫وصفها ابلسطحية لرفضها مراجعة المفاسَت المقليدية ظتؤلفات كانط‪.‬‬

‫ىناؾ الكثَت من الفالسفة اظتعاصرين ؽتن تبنوا ىذا اظتوقف‪ ،‬وأشهرىم ىو تشارلز ميلز‪ .‬ميلز على‬
‫سبيل اظتثاؿ قاـ مبراجعة المفسَتات المقليدية لشخصية كانط‪ ،‬حاوؿ أف يوضح نظرية كانط وأف‬
‫كتعلها تبدو منطقية‪ ،‬يقوؿ ميلز أف كانط دل يكمفي بموضيح معٌت اعتوية البشرية فقط‪ ،‬بل طرح‬
‫أيضا مفهوـ اعتوية البشرية اظتثالية‪ 37.‬يرى ميلز أف اظتوضوع العاـ ظتؤلفات كانط دل يكن‬
‫وفسر ً‬
‫أمر حدث مبحض الصدفة؛ فالعقالنية ىي اليت تضان‬ ‫عقالنية العرؽ األبيض وجهل سواىم ك ٌ‬
‫للارء ىويمو وكراممو‪ ،‬وىكذا يصبح النقص واصتهل يف بقية األعراؽ ما كتعلهم "دوف كرامة"‪.‬‬
‫العقالنية والالعقالنية‪ ،‬اعتوية البشرية وانعدامها يف آخر اظتطاؼ وجهاف لعالة واحدة‪ ،‬كالقتا‬
‫لتدداف تعريف نقيضيهاا؛ فان منظوٍر كانطي تعمرب "اعتوية البشرية" مرادفًا للرجل األبيض‪ ،‬بيناا‬
‫"اإلنساف الثانوي" مرادفًا للنساء وكل األعراؽ األخرى‪.‬‬

‫قد يرد القارئ على ميلز أبف مفهوـ اإلنساف الثانوي لدى كانط ليس أساسي لفلسفمو‬
‫األخالقية‪ ،‬وعلى ىذا االعًتاض اجملحف أوضحت ِدلَ يعد تصنيف فلسفة كانط ألفكار جوىرية‬
‫عال مضلل يف اصتزئية السابقة‪ ،‬ومع ذلك بوسعنا أف نضيف نقطة ىنا‪ ،‬أال‬
‫وأفكار ىامشية ٌ‬
‫أبدا ألفكاره العرقية حُت طرح فلسفمو األخالقية‪ ،‬إال أف‬
‫وىي‪ :‬ابلرغم من أف كانط دل يمطرؽ ً‬

‫‪37‬‬
‫‪Mills, (2002).‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪21‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مسمارا‪ ،‬ويمضح ذلك من خالؿ تطرقو ظتفهوـ اإلنساف الثانوي يف فلسفمو‬ ‫ً‬ ‫أتثَتىا ال يزاؿ‬
‫األخالقية‪ .‬ىذه ىي الطريقة الوحيدة اليت دتكننا من فهم أعااؿ كانط كافة‪ .‬يقوؿ تشارلز ميلز‬
‫أف القراءة عن مفهوـ اإلنساف الثانوي مبثابة‪:‬‬

‫أمر ال يظهر بوضوح‬


‫"إعادة تشكيل اظتنطق اظتعياري لإلخضاع العرقي واصتنسي يف آراء كانط ىو ٌ‬
‫أزعم أف الطريقة الوحيدة‬
‫من غترد فحص للمعبَتات يف اظتعجم أو القاموس الكانطي ومع ذلك ُ‬
‫اليت نفهم هبا منطق مؤلفاتو ىو أف نمناوعتا كوحدةٍ كاملة‪ ،‬ونسموعب المصرلتات العنصرية واليت‬
‫دتييزا بُت اصتنسُت أبسلوب ىادئ وأعقل من األسلوب األرثوذكسي‪ .‬الحظ أف‬ ‫تمضان ً‬
‫منهجا فَرضيًا وكأهنم يقًتحوف احمااؿ أف النساء و ابقي األعراؽ‬
‫المفسَتات األرثوذكسية تمخذ ً‬
‫‪38‬‬
‫أيضا أنو بوسع كانط أف يقوؿ ما يشاء عنهم‪".‬‬ ‫أانس ٍ ٍ‬
‫بعقل وكياف كاملُت‪ .‬كاا أهنم يفًتضوف ً‬ ‫ٌ‬
‫يرى ميلز أنو من خالؿ مفهوـ اإلنساف الثانوي تمبُت ممانة نظرية كانط العرقية وارتباطها‬
‫دورا‬
‫تلعب ً‬
‫بفلسفمو األخالقية‪ .‬عالوًة على ذلك‪ ،‬إذا اعًتؼ القارئ أف فكرة اإلنساف الثانوي ُ‬
‫كبَتا يف أفكار كانط كافة سرعاف ما سَتى مدى ارتباط فلسفة كانط العرقية بفلسفمو األخالقية؛‬
‫ً‬
‫والسبب يكان يف وضوح من اظتقصود ابإلنساف الثانوي يف نظريمو العرقية وكيف يمباين مع‬
‫اإلنساف الكامل‪.‬‬

‫سابقا أف إيز‬
‫يضا أف ننظر ألعااؿ إيز لكي نرى كيف طبق موقف اإلقرار‪ .‬ذكران ً‬ ‫من اصتيد أ ً‬
‫أسهب يف شرح فكرة كانط عن "اظتوىبة العرقية" واليت انمهت ٍ‬
‫هبرـ عرقي ينصب العرؽ األبيض يف‬
‫منوًىا عن أف كانط توصل لنظرًيتو العرقية عرب‬ ‫ٍ‬
‫قامو‪ ،‬وبٌت إيز مقالو "لوف اظتنطق" بثياات مشاهبة ّ‬
‫اىماامو العايق ابصتغرافيا فممآلف بذلك مع فلسفمو المجاوزية‪ 39‬وىكذا يقر إيز أف نظرية كانط‬
‫العرقية ممأصلة وممداخلة ابنسجاـ مع كافة أفكاره األخرى‪ .‬فياا يمعلق ابالقمباس الذي ذكرانه‬

‫‪38‬‬
‫‪Mills, (2002).‬‬
‫‪39‬‬
‫‪Eze, (1997). P. 130.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪22‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يف القسم الثاين‪ ،‬عندما ذكر كانط حتدي ىيوـ " أف أييت أحد ٍ‬
‫مبثاؿ واحد على زؾت ٍي أظهر أدىن‬
‫قدر من اظتوىبة" فَتد إيز‪:‬‬
‫"ابلرغم من أف كانط يسمخدـ حتدي ىيوـ ٍ‬
‫كدليل مؤكد وقوي لدعم نظريمو عن العرؽ األسود‪،‬‬
‫فقراءة شديدة اضتذر ظتا قالو كانط سمظهر ػتاولمو لشرح ما قالو ىيوـ ابلفلسفة‪ ،‬فممضح ػتاوالت‬
‫كا نط يف الرفع من قدر ىيوـ ومؤلفاتو وآراءه السياسية عن "الزنوج"‪ ،‬كاا أنو يقدـ تربيرات‬
‫فاثال‪ ،‬عندما قاؿ ىيوـ أف السود بطبيعمهم أدىن من البيض‪ ،‬فهو ال يعقب‬
‫جتاوزية عتذه اآلراء‪ً .‬‬
‫تصرلتو بشرٍح ظتا قاده عتذا االسمنماج‪ .‬بيناا يذىب كانط ظتلء الفراغ الذي تركو ىيوـ‪ ،‬فيقدـ‬
‫كانط شرحو ابسمخداـ مصطلح "طبيعة اإلنساف"‪ .‬فالطبيعة اإلنسانية ابلنسبة لكانط تمكوف من‬
‫ٍ‬
‫أفتاط اثبمة من "الطبقية النوعية"‪ ،‬فيصبح المباين العرقي مبنيًا على حج ٍ من منظور العلوـ‬
‫‪40‬‬
‫الطبيعية‪ ،‬ويف هناية اظتطاؼ يصبح تفوؽ العرؽ األبيض أمر مسلم بو‪".‬‬

‫طبقا ظتا قالو إيز‪ ،‬العرؽ ابلنسبة لكانط ىو مسألة جتاوزية حسب اضتقائق الكونية الثابمة‪ ،‬وىكذا‬
‫ً‬
‫يعلم كل من يبحث يف األعراؽ بصورة مباشرة وبديهية أف الرجل األسود أو األمريكي لن لتاال‬
‫ذرة موىبة حىت قبل أف ـتضعهم لالخمبار‪.‬‬

‫إف مسألة المعامل مع العرؽ جتاوزية تساح إليز إبراز ممانة وتناسق فلسفة كانط األخالقية مع‬
‫العرقية‪ .‬وتميح لو اسمخالص ما يعمربه اظتفكروف المنويريوف روح اإلنساف‪ ،‬وىو العنصر اظتهم يف‬
‫فلسفة كانط األخالقية‪ ،‬وعتذه الروح لوف معُت‪" :‬من الواضح أف كانط اسمقر على ٍ‬
‫وجو ػتدد‬
‫أمر ضروري إلكسابك حق الكرامة والمساية اإلنسانية‪ ،‬وىو‬
‫لروح اإلنساف‪ .‬اممالكك عتذا الوجو ٌ‬
‫‪41‬‬
‫دتاما مثل كانط‪ :‬رجل أورويب أبيض‪.‬‬
‫أف تكوف ً‬

‫‪40‬‬
‫‪Eze, (1997). P. 122.‬‬
‫‪41‬‬
‫‪Eze, (1997). P. 130.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪23‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الحظ عزيزي القارئ أف طرح ىذه المفسَتات ىو مبثابة األمثلة على كيفية تطبيق اظتوقف اإلقرار‬
‫بعنصرية كانط‪ ،‬وال أعٍت هبذا أنو على القارئ أف يموصل لنفس االسمنماج‪ ،‬وأف يمبٌت رأي كوف‬
‫اضع أكثر ‪ ،...‬أقوـ‬
‫فلسفة كانط العرقية ممأصلة يف جذور فلسفمو األخالقية؛ فاقصدي ممو ٌ‬
‫فقط ابلمأكيد أف القارئ عليو أف أيخذ يف االعمبار احمااؿ صحة ىذا الرأي‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فشل‬
‫القارئ يف اعمبار ىذا الرأي ال ينم عن ٍ‬
‫فشل يف المأويل‪ ،‬وإفتا ينم عن اخمالؿ يف ميزانو األخالقي‬
‫والًتبوي‪ ،‬وقد ذكرت يف ٍ‬
‫أقساـ سابقة إخفاقات مشاهبة لملك من الناحية األخالقية والًتبوية‪.‬‬

‫بعيدا عن تبٍت ىذا اظتوقف‪ ،‬ونكرر القوؿ ىنا أف موقف‬


‫سأضيف ىنا إخفاؽ آخر يدفع القارئ ً‬
‫قاصر يف جتاىلو احمااؿ وجوب إعادة النظر يف األسلوب الذي نفسر بو أعااؿ كانط‪،‬‬
‫المعقيم ٌ‬
‫وعتذا السبب ابلذات يصبح منهجو النقدي واىن‪ .‬وأصر على القوؿ أف ىذا الضعف ليس غترد‬
‫كبَتا يف‬
‫دورا ً‬
‫تلعب ً‬
‫إخفاؽ إدراكي‪ ،‬بل إخفاؽ أخالقي كذلك‪ .‬إذا كانت سلسلة اظتفاىيم تلك ُ‬
‫ٌ‬
‫أصم يف عدـ قدرتو على‬
‫مواجهة الصور الناطية اليت ساعد كانط يف نشرىا‪ ،‬فإف القارئ ٌ‬
‫اإلنصات ظتعاانة اظتاليُت من الناس لعقود طواؿ؛ ففي النهاية ال كتدر أبي ٍ‬
‫أحد أف يفخر بوقوفو‬
‫جبانب ىذا الدفاع األخالقي‪.‬‬

‫واآلف‪ ،‬ماىي اظتزاًي اليت يمامع هبا موقف اإلقرار اضتقيقي؟ بدايةً‪ ،‬يظهر موقف اإلقرار احًت ًاما‬
‫طالاب يف المخصصات الفلسفية‪ ،‬واظتواقف السابقة كلها‬ ‫لألعراؽ كافة‪ ،‬خاصةً من كاف منهم ً‬
‫تنمه أساليب من شأهنا تضليل الطالب اصتدد‪.‬‬

‫يمطرؽ ميلز عتذه النقطة عندما انقش الطريقة اليت تمجاىل هبا الفلسفة الغربية كل اظتشاكل‬
‫المارمتية العرقية لصاحل نشر مفاىيم مثل "اإلشهار الليربارل للاساواة العاظتية"‪ .‬عندما يقبل طالب‬
‫نوعا من الماييز وسط اجملماع‬
‫من عرؽ ما (غَت األبيض) على دراسة الفلسفة‪ ،‬وقد واجو مسب ًقا ً‬
‫‪42‬‬
‫الغريب‪ ،‬قد متيب ظنو سر ًيعا ويفكر "ىا ىم البيض يكرروف فعلمهم"‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪Mills, (1998). P. 4.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪24‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يح جريء متاطب فيو كل من تعرض للمهايش‪:‬‬


‫يقوؿ تشارلز ميلز يف تصر ٍ‬

‫"ال أتورع عن قوؿ ىذا بصريح العبارة‪ ،‬قد يعًتيك إحساس غريب عندما تفكر مليًا يف األمر‬
‫وجتد أف معظم الفلسفة تبدو كاجرد كالـ ٍ‬
‫رجاؿ بيض توصلوا إليو وىم يسمانوف‪ ...‬نفاد الصرب‬
‫والالمباالة اليت الحظمهاا على الطالب السود انجتة عن إحساسهم ابلغرابة جتاه قضاء ٍ‬
‫فصل‬
‫ٍ‬
‫لفيلسوؼ ما دوف أف يذكر األسماذ أهنا‬ ‫دراسي كامل وىم لتاولوف فهم منطق اظتثل األخالقية‬
‫‪43‬‬
‫تنمهك حقوؽ السود يف منهجها‪".‬‬

‫أخَتا‬
‫يف حاؿ تطبيق ىذا موقف اإلقرار‪ ،‬سيحل مشكلة الشعور ابطتيانة عندما يكمشف الطالب ً‬
‫عنصرية كانط وتعصبو (ثق يب سيكمشفها يف هناية اظتطاؼ)‪ .‬ىذا اإلحساس ابطتيانة يشبو‬
‫إحساس من اكمشف أف ىيدجر ينماي للحزب النازي‪ ،‬إذ يصف جوشوا روذتانز يف ٍ‬
‫مقاؿ نشره‬ ‫َ‬
‫يف غتلة النيويوركر خيبمو عندما شتع بيًت تراوين يمحدث عن كماب "مالحظات سوداء" عتيدجر‪:‬‬

‫القراء‬ ‫ٍ‬
‫أمر مسمحيل‪ ،‬وال نتكن ألحد أف نتنع آاثمو من تثبيط زتاسة ّ‬
‫"وضع أخطاء ىيدجر جانبًا ٌ‬
‫لالرتباط بو وأبفكاره‪ ...‬وكماب اظتالحظات السوداء متوف زتاسة معجيب ىيدجر‪ .‬حىت وإف دل‬
‫‪44‬‬
‫تغَتت بعد معرفمنا هبا‪".‬‬
‫دتس أفكاره النازية فلسفمو‪ ،‬فعالقمنا بو ّ‬
‫قد يعًتض بعض القراء أنو ال كتب علينا أف نمعاق يف كل المفاصيل المارمتية عند دراسة‬
‫فيلسوؼ ما ‪ ،‬ففي النهاية موضوعنا الرئيس ىو الفلسفة وليس الماريخ‪ ،‬والًتكيز على األحداث‬
‫المارمتية قد يلهينها عاا ىو أىم‪.‬‬

‫وعلى ىذه النظرة اظتشوبة أرد أنو ال وجود لسبب واحد كتعلنا نرى عنصرية كانط كجزء من‬
‫أيضا‪ .‬أصحاب ىذا الرأي يفًتضوف أف فلسفة كانط ىي‬
‫الماريخ فقط‪ ،‬وليست جزء من فلسفمو ً‬

‫‪43‬‬
‫‪. Ibid‬‬
‫‪44‬‬
‫‪Rothman, Joshua. Is Heidegger Contaminated by Nazism? “ The New Yorker.” (2014, April 28 th ). Last‬‬
‫‪accessed April 17th, 2017.‬‬
‫‪http://www.newyorker.com/books/page-turner/is-heidegger-contaminated-by-nazism‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪25‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اظتوضوع األىم ابلنسبة للجايع يف القاعة الدراسية‪ ،‬لكٍت شبو ممأكد أف ماىية اظتوضوع األىم‬
‫سممباين بُت الطالب حسب اىمااماهتم وطبيعة منشأىم وما إذل ذلك‪ .‬إذا أصر القارئ على أف‬
‫الًتكيز يف عنصرية كانط انغااس يف الماريخ ال ضرورة لو‪ ،‬فالعيب يف ىذا االنغااس غَت واضح‬
‫وعي بسيط ابلسياؽ المارمتي سيساعد‬ ‫ٍ‬
‫يف ذاتو وال يضر المعليم أبي شكل من األشكاؿ؛ ٌ‬
‫الطالب الوافدين على رؤية أقتية بعض األفكار اظتعينة من خالؿ فهم السياؽ الذي وردت فيو‪.‬‬

‫اسمكااال ضتديثنا عن احًتاـ موقف اإلقرار لكل األعراؽ‪ ،‬ميزة أخرى عتذا االحًتاـ أنو ال يموقف‬
‫ً‬
‫أيضا‪ .‬ذكرت قبل قليل أف موقف‬
‫عند طالب الفلسفة بل يشال من ىم خارج اجملاؿ الفلسفي ً‬
‫المعقيم كتازؼ بثبات أخالقياتو بمجاىلو معاانة اآلخرين‪ ،‬وأرغب يف انشاء رابط بُت ىذه النقطة‬
‫وبُت ما قالو ىابرماس عن "سياسة الذكرة" يف "مناظرة لماريخ أظتانيا"‪ ،‬كاف احملور الرئيسي عتذه‬
‫اظتناظرة السؤاؿ المارل‪:‬‬

‫ىل حاف الوقت لممخطى أظتانيا اترمتها النازي؟ فَتد ىابرماس غتيبًا‪:‬‬

‫"ىناؾ المزاـ ضروري يقع على عاتقنا ؿتن األظتانيوف‪ ،‬حيث كتب علينا إحياء الماريخ اضتقيقي‬
‫دوف تشويو أو حتريف‪ ،‬وليس من غتاؿ األدب فقط‪ ،‬بل ذكرى معاانة الذين خضبت دماؤىم‬
‫أيدي األظتانيُت ال تنسى‪ .‬إف وضعنا ىذا الًتاث جانبًا سيشعر اظتواطنوف اليهود أف العيش يف ىذا‬
‫‪45‬‬
‫البالد غَت ؽتكن‪".‬‬

‫اببلو دي جريف ‪-‬انشط حقوقي من كولومبيا‪ -‬لديو وجهة نظر مشاهبة عتابرماس‪ ،‬فقاؿ ؼتاطبًا‬
‫"حري بنا أف نمذكر ما ال يسمطيع إخواننا اظتواطنوف نسيانو‪ 46".‬اإلقرار‬
‫ٌ‬ ‫كل الناس خارج أظتانيا‪:‬‬
‫اضتقيقي‪ ،‬عكس اإلقرار السطحي‪ ،‬لتًتـ َمن تعرض للمهايش من أنظاة وأفكار نظَتة آلراء‬
‫كانط العرقية‪ ،‬كاا أنو يوضح دالالهتا الكامنة وال يكمفي بمفسَت الظاىر فقط‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪Habermas, Jürgen. On the Public Use of History. “The New Conservatism.” (1987). P. 233.‬‬
‫‪46‬‬
‫‪De Greiff, Pablo. El Deber de Recordar. “Razones de la Justicia.” Ciudad Universitaria, Mexico.‬‬
‫‪Universidad Nacional Autónoma de Mexico. (2005). Pp 191-222. Translation is by Thomas McCarthy.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪26‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يمجنب موقف اإلقرار ضعضعة اىماامنا ابضتقيقة القيّاة‪ ،‬ويبلّغ اضتقائق المارمتية دوف حذؼ‪ .‬إذا‬
‫نقلنا أفكار كانط العرقية كأساس يساعدان على فهم فلسفمو األخالقية تصبح احماالية نسياف أو‬
‫أخَتا‪ ،‬إقرار عايق بفلسفة كانط لن يساعدان فقط يف فهم كيف‬
‫حذؼ ىذه األفكار أقل‪ً .‬‬
‫جيدا لئال‬
‫تطورت الفلسفة العرقية يف المقاليد الغربية‪ ،‬بل يعطينا فرصة لفحص ألخطاء كانط ً‬
‫تكرر يف اظتسمقبل‪ .‬اضتقيقة بسيطة؛ فلسفة كانط ال تمعارض ابلضرورة مع فكرة أفضلية العرؽ‬
‫األبيض ‪-‬كاا قاؿ ميلز وإيز وآخرين‪ -‬وىذه حقيقة ال كتدر هبا أف تؤرقنا كفالسفة مهماُت‬
‫نعرب‬
‫فعال الوصوؿ لفلسفة أخالقية مساوية وعادلة علينا إ ًذا أف ّ‬
‫حبقوؽ اإلنساف‪ .‬إف أردان ً‬
‫بصراحة أف فلسفمنا ال دتشي جنبًا إذل جنب مع أي ىرـ عرقي‪ ،‬أو إثٍت‪ ،‬أو جنسي‪ ،‬أو ديٍت‬
‫أبي شكل من األشكاؿ‪ ،‬كتب أال نًتؾ اجملاؿ ألي تلايح أو لبس‪.‬‬

‫‪ .7‬اقرتاحات تربوية‪:‬‬

‫إذًا‪ ،‬كيف سيبدو تطبيق موقف اإلقرار العايق يف القاعة الدراسية يف اظتؤسسات المعلياية؟‬

‫كال من الفصوؿ األخالقية للطالب‬


‫أرى أنو دوران كاعلاُت يساح لنا ابلمحقيق اإلقرار يف ً‬
‫اصتامعيُت ويف فصوؿ الدراسات العليا؛ فيمم تناوؿ كالقتا كاوضوع دراسة ويناقشوىا من عدة‬
‫أحرض اظتعلاُت أال ينمظروا حىت أيتيهم الطالب ابلسؤاؿ أو اظتواجهة مبا اكمشفوا عن‬
‫جوانب‪ّ .‬‬
‫عنصرية كانط‪ ،‬كتدر بنا وضع عنصرية كانط يف اظتقدمة وأنيت على ذكرىا منذ البداية‪ ،‬وؿترص‬
‫على إعالـ الطالب وحتذيرىم أبف ىذا احملموى اظتمعصب يعكس شخصية كانط وأفكاره‪ ،‬وأنو ال‬
‫واثبت على مداىا‪.‬‬
‫يوجد مربر أخالقي ظتا قالو‪ ،‬وأف ىذا احملموى يمآلف فلسفمو األخالقية ٌ‬
‫هبذه الطريقة يصبح الطالب على علم بعنصرية كانط وتكوف لديو مطلق اضترية يف بناء آراءه‬
‫اطتاصة جتاىها‪.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪27‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قد يساور بعض اظتعلاُت قلق حوؿ موضوع طرح عنصرية كانط وشرح ثباهتا للطالب‬
‫اظتسمجدين‪ ،‬وأف اإلتياف على ذكرىا وكشف السمار عنها قد لتبط من عزنتة الطالب ويدفعهم‬
‫لمجاىل فلسفة كانط برممها؛ فإف فكران يف اظتوضوع مليًا سنمساءؿ فيان قد يرغب بمكريس وقمو‬
‫ممعصب عنصري؟ موقفي منقسم جتاه ىذا القلق‪ ،‬فان انحية أتفهاو وأتعاطف مع‬ ‫ٍ‬ ‫لدراسة‬
‫تعسفا‪.‬‬
‫ؼتاوفو‪ ،‬ومن انحية أخرى أرى فيو ً‬
‫إف كاف قلق اظتعلم انبعا من ٍ‬
‫خوؼ جتاه منزلة الفيلسوؼ الكبَت إنتانويل كانط اليت سممزعزع‬ ‫ً‬
‫كرس ىذا اظتعلم نصف حياتو األكادنتية يف دراسمو وفهم فلسفمو‪،‬‬
‫وتضاؤؿ عدد معجبيو‪ ،‬وقد ّ‬
‫فلست أرى سببًا يدعوه للمعاطف يف ىذه اضتالة‪ .‬فكل منابع القلق ىنا ال تبدو أخالقية من‬
‫األساس؛ فهي أقرب لالىمااـ ابلساعة واطتوؼ من تشويهها ؽتا يؤدي إذل ٍ‬
‫جتاىل كبَت ظتنشورات‬
‫أولئك األكادنتيُت عن كانط‪ ،‬لكن البد للابادئ األخالقية واظتبادئ الًتبوية المغلب على ىذا‬
‫االىمااـ اجملرد ابلصورة يف هناية اظتطاؼ‪.‬‬

‫انبعا من أف مهامنا كاعلاُت تماثل يف واجبنا إبظهار زتاسة للاجاؿ‬


‫ومع ذلك إف كاف القلق ً‬
‫الذي ندرس فيو‪ ،‬وؿتاوؿ يف نفس الوقت بث ىذه اضتااسة يف الطالب اصتدد؛ فسوؼ جتدين‬
‫ممعاطفا يف ىذه اضتالة‪.‬‬
‫ً‬
‫ؽتا ال شك فيو أف اعتدؼ األوؿ للاعلاُت ىو تدريس الطالب وتثقيفهم‪ ،‬وتدريس طالب‬
‫ممحاسُت لمعلم اظتادة اظتطروحة أسهل بكثَت‪ .‬الكشف عن عنصرية كانط قد يؤثر على الطالب‬
‫واىماامهم بفلسفمو‪ ،‬فممأثر بذلك عالية تعلياهم‪ .‬إليزابيث ابركلي‪ -‬مؤلفة كماب تقنيات‬
‫موضوعا‬
‫ً‬ ‫المواصل مع الطالب‪ ،‬واضتاصلة على العديد من اصتوائز يف المعليم‪ -‬انقشت يف كماهبا‬
‫مشاهبًا عن حتفيز الطالب‪ ،‬فمقوؿ ابركلي‪:‬‬

‫" كل ما اكمشفو العلااء عن حتفيز الطالب نتكن حصره يف معادلة؛ النات اظتموقع من العالية‬
‫المعلياية ضرب القياة‪ .‬يشَت ىذا الناوذج إذل أف مسموى اصتهد الذي يبذلو الشخص ألداء‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪28‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ٍ‬
‫مهاة ما لتدده مدى توقعو ألف يؤدي اظتهاة بنجاح‪ ،‬ومدى القياة احملصلة من أداء ىذه‬
‫‪47‬‬
‫اظتهاة‪".‬‬

‫فعوضا عن‬
‫ً‬ ‫ونكوف قياة جديدة من دراسة كانط؛‬‫نعرؼ ّ‬ ‫بصفمنا معلاُت نسمطيع أف ّ‬
‫المأكيد على أقتية دراسة كانط بغض النظر عن عنصريمو‪ ،‬نؤكد على أقتية دراسة عنصرية كانط‬
‫أيضا‪ .‬إف قلنا للطالب أف دراسة كانط قياة ابلرغم من عنصريمو فاسألة المحفيز وبث اضتااس‬
‫ً‬
‫سمكوف أصعب علينا‪ ،‬وإف بقينا على ىذا اظتنوؿ سمظل فلسفة كانط العرقية منفصلة وغريبة عن‬
‫فلسفمو األخالقية‪ ،‬يف حُت يساعدان أسلوب اإلقرار على رؤية القضية كاملة وبوضوح‪ ،‬يساعدان‬
‫كذلك يف فهم ارتباط فلسقمو العرقية بفلسفمو األخالقية‪.‬‬

‫ىذا األسلوب يف تفسَت عنصرية كانط يضفي عليها قياة جديدة‪ ،‬تمحدد يف قدرهتا على‬
‫اإلجابة عن ىذا السؤاؿ "كيف اسمطاعت اظتؤسسات الغربية أف تدعو للاساواة بُت اصتايع‪،‬‬
‫ويف نفس الوقت تظل منهجيمها تقهر وهتاش غتاوعات كبَتة من الناس؟" عندما يمعلق األمر‬
‫ببحاثُت مثل كا نط قد تماثل اإلجابة يف اظتفاىيم والنظرًيت اليت نسمخدمها للمخفيف من الموتر‬
‫الذي ختلقو‪ .‬تفسَت عنصرية كانط هبذا األسلوب ال يعطيها فقط قياةً اترمتية ‪-‬إذ اممد أثر‬
‫عنصريمو ليصل لبلومنباخ‪ -‬بل أتثَتٌ فلسفي كذلك‪.‬‬

‫فهم اإلجاابت احملمالة عن ىذا السؤاؿ ىو موضوع الذي يركز عليو أغلب فالسفة العرؽ‪،‬‬
‫والباحثُت يف النقد العرقي‪ ،‬والفالسفة النسوًيت‪ ،‬وكل من كانت لديو شكوؾ ابلمزاـ الغربيُت‬
‫‪48‬‬
‫ابظتثل المنويرية‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪Barkley, p. 11.‬‬
‫‪48‬‬
‫‪٠‬جغص ا‪٢‬سغ‪ ِٓ ٓ٠‬ئٔـبٔ‪١‬ز‪ُٙ‬؟" ‪٠‬ؼزجغ ٘ظا اٌـإاي اٌّذغن ألغٍت أػّبي األصة اٌز‪ ٟ‬رزٕب‪ٚ‬ي ِ‪ٛ‬اظ‪١‬غ اٌزجغ‪٠‬ض ِٓ‬
‫"و‪١‬ف ٌإلٔـبْ أْ ا‬
‫اإلٔـبٔ‪١‬خ‪ِ .‬ضً وزبة صا‪٠‬ف‪١‬ض ٌ‪١‬ف‪ٕ١‬غز‪ ْٛ‬ؿّ‪١‬ش‪Less Than Human: Why We Demean, Enslave, and Exterminate ،‬‬
‫‪Others. St. Martin’s Press (2004). See also Raimond Gaita’s, Racism: The Denial of a Common‬‬
‫‪:Humanity. Humanity," in “A Common Humanity: Thinking About Love and Truth and Justice.” New York‬‬
‫‪Routledge (1998), pp. 57- 72. Also consider seeing, Kate Manne’s Humanism: A Critique. “Social Theory‬‬
‫‪.and Practice”, Vol. 42, No. 2, Special Issue: Dominating Speech (April 2016), pp. 389-415‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪29‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ .8‬خامتة‪:‬‬

‫ذكرت يف بداية البحث أنو ًأًي كاف اظتوقف الذي قد نمخذه ظتواجهة عنصرية كانط نتكننا أف‬
‫ُ‬
‫عاوما‪.‬‬
‫نعمربه اظتوقف الناوذجي الختاذه عندما نواجو أي مشكلة مشاهبة مع اظتفكرين ً‬
‫بطريقةً ما‪ ،‬أرى أف ىذا البحث يناقش نظرية "موت اظتؤلف"‪ ،‬ولتال بمواض ٍع اىمااما ابلماريخ؛‬
‫فإف اظتبالغة يف االىمااـ ابلماريخ قد تودي بنا إذل العفو عن آاثـ الشخصيات المارمتية‪ ،‬وعدـ‬
‫االكًتاث ابلماريخ سيجعلنا نمجاىل السياؽ المارمتي برممو‪.‬‬

‫كتب أف نعام االىمااـ اظتمواضع ابلماريخ على مفكرين آخرين حىت مع ىذا المعايم‪،‬‬
‫سيمباين مسموى االىمااـ ابلماريخ حسب القضية اظتمناولة‪ ،‬ولكن أرى أقتيةً ؽتيزة يف عنصرية‬
‫نظرا لكوهنا منهجية‪ .‬عندما نفحص أعااؿ مفكرين وابحثُت أُخر سنالحظ يف بعض‬ ‫كانط ً‬
‫ٍ‬
‫تعليقات عابرة وليست مًتسخةً يف منهجهم؛ وقد‬ ‫اضتاالت أف أفكارىم اظتمعصبة عبارة عن غترد‬
‫يمضاءؿ مسموى االىمااـ ابلماريخ يف ىذه اضتالة‪.‬‬

‫ىناؾ اظتزي د من اصتهود اليت كتب أف نبذعتا إلعادة النظر يف مؤلفات مفكرين مثل ىيدجر‪،‬‬
‫وىيجل‪ ،‬وروسو‪ ،‬لنرى كيف يشوب المعصب فكرىم األخالقي‪.‬‬

‫دىّخ © ‪Copyright 2020‬‬ ‫‪30‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قائمة املراجع‬

 Barkley, Elizabeth. (2010). Student Engagement


Techniques: A Handbook for College Faculty.
 Jossey-Bass. San Francisco, CA. Print.
 Bernasconi, Robert. (2002). Kant as an Unfamiliar
Source of Racism. “Philosophers on Race:
 Critical Essays” ed. Julie K. Ward and Tommy L.
Lott. Malden, Massachusetts: Blackwell
 Publishing. Pp145-66.
 Eze, Emmanuel Chuckwudi. (1997). The Color of
Reason: The Idea of “Race” in Kant’s
 Anthropology . “Postcolonial African Philosophy:
A Critical Reader.” Ed. Emmanuel
 Chuckwudi Eze. Lewisburg, PA. Blackwell
Publishing. Print. pp103- 140.

Copyright 2020 © ‫دىّخ‬ 31


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

 Hill, Thomas and Bernard Boxill. (2001). Kant


and Race. “ Race and Racism.” Oxford: Oxford
 University Press. Print. Pp448- 472.
 Kant, Immanuel. (2013). On the Different Human
Races. “Kant and the Concept of
 Race: Late 18 th Century Writings.” Trans. and
ed. by Jon M. Mikkelsen. Albany: State
 University of New York Press. Print.
 Kant, Immanuel. (1978). Anthropology from a
Pragmatic Point of View, trans. Victor Lyle
 Dowdell. Carbondale, IL.
 Kant, Immanuel. (1960). Observations on the
feeling of the Beautiful and the Sublime,
 trans. John T. Goldthwait. Berkeley: University of
California Press. Print.
 Kant, Immanuel. Kant’s Menschenkunde: Oder
Philosophisce Anthropologie. (1831). Ed.
 Friedrich Christian Starke. Kessinger Publishing.
Print.

Copyright 2020 © ‫دىّخ‬ 32


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

 Kleingeld, Pauline. (2007). Kant’s Second


Thoughts on Race. “The Philosophical
Quarterly.”
 Vol.
 57, No. 229. Pp573-592.
 McCarthy, Thomas. (2010). Race, Empire and the
Idea of Human Development. Cambridge:
 Cambridge UP. Print.
 Mills, Charles W. Kant’s Untermenschen. (2002)
(n.d.): 1-34. Web. November 19 th ,
 2015.
<http://www.unc.edu/~gsmunc/Colloquium2002/
mills.pdf>
 Mills, Charles W. (1997). The Racial Contract.
Ithaca: Cornell UP. Print.
 Neugebauer, Christian. The Racism of Kant and
Hegel. “Sage Philosophy: Indigenous Thinkers
and Modern Debate on African Philosophy” ed.
H. Odera Oruka. Brill, New
 York, 1990. pp 259-272.

Copyright 2020 © ‫دىّخ‬ 33


‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

 Serequeberhan, Tsenay. (1997). The Critique of


Eurocentrism and the Practice of African
 Philosophy. “Postcolonial African Philosophy: A
Critical Reader.” Ed. Emmanuel
 Chuckwudi Eze. Lewisburg, PA. Blackwell
Publishing. Pp 141 -161.
 Sullivan, Roger J. Immanuel Kant’s Moral
Theory. New York: Cambridge University
 Press. 1989.

Copyright 2020 © ‫دىّخ‬ 34

You might also like