Professional Documents
Culture Documents
عنصرية كانط
عنصرية كانط
فيكتور أبونديز-غويرا
ترجمة :فاطمة مصطفى
مراجعة وتدقيق :دليلة ميمون
.1املقدمة:
حظي الفيلسوؼ األظتاين إنتانويل كانط ابلكثَت من االىمااـ يف العقود األخَتة بصفمو أحد
موضوعا لغالبية
ً أكرب الفالسفة اظتؤثرين يف القرف الواحد والعشرين .كانت فلسفة كانط األخالقية
أساسا اثبمًا يف غالبية الفصوؿ الماهيدية يف اجملاؿ الفلسفي.
مصادر اظتعلومات ومراجعها ،و ً
ٍ
بشكل ابلرغم من أف فلسفمو العرقية دل تملقى نفس القدر من الشهرة ،إال أف االىمااـ هبا قد زاد
ملحوظ يف السنوات األخَتة .والفضل يعود لفالسفة مثل تشارلز ميلز ،وإنتانويل إيز ،ولوشيوس
أوتلو ظتا قاموا بو من جهود لرفعها من القاع وتسليط الضوء عليها .حفزت مؤلفاهتم الكثَت من
اظتناقشات حوؿ طرؽ تفسَت فلسفمو العرقية وما إف كاف بينها وبُت فلسفمو األخالقية عالقةً أو
رابطًا كتاعهاا.
قد يمساءؿ القارئ عن مدى أقتية أفكار كانط العرقية مقارنةً بفلسفمو األخالقية الواسعة،
مسبقا على أفكار كانط العرقية فقد يمساءؿ ما إف كاف لديو ما
ويف حاؿ كاف القارئ غَت مطلع ً
يسمحق القوؿ أو إضافة مهاة يف موضوع العرؽ من األساس ،لكن النقطة اظتركزية عتذه
النقاشات ىي ػتاضرات كانط عن اصتغرافيا واألنثروبولوجيا ،وقد حاضر كانط يف ىذين اجملالُت
فصال يف
عاما ،منذ 6771حىت .6771قدـ كانط اثنُت وسبعُت ً
بصورة مكثفة ظتدة أربعُت ً
فصال يف الفلسفة األخالقية.1
كال من األنثروبوصتيا واصتغرافيا الطبيعية ،بيناا قدـ ذتانية وعشرين ً
ً
كاف كانط يعمرب ىذين اجملالُت كالموأمُت يسَتاف جنبًا إذل جنب؛ فاصتغرافيا تدرس اصتوانب
اطتارجية ضتياة اإلنساف ،بيناا تدرس األنثروبوصتيا اصتوانب الداخلية والسيكولوجية ضتياة اإلنساف.
قاؿ كانط أنو نتكن تناوؿ األنثروبولوجيا أبسلوب سيكولوجي وأسلوب براغاايت .يعٌت
قادرا على المصرؼ حبرية" .2ومن خالؿ ىذه
اصتانب الرباغاايت بػ "اكمشاؼ ما كتعل اظترء ً
احملاضرات يسمطيع القارئ أف كتد أفكار كانط العرقية ،وعرب شرحو اظتسهب يزودان بواجهة
ممكاملة لفلسفمو العرقية اليت جتعلنا نمساءؿ عن مدى أتثَتىا العاـ.
سًتكز ىذه األطروحة على كانط ونظرتو جتاه العرؽ ،وأريد أف أوضح أف ىذه اظتشكلة ال
ختص كانط فقط أو الفلسفة 3.اظتؤلفات والنصوص اظتمعصبة ليست مشكلة خاصة ابلفلسفة،
1
Eze, p. 107.
2
Eze, p.104.
ٕ٠ 3بلش اٌفالؿفخ ِٓ فزغح ألسغ ٜأزّبء ٘١ضجغ ٌٍذؼة إٌبػِٚ ،ٞغ طٌه ّ٠ىٕٕب إٌظغ ٌفالؿفخ آسغ ٓ٠ثٛجٙبد ٔظغ ِزؼصجخ١٘ ،جً ػٍٝ
ؿج ً١اٌّضبي لبي أٔٗ ال ربع٠ز ٌألفغ٠م ٌُٚ ٓ١١رزطٛع أسالل ُٙئال ِٓ سالي االؿزؼجبص(Introduction to The Philosophy of History, .
فلذا ًأًي يكن اظتوقف الذي نمخذه جتاه كانط نتكننا اعمباره بطريقة ما اظتوقف الناوذجي الذي
عاوما.
سنمبناه يف مواجهة أي مشكلة مشاهبة ً
أفكار كانط عن العرؽ قد تكوف أفضل ٍ
ؽتثل لأليدولوجيات يف عصر المنوير ،حيث أنو بدأ
ينشر مؤلفاتو يف نفس الوقت الذي ظهرت فيو اظتعارضة الدينية والفلسفية للعبودية.
أفممح ىذا البحث من خالؿ إلقاء نظرةٍ سريعة على آراء كانط وكماابتو عن العرؽ .سأدتعن
بعد ذلك يف اظتواقف العديدة اليت قد يمخذىا القارئ ظتواجهة مؤلفات كانط ،وسأشَت إذل ما
يمضانو كل موقف من ٍ
عيوب أخالقية وتربوية ،والعوائق اليت قد تواجو الطالب داخل القاعة
وخارجها. الدراسية
وهنايةً أؤكد على أف اظتوقف الذي يموجب علينا اختاذه البد أف يكوف مبنيًا على معرفة عايقة،
تشال االعًتاؼ بثالثة أمور:
أيضا على
ج) أف يضع القارئ احمااؿ كوف أفكار كانط العرقية ليست مثبمة فقط ،ولكن تؤثر ً
عقيدتو وفلسفمو األخالقي ة بدرجة عالية ،ونميجة لذلك قد ؿتماج ظتراجعة الطريقة اليت نفسر هبا
فلسفمو األخالقية.
)) . trans. John Sibree (New York: Dover, 1956أ ٚئصغاع ج ْٛؿزٛ١عاد ِ ً١ػٍ ٝأْ "االؿزجضاص أؿٍٛة ِزبح شغػً١ب أِبَ
اٌذىِٛخ ف ٟدبي اٌزؼبًِ ِغ اٌجغثغ ]ؿىبْ أِغ٠ىب األصٍ [ٓ١١ألْ اٌّغاص ِٓ ٘ظا االؿزجضاص ٘ ٛرط٠ٛغُ٘"On Liberty and Other ( .
ٚأس١غا اصػبء عٚؿ ٛأْ "ّ٘ج
ً .Writings, ed. Stefan Collini (Cambridge: Cambridge University Press, 1989) p. 13
أِغ٠ىب ٌُ ٠ؼغفٛا اٌؼعاػخ ٚال ػٍُ اٌّؼبصٌْٙٚ ،ظا اٌـجت ثمٛا ّ٘ج- ).Rousseau, Discourse on Inequality , p 116( ".وهذا ادعاء
باطل .-هناك الكثير من المفكرين ذوي اآلراء المتعصبة خارج المجال الفلسفي ،ومنهم مؤسسي الواليات المتحدة األمريكية ،مثل توماس
جيفرسون الذي وصف األمريكيين بـ "حفنة من الهنود الهمج منعدمي الرحمة" في وثيقة االستقاللRichard Drinnon, Facing ( .
) .West: The Metaphysics of Indian Hating and Empire Building New York: Meridian, 1980), p.332وفي العلوم
الغربية يخبرنا توماس مكارثي عن تشارلز داروين ":المدافعين عن داروين ينسبون سوء أفكاره عن األعراق والنساء لأليدولوجيات
الجاهلة في المجال البيولوجييMcCarthy, Race, Empire, and the Idea of Human Development. (UK: University ( ".
.)Press Cambridge, 2010), p. 75
إف أوؿ األشياء اليت قد يالحظها القارئ يف أفكار كانط العرقية ىو اعترـ العرقي اظتمدرج،
حيث يضع كانط يف قاة اعترـ العرؽ األبيض بصفمو األعلى واألفضل وتليو بدرجات ممفاوتة
بقية األعراؽ.
على األرجح أف ىذا اعترـ العرقي ىو أوضع جانب يف أفكار كانط عن العرؽ ،وابلرغم من
أحدا ال نتكنو أف ينكر حقيقة أف ىذا اعترـ
غاوض نواًي كانط لمصايم ىذا اعترـ وإطالقو إال أف ً
ينهض ابألفضلية للعرؽ األبيض.
نسمطيع أف نبدأ إبلقاء نظرةٍ سريعة على مقاؿ كانط "حوؿ األعراؽ اظتخملفة" اظتنشور عاـ
ووضح كيفية اخمالفو مع
6771ـ ،حيث أ ّكد كانط يف ىذا اظتقاؿ على ثبوت ودنتومة العرؽّ ،
مفكرين آخرين مثل فولمَت ،إذ كاف فولمَت يعمقد يف تعددية اصتينات ،وىذه النظرية ابتت ػتل
ٍ
شك لدى غالبية العلااء يف عصران اضتارل.
4
Kant, On the Different Human Races. p46.
5
Ibid.
اعتندوش أو اعتندوسمانيش 6".تكونت ىذه األعراؽ نميجة لمجا ٍع البذور واصتراثيم ،فمطورت
مناخ مسمار عرب
بطرؽ ؼتملفة حسب الطبيعة اصتغرافية للاكاف ،وحاظتا تمطور ىذه اصترثومة يف ٍ
7 ٍ
عدد من األجياؿ؛ لمصبح اثبمة وغَت قابلة للمغيَت.
وصوال عت ذه النقطة يبدو أف كانط بٌت نظريمو على هن العلوـ الزائفة ،اليت حتاوؿ فصل اإلنساف
ً
وتقسياو جملاوعات بيولوجية ؼتملفة ،ولو كاف ىذا االهتاـ يف ػتلو؛ فإف نظرية كانط العرقية نتكن
جتاىلها كهرطقات من العلوـ الزائفة ،ضعيفة األصل وال دخل عتا بفلسفمو األخالقية ،لكن
لألسف أف تنماي ألحد غتاوعات كانط البيولوجية ال متربان ىذا عن اتريخ نسبك اصتغرايف
أيضا طبيعمك الشخصية وقيامك الذاتية من اظتنظور األخالقي .مت حتديد
فحسب بل لتدد ً
المفاوت بُت طبقات ىرـ كانط العرقي حبسب اظتواىب الفطرية لكل عرؽ ،ويشرح إيز ىذه
جيدا فيقوؿ:
النقطة ً
"اظتوىبة حسب اظتفاىيم الكانطية يف العرؽ واألخالؽ ىي عنصر تضانو الطبيعة للعرؽ األبيض؛
فهم األعلى مراتبًا فوؽ كل األنواع البشرية واظتخلوقات األخرى ،يليهم بعد ذلك "الصفر" ،مث
أخَتا "اضتُار" .نتثل لوف البشرة عند كانط العامل الفارؽ الذي سيحدد ما إف كاف
"السود" ،و ً
أيضا القدرة على
مسمقرا يف درجة عليا أو دنيا ،ولتدد كذلك اظتوىبة من انعدامها ،و ً
ً العرؽ
اسميعاب اظتنطق وإدراؾ الفكر األخالقي .لذلك ال نتكن القوؿ أبف لوف البشرة عند كانط ما ىو
سوى غترد جزء بسيط يشكل اظتظهر اطتارجي ،بل العرؽ ابلنسبة إليو مبثابة الدليل ٍ
ظتثل أخالقية
اثبمة وغَت قابلة للمغيَت ،قد ُلترـ اإلنساف األسود على سبيل اظتثاؿ من وصفو كػ"إنساف كامل" مبا
8
أف اإلنسانية الكاملة لدى كانط تنطبق فقط على األوروبيُت البيض".
6
Ibid. 47
7
Ibid. 49-54.
8
Eze, 119.
"تمجلى اإلنسانية بشكلها األمثل يف العرؽ األبيض .اعتنود الصفر لديهم قدر أقل من اظتوىبة،
9
مسموى بينهم ىم األمريكيوف".
ً الزنوج أقل من الصفر منزلة ،واألدىن
وّ
فاثال ،كشف كانط عن اتفاقو مع
يظهر ىذا األمر يف جوانب كثَتة من مؤلفات كانط األخرىً ،
آراء ديفيد ىيوـ ونظرتو لألفريقيُت عاـ 6711ـ يف كمابو "مالحظات":
"زنوج القارة األفريقية بطبيعمهم ال نتلكوف إحساسا يدفعهم لالرتقاء فوؽ المفاىة والوضاعة.
السيد ىيوـ يمحدى أف أييت أحد ٍ
مبثاؿ واحد على زؾت ٍي أظهر أدىن قدر من اظتوىبة ،كاا أنو
يؤكد أف من بُت مئات األلوؼ من السود الذين انمقلوا من مواطنهم (وابلرغم من أف الكثَت منهم
احدا ،أو يطرح ما فيو منفعة للاجاؿ العلاي
فردا و ً
أي منهم ،ولو ً قد حترر من العبودية) دل يربز ٌ
ٍ
طبقات أو الفٍت ،أو ممضانًا ظتا يسمحق اإلشادة بو .وابلرغم من أف الكثَت من البيض كانوا من
10
فقَتة ،فإنو من خالؿ مواىبهم الفذة انلوا مكانةً ػتًتمة يف العادل".
قد يصر القارئ أف كانط دل يقم إال ابسمعراض آراء ىيوـ اطتبيثة ،لكن لألسف كانط ال يموقف
عند ىذا اضتد ،فيكال الفقرة السابقة إبعطاء بعض النصائح:
"الفروقات بُت العروؽ اظتخملفة ] األبيض واألسود[ أساسية ،ويظهر الفرؽ الكبَت بوضوح يف
تفاوت القدرات العقلية بقدر ما ىو واضح يف لوف البشرة ".وبذلك " عبارة مثل (ىذا الرجل
تفسَتا منطقيًا ِدلَ نعمنا ما قالو الرجل األسود ابلغباء أو
ً أسود من رأسو ألستص قدميو) تعطي
11
اصتهل".
نصائح كانط ال تنمهي ىنا ،بل يماادى بطرح اقًتاحات حوؿ الكيفية الصحيحة اليت كتب أف
آالما مضاعفة،
ُكتلد هبا السود "اسمخداـ عصا البامبو أفضل من السوط ،حىت يعاين الزؾتي ً
9
الدع أْ "األِغ٠ى "ْٛ١ال ٕ٠زّ ْٛوًٍ١ب ٌزمـّ١بد وبٔػ األعثؼخ ٌٍؼغق٘ٚ ،ظا لض ٠ؼٛص ٌٍذضؽ ٌٍٚزذ١ؼاد اٌّزجؼخ ٌزمـ ُ١اٌؼغقِٚ .غ طٌه،
٠مٛي وبٔػ ف ٟوزبثٗ اٌؼغٚق اٌّشزٍفخ ٌإلٔـبْ ص 64أٔ٠ ٌُ ْٛ٘" ُٙزألٍّٛا ثؼض ِغ ث١ئز ُٙاٌذبٌ١خٕ٘ ".بن ادزّب ٌي آسغ ،أْ رمـّ١بد وبٔػ لض
ٌىض١غ ِٓ اٌزصٕ١فبد اٌؼغل١خ .دضص رمـّ١برٗ األعثؼخ ػبَ ٚ ،َ5771ػبَ ٚ َ5081ظغ األِغ٠ى ٓ١١ف ٟإٌّؼٌخ األس١غح. ٍ رغ١غد وّب ٠ذضس
10
Kant, Observations on the feeling of the Beautiful and the Sublime, p111-113.
11
Ibid.
فجلد الزنوج شتيك ولن تضنيو ضرابت السوط اطتفيفة ،واضترص واجب يف حاؿ اسمخداـ
12
البامبو حىت ال نتوت".
من خالؿ ىذه المعليقات العنصرية واظتريعة يمضح أف كانط ال يرى أف كل البشر سواسية ،لكن
ماىي اظتقومات اليت جتعل البيض أعلى مرتبةً يف نظره؟ يبدو أف اإلجابة تكان يف العقالنية ،أو
فضال عن ذلك العقالنية الناقصة.
ً
فعندما يمحدث كانط عن أعر ٍاؽ أخرى نالحظ فورا اعمقاده أف ملكة العقل لديهم انقصة بطر ٍ
يقة َ ً
أو أبخرى ،ونطرح ىنا اقمباس آخر من كماب اصتغرافيا الطبيعية ،يقوؿ فيو كانط:
12
Kant’s Physische Geographie in The Racism of Kant and Hegel, p264 .Translated by Emmanuel Eze.
13
Physische Kant’s philosophishe Anthropologie: Nach handschriften Vorsleungen from Kant’s
p353. Translated by Emmanuel Eze. Geographie,
14
Ibid. Translated by Emmanuel Eze.
"دوافعهم المحفيزية قوية لكنهم يقفوف عند حد معُت من الكاوف .رتيعهم يبدوف كالفالسفة،
ومع ذلك نتكن القوؿ أهنم ميّالوف ظتشاعر الغضب واضتب ،وىذا سبب تفوقهم يف المعليم
ٍ
غتاالت معينة كالفنوف ،أما إجادة العلوـ فليست من ٍ
بدرجات عالية ،لكن تفوقهم يقمصر على
ؽتيزاهتم ،فقدراهتم ال تسع لفهم النظرًيت واألفكار اجملردة .الرجل اعتندوسماين الناجح ىو من
مبكرا
صل ظتنزلة رفيعة يف الفنوف اظتضللة وحصل على ثروة طائلة ،وعلى الرغم من بدء تعلياهم ً
َو َ
15
دائاا ما يبقوف على حاعتم ،فيصلوف ظترحلة ػتدودة من المقدـ ليقفوا عندىا".
إال أهنم ً
سرعاف ما سيالحظ القارئ عدـ إدراج كل األعراؽ حتت تصنيفات كانط الثالث :اعتندوس،
ماا سمكوف نظرتو دونية .عندما
مغايرا عنهم ،فح ً
والزنوج ،واألمريكيُت .لكنٍت أشك أف لديو ر ًأًي ً
حتضرا،
حتدث عن جزيرة اتىييت قاؿ كانط" :دل يقم سكاف اتىييت بزًيرة مناطق أخرى أكثر ً
آلالؼ من القروف .ال يسمطيع أي شخص أف يقدـ ٍ مقدر عتم أف يعيشوا يف ستوعتم
وىكذا ٌ
إجابة مرضية للسؤاؿ ِ(دلَ ىم موجودين يف األساس؟) فاضتاؿ لن يمغَت سواء كانوا سكاف ىذه
16
رجاؿ منشغلوف ابظتمعة فقط".
اصتزيرة غتاوعة من اطتراؼ واظتاشية أو ٌ
على ما يبدو أف العرؽ الوحيد القادر على اسمحواذ اظتلكة الكلية للعقل والثقافة يف نظر كانط
ىو العرؽ األبيض .متربان كانط "العرؽ األبيض بطبيعمو نتملك كل اظتواىب والدوافع ،لذلك ىو
17
يسمحق اظتعاينة والدراسة عن كثب أكثر من غَته".
بعد أف ذكران كل ما سبق قد كتيب من يدافع عن كانط على أنو ابلرغم من وجود تفاوت يف
عادال أماـ
اعمبارا ً
بشرا وبذلك يسمحقوف ً
اظتواىب والقدرات الذىنية بُت األعراؽ فإهنم ال يزالوف ً
القانوف األخالقي .رغم كوف السود كساذل وأضعف ذىنيًا حسب رأي كانط ،فإنو يف نفس
الوقت عندما نقارف بُت عبقر ٍي أبيض وقريب لو أقل منو يف اظتسموى الفكري ال يُهاجم ىذا
15
Ibid. pp353-54. Translated by Emmanuel Eze.
16
Beck, Lewis. “Kant on History.” Reviews on Herder’s Ideas for a philosophy of the history of mankind.
Bobb-Merrill Publishing, Indianapolis. (1963) pp 50-51.
17
Quoted by Starke in Kant’s philosophishe Anthropologie: Nach handschriften Vorsleungen from Kant’s
Physische Geographie, p353. Translated by Emmanuel Eze.
"ال حتماج واجبات الفضيلة لفصل خاص هبا يف نظاـ األخالؽ؛ مبا أف الفضيلة ال تمضان أي
إلزٍاـ أخالقي ابلكيفية اليت هبا يعامل البشر بعضهم البعض ،فملك األخالقيات ما ىي إال غترد
طبقا الخمالؼ اضتاالت اليت يطبق عليها مبدأ الفضيلة ،وىذه اضتاالت
قواعد ػتسنة وجدت ً
تروى عن جتارب واقعية ؽتا كتعل لمطبيق مبدأ الواجبات الفضيلة نمائ ٌ ؼتطط عتا ،وتقدـ
كأخالقيات عالية جاىزة لإلسمعااؿ .كيف على اظترء أف يمصرؼ جتاه الشخص الصاحل أو
عامل الناس حسب تفاوت منازعتم سواء كاف
الفاسق؟ جتاه اظتثقف أو اظتمخلف؟ كيف كتب أف يُ َ
من انحية جنسية أو عارية أو الثراء أو الفقر...إخل .ىذا النوع من األسئلة ال كتعلنا نموسع يف
األنواع اظتخملفة لإللزامات األخالقية (فهي يف األساس نوعٌ واحد أال وىو الفضيلة) ،وإفتا يوضح
18
لنا فقط األساليب المطبيقية عتا"
أتشارؾ مع توماس مكارثي يف شكوكو حوؿ ىذه اضتاالت اظتخملفة اليت تطبق عليها نظريمو
أساسا ،فهذه اضتاالت إما جتعل المعامل مع العرؽ كقضية خاصة أو
تدخل فيها مسألة العرؽ ً
19
ولست أرى
ُ يدرجها حتت حالة أخرى ،فيعاملها كصفات مثل المخلف والفساد األخالقي.
عادال،
اعمبارا أخالقيًا ً
أي قياة يف اضترص على المأكيد أف األعراؽ (غَت البيض) يسمحقوف ً
خاصةً عندما يُطبق ىذا القانوف من خالؿ عالية ؼتططة النمائ .
18
Kant, The Metaphysics of Morals. §45.
19
McCarthy. P46.
بعد أف قانا مبعاينة آراء كانط حوؿ العرؽ بوسعنا اآلف أف نعاين اظتواقف اظتخملفة اليت قد
يمخذىا القارئ للمعامل مع ىذه األفكار كجزء من سياؽ فلسفة كانط ،حيث سنبدأ بذكر
انمقاال إذل أخرى اثبمة اضتكم ،وننظر يف تلك اإلشكاليات من وجهة نظر
اظتواقف الشائكة ً
أخالقية وتربوية.
اظتوقف األوؿ الذي قد يمخذه القارئ جتاه آراء كانط العرقية ىو إنكار كوهنا تعكس جانبًا من
شخصيمو .قد يفًتض القارئ ابلطبع أف كانط كمب الكثَت من اعتراء واعترطقات ،لكن ال نتكن
مبعٌت ما ،ينكر أصحاب ىذا اظتوقف عنصرية كانط من األساس بسبب كونو
وصفو ابلعنصريةً .
فيلسوفًا أخالقيًا؛ فهذا عال يضان نزاىة وصدؽ صاحبو ،وىذه صفات ال تنطبق على
العنصريُت.
من انحية نظرية ،ال يوجد أي فرصة لكانط أف يمسم ابلعنصرية يف ظل فلسفمو اليت وضعهاَ .من
يمخذ ىذا اظتوقف قد يشَت إذل مساقتات كانط يف اظتناىضة حبق اإلنساف أو ما قالو عن المفرقة
بُت اإلنساف واصتااد ،االىمااـ الكبَت الذي أواله لألخَت على وجو المحديد .على سبيل اظتثاؿ،
يف كماب األنثروبولوجيا من وجهة نظر براغااتية يقوؿ لنا كانط:
ابخمصار ،ما يقولو أصحاب ىذا اظتوقف ىو أف كل اظتؤلفات واألقاويل العنصرية اليت وردت عن
كانط تسقط أماـ فلسفمو األخالقية ،فال يُعقل أف نموقع أف يثبت الفيلسوؼ دوف زلة أو تناقض
20
Kant, Anthropology from a Pragmatic Point of View, p9. Hereafter cited as Anthropology.
أوال ،ىناؾ مشكلمُت يف ىذا اظتوقف ويف اضتج اليت يذرع هبا ،فبدايةً كانت معظم ػتاضرات ً
اضحا ِدلَ كتدر بنا
كانط عن األنثروبولوجيا واصتغرافيا أكثر منها عن الفلسفة ،وعتذا السبب ليس و ً
أف نعمرب أفكار كانط العرقية كػ"اؿترافات" ال تمناسب مع نظرًيتو األخالقية .نسمطيع أف نطرح
مهاا :ىل فتلك أي سبب يدفعنا لمجاىل اعمبار العكس؟ وأف نظرًيت كانط ىنا سؤ ًاال ً
األخالقية ماىي إال اؿترافات ال تمناسب مع أفكاره العنصرية؟
اثنيًا ،قراءة مؤلفات كانط واإلصرار على اسمحالة كونو ممعصبًا جملرد قولو أف كل الناس
جتاىل اتـ ظتقصد اضتديث ىنا ،فإف اظتقصد ىو على األرجح
ٌ يسمحقوف االحًتاـ واظتساواة يُعمرب
أصال .دايفيد ليفنجموف شتيث يعلق
أف كانط ال يعمرب َمن يعيش خارج اجملماعات األوروبية بشرًّي ً
نظرا
على ىذه النقطة بقولو أف اظتركزية العرقية قد تؤدي إذل حصر تصنيف اظترء ظتا يعمرب إنساانً ،
ألف ليفنجموف يعيش يف غتماع مشابو لكانط:
" من المعابَت اظتمطرفة عن المعصب أو اظتركزية العرقية ىو االعمقاد أبف أبناء ثقافمك وغتماعك ىم
ظ
الح َ
البشر الوحيدوف .فرانمز بوس -الذي ينسب لو أتسيس األنثربوبوصتيا الثقافية اظتعاصرةَ -
أنو من بُت اصتااعات البدائية ال يُ َكرـ أحد مبساى البشر إال أبناء القبائل".
ٍ
فحص سريع للقبائل األمريكية نفهم ما يرمي إليو بوس .الكثَت من تلك القبائل مبن من خالؿ
فيهم إنويت ،اتانينا ،تشيبواف ،انفاجو ،كوتشُت ،إنو ،كالماث ،أابش ،مانداف ،كومانش ،أوت،
ىورؾ ،شيُت ( Inuit, Tanaina, Chipewyan, Navajo, Kutchin,
InnuKlamath, Apache, Mandan, Comanche, Ute, Hurrok,
مالؾ
اعمبارا بملك اظتعلومة فنحن نرجح احمااليّة أف كانط كاف يقصد الرجاؿ األوروبيوف األغنياء ّ
ً
22
مكرمُت" .فكانط دل يغادر حدود كوينزبَتج طواؿ حياتو وقد
األراضي حُت قاؿ" :كل البشر ّ
23
عامال مؤثر يف نظرتو ظتن يُعد إنساان.
يكوف ىذا ً
قد يهمم القارئ مبعرفة أف اظتفكرين من اظتذىب اظتساوي (اظتفكروف اظتساويوف) يف الوالًيت
ٍ
لدرجة أعاق؛ اظتمحدة األمريكية الزالوا ممساػتُت مع العنصرية ،وىذه اضتقيقة تضعف اظتوقف
فعلى سبيل اظتثاؿ ،توماس جيفرسوف أحد مؤسسي الوالًيت اظتمحدة ،ادعى اظتساواة للجايع يف
ٍ
بشكل كامل على وثيقة االسمقالؿ مث تشوىت شتعمو بعد أف ظهر للعلن أنو نتملك مزارع قائاة
عاالة العبيد .ختلى العديد من اظتبطلُت عن اسمَتاد العبيد من أفريقيا خوفًا من احمااؿ "إغااؽ
أمريكا" .اعًتض بينجامُت فرانكلُت -أحد أوائل اظتبطلُت يف اتريخ الوالًيت اظتمحدة -على
المجارة ابلعبيد واسمَتادىم لدرجة أنو ذىب لقوؿ "ظتاذا نزيد عدد بٍت أفريقيا بمأصيلهم يف
أمريكا؟ بيناا أمامنا الفرصة إلبعاد كل السود والثيواف خارج البالد ،فمزداد نسبة البيض
واضتار 24".إف كنا نعمقد العنصرية يف ىؤالء اظتفكرين اظتشهورين ،فباقدوران أف نعمقد ابظتثل يف
حالة كانط.
21
Smith, p. 58. F. Boas, “Individual, Family, Population and Race,” Proceedings of the American
Philosophical Society. vol. 87, no 2 (1943): 161.
ِالن األعاظِ ٟزـٛا .ٓ٠رزعخ عؤ٠خ وبٔػ اٌـٍج١خ ٌجؼط 22لض ٠ؼزغض اٌجؼط ٠ٚمٛي أٔٗ ثبٌٕـجخ ٌىبٔػ ٌ١ؾ وً اٌغجبي األٚعث ْٛ١ا
األٚعث ٓ١١ف ٟوزبثٗ ِالدظبد د ٓ١لبي" :اٌٛٙ١صٚ ،األرغانٚ ،األؿجبْ جبٍ٘ ْٛثبٌضٓ٠؛ ُ٘ٚأ٠عًب غض ااع ٓ٠ئْ سبفٛا ٚغغبح ف ٟدىّ.ُٙ
إٌٌٛٙض٠ ٓ١٠زىجغٌ ْٚضغاءُ٘ٚ ،اإلٔجٍ١ؼ ِٛٙؿ ْٚٛثبٌـٍطخ ٚاٌذغ٠خ .اغزغاع ٘ظٖ األُِ ثـٍطبٔٙب اٌؼظ ُ١اٌظ ٞأص ٜئٌ ٝاٌىجغ٠بء...اٌىض١غ ُِٕٙ
ٕ٠زٌّ ٟطجمخ إٌجالء ٠ٚجض٠ ِٓ ْٚط١ؼ ِٓ ُٙإٌبؽٚ ،لض ٠ى ْٛؿجت اٌطبػخ اٌجٚ ًٙاٌزٍّك ِؼًبٚ .اٌذبي ٔفـٗ ٕ٠طجك ػٍ ٝاٌجٌٕٛض".ٓ١٠
(181554
23رفـغ ٘بٔب أعٕ٠ضد لٍخ ؿفغ وبٔػ أٔٗ أِغ ئ٠جبث ٟثطغ٠م ٍخ ِب "رزعخ ػؼّ٠خ وبٔػ ف ٟرٛؿؼخ ئصعاوٗ ِٓ اجزٙبصٖ ف ٟرؼٍ ُ١اٌجغغاف١ب اٌطج١ؼ١خ
ػغف غغق ٚشٛاعع ٌٕضْ ٚئ٠طبٌ١ب؛ ٠مٛي وبٔػ أْ ال ٚلذ ٌضٌٍ ٗ٠ـفغ ألٔٗ ثٕ ُٙوً رمبع٠غ اٌغدالد ٚاٌـفغِٕٙٚ ،ب َ
ف ٟاٌجبِؼخ .وبْ ٠مغأ ٍ
وض١غا ػٓ ِشزٍف اٌجٍضاْ(Arendt, Hannah. Lectures on Kant’s Political Philosophy. Chicago, The ". أعاص أْ ٠مغأ ً
(1992) P, 44). Press. Harvester
Black, 24 Franklin. Observations Concerning the Increase of Mankind. (1751), quoted in Jordan, White over
p.143.
يف النهاية ،اظتشكلة األساسية يف ىذا اظتوقف تماثل يف تغاضيو عن مؤلفات كانط اليت تمضان
اسمغفاؿ غشيم وال يصدؽ ،ولو كانت عنصرية كانط ػتدودة يف
ٌ أفكاره ونظرًيتو العرقية؛ فذلك
مناضال على
ً ٍ
تعليقات عرضية قد يسمطيع القارئ حينها القوؿ أبف كانط دل يكن عنصرًّي بضعة
األقل.
لكن كاا ذكران ،عنصرية كانط منهجية ،وقد تكوف األشد تعصبًا قبل ظهور العلوـ العنصرية اليت
مؤثرا
عنصرا ً
تبلورت يف منمصف القرف الماسع عشر .إذ وصل تعصب كانط لدرجة أصبح فيها ً
25
على فريدريك بلومينباخ الذي غالبًا ما يعمرب كواضع ظتفهوـ العرؽ يف اجملاؿ البيولوجي.
أخَتا ،يقًتح أصحاب ىذا اظتوقف أف نضع مسألة ما إف كانت آراء كانط اظتمعصبة تعكس ً
شخصيمو أـ ال ،فهذا أمر ال دخل لو ابظتوضوع .ما كتب على الفيلسوؼ أو اظتفكر الًتكيز فيو
ىو ما إف كانت ىذه العنصرية اظتزعومة تؤثر يف فلسفمو األخالقية وليس يف شخصيمو وسلوكو.
لدي رداف على ىذا االقًتاح ،أوعتاا -:علينا أف نلغي من األساس فكرة أف شخصية كانط ال
دخل عتا بفلسفمو ،والسكوت عن ىذه الفكرة قد يؤدي إذل اسمنماجات مضللة .إف كاف القارئ
داع لطرحها أو المطرؽ عتا يف
يرى أف شخصية كانط ال عالقة عتا بنظرًيتو ،فلن يكوف ىناؾ ٍ
الدراسات األكادنتية ،ومع ذلك فإف ىذا النقص يف الدافع لتال إقحامات تربوية .خاصةً أنو قد
شعورا ابطتيانة
يؤدي إذل اعمقاد الطالب أف كانط دل يكن عنصرًًي ،ويف النهاية سيخاجل الطالب ً
واطتيبة بعد أف يكمشفوا حقيقة كانط خارج اظتنه الدراسي.
26
بدال
اثنيهاا -:ال أعمقد أنو من اضتكاة تطبيق مقولة "مات اظتؤلف" حبذافَتىا ،فيجدر بنا ً
عن ذلك أف أنخذ بنصيحة نيمشو ونعامل ما كمبو اظتؤلف كسَتة ذاتية مسملهاة من قياو ومبادئو
ٌ 25الغالع ػٍ ٝرأص١غ وبٔػ ػٍ ٝثٍِٕٛجبر أظغ فJ.H. Zammito, “Policing Polygeneticism In Germany, 1775”, and ٟ
Bernasconi, “Kant on Blumenbach’s Polyps”, both in Larrimore (ed.) The German Invention of Race, pp.
35-54 and 73-90
اطتاصة 27.حقيقة وجود جانب عنصري من شخصية كانط من شأهنا تعايق معرفمنا بفلسفمو
ممسرعا كاسألة ال عالقة عتا ابظتوضوع .ال أقصد
ً األخالقية وليس على القارئ أف يمجاىلها
أيضا أف عنصرية كانط ىي
اجب علينا ػتو فلسفة كانط جملرد كونو عنصرًًي ،وال أعٍت ً
بقورل أنو و ٌ
كقراء
العامل الذي لتدد قياة فلسفمو األخالقية ابلعكس ،فإف معيار اضتكم ىنا ىو أتكيد قدرتنا ّ
على توظيف شخصية الكاتب كالدليل اظترشد لإلتياف ابلمفسَتات اظتموقعة حسب نية الكاتب،
وهبذه الطريقة تصبح شخصية اظتؤلف اظترشد األساسي ظتبادئ فكره.
26
٘ظٖ اٌفىغح ِأسٛطح ػٓ عٚالٔض ثبطعػ ِٓ ِمبٌٗ "ِٛد اٌّإٌف" د١ش ٔبلش فىغح فصً ٔٛا٠ب اٌّإٌف ػٓ ػٍّٗBarthes, Roland. .
Image, Music, Text. Hill and Wang Publishing, (1977). Pp 142-149
27
Nietzsche, Frederich. Beyond Good and Evil (§6). trans. Walter Kaufman. See also, William Earle,
"Philosophy as Autobiography," Public Sorrows and Private Pleasures, Indiana University Press, (1976).
28
أػ ٟأْ ٕ٘بن أوضغ ِٓ ؿجت "ٌ ئال ٔذٍّٗ اٌّـإ١ٌٚخ" ٚأْ ٚعاءٖ ػٛاًِ ػض٠ضح ِٓ شأٔٙب أْ رّٕؼٕب ِٓ ٔـجٙب ٌىبٔػ .وبٔػ ثبٌطجغ ٌ١ؾ دٟ
ً
ِ ٞـإ١ٌٚخ ؿ١جؼً ِٓ ػٕصغ٠زٗ ِؼٍمخ ف ٟاٌزبع٠ز صِ ْٚضاْ. اٌٚ ،َٛ١ػضَ رذّ ٍٗ١أ ُّ
29
See footnote 21. Kant was an avid reader of travel brochures.
أرى الضعف يف ىذا اظتوقف من نو ٍاح عدة؛ فبدايةً ،تذىب توقعاتنا يف كث ٍَت من األحياف أف
يرتقي الفالسفة بفكرىم ويمخطوا حدود زماهنم والمعصبات الرائجة فيو ،فنحن نموقع األفضل من
ىؤالء اظتفكرين -أو الفالسفة األخالقيُت على وجو اطتصوص -أكثر من الشخص العادي.
أحد أىم األفكار اليت تناوعتا فالسفة عصر المنوير ىي أف اإلنساف قادر على ختطي حدود زمانو
َعرب المفكَت والمأمل ،سواء كانت اظتعايَت اليت وضعاهنا للفالسفة األخالقيُت أعلى من معايَتان
مربر لو أـ ال ،وىذا سؤاؿ مفموح اإلجابة وقابل للنقاش ،لكن كانط للشخص العادي عا ٌل ٌ
وعدا
كتيب بنفسو عن مدى قدرتنا على ختطي اضتدود الفكرية للوقت الذي نعايشو ،ويقدـ ً
يمفق مع سائر ذويو المنويريُت:
"االسمنارة ىي جتلي اظترء عن فجاجمو .قلة النض ىي عدـ قدرة اظترء على اسمخداـ مفاىياو
اطتاصة دوف إرشاد من اآلخرين .ىذه الفجاجة سببها الشخص نفسو ،ألهنا ليست منطلقة من
قل فهم ،بل منطلقة من ٍ
نقص يف المصايم .وىذا النقص لتوؿ بُت اظترء وبُت المحلي ابلشجاعة
إرشاد خارجي .فشعار مفكري عصر المنويرالالزمة السمخداـ اظتفاىيم اليت قاـ بمكوينها دوف ٍ
30
حكياا" حتلى ابلشجاعة الكافية السمخداـ عقلك".
ً ىو "جترأ وكن
أصحاب ىذا اظتوقف يعًتضوف بنفس أسلوب سابقيهم حوؿ مسألة ما إف كاف كانط مسؤوؿ
عن عنصريمو أـ ال ،وتلك قضية ال عالقة عتا بفلسفمو األخالقية .ىذا االعًتاض يصفح عن
الموسط يف االلمزاـ ابألخالقيات ،حىت وإف كاف الموسط يف األخالؽ يمعارض بوضوح مع
أخالقي وتربوي للحفاظ على اظتعايَت األخالقية وتعاياها
ٌ فشل
مؤلفات الفيلسوؼ نفسو .وىذا ٌ
مغفور لو
انطباعا أبف ىذا النوع من األخطاء ٌ
ً على رتيع الفالسفة ،ويعطي طالب الفلسفة اصتدد
ومقبوؿ كليًا.
30
Kant, Immanuel. An Answer to the Question: “What is Enlightenment?” London, Penguin Books.
(2009). P. 1.
أيضا تقصَتٌ يف اإلشارة حملدودية مصادر كانط الذي كاف يكمفي مبنشورات السفر اليت
ىناؾ ً
ُعرفت بناطيمها منذ ذاؾ الوقت لدرجة أف كانط نفسو اعًتؼ بضعف دقمها ،إذ يقوؿ مكارثي:
"كاف كانط يمكالب على قراءة تقارير الرحالت كافة ،سواء كانت مكموبة من قبل مسمكشفُت،
أو جتار ،أو مبشرين ،أو مسموطنُت ،أو من كاف على اتصاؿ مباشر مع ٍ
نفوذ من خارج البالد. َ
كانت ىذه المقارير حينها اظتصدر األساسي يف أورواب ظتعرفة طبيعة البلداف الواقعة وراء البحر.
31
وقد ح ّذر كانط مر ًارا من ضعفها ،إال أنو اسمند إليها يف أفكاره العرقية".
ولسوء حظ ابقي األعراؽ دل يمورع كانط عن االسمفادة من منشورات السفر عندما أجرى
دراساتو عنهم ،بل كانت اظتصدر الرئيسي عتا .قاؿ كارؿ فوف زيدليمز ،وزير المعليم آنذاؾ وأحد
معجيب كانط:
"ؽتا ال شك فيو أف االسمنماجات السيئة أفضل من عدـ االسمنماج على اإلطالؽ ،واألساتذة إف
كانوا حكياُت مبا يكفي ،فال بد أف يطوروا ولتسنوا من أقواؿ اظتؤلف بقدر اسمطاعمهم .لكن أف
يلقي األساتذة ػتاضرات قطع كاا وردت ما ىو غَت نشاط كتب إيقافو ،ونسمثٍت من القاعدة
32
نظرا لعدـ وجود كمب منهجية عتذه اظتادة".
األسماذ كانط وػتاضراتو يف اصتغرافيا الطبيعيةً ،
كانت حقيقة وجود الكثَت من االعًتاضات حينها على آراء كانط اظتمعصبة ىي القشة اليت
قصات ظهر البعَت.
أولئك الذين اعًتضوا دل يمذرعوا بظروؼ وقمهم عكس ما يفعل أصحاب ىذا اظتوقف لكانط.
مثال أف يعمرب أعااؿ جورج فوسًت -عادل يف األعراؽ ورحالة حقيقي نقيضيسمطيع القارئ ً
كانط -يف كمابو "أعااؿ" أبنو أهنى نقاشو عن نظرية كانط بدعوةٍ أخالقية ،متاطب فيها كل
31
McCarthy p. 49.
32
May, J.A. Kant’s Concept of Geography and its Relation to Recent Geographical Thought. Department
)of Geographical Research Publications. University of Toronto Press. (1971
.5التعقيــم:
يمضان ىذا اظتوقف كالً من االعًتاؼ بعنصرية كانط وإدراكها كانعكاس لشخصيمو ،وحتايلو
كامل مسؤوليمها .لكن ىذا االعًتاؼ ابلمعصب يليو عالية من شأهنا تصفية الفلسفة األخالقية؛
يقة ما .يرى أصحاب موقف المعقيم أف فعلى ممخذ ىذا اظتوقف احملاولة تعقيم كماابت كانط بطر ٍ
33
Kleingeld 103 citing MR 8:155
34
“Rezension” in his Kritische Gesamtausgabe at 1.2:365-366, trans. Wellmon, 196-7.
35
ِ ٟغح أٔٗ ثاِىبٔه اٌـفغ
٠صف الوبػاؽ أْ اٌّـزؼّغ ٓ٠اإلؿجبٔ٠ ٌُ ٓ١١ـزشضِٛا اٌجٛصٍخ ف ٟؿفغُ٘ ٌٍجؼع إٌٙض٠خ اٌغغث١خ "أسجغٔ ٟأؿجبٔ ٌ
ف ٟرٍه إٌّبغك ثض ْٚثٛصٍخ ّ٠ىٕه أْ رجض غغ٠مه ِٓ سالي ارجبع اٌّـبفخ ث ٓ١اٌجؼع ١٘ٚـجبٔٛال ،رمضع ٘ظٖ اٌّـبفخ ث ٓ١ؿز ٓ١أ ٚؿجؼٓ١
فغؿز .ظٙغد ػٍ ٝاٌـطخ جضش اٌىض١غ ِٓ إٌٛٙص ثبٌمغة ِٓ اٌـفٓ األٌٍّ ".ٌٝٚؼ٠ض أظغ ف.de las Casas, Barolome. Trans ٟ
.Herma Biffault. The Devastation of the Indies: A Brief Account. Baltimore, John Hopkins UP. (1992). p
80
36
See Zwick, Jim. Confronting Imperialism: Essays on Mark Twain and the Anti-Imperialist League. West
Conshohoken, Infinity Publishing. (2007).
أفكارا جيدة وأخرى سيئة ،وال كتب أف ندع األفكار السيئة تعرقل
لدى الفالسفة األخالقيُت ً
االسمفادة من األفكار اصتيدة.
عوضا عن ذلك
ابخمصار ،يطلب منا ىذا اظتوقف أف نقف يف وجو مبدأ "الشر يعم" ،ونعزؿ ً
األفكار السيئة وإيضاح مواطن بطالهنا.
لكن كيف سمبدو آلية تطبيق ىذا يف حالة كانط؟ قد يعمقد القارئ أف عنصرية كانط ببساطة
تنطلق من اعمقاده أف اآلدمية توجد يف العرؽ األبيض فقط أما ابقي األعراؽ فال .إف كاف ىذا
الرأي صائبًا فإف اضتل البسيط سيكوف توسعة مفردة "اظترء" وجعلها أمشل حىت تضم رتيع
األعراؽ .دل يواكب كانط ُمثل عصر المنوير كاظتساواة ،ألنو حصر اإلنسانية والكرامة للعرؽ
األبيض دوف سواه .لكن ىذا ال يعٍت أننا سنخطو خطاه يف ىذا اظتوقف.
يسمطيع أصحاب ىذا اظتوقف أف يطرحوا حجة إدراكنا اظتسبق أنو ال جداؿ يف حقيقة تساوي
اصتايع ،وإفتا يكان اطتطأ يف االعمقاد أف ليس الكل يندرج حتت مساى الػ"إنساف" ويعمرب ىذا
بعيدا عن اآلراء اطتبيثة.
صنّا اصتوىر ً
خاطئا ،وهبذه الطريقة نكوف ُ
بعدًي ً
عمقادا ّ
ا ً
الدعوى األساسية لفلسفة كانط :العلم اظتسبق أف الكل يسمحق االحًتاـ.
الدعوى اصتانبية لفلسفة كانط :العلم البَعدي أف كل شخص ال ينماي للعرؽ األبيض ال يعمرب
"إنساان".
بعد أف وضحنا الغرض اصتوىري والغرض اصتانيب من فلسفة كانط األخالقية ،نبقي على األوؿ
ونقصي األخَت ابعمباره دعوى غَت ضرورية ،كاا أف االعمقاد اطتاطئ ال يُسمنم ابلعقل ،بل يظل
معمقدا يف القلب بسبب اصتهل ،وىكذا ننمهي بنسخة معقاة من كانط حبفاظنا على قلب ً
فلسفمو األخالقية ،ابإلضافة إذل أف ىذا اضتل فيو ميزة االعمقاد أبف تعصبات كانط ال َدتس
اصتوىر األساسي لفلسفمو.
أيضا أف االسمارار يف اإلشارة إليها كػ "نظرية كانط اظتعاصرة" فيو عيب؛ أال وىو أف
لكٍت أعمقد ً
فعال يعمقد ابظتساواة للجايع؛ فمصبح
إبمكانو تضليل الفالسفة اصتدد لالعمقاد أف كانط كاف ً
ؼتاتال يف أسوأىا.
ىذه المساية مضللة يف أحسن اضتاالت ،وخطأ لفظيّا ً
أيضا تشارلز ميلز ،يف أنو يفًتض أتسيسنا طريقة
أما اظتشكلة الثانية يف ىذا اظتوقف ،يشَت إليها ً
ممفق عليها لنفصل هبا األساسي عن اصتانيب يف أي مسألة ،قد يعمقد اظتدافعُت عن كانط أننا
نفعل ذلك من خالؿ تصنيف اظتعرفة اظتسبقة كأساس واظتعرفة البَعدية كادعاءات ىامشية.
تمضح لنا أقتية اظتعرفة البعدية وتساوي أقتيمها ابصتوىر عندما أنيت لمطبيق نظرية كانط يف كال
اجملالُت السياسي واالجمااعي ،ففي ىذه اصتوانب يمبُت لنا من ىم مسمحقي لقب "أفراد
اجملماع".
كانط نفسو ال يوضح ما إف كانت اظتعرفة اليت وصفناىا ابعتامشية أقل أقتية أـ ال ،وعدـ
إيضاحو عتذه النقطة يعود بنا للاشكلة األوذل لنمساءؿ :دل قد نساي ىذه النسخة اظتعقاة
"نظرية كانط"؟
أفكارا ويصفوىا
واألىم من ذلك أف ممخذي ىذا اظتوقف يفًتضوف أنو مبقدورىم أف أيخذوا ً
حسب مبادئهم دوف أف يؤثر ذلك على الفلسفة كلها ،فهم ال يروف رابطًا بُت فلسفة كانط
األخالقية وفلسفمو العرقية لدرجة تساح عتم حبذؼ أفكار معينة دوف أف ختل إحداىن أبخرى
،وال ينمبهوف الحمااؿ كوف فلسفة كانط العرقية اثبمة وممينة على مدى فلسفمو األخالقية وترتبط
ضعيفا يف نقده ،وتغاضيو عن ىذه
هبا لدرجة عايقة ،وجتاىل ىذا االحمااؿ كتعل موقف المعقيم ً
كبَتا من مؤلفات كانط ،اليت تمضان روابطًا من شأهنا توضيح العالقة بُت
اظتسألة يًتؾ جزءًا ً
فلسفمو العرقية وفلسفمو األخالقية.
نظرا لكوف ذلك األسلوب سابقا ،إسقاط أفكار كانط العرقية خطوة تعود بنا للوراء ً
كاا قلنا ً
يضا لدرجة ما -لكن ابلنسبة للفالسفة ،الذين دخلوا اجملاؿ واسمثاروا حياهتم
وؼتادعا أ ً
مضلال ً -
ً
فيو ،يبدو أف حذؼ أفكار كانط العرقية أقرب لإلحباط للقيم من كونو ؼتادعة للنفس.
.6اإلقرار احلقيقي:
ىا قد وصلنا للاوقف األخَت ،والذي أعمربه اظتوقف الصحيح ظتواجهة عنصرية كانط ،ففيو اإلقرار
الصحيح واضتقيقي ،وما أعنيو ابإلقرار ىو اإلدراؾ والفهم لنظرية كانط بثالث طرائق ،وىي:
مسؤوؿ عن العنصرية
ٌ إدراؾ أف أفكار كانط العرقية تعكس طبيعة شخصيمو ،وإدراؾ أف كانط
اليت تمضانها مؤلفاتو ،وأف يضع القارئ احمااؿ كوف أفكار كانط العرقية ليست مثبمة فقط،
أيضا على عقيدتو وفلسفمو األخالقية بدرجة كبَتة ،ونميجة لذلك قد ؿتماج ظتراجعة
ولكن تؤثر ً
الطريقة اليت نفسر هبا فلسفمو األخالقية.
كل اظتواقف اليت سبق أف انقشناىا تنقصها النقطة الثالثة ،ونميجة ىذا اإلقرار يصبح تركيز ىذا
نصب يف مدى أتثَت نظرية كانط العرقية على مفهومو للحقوؽ العاظتية ،والكرامة
اظتوقف ُم ٌ
اإلنسانية ،والشخصية ،ويمضح عاق ىذا اظتوقف منذ البداية ،عكس اظتواقف األخرى اليت نتكن
وصفها ابلسطحية لرفضها مراجعة المفاسَت المقليدية ظتؤلفات كانط.
ىناؾ الكثَت من الفالسفة اظتعاصرين ؽتن تبنوا ىذا اظتوقف ،وأشهرىم ىو تشارلز ميلز .ميلز على
سبيل اظتثاؿ قاـ مبراجعة المفسَتات المقليدية لشخصية كانط ،حاوؿ أف يوضح نظرية كانط وأف
كتعلها تبدو منطقية ،يقوؿ ميلز أف كانط دل يكمفي بموضيح معٌت اعتوية البشرية فقط ،بل طرح
أيضا مفهوـ اعتوية البشرية اظتثالية 37.يرى ميلز أف اظتوضوع العاـ ظتؤلفات كانط دل يكن
وفسر ً
أمر حدث مبحض الصدفة؛ فالعقالنية ىي اليت تضان عقالنية العرؽ األبيض وجهل سواىم ك ٌ
للارء ىويمو وكراممو ،وىكذا يصبح النقص واصتهل يف بقية األعراؽ ما كتعلهم "دوف كرامة".
العقالنية والالعقالنية ،اعتوية البشرية وانعدامها يف آخر اظتطاؼ وجهاف لعالة واحدة ،كالقتا
لتدداف تعريف نقيضيهاا؛ فان منظوٍر كانطي تعمرب "اعتوية البشرية" مرادفًا للرجل األبيض ،بيناا
"اإلنساف الثانوي" مرادفًا للنساء وكل األعراؽ األخرى.
قد يرد القارئ على ميلز أبف مفهوـ اإلنساف الثانوي لدى كانط ليس أساسي لفلسفمو
األخالقية ،وعلى ىذا االعًتاض اجملحف أوضحت ِدلَ يعد تصنيف فلسفة كانط ألفكار جوىرية
عال مضلل يف اصتزئية السابقة ،ومع ذلك بوسعنا أف نضيف نقطة ىنا ،أال
وأفكار ىامشية ٌ
أبدا ألفكاره العرقية حُت طرح فلسفمو األخالقية ،إال أف
وىي :ابلرغم من أف كانط دل يمطرؽ ً
37
Mills, (2002).
مسمارا ،ويمضح ذلك من خالؿ تطرقو ظتفهوـ اإلنساف الثانوي يف فلسفمو ً أتثَتىا ال يزاؿ
األخالقية .ىذه ىي الطريقة الوحيدة اليت دتكننا من فهم أعااؿ كانط كافة .يقوؿ تشارلز ميلز
أف القراءة عن مفهوـ اإلنساف الثانوي مبثابة:
سابقا أف إيز
يضا أف ننظر ألعااؿ إيز لكي نرى كيف طبق موقف اإلقرار .ذكران ً من اصتيد أ ً
أسهب يف شرح فكرة كانط عن "اظتوىبة العرقية" واليت انمهت ٍ
هبرـ عرقي ينصب العرؽ األبيض يف
منوًىا عن أف كانط توصل لنظرًيتو العرقية عرب ٍ
قامو ،وبٌت إيز مقالو "لوف اظتنطق" بثياات مشاهبة ّ
اىماامو العايق ابصتغرافيا فممآلف بذلك مع فلسفمو المجاوزية 39وىكذا يقر إيز أف نظرية كانط
العرقية ممأصلة وممداخلة ابنسجاـ مع كافة أفكاره األخرى .فياا يمعلق ابالقمباس الذي ذكرانه
38
Mills, (2002).
39
Eze, (1997). P. 130.
يف القسم الثاين ،عندما ذكر كانط حتدي ىيوـ " أف أييت أحد ٍ
مبثاؿ واحد على زؾت ٍي أظهر أدىن
قدر من اظتوىبة" فَتد إيز:
"ابلرغم من أف كانط يسمخدـ حتدي ىيوـ ٍ
كدليل مؤكد وقوي لدعم نظريمو عن العرؽ األسود،
فقراءة شديدة اضتذر ظتا قالو كانط سمظهر ػتاولمو لشرح ما قالو ىيوـ ابلفلسفة ،فممضح ػتاوالت
كا نط يف الرفع من قدر ىيوـ ومؤلفاتو وآراءه السياسية عن "الزنوج" ،كاا أنو يقدـ تربيرات
فاثال ،عندما قاؿ ىيوـ أف السود بطبيعمهم أدىن من البيض ،فهو ال يعقب
جتاوزية عتذه اآلراءً .
تصرلتو بشرٍح ظتا قاده عتذا االسمنماج .بيناا يذىب كانط ظتلء الفراغ الذي تركو ىيوـ ،فيقدـ
كانط شرحو ابسمخداـ مصطلح "طبيعة اإلنساف" .فالطبيعة اإلنسانية ابلنسبة لكانط تمكوف من
ٍ
أفتاط اثبمة من "الطبقية النوعية" ،فيصبح المباين العرقي مبنيًا على حج ٍ من منظور العلوـ
40
الطبيعية ،ويف هناية اظتطاؼ يصبح تفوؽ العرؽ األبيض أمر مسلم بو".
طبقا ظتا قالو إيز ،العرؽ ابلنسبة لكانط ىو مسألة جتاوزية حسب اضتقائق الكونية الثابمة ،وىكذا
ً
يعلم كل من يبحث يف األعراؽ بصورة مباشرة وبديهية أف الرجل األسود أو األمريكي لن لتاال
ذرة موىبة حىت قبل أف ـتضعهم لالخمبار.
إف مسألة المعامل مع العرؽ جتاوزية تساح إليز إبراز ممانة وتناسق فلسفة كانط األخالقية مع
العرقية .وتميح لو اسمخالص ما يعمربه اظتفكروف المنويريوف روح اإلنساف ،وىو العنصر اظتهم يف
فلسفة كانط األخالقية ،وعتذه الروح لوف معُت" :من الواضح أف كانط اسمقر على ٍ
وجو ػتدد
أمر ضروري إلكسابك حق الكرامة والمساية اإلنسانية ،وىو
لروح اإلنساف .اممالكك عتذا الوجو ٌ
41
دتاما مثل كانط :رجل أورويب أبيض.
أف تكوف ً
40
Eze, (1997). P. 122.
41
Eze, (1997). P. 130.
الحظ عزيزي القارئ أف طرح ىذه المفسَتات ىو مبثابة األمثلة على كيفية تطبيق اظتوقف اإلقرار
بعنصرية كانط ،وال أعٍت هبذا أنو على القارئ أف يموصل لنفس االسمنماج ،وأف يمبٌت رأي كوف
اضع أكثر ،...أقوـ
فلسفة كانط العرقية ممأصلة يف جذور فلسفمو األخالقية؛ فاقصدي ممو ٌ
فقط ابلمأكيد أف القارئ عليو أف أيخذ يف االعمبار احمااؿ صحة ىذا الرأي ،ومع ذلك ،فشل
القارئ يف اعمبار ىذا الرأي ال ينم عن ٍ
فشل يف المأويل ،وإفتا ينم عن اخمالؿ يف ميزانو األخالقي
والًتبوي ،وقد ذكرت يف ٍ
أقساـ سابقة إخفاقات مشاهبة لملك من الناحية األخالقية والًتبوية.
واآلف ،ماىي اظتزاًي اليت يمامع هبا موقف اإلقرار اضتقيقي؟ بدايةً ،يظهر موقف اإلقرار احًت ًاما
طالاب يف المخصصات الفلسفية ،واظتواقف السابقة كلها لألعراؽ كافة ،خاصةً من كاف منهم ً
تنمه أساليب من شأهنا تضليل الطالب اصتدد.
يمطرؽ ميلز عتذه النقطة عندما انقش الطريقة اليت تمجاىل هبا الفلسفة الغربية كل اظتشاكل
المارمتية العرقية لصاحل نشر مفاىيم مثل "اإلشهار الليربارل للاساواة العاظتية" .عندما يقبل طالب
نوعا من الماييز وسط اجملماع
من عرؽ ما (غَت األبيض) على دراسة الفلسفة ،وقد واجو مسب ًقا ً
42
الغريب ،قد متيب ظنو سر ًيعا ويفكر "ىا ىم البيض يكرروف فعلمهم".
42
Mills, (1998). P. 4.
"ال أتورع عن قوؿ ىذا بصريح العبارة ،قد يعًتيك إحساس غريب عندما تفكر مليًا يف األمر
وجتد أف معظم الفلسفة تبدو كاجرد كالـ ٍ
رجاؿ بيض توصلوا إليو وىم يسمانوف ...نفاد الصرب
والالمباالة اليت الحظمهاا على الطالب السود انجتة عن إحساسهم ابلغرابة جتاه قضاء ٍ
فصل
ٍ
لفيلسوؼ ما دوف أف يذكر األسماذ أهنا دراسي كامل وىم لتاولوف فهم منطق اظتثل األخالقية
43
تنمهك حقوؽ السود يف منهجها".
أخَتا
يف حاؿ تطبيق ىذا موقف اإلقرار ،سيحل مشكلة الشعور ابطتيانة عندما يكمشف الطالب ً
عنصرية كانط وتعصبو (ثق يب سيكمشفها يف هناية اظتطاؼ) .ىذا اإلحساس ابطتيانة يشبو
إحساس من اكمشف أف ىيدجر ينماي للحزب النازي ،إذ يصف جوشوا روذتانز يف ٍ
مقاؿ نشره َ
يف غتلة النيويوركر خيبمو عندما شتع بيًت تراوين يمحدث عن كماب "مالحظات سوداء" عتيدجر:
القراء ٍ
أمر مسمحيل ،وال نتكن ألحد أف نتنع آاثمو من تثبيط زتاسة ّ
"وضع أخطاء ىيدجر جانبًا ٌ
لالرتباط بو وأبفكاره ...وكماب اظتالحظات السوداء متوف زتاسة معجيب ىيدجر .حىت وإف دل
44
تغَتت بعد معرفمنا هبا".
دتس أفكاره النازية فلسفمو ،فعالقمنا بو ّ
قد يعًتض بعض القراء أنو ال كتب علينا أف نمعاق يف كل المفاصيل المارمتية عند دراسة
فيلسوؼ ما ،ففي النهاية موضوعنا الرئيس ىو الفلسفة وليس الماريخ ،والًتكيز على األحداث
المارمتية قد يلهينها عاا ىو أىم.
وعلى ىذه النظرة اظتشوبة أرد أنو ال وجود لسبب واحد كتعلنا نرى عنصرية كانط كجزء من
أيضا .أصحاب ىذا الرأي يفًتضوف أف فلسفة كانط ىي
الماريخ فقط ،وليست جزء من فلسفمو ً
43
. Ibid
44
Rothman, Joshua. Is Heidegger Contaminated by Nazism? “ The New Yorker.” (2014, April 28 th ). Last
accessed April 17th, 2017.
http://www.newyorker.com/books/page-turner/is-heidegger-contaminated-by-nazism
اظتوضوع األىم ابلنسبة للجايع يف القاعة الدراسية ،لكٍت شبو ممأكد أف ماىية اظتوضوع األىم
سممباين بُت الطالب حسب اىمااماهتم وطبيعة منشأىم وما إذل ذلك .إذا أصر القارئ على أف
الًتكيز يف عنصرية كانط انغااس يف الماريخ ال ضرورة لو ،فالعيب يف ىذا االنغااس غَت واضح
وعي بسيط ابلسياؽ المارمتي سيساعد ٍ
يف ذاتو وال يضر المعليم أبي شكل من األشكاؿ؛ ٌ
الطالب الوافدين على رؤية أقتية بعض األفكار اظتعينة من خالؿ فهم السياؽ الذي وردت فيو.
اسمكااال ضتديثنا عن احًتاـ موقف اإلقرار لكل األعراؽ ،ميزة أخرى عتذا االحًتاـ أنو ال يموقف
ً
أيضا .ذكرت قبل قليل أف موقف
عند طالب الفلسفة بل يشال من ىم خارج اجملاؿ الفلسفي ً
المعقيم كتازؼ بثبات أخالقياتو بمجاىلو معاانة اآلخرين ،وأرغب يف انشاء رابط بُت ىذه النقطة
وبُت ما قالو ىابرماس عن "سياسة الذكرة" يف "مناظرة لماريخ أظتانيا" ،كاف احملور الرئيسي عتذه
اظتناظرة السؤاؿ المارل:
ىل حاف الوقت لممخطى أظتانيا اترمتها النازي؟ فَتد ىابرماس غتيبًا:
"ىناؾ المزاـ ضروري يقع على عاتقنا ؿتن األظتانيوف ،حيث كتب علينا إحياء الماريخ اضتقيقي
دوف تشويو أو حتريف ،وليس من غتاؿ األدب فقط ،بل ذكرى معاانة الذين خضبت دماؤىم
أيدي األظتانيُت ال تنسى .إف وضعنا ىذا الًتاث جانبًا سيشعر اظتواطنوف اليهود أف العيش يف ىذا
45
البالد غَت ؽتكن".
اببلو دي جريف -انشط حقوقي من كولومبيا -لديو وجهة نظر مشاهبة عتابرماس ،فقاؿ ؼتاطبًا
"حري بنا أف نمذكر ما ال يسمطيع إخواننا اظتواطنوف نسيانو 46".اإلقرار
ٌ كل الناس خارج أظتانيا:
اضتقيقي ،عكس اإلقرار السطحي ،لتًتـ َمن تعرض للمهايش من أنظاة وأفكار نظَتة آلراء
كانط العرقية ،كاا أنو يوضح دالالهتا الكامنة وال يكمفي بمفسَت الظاىر فقط.
45
Habermas, Jürgen. On the Public Use of History. “The New Conservatism.” (1987). P. 233.
46
De Greiff, Pablo. El Deber de Recordar. “Razones de la Justicia.” Ciudad Universitaria, Mexico.
Universidad Nacional Autónoma de Mexico. (2005). Pp 191-222. Translation is by Thomas McCarthy.
يمجنب موقف اإلقرار ضعضعة اىماامنا ابضتقيقة القيّاة ،ويبلّغ اضتقائق المارمتية دوف حذؼ .إذا
نقلنا أفكار كانط العرقية كأساس يساعدان على فهم فلسفمو األخالقية تصبح احماالية نسياف أو
أخَتا ،إقرار عايق بفلسفة كانط لن يساعدان فقط يف فهم كيف
حذؼ ىذه األفكار أقلً .
جيدا لئال
تطورت الفلسفة العرقية يف المقاليد الغربية ،بل يعطينا فرصة لفحص ألخطاء كانط ً
تكرر يف اظتسمقبل .اضتقيقة بسيطة؛ فلسفة كانط ال تمعارض ابلضرورة مع فكرة أفضلية العرؽ
األبيض -كاا قاؿ ميلز وإيز وآخرين -وىذه حقيقة ال كتدر هبا أف تؤرقنا كفالسفة مهماُت
نعرب
فعال الوصوؿ لفلسفة أخالقية مساوية وعادلة علينا إ ًذا أف ّ
حبقوؽ اإلنساف .إف أردان ً
بصراحة أف فلسفمنا ال دتشي جنبًا إذل جنب مع أي ىرـ عرقي ،أو إثٍت ،أو جنسي ،أو ديٍت
أبي شكل من األشكاؿ ،كتب أال نًتؾ اجملاؿ ألي تلايح أو لبس.
.7اقرتاحات تربوية:
إذًا ،كيف سيبدو تطبيق موقف اإلقرار العايق يف القاعة الدراسية يف اظتؤسسات المعلياية؟
قد يساور بعض اظتعلاُت قلق حوؿ موضوع طرح عنصرية كانط وشرح ثباهتا للطالب
اظتسمجدين ،وأف اإلتياف على ذكرىا وكشف السمار عنها قد لتبط من عزنتة الطالب ويدفعهم
لمجاىل فلسفة كانط برممها؛ فإف فكران يف اظتوضوع مليًا سنمساءؿ فيان قد يرغب بمكريس وقمو
ممعصب عنصري؟ موقفي منقسم جتاه ىذا القلق ،فان انحية أتفهاو وأتعاطف مع ٍ لدراسة
تعسفا.
ؼتاوفو ،ومن انحية أخرى أرى فيو ً
إف كاف قلق اظتعلم انبعا من ٍ
خوؼ جتاه منزلة الفيلسوؼ الكبَت إنتانويل كانط اليت سممزعزع ً
كرس ىذا اظتعلم نصف حياتو األكادنتية يف دراسمو وفهم فلسفمو،
وتضاؤؿ عدد معجبيو ،وقد ّ
فلست أرى سببًا يدعوه للمعاطف يف ىذه اضتالة .فكل منابع القلق ىنا ال تبدو أخالقية من
األساس؛ فهي أقرب لالىمااـ ابلساعة واطتوؼ من تشويهها ؽتا يؤدي إذل ٍ
جتاىل كبَت ظتنشورات
أولئك األكادنتيُت عن كانط ،لكن البد للابادئ األخالقية واظتبادئ الًتبوية المغلب على ىذا
االىمااـ اجملرد ابلصورة يف هناية اظتطاؼ.
" كل ما اكمشفو العلااء عن حتفيز الطالب نتكن حصره يف معادلة؛ النات اظتموقع من العالية
المعلياية ضرب القياة .يشَت ىذا الناوذج إذل أف مسموى اصتهد الذي يبذلو الشخص ألداء
ٍ
مهاة ما لتدده مدى توقعو ألف يؤدي اظتهاة بنجاح ،ومدى القياة احملصلة من أداء ىذه
47
اظتهاة".
فعوضا عن
ً ونكوف قياة جديدة من دراسة كانط؛نعرؼ ّ بصفمنا معلاُت نسمطيع أف ّ
المأكيد على أقتية دراسة كانط بغض النظر عن عنصريمو ،نؤكد على أقتية دراسة عنصرية كانط
أيضا .إف قلنا للطالب أف دراسة كانط قياة ابلرغم من عنصريمو فاسألة المحفيز وبث اضتااس
ً
سمكوف أصعب علينا ،وإف بقينا على ىذا اظتنوؿ سمظل فلسفة كانط العرقية منفصلة وغريبة عن
فلسفمو األخالقية ،يف حُت يساعدان أسلوب اإلقرار على رؤية القضية كاملة وبوضوح ،يساعدان
كذلك يف فهم ارتباط فلسقمو العرقية بفلسفمو األخالقية.
ىذا األسلوب يف تفسَت عنصرية كانط يضفي عليها قياة جديدة ،تمحدد يف قدرهتا على
اإلجابة عن ىذا السؤاؿ "كيف اسمطاعت اظتؤسسات الغربية أف تدعو للاساواة بُت اصتايع،
ويف نفس الوقت تظل منهجيمها تقهر وهتاش غتاوعات كبَتة من الناس؟" عندما يمعلق األمر
ببحاثُت مثل كا نط قد تماثل اإلجابة يف اظتفاىيم والنظرًيت اليت نسمخدمها للمخفيف من الموتر
الذي ختلقو .تفسَت عنصرية كانط هبذا األسلوب ال يعطيها فقط قياةً اترمتية -إذ اممد أثر
عنصريمو ليصل لبلومنباخ -بل أتثَتٌ فلسفي كذلك.
فهم اإلجاابت احملمالة عن ىذا السؤاؿ ىو موضوع الذي يركز عليو أغلب فالسفة العرؽ،
والباحثُت يف النقد العرقي ،والفالسفة النسوًيت ،وكل من كانت لديو شكوؾ ابلمزاـ الغربيُت
48
ابظتثل المنويرية.
47
Barkley, p. 11.
48
٠جغص ا٢سغ ِٓ ٓ٠ئٔـبٔ١زُٙ؟" ٠ؼزجغ ٘ظا اٌـإاي اٌّذغن ألغٍت أػّبي األصة اٌز ٟرزٕبٚي ِٛاظ١غ اٌزجغ٠ض ِٓ
"و١ف ٌإلٔـبْ أْ ا
اإلٔـبٔ١خِ .ضً وزبة صا٠ف١ض ٌ١فٕ١غز ْٛؿّ١شLess Than Human: Why We Demean, Enslave, and Exterminate ،
Others. St. Martin’s Press (2004). See also Raimond Gaita’s, Racism: The Denial of a Common
:Humanity. Humanity," in “A Common Humanity: Thinking About Love and Truth and Justice.” New York
Routledge (1998), pp. 57- 72. Also consider seeing, Kate Manne’s Humanism: A Critique. “Social Theory
.and Practice”, Vol. 42, No. 2, Special Issue: Dominating Speech (April 2016), pp. 389-415
.8خامتة:
ذكرت يف بداية البحث أنو ًأًي كاف اظتوقف الذي قد نمخذه ظتواجهة عنصرية كانط نتكننا أف
ُ
عاوما.
نعمربه اظتوقف الناوذجي الختاذه عندما نواجو أي مشكلة مشاهبة مع اظتفكرين ً
بطريقةً ما ،أرى أف ىذا البحث يناقش نظرية "موت اظتؤلف" ،ولتال بمواض ٍع اىمااما ابلماريخ؛
فإف اظتبالغة يف االىمااـ ابلماريخ قد تودي بنا إذل العفو عن آاثـ الشخصيات المارمتية ،وعدـ
االكًتاث ابلماريخ سيجعلنا نمجاىل السياؽ المارمتي برممو.
كتب أف نعام االىمااـ اظتمواضع ابلماريخ على مفكرين آخرين حىت مع ىذا المعايم،
سيمباين مسموى االىمااـ ابلماريخ حسب القضية اظتمناولة ،ولكن أرى أقتيةً ؽتيزة يف عنصرية
نظرا لكوهنا منهجية .عندما نفحص أعااؿ مفكرين وابحثُت أُخر سنالحظ يف بعض كانط ً
ٍ
تعليقات عابرة وليست مًتسخةً يف منهجهم؛ وقد اضتاالت أف أفكارىم اظتمعصبة عبارة عن غترد
يمضاءؿ مسموى االىمااـ ابلماريخ يف ىذه اضتالة.
ىناؾ اظتزي د من اصتهود اليت كتب أف نبذعتا إلعادة النظر يف مؤلفات مفكرين مثل ىيدجر،
وىيجل ،وروسو ،لنرى كيف يشوب المعصب فكرىم األخالقي.
قائمة املراجع