RAND PE144z1.arabic

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 32

‫تحليل‬

‫ي‬ ‫منظور‬
‫رؤى الخ�اء بشأن قضايا السياسات آ‬
‫النية‬ ‫ب‬ ‫‪C O R P O R AT I O N‬‬

‫والحال‬ ‫التاريخي‬ ‫ين‬


‫السياق�‬ ‫�‬ ‫السياسة الخارجية الروسية ف‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫إعادة تقييم‬

‫"‪ "Olesya Tkacheva‬و أوليسيا تكاشيفا ‪ "Keith Crane"،‬و كيث كرين ‪ "Christopher S. Chivvis"،‬و كريستوفر إس تشيفيس ‪ Olga Oliker"،‬أولجا أوليكر"‬
‫سكوت بوسطن و "‪."Scott Boston‬‬

‫أ‬
‫عن ذلك‪ ،‬هل يتعلق أ‬
‫المر ببساطة بسعي الرئيس ي ن‬
‫"بوت�" لتحقيق أجندة شخصية‬ ‫ح� غرة عندما قامت بضم شبه جزيرة الق ِـ ْـرم ف ي� آذار‬
‫خذت روسيا العالم عىل ي ن‬
‫بعيداً عن مصالح وأهداف روسيا؟‬ ‫من عام ‪ .2014‬وعىل الرغم من أن أوروبا لم تكن بالقطع تنعم بالسلمية منذ‬
‫التفس�ات‬
‫ي‬ ‫وغ�ها من‬
‫التفس�ات ي‬
‫ي‬ ‫التحليل إىل تـقـيـيـم تلك‬ ‫ويعمد هذا المنظور‬ ‫السوفي� عام ‪ ،1991‬إال ّ أن االستيالء عىل دول أوروبية ذات‬ ‫ت‬ ‫انهيار االتحاد‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الخـرى الممكنة‪ 1.‬إذ نخلص إىل أن موقف روسيا بوجه عام تجاه أوكرانيا إنــمــّـا يتسق‬ ‫أ‬ ‫وروبي� عىل‬ ‫أ‬
‫مريكي� وال ي ن‬ ‫اقب� ال ي ن‬‫أ‬ ‫قـد فاجأ معظم المر ي ن‬ ‫سيادة لضمها لدولة أخرى ّ‬
‫المنية والسياسة‬ ‫(والسوفي�) التاريخي تجاه المصالح أ‬
‫ت‬ ‫الروس‬ ‫كب� مع الفكر‬ ‫السواء‪ .‬كما كان من الصادم أيضـاً مــا أبدته موسكو من دعم الحق‪ ،‬سواء بشكل عل�ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫إىل ّ‬
‫حـد ي‬ ‫ي‬
‫حوال ثالثة قرون خلت‪.‬‬ ‫الخارجية‪ ،‬ليس فـقـط عىل مدى الع ِــقــد ض‬ ‫ين‬ ‫أم خفي‪ ،‬للحركة االنفصالية ف� ش�ق أوكرانيا؛ و يستمر الجدل ي ن‬
‫الما� وإنــمــّـا منذ ي‬
‫ي‬ ‫ْ‬ ‫الغربي� بشأن‬ ‫ب� القادة‬ ‫ي‬
‫النماط التاريخية للسياسة الخارجية الروسية تــُـمـَـثـِّـل نقطة‬ ‫ولكن عىل الرغم من أن أ‬ ‫الحـد‬ ‫يتع� القيام به بـُـغية‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫ّ‬ ‫مــاهية أهداف روسيا‪ ،‬وما يكمن وراء تلك الهداف‪ ،‬وما ي‬
‫لتفس�‬ ‫حـد ذاتها‬ ‫ف‬ ‫انطالق مهمة لفهم مــا حدث خالل العام ض‬ ‫من مخاطر حدوث مزيد من العنف ف ي� أوروبا‪.‬‬
‫ي‬ ‫الما�‪ ،‬إال ّ أنها ال تكفي ي� ّ‬
‫ي‬
‫ح� أبدت روسيا سلوكـاً يسعى لتحقيق أهداف‬ ‫الترصفات الروسية بشكل كامل‪ .‬ففي ي ن‬ ‫اس�اتيجية لطالما تمسكت بها منذ أمد بعيد‬ ‫فهل تدافع روسيا عن مصالح ت‬
‫تتما� جيداً مع مصالحها التاريخية‪ ،‬إال ّ أن ذلك السلوك كان يتسم بالقيام بأعمال يغ�‬ ‫ش‬ ‫بوت� ‪Vladimir‬‬ ‫"فالديم� ي ن‬
‫ي‬ ‫وتعرضت للخطر بفعل أجندة غربية عدوانية مثلما يزعم‬
‫أ‬
‫وتفس�نا لهذا‬
‫ي‬ ‫حـدت من قدرتها عىل تحقيق تلك الهداف بدال ً من تعزيزها‪.‬‬ ‫ض�ورية ّ‬ ‫الم�م‬
‫ال�اكة ب‬ ‫‪"Putin‬؟ أم أن الخوف من التداعيات االقتصادية المحتملة التفاق ش‬
‫االنحراف يتمثل ف ي� أن السياسة الخارجية الروسية اليوم إنــمــّـا تتأثر أيضـاً بعوامل أخـرى‬ ‫ورو� هــو مــا دفع روسيا إىل ضم شبه جزيرة الق ِـ ْـرم‬ ‫أ‬ ‫ن‬
‫يب� أوكرانيا واالتحاد ال ب ي‬
‫"بوت�" دون منازع ف ي� صنع السياسات ورأيه‬
‫أك�ها أهمية هــو الدور الذي يلعبه الرئيس ي ن‬ ‫ث‬ ‫والتدخل ف ي� ش�ق أوكرانيا؟ أم أن حكومة روسيا تحاول فـقـط أن تبقي عىل الرأي‬
‫ين‬
‫العامل� عىل بالده‪.‬‬ ‫الم�تبة لهذين‬ ‫الخ�ة ف� أوكرانيا آ‬
‫والثار ت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المحل ف ي� صفها وأن تشتت انتباه الـعـامـّـة عن مشكالت أخـرى؟ أم ع ِـوضاً‬
‫الشخص بشأن الحداث ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫العام‬
‫ت‬ ‫ف‬
‫لعبت روسيا دوراً حاسماً ي� "حرب السنوات السبع"‪ ،‬حيث مثلت القوة بال�ية ي‬
‫ال� كرست‬ ‫الخلفية التاريخية‪:‬‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫ورو�"‪ .‬كما انفردت‬ ‫شوكة جيش "نابليون ‪ "Napoleon‬وكانت عضواً بارزاً ي� "دول الوفاق ال ب ي‬ ‫طلس (الناتو) واالتحاد‬
‫منذ انتهاء حقبة الحرب الباردة‪ ،‬رفض زعماء دول حلف شمال ال ي‬
‫روسيا بدور البطولة المطلقة ف ي� أحداث "حرب الق ِـ ْـرم" وما تالها من أزمات نشأت فيما بـعــد‬ ‫ب� روسيا والغرب‬ ‫ورو� مجرد فكرة المنافسة ت‬
‫االس�اتيجية أو الجغرافية السياسية ي ن‬ ‫أ‬
‫ال ب ي‬
‫ع�‪ .‬ويـُنظر إىل تحالف روسيا مع فرنسا ف ي�‬ ‫"ال بم�اطورية العثمانية" ف ي� القرن التاسع ش‬
‫انهيار إ‬ ‫بحجة أن موسكو يمكن أن تتمتع بوجه عام بعالقات ذات نتائج إيجابية‪ ،‬ي ز‬
‫تم�ها‬
‫أ‬
‫ع� عىل نطاق واسع عىل أنه إحدى الخطوات الوىل عىل‬ ‫التسعينيات من القرن التاسع ش‬ ‫المنية التعاونية والتكامل االقتصادي مع جميع البلدان أ‬ ‫المؤسسات أ‬
‫الوروبية فضال ً عن‬
‫الطريق إىل الحرب العالمية أ‬
‫الوىل‪ ،‬تمامـاً مثلما كان دفاعها عن رصبيا عام ‪ 1914‬خطوة‬ ‫أ‬
‫الواليات المتحدة المريكية وكندا‪.‬‬

‫ي‬
‫ت‬
‫السوفي�‬ ‫مس�ة متدرجة نحو الحرب ف ي� ذلك الصيف المشؤوم‪ .‬كما كان دور االتحاد‬ ‫ف‬
‫كب�ة ي� ي‬
‫ي‬ ‫ولم يكن هذا الرأي سوى نظرة طموحة للعالم‪ .‬فعىل الرغم من أن روسيا ّ‬
‫قـد‬
‫ف ي� الحرب العالمية الثانية دوراً حاسماً‪ .‬وبـعــد انتهاء تلك الحرب‪ ،‬هيمنت موسكو عىل‬ ‫دأبت بال شك عىل مناصبة بقية أوروبا العداء بشكل دائم‪ ،‬إال ّ أن تاريخها الطويل المجيد‬
‫الع�ين‪.‬‬ ‫السوفي� و"حلف وارسو" طوال نصف القرن ش‬ ‫ت‬ ‫معظم أوروبا من خالل االتحاد‬ ‫با� القارة أ‬ ‫ق‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫الوروبية‬ ‫والمأساوي أحيانـاً باعتبارها قوة أوروبية كان يتأرجح يب� االندماج مع ي‬
‫وروسيا‪ ،‬مثلها مثل كـ ُ ّـل البلدان‪ ،‬لها خصائص فريدة من نوعها أبرزها حجمها‬ ‫فـقـد سبق وأن تعرضت روسيا للغزو ف ي� مناسبات‬
‫تارة ونبذ مثل هذا االندماج تارة أخـرى‪ّ .‬‬
‫وقـد أتاحت هذه‬ ‫الكب� الممتد ليس فـقـط بع� أوروبا فحسب بل بع� آسيـا أيضـاً‪ّ .‬‬ ‫ي‬ ‫الوروبية الناشئة وأخذت تسعى بشكل متكرر لحماية نفسها من‬ ‫عــدة عىل أيدي القوى أ‬
‫ّ‬
‫ت‬ ‫ن‬
‫الطبيعة الجغرافية لروسيا أن تتأرجح بسهولة مــا يب� ف�ات من االندماج مع أوروبا‬ ‫و�ق‬ ‫ف‬
‫خالل فرض هيمنتها عىل الدول الواقعة عىل حدودها – بما ي� ذلك بلدان وسط ش‬
‫أ‬ ‫ت‬ ‫وأك�هم الرئيس ي ن‬ ‫وقـد أشار العديد من القادة الروس – ث‬
‫نس� عنها‪ .‬فعىل الرغم من أن روسيا كانت جزءاً من النظام ال ب ي‬
‫ورو�‪،‬‬ ‫وف�ات انحسار ب ي‬ ‫"بوت�" – إىل مثل هذه‬ ‫أوروبا‪ّ .‬‬
‫أ‬
‫إال ّ أنها كانت تقف بمعزل عنه ف ي� بعض الحيان‪.‬‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫بحـق روسيا التاريخي ي� الهيمنة عىل المنطقة‬
‫النماط من العالقات عــنـد زعمهم ّ‬
‫يث� اهتمامنا اليوم من السمات الفريدة من نوعها ف ي� روسيا هــو مــا‬ ‫ولعل أبرز مــا ي‬ ‫المحيطة بها‪ .‬من ثـ َ َّـم هل كان غزو روسيا ألوكرانيا عام ‪ 2014‬مجرد ر ّد فعل ت‬
‫اس�اتيجي‬
‫"ال�قية المطولة‬ ‫ف‬
‫أشار إليه "جورج كينان ‪ "George Kennan‬ي� رسالته المعروفة باسم ب‬ ‫‪2‬‬
‫تعت�ها روسيا جزءاً من أراضيها؟‬
‫الغر� عىل أراض ب‬
‫طبيعي للزحف ب ي‬
‫‪ "Long Telegram‬عام ‪ 1946‬عىل أنه "مــا لدى روسيا من شعور تقليدي وغريزي بعدم‬
‫اس�اتيجيـاً طبيعيـاً‬ ‫المان"‪ 4،‬فما تتسم به روسيا من حدود واسعة إنــمــّـا يخلق لها تحديـاً ت‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫السوفي�‬ ‫ال بم�اطورية الروسية واالتحاد‬‫إ‬
‫ي‬
‫للمغ�ين‬ ‫ين‬ ‫المة لها العديد من أ‬
‫أال وهــو أن‪ :‬أ‬ ‫تتسم روسيا اليوم‪ ،‬بحدودها الحالية‪ ،‬بأنها فريدة من نوعها من الناحية التاريخية‪،‬‬
‫قـد سبق وكانت غنيمة ي‬ ‫المحتمل� وأنها ّ‬ ‫العداء‬
‫والغزاة‪ .‬كما خلقت هذه الحدود أيضـاً تحديـاً داخليـاً متأصال عىل صعيد أ‬ ‫المة (انظر الشكل‬ ‫فـقـد تغ�ت حدود روسيا بشكل كب� عىل مدار تاريخ تلك أ‬
‫المن‪ ،‬و إالدارة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫ّ ي‬
‫قـد طالب‬ ‫ت‬ ‫"مسكو� ‪ "Muscovy‬التاريخية‪ ،‬إىل‬ ‫ف‬ ‫رقم "‪ .)"1‬فمنذ الفتح والتقشف مع بناء منطقة‬
‫السوفي� ّ‬
‫ي‬ ‫والحوكمة‪ .‬ويذهب "بول كيندي ‪ "Paul Kennedy‬إىل أن االتحاد‬ ‫ي‬
‫"بالمن المطلق عىل طول حدوده ت‬ ‫إبـان حقبة الحرب الباردة أ‬ ‫ا�‬ ‫ض‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫الم�امية‪ ،‬إال ّ أن‪ .‬سياسته‬ ‫ّ‬ ‫السوفي�‪ ،‬شهدت الر ي‬
‫ي‬ ‫ال بم�اطورية الروسية‪ ،‬وطوال سنوات االتحاد‬
‫توسعات إ‬
‫قـد أساءت إىل عالقاته – مع ٍكل من أوروبا الغربية‬ ‫أ‬ ‫ف�ات من النمو واالنكماش بشكل متكرر‪.‬‬ ‫ال� تحكمها العاصمة الروسية ت‬ ‫ت‬
‫لج�انه ّ‬‫المتشددة… تجاه المخاوف المنية ي‬ ‫ي‬
‫الوسط‪ ،‬ومع كل من ي ن‬ ‫ال�ق أ‬‫ال�قية عىل السواء‪ ،‬ومع شعوب ش‬ ‫و ش‬ ‫تعت� بدون شك قوة أوروبية‬ ‫ف‬ ‫ت‬
‫الص� واليابان – وبدورها‬ ‫ٍ‬ ‫وح� مع هذه التحوالت ي� رقعة أراضيها‪ ،‬كانت روسيا ب‬
‫أ‬
‫جعلت الروس يشعرون بأنهم "محارصون" وأقل تمتعـاً بالمان"‪.‬‬ ‫فقـد‬ ‫أ‬
‫‪5‬‬
‫عظمى منذ عهد القيرص "بطرس ال بك� ‪ "Peter the Great‬منذ ثالثة قرون خلت‪ّ 3.‬‬

‫‪2‬‬
‫الشكل ‪ .1‬جغرافية روسيا منذ عام ‪.1914‬‬
‫اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ‪1914 ،‬‬ ‫اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ وﺣﻠﻒ وارﺳﻮ ﺣﺘﻰ ‪1989‬‬

‫ﺣﻠﻒ وارﺳﻮ‬

‫روﺳﻴﺎ ﻣﻨﺬ ‪ 1991‬وﺣﺘﻰ اﻵن‬

‫‪RAND PE144-1‬‬

‫الوروبية أ‬
‫الخـرى‪ ،‬إنــمــّـا‬ ‫ولكن الم�اطورية الروسية‪ ،‬عىل خالف إم�اطوريات البلدان أ‬ ‫لـقـد كان التوسع االستعماري هــو السبيل الذي انتهجته روسيا للدفاع عن‬
‫ب‬ ‫إ ب‬ ‫ّ‬
‫ف‬
‫إم�اطورية قارية الحجم‪ .‬فروسيا لم تشارك عىل نطاق واسع ي� تقسيم أفريقيا‪ ،‬أو‬ ‫ن‬
‫كانت ب‬ ‫يع� ذلك أن شهية الروس للغزو االستعماري كانت بمثابة‬ ‫ضـد الغزو‪ .‬وال ي‬ ‫نفسها ّ‬
‫أ‬ ‫ال ي ن‬
‫مريكت�‪ ،‬أو ش‬ ‫أ‬ ‫ع� بل عىل العكس كان ش‬ ‫أمـر فريد من نوعه ف ي� القرن التاسع ش‬
‫ضم‬‫ال�ق الوسط‪ ،‬أو آسيا؛ بل كانت ع ِـوضاً عن ذلك تتمدد من خالل ّ‬ ‫يتما� مع التوجهات‬
‫ح� كانت هناك بعض الخالفات واالنقسامات المقبولة‪ ،‬كانت‬ ‫و� ي ن‬ ‫ف‬ ‫أ ض‬ ‫االستعمارية ف ي� تلك الحقبة فضال ً عن الممارسات السائدة لما يـُـعرف بالسياسة‬
‫ا� المجاورة لها‪ .‬ي‬
‫الر ي‬
‫ا� روسية ف ي� أغلبها‪،‬‬ ‫ض‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ ض‬ ‫ت‬ ‫الواقعية "‪ "Realpolitik‬ف ي� ٍكل من بروسيا‪ ،‬وفرنسا‪،‬‬
‫كث� من الحيان عىل أنها أر ي‬ ‫ا� المكتسبة حديثـاً يتم النظر إليها ي� ي‬ ‫الر ي‬ ‫وانجل�ا ومناطق أخـرى‪،‬‬
‫الساس‪ 6،‬ومن منظور موسكو‪ ،‬فإن روسيا لم تكن تمتلك‬ ‫ومن ثَم كان يتم حكمها عىل هذا أ‬ ‫إم�اطوريتها‪ ،‬لكانت الدول‬ ‫قـد قامت بتوسيع ب‬
‫فالمنطق يقول أنه لو لم تكن روسيا ّ‬
‫كلم� دولة وإم�اطورية تعنيان أ‬
‫المر نفسه‪ 7.‬ف ي�‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ب‬ ‫إم�اطورية لن ي‬ ‫إم�اطورية بل هــي ببساطة ب‬ ‫ب‬ ‫قـد قامت بذلك عىل حساب روسيا‪.‬‬ ‫الخـرى ّ‬

‫‪3‬‬
‫فعىل النقيض من ألمانيا أو فرنسا‪ ،‬لم تهدد روسيا االستعمارية مطلقاً بالسيطرة‬ ‫ح� ف� ظل "اتحاد الجمهوريات السوفيتية ت‬
‫االش�اكية" كانت الكتب الدراسية تصف‬ ‫الواقع‪ ،‬ت‬
‫ي‬
‫الصغر حجمـاً‬ ‫الخـرى عىل الرغم من أن البلدان أ‬ ‫الوروبية الك�ى أ‬ ‫عىل أي من القوى أ‬ ‫استعمار "تركستان" مثال ً فيما قبل الثورة عىل أنه "اتحاد"‪.‬‬
‫ب‬ ‫‪8‬‬

‫مـر التاريخ ف ي� صدام‬ ‫كث� ًا مــا وجدت روسيا نفسها عىل ّ‬ ‫كانت عـُـرضـَـة للتهديد‪ .‬لكن ي‬ ‫الروس يتسم بالنشاط بوجه خاص خالل السنوات‬ ‫ي‬ ‫كان التوسع االستعماري‬
‫و�ق أوروبا‬ ‫ف‬
‫الوروبية‪ ،‬أو جماعات من تلك الدول بسبب سياستها ي� وسط ش‬ ‫مع الدول أ‬ ‫آ‬
‫ال� شهدت ضم روسيا لما أصبح يعرف الن باسم أوكرانيا‪،‬‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫خ�ة من حروب نابليون‪ ،‬ي‬ ‫ال ي‬
‫وال سيــِّـمـا ف ي� منطقة البلقان (مثال حرب الق ِـ ْـرم‪ ،‬ومعاهدة "سان ستيفانو ‪،"San Stefano‬‬ ‫ا� الممتدة عىل طول البحر‬ ‫أ ض‬
‫وفنلندا‪ ،‬وروسيا البيضاء‪ ،‬وبولندا‪ ،‬وليتوانيا‪ ،‬فضال ً عن الر ي‬
‫و� أعقاب الحرب العالمية الثانية‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫ودعم القومية السالفية قبيل الحرب العالمية الوىل)‪ .‬ي‬ ‫و� العقود الالحقة‪ ،‬قامت القوات الروسية باالستيالء عىل القوقاز وأجزاء من‬ ‫السود‪ .‬ي‬
‫السوفي� ف ي� إيران (ثـ ُ َّـم عىل حدودها) وما حـدث من انقسامات حول الترصف‬ ‫ي‬
‫ت‬ ‫كان التوغل‬ ‫ف‬
‫آسيـا الوسطى‪ .‬أمــّـا روسيا الشيوعية الحديثة‪ ،‬طامحةً ي� تحقيق السالم‪ّ ،‬‬
‫فـقـد تنازلت‬
‫وبا� أعضاء‬‫ق‬ ‫ين‬ ‫ال�قية السبب ف� دق إسفينـاً ي ن‬ ‫ف ي� بلدان أوروبا ش‬ ‫عن معظم ممتلكاتها ف ي� أوروبا ش‬
‫"ستال� ‪ "Stalin‬من جانب ي‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫ال�قية إىل ألمانيا بموجب معاهدة "بريست ليتوفسك‬
‫الكب� ‪ "Grand Alliance‬مما أدى يإل نشوب الحرب الباردة‪.‬‬ ‫"التحالف ي‬ ‫فـقـد أعاد احتالل كـ ُ ّـل مــا فقده‬
‫السوفي� ّ‬ ‫ت‬ ‫‪( "Brest-Litovsk‬عام ‪ .)1918‬أمــّـا االتحاد‬
‫ي‬
‫الروس‬ ‫ب� أنماط السلوك‬ ‫اثن� من االختالفات الجوهرية مــا ي ن‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬كان هناك ي ن‬ ‫ت‬
‫ال�‬ ‫ث‬
‫ي‬ ‫وأك� منه إبـّان الحرب العالمية الثانية‪ ،‬لكنه مع ذلك لم يقم بضم جميع المناطق ي‬
‫السوفي� بمثابة قوة عظمى خارقة‪ .‬وعىل الرغم من‬ ‫ت‬ ‫السوفي� فيما قبل الثورة‪ . .‬أوال ً كان االتحاد‬‫ت‬ ‫و‬ ‫الحمر" وقت النرص‪ ،‬بل ع ِـوضاً عن ذلك أقام لنفسه دائرة‬ ‫كان يسيطر عليها "الجيش أ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ساس كان ينصب‬ ‫ال ن أ‬ ‫أن روسيا القيرصية كان لها مصالح كب�ة ف� آسيـا‪ ،‬إال أن ز أ‬ ‫ال�قية من خالل عالقاته مع أ‬ ‫نفوذ تخضع لسيطرة ُمحكمة داخل أوروبا ش‬
‫م� ال ي‬ ‫ترك�ها ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي ي‬ ‫الحزاب الشيوعية‬
‫السوفي� فـهــو عىل النقيض من ذلك كان نشطـاً عىل الصعيد العالمي‪،‬‬ ‫ت‬ ‫عىل أوروبا‪ .‬أمــّـا االتحاد‬ ‫المنية‬‫المنية والقواعد والعالقات العسكرية والمؤسسات أ‬ ‫الجهزة أ‬
‫الحاكمة هناك وكذلك أ‬
‫ي‬
‫بما له من قواعد وعالقات ف ي� جميع أنحاء العالم فضال ً عن مشاركاته العسكرية بعيداً عن أراضيه‪.‬‬ ‫واالقتصادية من قبيل "حلف وارسو" و"مجلس التعاضد االقتصادي"‪.‬‬
‫السوفي� لم يكونا يشعران‬ ‫ت‬ ‫وثـانــيــاً‪ ،‬عىل الرغم من أن كال من روسيا القيرصية واالتحاد‬ ‫ين‬
‫الغربي�‪ ،‬متأثرين بأعمال "جورج كينان"‪ ،‬بأن الشعور‬ ‫ين‬
‫الباحث�‬ ‫وقـد ذهب العديد من‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫بالمان فيما يخص عالقاتهما بالغرب‪ ،‬إال ّ أن نظرة روسيا ف ي� ظل حكم القيارصة لرصاعاتها‬ ‫أ‬ ‫المان‪ 9‬كان هــو الدافع المحرك وراء ن ز‬
‫ال�عة التوسعية الروسية (والسوفيتية)‪ .‬كما أن‬ ‫بعدم أ‬

‫الخـرى لم تكن نظرة وجودية‪ .‬فالزعماء الروس‪ ،‬كما هــو حال‬ ‫الوروبية العظمى أ‬ ‫مع القوى أ‬ ‫المان قـد ساهم ف� ميل روسيا إىل النظر إىل البلدان أ‬
‫الخـرى عىل أنها‬ ‫هذا الشعور بعدم أ‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫الدول‪.‬‬ ‫ف‬ ‫تهديد محتمل‪ ،‬ب ِـغـ َ ّض النظر عـمـّـا إذا كان لتلك البلدان أي نوايا عدوانية أم ال ‪ ،‬بل ت‬
‫أغلب معارصيهم‪ ،‬إنــمــّـا كانوا ينظرون إىل الرصاع عىل أنه أمر كامن ي� طبيعة النظام ي‬ ‫وح�‬
‫‪ .‬وكانت روسيا تعزز مصالحها باستخدام القوة العسكرية‪ ،‬ال سيــِّـمـا عل طول حدودها‪ .‬لكن‬ ‫قـد تتسم به تلك البلدان من محدودية القدرة عىل الوقوف‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫ي� بعض الحيان عىل الرغم مما ّ‬
‫اللي� يال لدول حلف‬
‫عىل النقيض من ذلك‪ ،‬كانت القيادة السوفيتية تنظر إىل العالم الديموقراطي ب‬ ‫ضـد المصالح الروسية أو السوفيتية‪ .‬كان كال ً من روسيا واتحاد الجمهوريات السوفيتية‬ ‫ّ‬
‫تمسك القيادة بالسلطة‪.‬‬ ‫االش�اكية يميالن إىل االعتقاد بأن أعظم التهديدات إنــمــّـا تقبع عىل حدودهما ش‬ ‫ت‬
‫الناتو عىل أنه تهديد لوجود الشيوعية (والعكس صحيح)‪ ،‬ومن ثـ َ َّـم جاء ُّ‬ ‫المبا�ة‪،‬‬
‫حـد بعيد مع مصالح القرون السابقة ّ‬
‫قـد‬ ‫ال� ش‬
‫تتما� إىل ّ‬ ‫ت‬
‫ومع أن المصالح بال�غماتية الواقعية ي‬ ‫كب�‪ .‬فعىل الرغم من‬ ‫وبنا ًء عليه فإنهما كانا يصفان هذا الموقف بأنه موقف دفاعي إىل ّ‬
‫حـد ي‬
‫مالت بوجه عام للتغلب عىل أ‬
‫الهداف المثالية المتمثلة ف ي� غزو العالم من أجل شن� المذهب‬ ‫أرصت‬ ‫ين‬ ‫ين‬
‫أك�‪ّ ،‬‬‫العسكري� السوفيت كانوا يرون أن العمليات الهجومية لها فائدة ب‬ ‫المخطط�‬ ‫أن‬
‫قـد أدى إىل إنشاء ترصيحات دائمة باستحالة‬
‫كون إاليديولوجي ّ‬ ‫ت‬
‫االش� ياك‪ 11،‬نجد أن هذا المـ ُ ِّ‬ ‫اس�اتيجيات دفاعية‬ ‫القيادة المدنية ف� اتحاد الجمهوريات السوفيتية ت‬
‫االش�اكية عىل إتباع ت‬
‫ي‬
‫ين‬ ‫الجل – ت‬ ‫التعايش طويل أ‬
‫قـد واصال التعايش سوياً بشكل ي‬
‫فعل‪.‬‬ ‫النظام� ّ‬ ‫ح� وإن كان كال‬ ‫تروتسك ‪."Leon Trotsky‬‬ ‫شاملة منذ أيام "ليون‬
‫‪10‬‬
‫ي‬

‫‪4‬‬
‫المث� لالهتمام‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫وجهات النظر أ‬
‫الكث� من المناطق بما ي� ذلك كال من جورجيا ومولدوفا‪ .‬ومن ي‬ ‫ي� ي‬ ‫المنية الروسية منذ االستقالل‬
‫لما� ) وفـقــاً الستطالعات الرأي ف ي� ذلك الوقت كان‬ ‫أن الرأي العام الروس ب ن‬
‫(وال� ي‬ ‫ي‬ ‫اتسمت عالقة موسكو بالغرب منذ نهاية حقبة الحرب الباردة بالتناقض‪ ،‬تمامـاً مثلما‬
‫وقـد أعرب مجلس‬ ‫ف‬ ‫ح� ف ي� ظل استمرار‬ ‫كانت أيام القيارصة‪ ،‬ف� ظل عالقات اقتصادية وثقافية قوية تنمو ت‬
‫الروس‪ّ .‬‬
‫ي‬ ‫يعارض بوجه عام التدخل العسكري ي� دول الجوار‬ ‫ي‬
‫ف‬
‫الروس (الدوما) عن هذا الشعور رافضاً إيفاد بعثة لحفظ السالم ي� إقليم‬ ‫النواب‬ ‫فلـقـد ظلت روسيا مشغولة البال بما يـُـعقد من‬ ‫م�‪.‬‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫حالة انعدام الثقة ي� المجال ال ي‬
‫قـد تمت الموافقة عليه الحقـاً من خالل‬ ‫ف‬ ‫تحالفات ي ن‬
‫"أبخازيا ‪ "Abkhazia‬ي� عام ‪( 1994‬إال ّ أنه ّ‬ ‫ب� البلدان الواقعة عىل امتداد حدودها‪ ،‬وبصفة خاصة تلك البلدان الواقعة‬
‫الم�انية الحادة إىل‬ ‫وقـد أدت المعارضة الشعبية إىل جانب مشكالت ي ز‬ ‫قرار خاص)‪ّ 15.‬‬ ‫الروس أهمية متقلبة)‪.‬‬
‫ي‬ ‫(فـقـد كان آلسيـا الوسطى ف ي� الفكر‬ ‫ّ‬ ‫إىل غربها وجنوبها ب ي‬
‫الغر�‬
‫لن� مثل هذه البعثات‪ ،‬يغ� أن رغبة روسيا ف ي� الدفاع عن‬ ‫تقييد الحماس الروس ش‬
‫ي‬ ‫المان بسبب مــا أدى‬ ‫السوفي� من الشعور الروس بعدم أ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ت‬ ‫وقـد زاد انهيار االتحاد‬ ‫ّ‬
‫البقاء‬ ‫وقـد أدى إرصار روسيا عىل إ‬ ‫تختف مطلقاً بشكل كامل‪ّ .‬‬ ‫الخارج القريب لم ً‬ ‫مـر التاريخ من قبضته –‬ ‫ت‬
‫ال� كانت تحت نفوذه عىل ّ‬ ‫الكث� من البلدان ي‬ ‫إليه من خروج ي‬
‫عىل وجودها العسكري ي� ٍكل من مولدوفا وجورجيا إىل تعليقها تـنـفـيــذ معاهدة‬‫ف‬ ‫الروس بوجه عام عىل الساحة العالمية‪.‬‬ ‫بالضافة إىل تناقص النفوذ‬
‫ي‬ ‫إ‬
‫"القوات المسلحة التقليدية ف ي� أوروبا" ف ي� عام ‪.2007‬‬ ‫ي‬
‫ت‬
‫السوفي�‬ ‫الكث� من أنماط أقوال وترصفات روسيا منذ تفكك االتحاد‬ ‫وكنتيجة لذلك كان ي‬
‫وقـد تبلور استمرار إرصار روسيا عىل إالبقاء عىل نطاق مصالح ونفوذ لها ف ي� الخارج‬ ‫ّ‬ ‫والسوفي�‪ .‬فمنذ عام ‪،1992‬‬
‫ي‬
‫ت‬ ‫يال‬
‫الما� إال بم� ي‬
‫ي‬
‫ض‬ ‫ال� تعود إىل‬ ‫ت‬
‫تعكس أقوالها وترصفاتها ي‬
‫الروس "ديم�ي ميدفيدف ‪"Dmitri Medvedev‬‬ ‫ت‬
‫ي‬ ‫القريب ف ي� خطاب ألقاه الرئيس‬ ‫الصول العرقية الروسية أينما كانت‪ 12،‬ولم‬ ‫أعربت موسكو عن حقها الحرصي ف� حماية أ‬
‫ي‬
‫‪16‬‬ ‫ف� عام ‪ ،2008‬وصف فيه مصالح روسيا ف� دول الجوار بأنها مصالح ي ز‬
‫"مم�ة"‪،‬‬ ‫ف‬
‫يكن ذلك إشارة إىل حماية الطوائف المهاجرة ي� جميع أنحاء العالم بقدر مــا كان إشارة إىل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫اثن� من‬ ‫ف‬ ‫ت‬
‫وقـد جاء هذا الخطاب ي� أعقاب حرب استمرت لخمسة أيام مع جورجيا حول ي‬ ‫ّ‬ ‫ال� وجدت نفسها فجأة وبشكل يغ� متوقع تعيش خارج إطار‬ ‫الك�ى روسية العرق ي‬ ‫الشعوب ب‬
‫الع�ين‪ .‬ولهذا‬ ‫ال� كانت تدعمها موسكو منذ التسعينيات من القرن ش‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫القاليم االنفصالية ي‬ ‫السوفي� كأقليات داخل البلدان السوفيتية السابقة المجاورة المستقلة حديثـاً‪.‬‬ ‫ي‬ ‫االتحاد‬
‫يع� أن روسيا مرصة‬ ‫ن‬ ‫ف‬
‫فـقـد كان من الواضح أن قوله مصالح "ذات امتيازات" إنــمــّـا كان ي‬ ‫ّ‬ ‫و� صنعها لهذه الحالة‪ ،‬أشارت العقيدة الروسية والترصيحات الرسمية‬ ‫ي‬
‫يع� أن روسيا‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الروسية ي� التسعينيات من القرن ش‬ ‫ف‬
‫الروس‪ .‬إال ّ أن ذلك لم يكن ي‬ ‫ي‬ ‫عىل حقها ي� استخدام القوة ي� بلدان الجوار‬ ‫الع�ين إىل وجود مخاطر نابعة من "الرصاعات‬
‫عام�‪ ،‬ف� حزيران ‪ ،2010‬ي ن‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫الداخلية"‪ 13،‬وكان ذلك يعكس حالة االضطراب المستمرة ف ي� البلدان المجاورة (بما ف ي�‬
‫ح� وقعت‬ ‫قـد تلجأ إىل ذلك ي� كـ ُ ّـل مناسبة‪ :‬فـبـعــد نحو ي ي‬ ‫ّ‬
‫غ�ستان عقب تحول إالطاحة بالحكومة هناك إىل أحداث‬ ‫االضطرابات ف� جمهورية يق� ي ز‬ ‫ذلك‪ ،‬داخل روسيا نفسها بحلول عام ‪ ،1994‬إذ بدأت الحرب للتمسك بجمهورية‬
‫ي‬
‫‪17‬‬
‫عنف‪ ،‬رفضت روسيا طلب الحكومة االنتقالية هناك بإرسال قوات حفظ سالم إليها‪.‬‬ ‫وقـد شدد "أندريه كوزيريف ‪ "Andrei Kozyrev‬وزير‬
‫الشيشان االنفصالية)‪ّ .‬‬
‫الروس‬
‫ي‬ ‫الروس ذو الميول الغربية عىل الحاجة إىل الحفاظ عىل السالم‬
‫ي‬ ‫الخارجية‬
‫ف ي� "الخارج القريب" (وهــو االصطالح الذي أطلقته روسيا عىل رفقائها من بلدان‬
‫الكث� من أنماط أقوال وترصفات روسيا منذ تفكك االتحاد‬
‫كان ي‬ ‫السوفي� السابق) كما أعرب عن نية روسيا ف ي� الدفاع عن مصالحها من‬
‫ي‬
‫ت‬ ‫االتحاد‬
‫ال� تعود إىل ض‬
‫الما�‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫منت�ة ف ي� جميع أرجاء‬
‫ي‬ ‫السوفي� يعكس أقوالها وترصفاتها ي‬
‫ي‬ ‫ولـقـد ظلت القوات الروسية ش‬
‫ّ‬ ‫‪14‬‬
‫أجل الحفاظ عىل نفوذها‪،‬‬
‫ت‬
‫والسوفي�‪.‬‬ ‫يال‬
‫ي‬ ‫إال بم� ي‬ ‫الجوار الروس إبـّان حقبة التسعينيات من القرن ش‬
‫الع�ين‪ ،‬بل ال زالت باقية بالفعل‬ ‫ي‬

‫‪5‬‬
‫إىل إضعاف روسيا وتقويض مساعيها لتحقيق مصالحها‪ ،‬ومنعها من الترصف بما ش‬
‫يتما�‬ ‫وقـد بع�ت العقائد والترصيحات الروسية منذ االستقالل عن وجهات نظر‬ ‫ّ‬
‫و� الوقت نفسه‪ ،‬هناك العديد من التحليالت العسكرية‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫ودورها التاريخي كقوة عظمى‪ .‬ي‬ ‫متناقضة تجاه كال ً من الواليات المتحدة المريكية ودول حلف الناتو‪ .‬فمن جهة‪ ،‬جاهرت‬
‫ال� حددت بشكل رصيح كال من الواليات المتحدة أ‬
‫المريكية وحلف الناتو باعتبارهما‬ ‫ت‬ ‫الترصيحات الرسمية الروسية بعدم وجود أعداء لها وذلك منذ إعداد المسودة أ‬
‫الوىل‬
‫ي‬
‫‪20‬‬ ‫ين‬
‫محتمل� ينبغي أن تكون قدراتهما هــي الدافع المحرك لمتطلبات التخطيط‪.‬‬ ‫خصوماً‬ ‫هيكل بشأن‬ ‫وقـد وقعت روسيا عىل اتفاق‬
‫للعقائد العسكرية لموسكو عام ‪ّ .1992‬‬
‫ي‬
‫قـد عمدت إىل تخفيض إنفاقها‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫ب� الناتو وروسيا ف ي� عام ‪ 1997‬وشاركت ي� تأسيس "مجلس الناتو – روسيا"‬
‫ف‬ ‫العالقات ي ن‬
‫الكرمل� أن أغلب الدول العضاء ي� حلف الناتو ّ‬ ‫لو الحظ‬
‫أ‬
‫الدفاعي ومــا لذلك من تبعات عىل قوتها العسكرية‪ ،‬لتجنب الحديث عن ذلك‪ ،‬بل عىل‬ ‫ورو� عام ‪1994‬‬‫عام ‪ .2002‬كما وقعت روسيا عىل اتفاق ش�اكة وتعاون مع االتحاد ال ب ي‬
‫ب� النفاق ف� الواليات المتحدة أ‬ ‫العكس‪ ،‬كان المحللون الروس ث‬ ‫وبدأت ف� التفاوض عىل ش�اكة ث‬
‫المريكية‬ ‫ي‬ ‫أك� ميال ً للجمع ي ن إ‬ ‫أك� شموال ً عام ‪.2008‬‬ ‫ي‬
‫والنفاق ف� حلف الناتو ووصف ذلك بأنه إنفاق عسكري ت ز‬
‫م�ايد‪ 21،‬وب ِـغـ َ ّض النظر عـمـّـا إذا‬ ‫ال� "تسعى إىل‬ ‫ت‬
‫ي‬ ‫إ‬ ‫ومن جهة أخـرى كانت إالشارات إىل مخاطر "الدول والتحالفات" ي‬
‫ف‬
‫كان الناتو يُوصف بشكل رصيح بصفته تهديد لروسيا أم ال‪ ،‬فليس هناك من شك ي� أن‬ ‫الهيمنة" وتوسعاتها المحتملة سائدة أيضـاً ف ي� الترصيحات الروسية‪ 18،‬وليس هناك من‬
‫الروس‪ ،‬بمن فيهم من هـم ف� الحكومة‪ ،‬كانوا يرون أن المؤسسات أ‬
‫المنية القائمة ف ي�‬ ‫وال� تعود أيضـاً إىل أوائل التسعينيات من القرن ش‬
‫الع�ين‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫ّ ي‬ ‫شك ي� أن تلك الترصيحات – ي‬
‫تتما� أبداً مع مصالحهم وكانوا يرون توسع تلك المؤسسات عىل أنه أمر ي‬
‫خط�‪،‬‬ ‫أوروبا ال ش‬ ‫تش� إىل كل من‬ ‫حينما كانت روسيا تسعى لبناء عالقات متينة مع الغرب – إنــمــّـا كانت ي‬
‫وقـد تبلورت هذه الرؤية ف ي� دعوة الرئيس‬ ‫ح� وإن لم يكن يهدد روسيا بشكل ش‬ ‫ت‬ ‫أك� رصاحةً بمرور‬ ‫وقـد أصبحت تلك إالشارات ث‬ ‫أ‬
‫مبا�‪ّ .‬‬ ‫الواليات المتحدة المريكية وحلف الناتو‪ّ .‬‬
‫‪22‬‬
‫"ميدفيدف" عام ‪ 2008‬إىل بنية أمنية أوروبية جديدة‪.‬‬ ‫حقبة التسعينيات من القرن ش‬
‫الع�ين‪ .‬فتوسع حلف الناتو وتمدده إىل مــا كان يــُـمـَـثـِّـل‬
‫كما أن مــا سبق وصفه من مشاعر امتالك تجاه بلدان الجوار الروسية إنــمــّـا‬ ‫ت‬
‫السوفي� السابق عىل مدار العقد الالحق إنــمــّـا كان يقابله وثائق وترصيحات‬ ‫دائرة النفوذ‬
‫ي‬
‫المريكية ف ي� تشكيل رأي موسكو‬ ‫يتال� مع انعدام الثقة ف� محاوالت الواليات المتحدة أ‬
‫ق‬ ‫أ‬
‫كث� من الحيان بأنه‬ ‫ف‬ ‫ين‬
‫ي‬ ‫المسؤول� الروس كانت تصف حلف الناتو ي� ي‬ ‫منشورة عىل لسان‬
‫ين‬
‫الكرمل�‬ ‫ت‬
‫وال� يرى‬
‫السوفي� السابق‪ ،‬ي‬
‫ي‬
‫ت‬ ‫ف ي� الحركات الديموقراطية ف ي� جميع أنحاء االتحاد‬ ‫قـد عمل عىل زعزعة‬
‫وخط� وال يمكن الثقة به‪ .‬كما زعموا أن حلف الناتو ّ‬ ‫ي‬ ‫حلف معادي‬
‫المريكية عىل وجه الخصوص‬ ‫دائمـاً يداً للغرب فيها‪ .‬إذ ترى موسكو أن الواليات المتحدة أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫استقرار الحكومات‪ ،‬والتدخل ي� الشؤون الداخلية للدول الخـرى‪ ،‬وإبطال المعاهدات‬
‫الروس من خالل دعمها للقوى الديموقراطية‪.‬‬ ‫تسعى بشكل دؤوب إىل تقويض النفوذ‬ ‫المريكية من "معاهدة الحد من‬ ‫(وهــي بالقطع إشارة إىل انسحاب الواليات المتحدة أ‬
‫ي‬
‫المر هــو مــا يتحدث عنه المسؤولون الروس ف ي� الغالب‬ ‫فتعزيز الديموقراطية ف� واقع أ‬ ‫الصواريخ المضادة للباليستية ‪ .)"ABM‬وعىل الرغم من تلك اللغة‪ ،‬فإن معظم الوثائق‬
‫ي‬
‫المسؤول�ن‬ ‫ف‬
‫الغر� ي� منطقتهم‪ ،‬فترصيحات‬ ‫قـد حاولت جاهدة أيضـاً‬ ‫ين‬
‫ي‬ ‫يش�ون بشكل انتقادي إىل "التدخل" ب ي‬ ‫حينما ي‬ ‫المسؤول� الروس إنــمــّـا ّ‬ ‫والترصيحات الرسمية الصادرة عن‬
‫ت‬
‫ال� تشيد بانتشار‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫تش� إىل أن الناتو لم يشكل تهديداً حقيقياً لروسيا‪ 19.‬يغ� أن التعليقات الخـرى‪ ،‬بما‬
‫مريك "جورج دابليو بوش ‪ "George W. Bush‬ي‬ ‫ي� إدارة الرئيس ال ي‬ ‫أن ي‬
‫‪23‬‬
‫قـد لعبت دورها ف ي� هذا التصور‪.‬‬
‫الديموقراطية إنــمــّـا ّ‬ ‫فح�‬‫قـد اتخذت منحى آخــر‪ .‬ت‬ ‫ين‬
‫العسكري�‪ّ ،‬‬ ‫ف ي� ذلك التعليقات الصادرة عن كبار القادة‬
‫خط� وإىل تعزيز‬
‫ولكن إذا كان يتم النظر إىل حلف الناتو عىل أنه تهديد ي‬ ‫مع إرصار العقائد والسياسات الروسية عىل أن الناتو ال يــُـمـَـثـِّـل تهديداً لروسيا‪ ،‬كانت‬
‫الديموقراطية عىل أنه عمل معادي لروسيا‪ ،‬فإن تلك المخاوف لم تؤد إىل تباطؤ نمو‬ ‫تلك الترصيحات تنطوي عىل العكس‪ :‬حيث أكدت عىل أن توسع الناتو كان يــُـمـَـثـِّـل‬
‫أ‬
‫ورو� أو السياحة الروسية إىل البلدان الوروبية الغربية‪.‬‬
‫أ‬ ‫تهديداً لها‪ ،‬وأن كال من الواليات المتحدة أ‬
‫التجارة الروسية مع االتحاد ال ب ي‬ ‫المريكية وحلف الناتو إنــمــّـا كانا يسعيان‬

‫‪6‬‬
‫ونتيجة لذلك كانت روسيا تنظر إىل محاوالت الغرب لدمجها بشكل وثيق ي ف� المؤسسات السياسية والأمنية الأوروبية عىل أفضل الأحوال‬
‫والحـد من قوتها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عىل أنها محاوالت يغ� مريحة وعىل أسوأ الأحوال عىل أنها جهود معادية تسعى إىل تكبيلها‬

‫الوكرانيون إىل مخالفة ذلك)‪ .‬يغ� أن تفاصيل‬ ‫ح� يميل أ‬ ‫الثقافة والخلفية التاريخية ف(� ي ن‬ ‫الوكرانية‪ ،‬لم تبدو روسيا أيضـاً مهددة بصفة‬ ‫الزمة أ‬
‫وعالوة عىل ذلك‪ ،‬فقبل نشوب أ‬
‫ي‬
‫مث�ة للدهشة‪ .‬فرصاع روسيا‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫الروس ي� أوكرانيا عام ‪ 2014‬كانت وما زالت للن ي‬ ‫ي‬ ‫التدخل‬ ‫ولـقـد كان لروسيا بالقطع مشاكلها مع‬ ‫ّ‬ ‫ج�انها باالتحاد ال ب ي‬
‫ورو�‪.‬‬ ‫خاصة بتنامي عالقات ي‬
‫مع جورجيا عام ‪ 2008‬كان بمثابة نهاية اللعبة لسنوات طويلة من المناوشات والرصاعات‪،‬‬ ‫ف‬
‫بروكسل وليس هناك من شك ي� أن موسكو كانت تفضل شكل العالقات الثنائية مع‬
‫القليل� سواء‬ ‫ين‬ ‫الكث�ين ف ي� موسكو بوقوع صدام عسكري ف ي� نهاية المطاف‪ .‬إال ّ أن‬ ‫مع تنبؤ ي‬ ‫الوروبية – ولعل سبب ذلك أنه يجعل ف ي� مقدورها التفاوض مع بلدان‬ ‫معظم الدول أ‬

‫ال�‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫أ‬


‫داخل أو خارج روسيا كانوا يتوقعون اندالع عمل عسكري عىل المدى القريب ي� أوكرانيا‪ ،‬ي‬ ‫ورو� بشكل ب‬
‫أك�‬ ‫منفردة من موقع القوة ال بك� نسبياً‪ .‬كما تكدرت العالقات مع االتحاد ال ب ي‬
‫الول توترات اقتصادية وكان يتم حلها ف ي� السابق دون اللجوء‬ ‫كانت التوترات فيها ف� المقام أ‬
‫ي‬ ‫التأش�ات‪ ،‬والتجارة‪ ،‬و"حزمة الطاقة الثالثة ف ي� أوروبا"‪،‬‬‫ي‬ ‫بسبب الخالفات بشأن سياسة منح‬
‫ورو�" قيد‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫تحض� أوكرانيا للتوقيع عىل "اتفاق االنضمام لالتحاد ال ب ي‬ ‫ي‬ ‫فلـقـد كان‬
‫ّ‬ ‫إىل القوة‪.‬‬ ‫ورو� باعتباره مصدر إزعاج لها خالل معظم‬ ‫ولكن بدا أن روسيا كانت تنظر إىل االتحاد ال ب ي‬
‫اع�اضها فيما قبل عام ‪.2013‬‬ ‫العداد لسنوات ولم تبدي روسيا ت‬ ‫إ‬ ‫‪24‬‬ ‫ين‬
‫الكرمل� كان يرى فيه أي تهديد‪.‬‬ ‫هذه ت‬
‫الف�ة‪ :‬إال ّ أنه ليس هناك من دليل عىل أن‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫ورو�‪ .‬إذ بدأ‬ ‫شهد عام ‪ 2013‬تغيـُّراً جذرياً ي� موقف روسيا تجاه االتحاد ال ب ي‬ ‫ال بم�اطورية الروسية واالتحاد‬ ‫وهكذا‪ ،‬فتماماً مثلما كانت موسكو خالل سنوات إ‬
‫م�وع‬ ‫الخ�اء والمسؤولون الحكوميون الروس يعربون ف ي� ذلك العام عن مخاوفهم من ش‬ ‫ب‬ ‫ج�انها ف ي� الغرب عىل أنهم‬ ‫ت‬
‫السوفي� تسعى للسيطرة عىل محيطها المجاور وكانت ترى ي‬
‫ي‬
‫ال�قية الذي لم يكن يحظى ف ي� السابق سوى بقدر ضئيل من‬ ‫لل�اكة ش‬ ‫ورو� ش‬ ‫أ‬
‫االتحاد ال ب ي‬ ‫السلوك‬
‫ي‬ ‫حـد سواء‪ ،‬تكرر نفس هذا النمط‬ ‫يتسمون بالجاذبية وبأنهم مصدر تهديد عىل ّ‬
‫كاديمي� وصناع القرار الروس الدور التوسعي‬ ‫ين‬ ‫اهتمام روسيا‪ .‬وقـد وصف بعض أ‬
‫ال‬ ‫أ‬
‫ّ‬ ‫خ�‪ ،‬ونتيجة لذلك كانت روسيا تنظر يإل محاوالت الغرب لدمجها بشكل‬ ‫خالل الربع قرن ال ي‬
‫ورو�‪ ،‬بأنه‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الوروبية عىل أفضل أ‬‫والمنية أ‬
‫وثيق ف� المؤسسات السياسية أ‬
‫ورو�‪ ،‬وال سيــِّـمـا احتماالت تمدد رقعة االتحاد ال ب ي‬ ‫الذي يلعبه االتحاد ال ب ي‬ ‫الحوال عىل أنها محاوالت‬ ‫ي‬
‫ف‬
‫يشكل تهديداً للمصالح االقتصادية الروسية ‪ -‬أوال ي� دول حلف وارسو السابقة ثـ ُ َّـم‬ ‫أ‬
‫والحـد من قوتها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يغ� مريحة وعىل أسوأ الحوال عىل أنها جهود معادية تسعى إىل تكبيلها‬
‫ح� عام ‪ ،2013‬لم تــُـمـَـثـِّـل تلك‬ ‫بعدئذ ف� الجمهوريات السوفيتية السابقة‪ .‬ولكن ت‬ ‫أ‬
‫ي‬ ‫إم�اطوريتها عام ‪ ،1991‬إال ّ أنه لم يكن‬ ‫كب�ة من ب‬
‫فعىل الرغم من فقدان روسيا لجزاء ي‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫آ‬
‫ورو�‪ ،‬مثله مثل‬ ‫الراء سوى أقلية‪ ،‬لكن ي� ذلك العام نفسه صار يتم وصف االتحاد ال ب ي‬ ‫تغي� جوهري ف ي� ظروفها الجغرافية السياسية وتصورها لتلك الظروف‪.‬‬ ‫هناك أي ي‬
‫‪25‬‬
‫حلف الناتو‪ ،‬بأنه ي�ض بالمصالح الروسية‪.‬‬
‫ولكن عىل الرغم من هذا التحول ف ي� الترصيحات‪ ،‬كان من شأن فكرة توقيع أوكرانيا‬ ‫أزمة عام ‪2014‬‬
‫ال� بلغت‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الخـرى الواقعة عىل‬‫عىل الرغم من أن موقف روسيا االمتالك ينطبق عىل الكث� من البلدان أ‬
‫ورو� أن يشعل فتيل سلسلة من الحداث ي‬ ‫عىل اتفاق االنضمام لالتحاد ال ب ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫قـد بدا بعيد المنال ف ي� ذلك الوقت‪ .‬وبالنظر إىل مــا‬ ‫الروس الذي كان ّ‬ ‫ي‬ ‫ذروتها بالغزو‬ ‫ث‬ ‫ت‬
‫حدودها إال ّ أن روسيا كانت تميل عىل ّ‬
‫مـر التاريخ إىل النظر إىل أوكرانيا‪ ،‬ح� أك� من معظم‬
‫ين‬
‫المانح�‬ ‫ال� وافقت عليها مع‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫أ‬ ‫السوفي� السابق أ‬
‫ت‬
‫لوكرانيا من تاريخ طويل من عدم الوفاء بال�وط ي‬ ‫الخـرى‪ ،‬باعتبارها أراض روسية بشكل جوهري من حيث‬ ‫ي‬ ‫بلدان االتحاد‬

‫‪7‬‬
‫الجانب أ‬
‫الوكر ن يا� نحو الغرب سوف يكون بطيئاً ومليئاً باالنتكاسات‪ ،‬لذا كان بمقدور‬ ‫الغربي�‪ ،‬خلصت روسيا بسهولة إىل أن نفوذها لدى كييف لم يكن عـُـرضـَـة‬ ‫ين‬ ‫ش‬
‫وال�كاء‬
‫روسيا أن تحقق أهدافها بشكل رئيس عن طريق االنتظار ت‬
‫وال�قـُّب‪.‬‬ ‫ال� اندلعت‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫ي‬ ‫ورو� أو بسبب االحتجاجات ي‬ ‫للخطر بسبب اتفاق االنضمام لالتحاد ال ب ي‬
‫لكن روسيا لم تنتظر ولم تت�قب‪ ،‬بل فاجأت الجميع تقريبـاً سواء ف� الداخل أو �ف‬ ‫ف� "ميدان االستقالل" بالعاصمة أ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫الوكرانية ف ي� أواخر عام ‪ 2013‬لدعم االنضمام‬ ‫ي‬
‫يع� أن تاريخ روسيا بالشعور بعدم أ‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫المان وميلها للهيمنة عىل محيطها‬ ‫الخارج‪ .‬وهذا ي‬ ‫وال� انتهت بالمطالبة بتنحي الرئيس االوكر ن يا� "فيكتور يانوكوفيتش‬
‫ت‬
‫ورو� ي‬ ‫لالتحاد ال ب ي‬
‫المجاور إنــمــّـا يمثالن خلفية أساسية لفهم السياسة الخارجية لروسيا المعارصة –‬ ‫أ‬
‫‪ ."Viktor Yanukovych‬فمن الناحية التاريخية نجد أن جميع الحكومات الوكرانية‪،‬‬
‫ف‬
‫بكا�‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫وكذلك مــا يكمن ي� رؤوس بعض صناع القرار الروس عىل القل – إال ّ أن هذا ليس ي‬ ‫قـد قامت بعقد صفقات ثنائية‬ ‫بما ي� ذلك مــا كان يوصف منها بأنه "ميـّال للغرب"‪ّ ،‬‬
‫بتدم� عقدين ي ن‬ ‫ف‬
‫كامل�‬ ‫شل�ح قرار روسيا باستخدام القوة ي� أوكرانيا واستعدادها للمخاطرة ي‬ ‫رابحة (وأحيانـاً شخصية) مع روسيا‪ .‬فالعالقات االقتصادية الوثيقة ي ن‬
‫ب� ٍكل من روسيا‬
‫يتع� علينا النظر ف ي� عوامل أخـرى‪.‬‬
‫من التعاون مع الدول الغربية‪ ،‬ولهذا ي ن‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫قـد ضمنت‬‫وأوكرانيا‪ ،‬بما ي� ذلك العالقات ي� القطاعات الدفاعية المستقلة لديهم‪ّ ،‬‬
‫بتغي� موقفها وإثارة‬ ‫وقـد هددت أنظمة حكم سابقة ي‬ ‫استمرار التعاون والتنسيق بينهما‪ّ .‬‬
‫الروس ف ي� السياسة الخارجية الروسية‬
‫ي‬ ‫دور االقتصاد‬ ‫أ‬
‫ال ثك� ش�اسة ف� ظل حكم الرئيس ي ن‬‫لـقـد كان للسياسة الخارجية الروسية أ‬ ‫تأج� أسطول البحر السود ف ي� شبه جزيرة الق ِـ ْـرم مثال‪ ،‬إال ّ‬ ‫تساؤالت حول مستقبل عقد ي‬
‫"بوت�" عواقب‬ ‫ي‬ ‫ّ‬
‫أ‬ ‫ف آ‬ ‫‪26‬‬
‫أن أيـَّـا منها لم يمض قـ ُ ُـدمـاً ف ي� ذلك‪.‬‬
‫فلـقـد كان النمو االقتصادي الذي شهدته روسيا ي� الونة ال ي‬
‫خ�ة بمثابة‬ ‫ّ‬ ‫كب�ة‪.‬‬
‫اقتصادية ي‬
‫ثا� حالة إطاحة بزعيم أوكر ن يا� مفضل لدى روسيا‬ ‫ن‬
‫وعىل الرغم من أن وقوع ي‬
‫السياس االقتصادي‪ ،‬فإن نظام‬
‫ي‬ ‫دعامة هـامــّـة لتأكيدها الجديد لذاتها‪ .‬من المنظور‬
‫رأسمالية المحاباة الذي انغمس فيه الرئيس ي ن‬
‫"بوت�" وحلفاؤه لم يفعل شيئـاً‬ ‫العالم‬
‫خالل عقد واحد من الزمن قد أثـار غضب الروس‪ ،‬وأن كال من الحكومة ووسائل إ‬
‫للحـد من‬
‫ّ‬
‫الحـق ف ي� الهيمنة عىل محيطها المجاور‪ ،‬ولكن من سخرية القدر‬ ‫شعور روسيا بأن لها‬ ‫التخري� بإشعال االحتجاجات‪ ،‬إال ّ أن أيـَّـا من‬
‫بي‬ ‫قـد بادروا باتهام النفوذ ب ي‬
‫الغر�‬ ‫الروسية ّ‬
‫ّ‬
‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� واقع‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ين‬
‫كب� منه بفعل االندماج الذي كانت‬‫أن النمو االقتصادي ي� روسيا كان مدفوعاً ي� جزء ي‬ ‫السياسي� الروس لم يكّ ي� البداية يدعو بأي شكل من الشكال إلراقة الدماء‪ .‬ي‬
‫أ‬ ‫ف آ‬ ‫قـد فاجأ بوضوح العديد من‬ ‫ش‬ ‫أ‬
‫خ�ة ترفضه وتعمل عىل تقويضه‪ .‬ففي نهاية المطاف كان تدفق‬ ‫أفعالها ي� الونة ال ي‬ ‫المبا� لشبه جزيرة الق ِـ ْـرم إنــمــّـا ّ‬ ‫المر‪ ،‬فإن الضم‬
‫والشخاص (وخاصة من وإىل أوروبا) هــو (جنبـاً إىل جنب مع ارتفاع أسعار‬ ‫الموال أ‬‫أ‬ ‫الروس‬
‫ي‬ ‫ال�لمان‬ ‫فلـقـد كان رئيس ب‬
‫ّ‬ ‫المسؤول� الروس بقدر مــا فاجأ نظرائهم ف ي� الغرب‪:‬‬
‫ين‬
‫ف‬
‫الروس من تحول‪.‬‬
‫ي‬ ‫النفط) الذي أدى إىل مــا شهده االقتصادي‬ ‫رصح الرئيس‬ ‫يرص عىل أن موسكو ليس لديها مطامع ي� شبه جزيرة الق ِـ ْـرم (تمامـاً مثلما ّ‬
‫يع� أن العوامل أ‬ ‫"بوت�" نفسه ف� وقت سابق من ذاك أ‬
‫الخـرى لم تكن ذات صلة‪ :‬فهذه االرتفاعات ف ي� أسعار‬ ‫ن‬
‫وهذا ال ي‬ ‫السبوع) وذلك قبل أن يصوت مجلس الدوما‬ ‫ي‬
‫ين‬

‫الهمية للنمو‬‫صادرات روسيا من النفط والغاز الطبيعي قـد شكلت دفعة حاسمة أ‬ ‫الحظ�ة الروسية‪ 27.‬أشار التاريخ إىل أن أي تحول من‬ ‫عىل قبول ضم شبه الجزيرة إىل‬
‫ّ‬ ‫ي‬

‫للحـد من‬
‫ّ‬ ‫من المنظور السياس االقتصادي‪ ،‬فإن نظام رأسمالية المحاباة الذي انغمس فيه الرئيس ي ن‬
‫"بوت�" وحلفاؤه لم يفعل شيئـاً‬ ‫ي‬
‫ف‬
‫الحـق ي� الهيمنة عىل محيطها المجاور‪،‬‬ ‫شعور روسيا بأن لها‬
‫ّ‬

‫‪8‬‬
‫ال�كات الروسية‪ ،‬ال سيــِّـمـا ف ي�‬
‫معارضة تخفيض الرسوم الجمركية من جانب بك�ى ش‬ ‫وقـد وفرت إيرادات‬
‫والمال مع االقتصاد العالمي‪ّ .‬‬
‫ي‬
‫ت‬
‫المؤسسا�‬
‫ي‬ ‫ال صلة لها باالندماج‬
‫مجال الزراعة‪ ،‬لم تصبح روسيا عضواً ف ي� المنظمة إال ّ ف ي� ‪ 21‬آب ‪ ،2012‬أي بـعــد‬ ‫كب�ة وحرية ترصف ب‬
‫أك�‪.‬‬ ‫تلك الصادرات للحكومة الروسية موارد ي‬
‫ف‬ ‫فـقـد ألحقت ضأ�ار جسيمة‬ ‫أ‬
‫وقـد تمت دعوة روسيا للمشاركة عىل هامش‬ ‫مرور ‪ 18‬عامـاً عىل بدء المفاوضات‪ّ .‬‬ ‫بالتعا� ي‬
‫المال واالقتصادي‬ ‫ي‬ ‫أمــّـا الزمة الحالية ّ‬
‫نابول االيطالية‬ ‫ف‬
‫الك�ى السبع (‪ )G7‬ي� مدينة‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫اجتماعات مجموعة الدول الصناعية ب‬ ‫و� الوقت نفسه‪ ،‬فإن مــا تزامن‬
‫الروس‪ ،‬بسبب العقوبات وإحجام المستثمرين‪ .‬ي‬ ‫ي‬
‫الف�ة من ‪ 8‬إىل ‪ 10‬تموز عام ‪ ،1994‬والحقـاً تمت دعوة روسيا لتصبح‬ ‫خالل ت‬ ‫قـد زاد من‬ ‫ف‬
‫‪28‬‬
‫مع ذلك من تراجع ي� أسعار صادرات روسيا من النفط والغاز الطبيعي ّ‬
‫ت‬ ‫آ‬
‫تغ� اسمها ليصبح " مجموعة الدول الصناعية‬ ‫عضواً كامل العضوية بالمجموعة ي‬
‫ال� ي‬ ‫تفاقم هذه الثـار‪.‬‬
‫ال� شهدتها‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫قص� من الزمة االقتصادية ي‬‫الثمانية (‪ ")G8‬عام ‪ ،1998‬قبل وقت ي‬
‫روسيا ذلك العام‪ .‬تم طرد روسيا من مجموعة الثمانية ف ي� ‪ 24‬آذار عام ‪ 2014‬رداً‬ ‫النمو من خالل االندماج‪:‬‬
‫عىل ضمها لشبه جزيرة الق ِـ ْـرم‪.‬‬ ‫"بوت�" كرئيس للدولة ورئيس للوزراء ف ي� روسيا‪،‬‬
‫لـقـد شهدت تف�ات حكم الرئيس ي ن‬ ‫ّ‬
‫ف‬
‫بالضافة إىل أن القادة الروس كانوا يرون ي� هذه المنظمات الدولية مكانـاً يحققون‬ ‫إ‬ ‫باستثناء تف�ة الركود ف ي� عام ‪ ،2009‬نمواً اقتصاديـاً قياسيـاً بالنسبة لروسيا أدى إىل رفع‬
‫ف‬
‫من خالله مصالح روسيا االقتصادية‪ ،‬فإنهم كانوا يرون أيضـاً أن العضوية ي� مثل هذه‬ ‫ولـقـد كان النمو االقتصادي إىل‬
‫ّ‬ ‫البالد إىل مصاف الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع‪.‬‬

‫المنظمات الدولية إنــمــّـا تؤكد عىل الدور الذي تلعبه روسيا ف ي� النظام العالمي‪.‬‬ ‫جانب االستقرار االجتماعي والسياس عامال أساسيـاً ف� ارتفاع شعبية الرئيس ي ن‬
‫"بوت�"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الع�ين (وهــو منتدى‬ ‫"بوت�" قمة مجموعة ش‬ ‫ويتجىل ذلك من خالل حضور الرئيس ي ن‬ ‫حيث شهدت الطبقة المتوسطة ف ي� روسيا نموا ملحوظـاً‪ ،‬وصارت معتادة خالل ذلك‬
‫ً‬
‫المشارك� ف ي�‬
‫ين‬ ‫اس�اليا عام ‪ ،2014‬بالرغم من إدانة زمالئه‬ ‫اقتصادي دول آخــر) ف� ت‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫السو� والمقاهي الفاخرة ف ي� الداخل‪.‬‬
‫ي‬
‫ش‬ ‫عىل قضاء العطالت بالخارج وارتياد مطاعم‬
‫القمة لسياساته تجاه أوكرانيا‪ .‬كما أن المشاركة الدائمة من ق ِــبـَـل كبار القادة الروس‬ ‫من الناحية التاريخية‪ ،‬كانت السياسة االقتصادية الخارجية لروسيا تركز عىل‬
‫الجانب‪ ،‬مــا‬ ‫التنفيذي� والمستثمرين أ‬
‫ين‬ ‫بطرس�ج"‪ ،‬الذي يرتاده الرؤساء‬ ‫ب‬ ‫ف ي� "منتدى سان‬ ‫خلق ظروف مواتية لروسيا ف ي� االقتصاد العالمي‪ ،‬جزئيـاً من خالل ضمان حصول‬
‫هــي إال ّ مثال آخــر عىل التواصل المستمر‪.‬‬ ‫روسيا عىل مقعد لها ف� مختلف المحافل الدولية‪ .‬وكانت تلك سياسة ناجحة ت‬
‫ح�‬ ‫ي‬
‫ورو�‪ .‬ففي عام‬ ‫أ‬ ‫ت آ‬ ‫أ‬ ‫إن ش‬ ‫الروس ما للتجارة الخارجية والتدفق‬ ‫وقت قريب‪ ،‬فمنذ وقت مبكر أدرك صناع القرار‬
‫ال�يك االقتصادي الهم لروسيا ح� الن هــو االتحاد ال ب ي‬ ‫ي‬
‫ورو� ‪ 52‬ف ي� المائة من جميع صادرات روسيا بينما كان‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫‪ ،2012‬اش�ى االتحاد ال ب ي‬ ‫الحـر لالستثمارات من أهمية ف ي� تحقيق النمو االقتصادي‪ .‬وسعيا لتحقق تلك‬ ‫ّ‬
‫‪ 29‬ف‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫الدول ي� الول من حزيران عام ‪،1992‬‬ ‫ف‬ ‫الهداف‪ ،‬انضمت روسيا إىل صندوق النقد‬ ‫أ‬
‫و� السنوات السابقة‪ ،‬كانت الحصة‬ ‫يــُـمـَـثـِّـل مــا نسبته ‪ 42‬ي� المائة من وارداتها‪ .‬ي‬ ‫ي‬
‫السوفي� عام ‪ ،1992‬كان للتجارة مع االتحاد‬ ‫ت‬ ‫أك� من ذلك‪ ،‬فمنذ تفكك االتحاد‬ ‫ب‬ ‫فـقـد كان الفوز‬
‫ّ‬ ‫ع� من حزيران عام ‪ 1992‬أيضـاً‪.‬‬ ‫وإىل البنك الدول ف ي� السادس ش‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫بعضوية تلك المؤسسات ذو أهمية خاصة ي� حقبة التسعينيات من القرن ش‬
‫فـقـد كانت روسيا‬ ‫ورو� واالستثمارات المتدفقة منه دوراً أساسيـاً ي� نمو روسيا‪ّ ، ،‬‬ ‫ال ب ي‬ ‫الع�ين‪،‬‬
‫تقوم بتصدير النفط‪ ،‬والغاز الطبيعي‪ ،‬والحديد الصلب‪ ،‬والكيمياويات إىل االتحاد‬ ‫الروس‪ ،‬عىل الرغم من‬
‫ي‬ ‫حيث أنها كانت توفر حافزاً لدعم استمرار تحرير االقتصاد‬
‫آ‬ ‫أ‬ ‫م�ان المدفوعات عام ‪.1998‬‬ ‫قـد أخفقت ف� القضاء عىل أزمة ي ز‬
‫وغ� ذلك من المواد‬ ‫ورو� وكانت تستورد منه الالت والمعدات والمواد الغذائية ي‬ ‫ال ب ي‬ ‫ي‬ ‫أن تلك العضوية ّ‬
‫أ‬
‫االستهالكية الخـرى‪.‬‬ ‫وقـد دخلت روسيا ف ي� مفاوضات مع منظمة التجارة العالمية ف ي� عام ‪1994‬؛ وبسبب‬ ‫ّ‬

‫‪9‬‬
‫ورو� بشأن السياسة التجارية‪ .‬ولم تكن تلك التغيـُّـرات جيدة بالنسبة إىل روسيا‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ومنذ عام ‪ ،1992‬بدأ المواطنون الروس ش‬
‫بال�لمان ال ب ي‬ ‫وال�كات الروسية يلجئون إىل تنويع مــا‬
‫مبا� حيث شعرت الحكومة الروسية بأنه‬ ‫العضاء بشكل ش‬ ‫ال� فضلت أن تتعامل مع الدول أ‬ ‫ت‬ ‫الموال ف ي� الخارج‪ .‬وكان االتحاد‬ ‫يقدمون عليه من مجازفات استثمارية من خالل إيداعهم أ‬
‫ي‬
‫أ‬ ‫الموال‬ ‫الموال‪ ،‬حيث كان المستثمرون الروس يودعون أ‬ ‫الك� لهذه أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وقـد كانت‬
‫كان لديها المزيد من النفوذ عــنـد التعامل مع الدول العضاء عىل أساس فردي‪ّ .‬‬ ‫ورو� هــو المتلقي ب‬ ‫ال ب ي‬
‫ت‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫نز‬ ‫ورو�‪.‬‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫ال� كانت موجهة‬ ‫روسيا م�عجة بشكل خاص من "حزمة الطاقة الثالثة ي� االتحاد ال ب ي‬
‫ورو�" و ي‬ ‫ي� حسابات مرصفية هناك ويش�ون السهم والسندات والعقارات ي� االتحاد ال ب ي‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫ورو�‪ ،‬ال سيــِّـمـا ف ي� بق�ص‪ ،‬مفيدة للروس ف ي� جلب‬ ‫أ‬
‫ورو� من إمدادات الغاز الطبيعي وأيضـاً إىل‬ ‫ي� جانب ي‬
‫كب� منها إىل تنويع مصادر االتحاد ال ب ي‬ ‫كذلك كانت مصارف االتحاد ال ب ي‬
‫تمي� أ‬
‫القضاء عىل قدرة ش�كة "غازبروم ‪ "Gazprom‬عىل التدخل ف� ي ز‬ ‫أ‬
‫ال� لم تخضع لل�ض ائب من أجل استثمارها ف ي� العمال التجارية لتلك المصارف‪.‬‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫السعار‪ ،‬مما يقلل من‬ ‫ي‬ ‫الموال ي‬
‫أ‬
‫أرباحها من صادرات الغاز الطبيعي إىل دول االتحاد ال ب ي‬
‫ورو�‪.‬‬ ‫ورو� ألنهم كانوا يرونها‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫وربــّـمــَــا كان الروس يفضلون الحسابات المرصفية ي� االتحاد ال ب ي‬ ‫ُ‬
‫أك� أمانـاً من المصارف الروسية‪ ،‬ونتيجة لذلك قامت روسيا ومواطنوها الروس بدمج‬ ‫ث‬
‫العالقات االقتصادية مع دول الجوار‬ ‫ورو�‪.‬‬
‫أ‬
‫المال ال ب ي‬ ‫أموالهم ضمن النظام ي‬
‫ت‬
‫السوفي�‬ ‫كما ذكرنا آن ِــفــاً فإن الحكومة الروسية ترى رفقاءها من دول مــا بـعــد االتحاد‬ ‫ال�كات‬ ‫و� الوقت الذي كان يتدفق فيه رأس المال الروس إىل خارج البالد‪ ،‬كانت ش‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ(ربــّـمــَــا باستثناء دول البلطيق) عىل أنها تقع داخل منطقة نفوذها‪ .‬ولكن إذا كانت روسيا‬ ‫الموال إىل‬ ‫الورو� يضخون أ‬ ‫الخــرين من االتحاد أ‬ ‫والمصارف وغ�هم من المستثمرين آ‬
‫بي‬ ‫ي‬
‫الحيان (من قبيل إيفادها لقوات حفظ السالم فضال عن‬ ‫قـد استخدمت القوة ف� بعض أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫وتجار� التجزئة والجـُـمـلة‪ ،‬وبناء‬ ‫يّ‬ ‫ممول� عملية تطوير الخدمات المالية‬ ‫ي‬ ‫داخل روسيا‬
‫أ‬
‫إرسالها قوات إىل داخل جورجيا) بـُـغية ضمان الحفاظ عىل مصالحها المنية‪ ،‬فإنها لم‬ ‫ال� نال منها الضعف ف ي� ظل النظام‬ ‫ت‬
‫المساكن‪ ،‬وقطاعات االتصاالت‪ ،‬والقطاعات ي‬
‫كب�اً ف ي� إرصارها عىل امتيازاتها االقتصادية‪ .‬حيث تراجعت العالقات االقتصادية‬ ‫تلق نجاحـاً ي‬ ‫مجال الطاقة والبنية التحتية‪.‬‬ ‫كب�ة ي� ي‬
‫ف‬
‫السوفي�‪ .‬كما قاموا أيضـاً بتمويل استثمارات ي‬ ‫ي‬
‫ت‬
‫غ�ستان‬ ‫وق� ي ز‬
‫وكل من أذربيجان وأرمينيا وروسيا البيضاء وجورجيا وكازاخستان ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬
‫يب� روسيا ٍ‬ ‫الدارية‬ ‫تأ� أهمية الدراية الفنية والمهارات إ‬ ‫وعىل قدر أهمية تدفقات رأس المال تلك ي‬
‫ين‬
‫الماضي�‬ ‫ومولدوفا وطاجيكستان وتركمانستان وأوكرانيا وأوزبكستان‪ ،‬وذلك خالل العقدين‬ ‫ال بك� من النمو‬ ‫ال� ادخلها أولئك المستثمرون إىل االقتصاد الروس‪ .‬ولـقـد كان القسط أ‬ ‫ت‬
‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وغ� ذلك من البلدان‬ ‫أ‬ ‫ن ف آ‬ ‫أ‬ ‫الف�ة مــا ي ن‬ ‫النتاجي الرسيع ف� روسيا ف� ت‬
‫خ�ة – ي‬ ‫والص� ي� الونة ال ي‬
‫ي‬ ‫ورو� –‬
‫بالمقارنة بعالقاتهم باالتحاد ال ب ي‬ ‫ب� عامي ‪ 1998‬و ‪ 2008‬ينبع من االستثمار‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫إ‬
‫ب� عامي ‪ 2000‬و‪ 2012‬هبطت حصة هذه الدول‬ ‫الخـرى‪ .‬ففي ت‬
‫الف�ة مــا ي ن‬ ‫النامية أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫أ‬
‫ال� اكتسبها رجال العمال‬ ‫جن� المبا� من طرف تلك ال�كات‪ ،‬أو من المهارات ي‬ ‫ال ب ي‬
‫إجمال الواردات الروسية من ‪ 35‬ف ي� المائة إىل ‪ 13‬ف ي� المائة‪ ،‬وانخفضت صادرات روسيا‬ ‫ي‬ ‫ف ي�‬ ‫ال�كات‪ .‬كما أن عزوف روسيا عن نزع ملكية حيازات‬ ‫الروس من خالل العمل مع تلك ش‬
‫إىل تلك الدول من ‪ 19‬ف ي� المائة إىل ‪ 14‬ف ي� المائة بـعــد أزمة عام ‪ 1998‬ولم تعود مطلقاً‬ ‫ح� خالل عام ‪ ،2014‬مع رسيان العقوبات عليها – يعكس‬ ‫الجانب – ت‬ ‫المستثمرين أ‬

‫الحيان‪،‬‬ ‫والص�‪ ،‬ف� أغلب أ‬‫ن‬ ‫ورو�‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أهمية المستثمرين أ‬
‫ي ي‬ ‫إىل معدالتها السابقة فيما قبل الزمة‪ .‬كان االتحاد ال ب ي‬ ‫الروس‪.‬‬ ‫الجانب لنمو االقتصاد‬
‫‪31‬‬
‫ي‬
‫هما اللذان استحوذا عىل حصة السوق الروسية ف ي� هذا الجزء من العالم‪ ،‬عىل الرغم من‬ ‫الول ‪ ،2009‬كانت روسيا قادرة‬ ‫الول من كانون أ‬ ‫وفيما قبل تفعيل "معاهدة لشبونة" ف� أ‬
‫ي‬
‫الروس مصدراً‬ ‫الكب� ف ي� التفاصيل من دولة إىل أخـرى‪ .‬ولم تكن دول الجوار‬ ‫أ‬
‫ي‬ ‫التفاوت ي‬ ‫‪30‬‬
‫عىل إبرام اتفاقيات تجارة ثنائية مع الحكومات الوطنية المنفردة داخل االتحاد ال ب ي‬
‫ورو�‪.‬‬
‫ال�كات الروسية غالبـاً مــا‬ ‫الجنبية بالنسبة لروسية‪ ،‬عىل الرغم من أن ش‬ ‫هامـاً لالستثمارات أ‬ ‫ولكن بـعــد تفعيل المعاهدة‪ ،‬صار من الالزم التعامل مع معظم القضايا االقتصادية‬
‫مهم� ف ي� تلك الدول‪.‬‬
‫كانت تــُـمـَـثـِّـل مستثمرين ي ن‬ ‫فـقـد زادت المعاهدة من سلطة‬ ‫أ‬
‫‪32‬‬
‫وبالضافة إىل ذلك‪ّ ،‬‬ ‫الخارجية من خالل المفوضية الوروبية‪ .‬إ‬

‫‪10‬‬
‫كاديمي� الروس أو صناع القرار الروس حول الآثـار االقتصادية‬
‫ي ن‬ ‫ومن المث� للدهشة أنه لم يكن هناك سوى نقاش محدود من قــبــل ال أ‬
‫ِ َ‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫لكل من روسيا والدول العضاء الخـرى‪.‬‬‫الجمرك عىل الن ُـظ ُـ ْم االقتصادية ٍ‬
‫ي‬ ‫المحتملة لالتحاد‬

‫االتفاقات‪ .‬فعىل سبيل المثال‪ ،‬فرضت روسيا دعاوى مكافحة إغراق وتعريفات جمركية‬ ‫لـقـد كانت الحكومة الروسية تشعر بالقلق إزاء تراجع دورها االقتصادي ف ي�‬
‫ّ‬
‫مرتفعة عىل واردات أنابيب الصلب أ‬
‫الوكرانية عام ‪ 34.2007‬وغالبـاً مــا كان يتم اتخاذ‬ ‫وج�انها – بدرجات‬ ‫ت‬
‫السوفي�‪ ،‬اتخذت روسيا ي‬
‫ي‬ ‫محيطها المجاور‪ .‬ومنذ تفكك االتحاد‬
‫الجراءات رداً عىل الضغوط السياسية المحلية‪ ،‬بما ف ي� ذلك ضغوط‬
‫مثل هذا النوع من إ‬
‫ف‬
‫حماس متفاوتة – عدداً من الخطوات القانونية والمؤسساتية ي� محاولة للحفاظ عىل‬
‫تأث�هم عىل حكوماتهم‪.‬‬
‫أعضاء النخبة االوليجاركية الذين لهم ي‬ ‫متانة العالقات االقتصادية‪ .‬وكان أول تلك الخطوات هــو "رابطة الدول المستقلة‬
‫اس"‪ ،‬ثـ ُ َّـم الحقـاً "االتحاد‬ ‫أ‬ ‫ال� تم إنشاؤها ف� الثامن من كانون أ‬
‫ت‬
‫الجمرك الور ي‬‫ي‬ ‫أمــّـا مبادرة روسيا إلنشاء "االتحاد‬ ‫الول عام ‪ ،1991‬بـعــد تفكيك االتحاد‬ ‫ي‬ ‫(‪ ")CIS‬ي‬
‫الم�مة بالفعل‪.‬‬ ‫ين‬ ‫ف‬ ‫ت‬
‫السوفي� ش‬
‫تحس� االتفاقيات ب‬ ‫اس"‪ ،‬مع بلدان المنطقة فلم تنجح إال ّ قليال ي�‬ ‫االور ي‬ ‫هـم روسيا وجميع الجمهوريات السوفيتية‬ ‫مبا�ة‪ .‬وكان أعضاؤها المؤسسون ّ‬ ‫ي‬
‫أ‬
‫الجمرك" حيلة جاءت كرد فعل لمنع الدول العضاء من‬ ‫فبالحرى يبدو "االتحاد‬‫أ‬ ‫السابقة باستثناء دول البلطيق‪ 33.‬وعىل الرغم من أن "رابطة الدول المستقلة" تتخذ‬
‫ي‬
‫أك� مما‬ ‫ورو� ث‬ ‫أ‬ ‫الول عىل المساعدة ف ي�‬ ‫مواقف بشأن مسائل أخـرى إال أنها كانت مصممة ف� المقام أ‬
‫التفاوض عىل اتفاقات التجارة الحـ ُ ّـرة أو اتفاقات االنضمام لالتحاد ال ب ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬
‫المث� للدهشة أنه لم‬ ‫وج�انها‪ .‬ومن ي‬ ‫ب� روسيا ي‬ ‫يبدو كآلية لزيادة التكامل االقتصادي ي ن‬ ‫والحصاءات االقتصادية‪ ،‬وانتقال العمالة‪،‬‬
‫القضايا المتعلقة بالتجارة‪ ،‬والعمالت‪ ،‬إ‬
‫كاديمي� الروس أو صناع القرار الروس‬ ‫ين‬ ‫يكن هناك سوى نقاش محدود من قــبــل أ‬
‫ال‬ ‫وقـد أملت هذه البلدان‬ ‫أ‬
‫ِ َ‬ ‫والمعامالت المالية‪ ،‬فضال ً عن المخاوف االقتصادية الخـرى‪ّ .‬‬
‫لكل من‬ ‫حول آ‬ ‫ن‬
‫الجمرك عىل النـُظـ ُ ْم االقتصادية ٍ‬ ‫ي‬ ‫الثـار االقتصادية المحتملة لالتحاد‬ ‫الح� خاضت‬ ‫بهذه الطريقة أن تحافظ عىل عالقاتها التجارية التقليدية‪ .‬ومنذ ذلك ي‬
‫ال� تتوقع‬‫ت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫روسيا ورفقاؤها من البلدان السوفيتية السابقة عدداً من االتفاقات المتعلقة بالتجارة‬
‫روسيا والدول العضاء الخـرى‪ .‬فليس هناك سوى حفنة من الدراسات ي‬
‫المكاسب المرتقبة عىل المدى المتوسط من خفض تكاليف المعامالت والتوسع الحقـاً‬ ‫أ‬
‫ال�تيبات االقتصادية الخـرى‪.‬‬‫وغ� ذلك من ت‬ ‫ت‬
‫المش�كة‪ ،‬ي‬ ‫الحـ ُ ّـرة‪ ،‬والتعريفة الجمركية‬
‫القليمية البينية‪ 35.‬إال ّ أن هناك تكاليف أيضـاً‪ ،‬فـبـعــد انضمامها لالتحاد‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫ي� التجارة إ‬ ‫الحـد من معوقات التجارة‪ ،‬عىل الرغم من أنها لم تكن‬ ‫ّ‬ ‫وكانت تلك االتفاقات مفيدة ي�‬
‫الجمرك كان عىل جمهورية كازاخستان أن تزيد التعريفات الجمركية عىل نحو ‪ 50‬ف ي�‬ ‫ي‬
‫ت‬
‫وقـد اختلفت تلك ال�تيبات بشكل حاسم‬ ‫يتع� لها أن تبلغه‪ّ .‬‬ ‫مفيدة بالقدر الذي كان ي ن‬
‫القليمية البينية‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫المائة من وارداتها‪ ،‬مما يرجح أن يؤدي إىل خسائر عىل صعيد التجارة إ‬ ‫ورو� والمنظمات السابقة له‪،‬‬
‫ال� اتخذها‪ ،‬عىل سبيل المثال‪ ،‬االتحاد ال ب ي‬ ‫عن المسارات ي‬
‫القليمية البينية‪.‬‬ ‫ورو� هــي ف ي� جوهرها منظمة قائمة عىل القواعد‪ ،‬كانت‬ ‫أ‬ ‫ففي ي ن‬
‫‪36‬‬
‫لن تعوضها بشكل كامل المكاسب المتحققة عىل صعيد التجارة إ‬ ‫ح� أن منظمة االتحاد ال ب ي‬
‫ال� يتطلبها االتحاد معمول بها بالفعل ف ي� روسيا‪ ،‬من ثـ َ َّـم‬‫ت‬ ‫أ‬ ‫"رابطة الدول المستقلة" وغ�ها من الجهود أ‬
‫ولن التعريفات الجمركية ي‬ ‫الخـرى الرامية لتعزيز العالقات االقتصادية‬ ‫ي‬
‫يتع� أن تستمتع روسيا بمكاسب صافية من هذا االتفاق‪ .‬ولكن بالنظر إىل تاريخ‬ ‫ين‬ ‫أ‬
‫السوفي� تصطدم بعقبة رفض الدول العضاء‪ ،‬بما فيها‬ ‫ت‬ ‫ف ي� منطقة مــا بـعــد االتحاد‬
‫ي‬
‫السوفي� السابق‪ ،‬نجد‬ ‫ت‬ ‫تـنـفـيــذ االتفاقات االقتصادية السابقة فيما ي ن‬
‫ب� بلدان االتحاد‬ ‫ين‬
‫المشارك� فيها يفرضون تعريفات‬ ‫االل�ام بقواعدها‪ .‬ففي كث� من أ‬
‫الحيان كان‬ ‫روسيا‪ ،‬ت ز‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الجمرك كانوا يتوقعون مستويات امتثال‬
‫ي‬ ‫أنه من الصعب أن نتخيل أن واضعي االتحاد‬ ‫جمركية أعىل من المسموح بها أو يفرضون معوقات أخـرى عىل التجارة تحظرها تلك‬

‫‪11‬‬
‫محتفظ� ألنفسهم‬
‫ين‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫المنخفض السعر بأسعار أعىل للدول العضاء ي� االتحاد ال ب ي‬
‫ورو�‪،‬‬ ‫ن‬
‫اخستا� اعتباراً من‬
‫ي‬
‫عالية ألحكامه‪ .‬ففي واقع أ‬
‫المر‪ ،‬قام وزير االستثمار والتنمية الكاز‬
‫بالفارق‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ي ن‬ ‫شهر تموز ‪ 2015‬بإصدار تصاريح باست�اد السيارات من الدول أ‬
‫العضاء ف ي� "االتحاد‬
‫ح� كانت بلدان مثل أوكرانيا وجورجيا تنتهج سياسات ي‬
‫تث�‬ ‫ي‬
‫الخ�ة تعاقبهم بأن تطلب من ش�كة "غازبروم" أن ترفع أ‬ ‫أ‬ ‫ين‬
‫اخستاني� من المنافسة مع‬ ‫اس" وذلك لحماية تجار السيارات الكاز‬
‫السعار‬ ‫امتعاض روسيا‪ ،‬كانت ي‬ ‫االقتصادي االور ي‬
‫ت‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫كث�اً ي� أعقاب االنخفاض الحاد ي� قيمة‬ ‫ت‬
‫ال� تدفعها دول أوروبا الغربية‪.‬‬
‫إىل مستويات أعىل من تلك ي‬ ‫ال� صار سعرها أرخص ي‬ ‫السيارات الروسية ي‬
‫‪37‬‬
‫الروس‪.‬‬
‫ي‬ ‫الروبل‬
‫سياسة الحماية باعتبارها ثقل موازن لالندماج‬ ‫الجمرك بعيدة المنال‪،‬‬
‫ي‬ ‫ولكن إذا كانت المنافع االقتصادية لذلك االتحاد‬
‫ت‬ ‫العضاء به أن توقع‬ ‫فـمن الواضح أن هذا االتحاد قـد جعل من الصعب عىل الدول أ‬
‫ال� اتبعتها موسكو‬ ‫ئيس للمناهج ي‬
‫فيما يتعلق بالسياسة االقتصادية الشاملة‪ ،‬ركز التوجه الر ي‬ ‫ّ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫خ�ين من الزمن عىل تحرير االقتصاد ودمجه ف ي� السواق العالمية‪.‬‬ ‫عىل مدار الع ِــقــْدين ال ي‬ ‫يع� أن الدول العضاء‬ ‫ورو� دون موافقة روسيا‪ .‬وهذا ي‬ ‫اتفاقات االنضمام لالتحاد ال ب ي‬
‫أ‬ ‫ين‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كان المسؤولون والمصالح الخاصة عىل السواء يدفعان ف� وقت ت ز‬
‫م�امن إىل‬ ‫لتحس� عالقاتها مع بلدان االتحاد ال ب ي‬
‫ورو�‬ ‫التخل عن فرصة ي‬
‫كب�ة‬ ‫ي‬ ‫سوف تضطر إىل‬
‫ي‬
‫االتجاه آ‬ ‫ش‬
‫ساع� إىل المزيد من تدخل الدولة ف ي� النظام االقتصادي والمزيد من‬ ‫الخــر ي ن‬ ‫ويتما� ذلك بشكل جيد مع معارضة روسيا بشكل‬ ‫وتعزيز نموها االقتصادي‪.‬‬
‫مم�ة للسياسة الروسية �ف‬ ‫ت‬
‫ج�انها‪ ،‬وال� كانت سمة ي ز‬
‫والكث�ون‬
‫ي‬ ‫خ�‪ ،‬عمد الرئيس ي ن‬
‫"بوت�"‬ ‫أ‬
‫الحماية للصناعات المحلية‪ .‬وعىل مدار الع ِــقــْد ال ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عام لفكرة اندماجها‪ ،‬هــي أو ي‬
‫أك� من مجرد آلية‬ ‫خ�ة وتجعل من الصعب رؤية االتحاد الجمرك عىل أنه ث‬ ‫أ‬ ‫آ‬
‫ين‬
‫المقرب� منه ومديرو ش‬
‫ال�كات المملوكة للدولة إىل العمل عىل إحياء سياسات كانت‬ ‫من‬ ‫ي‬ ‫الونة ال ي‬
‫أك� مما تهدف إىل تعزيز النـُظـُم‬ ‫ورو� ث‬ ‫أ‬
‫ال�كات التجارية الروسية وتشجيع ش‬
‫ال�كات الرائدة المملوكة للدولة‪ .‬حيث‬ ‫تركز عىل حماية ش‬ ‫الحـد من نفوذ االتحاد ال ب ي‬
‫ّ‬ ‫سياسية تهدف إىل‬
‫لج�انها‪.‬‬
‫االقتصادية سواء لروسيا أو ي‬
‫"بوت�" بوضع العديد من الخطط لخلق ش�كات حكومية رائدة ف ي� مجال النفط‬
‫قام الرئيس ي ن‬
‫كذلك سعت روسيا إىل استخدام الحوافز االقتصادية لتحقيق أهدافها السياسية‬
‫ش(�كة "روس نفط ‪ )"Rossneft‬والحفاظ عىل سيطرة الدولة عىل الغاز الطبيعي ش‬
‫("�كة‬
‫ج�انها‬ ‫ف‬
‫ال�كات الحكومية الـمــصــنــعــة أ‬ ‫ي� مواجهة ي‬
‫ج�انها ال سيــِّـمـا أوكرانيا‪ .‬فلسنوات عديدة كانت روسيا تزود ي‬
‫للسلحة من قبيل ش"�كة‬ ‫ُ َ ِّ َ‬ ‫غازبروم")‪ ،‬وتطوير وتعزيز ش‬
‫بالغاز الطبيعي‪ ،‬وبالنفط الخام كما ف ي� حالة روسيا البيضاء‪ ،‬وذلك بأسعار أقل مما‬
‫الطائرات المتحدة ‪ ."United Aircraft Corporation‬وعىل الرغم من أن رئيس الوزراء‬ ‫أ‬
‫ورو�‪ .‬وكان يتم النظر إىل تلك المبيعات التفضيلية‬
‫يدفعها العمالء لدى االتحاد ال ب ي‬
‫قـد توىل زمام المبادرة ف ي� تطوير مجمعات‬
‫"ديمي�ي ميدفيديف ‪ّ "Dmitry Medvedev‬‬ ‫ت‬ ‫عىل أنها تدعم النـظـم االقتصادية لهذه البلدان خالل أ‬
‫الوقات الصعبة عىل أمـل‬ ‫ُ ُْ‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬من قبيل "مركز سكولكوفو لالبتكار ‪ ،"Skolkovo Innovation Center‬إال ّ‬ ‫التخفيف من االضطرابات‪ .‬كما كانت تلك المبيعات التفضيلية أيضـاً بمثابة وسيلة‬
‫للمام دون دعم من الرئيس‬ ‫أنه يبدو أنه من غ� المرجح بشدة أن تس� هذه المبادرة أ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫الروس‬ ‫الستمالة النخب السياسية‪ ،‬إضافة إلتاحة الفرص لهم إلعادة بيع الغاز الطبيعي‬
‫ي‬
‫أك� قوة‬ ‫"بوت�"‪ .‬فالقادة الروس يرون أن تلك المبادرات إنــمــّـا تجعل الدولة الروسية ث‬
‫ين‬
‫وتعيدها لسابق عهدها كقوة تكنولوجية واقتصادية عظمى‪ .‬وكذلك كان يتم النظر إىل‬
‫ال�كات أ‬
‫الخـرى الرائدة المملوكة للدولة ف ي�‬ ‫وغ�ها من ش‬ ‫كذلك سعت روسيا إىل استخدام الحوافز االقتصادية لتحقيق‬
‫إنشاء ش"�كة الطائرات المتحدة" ي‬
‫أ‬ ‫ج�انها ال سيـ ِّــمـا أوكرانيا‪.‬‬ ‫ف‬
‫قطاع السلحة عىل أنه بمثابة عامل مهم الستعادة القوة العسكرية الروسية‪.‬‬ ‫أهدافها السياسية ي� مواجهة ي‬

‫‪12‬‬
‫فتدم� ش�كة "يوكوس‬ ‫ولم يكن الدافع لمثل هذه المبادرات دافعاً إيديولوجياً فـقـط‪،‬‬
‫ولـقـد كان إلعادة نقل الأصول المملوكة للقطاع الخاص ثانية إىل‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫خودوركوفسك ‪Mikhail‬‬ ‫‪ "Yukos‬للنفط واعتقال وسجن رئيسها التنفيذي "ميخائيل‬
‫ي‬
‫الروس‪.‬‬
‫ي‬ ‫الدولة كلفته عىل االقتصاد‬ ‫ين‬ ‫ين‬
‫المحتمل�‬ ‫المنافس�‬ ‫‪ "Khodorkovsky‬عام ‪ ،2003‬لم يبعث فقط برسالة واضحة إىل‬
‫للرئيس ي ن‬
‫"بوت�" داخل القلة االوليجاركية‪ ،‬بل أيضـاً نقلت أصول وحقول النفط من ش‬
‫ال�كة‬
‫ولـقـد كان لعادة نقل أ‬
‫الصول المملوكة للقطاع الخاص ثانية إىل الدولة كلفته‬ ‫التابعة للقطاع الخاص إىل ش�كة "روس نفط" المملوكة للدولة‪ . .‬ش‬
‫و�كة "يوكوس"‪،‬‬
‫إ‬ ‫ّ‬
‫الموظف�ن‬ ‫ش‬ ‫أ‬
‫ال� تركز عىل نهب الموال من ال�كات وترقية‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ال� استوىل عليها الرئيس ي ن‬ ‫ش‬ ‫أ‬
‫ي‬ ‫فالدارة ي‬ ‫الروس‪ .‬إ‬
‫ي‬ ‫عىل االقتصاد‬ ‫"بوت�"‪.‬‬ ‫عىل الرغم من أنها كانت البرز‪ ،‬لم تكن ال�كة الوحيدة ي‬
‫قـد أدت إىل تراجع حاد ف ي� معدل‬ ‫أ‬ ‫العمال الجورجي "كاكا بندوكيدز ‪ "Kahka Bendukidze‬بضغوط تمارس‬ ‫فـقـد شعر رجل أ‬
‫عىل أساس المحاباة والوالء بدال ً من حـُـسن الداء ّ‬ ‫ّ‬
‫سء وإهدار‬ ‫ش‬ ‫"ال�كة المتحدة للمعدات الثقيلة ‪Obedinennie‬‬ ‫عليه لبيع ش�كته المعروفة باسم ش‬
‫النتاجية ال سيــِّـمـا إنتاجية رأس المال‪ .‬ومع إدارة ال�كات بشكل ي‬
‫نمو إ‬
‫(وف�ة كساد مع تراجع أسعار النفط‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫رأس المال‪ ،‬دخلت روسيا � تف�ة تباطؤ � النمو ت‬ ‫‪ ")Mashinostroitelnie Zavody (OMZ‬إىل ش�كة "غازبروم" بسعر منخفض وذلك‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ف� أ‬ ‫قـد سعوا‬ ‫ف‬
‫السواق العالمية)‪ ،‬وذلك جزئيـاً بسبب هذا التحول نحو تعاظم التدخل الحكومي‬ ‫ي‬ ‫عــنـد توليه منصب وزير االقتصاد ي� بالده جورجيا‪ .‬فمن المرجح أن القادة الروس ّ‬
‫الساسية ف� المحفظة االستثمارية لرجل أ‬
‫إىل استعادة سيطرة الدولة عىل المكونات أ‬
‫الروس‪.‬‬
‫ي‬ ‫ف ي� االقتصاد‬ ‫العمال‬ ‫ي‬
‫"بندوكيدز" – من قبيل مثال ً إنتاج محطة الطاقة النووية‪.‬‬
‫االقتصاد وأزمة أوكرانيا‬ ‫المسؤول� إال ي ن‬
‫داري�‬ ‫ين‬ ‫وقـد استفاد كال من مديري ش‬
‫ال�كات الروسية المملوكة للدولة و‬ ‫ّ‬
‫ين‬
‫الكرمل� سعيـاً للتكامل والنمو كال من االنضمام‬ ‫ت‬
‫ال� انتهجها‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫الروس من هذه المبيعات حيث بمقدورهم استخدام ش‬
‫لـقـد كان من يب� الطرق ي‬
‫ّ‬ ‫ال�كات المملوكة للدولة ي� ي‬
‫توف�‬
‫وتوف� الحماية‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫ال� كانت محمية ي� السابق‪ ،‬ي‬ ‫إىل منظمة التجارة العالمية‪ ،‬وفتح القطاعات ي‬ ‫و� بعض الحيان‪ ،‬شفط الموال لجيوبهم‪ 38.‬إ‬
‫وبالضافة إىل مــا‬ ‫الحماية لنفسهم‪ ،‬ي‬
‫الحيان عن تلك أ‬
‫الهداف‬ ‫الكرمل� يحيد ف� بعض أ‬ ‫ين‬ ‫و� الوقت نفسه كان‬ ‫ف‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫لل�كات الغربية‪ .‬ي‬ ‫تمارسه تلك المجموعات من ضغوط عىل الحكومة الروسية كانت جماعات المصالح من‬
‫بـُـغية إرضاء النخب االقتصادية والحفاظ عىل قدرته عىل توزيع الريع‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لم يبدو‬ ‫القطاع الخاص تضغط هــي أ‬
‫الخـرى عىل الحكومة الروسية العتماد إجراءات سياسية‬
‫ين‬
‫مدفوع� بمصالح‬ ‫الجمرك بوجه عام وسياسة أوكرانيا بوجه خاص كانا‬
‫ي‬ ‫أن كال من االتحاد‬ ‫مفيدة لهم‪ .‬فعىل سبيل المثال‪ ،‬فإن جماعات مصالح القطاع الخاص ف ي� مجال الزراعة‪،‬‬
‫ف‬ ‫"ش� ي ز‬
‫قـد قوضت هذه المصالح‬ ‫اقتصادية وطنية أو محدودة‪ ،‬فالترصفات الروسية ي� أوكرانيا ّ‬ ‫قـد ضغطت من أجل منع الواردات المنافسة‬ ‫ك�وفو ‪ّ ،"Cherkizovo‬‬ ‫من قبيل ش�كة ي‬
‫ورو�‪.‬‬
‫أ‬ ‫ن ف‬ ‫أ‬ ‫ض‬
‫بإ�ارها بالعالقات االقتصادية مع ش‬ ‫مثل الدجاج أو المنتجات الزراعية أ‬
‫ساسي� ي� ٍكل من أوكرانيا واالتحاد ال ب ي‬‫ال�كاء ال ي‬ ‫الخـرى‪ ،‬مستغلة المخاوف بشأن جودة الغذاء والصحة‬
‫الالت‬‫السلحة الروسية‪ ،‬إذ كانت "رابطة مصانع بناء آ‬ ‫فأوكرانيا كانت مورد هام لصناعات أ‬
‫قـد كان‬
‫وبالتال‪ ،‬يتضح أن بعض النخب من القطاع الخاص ّ‬
‫ي‬ ‫كم�ر لذلك الضغط‪.‬‬
‫الـعـامـّـة ب‬
‫ت‬
‫وال�‬ ‫(يوزماش ‪ ")Yuzmash‬الجنوبية ف� مدينة ب ت‬
‫"دني�وب�وفسك ‪ ،"Dnipropetrovsk‬ي‬ ‫ي‬ ‫التأث� عىل السياسة الـعـامـّـة‪ ،‬فيما يتعلق بالقضايا االقتصادية‪ ،‬وعىل النقيض‬
‫لها بعض ي‬
‫تقوم بتصميم وتصنيع وصيانة الصواريخ والقذائف‪ ،‬مصدراً مهماً للمكونات الصناعية‪،‬‬ ‫أ‬
‫تمامـاً ف ي� ما يتعلق بالقضايا المنية‪ ،‬وذلك من خالل آليات عمل علنية ورسية عىل السواء‪.‬‬
‫كما كان الحال مع ش�كة "موتور سيتش ‪ "Motor Sich‬الـمـُـصـَـنـِّـعـَـة لمحركات‬ ‫المحل وأتاحت مزايا ض�يبية خاصة‬
‫ي‬ ‫وكذلك أرصت الحكومة الروسية عىل ش�وط المحتوى‬
‫الحال يضع نهاية‬ ‫تعت� ت‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫الطائرات المروحية ومقرها مدينة "زاباروجيا ‪ ،"Zaporozhye‬والرصاع ي‬ ‫اس�اتيجية‪ ،‬مثل قطاع السيارات‪.‬‬ ‫للمستثمرين الجانب ي� صناعات كانت ب‬

‫‪13‬‬
‫وقـد أبدت روسيا أيضـاً‬ ‫أ‬ ‫مــا تراه روسيا بمثابة مصالحها ت‬ ‫أ‬
‫االس�اتيجية الوسع نطاقــاً‪ّ .‬‬ ‫الروس‪ .‬كذلك فإن‬‫ي‬ ‫بالتال من قطاع الدفاع‬
‫وربــّـمــَــا للبد مما يدمر ي‬
‫لتلك العالقات‪ُ ،‬‬
‫ف‬ ‫ف‬ ‫ورو� من عقوبات مالية وأخرى اقتصادية وما تفرضه روسيا من‬ ‫أ‬
‫وغ�ها‪.‬‬‫كب�ة ي� سعيها لتحقيق أهدافها ي� أوكرانيا ي‬
‫استعدادها لتحمل تكاليف اقتصادية ي‬ ‫مــا يفرضه االتحاد ال ب ي‬
‫أ‬ ‫ال� فرضت عليها عقوبات إنــمــّـا كان‬‫ت‬
‫قـد صارت ترى االندماج االقتصادي من نفس منظور‬ ‫ففي واقع المر يبدو أن موسكو ّ‬ ‫حظر عىل واردات سلع غذائية معينة من البلدان ي‬
‫السياس – أي كونه خطراً سياسيـاً‪ ،‬عىل الرغم من الفوائد االقتصادية‬ ‫رؤيتها لالندماج‬ ‫ح� أنه يجوز أن روسيا لم تتوقع مثل هذه‬ ‫كب�ة‪ .‬ففي ي ن‬
‫لهم جـمـيــعــاً تكاليف اقتصادية ي‬
‫ي‬
‫آ‬
‫ح� الن‪.‬‬ ‫ال� جلبها هذا االندماج إىل روسيا ت‬
‫ت‬ ‫لتغي� الوضع‪.‬‬ ‫التطورات‪ ،‬إال ّ أنها ّ‬
‫قـد قبلت بها ولم تتخذ أي خطوات ي‬
‫العديدة ي‬
‫كذلك يبدو أن ضم شبه جزيرة الق ِـ ْـرم إنــمــّـا يتعارض أيضـاً مع المصالح االقتصادية‬
‫ف‬ ‫الروسية‪ .‬أ‬
‫دور النخبة والرأي العام ي� السياسة الخارجية الروسية‪:‬‬ ‫فالنشطة االقتصادية الرئيسية ف ي� شبه جزيرة الق ِـ ْـرم تتمثل ف ي� السياحة وإيواء‬
‫تأث� قطعي حاسم ألي مجموعة أو فرد (بخالف مــا‬ ‫من الصعب القول بأن هناك ي‬ ‫السود الروسية (واالوكرانية)‪ .‬ومع ارتفاع مستوى الدخول خالل الع ِــقــْد‬ ‫أساطيل البحر أ‬
‫الروس‪.‬‬ ‫ال� بلغها النظام‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫للرئيس ي ن‬ ‫ض‬
‫ي‬ ‫تأث�) ي� نظام له هذه المركزية ي‬ ‫"بوت�" نفسه من ي‬ ‫وغ�هما من الوجهات‬ ‫فـقـد جاهدت شبه جزيرة الق ِـ ْـرم لتنافس كال من تركيا ومرص ي‬ ‫الما�‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫كث�اً بما يفكر فيه الرأي‬ ‫للح�ة مع ذلك أنه يبدو أن الرئيس ي ن‬
‫"بوت�" يهتم ي‬ ‫ومن ي‬
‫المث� ي‬ ‫الوكرانيون‪ ،‬الذين يمثلون قاعدة سياحية تقليدية قوية لشبه‬ ‫الخـرى‪ .‬فالروس و أ‬
‫السياحية أ‬

‫يس� ألقىص مدى يستطيع لتشكيل تلك‬ ‫الروس ناهيك عن نخبته‪ ،‬ويمكن أن ي‬ ‫ي‬ ‫العام‬ ‫قـد وجدوا أن تلك المقاصد الجديدة توفر لهم خدمات أفضل بأسعار أقل‪.‬‬
‫جزيرة الق ِـ ْـرم‪ّ ،‬‬
‫السهل للنظام الحاكم أن يقود‬ ‫الراء‪ .‬ويعزى هذا إىل حـد كب� إىل حقيقة أنه من أ‬
‫آ‬ ‫وبـعــد ضم شبه جزيرة القــرم‪ ،‬لم يعد أ‬
‫الوكرانيون تي�ددون عىل منتجعات الق ِـ ْـرم‪ .‬وعىل‬
‫ّ ي‬ ‫ِ ْ‬
‫البالد إذا كانت آراء الـعـامـّـة مواتية له‪ .‬والنتيجة أنه ال آراء النخبة وال آراء الـعـامـّـة‬ ‫الرغم من المناشدات الوطنية‪ ،‬لم يعد الروس أيضـاً يبدون أي اهتمام بها ومن ثـ َ َّـم أصبح‬
‫حول موضوعات بعينها يمكنها أن تحرك السياسة الروسية‪ ،‬لكن النظام ش‬ ‫ن‬
‫يعا� من تال�اجع‪ .‬كما قيدت أوكرانيا أيضـاً حركة التجارة بع�‬ ‫هذا المـ ف‬
‫يخ� بشدة‬ ‫كون ي� اقتصاد الق ِـ ْـرم ي‬
‫ُ ِّ‬
‫وغ�ه من‬ ‫أ‬
‫من معارضة النخبة والـعـامـّـة عىل السواء لترصفاته‪.‬‬ ‫الحدود الجديدة الناشئة بموجب المر الواقع ومن ثـ َ َّـم ارتفعت تكاليف الطعام ي‬
‫المنتجات إذ صار البد للق ِـ ْـرم من أن تنقل إالمدادات البديلة من روسيا بع� طرق نقل أطول‬
‫هل النخبة مهمة؟‬ ‫وقـد واجهت روسيا تلك المشكالت االقتصادية من خالل دعم تكاليف النقل‪،‬‬ ‫و ث‬
‫أك� تكلفة‪ّ .‬‬
‫م�ان القوى تميل بموجب‬ ‫قبل مدة طويلة من الوالية الثالثة للرئيس ي ن‬
‫"بوت�"‪ ،‬كانت كفة ي ز‬ ‫كب� العدد‪،‬‬ ‫السـن من شعب الق ِـ ْـرم ي‬
‫ّ‬ ‫بتوف� معاشات تقاعدية لكبار‬‫كما قامت روسيا أيضـاً ي‬
‫قـد وصفوا النظام‬ ‫ين‬
‫الباحث� ّ‬ ‫كب� لدرجة أن بعض‬
‫الدستور لصالح رئيس الدولة بشكل ي‬ ‫أ ض‬
‫ا�‬‫أمريك سنويـاً‪ .‬كما تعهدت روسيا ببناء جرس إىل الر ي‬
‫ي‬ ‫بما يقدر بنحو (‪ )1‬مليار دوالر‬
‫وس�اً عىل خطى الرئيس‬ ‫ئاس مفرط ‪ 40،"hyper-presidential‬ي‬ ‫و� ي ن‬‫‪ 39‬ف‬
‫الروس بأنه "نظام ر ي‬
‫ي‬ ‫ح� أن هناك بعض وفورات‬ ‫أمريك‪ .‬ي‬
‫ي‬ ‫الروسية بتكلفة تبلغ نحو (‪ )7‬مليارات دوالر‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫ين‬
‫"يلتس� ‪ "Yeltsin‬ي� هذا المر‪ ،‬إن لم يكن ي� يغ�ه من المور أيضـاً‪ ،‬عمل‬ ‫السبق‬ ‫أمريك قيمة إاليجار السنوي‬ ‫ي‬ ‫التكلفة المرتبطة بعدم االستمرار ف ي� دفع مبلغ ‪ 97‬مليون دوالر‬
‫"بوت�" عىل تعزيز قوته ف� مواجهة بال�لمان جاعال ً منه وبشكل ت ز‬
‫م�ايد هيئة شكلية‬ ‫الرئيس ي ن‬ ‫السود‪ ،‬نجد أن تلك الزيادات ف ي� إالنفاق‪ ،‬عىل الرغم من أنها ليست هائلة‪،‬‬ ‫ألسطول البحر أ‬
‫ي‬
‫طيعة تحت سيطرته يمكن ش�اء والءها بمختلف امتيازات الرعاية‪ 41.‬وبـعــد أزمة احتجاز‬ ‫إال ّ أنها أثقلت بالفعل كاهل ي ز‬
‫الم�انية‪.‬‬
‫ين‬
‫المنتخب� بنواب‬ ‫الرهائن ف ي� بلدة "بيسالن ‪ "Beslan‬الروسية‪ ،‬تم استبدال حكام الواليات‬ ‫وهكذا يبدو أن روسيا اليوم ترى السياسة االقتصادية عىل أنها أحـد المجاالت‬
‫تغي� ذلك رسميـاً ف� عام ‪ ،2012‬كان يتم ي ن‬
‫تعي�‬ ‫ين‬ ‫ال� يمكنها من خاللها أن تمارس نفوذها عىل محيطها المجاور‪ ،‬بما ش‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫ي‬ ‫قـد تم ي‬ ‫معين�‪( .‬وعىل الرغم من أنه ّ‬ ‫يتما� مع‬ ‫الخـرى ي‬

‫‪14‬‬
‫ال� تم إجراؤها‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫يخص السياسة الخارجية‪ .‬ويتجىل ذلك ي� إالجابات الواردة ي� المقابالت ي‬ ‫كب� من حكام الواليات قبل أن يكون بالمستطاع إجراء االنتخابات‪ ،‬مما كان يؤجل‬ ‫عـــدد ي‬
‫ت‬ ‫أ‬ ‫ال� تم وضعها ف ي� وقت مبكر ف ي� تف�ة‬ ‫ت‬
‫وال� يوضحها الشكل رقم "‪."2‬‬
‫مع النخب الساسية بشأن دوافع السياسة الخارجية ي‬ ‫تأث�ات حقيقية)‪ .‬ففكرة "السلطة الرأسية" ي‬ ‫حدوث أي ي‬
‫‪43‬‬

‫واالستثناء لهذه القاعدة هــو السياسة الخارجية االقتصادية حيث كانت المصالح التجارية‬ ‫قـد وضعته بقوة عىل قمة هرم سلطة صنع القرار حيث يرنو إليه‬ ‫رئاسة ي ن‬
‫"بوت�" إنــمــّـا ّ‬
‫أ‬
‫الخاصة قادرة ف ي� بعض الحيان عىل الحصول عىل معاملة مواتية وتفضيلية لنفسها‪.‬‬ ‫ن ‪42‬‬
‫المه�‪.‬‬ ‫الشخص أو عىل الصعيد‬ ‫هـم دونه بأبصارهم سواء عىل الصعيد‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫جميع من ّ‬
‫ال� تستحق أن نفحص كـ ُ ّـل‬ ‫ت‬ ‫آ‬ ‫الفعل‬ ‫اقب�‪ ،‬أصبحت مجموعة صنع القرار‬ ‫وربــّـمــَــا كنتيجة لذلك ووفـقــاً لمعظم المر ي ن‬
‫وهناك القليل من الراء المخالفة المحتملة لهذا الرأي و ي‬ ‫ي‬ ‫ُ‬
‫ال� تمتلك‬ ‫ت‬ ‫أضيق وأصغر من أي وقت م�ض (أو ُربــّـمــَــا انطبق ذلك عىل مختلف المجموعات ال�ت‬
‫منها عىل حدى‪ ،‬فالبعض ذهب إىل أن مــا يسمى بالوزارات السيادية (مثل تلك ي‬ ‫ي‬
‫ين‬
‫الباحث� عىل أن‬ ‫المر يتفق معظم‬ ‫و� واقع أ‬‫ف‬
‫كب�اً داخل إدارة الرئيس‬
‫أسلحة كالداخلية والدفاع والمخابرات) إنــمــّـا كانت تمارس نفوذاً ي‬ ‫يتم التشاور معها حول مختلف القضايا)‪ .‬ي‬
‫"بوت�"‪ .‬فغالبـاً مــا يتم النظر إىل جهاز المخابرات‪ ،‬الذي مارس فيه الرئيس ي ن‬ ‫ين‬ ‫م�ايد ف ي� يدي رئيس‬‫قـد ترسخت بشكل ت ز‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫"بوت�"‬ ‫المر ال ينحرص فـقـط ي� أن سلطة صنع القرار ّ‬
‫القل فيما‬ ‫البالد‪ ،‬بل صار لعدد قليل من النخبة قدرة خاصة عىل التأث� عليه‪ ،‬عىل أ‬
‫حياته المهنية‪ ،‬عىل أن له أهمية خاصة‪ 44.‬ولكن ليس من الواضح تمامـاً مــا إذا كان جهاز‬ ‫ي‬
‫المنية‪ .‬ففي ي ن‬
‫ح�‬ ‫المخابرات‪ ،‬عىل هذا النحو‪ ،‬قـد أثر ف� قرارات السياسة الخارجية والسياسة أ‬
‫ّ ي‬
‫قـد ارتفعت‪ ،‬ليس هناك من دليل عىل أنهم يناقشون سياسات‬ ‫أ‬ ‫أن ي ز‬
‫م�انيات هذه الجهزة ّ‬ ‫تأث� عىل‬
‫الشكل ‪ .2‬تصنيف النخبة الروسية لما للجهات الفاعلة المحلية من ي‬
‫خ�ة‪ ،‬ولكن ال يبدو‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫السياسة الخارجية‪.‬‬
‫قـد تمتع بزيادة موارده ي� السنوات ال ي‬
‫بعينها‪ .‬وبشكل مماثل فإن الجيش ّ‬
‫ال� تخرج عن نطاق اختصاصه – ففي ي ن‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫أنه كان أو (حاول أن يكون) مؤثراً ي� المسائل ي‬
‫ح� أنه‬ ‫‪7‬‬
‫‪6.44‬‬ ‫‪6.58‬‬ ‫‪6.44‬‬
‫‪6.16‬‬
‫االس�اتيجية العسكرية وهيكل القوة العسكرية ليس هناك من دليل‬ ‫يحتفظ بمسؤوليته عن ت‬ ‫‪5.77‬‬
‫‪5.63‬‬ ‫‪5.35‬‬
‫‪5.33‬‬ ‫‪5.70‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪5.21‬‬
‫قوي عىل أنه هــو يؤثر ف ي� السياسة الخارجية‪ .‬وبالرغم من أن ترصيحات القادة‬
‫‪5.28‬‬
‫ين‬
‫العسكري�‬
‫‪5.14‬‬
‫‪5.12‬‬
‫‪4.73‬‬
‫‪4.67‬‬ ‫‪4.59‬‬
‫‪5.06‬‬
‫‪5‬‬
‫‪5.05‬‬ ‫‪4.55‬‬
‫‪4.47‬‬ ‫‪4.43‬‬
‫تتما� مع ترصيحات قادة السياسة الخارجية‪ ،‬إال ّ أن ذلك هــو الحال ف ي� معظم الدول ف ي�‬ ‫ش‬ ‫‪4.54‬‬ ‫‪4.49‬‬ ‫‪4.10‬‬
‫‪4.28‬‬ ‫‪3.96‬‬ ‫‪3.82‬‬ ‫‪4.19‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪3.82‬‬ ‫‪3.90‬‬ ‫‪3.45‬‬
‫القل‬ ‫وبالحرى يبدو من المعقول عىل أ‬‫حالة عدم وجود ش�خ كب� ف� العالقة بينهما‪ 45.‬أ‬ ‫‪3.61‬‬ ‫‪3.68‬‬ ‫‪3.23‬‬
‫ي ي‬ ‫‪3.23‬‬
‫‪3.01‬‬
‫‪3.25‬‬
‫‪2.94‬‬
‫‪3‬‬

‫الكث� لتكسبه من دعم هذه المؤسسات وأنها ّ‬


‫قـد‬ ‫الزعم بأن إدارة الرئيس ي ن‬
‫"بوت�" لديها ي‬ ‫‪2‬‬
‫أك� مما فعلته بسبب ضغوط من جانبهم‪.‬‬ ‫بالكث� لهذا السبب ث‬
‫ي‬ ‫قامت‬ ‫‪1‬‬
‫فـقـد استفادت من عالقاتها المتنامية مع‬ ‫أ‬
‫أمــّـا الكنيسة الرثوذكسية الروسية ّ‬ ‫‪0‬‬
‫"بوت�" و"ميدفيديف"‪ ،‬حيث يتم استخدام الكنيسة وتعاليمها عىل‬‫ئيس� ي ن‬
‫كل من الر ي ن‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪1995‬‬
‫ٍ‬
‫أ‬
‫الدوام كنقطة مرجعية لليديولوجية الجديدة لروسيا والمبنية عىل القيم المحافظة‪،‬‬ ‫وزارة اﻟﺪﻓﺎع‬ ‫وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ‬ ‫اﻟﺮﺋﻴﺲ‬
‫اﻟﻘﺎدة اﻹﻗﻠﻴﻤﻴني‬ ‫ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺪوﻣﺎ‬ ‫اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‬
‫وغ�ها‬
‫ب� روسيا ي‬ ‫واستخدامها أيضـاً‪ ،‬وفـقــاً للبعض‪ ،‬كجزء من بم�ر العالقات الوثيقة ي ن‬ ‫اﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬ ‫اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم‬
‫السوفي� السابق‪ 46.‬أمــّـا ف ي� السياسة الداخلية‪ ،‬فيمكن القول بأن‬
‫ي‬
‫ت‬ ‫من بلدان االتحاد‬
‫‪: Valdai Discussion Club, Russian Elite—2020, Moscow, July 2013.‬اﳌﺼﺪر‬
‫أك� تتبع عالقاتها‬‫تأث�ها عىل نُهج الصحة والتعليم‪ 47.‬ويصعب ث‬ ‫قـد كان لها ي‬
‫الكنيسة ّ‬ ‫‪RAND PE144-2‬‬

‫‪15‬‬
‫قـد نشك ف ي� أن كال من االحتجاجات وانخفاض‬ ‫ين‬
‫منافس� جادين آخرين‪ 49.‬وهنا ّ‬ ‫تقدم أي‬ ‫ت‬
‫مشكل� أوكرانيا‬
‫ي‬ ‫قـد أعربت عن رأيها ف ي�‬
‫بالسياسة الخارجية‪ ،‬فعىل الرغم من أن الكنيسة ّ‬
‫ح� أن بعض الروس‬ ‫نتائج استطالعات الرأي إنــمــّـا يعكس نفس سبب السخط‪ .‬ففي ي ن‬ ‫الكرمل�‪ 48.‬ونحن نرى أن‬‫ين‬ ‫وسوريا‪ ،‬إال ّ أن تعليقاتها تلك كانت تتبع ث‬
‫أك� مما تقود سياسة‬
‫تعب�اً عن غضبهم‪ُ ،‬ربــّـمــَــا كان‬ ‫ف‬ ‫ب� الكنيسة والدولة تحتاج إىل نظرة عن كثب‪ ،‬ولكننا ال نزال ف ي� الوقت الراهن‬
‫العالقات ي ن‬
‫كانوا عىل استعداد للمشاركة ي� االحتجاجات الـعـامـّـة ي‬
‫أك� هدوءاً‪ ،‬مما تسبب ف ي� انخفاض أعداد‬ ‫البعض آ‬
‫الخــر أقل دعمـاً للحكومة ولكن بشكل ث‬ ‫نشك ف� أن للكنيسة أي تأث� عىل السياسة أ‬
‫المنية الروسية فهي مجرد وسيلة تستخدمها‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫المصوت� للرئيس ي ن‬
‫"بوت�" إىل مستوى نسب الستينيات المئوية المرتفعة‪.‬‬ ‫ين‬ ‫ف‬
‫الدولة ي� بت�ير تلك السياسة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فعىل الرغم من أنه من الواضح أنه كان لدى الروس آراؤهم‪ ،‬إال ّ أنه‬
‫تعدل من سياستها‬ ‫آ‬ ‫تشكيل الرأي العام‬
‫ليس من الواضح مــا إذا كانت تلك الراء ملزمة لحكومتهم أو تجعلها ِّ‬
‫أ‬ ‫ال� تصوغ شكل‬ ‫ت‬
‫تغ�ت الستيعاب‬ ‫قـد ي‬ ‫الخارجية‪ .‬فإن كان المر كذلك لكانت السياسة الخارجية الروسية ّ‬ ‫إذ كان من الصعب العثور عىل أدلة عىل أن وجهات نظر النخبة هــي ي‬
‫المصوت� ف ي� االنتخابات‪ ،‬لكنها لم تفعل‪ ،‬والمثال الوحيد‬ ‫ين‬ ‫االحتجاجات وانخفاض أعداد‬ ‫السياسة الخارجية الروسية‪ ،‬فماذا عن الرأي العام؟ ف ي� الشهور التالية لضم شبه جزيرة‬
‫ف‬ ‫الق ِــرم إىل روسيا ف� آذار ‪ ،2014‬كان مستوى شعبية الرئيس ي ن‬
‫لف�ة ي ز‬
‫وج�ة‬ ‫حـدت ت‬ ‫قـد ّ‬ ‫الذي يمكننا أن ن�ض به ي� هذا السياق هــو أن روسيا ُربــّـمــَــا ّ‬ ‫"بوت�" داخليـاً يتجاوز‬ ‫ي‬ ‫ْ‬
‫"بوت�"ن‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫من أعمالها العسكرية ف ي� محيطها المجاور ف ي� وقت مبكر من حقبة التسعينيات من القرن‬ ‫بشكل دائم نسبة ‪ 80‬ي� المائة‪ .‬وكانت تلك النسبة عالية ح� بالنسبة للرئيس ي‬
‫الع�ين‪ ،‬عىل نحو مــا أوضحنا سالفـاً‪ .‬وعىل النقيض من السياسة الخارجية‪ ،‬من الممكن‬ ‫ش‬ ‫نفسه الذي كان مستوى شعبيته نـادراً مــا ينخفض إىل مــا دون ‪ 70‬ف ي� المائة منذ أن‬
‫تغي�ات ف ي� السياسة‬ ‫الشع� إىل إحداث ي‬ ‫بي‬ ‫الشارة إىل مثال أدت فيه المظاهرات والسخط‬ ‫إ‬ ‫قـد هبط إىل مستوى نسب الستينيات‬ ‫أصبح رئيسـاً لروسيا عام ‪ ،1999‬بالرغم من أنه ّ‬
‫االقتصادية الداخلية‪ ،‬فعىل سبيل المثال‪ ،‬طالب أصحاب المعاشات عام ‪ 2005‬بزيادات‬ ‫المئوية عام ‪ ،2011‬وظل عــنـد هذا المستوى إىل أن بدأت مغامرة الق ِـ ْـرم ف ي� آذار‬
‫الصل‪ ،‬وذلك‬ ‫ف� معاشات التقاعد وحصلوا عليها وكانت أعىل مما كان مخططاً له ف� أ‬ ‫‪( 2014‬انظر الشكل رقم "‪.)"3‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫تقري�‪ ،‬إن‬ ‫الشع� للرئيس ي ن‬ ‫تز‬
‫‪50‬‬
‫لتعويض التخفيضات ي� المزايا ي‬
‫غ� النقدية‪.‬‬ ‫"بوت�" عام ‪ 2011‬بشكل ب ي‬ ‫بي‬ ‫وي�امن انخفاض الدعم‬
‫ين‬ ‫الخـرى‪ ،‬أحدهما تمثل ف ي� تبعات الركود‬ ‫اثن� من العوامل أ‬
‫لم يكن بشكل تام‪ ،‬مع ي ن‬
‫كب�ة لتشكيل هذا الرأي‬ ‫الكرمل� جهوداً ي‬ ‫وع ِـوضاً عن التكيـُّف مع الرأي العام‪ ،‬بذل‬
‫الشع� لسياساته ف ي� الداخل والخارج‪ .‬ويبدو أن إدارة‬ ‫بي‬ ‫العام لضمان استمرار الدعم‬ ‫المصوت� لصالح الرئيس ي ن‬
‫"بوت�" قليال ً عام‬ ‫ين‬ ‫االقتصادي عام ‪ ،2009‬إذ انخفضت أعداد‬
‫الناخب�‪ ،‬ولكن ع ِـوضاً عن تعديل مناهجها‬ ‫ين‬ ‫تك�ث بما تفكر فيه كتلة‬ ‫"بوت�" ت‬
‫الرئيس ي ن‬ ‫ح�‬‫‪ 2009‬عىل الرغم من بقائها ضمن نطاق السبعينيات المئوية المرتفعة أو أفضل ت‬
‫وإرضاء المزيد من الناس بهذه الطريقة سعت تلك إالدارة إىل خلق هذا الرضاء عن طريق‬ ‫قـد أدت إىل‬
‫نهاية عام ‪ .2010‬ولهذا يمكن للمرء أن يخلص إىل أن الضغوط االقتصادية ّ‬
‫أ‬ ‫فـقـد تمثل ف ي� سلسلة من‬ ‫آ‬ ‫ف‬
‫وقـد انطوى ذلك ف ي� ظل‬ ‫ف‬
‫استمالة المزيد من الناس لتأييد مــا تخطط له ي� كـ ُ ّـل الحوال‪ّ .‬‬ ‫انخفاض ثقة الروس قليال ً ي� قيادتهم‪ .‬أمــّـا العامل الخــر ّ‬
‫ال�عية عن المعارضة‪ ،‬وزيادة القيود‬ ‫ل�ع ش‬ ‫"بوت�" عىل بذل جهود منسقة ن ز‬
‫حكم الرئيس ي ن‬ ‫ال� شارك فيها الروس من سكان المناطق الح�ض ية الذين خرجوا إىل الشوارع‬ ‫ت‬
‫االحتجاجات ي‬
‫للي�الية‬ ‫الول) ابتدا ًء من شتاء ‪ .2012-2011‬حيث‬ ‫(شوارع موسكو وسانت بطرس�ج ف� المقام أ‬
‫عىل حرية الصحافة‪ ،‬وتعزيز القيم "الروسية" المحافظة لتكون بمثابة ترياق مضاد ب‬ ‫ب ي‬
‫الكث�ون‬
‫اعت�ها ي‬‫ال� ب‬ ‫ت‬
‫الغربية‪ .‬كما لم تتوان الحكومة الروسية عن تحريف سياساتها للحفاظ عىل التأييد عىل نحو‬ ‫تمحورت تلك المظاهرات أوال ً حول االنتخابات بال�لمانية المعيبة ي‬
‫مــا يتضح من النفي المستمر لوجود قوات روسية ف ي� أوكرانيا‪ ،‬والجهود المبذولة إلخفاء‬ ‫انتخابات مزورة‪ ،‬ثـ ُ َّـم الحقـاً حول عودة الرئيس ي ن‬
‫"بوت�" الوشيكة للرئاسة بع� انتخابات لم‬

‫‪16‬‬
‫الشكل ‪ .3‬مستويات شعبية الرئيس ي ن‬
‫بوت�‬

‫ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم‪ ،‬ﻫﻞ أﻧﺖ ﻣﻮاﻓﻖ أو ﻏري ﻣﻮاﻓﻖ ﻋﲆ أداء ﻓﻼدميري ﺑﻮﺗني ﻛﺮﺋﻴﺲ )رﺋﻴﺲ وزراء( ﻟﺮوﺳﻴﺎ؟‬
‫‪100‬‬

‫‪90‬‬

‫‪80‬‬

‫‪70‬‬

‫‪60‬‬

‫اﻟﻨﺴﺒﺔ‬
‫‪50‬‬
‫ﻏري ﻣﻮاﻓﻖ‬ ‫ﻣﻮاﻓﻖ‬
‫‪40‬‬

‫‪30‬‬

‫‪20‬‬

‫‪10‬‬

‫‪0‬‬
‫‪Oct 14‬‬
‫‪Aug 14‬‬
‫‪Jun 14‬‬
‫‪Apr 14‬‬
‫‪Feb 14‬‬
‫‪Dec 13‬‬
‫‪Oct 13‬‬
‫‪Aug 13‬‬
‫‪Jun 13‬‬
‫‪Apr 13‬‬
‫‪Feb 13‬‬
‫‪Dec 12‬‬
‫‪Oct 12‬‬
‫‪Aug 12‬‬
‫‪Jun 12‬‬
‫‪Apr 12‬‬
‫‪Feb 12‬‬
‫‪Dec 11‬‬
‫‪Oct 11‬‬
‫‪Aug 11‬‬
‫‪Jun 11‬‬
‫‪Apr 11‬‬
‫‪Feb 11‬‬
‫‪Dec 10‬‬
‫‪Oct 10‬‬
‫‪Aug 10‬‬
‫‪Jun 10‬‬
‫‪Apr 10‬‬
‫‪Feb 10‬‬
‫‪Dec 09‬‬
‫‪Oct 09‬‬
‫‪Aug 09‬‬
‫‪Jun 09‬‬
‫‪Apr 09‬‬
‫‪Feb 09‬‬
‫‪Dec 08‬‬
‫‪Oct 08‬‬
‫‪Aug 08‬‬
‫‪Jun 08‬‬
‫‪Apr 08‬‬
‫‪Feb 08‬‬
‫‪Dec 07‬‬
‫‪Oct 07‬‬
‫‪Aug 07‬‬
‫‪Jun 07‬‬
‫‪Apr 07‬‬
‫‪Feb 07‬‬
‫‪Dec 06‬‬
‫‪Oct 06‬‬
‫‪Aug 06‬‬
‫‪Jun 06‬‬
‫‪Apr 06‬‬
‫‪Feb 06‬‬
‫‪Dec 05‬‬
‫‪Oct 05‬‬
‫‪Aug 05‬‬
‫‪Jun 05‬‬
‫‪Apr 05‬‬
‫‪Feb 05‬‬
‫‪Dec 04‬‬
‫‪Oct 04‬‬
‫‪Aug 04‬‬
‫‪Jun 04‬‬
‫‪Apr 04‬‬
‫‪Feb 04‬‬
‫‪Dec 03‬‬
‫‪Oct 03‬‬
‫‪Aug 03‬‬
‫‪Jun 03‬‬
‫‪Apr 03‬‬
‫‪Feb 03‬‬
‫‪Dec 02‬‬
‫‪Oct 02‬‬
‫‪Aug 02‬‬
‫‪Jun 02‬‬
‫‪Apr 02‬‬
‫‪Feb 02‬‬
‫‪Dec 01‬‬
‫‪Oct 01‬‬
‫‪Aug 01‬‬
‫‪Jun 01‬‬
‫‪Apr 01‬‬
‫‪Feb 01‬‬
‫‪Dec 00‬‬
‫‪Oct 00‬‬
‫‪Aug 00‬‬
‫‪Jun 00‬‬
‫‪Apr 00‬‬
‫‪Feb 00‬‬
‫‪Dec 99‬‬
‫‪Oct 99‬‬
‫‪Aug 99‬‬
‫اﳌﺼﺪر‪ .Levada Center, homepage, 2015 :‬اﻃﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺘﺎرﻳﺦ ‪ 17‬متﻮز‪http://www.levada.ru/indeksy :2015‬‬
‫‪RAND PE144-3‬‬

‫مس�ة احتجاج إىل ساحة‬ ‫ن ف‬ ‫وقـد استمر هذا النهج لبعض الوقت‪ ،‬لكنه أصبح ث‬ ‫أ‬
‫المشارك� ي� ي‬‫ي‬ ‫‪ ،"Pussy Riot‬و‪ 27‬قضية‪ ،‬بعضها ال يزال جاري‪ّ ،‬‬
‫ضـد‬ ‫أك�‬ ‫الدلة عىل وقوع وفيات هناك‪ّ .‬‬
‫"بولوتنايا ‪ "Bolotnaia‬ف� أيار ‪ ،2012‬عشية تنصيب الرئيس ي ن‬
‫"بوت�"‪ .‬وعىل الرغم من أن عدم‬ ‫وضوحـاً اعتباراً من عام ‪ ،2011‬مما حدا بالبعض أن يتكهن بأن الرئيس ي ن‬
‫"بوت�" وحاشيته‬
‫ي‬
‫ومبا�ة بالحكومة‪ ،‬إال ّ أن حاالت ض�ب وقتل منتقدي الرئيس ي ن‬
‫"بوت�" (بما‬ ‫وجود صلة واضحة ش‬ ‫‪51‬‬
‫قـد رأوا جذور تهديد حقيقي لسلطته ف ي� احتجاجات عام ‪.2012-2011‬‬
‫المقربة ّ‬
‫ف ي� ذلك أحدث واقعة قتل لنائب رئيس الوزراء السابق "بوريس نيمتسوف ‪"Boris Nemtsov‬‬ ‫ال�عية عن المعارضة عىل حمالت قمع واعتقال لمنتقدي‬ ‫وقـد انطوت عملية نزع ش‬
‫ّ‬
‫قـد ساهمت ف ي� خلق بيئة يكون فيها‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫خودوركوفسك" هــو المثال البرز وال ثك� وضوحـاً منذ أيام القيادة‬
‫الذي تحول إىل زعيم المعارضة‪ ،‬وذلك ي� شباط ‪ّ )2015‬‬ ‫ي‬ ‫الحكومة‪ .‬ومع كون "ميخائيل‬
‫م�رات وجيهة للخوف عىل سالمتهم الشخصية‪.‬‬ ‫التعب� عن رأيهم ب‬
‫ي‬ ‫ألولئك الذين يرغبون ف ي�‬ ‫"أليكس‬
‫ي‬ ‫خ�ة هــو الناشط القومي‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫قـد يكون المثال البرز ي� الونة ال ي‬ ‫الوىل للرئيس ي ن‬
‫"بوت�"‪ّ ،‬‬
‫أ‬

‫الشخاص والجماعات المعارضة لسياسات‬ ‫اس�اتيجية منسقة لوصم أ‬ ‫وكان وجود ت‬ ‫نافال� ‪ "Alexei Navalny‬الذي تمت محاكمته وإدانته بتهمة االختالس واالحتيال‪ .‬وكان من‬ ‫ن‬
‫ي‬
‫ين‬
‫مدعوم� من الخارج وال سيــِّـمـا من الواليات المتحدة‬ ‫الحكومة الروسية عىل أنهم‬ ‫"بوس رايوت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ين‬
‫فـن الداء الجماعي ي‬ ‫ب� المحاكمات الخـرى البارزة محاكمة ثالث من أعضاء فرقة ّ‬

‫‪17‬‬
‫الحـد من التغطية‬ ‫يع� أيضـاً‬‫ن‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫المريكية من ي ن‬
‫ّ‬ ‫الحـد من وجهات النظر المعارضة إنــمــّـا ي‬‫ّ‬ ‫إن‬ ‫ضـد قوى المعارضة‪ .‬ويتجاوز ذلك روسيا‪،‬‬ ‫كونات الخـرى للحملة ّ‬ ‫ب� المـ ُ ِّ‬
‫ف‬
‫الصحفية الناقدة للحكومة‪ ،‬والقيود المفروضة عىل حرية وسائل إالعالم ي� روسيا الحديثة‬ ‫وال� سبق‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫وينسجم‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬مع النظرة الوسع للنوايا الغربية والنفوذ ب ي‬
‫الغر� ي‬
‫الوىل كرئيس للدولة‪ ،‬استوىل‬ ‫"بوت�" أ‬
‫لها تاريخ طويل‪ .‬ففي وقت مبكر من والية الرئيس ي ن‬ ‫"بوت�" وآخــرون ف ي� إدارته بأصابع االتهام إىل‬
‫فـقـد أشار الرئيس ي ن‬ ‫مناقشته أعاله‪.‬‬
‫ّ‬
‫وال� كانت ف ي� ذلك الوقت هــي القناة التلفزيونية‬ ‫ت‬ ‫ت ف‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫النظام عىل قناة "إن ي� ي� ‪ ،" NTV‬ي‬ ‫وال� أدت االحتجاجات‬ ‫بتدب� مــا ُسمي بالثورات الملونة ي‬
‫الواليات المتحدة المريكية ي‬
‫الح�‪ ،‬صار يتم توثيق تعديات الدولة عىل حرية‬ ‫الوطنية الخاصة الوحيدة‪ .‬ومنذ ذلك ي ن‬ ‫غ�ستان ف ي�‬‫وق� ي ز‬ ‫ف‬
‫الطاحة بالحكومات ي� كل من جورجيا‪ ،‬وأوكرانيا‪ ،‬ي‬ ‫الواسعة فيها إىل إ‬
‫فـقـد صنفت مؤسسة‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫أ‬
‫والع�ين‪ .‬كما تم اتهام الواليات المتحدة المريكية أيضـاً بأنها‬ ‫ش‬
‫حـد سواء‪ّ 53.‬‬ ‫الغربي� والروس عىل ّ‬ ‫الباحث�‬ ‫الصحافة بمعرفة‬ ‫بدايات القرن الحادي‬
‫"فريدم هاوس ‪ ،"Freedom House‬عىل سبيل المثال‪ ،‬البيئة العالمية ف� روسيا �ف‬ ‫خ�ة وراء حركة "الميدان‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫إ‬ ‫و� الونة ال ي‬
‫العر�" عام ‪ ، 2010‬ي‬ ‫تقف وراء "ثورات الربيع ب ي‬
‫و� ي ن‬‫‪ 54‬ف‬ ‫وال� أدت إىل سقوط حكومة الرئيس االوكر نا� "يانوكوفيتش" �ف‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫قـد يكون من قبيل‬ ‫ح� أنه ّ‬ ‫كـ ُ ّـل عام اعتبار ًا من ‪ 2002‬عىل أنها بيئة ي‬
‫"غ� حـ ُ ّـرة"‪ .‬ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ورو�" ي� أوكرانيا ي‬ ‫ال ب ي‬
‫المبالغة القول بأن الصحافة الروسية الرئيسية هــي صحافة مملوكة للدولة‪ ،‬فإنه من‬ ‫القوان� الحالية ف� روسيا تحد من المشاركة أ‬
‫الجنبية ف ي�‬ ‫ين‬ ‫وقـد صارت‬
‫ي‬ ‫شباط ‪ّ .2014‬‬
‫وقـد أخذت وسائل إالعالم الرئيسية‬ ‫المؤكد أنه من إالنصاف وصفها بأنها موالية للدولة‪ّ .‬‬ ‫تش�ط عىل جميع المنظمات‬ ‫فالت�يعات الصادرة عام ‪ 2012‬ت‬ ‫المد� هناك‪ .‬ش‬ ‫ن‬ ‫المجتمع‬
‫ي‬
‫م�ايد منذ عام ‪ 2000‬من أجل ّأل تنتقد الرئيس و أن تحد من االنتقادات‬ ‫حذرها بشكل ت ز‬ ‫يغ� الحكومية الكشف عن مصادر تمويلها وتسجيل نفسها "كوكالء أجانب" إذا كان‬
‫الموجهة للحكومة بشكل عام‪ 55‬سواء كان دافعها ف ي� ذلك هــو الخوف من االنتقام‪ ،‬أو‬ ‫(وقـد شمل ذلك الروس الذين يستخدمون تمويالت ف ي�‬
‫ّ‬ ‫ت‬
‫يأ� من الخارج‬
‫ذلك التمويل ي‬
‫�ء آخــر‪.‬‬ ‫ش‬ ‫حسابات أجنبية)‪ 52.‬وقـد صدر قانون عام ‪ 2014‬يحد من امتالك أ‬
‫الوطنية‪ ،‬أو أي ي‬ ‫الجانب لوسائل‬ ‫ّ‬
‫الحـد من وجهات النظر‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫وت�ة الجهود الرامية لضمان ّ‬ ‫خ�ة تصاعدت ي‬ ‫و� السنوات ال ي‬ ‫ي‬ ‫وقـد تم استخدام ذرائع قانونية عديدة لمضايقة وتخويف المنظمات‬ ‫إعالم روسية‪ّ ،‬‬
‫أك� تجليات هذه الجهود اعتداال تتخذ أشكال تقليدية مثل النقاشات‬ ‫البديلة‪ ،‬وكانت ث‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫ذات العالقات مع الخارج‪ ،‬فعىل سبيل المثال‪ ،‬تم إغالق "الجامعة الوروبية ي� سانت‬
‫يتع� لهم تغطيته وكيف‬ ‫االق�احات لهم بشأن مــا ي ن‬ ‫الصحفي� وتقديم ت‬
‫ين‬ ‫الحكومية مع‬ ‫وال� تمولها جزئيـاً جهات مانحة ومؤسسات غربية‪ ،‬وذلك لمدة ستة أسابيع‬ ‫ت‬
‫بطرس�ج"‪ ،‬ي‬
‫ب‬
‫ين‬ ‫ين‬ ‫ن‬ ‫أ ث‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫ف ي� أوائل عام ‪ ،2008‬بزعم مخالفتها للوائح السالمة من الحرائق‪ .‬وعىل كـ ُ ِّـل الحوال‪،‬‬
‫العامل�‬ ‫الصحفي�‬ ‫يقومون بتغطيته‪ .‬أمــّـا ي� شكلها الك� تطرفـاً فكانت ي‬
‫تع� أن‬ ‫‪56‬‬

‫الصحفي� ممن ينتقدون الحكومة إنــمــّـا كانوا يجدون‬ ‫ين‬ ‫العالم أو فرادى‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ين‬
‫ي� وسائل إ‬ ‫فـقـد تعرضت‬ ‫عل� لهذا الغرض؛ ّ‬ ‫القوان� الجديدة بشكل ي‬ ‫سـن‬
‫قـد تم ّ‬‫يبدو أنه ّ‬
‫ال� تحظر المحتوى‬ ‫ين ت‬
‫فالقوان� ي‬ ‫صعوبة بشكل دائم ف ي� االحتفاظ بوظائفهم ومؤسساتهم‪،‬‬ ‫النسان‬
‫منظمات مثل "لجنة أمهات الجنود" ومنظمة "ميموريال ‪ "Memorial‬لحقوق إ‬
‫الصحفي� الذين ينتقدون الحكومة‪.‬‬‫ين‬ ‫"الفاحش" و"المتطرف" إنــمــّـا كانت تستهدف‬ ‫الجانب" لعام ‪ ،2012‬كما تعرضت المنظمات‬ ‫لمضايقات كب�ة ف� ظل قانون "الوكالء أ‬
‫ي ي‬
‫قـد جعلت أحكامه قابلة للتطبيق‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫ال� تم إدخالها عىل قانون إالعالم ّ‬ ‫والتعديالت الجديدة ي‬ ‫ذات الصلة بالواليات المتحدة المريكية لضغوط م�ايدة‪.‬‬

‫الحـد من التغطية الصحفية الناقدة للحكومة‪ ،‬والقيود المفروضة عىل حرية‬ ‫ن‬
‫يع� أيضـاً‬
‫ّ‬ ‫الحـد من وجهات النظر المعارضة إنــمـ ّــا ي‬
‫ّ‬ ‫إن‬
‫ف‬
‫العالم ي� روسيا الحديثة لها تاريخ طويل‪.‬‬
‫وسائل إ‬

‫‪18‬‬
‫ال� حلت محل‬ ‫ت‬ ‫عىل مصادر إال تن�نت أيضـاً‪ّ .‬‬
‫وقـد أفادت ش�كات الكيبل التلفزيونية أن الضغط الحكومي‬
‫إلدارة المجموعة إالعالمية العمالقة "روسيا اليوم ‪ "Rossiya Segodnya‬و ي‬
‫نوفوس� ‪ "RIA Novosti‬وتضم أيضـاً محطة "صوت روسيا" إالذاعية‬ ‫ت‬ ‫وكالة أ‬
‫النباء "ريا‬ ‫كان أحـد عوامل إخفاقهم مع قناة "دوزد ‪ "Dozhd‬التلفزيونية ف ي� أوائل عام ‪،2014‬‬
‫ي‬
‫قـد تناسبا بشكل جيد‬
‫وكراهية "كيسيليف" العفوية للمثلية الجنسية وانتقاده للثقافة الغربية ّ‬ ‫وال� اضطرت بحلول نهاية هذا العام إىل أن تبث إرسالها من داخل إحـدى الشقق‬ ‫ت‬
‫ي‬
‫مع خطاب التمسك بالتقاليد الروسية وصمود روسيا ف ي� مواجهة مضايقات الغرب‪ .‬ومع‬ ‫و� آذار من العام نفسه‪ ،‬تم‬ ‫ف‬ ‫ين‬
‫موقع� آخــرين‪ .‬ي‬ ‫الخاصة حيث سبق أن تم طردها من‬
‫ن‬
‫التلفزيو� للإشارة إىل قدرة روسيا‬ ‫من�ه إالخباري‬
‫تصاعد أزمة أوكرانيا استخدم "كيسيليف" ب‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫فصل محررة موقع الخدمة إالخبارية "‪ "Lenta.ru‬الذي يبث بع� إالن�نت منذ ف�ة طويلة‬
‫ي‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫عىل تحويل الواليات المتحدة المريكية إىل رماد إشعاعي‪.‬‬ ‫وذلك بـعــد شن� الموقع لحوار مع أحـد زعماء الحركة الوطنية ي� أوكرانيا‪ّ ،‬‬
‫وقـد استقال‬
‫العالم‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫أغلب موظفي الموقع احتجاجاً عىل فصلها وسار موقع "‪ "Lenta.ru‬عىل نهج ث‬
‫و� هذا السياق ليس من المستغرب أنه ي� حال تم الوصول إىل وسائل إ‬ ‫ي‬ ‫أك�‬
‫الخاصة أن يؤدي ذلك إىل خفض التأييد للحزب الحاكم ف ي� روسيا‪ 61.‬ومع ذلك‪ ،‬فإنه من‬ ‫ودية تجاه الحكومة‪.‬‬
‫‪57‬‬

‫الروس حول‬ ‫أك� حرية‪ ،‬كان الرأي العام‬‫ح� كانت الصحف ث‬‫ح� ي ن‬ ‫الناحية التاريخية ت‬ ‫ف‬
‫وكانت النتيجة هــي أنه � ي ن‬
‫ح� ال يزال بالمقدور العثور عىل آراء متنوعة عىل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫مسائل السياسة الخارجية يميل لن يقف ف ي� صف مواقف الحكومة خالل أوقات الزمات‪.‬‬ ‫ال ثك� استقالال ً �ف‬ ‫و� بعض الصحف‪ ،‬إال أن أنه تم إسكات أ‬
‫الصوات أ‬ ‫ف‬ ‫شبكة إ ت‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الن�نت ي‬
‫أ‬
‫ويوضح الشكل رقم "‪ "4‬تصورات الروس للواليات المتحدة المريكية عىل مدار ‪23‬‬ ‫ك� انتشاراً أو تم تقييدها بقوة‪.‬‬
‫و� وسائل العالم المطبوعة أ‬
‫ال ث‬ ‫ف‬
‫إ‬ ‫الراديو والتلفزيون ي‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫خ�ة‪ ،‬وهــي ي ن‬ ‫أ‬
‫تب� أن الزمات ي� العالقات الروسية المريكية ّ‬
‫قـد أدت باستمرار‬ ‫عامـاً ال ي‬ ‫الحـد من إمكانية الوصول إىل وسائل إالعالم يغ� الخاضعة لسيطرة‬
‫وبالضافة إىل ّ‬ ‫إ‬
‫الراء بشكل معاكس‬‫أك� سلبية تجاه أمريكا – عىل الرغم من تغي� تلك آ‬ ‫إىل توليد آراء ث‬ ‫ين‬
‫الكرمل� عىل ضمان نقل وسائل إالعالم‬ ‫ال�عية عن قوى المعارضة‪ ،‬عمل‬ ‫الحكومة ونزع ش‬
‫ي‬
‫أ‬
‫حـدة الزمة‪.‬‬ ‫ين‬ ‫ت‬
‫مع انخفاض ّ‬ ‫المواطن� الروس لرسالة موالية للحكومة بشكل رصيح‬ ‫ال� تصل إىل معظم‬ ‫الجماه�ي ي‬
‫ي‬
‫الروس أو يغ�ه‬ ‫العالم‬ ‫أ‬
‫ي‬ ‫وقـد يكون من الخطأ االعتقاد بأن آراء الروس يشكلها إ‬
‫ّ‬ ‫الروس والقراءات‬
‫ي‬ ‫فضال ً عن رسالتها القومية‪ .‬وكانت الفكار المهيمنة المتكررة عن ب‬
‫الك�ياء‬
‫الخـرى (مثل ازدياد دور الكنيسة أ‬
‫الرثوذكسية ف� المجتمع)‪ ،‬بما �ف‬ ‫الليات أ‬‫من آ‬ ‫ت‬
‫ال� استعادت عافيتها‪.‬‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫الك�ياء هــي السائدة ي� حبكة قصة روسيا ي‬‫التاريخية المؤيدة لهذا ب‬
‫ذلك الجيش والمدارس‪ 62.‬فالروس‪ ،‬مثلهم مثل أي شعب آخــر‪ ،‬يشكلون آراءهم‬ ‫ف‬
‫وال ينطبق هذا عىل وسائل إالعالم فـقـط؛ إذ يمكن العثور عىل نفس النمط ي� الترصيحات‬
‫بأنفسهم‪ ،‬ولكنهم – أيضـاً مثلهم مثل أي شعب آخــر – يتأثرون بما هــو متاح من‬ ‫الحكومية والكتب الدراسية‪ 58.‬وكان كل من التمسك بالتقاليد‪ ،‬والكنيسة أ‬
‫الرثوذكسية‬
‫ح� كانت وسائل الصحافة والدوائر‬‫معلومات (أو مضلالت)‪ ،‬فعىل سبيل المثال‪ ،‬ي ن‬ ‫ال� سمحت بنسج حبكة‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫الروسية‪ ،‬والقيم الرسية من يب� الموضوعات الساسية الخـرى ي‬
‫أك� انفتاحـاً ف ي� التسعينيات من القرن ش‬ ‫السياسية ث‬ ‫أ‬
‫قـد أبدو‬‫الع�ين‪ ،‬يبدو أن الروس ّ‬ ‫‪59‬‬
‫ضـد الغرب المنحل ال ثك� ب‬
‫لي�الية‪.‬‬ ‫صـد ّ‬ ‫قصة كانت فيها روسيا المحافظة بمثابة حائط ّ‬
‫ين‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫المرشح�‬ ‫العالم ولكنهم صوتوا لصالح أولئك‬ ‫اهتماماً بالرسائل ي‬
‫ال� تحملها وسائل إ‬ ‫السوفي�‬
‫ي‬ ‫وكان يتم دومــاً استحضار تاريخ روسيا المجيد‪ ،‬سواء ي� عهد القيارصة أو ي� العهد‬
‫خ�ة‪ ،‬مع‬ ‫أ‬ ‫للرئاسة ممن كانت مواقفهم اقرب ألفضلياتهم السياسية‪ 63.‬ف آ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫و� الونة ال ي‬
‫ي‬ ‫خ� كان لالنتصار ي� الحرب العالمية الثانية أهمية خاصة)‪ّ 60.‬‬
‫وقـد حقق‬ ‫(و� ذلك العهد ال ي‬
‫ي‬
‫أ‬
‫قلة القدرة عىل الوصول إىل مصادر معلومات مختلفة‪ ،‬يبدو أن الروس القل اطالعاً‬ ‫كب�اً ف ي� السنوات‬ ‫الراء عىل نحو ث‬ ‫الفراد الذين يجيدون التعب� عن هذه آ‬ ‫أ‬
‫أك� فعالية نجاحـاً ي‬ ‫ي‬
‫الفضل اطالعاً‬ ‫ح� أن الروس أ‬
‫أك� تقبال ً للتغطية السياسية الموالية للنظام ف� ي ن‬
‫هـم ث‬ ‫"ديم�ي كيسيليف ‪،"Dmitry Kiselev‬‬ ‫خ�ة‪ ،‬وأفضل مثال عىل ذلك ُربــّـمــَــا تــُـمـَـثـِّـل ف� ت‬ ‫أ‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ال ي‬
‫قـد‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫وبالتال فإن بيئة المعلومات المقيدة بالفعل ي� روسيا ّ‬
‫ي‬
‫‪64‬‬
‫هـم أقل تقبال لها‪.‬‬‫ّ‬ ‫قـد تم تعيينه عام ‪2013‬‬ ‫شه� عىل القناة التلفزيونية الروسية الوىل‪ ،‬وكان ّ‬ ‫وهــو معلق ي‬

‫‪19‬‬
‫الشكل ‪ .4‬تصورات الروس للواليات المتحدة أ‬
‫المريكية‬

‫ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم‪ ،‬ﻛﻴﻒ ﺗﺸﻌﺮ ﺗﺠﺎه اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة؟‬


‫‪90‬‬
‫اﺳﺘﻔﺘﺎء اﻧﻔﺼﺎل ﺷﺒﻪ ﺟﺰﻳﺮة اﻟﻘﺮم‬ ‫ﴏاع ﺟﻮرﺟﻴﺎ ‪ -‬روﺳﻴﺎ‬ ‫ﻏﺰو اﻟﻌﺮاق‬ ‫حرب كوسوفو‬
‫‪80‬‬

‫‪70‬‬

‫‪60‬‬

‫‪50‬‬

‫اﻟﻨﺴﺒﺔ‬
‫‪40‬‬

‫‪30‬‬

‫‪20‬‬
‫ﺳﻠﺒﻲ‬ ‫إﻳﺠﺎيب‬
‫‪10‬‬

‫‪0‬‬
‫‪Jul 14‬‬
‫‪May 14‬‬
‫‪Mar 14‬‬
‫‪Dec 13‬‬
‫‪Jul 13‬‬
‫‪Mar 13‬‬
‫‪Nov 12‬‬
‫‪Jul 12‬‬
‫‪Mar 12‬‬
‫‪Nov 11‬‬
‫‪Jul 11‬‬
‫‪Jan 11‬‬
‫‪Sep 10‬‬
‫‪May 10‬‬
‫‪Jan 10‬‬
‫‪Jun 09‬‬
‫‪Mar 09‬‬
‫‪Nov 09‬‬
‫‪Jun 08‬‬
‫‪Mar 08‬‬
‫‪Jan 08‬‬
‫‪Nov 07‬‬
‫‪Aug 07‬‬
‫‪Jun 07‬‬
‫‪Apr 07‬‬
‫‪Feb 07‬‬
‫‪Dec 06‬‬
‫‪Oct 06‬‬
‫‪Aug 06‬‬
‫‪Jun 06‬‬
‫‪Apr 06‬‬
‫‪Feb 06‬‬
‫‪Dec 05‬‬
‫‪Oct 05‬‬
‫‪Aug 05‬‬
‫‪Jun 05‬‬
‫‪Apr 05‬‬
‫‪Dec 04‬‬
‫‪Oct 04‬‬
‫‪Aug 04‬‬
‫‪Jun 04‬‬
‫‪Apr 04‬‬
‫ﻧﻴﺴﺎن ‪04‬‬
‫‪Feb 04‬‬
‫‪Dec 03‬‬
‫‪Oct 03‬‬
‫‪Aug 03‬‬
‫‪Jun 03‬‬
‫‪May 03‬‬
‫‪Mar 03‬‬
‫‪Jan 03‬‬
‫‪Oct 02‬‬
‫‪Aug 02‬‬
‫‪Jun 02‬‬
‫‪Apr 02‬‬
‫‪Jan 02‬‬
‫‪Nov 01‬‬
‫‪Sep 01‬‬
‫‪Feb 01‬‬
‫‪May 00‬‬
‫‪Dec 99‬‬
‫‪Sep 99‬‬
‫‪May 99‬‬
‫‪Mar 99‬‬
‫‪Mar 97‬‬
‫‪Aug 92‬‬
‫‪Apr 90‬‬
‫اﳌﺼﺪر‪.Levada Center, homepage, 2015 :‬‬
‫‪RAND PE144-4‬‬

‫تمام إالدراك مــا تقوم به من تقييد لوجهات النظر البديلة ونسج قصة مصطبغة ن ز‬
‫بال�عة‬ ‫للكرمل� ف� أن يعرض وجهات نظره ف� أ‬
‫الحداث الجارية‬ ‫ن‬ ‫جعلت أ‬
‫المر ُميرساً نسبيـاً‬
‫ي‬ ‫ي ي‬
‫أ‬
‫القومية‪ ،‬ال سيــِّـمـا ف ي� أوقات الزمات‪.‬‬ ‫جماه�ه‪ ،‬وأن يحظى بتقبل‬ ‫ف� أوكرانيا وأيضـاً ف� خطأ الغرب ف� تلك أ‬
‫الحداث عىل‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الكب� المبذول ف ي� تشكيل الرأي العام وضمان التأييد من‬ ‫ف‬ ‫آ‬
‫و� الوقت نفسه فإن الجهد ي‬ ‫ي‬ ‫الجماه� لتلك الراء‪.‬‬
‫ي‬
‫الشع� هــو أمر له أهميته بالنسبة إلدارة الرئيس ي ن‬
‫"بوت�"‪.‬‬ ‫ن‬
‫يع� أن التأييد‬
‫بي‬ ‫جانبه إنــمــّـا ي‬ ‫الروس‬
‫ي‬ ‫من ثـ َ َّـم فإنه من المرجح أن يكون التأييد المستمر من جانب الرأي العام‬
‫ف�ايد مثل هذه الجهود منذ احتجاجات عام ‪ 2011‬واالنخفاض الطفيف ف ي� نسبة الرأي‬ ‫تز‬ ‫لحكومته ف ي� مجال السياسة الخارجية ناشئـاً عن ٍكل من الميل العام لتأييد الحكومة ف ي� مثل‬
‫تش� إىل حكومة ترى أن مثل‬ ‫ن ف‬ ‫الكرمل� يستخدمها‪ .‬ن ز‬
‫ين‬ ‫ت‬
‫"بوت�" ي� ذلك العام إنــمــّـا هــي أمور ي‬
‫العام المؤيد للرئيس ي‬ ‫فال�عة القومية وفكرة‬ ‫ال� كان‬
‫هذه القضايا وجاذبية الرسائل الخاصة ي‬
‫وقـد ال يعمل الرأي العام عىل تشكيل‬ ‫أ‬
‫تلك المور يمكن أن تسوء إذا تم تركها دون معالجة‪ّ .‬‬ ‫قـد توفر‬
‫البعث من جديد هــي مفاهيم لها جاذبيتها‪ ،‬فمع تدهور الوضع االقتصادي ّ‬
‫ين‬
‫الكرمل�‪.‬‬ ‫مبا�‪ ،‬ولكن من الواضح أن له أهمية بك�ى لدى‬ ‫السياسة الخارجية ف ي� روسيا بشكل ش‬ ‫نز‬
‫ال�عة القومية بعض التماسك االجتماعي والتأييد للنظام الحاكم‪ .‬والحكومة الروسية تدرك‬

‫‪20‬‬
‫ين‬
‫المسؤول� الروس‬ ‫المش�كة بينهما‪ ،‬ويجوز أن‬‫ت‬ ‫الكث� من القواسم‬
‫يع� أن هناك ي‬ ‫ن‬ ‫الرأي العام وأزمة أوكرانيا‬
‫ي‬
‫الروس‪.‬‬
‫إنــمـــا كانوا يخشون أن يتم تقليد النموذج أ‬
‫الوكر ن يا� ف ي� حال نجاحه ف ي� الداخل‬ ‫ح� ي ن‬
‫يتع� تشكيله؟ أحـد إالجابات عىل هذا‬ ‫الهمية ت‬ ‫لماذا يعد الرأي العام شديد أ‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫وال� تتضمن عنارص ديموقراطية‬ ‫ت‬
‫السؤال ترى أن الحكومات الهجينة‪ ،‬مثل حكومة روسيا‪ ،‬ي‬
‫ين‬
‫"بوت�" واختياراته‬ ‫دوافع الرئيس‬ ‫واستبدادية عىل السواء‪ ،‬إنــمــّـا تستفيد من االحتفاظ بعنارص ديموقراطية بها ومن ثـ َ َّـم‬
‫ف‬ ‫ين‬
‫المحلل� أنه ي� ظل المركزية الشديدة للسياسة الخارجية الروسية‪ ،‬فإن‬ ‫يرى بعض‬ ‫‪65‬‬
‫فإنها ستبذل جهوداً مضنية للإبقاء عليها ف ي� مكانها مع تجنب قمعها بشكل رصيح‪.‬‬
‫"بوت�" نفسه‪.‬‬
‫أ‬
‫السياسة تجاه أوكرانيا هــي ببساطة نتيجة لفضليات ومناهج الرئيس ي ن‬ ‫ومن الجابات أ‬
‫الخـرى مــا يتعلق بالقلق الذي أعربت عنه الحكومة الروسية بشأن "الثورات‬ ‫إ‬
‫ال� انتهجتها روسيا ف ي� ظل حكم‬ ‫ت‬ ‫أ ث‬ ‫أ‬
‫ويش� أنصار وجهة النظر هذه إىل النهج الك� وداعة ي‬ ‫ي‬ ‫جن�‬
‫الفعل للدعم ال ب ي‬
‫ي‬ ‫الملونة"‪ ،‬عىل نحو مــا أوضحنا سابقــاً‪ .‬فأياً مــا كان القدر‬
‫ن‬
‫"بوت�" للسياسة‬ ‫الرئيس "ميدفيديف"‪ ،‬حيث يذهبون بوجه خاص إىل أن رؤية الرئيس ي‬ ‫المقدم لحركات االحتجاج ف ي� جميع أنحاء العالم‪ ،‬فليس هناك من شك ف ي� أن تلك‬
‫خ�ته كضابط سابق ف ي� جهاز‬ ‫ف‬
‫خ�ته الشخصية‪ ،‬بما ي� ذلك ب‬ ‫الخارجية تتشكل بعمق بفعل ب‬ ‫أ‬
‫الطاحة بالنظمة الحاكمة من سـ ُ ّـدة الحكم‪.‬‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫الحركات كانت ي� أغلب الحيان ناجحة ي� إ‬
‫المخابرات الروسية "‪ ،"KGB‬وأن هناك نظرة سياسية واقعية صارمة تعتمد عىل حالة‬ ‫الكث� من القواسم‬ ‫ف‬
‫قـد حدث ي� بلدان سوفيتية سابقة مجاورة لديها ي‬ ‫وحقيقة أن ذلك ّ‬
‫الالربح والالخسارة ف ي� رؤيته للعالم تتخلل كـ ُ ّـل تعامالته مع الغرب‪.‬‬ ‫المش�كة مع روسيا سواء من الناحية السياسية أو االجتماعية هــي ليست بحقيقة غائبة‬ ‫ت‬
‫وعىل نحو مــا أوضحنا بالفعل‪ ،‬فإن عملية صنع القرار ف ي� روسيا هــي عملية مركزية‬ ‫ال� وصفناها هنا‬ ‫ت‬
‫الكرمل�‪ .‬ومن ثـ َ َّـم فإن أحـد السـُبـُـل للنظر إىل الجهود الواسعة ي‬
‫ين‬ ‫عن‬
‫مع� أن يكون‬ ‫وأك� ف� ظل حكم الرئيس ي ن‬
‫"بوت�"‪ .‬فما ن‬ ‫أك� ث‬ ‫للغاية بل أصبحت مركزية ث‬ ‫"تداب� واقية" لروسيا‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫والمبذولة لتشكيل الرأي العام إنــمــّـا يتمثل ي� النظر إليها باعتبارها ي‬
‫هذا القائد بعينه هــو من يقوم بكـ ُ ّـل المبادرات ف ي� مجال السياسة الخارجية؟ إن الصورة‬ ‫‪66‬‬
‫الطاحة المحتملة بقيادتها الحالية من خالل االحتجاجات الشعبية‪.‬‬ ‫ضـد إ‬
‫ّ‬
‫تتما� بصورة موازية‬ ‫"بوت�" أن بي�زها عن شخصه إنــمــّـا ش‬ ‫ال� سعى الرئيس ي ن‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫االنطباعية ي‬ ‫بالكرمل� لن يفرض‬ ‫ال� حدت‬‫وبالعودة إىل الزمة الحالية‪ ،‬نجد أن نفس المور ي‬
‫ال� يرددها الروس الذين يؤيدون رئيسهم بقوة‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫لقصة ميالد روسيا من جديد‪ .‬فاللزمة ي‬ ‫قـد أثرت بقوة عىل ر ّد فعله حيال‬ ‫قيوداً عىل المعلومات وعىل المعارضة ُربــّـمــَــا تكون ّ‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫"قـد أنقذنا من ثع�تنا"‪ 67.‬فأغلب‬
‫ي� مواجهة كـ ُ ّـل مــا تبقى من معارضة هــي أنه ّ‬ ‫ال� جرت ف ي� أوكرانيا ف ي� وقت مبكر من عام ‪ .2014‬فكال من االحتجاجات‬ ‫ت‬
‫الحداث ي‬
‫الروس يعزون إليه الفضل ف ي� النمو االقتصادي الذي كانت تتمتع به روسيا ف ي� مطلع‬ ‫الوكرانية‪ ،‬وعجز حكومة "يانوكوفيتش" عن‬ ‫ال� شهدتها ساحة "ميدان" بالعاصمة أ‬ ‫ت‬
‫الشعبية ي‬
‫والع�ين وكذلك ازدياد نفوذ موسكو عىل الساحة العالمية‪ .‬وكانت الصورة‬ ‫ش‬ ‫القرن الحادي‬ ‫وربــّـمــَــا خصوصـاً) باستخدام القوة – ثـ ُ َّـم‬ ‫احتواء الموقف بشكل فــعــّـال – ت‬
‫ح� (بل ُ‬
‫قـد تم تشكيلها بعناية اعتباراً من وقت اختياره خلفـاً‬ ‫االنطباعية لشخص الرئيس ي ن‬
‫"بوت�" ّ‬ ‫الدول الحقـاً ف ي� التوصل إىل اتفاق دائم نتيجة هروب "يانوكوفيتش" من‬ ‫ي‬ ‫فشل المجتمع‬
‫ين‬
‫"يلتس�"‬ ‫فـقـد تم تصويره ف ي� البداية باعتباره النقيض للرئيس‬ ‫ين‬
‫"يلتس�"‪ّ .‬‬ ‫للرئيس السابق‬ ‫للكرمل�‪ .‬فنظام أوكرانيا وتاريخها‬ ‫ين‬ ‫كابوس‬
‫ي‬ ‫أوكرانيا‪ ،‬كـ ُ ّـل ذلك البد بالقطع وأنه مثل سيناريو‬
‫ال� يتمتع‬ ‫ت‬ ‫المح�ف ي ن‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫الرص�‪ ،‬وبمرور الوقت تم التأكيد عىل السمات الرجولية التقليدية ي‬ ‫–‬ ‫كث�ة عن روسيا؛ فعىل الرغم من ارتفاع مستويات‬ ‫الحديث إنــمــّـا يختلفان ي� جوانب ي‬
‫يتوا� عن استخدام لغة قوية (ولنتذكر تعهده بالقضاء عىل‬ ‫"بوت�" ال ن‬
‫بها‪ .‬فالرئيس ي ن‬ ‫أك�‪ ،‬إال ّ أن أوكرانيا تتمتع‬ ‫وتد� مستويات المعيشة بشكل ب‬ ‫ن‬
‫الفساد‪ ،‬وسوء إالدارة المستمر‪ ،‬ي‬
‫رهابي� ف ي� أوكارهم القذرة) ولديه عنفوان شديد (يتجىل ف ي� مشاركته ف ي� بطوالت الجودو‪،‬‬ ‫إال ي ن‬ ‫بكث� مما عليه الحال ف ي� روسيا‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫أك� حرية ي‬ ‫بكث� وبصحافة ث‬ ‫مد� أقوى ي‬ ‫ن‬
‫بمجتمع ي‬
‫ووضع العالمات عىل النمور بال�ية‪ ،‬وامتطاء الخيول وهــو عاري الصدر)‪ .‬وهذه الجاذبية‬ ‫ت‬
‫المش�ك‪ ،‬إنــمــّـا‬ ‫ب� البلدين‪ ،‬فضال ً عن تاريخهما‬ ‫فإن الروابط الثقافية واللغوية مــا ي ن‬

‫‪21‬‬
‫قـد يثور ضدها مواطنيها‪،‬‬ ‫ت‬
‫ال� ال تستطيع السيطرة عىل مواطنيها‪ ،‬وهــي دولة ّ‬
‫فالدولة ي‬ ‫لمعاي� الرجولة المحافظة ولقوة الجسم والعزيمة عىل السواء إنــمــّـا تنعكس ف ي� صلب‬
‫ي‬
‫هــي بالقطع ليست بالدولة القوية ولن يكتب لها النجاح أو البقاء‪.‬‬ ‫‪68‬‬
‫السياسات الخارجية والداخلية عىل السواء‪.‬‬
‫ويقول المحللون أيضـاً أن آراء ي ن‬
‫"بوت�" الشخصية حيال التاريخ والعالقات مع‬ ‫الصـد‬
‫ّ‬ ‫من ناحية أخـرى فإن نصوص التاريخ ومفهوم روسيا باعتبارها حائط‬
‫المريكية‪ ،‬بل ت‬
‫وح� أهواءه وردود‬ ‫الخـرى ومع الواليات المتحدة أ‬
‫الوروبية أ‬
‫القوى أ‬ ‫"اللي�الية الغربية" هــي أمور ترتبط بالرئيس ي ن‬
‫"بوت�" بصفة‬ ‫ضـد ب‬‫التقليدي المحافظ ّ‬
‫أفعاله االنفعالية جميعها كانت دافعـاً محركاً لمواقفه السياسية‪ 74.‬وهذا أمر جدير‬ ‫"بوت�" يقدم نفسه كأحد‬ ‫خ�ة جانباً‪ ،‬نجد أن ي ن‬ ‫أ‬ ‫ف آ‬
‫شخصية‪ .‬ومع تنحية طالقه ي� الونة ال ي‬
‫بالتصديق بالتأكيد ف ي� نظام يتمحور حول الرئاسة كما هــو الحال ف ي� روسيا عىل الرغم‬ ‫ت‬
‫ال�‬ ‫أ‬
‫مرتادي الكنيسة ممن تربطهم عالقة وثيقة ببطريرك الكنيسة الرثوذكسية الروسية ي‬
‫من أنه من الصعب أن يظهر بوضوح‪ ،‬لكن مــا يتجىل بوضوح هــو أن الرئيس ي ن‬
‫"بوت�"‬ ‫وح� الفخر التاريخي – مثل االنتصار ف ي� الحرب‬ ‫كانت داعمة بشكل قوي لحكمه‪ .‬بل ت‬
‫ال� اتخذها عام ‪2014‬‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫هــو بالفعل ي� القلب من عملية صنع القرار وأن القرارات ي‬ ‫"بوت�" شخصيـاً‪ 69.‬وبهذا جسد الرئيس ي ن‬
‫"بوت�"‬ ‫العالمية الثانية –إنما يرتبط بالرئيس ي ن‬
‫س�اتيجية التاريخية الروسية من ناحية ومخاوف نظامه‬ ‫ال ت‬
‫هــي نتاج لكل من المنظورات إ‬ ‫ف‬
‫كونات السياسة‬ ‫روسية الجديدة المثالية‪ .‬فكان صوته هــو الصوت المسموع ي� جميع مـ ُ ِّ‬
‫(ومخاوفه هــو شخصيـاً) بشأن الحفاظ عىل سلطته ف ي� المستقبل من ناحية أخـرى‪،‬‬
‫الروسية‪ ،‬سواء كانت خارجية أم محلية‪ ،‬من تصديه لتنمر (مضايقات) الغرب إىل رفضه‬
‫ال� قام بها عام ‪ 2014‬وما بعده‬ ‫ت‬ ‫وعالوة عىل ذلك‪ ،‬ففي ي ن‬
‫ح� أن االختيارات النوعية ي‬ ‫لج�انها‪.‬‬
‫طلس سواء بالنسبة لروسيا أو ي‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫االندماج ال ب ي‬
‫ورو� ال ي‬
‫‪70‬‬

‫الن جزء من السياسة الروسية‪ .‬وهذا‬ ‫"بوت�" نفسه‪ ،‬إال أنها آ‬


‫ُربــّـمــَــا كانت خيارات ي ن‬
‫ّ‬ ‫و� هذا السياق فإن الرئيس ي ن‬ ‫ف‬
‫حي‬
‫"بوت�" ال يــُـمـَـثـِّـل فـقـط صانع قرار وتجسيد ّ‬ ‫ي‬
‫"بوت�" سيسعون إىل مواصلة نظام الحكم السلطوي الذي‬ ‫يع� أنه إذا كان خلفاء ي ن‬ ‫ن‬
‫ي‬
‫قام هــو ببنائه‪ ،‬من ثـ ُ َّـم فإنهم من المرجح أن يكونوا ث‬
‫حي للدولة‪ ،‬وصورة انطباعية‬ ‫للسياسات الروسية‪ ،‬بل هــو أيضـاً بطريقة مــا تجسيد ّ‬
‫أك� عـُـرضـَـة الستخدام نفس‬
‫أ‬ ‫ف أ‬ ‫تم تعزيزها أوال باختياره "ميدفيديف" ليتوىل منصب الرئيس ف ي� نهاية تف�ة حكمه الثانية‬
‫خ�ة‪ ،‬إال ّ أن اختالف الشخصيات‬
‫ال� شهدناها ي� الشهر ال ي‬ ‫ت‬
‫أنماط السياسة الخارجية ي‬ ‫ثـ ُ َّـم بعدئذ بعودته إىل مقعد الرئاسة عام ‪ 71 .2012‬فإذا كان الرئيس ي ن‬
‫الفعال تلك بصور مختلفة لكن الموضوعات أ‬ ‫قـد يؤدي إىل تجل ردود أ‬ ‫"بوت�" يساوي‬
‫الساسية سوف‬ ‫ي‬ ‫ّ‬
‫نفسه بالدولة‪ ،‬من ثـ َ َّـم فإنه ُربــّـمــَــا ال يكون من المستغرب أن يكون نهجه حيال‬
‫تبقى هــي ذاتها دون ي‬
‫تغي�‪.‬‬
‫سلطة الحكومة ودورها ف ي� المجتمع هــو من النوع الذي يوصف بشكل عام بأنه نهج‬

‫خ�ة ف ي� أوكرانيا؟‬ ‫أ‬ ‫يش� إىل منظور يرى أن الدولة لها أهمية حاسمة وأنها‬‫"منادي بمركزية الدولة"‪ 72.‬وهذا ي‬
‫ماذا يكمن وراء ترصفات روسيا ال ي‬
‫إن الحكومات ال تترصف دائمـاً بطرق يمكن التنبؤ بها‪ ،‬والعلوم السياسية ال توفر لنا‬ ‫كب� من المجتمع حيث تلعب دوراً رائداً ف ي� توجيه هذا المجتمع وذلك‬ ‫ف‬
‫منخرطة ي� جزء ي‬
‫يز‬
‫كرة سحرية ف ي� هذا الصدد‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فإن فهم المصادر المحتملة لسلوك روسيا‬ ‫تمي�اً له عن المناهج المتحررة أو المناهج الشعبوية‪ .‬وهذه الفلسفة المنادية بمركزية‬
‫ف ي� أوكرانيا يمكن أن يساعد ص ّناع القرار عىل صياغة السياسات المتعلقة بروسيا ف ي�‬ ‫الدولة تتالءم مع مفهوم السلطة التنفيذية القوية بطبيعة الحال ويعزز احدهما‬
‫ال� تفرس بها الواليات المتحدة أ‬ ‫ت‬ ‫ح� وإن عمل الرئيس ي ن‬
‫"بوت�" عىل ضمان استمرار ازدياد قوة كليهما‪ 73.‬وهذه‬ ‫آ‬
‫الخــر‪ ،‬ت‬
‫المريكية وحلفاؤها السياسة‬ ‫المستقبل‪ ،‬والكيفية ي‬
‫ح� يتعلق أ‬ ‫الخارجية الروسية اليوم لها دالالتها الهـامــّـة ي ن‬ ‫الهمية ف ي�‬‫النظرة إىل استقرار الدولة‪ ،‬وبالتبعية استقرار القيادة‪ ،‬باعتباره عامل حاسم أ‬
‫المر بتساؤالت حول كيفية‬
‫أ‬
‫استعادة المن والحفاظ عليه ف ي� أوروبا‪.‬‬ ‫استمرار بقاء البالد هــو مــا يغذي بشكل دائم المخاوف المتعلقة بعدم االستقرار‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫قـد تندلع‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫الثقافية (ويتم النظر إليها داخل روسيا باعتبارها أمة مكملة)‪ ،‬من ثـ َ َّـم فإنها ّ‬ ‫إن تقييمنا يضعنا ي� موقف يسمح لنا برفض العديد من الفرضيات ي‬
‫ال� طرحناها‬
‫أيضـاً ف ي� روسيا‪ .‬فاندالعها عىل خلفية احتجاجات ‪ 2012-2011‬ف ي� موسكو جعلها تبدو‬ ‫ف� بداية هذا التحليل‪ .‬إذ ال يبدو أن الدافع أ‬
‫ال بك� وراء ترصفات روسيا كان مخاوفها من‬ ‫ي‬
‫"بوت�" ال يتمثل‬‫بوت� عىل السلطة‪ .‬وكان الترصف الذي اتخذه الرئيس ي ن‬ ‫أك� تهديداً لقبضة ي ن‬ ‫ث‬ ‫ال� قد تكون باهظة التكلفة عىل االقتصاد‬ ‫أ‬
‫أن اتفاقية انضمام أوكرانيا لالتحاد ال ب ت‬
‫ورو� ي‬
‫ي‬
‫غر� عىل الحدود الروسية والمحافظة عىل نفوذه‬ ‫ف‬
‫فـقـط ي� مواجهة مــا رآه بمثابة نشاط ب ي‬ ‫الروس‪ .‬كما ال يبدو أن الدافع وراء ٍكل من عملية ضم شبه جزيرة الق ِـ ْـرم واشتعال الحرب‬
‫ي‬
‫البقاء‬ ‫ف‬ ‫ف ي� أوكرانيا هــو بذل جهود لمغازلة الرأي العام‬
‫ي� أوكرانيا بل قامت روسيا بضم شبه جزيرة الق ِـ ْـرم إىل أراضيها وساعدت عىل إ‬ ‫الروس‪ ،‬عىل الرغم من أن تضافر الجهود‬‫ي‬
‫الحال من أن تؤدي إىل‬ ‫ف ش‬ ‫الروس واقـفــاً بحزم وراء حكومته‪.‬‬ ‫قـد نجح ف ي� إبقاء الرأي العام‬
‫االنفصال ي� �ق أوكرانيا لمنع تلك إالطاحة بالنظام ي‬ ‫ي‬ ‫عىل الرصاع‬ ‫ي‬ ‫إنــمــّـا ّ‬
‫ح� حكومة شبه ناجحة لكنها ال تزال فــعــّـالة‪ .‬وإن التهديد‬ ‫حكومة ناجحة فاعلة – أو ت‬ ‫ف‬
‫ولكن ع ِـوضاً عن ذلك‪ ،‬نجد أن السياسة الخارجية الروسية ي� جوهرها لها جذور‬
‫للدولة الروسية‪ ،‬حسب مــا رأته الحكومة الروسية – وليس حسب الوضع القائم ف ي� أوكرانيا‬ ‫متأصلة تتمثل ف� معتقداتها القديمة بشأن حقوقها ف� منطقتها‪ ،‬وهــي جذور راسخة �ف‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫كب�ة‪.‬‬
‫نفسها – هــو مــا حدا بروسيا أن تجازف بتكبد تكاليف اقتصادية ي‬ ‫حـدة هذه المعتقدات‬ ‫وقـد ازدادت ّ‬‫الروس والظروف الجغرافية السياسية لروسيا‪ّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫التاريخ‬
‫الرجح أهمية‬ ‫"بوت�" وآرائه الشخصية عىل أ‬ ‫لـقـد كان لنمط زعامة الرئيس ي ن‬ ‫ال� استمرت بـعــد الحقبة السوفيتية باستمرار المنافسة مع الواليات‬ ‫ت‬
‫ّ‬ ‫بفضل وجهة النظر ي‬
‫تأث�ها‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫وال� كانت ترى‪ ،‬عىل أ‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫ال� تم اتخاذها‪ ،‬عىل الرغم من عدم ي‬ ‫الجراءات النوعية ي‬ ‫حاسمة ي� إ‬ ‫القل بصفة جزئية‪ ،‬أن المحاوالت الغربية‬ ‫المتحدة المريكية‪ ،‬ي‬
‫المر فإن‬ ‫ال� دفعت إىل اتخاذ تلك الجراءات‪ .‬ففي واقع أ‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫وبالضافة إىل ذلك‪ ،‬واستناداً‬
‫إ‬ ‫الحاسم ي� المواقف ي‬ ‫لالندماج مــا هــي إال ّ آلية للسيطرة عىل روسيا وإضعافها‪ ،‬إ‬
‫يش� إىل أن‬ ‫ئ‬ ‫أ‬ ‫ئ‬
‫المبد� حول نوايا روسيا تجاه شبه جزيرة الق ِـ ْـرم إنــمــّـا ي‬ ‫ي‬ ‫االرتباك‬ ‫الحال إنــمــّـا يتوجس بعمق بشأن‬ ‫خ�‪ ،‬فإن النظام ي‬ ‫جز� عىل هذا العامل ال ي‬ ‫بشكل ي‬
‫ضـد حكومة‬ ‫ال� أحاطت به عىل نحو ت ز‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫قرار ضم شبه الجزيرة (كمواجهة الخماد االضطرابات واالحتجاجات ّ‬ ‫م�ايد‬ ‫تأث�ات القوى المؤيدة للديموقراطية أو الموالية لوروبا ي‬ ‫ي‬
‫"بوت�" مع‬ ‫ال�ق) ُربــّـمــَــا كان قراراً اتخذه الرئيس ي ن‬ ‫كييف كما كان الحال ف ي� ش‬ ‫"بوت�" بوجه خاص إىل‬ ‫منذ نهاية حقبة الحرب الباردة‪ ،‬وتنظر روسيا بوجه عام‪ ،‬والرئيس ي ن‬
‫و� الوقت نفسه‪ ،‬من المرجح أن الترصفات الروسية‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫قليل من التشاور فـقـط‪ .‬ي‬ ‫ورو�‪ .‬ولهذا‬ ‫أوكرانيا عىل أنها بال شك تدور ي� الفلك االس�اتيجي لموسكو وليس لالتحاد ال ب ي‬
‫الكرمل� أن يتنبأ آ‬
‫بالثار‬ ‫ين‬ ‫قـد جاءت متدرجة وكردود أفعال‪ ،‬إذ لم يكن بمقدور‬ ‫الكرمل� غاضباً حيال مــا رآه "تدخال" غربيـاً ف ي� أوكرانيا وأشار بالفعل بأصابع االتهام‬ ‫ين‬ ‫كان‬
‫ّ‬
‫الدقيقة لترصفاته ي� الق ِـ ْـرم‪ ،‬ومن القابل للتصديق بشكل مؤكد أن نجاح تلك‬ ‫ف‬ ‫و� معظم المعارضة‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫إىل الغرب فيما حدث من احتجاجات ي� ساحة "ميدان" الوكرانية بل ي‬
‫م�ايداً ف ي� ش�ق وجنوب أوكرانيا‪ .‬ومع تكشف هذا‬ ‫قـد آثـار نشاطـاً ت ز‬ ‫أ‬
‫لنظام الرئيس الوكر ن يا� "يانوكوفيتش"‪.‬‬
‫العملية إنــمــّـا ّ‬
‫الكرمل� يتكيف مع الوضع الجديد‪ ،‬ومع‬ ‫ين‬ ‫الثر بشكل مختلف عن المتوقع‪ ،‬كان‬ ‫أ‬ ‫الشخص ف ي�‬ ‫كما كانت تلك االحتجاجات تــُـمـَـثـِّـل تحديـاً العتقاد الرئيس ي ن‬
‫"بوت�"‬
‫ي‬
‫ال� رفعتها‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫دولة قوية تكون ف ي� طليعة المجتمع‪ ،‬وهــو اعتقاد شاركه فيه‬
‫ذلك‪ ،‬ظلت أهدافه كما هــي أال وهــي تقويض الحكومة الوكرانية ي‬ ‫المحيط� به‪ .‬فإذا كان من‬
‫احتجاجات ساحة "ميدان" إىل سـ ُ ّـدة الحكم‪.‬‬ ‫وال� تتشابه مع روسيا من الناحية‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫الممكن أن تندلع مثل هذه االحتجاجات ي� أوكرانيا‪ ،‬ي‬

‫قـد تكون باهظة التكلفة‬ ‫أ‬ ‫أ‬


‫إذ ال يبدو أن الدافع ال بك� وراء ترصفات روسيا كان مخاوفها من أن اتفاقية انضمام أوكرانيا لالتحاد ال ب ي‬
‫ورو� ّ‬
‫الروس‪.‬‬
‫ي‬ ‫عىل االقتصاد‬

‫‪23‬‬
‫من المحتمل ّأل يكون مرجح الحدوث لبعض الوقت‪ ،‬فإنه يجوز أن تدرك روسيا ف ي�‬ ‫الروس الظاهري ف ي� المستقبل؟‬
‫ي‬ ‫يخ�نا به التاريخ الحديث عن السلوك‬
‫إذن مــا الذي ب‬
‫نهاية المطاف كم كان قرار االحتفاظ بقوات عسكرية ف ي� أوكرانيا قراراً يغ� مـُجدي‪ .‬وهذا‬ ‫�ء واحد‪ ،‬أال وهــو أن السنة والنصف الماضية يجب أن تجعل الجميع حذر من‬ ‫ي‬
‫ش‬
‫وغ� النظامية – ومعظم دعمها من منطقة‬ ‫الجهود المبذولة للتنبؤ بسياسة روسيا وترصفاتها‪ .‬بل أ‬
‫بالحرى ي ن‬
‫قـد يؤدي لسحب موسكو قواتها – النظامية ي‬
‫ّ‬ ‫يتع� عىل الحكومات‬
‫"دونباس ‪ "Donbass‬مع تمسكها بشبه جزيرة الق ِـ ْـرم وإبقائها عىل مستوى اضطرابات‬ ‫الغربية أن تكون متأهبة لمجموعة من النتائج المحتملة الجيدة والسيئة عىل السواء‪ ،‬إذ‬
‫يش� إليها‬ ‫أ‬ ‫منخفض ف ي� ش‬ ‫يجوز مرة أخـرى أن تبالغ روسيا ف� رد فعلها أو أن تترصف بطرق تراها البلدان أ‬
‫ال�ق‪ .‬فاالضطرابات المستمرة هناك يمكن أن تكون كافية لن ي‬ ‫الخـرى يغ�‬ ‫ي ّ‬
‫القادة الروالروس ف ي(� الداخل والخارج) باعتبارها رسالة تحذير من مخاطر التماس‬ ‫ث‬
‫قـد يبدو مساراً أك� عقالنية‪ .‬وب ِـغـ َ ّض‬ ‫قـد تسعى النتهاج مــا ّ‬ ‫وغ� مثمرة‪ ،‬أو أنها ّ‬‫عقالنية ي‬
‫الصالحات الديموقراطية‪.‬‬
‫فح� إذا مــا هدأت أ‬ ‫النظر عن ذلك ت‬
‫الغر� إلجراء إ‬
‫الدعم ب ي‬ ‫الزمة الحالية‪ ،‬فمن المرجح أن تظل الحكومات‬
‫وأسوأ االحتماالت هــو احتمال تصعيد موسكو للرصاع مع الغرب ف ي� أوكرانيا أو ف ي� أي‬ ‫الروسية ف ي� المستقبل مصابة بجنون االرتياب حيال النوايا الغربية سواء داخل روسيا‬
‫ورو� أن يعوالن‬ ‫أ‬ ‫و� هذا السياق‪ ،‬ف� ي ن‬
‫ح� أنه ال ي ن‬ ‫ف‬ ‫س�ى ف� أغلب ترصفات الواليات المتحدة أ‬ ‫نفسها أو عىل حدودها الخارجية‪ ،‬إذ ت‬
‫يتع� عىل الناتو واالتحاد ال ب ي‬ ‫ي‬ ‫مكان آخــر‪ .‬ي‬ ‫المريكية‬ ‫ي‬
‫الروس وحدها للحيلولة دون مزيد من العدوان من جانب‬ ‫عىل نقاط ضعف االقتصاد‬ ‫ح�‬ ‫الطلس جهوداً غربية إلضعافها وتقويضها – وذلك ت‬ ‫العضاء ف� حلف شمال أ‬ ‫والدول أ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫موسكو‪ ،‬فإنه ي ن‬
‫يتع� عليهما أن يدركا أن قدرات روسيا هــي قدرات محدودة‪ .‬فالقوات‬ ‫المر إىل روسيا عىل إالطالق‪ ،‬كما أنها ستميل‬ ‫ال� ال تمت ف� واقع أ‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫الكث� من الترصفات ي‬ ‫ي� ي‬
‫الما� من الزمان‪ ،‬وخاصة ف ي�‬
‫ي‬
‫كب� عىل مدار الع ِــقــد ض‬
‫ْ‬ ‫قـد تحسنت بشكل ي‬‫المسلحة الروسية ّ‬ ‫إىل التأكيد عىل الخالفات أو الرصاعات ف ي� أي خطاب يتجاور فيه اسمي روسيا والواليات‬
‫محل محدود‪ .‬فعىل‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ال� بدأت عام ‪ ،2008‬لكنها ال تزال أنسب لرصاع ي‬
‫أعقاب إالصالحات ي‬ ‫و� الوقت نفسه سوف‬ ‫المتحدة المريكية‪ ،‬مع التقليل من أهمية دور القوى الخـرى‪ .‬ي‬
‫الرغم من أن موسكو كانت تسعى لتحقيق خطط ضخمة لمواصلة التطوير العسكري‪ ،‬إال ّ أن‬ ‫�ء‬ ‫ش‬
‫ترص موسكو بشكل شبه مؤكد عىل التمسك بشبه جزيرة الق ِـ ْـرم ب ِـغـ َ ّض النظر عن أي ي‬
‫ين‬
‫الكرمل� عىل‬ ‫ن‬
‫الزم�‪ .‬وعىل الرغم من إرصار‬ ‫مع� من العقوبات – وأيضـاً التوتر –‬ ‫يع� أنه سوف يظل هناك قدر ي ن‬ ‫ن‬
‫قـد تخلفت بالفعل عن جدولها ي‬ ‫تلك الخطط ّ‬ ‫قـد يحدث‪ ،‬وهذا ي‬ ‫ّ‬
‫أنه عىل استعداد لمواصلة االستثمار العسكري عىل نحو مــا هــو مخطط له‪ ،‬فإن خفض‬ ‫ف‬
‫سواء تصاعد الموقف ي� أوكرانيا برمته أم ال‪.‬‬
‫الزمة االقتصادية وانخفاض أسعار صادرات‬ ‫الم�انية االتحادية الروسية ف� أعقاب استمرار أ‬
‫يز‬ ‫يغ� حسابات روسيا بشأن أوكرانيا؟ يبدو من يغ� المرجح‬
‫ي‬ ‫لكن مــا الذي يمكن أن ي‬
‫قـد أدوا إىل خفض موارد الدفاع‪ .‬وعالوة عىل ذلك‪ ،‬إذا‬ ‫الوروبية أ‬‫أن الجهود أ‬
‫النفط الخام والغاز الطبيعي إنــمــّـا ّ‬ ‫والمريكية المستمرة المبذولة للضغط عىل روسيا عىل أمـل أن‬
‫قـد أخفقت ف ي� توقع ر ّد فعل كال من الغرب وأوكرانيا نفسها عىل ترصفات موسكو‬
‫كانت روسيا ّ‬ ‫الكرمل� عىل االنسحاب من أوكرانيا عىل المدى القريب‪،‬‬ ‫ين‬ ‫تغ� سياساتها كافية ف ي� إجبار‬
‫ي‬
‫آ‬
‫الماضي�‪ ،‬فإنها الن تعرف بشكل أفضل أي نتائج سوف يجنيها العدوان‪،‬‬‫ين‬ ‫ين‬
‫العام�‬ ‫عىل مدار‬ ‫ح� عىل المدى المتوسط‪ .‬لكن أيضـاً التكاليف المالية والعسكرية الحتالل أجزاء‬ ‫أو ت‬
‫ف‬
‫معاد لها‪ ،‬سواء كان أوكرانيا أو واحدة (أو‬
‫ويجب عليها أن تدرك أن االحتالل المطول لجار ٍ‬ ‫نش� إىل أن روسيا ال‬‫من أوكرانيا سيكون لها ضأ�ارها ي� نهاية المطاف‪ .‬ومن المهم أن ي‬
‫ث‬
‫أك�) من دول البلطيق‪ ،‬من شأنه أن يتحول رسيعـاً إىل أمر بشع للغاية‪.‬‬ ‫خ�ة بالهيمنة الروسية‪ .‬وإذا‬ ‫أ‬ ‫تسعى لضم أر ضا� أوكرانيا بقدر مــا تسعى ت‬
‫الع�اف ال ي‬
‫الروس ف ي�‬
‫ي‬ ‫وتضعف هذه العوامل مجتمعة من خطر حدوث مزيد من العدوان‬ ‫لم تت�اجع روسيا فإنها هــي وأوكرانيا سوف تعانيان بالتأكيد من المزيد من الخسائر‬
‫الحال‪ ،‬سوف‬ ‫المستقبل القريب لكنها ال تق�ض ي عليه نهائيـاً‪ .‬ففي ظل نظام حكمها‬ ‫ح� أن القبول الحقيقي‬ ‫والب�ية ف� السنوات القادمة‪ .‬وهكذا فإنه ف� ي ن‬ ‫االقتصادية ش‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اللي�الية والمؤسسات الغربية‪،‬‬
‫تستمر مخاوف روسيا من اتساع رقعة الديموقراطية ب‬ ‫ال� أتت بها احتجاجات ساحة "ميدان" إىل سـ ُ ّـدة الحكم ف ي� أوكرانيا هــو أمر‬ ‫ت‬
‫للحكومة ي‬

‫‪24‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫وأي ّـاً كان مــا سوف يحدث ي ف� أوكرانيا‪ ،‬فإن روسيا للسف سوف تشكل تحديـاً أمام الواليات المتحدة المريكية وحلفائها لسنوات قادمة‪.‬‬

‫باس�اتيجية تحتاط ألسوأ النتائج‬


‫ورو� االستعانة ت‬ ‫أ‬
‫طلس واالتحاد ال ب ي‬
‫أ‬
‫حلف شمال ال ي‬ ‫طلس‪ .‬لذا سوف تسعى‪ ،‬ف ي� حدود‬ ‫أ‬
‫ورو� وحلف شمال ال ي‬
‫أ‬
‫وعىل رأسها االتحاد ال ب ي‬
‫التخل عن روسيا عىل المدى الطويل أو تضيع فرص التعاون‬ ‫المحتملة‪ ،‬لكن دون‬ ‫ح� ولو باستخدام قوة‬ ‫إمكانياتها‪ ،‬إلبقائها بعيداً وإتاحة الفرصة إلضعافها وتقويضها ت‬
‫ي‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الجديدة المحتملة حال ظهورها‪ .‬ففي حالة الزمة الوكرانية‪ ،‬دخل الغرب ي� عهد‬ ‫أ‬
‫تتما� مع النماط الروسية الضاربة الجذور ف ي� التاريخ‪.‬‬
‫السالح‪ ،‬فهذه السياسات ش‬
‫جديد من العالقات مع روسيا‪ ،‬هــو عهد يتطلب مزيداً من اليقظة ويتطلب رؤية‬ ‫للسف سوف تشكل تحديـاً‬ ‫وأيـاً كان مــا سوف يحدث ف� أوكرانيا‪ ،‬فإن روسيا أ‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫اس�اتيجية جديدة‪ ،‬وبذل جهود مستمرة طويلة أ‬
‫المد إلعادة بناء االستقرار الذي‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫أمام الواليات المتحدة المريكية وحلفائها لسنوات قادمة‪ .‬ولكن مع ازدياد تنامي‬
‫ضاع ف ي� أوكرانيا وأوروبا بوجه عام‪.‬‬
‫الرجح وازدياد منافسة مصالحها‪ ،‬يكون من أ‬
‫الفضل لكل من‬ ‫أهداف موسكو عىل أ‬

‫‪25‬‬
‫مالحظات‬
1
In taking an approach that looks at systemic factors, domestic factors, and individual factors as possible determinants of foreign policy, we are indebted to Kenneth Waltz’s classic,
Man, the State, and War: A Theoretical Analysis, New York: Columbia University Press, 1959. Our analysis does not follow this format perfectly, particularly in separating out
economic factors, both international and domestic, as a separate section, but it does borrow heavily from the general approach.
2
Russian analysts who have made this argument are plentiful. A good English-language overview is Aleksandr Lukin, “What the Kremlin Is Thinking: Putin’s Vision for Eurasia,”
Foreign Affairs, July-August, 2014. For aligned views from the United States, see John J. Mearshimer, “Why the Ukraine Crisis Is the West’s Fault,” Foreign Policy, September-October,
2014; and Juliane von Mittelstaedt and Erich Follath, “Interview with Henry Kissinger: ‘Do We Achieve World Order Through Chaos or Insight?’ ” Der Spiegel, November 13,
2014. As of December 16, 2014: http://www.spiegel.de/international/world/interview-with-henry-kissinger-on-state-of-global-politics-a-1002073-2.html
3
This is argued by, among others, Hajo Holborn, The Political Collapse of Europe, New York: Knopf, 1963, p. 9. A. J. P. Taylor provides an apt definition of great power in the
European context: “Even the greatest of Powers shrank from fighting alone against a coalition; and the weakest among them could make a respectable showing in a general
conflict among the Great Powers. At any rate, the difference between the Great Powers was much less than that between any of them and the strongest of the smaller states.”
A. J. P. Taylor, The Struggle for Mastery in Europe, Oxford, UK: Oxford University Press, 1954, p. xxiv.
4
George Kennan to George Marshall, “Long Telegram,” Harry S. Truman Administration File, Elsey Papers, February 22, 1946.
5
Paul Kennedy, The Rise and Fall of Great Powers: Economic Change and Military Conflict from 1500–2000, New York: Random House, 1987, pp. 488–489.
6
Richard Pipes, Russia Under the Old Regime, New York: Charles Scribner’s Sons, 1974, p. 79.
7
On this point, see, also, Dmitri Trenin, Post-Imperium, Washington, D.C.: Carnegie Endowment, 2011, pp. 18–21.
8
As noted in Pipes, 1974, p. 79, footnote.
9
Colin Gray, Nuclear Strategy and National Style, London: Hamilton Press, 1986, p. 86; Fritz Ermarth, “Russian Strategic Culture in Flux: Back to the Future,” in Jeannie L.
Johnson, Kerry M. Kartchner, and Jeffrey A. Larsen, eds., Strategic Culture and Weapons of Mass Destruction, New York: Palgrave McMillan, 2009.
10
Condoleezza Rice, “The Making of Soviet Strategy,” in Peter Paret, ed., Makers of Modern Strategy: From Machiavelli to the Nuclear Age, Princeton, N.J.: Princeton University
Press, 1986; Shimon Naveh, In Pursuit of Military Excellence: The Evolution of Operational Theory, London and Portland, Ore.: Frank Cass, 1997, p. 177.
11
This case is made persuasively in R. Craig Nation, Black Earth, Red Star, Ithaca, N.Y., and London: Cornell University Press, 1992.
12
Noted in both the draft Russian military doctrine from “Fundamentals of Russian Military Doctrine (Draft),” Voennaia Mysl, Special Edition, 1992; and the final published
version, “Osnovnye Polozheniia Voennoi Doktriny Rossiiskoi Federatsii,” Krasnaia Zvezda, November 19, 1993.
13
“Osnovnye Polozheniia Voennoi Doktriny Rossiiskoi Federatsii,” 1993; Andrei Kozyrev, “Interesy Rossii. Voennaia Doktrina Strany I Mezhdunarodnaia Bezopasnost,”
Krasnaia Zvezda, January 14, 1994.
14
Kozyrev’s statement in regard to local peacekeeping is cited in Henrikki Heikka, “The Evolution of Russia’s Grand Strategy: Implications for Europe’s North,” UPI Working
Paper, Finnish Institute of International Affairs, 2000.
15
Mikhail Tsypkin, “The Politics of Russian Security Policy,” in Bruce Parrott, ed., State Building and Military Power in Russia and the New States of Eurasia, Armonk, N.Y.,
and London: M.E. Sharpe, 1995, p. 33; Peter Roudik, “Russian Federation: Legal Aspects of War in Georgia,” Library of Congress, August 2008. As of June 23, 2015:
http://www.loc.gov/law/help/russian-georgia-war.php#t25
16
“Interv’iu Dmitriia Medvedeva Telekanalam ‘Rossia,’ Pervomu, NTV,” transcript of interview, Office of the President of Russia (Archives), 2008. As of June 23, 2015:
http://archive.kremlin.ru/appears/2008/08/31/1917_type63374type63379_205991.shtml

26
17
Philip P. Pan, “Russia Won’t Intervene in Kyrgyzstan; Unrest Spreads,” Washington Post, June 13, 2010.
18
“Fundamentals of Russian Military Doctrine (Draft),” 1992; “Osnovnye Polozheniia Voennoi Doktriny Rossiiskoi Federatsii,” 1993.
See the discussion in Olga Oliker, Keith Crane, Lowell H. Schwartz, and Catherine Yusupov, Russian Foreign Policy: Sources and Implications, Santa Monica, Calif.:
19

RAND Corporation, MG-768-AF, 2009, pp. 141–142. As of June 23, 2015: http://www.rand.org/pubs/monographs/MG768.html
The quote regarding treaty abrogation is from a November 2007 speech by Vladimir Putin to senior military leaders as reported in “Vooruzhyonniye Sili, Glavnaya Garantiya
Bezopasnosti Rossii,” Rossiiskoye Voyennoye Obozreniye, No. 12, December 2007, pp. 8–16.
20
See discussion in Oliker, Crane, Schwartz, and Yusupov, 2009, pp. 86–87. For a sampling of examples, see Viktor Samsonov, “Tochka Zreniia. Nuzhna Novaia Sistema
Kollektivnoi Bezopasnosti, Ili Chto Segodnia Mozhet Ugrozhat’ Natsional’nym Interesam Gosudarstv SNG,” Krasnaia Zvezda, December 5, 1995; Aleksandr Pel’ts, “Nuzhna
Novaiia Voennaia Doktrina,” Krasnaia Zvezda, November 6, 1996; “Voennaia Doktrina i Reformirovanie Vooruzennykh Sil Rossiiskoi Federatsii,” Krasnaia Zvezda, June 17,
1998; V. M. Baryn’kin, “Voennye Ugrozy Rossii i Problemy Razvitiia Ee Vooruzhennykh Sil,” Voennaia Mysl, January 1999; Igor’ D. Sergeev, “Osnovy Voenno-Tekhnicheskoi
Politiki Rossii v Nachale XXI Veka,” Na Boevom Postu, December 25, 1999; D. Glinskii-Vasil’ev, “Rossiia, SShA, NATO. Politicheskie Ogranichiteli Rasshireniia NATO i Vozmozhnosti
Rossii,” Mirovaia Ekonomika i Mezhdunarodnye Otnosheniia, July 2000, pp. 15–29; Viktor Kirillov, “NATO i Rossiia: Ot Kogo Iskhodit Ugroza?” Orientir, January 2008, pp. 9–13;
Vladlen Malyshev and Eduard Bogatyrev, “Voennye Ugrozy i Ikh Vliianie na Planirovanie Meropriiatii Grazhdanskoi Oboronym,” Vennye Znaniia, May 2009, pp. 35–37;
Yu. G. Romanchenko, “Diskussionnaia Tribuna, Voennye Ugrozy: Politologicheskii Aspekt,” Voennaia Mysl, September 2001, pp. 55–60.
21
Kirillov, 2008.
22
Bobo Lo, Medvedev and the New European Security Architecture, Centre for European Reform Policy Brief, July 2009.
23
See Thomas Carrothers, “The Backlash Against Democracy Promotion,” Foreign Affairs, Vol. 85, No. 2 March-April 2006, pp. 55–68; Angela Stent, The Limits of Partnership:
U.S.-Russian Relations in the Twenty-First Century, Princeton, N.J., and Oxford, UK: Princeton University Press, 2014, pp. 101–103, 116.
24
See Oliker et al., 2009, pp. 105–112.
25
Aleksey Likhachev, “Politika: Rossiiskiye Ekonomicheskiye Interesi v Edinoy Evrope (Politics: Russian Economic Interests in United Europe),” Mezhdunarodnaia Zhizn’,
Vol. 7, August 2004, pp. 179–197; Vladimir Shenaev and Nikolay Shmelev, Rossiya I Evrosoyuz: Problemy Ekonomicheskogo Partnerstva (Russia and European Union: Problems
of Economic Partnership), Moscow: Russian Academy of Science, 2000; Elena Arlyapova, “Natsionalizm-Drug i Vrag ‘Vostochnogo Partnerstva’,” Mezhdunarodnaia Zhizn’,
Vol. 9, 2014, pp. 79–95. See, also, Dmitry Trenin, “Whither New Eastern Europe?” Strategic Europe, July 12, 2013.
26
The argument that Russia annexed Crimea because it feared for the Black Sea Fleet’s lease is also countered by its long-standing plans to shift that fleet to Novorossiisk,
an effort that had a line item in Russia’s defense budget and had already led to substantial investments in new military infrastructure.
27
“Russia and Ukraine Will Never Go to War Against Each Other,” Pravda.ru, March 3, 2014; Mary Dejevsky, “Ukraine Crisis: President Putin Won’t Rule Out Force—But
Will Not Annex Crimea to Russia,” The Independent, March 4, 2014. As of December 20, 2014:
http://www.independent.co.uk/news/world/europe/ukraine-crisis-president-putin-wont-rule-out-force--but-will-not-annex-crimea-to-russia-9169250.html
28
G7 comprises the economic leaders of Canada, France, Germany, Italy, Japan, the United Kingdom, and the United States. The meetings primarily focus on economic issues.
29
Federal Service of State Statistics, Retail in Russia 2013, website, 2015. As of February 18, 2015: http://www.gks.ru/bgd/regl/b13_58/Main.htm Goskomstat figures are about
10 percentage points higher than United Nations (UN) COMTRADE data because the latter do not account for services. Since services constitute an important component of
EU-Russia trade flow, the rest of the discussion will be based on Goskomstat figures.
Margot Light, “Russia and Europe and the Process of EU Enlargement,” in Elana Wilson Rowe and Stina Torjesen, eds., The Multilateral Dimension in Russian Foreign Policy,
30

New York: Routledge, 2009, pp. 86–89; Cristian Nitoiu, “Reconceptualizing ‘Cooperation’ in EU-Russia Relations,” Perspectives on European Politics and Society, Vol. 12,
No. 4, 2011, pp. 462–472; Jakub Kulhanek, “The Fundamentals of Russia’s EU Policy,” Problems of Post-Communism, Vol. 57, No. 5, September-October 2010, pp. 51–63.

27
31
Goskomstat, “Vneshnaya Torgovlia Rossii po Gruppam Stran,” Torgovlia v Rossii, Moscow, 2013. As of December 19, 2014: http://www.gks.ru/bgd/regl/b13_58/Main.htm
Keith Crane, D. J. Peterson, and Olga Oliker, “Russian Investment in the Commonwealth of Independent States,” Eurasian Geography and Economics, Vol. 46, No. 6, 2005,
32

pp. 405–444; A. V. Kuznetsov, Y. D. Kvashnin, S. A. Lukonin, A. S. Chetverikova, and A. V. Shchedrin, Monitoring of Direct Investments of Russia, Belarus, Kazakhstan and
Ukraine in Eurasia—2014, Saint Petersburg: Eurasian Development Bank Centre for Integration Studies, 2014.
33
Ukraine and Turkmenistan have participated, but never ratified the charter. Georgia withdrew from membership in 2008.
34
Oxford Business Group, Emerging Ukraine 2007, web site, 2007. As of February 2, 2015:
https://books.google.com/books?id=ATsTI1GeTs8C&pg=PA101&lpg=PA101&dq=Russia+puts+tariffs+on+imports+of+Ukrainian+pipe&source=bl&ots=ATJg5y_fEx&sig=o4
Ve5poNNHNKF0YvPRI1l1jeM_Q&hl=en&sa=X&ei=IZTPVPP-F4WryQS5kIDADQ&ved=0CDEQ6AEwAzgK#v=onepage&q=Russia%20puts%20tariffs%20on%20
imports%20of%20Ukrainian%20pipe&f=false
35
F. N. Klotsvog, A. B. Sulhotin, and L. C. Chernova, “Prognozirovaniye Ekonomicheskogo Razvitiya Rossii, Belarusi, Kazakhstana, i Ukraini v Ramkakh Edinog Ekonomicheskogo
Prostranstva,” Problemy Prognozirovaniia, Vol. 4, 2009, pp. 26–36. As of October 10, 2014: http://dlib.eastview.com/browse/doc/20759449
36
Lúcio Vinhas de Souza, “An Initial Estimation of the Economic Effects of the Creation of the EurAsEC Customs Union on Its Members,” Economic Premise, Vol. 47, January
2011, pp. 1–7. As of November 1, 2014: http://siteresources.worldbank.org/INTPREMNET/Resources/EP47.pdf
37
“Kazakhstan Starts Issuing Licenses for Car Dealers,” Kazakh TV, July 10, 2015. As of July 17, 2015:
http://kazakh-tv.kz/en/view/news_kazakhstan/page_117394_kazakhstan-starts-issuing-licenses-for-car-dealers
38
On state corruption in Putin’s Russia, see Karen Dawisha, Putin’s Kleptocracy: Who Owns Russia? New York: Simon and Schuster, 2014.
39
Jason Bush, “Factbox: Costs and Benefits from Russia’s Annexation of Crimea,” Reuters, April 8, 2014. As of July 5, 2015:
http://uk.reuters.com/article/2014/04/08/uk-ukraine-crisis-crimea-costs-factbox-idUKBREA370NY20140408
40
Steven Fish, Democracy Derailed in Russia: The Failure of Open Politics, New York: Cambridge University Press, 2005. On centralization, see also Oliker et al., 2009,
particularly pp. 9–11 and 21–22.
41
Thomas Remington, “Patronage and the Party of Power: President–Parliament Relations Under Vladimir Putin,” Europe-Asia Studies, Vol. 60, No. 6, 2008; Sarah Whitmore,
“Parliamentary Oversight in Putin’s Neopatrimonial State: Watchdogs or Showdogs?” Europe-Asia Studies, Vol. 62, No. 6, 2010, pp. 999–1025.
42
See Fiona Hill and Clifford G. Gaddy, Mr. Putin, Washington, D.C.: Brookings Institution Press, 2013.
For a journalistic account of Russian presidential decisionmaking, see Shaun Walker, “Inside Putinworld, Where Few Risk Speaking Truth to Power,” The Guardian, August
43

29, 2014. See, also, Hill and Gaddy, 2013, pp. 210–218, 229–237, 240–242, 269.
44
See Oliker et al., 2009, pp. 22–23; Valdai Discussion Club, Russian Elite–2020, Moscow, July 2013. Dawisha delineates Putin’s FSB roots and ties, as well as alleged
connections to organized crime in Russia. Dawisha, 2014.
45
For a journalistic account of Russian presidential decisionmaking, see Walker, 2014; and Hill and Gaddy, 2013, pp. 210–218, 229–237, 240–242, 269.
46
Nikita Lomagin, “Interest Groups in Russian Foreign Policy: The Invisible Hand of the Russian Orthodox Church,” International Politics, Vol. 49, 2012.
47
Robert C. Blitt, “One New President, One New Patriarch, and a General Disregard for the Constitution: A Recipe for the Continuing Decline of Secular Russia,” Vanderbilt
Journal of Transnational Law, Vol. 43, 2010; Lomagin, 2012.
48
Ellen Barry, “Russian Church Is a Strong Voice Opposing Intervention in Syria,” New York Times, May 31, 2012; Gabriela Baczynska and Tom Heneghan, “How the Russian
Orthodox Church Answers Putin’s Prayers in Ukraine,” Reuters, October 6, 2014. As of April 27, 2015:
http://www.reuters.com/article/2014/10/06/us-ukraine-crisis-church-insight-idUSKCN0HV0MH20141006

28
49
For a description of events, see Ben Judah, Fragile Empire: How Russia Fell in and out of Love with Vladimir Putin, New Haven, Conn.: Yale University Press, March 25, 2014,
pp. 231–243, 251–261.
50
William Zimmerman IV, The Russian People and Foreign Policy: Russian Elite and Mass Perspectives, 1993–2000, Princeton, N.J.: Princeton University Press, 2002, pp. 38–40.
Zimmerman argues that late Soviet and early Russian leaders eschewed military action abroad because it would be unpopular. His argument in Chapter Four, regarding public
effects on foreign policy under Yeltsin, relies more on voting as a mechanism of expressing preference, rather than presenting evidence of candidates seeking to gain votes by
taking positions.
51
This argument is prevalent. An excellent formulation is Michael McFaul, “Russia’s Choice,” Foreign Affairs, November-December 2014, pp. 167–171. Other examples that
focus specifically on the press crackdown can be found in, among others, Judah, 2014; and Charles Maynes, “It’s Getting Harder to Find Independent Media in Russia,” Public
Radio International, 2014a. As of February 13, 2015: http://www.pri.org/stories/2014-03-21/its-getting-harder-find-independent-media-russia
This was the case with Dmitry Zimin’s Dynasty Foundation. See “Dmitry Zimin Plans to Stop Financing Dynasty Foundation,” Interfax, via Russia Beyond the Headlines,
52

May 26, 2015. As of July 5, 2015: http://rbth.com/news/2015/05/26/dmitry_zimin_plans_to_stop_financing_dynasty_foundation_46352.html


See Scott Gehlbach, “Reflections on Putin and the Media,” Post-Soviet Affairs, Vol. 26, No. 1, 2010, pp. 77–87; Sarah Oates, “The Neo-Soviet Model of the Media,” Europe-Asia Studies,
53

Vol. 59, No. 8, 2007, pp. 1279–1297; Ilya Kiriya and Elena Degtereva, “Russian TV Market: Between State Supervision, Commercial Logic and Simulacrum of Public Service,” Central
European Journal of Communication, Vol. 4, 2010, pp. 37–51. As of December 12, 2014: http://www.ceeol.com/aspx/getdocument.aspx?logid=5&id=e07414cfd3b849e98b9db99790cfe1fc
Wilson Lowrey and Elina Erzikova, “Institutional Legitimacy and Russian News: Case Studies of Four Regional Newspapers,” Political Communication, Vol. 27, No. 3, 2010, pp. 275–288.
54
Freedom House, Freedom of the Press data set, undated. As of February 13, 2015: https://www.freedomhouse.org/report-types/freedom-press
55
See Gehlbach, 2010; Miguel Vazquez Linan, “Putin’s Propaganda Legacy,” Post-Soviet Affairs, Vol. 25, No. 2, 2009.
56
Viktors Avotins, “V Rossii Bol’she Interesa k Situatsie Na Kurortakh Egipta, Chem k Latvii,” Neatkarigas Rita Avize, publication date unknown, translated and reprinted
by Inosmi.ru, November 2, 2013. As of November 18, 2014: http://inosmi.ru/sngbaltia/20130211/205754221.html
57
A good overview of recent events is provided in Mariya Petkova, “Russia’s Independent Media Face Crackdown,” Al Jazeera, March 26, 2014. As of November 16, 2014:
http://www.aljazeera.com/indepth/features/2014/03/russia-independent-media-face-crackdown-ukraine-2014320133346526434.html See also Charles Maynes, Freedom of the Press:
Russia 2014, Washington, D.C.: Freedom House, 2014b; and Maynes, 2014a. For a historical perspective, see Judah, 2014.
Linan, 2009; Miguel Vazquez Linan, “History as a Propaganda Tool in Putin’s Russia,” Communist and Post-Communist Studies, Vol. 43, 2010; Elizabeth A. Wood, “Performing Memory:
58

Vladimir Putin and the Celebration of World War II in Russia,” The Soviet and Post-Soviet Review, Vol. 38, 2011.
59
John Anderson, “Putin and the Russian Orthodox Church: Asymmetric Symphonia,” Journal of International Affairs, Vol. 61, No. 1, 2007.
60
Wood, 2011; Sean Cannady and Paul Kubicek, “Nationalism and Legitimation for Authoritarianism: A Comparison of Nicholas I and Vladimir Putin,” Journal of Eurasian
Studies, Vol. 5, 2014.
Ruben Enikolopov, Maria Petrova, and Ekaterina Zhuravskaya, “Media and Political Persuasion: Evidence from Russia,” American Economic Review, Vol. 101, No. 7, 2011.
61

This study focuses on the 1999 parliamentary election. It shows a higher proclivity of voters to vote for opposition parties when they have access to independent television news.
62
Anderson, 2007.
For a discussion of the limited influence of television on voter behavior during the 1990s, see Timothy Colton, Transitional Citizens: Voters and What Influences Them in the
63

New Russia, Cambridge, Mass.: Harvard University Press, 2000, pp. 57–67.
64
Florian Toepfl, “Making Sense of the News in a Hybrid Regime: How Young Russians Decode State TV and an Oppositional Blog,” Journal of Communication, Vol. 63, No.
2, 2013, pp. 244–265.

29
65
See Nikolai Petrov, Maria Lipman, and Henry E. Hale, “Three Dilemmas of Hybrid Regime Governance: Russia from Putin to Putin,” Post-Soviet Affairs, Vol. 30, No. 1, 2013, pp. 1–26.
66
Karrie J. Koesel and Valerie J. Bunce, “Diffusion-Proofing: Russian and Chinese Responses to Waves of Popular Mobilizations Against Authoritarian Rulers,” Perspectives on Politics,
Vol. 11, No. 3, September 2013, pp. 753–768; Stent, 2014, p. 101. For a prominent Western analyst’s take on what makes “color revolutions” effective, see Michael McFaul,
“Transitions from Post-Communism,” Journal of Democracy, Vol. 16, No. 3, July 2005, pp. 5–19.
67
The phenomenon is discussed in James Kovpak, “Russia Needs a Reality Check,” Moscow Times, September 7, 2014.
68
On Putin’s “cult of personality,” persona, and development of his media image, see Judah, 2014, pp. 47–58.
69
Wood, 2011.
70
For recent examples, see Vladimir Putin, “Address by the President of the Russian Federation,” March 18, 2014a. As of December 20, 2014: http://eng.kremlin.ru/news/6889
See, also, Vladimir Putin, “Meeting of the Valdai International Discussion Club,” transcript, October 24, 2014b. As of December 20, 2014: http://eng.kremlin.ru/news/23137
71
Hill and Gaddy, 2013, pp. 241.
72
Hill and Gaddy, 2013, pp. 34–62.
73
Cannady and Kubicek, 2014.
74
Lynnley Browning, “What Really Keeps Vladimir Putin Up at Night,” Newsweek, March 17, 2014.

30
‫المؤلفون‪:‬‬
‫خ�تها عىل السياسة الخارجية والدفاعية فيما بـعــد الحقبة السوفيتية‪،‬‬ ‫ن ف‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫"أولجا أوليكر ‪ "Olga Oliker‬هــي مديرة "مركز روسيا وأوراسيا" ومن كبار‬
‫الدولي� ي� مؤسسة "‪ ."RAND‬وتشتمل مجاالت ب‬
‫ي‬ ‫السياسي�‬ ‫المحلل�‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫المنية أ‬
‫الوروبية دائمة التطور‪ .‬وللمؤلفة "أوليكر" أيضـاً كتابات مستفيضة حول المن وإصالح الحوكمة‪ ،‬وكذلك حول الجهود الدولية الرامية لتعزيزهما ي� جميع‬ ‫المريكية‪ ،‬والبيئة أ‬
‫والسياسة الخارجية للواليات المتحدة أ‬
‫أ‬
‫أنحاء العالم‪ ،‬واهتماماتها البحثية الخـرى تتضمن ع ِـلـْم السياسة االوراسية والهجرة الطوعية وشبه الطوعية‪.‬‬

‫المنية والدفاعية" وهــو أحـد كبار علماء السياسة لدى مؤسسة "‪ ،"RAND‬وهــو متخصص ف� قضايا أ‬
‫المن‬ ‫"كريستوفر إس‪ .‬تشيفيس ‪ "Christopher S. Chivvis‬هــو مدير مشارك ف� "المركز الدول للسياسات أ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الوسط‪ ،‬بما ف� ذلك قضايا منظمة حلف شمال أ‬
‫الطلس‪ ،‬وقضايا التدخالت العسكرية‪ ،‬وقضايا الردع‪ ،‬وهــو أيضـاً أستاذ مساعد ف� "كلية بول إتش ت ز‬
‫ني�ه ‪Paul H. Nitze‬‬
‫وال�ق أ‬
‫القومي ف ي� أوروبا وشمال أفريقيا ش‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫ز‬ ‫ن‬
‫للدراسات الدولية المتقدمة (‪ ")SAIS‬بجامعة "جونز هوبكي�" المريكية‪.‬‬

‫ئيس هــو تطوير وتـقـيـيـم الخيارات‬ ‫"كيث كرين ‪ "Keith Crane‬هــو مدير برنامج "‪ "RAND‬للبيئة والطاقة والتنمية االقتصادية‪ ،‬وأيضـاً أستاذ لدى "كلية ‪ "Pardee RAND‬للدراسات العليا‪ ،‬ومجال اهتماماته الر ي‬
‫الوسط‪ ،‬وأفغانستان‪ ،‬والنـُظـ ُ ْم االقتصادية‬ ‫وال�ق أ‬ ‫السياسية المتاحة للتصدي للتغ� المناخي‪ .‬ويشارك "كرين" أيضـاً ف� قضايا تتعلق بإنتاج واستهالك الواليات المتحدة أ‬
‫المريكية من الطاقة‪ ،‬وتتعلق بكل من ي ن‬
‫الص�‪ ،‬ش‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ف‬
‫الدول ي� بغداد‪.‬‬ ‫للتحالف‬ ‫االنتقالية‬ ‫السلطة‬ ‫لدى‬ ‫االقتصادية‬ ‫السياسات‬ ‫مستشار‬ ‫منصب‬ ‫شغل‬ ‫‪،‬‬‫‪2003‬‬ ‫خريف‬ ‫و�‬‫ال�قية ورابطة الدول المستقلة‪ ،‬وبناء الدول ف� مرحلة مــا بـعــد الرصاعات‪ .‬ف‬
‫االنتقالية ف ي� أوروبا ش‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫"أوليسيا تكاتشيفا ‪ "Olesya Tkacheva‬هــي أستاذة للعلوم السياسية لدى مؤسسة "‪ّ ،"RAND‬‬
‫وقـد ركزت أعمالها عىل التكنولوجيا والسياسة‪ ،‬وقبيل انضمامها لمؤسسة "‪ "RAND‬كانت بـعــد حصولها عىل درجة‬
‫العالم الرقمي عىل السياسة‪ ،‬وعملية التحول الديموقراطي‪.‬‬ ‫ت‬
‫"روتشس� ‪ "Rochester‬حيث قامت بإجراء البحوث وتدريس الدورات الخاصة بالحوكمة والمساءلة‪ ،‬وآثر إ‬ ‫الدكتوراة زميلة لدى جامعة‬

‫"سكوت بوسطن ‪ "Scott Boston‬هــو ش�يك ف� مشاريع مؤسسة "‪ ،"RAND‬وقـد عمل ف� المقام أ‬
‫الول ف ي� مركز "‪ "Arroyo‬أو عىل الموضوعات ذات الصلة بالجيش‪ ،‬بما ف ي� ذلك الجهود المتعلقة بتحديث المركبات‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫ت‬ ‫ال�ية المتقدمة‪ ،‬وهــو أيضـاً مهتم بالتاريخ العسكري‬ ‫أ‬
‫‪/‬السوفي�‪،‬‬
‫ي‬ ‫الروس‬
‫ي‬ ‫القتالية‪ ،‬وإدخال تحسينات عىل القوات المحمولة جـواً ومفاهيم العمليات العسكرية لقوات االقتحام المحمولة جـواً‪ ،‬ومنظومات السلحة ب‬
‫التشغيل‪ ،‬والتنظيمات العسكرية‪.‬‬
‫ي‬ ‫وبالفن‬

‫‪31‬‬
‫التحليل‬
‫ي‬ ‫حول هذا المنظور‬
‫تفس� ترصفات روسيا ف ي� أوكرانيا عامي ‪ 2014‬و‪ .2015‬فـهــو يعمد إىل تـقـيـيـم‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫التحليل هو أن يكون بمثابة لمحة عامـّـة عن مدى فائدة الفهم الفضل لمصادر السياسة الخارجية الروسية ي� ي‬ ‫ي‬ ‫القصد من هذا المنظور‬
‫ال� تتصدى بالتحليل بشكل أفضل لحقائق الخيارات والترصفات الروسية‪ .‬ويخلص‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫آ ت‬
‫ال� تستند إىل االهتمامات االس�اتيجية التاريخية لروسيا‪ ،‬وسياستها االقتصادية‪ ،‬وسياستها الداخلية لتحديد ال ُنهج‪ ،‬منفردة أو مجتمعة‪ ،‬ي‬ ‫الراء ي‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫(والسوفي�) التاريخي بشأن المصالح المنية والسياسة الخارجية‪ .‬يغ� أنهم يذهبون أيضاً إىل أن النماط التاريخية وحدها ليست‬ ‫ت‬ ‫الروس‬ ‫كب� مع الفكر‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫المؤلفون إىل أن موقف روسيا العام تجاه أوكرانيا إنــمــّـا يتما� إىل ّ‬
‫حـد ي‬
‫ال ف‬
‫خ�ة ي� أوكرانيا من آثـار عىل بالدهم‪.‬‬
‫الحداث أ‬
‫ال� يؤول بها القادة الروس مــا تي�تب عىل أ‬ ‫ت‬ ‫الطرق‬ ‫�‬ ‫وال� يتمثل أهمها ف‬
‫ت‬ ‫داخلية‪،‬‬ ‫ال� تأثرت أيضـاً بعوامل‬ ‫ت‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫لتفس بشكل تام ترصفات روسيا ي‬ ‫كافية ِّ‬
‫ت‬
‫وقـد تم إجراء هذا البحث ضمن "برنامج االس�اتيجيات والعقائد والموارد" بمركز "‪ "Arroyo‬التابع لمؤسسة "‪ ."RAND‬فمركز "‪ "Arroyo‬جزء من مؤسسة "‪ ،"RAND‬وهــو مركز للبحث والتطوير يمول‬ ‫ّ‬
‫أ‬
‫فدراليـاً برعاية جيش الواليات المتحدة المريكية‪.‬‬
‫للم�وع الذي أثمر عن هذه الوثيقة هــو (‪.)HQD146843‬‬ ‫رمز التعريف ي ز‬
‫المم� ش‬
‫و�‪،tkelly@rand.org :‬‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ش‬
‫كيل ‪ "Terrence Kelly‬مدير برنامج "االس�اتيجيات والموارد" بمركز "‪ "Arroyo‬عىل بال�يد إاللك� ي‬ ‫أي استفسارات حول هذه الوثيقة أو الم�وع الذي أسفر عنها إىل عناية "د‪ .‬يت�ينس ي‬ ‫يتم توجيه ّ‬
‫وعىل رقم الهاتف "‪ ،"412-683-2300‬تحويلة "‪."4905‬‬

‫و� محدودة‬‫والن� إ ت ن‬
‫حقوق الطبع ش‬
‫اللك� ي‬
‫هذه الوثيقة والعالمة (العالمات) التجارية الواردة فيها محمية بموجب القانون‪ .‬يتوفر هذا التمثيل للملكية الفكرية لمؤسسة ‪RAND‬‬
‫ال تن�نت‪ .‬يُرصح بنسخ هذه الوثيقة لالستخدام‬ ‫المرصح به لهذا المنشور بع� إ‬
‫َّ‬
‫لالستخدام يغ� التجاري فقط‪ .‬يحظر ش‬
‫الن� يغ�‬
‫الشخص ش�يطة أن تظل مكتملة دون إجراء أي تعديل عليها‪ .‬يلزم الحصول عىل ترصيح من مؤسسة ‪ ،RAND‬إلعادة إنتاج أو‬ ‫ي‬
‫للغراض التجارية‪ .‬للحصول عىل معلومات حول إعادة الطباعة‬ ‫استخدام أي من الوثائق البحثية الخاصة بنا‪ ،‬بأي شكل كان‪ ،‬أ‬ ‫إعادة‬
‫و� ‪.www.rand.org/pubs/permissions.html‬‬ ‫ت ن‬ ‫ف‬
‫والتصاريح ذات الصلة‪ ،‬الرجاء زيارة صفحة التصاريح ي� موقعنا إاللك� ي‬
‫ال� تواجه السياسات العامة وذلك للمساعدة ف ي�‬ ‫ت‬
‫مؤسسة ‪ RAND‬فهي منظمة بحثية تعكف عىل تطوير حلول للتحديات ي‬
‫أك� أماناً وسالمةً وصحةً وازدهاراً‪ .‬مؤسسة ‪ RAND‬هي مؤسسة يغ� ربحية وحيادية‬ ‫جعل المجتمعات � جميع أنحاء العالم ث‬
‫ي‬
‫تز‬
‫ومل�مة بالصالح العام‪.‬‬
‫أ‬ ‫�ض‬
‫ال تعكس منشورات مؤسسة ‪ RAND‬بال ورة آراء عمالء ورعاة البحاث الذين يتعاملون معها‪ .‬العالمة التجارية‬
‫هي عالمة تجارية مسجلة‪.‬‬

‫و� ‪.www.rand.org/t/pe144‬‬‫ن‬ ‫ت‬ ‫مزيد من المعلومات حول هذا المنشور‪ ،‬الرجاء زيارة الموقع إ‬
‫اللك� ي‬ ‫للحصول عىل ٍ‬

‫‪www.rand.org‬‬ ‫‪C O R P O R AT I O N‬‬ ‫حقوق ش‬


‫الن� © لعام ‪ 2015‬محفوظة لمؤسسة ‪RAND‬‬

‫‪Arabic Translation of (Russian Foreign Policy in Historical and Current Context) PE-144/1-A‬‬

You might also like